نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع خضر

نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع خضر


11-07-2015, 04:10 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=480&msg=1446865820&rn=41


Post: #1
Title: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع خضر
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 04:10 AM
Parent: #0

03:10 AM Nov, 07 2015
سودانيز اون لاين
بشرى محمد حامد الفكي-استراليا
مكتبتى

هذه حلقات جديرة بالمناقشة

Post: #2
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 04:11 AM
Parent: #1

كسر الحلقة الشريرة
(1)
_________
ثورة أكتوبر 1964، وإنتفاضة أبريل 1985، انتجتا واقعا جديدا، تخلق وتشكل منذ الوهلة الأولى بشكل مباشر وملموس. عنوان الواقع الجديد كان الإنتقال من الشمولية الديكتاتورية إلى التعددية الديمقراطية، أو "بَلى وإنجلى" كما عبر عنه شاعر الشعب الراحل محجوب شريف. وطيلة فترة حكم الإنقاذ ظل الناس في انتظار تغيير مماثل ينجلي بموجبه "البَلى"، لكن لم تشفي غليلهم إنتفاضة هادرة، ولم يروا في الأفق تخلقا أو تشكلا مماثلا أفرزته أي من إتفاقيات نيفاشا أو أبوجا أو الدوحة أو القاهرة أو الشرق. وعن حق إلى حد بعيد، ظل النظام في نظر الناس هو نفس النظام، والمعاناة هي نفس المعاناة. ومع الإقرار بأن إتفاقية نيفاشا أنهت حربا أهلية مدمرة، ولم تمنع تجددها، فإن البعض يجزم أن سقف الإتفاقية الأعلى كان هو فصل الجنوب، وأن السقف الأعلى للإتفاقات الأخرى كان هو إعادة إقتسام كراسي السلطة، ناهيك عن الشعور بأن تلك الإتفاقات، جميعها، بدلا من أن توفر الأمان للوطن والمواطن، ربما وفرته لمنتهكي حقوق الإنسان ولشرائح الطفيلية الجديدة وأثرياء الحرب وسماسرة المجاعة وناهبي المال العام...!
وفي الحقيقة ما كان من الممكن تطابق الواقع الناتج بعد ثورة أكتوبر أو إنتفاضة أبريل مع ما أتت به المفاوضات والاتفاقات في 2005. فالقاعدة واضحة: شكل ومحتوى الواقع الجديد، أي البديل، يحددهما أسلوب التغيير والإنتقال من الواقع القديم. فالطابع غير الجماهيري للتغيير، انقلاب مثلا، يعني قطع الطريق أمام الحراك الجماهيري مما يؤدي إلى سرقة أي انتفاضة محتملة، وإلى الوصاية ومصادرة الديمقراطية والرجوع إلى مربع الأزمة. والحلول التصالحية السطحية والتي لا تخاطب جوهر الأزمة، أو تقتصر مخاطبتها على الورق فقط دون التنفيذ، تعني أن النظام القديم سيشكل الجزء الأقوى في البديل الجديد، مما يعني أيضا الرجوع إلى مربع الأزمة. في حين أن الطابع الانتفاضي الجماهيري للتغيير يعني بدء السير في طريق خلق واقع أفضل لصالح طموحات هذه الجماهير. وهنا ينطرح سؤال هام: كيف برزت آلية الحل التفاوضي وصعدت إلى القمة في حين تعثر الطابع الإنتفاضي للتغيير؟ أعتقد الإجابة تكمن في: أولا، عجز الأحزاب والحركة الجماهيرية عن تفجير الانتفاضة نتيجة الضعف الملحوظ في نشاطها، غض النظر عن أسباب هذا الضعف، وفي نفس الوقت عجز الحكومة عن القضاء على المعارضة والحكم بإرتياح. هذا الوضع أدى إلى حالة من التوازن، توازن الضعف والإرهاق الذي تمكن من الصراع السياسي في البلاد والذي كانت نتيجته الركون إلى التفاوض. ثانيا، الثقل الدولي دفع بكل آلياته في السودان من أجل وقف الحرب وفرض الحل التفاوضي. ثالثا: التفاوض ومانتج عنه من إتفاقيات، ليسا فقط ثمرة الفعل العسكري في ميادين القتال بين الفصائل المسلحة، وتحديدا حركة الشعبية، والحكومة، أو نتيجة لجهود المجتمع الدولي وحدها، بل هما ثمرة الجهد الجماعي والإرادة الجماعية لكافة الأطراف: ميادين القتال، الفعل السياسي المعارض، المنظم والعفوي، مقاومة الشعب السوداني للحرب، ثقل المجتمع الدولي ومساهمات أصدقاء السودان دوليا وإقليميا.
بالطبع، ومن البديهي، لم ولن يكن معيار نجاح أي منبر تفاوضي هو ما سيحققه هذا المنبر من مكاسب لأطراف التفاوض، وإنما في قدرته على فض حلقات الأزمة لصالح الشعب السوداني. ورغم إقرار قطاعات واسعة من الشعب السوداني بأن قضيتها الأولى هي وقف الحرب، وأن ما تم في منابر الإيقاد وأبوجا والدوحة والشرق خطوة هامة في هذا الإتجاه، فإن بعض هذه القطاعات الواسعة ظل يتهم منبر الإيقاد بأنه لا يرى في السودان سوى الحكومة والحركة الشعبية، لذلك جاءت بروتوكولات ماشاكوس تعبيرا عن الرؤى السياسية لهذين الفصيلين، في حين القضايا الأخرى ذات الصبغة القومية الشاملة جاءت كناتج ثانوي لهذه الرؤى. وأن منابر أبوجا والدوحة والشرق لم تتناول قضية دارفور وقضية التهميش في شرق السودان وفق المنظور السياسي القومي، بل إختزل الأمر في إتفاق فوقي حول تقسيم السلطة. وفي ذات الوجه فإن البعض لخص مفاوضات القاهرة بين التجمع والحكومة، رغم بنودها الثلاثة عشر التي تغطي معظم حلقات الأزمة السودانية، لخصها في إنها محاولة لزيادة نصيب إحزاب التجمع في كيكة السلطة! وغض النظر عن الإتفاق أو عدمه مع أي من هذه الرؤى، إلا أنها، في تقديري، تحتوي على بعض الجوانب الموضوعية التي ظلت تتوطد مع إزدياد تجاهل الدعوة إلى ضرورة التبني العملي لآليات الحل السياسي الشامل.
من ناحية أخرى، فإن المفاوضات، في كل المنابر، كانت تحاط بسياج متين من التعتيم والسرية مما عمق الشعور بأن هذه المفاوضات ربما تسير وفق إرادة النخب السياسية وليس بإرادة الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية، وأنها تسير تحت ضغوط أجنبية مختلفة ومتباينة المصالح وليست ضغوط وإرادة شعب السودان، وأن ما يتم من تقرير في ما يخص حاضر ومستقبل البلاد، لن يكتب له الاستمرار، ولن يكتسب الشرعية بحكم الواقع أو بوضع اليد، ناهيك عن الاستدامة، لأنه يتم من وراء ظهر الأغلبية الساحقة من شعب السودان. يا ترى هل كان ذلك الشعور زائفا أم كان قراءة حقيقية لما هو متوقع وسيأتي؟.
وحتى لا نتهم بالتهويل وحب المبالغة، فإن كل ما ذكرناه لن يعمينا عن حقيقة أن المحصلة النهائية للتفاوض، في كل تلك المنابر، وبغض النظر عن درجة رضانا عن تفاصيلها، حققت على الأقل أربعة إنتصارات رئيسية هي: أولا، وقف الحرب طويلة الأمد بين الجنوب والشمال، وإن لم تمنع تجددها، ولم تطوي صفحتها في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ودارفور، ولم تنزع فتيل التوتر في البلاد. ثانيا، الاتفاقات شكلت اختراقا قويا في جدار الشمولية، كما فتحت كوة بشّرت، ولو على إستحياء، وغض النظر عن الإسراع بتضييق هذه الكوة، بإمكانية التحول الديمقراطي، وبتهية مناخ أفضل للصراع السياسي. ثالثا، تلبية بعض مطالب سكان مناطق التوتر. رابعا، التأكيد على فشل وهزيمة مشروع بناء الدولة السودانية على أساس آيديولوجي، أيا كانت هذه الآيديولوجية، أو على أساس تصور حزبي ضيق، أيا كان هذا الحزب.
لا أعتقد بوجود خلاف حول أن المفاصل الرئيسية للأزمة في السودان تشمل: الديمقراطية (بما في ذلك قضية السلطة والحكم) والسلام والتنمية والوحدة في مقابل الإنفصال ودعوات حق تقرير المصير السابقة والمتوقعة..!. وأنه في كل لحظات التحول السابقة، إبان ثورة أكتوبر وإنتفاضة أبريل، كان التصدي لهذه المفاصل يسبق جهود وقف الحرب. ولكن هذه المرة، وعلى عكس كل المرات السابقة، فإن مخاطبة هذه المفاصل تأتي كناتج ثانوي لمسألة تصفية الحرب الأهلية. وفي ذات السياق، فإن إتجاه حركة الصراع السياسي ينطلق هذه المرة بقوة من الأطراف إلى المركز، وليس العكس كما كان سابقا، وإن كان هذا لا ينفي إمكانية الحراك من المركز. صحيح أن ثنائية الحرب والسلام تعتبر حلقة محورية في مفاصل الأزمة، لكنها حلقة واحدة ضمن عدة حلقات أخرى. فالسلام وحده لن يشبع الجوعى ويكسي العرايا ويعالج المرضى. فوقف الحرب في الجنوب لم يوقفها في دارفور، ولم يمنع إندلاعها في كوردفان والنيل الأزرق، كمل لم ينزع فتيلها في باقي البلاد. ومن ناحية أخرى، فإن الصراع السياسي في السودان ليس مجرد صراع حول السلطة بين المعارضة والحكومة، مثلما لا يمكن توهم حله بمجرد وقف القتال بين المتحاربين، أو بمجرد توقيع القوى المختلفة على ميثاق شامل!. لكن جوهر الصراع هو في الحقيقة حول إعادة بناء الدولة السودانية الحديثة، القائمة على تقنين التعدد الاثني والديني والثقافي، والمرتكزة على أسس النظام الديمقراطي التعددي المدني، وعلى التنمية المتوازنة بين كل أطراف البلاد، وذلك في ظل نظام للحكم يحقق هذه الأهداف. هذا هو المدخل لتحقيق حلم كسر الحلقة الشريرة. ومن الواضح أن عدة عوامل تتحكم في هذا الموضوع منها: ميزان القوى في الصراع السياسي، آلية تحقيق البديل (فناتج الإنتفاضة ليس كناتج التفاوض). ومن ناحية أخرى فالحلم لايتحقق بضربة واحدة، وإنما عبر عدة مراحل. (نواصل)
د. الشفيع خضر سعيد

Post: #3
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 04:12 AM
Parent: #2

نحو أفق جديد
كسر الحلقة الشريرة
(2)
_________
الصراع السياسي في السودان، ليس مجرد صراع حول السلطة بين المعارضة والحكومة، وإن كان هذا هو أبرز تجلياته، وهو ليس حصرا على حقبة الإنقاذ الراهنة، وإن كانت الأكثر مأساوية وكارثية، كما لا يمكن توهم إنهائه وحله بمجرد وقف القتال بين المتحاربين، أو بمجرد توقيع القوى المختلفة على ميثاق شامل، أو بسقوط نظام الإنقاذ!... نحن نرى، ويوافقنا في ذلك الكثيرون، أن جوهر هذا الصراع، في الحقيقة، هو حول إعادة بناء الدولة السودانية الحديثة، القائمة على تقنين التعدد الاثني والديني والثقافي، والمرتكزة على أسس النظام الديمقراطي التعددي المدني، وعلى التنمية المتوازنة بين كل أطراف البلاد، وحول أفضل نظام حكم يحقق هذه الأهداف. إن القناعة بهذه الحقيقة هو المدخل لتحقيق حلم كسر الحلقة الشريرة. وأعتقد أن طبيعة وماهية الحلقة الشريرة، ربما أصبحت من البديهيات المعروفة للجميع، بينما التحدي الحقيقي هو كيفية كسرها ودحر شرها. لذلك، سنتناول، في إيجاز، جوهر وطبيعة الحلقة الشريرة تمهيدا لمناقشة أوسع حول سبل وآليات كسرها.
ما من حديث يتناول طبيعة الأزمة السودانية، إلا ويشير إلى أن السودان، ومنذ فجر إستقلاله، مصاب بمتلازمة "الحلقة الشريرة"، هذا التعبير الذي أصبح راسخا في الأدب السياسي السوداني، والذي يجسد حالة عدم الإستقرار السياسي في البلاد: حكم مدني ديمقراطي يطيح به انقلاب عسكري يقيم نظاما ديكتاتوريا تطيح به إنتفاضة شعبية تقيم حكما مدنيا ديمقراطيا يطيح به إنقلاب عسكري ..... وهكذا. كما أن متلازمة الحلقة الشريرة تتجلى أيضا في عدة وجوه أخرى، مثل:
حرب أهلية مفاوضات إتفاق أزمة حرب أهلية ............ وهكذا.
أو: تأزم حوار فشل تأزم................ وهكذا.
وقناعتي الراسخة هي أن كل أوجه وتجليات الحلقة الشريرة هذه، تعكس جوهرا واحدا، جوهر الأزمة السودانية المزمنة، حيث العجز والفشل، منذ فجر الإستقلال وحتى الآن، في التوافق على مشروع قومي
لبناء الدولة السودانية.
وفي إطار دوران الحلقة الشريرة هذه، شهد السودان، منذ نيله الإستقلال، أربعة فترات إنتقال حرجة...، حرجة لأنها مليئة بالمهام الجسام وبالقضايا المصيرية. أولى فترات الإنتقال كانت عقب خروج المستعمر، والأخريات جئن عقب الإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية وبعد التوقيع على إتفاقية السلام الشامل. وكل فترات الإنتقال هذه إتسمت بالفشل الذريع في إستكمال مهامها، سوى تلك المهام المتعلقة بمعالجة التدهور ونتائج السياسات الخاطئة الموروثة من الحقبة السابقة للفترة الإنتقالية، أو المتعلقة بالبدء في تنفيذ المهام التأسيسية المؤجلة منذ حقبة الإستقلال، مهام بناء الدولة الوطنية. وفترات الإنتقال هي:
الفترة الأولى: عقب الاستقلال 1956 الحكومة الديمقراطية الأولى الأزمة فالإنقلاب العسكري في 1958 بقيادة الفريق عبود.
الفترة الثانية: عقب الإطاحة بنظام الفريق عبود عبر ثورة أكتوبر 1964 فترة انتقال أقل من سنة
الديمقراطية الثانية الأزمة فالإنقلاب العسكري في 1969 بقيادة النميري.
الفترة الثالثة: عقب الإطاحة بنظام النميري عبر الانتفاضة الشعبية 1985 فترة انتقال لمدة سنة
الديمقراطية الثالثة الأزمة فالإنقلاب العسكري في 1989 بقيادة الترابي والبشير.
الفترة الرابعة: عقب إتفاق السلام الشامل، 2005، الذي أوقف الحرب الأهلية في جنوب السودان بين نظام الإنقاذ والحركة الشعبية لتحرير السودان فترة إنتقال لمدة ستة سنوات أزمة مستمرة
فإنفصال جنوب السودان مؤسسا جمهورية مستقلة 2011، لتندلع الحرب في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق دون توقف حتى الآن، وهي أصلا مشتعلة في دارفور منذ العام 2002 وحتى اللحظة.
ومن هنا يجئ قولنا بأن الأزمة التي تعصف بالبلاد اليوم، هي ليست أزمة محدودة، أوعابرة، أو مؤقتة، وإنما هي أزمة وطنية عامة، عميقة وشاملة، طبعت بميسمها كل أوجه الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والروحية في السودان. ورغم أن نظام الإنقاذ، الذي إحتكر إدارة الوطن لما يقرب من نصف فترة ما بعد الاستقلال، قد فاقم من حدة هذه الأزمة، ووصل بها إلى مداها الأقصى والمدمر للوطن، بحيث أن زوال هذا النظام هو المدخل للفكاك من خناقها، إلا أنها، أي الأزمة، لم تتفجر يوم إستيلائه على السلطة. هي أزمة مزمنة تمتد جذورها إلى فجر الاستقلال، في غرة يناير 1956، عندما فشلت كل القوي الاجتماعية والسياسية التي شكلت الأنظمة المدنية والعسكرية التي تعاقبت علي حكم السودان منذ ذلك الفجر، في التصدي إلى المهام ذات الطابع التأسيسي للدولة السودانية المستقلة، فظلت تلك المهام مؤجلة ومتراكمة، بل تفاقم الوضع وتعقد بالمعالجات القاصرة والخاطئة لتلك المهام علي أيدي ذات القوى، والتي لم تركز إلا على مسألة السلطة وبقائها فيها. وما إنقلاب الجبهة الإسلامية القومية، وفرضه لنظام الطغيان والإستبداد على مدى تخطى ربع قرن من الزمان، إلا نتاجا منطقيا وتعبيرا أوضحا لهذا الواقع المتأزم.
واقع التعدد والتنوع الغني، الذي يميز ويذخر به السودان، من حيث الأعراق والقوميات، والأديان وكريم المعتقدات، والثقافات واللغات والحضارات، ومستويات التطور الإقتصادي والإجتماعي...، هذا الواقع الثر، كان له القدح المعلى في تشكيل وصياغة تلك المهام التأسيسية للدولة الوطنية السودانية المستقلة، والتي تتلخص ملامحها الرئيسية في:
1. طبيعة وشكل نظام الحكم والنظام السياسي الملائم لهذا الواقع المميز والغني بتعدده وتنوعه، والذي يحقق المشاركة العادلة في السلطة بين مختلف الأعراق والإثنيات والمجموعات القومية والجهوية المكونة للكيان السوداني، ويحقق ممارسة سياسية معافاة توائم ما بين القيم الديمقراطية الثابتة والمطلقة والسمات الخاصة ببلادنا.
2. التوزيع العادل للموارد والثروة بين ذات المكونات.
3. علاقة الدين بالدولة.
4. مسألة هوية السودان.
هذه المهام ذات الطابع التأسيسي، والتي فشلنا في التصدي لها وإنجازها في إطار مشروع وطني مجمع عليه، ودستور دائم مجمع عليه أيضا، من كل المكونات السياسية والقومية في البلد، يتعهد بقضايا التنمية وبناء دولة ما بعد الإستقلال، لا زالت تنتظر التنفيذ..! وهي في الواقع تشكل جوهر الحلقة الشريرة الساكنة في أرض الوطن، كما تشكل جوهر الصراعات الدائرة في البلد حد الحرب الأهلية، بحيث يمكننا القول إن عدم التصدي لهذه المهام التأسيسية يجعل السودان لا يزال يعيش في فترة إنتقالية ممتدة منذ فجر الإستقلال وحتى اليوم، وإن ما أفرزه ويفرزه الواقع الراهن، تحت حكم الإنقاذ، من تدهور وتأزم جديد، مستمر ومتراكم، يدفع بنا إلى القول بأن السودان اليوم يتجه نحو حالة أشبه بحالة "دولة اللادولة" (Stateless State). ولا شك أن المسؤولية في كل ذلك، تقع بالدرجة الأولى على عاتق الحركة السياسية السودانية، التي فشلت في كسر الحلقة الشريرة، عندما أهملت تلك المهام التأسيسية، مهام بناء الدولة، ولم
تركز إلا على مسألة بقائها في السلطة
من زاوية أخرى، وبالرغم من الجوانب الإيجابية الكثيرة لدور المجتمع الدولي في المشهد السياسي السوداني، علما بأن مدخله يظل دائما هو قضية الحرب والسلام..، إلا أننا، وفي حالات كثيرة، ننظر إلى هذا الدور، بإعتباره من ضمن مكونات تلك الحلقة الشريرة. وإذا كنا نطرح كسر الحلقة الشريرة، على الصعيد الداخلي، بتوطين الحكم الديمقراطي ودحر التفكير الإنقلابي وإقتلاع جذور الحرب الأهلية، فإننا أيضا مطالبون بالنظر في دور هذا المكون الجديد، المجتمع الدولي، في الحلقة، والذي كثيرا ما يفاقم من ذات المحتوى "الشرير" للحلقة. (نواصل)
د. الشفيع خضر سعيد

Post: #4
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 04:13 AM
Parent: #3

