عبد المعطي ماله ؟

09:18 AM Dec, 15 2015

سودانيز اون لاين
درديري كباشي-
مكتبتى
رابط مختصر

عبد المعطي ماله؟
رجع عم عبد المعطي من دوامه العادي مثل ما يفعل كل يوم .. تناول وجبة الغداء في ضل العصر مع عايلته رقد في العنقريب يتعاطى الجريدة اليومية قبل ما ياخذ غفوة العصرية ..
بين النعاس والحروف المتقطعة وعدم التركيز واخبار الجريدة يسمع صوت ابنه الصغير ينادي ..
خالد : يابا يابا يابا .. ابوي .
عبد المعطي : ايوا يا ولد في شنو ؟؟
خالد : الحلاق قال عاوز قروشه ..
عبد المعطي : طيب بعدين ..(يرد عبد المعطي بدون تركيز ) ويجري خالد نحو الشارع لمواصلة لعبه وفجاة ينتبه عم عبد المعطي وينادي ولده : تعال يا خالد انت قلت شنو ؟؟
خالد : قلت ليك الحلاق قال داير قروشه ..
عم عبد المعطي هائجا : انت ياكلتوم حتى الحلاق ادينتوا منه .؟؟.
تظهر من داخل المطبخ كلتوم هائجة باعلى صوتها ..نسوي شنو عاد تتذكر لامن اولادك الاربعة في المدرسة قالو ليهم كان ما حلقتو تاني ما تجو المدرسة ... وانت قلت ليهم امشوا احلقوا عند عمكم خليل وانا بدفع ليه بعد ما نصرف ..
صفق عم عبد المعطي يديه وقال : يعني بعد عبد الله الجزار وخضر بتاع البقالة وسيد اللبن ..الحلاق كمان بقى طالبنا قروش ؟؟ انا خايف كمان تقولي عثمان العجلاتي طالبنا قروش كمان ..
كلتوم : اصلوا طالبنا .. تتذكر لامن عجلة طارق كانت منفسه وهو عندو درس عصر بالمدرسة وانت قلت ليه ما معاي قروش انا قلت ليه وديها لعمك عثمان يرقعها اخر الشهر نحاسبه .. وحتى كمان طلعت الهنبوبة بايظة مره واحدة ركب ليه واحدة جديدة مع كفر جديد... اها دا حقوا حصل الخمسة وتلاتين الف .
عبد المعطي : خلاس امشي كرهتينا حياتنا .. ودي شنو المره القاعدة تحت الشجرة ديك ..
كلتوم : اجي دي كمان ما بتعرفها دي ما حاجة صفية .
عبد المعطي : ومالها حاجة صفية قاعدة هنا اوعى تقولي لي هي كمان طالبانا قروش .
كلتوم : اجي ومال البخليها تقعد تحرسك شنو؟؟
عبد المعطي : وحاجة صفية باعت لينا شنو انشاء الله كمان ما تقولي لي ادينتو فول وتسالي ..
كلتوم :حاجة صفية يا عبدو يا اخوي خادمانا خدمة ما يعلمبها الا الله .اولا الويكة والشطة والبتضربو فيهم كل يوم ديل من حاجة صفية . والسلطة بالدكوة البتحبهم ديل دكوتم دي جاية من وين صرفوها ليكم في المكتب ؟؟؟
عبد المعطي : اللهم طولك يا روح ماشي خلاص فهمنا ..
كلتوم : فهمت شنو انا لسع خدمات حاجة صفية ما كملتهم ليك شايف بناتها خضرة القاعدة جمبها ديك ونورة هسع في المطبخ .. اها ديل واحده فيهم بتغسل لينا الهدوم بالشهر وتكويهم والثانية بتغسل العدة بالشهر ..
عبد المعطي هائجا : يا وليه حرام عليك نحن اكلنا مجهجه وبالدين تجيبي ليك ناس يغسلوا ليك العدا والهدوم .. ما تغسلي براك زيك وزي الحريم .
كلتوم : ما غسلت ليكم لامن ضهري دا اتقص ولغاية ما جاتني مبادئ الغضروف وكرعي ديل اتشققن .. براك ما سمعت باضانك الدكتور قال لي ما تقعدي فترات طويلة ..
جر عبد المعطي نفس طويييل وقام من سريره ( عنقريبه) بعد ما تضاعفت همومه هو اصلا يعلم تماما ان راتبه لايكفي البنود التي في راسه والمتمثله في الدكان ( البقاله) سيد اللبن الجزار الخضرجي الكهرباء الماء ولحسن الحظ هو وارث هذا البيت المتهالك والا كان لحقهم بند الايجار .. طار عنه النوم واخذ كرسيه خرج وجلس امام البيت ..
شاهده جاره عمر وهو ايضا كان يجلس على كرسي امام البيت اخذ عمر كرسيه واقترب من من عبد المعطي .
عمر : شنو يا ابو عبده نومة العصر طارت ولا شنو ؟؟ .
يتبع

عبد المعطي : ما بتطير كيف اذا كان نحن اي شئ نعمله ولا ندخله بيتنا بالدين والراتب ما يغطي ربع الديون تفتكر بعد كدا ممكن يجينا نوم .
عمر : ياخي انتو كمان عندكم نفس الفلم دا .. وانا قلت ناس عبد المعطي ديل ناس مدبرين ومباصرين راتبهم ..
عبد المعطي : مباصرين ؟؟؟ يمين دا اجعص ساحر ولا عالم رياضيات ما يعرف يباصره وحا يعمل شنو يعني عشان يخلي تلتماية الف تغطي ليها مصاريف بمليون ؟؟
عمر : والله بيني وبينك معاك حق وعشان كدا انا خطرت لي فكرة نعمل جمعية نسميها جمعية المدينين المتحدين ..
عبد المعطي : وحا تعمل شنو الجمعية لديوننا المتواصلة دي ..
عمر : اسمع يا اخوي انت ما تفتكر انه نحن برانا في ناس كتار زينا دخلهم ما بيغطي نصف مصاريفهم . نحن من خلال الجمعية دي قول سجل فيها ماية شخص كل واحد حيدفع اشتراك شهري عشرة الف مثلا ..
عبد المعطي : يعني حاتزيد للديون رسوم الجمعية كمان ..
عمر : اصبر انا جاييك .. حتكون عندنا في الصندوق مليون جنيه بعداك كل واحد يجمع ديونه ونعمل على جدولتها وتصنيفها ونتفق مع اصحابها على سدادها بالاقساط المريحة.. وبعد ذلك ندور على جهات تمويلية ناخذ منها المواد التموينية جملة وبسعر التكلفة .. وبالتالي نلغي بند البقالة والخضار من مصروفاتنا ويكونوا عن طريق الجمعية .
عبد المعطي : شوف هنا انت راجل بتاع اقتصاد وكلامك دا رغما عن انه ما فهمته الا عجبني شديد تعال نتلاقى بعدين في النادي ونعرضو على مظاليم الهوى ديك .
عمر : ماشي خليه بعدين في النادي ما في مشكلة .
يتبع

عبد المعطي بعد ما سمع فكرة جاره عمر شعر بشئ من الارتياح واستاذنه عائدا الى البيت لمحاولة النوم مره اخرى بعدما ما شعر بشئ من الامل ربما يذيب تلبد الديون الجاثم على الصدور كالسحب في عز الخريف .
كلتوم : مالك جيت داخل سريع لقيت السد نفسك من الشارع كمان ..؟؟
عبد المعطي : بالعكس قولي لقيت الريحني واداني الامل ..
كلتوم : لعلو عمر راجل محاسن سامعاه يتكلم معاك من بره .. ما تقولي قال يسلفك عشان تسدد ديونك ..ديل اخير منهم نحن على الاقل بيتنا ملك .. ديل كمان قاليك سيد البيت بينتظر عمر جمب شباك الرواتب لانه شغال معاهم .. اول شئ يقبض حق الايجار حتى بعدين يفك ليه الباقي .
عبد المعطي : يا وليه حرام عليك حتى الجيران شايله حالهم .. وبعيدن انت الحل عندك ما بيجي الا بدفع قروش ..؟؟؟
كلتوم : اجي يا اخوي هي ديون حا يحلوها بشنو كان ما بالقروش .
عبد المعطي : دا كلام كتير انا ما بقدر اشرحه ليك هسع خليني اخذ لي نومه وقت الهم خف مننا شوية .. ما توليعه تاني من جديد .بعدين عندنا اجتماع في النادي ..
كلتوم : هوي لعلكم دايرين تحولوها لاجتماعات وسياسة كمان يفصلوكم من الخدمة وتطينوها مره واحدة .
عبد المعطي : اعوذ بالله منك .. يا مره ما تمشي تخلينا ننوم .
ذهبت كلتوم وهي تتحدث بصوت منخفض كانها تحدث نفسها ولكن هي قاصدة توصل الكلام لعبد المعطي : عمر ود نفيسه دا انا عارفاه من زمن كان طالب جنه مشاكل وسياسة وكل يوم معتقلنه امه دي فترت من الواسطات .. اها قلنا اتخرج واشتغل وعقل بعد ما عرس وبقى عنده اولاد .. عاوز يرجع يولعها تاني من جديد .
عبد المعطي :واضعا المخده في راسه ليرى كلتوم بانه لا يريد ان يسمع كلامها .. لكن الحق يقال انه كلام كلتوم هيج كل الفيران التي تسكن عبه واهاجها .. اجتماع في النادي التحدث عن الحالة المعيشية بصوت عالي .. والرواتب لا تكفي الشهر .. تكوين جمعية .. كل هذه الاشياء تشبه السياسة فعلا ويمكن تفسر كمعارضة من جانب الحكومة .اشتعلت الهواجس واطارت منه النوم وهو يتقلب يسارا ويمينا من جديد : طيب الحل شنو يا اخواننا .. نقعد نعيش وسط الديون بعد شوية اصحاب الديون نفسهم سيتوقفوا عن مدنا بالمواد ... اذا لابد من حل ... لازم نصل النادي ونجتمع باعلى صوتنا ويحصل اليحصل .. مهما حصل ما حيكون اسوا من الجايي .. ما اعتقد في اسوا من انه الحاجة ست الفول تكون طالباك قروش وهي تبيع تسالي فقط ..
متين يجي المساء ؟؟

في المساء
من بعد صلاة المغرب مباشرة لبس عبد المعطي جلابيته ووضع الطاقية وركب عجلته متوجها الى النادي وقد كان متحمسا لم تثنيه نداءات ام العيال في انتظار شاي المغرب .. وقال في سره شاي المغرب الكله بالدين دا ذاتو ما دايره ( لا اريده) .
وفي النادي .. هو نادي الدينمو احد اندية الدرجة الثالثة المجهولة وهو نادي الحي يقوم بدوره الاجتماعي اكثر من الدور الرياضي على الاقل في امتصاص غم رواده بدفن رؤوسهم في اوراق الكتشينة كل يوم .. له فريق في كرة القدم لم يفلح ان يتخطى عتبة الدرجة الثالثة لمدة تجاوزت الثلاثين عاما منذ افتتاحه بل هو يتمسك بالدرجة الثالثة بجهد جهيد يكاد يفقدها في كل عام .. لا احد حريص لتطوير هذا الوضع .. وليس مهم كما انه موضوعنا هو في ايقاف عجلة ديون هؤلاء الغلابة سيبو الدينو في ثالثته ..
بدا الناس يتجمعون ويتكلون عجلاتهم على بوابة النادي كالعادة ... انتظر عبد المعطي الى ان وصل الاستاذ عمر الخبير الاقتصادي المفلس والغارق في الديون اكثر من الاخرين ..
همس عبد المعطي في اذن عمر قائلا له .. خليني اولا انا اعمل مقدمة للناس ديل بعدين انت تدخل تشرح باقي الفكرة ..
امن عمر على كلام عبد المعطي .. وانتظر عبد المعطي حتى تجمع عدد كبير من الناس .. وتوزعوا على طاولات ورق الكتشينة ولعب الدومينه .. صفق لهم عبد المعطي لافتا الانظار ..
عبد المعطي مخاطبا الحضور : يا اخوان السلام عليكم ممكن تسمعونا خمسة دقايق قبل ما تبدو اللعب .. طبعا يا اخوان ما فينا واحد ما بيعاني من الديون المتراكمة وقبل ما الواحد يسددها تظهر ديون جديدة .. زهجنا وكرهنا حياتنا .. اصبح كل شخص يبيع شئ في الحي يطلبنا دين حتى الحلاقين والعجلاتيه والنجارين ودا غير ناس الخضار والبقالة ..
الكلام لفت نظر رواد النادي فعلا وبدا يجرون كراسيهم ويتجمهروا حول عبد المعطي ..
وواصل عبد المعطي : ونحن عشان نوقف نزيف الدين دا ناقشنا الموضوع انا وجارنا وزميلنا الاستاذ عمر وهو اقترح فكرة جميلة وانا اعتقد هي ممكن تخرجنا من عنق الزجاجة زي ما بيقولوا .. انا اترك الفرصة للاستاذ عمر يشرح لكم الفكرة وانشاء الله تلقى التاييد والدعم مننا كلنا .. اتفضل يا استاذ عمر .
وقف استاذ عمر مخاطبا الجمع وشارحا الفكرة قائلا :
تعرفوا يا اخوان طبعا كلنا نعاني من تراكم الديون وزي ما قال اخونا عبد المعطي اصبحنا مطلوبين من كل اصحاب المهن .. وتعرف السبب الذي ضاعف ديونا انه نحن اصبحنا مستغلين من التجار والباعة لانه الواحد ممكن يرفع الاسعار لانه يعرف انه نحن ما عندنا خيار تاني وما في حد بيدينا حاجة بالدين غيره .. عشان كدا تضاعفت ديوننا واصبحت فوق طاقتنا .. ومعظمها زيادات في الاسعار بسبب الدين ..
صدرت همهمات وتذمر من الحضور يبدو انه استاذ عمر لمس جرح لم يكونوا يشعرون به .. وبعضهم بدا يسب ويسخط على التجار .. وطلبوا من استاذ عمر المواصلة وحتى الذين حاولوا ان يتجاهلوا الموضوع ويدفنو رؤوسهم في اوراق الكتشينة تركوها وعادوا للاجتماع .
وقف شيخ هارون رئيس النادي وزعيم الحارة : متشكرين يا ولدنا عمر يلا الحقنا بالحل السريع لاننا كلنا وحلانين ما تفتكروا الموظفين براهم حتى نحن ناس الاملاك المؤجره دخلها ما مكفينا وندين وما قادرين نغطي ..
عمر مواصلا : الفكرة ببساطة يا اخوان نحن حانعمل اولا اشتراك شهري ثابت يكون صندوقا للجمعية .. وثانيا كل واحد حايمشي يجمع ديونه في كراس منفصل تكون مفصلة وفي النهاية يجمعها في مبلغ واحد .. نحن حانشكل لجنة تنتخبوها انتو ونسميها لجنة حلحلة الديون ...
بعد ذلك كل واحد يقسم دخله الشهري لثلاثة وحدات متساوية .. ثلث لحلحلة الديون القديمة وثلث لشراء المواد التموينية للشهر الجديد ( حانتكلم عنها بعد شوية ) والثلث الاخير يحتفظ به للطوارئ ..
لجنة حلحلة الديون راح تمر بكل الديانة وتتفق معهم في جدولة ديون كل واحد منا مثلا شيخ هارون البقالة تطلبه مليون .. نحن نتفق مع صاحب البقالة انه شيخ هارون ما راح يتدين منه مره ثانية ونحن راح ندفع لك المليون في خلال اربعة شهور كل شهر مائتين وخمسين الف .. وهكذا ..
نجي لثلث المواد التموينية .. نحن راح نمشي بهذا الثلث من اسواق الجملة بالسوق العربي ونشتري المواد الاساسية من هناك بسعر الجملة .. ونجي نوزعها على الناس كل واحد حسب ثلثه مواد انشاء الله تكفيه لباقي الشهر وتفضل وبسعر الجملة ..
يا اخوان انتو لازم تعرفوا صحيحا انه نحن دخلنا ضعيف لكن وباشتراكنا واتحادنا مع بعض حانحول ضعفنا لقوة .. يعني الثلامائة الف راتب شهري لامن تضربها في مائة عضو حاتتحول لثلاثين مليون ..
فجاه يقطع الحوار احدهم تحت دهشة الحضور ويهتف : ما عايزين اشتراكية يا شويعية يا كفرة عايزين تدخلوا حتى في بيوتنا يا شويعيين ياكفار ..
يتبع

واقعي جدا اخونا درديرى
يبدوا ان كلتو م امراة بعيده النظر
منتظرين

up

عبد المعطي ما له
الرجل الذي هتف خلق بلبله فعلا في الاجتماع وخصوصا من الناس الذين يوصفون بانهم يمشون قرب الحيط .. يجنبون انفسهم اي شدائد او احتكاكات مع الانظمة .. هتافات ذلك الشخص المتعصب المناهض جلعتهم يسحبون كراسيهم ويعودون الى طولات لعبهم و كشاتينهم .. اما عمنا عبد المعطي راى ان الحلم كاد ان يتبدد حتى قبل ان يبدأ .. لذلك بغضب شديد وغيظ اعتلى احدى طاولات اللعب وخطب في الحضور بصوت غاضب قائلا:
اسمعوا هنا يا ناس الرسول قال الحكمة ضالة المؤمن اينما وجدها عمل بها .. بل الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه اخذ معلومات من اليهود وهم الد اعداء الاسلام.. وانا اقول هذا الكلام ليس تشكيكا في عقيدة اخونا عمر بل هو اكثرنا التزاما بالصلاة .. هو يصلي الفجر حاضرا بالمسجد مين فيكم ملتزم بصلاة الفجر .. ما معناها انه كان شويعي ايامه كان طالب حا يظل شويعي للابد .. وحتى لوكان لازال شويعيا .. هو لم يتدخل في عقيدتنا ما قال لزول سيب صلاتك ولا صومك .. هو عاوزنا نتعاون مع بعض ونحل مشاكلنا بروح جماعية وربناحسانا على التعاون في البر والتقوى .. ونحن لو شعرنا ان هذا التعاون في اي لحظة يدعو لاثم أو عدوان نحن قادرين نفرتكه في لحظات زي ما عملناه ..
وانا اقولها لكم باختصار .. هو دا كراس الحضور ومعاه قلم .. واي واحد عاوز يشترك في الجمعيه يسجل اسمه وبنفسه بدون ما يملي واحد ليكتبه له .. وانا الجمعية دي ما واقف منها ولا منتظر فضل من اي واحد فيكم .. واقسم بالله لو اكونها من العتاله في السوق العربي لازم اعملها لاني اقتنعت بيها وانه هو دا المخرج الوحيد ... وانا ما حانتظر لغاية ما حاجة الفول والجزار والحلاق والعجلاتي يفتحوا فيني بلاغ ويدخلوني السجن بسبب ديون تافهة .. والكراس قدامكم العاوز يسجل يسجل ..
ونزل عبد المعطي من الطاولة وجلس في الكرسي وصدره يعلو ويهبط من الغضب لكن بعد برهة أنكب الحضور على الكراس يسجلون اساميهم بعد ان خذلوا ذلك المهووس الذي لم يجد بد سوى الخروج من النادي والمغادرةغاضبا .وهو يمزجر ويتوعد .
بعد ما تم تسجيل العضوية وهي تقريبا تكونت من كل من كان متواجدا في النادي في ذلك اليوم سجل اسمه بل بعضهم سجل اسماء بعض الغائبين من اخوتهم ..
وقف العم سليمان وهو احد الحضور وسال : اها يا اولادي اسامينا سجلناها اها الخطوة التانية شنو؟
وقف عمر شارحا باقي الفكرة : وقال يا اخوان اولا حتكون فيه رسوم اشتراك ثابته للطوارئ وهي مبلغ بسيط ماية جنيه نحن راح نصرفها في المطبوعات والايصالات والدفاتر عشان كل شئ يكون مسجل ومكتوب زي ما ربنا امر وقال اذا تداينتم بدين فاكتبوه ..
بعداك كل واحد يمشي يجمع لنا ديونه في كراس منفصل بالتفاصيل يعني مثلا صالح الجزار يطلبني كذا عثمان العجلاتي يطلبني كذا ..

بعدها سنشكل لجنة من الاعضاء من ناس تكون لهم كلمتهم ومكانتهم نسميها لجنة جدولة الديون .. هم راح يمروا على اصحاب المحلات ويتفقوا معهم على تقسيم دين كل فرد على اقساط ثابته تسدد شهريا .. وبشرط انه صاحب البقالة يوقف الدين لكل واحد ويبدا يستلم اقساطه الشهرية حتى يصفر الدين ..

وسنكون لجنة أخرى نسميها لجنة المواد التموينية .. ونفضل تكون من اهل السوق .. بمعنى ناس لهم محلات وعلاقات بتجار الجملة عشان يشتروا المواد التموينية بسعر المورد وبكدا نكون وفرنا الارباح الكنا بندفعها لاصحاب البقالات والمحلات ..

يقاطعه احد الحضور بهتاف : ينصر دينك يا استاذ عمر والله كلامك بس ريحنا قبل ما نشوف التطبيق .

وقاطع آخر رافعا يده : لكن اولا قلنا القروش بتندفع كيف الناس دخلها بيختلف في ناس رواتبها كبيرة وناس رواتبهم صغيرة كيف كلهم يسلموا مرتباتهم وتقسموا المواد بالتساوي؟ كدا فيها ظلم ..

وفعلا سرت همهمات بين الحضور ..

ليقاطعهم استاذ عمر :

لا يا اخوان انتو فهمتو غلط .. نحن قلنا في البداية انه كل واحد راح يفصح عن راتبه للجنة الديون فقط .. حتى يتم تقسيمه لثلاث فئات .. ثلث حيكون لتسديد اقسساط الديون القديمة .. وثلث لشراء مواد الشهر .. وطبعا كل شخص راح يشتري المواد حسب قدرته بمعنى ثلثه هو فقط وحسب اسرته وحوجتهم .. وثلث راح يحتفظ به اما للتوفير او احتياطي للعلاج وخلافه بمعنى للحالاات الطارئة .

عادت همهمات ارتياح من جديد وعقب السائل قائلا .. كنت فاكر الناس تجيب كل رواتبها وتقسمها لثلاثة ..

عمر : لا نحن راح نحل لكل واحد مشاكله بصورة منفصله حسب دخله وحجم ديونه . بمعنى مش راح نحمل الديون لبعضنا البعض كل واحد راح يحل ديونه لوحده وبدخله هو لكن في اطار الجماعة يعني باسم الجمعية .. والجمعية فقط راح نستمد منها القوة والثقة والضمان لصاحب البقالة او الجزارة .. واصحاب المحلات نفسهم راح يرتاحوا لمن يعرفوا انه اموالهم راح ترجع لهم بضمان ثابت كل شهر .
رد عم سليمان : يلا يا ولدي على بركة الله حرك المواضيع خلينا نخلص من الهم دا.
مساء ذات اليوم عاد عبد المعطي الى البيت بمشاعر متابينة هي مزيج من الفرح بهذا الانجاز تخلله نفحات هم كل ما تذكر هتاف الرجل المتشعوذ الذي زجره عبد المعطي حتى خرج من النادي مطأطئ الراس .. لكن ياترى هل سيكتفي بذلك ام سيصعد الموضوع .. ويجد عبد المعطي نفسه في حضن المعارضة والمعتقلات السياسية .. عندما وصل هذه النقطة تعوذ واستغفر وتفل عن يمينه ويساره .
ودخل البيت في حوالي العاشرة مساء لتستقبله زوجته بسخريتها القاتلة ..

- اها يا الفالح نعلك جبت ضقلها يتلولح .. عملتوا شنو في النادي ؟؟ وناوين تطلعوا مظاهرات متين ..؟؟
عبد المعطي : اعوذبالله ياولية انت في حد مسلطك علي .. نحن قلنا عاوزين نعمل جمعية تعاونية لحلحلة الديون .وبس الجاب سيرة المظاهرة منو ؟؟.
كلتوم : جمعية تعاونية اشتراكية ليبرالية .. دا ما ياهو كلام عمر ذاتو الدخلوا السجن .

عبد المعطي : فال الله ولا فالك ياولية جمعية تعاونية نشتري مواد تموينية من سوق الجملة ونقسمها بيناتنا .. هسع دا يضر الحكومة في شنو .. وباقي القروش نغطي بيها الديون ؟؟

كلتوم : الكلام دا تقولو لي انا ؟؟؟ قولوا لناس الامن لامن يخموك عندهم هناك ..

عبد المعطي : ياخي ياولية هوي لو عندك عشا عشينا ولو ما عندك ما تملينا فقر نحن ما ناقصنك خلينا ننخمد ننوم بدون عشا .

كلتوم : في كسرة بلبن تنفع معاك ولا بتعمل ليك نفاخ زي ما بتقول ..

