محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق

محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق


04-03-2014, 06:01 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=460&msg=1396501318&rn=49


Post: #1
Title: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
Author: الكيك
Date: 04-03-2014, 06:01 AM
Parent: #0

شق نعيه على الجميع لما عرفوه من كريم الخصال وحسن الخلق والعفة والزهد والشجاعة والراى الصواب والتلقائية والتواضع وهو من يستطيع ان يعبر باحرف من نور على الواقع المعاش ..
محجوب كان محجوبا من الخصام ومن الغضب الا فى ما يخص الوطن كان محجوبا عن الكذب وعن التهافت نحو المال والمنصب والجاه ..
كان شريفا فى تعاملاته وفى حديثه وفى حبه لاهله ولوطنه شريفا وهو حتى فى مرضه رفض تبرعات المعجبين والاصدقاء وبعد الضغط عليه وافق بان يستلمها ليوزعها على الفقراء فى حملته التى اطلق عليها اسم رد الجميل وهو من قدم كل جميل فى سلوكه وخلقه وتعاملاته وحتى فى سجنه كان يقدم الجميل لساجنيه فى الانظمة المختلفة ..
محجوب كان بشرا سويايحمل خصال الانبياء وهى خصال الصدق المكارم والعفة والترفع والخلق القويم مثاله نادر كان صادقا فى مواقفه
محبا لوطنه وطنيا جسورا مناضلا شجاعا كانت هذه مبادؤه التى نشا عليها واختتم بها حياته فنال حب وتقدير كل من عرفه .. لا استطيع هنا ان اعدد مناقبه ولكن اقول ان محجوب شريف اخذ من اسمه المعنى كاملا كان محجوبا وشريفا ..
هنا سوف اقوم بتوثيق كل ما يكتب عنه وامل ان يتواصل معى كل من يحب محجوب والسودان وشعبه

نتواصل



Post: #2
Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
Author: الكيك
Date: 04-03-2014, 06:09 AM
Parent: #1

.رحيل شاعر الشعب السوداني ‘محجوب شريف’…
أربعاءُ مضرّجةٌ بالدموع والهتاف

الصّادق الرضي
April 2, 2014

رغم التجاهل الإعلامي الرسمي والحكومي لرحيل الشاعر السوداني الكبير ‘محجوب شريف’ المعروف بـ ‘شاعر الشعب’ إلا أن أمدرمان- إحدى مدن العاصمة السودانية، محل إقامة الشاعر شهدت أربعاء قاسية تدافعت فيها جموع محبي الشاعر من مختلف المدن لتشييع جثمانه إلى مثواه الأخير، وحدثت وفاته ظهيرة الأربعاء 2 نيسان/ أبريل الحالي.

بدأ الشاعر محجوب شريف مسيرته الإبداعية بوصفه ‘شاعرا غنائيا’ عرف من خلال أغنيته ذائعة الصيت ‘جميلة ومستحيلة’ التي تغنى بها الفنان الكبير الراحل محمد وردي وارتبط اسمه باسم الفنان العظيم وردي في ثنائية بازخة، وتحولت نصوصه من سياقها الغنائي العاطفي البسيط إلى أفق المقاومة السياسية إثر أحداث 1971م الشهيرة في السودان والتي واكبت تصفيات جسدية لقيادات الحزب الشيوعي السوداني التاريخية، في عهد ديكتاتورية الرئيس جعفر نميري (25 مايو 1969- 6 أبريل 1985م)، وكان الشاعر نفسه ضمن قائمة الإعتقال؛ بجانب الفنان الراحل محمد وردي، من داخل الزنزانة كتب شريف نصوص ديوانه الأول الأشهر (يا والدة يا مريم)- الديوان الذي لم ير النور مطبوعا إلا في أعقاب إنتفاضة الشعب على ديكتاتورية مايو، رغم أن قصائده تسربت إلى عامة الشعب بينما هو في السجن وتحولت إلى أغنيات رائجة ومعروفة، لكنها لا تبث في أجهزة الإعلام الرسمية.
استحق لقب ‘شاعر الشعب’ لاتساق سلوكه الشخصي الإجتماعي مع مواقفه السياسية المعلنة، بجانب اسلوبه المميز في الكتابة الشعرية بـ ‘اللغة السودانية’ أو ما يعرف بـ ‘دارجة أمدرمان’، وأمضى الشاعر المعروف بعفة اليد واللسان أكثر من نصف عمره متنقلا بين المعتقلات السياسية للأنظمة الديكتاتورية (نظام مايو البائد/ نظام البشير الحالي)،

وهو من أشهر شعراء العالم الذين دفعوا فاتورة مواقفهم السياسية والإبداعية داخل الزنازين.


منذ العام 2006م، يتابع السودانيون بإشفاق ومحبة، بتقدير وإعزاز صراع الشاعر الكبير مع داء تسلل إلى جسده بسبب رطوبة الزنازين ومكوثه شبه الدائم بها، الأمر الذي حوَّله الراحل إلى مشاريع إنسانية عظيمة؛ بمقدرة إبداعية نادرة، أبتكر شريف منظمة ‘رد الجميل’ وهي منظمة أنشأها بعد أن نظمت له قطاعات مختلفة من الشعب السودانية فعاليات ثقافية لصالح دعم علاجه؛ بعض عواصم الدول الخليجية ولندن وأمستردام وبرلين- التي عبرها مستشفيا- شهدت فعاليات ثقافية بازخة، جمع فيها الراحل باسم منظمته دعومات لصالح علاج أطفال السرطان في السودان، و أطفال الـ ‘مايقوما- منظمة للأطفال فاقدي الأبوين’.. إلخ.
قصيدة بعنوان ‘صحة وعافية للشعب السوداني’ هي آخر ما كتبه شاعر الشعب وهو يستشفى بمستوصف ‘تُقى’ التخصصي بمدينة أمدرمان، بتاريخ 31 آذار/ مارس 2014م،

وبسرعة البرق جرى نشرها على الفيس بوك وتداولها على مختلف وسائط التواصل الاجتماعي، : ‘ مِنْ وجْداني/ صَحَّة و عَافية/ لكل الشعب السوداني/ القَاصِي هناك والداني/ شُكراً للأرض الجابتني والدرب الليكم ودَّاني/ يا طارف وتالد/ يا والد/ النيل الخالد شرَّفني واحد من نسلك عدَّاني/ إنتَ الأول وما بتحوَّل/ وتَب ما عندي كلام بتأوَّل/ أنت الأول/ وكل العالم بعدك تاني/ يا متعدِّد وما متشدِّد ما متردِّد … ما متردِّد/ ملئ جفوني بَنوم مُتأكِّد/ بل متجدِّد .. تنهض تاني).
بينما غفلت بعمد، قنوات الخرطوم الفضائية والمحلية، الإشارة لحدث الأربعاء الجلل، شغلت مواقع التواصل الإجتماعي ومنتديات الحوار السودانية على الإنترنت بالكتابة وتبادل التعازي والصور ومقاطع الفيديو توثيقا لرحيل شاعر سوداني تفتخر به الإنسانية نموذجا لنبل الموقف ونزاهة اليد واللسان وعبقرية الإنتاج الإبداعي؛ توشحّت بالأسود الغالبية العظمى من حسابات المشاركين على الفيس بوك بجانب صور الراحل، وربما شكّل نشر وإعادة نشر قصائده القديمة والجديدة ضربا من العزاء.

