الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟ (1)

الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟ (1)


11-01-2015, 09:09 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=480&msg=1446365388&rn=12


Post: #1
Title: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟ (1)
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-01-2015, 09:09 AM
Parent: #0

08:09 AM Nov, 01 2015
سودانيز اون لاين
محمد التجاني عمر قش-
مكتبتى فى سودانيزاونلاين



الأحزاب السودانية .. هل إلى إصلاح من سبيل؟ (1)
محمد التجاني عمر قش
[email protected]
يعرف بعض علماء السياسة الحزب السياسي بأنه: (عبارة عن تنظيم يضم مجموعة من الأفراد لها تصور فكري مشترك وتعمل على تعبئة الرأي العام لصالحها، من أجل الوصول الى السلطة وتنفيذ برامج ورؤى محددة). وإذا حاولنا تطبيق هذا التعريف على الأحزاب السودانية لوجدنا أن معظمها يخبط خبط عشواء؛ نظراً لأنها يعوزها التصور الفكري الذي يمكن أن يقوم عليه حزب سياسي فاعل. فمن المعلوم أن نشأة الأحزاب السودانية تزامنت مع الحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال، وتوفرت لها في بادئ الأمر قيادات وشخصيات تميزت بقدر عال من الكاريزما والوعي والوطنية والثقافة والإدراك السياسي، وكان لديهم أجماع شبه تام على نيل الاستقلال والفكاك من ربقة الاستعمار؛ إلا أنه، في ذات الوقت، صاحبتها أوضاع غير مواتية بتاتاً؛ منها الوضع القبلي والطائفي السائد في البلاد. ومما يلاحظ على الأحزاب السياسية التقليدية في السودان أنها فشلت في الارتقاء بالشعب السوداني من المستوى القبلي إلى المستوى الوطني؛ فقد استأثر كل من الحزبين الكبيرين بمجموعة من القبائل في جهة معينة من البلاد. فعلى سبيل المثال، نجد أن حزب الأمة يتمتع بنفوذ واسع في بعض المناطق كالنيل الأبيض وغرب السودان عموماً، ليس فقط سياسياً؛ ولكن حتى من حيث الفكر والمظهر. وينطبق ذات الشيء على الحزب الوطني الإتحادي أو بالأحرى الإتحادي الديمقراطي الذي توجد مناطق نفوذه في بعض أجزاء الوسط والشمال والشرق! وهذا يعني أن الممارسة الحزبية عززت مفهوم القبلية والجهوية في الوقت الذي ينبغي أن تكون فيه الأحزاب مواعين وطنية تستوعب كافة الفوارق الاجتماعية التي من شأنها الحيلولة دون وحدة ضمير الأمة. ومن الأمور التي أعاقت تطور الأحزاب، هيمنة القوى الأجنبية عليها، خاصة دولتا الحكم الثنائي، بريطانيا ومصر، إذ كانت كل واحدة منهما تسعى لإيجاد موالين لها في صفوف الحركة الوطنية. فقد ساندت كل من الدولتين مجموعة من الكيانات السودانية التي كانت تتنافس في الساحة السياسية، سواء عبر قلم المخابرات أو عن طريق الإغراء والمال والمناصب! وسعت بريطانيا على وجه الخصوص لعزل الجنوب عن الشمال عبر قانون المناطق المقفلة؛ وبذلك أعاقت تواصل أبناء السودان وانصهارهم في بوتقة الوطنية، وغرست بينهم الفرقة والشتات حتى حصلت أحداث مؤسفة ظلت تؤثر على سير العملية السياسية في السودان حتى اللحظة الراهنة. ومع توفر حسن النية والإخلاص والحس الوطني، لدى قادة الأحزاب، لم يكن لديهم أيديولوجية أو استراتيجية أو منهج أو خطة واضحة لإدارة البلاد وتنميتها والنهوض بها من وهدة التخلف. فقد كانت الشعارات المرفوعة في الأوساط الحزبية هي تحديداً ( الجلاء والسودنة والاستقلال) دون ذكر لخطط تنموية أو نهضة، واستمر هذا الوضع حتى بعدما نال السودان استقلاله وصار الأمر بيد الحكومات الوطنية المتعاقبة، المدني منها والعسكري. إننا نعلم أن الحكومات الوطنية قد ورثت خدمة مدنية متميزة وبنية تحتية لا بأس بها، وتعليماً راقياً، ومشاريع عملاقة، كان من الممكن أن تكون أساساً لنهضة شاملة، مستفيدة من موارد البلاد وإمكانياتها! وكما هو معلوم لدى كثير من المهتمين بالشأن السياسي، فإن كثيراً من أحزابنا، المنقرضة مثل الحزب الجمهوري قد تأسس بإيعاز من الإدارة البريطانية فاستقطب رجال الإدارة الأهلية وغيرهم ممن كانت لهم صلة بالمستعمر. أما الأحزاب القائمة فقد نشأت أساساً إما حول مواقف وأحداث تاريخية، عفا عليها الزمن، أو حول أشواق لا يمكنا تطبيقها على أرض الواقع، مثل حزب الأمة والأحزاب الإتحادية! وعلى سبيل المثال التفت مجموعة ما يعرف بالأحزاب الاستقلالية لتكوّن حزب الأمة بزعامة السيد عبد الرحمن المهدي. وهذا بكل تأكيد مسعى سياسي للتمسك بفكرة المهدية، على الرغم من أنها قد تجاوزها الزمن؛ ولكن لا يزال البعض يرفع شعاراتها؛ لأمر في نفس يعقوب، دون إيجاد بدائل فكرية عصرية يمكن أن تفضي إلى حراك سياسي يسهم في إثراء الساحة السياسية في السودان. من جانب آخر، لجأت مجموعة ما يعرف بالأحزاب الاتحادية إلى الاصطفاف خلف السيد علي الميرغني، مكونة الحزب الوطني الاتحادي، الذي دعا، في بادئ الأمر، إلى الاستقلال عن المستعمر والاتحاد مع مصر؛ إلا أن زعيم الحزب السيد إسماعيل الأزهري أعلن الاستقلال من داخل البرلمان؛ وبذلك نسف الأساس الذي قام عليه الحزب، على ما يبدو في محاولة لسحب البساط من الاستقلاليين، الأمر الذي فاجأ كل الأطراف. ومما يلاحظ على هذين الحزبين أنهما ظلا يتسيدان ساحة العمل السياسي في السودان، سواء في المعارضة أو الحكم، استناداً على الطائفية والقبلية، والتأثير الشخصي لبعض الزعامات التاريخية والوطنية، ولكنهما للأسف الشديد لم يقدما رصيداً فكرياً يصلح لأن يكون مرتكزاً لعمل سياسي. وإن كان حزب الأمة قد ارتبط بالمستعمر البريطاني، الذي كان يقدم له الدعم المالي والسياسي، فإن الاتحاديين من جانبهم قد ظلوا يقبعون تحت العباءة المصرية، ومن يريد التأكد من ذلك فليراجع مذكرات عبد اللطيف الخليفة، ليرى كيف كانت مصر تفرض هيمنتها على هذا الحزب!