عبد المعطي : انتي ما دام عارفاها بتعمل لي نفاخ عارضاها لي لي شنو .؟؟

كلتوم : مافي غيرها عاوزها ؟ بعدين نفاخ شنو؟؟ .. بصوت منخفض ( هو انت شفت نفاخ ؟؟

عبد المعطي : قلتي شنو ؟؟

كلتوم : ما قلت حاجة رايحة اعمل ليك العشا
يتبع

Quote: up

مشكور يا محمد ابراهيم ونوظف غايتك في محلها حتى أضافات أخر

Quote: واقعي جدا اخونا درديرى يبدوا ان كلتو م امراة بعيده النظر منتظرين

شاكرين يا عمر دهب

مرحب في عالم الكوميديا السوداء ههههههه

عبد المعطي ما له ؟
عبد المعطي لانه تمكن منه الجوع لم يجد بد من تناول الكسرة الخميرة مع اللبن والسكر .. اكلها بنهم رغما عن يقينه التام بانها تسبب له انتفاخ البطن .. ولكنه جوعان ويعرف ان زوجته ليس لديها بديل .. ولو فتح معها الموضوع او اعترض فتحت عليه نيران هو في غنا عنها حاليا (ماناقصة قالها في نفسه) .. فبدا على مضض يبلع في لقيمات كسرة الخبز بالحليب ويمني النفس بان الفرج قريب .. بعد ان تحل مسالة الديون ويسيل المال في جيبه من التوفير .. ممكن يذوقوا طعم الدجاج والخيرات التي يشاهدونها فقط في المسلسلات التلفزيونية .
اكل بدون اي اعتراض قافلا الفرص على كلتوم التي جلست قباله متحفذه لاي احتجاج حتى تكيل له النقد الفظيع لكنه (قتل لها الدش) كما يقول لاعبي الضمنه.

اكل حتى امتلا وغسل يده وفمه ورقد مستعدا للنوم ..
لكن كلتوم حاولت تجرجره لمعرفة ما دار في النادي وادى لفتح شهيته لهذه الدرجة حتى شرب باقي الحليب بالكسرة من الصحن مباشرة متلذذا بطعهما لاول مرة .. مما زاد فضولها وغيظها في نفس الوقت بصمته ..
كلتوم : اها عايزين تعملوا شنو في النادي وحليتو المشكلة كيف انت والشقي عمر؟؟
عبد المعطي : حاتفرج ياولية بس نومي خلينا نرتاح من اليوم المتعب دا ؟؟
ورقد عبد المعطي جارا بطانيته في راسه تاركا لها تنظر اليه شذرا وبغيظ .
ولكن قبل ما يغرق عبد المعطي في النوم يسمع صوت خبطات عنيفة على الباب ليقوم مفزوعا ..
كلتوم غير مطمئنة : اها ما قلت ليكم هبيشك مع عمر دا بيوديك في ستين داهية اها خم وصر جاك النفخ الما حق الكسرة ..
عبد المعطي جلس في السرير وهو ينظر الى باب الشارع بذعر .وفي شلل ظاهر.
الكلام المستفز الذي صدر من كلتوم لحظة الخبط العنيف كان كفيلا بان يتناول عبد المعطي او اي رجل آخر في مكانه الطاولة ويخبطها بها .. لكن تركيزة المذعور ناحية الباب الذي لازالت تتوالى عليه الخبطات الجمه .. اخيرا نطق .
عبد المعطي : كلتوم ما تشوفي منو في الباب ؟؟
كلتوم : اجي يا راجل الباب بتشوفو المره ولا الراجل .؟؟
عبد المعطي : ما يمكن واحدة من جاراتك ..
كلتوم وجاراتي البيجيبن شنو في نص الليالي .. بعدين جاراتي من متين بقيت تخجل منهن ما قعد تجر كرسيك وتجي تتونس معاهن كل يوم..
عبد المعطي يبدو ان كل زرائعه المدخرة لدفع كلتوم لفتح الباب قد نفدت منه ووجد انه ليس له بد من فتح الباب بنفسه .
ونزل من سريرة بخطوات متردده متجها ناحية باب الشارع وهو يتمتم بعبارات سقطت منها كثير من الحروف ( مين .. منو في الباب .. انت مين )
لم يجد اجابة من الطارق سوى بمزيد من الطرقات التي زادت عنفا والحاحا وزادته رعبا ورجفة .
وفتح الباب متوكلا ليفاجا بان من كان يطرق في الباب بعنف ما هو الا ابن الجيران التمتام .. والذي يستعيض عن عدم قدرته على النطق بمزيد من الطرقات العنيفة .. وهو لا يدري ان هذه الطرقات اصابت الغدة الدرقية لعبد المعطي بالجفاف .

عبد المعطي بغضب ممزوج بفرح ناتج عن الفرج ..

في شنو يا ولد عاوز شنو ؟..

الولد : يا عم عم عم عبد المعطي .. امي عازوة تل تل تل تل تلد قالو ليك روح جيب الداي داي داي داية .

عبد المعطي : وابوك وين ؟؟

الولد : ابوي نبط نبط نبط نبطشي وبايت في الشغشغشغشغشغل.

عبد المعطي تمتم قائلا حاضر اروح البس جلابيتي وأجي ..

ودخل تجابهه كلتوم : خير في شنو ؟؟

ياخي دا خالد ولد حسن جارنا العسكري داك قال امه بتتوجع رايح اجيب لها ام احمد الداية ,,,

كلتوم : سجمي البس توبي الحقها .. اسرع ماتتاخر علينا ..

عبد المعطي متمتا : خلاص استلمتي الموضوع يا حلف الناتو انتي
يتبع .

عبد المعطي ماله ؟ 6
عاد عبد المعطي من مشوار الداية مستوي تماما لقد تمكن منه التعب لانه عاد والداية في معيته راجلا ( كداري) بعد ان وضعت الداية شنطتها على سرج العجلة وتبعته مشيا على أقدامهما من مسافة تقرب من الثلاث كيلومترات..
ادخلها عند جيرانهم ورغما عن ان المشوار ارهقه جسديا الا انه اراحه نفسيا اذ لم يكن الطارق ( البالي باله) اي على هوى كلتوم واراحه ايضا لانها انشغلت بولادة جارتها عنه..
نزل في سريره وسرعان ما غرق في النوم ودخل في شخيره المعهود ..
يطرق الباب مرة اخرى هذه المرة اشد عنفا من الاولى بل الطراق هذه المره يكتفون بطرقتين فقط يعقبها كسر الباب ويدخل جماعة مسلحين بلباس مدني ياخذوا عبد المعطي مفزوعا بملابس نومه .. لم تردعهم رجاءات وصرخات كلتوم .. ودعاؤها بعبارات من نوع ( منك لله ياعمر انت السبب كله منك )
ابو طارق أي عبد المعطي و بعيون نصف مغمضه يتلفت ليتعرف على شخصيات آخذيه لم يتبين ملامحهم في الظلام فضلا عن لطمة في الراس اعادت راسه الى وضعه الطبيعي بين..ركبتيه
والفاظ من نوع ( اركب يا كهنة عامل لينا فيها بتاع اشتراكية وحركات .. اركب .؟؟)
يجد نفسه في سيارة بكس بعد ان تم رميه على الصندوق الخلفي مثل خروف الاضحية ..

وتحركت السيارة نحو اتجاه مجهول حاول ان يرفع راسه ليعرف الى اين هو متجها لكن تفاجئه لكمة جديدة وسيل من الشتايم مع ضغط راسه بالرجل على ارضية السيارة ..

حس بان السيارة توقفت داخل مبنى .. تم تنزيله من السيارة وادخل داخل غرفة ليجد صديقه عمر .. في حالة يرسى لها متورم العينين ويسيل الدم من فمه ..
يتم اجلاس عبد المعطي على الكرسي وتربط يديه من الخلف ..
وياتيه احد الشباب مفتول الزراعين يمسك بخناقه : قلت لي يا كهنة عايزين تعلموا الاهالي المساكين ديل الشيوعية والاشتراكية ..
عبد المعطي محاولا التبرير : ياخي شويعية شنو نحن زاتنا ما بنعرفها نحن عايزين نحل مشكلة الديون وبس ..
تعقبها لطمه قوية تجعل شفته تنزف : ديون يا وهم دا علينا نحن .. الحكاية ما تبدا كدا تخموا الناس بمشاكلهم عشان تجندوهم ..
في ذات الوقت يلاحظ عبد المعطي امامهم يوجد اناء موضوع على النار وبه شئ يغلي ..

يدخل شخص مهندم ويبدو عليه انه رتبه كبيرة داخلا على عبد المعطي :: اوووو عبد المعطي زعيم الشيوعية وصل ... انا عارف عبد المعطي راجل شاطر وحا يخلص نفسه ويورينا منو معاه ومين ممول الحركة ..

عبد المعطي شعر ان اللهجة هادئه وحاول يتظارف : يا جنابو هو نحن لو عندنا تمويل ما كان دفعنا بيه الديون وخلصنا روحنا ..

غير انه الضابط رفع راسه بابتسامه لمن هو واقف في الخلق لتعقبه لكمة على ظهر عبد المعطي تجعله ينكفي على وجهه..ويسيل الدم من انفه هذه المرة ..

المسئول : عامل فيها زكي وتخفف في دمك كمان ؟؟؟ ما عاوز تعترف لينا مين ورا التنظيم ؟؟

عبد المعطي : والله يا جنابو الحكاية لافيها تنظيم ولا يحزنون انا وجارنا عمر دا كنا قاعدين قدام البيت وجاتنا الفكرة دي .

المسئول : الظاهر انت الكلام الهادي ما بينفع معاك .. اصرفوا ليه من الحلة واحد زيت حار ..
عبد المعطي ينظر بعين جاحظه ناحية العسكري الذي ادخل ما يشبه كمشة الفول في الحلة التي تغلي وغرف منها شئ وصباه على راس عبد المعطي .. الذي صرخ بشدة ماسكا راسه .. ليكتشف بانه نائم في البيت قرب زوجته وانه كان في كابوس عنيف ..

تقوم كلتوم مفزوعه لصرخته : سجمي بسم الله يا راجل مالك؟؟ .. شفت شنو في النوم ..؟؟

عبد المعطي : ماكله منك انتي مليتي راسنا بالكوابيس..

كلتوم : اجي يا راجل حتى نومك انا مسئولة منه الكوابيس ما جاتك من هبيشك ومعافرتك..

المهم تفل عبد المعطي عن يمينه وعن يساره وتعوذ وحمد الله انه كان في كابوس فظيع ..أراد أن يعود للنوم من جديد .

كلتوم : الليلة يا راجل الصبح اذن امش صلي في الجامع يمكن ربنا يفرجها علينا ..

وفعلا قام عبد المعطي على الحمام متوضيا وذاهبا الى صلاة الفجر في المسجد كمرة من المرات النادرة التي تحدث منه .شعر بنفسه أنه فعلا بحاجة ماسة لهذه الصلاة عساها تغسل عنه الهم والغم والرعب الذي أضيف لبلاويه . هو كان موقنا أن طريق الشر هو المحفوف بالمخاطر. السرقة والرشوة والجرائم كلها ممكن تودي صاحبها في ستين داهية كما تقول كلتوم ..لكن أول مرة يعرف أن طريق الخير أيضا محفوف بالمخاطر .
يتبع

عبد المعطي ماله ؟ 7
عاد عبد المعطي من المسجد بعد ان ادى الفرض يتثاءب نسبة للارهاق المضني الذي لازمه نتيجة لهذه الليلة الطويلة .. وسواس وهواجس زوجته والخوف الافتراضي الذي زلزل كيان شجاعته بالتدريج .. حتى بات يسمع اي قرعات على الباب كانها كتائب الاعدام ..
الخبطة الاولى طلعت حمى خفيفة رغما عن انها اكثر اجهادا جسديا .. لان مشوار الداية كان طويلا .. عاد لينام لتختلط عليه الاحداث مع مخاوف الزوجة مع الارهاق لتتحول الى كابوس مرعب انتهى به صارخا ممسكا بأم رأسه .. او حتى خالته .. لم يعد يهم ..
في الطريق من المسجد لبيته حصل عنده فصام شخصية .. اذ انقسمت نفسه بين شخصين معاتب ومدافع ..
-عبد المعطي مالك ومال الشبك ؟.. ابعد عن الشر وغنيلو .
-لكن لمتين نحن نبعد عن الشر ونغنيلو لامن صوتنا بح
- عبد المعطي هوي الخواف رب عيالو.
-بئس العيال المتربين على الخوف ..
-يعني انت عاوز تعمل شنو ما الكوابيس دي انذارات للشر ..
-عبد المعطي هوي اصلا الشر جاي جاي ومن لم يمت بالسيف مات بغيره ... يعني ممكن ست الفول وبناتها يتلمن فيك ويدقنك دق العيش .. يعني سيك سيك معلق فيك .. فان كان من الموت ليس ببد فمن العار ان تموت جبانا .
-خلاص كفى لامن قلبت شاعر كمان ..
عبد المعطي عادت شخصياته للتوحد عندما سمع صوتا من خلفه : شنو يا ابو عبده مالك ماشي وتؤشر براك انشاء الله خير.. نعلو ما الجمعية ..
عبد المعطي يلتفت متلعثما : اهلا عم عوض .. لا لا جمعية شنو البتخلينا نتكلم ونؤشر برانا ..
عم عوض : يبقى ياهى الديون أن بقت هي بتتحلى ياولدي ما تشيل هم بس انت وصاحبك عمر شدو لينا حيلكم في الجمعية دي باقي نحن الفلس هلكنا ..
هذه الجملة رفعت من روح عبد المعطي واستبعدت هاجس التنحي . وقالت نفسه الامارة بالخير من اجل هؤلاء يا عبد المعطي .. واصل كفاحك خليك حريص ..
وصل بيته بعد رقدة قصيرة في السرير بعدها تناول شاي الصباح مع رغيفة بايتة حمصتها زوجته في الفحم قليلا .. وجبة صباحية اعتاد اليها مع صغاره .. تسنده الى وقت الافطار .. ضجت الصغار مع تحضيرات المدارس .. وكركبة العجلات ..
وجمل من نوع أبوي الناظر قال لينا جيبو حق النجيلة .
وحق النجيلة دا يطلع شنو كمان ؟
قالوا يزرعوا نجيلة في المدرسة .
- يا ولد أمشي بلا نجيلة بلا كلام فارغ هو ناظركم دا عايش وين ؟
- هسع قاهم الولد كدا مالك ؟ هو ذنبه شنو ؟
- يا مرة يعني أنت ما عارفة الحاصل .
- أنا خليني بقول ليك الصغار ذنبهم شنو تدخلهم في مشاكلك وتحرجهم ما عندهم قولهم ما عندي .
- خلاص ما عندي كدا أرتحت .
- لكن يا أبوي الأولد كلهم ما دفعوا الا نحن .
- قول ليهم خلاص آخر الشهر بعد ما نصرف .
- طيب يلا مع السلامة .
غادر الصغار
وبعد قليل لبس عبد المعطي ملابسه .. وبعد جوطة صغيرة مع أم العيال من نوع .ز يا مرة أنت القميص دا ما خيطي ليه الزرارة مالك ..؟
- ما فضيت له ألبس التاني .
- شنو ما فضيتي ليه قعد تعملي شنو تحضري في ما جستير ؟.
- الماجستير ما كان تعملوا أنت أبو شهادة جامعية هسع كان بقى عندك راتب زي الناس ومرقنا من الكوشة العايشين فيها دي .
قال بشبه همس : أعوذ بالله المرة دي لسانها زي الفلقة ما تفوت حاجة أصلها وردها تقول مراسة أخبارية ما تتلفت للكلام ..
أخيرا لبس مع كركبة عجلته في باب الخروج غادر .
بقيت كلتوم لوحدها . بعد ما أخذت منه المصاريف على قلتها وشحها لتدبر طبيخ اليوم .. ربع كيلو لحمة مع قطعة قرع وشوبة طماطم وبصل لزوم حلة حسبة حسبتها حملت قفتها وخرجت متجهة ناحية الخضرجي والجزار .. لتبدأ حجة اليوم المعتادة .. أدينا بديل والباقي سجله في النوتة .
وفي الطريق سبقتها جارتيها .. ستنا زوجة حاج عوض . ومعها خديجة حرم عم سليمان .
قبل أن تلحق بهما سمعت طرف القطيعة ( الغيبة )
-أنت يا دي عبد المعطي ماله ؟
- ماله كمان بسم الله .
حاج عوض قال شافه من الصباح ماشي ويؤشر ويتكلم براه .
- سجمي ما يكون فوت كمان ( جن)
شعرت كلتوم بالغيظ ولم تستطع كتمه .فادهمتهما مهاجمة دون تردد .
- عبد المعطي يستاهل البيحصل ليه أريت تقيف على كلامه مع نفسه ؟
- هي أنت هنا يا كلتوم .
آآآي وسمعتكن كمان ؟
يتبع

Quote: استاذنا درديري شكرا جميلا بقدر جمال كتاباتك ---- والله يستر علي ابو طارق أعجبني · رد · 15 ساعة

مشكور يا محمد حسن عبد الله

وكن قريب

عبد المعطي ماله ؟8
تفاجأ النسوة المغتابات بزجرة كلتوم وهي تضبطهن متلبسات في أغتياب زوجها و وصمه بالجنون .
- مالك يا كلتوم أوعى تكوني فهمتينا غلط نحن شفقانين والله على عبد المعطي .
- هسع أنا قلت أنتو غلط ؟.وأنا وذاتي متغاظة منه ما تفتكروا بدافع عنه وفرحانه بعماليو .
- أجي يا بتي دا كلام شنو دا ... في مرة بتقول كدا على راجلها .
- عارفين يا خالتي خديجة ويا خالتي فاطمة أنا متغاظة منه ليه؟ .
- لا ما عارفين والله .
- كدي أول شي أمشاكم ما نقيف في الشارع ونلفى الخضار كمل علينا .. وقروش كاش ما عندنا عشان نشتري من محل تاني .. وأنتو أكيد بتشتروا بالدين زينا.. ولا ما كدا يا حاجة فاطمة ؟.
- صحي كلامك يا بتي أسرعاكي ياخديجة عوض دا لو كمل خداره زول بدينا تاني مافي .
- أها عارفين الخلى عبد المعطي يكلم نفسه شنو ؟
- نحن منتظرين تورينا يا بتي .
- لانه هو بدل ما يحل مشكلته هو براه ويسيبكم أنتو وكل زول فيكم يشيل همه براه .. مشى هو وعمر ود نفيسة عملوا جمعية عشان يحلوا بيها مشكلة الحي بتاعة الديون والمواد التمينية ويوقف حكاية الأكل بالدين دي ..يعني زول مشاكل بيته براها تجنن يشيل ماشكلكم ويكبها مع مشاكله في رأسه .. ليه يحق يكلم نفسه ولا ما ليه حق ؟
تتلفت المرأتين لبعضهن البعض وشعرن بالكسوف والخجل .
- يا بتي والله حاج عوض ما شرح لنا الحكاية كدا قال بس شاف عبد المعطي جايي من صلاة الصبح يكلم في نفسه ويؤشر .. ولكن أنت ليه متغاظة منه دا ما عمل خير بلاقي عليه أجر .
- الواحد يعمل الخير بعد ما تكفي قدراته وخيره لناس بيته كان فضل حاجة يقسمها للناس الباقين .. مش همه هو ما قادر عليه يروح مشارك الناس في هموهم .
- يا بتي هو ما راح يصرف على الناس من جيبه أكيد هم يفكروا في حل تعاوني يخلي الناس كلها تتشارك في حل المشاكل مع بعض.. والهم بعد يتقسم بين الناس ما يبقى هم وبيبرد براه .
- أريت الناس تصبر عليهم مش تبدأ تقطع فيهم وتحبطهم من الأول .
- والله نحن آسفين يا بتي .. ونحن ما قطعنا فيه نحن بس شفقنا عليه هو زي ولدنا وأنت كمان بتنا بنخاف عليكم والله ..
- حصل خير يلا خلاص نحصل عوض دا راجيانا معركة معاه .
وتبدأ الجوطة مع الخضرجي .
يا عوض عايزة قرع .. أنا ملوخية . ويا عوض ربطتين رجلة .. يا عوض هاك دي خمسين والباقي سجله .. أجي يا عوض ما تمشيني كرعي ديل يبسن من الوقوف .. يا عوض كوم البصل ماله بقى شوية كدا...والطماطم دي ما لها مفجخة كدا . قدر قروشكم . ولا هي وينا ذاتها قروشكم .
يا جماعة الدين دا لمتين؟ .. ما لغاية آخر الشهر .. كله شهر تقولوا آخر الشهر . هو آخر الشهر دا بيجي متين .
بعد معركة الخضار وكل واحدة عبت قفتها بما فيه النصيب يتحول فوج النسوة الى الجزارة .. وتبدأ معركة الجزارة مع عبد الله الجزارة ..
عبد الله عايزة ربع ضاني سجله في النوتة .. عبد الله ما عندك كوارع .. عبد الله أحجز لينا الكمونية .. الكمونية كلها ؟ دايرة بيها شنو يا ستنا عندكم ضيفان ..؟ أبدا والله يا خالتي خديجة نفسنا فيها من الضحية الفاتت ما ضقناها أبو العيال قال مشتهيها .أن بقى كدا تعالي نقسمها مع بعض شهيتينا ليها .. عبد الله أقسم لينا الكمونية .
عبد الله عايزة ربع كبدة . هوي الكبدة ما فيها ربع ..يا تشتريها كلها يا تخليها .. أجي يا عبد الله نشتريها كلها كيف كمان .. ما عندنا قدرة ليها .
خير يا بتي نعله ما عندكم زول عيان . لا والله بس كمان عثمان دا الملارية هدت حيله ودمه ضعيف الدكتور قال له أكل كبدة ..أها قلت أجيب ربع أشوحو ليه في النار شوية . أريت تجيه نفس ياكل شوية حتى نفسه بقت مقفولة من الأكل .. عبد الله يا ولدي ما تديها ربع الكبدة راجلها عيان .. قلنا مافي ربع كبدة الكبدة ما بتتقطع .. مالها ما بتتقطع هي كبدة ولا رادي .. تنطلق ضحكات سوداء من النفوس الكئيبة لهذا التعليق الساخر .. يقطع هذه النشوة العابرة سيارة فخمة مظللة .. ينزل منها سائق ويهمس في أذن الجزار تحت دهشة الجميع عبد الله يؤمن هازما رأسه بالمواقفة .. وتحت نظر الجميع ينزل الخروف المعلق ويلفه بكيس كيبير مصحوبا بملحقاته من الكمونبة والكبدة وخلافه . ويضعه على ظهر السيارة الفخمة .. وتفتح الزجاج الخلفي ..حسناء تستخرج مبلغا كبيرا من المال تسلمه لعبد الله وتنطلق السيارة .. يعود عبد الله يحسب في فلوسه مبتسما بنشوة .. والجميع ينظرون له بأندهاش وأستغراب . بدأ ينظف في دكانه يمسح في البنك من دماء الخروف أستعدادا لقفل كشك اللحمة معلنا نهاية دوام العمل.
- عبد الله دا شنو لحمتنا وينها ؟.
- أجيب ليكم لحمة من وين .أقطع من جسمي وأبيع ليكم .
عبد الله دا كلام شنو . ؟
- ما شايفين المرة الجات دي أشترتها كلها وبالكاش كمان .
- عبد الله نحن زباينك .
- زبايني على عيني ورأسي أقعد أنتظركم لنهاية اليوم تقعدوا تنشوا فيها ربع ربع وبالدين كمان ولامن تبيت تاني يوم ما تشتروها .. أهو رزق وجانا .
بدأ الاستياء على الجميع وبدأوا ينصرفون لا يملكون سوى هز الرؤوس .. وجمل متقاطعة ومتعارضة من نوع ياخ هو معاه حق . فعلا رزق جاه .. ياخ زي ديل ما يمشوا الزريبة ويشتروا خروف كامل مداقرننا حتى في اللحيمات ديل .
عادت كلتوم تضحك من سخرية القدر وقالت الليلة يا عبد المعطي الغدا قرع بالكسرة و بلا لحمة كمان بمرقة الجداد .. أها نشوفك حا تعمل شنو .. تتغدى ولا وعندك رأي .
يتبع

سلام أستاذ درديري كباشي

كتابة جميلة ينطبق عليها وصف "سهل ممتنع "

تحياتي .

رائع يا الدرديرى..تسلم..متابع

Quote: رائع يا الدرديرى..تسلم..متابع

صديقنا سمعة
يسير من روعتك
يا صاحب

Quote: سلام أستاذ درديري كباشيكتابة جميلة ينطبق عليها وصف "سهل ممتنع "تحياتي .