Post: #3
Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
Author: الكيك
Date: 04-03-2014, 06:14 AM
Parent: #2

da7fc3fdebf5b8afba7c53c1e7f3fd53.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

Post: #4
Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
Author: الكيك
Date: 04-03-2014, 06:49 AM
Parent: #3



ياوالدة يامريم
ياعامرة حنية ..انا عندي زيك كم ..ياطيبة النية
بشتاق وما بندم..إتصبري شوية ..
ياوالدة يامريم
ماني الوليد العاق لا خنت لا سراق..
والعسكري الفرّاق بين قلبك الساساق وبيني هو البندم والدايرو ما بنتم..
يا والدة يامريم
عارف حنانك لي .. راجلا تلوليني دايمًا تقيلني وفي العين تشيليني .. القاهو عز الليل .. قلبك يدفيني
ضلك علي مشرور ..قيلت في سنيني انا لو تعرفي الفيني انا كم بحبك كم
والعسكري الفراق بين قلبك الساساق وبيني هو البندم والدايرو ما بنتّم
ياوالدة يامريم
طول النهار والليل في عيني شايلك شيل لكني شادي الحيل لا خوف علي لا هم ..
هاك قلبي ليك منديل .. الدمعة لما تسيل .. قشيها يا مريم
ما بركب السرجين وماني زول وشّين ياوالدة دينك كم
دين الوطن كمّين
ما شفتي ود الزين الكان وحيد امو
وماليها كان العين
قالولو ناسك كم ورينا ناسك وين؟ ورينا شان تسلم
العودو خاتي الشق
ما قال وحاتك طق تب ما وقف بين بين لي موتو يتقدم
انا ما بجيب الشين
انا ما بجيب الشين
انا لو سقوني الدم..
والعسكري الفراق بين قلبك الساساق وبيني هو البندم والدايرو ما بنّتم
كم من حبيبًا لي .. كان مالي بينا دروب
ما ودّع الحباّن ما وسدوه الطوب
حي .. حي قولي ما حي ووب
ما خلّى ساعة الموت
يمة السرج مقلوب
إتشتت الرصاص في جسمو إتقسم
لاقاهو يتبسم
والحولو حبلو وكان ريحة صباه بتنشم
زي التقول يوم داك يوم العرس يادوب
انا ما بجيب الشين انا مابخت الشين انا لو سقوني الدم
والعسكري الفراق بين قلبك الساساق وبيني هو البندم
ياوالدة يامريم
يُّمـة السجن مليان رجالّة ما بتنداس
الختّو قبلي الساس والشالو هّم الناس
والفات وليدًا ليه ما مسّكو الكراس
ما سمعو يتكلم
ما نحن عود الفاس فرسان حمى وحراس
في الحارة نتحزّم عشم القدر ما كاس مالاقي بيت يتلم
عشم الطواهو الجوع المُتعب المعدم
والعسكري الفراق بين قلبك الساساق وبين هو البندم .. والدايرو ما بنتّم
ما تقولي شن سويت
ما تبكي ما سويت غير البطمّن ناس
بي همّهم حسيت
حارس مع الفرسان
حارس بلدنا البيت
إخواني علّو السور .. انا طوبة ما ختيت
ديل من زمان تاتيت لامن كتبت قريت
وعرقنا ياما يدر
يمّة اللبن والزيت
الكسرة والكراس
لي قشة الكبريت
وتقولي جيدًا جيت
راجع مع الفرسان
فايت الحدود واسيت
وتغني يا مريوم
لينا وتجرّي النّم
والعسكري الفراق بين قلبك الساساق وبيني هو البندم
والدايرو ما بنتّم
يا والدة يا مريم


للتواصل مع بوست قديم انقر هنا
محجوب شريف يهتف ...عاش الشعب السودانى .... فى مطار الخرطوم امس

Post: #5
Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
Author: الكيك
Date: 04-03-2014, 09:37 AM
Parent: #4

السودان دخل بيت الحبس: وداعا شاعر الشعب ..

بقلم: صديق محيسي
الأربعاء, 02 نيسان/أبريل 2014 22:33


" بحري دخلت بيت الحبس" هذا هو عنوان الرثاء الذي سطره الراحل علي المك في موت الفنان الكبير عبد العزيز محمد داؤود , وفي رحيل شاعر الشعب محجوب شريف نقول السودان دخل بيت الحبس, نعم دخل السودان بيت الحبس بعد موت قيثارة الفقراء والمساكين ملوحا لهم بالوداع بابتسامته الوديعة ,وعينيه الطيبتين, وجنانه الثابت وإراداته الصلبة التي لاتعرف الخوف ولا تختار انصاف الحلول, رحيل محجوب هو اخر قصيدة كتبها الالاف من مشيعيه ,قصيدة ملفوفة بقماش ابيض تطرز قوافيها دموع الفقراء والشماسه ,عابري السبيل ,ورعاة الأبل في البوادي, وزراعي الأرض في الجزيرة والمناقل وشمال وغرب السودان والواقفون تحت روافع الحديد محني الظهور متيبسي الجلود في ميناء بورتسودان, دخل السودان بيت الحبس ولبس القنجة وكال علي رأسه الرماد و"تتفن "في التراب وسف التراب يوم فجيعته الكبري برحيل قيثارة الشعب , وضمير الشعب , وخادم الشعب محجوب شريف , شرف الوطن , وروح الوطن, ونبض الوطن وعز الوطن, ومنارة التائهين وملاذ الخائفين وناكر ذاته في حضرة ذوات الاخرين ,

دخل السودان بيت الحبس فأجهشت بالبكاء جدران السجون ونوافذ الزنازين , ونكست رؤوسها بنادق الحراس واطرقت اواني السجن وطارت غربانه محلقة تنعق فوق موكبه حزنا علي نبل يموت وصمت يوغل في السكوت ولحظة جامدة لا تحضر ولا تفوت, مات محمود محمد طه مبتسما امام جلاديه كأنما هو ذاهب الي حفلة عرس, ومات محجوب وكان يعلم انه سيموت فكأنما هو ذاهب الي القاء قصائد في مركز عبد الكريم, لم يكن يخاف الموت ابدا , كان يحس الموت تحت مخدته وفي اطراف لحافه , وفي سقف غرفته وفي نوافذها ,يترك باب بيته مشرعا طوال اليوم يدخل الداخلون ويخرج الخارجون وهو طريح الفراش صدره يعلو ويهبط ككير حداد ,وانفاسه تتقطع كموجات كهربائية تضرب جسده النحيل فتزيد من قوة إحتماله ,وترفع من روحه .


عندما جاء محجوب من بريطانيا الي الدوحة ليقف مع صديقه الراحل محمد وردي في عملية نقل الكلية اليه , احاطه الجميع بالحب والتقدير فأحال ليالي الدوحة الي حدائق من الشعر وشرف بيوتها بحضور مناسباتها المتعددة, دعوات للفطور والغداء والعشاء من اناس يعرفهم ولا يعرفهم يلتقيهم لأول مرة ,فكان يستجيب لكل داع وهو الذي يتناول الطعام بأطراف اصابعة كعصفور ينقر الحب, ذهب معنا الي السوق الصديق ابراهيم بخيت وانا وهو يتأهب للسفر,سألناه ماذ يريد من ملابس جديده له , فضحك بلطف مستنكرا السؤال ومضي يذكر لنا اسماء شماسة مثل جون وكوكو ورقية وحاجة بتول ومريم ولولا ,وستات شاي ,وبائعات قراصة قال انهم اهله وعشيرته وان كل هذه الملابس والأحذية لهم, اما هو فكان مثل بشر الصوفي الحافي خرج من السوق نعليه تحت ابطيه وخرج من الدوحة كما دخل اليها ,ولكنه اوصانا بالهكر نرسله له في السودان فهو عظيم الأهمية بالنسبة له ,وهاهو يخرج الان من الدنيا كلها فقيرا مثلما عاش فقيرا وكان رد الجميل هو شعاره الجميل.
في امسية شعرية كانت بنادي الغزال بالدوحة كنت مقدمه للحضور,

قلت في ستينات القرن الماضي وانا طالب في المرحلة الثانوية, سمعت صباح جمعة صيفية طرقا خفيفا علي باب منزلنا بحي بانت في مدينة ودمدني وكنت لتوي مستيقظا من النوم ,وعندما فتحت الباب اطل شاب وسيم حيي خجول قدمه نفسه محجوب شريف طالب بمدرسة المدينة عرب الوسطي سألت سالت حتي وصلت اليك, كنت زمانئذ احاول كتابة الشعر وتنشر لي الصحف من وقت لاخر بعض القصائد المكسرة , جاء اليّ يحمل بعض القصائد باللغة العربية الفصحي وليس بالدارجة , كما برع في ذلك فيما بعد, من اول وهله عرفت ان به روح الشعر ,ولكني لم اصدق بعد مضي سنوات ان كل هذا الهدوء الشفيف سيتفجر حمما بركانية, في وجه الظالمين وسيدخل صاحبه السجون ويحبس في الزانزين ويختار طريق الأشواك علي طريق الحرير التي يغطس في رياشها شعراء السلطان.