Post: #2
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: أحمد الشايقي
Date: 11-01-2015, 02:32 PM
Parent: #1

شكرا أستاذ محمد التجاني قش على المقال الفخيم

ولعل لدي بعض التساؤلات : ...........................................................................................................................................................

Quote: يعرف بعض علماء السياسة الحزب السياسي بأنه: (عبارة عن تنظيم يضم مجموعة من الأفراد لها تصور فكري مشترك وتعمل على تعبئة الرأي العام لصالحها، من أجل الوصول الى السلطة وتنفيذ برامج ورؤى محددة


جيد هذا التعريف .. إذن الكل يسعى للوصول (لكراسي الحكم) ... هل يشمل هذا الوصول للسلطة .. الوصول لها عن طريق الإنقلاب العسكري ؟؟؟؟

Quote: فمن المعلوم أن نشأة الأحزاب السودانية تزامنت مع الحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال


إذا خصمنا الأحزاب الاتحادية والاستقلالية من الحركة الوطنية .. فما الذي يبقى منها ؟؟؟؟؟؟

Quote: إلا أنه، في ذات الوقت، صاحبتها أوضاع غير مواتية بتاتاً؛ منها الوضع القبلي والطائفي السائد في البلاد.


أليس التكوين القبلي والطائفي للبلاد هو جزء لا يتجزأ من البلاد وهو مقصود بالتطور مع تطور الديمقراطية في البلاد ؟؟؟؟

Quote: ومما يلاحظ على الأحزاب السياسية التقليدية في السودان أنها فشلت في الارتقاء بالشعب السوداني من المستوى القبلي إلى المستوى الوطني؛ فقد استأثر كل من الحزبين الكبيرين بمجموعة من القبائل في جهة معينة من البلاد. فعلى سبيل المثال،
نجد أن حزب الأمة يتمتع بنفوذ واسع في بعض المناطق كالنيل الأبيض وغرب السودان عموماً، ليس فقط سياسياً؛ ولكن حتى من حيث الفكر والمظهر.


كيف تم الوصول لهذه النتيجة ....... على الرغم أن الاحزاب الوطنية قد رفعت الشعارات الفكرية ولم ترفع أي شعار قبلي فكل جيل الاستقلال من حزبي الأمة والاتحادي لا يعرف أحد قبائلهم ولا مناطقهم سوى أفكارهم قاد أناس أمثال عبد الماجد أبو حسبو وأبراهيم جبريل وحماد توفيق ولا أحد يعرف لهم قبيلة أهلتهم للقيادة وكذلك حتى الان لا أحد ينسب محمد أحمد
المحجوب أو الشيخ محجوب جعفر أو أمين التوم أو عبد الله خليل لقبيلة أهلته لنيل منصب القيادة .....

Quote: . ومن الأمور التي أعاقت تطور الأحزاب، هيمنة القوى الأجنبية عليها، خاصة دولتا الحكم الثنائي، بريطانيا ومصر، إذ كانت كل واحدة منهما تسعى لإيجاد موالين لها في صفوف الحركة الوطنية. فقد ساندت كل من الدولتين مجموعة من الكيانات السودانية التي كانت تتنافس في الساحة السياسية، سواء عبر قلم المخابرات
أو عن طريق الإغراء والمال والمناصب!


ما رأيك في قدوم أفكار حركة الإخوان المسلمين للسودان من مصر ؟؟؟؟ ولماذا تجاهلت هذا في هذا المقال ؟؟؟؟

Quote: وسعت بريطانيا على وجه الخصوص لعزل الجنوب عن الشمال عبر قانون المناطق المقفلة؛ وبذلك أعاقت تواصل أبناء السودان وانصهارهم في بوتقة الوطنية، وغرست بينهم الفرقة والشتات حتى حصلت أحداث مؤسفة ظلت تؤثر على سير العملية السياسية في السودان حتى اللحظة الراهنة.


اذا استصحبنا هذا السعي البريطاني لفصل الجنوب وقفله ومنع الانصهار في بوتقة الوطنية .... ما رأيك في تسعير حرب دينية ضد جنوب السودان في التسعينات ؟؟؟ واذا انفصل جنوب السودان فيما بعد العام 2009 فما هي مجهودات حكومة الانقاذ لتعزيز (الانصهار في بوتقة الوطنية مع الجنوب) ؟؟؟؟

Quote: إننا نعلم أن الحكومات الوطنية قد ورثت خدمة مدنية متميزة وبنية تحتية لا بأس بها، وتعليماً راقياً، ومشاريع عملاقة، كان من الممكن أن تكون أساساً لنهضة شاملة، مستفيدة من موارد البلاد وإمكانياتها!