تسلمي يا دكتورة أنشاء الله يكون القادم أحلى

درديري يا رايع
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
مع التحيات لله الزاكيات

سلام يا محمد حمزة ياصديقي
نورت والله

عبد المعطي ماله 9
عادت كلتوم من جولتها الصباحية بعد ما خاضت نفس الصراع مع صاحب الدكان لتنال منه مكعبات المرقة والزيت والبص وباقي أغراض وجبة اليوم .. مخلفة بصمة اليوم في دفتر المديونية .. مع شوية نقد لبل ريق صاحب الدكان كما هو معتاد .. وغادرته كما البقية تشيعها نقته .. التي أعتادت ألا تسمعها والتي أعتاد أن يقولها زافا بها كل زبون من أهل الحي ( يا جماعة لمتين بضاعتنا كلها وزعناها ليكم وبقت الرفوف فاضية .. )..
وصلت البيت أشعلت النار وأعدت طبخة اليوم .. بطبيخ القرع .. أبغض الأكلات عند عبد المعطي .. عادة ترجاها به عندما تشتاق للخناق .. واليوم القرع مطعم بمكعب المرقة الجافة .. ملأت طبق الكسرة من دقيق الزرة ..بدأ الصغار يتوافدون من مدارسهم .
- يا أمي جعانين ياخ ملحي لينا الغدا .
- أنتظروا أبوكم .
ياخ يمكن يتأخر .
لم يمر سوى وقت قصير ألا وسمع جرس العجلة مؤذنا بقدومه ..
فتح الباب أدخل عجلته .
والصغار اصطفوا بين العنقريبين في ظل شجرة النيم التي تتوسط الحوش الواسع .
وضعوا تربيزه في الوسط وأخرى لجك الموية .
قالت : يا عبدو أسرع البس جلابيتك الاولاد جعانين .
لم يرتاح للنداء بأسم الدلع الذي نادرا ما تستخدمه .. يا عبدو ؟؟ المرة دي الليلة ناوية على شنو ؟ الله يكافينا شرها .
عاد أخيرا رحب بصغاره في أنتظار المائدة .
بدأ بمداعبتهم .أها الليلة أدوكم شنو يا طارق؟ .. يا خالد ما زرعوا ليكم النجيلة ؟. يزرعوها كيف لسع الناظر ما جمع القروش .. وأنت يا حسام سمعت جداول الضرب .. يا أبوي الليلة الأستاذ جلدنا جلد جلد الفصل كله .. ليه عملتوا شنو يا أشقياء؟ .. في واحد حقار مسح السبورة بسندوتش الفول .. الأستاذ قال دا منو ؟.. نحن ما فتناه .. ما فتنتوه يا جبنا تلاقيكم خفتوا منه .. يا أبوي لكن هو ولد كبييير وبليد عايد في ثالثة أربعة مرات ..يعني خفتوا منه فعلا ..
كلتوم تضع صينية الغدا وملتقطة الحوار ... يسووا ليه شنو .أنت عارفه منه دا ولد الداية أم أحمد المتخلف داك حلتهم كلها تخاف منه عاوز يفتنوه عشان يكتلهم ؟
- دا شنو دا الغدا قرع .؟.
- آآآآآي قرع وكمان بدون لحمة .
- ليه بدون لحمة عبد الله أبا يدينكم ؟
- يدينا شنو جات مرة متقدرة كدة بعربية أشترت الخروف كله بعفشته ومشت خلت خشم الناس ملح ملح .
- بالله شوف الراجل الجبان دا .. يعني باعكم .
- جبان شنو حقو .. وعلى قوله يقعد ينتظرنا ننتشها منه ربع ربع وبالدين كمان . جاه رزق . .أها باع خروفه وقفل دكانه وخلانا نتلفت .
- طيب مافي مشكلة لكن ما لقيتي غير القرع .؟
- أسوي شنو من جدادك ولا حمامك الجايبه عشان أشويه ولا أحمره ليك .
سكت برهة وعرفها متحفذه لمشكلة ما وقرر ان يقتل لها الدش .
قال ما مشكلة .. قرع قرع ..
يلا يا أولاد رايكم شنو في فتة قرع .
- أيوا يا أبوي .. اشتقنا ليها
قلب صحن القرع في الصينية وعجنه بالكسرة وقلب عليه صحن الشطة والسلطة ..
ياراجل دا شنو الخمج البتسوي فيه دا .
- هو القرع كمان فيه خمج ولا ما خمج .
والله لذيذة يا أبوي .
وهرعوا أكلا في عجنة القرع الطاعمة بنهم.
وقتل لها الدش مرة أخرى
يتبع

عبد المعطي ماله 10
أكل عبد المعطي وجبة القرع مع صغاره بمتعة ..زوجته كانت منتظره اعتراضه المعهود لتفتح من جديد موضوع الجمعية الذي اقلق منامه ومنامها .ومستصحبة معها حادثة الاغتياب.
ما حكيت ليك يا عبدو الليلة حصل شنو .
اها حصل شنو .
الصباح شايلة قفتي وماشة الخضار خالتي خديجة وخالتي فاطمة ماشات قدامي وما شايفني بلا ضبتهن ليك يقطعن فيك (يغتابن ) .
فيني انا ؟
ومال عشان تعرفوا تعبكم حا يوصلكم وين .
اها وقالن شنو .
حاجة فاطمة قالت عم عوض شافك الصباح ماشي وتكلم في نفسك وتؤشر في الهوا . والأمية خديجة قالت ليها يكون جن .
عبد المعطي رد بضحكة طويلة وقال والله الحريم ديل عقلن صغير خلاص .
كلتوم اتغاظت من رد فعله ضربت فخذها بكفها مغتاظة وحملت صينية الغداء ..وتوجهت ناحية المطبخ .
عبد المعطي تمدد على العنقريب وبدأ يقلب في الجريدة .
بعد العصر وكما اعتاد استخرج كرسيه أمام البيت .
شاهده جاره وصديقه عمر حمل كرسيه بدوره وجاء قربه ..هي جلسة عصرية اعتادوا عليها بصورة متقطعة لأنه عادة نومة العصر أولى لتتيح لهم السهر في النادي ولعب الورق .
جاء ماري أحد زملاء العمل والحي بعجلته .
السلام عليكم يا جماعة
أهلا عثمان اتفضل ياخ اتفضل .
تكل عثمان عجلته على ساق الشجرة ..قام له عبد المعطي من كرسيه ونادى أحد أبناءه ليحضر له كرسي .
عثمان قال اها يا جماعة نويتوا على شنو في الجمعية .
عمر ما خلاص سجلنا الناس وآخر الشهر اول ما الناس تصرف نجمع الاشتراكات ونبدأ الشغل .
عثمان .لكن تفتكروا الراجل المهووس القاطع الاجتماع داك أستسلم ؟
عبد المعطي ..اها حا يعمل شنو يعني .
عثمان ...هو الناس ديل بيوروك حايعملوا فيك شنو ممكن يطبخ ليك تهمة لو ما لقوا عليك حاجة .
عبد المعطي بدأ يبلع ريقه .
عمر لم يهتز وقال هو الزول دا منه انا اول مرة اشوفه .
عثمان .ياخ دا قريب ناس ود الطاهر نازل معهم في البيت وقالوا خاطب بتهم .
طيب ود الطاهر ما معانا في النادي وحا يشترك في الجمعية .
يا زول انت بصحك ود الطاهر شنو الببشترك معاك ولا بيشتري بالدين دا لو عاوز يدفن لكم الحلة دي بالاسمنت يقدر يعملها .
عمر ..طيب اها انت رأيك شنو مفروض نعمل شنو.
عثمان ايوا خلونا نتكلم في النجيضة .نحن مفروض ندخل معانا رأس كبير يبقالنا ضهر وسند.
اها والراس الكبير دا يجيبوه من وين ؟ قال عبد المعطي باهتمام ليرد عليه عمر ساخرا .. من الجزارة.
ضحك عبد المعطي وشعر عثمان بالاستياء.
عثمان .. ما تخلونا جادين يا جماعة وبالمناسبة الموضوع دا خطير وما تفتكروا انتهى على كدا وصاحبنا داك أستسلم وخلاكم في حالكم تعملوا العايزين تعملوه.
اللهجة الجادة من عثمان جعلتهما يهتمان ويركزان وخاصة بعد لغة التلميح التي صاغ بها حديثه كأنه يعلم شيئا ما أو أمرا يحاك لهما في الخفاء .
طيب يا عثمان نحن نخلي ليك حكاية الرأس دي انت تدبرها لأنه نحن ما بنعرف لينا أي رأس كبير ولا حتى صغير .
الرأس موجود ومعانا هنا في الحارة.
بصوت واحد شبه متفق عليه ..دا منو دا؟
ما شايفين البيت السمح في طرف الحلة داك. أبو طابقين داك
قصدك عمك أبو القاسم .
هو ذاته .
هو رأس كبير ؟.
ومال ايه انتو ما عارفين حاجة ساي.
ياخ لكن الزول دا من اشترى البيت دا هداه بناه وسكن فيه مافي واحد من ناس الحلة دخل عليه ولا هو جا للناس .
عثمان .. أنتو المقاطعنه براكم لكن هو ما قصر .. انت يا عمر في فراش ابوك الزول ما انقطع ولا يوم من الفراش . شفت صينية الغدا بتاعته يجو شايلنها تلاتة رجال .
لكن انتو ما بادلتوه ولا زرتوه في بيته
..لا كان كدا صحي كلامك اها دا طيب ممكن يشترك معانا شكله ما محتاج لينا ولا لجمعيات .
يشترك شنو انت ما نصيح .
ومال يعمل شنو ؟
نحن نمشي نقول له نحن رشحناك تكون الرئيس الفخري للجمعية ..طبعا أنت عارف الناس ديل يحبوا المناصب والفخفخة والحاجات دي .
اها بعد ما يبقى رئيس حا يعمل شنو ؟
يا زول تاني سيب الباقي علي أقصد عليه هو . يمين التموين دا يتردم لامن ماتعرفوا تودوه وين . والنادي دا يمكن السنة الجاية يلعب في الممتاز . ياخ دا رأس كبير انتو ما عارفين حاجة ساي .
تلفت الصديقان لبعض رغم أن عمر لم يبدوا عليه الارتياح إلا أن عبد المعطي شعر بسعادة وراحة خاصة بعد ما شعر أن الكابوس سينزاح دون أن يحوجه للانسحاب .
اها منو حا يمشي يكلمه لينا .
انا امشي قدامكم احجز ليكم مواعيد انتو بعد المغرب البسوا جلاليب نضيفة وعممكم وتعالوا هناك نشرب معاه شاي المغرب . انا ممكن اديه فكرة لكن طبعا ما بعرف بتكلم زيكم انتو ناس متعلمين ومنطقكم قوي .
شعر عبد المعطي بشي من الزهو اول مرة حد يصفه بالمتعلم .. فينك يا كلتوم تعالي شوفي الناس بتعرف تقيم كيف .
دخل عبد المعطي بيته للاستعداد وكذلك عمر . بينما توجه مندوبهم نحو بيت الرأس الكبير.او كما قال .
يتبع

عبد المعطي ما له 11
عبد المعطي بعد أن أخذ دشا باردا استخرج جلابيته ناصعة البياض مع العمة والتي عادة يلبسها في الاعياد ومناسبات الزواج . ولبس عمته لفاها على رأسه في زيا سودانيا كامل الزينة استخرج مركوبه الجلدي وارد الفاشر الأصلي .وعنده عصاه معكوفة من خشب الابنوس الاسود الشهير لكنه تراجع وقال في نفسه ما لهذه الدرجة. فطن انها ستكون مظهر لزعيم بلا زعامة يقود عجلة .. كلتوم تراقب ويكاد يقتلها الفضول . لم تستطع كتمه طويلا . اها على وين كان الله هون معزومين عقد ولاشنو ..؟.
جاءه سؤال جاهز مدعوم بإجابة.
ايوا معزومين عقد.
عرس منه دا الما عندنا خبره دا ؟
مديرنا في المكتب زواج ولده .
أخيرا ارتاح من فضولها خاف أن يصارحها بالحقيقة فتؤلف له مخاوفا جديدة .. وهو اصلا متوتر وغير ناقص هم جديد .
وضع عطر واحدا من العطور الرخيصة التي أعتادت كلتوم أن ترصها في التسريحة كل ما نقصت عادت وعبتها بالمياه .
وهو خارج سمع نداء عمر من الباب . يلا يا ابو عبده نحن اتاخرنا .
عمر برضو ماشي معاك العرس ..؟ ماقال مجاملة المسؤولين نوع من التملق والرشوة الرخيصة .
متين قال كدا ما تفتري على الراجل يا مرة .
هو انا بقعد معاه ما دا كلام انت جبته أذكرك ليه.؟
لا لا مافي داعي نحن اتاخرنا على العقد.
ويخرج عبد المعطي ويقابل عمر وهو يلبس بنطلون و قميص علق ساخرا على لبسة عبد المعطي .. شنو يا شيخنا طوالي كدا اتحجبت .؟
عبد المعطي بعد ما ضحك ياخ ما لازم نجاري التيار انت ذاتك مفروض تلبس جلابية وعمة.
يا زول خليني كدا وانا ذاتي ماعندي جلاليب قدر الفي قديمات وارثن من ابوي الله يرحمه .
هاهاهاها قلت لي أبوك ورثك جلاليب.
يعني انت ابوك كان ورثك عمارات ولا عاجبك بيتك بتاع الجالوص دا .
على الأقل فكانا من الايجار .
أخخخ والله كلامك صاح اسخف حاجة في الدنيا دي هي الايجار . تخيل هسع لو كان بيتي دا ملك كان وفرت تلت راتبي.
يا سلام يعني نحن هسع موفرين تلت راتبنا؟
ضحك الاثنان على هذه المفارقة العجيبة .
اقتربا من بيت الشيخ .
أمام البيت الفخم رصة من السيارات الفخمة المظللة بمختلف الموديلات والاحجام .
هسع عمك دا لو فك لينا واحدة من العربات دي يمين تحل مشكلة الحلة كلها .
يا أخوي ما تحلم انا خايف يبقى لينا زي تيس عبد الرحيم الجابوه يعشر الغنم قام رضعهن .
انفجر عمر بالضحك وقال الله يجازيك يا عبد المعطي الجماعة ديل ما يسمعونا يبوظ الموضوع قبل ما يبدا.
قبل ما يطرقوا الباب يفتحه أحد الشباب .... لا تدري تسميهم الحيران أو التلاميذ أو موظفين أو جنود كله وارد وسط هذا الغموض الذي يكتنف الدار.
اتفضلوا اتفضلوا يا شباب الشيخ منتظر كم.
دخلا إلى الدار وجدوا حلقة كبيرة من الكراسي الوثيرة. في وسط حديقة على مقدمة حوش الدار .. والشيخ في مقدمتها . ممتلئة بالحضور .. كأنه اجتماع أو مؤتمر . شاهدا صديقهما عثمان يجلس قرب الشيخ ويؤشر لهما .ذهبا ناحية الشيخ الذي قابلهما بسلام حار و بالإحضان .
أهلا أهلا بالاساتذة اتفضلوا اتفضلوا نورتونا والله زارتنا البركة.
وحزم من التبريكات بعضها مألوفة وأخرى اول مرة بسمعوها .
طبعا يا شباب انا عثمان اداني فكرة مختصرة عن مشروعكم العظيم .

ايوا يا شيخ قاسم نحن والله نعاني شديد من الديون وضعف الحيلة عشان كدا فكرنا نعمل جمعية .
ديون ؟؟؟؟؟
ومال عثمان قال لك شنو ؟
يتبع

عبد المعطي ما له ؟
12
واضح أن الصديق عثمان وصل المشروع للشيخ بطريقة مختلفة أذ أنه اندهش مما سمع كلمة ديون .
نظر عمر وعبد المعطي لعثمان الذي رد بهز رأسه هزات سريعة . بمعنى مشوا الموضوع سأشرح لكم لاحقا .
قال الشخ : حقيقة ولدنا أستاذ عثمان قال أنكم بصدد فتح جمعية خيرية راح يكون مقرها في نادي الحي وهي مهمتها مساعدة الفقراء والمساكين في الحي . ولا ما كدا الفكرة .؟
عمر بعد تردد قال تقريبا هي كدا الفكرة .
الشيخ : وانا معاكم من الألف للياء .
عبد المعطي تحمس : وقال والله يا شيخ ونحن عارفين حيكون عندك دور عظيم وعشان كدا أخترناك رئيس للجمعية حتى دون ما نشاورك .
الشيخ : وأنا أوعدكم أنه ما أخذلكم أبدا لكن أولا نحدد أهداف الجمعية ونختار لها أسم جذاب أو لو خليتوني أنا ممكن أختار الأسم .. أنا خبرة في التسميات .. وها ها ها ها .
عبد المعطي : والهأ يا شيخ ما أظن عندنا خلاف معك في أختيار الأسم .
عمر : (محاولا أن يستدرك الموضوع لأنه حس أنه سيفلت حتى قبل ما يبدأ )أهداف الجمعية يا شيخنا هي معاونة فقراء الحي في حلحلة ديونهم وتوفير مواد تموينية بسعر التكلفة والوقوف معهم في باقي الهموم المناسبات الأفراح والآتراح وتعليم الأولاد وكذا .
الشيخ : جميل جميل .. حقيقة هي أهداف أنسانية وراقية .. لكن ليه قصرتوا دورها على أهل الحي .؟
عبد المعطي : طبعا يا شيخ عارف البير وغطاها نحن يا داب نقدر على مشاكل ناس حينا ... أذا فضل خير ممكن نشوف الجهات التانية .
الشيخ : لا يا ابني لازم أنت في الأول تكون أهدافك كبيرة من البداية ثم تسعى لها وماتخافوا على التمويل والقدرات ..أنت لامن تنوي الخير للناس الخير لوحده يجيك لحد عندك.
عمر : طيب يا شيخ نحن ما عندنا فكرة كيف ممكن نتوسع في عمل الجمعية ونغطي أهداف أكبر .
الشيخ : نحن طبعا راح نؤسس الجمعية ونسجلها وعلى فكرة أنا سميتها جمعية الريحان .
عمر وعبد المعطي بصوت واحد " الريحان ؟
الشيخ : أيوة الريحان .. نحن مش حينا أسمه حي الأزهار والريحان نوع من الأزهار بمعنى راح تكون فرع من أصل وهو الحي غير أنه له صدى ووقع في نفوس الناس والمسلمين وأثره الطيب فهي تعطر يد من قطعها .. في أطيب من كدا ؟.
عمر و عبد المعطي بعد سرحة قصيرة هزا رأسيهما ببطأ مؤمنين على الكلام لكن بصورة تعكس عدم الأقتناع أو الريب في الموضوع من أساسه .
عمر : لكن يا شيخ الأسم ليس بالضرورة يحمل صفات المسمى .. عندك حينا دا أسمه حي الأزهار وما فيه غير شجر النيم .
عبد المعطي : ونحن بس الماكلين نيم .
الشيخ : لا تتوقفوا في الأسم كثيرا وأنا بالمناسبة عندي بعد نظر وخبرة أكثر منكم وأعرف دلالات الأسم .
عمر : ماشي يا شيخ طيب قولينا نحن من وين نجيب تمويل للجمعية .؟
الشيخ برضو ما تشيلوا هم المهم بكرة تجوا عندي في المكتب عشان نبدأ اجراءات التسجيل .. عارفين مكتبي وين ؟ على كل حال ممكن أرسل لكم واحد من السواقين يجيبكم عندنا في المكتب عشان نبدأ خطوات عملية .
ومواصلا على فكرة النادي بشكله الحالي لا يشرف ولا يمكن يكون مقرا لجمعية عالمية .
عبد المعطي : عالمية ؟
الشيخ أيوا عالمية ومال أنتو فاهمين أيه ؟ .. ما ممكن حوش وغرفتين وحمام .. دا شئ مخجل . نحن لازم نهد النادي ونبنيه على الأقل طابقين الدور الأرضي يكون للقاعات و صالات ألعاب والدور الثاني للمكاتب ويكون فيه بوفيه وحديقة صغيرة ونجيل لملعب الكرة الطائرة .
عمر : معقولة نادي الدينمو بتاعنا دا يكون عامل كدا؟ .. دا حتى الهلال والمريخ أنديتهم ما فيها الكلام دا .
الشيخ : ياخ سيبكم من المقارنة أنتو حا تشوفوا معجزات في خلال ستة شهور . وبعدين شنو أسم الدينمو دا .. ما لقيتو أسم غيره .
عمر : ما له أسم الدينمو ..كمان . عمرة أكثر من ثلاثين سنة ونحن من قمنا لقيناه في الحي .
الشيخ : ما دي مشكلتنا نحن عايزين الحاجات الموروثة تكون مثل ما هي زي عبادة الأصنام تقولوا وجدنا أباءنا لها عابدون .
عبد المعطي : أعوذ بالله من عبادة الأصنام لكن الأسم علاقته شنو بالكفار هي كلمة أنجليزية تعني المحرك .
الشيخ : من قال لك هي كلمة أنجليزية .. ما سمعت بالفرق الشويعية الروسية . .دينمو كييف ودينمو موسكو ودينمو زغرب .
عبد المعطي يلا يا شيخ عايز تغيره غيره . هو أصلا ما جايب همه له ثلاثين سنة يناضل عشان يبقى في الثالثة .
عمر : لا يا عبد المعطي يغيره شنو دقيقة . ممكن يا شبخ بس تخلي لينا أسم النادي لانه تراث ومربوط عندنا بتاريخ وذكريات .
الشيخ : ماشي خلاص .خلوه زي ما هو .. لكن أنا ما أوعدكم أني أساعدكم في مجال الكرة أبدا .
عبد المعطي : لا لا فريق الكرة دا خليه علينا نحن بنقدر له بس بعد نشبع .
الشيخ : قلت بعد شنو ؟.
عمر : هو يقصد بعد تقوم الجمعية ويتبني النادي ممكن نرجع نلتفت للفريق .
الشيخ : دا عين العقل .. خلاص من بكرة نبدأ التنفيذ .
عبد المعطي : خلاص يا شيخ نحن من هنا للنادي عشان نبشر الجماعة منتظرننا في النادي .
الشيخ : لكن ما تمشوا قبل ما تشربوا الشاي وتصلوا معنا النغرب.
بعد المغرب خرج الثلاثي .
عمر : دا شنو العملتوا فينا يا عثمان أنت الزول دا قلت له شنو كبر الموضوع كدا .؟
عثمان : والله بصراحة انا خجلت أقول له نحن عايزين نعمل جمعية حلحلة الديون . والناس حوله كلهم يتكلموا عن الصفقات والبواخر والحوالات بالدولار .. لقيت شكلنا حيكون زي الشحادين .. قلت أنفخ الموضوع شوية .
عبد المعطي : والله الظاهر نفختنا نحن ذاتنا .
عمر : أنا غايتو ما مرتاح لكن زي ما بيقولوا الاتبلبل يعوم .
عثمان : صحي الأتبلبل يعوم وزي ما تجي تجي أصلا ما راح يكون أسوأ من الحال النحن فيه دا .
يتبع

رائع الحكى يادرديرى
لكن ضنين

يا ضنين الوعد
نسوي شنو يا عمر ما شايف المنبر فيه عاصفة قوية ما تقدر تقوم سداري عكس التيار