نحو أفق جديد
كسر الحلقة الشريرة
(3)
_________
قلنا في المقال السابق، أنه، وبالرغم من الجوانب الإيجابية الكثيرة لدور المجتمع الدولي في المشهد السياسي السوداني، إلا أننا، وفي حالات كثيرة، ننظر إلى هذا الدور، بإعتباره من ضمن مكونات الحلقة الشريرة. وإذا كنا نطرح كسر الحلقة الشريرة، على الصعيد الداخلي، بتوطين الحكم الديمقراطي ودحر التفكير الإنقلابي وإقتلاع جذور الحرب الأهلية، فإننا أيضا مطالبون بالنظر في دور المجتمع الدولي، في هذه الحلقة، والذي كثيرا ما يفاقم من ذات محتواها "الشرير". فماذا نعني بأن دور المجتمع الدولي يمكن أن يكون من ضمن مكونات الحلقة الشريرة في بلادنا؟
أعتقد لن يختلف إثنان في أن تدخل المجتمع الدولي في المشهد السياسي الداخلي، لأي بلد، يأتي تعبيرا عن عدة عوامل، في مقدمتها، عجز القوى السياسية الوطنية عن معالجة أزمة الحكم وبناء الوطن، إضافة إلى سعي المجتمع الدولي لضمان مصالحه. وهذه العوامل تنعكس، بالضرورة، في الحلول والوصفات العلاجية التي يقدمها المجتمع الدولي لعلاج الأزمات المتفجرة في دول العالم الثالث. فالملاحظ في هذه الوصفات العلاجية، أنها دائما ما تنزلق إلى مهاوي الحلول المؤقتة والهشة والجزئية، والتي تخاطب الظاهر لا الجوهر. قدم المجتمع الدولي خدمات جليلة في العديد من مناطق العالم، سيراليون وساحل العاج ومالي وأفريقيا الوسطى والعراق وليبيا والسودان...الخ، وحقق نجاحات صفق لها الكثيرون. لكن تشظيات الأزمة في هذه البلدان ظلت كما هي، محدثة إنفجارات داوية من حين لآخر. بل وفي بلد كالصومال مثلا، إنتهينا بما يشبه إندثار الدولة. ما يمكننا إستنتاجه حول دور المجتمع الدولي في هذه المناطق، أنه لم يقدم حلولا جذرية لأزماتها، بل أضاف تعقيدات جديدة في واقعها السياسي. وما يحدث الآن في بلادنا، والتي صارت أزماتها مطروحة على بساط البحث والعلاج في دهاليز المجتمع الدولي، منذ أكثر من عقدين من الزمان، وهو لا يزال يصدر وصفاته العلاجية كأنها الوصفة الأولى، يؤكد ما ذهبنا إليه. لقد إستقبل الشعب السوداني، بفرح يشوبه القلق، فكرة التدخل الدولي في البلاد خاصة وأن "الروح بلغت الحلقوم"، وكان يظن خيرا في الحلول المطروحة/المفروضة بأنها ستوقف الحرب وتحقق التحول الديمقراطي والوفاق الوطني...، فماذا كانت النتيجة؟ وقطعا ما حدث من إنفصال وإعلان لجمهورية جنوب السودان، وما أعقب ذلك من حرب عاصفة دامية على الحدود بين الدولتين، ثم الحرب العبثية المدمرة في دولة الجنوب، ليس هو ما كان يتوقعه الشعب السوداني يوم سمع بأن منتجع نيفاشا تحوم في سمائه، وتعشعش في أرضه، أطياف المفكرين والمنظرين وعلماء السياسة وفض النزاعات الدوليين. أما الحدث المتكرر بصورة ممجوجة في مفاوضات أديس أبابا، فيؤكد فداحة ما تقودنا إليه الحلول المعلبة العابرة للقارات، حتى أن الذهن يجد صعوبة في إستبعاد وجود رؤية/مؤامرة محكمة تهدف إلى إعادة تشكيل السودان إلى دويلات على أساس المكون الإثني. وللأسف، هذه الرؤية/المؤامرة هناك من يتبناها داخل نظام الإنقاذ، إن لم يكن بوعيه فبممارساته، وما ذاك الطرح حول المثلث العروبي الإسلامي، والذي إشتهر بمثلث حمدي، ببعيد عن الأذهان.
وبالمناسبة، نود التأكيد على أن حديثنا حول أمكانية أن يصبح دور المجتمع الدولي من ضمن مكونات الحلقة الشريرة في بلادنا، لا يعني البتة إعتراضنا على ما ظل يساهم به المجتمع الدولي في حل أزمات بلادنا وبلدان العالم الثالث الأخرى. فنحن ندرك تماما موضوعية هذا الدور وهذه المساهمة في إطار علاقات العولمة التي لا فكاك منها في عالم اليوم. ولكننا في نفس الوقت نفرق، وبوعي تام، بين دور ومساهمة المجتمع الدولي، كظاهرة موضوعية حتمية، بل ومطلوبة، وبين محتوى الحلول المضمنة فيهما. ومن زاوية أخرى، نحن نتقبل ونتفهم تماما سعي المجتمع الدولي لتحقيق مصالحه في تجفيف منابع الإرهاب وضمان إنسياب المعاملات والحركة الإقتصادية. ولكن، ما نود قوله هنا، وبكل الحزم الممكن، أن مصالح المجتمع الدولي لا يمكن أن تكون على حساب مصالح شعوبنا. ومن هنا جاءت محاذيرنا بخطل أن يتعامل المجتمع الدولي وكأن الصراع في السودان ينحصر بين طرفين فقط، حتى ولو كانا هما الطرفين القويين في نظر علماء السياسة وبنوك التفكير المرتبطة بمراكز إتخاذ القرار في المجتمع الدولي. وفي محاولة لتعليل وشرح كيف أن دور المجتمع الدولي في المشهد السياسي السوداني أصبح من ضمن مكونات الحلقة الشريرة في البلاد، نقول:
أولا: جزئية وإنتقائية منهج الحل، وإنطلاقه من أفكار مسبقة يغلب عليها الطابع الأكاديمي وقوة المصلحة. وحتى عندما يقترب الحل المطروح من الشمول ومخاطبة كل التفاصيل، تهزمه آليات التنفيذ القاصرة، والتي مرة أخرى يسيطر عليها المنهج الجزئي والإنتقائي، فتحصر الحل في طرفين فقط، مثلما حدث في إتفاقية السلام الشامل.
ثانيا: سيطرة فكرة أولوية الإستقرار على الحرية والديمقراطية، في تجاهل متعمد للعلاقة الجدلية بين الإثنين، وفي فرض معيار خاص لدول العالم الثالث يخفض من سقف طموحاتها المتطلعة للديمقراطية وحقوق الإنسان، وذلك إنطلاقا من فرضية أن هذه الدول غير مهيأة لإستقبال الديمقراطية كاملة، وأن مجتمعات العالم الثالث يكفيها انتخابات ذات مصداقية جزئية دون الإلتزام بمعايير الحرية والنزاهة والشفافية المتعارف عليها دوليا...! أنظر تجربة المجتمع الدولي في التعامل مع إنتخابات 2010 في السودان. أعتقد أن هذه الفرضية فيها قدر من النظرة الدونية تجاه هذه المجتمعات.
ثالثا: وفي الحقيقة، فإن إتجاهات التفكير الجديدة، والمعبر عنها بفرضية أولوية الاستقرار على الديمقراطية وحقوق الإنسان، بدأت تتشكل في بعض مراكز المجتمع الدولي، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 المؤسفة. وبالطبع، سنكون مخطئين إذا تجاهلنا حقيقة أن التحركات الدولية تجاه السودان ظلت مرتبطة بالسياسات الآخذة في التبلور على الصعيد الدولي بعد تلك الأحداث، وارتباط نظام الإنقاذ أنذاك بأسامة بن لادن وتنظيم القاعدة، ومحاولاته المحمومة للإفلات من أي ضربة أمريكية محتملة، حتى وإن أدى ذلك لتفريطه في وحدة وسيادة البلاد. وكلنا يذكر، أنه بعد أحداث 11 سبتمبر وتعاون حكومة الإنقاذ مع الولايات المتحدة بأكثر مما كانت تتوقع في محاربة الإرهاب، شرعت تلك الدوائر الدولية في الاستعداد للعودة السودان، ضمن مشروعها للسيطرة على النفط الأفريقي من تشاد والبحيرات حتى انقولا. لهذا أصبح من مصلحتها البدء بأسبقية إيقاف الحرب واستقرار مناطق البترول في البلاد، وما عدا ذلك يأتي في مرتبة ثانية بما في ذلك التحول الديمقراطي.
رابعا: من واقع السيناريوهات التي ظل يطرحها المجتمع الدولي لعلاج الأزمة العامة في بلادنا، تولد لدينا شعور قوي بأن المجتمع الدولي لم يعد معنيا بمفاهيم وتصورات الوحدة في إطار التنوع، وهو يغض الطرف عن القوة الكامنة التي تفرزها هذه المفاهيم والتصورات في خلق نظم ومؤسسات تستوعب الجميع وتحد من طغيان الصراع الإثني والديني. وبالمقابل، إزدادت شكوكنا حول أن المجتمع الدولي أصبح يدعم المشاريع المتطلعة إلى فكفكة الروابط التي تشدنا إلى البقاء تحت راية الوطن الواحد، في إستجابة هادئة، وتحرك حذر نحو تجسيد مفاهيم الشرق الأوسط الجديد، وإعادة رسم خارطة المنطقة.
بعد كل هذا، ألا يحق لنا وصم بعض جوانب من دور ومساهمات المجتمع الدولي في التصدي
لحل النزاعات في مناطق التوتر، وما يطرحه من حلول جزئية وهشة وسريعة الإنهيار، مسببة إنفجار الأوضاع مرة أخرى، ألا يحق لنا وصم كل ذلك بأنه من ضمن مكونات الحلقة الشريرة في بلادنا؟!
(نواصل).
د. الشفيع خضر سعيد

Post: #5
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 04:14 AM
Parent: #4

سنواصل نشر الحلقات

Post: #7
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: Kabar
Date: 11-07-2015, 08:49 AM
Parent: #5

صديقي بشرى..حبابك
والف مبروك لصدور كتابك ونتمنى ان تتاح لنا الفرصة في الإطلاع عليه..

وكتر خيرك على اشراكنا في مقالات الدكتورالشفيع خضر ..وهو رجل نحترمه ونحترم جهاده/نضاله ومجاهداته في خلق افق وطن يسع الجميع..ومعك ننتظر حتى نهاية المقالات..ولولا ان كاتبها هو دكتور الشفيع خضر ، لما عتبنا عليها ..فالرجل يهمنا ونرجو منه الكثير..في واقع متشابك يصعب التنبوء فيه..


من الحلقة الأولى في المقالات ، قال دكتور الشفيع:
Quote:
ثورة أكتوبر 1964، وإنتفاضة أبريل 1985، انتجتا واقعا جديدا، تخلق وتشكل منذ الوهلة الأولى بشكل مباشر وملموس. عنوان الواقع الجديد كان الإنتقال من الشمولية الديكتاتورية إلى التعددية الديمقراطية، أو "بَلى وإنجلى" كما عبر عنه شاعر الشعب الراحل محجوب شريف. وطيل


فان كان دكتور الشفيع يتحدث عن نخب الصوالين في الخرطوم ، فنحن لسنا من هذه النخب..وان كان يقصد واقع امسودان بكل تنوعه وغبائنه واحزانه ومظالمه ، فنحن من هذا الواقع..وحتى يحدد دكتور الشفيع من يقصد بالتحديد فاننا نثير تحفظاتنا ، وهي تتعلق بالتكييف السليم للأزمة السودانية (كما نزعم)..وهي تتعلق بضرورة ان تجتهد الأكاديميا والنخب السودانية قليلا في طرح تقييم صحيح للأزمة..بخلاف ذلك سنظل في نقطة اعادة انتاج الحلقة الشريرة وبكل حذافيرها..!

انا مواطن سوداني من جنوب كردفان ، واهلي يحترفون الرعي ، واقليمي تعرض لأبشع الأشياء التي يمكن أن يتصورها الإنسان ، أن يكون مسرح لحروب عبثية لآ ادري كنهها واهلي لا يدرون كنهها.. فماذا تعني لي ثورة اكتوبر 1964 وثورة امارس – ابريل 1985..؟
لا شئ البتة..ولا شئ البتة..!!!

فعندي ثورة اكتوبر 1964 كانت ثورة تعني نخب الصوالين في امسودان ، تحديدا في الخرتوم ، ومن لعب فيها اهم الأدوار هو دكتور حسن الترابي بمحاضرة الأربعاء في جامعة الخرطوم..وانها وبعد خمس سنوات فقط جاءت بعسكر الشيوعيين واليساريين والقوميين العرب فيما يعرف بتجربة مايو بتاعة جعفر نميري (طبعا دكتور الشفيع حاول يتناسى الحقبة دي واعتبرها انها كانت تجربة ضده وضد الحزب الشيوعي السوداني ، ما علينا ..فالشينة دايما منكورة في امسودان)..وانتفاضة مارس- ابريل 1985 هي الإنتفاضة التي سرقتها الطائفية ثم عقبتها(

بعد اربعة سنوات فقط) الإنقاذ في 1989..لتستبدل شمولية الشوعيين واليسار ، بشمولية اسلامية اخوانية ، وكلها اشياء تخص نخب الصوالين في امسو دان..ولا علاقة لها بالمواطن الراعي في كردفان ، دارفور ، النيل الأبيض ، او المزارع في الجزيرة ، الشمالية ، او صياد السمك واللؤلؤ في البحرالأحمر..!


فالواقع الجديد لم تخلقه اكتوبر او ابريل يا دكتور الشفيع..وتلك تجارب انجزت تغيير محدود.. لم يكن هو واقع يهمه فقط التغيير من ديكتاتورية شمولية الى ديموقراطية تعددية كما يزعم دكتور خضر ، الواقع الجديد فرضه منفستو الحركة الشعبية (في ايام طهرها التغييري الثوري الأول) حينما تحدث عن ان هناك فئات مهمشة وهناك فئات تحتكر السلطة والثروة والحظوة التأريخية وتريد أن تفرض رؤاها في واقع امسودان ، سواءا كان واقع في اطار التصورات أو واقع في اطار السياسات اليومية التي تنفذها الدولة وتؤثر في كافة قطاعات الشعوب السودانية في اطار الدولة التي تنفذ تلك السياسيات..!

الواقع الجديد يا دكتور الشفيع ، هو الواقع الذي فرضه منفستو الحركة الشعبية وناضل من اجله الى ان نال الجنوب استقلاله ، وهو الواقع الذي فرض وجود حركات دارفور المسلحة ، تلك التي ادعت (في بدايات طهرها الثوري الأول) انها جاءت لتقاتل من اجل حقوق شعوب سودانية كثيرة ، هضمت حقوقها نخب الصوالين في الخرطوم تلك التي تمجد انتفاضة اكتوبر وانتفاضة ابريل وتنتظر انتفاضة اخرى لتهب ، طبعا في الخرطوم..!!

قد تكون تجربتا اكتوبر وابريل قد احدثتا واقعا جديدا كما يذهب دكتور الشفيع في مقدماته النظرية..ولكن السؤال: هل هما فعلا بنفس التصور؟..بالطبع لأ.. اكتوبر وابريل لم تحدثا واقعا جديدا في امسودان ، وهما مجرد ذكريات عاطفية تهم فئة ضئيلة في امسودان ، فئة نخب الصوالين في الخرطوم.. اما الواقع الحقيقي ، فهو شيئا اخر..فهو تحدي يقف هناك عاريا ومن عجب لا احد يستطيع اختباره.. فالكل يريد ان يستكين لفلسفة دفن الرؤس في الرمال..وهكذا ضاع السودان وسيضيع اكثر..!!


سلامة المقدمات تقود الى سلامة الخلاصات (النتائج) .. فالدكتور خضر ، وبطوع نفسه اخطأ في مقدماته ، وبالتالي أي خلاصات ، في المقالة الأولي على الأقل ، سوف تقود الى نتائج مغلوطة..!


كبر

Post: #8
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: Kabar
Date: 11-07-2015, 08:52 AM
Parent: #7

نعم قلنا بمبدأ المنطق البسيط : ان سلامة المقدمات ، بالضرورة ، تقود الى سلامة النتائج ، وهذا هو ديدن علم المنطق المعروف ، وقلنا أن دكتور الشفيع اخطأ في مقدماته الأولي بتصوره بان الواقع الجديد انتجته تجربتا اكتوبر وابريل فقط ، ولكن..!!

Quote:
في المقالة الثانية..قال دكتور الشفيع:
. نحن نرى، ويوافقنا في ذلك الكثيرون، أن جوهر هذا الصراع، في الحقيقة، هو حول إعادة بناء الدولة السودانية الحديثة، القائمة على تقنين التعدد الاثني والديني والثقافي، والمرتكزة على أسس النظام الديمقراطي التعددي المدني، وعلى التنمية المتوازنة بين كل أطراف البلاد، وحول أفضل نظام حكم يحقق هذه الأهداف. إن القناعة بهذه الحقيقة هو المدخل لتحقيق حلم كسر الحلقة الشريرة.


ومجددا يا دكتور الشفيع ،
الصراع هو في حقيقته صراع بين نخب امسودان حول السلطة ، واحتلال الخرطوم بالتحديد..فانسان الأقاليم يعرف انه صراع بهذه الكيفية..و انه صراع بين نخب اليسار (مايو تحديدا ) واليمين (بعد مايو ، بعد الإنتفاضة فيما يسمى بحكم الإنقاذ بتاع الجبهة الإسلامية)..صحيح هناك اشراقات لقلب الموازيين التقليدية تجلت في منفستو الحركة الشعبية الأول ثم منفستو حركات دارفور الأول ..!!!..

اعادة بناء الدولة ، يا دكتور الشفيع ، تحققت في دستور نيفاشا 2005 ، الذي اقر كل ما تحتاجه شعوب امسودان..ولكن من قتل هذا الدستوروقيمه السامية النبيلة؟..
قتلته قوى اليسار السوداني ، وتحديدا الحزب الشيوعي السوداني الذي ، وفقا لغبائنه الذاتية تجاه الجبهة الأسلامية قام بتحريض الجنوبيين لإختيار الإنفصال ، باعتباره تحرر عن هيمنة الإسلاموعروبية ومشروع الجبهة الإسلامية ، وهو مشروع وطني في امسودان مثله ومثل مشروع الشيوعيين واليسار والقوميين العرب في تجربة مايو..فماذا كانت النتيجة ؟ (جني جن مثقف سوداني، وبعد كل سنوات الضياع يريد ان يمرر نفس الأجندة الخبيثة في تشخيص المشكل السوداني كما يفعل دكتور الشفيع في هذى المقالات..)..

نحن كمواطنين ، نرى أن افضل دستور حسم مشاكلنا وتناقضنا ، هو دستور السودان 2005 ،دستور نيفاشا.. فمن قتله؟

قتلته قوى اليسار السوداني والحزب الشيوعي السوداني ، تلك القوى التي دفعت اهالي جنوب السودان لإختيار الإنفصال بدعوى ان اليمين بتاع الجبهة الإسلامية اجبرهم على اختيار الإنفصال.. انتا قايل شنو يا دكتور الشفيع ، الجبهة الإسلامية لم تفرض على الجنوبيين اختيار الإنفصال ، انما الحزب الشيوعي وبقية مواهيم اليسار هم من فرض ذلك..دي قراية مواطنين سودانيين عاديين..وهم ناس انتا ما بتشتغل بيهم ، وللأسف الجبهة الإسلامية بتشتغل بيهم..!
نعم يا دكتور الشفيع ، دستور نيفاشا بتاع 2005 ..حسم كيفية ادارة التنوع في السودان ، وشرع لفكرة النظام الفيدرالي ، وشعوب امسودان ، في هذه اللحظة ، شغالة بمبادئ هذا الدستور ونالت حقوقها في التمثيل السياسي (كل الأقاليم في امسودان ، في اليوم ، تدار بافراد من نفس تلك الأقاليم دي..!!)..
سياسة التعليم بتاعة الجبهة االإسلامية ، فطنت للتنوع ، وفطنت للغباين التاريخية ..فانا يا الشفيع كنت مغبون للغاية ان اذهب من الدلنج لغاية الخرطوم لأدرس في الجامعة ، واليوم نظام الإنقاذ، الوهم ، وفر الجامعة في الدلنج ، اب كرشولا (التي ضربتها الجبهة الثورية من غير اذننا) ، ابوزبد ، النهود ، بابنوسة ، الفاشر ، نيالا ، الجزيرة ابا (هل كنت تتصور يا الشفيع ان تكون جامعة في الجزيرة ابا واسمها جامعة الإمام المهدي..؟؟؟)..ناهيك عن الجزيرة وسنار والقضارف وكسلا والبحر الأحمر والشمالية والنيل..!!!!
فبربك يا دكتور الشفيع أي تصور تقدمه لنا انت شخصيا ، وقوى المعارضة التي تتحالف معها، اكثر مثالية مما عندنا كمواطنين سودانيين عاديين؟..

