(.) 1 سنبدأ معاً .. في مشروع كتابة تاريخنا .. تاريخ الانسان .. تاريخ هذا العالم منذ بداية معرفة الانسان للأحداث التي سبقت عصره .. هي قصتي .. قصتك .. قصتنا جميعاً .. .. ... لذلك ..
.. دعوني اقول ، أنه قبل ٧٠الف عام على ميلاد السيد المسيح .. ، على الشاطئ الشرقي لأفريقيا ، وجدت مخلوقات عاقلة ، تمشي على قدمين و تخاطب بعضها بإخراج أصوات ذات جرس خاص ، عبر تحريك عظمة اللسان و استخدام الهواء الذي يخرج من البطن في تغيير طبيعة هذه الأصوات للدلالة على شىء ، و لكل صوت معنى متفق عليه يعرفه بقية القطيع ، بعد أن كان القطيع كله يتواصل عبر الإشارة ، هذه الطريقة الجديدة التي تستخدم فيها الأصوات التي تخرج من الفم عير تحريك اللسان و استخدام الهواء خروجاً و دخولاً ، أسميناها فيما بعد ، لغةً. و بعدها فكرنا في صناعة أدوات لحماية أنفسنا من الحيوانات غير العاقلة ، و لجأنا إلى سن و تدبيب بعض الصخور من أجل استخدامها في الصيد من أجل قوت يومنا . ....
ذات عام .. أردنا أن نتحكم بطبيعة قوتنا ، أخذ أحدنا بعض حبوب طعامه و حفر بيديه العاريتين و وضعها و هال عليها بعض التراب الذي أخرجه جراء حفره ، و ملأ فمه ماءً و صبه عليها .. داوم على ملأ فمه بالماء من النهر القريب ، و صبه على حبوب قوته التي دفنها بيديه العاريتين ، حتى نبتت و كبرت و أصبحت عوداً حمل سنابلاً .. كان هذا اعظم اختراعاتنا ... أعظم أختراع في تاريخ البشرية .. أن تخاطر بجزءٍٍ من قوت يومك و تستودعه باطن الأرض ، و أنت بحاجة إليه ، و تتعهده بماء فمك حتى يثمر حباً و سنابلاً جديدة .. كان فتحاً عظيماً في تاريخنا .. الزراعة ..
كنّا نعمل على الصيد أفراداً .. نركض وراء فرائسنا ونحن نحمل أدواتنا الحجرية ذات النصال الحادة .. ثم نعود مساءً ، كل يأكل من كسب نصله ، و مضينا نقلد ذاك الذي أنبت من قوت يومه قوت غده ... فم واحد لا يحمل ماءً كثيراً .. يدٌ واحدة لا تحفر عميقاً .. تعاونا على الحفر معاً .. قسم كلٌ منا قوت يومه إلى قسمين ، نصف لإشباع بطنه ، و نصف لإنبات قوت الغد .. لكننا بعد قطيع ، تعاوننا لا يعدو أن يكون مجرد تعاون من أجل البقاء .. كنّا نتكاثر هكذا ، دون أن يعرف أحدنا من أنجب و ممن أنجبه .. حتى أراد أحدنا أن يتعاون مع أحدى إناث القطيع في زراعة مساحة أكبر ، من أجل قوت يكفي لأمد أطول ، اتفقا على إنجاب أناسين و تعهدهم بالرعاية من أجل مساعدتهما في الزراعة و الصيد .. عاشا تحت شجرة واحدة .. داخل كهف واحد .. و أنجبا مخلوقات صغيرة ، ميزاها عن بقية القطيع ، بأن جعلاها تحت حمايتهما و رعايتهما حتى كبروا و أنضموا إليهما في رحلة صيدهما و زرعوا معهم مساحةً أكبر .. و دافعوا عن هذه المساحة و هذه الزرع و حصدوا معهم و خزنوا معهم حصاد زرعهم و قسموه ، جزء لقوت يومهم ، و آخر لإعادة زرعه مرة أخرى .. كان هذا ثاني أختراعات البشرية .. بعد أن اخترع الإنسان الزراعة .. أخترع ماهو كفيل بتطويرها و توسعتها .. وحمايتها .. كان إختراع معنوي .. انه الأسرة .. العائلة .. التزاوج .. الإنتماء ..