في الهند ماتت الأم تريزا وهي تعيش بين الفقراء والمحرومين والمجزومين, وحين منحت جائزة نوبيل للسلام قال تمازحه ما معناه " لا اريد الجائزه . فقط اعطوني المكافأه الماليه التي تأتي معها كي اعود بسرعه فأنا بحاجه لهذه الاموال لأولادي – وتعني الفقراء في مدينه كلكتا الهنديه حيث عاشت معظم حياتها تساعد الفقراء والمعدمين, وهاهو الأب محجوب عاش معظم ايام عمره يساعد الفقراء وابناء الشمس وسكان احياء المجاري يؤهلهم كي يصبحواقادرين علي الحياة, اللهمارحم شاعر الشعب رحمة واسعة وأغفر له ذنوبه واعفو عنه واجعله من عبادك الصالحين في الجنة يارب العالمين وحسن اولئك رفيقا

Post: #6
Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
Author: مني عمسيب
Date: 04-03-2014, 09:48 AM
Parent: #5

الصديق الصدوق \ الكيك ... سلام يغشاك حتي تكتفي والله ليك وحشة يا صديق .

وان شاء الله البركة في الوطن وفيما تبقي من الشعب السوداني .. فقد عظييييييييم

وان شاء الله تعيش وتأرشف يا صديقي . ولي قدام .

Post: #7
Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
Author: الكيك
Date: 04-03-2014, 10:17 AM
Parent: #6



الإمام الصادق المهدي ينعي الشاعر محجوب شريف
الأربعاء, 02 نيسان/أبريل 2014 22:09

2 أبريل 2014
نعي إليم
توفى محجوب شريف الشاعر السوداني الذي استحق بجدارة أن يلقب بشاعر الشعب لأنه استطاع أن يعبر عن الوجدان السوداني بصدق وإخلاص وبعبارات رشيقة محملة بمعاني عميقة ومزينة بأنغام مطربة.
أحسن الله عزاء أسرته الصغيرة والشعب الذي أحبه وعبر عن مشاعره، رحمه الله فرحمة الله كما قال سبحانه وتعالى: (وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)



  • الصادق المهدي

    ---------

    وهل يرحل النيل؟ ..

    بقلم: فيصل محمد صالح
    الخميس, 03 نيسان/أبريل 2014 06:32


    أفق بعيد



    لكم أرهقت هذا الجسد يا محجوب، خلقه الله لك لتخدم به روحا واحدة، فمشيت به في كل شبر من البلاد، دخلت به كل البيوت، عملت به مع طلب السكة حديد، حرثت به الأرض مع المزارعين، سعيت به مع كل أهل الحاجات، دخلت به المصانع والورش، وأقمت به في كل سجن ومعتقل.
    لكم أرهقت هذا القلب يا حبيبنا، منحك الله قلبا واحدا، لكنك حولته لمضخة تسعى بالدم لكل قلب محتاج، يحمل أسى كل الناس وجراحاتهم الصغيرة والكبيرة، يبكي معهم ويواسيهم، يخفي حزنه الخاص ليمنحهم الأمل والفرح والسعادة. هل من أسرة وفرد في هذا البلد لم تحمل معاناته وتجسد مظالمه وأماله وطموحاته. لو منحك الله يوما إضافيا لسعيت به في أمر إمرأة محتاجة، وقضيته تهاتف الأصدقاء تبحث عن أنبوبة أوكسجين لمريض ضاق به صدره، أو لمن يدفع تكلفة روشتة في يد حائرة، وغنيت للشعب والوطن في قصيدة جديدة.
    اعتاد الناس على مواقفك الحدية، وكأنها الشئ الطبيعي الذي يجب أن يكون، قد لا يقدرون عليه هم، لكنه متوقع منك وحدك، فأنت الضمير الخالص والموقف الخالص، والمعبر الخالص عن ما يريدونه وما يحملونه من تطلعات. لكم أرهقوك وأرهقوا هذا القلب الضعيف، وكم كنت سعيدا بذلك وراضيا به. حكيت مرة عندما زارك مسؤول كبير، وقال لك إنه سيصدر قرار غدا بإرجاعك لعملك الذي فصلت منه "للصالح العام!"، قلت ضاحكا وأنت تشير إلى مريم، فقد ردت هي على المسؤول" ترجع أبوي، طيب باقي المفصولين حيرجعوا متين؟، والله لو أبوي قبل يرجع يشوف ليه بيت تاني يقعد فيه؟". وماذا ننتظر منها وهي بنتك وتربايتك، وهل كنت سترضى عنها يا محجوب لو قالت بغير ذلك؟.

    وقفت ذات مرة أمام لجنة الشكاوي في مجلس الصحافة متهما بنشر قصيدة محجوب شريف "الغويشاية" التي اتهمت بعض رجال الأجهزة بسرقة "غويشة" واحدة تتبادل لبسها مريم ومي. قيل لي أنك اتهمت الناس بدون دليل، قلت بل أملك الدليل، وهو كلام محجوب شريف، أثق به وأصدقه ولا احتاج دليلا إضافيا. قلت أن الشاعر ضمير شعبه وأمته، ومحجوب شريف أجمع عليه الناس وسموه شاعر الشعب، والشعب هو من سماه، لا أنا ولا أي سلطة، ولا معقب لي على حكم الشعب.
    سأله المحقق يوما "هل تظننا أغبياء، أنت تعني الثورة بقصيدتك "الجميلة ومستحيلة" ، أو ليس كذلك؟

    فأجابه محجوب: "أبدا، لو كنت أظن أن الثورة مستحيلة، فلم أتعب نفسي، وأترك عروسي في شهر العسل لأبقى ضيفا في معتقلاتكم. على العكس أنا أؤمن وأعرف يقينا أن الثورة ممكنة وستتحقق بالضرورة، طال الزمن أم قصر".
    كانت قصيدتك الأخيرة التي قرأناها "يا مختفين في الناس"، واسمع كلمتنا الاخيرة يا حبيبنا، أنت حاضر في هؤلاء الناس، باق في قلوبهم ودمائهم وضمائرهم ومواقفهم، في أغانيهم وأهازيجهم، في هزائمهم وانتصاراتهم.
    هل يرحل النيل، لا ، وكذلك أنت يا شقيق النيل، ستبقي تجري في كل شبر من هذه الأرض الطيبة المباركة، هي طيبة ومباركة لأن بها عطر منك ومن أمثالك الطيبين والعاشقين العظام. استرح يا محجوب، فقد تعبت... تعبت ، وآن لك أن تستريح.
    وداعا يا صديقي، اقولها وفي القلب غصة وفي الحلق مرارة، أن لا أودعك مع الناس الذين أحبوك واحببتك معهم، بل اشير لك من على البعد
    - نيروبي- الأربعاء الثاني من أبريل

    ------------

    الشعب يودع حبيبه ..
    بقلم: نورالدين مدني
    الخميس, 03 نيسان/أبريل 2014 07:17