من الحكومات الوطنية التي أنعم الله عليها بـ (بسـطـة) في زمن الحكم حكومة الإنقاذ إذ أنها حكمت أكثر من ثلاث أضعاف ما حكمت الديمقراطية والديمقراطية حكمت 9 سنوات ونصف في مجمل أوقاتها ... فهل يمكن أن تسرد للقارئ ما ذا فعلت الانقاذ بالخدمة المدنية السودانية والبنية التحتية والتعليم الراقي والمشاريع العملاقة ودعنا هنا نأخذ فقط أمثلة قليلة

مثال مشروع الجزيرة .. الخطوط البحرية .. الخطوط الجوية .. النقل النهري ... ؟؟؟؟؟

في الختام لعل القصد من هذه التساؤلات اتاحة الفرصة للمقال الثــر في أن يذخر بقليل من التفاصيل التي تأخــذ بيـده نحو تأكيد المفاهيم التي أوردتها استاذنا هنا ولعلها تكون فرصة لإعادة قراءة الافكار وتوطين المعتقدات

أحمد الشايقي

Post: #3
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-02-2015, 08:54 AM
Parent: #2

شكرا لك \اخي الشايقي على المرور والتعليق والنظرة الثاقبة الت وردت في حديثك وأنا أتفق معمك أن القيادين الأائل في هذه الأحزاب لم يعرفوا بقبائلهم وهذه حقيقة ولكنهم عندما اضطروا لخوض االانتخابات لجأوا للولاء الطائفي والقبلي من أجل تحقيق الفوز وظل الحال على ما هو حتى يومنا هذا ولذلك لم تكن أحزاب السودان أوعية لإذابة الفوارق القبلية.


هذا الوضع لا يقود البلاد لقدام ولابد من إعادة النظر في طريقة عمل الأحزاب جميعها سواء في ذلك التقليدية أو العقائدية فجلها غير مواكب ولا يصلح لقيادة البلاد وهي السبب في التخلف وتردي لاأحوال والزعازع.



شكري لك

قش

Post: #4
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-02-2015, 09:09 AM
Parent: #3

في مرحلة الإستقلال وما بعده، كان من المتوقع أنه مع قيام الدول السودانية الحديثة والموحدة، واتجاه المجتمع إلى التطور المدني وبناء الدولة وإقامة المؤسسات، أن يتقلص أو يختفي الدور السياسي للقبيلة سواء بشكله المباشر أو غير المباشر لكي يفسح المجال أمام قيام المؤسسات السياسية والتنظيمات الحديثة لكي تباشر دورها في طرح وتبني مطالب المجتمع، غير أن هذا الأمر لم يتم، حيث كان كثيراً ما يتم الخلط بين القبلية والنظام الحديث.

Post: #5
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: خالد أحمد شطة
Date: 11-02-2015, 10:07 AM
Parent: #4

أو حول أشواق لا يمكنا تطبيقها على أرض الواقع، مثل حزب الأمة والأحزاب الإتحادية! وعلى سبيل المثال التفت مجموعة ما يعرف بالأحزاب الاستقلالية لتكوّن حزب الأمة بزعامة السيد عبد الرحمن المهدي.


الاخو محمد التجاني سلامي
اي اشواق انتم حققتوها لامة السودان ؟؟؟؟؟؟؟
نعم طبقتم مشروعكم الدماري يااااااااااااكيزان السجم ؟؟؟؟
وعلي ارض الواقع فساااااااااااااادكم وتطهيركم العرقي في النيل الازرق وكجبار وجبال النوبه بمنطقتك كردفان ودارفور وبورسودان؟؟؟
الاستقاليه بالقتل والتشريد والتنكيل الذي مزقتم وطنا السودان؟؟؟؟
يارجل وقسم بالله لو في مكانك انت ك ابن غرابه أصيل ومن اطيب ناس السودان ومن بارا العزيزه كنت اول المقادرين المؤتمر البطني.....
انت احد الذين يسوقون لارزقية المؤتمر البطني اياك تتماده في حزب السودان الامة القومي ليث بحزب مستجلب من الخارج ؟؟؟
انا هنا محمد تجاني معك في منبر بكري الانت دخيل عليه ؟؟؟؟
وانا وانت ابناء الام الرؤوم ؟؟؟؟؟
ارزقيتكم قتلوا وشردوا واغتصبو ومزقتم وكرستم القبليه والجهويه والعنصريه واحللتم النسيج الاجتماعي بمشروعكم الخراري؟؟؟؟؟
انتم تجار دين ي ناس اتحلل ودي هي لله هي لله؟؟؟؟
الامه حزب الوطن الامه رسم خريطة السودان بحلايبها والكفره والفشجه ؟؟؟؟
الامة لايعرف هذا شرقاوي ولاهذا جنوبي ولاذاك وسطي ولافلان غرباوي حزب السودان؟؟؟؟


تخريمه
عملتو جالية الرياض
مودتي وتقديري
شـــــــــــــــــــــــــــــــــطة

Post: #7
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-02-2015, 11:26 AM
Parent: #5

Quote: ارزقيتكم قتلوا وشردوا واغتصبو ومزقتم وكرستم القبليه والجهويه والعنصريه واحللتم النسيج الاجتماعي بمشروعكم الخراري؟؟؟؟؟


خالد شطة


اليوم ظهرت من وين؟



يا أخي نحن نطرح فهماً علمياً يتجاوز هذا الأسلوب وإذا لم تستطع أن تقول خيرا فاصمت مشكوراً.



قش

Post: #6
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: علي عبدالوهاب عثمان
Date: 11-02-2015, 10:23 AM
Parent: #4