عبد المعطي ماله
13
في النادي والجماعة جلسوا في حلقات اللعب من جديد كما أعتادوا يفاجأوا مرة أخرى بدخول الثلاثي عليهم .
عبد المعطي يصفق يديه : يا جماعة ممكن تسمعونا دقيقة .
التفت ناحيته الحضور .
قال : طبعا بخصوص الجمعية .. نحن زي ما عارفين أشركنا معنا أبن الحي البار الشيخ أبو القاسم .. وأخترناه رئيسا للجمعية ..
يقاطعه أحد المشاغبين أستاذ اسماعيل : شنو كدا بس على كيفكم بلا أنتخابات ولا تاخدوا رأينا وتختاروا رئيس ؟ شاورونا على الأقل .
عبد المعطي شعر بالارتباك هذه الخطوة التي لم يفكروا فيها ولم يعملوا لها حساب .. نظر مستغيثا بأصحابه عمر وعثمان لينقذوه من هذا الموقف ويفكوه من العنيد ( العكليته ) اسماعيل .. الليلة ظهر من وين المصيبة دا ؟.. زمن غايب من النادي .بدأوا يتهامسون . عمر حاول يصلح الموقف .
- عمر : طبعا يا جماعة زي ما أتفقنا أمس أنه راح نعمل جمعية خيرية .. وهي طبعا جمعية خيرية لا هي اتحاد ولا هي نقابة الغرض منها تخفف هم المعيشة على الناس .
أسماعيل : نحن ما أختلفنا هسع في جمعية خيرية ولا شرية طالما هي حاجة حقة الناس كلها لازم قيادتها تكون فيها أنتخاب ويصوت الناس كلها مش تجيبوا لينا جمعية جاهزة برئيسها .
عبد المعطي شعر بالتوتر والغيظ حتى هذا المخلوق لم يعطيه فرصة ليبشر الناس بالاخبار السعيدة . نظر مستغيثا هذه المرة بالعم سليمان كبير القعدة ورئيس النادي .
عم سليمان : يا اسماعيل يا ولدي ما تدي الجماعة ديل فرصة يقولوا كلامهم كله يمكن عندهم مبرر قوي خلاهم يختاروا شيخ أبو القاسم .
اسماعيل : ماشي أها ورونا عملتوا شنو .
عبد المعطي : نحن هسع جايين من الشيخ وهو وعدنا بأنه سيدعم الجمعية ويساهم في تسجيلها .. ويربطها لينا بمنظمات المجتمع المدني ووزارة الشئون الاجتماعية .. وأنشاء الله راح تكون جمعية رائدة تحل مشاكل حينا والأحياء المجاورة .
عثمان محاولا التكميل : كمان الشيخ وعدنا بأنه راح يعيد بناء النادي .. حاول صاحبيه أن يسثنوه عن ذكر هذا الجزء , لكنه ألتقطها اسماعيل.
أسماعيل : شنو يعيد بناء النادي ؟ يعني خلاص نادينا التعبان دا بعتوه ؟.. وقبضتو التمن ولا لسع ؟.
عم سليمان : يا ولدي أسماعيل ما تتكلم كويس .
اسماعيل : عايزني أقول شنو يا عم سليمان يعني في ذمتك أنت تصدق أنه الناس ديل يهدوا النادي ويبنوه فخم ويسلمونا ليه نحن ؟ .
خلق أسماعيل بلبلة بين الحضور وصدرت الهمهمات من هنا وهناك .
عم سليمان : يا اسماعيل يا ولدي نادينا ياهو دا معانا و مسجل في الآراضي باسم نادي الدينمو ما تخلي الشيطان يلعب بيك وما تخرب المواضيع خلي معارضتك عقلانية وما تكون متشائم .
أسماعيل : شوف هنا يا عم سليمان .. أنا لا متشائم ولا متفائل .. وموضوعكم دا يا هو دا طرفي منه .. لكن ما تمنعوني لامن أجي أشمت فيكم والاقيكم متلمين في ضل الشجر ما لاقين محل يلمكم .. أها والسلام عليكم من هسع أقولها لكم .
خرج اسماعيل يسب ويسخط . رغم خروجه لكنه خلف خلفه صمتا رهيبا .. يبدو أن الصديقين عمر وعبد المعطي لم ينظرا للموضوع بهذا البعد ..
عم سليمان محفذا لهم : أها يلا يا أولادي كملوا كلامكم .
عبد المعطي نظر لعمر أن بقى عنده شئ يمكن يذكره ويعالج حالة الغم التي تركها اسماعيل .
عمر قال : يا أخوان نحن مشروعنا زي ما أتفقنا عليه أمس نفس لجاننا حتكون موجودة ونحل ديوننا .. والجمعية هي راح تتولى بناء دار أجتماعي يفيد كل أهل الحي .. وأنشاء الله يكون نادي أسري أجتماعي .. لكن هو زي ما قال عم سليمان النادي حقنا وأي شئ راح يقوم عليه بغض النظر عن من بناه راح يكون ملكنا .. نحن ما راح نتركه لآحد مهما كلف الأمر ..
يبدو أن حديث عمر ترك شيئا من الراحة .
أذ عاد الجميع الى طاولات لعبهم .. جلسوا في حلقات بينما جلس الثلاثي في كراسي في حلقة يتشاورون .
عبد المعطي : والله كلام اسماعيل دا رغم أنه حار ويغيظ .. لكن قدر يخلق قلق جواي .
عمر : والله أنا ما أكذب عليك القلق جاني ونحن عند الشيخ .
عثمان : لا لا لا يا جماعة ما تكونوا متشائمين .. وبعدين شيخ أبو القاسم هو شخص غريب ولا أجنبي ؟ ما أبن بلد زينا ويهمه أمرنا زي ما بيهمنا أمره .. أنشاء الله حا يجي يوم تندموا على التفكير السلبي دا .
عبد المعطي : غايتو يا عثمان لو كلام أسماعيل دا طلع مظبوط وطار النادي حا ننشبك في رقبتك لآنه أنت الجريتنا للحتة دي .
عثمان ضاحكا : لا لا لا لا يا جماعة تفاءلوا خيرا تجدوه .
عبد المعطي : يلا يا جماعة أنا من العصر ما رجعت البيت والساعة عشرة تلاقي أم طارق عايزة تطق بالزعل .
عمر : كلنا زيك أرح نمشي بيوتنا .
عبد المعطي يصل بيته يفتح الباب
يجدها تنظر له بغيظ قائلة ما بدري يا أبو العيال وين لغاية هسع .
كنت في النادي .
-شنو أنت من بيت العرس للنادي ما تجي تقول نغشى الجماعة ديل نشوف ناقصهم شنو ولا العيان منو ؟
- الحقيقة أتا ما كنت في عرس ولا يحزنون .كنت في موضوع يخص الجمعية .
- تاني الجمعية أنا يتخيل لي تاني ما بنشوف راحة طالما أنت وعمر ختيتوا الموضوع دا في رأسكم ..
حاول أن يبشرها ويخفف توترها من هاجسها القديم : الحقيقة كنا في أجتماع مع الشيخ رئيس الجمعية .
- شيخ ؟ورئيس جمعية ؟ متين عملتوا ليها شيخ كمان .؟
محاولا أن يتجاوز غيظه من سخريتها : الشيخ المعانا في الحي شيخ أبو القاسم شايفه البيت السمح في طرف الشارع داك .
- أها عرفته ودا الدخلوا معاكم شنو كمان ؟
- كيف دخلوا معانا شنو هو مش من سكان الحي ؟
- عارفه لكن زي ديل بتدينو لحمة ولا أصلا بشتروا من الدكان ؟ .. حتى قالوا المرة الجات أشترت الخروف كله بعربيتها يا بتو يا مرتوا ما عارفة ..
قال في نفسه والله المرة منبع نكد جد جد ومش عارف الشبكني فيها شنو . قال محاولا الدفاع . مرة شنو البتشتري من عبد الله الجزار الزول دا قالوا يومي بيضبح خروفين في بيته للضيوف والمعازيم .
- ما علينا أها حا يعمل ليكم شنو في الجمعية .
- الشيخ قال هو راح يتبنى الجمعية ويبني لها دار أجتماعي في النادي .. حايكون فيه مرحكز صحي ودار رعاية للأطفال ومركز أجتماعي للنساء والعوائل ( حاول يزيد حتى يمتص غضبها أو شماتتها )
- أخخخخخ أريت لو كان عندي شنب .
- شنو يا مرة أنت جنيتي شنب تعملي بيه شنو ؟
- عشان أقول لك أحلق شنبي دا لو شفتو ناديكم دا تاني .
- يا مرة أنت خلي ظنك حسن بالناس وما تحبطينا .
- أنا ما قلت حا يسرقكم .. هو أنتو ذاتكم ما عندكم حاجة يسرقوها .
- أها طيب معنى كلامك دا شنو .؟
- أنا بقول هو ممكن يعمل الحاجات دي كلها ويبني النادي والجمعية زي ما قلت .. لكن الحاجات حا تبقى أكبر منكم ,انتو بعد شوية تتسلوا واحد واحد وتجوا تتكوموا قدام البيوت .. وحا يجوا ناس غيركم يستمتعوا بالحاجات دي من وين ولا بتعرفوهم ولاهم راح يتعرفوا بيكم .. ناس يجوا بعربات فخمة يلعبوا تنس وبلياردو وتنس طاولة وبولينق . وأنتو تخجلوا تلعبوا كشتينتكم دي هناك .. وحاتجوا تتكوموا لينا قدام البيوت تحمونا المرقة والدخلة .
بعد المعطي سرح طويلا في كلامها دون رد .
- أها أخت ليك العشا ؟
- ما داير أي زفت
يتبع

عبد المعطي ماله
14
عبد المعطي دخل مهموما ناحية الغرفة بدل ملابس الخروج (المرقة) بملابس النوم . جلابيته القديمة .. وعاد وجد زوجته كلتوم غطت أولادها وجهزت الفرش استعدادا للنوم .
- أنت يا مرة العشا وينو ؟
- هسع ما قلت ما داير العشا .
- يعني أنت ما صدقتي أقول ما داير عشا ؟ طوالي تقفلي الموضوع .. ؟
- ماشي بخت ليك العشا تاكل فول ؟ أنا رسلت طارق قبيل الدكان جاب فول .. بالدين برضه عشان ما تنسى .ولا تاكل معاي ؟
- أنت عايزة تاكلي شنو ؟
- أنا رميت لي طرقات كسرة في باقي ملاح الغدا وعجنته بالشطة والليمون .
- القرع .؟
- لا المحشي .
- يا مرة أنت بقيتي لئيمة كدا مالك وسمك فاير .
- ما أنت كمان تغيظ أنت عارف الغدا كان قرع وبدون لحمة كمان بتسأل مالك .
- خلاص جيبيها أنا باكل معاك في القرع بالكسرة .. لكن قبيل ما قلتي خمج ؟.
- ولسع بقول عجن الأكل في الصينية أسمه خمج , لكن أنا بعجنه في الحلة .
- خلاص جيبيه وختي معاه صحن فول عشان الواحد لو حب يغير يمر على الفول شوية .
وأحضرت كلتوم مائدة العشاء كما أتفق ليستمر حوار الزوجين .
- كلتوم أنا عايز اسألك أنت مالك شغالة فيني هجوم كدا أنا بجتهد وبحاول أحل مشكلتنا الأقتصادية بكل ما أملك من أفكار وخطط .
- لكن العنده مشكلة أقتصادية ما بيحلها بالمجابده ويكبر الموضوع .أنت حل مشكلتك براك بعدين شارك الآخرين في همهم .
- أها ومشكلتي الأقتصادية أحلها كيف يا آدم أسميث.
- شفت أنت تريقتك وسخريتك دي بعدين لامن أرد ليك يبقى ليك حار .
- خلاص انا آسف أها أحلها كيف يا حرمنا المصون .
- ياخ ببساطة زول مصاريفه اكثر من دخله مفروض يعمل شنو .؟
- أنا منتظرك أنت تقولي .
- ببساطة يحاول يزيد دخله ويضغط مصروفاته .. ونحن مصروفاتنا دي ضغطناها لامن جابت الزيت ..
- ومتين ضغطوها .
- دا كلام يا راجل ؟ .. هسع أنا ما بختلف من الحريم .. ولا قعد أقول ليك عايزة توب جديد للمناسبات أو دهب زي باقي الحريم ولا قعد أمشي لحنانة .. وأولادنا نكسيهم من عيد لعيد .. أكثر من كدا عايزنا نضغطها كيف يعني؟.
- ماشي كلامك مظبوط وفي دي معاك حق ما قصرتي والله أنت والأولاد.لكن طيب أها أزيد دخلي كيف ؟
- تزيد دخلك تشوف لك شغل تاني بعد الضهر .أنت موظف حكومة دوامك يخلص الساعة تلاتة باقي اليوم كله تقضوه عطلة وكشتينة .
- أشوف شغل وين كمان بعد الضهر ؟
- ياخ ما تقع السوق أنشا اللة تشتغل سمسرة أو تفرش خضار أو تسوق حافلة .
- يا مرة أنت بتتكلمي كيف؟ أنا موظف كبير في الدرجة السابعة أشتغل الشغلانات الهامشية دي . وكيف كرامتي تسمح بكدا والموظفين الصغار لامن يشوفوني في السوق كيف يحترموني تاني .
- خلاص يا أبو كرامة خليك كدا وحافظ عليها بس لامن تلاقي الغدا قرع والحلاق يدق ليك الباب عايز قروشه أوعى تنقنق فينا تاني .
- طيب أنت ما تشتغلي تساعدي شوية .
- أنت لو خليتني كملت جامعتي كتت منتظراك تقول لي أشتغلي .. لكن أنت كلفتني بالعرس وأقنعت أمي وأبوي أنه ممكن أكمل الجامعة وأنا متزوجة .
- أها مالك ما كملتيها أنا منعتك ؟
- يا سلام بعداك ما أشتغلنا ولادة وعلى مدى خمستاشر سنة أما حامل أو برضع أو الاولاد صغار .
- أها هسع بشهادة الثانوي ممكن تشتغلي أنشاء الله مدرسة روضة .
- وين وريني وين الروضة دي شوفني بشتغل ولا لا .
- أنتظري المركز الجديد يفتح ونقدم ليك فيه .
- هي تاني جاب سيرة المركز ..
يتبع

يا كونت درديري:

نادي الدينمو!!!! عطبره ومصطفى نعيم..

الالهام ليس غريبا عليك والابداع

في انتظار باقي الحكي....

Quote: يا كونت درديري: نادي الدينمو!!!! عطبره ومصطفى نعيم.. الالهام ليس غريبا عليك والابداع في انتظار باقي الحكي....

ههههههههههههههههههههههه جائز يا هندسة زي ناس مصطفى نعيم ديل لوايق يتحكروا في الذاكرة لو قلت تنساهم ما بتقدر

أنشاء الله معاكم يوم السبت خلوا التلفونات فاتحة

عبد المعطي ماله ؟
15
أمتلأ عبد المعطي بالقرع نصيب اليوم عشاءا وغداءا وأكثر منه بالحسرة والغم من جدال زوجته الذي لا ينتهي . وما يغيظه أكثر أنه حديثها منطقي وحججها بالغة ..
تقلب في السرير محاولا النوم الى أن غرق فيه تماما .. وفي الصباح عادت الدوامة من جديد .. مباصرة يوم آخر بمزيد من الديون والهموم وطبق اليوم .
عد اليوم عاد الظهر .. وفي العصر خرج كرسيه للجلسة التي أصبحت بديلا لنومة العصر .. وكما هو متوقع جاء قربه صديقه عمر .
- أها كيف يا أبو الشباب .
- أنا بسألك عملت شنو مع الشيخ .؟
- أنت ما أبيت تمشي معانا لامن جانا السواق في المصلحة .
- ياخ والله بصراحة نفسي مرقت من الموضوع دا .. وحاسي به ما ماشي تمام .
- يا زول بعد ما كنت متحمس الغير رأيك شنو .؟
- أنت براك عارف كلتوم ونقتها الكثيرة .
- ما لها كمان هي لسع جارية معك زي حكم الراية هاهاهاها .
- كدي سيبك منها أها وريني الحصل شنو .؟
- يا زول عمك طلع جادي جدا في ساعات سجل المنظمة وطلع شهاداتها . وعنده مهندسين .. طلعوا ليك ورق البناء وصمموا الخرط الجديدة بتاعة النادي .. والأوراق المروسة والدفاتر والآختام في المطبعة قالوا بتجهز بعد يومين .
- دا كله في يوم واحد .؟
- يا زول أنا لامن شكيت في الموضوع قلت الحاجات دي يمكن كانت جاهزة من أول .
- جاهزة كيف هو كان يعلم الغيب؟ .. لكن عمك الظاهر واصل .
- واصل شنو أنا يتخيل هو ذاته الرأس الكبير . صدق عثمان لامن قال نشوف لينا راس كبير .
وأنت دورك كان شنو .
- أنا جمعني بجماعة كدا مستشارين قانونيين عشان يصيغوا الدستور والقوانين للمنظمة . المهم أنا جيت داخل البيت قبل شوية .. يعني بكرة ما تستبعد لامن تشوف شركة مقاولات وبنايين شغالين هدم في النادي .
- يا شيخ بالسرعة دي ؟ كان كدا كلتوم معها حق .
- ليه هي قالت شنو ؟
- كلتوم قالت ناديكم دا تاني تشموه قدحة .
- لا ياخ ما للدرجة دي كمان . أنا شفت كل شي شهادة البحث بأسم النادي . والنداي بأسم الحي . و منظمة الريحان الخيرية راح تكون خدمة فرعية من النادي . كل شئ تمام .
- غايتو طمنتني شوية كدا .
- المهم خلينا نتلاقى بعدين في النادي عشان ننور الجماعة بانجازات اليوم . أما أنا أمشي البيت آخد لي غمدة .
- أنا ذاتي يمكن بعد كلامك دا أقدر أنوم .
وحمل كرسيه عائدا لداخل البيت .
كلتوم : أها لم فيك عمر ود نفيسة وطير منك قعدة العصر كمان .؟
- بالعكس قولي طمني وخلاني أقدر أرجع أنوم .
- طمأنك بشنو ؟ .
- كان قبيل مع الشيخ سجلوا المنظمة وطلعوا ورقها وعملوا ليها دستور جهزوا خرط النادي .. وكل الحاجات هو بعينه شافها قال كانت بأسم النادي وحتى النادي مسجل بأسم الحي في الأراضي .. ساكت عملتي لينا ضبانة في رأسنا وشككتينا في الموضوع .
- يعني هسع الكلام دا دخل رأسك .. ؟ طيب انا مالي لكن لسع عند رأيي عايزين تحسنوا حالكم حسنوا دخلكم .. ولا طلعوا ورقكم وأغتربوا زي خلق الله .. لكن أنتو عايزين تطلعوا ودك من النملة بلا تضيعوا زمنكم وتطلعوا زيتنا معاكم .
- يا مرة قولي خير عليك الله قولي خير مرة واحدة خلينا ننوم مرتاحين ولو بالكذب على نفسنا .
- خلاص نوم ياخ نوم .. هسع لو كان عندك حافلة كان فردتين بس غطت مصاريف اليوم دا بدل اللفة دي كلها .. يلا نوم .
عاد عبد المعطي الى سريرة وضع المخدة فوق رأسه كانه يريد أن يكتف النوم الذي تمرد عليه ويريد أن يهرب من جديد .. لكن هيهات ..
أخذ كرسيه وعاد الى الشارع من جديد .
- شنو النومة طارت .؟
- هو في نوم يجي معاك أنت .
يتبع .

عبد المعطي ماله

Quote: عبد المعطي ماله ؟

إنت أدرى يا حصيف

Quote: Quote: عبد المعطي ماله ؟ إنت أدرى يا حصيف

ههههههههههههههههههههه تعرف يا صاحب من أمس رايح لي .. الجهاز فرمته والمواقع القديمة قفلت .. الا نتمه عصف ذهني من الذاكرة

عبد المعطي ماله
16
سجلت الجمعية وصدرت لها مستنداتها .. وبعد المغرب ذهب عبد المعطي وصديقه للنادي .. ليبشروا الأعضاء والرواد بأمر هم أنفسهم لم تكتمل قناعتهم به .. لكن من باب تأنيب الضمير . أو نفض المسئولية قرروا أن يشاركهم الأعضاء في كل شئ خطوة بخطوة .
وبينما هم يتجمعون .. يهل عليهم الشيخ زائرا النادي لأول مرة .
عثمان : يلا يا جماعة ماشاء الله رحبوا بشيخنا رئيس الجمعية .. وقفوا الجماعة يحيونه .. ومعه وفد من الشباب يتبعونه كحاشية أو حيران . .أو أتباع ..
خطب فيهم وبشرهم بأن التغيرات ستبدأ من صباح الغد .. ستأتي الجرافات وتنظف الشارع المؤدي للنادي وتربطه بشارع الأسفلت .. وسيأتي بناؤون ليبنوا منصة لتثبيت حجر الأساس . وفي المساء يأتي وزير الشؤون الاجتماعية لوضع حجر الأساس ..
ومن بعد بكرة سيبدأ البناء والهدم .
أسماعيل مقاطعا : شنو أنت يا شيخنا .. نازل فينا جامد كدة .. نحن أول مرة نشوفك وأنت أول مرة تجي داخل النادي .. والجماعة ديل ركبوك رئيس في فوق راسنا ما قلنا حاجة .. طوالي كدا تبدأ شمال .. لا عندك مشاروة ولا عاوز تورينا ناوي تعمل فينا شنو ... ياخ ما تشاورنا أنت شايفنا غنم في زريبة ؟.
بدأت أصوات همهمات تثني اسماعيل .
حاج سليمان : اسماعيل ما تخلي عندك أدب .
- أدب شنو يا عم سليمان هسع أنا قلت حاجة غلط ... نحن من قمنا في الحي دا النادي دا هو ملاذنا الوحيد من من نحن شفع في الروضة وهو بشكله دا عاجبنا ومريحنا ..
جماعة من أتباع الشيخ تحركوا ناحية اسماعيل لولا أن الشيخ صدهم بيده .
حاج سليمان : اسماعيل يا ولدي أمس أولادنا عمر وعبد المعطي مش جو شرحوا لينا الموضوع ..أنه النادي راح يتهد ويتبني بمواصفات عالمية .
أسماعيل : طيب ما في حد يشاورنا يشوف أذا كان نحن عندنا رغبة في المواصفات العالمية دي ولا لا ؟
عم سليمان : وفي حد يرفض التطور والمواصفات العالمية يا ولدي .
اسماعيل : ايوا يا حاج المواصفات لازم تكون متماشية مع مستوى معيشتنا مش تكون حاجة أعلى من مستوانا .. كدا معناها نحن بنطرد من بيتنا .
عبد المعطي يبدو أنه أعجبته هذه النقطة :وقال ما عاش من يطردك من بيتك يا اسماعيل يا اخوي أصبر خلينا نسمع كلام الشيخ للنهاية كيف حا يطردوك .
اسماعيل : عبد المعطي خليك عقلاني . أنت وصاحبك عمر صحيح أجتهدوا عشان تحسنو وضعنا ومعيشتنا كتر خيركم .. لكن أنا أوريك حا ننطرد من بيتنا كيف .. ما ممكن أن أكون متغدي قرع بكسرة بايتة وسايق عجلة مكركعة أجي نادي فخم عشان ألعب بلياردوا ولا تنس ولا صالة جيمانيزم ..أكيد حا أخجل من نفسي واتقفل في البيت ولا أقرب من نادي مبني طابقين وبقزاز مظلل وفخم وفيه ناس حتى ما بيشبهونا.
عبد المعطي مع نفسه : ( اعوذ بالله المصيبة دا تفكيروا زي كلتوم .. وبعدين شنو حكاية القرع دي الظاهر أنتشرت في الحلة والزول دا كأنه قاصدني )
صمت الجميع منتظرين الشيخ أن يفند كلام اسماعيل ويرد عليه .
عرف الشيخ أن الجميع في انتظاره .. بعد صمت قليل قال : اسمع يا بني أنا فهمت وجهة نظرك وأثمنها تماما بالعكس يمكن كلامك وصل لي الغرض والهدف من الجمعية أكثر من زملاك المتبنين المشروع .. وكلامك منطقي يا بني .. وصحيح حياة الفرد لازم تكون متطورة بصورة متوازية . لكن أنت خليك متفائل .. نحن الجمعية ممكن نخليها نواة لتطوير معيشة أهل الحي .. ممكن نعمل منها فرع لتمويل مشروعات صغيرة تحسن من دخلكم .. وممكن يكون فيها متجر تعاوني تكونوا أنت كلكم شركاء في رأس المال .. حتى ولو بالأفكار فقط .. وتتوزع عليكم الأرباح السنوية .. لكن هو ما يمنع أنه المشروع يقوم بالصورة الأنت وصفتها هي فعلا كانت فكرتنا كدا .. حتى يكون مشروع أستثماري . .مافي مانع أنه يجوا ناس من أماكن راقية ويكونوا أعضاء في النادي لكن برسوم وحتكون رسوم عالية .. ممكن نخلي الرسم السنوي للفرد عشرة مليون مثلا .. وما تنسى أنهم ممكن يكون أسر ثرية ويمكن يكون عدد أفرادها كبير .. وبعد داك أفراد الحي حيكونوا أعضاء بدون رسوم .. أنت حتى لو ما جيت أنت أو أسرتك واستفدتوا من الامكانات المتاحة والمجانية . حا يظل هو مشروعكم أعتبروه أستثمار ليكم يحسن من دخلكم .. يا ابني أنت لو ظليت قاعد في بيتك مكتفي بوضعك المادي وحياتك التعيسة الخالية من الرفاهية ما تتوقع أنه الحاجات راح تتغير من نفسها .. لازم تكون عندك روح المغامرة والتجريب .. لازم تتحرك والرزق نفسه مرتبط بحركة الانسان وأجتهاده السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة يا بني .
كلام الشيخ كان منطقي وقابله الحضور بالتصفيق وحتى أسماعيل بدأ أن حججه نفدت واستسلم ..
والشيخ بعد أن لاحظ لصمت الحضور الابتسامات على وجوههم تأكد من أنه أسر لبهم وأثر حتى على تفكيرهم السلبي .. وأكمل حديثه .
أها يا جماعة خلاص كدا أتفقنا ..
صدرت همهمات تصب في مصلحة الأقتناع .
واصل : خلاص أنا اسيبكم تفكروا وتستعدوا لعمل بكرة وما في مانع الكرة في ملعبكم .. لو الموضوع ما عجبكم أ أقنعكم . أنا موجود في البيت وداري مفتوح للجميع تعالوا قولوا لي يا شيخ قاسم .. نحن لا عايزين جمعية ولا نادي خلينا في حالنا .زأنا بصراحة حتى مشغول وما فاضي للمواضيع الجانبية حتى الأربعة ساعة بتاعة اليوم ما مكفياني لشغلي الخاص .
لا لا لا يا شيخ نحن معاك يا شيخ .
يتبع