    كلام الناس
    [email protected]
    *لم يكن غريباً أن يودع الشعب السوداني الذي يمتلك فرازة فطرية تميز بين الخبيث والطيب، في موكب مهيب، حبيبه وشاعره الراحل المقيم محجوب شريف الذي كا يعبر بصدق عن وجدانه قبل أن يغذيه بأشعاره الوطنية والعاطفية.
    *لن نبكيه رغم حزننا عليه لأننا ندرك أن شمسه لن تغيب، وإ نما ستظل تضئ للأجيال القادمة طريق الحب والخير والجمال والصدق والوفاء والاخلاص والعدل والامانة.
    *ان كلماته البسيطة المعبرة كانت تتسرب الى وجداننا، لا لتغذيه فقط وانما لتشعل شعلة الأمل في دواخلنا وهو ينشد :
    وطن التعدد والتنوع والتقدم والسلام
    حيث الفضا الواسع حمام
    والموجة خلف الموجة والسكة الحديد
    حرية التعبير عبير
    يفتح شهيتك للكلام
    النهر ما بستأذن الصخرة المرور.
    كان يستمد كلماته من نبض المواطنين،لذلك تشكلت شخصيته المحبوبة من هذا النبع الصافي الغني بالطيبة والسماحة،وقد عبر عن ذلك في قصيدته (قلبي مساكن شعبية) التي اشتهر بأدائها الفنان عبد اللطيف عبد الغني(وردي الصغير)، وفيها يقول حبيب الشعب :
    الشعب حبيبي وشرياني
    أداني بطاقة شخصية.
    *حتى أغانيه العاطفية كانت مشحونة بهذا الصدق الإنساني ومن أشهر اغانيه العاطفية أغنية(الجميلة ومستحيلة ) التي ابدع في أدائها فنان افريقيا الراحل المقيم محمد وردي، التي يقول فيها شاعرنا : انت دايما زي سحابة الريح
    تعجل بي رحيلا
    عيوني في الدمعات وحيلا
    اسمحيلا تشوف عيونك .. اسمحيلا.
    *القلب يحزن والعين تدمع وانا لفراقك لمحزونون يامحجوب،لكننا على يقين ان هذا الشعب الطيب الذي خرجت من حدقات عيونه سيبني السودن كماعبرت عن ذلك في قولك :
    حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي
    وطن شامخ
    وطن عاتي
    وطن خير..ديمقراطي.
    *تقبلك الله بواسع رحمته وأدخلك فسيح جانته بصالح أعمالك الباقية ما بقي"رد الجميل" قيمة حية في حياتنا


    ---------------

    هكذا نودُّع الملاحم المصادمات! ..
    بقلم: فضيلي جماع
    الخميس, 03 نيسان/أبريل 2014 06:38


    =============
    أهكذا الرحيلُ خلسةً..
    يا عُودَ صندلٍ القصيدٍ؟
    هكذا نودِّعُ الملاحم المصادمات فيك!؟
    يا شريف أمةٍ توشّحت سوادها
    وذرفت بحار دمعِها عليكْ!
    رحلت مثلما أتيت للحياة..
    طاهراً وناضراً
    وحبّك الحفاة والجياع
    كان كل ما لديك!
    رحلت مُعدماً ،
    لكنك الغنيٌّ بالعفاف والكفافِ
    كنت شامخَ الجبين صامداً
    كنخلةِ سامقةِ على الضفاف!
    وكنت يا حبيب شعبنا
    إذا ادلهمّ ليلنا
    أضاء شعرُك البلاد
    هطلت سحائب القصيد منك
    أملاً وحلماً وزادْ
    وبشرت بوطنٍ
    هو السلام والوئام !
    ويا نشيد وطني الجريحِ
    يا صديق راية النضال
    يا جذاذة الوترْ
    يظل النهر هادراً وفي ضفافه..
    نعانق الحياةَ
    أو نموتُ واقفين كالشجرْ !!

    لندن- 2/ أبريل/2014
    fidajamb


    ----------

  • Post: #8
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-03-2014, 11:08 AM
    Parent: #7

    غويشاية محجوب شريف

    04-03-2014 07:18 AM
    يحيي فضل الله


    ( ما تسألني كم تمن الغويشايه
    بل جاوبني كم تمن الطمأنينة )