استاذي محمد التيجاني ..
كنا في السابق _ ونحن من الجيل العتيق – لم نكن نهتم بمثل هذه الابحاث ، كانت العصبية الحزبية هي الغالبة .. كل حزب يعصم نفسه عن الخطأ ويبرأ رموزه من الاخطاء ويضعهم في درجة اقرب للقداسة ، ولكن النتيجة كانت مؤلمة ومؤثمرة وسوف تستمر تأثيرها لأجيال قادمة ، حيث الانهيار الاقتصادي والاداري والفوضى في كل المناحي ، والنتيجة المدمرة ذلك هو الانحطاط في الفكر والممارسة السياسية ، فأصبح المواطن يشعر بالاغترب وهو في وطنه يمارس وظيفته وعمله وكأنه في مكان وزمان خارج وطنه بدون أي إنتماء للوطن فهذه تعتبر أقصى درجات اليأس وبداية الانحطاط المجتمعي الذي يحول عنه قيمنا وموروثاتنا ..
لقد أوردت خلال مقالك عن السياسيين قبيل وبعد الاستقلال وما ذهب إليه هؤلاء المستنيرين فبدلاً من بناء المجتمع الحديث الذي بدأت إرهاصاته في أواخر عهد الانجليز ، أنقسموا إلى فئتين كل فئة لجأت إلى عباءة الشيخين فإنتقلت العملية من الدورشة الدينية إلى الدروشة السياسية كما وصف مالك بن بني السياسين الجزائرين .. فبعد أن كانوا يحررون اذكار والأوراد .. بدأوا في توزيع الصكوك الانتخابية والسياسية فإنتقلت القداسات الدينية إلى قداسات سياسية محصنة ضد المنافسه والراي الاخر ومازلنا حتى اليوم ..
أما الحل المثالي لبقاء هذا الوطن هو أن ننطلق من الصفر .. ولكن المشكلة تكمن في تحديد الرقم ( صفر ) لأن الدول التي وجدت الصفر إنطلقت بدون كوابح ..
وأحسب أن الرقم ( صفر) في السودان هو .. أن يجتمع كل السياسين والرموز والاحزاب وكافة التجمعات .. ويعترف كل منهم بأخطائه خلال هذه المسيرة ويعتذر للشعب بكل تجرد وبدون تبريرات أو أعذار .. وهكذا في فضاء تلفزيوني مفتوح وبكل صراحة .. وطبيعة شعبنا أنه يقبل الاعتذار من المخطيء مهما كان بشرط أن يكون على رأس اشاهد وأما الملأ ... وبعد ذلك نبدأ من الصفر ..
استاذي محمد التيجاني .. موضوعك يحتاج إلى المشاركة من الجميع بدون الاقتصار على الابحاث العلمية ودهاليز المعرفية المعقدة لأن الموضوع مجتمعي وإحساس خاص بكل فرد خارج نطاق النظريات العلمية المعقدة كما أبديت أنا رأيي المتواضع رغم عدم تخصصي وبالخط المعرفي والتجربة الحياتية فقط ..
تحياتي .. ولك الشكر والتقدير ..

Post: #8
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-02-2015, 11:31 AM
Parent: #6

Quote: أحسب أن الرقم ( صفر) في السودان هو .. أن يجتمع كل السياسين والرموز والاحزاب وكافة التجمعات .. ويعترف كل منهم بأخطائه خلال هذه المسيرة ويعتذر للشعب بكل تجرد وبدون تبريرات أو أعذار .. وهكذا في فضاء تلفزيوني مفتوح وبكل صراحة .. وطبيعة شعبنا أنه يقبل الاعتذار من المخطيء مهما كان بشرط أن يكون على رأس اشاهد وأما الملأ ... وبعد ذلك نبدأ من الصفر ..
استاذي محمد التيجاني .. موضوعك يحتاج إلى المشاركة من الجميع بدون الاقتصار على الابحاث العلمية ودهاليز المعرفية المعقدة لأن الموضوع مجتمعي وإحساس خاص بكل فرد خارج نطاق النظريات العلمية المعقدة كما أبديت أنا رأيي المتواضع رغم تخصصي وبالخط المعرفي والتجربة الحياتية فقط ..
تحياتي .. ولك الشكر والتقدير ..


ـ
أخي علي أتفق معك تماما والمطلوب فعلا هو جلوس الناس من مختلف المشارب لوضع حد للتدهور والانحدار نحو الهاوية ومن كان بلا خطيئة في حق السودان من أي حزب أو جماعة فليرمني بمقال أو رد مع أقتراح راي واضح حتى نثري النقاش بهدف التوصل إلى حلول قومية عملية.

لك شكري وتقديري

قش

Post: #9
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: علي عبدالوهاب عثمان
Date: 11-02-2015, 12:25 PM
Parent: #8

التحية الاستاذ محمد التيجاني ..

على النخب والكتاب ووسائل الاعلام الترويج لعملية (( الاعتذار )) لأن الاعتذار يجب ما قبله

ويمكن أن يكون علاجاً ناجعاً لكل المرارات الموروثة .. لأننا لا يمكن أن نحل مشاكلنا وهفوات تاريخنا إلا من خلال
(( الاعتذار )) لأن الاعتذار اقوى وأكثر مفعولاً وإنسانية من ( الاقتناع والتبرئة ولي الحقيقة ... الخ ) فكثير من الدول
إعتذرت عن المذابح والقتل والحرق والابادة فكانت مقبولة من الضحية .. فهذه التجارب الانسانية هي الحل .. بدلاً من
الدوران حول خزعبلات ( مائدة مستديرة وحوار وطني والتجمع ما عارف إيه ....... الخ ) فالصيغة المفهومة والمؤثرة لكل
مواطن مهما كان فهمه وإدراكه ودرجة تحصيله تحصيله العلمي هو ( الاعتذار ) وفي الهواء الطلق ..

دعونا جميعاً نروج لهذه السياسة وهذا المخرج الانساني النبيل بكافة الوسائل ليخضع ساستنا للأمر
وإن شاء الله سوف يكون الحل المقبول من الجميع ..

عاطر التحية والتقدير شكراً أستاذنا محمد أن فتحت لنا هذه النافذه المهمة ..
بوست جدير بالمتابعة .. مودتي ..

Post: #10
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-02-2015, 01:15 PM
Parent: #9

بكل تأكيد الأعتذار سلوك حضاري



ونحن نطرح هذه المسألة للنقاش بغية التوصل لرؤية معقولة حول أزمات البالد.





شكرا مرة أخرى أخي علي.