كانت أوراق التوت .. و بعض جلود الحيوانات ، بالكاد تغطي عرينا .. ذات شتاء .. جمعت احدى إناث القطيع مجموعة من جلود الحيوانات التي اصطدناها من اجل غذاءنا .. و أرادت ان تصنع منها كساءً يلتف على أجسادنا بإحكام .. أتت ببعض لحاء الأشجار الرقيق و المتين .. و أتت بقطعة عظم من فك حيوان نافق .. و سنتها و خرمت طرفها بصخر مدبب و أدخلت لحاء الأشجار الرقيق في تلك الفتحة .. و أستخدمت العظم المدبب ذو الحافة الحادة في حياكة الجلد بعضه إلى بعض ، حتى تصنع كساءً يلف اجسادنا بإحكام .. يقينا شر البرد .. و نتحرك و نحن نكتسي به بسلاسة و يسر .. كانت قطعة العظم المدببة الحادة تلك .. أعظم أختراعاتنا بعد أن أخترعنا الزراعة .. أسميناها ..(الابرة ) و كانت فتحاً جديداً في تاريخ تطورنا .. أصبح القطيع كله ، مكسوٌ بفضل هذه القطعة الصغيرة من العظم ..
ذات عام .. أمطرت السماء برداً و ثلجاً .. غطى كامل الأرض التي يحيا فيها قطيعنا و يصطاد قوته و يزرع حبه و سنابله .. حاصرنا هذا البرد حتى تجمد نهر ( أؤمو ) الذي نعيش على ضفتيه .. قرر القطيع الهجرة إلى مكان آخر .. إفريقيا المتجمدة لم تعد مكاناً صالحاً لعيشنا .. قمنا بحياكة جلوداً ذات فراء كثيف تقينا شر برودة الجو .. و انطلقنا نبحث عن مأويً آخر .. حملنا صغارنا على ظهورنا و حاولنا أن نمضي نحو الشمال .. و اجهتنا صعوبة بالغة ، صحراء شاسعة متقلبة ، لا حياة فيها ولا ماء .. و غطى بعضها جليداً قاسياً .. كان لابد لنا من سلوك إحدى ثلاث طرق للخروج من مهدنا الأول إفريقيا .. إما عبر ما يعرف اليوم بصحراء سيناء أو ما عرف لاحقاً بمضيق جبل طارق .. أو ما أسميناه باب المندب لاحقاً .. كان عرض بحر إفريقيا الشرقي الذي أسماه الأتراك فيما بعد بالبحر الأحمر .. كيلومتراً واحداً فحسب حينها أصبح الآن عرضه أضعاف ذلك كثيراً .. عبرنا من ساحل جيبوتي ، نحو عمان و اليمن .. خضنا هذا البحر الذي كان مستنقعاً صغيراً حينها و كانت أولى هجرات قطيعنا خارج مهدنا الأول .. نحو أول أرض وطئها قطيعنا البشري بعد موطننا الأول .. كانت عُمان .. ..... ...
Post: #2 Title: Re: قصتنا ... قصة الإنسان 70000 ق .م - 2016 م Author: كمال علي الزين Date: 06-03-2016, 06:38 PM Parent: #1
(*)
2 كنا بحاجة إلى 10 آلاف عام .. 10 آلاف عام حتى نخترع ما يعرف اليوم بالعائلة .. الأسرة يبدو أنها كانت حاجةً طارئة إرتبطت بأعظم إكتشافاتنا حتى اليوم .. الزراعة .. حين وصل قطيعنا الذي أصبح يتكون من مجموعات صغيرة ... أسميناها أسراً ... حين وصل القطيع إلى ساحل عمان .. كانت أرضاً مخضرة .. يجري وسطها نهراً .. ماءه عذب .. كان كنهر (أومو) الذي تركناه خلفنا على شواطئ شرقي إفريقيا .. لم يكن هناك صحراء .. لم يكن هنالك بعد ماعرف بخليج فارس – خليج العرب .. كان مكانه .. غابات و مستقعات و عيون ماء عذب .. وجدنا ضالتنا أخيراً .. أرض جديدة .. وطناً جديداً .. يشبه وطننا الذي تركناه .. يشبه مهدنا الأول .. إفريقيا ...