    هكذا يتسأل الشاعر محجوب شريف بنبضه الحميم تجاه حدث قد يبدو صغيرا عن ثمنالطمأنينة ، ويتجوهر هذا السؤال الذي يبدو بسيطا ولكنه يملك من العمق و التكثيف ما يجعل الاجابة عنه تمر عبر جدال سياسي قد يؤدي الي ذروة الهذيان ، كم ثمن الطمأنينة في ظل حكومة الظلام التي تربصت بانسان ؟السودان
    تفجرت شاعرية محجوب شريف التي عودتنا دائما الانحياز الي الانسان السوداني ، تفجرت هذه الشاعرية لتفضح اساليب القمع و الارهاب التي ميزت حكومة الانقاذ ، وذلك من خلال حدث واقعي .
    كعادتهم دائما اقتحم رجال الامن منزل الشاعر يفتشونه متسربلين باللاجدوي اذ ان موقف الشاعر هو موقف معلن وفي الضد الصريح و الصارخ من ممارستهم تلك التي اعتدت علي الحياة في السودان وقادت نبضاتها الي ذلك الموات في نسيج كل التفاصيل، و حين خرج هولاء الباحثون الخبثاء لم ينسوا ان يتركوا وراءهم فضيحة داوية وهي انهم سرقوا ( غويشة ) من الذهب وجدوها في مكان غير آمن من اياديهم اللصوصية ولكنه كان آمنا في منزل الشاعر ، وهنا تفجرت شاعرية محجوب شريف الخصبة عن قصيدة ( الغويشايه ) التي تحتفي بها هذه الكتابة وذلك باعتبارها قصيدة تمارس حقها المعلن والصريح في تعرية هذه النظام البغيض و قد اختار الشاعر وبتعمد جميل ان يضع تلك ( الغويشه ) في مقام التعظيم باستخدامه اسلوب التصغير المراد به تعظيم الشئ ( غويشه ، غويشايه ) ، وادعو القارئ الي الدخول الي عوالم هذه القصيدة
    ( هذه سيرة ذاتية لها
    تلك الغويشايه
    هجين الدبله و الخاتم
    سلالة كم وكم حاجه
    متل الستره وهاجه
    بحتم الدوله لا حوله
    باوراقا الثبوتيه
    صبحت في خبر كان
    للي كانت ليها محتاجه
    المسيكينه
    ما تسألني كم تمن الغويشايه
    بل جاوبني كم تمن الطمأنينة ? )
    هاهو الشاعر مجوب شريف يحرض شفافيته كي يختار هذا المدخل العميق لهذه القصيدة ( سيرة ذاتية لتلك الغويشايه ) ، مكثفا وجودها و معلنا اختفاءها ، انها هجين الدبلة والخاتم ، بل مجذرا اصولها النقية باعتبارها ( سلالة كم وكم حاجه ) ، وبنقلة ذات ايحاء كثيف دون اللجوء الي المباشرة بسبب اختفاء ( الغويشايه ) اذ انها اصبحت ( في خبر كان بختم الدوله و اوراقا الثبوتيه ) و بذلك يتحول اللصوص الي رمز لهذه الدولة التي تدخل الي بيت الشاعر وتسرقه ، و يا لها من دولة تلك التي يسرق رجال امنها من بيت شاعر بسيط و نقي مثل محجوب شريف( غويشايه) ترمز في المعني البعيد والقريب من تعامل ذاكرة الشعب السوداني مع المشغولات الذهبية التي هي بمثابة إدخار وتحوط لمواجهة الظروف المعيشية الحرجة ، إذن ، فان الدولة تسرق ما يدخر وتقذف في وجه شعبها بكل تفاصيل الظروف الصعبة و القاهرة
    ( دخري الحوبه للقمريه
    حبة عيش و قشايه
    غويشايه
    تدسدس فيها و تخبي
    يعلم الله بتربي
    علي كل المهن طافت
    من عين الفقر خافت
    بس عين الصقر شافت
    صقر لابس لبس حربي
    وختم الدوله لا حوله
    باوراقا الثبوتيه
    في هنداما متخبي
    صبحت في خبر كان
    للي كانت بيها فرحانه
    المسيكينه )
    و يستمر الشاعر في تساؤله ذلك العميق
    ( ما تسألني كم تمن الغويشايه
    بل جاوبني كم تمن الطمأنينة )
    تري من يملك تلك الاجابة ?
    و من يستطيع ان يثمن معني الطمانينة ?
    علي كل ها هي شمعة الشعر تتحدي كل هذا الظلام و تعريه و تفضحه و تقذف به في متاهات القيم القبيحة ، ان تلك الغويشاية و التي كثف الشاعر معني وجودها و معني إختفائها وثقت و بقدرة شاعرية تستطيع ان تستحلب الحكمة من ضرع المعاناة و تحولها الي اشارة ومعني عميق يقف في الضد من تلك القيم الخائبة والتي تختبئ في هندام السلطة برجال امنها ، لاحظ وجود كلمة ( امن ) هنا مع معني السرقة، سرقة الاشياء البسيطة و و العميقة المعني مثل ( غويشه ) ، ولاحظ كلمة (امن) مع تساؤل الشاعر عن تلك الطمأنينة ، و يستمر الشاعر في سرد تلك السيرة الذاتية
    ( غويشة مي و مريومه
    تماما زي حمامايه
    لم تعرف لها زوجا
    ولم تعرف لها تومه
    وحيده وجوه عشايه
    = = = = = = = =
    بتاتا لم تساسق
    في الطريق العام
    و لا في الحله قوقايه
    و تب ما للتباهي
    و لا لزوم القدله والزينه
    هي المختوته لي يوما
    المدسوسه للحفله
    المحروسه من غفله
    الموروثه في الخاطر
    المخصوصه للممكن
    يكون باكر
    = = = = = = =
    كتير الحمي تتسربل
    مسام البيت
    وتسكن في ضرا النومه
    و كم تتعثر القومه
    كتيرا ما
    كتيرا ما
    كتيرا ما
    ككل الناس
    تتم الناقصه بالمويه
    و تبقي الستره عشايه )
    غويشاية محجوب شريف تعلن عن معانيها السامية و تتعدي حالة كونها شيئا ،و تصبح رمزا و مرموزا لتلك المعاني السامية التي لا يعرفها اولئك اللصوص المختومين بختم الدولة و اوراقها الثبوتية ولكنهم يسرقون من الاشياء معانيها، الم يسرقوا معني الحياة في السودان ?
    ( غويشايه
    غويشة السترة والحوبه
    ومن تعب التي ظلت
    ترتق بالصبر توبا
    تفتق وردة السترة
    التبتق في بنياتا
    وتعتق ذكري حبوبه
    غويشايه
    وفر من سكرا وشايا
    وفر من كسرتا و زيتا
    و كم من باقي ماهيه
    يشيلا السوق كما هي
    بلا سكة رفاهيه
    ولا حتة قماشايه
    تساسق مكتبا و بيتا
    كما كل الافنديه
    حبيبة فول وعيشايا
    تساهر ابرتا و خيطا
    مكنتا من زمن ياما
    تحت الداما دواره
    و كل زراره نواره
    تفرهد في قماشايا
    تخليهو القديم لنجي
    يبقي المافي من مافي
    و يبقي البلدي افرنجي
    تقول للذله حاشايا )
    بهذه البساطة ذات العمق الكثيف يتباهي الشاعر بتفاصيل حميمة هي التي كونت هذه الغويشايه ، يتباهي بشريكة حياته تلك التي تساسق بين المكتب و البيت كما الافندية ، اتها غويشايه وجدت من إنصهار كل هذه التفاصيل ، و بهذه الثقل الوصفي للغويشايه وتفاصيل وجودها و تواجدها و بجوهرة المعاني التي تشتبك في سيرتها الذاتية يتم حصار اولئك اللصوص داخل القصيدة فيتقبح ذلك الفعل ازاء تجليات الجمال التي تتباهي بها هذه القصيدة في بنائها وصورها الشعرية و موسيقاها ذات التلقائية العالية
    ( اما العبد باللاهي
    فزوجا ليس باللاهي
    قلبي الجمره واطئها
    و ماني محلقا ساهي
    و لا متملقا احدا
    و لا متعلقا ابدا
    باموال و لاجاه
    طول العمر ماهيه
    بقت حزمة معاشايه
    اخيرا اصبحت ورقة
    وما بتسد فرد فرقه
    المنديل تمن طرقه
    و الصقر ان وقع كتر
    الباتابت عيب
    ضرا و درقه
    لذلك يا رضي نفسي
    حزمت الامر من اول
    ما بالخوف بنتحول
    و لا بنجوع بنتسول
    اكيد عمر الكلام اطول
    قصير العمر لو طول
    احب الكلمة لو حره
    احب الستره لو مره
    اعاف الشينه لو دره
    احب العفه بت امي
    حليب الستره في فمي
    دبيب النمله في دمي
    وكت تلقالا عيشايا
    تجر جريا واباريها
    و ما بتضل طريق الصف
    للمخزن
    و لم تأذن لنفسها
    تنفرد بيها
    ولم تأذن
    ولم تحزن علي ذلك
    و لم تحرن
    = = = = = =
    و بعض البعض قد ذهبوا
    الي من عنده ذهب
    و بعض البعض قد مالوا
    الي من عنده مال
    و لكن من ستر حالو
    يمين الله قد نهبوا
    الا ما اشرف النمله
    الاما اشرف النمله
    و تبا للضمير
    لمن يصير خمله )
    وفي بيان شعري شفيف و متواضع يعلن الشاعر إنحيازه للقيم السامية مفتخرا بصفاته ومن حقه ذلك و لاينسي ان يعري ما اسماهم ببعض البعض ، اولئك الذين قذفت بهم رياح الإنتهازية والمنفعة في متاهات السلب و القبح ، منحازا في ذلك الي النملة في إنتمائها للحراك الجماعي ، هاتفا بملء الصوت ( الا ما اشرف النمله )، معلنا ادانته الدامغة للضمير الخامل.
    في المقطع التالي يخاطب الشاعر ذلك اللص الحكومي محاولا إيجاد اعذار لفعلته تلك وبحساسية شاعر يقف دائما مع قيم التسامح والعفو
    ( فيا لصاحكوميا
    بختم الدوله لاحوله
    باوراقا الثبوتيه
    بكل ملابس الحمله
    عمل عمله
    عمل عمله
    عمل عمله
    عفيت لو بقت سكر
    وشاهي و زيت
    عفيتك لو كسيت امك
    صرفت روشتة الوالد
    و راحت في إيجار البيت
    واقول ياريت
    اذا فرحتهم بالحق
    اقول يا ريت
    عفيتك .. لو ولكنك )
    و لاينسي الشعر ان يجذر واقع الازمة في بحثه عن اعذار تستحق ان يعفو عن ذلك اللص الحكومي و يحيل ذلك الفعل ( السرقة ) الي السلطة الحاكمة
    (دا ما منك
    دا ما منك
    دا من حال البلد ذاتا
    حراباتا و حزازاتا
    ناس السلطة ناساتا
    ناس فوق و ناس تحت
    تحت الارض اقرب لامواتا )
    و ما اعظم اسف الشعراء علي اوطانهم ، ، انه ذلك الاسف العميق الذي ينبع من مجمرة الشعر الصادقة
    ( ضاقت ولما استحكمت حلقاتا
    ياللاسف ... كم من ولد فاتا
    سهولا ، جبالا ، غاباتا
    ونيلا جاري
    في حزة مفازاتا
    هديك لجة موانيها
    و فوق رحمة سماواتا
    ضاقت و لما استحكمت حلقاتا
    كم من ولد فاتا ??)
    و تبقي قصيدة ( غوايشايه ) لمحجوب شريف بمثابة إدانة دامغة علي سلوك هولاء الظلاميين ، تري هل يستحق ذلك اللص الحكومي المختوم بختم الدولة و اوراقها الثبوتية عفو هذا الشاعر الجميل

    Post: #9
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: اسماعيل عبد الله محمد
    Date: 04-03-2014, 11:17 AM
    Parent: #8