قش

Post: #11
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-03-2015, 09:31 AM
Parent: #10

هذه الأحزاب إلى أين تتجه؟ فيدوني برأيكم؟




قش

Post: #12
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-08-2015, 08:36 AM
Parent: #11

الأحزاب السودانية .. هل إلى إصلاح من سبيل؟ (2)
محمد التجاني عمر قش
[email protected]
يقول الأستاذ عبد الماجد أبو حسبو في مذكراته ما يلي: ( الأحزاب العقائدية هي الأحزاب التي لم يكن منشؤها السودان أصلاً وإنما هي امتداد لأفكار وفلسفات ومنظمات خارجية، مثل الحزب الشيوعي، الذي هو امتداد للشيوعية العالمية، والأخوان المسلمون الذين هم امتداد لحركة الإخوان المسلمين العالمية. وكلاهما اتخذ اسماً محلياً، فالشيوعيون أطلقوا على حزبهم اسم الجبهة المعادية للاستعمار (الحزب الشيوعي السوداني فيما بعد) وأطلق الأخوان المسلمون على تنظيمهم اسم جبهة الميثاق). وبما أن الحلقة الماضية قد تناولت نشأة الأحزاب التقليدية في السودان، سنحاول في هذه الحلقة إلقاء نظرة سريعة على الأحزاب السودانية العقائدية أو الأيديولوجية، وهي تحديداً الحزب الشيوعي السوداني وجبهة الميثاق، وأذرعها المتنوعة عبر مسيرتها السياسية حتى وصلت إلى مرحلة الحزب الجامع تحت مسمى المؤتمر الوطني، وما خرج من عباءته من تنظيمات مثل المؤتمر الشعبي ومنبر السلام العادل وحركة الإصلاح الآن السودانية. ومن أول ما يلاحظ على هذا الفئة من الأحزاب أنها تفتقر أيضاً للبرامج الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتنموية الواضحة والقابلة للتنفيذ، شأنها في ذلك شأن الأحزاب التقليدية، وتركز على شعارات فضفاضة لا تجدي نفعاً وقد لا تتحقق أبداً. وعلى سبيل المثال رفع الحزب الشيوعي شعارات عامة مثل الحرية والاشتراكية واستقلال القرار السياسي والحقوق العمالية دون أن يطور مفهوماً ينسجم مع واقع الحال في المجتمع السوداني، بل نراه يتمسك بآراء المفكرين اليساريين من أمثال كارل ماركس ولينين وغيرهم، وجعل من المانيفستو الشيوعي سفراً مقدساً لا يجوز الخروج عليه أبداً. وسعى هذا الحزب لنشر أفكاره ومبادئه في أوساط الطلاب والعمال والفئات المهنية الأخرى عبر السيطرة على النقابات والمطالبة بحقوق العمال، ومساندة قضاياهم. أما التنظيمات الإسلامية مثل الأخوان المسلمون والحركة الإسلامية وجبهة الميثاق وفيما بعد الجبهة الإسلامية القومية، فقد نشأت كلها وسط طلاب الجامعات والمدارس الثانوية باسم "الحركة الإسلامية أو الاتجاه الإسلامي" وأخيراً اتخذت المؤتمر الوطني ذراعاً سياسياً لها، بينما ظل التنظيم الخاص قائماً باسم الحركة الإسلامية. ومما يقال عن حركة الأخوان المسلمين في السودان أنها قد كانت صفوية لحد كبير، تستقطب نوعية معينة من الطلاب وتركز على نشاط فكري مغلق لا يرتبط بالحياة الاجتماعية، إلى حد كبير! بمعنى أنهم لم يكونوا يميلون إلى التواصل مع الجمهور إلا مؤخراً؛ ولعل هذا واحد من أسباب فشلهم لاحقاً في العمل السياسي بعد الوصول إلى سدة الحكم. هذه الحركة تبنت أيضاً شعارات عريضة باسم المشروع الحضاري، وهو يعني ببساطة تطبيق المبادئ الإسلامية على أرض الواقع في المجتمع السوداني. إلا أن المؤتمر الوطني، الذي هو الحزب السياسي الحاكم الآن باسم التيار الإسلامي، وبعد مضي أكثر من ربع قرن على وصوله لسدة الحكم، لم يفلح في تحويل ذلك الشعار إلى واقع معاش. وبغض النظر عن تباينهما الفكري إلا أن هنالك قواسم مشتركة كثيرة بين التيارين اليساري والإسلامي؛ فكلاهما لم يستطع إيجاد رؤية سياسية واضحة تنسجم مع واقع الحياة السياسية في السودان وتضع حلولاً واقعية لمشكلات البلاد المتراكمة. ومما يلاحظ أيضاً أن كلا التيارين يؤمن بإمكانية الوصول إلى السلطة عن طريق القوة أو الانقلابات العسكرية مثلما فعل الشيوعيون عندما دبروا انقلاب مايو 1969، وقاد الإسلاميون انقلاب يونيو 1989 عن طريق عناصرهم في القوات المسلحة! وكلا التيارين لا يمانع من ممارسة الحكم الشمولي كما يشهد بذلك تاريخ السودان الحديث والمعاصر. ومن الأمور المشتركة بين اليسار والإسلاميين أن كلاً منهما كان سبباً في تعطيل مسيرة الديمقراطية في السودان، مما أدخل البلاد في دوامة من عدم الاستقرار السياسي اضطرت حكومة الانقاذ على إثرها للدعوة للحوار الوطني الدائر الآن، بحثاً عن مخرج معقول. وقد حكى لي أحد الذين عاصروا ظهور الاتجاه الإسلامي في جامعة الخرطوم بأنهم لم يكن لديهم أدنى فكرة عن كيفية العمل التنظيمي؛ ولذلك نظروا في ما كان يفعل الشيوعيون وقلدوهم في الأمور التنظيمية الدقيقة من حيث إخراج الجرائد الحائطية وكتابة المنشورات وتنظيم الندوات وربما حتى التقسيمات التنظيمية، وقد يكون التشابه بينهما في الممارسات نابعاً من هذا التقليد الذي أملته الضرورة! علاوة على ذلك، لجأ كل من اليساريين والإسلاميين لما يعرف بالتطهير الوظيفي والإحالة على التقاعد للصالح العام إما بدعوى الرجعية كما هو الحال تحت حكم مايو في سنواتها الأولى أو إبان فترة الإنقاذ، وإسناد الوظائف القيادية العليا في دواوين الحكومة إلى كوادر التنظيم، بدون اعتبار للكفاءة والخبرة والمؤهل، بل الاعتماد على الولاء الحزبي. وكانت النتيجة إضعاف الخدمة المدنية وتدهورها وهجرة الكفاءات السودانية إلى الخارج، مما أدى إلى تدني الخدمات وضعف الأداء الحكومي حتى ذهبت هيبة الدولة وبرزت دعاوى "التهميش" وتفاقم الوضع مع ظهور الحركات المسلحة والنعرات الجهوية والقبلية! وعلى الرغم من أن التيارين اليساري والإسلامي قد استقطبا بعضاً من خيرة مثقفي السودان وكوادره المتعلمة من خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمدارس الثانوية، إلا أنهما لم يستطيعا توظيف تلك الكوادر والطلائع فيما يمكن أن يعود على السودان بالنفع والنماء نظراً لغياب البرنامج الذي يقوم على ثوابت المجتمع السوداني وحاجاته.