فهل اعادة هيكلة الدولة لا تكون صحيحة الإ بعد استيفاء شروط الشيوعيين وربيبهم لورد الحرب ياسر عرمان؟..

دولة اكتوبر وابريل يا دكتور الشفيع تمت اعادة هيكلتها ، وللأسف بايادي الأسلام السياسي بتاع الجبهة الإسلامية التي تجلت في حكم الإنقاذ لتنحرف في سنواتها الأخيرة وتخضع لأجندة الطائفية ونخب الصوالين بتاعين الخرطوم..!!!
اليوم في السودان ، هناك نظام فيدرالي ، والحركة الشعبية نالت ، بفضل الإنتخابات الحرة المباشرة ، حكم ولاية النيل الأزرق ، ولكنها بتحريض الحزب الشيوعي السوداني ، تخلت عن كل ذلك واختارت طريق الحرب ..فاشعلت الحرب في مناطق بعيدة عن دور الحزب الشيوعي السوداني في الخرطوم اتنين وبقية نواحي العاصمة..فمن يتحمل مسئولية تلك الردة؟..

عن اي سودان يتحدث الدكتور الشفيع خضر؟..

كبر

Post: #9
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: Kabar
Date: 11-07-2015, 08:57 AM
Parent: #8

كتب الدكتور الشفيع خضر:

Quote:

واقع التعدد والتنوع الغني، الذي يميز ويذخر به السودان، من حيث الأعراق والقوميات، والأديان وكريم المعتقدات، والثقافات واللغات والحضارات، ومستويات التطور الإقتصادي والإجتماعي...، هذا الواقع الثر، كان له القدح المعلى في تشكيل وصياغة تلك المهام التأسيسية للدولة الوطنية السودانية المستقلة، والتي تتلخص ملامحها الرئيسية في:
1. طبيعة وشكل نظام الحكم والنظام السياسي الملائم لهذا الواقع المميز والغني بتعدده وتنوعه، والذي يحقق المشاركة العادلة في السلطة بين مختلف الأعراق والإثنيات والمجموعات القومية والجهوية المكونة للكيان السوداني، ويحقق ممارسة سياسية معافاة توائم ما بين القيم الديمقراطية الثابتة والمطلقة والسمات الخاصة ببلادنا.
2. التوزيع العادل للموارد والثروة بين ذات المكونات.
3. علاقة الدين بالدولة.
4. مسألة هوية السودان.



واقع التنوع ، فرض وجود نظام فيدرالي ، نظام يمنح الجميع الحق في التمثيل السياسي والثقافي والتعليمي..ودستور نيفاشا بتاع 2005 ، الذي قام اليسار السوداني ، بقيادة الحزب الشيوعي السوداني ، بتحريفه وفرض فكرة الإنفصال ، هذا الدستور وفر كل تلك المتطلبات..والشرط الوحيد المتبقى هو رعاية هذا الدستور عبر رقابة تحترم حقوق شعوبها قبل ان تبحث الإنتصار لحقوقها الذاتية..

طبيعة نظام الحكم يا دكتور الشفيع ، اتحسمت ف
ي دستور نيفاشا ، فمن اخل بها؟..كمواطن ،اقول لك ، للأسف الشديد ، الإسلام السياسي لم يخل بذلك ، وانما اليسار السوداني بقيادة الحزب الشيوعي السوداني ، هو من اخل بذلك ، في ممارسة

خيانة واضحة للكافة لحقوق شعوب السودان..!!
التوزيع العادل للثروة..حدث يا دكتور الشفيع ، حدث بصورة قد لا تعجب الحزب الشيوعي السوداني وعمك الصادق المهدي ، فهل هذا يرضينا كشعوب سودانية ومواطنين خارج حسابات الحزب الشيوعي والصادق المهدي؟...بالطبع نعم..!

علاقة الدين بالدولة ، حسمها دستور نيفاشا ، الذي وقع عليهو دكتور جون قرنق..وكان خيار وسط ، رضى يمين الإسلام السياسي او لم يرضى ، وميثاق الفجر الجديد ذهب لنفس الإتجاه ، وميثاق نداء قوى السودان ذهب لنفس الإتجاه.. فماذا تظن نخبة صوالين الخرطوم انها تسوق؟..

بالطبع لأ شئ..تكرار لكل الوهم الذي يساعد في استمرار الماساة..!!
لا شئ يا دكتور الشفيع..لا شئ.. البتة..!!


في نقطة هوية السودان ، يبدو ان دكتور الشفيع يعيد علينا نفس السؤال الذي انتج ازمة السودان ويعيد انتاجها بصورة يحسد عليها..!!

ياخي انا من جنوب كردفان ، هويتي التي اعرفها أن اقليمي اغني اقليم بعد انفصال الجنوب؟ هويتي أن السودان بلدغني بموارده الطبيعية، هويتي أن انتشار السلاح في غرب السودان امر يجب ان تسيطر عليه الدولة السودانية وتحسمه باسرع ما يمكن..هويتي أن الحروب العبثية يجب ان يحاسب كل من كان طرف فيها..!!
فهل هذه هي الهوية التي يتحدث عنها دكتور الشفيع خضر؟..من قال لك يا دكتور ان السودان يعاني من مشكلةهوية اسلامية أو عربية ، فقد غشاك...!!

اقول لك وانا اقرأ بصدق ما حدث ويحدث في دويلة جنوب السودان ، فهناك هم افارقة قحيين ، بعيدا عن الإسلاموعروبية وشنو كده ماعارف ، ولكنهم قتلوا بعضهم البعض بصورة احتار فيها العالم الغربي (التدخل الدولي يا دكتور) الذي سوق لهم من قبل أن الإنفصال هو خير لهم..!!

تجربة دويلة جنوب السودان ، يا دكتور الشفيع ، انا كمواطن عادي ، اقرأها باعتبارها انها التطبيق الحي لمشروطاتك الأربعة التي ذكرتها..ففيها اختار لحكاية نظام الحكم وشكله ، فيها اختبار لفكرة توزيع السلطة والثروة ، وفيها اختبار لفكرة علاقة الدين بالدولة ، وفيها اختبار للهوية..وكلها ناتجها صفر كبير ..صفر كبير يا دكتور الشفيع.. فهل تريدنا ان نمشي في درب الخسران لنتأكد من فساد التجربة...؟

كبر

Post: #13
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 11:53 AM
Parent: #8

الصديق Kabar

تحياتي يا ملك

ما قدرت أفهم ربطك لانفصال الجنوب والحزب الشيوعي السوداني ومن أسميتهم باليسار
مع اني أتفق في أن مجمل الممارسة السياسية لقوى المعارضة بما فيها الحزب الشيوعي أسهمت بمقدار فيما وصل اليه الحال
على العموم سعيد بالحوار
والمقالات جديرة بالمناقشة فعلاً
سأواصل في تنزيل المقالات التي وصلت حتى الآن حداشر مقال
,اتمناك قريب دوماً

Post: #11
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: صلاح عباس فقير
Date: 11-07-2015, 11:30 AM
Parent: #5

شكراً للأستاذ الشفيع خضر على هذا المساهمة النوعية،
وهي استجابة في الصميم للتحديات الراهنة!
وشكراً لك أخي بشرى!

وإلى أن تتيسر لنا القراءة التي تليق بهذه المساهمة!

Post: #14
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 11:55 AM
Parent: #11

الحبيب صلاح عباس فقير

تصدق وتأمن بالله وأنا بنزل في المقالات توقعت قراءة اسمك بين المتداخلين
يعجبني تناولك للقضايا
أنتظر مساهمتك يا ملك

Post: #6
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: أحمد الشايقي
Date: 11-07-2015, 06:54 AM
Parent: #2

Quote: رابعا، التأكيد على فشل وهزيمة مشروع بناء الدولة السودانية على أساس آيديولوجي، أيا كانت هذه الآيديولوجية، أو على أساس تصور حزبي ضيق، أيا كان هذا الحزب.

Post: #10
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: حمد عبد الغفار عمر
Date: 11-07-2015, 09:15 AM
Parent: #6

سلام يا بشرى

وسلام يا كبر

Quote: اجبرهم على اختيار الإنفصال.. انتا قايل شنو يا دكتور الشفيع ، الجبهة الإسلامية لم تفرض على الجنوبيين اختيار الإنفصال ، انما الحزب الشيوعي وبقية مواهيم اليسار هم من فرض ذلك..دي قراية مواطنين سودانيين عاديين..وهم ناس انتا ما بتشتغل بيهم ، وللأسف الجبهة الإسلامية بتشتغل بيهم..!


يا كبر ياخ نيفاشا دي نحن ما حاضرين توقيعها معقول هسة اليسار والحزب الشيوعي يصبحوا هم الفصلوا الجنوب ؟

حاجة تانية الجنوبيين يا كبر مطالبين بالانفصال من عام 1954 كل الكان بحدث من مفاوضات وحروب وسلم ما هو إلى مخاض عسير للوصول لنتيجة الانفصال دي

حاجة تالتة هل انت جادي في أنو الجبهة الإسلامية شغالة بالمواطنين العاديين ؟ ممكن كمعابر لتحقيق طموحاتها الما عندها حدود دي


كان بقيت غواصة كلمنا من هسة

Post: #12
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: adil amin
Date: 11-07-2015, 11:36 AM
Parent: #10

[/Bاقي شهرين ويجي عيدالاستقلال وبرضه يحتلفو ناس المركز بي علم القومجية العرب ومع -نفس الناس- خردة 1964 من قوميين وشيوعيين واخوان مسلمين
السودان الحقيقي لم يتكون بعد وزمان الانجليز الاذكياء البصنعو الطائرة الاير باص صممو لينا النظام البنفع مع السودان "ديموقراطية وست منستر وظلت كتبهم تنضح بحب السودانيين وصنعو لينا احزاب حقيقية وقالو لينا باعدو عن محور مصر الخدوية تركيا ابعد ما يمكن ومن العرب كمان وجامعة الدول العربية المزيفة لان هذه الايدولجيات العربية صنعت في الحقبة الامبريالية الصهيونية من اجل تدمير العرب والسودان ليس دولة عربية على الاطلاق ..تعاملت انجلترا مع الاذكياء من السودان وتعاملت مصر مع المنبطحين والمعقدين كمان وافرزت لينا القوميين ومنهم مرق الشيوعيين وثالثة الاثافي الاخوان المسلمين..وبعد فشل مصر عبر افساد الانتخابات بتاعة 1954 بواسطة الصاغ صلاح سالم الذى يحتقر السودانيين ويستغباهم ونال السودان استقلاله من البرلمان بعد تحول الكثيرين من الاتحاد مع مصر وحدة السايس والحصان.. لاسباب شخصية رجعو المصريين ومخابراتهم عبر الانقلابات وبدعة الضباط الاحرار واضاعت 60 سنة من السودان بسبب الانقلابات والشعارات الغوغائية التي تصحبها والحثالة السياسية ايضا التي تحكم وتحتقر اهل الهامش والحديث ذو شجون
والسؤال القائم الان ايهما كان افضل للسودان السير في طريق الكومون ولث وديمقراطية وست منستر
1- حزب الامة الاصل-السيد عبدالرحمن المهدي
2- حزب الشعب الديموقراطي السيد علي الميرغني
3- الحزب الجمهوري -الاستاذ محمود محمد طه-اسس دستور السودان 1955
4- الحزب الجمهوري الاشتراكي -السيد ابراهيم بدري اول حزب لابناء الجنوب في السودان الذى يشبه الان الحركة الشعبية

ليه بقى بعض السودانيين قوميين بعثيين وناصريين وشيوعيين واخوان مسلمين وليه حشروا السودان في جامعة الدول العربية قسرا دي مسالة تعالج في علم النفس السياسي والدراسة الاجتماعية والنفسية لنخب المركز ومن اين تكونت هذه النخب...ولماذا ينسلخون من اصلهم الافريقي ويمارسون الاسقاط المشين ويحتقرون ابناء جنوب السودان
واي شخص يحتقر الثورة المهدية هذا يعني انه يمجد الاتراك واذناهبم المصريين والرق والاسترقاق في السوداني الممتد من 1821 ونهاه مرسوم كتشنر 1902؟؟ لذلك كان الحزب الشيوعي بمسمياته المختلفة ..حستو المتفرع من حدتو ثم الجبهة المعادية للاستعمار ثم الحزب الشيوعي السوداني حالة استلاب ثقافي وظاهرة صوتية لم تحقق اي اغلبية او اقلية معتبرة طيلة انتخابات السودان في الفترات الديموقراطية من 1954 ثم 1964 ثم 1986...وكذلك الناصريين والبعثيين والاخوان المسلمين ويتظنون حتى هذه اللحظة العيب في الشعب السوداني وليس في باضاعاتهم الشائهة والمشينة..ولا يجد احد منهم حتى الان ما سر قياسمة الساحة الخضراء وما سر تسجيل 18 مليون ناخب سوداني في انتخابات 2010 وكيف استطاعت الحركة الشعبية ان تنال حب الملاييين في كل السودان..السبب " كان ولا زال جنوبيا هوانا"
اما برنامج الخروج من النفق المظلم...هو اسهل ما يكون فقط كيف يصل الشعب ؟؟ومعروض هنا بكرة واصيلا
نرجع لي ديموقراطية وست منستر عبر جون قرنق ومحمود محمد طه والسيد عبدالرحمن المهدي ]

Post: #17
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 12:16 PM
Parent: #12

تحياتي الأخ adil amin

أتفق معك في أن السودان الحقيقي لم يتكون بعد

ونحن من خلال هذا الحوار سنحاول سوياً مناقشة جوهر الأزمة
هذه المقالات وجدت أنها يمكن أن تكون اضاءة لمناقشة أمر التغيير والبديل الديمقراطي الذي يستجيب للواقع ويضع أساساً لمشروع السودان الذي يتكون
بالتأكيد ما أوردته جدير بالقراءة والحوار ولذا أرجو أن تواصل معنا في هذا الخيط
مع تثميني لما ذكرت

تشكر يا ملك

Post: #16
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 12:05 PM
Parent: #10

سلام حبيبنا حمد عبد الغفار عمر

شاكر مرورك وحقيقة ننتظر من الأخ كبر أن يبين أكثر كيف أسهم الحزب الشيوعي في فصل الجنوب
خصوصاً وأن أيدلوجيا الاقصاء هي التي تتبناها الحركة الاسلامية
وأن نيفاشا تم التوقيع عليها من الحركة الشعبية والحركة الاسلامية
وهم المسئولين أولاً عن تنفيذ بنودها وانزال الدستور المحتفى به أرض الواقع
وتهيئة المناخ للوحدة الجاذبة
أما تصوير الحزب الشيوعي كأنه الوصي على الحركة الشعبية
وأنه يملي عليها خطها السياسي
لا أظنه دقيق
تسلم
وخليك قريب بالله

Post: #15
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 11:58 AM
Parent: #6

الحبيب أحمد الشايقي

تشكر على المرور يا ملك
المقالات تذخر بالكثير الذي يوافق هوى الكثيرين وأنا منهم
أنتظر دوماً طلتك

Post: #18
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 12:18 PM
Parent: #15

نحو أفق جديد
كسر الحلقة الشريرة
(4)
_________
الحرب الأهلية هي التجلي الأكثر فداحة للحلقة الشريرة في السودان. هي الكريهة والدمار الشامل، هي السعير الجاثم والساعي لإكتساب صفة الإستدامة، مادامت الحلقة الشريرة ممسكة بتلابيب الوطن، وما دمنا لم نتمكن حتى الآن من كسرها. لقد ظلت الحرب الأهلية مشتعلة بين المركز وجنوب السوان طيلة نصف قرن،(1955 - 2005)، لم تتوقف سوى فترات هدنة وسلام قصيرة، أطولها التي تلت توقيع إتفاقية أديس أبابا (1972-1982). وبعد توقيع إتفاق السلام الشامل، في 2005، وضعت الحرب الأهلية في جنوب البلاد أوزارها، ليبتدئ فصل جديد من التأزم والتوتر في ظل السلام، حتى بعد الإستفتاء وإنفصال الجنوب وقيام جمهورية جنوب السودان المستقلة في العام 2011. لكن، وما أن توقفت حرب المركز والجنوب، حتى إندلعت حرب المركز ومنطقتي جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق. أما الحرب الأهلية في إقليم دارفور، والتي أيضا يشكل المركز أحد أطرافها، فلا تزال مشتعلة منذ العام 2002، دون أن تلوح في الأفق بوادر إخماد نيرانها. وعلى الرغم من صمت قعقعة الرصاص في صراعات المركز وشرق السودان، والتي تَلَهَّبَت حربا ممتدة من 1996 إلى 2005، إلا أن التوتر لا يزال سيد الموقف، حيث من غير المستبعد إندلاع القتال من جديد. وهكذا، تتجلى الحلقة الشريرة في السودان اليوم، في هلال دامي يمتد من الحدود مع إثيوبيا شرقا، حتى الحدود مع تشاد غربا. إنها ذات الحرب الأهلية، إلتقطت وإستجمعت أنفاسها الحارقة لبرهة في هدنة مؤقتة وجُزْئِيَّة بعد توقيع إتفاق السلام الشامل، حيث ظلت مشتعلة في دارفور، حتى ذهب الجنوب مستقلا بدولته، لتتجدد في جنوب جديد، جنوب سياسي، يتطابق، حتى الآن على الأقل، مع الجنوب الجغرافي. إنها الحلقة الشريرة، تتجلى في فصل جديد من فصول الحرب الأهلية المستمرة في السودان، والتي ظل العشرات من عقلاء الوطن يحذرون منها منذ إنفصال الجنوب، ومنذ تفاقم الاحتقان السياسي بعد أن رفض رئيس الجمهورية، إتفاق أديس أبابا الإطاري والذي وقعه مساعده، د. نافع، مع الحركة الشعبية لتحرير السودان/الشمال، فكان ذاك الرفض ضوءا أخضرا ليندلع القتال في جنوب كردفان، ثم في جنوب النيل الأزرق. وأولئك العقلاء، من السياسيين والصحفيين وغيرهم، لم يكتفوا بالتحذير والتنبيه من الخطر المحدق، بل إقترحوا أكثر من مدخل للتخفيف من حدة التوتر ونزع فتيل الحرب، خاصة وأن المنطق البسيط يقول بأن الاحتقان السياسي المتفاقم في كل البلاد، والتي خرجت لتوها من أتون الحرب الأهلية في الجنوب، كان كفيلاً بتحفيز أي مسئول عاقل وسوي على حث الحكومة لاتخاذ التدابير المناسبة للوقف الفوري لتلك الحرب. ولكنا في السودان، أصبحنا في زمن لا يسمع فيه العاقل سوى رجع صدى صوته!.
لقد تعدت صراعات المركز والأطراف مرحلة المطالبة بالحقوق أو التطلعات القومية أو التظلمات بسبب التهميش، إلى مرحلة الحرب الأهلية الشاملة التي تدمر كل شئ، الإنسان والطبيعة. ورغم أن مسببات الحرب الأهلية في السودان ذات جذور تاريخية في نظام الحكم الاستعماري ورثها الحكم الوطني وفشل في علاج أسبابها، لكن أضيف العامل الديني بعد إعلان نميرى للقوانين الإسلامية في أغسطس 1983، وتفاقم الوضع بعد سعى نظام الإنقاذ، منذ 30 يونيو 1989، لتكريس سلطة الاستعلاء الديني والعرقي في البلاد تحت شعار "الجهاد، ونصرة الإسلام"، ثم إفتعاله لتقسيمات إدارية جديدة بهدف كسب الولاءات حتى يبسط سيطرته ويحكم قبضته على ثروات البلاد، مما عمق الخلافات القبلية، خاصة في غرب السودان، حيث تدور اليوم حرب حقيقية بين القبائل حول اقتسام الموارد والثروة. وزاد الوضع إشتعالا نكوص نظام الإنقاذ عن تنفيذ الاتفاقات الموقعة مع الحركات المسلحة.
وهكذا، ومنذ عدة عقود، والشعب السوداني، خاصة خارج مثلث المركز، في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وجنوب السودان قبل إنفصاله، يستقبل ليله متوسدا هدير المدافع ومحتضنا القلق. وفي الصباح، يركض الأحياء منهم دون إتجاه، لاهثا وسط رائحة الدم واللحم البشري المحترق، باحثا عن "الضنى" وعن الحياة. وذات الحالة، ظل يعايشها جنود وضباط القوات المسلحة السودانية والقوات النظامية الأخرى، وهم يخوضون قتالا، ليس ضد عدو خارجي أو أجنبي، وليس ضد إسرائيل أو البنتاجون، عكس ما جهر به أحد قادة حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وهو يبث الحماس في طلاب الخرطوم لدعم الحرب في جنوب النيل الأزرق، وإنما هولاء الجنود ينفذون أوامر القيادة السياسية، لتلتقي أعينهم بأعين مواطنيهم، في وداع شاذ وحزين في نفس الوقت، قبل أن يفتك كل منهم بالآخر. هكذا إستدام حال الإثنين، ولا يزال، لأكثر من نصف قرن إلا من فترات معدودات. وعندما توقفت الحرب في إحدى محطاتها، بعد إتفاقية السلام الشامل، كان طبيعيا وموضوعيا أن تعم البهجة، ولو مؤقتا، إذ لاحت في الأفق ملامح السلام، سلام من نوع جديد لا يقف عند وقف القتال فقط، وإنما يمتد ليرتبط بتحقيق العديد من الأمنيات والطموحات التي ظلت حلما بالنسبة إلى شعبنا. فمن من الناس العاديين، سواء في المركز أو الهامش، منتظم في الخدمة العسكرية أو في الخدمة المدنية، لا يريد توقف الحرب وقتل الإنسان السوداني بيد أخيه السوداني؟ ومن منهم يمكن أن ينسى لحظات الرعب المتمكن منه وهو يجاهد في إخفاء فلذات الأكباد تحت السرير أو في دولاب الملابس هلعا من إنتزاعهم بواسطة العسس ليرسلوا إلى المحرقة؟... لكن للأسف، لم تكن إتفاقية السلام الشامل إسما على مسمى، إذ لم تتحول إلى سلام شامل حقيقي، كما لم تخرس كل أصوات الحرب في كل بقاع السودان. وللأسف أيضا، تلك الحقيقة كانت متوقعة ومعروفة وتم التحذير والتنبيه بها منذ اللحظات الأولى للتفاوض، ولكن، وللأسف ثالثا، لم يُسمع سوى رجع صدى ذاك التحذير وذاك التنبيه!
والثابت أن الحرب الأهلية في جنوب السودان، كانت تشكل عاملا رئيسيا من عوامل التغيير السياسي ولحظات التحول في المركز، إنتفاضةً أو إنقلاباً. والثابت أيضا أن تغيير الحكم في المركز كان يحدث دون أن يؤدي ذلك لوقف الحرب، بل في الغالب كان يزيدها إشتعالا، كما حدث بعد إنقلاب 30 يونيو 1989. والثابت ثالثا، أن إتفاق السلام الشامل الذي أنهى الحرب بين المركز وجنوب السودان، والتي إمتدت منذ العام 1955 وحتى توقيع الإتفاق في العام 2005، تضمن، ولأول مرة، مخاطبة جدية لمفاصل الأزمة السودانية، وشكل مدخلا ملائما للسير في طريق معالجتها. لكن، عدة عوامل ساهمت في قطع هذا الطريق، أهمها: أن الإتفاق، وإن نجح في إختراق جدار شمولية الإنقاذ، إلا أنه لم يستطع التعديل في موازين القوى لصالح التغيير السياسي في المركز ولصالح التحول الديمقراطي الكامل، أو أن القوى السياسية المعارضة في المركز لم تكن مهيأة بالدرجة الكافية لإستثمار هذا الإختراق لتعديل ميزان القوى لصالح لجم الشمولية وبسط التحول الديمقراطي. كما أن الحضور القوي، والحاسم، للمجتمع الدولي في فرض ذلك الإتفاق، شكل عاملا آخرا من عوامل قطع الطريق، عبر تمسكه الحازم بعدم شمولية الحل (non-inclusiveness)، من حيث قضايا التفاوض وعملية التفاوض نفسها، فالتوقيع ثم التنفيذ، وقصر كل ذلك على نظام الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان، مع إقصاء كل القوى الأخرى، أو التفضل عليها بدور هامشي، إضافة إلى حصر الإتفاق في مواقع وأبراج وهياكل السلطة، في الشمال وفي الجنوب، كل ذلك، حرم الإتفاق من أن يستقوى بأي بعد جماهيري. ومنذ البداية، كانت كل المؤشرات تشير إلى أن المحصلة النهائية للإتفاق ستؤدي إلى تمزيق وتقسيم الوطن، لا تمتين وحدته. ومن ناحية أخرى، صحيح أن ثنائية الحرب والسلام، بالنسبة للشمال والجنوب، تعتبر حلقة محورية في مفاصل الأزمة، لكنها حلقة واحدة ضمن عدة حلقات أخرى. فإضافة إلى أن السلام وحده لن يشبع الجوعى ويكسي العرايا ويعالج المرضى، فوقف الحرب في الجنوب لم يطفئ نيرانها في دارفور، أو ينزع فتيلها في البلاد، جنوبا وشمالا. (نواصل)
د. الشفيع خضر سعيد