    برحيل القامة السامقة في سماء الشعر و الفكر و الحرية و الانعتاق و السودانوية يفقد السودان ركيزة ودعامة قوية من دعاماته التي اصبحت ولمدى عقود الترياق و الضماد المريح لاجيال المعاناة و الفقر و الجوع و العوذ , كان أباً لكل السودانيين و السودانيات كبارا و صغارا , أطلالته تزيل عن كاهل الانسان الكآبة و الرتابة و اليأس , كان دائما ما يشعر الانسان السوداني (محمد احمد) بان الدنيا بخير و ان الشر لابد وان تكون له نهاية , احببناه بصدق لانه عشق التراب السوداني حد الثمالة .........أنه محجوب شريف


    abunaa1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    Post: #10
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الزنجي
    Date: 04-03-2014, 11:22 AM
    Parent: #9

    لله ماأخذ وله ماأعطى،وكل شئ عنده بأجل مسمى فلنصبر ولنتحتسب

    Post: #11
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: عبدالله عثمان
    Date: 04-03-2014, 12:21 PM
    Parent: #10

    العزاء لكل الشعب السوداني في رحيل شاعره المحبوب محجوب
    أحب أن أضيف مقابلة أجراها الراحل مع الأستاذ محمود محمد طه
    Quote:

    الوجــه الآخر لمحمود محمد طــه




    نص اللقاء الذي أجراه محجوب شريف مع الأستاذ محمود




    الوجــه الآخر لمحمود محمد طــه


    محجوب محمد شريف - مجلة الحيـــاة


    في هذا التحقيق الذي أعده محجوب محمد شريف يتحدث الأستاذ محمود محمد طه حول مسائل لم تكون محور أحاديثه من قبل وربما اعتقد الكثيرون أنه لا يوليها اهتماما.

    (س) الأستاذ محمود.. حدثنا عن طفولتك وشبابك الباكر وعن غايتك في الحياة.

    (ج) طفولتي كانت عادية وليس بها إلى الآن من الأهمية ما يجعلك تشغل بها القراء. وشبابي الباكر كان متجها إلى ما أنا عليه الآن من فكر وعمل وغايتي في الحياة، الحرية لي ولسواي.

    (س) هل تواجه أي مضايقات أو متاعب بوصفك رئيسا للحزب الجمهوري؟

    (ج) المشاكل التي أواجهها هي أنني دون المستوى اللازم لرئيس الحزب الجمهوري، وهي مشاكل تتذلل كل يوم بفضل الله ثم بفضل عداوة الجهلاء.

    (س) ماذا تطالع هذه الأيام؟

    (ج) أطالع بعض الصحف المحلية وقليلا من الغربية وأقل من المجلات العربية.

    (س) أي ساعات اليوم أحب إليك، وهل تمارس هوايات معينة؟

    (ج) ساعات الليل.. وفي الثلث الأخير منه بصورة خاصة.. والهواية التي أمارسها هي قيام الأسحار.

    (س) أزهري.. الامام.. ايهما أفضل لرئاسة الجمهوية؟ ليس بالنسبة لك ولكن بالنسبة للغالبية التي ستشترك في الإختيار. ومن هو البديل الأفضل حاليا؟

    (ج) ليس بينهما فضل. ولكن أزهري أقل ضررا من الهادي لمجرد أن الهادي يعامل بتقديس أكثر مما يعامل أزهري. والله المسئول أن يهب للشعب من هو خير منهما وأبقى.

    (س) ما رأيك في استقالة ديجول؟ وكيف تلقيتها؟ وهل تتوقع أن تتغير سياسة فرنسا وخاصة تجاه الشرق الأوسط؟

    (ج) رحبت باستقالة ديجول لأنني أعتقد أن سياسته كانت خطأ فان محاولته الطموحة عزل بريطانيا وأمريكا عن اوربا تعطي الإتحاد السوفيتي فرصة ليرجح كفته على كفة الغرب فيختل توازن القوى القائم اليوم وتكون أول نتائج مثل هذه السياسة بلشفة أوربا بما فيها فرنسا وكان ذهابه نتيجة إستفتاء. ولكنه كان معتدا بنفسه إلى درجة أعجلته عن أن الشعب يدرك خطورة الإستفتاء في أمر غير ذي خطر ولا أهمية.. وما أعتقد أن سياسته نحو العرب كانت عليها صداقة للعرب كما يظن كثيرون.. وأعتقد أن سياسة فرنسا ستتغير ولكن مع الوقت.

    (س) ما هي نظرتك للعمل الفدائي مثلا في "فتح" وما هي أقصى الانتصارات التي يمكن أن يحققها.

    (ج) العمل الفدائي من شعب فلسطين المشرد عن أرضه عمل طبيعي ولكنه جاء بعد أوانه بزمن طويل، وأقصى الانتصارات التي يمكن أن يحققها هي إثارة الإعزاز في شعب فلسطين وإعادة الكرامة إليه ثم جعل الحل السلمي ممكنا مع بقية كرامة العرب.

    (س) هل يمكن التنبؤ بمستقبل العالم من خلال الظروف الراهنة؟

    (ج) الظروف الراهنة في حياة العالم تمثل فترة المراهقة التي تصحب حياة الفرد. وطور المراهقة طور قلق واضطراب وتحول وهو يقف على أبواب الرجولة فاذا اجتازه الفرد بسلام دخل عهد رجولة واستقرار وأنا شديد اليقين بأن العالم اليوم على أبواب النضج والإكتمال وهو يبحث عن مدنية جديدة بها يحقق الجمع بين الاشتراكية والديمقراطية مع فتح الباب على تحقيق الفردية حيث بتحقيق الفردية يتم السلام في داخل بنية كل فرد بشري فإذا حقق كل منا مع نفسه السلام فإن العالم يعيش في سلام وبذلك ينتهي لعهد الرجولة والإكتمال، وهو حظ هذا العالم في المستقبل القريب إن شاء الله. ومن أجل هذا فإني أبذل ما أبذل في بعث الاسلام لأن بالإسلام يتحقق السلام في بنية كل فرد وفي المجتمع في آخر المطاف.

    (س) ماذا تري في حيثيات القاضي عبيد النقر وشكوى وزير العدل وقرار محكمة الإستئناف؟

    (ج) الوجهة الصحيحة هي ألا يكون القانون سوط عذاب وإنما يكون أداة اصلاح.. وهذا ما منه بدأ القاضي عبيد وهذا يعني أن يكون الإصلاح سالفا والقانون تابعا.. به يستعان على التقويم، على غرار المثل العامي عن الأطفال فإنا نقول "شبعوهم وطبعوهم" وهذا ينطبق على الشعب.

    تطبق القانون حكومات فاشلة فاذا رجل كعبيد نبهها إلى تقصيرها، فإنها تضيق ذرعا به، ومن هنا جاءت شكوي وزير العدل فإن حكامنا لتقصيرهم ولحرصهم على الكراسي لا يحبون إلا من يزين لهم سوء عملهم.. وأعتقد أن شكوى الوزير ظاهرة رديئة من ظواهر تدخل عهودنا الوطنية في حرمة القضاء فقد كان الواجب أن يستأنف بالطرق المشروعة وأعتقد أن موقف محكمة الاستئناف المدنية العليا لم يكن سليما، على الأقل من الناحية الشكلية فإن نقل القاضي بهذه الصورة المستعجلة وبمجرد أن اشتكي وزير العدل يوحي للشعب بسقوط كرامة القضاء أمام السلطة التنفيذية لا سيما وأن الناس قد عاشوا أزمات متصلة بين القضاء و[بين السلطة] التشريعية والتنفيذية من جهة أخرى وكانوا دائما يرون أن حرمة القضاء تعرضت للمهانة.