Post: #13
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-09-2015, 10:49 AM

اﻻزمة السودانية قبل ان تكون سياسية او اقتصادية هي ازمة اجتماعية، اي ان ازمتنا تكمن فى المجتمع،فى جزء من العقل الجمعي، وفى جزء من طريقة تفكيرنا وماينتج عن ذلك من معتقدات وممارسات ادت الى خلق اﻻزمة. لماذا فشلت عندنا الديمقراطية؟ بالتاكيد ﻻن اغلبية فى المجتمع لم تحسن التعامل معها وذلك لمعتقدات راسخة فى فكرنا منها بشكل اساسي عدم تقدير قيمة الحرية والمسئولية تجاهها، وعدم اﻻهتمام والتجاهل للشأن العام.
وكثيرة هي امراض المجتمع التى تؤدي بشكل او اخر الى فشل التجربة السياسية كالعنصرية ، الجهوية، القبلية، الطائفية . لذلك نحن نعتمد على نشر الوعي بين الناس لمحاربة هذه اﻻمراض، كما اننا نعتمد الوعي من اجل توسيع المشاركة السياسية اﻻيجابية بين المواطنين، وتبصيرهم بالديمقراطية والممارسة المدنية والسياسية الراشدة ، وترسيخ القيم اﻻيجابية كثقافة السﻻم والوحدة والحرية وثقافة الحوار وتقبل اﻻخر واحترام القانون.
اذن الوعي اهم مرتكزاتنا الفكرية والعملية ، ان نسعى بالوعي بين الناس فالجهل والﻻوعي اس البﻻء.

Post: #14
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-10-2015, 01:42 PM
Parent: #13

إن آفة التنظيمات و الأحزاب بشكل عام هي أن العضو فيها يجد نفسه فيها (مُكبّلاً) بحكم طبيعة العلاقات الإجتماعية السودانية على وجه الخصوص، و أسيراً لوضع يُحتّم عليه عدم الفكاك من شباكٍ كثيفة الإشتباك لا يستطيع منها فكاكاً. كما أن الإنضمام لتنظيم ما و على وجه الخصوص تنظيم ذي طبيعة عقائدية براغماتية ، و ذي سلوك دوغمائي، و حزب يعتمد في إتخاذ قراراته و تسيير أمور الحزب على صفوة نخبوية صمّاء و يعتمد تكنيكات مافوية تجعل من الصعوبة على العضو العادي أن يتنصّل من بيعته المزعومة سواء للحزب أو القائد. أو أن ينسلخ عن عضويته بسهولة دون أن تصيبه غوائل من جهالة أو من تضييقٍ الإجتماعي ونفسي من إخوان و أصدقاء الأمس من عضوية الحزب. و بالتالي فهو يُؤثِر السلامة و يفضّل أن يتخذ موقف الصامت أو المتفرج أو أن يلجأ للسلبية فيُصبِح كالمخدّر. و هو نفس الوضع الذي يجد فيها معظم عضوية الحركة الإسلامية القاعدية أنفسهم فيها. فلا هي قادرة على التملّص العلني من نظام حزبي سرق أحلامهم و زيّف تطلعاتهم و تنكّر لوعدوهم مُستغلاً بيعةً حقيقية أو إفتراضية علنية أو مُضمرة. و لا هم قادرون على الإعلان الشجاع و الجهر بدمغ قادتها بالفساد و الحربائية أو على احسن الفروض عدم المسئولية أو السعي وراء الكسب الشخصي أو على أسوأ الفروض بعدم الكفاءة و التأهيل. فكان نتيجة كل ذلك إضاعة كرامة و عزة و سمعة وطن و مواطنيه و تعريض حاضر و مستقبل البلاد و وجوده (دعك من إضاعة إزدهاره و تقدمه) للخطر.

Post: #15
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-12-2015, 12:35 PM
Parent: #14

غدا حلقة عن الأحزاب الجهوية والبعث إن شاء الله.

Post: #16
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-15-2015, 08:51 AM
Parent: #15