عبد المعطي ماله
17
عاد عبد المعطي من النادي بعدما خاض النقاش مع الأعضاء .. والذين بدت عليهم السعادة بالوعود وكلام الشيخ المقنع والمتسق والواثق .. وقدرته على تبديد الشكوك رغم معارضة وتشويش اسماعيل ..
أصبح أعضاء النادي مقتنعين بجدوى المشروع أكثر من أصحاب الفكرة نفسها عمر وعبد المعطي والعطشجي كما يقول ناس السكة حديد عثمان صاحب هذه التحويلة العجيبة .
في البدأ وبعد انصراف الشيخ جلس الثلاثي قرب بعض بخلاف الحلقات التي كانت تضم أعضاء النادي السعداء مستبشرين بصباح الغد .
صامتين لا يتحدث فيهم أحد سوى كل مرة يصدر أحدهم زفرة يعقبها بالاستغفار . وعبارة ( الله يكضب الشينة )
عثمان معترضا على هذه الروح ( يا جماعة أنت مالكم محسسني كدا كأننا ضيعنا بيت المقدس ).
عبد المعطي رفع رأسه ضاحكا وقال حا يجي يوم نذكرك كلامك دا .
عثمان : طيب لو عايزين تنسحبوا حسب كلام الشيخ أرحكم هسه نقول له نحن غيرنا رأينا .
عمر : بالبساطة دي .أنت ناسي أنه الشيخ أصبح قدام أهل النادي جميعا زعيما لقى قبول وأجماع تام .. يعني عشان تغير الفكرة لازم تجمعهم وتخطب فيهم وتقنعهم برأيك وما أظنك تقدر الموضوع طلع من يدنا .
عثمان : طيب نعمل شنو ما في حل غير نصبر للنهاية زي ما قلتوا يومداك الاتبلبل يعوم .
عبد المعطي : دا لو كان حا يعرف يعوم من أساسه ..
عثمان : تقصد شنو يا شيخنا .؟
عبد المعطي : أقصد أنه نحن ما فينا واحد راح يعرف يعوم في التيار العنيف الختينا نفسنا فيه . فخليها الاتبلبل يموت .
عمر : لا يا ابو عبده ياخ أنت ما تكون متشائم للدرجة دي . أكيد الموضوع ما يصل للمرحلة دي ونحن بتكاتفنا وقوتنا ووحدتنا نقدر نحمي مكتسباتنا .
عبد المعطي : ووحدتك دي حاتجيبها من وين تاني؟.أنت عارف بخطبة الشيخ فقط وقبل ما يعمل أي شئ نص سكان الحلة دي تحولوا الى مريدين واتباع .
عثمان : أنت بصحي هو الشيخ دا شيخ بتاع شنو ؟
عبد المعطي : يا سلام أنت جاي تسأل هسع مش انت الجريتنا في الطريق دا .؟
عثمان : ياخ سمعتكم قلتوا عايزين رأس كبير واصل يبقى لينا ضهر .. المهم عرفت أنه المواصفات تنطبق على الزول دا .. لكن والله أنا ما عارف حتى الآن هو شيخ شنو وتبع ياتو طريقة .
عمر : المهم خلونا متيقظين للنهاية ونحن قادرين نحمي حقنا .
عبد المعطي والله أنت يا عمر تضحكني بكلامك دا شنو متيقظين ومش عارف شنو قول أسبوع ما نمنا حا نقدر نعمل شنو يعني ؟
المهم دار الجدال دون جدوى يسوده التشاؤم بين هذا الثلاثي .. وقريب العاشرة أنفضوا لدورهم .
وعبد المعطي بعد حوار كلتوم والسخرية اللازعة وعشاء رغيف بلبن وباقي فول . ونوم متقلب يطغى التعب ويبقى الشخير .. الا قريب الفجر يستقيظوا على صوت آلة ضخم .. يفتحوا الباب ليجدوا أن الجرافات بدأت في تنظيف الشارع .. وشاحنات ضخمة تحمل الرمل الأحمر وتكبه أكواما في الشارع الذي يربط النادي بطريق الأسفلت .. والجرافات والآليات تعمل على ردم وتسوية الشارع .
عبد المعطي : خلي بالك الشيخ دا جادي بصورة ما معقولة .
كلتوم : في شنو عاوز يعمل شنو شيخكم دا .؟
عبد المعطي : اصبري يا حاجة عيشي رجب وشوفي العجب .
يتبع

غدا

عبد المعطي ماله 18
خلال نهار هذا اليوم عاد عبد المعطي من عمله ليجد أهل الحي صغار وكبار متجمعين في الشارع أمام بيوتهم ..سعداء بشكل شارعهم الجديد ..هذا الشارع لم تمر به جرافة منذ عقود ..بعد ان ردم بالرمل الأحمر ورش بالماء ومرور دكاكات التربة عليه ..أصبح منظره بهيجا .
الثلاثي الأصدقاء واقفين تحت ظل الشجر يمر بهم عم سليمان ..قائلا مبروك يا اولادي مشروعكم نجح ..
لم يملك الثلاثي سوى النظر لبعضهم البعض ووجوه تحمل ابتسامة بلهاء في ظاهرها ..لكن داخل كل واحد منهم تحمل وتعني الكثير .
وفي النادي جاء مجموعة من العمال نظفوا النادي وتم بناء منصة قصيرة لوضع حجر الأساس .
وبعد العصر خرج أهل الحي على أصوات سيارات الشرطة (السارينا).
وفي النادي أعد صيوان ضخم رصت عليه الكراسي وفي مقدمتها كراسي وثيرة ..وأعدت مكبرات الصوت التي شرعت في تقديم الأناشيد الوطنية والجهادية .
تحول الحي في المساء إلى عرس ضخم لم يشارك فيه أهل الحي سوى بالابتسامات والتصفيق والدهشة .
بعد أن اكتظت الكراسي بالحضور .. وبعد قليل انطلقت صفارات سيارات الشرطة معلنة وصول الوزير ..
بعد التهليلات وزغاريد نساء الحي البريئة وخطب رنانة بما فيهم الوزير والرئيس الجديد وآخرون من دونهم لا يعرف عنهم أحد شيء. من أين أتوا ولاي جهة ينتمون .
قام الوزير وبصورة احتفالية وضع حجر الأساس .. وانفض المولد . نفس العمال جمعوا الأغراض وانصرفوا تاركين أهل الحي في حالهم وحيرتهم.
عبد المعطي وصل بيته تتقاذفه الهواجس قبل ان تلحقها زوجته بالسؤال الساخر.
اها يا عبدو تقول لي راح يبنوه ويسلموكم له جاهز .
قال نحن ما في حد يقدر ينتزع مننا مكتسباتنا التاريخية .
يا راجل بطلوا تغشوا نفسكم هو الاحتفال البسيط دا ما فيكم واحد أخذ فرصة يتكلم في الميكرفون. . ولا حتى عم سليمان العاملنه رئيس نادي .. انتو مهمشين في ناديكم حتى قبل ما يتبني .انا يتخيل لي لو اتبنى بالمواصفات القالوها دي حتكونوا ممنوعين من الدخول عديل .
يا مرة خلاص ريحيني شوية خلاص كفاية ارحمينا ياخ ..
اها طيب اها انت عايز مني شنو .
عايز عشا ..ختي العشا .
اعجن ليك كسرة بطبيخ البامية ولا تأكل فول. اعجني أي حاجة .
بعد قليل عاد ليسالها بعد أن شاهد تنبؤاتها تتحقق بالتدريج ..
طيب يا كلتوم انت رأيك شنو ؟
عادت تحمل صينية العشا وقالت إنا رأيي انك تسيب عنادك دا ونكلم حسن أخوي يشتري ليك فيزا تطلع من البلد دي .
اغترب؟ أنا اغترب بعد العمر دا واسيب بلدي.
يا راجل بطل كلام الإنشاء دا والقال لك منه المغتربين سابو بلدهم وهسع البلد دي ممشيها منو بلا المغتربين ..أي بيت في الحلة دي عندهم واحد ولا اتنين مغتربين ممشين مصاريف البيت إلا نحن .
لا لا يستحيل اغترب.
سمح اقعد كدا وانا ما بوعدك انه أبطل النكد كمان .
لا عليك الله ارحميني شوية.
وأنا اشيل الهم براي يعني.
يتبع .

عبد المعطي ماله
19
في الصباح تفاجأ أهل الحي بلوحة عملاقة عليها صورة مجسم جميل بالالوان للمركز واسفلها خرطة للمبنى وظاهر من الخرطة في ركن الحوش الواسع توجد غرفة صغيرة أمامها صالة ولصقها حمام ومطبخ ومكتوب عليها نادي الدينمو. . وباقي المبنى مركز الريحان الاجتماعي الترفيهي ..فرع جمعية الريحان الخيرية.تنفيذ المقاول شركة أبناء للبناء والتشييد.
صادف مجموعة من رجال الحي متجمعين امام اللوحة شعروا بالغضب.
عم سليمان قال يعني أرض النادي كلها نصيبة منها بس الغرفة والصالة دي. دا كلام شنو يا ناس ..
واحد تاني قال دي حقارة دي.
وثالث قال الظاهر نحن ركبنا ماسورة .
لا لا الكلام دا ما بيجي نمشي للشيخ قبل ما تمشوا شغلكم .
قليل وكان يطرقون الباب .
يفتح لهم واستقبلهم كالعادة بابتسامة مشرقة وترحيب . كثيرين منهم منظر البيت الفخم أخذ لبهم فخرسوا تماما .
نعم نعم يا أهل حيي الأعزاء ما في داعي تشكروني الشكر لله وحده ..وهذا والله قليل من المشروع الأنا راسمه لكم في رأسي ..هات الشاي والزلابية يا ولد.
يا جماعة حا تفضلوا ساكتين كدا ما تتكلموا.
عم سليمان ما تتكلم انت كبيرنا وانت اجبتنا هنا .
يا ولدي كنا عايزين نقول حاجة .
خير يا حاج سليمان قول اتفضل.
بصراحة يا ولدي نحن شاعرين انه النادي بتاعنا اتظلم .
كيف يعني اتظلم ما فاهم .
يعني معقولة يا ولدي المبنى الكبير دا كله يكون نصيب النادي غرفة وصالة في الركن بس.
الشيخ . طيب يا عم سليمان ما صلا النادي بتاعك هو اوضة وصالة لكن في النص .كل العمليات انه نقلنا مباني النادي الركن .
احتج آخر كيف يا شيخ الكلام دا نادي الدينمو هو الأصل يكون مهمش في الأرض بتاعته .
كيف يعني مهمش يا استاذ يعني الحاجة الموجودة في الطرف مهمة ؟ معنى كدا انه حارس المرمى في أي فريق هو لاعب مهمش .. كابتن الطائرة مهمش سائق البص مهمش .الطرف هو محل القيادة الطبيعي ما تخلوا الشيطان يلعب بيكم .. وأنا ما فارقة معاي ممكن الغي المشروع كله بتلفون لو ما مقتنعين .
وبدأت الاحتجاجات لا لا لا ياشيخ العفو الظاهر نحن فهمنا غلط . الله يلعنك يا ابليس.
ايوا كدا خليكم عاقلين
وما تخلوا الشيطان يلعب بيكم.
جدا يا شيخ شاكرين والله على التفسير.
يعني نواصل في شغلنا ؟
طوالي ياشيخ اصلكم ما توقفوا.
طيب شركة المقاولات الماسكة المشروع . واحدة من أنشط الشركات راح تشتغل أربعة وعشرين ساعة بنظام تلاتة ورديات . حقيقة نحن عايزين نسلم المشروع خلال ستة شهور .. وعليكم تتحملوا الإزعاج شوية واعقبها بضحكة غليظة قابلوها بتبسم وفرح ..
ما مشكلة يا شيخ راح نتحمل الإزعاج ونتعود عليه كمان.. بس عندنا طلب صغير .
اتفضل يا شيخ.
نحن عايزين بنا غرفة النادي يكمل قبل ما تهدوا المبنى القديم .
جدا جدا يا عم سليمان من بكرة اول شي راح نبدأ في بنا غرفة النادي تنقلوا أغراضكم وتستقروا دا أهم حاجة عندي .
خرجوا راضين بعد هذه الجملة .
عمر وعبد المعطي توجهوا ناحية عملهما .
عبد المعطي .. عمك دا خلي بالك ساحر عديل الله يخارجه منه بس.
عمر كيف يعني.
شوق الجماعة ديل مشوا عليه زعلانين خلالهم يطلعوا فرحانين وسعادة بدون ما يغير شيء في مشروعه .
عمر .. وعلى ذلك فقس
يتبع

عبد المعطي ماله
20
خلال يومين فقط وبالبلوك الاسمنتي السريع إكتمل بناء شقة صغيرة في ركن النادي في مساحة لا تتجاوز المائة متر من اصل مساحة النادي التي تقارب الثلاثة الف متر .. واصلا على قول الشيخ هي نفس المساحة المبنية السابقة لكن زحفت للركن وبطراز احدث في البناء ..غرفة وصالة وحمام ومطبخ ..سقفت بالتسليح .. من ضمن خطتها سلم جانبي يقود لسطح المبنى الصغير ليستثمر .. وبعد أسبوع كانت شقة النادي مدهونة ومبلطة بالرخام والسيراميك وكل شي تمام . ولم ينسى الشيخ أن يجعل بابا صغيرا في السور يقود لهذا الجزء وعليه لوحة صغيرة تناسب مساحته مكتوب عليها نادي الدينمو .
وفي افتتاحه وبعد نقل الاغراض من المبنى القديم لم ينسى الشيخ إضافة بعض الاثاثات الجديدة أطقم طرابيز بلاستيكية مع كراسيها ليحلو لعب الورق ..سعد أهل الحي بهذا الإنجاز .
وفي حوار جانبي بين الصديقين .
عمر قال والله يا عبدو يتخيل لي الشيخ دا نواياه سليمة شوف الإنجاز دل كله وما طلب مننا ولا مليم .
عبد المعطي ضاحكا بسخرية ..ما تكون سازج زي الجماعة الطيبين ديل .
ليه يعني في شنو في بالك.
عارف المشهد بقى لي زي لامن يجي طفل لأمه في بيت مناسبة يبكي ويقول انا جعان ما بنتظر الفطور . تقوم هي تشيل صحن صغير وتغرف له من كل صنف شوية وتديه رغيفة تقول له يلا روح اكل .. يكون الطفل شبع بدون ما ينقص من أكل المناسبة شي يذكر . هو دا العمله معانا الشيخ الفرحانين بإنجازاته وكرمه .
عمر ..فهمتك والله انت مشيت بعيد أكثر مننا في التفكير .. لكن طيب كونه يخصص شي لأهل الحي مش كان أفضل من أن يلهفها كلها .وكان يقدر.
لا ما كان يقدر يلهفها بدون رضا أهل الحي و اقتناعهم .
كيف ما يقدر شنو يمنعه .
لأنه ببساطة هو مشروع جمعية خيرية لا يمكن يقوم على أساس شر ومصادرة وصراع مع أهل الحي. يستحيل ينجح مشروع خيري قام على ظلم وصدام وصراع مع أهل الأرض اصلا نا راح يلقى تعاطف خارجي وراح يفشل
طيب معناها شيخنا إبليس ذاته يتعلم منه دروس .
بعدين حتة النادي الفرحانين بيها دي
بعد شهور فقط راح يهجرها أهل الحي وتضم للمركز .. هي جرعة مسكنة توضع تحت اللسان ليخرس.
. ليه ما أظن راح يطردنا من النادي كمان .
لا هو ما راح يطرد أحد .. لكن جرعة التغيير الضخمة ما في أحد في الحي راح يقدر يتكيف معها وراح يطفشوا بالتدريج .
عمر . بالعكس هو قال المركز بالنهار راح يكون لأهل الحي كلهم بدون رسوم .
عبد المعطي .. هي دي اول واحدة مستحيلة. . معقولة ناس كلتوم ديل يجو محل عشان يعملوا تمارين يوقا وجيمانيزم وحمام مغربي وجاكوزي.
عمر ضاحكا كله إلا الجيمانيزم دا تخيل سعاد وكلتوم يشيلوا حديد كمان .
عبد المعطي بعدما أطلق ضحكة كبيرة .. قال أنا عارف هم بلا كدا مطلعين عينا.
يتبع

عبد المعطي ماله
21
كان أهل الحي سعداء بناديهم الجديد
بعضهم حملوا طاولات مراسيم نحو سطح المبنى وآخرون انتشروا تحت أعمدة الإنارة الحديدة الفخمة المخصص للحدائق.
عم سليمان موجها حديثه لعمر و عبد المعطي إذ تجمعهم طاولة لعب واحدة ورابعهم عثمان .. والله يا أولادي شايفكم ما فرحانين ..الناس دي كلها سعيدة بالنادي وتبارك لبعض الا انتو.
عمر .. كيف يا عم سليمان ما فرحانين .. بس نحن فرحتنا تكون لامن نشوف حقوقكم كلها رجعت ليكم ومشاكلكم اتحلت .
طيب هسع ما رجعت أهو نادينا واتبني احسن من أول .
عبد المعطي محاولا قفل هذا الحوار قبل أن يسرح عمر ويفضح الهواجس كلها .. وهم يداب في مرحلة بل الكعبين من مشروع الاتبلبل يعوم .
لا يا عم سليمان نحن الليلة أسعد ناس بسعادتكم .
كتر خيركم يا أولادي ما قصرتوا تب .. يلا جر وارمي بايظك انت الموزع .. ختمها بعبارة خاصة بلعب الورق ليستمر اللعب . رغم أن اللعبة الأكبر لم تبين معالمها بعد .
عد يوم افتتاح النادي كاروع ما يكون وعم سعيد صاحب البوفيه كان سعادته بمطبخه الجديد ..
شاي يا عم سعيد
عم سعيد قهوة بالله .. كركدي .. حليب بالحلبة ..
عم سعيد ما عندك حرجل.
خير مالك .
لا بس عندي مقص كدا .
الشاي اعمل فيه نعناع يا عم سعيد ..
عم سعيد لسع ما غيرت عدتك الشينة دي ..
ما انتو غيرتوا أي شي نسيتو تجيبوا عدة .
ليك علي يا عم سعيد أغترب في أول إجازة أجيب لك طقم حليب صيني وطقم بايرسك .. بس اوعى تشيلهم البيت تفرح المرة .
كدي أغترب انت اول انا مرتي بفرحها براي.
وضحكات تنطلق من هنا وهناك يوم كان من أسعد أيام الحي.
لتصبح الحارة من جديد على صوت آلات وجرارت بدأت الهدم ..
أو بالأصح بدأت الحفر لأن هدم المبني القديم لم يستغرق أكثر من ساعة واحدة ..
وكل الباقي كان حفرا في الأرض .
في العصر مر الشيخ على الموقع وقابل بعض الأهالي شكروه على ناديهم الجميل بشرهم بان القادم أحلى .
كذلك أعطى كل من عمر وعبد المعطي ظرفين فيهما صور من عقد تأسيس المنظمة ودستورها ولوائحها وكل ما يتعلق بالرسميات .. شكروه واعادوا ثقتهم فيه .. كل واحد فتح ظرفه اطلع على المحتويات أعجب بطباعتها الفاخرة وورقها الثمين . واعادها الى ظرفها .
في المساء لم تتوقف آلات الحفر .
تجمعوا من جديد للعب الورق لكن منعهم ضجيج الآلات حتى من سماع بعضهم البعض ..
الليلة ما أظن في طريقة نلعب.
نعم؟
قلت الليلة مافي طريقة لعب .
قلت شنو ؟
لعب لعب ما في لعب .
ايوا صاح تعب شديد .
بعضهم انصرف مستاءا.
بعد قليل خرج عبد المعطي وصديقه وجاره عمر قررا الجلوس امام البيت .
هل بدأت مرحلة الطرد التي تنبأ بها من قبل .
لا ياخ طرد شنو تتذكر الشيخ ما قال لكم لازم تتحملوا الإزعاج عشان العمل يخلص سريع . قلتوا بنتحمل .
ياخ نحن ما افتكرناه إزعاج قدر دا .
في تلك الليلة قضاها النادي خاليا من الأعضاء .. وعم سعيد بارت سلعته .
وفي اليوم التالي حضروا عسى ولعل بل صوت الحفر والآلات كان أعلى .
هو الناس ديل بيحفروا في شنو عايزين يطلعوا بترول ولا شنو .
لا الشيخ قال المسبح راح يكون في البدرون تحت المبنى .. عشان الحريم ما يكونن مكشوفات لامن يسبحن .
هو الحريم حا يجن يسبحن هنا .؟
يا زول انت قابل حريمنا ديل؟ ديل حريم الدفع الجايات بالقروش .يعني الاستثمار الاستثمار ما سمعت قالك الاستثمار .
تعرف يا عمر ما في طريقة إلا نفرش الفرشة قدام البيت ونلعب هناك..كويس انه انا صلحت لمبة الشارع من النهار . فكرة حلوة ارح يا جماعة .
وفي البيت .. كلتوم انت وين الفرشة الجابتها امي من الحج.
داير بيها شنو ؟
عايزين تقعد بيها قدام البيت.
ليه الكراسي مالها ؟
ما بتكفي الناس .
انت وقت كتار كدا ما تمشوا النادي .
النادي مافي طريقة.
خلاص طار؟
يطير شنو فال الله ولا فالك .بس صوت المكائن مزعج .
خلاص احسن تعملوا بروفة لأنه مصيركم تتلموا قدام البيوت.
هاتي الفرشة وبطلي النقة الكثيرة
يتبع

وبعدين معاك

عبد المعطي ماله
22
بدأ الرجال الأقرب من عبد المعطى مسكنا وقلبا يتجمعون معه امام بيته .وبدأت الطلبات تنهال من نوع .. يا ولد يا خالد املأ الجك موية .. يا طارق قول لامك تملأ الترمس شاي ..وهي بالداخل تنق بينما تذاكر مع أولادها .. بالله عليكم الله شوفوا جنس الراجل المغص ده عمل قدام البيت نادي وحول بيته لبوفيه .
ولم يقف الأمر عند هذا الحد يبدو أن القوم انسجموا مع ناديه الجديد إذ بدأت الأصوات ترتفع وغلاط لعب الكتشينة المألوف.
خمسين
لا لا لا ما خمسين انت تأخرت
ما تأخرت بطل الجرسة.
يا زول انت جبت جوكر من وين؟
كيف يعني جاني في الجرة .
لا لا دا جوكر زايد .
لا يا طاهر العب نزيه .
وهكذا يستمر الجدال وترتفع الأصوات.
وكلتوم بالداخل تكاد تنفجر بالزعل والغيظ.
ويمر بالقوم صاحبهم إسماعيل الجريء الثوري يلقي التحية من بعيد عابرا
.
السلام عليكم ياجماعة

أهلا سمعة اتفضل
لا مستعجل والله
لم يكترثوا عادوا لمواصلة اللعب .
حتى قاربت الساعة من منتصف الليل .
بدأ عبد المعطي يجمع في الأغراض وأصوات الوداع ضجت .
دخل و وجدها في انتظاره والنار في عينيها ونفسها يعلو ويهبط.
خير يا مرة نعلك ما عيانة ؟
هو الما بيخلني عيانة شنو .. يا راجل تحول باب البيت لنادي ونحن عمال بوفيه .. لا تقول الأولاد يذاكروا كل مرة تاني واحد ترسله يقطع قرايته. . الكلام دا ما يمرض ولا ما بيقتل .. دا غير الإزعاج وقفلة الباب .
عبد المعطي شعر بفداحة خطأه. . لذلك ظل صامتا حتى تهدأ . واشتغل رأسه بسرعة ليجد عبارات تهديء ثورة تلك الغاضبة والمحقة في غضبها .
معليش انا آسف وبعدين ما تفتكري الحكاية حتكون قدام بيتنا كل يوم .. نحن متفقين كل يوم قدام بيت جديد لغاية ما تخلص الضجة في النادي .
فعلا نجحت هذه الفكرة في تهدءتها رغم أنها طرأت له في هذه اللحظة فقط ..
وهي اقتنعت خاصة بعد ما عرفت ان جاراتها سيتذوقن ما عانته اليوم .
بعد المبادرة المعهودة والاعتراضات تناول وجبة العشاء ونام ليبدأ يوما جديدا .
في المكتب قال لعمر أن اللعب قدام بيته لن يستمر كل يوم ..لابد أن يكون بالتناوب .ايد عمر الفكرة ووافق أن يكون اليوم قدام بيته هو و
يخبر الباقين .. كلها أسبوع واسبوعين نرجع النادي.
مر اليوم التالي وفعلا انتقل اللعب أمام بيت عمر .. اعترضت سعاد وزعلت وضجت وشكت لكلتوم جارتها . وفي ذاك اليوم أيضا مر عليهم اسماعيل ملقيا التحية عابرا .
انتو اسماعيل ملقيا التحية من بعيد اعتزل الكتشينة؟ . يعتزل كيف دا راجل مدمن .
طيب ماله مقاطعنا.
يمكن عشان سبنا النادي .
بعد أسبوع مر عليهم اسماعيل ملقيا التحية التي كاد ان يعتادون عليها لولا انه في هذه المرة كان يقود موترا وليس راجلا .
انت اسماعيل جاب موتر من وين ؟
يمكن بتاع حسن اخوه .
سيبك منه العب الجره عند منو يا جماعة .
خلصت الحفريات وبدأت مرحلة البناء وعاد الجمع لناديهم .بعدها هدأت الضجة الا في مرات قليلة عند تدوير آلة خلط الخرسانة أو تقطيع الحديد .
اسماعيل لازال بعيدا عنهم مشغولا يشاهدونه عابرا على الموتر .. وبعض مرات متوقفا مع مهندسي البناء يتشاور معهم ثم يمضي .
بدأت معالم المبنى تظهر من سطح الأرض ثم تعلو .. وبعد شهرين خلص الدور الاول .. وبعد شهر لحقه الثاني .
ومرحلة التقفيل والدهانات وتركيب الابواب .
هم لازالوا في لعبهم.
بدأ المبنى يتحول إلى معلم بارز في الحي بل قل اصبح العلامة الفارقة .
ازدهت الألوان وأعيد بناء السور من جدار قصير مكمل بسياج من حديد وأعمدة خرسانية ..تخضير الأرضيات زراعة شجر الزينة .. تبليط ملعب التنس والكرة الطائرة .. تركيب كشافات الإضاءة على ابراج حديدية في الأركان تحضير ملعب كرة السلة . طلاء الأبواب .. في الشهر الخامس وصلت شاحنات معها أجانب شقر أنزلت آلات الرياضة .. وبدأ الخواجات في تركيبها ..
اسماعيل تخلى عن الموتر وأصبح يقود سيارة بقمارتين .
المبنى تقريبا اصبح جاهزا للافتتاح ..
تقريبا كل يوم تمر سيارة فارهة تحمل اسرة من المترفين مع اطفالهم .. يدخلون يتفقدون ثم يخرجون والسعادة تكاد تشع من عيونهم .
كل زوار المركز كانوا يتعجلون افتتاحه .
عدا أهل الحي لم يدخل أحد منهم ليعرف ماذا يجري داخل هذا المبنى الفخم . لم يمنعهم أحد لكن لم تتولد لديهم رغبة بل شعروا ان هذا الشيء لا يخصهم رغم عن أنه نبت على ارضهم كما الفطريات .
قبل الافتتاح بيومين جاءت الات السفلتة وحولت الشارع الرابط والماري أمام بيت عبد المعطي الى طريق مسفلت .
وقبلها بيوم جاء عاملون وشباب علقوا الزينة والاعلام على حبال طويلة ربطت بين المبنى وابراج الانارة .
عمرا هامسا لعبد المعطي .. والله كلتوم طلعت شيخة عديل عندها بعد نظر عجيب .
كيف ؟
شوف هي قالت ما في حد راح يطردكم أو يمنعكم لكن راح تشوفوا المكان أكبر حتى من رغبتكم واحلامكم .. يعني هسع المبنى دا لو كان مستشفى كنا اسعد ناس .
عبد المعطي معا . مستشفى؟ هي دي أحلامنا عشان كدا المرض ما بيفارقنا .
عمر .. لا يا شيخ ما تفهمني غلط انا قصدي في اولويات أولى .
عبد المعطي .. انا بالمناسبة ما شايفه شي كعب انا همي كيف الناس يكسروا الحاجز النفسي ويستفيدوا من مكتسباتهم .. مش الشيخ قال كل اهل الحي أعضاء بالمجان؟
عمر ... ما تكون زول غشيم يا عبدو الشيخ عارف مسألة الحاجز النفسي دي .. وعارف ما فينا واحد راح يتجرا وينضم لمكان زي كدا .هسع بذمتك انت دخلت وشفت الحاصل جوة شنو.
هز عبد المعطي رأسه نافيا .
على كل