    (س) ما رأيك في نتيجة الدخول للمدارس الوسطى؟

    (ج) كان المستوى منخفضا وبخاصة الحساب.. وأعتقد أن من أهم الأسباب كبر حجم الفصول مما يجعل المدرس غير قادر على التوجه لكل تلميذ بالتفهم كما يحصل عادة لو أن عدد الطلبة كان في الحدود التي كانت مألوفة على العهود السابقة والسبب في كبر حجم الفصول عجز الحكومة عن إعداد فرص التعليم مع محاولتها الظهور بمظهر القادر.. مجرد مغالطة سياسية.

    (س) ما رأيك في تحضير الأرواح؟

    (ج) الأرواح علوية - ملائكية - وتتولى الإرشاد للخير، وسفلية - شيطانية - وتتولى الإرشاد للشر.. فتحضير الأرواح العلوية لنتعلم منها أسرار الله غير ممكن بأساليب تحضير الأرواح المعروف ولكن الممكن هو تحضير الأرواح السفلية.. وهذه لا خير فيها.. وتحضير أرواح الأموات معرض لتدخل الأرواح السفلية فيه - ومن ثم لا يرجى منه خير ويجب ألا ينشغل به رجل جاد العقل.

    (س) لم توافق لجنة الفتوى بالأزهر على تقديم مسرحيتي "عمر ابن الخطاب" لعلى أحمد باكثير "والحسين" لعبد الرحمن الشرقاوي ماهي وجهة نظرك؟

    (ج) تمثيل شخصيات عظماء الاسلام يجيء منه خير كبير للنشء والتمثيل من أنجح وسائل التعليم الحاضر ومن أشدها تاثيرا على الناس، ولكن يجب أن يكون محتوى ما يجرى تمثيله محتوى جيدا وصادقا وجادا، ويجب أن يكون الحوار رصينا وأن يكون الممثل شخصية جادة ذات خلق وفكر واستقامة، وأن يجري جو التمثيل كله على سمة الجد الذي لا هزل فيه ولا تبذل فإن كان ذلك ممكنا فإنى اعتقد أن التمثيل يجب أن يسمح به وأن يشجع.

    (س) هل تسمع الإذاعة أو تشاهد التلفزيون وما هو انطباعك عنها؟

    (ج) أنا لا أسمع الإذاعة إلا نادرا ولا أشاهد التلفزيون وأعتقد أن الإذاعة لا تقول ما يجب أن يقال.. هي على الأقل تخفي عن الشعب من الأخبار الداخلية ما يسمعه عن بلاده من إذاعة لندن أو حتى عن إذاعة إسرائيل.

    (س) ما رأيك في هؤلاء: أم كلثوم.. نزار قباني.. جيفارا..؟

    (ج ) أم كلثوم لا أسمعها كثيرا حتى أكون عنها رأيا وحيث يتيسر لي أن أسمعها فان صوتها يلذني. وأما نزار قباني فإني أيضا لا أقرأ له.. ولكنني أظنه شاعرا مبتذلا ولا يعجبني رأيه في المرأة. وأما جيفارا فأراه ثائرا أصيلا وفيا لفهمه الإشتراكي حيث تخطت ثوريته الحدود الوطنية المألوفة. ولقد هام الشباب به ولكننى أظنه نموذج خطأ للشباب الثائر في مستقبل الأيام.. إذ أن الثورية يجب أن تقود للحياة في سبيل الإنسانية لا الموت في سبيل الإنسانية.

    (س) ما هي نظرتك تجاه الفن والموسيقي؟

    (ج) الفن والموسيقي من أرقى وسائل ترقية الشعور الانساني ولكنها قريبا من خطر أن يتخذا وسيلة من وسائل اللهو وتزجية الفراغ. وأعتقد أن خير استعمالها يجيء بعد أن يقيم الانسان لنفسه في نفسه ميزانا به يزن قيم التراث البشري جميعه ليستطيع أن يتوصل إلى ترقية حياة فكره وحياة شعوره وهذا الميزان يقام في النفس عن طريق تجويد العبادة وبعث لا إله إلا الله في العقل والقلب.. فاذا جود الانسان العبادة أولا ثم أقبل على الفن والموسيقي فإنهما نعم العون على ترقية الفكر والشعور أما قبل ذلك فإنهما من أدوات اللهو والهوى وتزجية الفراغ أو أنهما إلى ذلك أقرب منهما إلى تجديد حياة الفكر والشعور.

    (س) ماذا تعرف عن هؤلاء : أمين زكي - الفاضل سعيد - عبد اللطيف خضر؟

    (ج) لا أعرف عنهم ما يكفي.

    (س) هل كان أو مازال لديك أي أهتمام بالأدب؟

    (ج) أنا دائما مهتم بالأدب.. كنت وما أزال ولكني أعتقد أن الأدب هو ملكة التعبير عن النفس المؤدبة. النفس المؤدبة هي النفس التي حققت السلام في داخلها.. فالأدب صحة داخلية تسيل في الكلمة.. أما الأدب الذي يمارسه الكتاب والشعراء ولا يتقيدون فيه بالخلق ولا بالصدق فلم أهتم به وأضع نفسي ضده وأعتبره من آفات الفكر والخلق، وأرمي إلى تخلص الشباب منه.

    (س) الأغنية والحرف المكتوب سلاح في المعركة، ما رأيك؟

    (ج) العبرة بالمحتوى وبالايمان وراء العبارات الذي تتحدث العبارات عنه. وأعتقد أن سلاح المعركة الفكر الصافي والشعور الصادق فإن كان صاحب الأغنية والحرف المكتوب يصدر عن فكر وشعور كان قوله سلاحا وإلا كان هراء ضارا.

    * يقول الأستاذ عبداللطيف عمر حسب الله - كبير الأخوان الجمهوريين الآن - أن كلمة يلذني الواردة في المقال أصلا قيلت يهزني ولكن نزلت في المجلة كما هي مثبتة عاليه
    http://www.alfikra.org/interview_page_view_a.php?talk_id=27andpage_id=1

    للأستاذ محجوب شريف الهناء الأبدي ولمحبيه وآله جميعا حسن العزاء
    شكرا يا أستاذ الكيك

    Post: #12
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-03-2014, 10:17 PM
    Parent: #11

    10153774_607817392637300_1143718154_n.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    Post: #13
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-03-2014, 10:37 PM
    Parent: #11

    10153774_607817392637300_1143718154_n.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    Post: #14
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: محمد علي عثمان
    Date: 04-03-2014, 10:39 PM
    Parent: #13

    1006090 10152071088029503 232339265 n
    how do i print screen


    Post: #15
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: Mohamed Adam
    Date: 04-04-2014, 04:32 AM
    Parent: #14

    انا لله وانا اليه راجعون.

    .

    Post: #16
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-04-2014, 10:05 AM
    Parent: #15

    الالاف يشيعون "شاعر الشعب" محجوب شريف وشباب يهتفون بإسقاط النظام



    الخميس, 03 نيسان/أبريل 2014 05:37



    التغيير : امدرمان

    شيع الالاف من السودانيين البسطاء وقادة الفكر والسياسة والأدب والثقافة "شاعر الشعب" محجوب شريف إلي مقابر احمد شرفي بامدرمان مساء أمس الأربعاء. وتحرك موكب التشييع الذي كانت غالبيته من الشباب من منزل الراحل بالثورة الحارة 21 قاطعا عدة كيلومترات بالأرجل قبل ان يصلي عليه الالاف بميدان الرابطة بالقرب من المقابر ثم دفن الجثمان الذي غطي بعلم السودان وسط هتافات وتكبير ودموع وتشنج وإغماءات في أوساط البعض.



    وشارك في التشيع رموز المجتمع المدني والأحزاب السياسية والأندية الرياضية فيما ارتفعت لافتات قماشية تمجد سيرة الراحل.

    ورصدت " التغيير الإلكترونية " بعض الشباب المشاركين يهتفون ويطالبون بإسقاط الحكومة. وقال أحدهم " ان محجوب شريف ناضل من ان ينال الإنسان السوداني حريته ونحن سنسير في دربه ونطالب بإسقاط الحكومة حتي ينال الشعب السوداني حريته ". فيما أعربت طفلة صغيرة وهي تحمل علم السودان عن حزنها لوفاة شريف. وقالت أنها أقنعت والدها بالمشاركة في التشييع لأنها تحفظ الكثير من أشعاره، رغم أنها تسكن في منطقة دار السلام بجبل أولياء التي تقع في أقصى جنوب الخرطوم وتشييع الراحل في شمال أمدرمان".