الأحزاب السودانية .. هل إلى إصلاح من سبيل؟ (3)
محمد التجاني عمر قش
[email protected]
هنالك نوع ثالث من التنظيمات أو الأحزاب السودانية، وهو ما يمكن أن نطلق عليه الأحزاب الجهوية، ويضاف إلى ذلك أحزاب البعث. وفي هذا الصدد تقول د. رحاب عبد الرحمن الشريف، الأستاذ المساعد بجامعة الجزيرة: (ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من التكوينات التي اتخذت من المنطقة أو الجنس أساساً لقيام تحالفات سياسية الهدف منها خدمة مصالح تلك المناطق أو العشيرة فقط، وإن ادعت بعض الأحزاب تبنيها لأهداف قومية ولكن في الأصل بدأت بمفاهيم عشائرية)، وغيرها كثر وهي تشمل مؤتمر البجة وما تفرع عنه من مسميات حزبية، وكيانات دارفور القديمة والحديثة، مثل الحركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان، وحركة كوش، والحزب القومي السوداني في جبال النوبة، والأحزاب الجنوبية المختلفة. ولعل أسوأ مثال للأحزاب والحركات الجهوية في السودان هو الحركة الشعبية لتحرير السودان ومن بعدها وليدها غير الشرعي الذي يعرف بقطاع الشمال. هذه الحركة جسدت العنصرية في أبشع صورها، وقامت بأنواع مختلفة من الممارسات العسكرية والسياسية؛ حتى أدت إلى انفصال الجنوب ولكنها لم تحقق الاستقرار في ذلك الشطر من السودان، ولا هي تركت أبناء الشعب السوداني متحدين رغم تباين ثقافاتهم وسحنهم ولهجاتهم؛ لكي يبنوا دولة حديثة تحقق الأمن والاستقرار لشعبها في المجالات كافة. والغريب في الأمر، أن دعاة الجهوية والإثنية لم يتعظوا من تلك التجربة المريرة! ولعل أول ما يلاحظ على هذه الفئة من الأحزاب أنها قد غفلت عن مجموعة عوامل تتعلق بالمجتمع السوداني؛ منها أن هذا المجتمع متعدد الأعراق والثقافات ولذلك من غير المعقول دعوته للالتفاف حول راية البعث العربي أو دعوى الأفريقانية! فنحن شعب هجين بمعنى أننا نحمل جينات عربية وأفريقية ولنا كيان متفرد يحتم علينا عدم الميل لأي من الدعوتين. ومن المؤسف حقاً أن تكون هذه الدعوات في جانبها العسكري إما أذرع للفكر اليساري كما هو الحال في بعض حركات دارفور وقطاع الشمال أو ذراع عسكري لجهة إسلامية مثل حركة العدل المساواة التي وجدت زخماً قوياً ودعماً لوجستياً وسياسياً عندما حدثت المفاصلة بين الإسلاميين. ومهما يكن الأمر فإن الأحزاب الجهوية والإثنية قد دقت إسفيناً في المجتمع السوداني لأنها أعاقت تكامل البنية المجتمعية وحالت دون تواصل مكونات الشعب السوداني حتى تنصهر في بوتقة واحدة وتكون ذات هوية جامعة تضم كل أهل السودان بغض النظر عن الجهة أو العرق أو اللغة أو الثقافة. من جانب آخر، معظم هذه الأحزاب والتنظيمات الجهوية والعرقية، لها أجندة ترتبط بدول الجوار وتتعارض بالضرورة مع المصلحة العليا للبلاد؛ لأنها تلجأ في معظم الأحيان للعمل المسلح والعسكري ضد الدولة وهي بذلك تهدر الموارد القومية والإقيمية وتزعزع أمن المجتمعات المحلية وتعطل الإنتاج والتنمية وتزهق الأرواح وتدفع بالأبرياء إلى معسكرات النزوح واللجوء وتوتر علاقات السودان مع دول الجوار! ومما يلاحظ أيضاً ( ظروف النشأة المشوهة للعديد من تلك الكيانات فهنالك أحزاباً وتنظيمات تظهر على الساحة السياسية السودانية ثم تختفي وتذبل فجأة بسبب استنفادها لأغراضها، أو لأنه ليس لها رؤية وثوابت وطنية أنشئت من أجل تحقيقها، خاصة إذا كانت لغة المصالح الشخصية هي التي تحكم تلك التنظيمات). وكغيرها من الأحزاب السودانية التقليدية والعقائدية فإن الأحزاب الجهوية والعرقية، كما يتضح من أجندتها، تفتقر لأي رؤية من شأنها أن تنهض بالبلاد. وينسب إلى هذه الفئة أنها قد عطلت مسيرة الديمقراطية وحالت دون تكامل الجهود الوطنية لبناء نظام حكم راشد يقوم على مرتكزات المجتمع السوداني وحاجاته الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والقيمية. صحيح أن الحكومات الوطنية قد فشلت في تحقيق الوحدة الوطنية والتكامل القومي وإدارة التنوع الذي يميز السودان بثقافاته وأعراقه المتعددة، مع تركيز التنمية، أن وجدت، في مناطق معينة دون سواها، إلا أن ذلك كله ليس مدعاة أو سبباً كافياً لحمل السلاح ضد الدولة تحت دعوى "التهميش" التي أضرت حتى بالذين رفعوا الشعارات الجهوية والقبلية والعرقية. وإذا ألقينا نظرة سريعة على ما يجري حولنا من أحداث مؤسفة في بعض الدول التي مزقتها الحروب لوجدنا أن مرد ذلك في معظم الحالات هو التفكير الطائفي أو الجهوي أو العرقي؛ ونحن في السودان، بالرغم من تنوعنا، فقد شهدنا فترات تاريخية ناصعة تلاحمت فيها مكونات الشعب السوداني وأسست ممالك عززت هوية السودان من كل النواحي ونهضت بالمجتمع عن طريق التواصل مع مراكز الثقافة الإقليمية مثلما حدث إبان مملكة سنار التي تمثل أول التقاء لما يمكن أن نسميه بالغابة والصحراء، أي العنصرين المكونين لمجتمعنا وهما مجازاً العرب والأفارقة. خلاصة القول إن الأحزاب الجهوية والعرقية تعتبر واحدة من بلاوى السودان التى أقعدته وحالت دون نهضته وأضاعت على شعبه فرص التواصل والوحدة. إنّ التنظيمات الجهوية والعرقية ما كان لها أن تظهر لولا ضعف منظومة الأحزاب القومية التي فشلت في استقطاب أبناء الشعب السوداني وصهرهم في بوتقة الوطنية عبر برامجها وهياكلها؛ لأنها لا تملك رؤية سياسية نابعة من مجتمعنا.