Post: #19
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 12:19 PM
Parent: #18

نحو أفق جديد
كسر الحلقة الشريرة
(5)
_________
الحرب الأهلية هي التجلي الأكثر فداحة للحلقة الشريرة في السودان. وهي من أبرز علامات الفشل السياسي وعجز النظام الحاكم. والإنقاذ سعت، مستخدمة آلة الإعلام الموجه، لإظهار الحرب الأهلية بمظهر القوة، وهو في الحقيقة مظهر زائف، ولتأكيد مشروعيتها بالطرق المتواصل على تخويف الجماهير من القادم، مبرزة تداعيات التوتر الإثني والعرقي في البلاد. لذلك، نجد أن السؤال لماذا الحرب في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق تحديدا، بدلا من أن يقود إلى توضيح العجز في التنمية وفشل السياسات المتعاقبة، نجده يوظف لصالح بقاء النظام وتعزيز سطوته. ولتوضيح ما نرمي إليه، نرصد الآتي:
- تواصل الإنقاذ تعيّشها على أنها حامي حمى العروبة والإسلام في البلاد، فتطرح خطابا يصف الحرب بالعنصرية، وينذر بأنه إذا أتيح للحركات المسلحة أن تدخل الخرطوم، فسوف تتم مجازر اشبه بما حدث في رواندا، وسيختلط الحابل بالنابل، وسيضيع حق أبناء الوسط والشمال التاريخي في حكم البلاد.
- خطاب الإنقاذ يربط الحرب قسريا بسلسلة تصل إلى إسرائيل والمخطط الإمبريالي تجاه السودان. والهدف من كل ذلك التشويش على حقيقة أن ما يدور هو حرب أهلية يقتل فيها أبناء الوطن الواحد بعضهم البعض بكل بشاعة، وتصوير المقاتلين من الطرف الآخر وكأنهم أذرع لأجندة خارجية تستهدف الوطن، في محاولة بائسة لإخفاء مطالبهم العادلة بحقوقهم. وبتصويرها الحرب الأهلية من هذه الزاوية، تسعى الإنقاذ لوصم كل من ينادي بوقف الحرب بالخيانة، وكل من يتحدث عن تسوية سياسية عليه أن يبلع كلامه، مما يعني فرض سيطر الذهنية الحربية التقنية الصرفة على مسألة سياسية بحتة. وهكذا ينخفض صوت الحلول السياسية ليعلو صوت الحرب، ويضاف قرن إستشعار آخر بغرض التجسس والتحسس على كل من يتحرك لوقف الحرب، تحركا يستدعي إجراء اتصالات بالحركات المسلحة، وعلى كل من يتحرك لكبح جماح النظام، حامي حمى الوطن!
- تدعي الإنقاذ أن هدف خوضها الحرب هو منع حدوث إنفصال آخر...! لكن التجربة أثبتت أن الحرب التي دامت عشرات السنين إنتهت بالإنفصال. وإذا فشل الحوار في الحفاظ على الوطن موحدا، فلن تفعل الحرب سوى مراكمة المزيد من الأحقاد، وتقوية الشعور بعدم الإنتماء.
- الدفوعات التي تقدمها الحكومة لتبرير فعلها العسكري، هي تقريبا نفس منطلقات الحركات المسلحة لرشق الحكومة بتهم من نوع: * الحركات تمثل وزنا شعبيا كبيرا، وهم أصحاب حق في السلطة. لكن الحكومة إنقضت علي كل ذلك، وهي البادئة بالحرب.* الحركات لا تطالب بالانفصال أو تقرير المصير، حتى الآن على الأقل، وإنما تطالب بتغيير النظام. * بشنها الحرب في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، تقود الحكومة حرب عنصرية ضد أبناء النوبة والفونج، وبالتالي ستدخل البلاد إلى مغبة الفعل ورد الفعل العنصري بكل إحنه وتعقيداته.
- تاريخيا، كانت الحرب الأهلية في السودان من عوامل إسقاط وتغيير الأنظمة الحاكمة، مثلما حدث في ثورة اكتوبر 1964 وإنتفاضة أبريل 1985. فمن جهة، تهلك الحرب النظام ذاتيا، ومن جهة أخرى يتعمق الشعور الوطني المعارض للحرب ليتجسد تعبئة شعبية ضد النظام. نقول هذا، في نفس الوقت الذي نرفض فيه أي إستنتاج يفترض ضرورة إستمرار الحرب حتى يحدث التغيير. ومن زاوية أخرى، أعتقد أن الحرب الأهلية الدائرة الآن في البلاد، وبما لها من إنعكاسات تسعى الحكومة للإستفادة منها في غير مناطق الحرب، أعتقد أنها تؤثر سلبا في حركة الشارع السياسي وهو يتجه نحو التغيير. ولكن هذا التأثير السلبي لن يدوم طويلا، بل سيتحول إلى وقود وطاقة محركة للتغيير حالما إستشعر الجميع ضرورة الإنتقال بالموقف ضد الحرب من مجرد شعار إلى التعبير عنه بتدابير عملية تجابه المخاوف من الخطر العنصري، وتخاطب جذور المشكلة مباشرة، ووقتها فقط سينطفئ وميض النار.
بعد كل ما سقناه من حديث، في الفقرات أعلاه وفي المقالات الأربعة السابقة، عن مكونات الحلقة الشريرة وأشكال تجلياتها، ندلف إلى مناقشة السؤال الرئيس: كيف يمكن كسر الحلقة الشريرة؟. وسنخصص المقالات القادمة لشرح وجهة نظرنا، أو تقديم إجابتنا على هذا السؤال، مع التأكيد على أن ما سنطرحه يحتمل الخطأ والصواب، ويتقبل التعديل وإعادة النظر. وفي كل الأحوال، أعتقد أن مسألة كسر الحلقة الشريرة تفرض على أي حزب، وعلى أي ناشط، سياسي أو في مجالات العمل العام الأخرى، أن يقيم حجم دوره وأدائه، الخاص به هو تحديدا وليس غيره، بالنسبة لفعله ومردود فعله، تجاه المفردات المتنوعة للحلقة الشريرة، حتى يكون موقفه واضحا أمام الشعب. فنحن، ومنذ فجر الاستقلال، لا نزال نقبع في حفرة تصادم رؤى النخب السياسية، مما جعل بلادنا في حالة أشبه بلعبة السلم والثعبان: ما أن نبدأ في تسلق سلم الديمقراطية نحو مخرج الأزمة، حتى يلدغنا ثعبان الانقلابات والسياسات الخاطئة ضيقة الأفق حد إشعال الحرب الأهلية، فيرجعنا إلى نقطة البداية. ومع ذلك، أبدا لم يكن اليأس هو سيد الموقف، وإنما الومضات دائما تتخلل ظلام العتمة، إذ أن غالبية النخب تدرك جيدا أن التحول الديمقراطي الحقيقي وما يتيحه من حريات، هو المدخل الوحيد القادر على حل أكثر النزاعات تعقيدا، وإصلاح ما تخرب في السودان. أيضا، ورغم أن الأجيال السابقة لم تكن تمتلك ما نمتلكه اليوم من معارف وحراك للمجتمع المدني وأدوات تعليم وإتصال وربط معلوماتي...ألخ، إلا أنها استطاعت أن تضمن حدا معقولا من رضا معظم القبائل والاثنيات والمجموعات القومية لتمثيلهم في مؤسسات الدولة المختلفة، خاصة الجيش والسلطة. كما أن تجربتنا منذ الاستقلال، قدمت درسا سهل الفهم والاستيعاب، عندما أكدت بأن صراعات الهوية والموارد، والخلافات الناتجة من شعور طرف ما بالظلم والتهميش، مهما كان صغر حجمه وضعف قدراته وقوته، لا يمكن أن تحسم عسكريا. فالحرب الأهلية في جنوب السودان إستمرت نصف قرن من الزمان دون حسم، بل إن مراكمة المرارات الناتجة من أهوال وويلات الحرب، إضافة إلى السياسات الخاطئة بعد حلول السلام الهش، عمقت من مشاعر عدم الثقة وأفضت إلى تمزيق وحدة الوطن. صحيح أن تلك الصراعات تفاقمت جذورها السياسية والاقتصادية والثقافية إلى درجة لا يمكن تجاوزها أو تبسيطها. وصحيح أنها تعكس خللا بينا في علاقة المركز المسيطر بالأطراف، يعبر عنها سياسيا بعدم التكافؤ وعدم المساواة وعدم العدالة في إقتسام السلطة والثروة. ولما كان المركز المسيطر، والآمن، تتمتع به مجموعات إثنية محددة، في حين أن الأطراف، مسارح العمليات الحربية ومحارق الحياة، تعاني فيها مجموعات إثنية أخرى ، كان الأحرى بأي قائد مسؤول في المركز أن يحسب حساسية هذا الوضع في كل خطوة يخطوها، إلا إذا كان ضعيف الإحساس أو غير مبالي، وفي الحالتين سيكون موقفه أقرب لموقف المتعصب الذي تفوح منه رائحة العنصرية. وعموما، لا يعقل ألا نستفيد من صدمات التاريخ، في رواندا وبورندي وصربيا والبوسنة..الخ، حين كانت الحروب العنصرية ينفذ فيها القتل والتنكيل وفق السحنة أو اللهجة أو البطاقة الشخصية..!! ولكن، يبدو أن عددا من المسؤولين في دولة الإنقاذ، وفي منابر اللذين يطبلون للحرب ليل نهار، لا يقرأون أو لا يفهمون التاريخ، فيؤججون العصبوية والنعرات العنصرية لتلتقطها مستقبلات المشاعر الغرائزية البدائية عند المواطن البسيط فتهيئه لسفك دماء من ظل يلاطفه ويبتسم له ويقتسم معه المسكن والطعام! إنها اكتمال لحلقة الشر التي لابد من فكاك منها حتى ينجو هذا الشعب بأعراقه وثقافاته المتنوعة المتعددة، إلى حياة آمنة لا يعاب الفرد فيها إلا إذا استحقر الناس وضيق عليهم سبل العيش. نحن لسنا بصدد تفتيش ضمائر قادة وكوادر الانقاذ، رغم ممارستهم لهذا الإنتهاك فينا، ولكن إستنادا إلى تجربة ممارستهم السياسية في حكم البلاد طيلة أكثر من ربع قرن، نستطيع أن نطرح السؤال تلو السؤال، والتهمة وراء التهمة، وكل المبررات التي ستأتي من أهل الانقاذ لن تستطيع الصمود في مواجهة الشروخ العميقة، والدامية، التي أحدثوها على المستويين الرأسي والأفقي في السودان.
فعلا.... لقد وصلت الحد، ووقعت الكارثة!! ولا يمكن لأي سوداني عاقل أن يقبل بهذا الواقع الكريه. لذلك، ليس من سبيل سوى الوقوف بكل قوة وصلابة، وبما تمليه علينا ضمائرنا وعقولنا وإنسانيتنا وسودانيتنا، موقفا أخلاقيا وعمليا ضد الحرب وهوس سفك الدماء.
د. الشفيع خضر سعيد

Post: #20
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 12:20 PM
Parent: #19