Post: #6 Title: Re: قصتنا ... قصة الإنسان 70000 ق .م - 2016 م Author: Hani Arabi Mohamed Date: 06-14-2016, 01:23 AM Parent: #2
https://www.tools4noobs.com/online_tools/youtube_xhtml/Get your own valid XHTML YouTube embed code
Post: #3 Title: Re: قصتنا ... قصة الإنسان 70000 ق .م - 2016 م Author: المعز ادريس Date: 06-03-2016, 06:42 PM Parent: #1
سلام كمال
نحاول نبحث معاك،
هل شاهدت "آدم العلمي!" Scientific Adam ؟ هنا الرابط، للأسف ! embedding disabled by request ؟
Post: #4 Title: Re: قصتنا ... قصة الإنسان 70000 ق .م - 2016 م Author: كمال علي الزين Date: 06-14-2016, 00:38 AM Parent: #3
سلام أخي / المعز
الرابط لم يعمل .. أرجو إعادة إنزاله
Post: #5 Title: Re: قصتنا ... قصة الإنسان 70000 ق .م - 2016 م Author: كمال علي الزين Date: 06-14-2016, 01:05 AM Parent: #4
(.)
إستمرت هجرة قطيعنا نحو آسيا .. بلغ بَعضُنَا الهند .. عبر بَعضُنَا نحو أستراليا .. و أستمر القطيع من جزيرة العرب في زحفه شمالاً حتى أوربا .. في أوربا ولدت القبلية و العصبية بسبب الصيد في تجمعات .. و بسبب آخر .. كان مفاجاة لنا .. قبل ٥٠ الف عام ، وجدنا قطيعاً آخر من البشر ، كان أكثر ميلاً إلى السلم و لم يعرف القبلية و العصبية و كان أقل تطوراً من حيث المقدرة على التفكير و الإبتداع .. شاركناه الحياة بأوربا لأكثر من ٥الاف عام .. و لكننا افنيناه من أجل منافسته لنا على الرزق و الصيد .. أنقرضوا تماماً بعد حوالي ١٠ آلاف عام من وصول قطيعنا إلى أوربا .. عاشوا هناك لأكثر من ٢٥٠ ألف عام .. و لكنهم إنقرضوا بسبب وحدتنا و عصبيتنا نحو القبيلة .. ذلك المفهوم الذي ولد هناك حال وصولنا إلى أوربا .. ربما أفنيناهم قتلاً و حرباً .. و قيل أننا كنّا نستمتع بمطاردتهم و صيدهم ..
(.)
كان ظهور المجتمع الزراعي ، عند نهر دجلة ، حيث وجد قطيعنا أكثر من ٣٠ عشبة تصلح غذاءً لنا .. الكسل هو الذي جعل الزراعة هي أولى خياراتنا .. سرعان ما أنتشرت ثقافة الزراعة بين كل قطعاننا .. و اخترنا ثلاثة أنواع من الأعشاب ، و أصبحت غذاءنا الرئيس الذي يغنينا عن التجول بحثاً عن الغذاء و قل ميلنا نحو الصيد .. زرعنا الأرز و الزرة و القمح .. كانت الزراعة أعظم أكتشافاتنا حتى اليوم .. لكنها كانت وبالاً علينا أيضاً .. منذ ٢٠ الف عام .. تحولنا إلى مخلوقات كسولة مستقرة متعصبة للقبيلة ، تعيد زراعة هذه الأعشاب الثلاثة ، و تصنع منها عصيدة لزجة .. أصبحنا مخلوقات أقل مقدرة على الحركة ، و تفشى بيننا لأول مرة داء آلام المفاصل و تسوس الأسنان .. و أصبحت أعمارنا أقل .. و لكننا لم نعد ذلك الهوموسيبيان الذي الذي قضى على فصيلة النياندرتال الأوربية و احتل مكانها .. تحولنا إلى مخلوقات أخرى .. بشر أذكياء .. طموحون .. متعصبون ..
(*)
الزراعة .. و الإبرة إختراعان قادا هما و فكرة الإستقرار في مكان واحد و إستئناس الحيوان و تدجينه و تربيته بغرض إستخلاص لحومه و ألبانه كغذاء .. عوضاً عن الصيد .. قادا قطيعنا إلى إختراع جديد .. و تطور هام في تاريخ البشر ..
المدنية ..