كل شيء جاهز للافتتاح

يتبع

علقت الأعلام على أعمدة النور
ووصلت لمبات الزينة
وتحول الحي مساءا إلى مهرجان
في ليلة افتتاح النادي الكبرى
يتبع

عبد المعطي ماله
23
تحولت حارة عبد المعطي الى مهرجان في يوم الآفتتاح
علقت لمبات الزينة والأعلام على أعمدة النور وعلى طول الطريق المسفلت الجديد
أصبح الشارع والذي يربط طريق الأسفلت الرئيسي مع المبنى الجديد الفخم كالكلمة الشاذة وسط حي معظم مبانيه من الجالوص المتهالك .
ومن العصر بدأت تسمع أصوات سيارت الشرطة غادية ورايحة ..
رصت الكراسي داخل باحة النادي المخضرة . ومع وضع عدد من الكراسي الفارهة في واجهة الصفوف لكبار الضيوف .
أهل الحي تكدسوا أمام بيوتهم متفرجين في البداية.. على السيارات الفخمة الغادية والرايحة .. والمظللة والتي لا يعرف من بداخلها أو بما داخلها .
من بعد العصر بدأت الوفود .. والتوزع على الكراسي .. معظم الحضور نزلوا من تلك السيارات الفارهة بصحبة أطفالهم و نسائهم .
تعبق الحي بمزيج من العطور الفواحة ..غطى على روائح التقلية والبصلة المحمرة وقدحة الثوم المعهودة .
تلك العطور الجديدة كل مرة ينتشر منها أريج يزف صاحبها وأسرته حتى مكان مجلسه .
حتى أطفال الحي كان لهم نصيب من الدهشة من أقرانهم .. في لبسهم وألعابهم الالكترونية التي يحملونها وعباراتهم الانجليزية من نوع ( ووووار فنتاستك دادي).
وكذلك أنتشار شباب من ذوي البدل السوداء والنظارات السوداء أصطفوا متفرقين على طول جانبي الطريق القصير المؤدي الى النادي .. يحملون أجهزة اللاسلكي .. ويتلفتون بحذر يحدقون في السكان وعبارات مبتورة من نوع ( يا خمستاشر حول ).. مثل ما يشاهده عبد المعطي في الأفلام الأمريكية .
أنت الناس ديل منو وجايين من وين .؟
يا زول أسكت ساي ما تودينا في داهية مالك ومالهم .
حوار ملتقط من وسط أهل الحي المندهشين .
عبد المعطي مخاطبا عمر : تعرف يا عمر والله كلتوم دي شيخة عديل تقول نبي بس .
عمر : شنو الخلاك تأمن بيها .
- قالت ما في حد راح يطردكم من ناديكم لكن أنتو براكم راح تتخارجوا من وسط ومكان ما بيشبهكم .
عمر : يازول نحن أصلا كان ما طردنا العقد دي من نفوسنا حقوقنا كلها راح تروح .
عبد المعطي : طيب نشوف يا أبو الحقوق أنت .
أخيرا بدأ أهل الحي يتسللون الى المقاعد الخلفية .. دون أن يدلهم أحد شعروا أن هذا هو مكانهم الطبيعي .. عدا عم سليمان .. الذي أصر عليه الشيخ أن يجلس في أحد المقاعد الوثيرة في المقدمة .. وخاصة بعد أن وصل يرتدي زيا سوانيا كاملا ومطعما بجبة سوداء ( عباية ) أكسبته هيبة ووقار وجعلته الى حد ما يشبه المكان .
شعر أهل الحي بالرضا بأن هنالك من يمثلهم وسط هذه البهرجة .
وبدأ الحفل .
وقف على المنصة مقدما الحفل للحضور شابا وسيما يرتدي بدلة كاملة سوداء ..أيضا لا يعرفون من هو ..
القى مقدمة طويلة مادحا وشارحا للصرح ومهامه ومقدما للشيخ مدير المنظمة .
والذي بدوره شكر الحضور وفي مقدمتهم السيد الوزير .. ومقدما مدير المركز .
سمع الحضور الأسم لم يتوقفوا أو يخمنوا من هو مدير المركز .. حتما سيكون واحدا من هؤلاء الغرباء الذين لا يعرفونهم ..
حتى بعد ما نطق الأسم قائلا : الأستاذ اسماعيل جادين عوض الجيد .لم يتوقفوا
تقدم شاب يرتدي بدلة أنيقة حليق الشارب وبلحية خفيفة .
عثمان منبها صديقيه .: عاينو عاينو عاينو .. دا ما أسماعيل زولنا ذاتو ؟.
عمر : يا زول اسماعيل شنو البيجيبو في الهلولة دي .
بعد أن بدأ ينطق أكد لهم الصوت هويته .
عبد المعطي : أمك يا هو ذاتو . .وكمان يقول أحلق شنبي دا لو شفتوا ناديكم دا تاني .
عمر : صدق أهو حلق شنبو .
عثمان : بالله شوف المصيبة يجي ماري فينا بالكتشينة ونقول الرجل أعتزل اللعب .
عبد المعطي : الظاهر أحترف لعبة جديدة .
عمر : خلونا نسمعه يا جماعة . نركز ..
وبدأ اسماعيل يخطب ومعروف عنه أنه كان خطيبا ويتحين الفرص في مناسبات النادي القليلة يستلم المكيرفون . و(يبراهم) بكلام كبار غالبا لا يفهموه .. عن القوة العاملة والبريوتاريا والبرجاوزية .. وفائض القيمة والمكتسبات .. كلام كبار أغلبهم لا يدي كنهه . لكن كان يعجبهم بصوته الرنان وقدرته على رص الكلام .
عمر : سبحان الله حتى لغته اتغيرت .
عبد المعطي : ياخ دا ذكر كلمة مباركة دي يمكن خمستاشر مرة حتى الآن .
وبعد خطبة اسماعيل تقدم الوفد بزعامة السيد الوزير لقص شريط الأفتتاح .
وسط زغاريد النسوة .
أطرف ما في الموضوع كان من يقود حملة زغاريد النساء كلتوم وسعاد زوجتي
عبد المعطي وعمر ..
وكل ما أطلقن زغرودة ينظرن ناحية زوجيهما ويضحكن بشماتة .
عبد المعطي : أنا حاسي النسوان ديل شمتانات فينا .
عمر : ليهن حق يشمتن ياخ .
عثمان لم يتجاوب سوى بأطلاق ضحكة كبيرة أشتهر بها .. لفتت اليه الأنظار .. سريعا ما قطعها بعد نظرة ذوي النظارات السود .
يتبع

.

Quote: علقت الأعلام على أعمدة النور ووصلت لمبات الزينة وتحول الحي مساءا إلى مهرجان في ليلة افتتاح النادي الكبرى

تقصد في ليلة إفتتاح مركز الرياحنة يا درديري موش
يأخي زمن الواحد ما ضحك قدر دا واصل يا أديب أنا مبسوط منك ياخي
:
:
:
:
:
:
:
:
:
مع التحيات لله الزاكيات

عبد المعطي ماله
24
قضى الحفل البهيج وبدأ الزوار ينصرفون بعد أن تناولوا المشروبات والحلويات بأنواعها ..وازيز السيارات الفخمة يضج وغبارها يعج .
يكاد يكون أكثر يوم تمتع فيه صغار الحي ..
تناولوا قطع ( الكعك) الفاخرة والتي نادرا ما يذوقونها ربما بعضهم أول مرة يشاهدها .وتجاروا وتمرغوا في النجيلة بمتعة لا تضاهى .. كانوا معتادين يذهبوا مع ذويهم لآماكن شبيهة أيام الأعياد والمولد النبوي . الآن جاءهم العيد في مكانهم.
بدأت السيارات الفاخرة تغادر .
وبدأ المكان يفرغ بالتدريج ..
وآخرهم حراس يرتدون زيا موحدا بدأ يوصدون الأبواب ويطفئون الأنوار ز ويطلبون من أهل الحي المغادرة فورا ..
- يلا يا جماعة أمشوا خلاص هوونا أنتهينا .
- نمشي وين النادي دا حقنا نحن .
- يا ولد أمشي من هنا بلاش لماضة معاك .. يلا أطلع بره .
- كيف تقول له أطلع بره أنتو زاتكم منو وجايين من وين ؟
- أسمع يا حاج ما تخلينا نغلط فيك نحن منو مالك ومالنا سألناك هسع ؟.
- الولد دا كلامه صاح النادي دا حقنا .
- يا كمندان تعال شوف عمك دا عامل لينا حنك بيش قال النادي حقوا ما بيطلع منه.
- نعم يا حاج في شنو .
- الأولاد ديل بيطردونا زي الغنم ونحن أهل الحي والنادي دا حقنا ؟
- معليش يا حاج .. طبعا زي ما عارف أنه حاليا الدار دي بقت مؤسسة قومية وفيها أمانات غالية ونحن عشان نحافظ على حقكم دا .. لازم تكون الحراسة مشددة ولا ما كده يا حاج .. معليش بس أستحملوا الفترة دي .. لغاية ما تستلموا حقكم بأصول وترتيب .. صاح الكلام دا ولا أنا غلطان .؟
- عداك العيب يا ولدي .. كلامك برد حشانا شوية يا الله يا أولادي خلوا الحراس يشتغلوا عشان حاجاتنا دي ما تنسرق .
أنصرف الشباب بأوامر عم عبد الله أحد كبار الحي .
ثلاثي الأصدقاء كانوا ينظرون لهذا الحوار .. ولم يستغربوا تصرف المسئول الذي أستطاع أن يمتص غضب المراهقين ..بمن فيهم العم عبد الله .. وأيضا دون أن يستلموا شيئا .
عمر : يتخي لي نحن محتاجين نروج نتمسى مع الشيخ في حاجات كثيرة عايزين نفهمها ؟
عثمان : وبالذات حكاية اسماعيل يبقى مدير دي .. أنا أصلا أبت تدخل رأسي .
عبد المعطي : ياخ شيخنا دا يبني المبنى ويؤثثه ويعين الادارة والموظفين .. ونحن نجي نتفرج بس؟ .. كلامك صاح يا عمر لازم نمشي نتفاهم معاه .
عمر : الشئ اليغيظ نحن لهسع ما فاهمين الشئ دا اتبنى كيف لا شفنا ميزانية ولا عارفين تكلفته كم .ومين الموظفين ديل ورواتبهم وتنصرف من وين .
عثمان : أرح نمشي على الراجل دا ما نقعد متفرجين كدا لغاية ما تضيع أي حاجة مننا .
ذهب الثلاثي حتى بيت الشيخ طرقوا الباب حتى أذن لهم بالدخول .
بعد الترحيب والسلامات والابتسامات المتبادلة الشيخ مبادرا .
- شفتوا كيف يا أولادي أنا ما قلت ليكم ما في شئ مستحيل .. في ستة شهور بس غيرت ليكم الحي كله .. وشفتوا المركز بقى كيف ياخ الناس دي كلها كانت مندهشة .
عمر : لكن يا شيخ نحن أهل الجلد والرأس بعيدين من الصورة خالص وما فاهمين أي حاجة .
عبد المعطي : لا شفنا ميزانية ولا عارفين الدخل كم والتمويل جا من وين . ومين الموظفين ديل جايين من وين .
عثمان : واسماعيل دا مين قال ليكم تعملوا مدير علينا شاورتونا ؟
كانوا مركزين ناحية الشيخ كانوا يتوقعونه سيغضب ويتفعل بعد هذا الهجوم المرصوص لكنه كان يبتسم بكل هدوء وقال لهم ..أنتوا ما قريتوا الدستور ؟
عبد المعطي : دستور شنو ؟ لا شفنا دستور ولا وريتنا دستو .
الشيخ : الله كيف أنا ما سلمتكم أنت وعمر كل واحد نسخة من الدستور وحتى أنتو أعجبتو بطباعتها مع باقي الشهادات والأوراق وقلت لكم لو عندكم أعتراض تعالوا نتناقش قبل التنفيذ .
عبد المعطي وعمر كل واحد نظر للثاني باندهاش .
عمر : طيب الدستور يخول ليك تعمل الحاجات دي من ورانا .
الشيخ طبعا ..الفقرة ألف تقسيم مائة وسبعتاشر ما قريتوها ..طيب أنا أقولها ليكم .. هات الدستور يا ولد ياهاشم .
بعد قليل .
أها طيب أسمعوأ .. يحق لرئيس الجمعية تعيين الآدرايين والموظفين وتحديد مرتباتهم .. ولا يشترط عليه أن يكونوا من أهل الحي .
لأهل ورغم عن كدا أنا أخترت واحد منكم وهو اسماعيل وكمان مدير للمركز مش موظف عادي .
نظر الثلاثي لبعض نظرة يملأها السرحان والدهشة دون رد أو تجاوب .
يتبع

Quote: تقصد في ليلة إفتتاح مركز الرياحنة يا درديري موش يأخي زمن الواحد ما ضحك قدر دا واصل يا أديب أنا مبسوط منك ياخي : :

مشكور يا صاحب الزاكيات

وتدوم الضحكة انشاء الله

بس نحن ناس جادين كمان هههههههههههههههه

عبد المعطي ماله
25
لا زال الأصدقاء الثلاثة يحاورون الشيخ ينافحون عن مكتسباتهم التي يرون أنها ضاعت أو ستضيع ولا زال الشيخ بلغة لا عبي الضمنة يقتل لهم الدش واحد تلو الآخر . وخاصة حكاية الدستور الذي لم يفكر فيه الصديقان في الاطلاع وفتحه وهو طازج .. ولن يجدي فتحه الآن بعد أن وقع الفأس في الرأس .
عمر طيب يا شيخ ممكن نعرف البتاع دا كلف كم ؟
الشيخ : بتاع ؟ تقصد المركز الترفيهي ؟
عمر : طبعا هو نحن عندنا غيره .
الشيخ : رغم المخاشنة في المحاورة لكن خلونا طبيعيين يا جماعة نحن لسنا أعداء .
عبد المعطي متدخلا : ونحن ليه ما دخلتونا في الموضوع خطوة بخطوة .
الشيخ : يا جماعة أنتو تركتبوا الذنب وتحاسبوني عليه أنا ؟
عمر : كيف يا شيخ الله لا جاب غلط .
الشيخ : حصل أنتو بعد أول لقاء بينا جيتوا طرقتوا الباب أو زرتوني في المكتب وفي حد طردكم ولا قال لكم ممنوع الدخول؟
سكتوا برهة ثم هزوا رؤوسهم بالنفي .
الشيخ مواصلا : أنت كنتوا مشغولين برفاهيتكم وتركتوا الأمر كله لي .. وأنا قبلت هذا التحدي وتحملت المسؤولية كاملة .. بعد تنفيذ المشروع وحصاد التعب عايزين تجوا تطلعوني غلطان ؟.
عبد المعطي : لا يا شيخ عداك الغلط والعيب والله نحن ماقصدنا كدا .
عثمان : تقصد شنو برفاهيتنا هو نحن عندنا رفاهية ولا شقاوة ؟.
الشيخ : كيف أقصد شنو برفاهيتكم . أنتوا أيام البناء ما كنتوا تتجمعوا قدام البيوت وتلعبوا ورق الكتشينة .. لعب الكتشينة دا مذاكرة دروس ولا رفاهية ؟ الشخص الوحيد الدق صدروا من أهل الحي ووقف معانا في المشروع خطوة بخطوة هو اسماعيل عشان كدنا كافأناه بمنصب المدير ودا أقل شئ يستحقه .
عمر : يعني اسماعيل هو جاكم من نفسه ؟
الشيخ : ومال تفتكروا نحن كنا محتاجين له ؟ نروح ندق له الباب ونقول له تعال اشتغل معانا ؟.
عبد المعطي : لكن اسماعيل دا أكثر واحد كان معارض تتذكر هيجته يا شيخ .
الشيخ : اذا كان ربنا يقبل التوبة عن عباده العصاة فما بالك نحن البشر .
عثمان : يعني هو تاب خلاص ونحن لسع كفار ؟ .
الشيخ : لا يا عثمان لا تخأذها بمعناها الحرفي . التوبة ليست شرط تعني النكوص عن الكفر .. لكن تغيير الشخص من فكرة لفكرة ممكن ترى كتوبة .. مفارقة الأفراد واتباع الجماعة يعتبر توبة . المهم دا نقاش فكري نحن ما محتاجين له الآن خلونا في موضوعنا .
عمر : طيب يا شيخ خلينا في موضوعنا .. كيف ناس الحي يستفيدوا من المركز دا ؟ .
الشيخ : تقصد الناحية المادية أو الناحية الخدمية ؟
عبد المعطي : خلينا نقول الناحيتين .
الشيخ : أولا الناحية المادية تحتاج لفترة طويلة شوية ؟
عمر : فترة طويلة كيف ؟ يعني شنو ما راح توزعوا الارباح على الأعضاء في نهاية العام .
الشيخ : يا راجل عيب عليك أنت راجل أقتصادي .في مشروع بيوزع أرباحه من أول سنة في تنفيذه .؟
عبد المعطي منفعلا : ليه والمانع شنو .؟
الشيخ : وأنت كمان نفس الرأي سبحان الله .. يا جماعة أنتو درستوا أقتصاد وين .؟.
مافي حاجة أسمها فترة استرداد رأس المال ؟ اللهي بالانجليزي اسمها .Payback period . .المشروع دا في جهات كثيرة مولته عايزين قروشهم ترجع .. ونحن على الأقل نحتاج لخمسة سنوات عشان نرجع تكلفة المشروع دا ..
وأنا ما أكذب أجتهدت وقدرت أطلع منهم بفترة سماح grace period ستة أشهر بعدها تبدأ الأقساط في التسديد . وهي فترة التأسيس وضبط معدل الدخل والمنصرف .. يعني نحصر العضوية ونعين الموظفين ونحدد الوظائف .. دي كلها راح تكون في الستة أشهر الأولى .
سكت الثلاثي نظروا لبعض لم يعقبوا .
الشيخ شنو با جماعة سكتوا خلاص أقتنعتوا ؟.
عمر : طيب الفايدة الخدمية شنو ؟
الشيخ الفايدة الخدمية وهي زي ما ذكرت لكم من قبل أن كل أهل الحي هم أعضاء في المركز ودون رسوم ولا حتى رمزية . فقط كل واحد يجيب شهادة سكن والادارة تستخرج له كرت العضوية صغار وكبار نساء ورجال.
عبدالمعطي : طيب هم راح يستفيدوا شنو من العضوية .؟
الشيخ كيف راح يستفيدوا شنو .؟
أولا في مراكز الجيمانيزم وهي الرياضة الصحية زي ما عارفين للرجال والنساء وتحت مدربين مختصين وكمان في أختصاصي تغذية .. وفي مكتبة ثقافية وفي محاضرات اجتماعية اقتصادية ثقافية دينية .. لها جدول أسبوعي .. وكمان في روضة أطفال بها أستاذات متخصصات رياض أطفال وتعليم لغة انجليزية .. والعاب قوة وكراتيه وتنس طاولة وشطرنج وسباحة من مدربين مختصين بلاطفال .. دا كله بالنسبة ليكم مجانا أها قصرنا معاكم .؟
نظر الجماعة لبعض شبه مقتنعين أو قل متيقنين .. صمتوا .
الشيخ : أها يا جماعة في ثاني أستفسار .
عمر : لا يا شيخ متشكر ما قصرتوا والله . قاموا بنية المغادرة
الشيخ : لا يا جماعة ما ممكن تطلعوا تتعشوا معانا والله .
أصر الثلاثي وخرجوا من عند الشيخ يصفقوا أياديهم ويهزون رؤوسهم دون كلام .. مشوا خطوات دون أن ينطق أحد بادر عثمان قائلا .
- تخيلوا كلتوم وسعاد ورقية يلعبوا جمباز هاهاهاها
عمر ضاحكا : ما جمباز هو .
عثمان : ومال شنو ؟
عمر : أسمه جيمانيزم .
عثمان : الفرق شنو .؟
عمر : الجيمانزم دي تمارين لياقة يعني السير المتحرك والحديد ونط الحبل وكدا .
والجمباز دا الالعاب الرياضية البهلونية زي الاكروبات كدا..
عبد المعطي : يعلبوا حديد ؟ والله أخير الجمباز .
عثمان بعد ضحكته المجلجلة والله نحن مصيبتنا مصيبة .
يتبع

.