نحو أفق جديد
كسر الحلقة الشريرة
(6)
_________
شعب السودان سئم الثنائيات والثلاثيات والرباعيات السياسية، وتحاصره حالات الإحباط التي تولد شعورا بقرب إنطفاء الشمعة التي انتظرت طويلا في نهاية النفق المظلم. ومع ذلك، لم يتمكن اليأس من هذا الشعب العظيم، الذي ظل في كل مساء قديم يزرع أملا عله يحصده في ذات صباح جديد حلا شاملا وناجعا لأزمة الوطن، حلا يكسر الحلقة الشريرة، يشارك فيه الجميع، وتسهم كل الأطراف في صياغة تفاصيله، بدقة ومسؤولية تتناسبان وحجم الأزمة، بل وحجم الكارثة الماثلة للعيان. ودائما، يظل السؤال الرئيس هو: كيف يمكن كسر الحلقة الشريرة؟... ماهي الآليات والوسائل، ومن يديرها أويتحكم في إدارتها؟.. وهو سؤال، إضافة إلى مشروعيته وأهميته القصوى، فإنه أيضا يرتبط إرتباطا مباشرا وعضويا بمفهومي التغيير والبديل. وقبل أن ندلو بدلونا في الإجابة على هذا السؤال، وكمدخل تمهيدي لما سنتناوله لاحقا من تفاصيل، نطرح النقاط العامة التالية:
أولا: لن يتحقق كسر الحلقة الشريرة بضربة واحدة، ضربة لازب، أو الضربةالقاضية الفنية، وإنما سيتحقق عبر تنفيذ وإنجاز سلسلة من العمليات المركبة، متعددة الحلقات والمراحل (process). وهذه السلسلة، تتحكم فيها مجموعة من العوامل، أهمها ميزان القوى في الصراع السياسي الإجتماعي، وعامل آليات التغيير وكيفية تحقيق البديل. أعتقد أن المدخل الملائملضربة البداية للتحقيق حلم "كسر الحلقة الشريرة"، يبدأ بمعالجة أزمة الحكم في السودان من خلال التوصل لحلول صحيحة لمجموعة من المعادلات، على رأسها معادلة الحرب والسلام، معادلة الإنقلاب والانتفاضة، معادلة الديمقراطية والديكتاتورية، معادلة البؤس والتنمية...الخ. وأعتقد أن الحلول الصحيحة لهذه المعادلات تبتدئ وتنتهي بمشروع إعادة بناء الدولة السودانية الحديثة، القائمة على الاعتراف بالتعدد الاثني والديني والثقافي، والمرتكزة على أسس النظام الديمقراطي التعددي المدني، وعلى التنمية المتوازنة بين كل أطراف البلاد، وذلك في ظل نظام للحكم معترف ومقتنع بكل ذلك، ويعمل على تحقيقه في أرض الواقع.
ثانيا: آلية التغيير هي المحدد الرئيسي لشكل ومحتوي البديل، فناتج التغيير عبر الإنتفاضة الشعبية، مثلا، سيكون مختلفا، وإلى حد كبير عن ناتج التغيير عبر ألية الحوار والتفاوض. والأمر صحيح بالنسبة للبديلالناتج عبر آليات التغيير العسكرية والعنيفة.
ثالثا:السير في درب هذه الآلية أو تلك، لا يخضع للرغبات الذاتية أو لحالة سيطرة حماس الشعارات، وإنما تحدده الظروف الموضوعية في اللحظة المعينة، كما تحدده مناهج وأساليب تعامل الآخر، إضافة إلى العوامل الذاتية المتعلقة بموازين القوة وبالقدرة والإمكانيات، وأهم من ذلك كله، قناعة الجماهير في السير معك على هذا الدرب، وثقتها في أنك تقودها في الطريق الصحيح وعبر الآلية السليمة، وأن هذه الآلية ستحقق رغباتها وطموحاتها، دون أي توهم بأن كل هذه الطموحات ستتحقق ضحى الغد، ولكنها، أي الآلية، تسير بثبات نحو تحقيق هذه الغاية.
رابعا: الموائمة بين التكلفة والنتائج، وما إذا كان من الممكن الوصول إلى ذات النتيجة بأي من الآليات المطروحة. ولعل هذه النقطة هي من العوامل الأساسية المحددة لتبني آليات التغيير السلمية، إذ لا معنى لتغيير تكون نتيجته هدم المعبد على رؤؤس الجميع، وحصاده الأشلاء والأنقاض.
خامسا: آليات التغيير المختلفة، إنتفاضية أو تفاوضية أو عسكرية، يمكن أن تتكامل وتتداخل فيما بينها، بحيث تمهد إحداها لحدوث الأخرى. فمثلا، من الممكن أن يفضي ناتج آلية التفاوض إلى تمهيد الطريق لآلية الإنتفاضة، وفي معظم الحالات تنتهي آلية التغيير العسكري بالتوافق على آلية التفاوض. ولعل المحك الأساسي هنا، هو إمتلاك القدرة، وقبل ذلك الخيال، لإغتنام الفرصة التاريخية لإختيار الآلية المناسبة في اللحظة المحددة، وكذلك القدرة والكفاءة في صنع التكامل بين هذه الآليات المختلفة، والتفنن في الإنتقال السلس من إحداها إلى الأخرى.
سادسا: تطور الثورة الاجتماعية في السودان، أي التغيير المتوجه إلى كسر الحلقة الشريرة، يرتبط بترسيخ مضامين الديمقراطية السياسية التعددية، وسيادة مفاهيم المجتمع المدني الديمقراطي. هذا التطور/التغيير لا يمكن أن ينجز بواسطة حزب واحد أو طبقة واحدة، بل هو يرتبط بالمشاركة الواسعة، بأوسع تحالف ممكن، بعدم إقصاء وإلغاء الآخر، وبتجذر ورسوخ مبدأ التداول السلمي الديمقراطي للسلطة.
سابعا: لا يمكن أن يؤدي التغيير إلى كسر الحلقة الشريرة في السودان إلا إذا هز البناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلد، وأعاد تشكيله في ذات الوقت. بخلاف ذلك، سيظل التغيير مشوها وناقصا، ويحمل في طياته إمكانية الانتكاسة، وبالتالي فشل كسر الحلقة الشريرة، بل تجديدها وإعادة دورانها. استكمال هذه العملية لن يتم بالرغبة الذاتية، وإنما عبر صراع إجتماعي طويل يفضي إلى إعادة اصطفاف القوى الإجتماعية المناط بها قيادة عملية التغيير. وهذا الإصطفاف يتم بالارتكاز على مجموعة من الأعمدة، تؤمن بها وتتبناها هذه القوى الإجتماعية. وفي مقدمة هذه المرتكزات، أو الأعمدة:
‌أ. الطابع الجماهيري الواسع لعملية التغيير، أي الطابع الإنتفاضي، بعيدا عن الإنقلابات العسكرية
وكل الأساليب والوسائل التآمرية، وبعيدا عن حصر المسألة في ردهات وأبراج الصفوة.
‌ب. التعددية بمفهومها الواسع والشامل، والتي تلبي وتستجيب لحقيقة الواقع السياسي والاجتماعي والعرقي والثقافي والديني.
‌ج. الديمقراطية الواسعة المرتبطة بواقع التعددية أعلاه، والتي تمارس وفق أرضية سودانية، لا أرضية وست منستر أو الغرب الليبرالي، والتي تلبي في الأساس الحاجات الرئيسية للمواطن، حاجات العيش الكريم بكل تفاصيله. فالدعوة إلى الديمقراطية بدون ربطها بتلبية وتوفير حاجات المواطن الأساسية، لقمة عيش وموية ومستشفى، هي مجرد صرخة في بيداء.
‌د. لم يعد المركز وحده هو منصة إنطلاق حركة التغيير السياسي والإجتماعي في السودان. فنحن اليوم نشهد أيضا إنطلاق هذه الحركة، وبقوة،من الأطراف إلى المركز. أي أنها أصبحت تسير في اتجاهين. وهذا يعني أن تفجير التغيير الحقيقي في البلاد يتطلب، من ضمن متطاباته الأخرى، تمتين التحالف بين النشطاء من أجل التغيير في المركز والمدينة، والنشطاء في الأطراف ومناطق الهامش، الذين يناضلون من أجل حقوق مناطقهم وأهلهم في المشاركة العادلة في السلطة والتوزيع العادل للموارد والثروة، وذلك بهدف تفجير التغيير السياسي الاجتماعي للتصدي لعلاج المشكل السوداني ككل، حيث في إطار ذلك سيتم حل قضايا تلك الأطراف والمناطق التي عانت طويلا من التهميش والإهمال والظلم.
‌ه. في اللحظة المحددة الملموسة، فإنالشعار السليم ينبع من تعرجات الواقع الملموس، وليس من المفاهيم الآيديولوجية المجردة. وفي هذا السياق تأتي قضية التحالفات. فالتحالفات السياسية المفتقرة إلى القاعدة الاجتماعية، ستظل دائما هزيلة وقليلة القيمة ولا تستمر طويلاً. كما أن التحالفات لا تعني الخضوع لتاكتيكات الآخرين، وإنما التوافق لتاكتيكات مشتركة وهدف مشترك هو التغيير في إتجاه كسر الحلقة الشريرة.
‌و. أهمية العلاقة التكاملية بين الحركة السياسية والمنظمات السودانية الطوعية غير الحكومية، والتي أضحت تشكل بعدا هاما في السودان، لا يمكن تجاوزه أو تجاهله. فهذه المنظمات، ومن خلال نضالها ضد البطالة والفقر ومن أجل حقوق الانسان ورفع الوعي والقدرات وحقوق المرأة...الخ تساهم بشكل أو بآخر في التغيير الاجتماعي، وبالتالي تحتل مساحة متقدمة في النضال من أجل كسر الحلقة الشريرة. ومن هنا تأتي أهمية الصلة المتنوعة بينها وبين الحركة السياسية.
أعتقد أن كل النقاط الواردة أعلاه، تشكل جانباجوهريا ومحوريا فيما يتعلق بقضية التغيير وكسر الحلقة الشريرة. ولكنها ستظل مجرد نقاط عامة لن يتحقق الغرض من رصدها، إلا إذا تم تفصيلها وسبر أعماقها، وهو ما سنحاوله ونجتهد فيه في المقالات التالية. (نواصل).
د. الشفيع خضر سعيد

Post: #21
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 12:21 PM
Parent: #20

وسأواصل نشر المقالات

Post: #22
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: كمال عباس
Date: 11-07-2015, 06:20 PM
Parent: #21

كتب الأخ محمد النور كبر
Quote: ي دستور نيفاشا ، فمن اخل بها؟..كمواطن ،اقول لك ، للأسف الشديد ، الإسلام السياسي لم يخل بذلك ، وانما اليسار السوداني بقيادة الحزب الشيوعي السوداني ، هو من اخل بذلك ، في ممارس



الإخلال بإتفاق نيفاشا يكون من الأطراف التي وقعته ! ، نيفاشا هي عبارة عن تسوية سياسية بين حملة السلاح (الإنقاذ والحركة الشعبية ) ودستور نيفاشا علي علاته وبعض إشراقاته لم يكنسوي دستور إنتقالي = وضع ترتيبات إنتقالية وأخري مؤقتة - ولم يكن دستورا دائما ولم يحظي بشبه إجماع ولم يستفتي فيه الشعب وإنما فرض عليه فرضا ! ، لم يكن دستورا دائما بحيث يحسمالقضايا الأساسية ،، قضية الدين والدولة لم تحسم ظلت الشريعة والقوانين الإسلامية سارية
* نيفاشا وضعت الجنوب أمام خيار الوحدة الجاذبة أو الإنفصال بتراضي ولكن للأسف لم تلتزم لإنقاذ بالتحول الديموقراطي وأصرت علي إبقاء القوانين المقيدة للحوار ــ قانون النظام العام
والقانون الجنائي لعام 1991الذي حوي علي الشريعة والحدود الخ علي الرغم من أن نيفاشا شددت علي تعديل القوانين لتتماشي مع الدستور وأن تكون مهمة جهاز الأمن هي جمع وتحليل المعلومات وشددت علي التحول الديموقراطي ولكن الإنقاذ خرقت إتفاق نيفاشا ومنعت حق التظاهر وصادرت الصحف وكممت الأفواه ومنعت حق التعبير وتعدت علي وتعدت علي الحريات العامة .. مما جعل من الوحدة خيارا
طاردا ومنفرا
**أما التحريض علي الإنفصال والإساءة للجنوب والتكريه في الوحدة عبر التحريض فقد تخصصت فيه صحافة وإعلام الإنقاذ وستجد توثيقا لتصريحات قادتها في هذ ا الإتجاه ! ولكني غير مهتم
بالتحريض بقدر إهتمامي بخروقات الإنقاذ الموثقة لنيفاشا !
** نيفاشا وملحقاتها نصو في برتكول أببي علي أبيي هي منطقة مشائخ نقوك التسعة وجعلتمن المسيرية مجرد عابرين ــ فهل يعبر عنك هذا وهل ترضاه ؟

Post: #23
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: كمال عباس
Date: 11-07-2015, 06:29 PM
Parent: #22

ونعود للأخ محمد النور كبر
ونقول أن الفدرالية االإنقاذية منقوصة
والدليل إصرار البشير علي تعيين الولاة بدلا من إنتخابهم وإنقلاب المركز علي حكومة الوالي عقارالمنتخبة بواسطة الدبابات -- منصوصات الدستور ومنجزاته لا تأتي بثمار ونتائج في ظل دولة المؤسسات ونظام الفصل بين السلطات والإعتراف بالتعدد والتنوع ونظام فيه قدر من الشفافيةومبدأ المحاسبة وصيانة الحريات العامة وتدوال السلطة!
*ونقول أن عهد مابعد نيفاشا لم يحسم قضية الدين بل كرس للأمر الواقع وأبقي الحدود والشريعةولم يلتزم بالتحول الديموقراطي !

Post: #24
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 10:27 PM
Parent: #23

خالص التحية والتجلة الأخ الفاضل كمال عباس

أتفق مع كل ما قلت وأثمن تداخلك الثر والملتزم دوماً

تسلم

Post: #25
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 10:29 PM
Parent: #24

نحو أفق جديد
كسر الحلقة الشريرة
(7)
_________
نعم، السؤال الرئيس هو: كيف يمكن كسر الحلقة الشريرة؟...، ماهي الآليات والوسائل، ومن يدير، أو يتحكم في إدارة، هذه الآليات والوسائل؟.. ولقد أشرنا في المقال السابق إلى أن كسر الحلقة الشريرة يرتبط إرتباطا مباشرا وعضويا بمفهومي التغيير والبديل، ورصدنا مجموعة من الأعمدة والركائز الجوهرية والمحورية، التي نراها تشكل الأساس والقاعدة الصلبة لعمليتي التغيير وإرساء البديل، وهما العمليتان اللتان بإنجازهما سيتححق حلم كسر الحلقة الشريرة، علما بأن العمليتين في إرتباط جدلي، ونحن هنا نفصل بينهما فقط بغرض المناقشة.
أكاد أجزم، بأن الهم الأول والأساسي عند السودانيين جميعهم في هذه المرحلة الحرجة، التي يئن خلالها الوطن والمواطن بعد أن أطبقت عليهما براثن الكارثة والمأساة، ليس هو كيفية إلتئام الحوار بين المعارضة والحكومة، أو الاتفاق بينهما على شراكة سياسية وحكومة ذات قاعدة عريضة، وقطعا ليس هو تغيير رموز المؤتمر الوطني من القيادات القديمة بوجوه جديدة..، بل الهم الأول والأساسي هو أن يرحل هذا النظام بكل وجوهه، القديمة والجديدة، عن السلطة فورا حتى نضع حدا لإنحدارنا السريع نحو قاع الهاوية، وحتى نتوافق جميعا على معالجة كل مفاصل الأزمة عبر الحوار والتفاهم بطريقة سودانية، إذانا ببدء السير في طريق كسر الحلقة الشريرة. كيف يتم ذلك، وما هي آليات ووسائل التغيير، ومن سيتولى قيادتها؟. أسئلة سنناقشها، من وجهة نظرنا، ونقدم لهذه المناقشة بالنقاط التالية:
أولا: التغيير لا يعرف المستحيل...، هكذا يثبت التاريخ ويؤكد الحاضر. فمهما بلغت أنظمة الإستبداد من قوة البطش وإمكانية السيطرة على مفاتيح الحراك الشعبي، فإنها لن تمنع الإنفجار الذي هو الناتج الوحيد والحتمي للإنسداد. وهي أنظمة إذ ترتعب من شعوبها، وتتمزق داخليا بهذا الرعب، فإنها أعجز من أن تصمد أمام شعب كسر حاجز الخوف وأجمع على التغيير. بوابة التغيير ومدخله هو الإيمان المطلق بهذه الحقيقة، وذلك في مواجهة التخذيل والتيئيس وإفتراض الأفق المسدود ودعاوى المخارج الإنهزامية التي تعيد إنتاج الأزمة. هذا الإيمان المطلق ليس أعمى، وإنما تنير طريقه عدة قناديل، أهمها في نظري، رفض النمطية التي تعيش على إستدعاء تجارب الماضي، فتبحث عن كيفية تكرار ثورة اكتوبر 64 وإنتفاضة أبريل 85، في واقع يختلف عن واقع ستينات وثمانينات القرن الماضي، خاصة وأن من سيصنع التغيير الآتي ليس هو جيل أكتوبر أو أبريل. كسر صنم النمطية هذا سيفتح بوابات الخيال والإبتكار لإطلاق الشرارة التي ستوقظ الناس من سباتهم السياسي. أين وكيف هي هذه الشرارة، ومن يطلقها؟، أسئلة لا أملك الإجابة، مثلما لاتملكها أنت ولا يملكها هو..! ولكنا، أنت وأنا مع الآخرين، نملك أن نخلق وحدة تتمتع ببصيرة إختيار الطريق الصحيح المفضي لتلك الإجابة، والذي يبدأ بطرح الشعارات الصحيحة في الوقت الصحيح، والتي تتجسد في مطالب ملموسة تنبع من الهموم اليومية للناس، وتلقى صدى واسعا في دواخلهم، وتتفجر بهم حراكا ملهما. أن المقالات ليست هي مكان الإجابة على سؤال كيف ومن يصنع التغيير. فمثل هذا النوع من التساؤلات يطرح في مواعين الحراك الجماهيري، ويجاب عليه بالخطة وبرنامج العمل وخرطة الطريق، وبالحراك العملي الملموس الذي يجسد كل ذلك. والمواعين لا نقصد بها الحزب أو التنظيم السياسي فقط، فهي أوسع من ذلك وأشد تنوعا. المهم أن نتحلى بالخيال المغذى من الواقع الملموس، وأن نستجيب لمتغيرات هذا الواقع في كل تفاصيله. وفي الحقيقة فإن الكتاب أو المقال، من أي كاتب، من الصعب أن يطرح مانفيستو لتغيير أو ثورة، ولا يستطيع أن يقدم وصفات جاهزة لكيف يكون التغيير ومآلاته، حتى ولو زعمنا بذلك، لأنه إن فعلنا ذلك سيكون شأننا شأن المنجمين، يكذبون ولو صدقوا!. ولكن، الكتاب أو المقال، قطعا يساهم في تنوير وتشكيل الرأي العام، والإشارة إلى السمات والملامح العامة للتغير، وكذلك تسليط الضوء على متغيرات الواقع بهدف تجديد أدوات ومناهج التعامل مع هذا الواقع المتغير على نحو لا سابق له، وبصورة تتجاوز العناوين والمفاهيم وأدوات ومناهج العمل القديمة، وفي ذات الوقت بصورة تحتم أيضا إعادة النظر حتى في الشعارات الحديثة والجديدة والتي تحتاج إلى التطوير بشكل دائم ومستمر. وهكذا، إذا أردنا فعلا اقتلاع الأزمة من جذورها، وبالتالي كسر الحلقة الشريرة، فلابد من عمل جماهيري واسع وضارب، يهز في وقت واحد البناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد. لكن، هذا العمل الجماهيري لن يتم بالرغبة الذاتية، مثلما لا يمكن تحقيقه، في ظل واقع البلاد الراهن، بمناهج ووسائل العمل القديمة، وإنما عبر الإبتكار والإبداع للجديد.
ثانيا: في عالم اليوم نشهد طفرة هائلة في إنضاج العامل الذاتي للتغيير. فالثورة التقنية الحديثة، ثورة الإتصال والمعلومات، بقدر ما كسرت إحتكار أنظمة الإستبداد للمعلومة وقلصت قدرتها على المراقبة والتجسس والإختراق وشل الحركة بالإعتقال، بقدر ما كسرت أيضا العقلية النخبوية البيروقراطية للعمل المعارض، وخلقت مساحات وميادين ومنظمات إفتراضية لتوسيع أفاق العمل السياسي نحو أوسع صيغة من المشاركة والتفاعل، يمكن ترجمتها على أرض الواقع إلى قوة تغيير خارقة. ألم تلعب الثورة التقنية الحديثة دورا في إنتصار ثورات تونس ومصر أكبر بكثير من دور المؤسسات السياسية التقليدية؟. لكن أدوات ثورة الإتصال والمعلومات ستظل مجرد آلات صماء إذا لم تديرها عقول فعالة تحسن قراءة الواقع وتحولاته، وتترجم معطياته إلى مبادرات مبتكرة في كل المجالات السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية. (راجع كتاب علي حرب: ثورات القوة الناعمة في العالم العربي، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2012).
ثالثا: المتغيرات على أرض الواقع تفرض، وبالفعل فرضت كما حدث في نموذج ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن...، مجموعة من النقلات والإنتقالات، منها: الإنتقال من فكرة إنتظار الزعيم الكاريزما والبطل المنقذ، إلى فكرة القيادي والرئيس المسؤول وسط قيادة جماعية تتساوى في الواجبات والحقوق. والإنتقال من فكرة المناضل بالفهم القديم، الذي يحترف ويحتكر النضال، إلى فكرة الناشط الميداني، والذي هو ايضا مناضل ولكن بفهم حديث، إذ هو فرد يملك إستقلاليته ويفجر حيويته، مساهما في الميدان، مسؤولا ومشاركا، يبادر ويتحرك، يناقش وينتقد، يقترح وينفذ، يؤثر ويتأثر، زاده ووقوده هو الخلق والإبداع والإبتكار على نحو بناء لمنجزات العولمة والثورة التكنولوجية. والإنتقال من المنظومة الآيديولوجية المغلقة الصماء إلى رحاب الفضاء المفتوح للتداول والتفاعل، بحيث الجميع يتغير ويسهم في تغيير الآخر، وبحيث أن ثورة التغيير لم تعد ثورة الطلائع والتنظيمات المعلبة، بل هي ثورة الإنسان العادي الذي يدشن عهدا جديدا يتصرف فيه كمشارك في فعل التغيير، له كلمته ومساهمته ورأيه، بعد أن كان في الماضي مجرد متلقي في الحشد والندوات والليالي السياسية، يصفق ويهلل لبلاغة وخطابية الزعيم، بل وأحيانا يمارس طقوس التقديس والتعظيم لهذا الزعيم، القائد الملهم، ولمن يفكرون ويقررون بالإنابة عنه.
رابعا: صحيح أن نضوج البديل والإتفاق حوله سيسهم في إشعال شرارة التغيير، لكنه ليس شرطا، بدون توفره لن تشتعل الشرارة. فللتغيير ديناميكيته التي إما تفرز بدائلها الجديدة، أو تنفخ الروح في البدائل الموجودة. ودائما نتذكر، خرجت الملايين في تونس ومصر إلى الشوارع حتى سقط النظام دون أن يكون البديل جاهزا. وفي السودان، لم يكن البديل جاهزا، لا في إكتوبر ولا في أبريل، وأنتصرت الإنتفاضة. وأعتقد، مع إزدياد درجة تعقد وتشابك الواقع، وتسارع وتيرة تغيره مع متغيرات العصر العاصفة، فإن قضايا ومفاهيم البديل لم تعد تُفهم كما كانت تُفهم في الماضي، البعيد أو القريب، مما يتطلب تجديد الفكر والأفكار بإغناء العناوين القديمة، وفي ذات الوقت بإجتراح عناوين جديدة.
خامسا: التغيير الحقيقي والجذري يتفجر عند نقطة إلتقاء حركة المدينة مع حركة الهامش، ومن هنا أهمية التحالف المتين بين النشطاء من أجل التغيير في المدينة، في مناطق القوى الحديثة، والنشطاء في الأطراف ومناطق الهامش.
سادسا: وثورة التغيير هي ثورة سلمية بالكامل، دون الإخلال بواجب الحماية..! (نواصل)
د. الشفيع خضر سعيد

Post: #26
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 10:30 PM
Parent: #25