Post: #17
Title: Re: الأحزاب السودانية... هل إلى إصلاح من سبيل؟
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-22-2015, 08:59 AM
Parent: #16

الأحزاب السودانية .. هل إلى إصلاح من سبيل؟ (4)


محمد التجاني عمر قش


[email protected]


ظلت فكرة الحزب الواحد قائمة في الممارسة السياسية في السودان منذ بدء تكوين الأحزاب السياسية السودانية قبيل الاستقلال، فما من حزب أيديولوجي أو طائفي أو وطني إلا وسعى لتكوين جبهة عريضة تشمل وتضم قطاعات وأشخاص من مختلف التوجهات والأفكار سعياً لتكوين قاعدة جماهيرية تمكن الحزب المعني من الفوز في أي انتخابات تجرى في البلاد، بغض النظر عن أمور كثيرة ينبغي أن تتوفر في الأعضاء! إلا أن فكرة الحزب الواحد قد طبقت فعلياً في ظل الحكومات العسكرية؛ تحديداً أيام حكم مايو بقيادة الرئيس الراحل جعفر نميري- رحمه الله- ومن بعده المؤتمر الوطني الذي يحكم البلاد حالياً باسم حكومة الانقاذ. وقد تأسس المؤتمر الوطني كامتداد طبيعي لجبهة الميثاق ومن بعدها الجبهة الإسلامية القومية، التي أنشأت المؤتمر الوطني ليكون ذراعها السياسي، يرفع شعاراتها ويستوعب قياداتها وينفذ برامجها وأهدافها. يقول الدكتور حيدر إبراهيم علي في كتابه بعنوان " الديمقراطية السودانية...الممارسة .. التاريخ.. المفهوم": ( لم تتوقف محاولات توحيد الأحزاب منذ الاستقلال، خاصة وأن ظاهرة الحزب الواحد هي الغالبة عند العديد من دول العالم الثالث. فقد حاول الفريق عبود تلك الفكرة بإنشاء المجلس المركزي. وحاول الصادق المهدي أن يكوّن الحزب الغالب " بمعنى أن يكون حزباً واسع النطاق يضم الأغلبية الكبيرة من الشعب السوداني ويقوم إلى جنبه حزب واحد أو أحزاب صغيرة فيكون الحزب الغالب هو الحزب الواحد لأن الأحزاب الصغيرة مصيرها الفناء). ومن جانب آخر، كان الشيخ علي عبد الرحمن أيضاً من مؤيدي فكرة الحزب الواحد إذ أنه قد سعى لإنشاء التجمع الاشتراكي الديمقراطي الذي تكوّن من حزب الشعب الديمقراطي، والحزب الشيوعي، والكيانات التي كونت جبهة الهيئات من نقابات واتحادات وعدد من الشخصيات الوطنية، إلا أن الخلافات الحزبية أدت إلى فشل تلك التجربة. وبشكل عام هنالك مخاوف من أن تنتهي تجربة الحزب الواحد إلى نوع من الدكتاتورية أو إلى دولة عميقة مثلما حدث في مصر تحت حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك وغيره من الحكام العرب في ليبيا واليمن وسوريا والعراق وعدد غير قليل من دول الجوار الإفريقي. وهنالك بعض المثقفين السودانيين ممن كان لا يري بأساً في تجربة الحزب الواحد بعد أن ضاق ذرعاً من فشل الأحزاب ومن هؤلاء عرفات محمد عبد الله الذي قال في مجلة الفجر: ( إننا نستنكر الحزبية ونترقب اليوم الذي لا نجد فيه إلا بنياناً مرصوصاً يشد بعضه بعضاً). إذن، فكرة الحزب الواحد أو الغالب والمهيمن ليست جديدة في أدبيات الأحزاب السودانية. وأضاف الدكتور الترابي النظام الخالف، وهو نظام "ذاتي التعددية وتوافقي من جميع الاطياف السياسية السودانية المؤثرة لخلافة النظام الحالي في السودان الذي يعتبر مسئولاً عن تفكك اوصال القطر وتردي البلاد الى حالة المأساة الحرجة وأن يتم هذا الانتقال بطريقة ناعمة تجنب البلاد والعباد مخاطر الانزلاق الى فوضى غير خلاقة كما يحدث في دول الجوار الاقليمي الآن. هذا النظام الخالف سيقوم بإنشاء مؤسسات دستورية حاكمة تقوم بإعادة هيكلة الدولة السودانية الفاشلة وصقل شكلها في نظام استيعابي لا يستأصل أحداً وقد يستغنى عن فكرة الحكومة الموسعة الى حكومة تنفيذية لتوفير الموارد المالية وذلك بالنظر الى الضائقة الاقتصادية التي تمر بها البلاد, فهو قائم على مفاهيم براغماتية لتحقيق فكرة الحزب الكبير ذو التيارات الداخلية المتعددة فقد يجمع بين أقصى اليمين الى اليمين المعتدل الى اليسار المعتدل". ومهما يكن فإن تجارب الحزبية والحزب الواحد قد فشلت، حسب رأي المراقبين، في حل قضايا السودان ومشكلاته وإلا لما دعا المؤتمر الوطني والأحزاب المؤتلفة معه إلى الحوار الوطني الذي يدور هذه الأيام لمناقشة قضايا (شكل الحكم والسلام والهوية والاقتصاد والحريات الأساسية والعلاقات الخارجية) التي كان من المفترض أن تكون قد حسمت منذ وقت مبكر. يعني هذا ببساطة أن المؤتمر الوطني لم يفلح في حسم تلك القضايا؛ علماً بأن هذا الحزب يضم عضوية من الكوادر المؤهلة، ولكن غياب البرامج وربما الفساد في أوساط الحزب هي التي قعدت به دون تحقيق الشعارات التي رفعها. إن من المؤسف حقاً أن هذا الحزب قد كان ضحية؛ فقد دأب المناصرون لنظام الإنقاذ على غض الطرف عن الممارسات الخاطئة بحجة أن المرحلة لا تحتمل الانتقاد، ولذلك تمادى بعض من كانوا يديرون المؤسسات الاقتصادية والمالية ومواقع اتخاذ القرار، في ارتكاب المخالفات حتى بلغ السيل الزبى وكادت مؤسسات الدولة تنهار وفشل تطبيق المشروع الحضاري الذي كان مقدراً له أن يكون نموذجاً للحكم الإسلامي الراشد! ومن قبل تحول الاتحاد الاشتراكي السوداني، الذي توفرت له كفاءات سودانية كثيرة في كافة مجالات العمل إلى مجموعات مصالح أورثت الدولة ديوناً لا حصر لها، ومشاكل سياسية عجزت الحكومات السودانية عن حلها حتى هذه اللحظة. وباختصار شديد، فإن تجربة الحزب الواحد في السودان لم تنجح أيضاً نظراً لعدم وجود البرامج والرؤية.