عبد المعطي ماله
26
ذهب ثلاثي الأصدقاء من بيت الشيخ .. وتقطعت الحجج في رؤوسهم .. المركز الثقافي أو الاجتماعي أو الخيري أيا كان تصنيفه .. نبع من فكرة وزهجة من واقع الحال بين عبد المعطي وصديقه عمر .. ها هو الآن يصبح واقعا أكبر من أحلامهم وطموحاتهم .. كل غرضهم كان جمعية خيرية صغيرة تعين أهل الحي على فقرهم ونوائب الدهر ..
مالهم هم ومال الثقافة الغذائية والرياضية الصحية والندوات الفكرية ومبنى فخم تظهر بيوتهم بقربه كأنها مكبات نفايات مهما أجتهدوا في تنظيفها .
عثمان : يا جماعة أنتو الزول دا جادي في حكاية الثقافة الغذائية وأخصائيي التغذية ديل؟ .
عمر : كيف ما جادي وأنت شايف كل شئ أتنفذ قدام عيونك وبقى واقع .
عثمان : يعني الأخصائيين الغذائيين ديل حا يقولوا لينا شنو ما تاكلوا قرع والفول بيعمل قاوت الطعمية تعمل كلسترول .
عبد المعطي ضاحكا : طيب ما ياهو أنت مثقف غذائيا ما محتاج تثقيف ..
عثمان : أنا ما في مثقف ولا ما مثقف ..أنا في الكلام دا نحن نستفيد منه شنو .. نحن ما عندنا خيارات يعني الفول دا حتا لو قالوا بيعمل سلطان نحن ما كلنه ماكلنه .. ومال حا نفطر ونتعشى بشنو كمان ؟
عمر : يا جماعة سيبكم من الكلام دا كله أنا رأيي أنه نحاول نستفيد من المركز دا قدر ما نقدر طالما هو بقى واقع وحق من حقوقنا .
عبد المعطي : أها حا نستفيد كيف نعله نخلي النسوان يلعبوا جمباز كمان ؟
عمر : لا سيبكم من حكاية الجمباز والجيمانيزم دي .. ما في حاجات تانية ؟.. يعني مثلا أول شئ ننقل أطفالنا من روضة أستاذة ثرية للمركز . وكمان ممكن نسنفيد من المكتبة والآطفال ممكن يتعلموا تنس وشطرنج وكراتيه والحاجات دي .
عبد المعطي : والله كلامك معقول أنا من بكرة بكلم أم طارق تحول حمودي الصغير للمركز . عمر : وأنا كمان بكلم سعاد تسجل الولدين معاه .
عثمان : أها طيب أنا أستفيد شنو بناتي كبار عرسوهن ورحلوا .. ومستحيل أخلي رقية تتعلم كراتيه هاهاهاها .
عمر : يا عثمان أنت ممكن تستفيد من الرياضة أنت نفسك مش الدكتور قال لك لازم تتمشى عشان الدهون ..
عبد المعطي : أيوا صاح كلنا نشترك .أنا مش عارف الدهون قعد تجينا من وين كمان ..
توزع الأصدقاء بقناعة أذا كان لا بد من وقوع المصيبة على الأقل حاول أستفيد منها .
عبد المعطي وكلتوم يحاولوا طيلة الليل أن يقنعوا في صغيرهم في التحول الى الروضة الجديدة ..
كلتوم : يا حمودي فيها العاب كمبيوتر وفيها مراجيح .. وفيها وفيها أنت براك ما شفت الحاجات الحلوة يوم الحفلة ؟ .
الصغير : لكن يا أمي ناس خلودي أخليهم كيف ؟.
عبد المعطي : يا ولد هم زاتهم أهلهم راح ينقلوهم هنا ..
على مضض في صباح اليوم التالي أخذت كلتوم الصغير نحو الروضة الجديدة .
لفت له السندوتش بباقي فول العشاء .. وبعد أن شرب شاي الصباح برغيفة محمصة في الكانون . وأخذ قليل من العملة أسوة بأخوته الكبار ومن باب الإغراء .
عاد عبد المعطي ظهرا بعد الدوام منهكا كالعادة . وسأل : أها الأخبار شنو حمودي كيف مع الروضة .؟
كلتوم : أسكت ساي الولد كمان عايزين نعمل له عقد .
عبد المعطي : كيف ؟
كلتوم : أول شئ قال يا أمي هدومي ديل وسخانات تاني ما بمشي بيهم ؟ قلت ليه وسخانات كيف يا ولد أنت ما شفتني طلعتهم من الدولاب مغسلات ومكويات . قال ما عارف هم وسخانات وشينات كمان .
عبد المعطي :أها الكلام دا معناه شنو ؟
كلتوم : أنا بعرفه فسرها أنت براك .؟
عبد المعطي : أها وكمان قال شنو ؟
كلتوم : سندوتش الفطور جابه راجع زي ما هو .
عبد المعطي :أها كمان قال شين .؟
كلتوم : أصلوا حكاية شين دي ما بيختلفوا عليها اتنين .. قال يا أمي تعملي لي فطور فيه حاجات كدا مدورة كدا ولا حاجات طويلة طويلة كدا يؤشر بيديه.
عبد المعطي : ودي شنو الحاجات الطويلة والمدورة دي .؟
كلتوم : يكون شاف أولاد الناس الأغنيا ديل شايلين همبرقر ولا سجوك ولا هوتدوق .ولا بيتزا ولا أي أكلة من أكلات الزمن دا الماجات بعندنا دي.
عبد المعطي : هو عايز ياكل حاجات حتى ما عارف أسمها .؟
كلتوم : شوف هنا دا ما المقصود من الكلام ..المشكلة أنه ولدي راح تجيه عقدة وأنا لازم أرجعه روضة أبلة ثرية .
عبد المعطي : يا ولية دا حق من حقوقنا كيف نخليه للناس .
كلتوم : شوف هنا أنت وعمر ود نفيسه لو عندكم حقوق ضيعتوها أمشوا فتشوها براكم بعيد من الأولاد ما تعقدوا لينا أولادنا .. ديل أملنا الوحيد أصلا نحن قنعنا منكم عشمنا في وليداتنا ديل .
عبد المعطي : والآولاد ديل ما أولادنا برضو ونحن كايسين لهم مصلحتهم , ومتعتهم ورفاهيتهم .
كلتوم : أيوا كدا انت براك جيت في المحك .. قلت متعتهم ورفاهيتهم .. عمرك سمعت بمتعة ورفاهية تكون ضد رغبة الانسان ؟.. أهم حاجة في المتعة وأول خطوة أنه الانسان يكون راغب فيها .. غير كدا حتكون زيها وزي العقاب والتعذيب حتى لو كانت في مدينة ملاهي.
عبد المعطي : طيب أنتو عايزين شنو مننا ؟
كلتوم : انا بتكلم عن نفسي أول خطوة تطلع الولد من المحل الحشرناه فيه دا وعايز يتعقد من أول يوم . ياخ أنت عايز شنو أكثر من أنه ملابسه النضيفه المغسلة المكوية يشوفها شينة ووسخانة من أول يوم .. أكله يخجل يطلعه قدام زمايله ..وهو طفل صغير عمره خمسة سنوات ..يعني دا بعد سنة راح يكون جن ولف في الشوارع .
عبد المعطي : لا لا لا خلاص كلامك صاح بكره خليه يرجع روضته قديمة .
كلتوم : أيوا كدا خليكم عاقلين عندكم حقوق ضاعت منكم أمشوا رجعوها بطريقتكم .
يتيع

.

أخى درديرى بطل مشاكسات بدل النقطة دى خت ليك جزء من القصة.....تقديرى

اسفين يا سمعة نسبة لانقطاع الصورة من المصدر على قول قناة قون

عبد المعطي ماله؟
27
في صباح اليوم التالي التقى الصديقان في العمل
عمر :أها الأخبار شنو ؟
عبد المعطي : كلتوم مصرة تطلع الولد من الروضة الجديدة وترجعه القديمة ؟
عمر : ليه ؟
عب المعطي : قالت الولد أتعقد من مستوى زملائه ؟
عمر : الولد عرفه شنو بمستوى وما مستوى .
عبد المعطي : يا خ ما ضروري يكون عارف اللفظ .. لكنه أول شئ قال أنه ملابسه وسخانة رغم أنه أمه طلعتها من الدولاب مغسلة و مكوية .. وشاف السندوتش تبعوا غير صالح للاستخدام الآدمي .. الولد حاشين له فول بايت باقي العشا مشى لقى الآطفال جيابين سندوتشات همبرقر وسجوك وهوتدوق وبيتزا ودونات وكرورسون ومش عارف شنو .. نحن أولادنا الحاجات دي بيشوفوها في التلفزيون أعلانات أو مسلسلات يمكن أصلا ما عارفنها نوع أكل .. أها تقول لي ما يتعقد .
عمر : بعد أن أخذ سرحة قصيرة : والله كلامك صاح معه حق يتعقد .. بس أنا الوضع عندي عكس تماما .
عبد المعطي : كيف كمان ؟
عمر : أنا سعاد الحكاية عجبتها وعايزة تمشي في الموضوع أول شئ رصت لي قائمة فيها لبسات جديدة للاولاد . وحاجات أكل أول مرة تدخل بيتنا ويمكن بيوت عائلاتنا كلها .. .
عبد المعطي : أها حاجات زي شنو .؟
عمر : يا زول مورتديلا ومش عارف ليك موزريلا ؟
عبد المعطي : ودا أكل برضو ولا نوع من البلاط ؟
عمر ضاحكا : لا ياشيخ البلاط أسمه مزايكو ما تخلبطنا أكثر مما نحن ملخبطين ؟
عبد المعطي : طيب ليه سعاد مسكت في الموضوع وعجبها شنو في الحكاية دي وهي عارفة البير وغطاها .
عمر : هي أصلا تحب البوبار والفشخرة .. بس ما كان لاقية ليها حاجة عندنا تتفاخر بها وخاصة مع أخواتها المغتربات وهن يتحدثن عن مدارس أولادهن والمستويات الراقية وكدا .أهي جاتها فرصة مدردقه معقول تفرط فيها .؟
عبد المعطي : طيب سيبك منها هي الآولاد رأيهم شنو الحكاية عجبتهم ما اتعقدوا زي حمودي .
عمر : لا هم أتعقدوا طبعا لكن هي نجحت تخلي الحكاية مغرية بالنسبة لهم . أنه راح تشتري لهم لبسات جديدة وتجهز لهم فطور ينافس .. يعني نجحت خلتهم متشوقين ومتحمسين للوضع الجديد .
عبد المعطي مطلقا ضحكة ساخرة : وطبعا أنت متورط الآن .
عمر :أكيد متورط أنت عارف راتبي كله ما راح يكفي فطور الآولاد من الحاجات العاملة زي الأدوية دي .. وطبعا ما ممكن أقول لها أنا غيرت رأيي وأنا صاحب الفكرة من الأساس .
عبد المعطي :أخ خ خ تعرف كلتوم دي رغم كلامها الخشن لكن كلامها طلع صاح ماية في الماية .
عمر : ليه هي قالت شنو .؟
عبد المعطي :ما قالت زمان المركز دا حيبقى ليكم زي تيس عبد الرحيم .. جابوها يعشر الغنم قام رضع شوية اللبن الفيهن .
عمر بعد ما أطلق ضحكة طويلة : والله ياها دي البيسموها الكوميدا السوداء ذاتها تضحك من شدة الألم والمآسي .
عبد المعطي : طيب أنت ناوي تعمل شنو بعد الروشتة الجديدة دي .؟
عمر : والله يا عبده ما أكذب عليك أنا رسلت لعماد أخوي في السعودية .
عبد المعطي : وعماد حا يصرف عليك وعلى أسرته كمان ؟ .
عمر : يصرف علي شنو يشوف لي فيزا .
عبد المعطي : فيزا ؟ عاوز تغترب ؟
يتبع

عبد المعطي ماله ؟
28
عبد المعطي : قلت عايز تغترب ؟.. ياخ تبالغ لكن وين المبادئ وأنا التراب دا ما بفوته .. حتى لو ناكل كسرة بموية .. والخطب النارية ديك .
عمر : عبد المعطي ما تضغط علي أنت كمان .. براك شايف الحال ماشي لوين .. لو كان الموضوع علينا نحن ما مشكلة بنتحمل .. لكن هسع أطفال صغار ذنبهم شنو يعيشوا في الحرمان والعذاب .أهلنا الكبار ما قادرين نساعدهم أو حتى نعالجهم .. تخيل أمي نفيسة دي لي كم شهر بوعد فيها عشان أوديها للدكتور وأعمل ليها تحاليل .. كل شهر أقول لها الشهر الجايي ..
عبد المعطي : طيب نحن هسع ما مجتهدين وندور في الحلول أهو زي ما شايف عملنا المركز دا كبداية وأكيد وضع الناس راح يتحسن .. بس المشروع يغطي فترة استرداد رأس المال دي وتبدأ النعمة تنزل على الناس .
عمر : عبد المعطي أنت حا تضحك علي أنا ولا على الناس .أنا وأنت أكثر أتنين عارفين المشروع الوهمي دا ماشي في ياتو اتجاه .. المتنفس الوحيد لأهل الحي وهو النادي ضيعناه منهم .. تقول لي مشروع وأسترداد رأس مال ..
عبد المعطي : طيب الكلام دا ما كان منطقي ونحن أقتنعنا بيه قدام الشيخ ..
عمر : ما هو المرة دي جاب كلام منطقي واقنعنا .. وبعد تنتهي الفترة دي .. وتبدأ مرحلة مفروض تكون الدخل والأستفاده برضه حا يجيب كلام منطقي ويقنعنا بدون ما نأخذ شئ .
عبد المعطي : لا يا خ شنو الخلاك تتشاءم كدا وتفكر بالصورة دي .
عمر : الدستور نفسه .
عبد المعطي : يا تو دستور كمان ؟
عمر : شايف أهو أنت ذاتك نسيته مع أن المشروع دا كله فلت من يدنا بسبب الدستور دا.
عبد المعطي : ياخ ما تاخدني على قدر عقلي وتفهمني .
عمر : ياخ أنت ما عندك نسخة من دستور المركز واللوائح زيي تماما ؟
عبد المعطي : أيوا عندي أها مالها .؟
عمر : حصل قريتها ولا أطلعت عليها ؟
عبد المعطي : ياخ هو أنا فاضي لدستور ولا غيره أنا لو أقدر أقرا كلام قدر دا كان عملت ماجستير .
عمر : ما هو الشيخ عارف الحكاية دي .. سلمنا ليه وعارف لا أنا و لا أنت راح نقراه .
عبد المعطي : وكيف عرف أنه نحن ما راح نقراه .؟
عمر : ياخ ما تكون زول غشيم نوع الناس ديل بيلعبوا على حالاتنا النفسية ببراعة شديدة ويستغلوا أي ثقرة فيها ويوظفوها لمصلحتهم ..
عبد المعطي : طيب شنو الخلاك تفكر كدا ..؟
عمر : لآنه لو كان عايزنا نناقش معه الدستور كان ناقشنا أول شئ على المسودة نفسها قبل ما يطبعه بطبعة فاخرة كدا .لانه هي قابلة للتعديل وشئ طبيعي الناس ببتتناقش في المسودات مش في الأصل بعد الطباعة والتوثيق .
عبد المعطي : طيب ما كان ممكن نعترض عليه حتى لو كان مطبوع طبعة فاخرة .
عمر : طيب نحن ما أعترضنا عليه حتى بعد ما استلمناه نسخة فاخرة ليه ؟ عارف السبب ؟
عبد المعطي : لأنه نحن أصلا ما قريناه حتى نعترض .
عمر : ما هي دي الحالة النفسية اللعب عليها الشيخ زي ما قلت لك .. هو عارف نحن ناس بسطاء يغرينا الشكل والفخامة وينسينا الجوهر دائما . هو دا الشئ المضيع البلد دي وأهلها ..
عبد المعطي : والله دا كلام منطقي .. يضحك .. لكن جد ديل ناس خطرين .. طيب أفرض قريناه وأعترضنا على فقراته تفتكر كان ممكن يغيرها ؟
عمر : ما أعتقد .
عبد المعطي : طيب ما هي هي الفايدة شنو .
عمر : لا فقط بنكون أرهقناه شوية لكن أكيد يكون عنده بدايل تانية تقنعنا نحن وتبقى الوضع على ما هو عليه .
عبد المعطي : طيب البدايل دي ممكن تكون شنو في نظرك ؟ ..
عمر ضاحكا : هو أنا لو بعرف أفكر زيهم ما كان بقيت معاهم .. يعقبها بضحكة كبيرة يشاركه فيها عبد المعطي .
عبد المعطي : خلاص قفل الموضوع المدير جايي علينا خلينا نكمل الحوار في الحلة بعدين .
يتبع

عبد المعطي ماله
29
خلص الدوام وذهب الصديقان ناحية دورهم .. وطيلة الطريق عبد المعطي يفكر في التحول الكبير الذي حدث لصديقه . معقولة عمر يفكر في الاغتراب .. الرجل الذي ظل طيلة عمره يستهزأ بالمغتربين ويصفهم بالضعف والجبن .. طيب أنا القاعد ليها شنو ؟.. معقولة بلد ما قدرت تمسك عمر حا تمسكني أنا ؟
حتى وصل بيته والقى التحية المعتادة على أولاده وأمهم .
- كلتوم أها حمودي رجع لروضته القديمة ؟
- رجع ما بيرجع ماله ..وقال حتى في أولاد تانين رجعوا ..أولاد مختار رجعوا .. وأولاود حسن ود خديجة رجعوا .
- عبد المعطي ضاحكا قال ديل كلهم لقوا الشغلانة ما لافقة معاهم .. بس أنا عرفت أنه أولاد عمر ما ناوين يرجعوا ؟
- أجي ما بيرجعوا كيفن ؟ حايقعدوا مبشتنيين كدا مع أولاد الذوات .؟
- عمر قال سعاد مصرة يستمروا وقال فرضت عليه حاجات لازم يجيبها عشان يواكبوا .
- حاجات زي شنو كمان ؟
- يعني أكل ولبسات جديدة .
- اللبسات عرفناها الأكل دخلوا شنو كمان ؟.
- يعني عايزاهم يشيلوا فطورهم بسندوتشات فول وفاصوليا بايته وعدس زي زمان .
- وووو ب علي وعمر القدروا شنو على الحاجات دي .
- قال هي كتبت ليه قائمة طويلة مش عارف ليك موزريلا وفتريلا ومرتديلا وحاجات زي دي ؟
- كلتوم ضاحكة بشماتة .. عجبني ليه يستاهل عشان تاني تهبشوا . أصلا سعاد تحب البوبار والفشخرة وما صدقت لقت حاجة تتبوبر بيها . أها هو حا يعمل شنو سعاد عنيدة ما بتتنازل له حتى لو يطلقها .. الحاجة التختها في رأسها لازم تتنفذ .
- آخر حاجة أستسلم أها وفكر يغترب .
- دا الكلام الصاح أول مرة يفكر بعقله بدل التهور الكان عايش فيه أها أنت كمان رأسك ما رجع ليك ؟.. أها بعد عمر يسافر حاتقعد تعافر براك .. أنت الحاجات دي لا بتقدر عليها ولا بتتحمل عواقبها .
- نحن مالنا ما أمورنا ظابطة والولد أهو رجع لروضته القديمة .
- يا راجل هي يعني أنا عشان متحملة ما عندي حق أعيش زي خلق الله ..؟ شنو أمورنا ظابطة ..أنت راتبك ما كفي الديون خلي يعيشنا زي باقي الناس .أوعى تقول لي المركز وألارباح وألاوهام دي ..أذا كان عمر سيد الفكرة ذاتها قنع منها أهو مسافر ..
- طيب أها نعمل شنو الاغتراب ذاته ما عايز ترتيب وقروش ؟.
- ما عندك مشكلة أنت بس قول موافق .
- أها موافق .
- أيوا كدا خليك عاقل .. أنا قبيل كنت بتكلم مع حسن أخوي في الموضوع دا .. وقال شركتهم طلعت فيز وعايزة محاسبيين سودانيين .
- يا سلام والله فكرة سمحة نروح أنا وعمر مع بعض نكلمه يرسل فيزتين .
- هوي عمر بتاع شنو نقول تور تقول أحلبوه .
- ليه عمر ماله ؟.
- ما عنده أي مشكلة بس خليه هو يسافر بطريقته وأنت بطريقتك . تمشوا مع بعض تشتغلوا في شركة واحدة و هناك تعملوها نقابة وسياسة وحقوقنا وحقوقكم والله يكشوكم قبل ما تفتحوا شنط هدومكم ..أنت أصلك ما بتتعلم من بلاويك .؟
عبد المعطي سارحا مع نفسه : والله المرة دي آفة صحي لكن كلامها كله صاح .. عمر زول بتوع ثورات لو أتلمينا مع بعض حا يمشي يطينها هناك ونرجع تاني لعش الدبابير ومشاكلنا دي ..
- أها قلت شنو وسرحت كدا مالك .
- خلاص كلمي حسن أخوك يرسل الفيزا .
- كلمه أنت براك ما عندك تلفونه ؟ أتفقوا اتفاق رجال .. عشان يرسل لك الفيزا وحق التذاكر وحق الاجراءات لامن تشتغل تحاسبه .أنا مهمتي أنتهت خلاص الباقي عليك .
- ماشي خلاص خليني العصر بتصل عليه وأكلمه .
وفي العصر بعد الغداء . أخذ عبدالمعطي كرسيه بعد ما أجرى الآتصال مع حماه .. وتم الاتفاق . جاء عليه صديقه عمر ..
عمر :أها عملت شنو ؟
عبد المعطي : بخصوص .؟
عمر : بخصوص فكرة الاغتراب طبعا .. ما أقتنعت ؟.
عبد المعطي : أقتنعت ؟ أنا بديت في التنفيذ .
عمر : يا راجل ؟ دا الكلام . وعملت شنو .
عبد المعطي : كلمت حسن أخو كلتوم حا يرسل لي فيزا .
عمر : أنا كمان عماد أخوي قال رسلها فعلا .. نبدأ الاجراءات مع بعض يمكن نسافر في طايرة واحدة ..رأيك شنو ؟
عبد المعطي نظر له جاحظا وفي باله الهواجس الجديدة التي زرعتها له كلتوم . في طايرة واحدة ومع عمر ؟؟ دا الهوا ذاته .. با زول أنت زول أشرت وقطعت تذكرتك تاني حا يحصل شنو ..
عبد المعطي : ماشي أنشاء الله نسافر مع بعض .
عمر : مالك قلتها بعد تردد ؟ في مشكلة .؟
عبد المعطي : لا با شيخ بس ما هاين علي أسيب البلد دي ؟
عمر : ياخ ما قلنا دا كلام أناشيد ساي .. وبعدين نحن لامن نغترب راح نخدم البلد دي اكثر من نكون قاعدين فيها .. شوف كمية الناس الممكن نساعدهم .. علاج وتعليم . نحن الواحد من هنا أسرته الصغيره ما قادر يكفيها .
يقطع الحديث ثالثهم عثمان .
- السلام عليكم يا شباب ؟
عبد المعطي - أهلا أبو عفان أخبارك ؟
- ما لاحظتوا لبيت عمكم عبد الغفار بيهدوا فيه .؟
عمر : أيوا صاح مالهم الناس ديل جاتهم ليلة القدر ولا شنو ؟
عثمان : زي كدا قال ليك جا واحد رجل أعمال كبير أداهم في بيت الجالوص المعفن داك نص مليار وهم ما صدقوا . طبقوا القروش واشتروا ليهم بيت مسلح في الأطراف وحافلة مواصلات أشتغل فيها ولدهم عماد ..وأمورهم زي الورد .
عبد المعطي : ينظر بأندهاش ولا حتى قالوا لينا مع السلامة ؟.. ليه ميزة بيتهم شنو ؟ من طين بيتي دا أحسن منه .
عمر ضاحكا : ميزته شنو كيف ؟ أنت نسيت المركز الجديد الفخم . ونسيت الشرط أنه أهل الحي يشتركوا مجانا ..تعرف الحاجات دي كلها رفعت القيمة السوقية لكل بيوت الحي ؟ .. يعني بيتك المعفن دا ممكن يغنيك عن الآغتراب .
عبد المعطي سارحا ويبتسم ببله غريب .
عمر مواصلا : مش الشيخ قال أنا راح أغير الحي دا مائة وتمانين درجة ..أها التغيير بدا .
عبد المعطي : بس نحن كنا فاهمين أنه التغيير دا يشملنا نحن . يعني نحن نكون موجودين ..
عمر : ما هو شملكم فعلا .. يعني بيتك التعيس دا ما كان يجيب خمسين مليون زمان قبل المركز وشارع الأسفلت ..الآن أنت ممكن تكون رجل أعمال بسببه .. أها كدا التغيير شملك ولا لا ؟.
عبد المعطي : والله الشيخ دا أي حاجة قالها حدثت فعلا بس الفرق نحن كنا فاهمين شي وهو قاصد شئ آخر .
عمر بعد أن أكمل ضحكه على سخرية عبد المعطي موجها حديثه لعثمان :أها ما في ناس تاني باعوا ولا ناويين يبعيوا .
عثمان والله ما أكذب عليكم أنا بيتي غايتو أدوني فيه مليار . وبايع بايع أصلي ما متردد .. وناس عمك الشيخ نمرتين مع بعض أدوهم مليار ونص .
عمر : يعني التغيير الكان قصدو الشيخ بدل ما يرفع مستوى أهل الحي المعيشي ليتناسب مع المركز الفخم يستبدلهم بناس جاهزين وقادرين يتعايشوا ومتعودين يعنيتغيير ديموقرافي زي ما بيقولوا .
عثمان : يا هوي ما تعقدوا الموضوع بكلام الثورات و الغوغات رحم الله من نفع واستنفع .. خليهم هم يتهنوا بالمركز ونحن كمان نعيش لينا في بيوت زي الناس بدل كل خريف مجهجهين خايفيين ننوم جو الغرف تقع فينا أو ننوم برة تضربنا المطرة .
عمر : يعني أنت يا عثمان ما بعت بيتك يس حتى القضية بعتها .
عثمان : يازول حد الله بينا وبين القضايا ما عندي قضية مع أي زول ..أها والسلام عليكم .
عبد المعطي : لا لا لا تعال يا عثمان أنت فهمت غلط الزول دا ما قاصد حاجة .
مضى عثمان ينفض في يديه امتعاضا .
عبد المعطي موجها حديثه لعمر : ياخ أنت لغتك دي ما تغيرها خلينا نتخارج من البلد دي بسلام . مالك ومالهم ولا قضايا ولا يحزنون . نحن زينا وزي أي سوداني غلبتوا العيشة هنا وفكر يغترب ..
عمر : سيبك من عثمان دا أنت حا تعمل شنو تغترب ولا تبيع البيت .؟
عبد المعطي : ألاتنين بعملهن .
يتبع