نحو أفق جديد
كسر الحلقة الشريرة
(8)
_________
لا يمكن كسر الحلقة الشريرة بين ليلة وضحاها، فالأمر يتطلب سلسلة من العمليات متعددة الحلقات والمراحل. وهي عمليات لا تنتظم في خط مستقيم، وإنما تسير عبر منعرجات ومنعطفات، إرتدادا وصعودا وهبوطا. مفتاح هذه العمليات، وحلقتها الأولى والرئيسية، والتي بدون كسرها سيكون من الصعب كسر بقية الحلقات، هو بسط التحول الديمقراطي كاملا، إذ من المستحيل أن يتم كسر الحلقة الشريرة في ظل سيطرة الإستبداد والكبت وقمع الآخر. ومن هنا، فإن المبتدأ والرئيس في كسر الحلقة الشريرة، هو إزالة السلطة التي تسوس بالقمع والإستبداد. في السودان، تشكل إزالة هذه السلطة جوهر سؤال التغيير الذي أصبح، ومنذ فترة طويلة، هاجسا حقيقيا للجميع. ولقد أكدت دروس التاريخ السياسي للشعوب أن القمع والكبت والإستبداد، مهما تعددت وتنوعت ألوانهم، ومهما تعاظمت درجات حدتهم، لم ولن يمنعوا حدوث التغيير. صحيح أن الحرب الأهلية الدائرة الآن في بلادنا، قد تؤثر سلبا في حركة الشارع السياسي. لكن، تاريخيا، كانت الحرب الأهلية في السودان عاملا مساعدا في سقوط وتغيير أنظمة الإستبداد، مثلما حدث في ثورة اكتوبر 1964 وإنتفاضة أبريل 1985. فمن جهة، تهلك الحرب النظام ذاتيا، ومن جهة أخرى يتعمق الشعور الوطني المعارض للحرب ليتجسد تعبئة شعبية ضد النظام. ورغم ذلك، نكرر ونؤكد رفضنا لأي إستنتاج يفترض ضرورة إستمرار الحرب حتى يحدث التغيير. ومن زاوية أخرى، يتجذر يوميا الوعي بضرورة مقاومة المشروع الأحادي المتناقض مع مهام تأسيس الوطن القائم على واقع التعدد والتنوع بكل ما تحمل الكلمتان من معان. وهذا الوعي المتجذر يشكل عاملا أساسيا وحاسما من عوامل التغيير. بل، وحتى من داخل القاعدة الإجتماعية للنظام، من الممكن بروز قوى مطالبة بالتغيير نتيجة إصطدام ممارسات النظام بحلمها، أو نتيجة خوفها من أن ممارسات النظام أصبحت تشكل خطورة على مشروعها "الإسلامي" برمته.
يمكننا رصد وسائل التغيير، وتصنيفها لتندرج جميعها تحت مجموعتين رئيسيتين: آليات التغيير السلمية، وتمتد من الإنتفاضة الشعبية التي تطيح بالنظام، إلى الحوار والتفاوض والوفاق والإصلاحات التي تتم تحت
الضغط...الخ. وآليات التغيير العنيفة، والتي تشمل العمل المسلح، والانتفاضة المحمية بالسلاح، والانقلاب العسكري..الخ. وقبل الدخول في مناقشة تفصيلية لهذه الآليات، نلفت الأنظار إلى النقاط التالية:
عملية التغيير في السودان، لا تنحصر فقط في نوعية الوسيلة التي سيتم بها التغيير، بانتفاضة شعبية سلمية أو مسلحة، أوبالحوار والحل التفاوضي أو الوفاقي..الخ، وإنما تتمثل في محتوى التغيير نفسه ومحصلته النهائية التي ستنتج عنه، وما إذا كان سيتصدى للأزمة ويعالجها بما هو أعمق من سطحها السياسي. قولنا هذا لا يعني تجاهلنا لحقيقة أن محصلة التغيير ونتائجه ترتبط بالضرورة، وبهذا القدر أوذاك، بنوعية الوسيلة المستخدمة لتحقيقه.
بالنسبة لنا، فإن النقطة المفتاحية والجوهرية في مسألة التغيير، هي طابعه الجماهيري الواسع، بإعتبار الجماهير هي حامل التغيير وزاده الدافع وضمان حقيقته وتحققه. ومن هنا رفضنا لآليات التآمر والانقلاب العسكري، مثلما نرفض صفقات التفاوض والحوار القائمة فقط على إقتسام كراسي السلطة، وتتجاهل القضايا الجوهرية المسببة للأزمة.
نحن مع آليات العمل السلمي الجماهيري. لكنا في نفس الوقت نقول بضرورة وموضوعية التكامل بين آليات التغيير المختلفة، وجدلية العلاقة بينها. بمعنى، من الصعب، بل ومن غير الممكن، مثلا طرح العلاقة بين العمل السلمي والعمل المسلح بطريقة "مع أو ضد"، أو "يا هذا يا ذاك". فالقوى المصطرعة سياسيا، تسعى لحسم الصراع لصالحها، متبنية آليات عملها، في الغالب بحسب حدة الظلم والغبن الاجتماعي/الإثني، وبحسب الآلية التي يتبناها الآخرلمناهضتها، بما في ذلك آلية التجاهل المستمر وعدم الإعتراف. لذلك ليس غريبا أن يحمل أهل المناطق المهمشة السلاح، وأن يفترش أهل المناصير الأرض، ويلجأ ملاك الاراضي في الجزيرة للقضاء، ويتظاهر طلاب الجامعات. وأعتقد من الضروري ألا ننسى أن آلية العمل المسلح حققت اختراقا ملحوظا فى مسألة إعادة توزيع الثروة والسلطة في البلاد، رغم فداحة الثمن. ومن ناحية أخرى، ورغم ان آلية النضال المحددة تخضع لطبيعة الصراع فى المنطقة على أرض الواقع المعاش، فإن ردة الفعل الحكومى، عادة، لا تخضع لأى تقديرات. فهي عنيفة فى كل الاحوال، سواء تجاه الطبيب علي فضل الذى ظل يقود نضالا سلميا حتى لحظة إستشهاده تحت التعذيب، أو الطبيب خليل إبراهيم الذى كان يقود تمردا مسلحا حتى لحظة إستشهاده في الميدان. بالطبع، فى عالم السياسة، ليس بالضرورة أن 1+1 يساوي 2، لذلك، تابعنا حركات مسلحة تبطل آلية السلاح وتفعل آلية التفاوض لتدخل القصر الجمهوري، لتخرج منه بعد فترة مفعلة آلية السلاح المعارض مرة أخرى. وفي إعتقادي، إذا كان هناك فعل سياسي معارض حقيقي تحت مظلة أي آلية للتغيير، فإنه لن يصيب أي فعل آخر ينتج من آلية أخرى بالسكتة القلبية، بل من الممكن أن يدعمه ويفتح له فرصا جديدة. مثلا، أي تسوية سياسية يحدثها دعاة الاصلاحات، يمكن النظر إليها بإعتبارها خطوة جيدة في إتجاه خلخلة النظام. كما أننا لا نشكك في، أو نختلف على، جدوى أو أفضلية آلية الحوار والحل السياسي التفاوضي، ولكن، معيارنا هو ما ستفضي إليه هذه الآلية، ومدى إقترابه من الهدف الأساسي المتمثل في تفكيك النظام الشمولى ودولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن والمواطن. وهكذا، فإن التكامل بين آليات التغيير المختلفة، والذي قد يتم بترتيب أو بدونه، يستطيع أن ينعش ذاكرة الناس فتتعلق الاحلام اليومية من جديد بقيم الحرية والعدالة والمساواة والعيش الكريم، ويستطيع أن يدفع الناس إلى التحرك فى كل الإتجاهات، ليداهموا ما دنسته وخربته السلطة الشمولية، فيوسعونه نقدا وتعديلا، حتى تخرج المبادرة السياسية لتعلن عن إرادة شعبية قوية تشل حركة أي عائق للتعايش السلمى وللنماء والتقدم.
إن إبتكار آليات التغيير الحقيقي ليس وقفا على قوى، حركة أو حزب أو تيار، بعينها دونا عن الآخرين، مهما كانت ضخامة وإتساع القاعدة الجماهيرية لهذه القوى، ومهما بلغت من جسارة. ولما كان بناء دولة العدالة في المشاركة في السلطة وفي إقتسام الموارد، هو الهدف المشترك بين هذه الحركات والاحزاب والتيارات، فمن الطبيعي أن تتكامل أطروحاتها حول آليات التغيير حتى تنتج فعلا يخترق حاجز الإختلاف والتباين السطحي، ليعبر بنا الى فضاء فيه متسع وترحيب للجميع. كما أن تعدد آليات التغيير لا يعنى تشتت الرؤى، بقدر ما يعكس إهتراء الغطاء الذى يتدثر به النظام. فها هو يترنح ما بين عوامل الاستقرار وعوامل الانهيار ولا يعرف كيف يتعرف على صورته المدبلجة بعد سقوط كل دعاوى الدين في برك الفساد الآسنة.
في ذات مرة، كتب المفكر الإيطالي غرامشي يقول "أن التاريخ ليس في نهاية الأمر إلا ثمرة الانسان والإرادة البشرية القوية. ولكن، ليس الإرادة المفردة بل مجموع الارادات، والتي، اذا ما توجهت بشكل صحيح، فبإستطاعتها تخطي كل الصعاب في كل الظروف". وفي طريق النضال، لا أحد يجلس على دكة الانتظار، بل لا بد من حراك تشارك فيه كل قوى الأستنارة والمستقبل للعمل مع الجماهير بكل قطاعاتها ومواقعها، خاصة تلك التى لا تعرف حتى طريق الاعلام الرسمى، فتعيش منعزلة في عالم معاناتها الخاص، ولا تدرك ما يدور فى الخرطوم .
إن الحال الكربة التى تعانى منها البلاد جعلت الاهداف السياسية عند غالبية الاحزاب والحركات تتشابه، إلى حد ما. لذلك، جميعها، إلا المكابر الذي لا يرى حركة التاريخ، يتفق على إنجاز برنامج قومى وطنى يعالج مسائل البديل في الأزمة الاقتصادية والحرب والحريات والنظام السياسي. ومرة أخرى نكرر، إن شكل البديل يحدده معيار إختيار الهدف. ولأن الهدف لا خلاف حوله، بل متفق عليه بصورة ربما لم تحدث من قبل، فالبديل ليس شخص أو حزب، بل دولة المؤسسات التى تراجع وتحاسب ولا تخفى أي شيئ عن الشعب الذي تخشاه وتهابه.
ولكن، هل سقط شعار الإنتفاضة وإنتفت إمكانيتها؟؟ (نواصل)
د. الشفيع خضر سعيد

Post: #27
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 10:30 PM
Parent: #26

نحو أفق جديد
كسر الحلقة الشريرة
(9)
_________
النظرة الموضوعية، بعيدا عن حالات الإحباط المؤقت، لا يمكن أن تسقط خيار الانتفاضة ولا يمكن أن تشير إلى ضيق فرصها، مهما بدا على السطح من ركود الحركة وعدم تجاوبها العام مع هذه التظاهرة أو ذاك الحراك الجماهيري. أعتقد أن عددا من العوامل هي وراء حالات الإحباط واليأس الذاتي التي تصيب البعض، منها: الإصرار على تفكير بعينه حول التغيير، راسخ في أذهان العديد من القيادات، يفترض أن الانتفاضة والعصيان المدني سيتجسدان بنفس طريقة أكتوبر 1964 وأبريل 1985، فيصطدم هذا التفكير بحقيقة أن القوة الضاربة المنظمة التي حسمت معارك أكتوبر وأبريل، وفي مقدمتها النقابات والإتحادات المهنية والطلابية، هي اليوم إما غير موجودة أو ليست بتلك القوة التي كانت تتمتع بها آنذاك. أيضا، هنالك عامل القمع غير المسبوق الذي يجابه به النظام التحركات السلمية، فاتكا بحياة المئات من الشباب والصبية، وفق خطة محكمة، (الخطة ب أو plan B)!!، كما حدث إبان مظاهرات سبتمبر 2013، وتأكيد إستعداده، أي النظام، على إستخدام مليشياته في ردع أي تحرك، جماهيري سلمي، بقوة الرصاص الحي مهما كانت شعارات هذا التحرك. وهو ما نشهده بالفعل في كل التحركات، حتى المطلبية منها مثل الإحتجات المتعلقة بغياب الخدمات أو ضد سلب ملكية الأراضي. لكن، من أهم العوامل المحبطة، في تقديري، غياب المركز المعارض الموحد والملهم، الذي يعي الواقع ويستلهم الدروس من تجاربنا وتجارب الآخرين، فيبدع مداخلا جديدة للإنتفاضة، ويخطط، ومن ثم يقود.
صحيح أن واقعنا الراهن يعج بالكثير من المؤشرات السالبة على قضية الإنتفاضة. فالحزب الحاكم يمسك منفردا، وبقوة على كل المفاصل في السياسة والإقتصاد والمجتمع، مخلفا: كبت الحريات، إحتكار وسائل الإعلام والتعبير، محاولة التحكم في الانشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية، وحتى في حياة الناس الخاصة، سيطرة قلة من خلصائه على الأموال وحركة السوق، التدهور التنموي والخدمي، العطالة والإنهيار القيمي، هجرة الأدمغة وسواعد البناء...الخ. لكن، إذا أمعنا النظر في كل هذه المؤشرات السالبة، سنجدها في ذات الوقت هي أيضا مؤشرات وبواعث الحراك نحو التغيير. فقط، علينا إدراك عدد من الحقائق، لا حول الواقع المعاش ومؤشراته فحسب، بل وحول تاكتيكاتنا للتعامل معه. أنظر مثلا، إلى واقع إنتقال قطاعات الشعب السوداني من مرحلة الاحتجاج الصامت إلى مرحلة إنتزاع الحق عبر الفعل الايجابي، المحدد والمنضبط، دون خوف أو وجل. وإذا إستذكرنا دروس التاريخ جيدا، سنجد هكذا تبدأ الثورات. فإذا كانت الجماهير الساخطة والمحتجة طلبا لماء الشرب أو الكهرباء أو حقها في الأرض أو العلاج أو الخبز أو مزيدا من الامان لأطفالها في طرق المرور السريع...الخ، إذا كانت هذه الجماهير، في هذه المرحلة من حراكها، تصر وتطالب بحضور المسئول أمامها ليستمع إلى مطالبها، فإنها، في المرحلة التالية، ومع إستمرار الغبن والعسف، ستطلب منه أن يرحل. إن هذا النوع من الاحتجاجات، في ظل حالة التآكل والانحلال التي تعيشها بنية نظام الإنقاذ، ومهما بدا وكأنه يبتعد عن السياسة، فسيصطدم بالسياسة عاجلا، فارضا نفسه في قمة تاكتيكات العمل السياسي الهادفة لإنقاذ البلاد وحمايتها من السقوط في الهاوية.
إن الوقائع اليومية في السودان تقول إن الشعب ليس في حالة يأس وإستسلام، بقدر ما هو في حالة غليان داخلي يتصاعد بالتدريج. والشعب السوداني، وهو في حالته الراهنة، تمكن من تحقيق العديد من النجاحات. مثلا، إذا كان سقف مطالب أبناء الهامش في أزمان سابقة يتمثل في أن يكون الحاكم أو الوالي من أبناء المنطقة، وأن يتفضل المركز ببعض التحسينات والإصلاح في الخدمات المحلية، فإن سقف مطالبهم اليوم إرتفع لمناقشة إشتراكهم في حكم البلاد، وليس منطقتهم فقط، ومناقشة الاقتسام العادل للموارد والثروة. وهذا السقف الجديد، والعادل في نفس الوقت، ما كان من الممكن الوصول إليه لولا نضالات وتضحيات أبناء الهامش. وفي مناطق السدود، فرض أهل المنطقة أن يتم التفاوض مباشرة بينهم والحكومة، وذلك على أساس ما من قوة في الأرض يمكن أن تفرض قيام السد في منطقتهم دون موافقة جماهير المنطقة المتأثرة بالسد. وفي الخرطوم، ورغم ما ظل يواجهه الشباب من قمع لاحدود له، ورغم تجربة سبتمبر الدموية، فإن هولاء الشباب لا يتورعون عن معاودة الاحتشاد في وقفة احتجاجية لدعم هذه القضية أو تلك، حتى ولو كانت قضية تجفيف المستشفيات المركزية، أو قضية مصادرة المراكز الثقافية، أو حضور محاكمات قادة المعارضة. وهنا، لا يهمني أن يكون عدد الواقفين أكثر من ألف شخص أو أقل من عشرة أشخاص. فالمهم أن هناك جذوة متقدة ضد الظلم، والمهم هناك من يقف ويتصدى للدفاع عن قضايا الشعب بجسارة. والمهم إدراك أن الوصول بأي قضية إلى نهاياتها المنطقية، لن يتأتى من الضربة الأولى، وأنه رغم الهزائم والعثرات، سيتحقق فرض إرادة الشعب على الحكام. وهكذا، سيظل التحدي الرئيسي أمام الحركة السياسية السودانية هو كيفية تفجير طاقاتها لقيادة معارك تعبئة الحركة الجماهيرية واستنهاضها، إنطلاقا من المعارك المطلبية الملموسة، لتطوير هذه المعارك وهذا الحراك، في خط تصاعدي يؤدي إلى تغيير ميزان القوى لصالح التحول الديمقراطي، ومن ثم السير في مسار كسر الحلقة الشريرة. وإذا كانت سلطة الانقاذ تعمل بكل وسعها على الإستفادة من تناقضات الواقع السياسي في البلاد، بما في ذلك محاولتها لإتقان لعبة الحرب والسلام، فعلى الآخرين، في الضفة المقابلة، إتقان لعبة تعدد أوجه وأشكال المقاومة، بحيث نتجنب رمي كل جهودنا تجاه مسار واحد. لأنه في حالة عدم بلوغ هذا المسار غايات النجاح المرجوة، سيصاب بحالة الإحباط واليأس المضاعف. الشعب المصري، حجبت عنه، ولأكثر من أربعين عاما، إمكانية التغيير عبر المنافسة النزيهة الشريفة الشفافة في الانتخابات، فأصابه اليأس من هذه الإمكانية لكن لم يصبه اليأس من إمكانية التغيير حتى حققه وإنتصر له بإسلوب آخر. وفي نيكاراجوا، ذلك البلد الصغير في أمريكا الوسطى، كانت البلاد ترزح تحت نير حكم شمولي مطلق على رأسه ديكتاتور دموي يدعى إنستازيو سوموزوا، ظل يذيق شعبه الويل والأمرين. وكانت الجماهير المسحوقة تسعى لإختراق جدار الشمولية عبر عدة محاولات، في حركة صعود وهبوط، حتى تمكنت من تنظيم تحالف جبهوي واسع بإسم جبهة ثوار الساندينستا. خاضت جبهة الساندنيستا نضالا طويلا، سياسيا وعسكريا، حتى تمكنت من دحر الديكتاتورية ودخول عاصمة البلاد، ماناجوا في 19 يوليو 1979. وخرجت ملايين الشعب النيكاراجوي معبرة عن فرحتها بإنتصار الثورة. لكن بعد أقل من عامين من إنتصار الثورة، إندلعت حرب أهلية في البلاد عندما شنت مجموعات الكونترا، أي تحالف فلول النظام القديم والمجموعات المتضررة من سياسات نظام الساندنيستا، مدعومة بقوة من الولايات المتحدة الأمركية التي قالت آنذاك أنها لن تسمح بقيام كوبا جديدة في المنطقة، شنت حربا ضروس ضد نظام الساندنستا الجديد، ولم تتوقف الحرب إلا بعد مفاوضات مضنية كللت بإتفاق وقع بين الأطراف المتحاربة في أواخر الثمانينات. وبموجب ذلك الإتفاق، أجريت إنتخابات حرة حقيقية في فبراير 1990، وخسرتها جبهة الساندنستا التي كانت في الحكم! لم يرفض الساندنستا نتيجة الانتخابات، ولم يقولوا نحن الذين دحرنا الديكتاتورية وقدنا ثورة الشعب حتى الانتصار وبذلك نحن الأحق بالحكم، ولم يعودوا إلى حرب العصابات، بل إستمروا في المعارضة ومراجعة نهجهم عندما كانوا في الحكم، وظلوا ينظمون الجماهير الشعبية، ويخوضون الانتخابات التالية، ويخسرون!! إلى أن جاء العام 2006 حيث إنتخبهم الشعب وتبوأ قائد الجبهة، دانيال أورتيقا، منصب رئيس الجمهورية. (نواصل)
د. الشفيع خضر سعيد

Post: #28
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 10:31 PM
Parent: #27