قبل أكثر من ١٠ آلاف عام و بعد ستون ألف عام من نشوء قطيعنا الذكي .. تكونت أول مدينة في تاريخنا البشري .. على سفح الأناضول في تركيا .. كانت مدينة صغيرة جداً .. تتكون من عدة بيوت من طراز عشوائي .. و نشأت عائلات تسكن معاً .. و تعمل معاً في الزراعة .. و تبني بيوتاً من الطين و الجير و تعيش على أسطحها .. الشوارع هي أسطح البيوت .. و مداخل البيوت هي سلالم حجرية تؤدي إلى باطن الأرض حيث المسكن .. حجرات نوم .. مخزن غلال .. مدفن للموتى .. هذه هي بيوتنا الأولى .. في أولى مدنياتنا ..
Post: #7 Title: Re: قصتنا ... قصة الإنسان 70000 ق .م - 2016 م Author: Hani Arabi Mohamed Date: 06-14-2016, 01:29 AM Parent: #5
https://www.tools4noobs.com/online_tools/youtube_xhtml/Get your own valid XHTML YouTube embed code
Post: #8 Title: Re: قصتنا ... قصة الإنسان 70000 ق .م - 2016 م Author: كمال علي الزين Date: 06-15-2016, 00:00 AM Parent: #7
شكراً يا هاني على إعادة وضع الرابط
Post: #9 Title: Re: قصتنا ... قصة الإنسان 70000 ق .م - 2016 م Author: كمال علي الزين Date: 06-15-2016, 00:08 AM Parent: #8
(.)
شاتالوهويك ... أول مدينة إستعمرها قطيعنا .. و عمرها .. مجتمع بلا قيود أو قوانين أو حكام أو نظام .. مجموعة عائلات تعيش في بيوت جنب إلى جنب .. تتعاون في الزراعة و الصيد ..
مجتمع فيه يتساوى الجميع .. لا وجود لطبقات .. أو أنظمة .. مجتمع فوضوي بمعايير مجتمعات اليوم .. و لكنه قمة المدنية و أولى خطوات البشر ..نحو المجتمعات الحضارية و الحضرية ... عاش قطيعنا ١٤٠٠ عام .. في هذه المدينة .. حافظنا عليها طوال هذه القرون .. شتالوهويكً.. و لكنها لم تدم ..
المدنية .. الإستقرار .. المجتمع الزراعي .. بعد ١٤٠٠ عام من الحياة الجديدة لقطيعنا .. مجتمع زراعي .. قليل الحركة .. أبتدأت الأمراض تنتقل من الحيوانات التي أستأنساها .. إلينا .. إنتقل إلينا السل من الماشية .. ثم أنتقلت إلينا الحصبة و الجدري .. دفع قطيعنا ثمن الحياة الجديدة .. ثمن المدنية .. ..
Post: #10 Title: Re: قصتنا ... قصة الإنسان 70000 ق .م - 2016 م Author: كمال علي الزين Date: 06-15-2016, 00:10 AM Parent: #9
Quote: Essam Absherتحياتي استاذ كمال ملاحظتي هي : لو قدر لي ان عشت ذاك الوقت لزرعت "حبوبي " في اقرب نقطة من النهر (هكذا كان تصرفي) على الاقل كـ تجربة مبدئية .وشكرا على اتاحة لنا المتعة في بحور روافدك .
شكراً أخي عصام على مداخلتك القيمة وملاحظتك الذكية ..
Post: #11 Title: Re: قصتنا ... قصة الإنسان 70000 ق .م - 2016 م Author: كمال علي الزين Date: 07-02-2016, 09:34 AM Parent: #3
Quote: هل شاهدت "آدم العلمي!" Scientific Adam ؟
سلام يا معز هل هو ذات الرابط الذي أتى به هاني ؟
Post: #12 Title: Re: قصتنا ... قصة الإنسان 70000 ق .م - 2016 م Author: متوكل حسن Date: 07-03-2016, 12:57 PM Parent: #11
احب كتابة التاريخ احب طريقة سرد الجميلة اتابع دائما وباهتمام بالغ كل ما تكتب
Post: #13 Title: Re: قصتنا ... قصة الإنسان 70000 ق .م - 2016 م Author: كمال علي الزين Date: 07-24-2016, 06:05 PM Parent: #12