عبد المعطي ما له ؟
30
على مدى شهر أو أكثر بدأ الصديقان في عملية التسليم والتسلم في وظائفهم .. والخروج مبكرا لأجراءات السفر .. لم تؤثر فيهم غلظة المدير وسخافة المدير أو هي أثرت لكن لم تعوقهم بقوله ( نحن ما عندنا حاجة اسمها أجازة من غير مرتب .. العايز يسافر يقدم استقالته والباب يفوت جمل ..في ملايين منتظرين وظائفكم دي وما لاقنها .)
بالله شوف الراجل الجلف دا تقول نحن متزوجين أمه .؟
- عيب عيب يا عبد المعطي نحن اتفقنا أنه نتحمل لغاية ما نتخارج طول بالك ما تطلع لينا معاكسة من السفر يبقى علينا ميته وخراب ديار فقدنا وظائفنا وما سافرنا .
- استغفر الله .. يعني نحن أصلا ماشين ماشين يكلفه شنو لو طيب خاطرنا بكلام حتى لو بالكذب .
عمر : ضاحكا يعني أنت عايز كلام زي شنو ؟
عبد المعطي : يعني مثلا يقول لينا حانفتقدكم ..أنتو ناس خبرات والشغل بلاكم يخرب ..
عمر : والله أنت بتحلم أحلام .. هو نحن الترقيات تتخطانا .. هم شايفين أنه نحن لسع في الخدمة دا فضل كبير منهم علينا .. تقول لي يشكروك ؟ .
عبد المعطي : ياخ نحن لا طلبنا حوافز ولا تذكية ولا أي شئ .. الكلام المجان دا ما نسمعه ؟
عمر : هوي يا عبد المعطي أرمي قدام ورا مأمن .. الله أعلم أن كان مأمن ولا لا ؟
عبد المعطي : يا زول أرح على قولك نرمي قدام أحسن وما نتلفت لورا تاني ..
في العصريات لازالا ملتزمين بجلسة العصرية أمام البيت لمناقشة ما تم من أجراءات .. ومشاهدة أهل الحي .. كل يوم يقف لوري ( شاحنة ) أمام أحد البيوت تنقل الأثاث الى جهة ما ويغادر أهلها دون أن يقولوا لجيران الحي وداعا .. بل أهل الحي لم ينشغلوا ببعض .أتلهوا حتى عن لوم بعضهم البعض. كلهم ومن بقى منهم تحديدا منتظرين سيارات السماسرة تطرق عليهم الباب .. وتبشرهم بالسعر المغري ؟؟
عبد المعطي : أنت تعال ناس الحلة ديل ما في واحد يقول للتاني مع السلامة ونحن رحلنا للحلة الفلانية .؟
عمر : لاحظ ليهم كأنه عندهم شعور بارتكاب خيانة ... يمشوا متسحبين ومتخفين .. ما في واحد يقول للتاني بيته جاب كم وهو راحل وين ؟
عبد المعطي : ياخ أنت درابك دا ( جلافتك ) ما بتخليه ؟.. خيانة شنو ناس باعوا بيتهم بالسعر اليرضيهم واستفادوا على قول أخونا عثمان .. نفع واستنفع .. أنت هو عثمان بالمناسبة بقى ما بيجي علينا وين مختفي ؟.
عمر : الظاهر حكاية بعت القضية دي خلته يشوفنا عشرة عشرة . أنت عملت شنو لبيتك لسع ما جو عليك السماسرة ؟.
عبد المعطي : تعرف انا بصراحة شعرت بنفسي ما مزنوق زي جماعتنا ديل ..أي سماسرة جوني قلت ليهم أنا ما عايز ابيع .. خليهم يرفعوا السعر شوية .
عمر :أها أدوك كم؟ وكلتوم رأيها شنو ؟
عبد المعطي : جاب سبعمائة وخمسين أنا عايزه يحصل مليار .. يا زول كلتوم فرحانة فرح . كل عصرية يجي أخوها الصغير خالد بالبوكس ويروحوا يلفوا في الأحياء الجديدة يفتشوا على بيت يكون مسلح كدا أو واقف على التشطيب .. يا زول بيتنا بالليل تقول مكتب عقارات .. وأنت ناس أبوك ما ناويين يبعوا بيتهم ولا حاجة نفيسة معاكسة ؟.
عمر : تعاكس في شنو هو الجيران كلهم رحلوا أو نووا الرحيل .. لكن ناس أبوي زيك كدا عايزين السعر يرتفع ..لكن خايف أنا السماسرة ديل يقصدوكم أنت وابوي .. يشتروا الحلة دي كلها ويخلوا ليكم بيوتكم دي كدا بجالوصها .. بعدين تبقوا زي القوبة في الرأس بيوت جالوص وسط العمارات والفلل .. هاهاهاهاها ..
عبد المعطي ضاحكا : الله يجازي محنك يا عمر .. ياخ والله كلامك صحي وارد جدا السماسرة ديل يمكن يكملوا قروشهم في البيوت التانية وبعدين ينزلوا لينا السعر .. يمين الليلة أول طارق ببيع له طوالي .
عمر :أنا بس سيد البيت مضايقني قال السماسرة قالوا له ما بنشتري منك الا تطلع المؤجر .وأنا باقي ليه شوكة حوت كل يوم داقي علي الباب .قلت له ألا اسافر بعد داك أولادي يرحلوا بيت جدهم ويسلموه البيت ..أها كل يوم يجيني أها ا لسفر ما قرب يا عمر ؟ .. وشغال معاي بالصورة دي .
فعلا بعد يومين باع عبد المعطي بيته وبتسعمائة وكلتوم وأخوها حصلوا على بيت دورين باقي على التشطيب ..أشتروه ورحلت هي عند ناس أمها .. وترك أمر التشطيب لعبد المعطي .. كما ترك مبلغ لمصاريفهم حتى تستقر أمور عبد المعطي ..
بعد نهاية الشهر أجتمع الصديقان مع أسرتهم الصغيرة و أخوانهم وأمهاتهم في صالة المطار ..
مطارات الوداع ضجت قدامك وراك .
يا عبدوا ما تنسى السجادات .. عبدوا يا ولدي حفاظات الموية .. أبوي أبوي أبوي عجلة جبلية .. يا عمر أهم شئ التلاجة .. موية الزير هرت مصارينا .. تلفزويون ملون كبير يا أبوي ..
توالت الطلبات على ظهر الصديقين مشفوعة بدمعات الفراق ..وبسمات الأمل .. يا حاجة نحن بعد كدا حجينا تب أنشاء الله .. الله يبشرك يابا .. من زمان راكبين راسهم لو كان اغتربوا كان حجينا لينا تلاتة حجات بدل واحدة .
أنشاء الله يا حاجة نفيسة بعد دا تحجوا تلاتة .
عفشهم على قلته .. شنطة واحدة لكل نصفها ملابس ونصفها مواد غذائية جافة ( ويكة وشرموط ( قديد )وشطة ودكوة ( زبدة الفول السوداني ) وسمسم وحلومر .).
عبد المعطي : أنت الحاجات ديل قايلننا ماشين الحرب ولا شنو .. فضحونا المطار ريحته كلها بقت بهارات بسبب المواد دي ؟
عمر : يا زول الله يدهم العافية فرحانين ياخ والله انا ما ندمت على شئ الآ أنه أخرت أغترابي للآن .. كان فرحتهم دي تكون قبل عشرة سنة على الأقل .
يتبع

بسم الله الرحمن الرحيم


الأخ درديرى
التحيات الطيبات

متابع لكتاباتك ،
السرد الذى يعلو فى تناغم ويهبط فى سكينة ،
الحياة فى دورانها وتقلباتها وفى مواطن الوجع ،

ثم ،
تروقنى هذه الرسائل التى تبعثها من بين السطور ،،

تحياتى

Quote: بسم الله الرحمن الرحيم الأخ درديرى التحيات الطيبات متابع لكتاباتك ، السرد الذى يعلو فى تناغم ويهبط فى سكينة ، الحياة فى دورانها وتقلباتها وفى مواطن الوجع ، ثم ، تروقنى هذه الرسائل التى تبعثها من بين السطور ،، تحياتى

شكرا سعادتك

والله طلتك أبهجت صدورنا

وكمان سطورنا

هههههههههههه

عبد المعطي ما له ؟31تحرك الصديقان عبر البوابات بعد أن شحنوا شنطهم وتجاوزا مرحلة الوزن والفحص .. بقى مع كل واحد منهم شطنته اليدوية الصغيرة التي بها شهاداته وأوراقه الثبوتية وجواز سفره... كل ما يمروا ببوابة ما يتوقعوا عقبة .. لكنها تعدي .. مروا بالتأشيرة والتفتيش الذاتي الى بوابة فحص الجمارك ( البوابة الالكترونية )ضجيج المسافرين مع صوت ضباط الجمارك ..( يا جماعة كل واحد يطلع الحزام والجزمة والساعة والنضارة والمعاه ولاعة سجاير ومفاتيح يطلعهم يختهم هنا )عبد المعطي حاول يتظارف يبعد عن نفسه التوتر قليلا : مفاتيح شنو يا زول ويفتحوا بيها شنو كمان الا شنطة الويكة دي ؟عمر : يا زول أنت فاكر الناس دي كلها أول مرة تسافر زيك .. فيهم ناس موقفين عرباتهم في المطار هناك وناس معاهم مفاتيح شققهم ..حانجي الاجازة الجاية وأذكرك بالكلام دا ؟عبد المعطي : باقي ليك نحن تاني نجي أجازة ؟عمر : ياسلام يعني الحجاج دي ما عايز تشوفهم تاني وبيتك الجديد ما عايز تستمع به .عبد المعطي : يا زول أنت صدقت أنا خايف أرجع بعد ستة شهور .. والله ما عارف لو ما أنت كنت معاي كان السفرة دي بقت لي زي السجن .. أهو نحن مونسين بعض .عمر : والله كتر خيرك أنا كمان سعيد بالسفر معاك .. كنت قايل نفسي راح أجيب ليك هوا وأنت كاشي من السفر معاي .عبد المعطي : يا زول أخاف شنو نحن في الهوا سوا .. هاهاهاهاها .تخطى الصديقان كل عقبات المطار الى أن أجتمعا سويا في صالة المغادرة الداخلية جلسا على أحدى الكنبات الوثيرة مواصلين حوارهم .وفي الخارج لم يغادر ذويهم الصالة بعد .. صعب على السودانيين وعاطفتهم الجياشة أن يغادروا صالة المطار قبل أن تقلع الطائرة ..أحساسهم أن أبنهم لا زال قربهم .. حتى لو لم يكونوا يرونه ويراهم .. تجمع آل عبد المعطي وآل عمر في الكافتريا في الدور الثاني منتظرين أعلان أقلاع الطائرة .لكن فجأة يلهج مكبر الصوت بنداء أخرسهم جميعا . المسافر عبد المعطي الشيخ عبد المعطي المسافر عبد المعطي الشيخ عبد المعطيالمسافر عبد المعطي الشيخ عبد المعطيعليه مقابلة مدير الصالة فوراالمسافر عبد المعطي الشيخ عبد المعطيعليه مقابلة مدير الصالة فورابدأت كلتوم جاحظة عينيها تنظر ناحية سعاد بعيون توقد شررا .كلتوم : حي عليه أنا .. ما بيسمع الكلام ... أها خم وصر .. سعاد : هو عبد المعطي ماله ؟كلتوم : بعرفو هم الجماعة ديل أصلهم سايبين الفيل ويطعنوا في الضل .سعاد : الفيل منو كمان ؟كلتوم : الفيل منو كمان ما راجلك العافار دا عامل فيها بتاع سياسة ؟سعاد : هوي كلتوم أقصري الشر طيب مالهم ما قالوا عمر ؟حاجة نفيسة : دا كلام شنو كمان يا كلتوم بتي ولدي أنا فيل وعافار ؟.- يا جماعة أقصروا الشر خلونا نعرف الحاصل شنو .حاجة نفيسة :أنت ما تلم بتك أم لسان فالت دي يا حاج علي .. قبل ما تعرف الحاصل شنو تتهم الناس ؟..وفي صالة المغادرة .. تصلب عبد المعطي تماما ..بدأ اسمه غريبا عليه كأنه أول مرة يسمعه .. بل بدأ يمسح بنظره على الحضور ربما هناك شخص آخر يتطابق معه في الأسم .عمر : عبد المعطي الناس ديل ينادوك .. أنت عملت شنو ؟عبد المعطي لم يستطع أن يخفي توتره قال بنهره :حا أعمل شنو أنت كمان .. نحن ما كنا مع بعض في أي خطوة عملناها ؟.بدأ الحضور يركزوا نظرهم على حوار الصديقين وعرفوا أن أحدهم هو المنادى .. وفعلا بدأ تكرار الإسم من جديد .. وقف عبد المعطي كالرجل الآلي وتوجه نحو بوابة الخروج تشيعه نظرات الحضور . وكل واحد سرح فيه بخياله محاولا أن يجد تفسيرا للحالات التي قابلت من اعتاد منهم السفر ..( محظور من السفر .. مخدرات سياسة.. أرهابي )وحوارات النميمة ( يا زول قاليك الارهابيين ديل بقوا ما يربوا دقن .. الواحد تشوفوا كدا شاب عادي .. لكن تلاقي وراه بلاوي ..) الله يازاهم ياخ خليهم انشاء الله يقبضوهم كلهم .. عمر يستمع للحوار والغيبة من رفقاء السفر دون أن يجد ما يدافع به عنه .. بل هو بات يتوقع أن ينده أسمه في أي لحظة . وكل تركيزة أصبح منصبا ناحية البوابة .. عساه يعود ويكون الأمر سليما . احرك عبد المعطي كالرجل الآلي تشيعه النظرات الشامتة والغاضبة دون مبرر أو فهم .وصل عبد المعطي مكتب مدير الصالة و وجد قربه بنت شابه . عرفها أحدى بنات حارتهم .. هي أبتسام شعر بارتياح عندما رآها وهي تحمل ظرفا كبيرا في يدها .. وهو يعرف أنها تعمل في المطار وبكل بساطة وبرود قالت ( معليش يا عبده . دي أوراق أرض بتاعة طارق أخوي قال لي أرسلها معاك .وانا سرحت ونسيت الموضوع وناس المطار منعوني أدخل ليك جوة ما في طريقة غير أناديك بالببلك أدرس أوعى نكون أزعجناك ؟)- أزعجتوني ؟ وقال في سره هي الهبلة دي ما عارفة في أمي وأبوي في الصالة بره يكونوا قاب قوسين أوأدنى من الموت .. شعر بمشاعر متباينة .. بين الفرح بالفرج والغيظ من تصرفها.. وكاد أن يلطمها بالكف في وجهها .. حتى تتعلم تقدر الأمور في المرات القادمة ؟ أوراق ارض يا بت اللذين ؟..لكنه قال متمتما : معليش خير خير انشاء الله أعتبريها وصلت ..أستأذن مدير الصالة ليطمئن أهل بيته الذين تجمعوا من جديد منتظرين نتيجة هذا النداء . طمأنهم بعد أن كادت أن تشتعل المعركة بين زوجته كلتوم وسعاد زوجة صديقه .أها عبد المعطي قال ماله ؟- يعني ما سمعتيه : دي ابتسام المتخلفة قالت عندها اوراق مهمة لأخوها .. عايزة تورينا أنها مهمة في المطار وممكن تنادي أي زول بعد ما يدخل المغادرة .- الله يازاها المتخلفة قطعت قلبنا هاهاهاهاها .يتبع

عبد المعطي ماله
32
أخيرا أقلعت الطائرة تحمل الصديقين ناحية مجهول جديد .
عم الصمت بينهما.
هي لحظات تمر بكل مغترب لحظة خروجه الأول.
ينفرد بنفسه.
تتنازعه الهواجس والأحاسيس المتباينة .
يدور داخله حوار متنوع بين الندم والفرح .. الحسرة والشوق .. الرغبة والفضول .. ماذا يوجد هناك ..
هل سيكون أسوأ من هنا.
ما أظن هنالك أسوأ من أن تكون مديون للحلاق والعجلاتي تؤلف في الاعذار كل ما التقيت أحدهما .
عمر .. اخخ أخيرا يا ابو عبده مرقنا .
عبد المعطي .. والله ما اكذب عليك يا عمر شاعر بانقباض في قلبي.
... ياخ دا شعور عادي يمر بأي مسافر اول مرة يغادر بلده.. شوف الناس الجمبنا ديل عاديين وفيهم واحدين ناموا كمان ..
المره الجاية حنكون زيهم كدا .
السادة المسافرين حان موعد هبوط الطائرة الرجاء البقاء في مقاعدكم وربط أحزمة الأمان.
متين كدا وصلنا هي الحكاية دي قريبة للدرجة دي.
يزول انت قايل روحك ماشي كندا قطع البحر الأحمر فقط في ساعة واحدة وانتهى الموضوع.
بالله شوف عمرنا كله مزعزعين وراكبين راسنا و بينا والعز ساعة واحدة.
يا زول الحكاية أقسام خلينا نلحق روحنا ..
هبطت الطائرة
وفي المطار استقبلهم شقيق كلتوم وأخذهم نحو مسكنهم .
وفي اليوم التالي ذهبوا نحو عملهم كل على شركته التي استقدمته.
عبد المعطي وجد مكتبه مشتركا مع عدد من المحاسبين المصريين .
أول مرة يعمل مع غير السودانيين.
لكن بالتدريج ومع مرور الأيام بدأت الالفة بينهم والصداقة وجبات غداء ودعوات ..
لكن لازال متحفظا و محتفظا بخبايا حياته الخاصة في العمل.
اجتهد وانكب على العمل ليثبت ذاته.
هو الحكاية ايه يا عبده انت ما بتتعبش؟
ياعم مدحت خلينا نأكل رزقنا بالحلال .
ومال انت شايفنا عمالين نلعب اومار ولا أبيه هاهاهاها هاها.
هاهاهاها لا ياشيخ العفو ما تفهمني غلط ياخ ..
تمضي الحياة في زمن لم تكن وسائل الاتصال ميسرة
الاعتماد على أشرطة الكاسيت والرسائل ..وخاصة التي تصل برفقة الواصلين .
ماذا فعلت كلتوم من بعده
اشتاق للصغار
اشتاق للوالدين
الجيران
قعدة العصرية قدام البيت
النادي
المناسبات
النيل
البلطي
الفسيح والملوحة
الفول المصلح
زغاريد الأفراح
أبشر يا عريس
عقبال أولادك يا ابو عبده
أولادي ليه ما تقول انا ذاتي.
والله كلتوم تسمعك تظعمت ريشك
هاهاهاها ماللدرجة دي يا عريس
انت قايل نحن نخاف والله كان ما الفلس.
ايه يا عبدو انت مش سامعنا خالص سارح فين يا عم ..
والله يا فتحي اشتقت للبلد. والأولاد.
الأولاد ولا أمهم ؟
هاهاهاها الله يجازيك يا مدحت .
نلتقي في النهاية

يتبع

عبد المعطي ماله ؟
النهاية
أعتاد عبد المعطي على حياة الغربة بالتدريج
وخاصة مع حياة العزوبية
بدأ يستسيق الأكلات الغريبة عليه على مضض .. مطاعم شعوب العالم وجدها منتشرة هنا .. الكبسة بأنواعها مندي وظبي ومكبوس ومضغوط وحنيز .. حتى الفول له أنواع .. فول جرة وفول قدرة وفول مطبوخ وفول قلابة.. وألارز .. برياني وشعبي وبخاري ..
السهر في بيت العزاب مع لعب الورق والتلفزيون ..
شئ واحد كان يقلقه .. أنقطاع الأخبار عن الأولاد .. حاول يتصل كذا مرة بالتلفون من كبينة خارجية أو كان يتصل فعلا.. في زمن كانت فيه الدقيقة تسوى مبلغا وقدره .. في أيامه الأولى الا أن كلتوم حذرته ( هوي يا راجل نحن كويسين .. شنو كلو يوم ضارب لينا ..أنت لو عايز تكملها في الكلام .. تاني لا بتقدر تجي راجع ولا بنقدر نجيك نحن..) أول شهر صرف قرابة الألف ريال في المكالمات .. كلتوم كلامها صاح .. نخليها مرتين في الشهر .. لكن مشتاق لحمودي .. عايز أسمع صوته ياخ .. الشافع لذيذ وحكاويه لا تمل .. ومشتاق لأمي .. وأبوي .. يلا عايزة صبر .
يوم في أحد سرحاته .. يأتي الساعي في المكتب .
أستاذ عبد المعطي عندك جواب وصل من البلد .
أستلم الظرف بتشوق ولهفة ..
أبسط يا عم أهو القماعة مش ناسنك خالص .
ضحك رفع رأسه ناحية صديقه مدحت .
لم يستطع الصبر حتى يرجع البيت .
فتح الظرف ووضع الرسالة على فخذيه وانحنى يقرأ فيها .
زوجي العزيز ( عبودي )
( شوف كلتوم كمان بقت تدلعني ..والله الغربة دي فوائدها ما عندها نهاية )
واصل في القراءه .
والله نحن مشتاقين ليك وما قايلينك ممكن تفرق معانا للدرجة دي .
الأولاد كلهم يسلموا عليك .. وحمودي يصبحها بكا ويمسيها بكا قال مشتاق ليك تعال راجع ..أوعى تسمع كلامه وتعملها .. عارفة قلبك رهيف خاصة مع المفعوص دا .
أها نحكي ليك أمورنا مشت كيف بعدك ..
باقي قروش البيت السبتها لينا .. قمستها لقسمين .. القسم الأول أتفقت مع ناس خالد أخوي وأصحابه أنهم يبدأو في تشطيب البيت الدور الأول أشتريت ليهم البوهية و حاجات الكهربا .. ورضوا بمصنعية بسيطة .. أصلا هم مؤجزين وقلت خليهم يطلعوا مصاريفهم ينفعونا وينفعوا روحهم .. وعندهم خبرة طبعا بشغل النفير الكان زمان في الحلة والنادي . الحمد لله البيت قرب يخلص برسل ليك صوره مع الجواب الجايي .
بعد ما طمعت قلت أخلص البيت وأؤجره . لكن قلت معقولة بيتنا جديد يستمتعوا بيه ناس قبلنا .. فكرت أرحل أسكن فيه وحا يسكن معاي خالد أخوي ..وأنت لامن تجي الاجازة تلاقيه عامر أنشاء الله .. سيراميك وبلاط يا زول أسكت ساي بقينا ناس راحات .. الله يخليك لينا .
والقسم التاني رجعت الحلة وسددت الديون كلها العلينا كل الديانة مبسوطين وبيدعوا ليك .
ناس الحلة معظمهم رحلوا واتفرقوا في كم ناس سكنوا معانا في الحلة الجديدة .. فرحنا بيهم وفرحوا بينا .
لكن في حاجة راح تدهشك وتخليك متحير ..
عارف الأشترا بيوت الحلة منو ؟
طبعا حاتقول ناس أثرياء أغراهم المركز الجديد وحبوا يجاوروه .
لا يا شاطر كلنا كنا فاكرين كدا ..
الأشترا بيوت الحلة كلها هو شيخكم السلطوه على الناس دا ..
أتاريه الآفة دا كان هو بيرسل السماسرة يشتروا البيوت بأسماء وهمية ..
هو كان يهدها ويبنيها ويبيعها بالمليارات ..
على فكرة شركة المقاولات البنت النادي هي شركته هو .. وهي نفس الشركة الشغالة هدم وبناء بطراز حديث على بيوت الحلة .
شفت ؟ أنت وصاحبك عمر طلعتوا داقسين ( مغفلين ) كيف ؟
يعني ما بعتوا النادي بالمجان بس .. الحلة كلها كمان بعتوها ..
لا لا لا معليش ما تفتكرني بشمت منك .. بالعكس ناس الحلة كلهم سعداء بوضعهم الجديد .. وما فارقة معاهم ولا حاسين بأي ظلم .. كلهم وضعهم اتغير للأحسن رغم أنهم تشتتوا في الحلات البعيدة .. لكن فيهم الأشترى حافلة والفتح دكان والاشترى بيتين . .كلهم مبسوطين .. الكلام دا عشان أنت وصاحبك ما تحسوا بالذنب ..
وأزيدك فلم من الأفلام الجديدة .
عارف السهل أجراءات سفركم في المطار من ؟ و هو الشيخ نفسه .معقولة عمر ود نفيسة يسافر كدا بكل سهولة وأي زول عارفه شقي ومحظور ..
لكن الشيخ ساعدكم ما عشان خاطر عيونكم الحلوين .. عشان ما تعاكسوه في مشروعه الكبير .. بالذات عمر ..
في حاجة تاني لذيذة عارف البنت إبتسام القطعت قلبك وقلبنا في المطار المرسلها منو ؟ هو الشيخ نفسه ..
وعلى فكرة هو كان موجود في المطار يوم سفركم . وكان قاعد فوق في الصالة مع المدير .. وعمل فيك المقلب دا . وكان ميت بالضحك يشاهد فينا من فوق . خاصة بعد ما أنا وسعاد قربنا نتماعط ( نتشاكل )في المطار بسبب الموقف لانه أنا قلت ليها السبب عمر راجلك الشليق دا .
طبعا هسع رأسك ضرب وتقول كلتوم الشقية دي جابت المعلومات دي من وين .
أنا حقول ليك .
تعرف ابتسام ديك نفسها أتضح أنها تبع الشيخ ..,اتزوجها صاحبكم أسماعيل ( المدير ) فوق مرته أحسان .. وعلى فكرة اسماعيل طلع نصيبه من الحلة فوق الثلاثة فلل جديدة .. سكن المرتين كل واحدة في فلة براها وواحدة لناس أبوه .. والعربات دي تلاقيها مرصوصة قدام بيته زي النعلات قدام باب الجامع ( ما شاء الله ما نسحره كمان )
أها أنا ابتسام لاقيتها بالصدفة عند الحنانة .. اتونسنا قريب ساعتين .. فتت ( حكت ) لي الفلم دا كله ..
أها شفتو كيف أنت وصاحبك عمر العامل فيها شفت ومفتح ..أحكي ليه لكن أوعى تديه يقرأ الجواب دا .. عارفة خفتك . .معليش ما تزعل مني والله أنا بريدك جد .
مع السلامة وتقبل سلام الأولاد والوالدين
معليش نسيت قل لعمر
الله خارجكم من مدرسة أصغر التلاميذ فيها وأبلدهم هو الشيطان نفسه .
عبد المعطي لم يستطع أن يكتم ضحكه أطلقها مدوية .
- هو عبد المعطي ماله ؟
ما عرفش
أنتهت .

تمت

.

عبد المعطى ماله ؟؟؟؟؟؟؟

ابو الدرادر

حكي ممتع

يخ لكن كلتوم شفتة عدييييل