نحو أفق جديد
كسر الحلقة الشريرة
(10)
_________
كل الشواهد تقول أن المواجهة الحاسمة المفضية للتغير آتية لا ريب فيها. فبعد أن سيطر تحالف الفساد والإستبداد ردحا من الزمان على رقاب البلاد والعباد، إزداد مؤخرا إهتزاز وتخلخل هذه السيطرة، وأخذ الناس يعلنون رفضهم مواصلة التفرج على خشبة الحياة وهي تتهاوى في كل بقاع السودان، وراحوا يترجمون هذا الرفض إلى مواقف عملية ملموسة. النظام يعمل بكل طاقته وإمكانياته من أجل تأجيل هذه المواجهة الحاسمة، متفننا في إستخدام كل الآليات المتوفرة لديه، من مراوغة وطمس للحقائق، مرورا بآلية القمع والتنكيل، وإنتهاء بآلية الحوار التي يجري هندستها وتشويه معناها لتلوح مخرجاتها أمام عيون الشعب بأمل زائف في التغيير، بينما يظل تحالف الفساد والإستبداد هو المسيطر. أما الحراك الجماهيري، وهو الطرف الثاني في معادلة المواجهة، والذي يقع تحت رحمة تلك الآليات، فهو ليس مجرد متلقي، أو سلعة تتنافس على شرائها الحكومة وقيادات المعارضة، كما يحاول النظام تصوير ذلك، وإنما هو مشارك أصيل، بل هو الطرف الرئيس الذي يملك الحل الصحيح للمعادلة. فشعب السودان تخطى، ومنذ فترة طويلة، مرحلة أن يظل حبيس وعي الغناء للمطر حتى يهطل، والدق على الصفيح حتى تعدل الشمس عن كسوفها. الشعب أصبح واثقا من قدرته على فتح كل المنافذ، حتى يسود الوعي، مستخدما الشعار السليم والتحليل المنطقي، لرفع درجة الحساسية تجاه الآخر، وتجاه كل ما هو متعلق بالحرية والكرامة والحقوق، ومستنتجا الإجابات الصحيحة للأسئلة المثارة حول إستمرار الحرب الأهلية في البلاد ولماذا دائما تجهض إمكانيات إطفاء نيرانها، وهل الحوار والتفاوض سيقود إلى حلول جذرية أم سيكون مجرد قشرة تخفي تقيحا سيؤدي إلى تهلكة؟. أسئلة حول إدارة السياسة والإقتصاد، حول الفساد وضنك الغلابة، أسئلة عديدة يتخللها سؤال رئيس حول لماذا يصر قادة هذا الزمان على مقارعة شعوبهم ويرفضون التنحي الآمن؟. ولحظة أن يقرر الحسم وتغيير المشهد، سيفعلها الشعب السوداني، مثله مثل بقية الشعوب الأخرى، لن تعيقه أي من تلك الآليات، ولن يصيبه اليأس والإحباط من لحظة وصول ردة الفعل الجمعي التي تتوج الفعل السياسي وتعلن ميلاد إنتفاضة التغيير. وهي لحظة، كما ذكرنا، آتية لا ريب فيها، رغم أنه من غير الممكن، في كل الأحوال، تحديد تاريخ معين لميلادها.
صحيح أن الحياة أصبحت لا تطاق تحت ظل نظام تحالف الفساد والإستبداد، وهذا الوضع في حد ذاته مدعاة للثورة عليه وتغييره. لكن، مسألة الثورة والتغيير هذه تتطلب توفر مجموعة من الشروط الأساسية والضرورية لدى فاعل التغيير وقواه، نناقشها من خلال النقاط التالية:
أولا: على رأس العناصر الحاسمة لتحقيق الإنتصار، وبالأخص الإنتصار عبر الإنتفاضة، تقبع ثلاثية وحدة قوى التغيير والإرادة السياسية القوية والقيادة الملهمة. هذه الثلاثية، مجتمعة، لا غنى عنها في التنظيم والتخطيط والتحريض والدعم والمساندة وصياغة التاكتيكات السياسية الملائمة، وكل ذلك وفق برنامج عمل ملموس يقدم دفعة قوية ومؤثرة لتفعيل آليات الانتفاضة أو آليات الحل السياسي التفاوضي. هذه العناصر تشكل جوهر ومعنى مفهوم الجبهة العريضة، والذي سنتناوله بالتفصيل في مقالات قادمة. ولكنا في هذا الحيز نود الإشارة إلى أن موضوع وحدة قوى التغيير لا يقصد به مجرد الإصطفاف التنظيمي البحت، وإنما التوحد حول عدد من القضايا الجوهرية المتعلقة بمسألتي التغيير والبديل، ومسألة تقديم القيادة الفاعلة الموثوق بها من قبل القواعد الجماهيرية. كلنا يعلم حقيقة تباين أساليب عمل قوى التغيير للدرجة التي من الممكن أن تعيق ترجمة النشاط المعارض إلى عمل تنظيمي ملموس ينجز تغييرا حقيقيا. كذلك، من الطبيعي أن تختلف تقديرات أطراف المعارضة حول حالات الانتعاش في الحراك الجماهيري، وعما إذا كانت مقدمات للإنتفاضة وستواصل تفجرها حتى الإنتصار، أو هي درجة من درجات سلم التراكم...الخ. هذا الواقع نشهده وسط تحالفات قوى التغيير القائمة الآن، والتي رغم الجهود الكبيرة والمخلصة المبذولة داخلها، تتسيدها الخلافات، بل والشكوك، لدرجة تضعف من ثقة الجماهير فيها كقيادة. أنظر، مثلا، إلى مسألة الخلط، حسب تقديري الخاص، بين أهداف التغيير ووسائله، عندما يتم التعبير عنهما، عند بعض القوى، وكأنهما كتلة واحدة، في حين هما ليس كذلك، رغم إرتباطهما الوثيق جدليا.هذا الخلط، كثيرا ما يوقعنا في مصيدة الإلتباس مما يسبب صراعات جانبية لا طائل منها، ولا تنتج إلا إهدارا للجهد والطاقات وإضاعة للوقت، ونسف الوحدة وهذا هو الأهم. أنظر إلى المماحكات حول إسقاط النظام أم تغييره..!، في حين من يتحدث عن إسقاط النظام لا يتحدث عن وسيلة بل عن هدف، بالطبع هو في حد ذاته وسيلة لتحقيق غاية أوسع وأكثر عمقا. أما الوسيلة فهي كيف نحقق وننجز عملية الإسقاط هذه. وعندما نتحدث عن التغيير الشامل فنحن نتحدث عن هدف وغاية، أما الوسيلة فهي كيفية إنجاز هذا التغيير. ومن زاوية أخرى، أعتقد أن التباين في التعامل مع المصطلح أو المفهوم السياسي، ينبع من حقيقة أن المصطلحات السياسية عادة ما تخرج من رحم الإستراتيجيات التي يهدف إليها الناشطون في المجال المحدد، وترتبط بالتاكتيكات التي يتبعونها، وهو يتلون بالأدبيات المطروحة التي تغذي شعارات المرحلة، وتكون مصبوغة بصبغتها الآيديولوجية. مثلا، مصطلح أو مفهوم تغيير النظام بالنسبة لي يعني عملية مركبة تبدأ بإسقاط النظام كمدخل لإرساء بديل مغاير له، في حين هي، عند البعض، مجرد إجراء إصلاحات في النظام، وعند آخرين، المشاركة في النظام من أجل تغييره...وهكذا.
مثال آخر لآليات مقاومة وحدة قوى التغيير، محاولات خلق الفتنة بين جيل الشباب والأجيال السابقة، وبين الشباب والأحزاب، على شاكلة سجالات ما بعد إنتصار ثورة 25 يناير المصرية حول من الذي أشعل شرارتها الأولى ومن هو صانعها ومن ركب في محطتها الأخيرة. هذه الفتنة تهدف إلى إحباط الحراك الشبابي في مهده، وإفراغه من محتواه، وإنكار تفاعل الشباب الحي مع الواقع، والسعي إلى تحويله، في النهاية، إلى مجرد أداة تنفيذية للقيادات السياسية المعمرة. من البديهيات إن الشباب والحركة الطلابية هم محركوا الثورات ومشعلوا شرارتها، بشهد بذلك تاريخ ثورة أكتوبر 1964 وإنتفاضة أبريل 1985. أما الجديد هذه المرة، فهو سعي الشباب لتنظيم أنفسهم في تكوينات مستقلة، عن الأحزاب أو داخل الأحزاب. وقطعا هذا الجديد سيرفد المشهد السياسي في السودان بتغير نوعي. وبالطبع نحن ندرك إحتمالات، وربما حتمية، نشوء صراعات متعددة بين جيل الشباب وجيل الآباء، في الإطار السياسي الكبير، حول كيفية إدارة القضايا الساخنة المتعلقة بمستقبل البلاد. لكن،هذه الصراعات، في نظري، مثمرة وبناءة. فيما عدا ذلك يكون الحديث عن هذا الصراعات محاولة فاشلة تستند على مغالطات أكل عليها الدهر وشرب، من نوع الإشارات إلى أن هنالك أحزاب بعينها وجهات أجنبية تحرض الشباب. وهذه الإشارات تقوم على نفي دور الشباب كمحرك أساسي للشارع، وتحوله أيضا، إلى مجرد لعبة في أيدي الآخرين. وهي إشارات ظل يطلقها تحالف الفساد والإستبداد، وتمثل عمودا فقريا في خطابه. ياترى، كيف سيجيب هولاء على السؤال حول تحرك شباب الحركة الإسلامية الغاضب والمعترض على سياسات وأداء حزب المؤتمر الوطني الحاكم؟. عموما نقول، إن من يعجز عن علاج قضايا الحرب والفقر والبطالة والغلاء والفاقد التربوي وتفشي المخدرات...، يسهل عليه أن يختصر قلق الشباب المشروع على مستقبل البلاد في ظل وضعها القاتم الراهن إلى مجرد بالونة ينفخها الآخرون!
خصر الكلام...، لا يمكن إنجاز أي إنتفاضة أو تغيير حقيقي بأي من الوسائل الأخرى، إلا عبر وحدة وتوحد قوى التغيير، وإمتلاكها للإرادة السياسية القوية، وتقديمها للقيادة الملهمة الموثوق بها لقيادة فعل التغيير. (نواصل)
د. الشفيع خضر سعيد

Post: #29
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 10:32 PM
Parent: #28

نحو أفق جديد
كسر الحلقة الشريرة
(11)
_________
أي مرحلة من مراحل التطور الإنساني، لها خطوطها الحمراء. وكل مرحلة جديدة من مراحل هذا التطور إما ترسم خطوطا حمراء جديدة، أو تعيد النظر في الخطوط الموروثة ، لتأتي خطوط المرحلة أكثر دقة وصرامة من سابقاتها، حتى تؤدي فعل الآلية المانعة للردة وللتراجع إلى الخلف، كما هو الحال مثلا في قضايا الديمقراطية المرتبطة بلقمة العيش، وقضايا حقوق الإنسان والسيادة الوطنية. لكن، تعرجات الواقع وتضاريسه ليست بمثل سهولة صياغة وكتابة هذه الفقرة. فالردة ممكنة، والتراجع دائما وارد. ومن الواضح إننا اليوم، في السودان، وبسبب سياسات تحالف الفساد والإستبداد الحاكم، نشهد فترة نكوص تراجعت خلالها العديد من خطوطنا الحمراء. فمثلا، بينما ظل إنفصال جزء من البلاد خطا أحمرا منذ الإستقلال، فإنه أصبح ممكنا الحدوث تحت حكم الإنقاذ، وحدث بالفعل، بل ويمكن تكراره، مادام يضمن للحاكم، حسب توهمه، مواصلة كنكشتة على السلطة. قتل النفس كان خطا أحمرا، لكنه الآن ممكن الحدوث وبدون مساءلة الجاني...، التعدي على حق الغير كما هو الحال بالنسبة للأراضي...، إهتزاز الثقة في القضاء وأجهزة العدالة....، الى غير ذلك من التراجعات الموجعة. وبالطبع، يمكننا الإستطراد في تناول العديد من التفاصيل لنكتشف حوجتنا الماسة في إعادة رسم الخطوط الحمراء، حتى نعيد السابقات إلى موقعها ونزيد عليها بخطوط جديدة أكثر دقة وصرامة، وتتماشى مع المجرى الموضوعي لتطور الحياة. لكن، ما يهمنا هنا هو الإشارة إلى أنه، ومع إزدياد وتيرة تراجع الخطوط الحمراء في ربوع الوطن، تحت ظل سيطرة تحالف الفساد والإستبداد، أصبحت الحياة في السودان لا تطاق، ويتواصل إنحدار البلاد سريعا إلى قاع الهاوية. هذا الحال الذي وصلت إليه البلاد ويئن فيه أهلها إختناقا، يوفر نضوج الشق الموضوعي للثورة عليه وتغييره. ومنعا لأي إلتباس أو تأويلات مبتسرة، فإن التغيير الذي نقصده وننشده يبدأ برحيل نظام تحالف الفساد والإستبداد، أولا وقبل كل شيئ، ليفتح الطريق أمام بسط التحول الديمقراطي كاملا حتى يتمكن الجميع من الجلوس والتوافق على المشروع الوطني لإعادة بناء الوطن والدولة السودانية، وفق أسس جديدة يرتضيها الجميع. صحيح أن الحرب الأهلية التي تدور الآن في البلاد تعتبر شكلا من إشكال الثورة على الوضع القائم...، الحراك الشبابي في الشارع أو بالتحريض عبر الوسائط الإجتماعية، والإحتجاجات المطلبية هنا وهناك، أيضا درجة من درجات الثورة... لكن، الثورة والتغيير تتطلبان، إضافة إلى نضوج الشق الموضوعي، توفر مجموعة من الشروط الأساسية والضرورية لدى فاعل التغيير وقواه. وفي المقال السابق تطرقنا إلى أول هذه الشروط، حيث ناقشنا فكرة أنه لا يمكن إنجاز أي إنتفاضة أو تغيير حقيقي، بأي من الوسائل، إلا عبر وحدة وتوحد قوى التغيير، وإمتلاكها للإرادة السياسية القوية، وتقديمها للقيادة الملهمة الموثوق بها لقيادة فعل التغيير. وفي مقال اليوم، نواصل مناقشة بقية الشروط الواجب توفرها لدى فاعل التغيير وقواه:
ثانيا: بالنسبة للوضع في بلادنا، فإن القيادة الملهمة والموثوق بها لقوى التغيير تلعب دورا هاما وأساسيا في إنضاج العامل الذاتي في الثورة، بدءا من كسر حاجز الخوف وسط الجماهير، تنظيم الجماهير ورفع حسها ودرجة حساسيتها تجاه الفعل الإنتفاضي، المساهمة في خلق التراكمات الضرورية، فتح مجالات جديدة وإبتداع آليات جديدة في العمل السياسي، تطوير النشاط الإحتجاجي والمطلبي، وتطوير القضايا المطلبية نفسها وسبر غور جوهرها السياسي...الخ. ومع إتساع وتنوع قوى التغيير، والتي تمتد يسارا ويمينا لتضم مختلف طبقات وفئات الشعب وشرائحه السياسية والإجتماعية والثقافية والدينية وحركة المجموعات الإثنية والقومية والشبابية...الخ، وحتى بعض المجموعات الخارجة على النظام، علي الرغم من إختلاف المصالح ووجود نزاعات قائمة، مع إتساع وتنوع هذه القوى، فإن قيادتها لا بد أن تأتي تعبيرا حقيقيا عن هذه التركيبة الجبهوية الواسعة والعريضة، ولا مجال لسيطرة هذا الحزب أو تلك الفئة. في سودان اليوم، الوضع لم يعد يحتمل إعادة انتاج خطاب القائد وإيماءات الرعية، سواء على مستوى الحكم أو مستوى المعارضة. وزمان القائد الواحد ذو السلطة المطلقة قد ولى، ومعاملة جماهير الشعب وكأنها قطيع يساق حيثما يشاء الراعي، أصبحت في حكم المستحيل. ولا مناص من القبول بحقيقة بروز أكثر من قائد، في أكثر من موقع ورقعة، يمكن أن يعمل مع الآخرين لإحداث وإنجاز فعل التغيير. ونحن عندما نتحدث عن ضرورة الإبداع والإلهام في قيادة قوى التغيير، فإن من ضمن ما نقصد هو كيفية تجسيد التكامل بين تلك القيادات المتعددة والمتنوعة.
وأيضا، أعتقد من المهم الإشارة إلى أن قيادة قوى التغيير لايمكن أن تقوم بدورها القيادي من وراء حجاب، بمعنى تصدر التوجيهات وتحدد المسارات من خلال الوسائط الإجتماعية، كالفيسبوك أو الواتساب مثلا. بل لابد من إستكمال هذا النشاط الهام الذي أثبت فعاليته، بتواجد قيادي حقيقي على الأرض وسط قواعد قوى التغيير. فحراك الجماهير لن تفجره مجرد أسماء لامعة أو بوستات ثورية في الأسافير، ولكنه يتطلب قيادة ملموسة مجسدة، وليس إفتراضية (virtual)، تدفع بأي حراك، مهما كان صغيرا أو ضعيفا، لتبقي جذوة شرارته متقدة ومستمرة في مسيرة الفعل الجماهيري التراكمي، تفحص وتقيم مع جماهيرها آفاق الحراك ومستقبله، وما إذا كان وصل قمة الإنفجار الثوري، أم لايزال إحدى حلقات التراكم، قيادة مستعدة للتعامل مع حالة الإنفجار الثوري عند حدوثه، وتفجير كل طاقاتها للسير به في وجهته السليمة المتطابقة مع هتافات الجماهير، وقيادة تمتلك القدرة على الحفاظ على موازين القوى في الدرجة التي تمنع الإنتكاس. ومن زاوية أخرى، لا أعتقد أن الدور القيادي يعني، مثلا ِأن تقوم قيادة قوى التغيير بتحديد تاريخ إنفجار الثورة باليوم والساعة، أو أن الجماهير ستفرمل سرعة حركتها حتى تحدد لها القيادة موعد الانفجار...! على العكس تماما، ففي هذه الحالة الجماهير لن تنتظر، وفي الغالب ستتخطى القيادة، كما حدث في إنتفاضة أبريل 1985 في السودان.
أخيرا، القيادة الملهمة تسعى لتوسيع الحراك الجماهيري إلى أقصى مدى ممكن، متجاوزة التناقضات الثانوية بين المجموعات المختلفة ومجتهدة لتذليل الخلافات بينها، رافضة الشروط التعجيزية التي يصر عليها البعض لقياس مدى فاعلية وفائدة الحراك الجماهيري، ورافضة كل ما من شأنه أن يساهم في وضع الجماهير في حالة الترقب والإنتظار السلبي، كالإنسياق وراء أحاديث الحوار والوفاق الزائفة في حين جوهر الأمر هو مجرد المناورة وشراء الوقت من قبل النظام، أو الإرتهان للدور الخارجي والتهويل من قدرات وإمكانيات المجتمع الدولي تكريسا وقبولا لفكرة أن التغيير سيأتي من الخارج، وهي فكرة تصيب الشارع الثائر بالبرود، وتجعل البلاد في إنتظار الخلاص من ذوي القوة الخارقة في المجتمع الدولي. وعندما تتمكن حالة الإنتظار والترقب من عقول الناس وأجسادهم، تتفعل آلية الفرملة الكابحة للحراك الجماهيري. (نواصل)
د. الشفيع خضر سعيد

Post: #30
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-07-2015, 10:33 PM
Parent: #29

سنواصل تباعاً

Post: #31
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: adil amin
Date: 11-08-2015, 09:06 AM
Parent: #30

Quote: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع



طبعا كلامي البكتبو هنا بالنسبة للمؤدلجين كلام الطير في الباقير
بس المختصر المفيد
الحلقة الشريرة المتوهمة هي بين السيء -نخب السودان القديم المؤدلجة والاسوا -الاخوان المسلمين الذين استهلكو80% من فترة الاستقلال بالانقلابات وضيعو ديموقراطية وست منتسر وطريق الكومون ولث بتاع السيد عبدالرحمن المهدي ومحمود محمد طه وابراهيم بدري والسيد علي الميرغني..كنا بقينا ذى الهند والبرازيل الان 2015
الديموقراطية تجي معاها الاحزاب الحقيقية وليس التنظيمات " الانقلابية"
والتناقض الافقي بين القديم والاقدم لا يفضي الى شيء كلهم ملة واحدة البشير الترابي ابو عيسى وغيرهم
التناقض الراسي بين الجديد والقديم هو الذى يولد وضع جديد
السودان الجديد" نيفاشا ودستور 2005-النموذج البريطاني × السودان القديم دولة الراعي والرعية والريع والرعاع النموذج المصري

والعايز يتابع معانا بالتفصايل دونه ما ا اكتبه في البورد
وشكرا لي صاحب البوست على الاستضافة

Post: #32
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-08-2015, 01:36 PM
Parent: #31

تحياتي adil amin

أعترف بتقصيري في متابعة ما تكتبه في المنبر
ومن المؤكد سأقوم بمطالعة ما دونته
ما فهمته من مداخلتك أن هنالك مشروعاً قبرته التنظيمات المفرخة من مصر التركية بانحيازها للعروبة دون أفريقية الدولة
وهذا المشروع تبنته قوى وطنية ممن سميتهم بالأذكياء الذين تعاملت معهم بريطانيا العظمى الذكية
والمشروع يكمن في بقاء السودان ضمن منظومة الكمنولث منتهجاً ديمقراطية وستمنستر
وتجدد المشروع عبر نيفاشا ودستور 2005

شخصياً لا أصنف نفسي مؤدلجاً ولا أفقه لغة الطير في أي جغرافية في العالم ولكن أعتقد أن لي منهج وتيرمومتر معرفي أقيس به
لو كان ما فهمته كما أوردت سؤالي كي تكتمل الصورة
أين دستور 2005 ونيفاشا في الراهن السياسي
ومن وأد الاتفاقية والدستور الذي أفرزته
وما هو السبيل للخروج من الحلقة الشريرة المتوهمة هي بين السيء -نخب السودان القديم المؤدلجة والاسوا -الاخوان المسلمين الذين استهلكو80% من فترة الاستقلال بالانقلابات وضيعو ديموقراطية وست منتسر وطريق الكومون ولث بتاع السيد عبدالرحمن المهدي ومحمود محمد طه وابراهيم بدري والسيد علي الميرغني..كنا بقينا ذى الهند والبرازيل الان 2015

وبالتأكيد يا حبيب أنت لست ضيفاً بل صاحب دار وأنت من تستحق الشكر بالاسهام الذي تقدمه لموضوع البوست
وتسلم

Post: #33
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-10-2015, 03:05 AM
Parent: #32

t,r

Post: #34
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: Osman M Salih
Date: 11-10-2015, 08:20 AM
Parent: #1

الأخ الكريم بشرى محمد حامد الفكي وضيوفك الافاضل.
السلام عليكم. وشكرا لعرض هذا المقال.
.
يقول الدكتور في الجزء الثاني من مقاله:

"ما من حديث يتناول طبيعة الأزمة السودانية، إلا ويشير إلى أن السودان، ومنذ فجر إستقلاله، مصاب بمتلازمة "الحلقة الشريرة"، هذا التعبير الذي أصبح راسخا في الأدب السياسي السوداني، والذي يجسد حالة عدم الإستقرار السياسي في البلاد: حكم مدني ديمقراطي يطيح به انقلاب عسكري يقيم نظاما ديكتاتوريا تطيح به إنتفاضة شعبية تقيم حكما مدنيا ديمقراطيا يطيح به إنقلاب عسكري ..... وهكذا."(انتهى المقتطف )

وهذا حديث سمته الدغمسة لاغفاله عمداً الإشارة إلى المصدر الذي استقى منه كاتبه مصطلح الحلقة الشريرة وهو ليس نكرة مجهولة.
فمن المعلوم أن الفضل في إدخال هذا المصطلح في الأدب السياسي السوداني والتعريف به في مقالة منشورة يعود للأستاذ محمد إبراهيم نقد. ولكن يبدو أن الإشارة إلى اسم الرجل لايخدم مصالح دكتور الشفيع خضر الذي آثر التعميم والتعتيم والدفع باسم الرجل المجتهد إلى مفازة النسيان. وهذا أدخل في باب عدم النزاهة الفكرية.

Post: #35
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: سيف اليزل الماحي
Date: 11-10-2015, 09:16 AM
Parent: #34

.


Quote: فمن المعلوم أن الفضل في إدخال هذا المصطلح في الأدب السياسي السوداني والتعريف به في مقالة منشورة يعود للأستاذ محمد إبراهيم نقد. /QUOTE]

نعم، الأستاذ محمد إبراهيم نقد على خلاف السياسيين السودانيين جملة، كان مفكرا سياسيا موثقا، لن تجد له نظيرا مهما تلفت لعمائم السياسيين السودانيين،
ولذلك تأتي الكتابات السياسية في كثير من الأحيان إنشائية مكرورة لا يوجد أدنى إجتهاد في إنتاجها، من الصعوبة تصور ان سياسيا في مكانة الدكتور الشفيع خضر لا ينتبه لذلك!!


شكرا لصاحب الخيط
شكرا أخي عثمان صالح


.

Post: #36
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: اسامة الكاشف
Date: 11-10-2015, 11:29 AM
Parent: #35

- شكرا الأخ بشرى على إشراكنا في هذا الزخم التنظيري
- الشايقي جاب النجيضة " استحالة حكم البلد عبر إيدلوجيا وهزيمة غي مشروع تغيير سياسي حزبي ضيق"
- الأستاذ كبر من كتابي المفضلين بس معالجاته لهذا الموضوع لم تكن موضوعية أو منهجية
- الاستاذ كمال عباس كالعادة كلمل الدسم

- أهمية نشر المقالات في تزامنها مع ما أثير حول تجميد عضوية د. الشفيع وكما يتضح فالرجل صاحب فكر نظري ممنهج
- ليس من المطلوب البصم بالعشرة على كل ما قال لكن مجمل المقالات تحليل علمي نابع من تجربة لصيقة بالعمل السياسي

تسلموا

Post: #37
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: Osman M Salih
Date: 11-10-2015, 12:55 PM
Parent: #35

يا سيف اليزل سلامات ياخي.

لو تأملت عبارة دكتور الشفيع لوجدتها أنها كانت في الأصل أطول
مماهي عليه في صيغتها النهائية التي بين يدي القراء ، وأنّها كانت
مبنية للمعلوم، بيد أنّها انمسخت أثناء تدوينها لينطمس فيها اسم الكاتب الذي دفع بمصطلح الحلقة الشريرة لدائرة التداول، فتنبني للمجهول.


لست ممن يبخّسون الناس أشياءهم حتى لو كنت على خلاف معهم، حتى الذين يقفون على الضفة الطبقية المقابلة. ولايحول رأي السالب
المنشور في أسلوب القبضة الحديدية الذي أدار بها الأستاذ محمد ابراهيم نقد حزب الشيوعيين السودانيين وماترتّب على ذلك
من أثر مدمّر على حياة الحزب الداخلية ونفوذه بين الجمهور، - أقول إنّ كل ذلك لايقف بيني وبين الاقرار بمساهمته الفكرية التي لا أنكر إفادتي منها.

تحياتي

Post: #38
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: سيف اليزل الماحي
Date: 11-10-2015, 03:23 PM
Parent: #37

.


Quote: ا، من الصعوبة تصور ان سياسيا في مكانة الدكتور الشفيع خضر لا ينتبه لذلك!!


أخي عثمان سلامات

أنا لا أختلف معك أبدا، أنا تعجبت كون الدكتور الشفيع خضر لا ينتبه لمصادر الأفكار السياسية ولا يحرص على رصدها وتوثيقها، وقد أتت من زعيم سياسي كان قريبا منه!!


.

Post: #42
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-11-2015, 11:34 AM
Parent: #38

الأخ سيف اليزل الماحي

تحياتنا
لا أرى فائدة يجنيها دكتور الشفيع من تجاهل ذكر اسم نقد لأن ذلك لن يؤثر في مكانة نقد وسط الجماهير كما لن يزيد من شعبية دكتور الشفيع

تسلم يا حبيب وفي انتظار مساهمتك

Post: #39
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: سيف اليزل الماحي
Date: 11-10-2015, 03:23 PM
Parent: #37

.


Quote: ا، من الصعوبة تصور ان سياسيا في مكانة الدكتور الشفيع خضر لا ينتبه لذلك!!


أخي عثمان سلامات

أنا لا أختلف معك أبدا، أنا تعجبت كون الدكتور الشفيع خضر لا ينتبه لمصادر الأفكار السياسية ولا يحرص على رصدها وتوثيقها، وقد أتت من زعيم سياسي كان قريبا منه!!


.

Post: #40
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: كمال عباس
Date: 11-10-2015, 04:59 PM
Parent: #39

كتب الأخ سيف اليزل
!
Quote: نا لا أختلف معك أبدا، أنا تعجبت كون الدكتور الشفيع خضر لا ينتبه لمصادر الأفكار السياسية ولا يحرص على رصدها وتوثيقها، وقد أتت من زعيم سياسي كان قريبا منه!!


هذه المفردة أصبحت صكا من أدبيات الحزب الشيوعي وإرثا منصصا في أوراقه الفكرية مثلها مثل مقولات عبد الخالق والتيجاني الطيب ومحجوب شريف . لاضير ولاغضاضة
في أن ينهل د . الشفيع من أدبيات حزبه ومن مصكوكاته . حتي من دون يشير لمصدر المفردة
ــ عموما العبرة في المحتوي والمضمون الذي أراه ـ جهد فكري ثر ـ محرك للساكن ومحرض علي التفكير ـ جهد يرصد ويشخص ويحلل ـ وهو مع كل هذا يقبل الإتفاق والإختلاف والنقد

Post: #43
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-11-2015, 11:36 AM
Parent: #40

الأخ كمال عباس

تشكر يا حبيب
دوماً في الموعد
أتفق معك تماماً

تسلم

Post: #41
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-11-2015, 11:31 AM
Parent: #34

الاخ الفاضل Osman M Salih

لا أعتقد أن دكتور الشفيع قصد أن يغمط المرحوم نقد حقه،، ولكن ربما يشاع الآن من صراع داخل الحزب صور الأمر كأنه كذلك

أعتقد ما كتبه الشفيع جدير بأن يناقش دون استصحاب ما يروج له الآن
تسلم يا حبيب وعندي أمل أن اقرأ مساهمتك فيما أورد في المقال

تحياتي

Post: #44
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-15-2015, 03:23 PM

نحو أفق جديد
كسر الحلقة الشريرة
(12)
_________
لا زلنا نناقش الشروط الواجب توفرها لدى قوى التغيير إذا أرادت أن تنتصر. وفي المقالات السابقة تناولنا وحدة قوى التغيير، وإمتلاكها للإرادة السياسية القوية، وتقديمها للقيادة الملهمة الموثوق بها. نواصل مناقشة بقية الشروط:
ثالثا: القدرة والتفنن في إبداع التكامل بين مختلف آليات ووسائل وتاكتيكات التغيير. ونحن هنا لا نتحدث عن مجرد عملية فنية وتقنية، وإنما نشير إلى قضية سياسية وفكرية من الدرجة الأولى، تتضمن عددا من المفاهيم المستخلصة من التجارب الملموسة للشعوب، ومن بينها الشعب السوداني. وهذه المفاهيم تشمل التظاهر السلمي والإضراب السياسي والعصيان المدني، والإنتفاضة المحمية، والعمل المسلح، والحصار الدبلوماسي، والحوار والتفاوض. وبالطبع، ليس غريبا أن تتباين الرؤى داخل قوى التغيير، بما في ذلك القوى المنتظمة في تحالفات سياسية، حول وسائل التغيير. لكن، بمزيد من الجهد والمثابرة، يمكن توحيد الرؤى المتباينة هذه، أو على الأقل إبداع كيفية أن يكمل كل منها الآخر ولا يفترض نفيه. ورغم ذلك، تبقى حقيقة أن شكل ومحتوى البديل الناتج من عملية التغيير، سيتحدد إلى درجة كبيرة بالآلية التي سيحدث بها هذا التغيير. فالطابع الجماهيري الإنتفاضي، يعنى ترسيخ الحريات والديمقراطية وفتح الطريق أمام مهمة إستكمال وأنجاز كسر الحلقة الشريرة. والطابع غير الجماهيري لإحداث التغيير، انقلاب مثلا أو عمل مسلح، تكمن في داخله إمكانية فرض الوصاية واستمرار مصادرة الديمقراطية وسرقة أحلام الجماهير لصالح المجموعة العسكرية. بينما آلية التفاوض تتطلب القبول باحتمال أن النظام القديم، أو أحد مكوناته، بشكل أو بآخر، سيكون جزءا من البديل الجديد، كما تتطلب التحسب لإمكانية إعادة إنتاج الأزمة. أعتقد بهذا الفهم، وبالنظر إلى إقتراب هذا التنظيم أو ذاك من أهداف التغيير المتفق عليها، يمكننا تفهم ما يتبناه من وسائل ونبحث في كيفية تكاملها مع وسائلنا، دون الإنزلاق إلى محاكمة الوسائل، أو تفتيش الضمير وتوزيع الإتهامات الجزافية أن هذا "غواصة" وذاك "منبرش"، والآخر يسعى إلى صفقة...!، وما الحكم، من قبل ومن بعد، إلا للشعب السوداني.
في معظم المناقشات الجادة حول التغيير تطرح تساؤلات، أغلبها يبتدئ بأداة السؤال كيف: كيف نخترق الواقع السياسي الراهن ونأتي بفعل يزيل الكابوس ويحدث التغيير؟ كيف نبني أدوات وآليات التغيير المنشود؟ كيف نستعيد زمام المبادرة ونكون مؤثرين ونفجر الحراك الجماهيري؟ كيف نردم الهوة بين القيادة والقاعدة؟ ....! هذه الأسئلة، وغيرها، مشحونة بقلق شديد تجاه مآل حال البلاد، وفي الذهن سوريا، اليمن، ليبيا، أو ربما حالة خاصة جدا إسمها السودان وحربه الأهلية شبه الدائمة. ردة فعلي الأولى والمباشرة تجاه السؤال كيف، هي، أن أي فرد منا، السائل أو المجيب، يمكن ان يساهم في الاجابة، وأنه لا يوجد مرشد أو دليل (manual) جاهز لكيف يتم التغيير أو تبنى أدواته، وكلما أتت الإجابة نتيجة جهد جماعي من المؤسسات والمنابر، كلما كانت الأقرب إلى الصواب. لكن، أي إجابة تدعي الصواب، لا بد أن تكون ملهمة للشباب المتشوق للتعبير عن رفضه لأي ظلم، حتى يضاعف من قدرته على إدارة الوقت والاستفادة القصوى منه، وحتى يقمع أي احساس باللاجدوى، ويقتنع بأن أي عمل في هذا الواقع، المتشعب المشكلات، مجدي. وبالطبع، أنا هنا أتكلم عن الذهن المفتوح لإستيعاب الآخر، المتفق في الهدف وإن اختلف معه آيديولوجيا، الذهن الذي يشرع الأبواب لكل ما هو مطروح للمقاومة وتثوير الشعب من اجل إقتلاع الحقوق وتحقيق حياة تليق بقيمة الإنسان.
نحن، مجموع أهل السودان، نتوق لحياة ديمقراطية تحت ظلال السلام والأمان، حتى نبني الوطن وننعش التنمية ونؤهل الأجيال. ولما كان هذا الهدف تلتقي فيه كثير من الاحزاب والحركات والكيانات السياسية، فلا بد أن تتفاعل طرق تفكيرها وأدواتها، مهما إختلفت، حتى تتكامل لتحقيقه. صحيح نحن نفكر بطرق مختلفة ونرى الأشياء من زوايا مختلفة، ولكنا نسعى لتوحيد الأهداف الأساسية التي تسمح بتعايشنا السلمي الذي يحفظ لكل منا تماسكه الوجداني، وثقافته، وكرامته الإنسانية، بل وتطلعاته الإقتصادية. وفيما يخص الأزمة التي تعيشها بلادنا، من حروب وغلاء وإجحاف وخراب تنموي، هناك من يفكر بطريقة راديكالية مباشرة: فعل سياسي يؤدي إلى التغيير. وقد تشمل خيارات هذا الشخص: الانتفاضة الشعبية المصحوبة بالعصيان المدني أو المحمية بالسلاح، أو الانقلاب العسكري، أو المقاومة المسلحة. ونجد آخر يفكر بطريقة إصلاحية تهدف لمحاولة تقويم النظام دون الدخول في صدام معه، فيعمد إلى الحوار، التوعية، اصداء النصح، التنبيه إلى ملفات الفساد والحد من الشطط والعسف السلطوي، محاربة الغلاء...الخ. وما بين هاتين الطريقتين، تقبع الكثير من مناهج التفكير الأخرى التي تتشكل بحسب الرؤى والمشارب الفكرية، ويعبر عنها بالتاكتيكات المختلفة، وإن كان هدفها واحد هو إحداث التغيير في البلاد. ومن هنا إستنتاجنا بأهمية وحتمية تكامل الأدوار والتاكتيكات المتعددة لتحقيق الهدف الواحد.
والتاكتيكات، ليس بالضرورة أن تكون سياسية، أو تبتدئ سياسية، وإن كانت في الغالب ستنتهي سياسية. فالتغيير ليس له مسار واحد، ولا يجب أن نطلب من كل الناس ان يكونوا سياسيين، أو نحدد لهم الهدف النهائي كما نشتهيه نحن. الآن مثلا، ارتفعت حدة الصراع السياسي في البلاد بسبب الحرب الأهلية المشتعلة في الهلال الدامي، وإزدادت المخاوف من الصوملة أو الحالة الرواندية. فتحركت جهات عديدة، حركات واحزاب سياسية ومنظمات غير حكومية، في اتجاه رفض هذا الواقع. لكنا لا نشترط أن تعبر هذه الجهات عن مطالب خارج نطاق تخصصها. فالأحزاب السياسية مثلا، ترفع مذكرات تدين الحرب، تدعو إلى المواكب، تنادي بفترة إنتقالية ومؤتمر دستوري..الخ. ومنظمات المجتمع المدني تكوّن شبكات وقف الحرب، تتقدم بالعون الانساني لضحايا الحرب...، أو، وفي مجال مختلف، تدعو لمقطعة السلع الغالية، كما فعلت جمعية حماية المستهلك ذات مرة عندما دعت لمقاطعة شراء اللحوم مبتدرة بذلك فتح جبهة محاربة الغلاء. تلك الدعوة لم تكن "شتارة" وإنما جبهة أساسية من جبهات الصراع السياسي/ الاجتماعي، وكفعل احتجاجي اجتماعي يساعد في الضغط على مافيا السوق. أذكر أن تلك الدعوة إنتقدها الكثيرون، من منطلقات مختلفة. فهناك من يرى ان الحياة في السودان تحتاج إلى مقاطعة شاملة، وهناك من يرى أن المقاطعة ستؤثر فقط على شريحة الجزارين وهم ليسوا المتحكمين الفعليين في الأسعار، وهناك من إرتاب عندما لاحظ حماس الحكومة للمقاطعة!، وهناك من قال إن جمعية حماية المستهلك "عينا في الفيل وتطعن في ضلو"، مشيرا إلى أن الأجدى هو الدخول مباشرة في معركة إسقاط النظام. والقول الأخير يشترط على الفعل اللازم، أي مقاطعة اللحوم، أن يتعدى السوق ويسقط النظام، محملا هذا الفعل فوق طاقته. فالجهة التي صدر منها الفعل ليست كيانا سياسيا، كما أن أي تاكتيك سياسي يحصر نفسه فقط في هذه الدرجة من المباشرة: فعل سياسي يؤدي إلى اسقاط النظام، يضع نفسه في مأزق نفسي خطير. أولا، لأنه يظلم الجماهير التي تريد ان تشارك في أداء الفعل بتحميلها مسؤولية الفشل وإشعارها بالعجز السياسي. وثانيا، لأنه يقلل من قيمة الفعل في تصعيد الحراك الجماهيري. إضافة إلى أنه سيحرم الفعل السياسي من مجموعة أفعال مساعدة تمكنه من الوصول إلى تحقيق المشتهى. أما حملة مقاطعة اللحوم في حد ذاتها، فقد تنجح أو لا تنجح في تخفيض أسعار اللحوم، ولكنها، من جانب آخر، تمثل إختبارا حقيقيا لإستجابة الشعب لنداء التوحد، تحت شعار موحد، وفي حراك عملي موحد لإنجاح فعل إحتجاجي ضد سياسات النظام. مثال آخر: تجربة المناضل الهندي أنا هازاري (74 عاما) الذي إفترش الأرض، بلباسه الابيض وإبتسامته البسيطة، في حديقة راميلا العمومية بدلهي، معلنا اضرابا مفتوحا عن الطعام حتى يتم تحقيق مطلبه بتفعيل محاربة الفساد في الهند. في البدء، سخر كثيرون من هذه الخطوة، وشككوا في قدرتها على إحداث تغيير ما. لكن الحملة بدأت تحشد يوميا آلاف المؤيدين، متحولة من إحتجاج فردي محدود إلى نشاط جماهيري واسع، مما أجبر الحكومة الهندية على الاستجابة.
د. الشفيع خضر سعيد

Post: #45
Title: Re: نحو أفق جديد: كسر الحلقة الشريرة_ د. الشفيع
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 11-18-2015, 04:54 AM
Parent: #44

نواصل