    وقالت القيادية في حزب الأمة القومي سارة نقد الله التي شاركت في التشييع ان رحيل محجوب هو فقد كبير للشعب السوداني لانه يمثل الإنسان السوداني بسجيته البسيطة.



    وقدم محجوب شريف عدداً من القصائد التي تغنى ببعضها عدد من الفنانين أمثال الراحل محمد وردي وفرقة "عقد الجلاد".

    وتعبّر قصائد شريف دائماً عن حال الشعب وفقره وانتقاد العسكر الذين يصلون لكراسي الحكم عن طريق الانقلابات العسكرية.

    وتمكن شريف بحياته البسيطة التي عاشها، أن ينقل شعراً حياً بالعامية السودانية، روى سيراً من النضال والكفاح، واتسمت قصائده التي دائماً ما حملت أراءه السياسية ببساطة الجرس، ما جعلها محببة بين طلاب الجامعات.

    تلقى شريف تعليمه الابتدائي والأوسط والعالي بين أعوام 1956-1968 في مدارس "المدينة عرب" في أواسط السودان، ومعهد التربية بالخرطوم، وعمل منذ العام 1968 وحتى عام 1978 معلماً بالمدارس الابتدائية، ومسؤولاً عن المناشط التربوية بالمدارس الحكومية.

    والشاعر الراحل متزوج من الأستاذة أميرة الجزولي "معلمة تعمل إدارية في جامعة الخرطوم" وله بنتان خلدهما في قصيدته المشهورة "مريم ومي"، وتغنى له وردي بأغنية "حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي.. وطن شامخ.. وطن عاتي.. وطن خير ديمقراطي".

    والشاعر محجوب شريف رمز كبير من رموز الإبداع في السودان، وصاحب بصمات متفردة في الوجدان السوداني، إذ ان قصائده ترجمان المشاعر الشعبية ضد قهر الدكتاتوريات وضد كل أشكال الظلم الاجتماعي، والشاعر محجوب شريف بذاته ومواقفه كان رمزا نضاليا ملهما في الانحياز للفقراء والمستضعفين والانحياز لقضايا المرأة، وفي استقامة الموقف ضد الفساد والدكتاتورية، وبعد انقلاب الثلاثين من يونيو 1989م تعرض للتشريد من عمله كما تعرض للاعتقالات والملاحقات الأمنية،

    كما سجن في العهد المايوي كذلك.

    وأبدى شجاعة وصلابة آسرة في مواجهة نظام الإنقاذ، ولم يساوم مطلقا في موقفه المعارض ورفض بحزم شديد اي شكل من أشكال التواصل مع رموز النظام الحاكم ومؤسساته مما أكسبه احتراما شعبيا كبيرا ومكانة فريدة في قلوب السودانيين على اختلاف مشاربهم، فقد كان الراحل مثلا في كبرياء الشاعر وترفعه على المكاسب الذاتية واحتقاره لموائد السلطة.
    /////////
    sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan5.jpg Hosting at Sudaneseonline.com



    ------------------------
    محجوب شريف، شاعر الصمود بلا منازع: صفحات من مذكراتي ..


    بقلم: د. صدقي كبلو



    الجمعة, 04 نيسان/أبريل 2014 06:24


    إن الشخص منا معشر المعتقلين على أيام نميري، لينظر للوراء ويستعيد الذكريات ويسأل نفسه كيف كان يكون المعتقل بدون بعض الزملاء والزميلات الذين جعلوا المعتقل محتملا إما بصمودهم نفسه أو بحكمتهم وقدرتهم على امتصاص الغضب والحزن ومواجهة المشاكل العامة والخاصة للمعتقلين أو بقدرتهم التنظيمية في تنظيم حياة المعتقلين كلجان المفاوضات، لجان الطعام والكميون، اللجان الثقافية ولجان المجلات الناطقة ولجان الاحتفالات بالأعياد الوطنية والثورية والدينية، أو كيف كان يكون المعتقل بدون وجود بعض المبدعين من الفنانين والشعراء والممثلين ومخرجي المسرح والمعلمين في كافة مجالات المعرفة. ولكن يظل السؤال الخاص جدا ماذا كان سيكون المعتقل لو لم يكن محجوب شريف وشعره يرفرفان على جو المعتقل في الحفلات وعند الترحيل وعند وداع مطلقي السراح؟ محجوب كان حاضرا في كل المعتقلات حتى وهو غير معتقل فلمحجوب رواة شعره ولمحجوب أناشيده المغنى والملحنة داخل المعتقلات.

    التقيت محجوب شريف أول مرة مع صلاح العالم وعمر الدوش أمام ميدان سينما برمبل بأمدرمان (البوستة) عام 1970 وكنت قادما حينها من الجنوب بعد الاشتراك في معسكر الجبهة الديمقراطية بواو وهو أحد ثلاث معسكرات أقامتها الجبهة الديمقراطية بالجامعات والمعاهد العليا لدعم قيام حركة ديمقراطية في الجنوب في كل من واو ملكال وجوبا. وعندما عرفني صلاح بكليهما، قلت لمحجوب لقد قضينا وقتا طويلا في واو نتناقش في: حارسنا وفارسنا واتفقنا كم هي جميلة وشاعرية وكيف أن في شاعريتها وجمالها خطورتها لأن معانيها انقلابية وتسئ لنضال الشعب وقواه الثورية فنحن لم نكن ننتظر مايو ولا نفتش عنه "كنا زمن نفتش ليك وجيتنا الليلة كايسنا" فضحك ثلاثتهم وقالوا لقد كان ذلك موضوع نقاشهم على الغداء عند صلاح العالم ومن يومها أصبحنا أصدقاء. ولم يكن محجوب يومها شيوعيا.

    وتعددت لقاءاتنا بعد ذلك ولكنها تكثفت في الفترة بين أبريل 1971 ويوليو 1971 حيث كنا نلتقي كثيرا إما عند صلاح العالم أو في الأمسيات الثقافية التي تعج بها أم درمان وأنديتها الثقافية التي كان يدير معظمها إتحاد الشباب السوداني. وهذه هي القترة التي كتب فيها محجوب قصيدة لا أذكر اسمها ولكنه يقول فيها يا مايو لا أو لا حارسنا ولا فارسنا ، وكتب فيها قصيدة كنت أحبها وأرددها في المظاهرات والندوات وأتذكر منها:

    الشعب كتاب نقرأ فيه
    نتعلم منه
    كي نجتاز دروب التيه

    ولأنه أصل الأصل
    القول الفصل
    والد جيل
    منه أنا وبه أعتز
    تهتز الأرض ولا يهتز
    جيل قيامة
    عليه علامة
    جيلي جيل الحرية
    جيل يكبر يوميا
    جيل يمتد بعرض الأرض
    كمنشورات ثورية
    جيل يمتد بعرض البحر
    كشلالات نارية
    وطريق جهنم أن تختار طريقا لا يمشيه
    وطريق جهنم أن تختار طرقا لا يمشيه


    ثم جاءت يوليو وكان اللقاء الشهير بين وردي ومحجوب الشريف الذي استضافه المذيع الممتاز ذو النون بشرى وقدم فيه محجوب ما دوامة وقدم وردي نشيد حنتقدم.

    وكان طبيعيا أن يعتقل محجوب شريف بعد انقلاب 22 يوليو المضاد وعودة الديكتاتور نميري. ولكنه أخذ بعيدا عن أغلبية المعتقلين المكتظين في السرايا لقسم اسمه المدرسة كان من بين معتقليه الأستاذ جوزيف قرنق، قبل أن يساق بليل للشجرة ثم للمشنقة، والأستاذ المرحوم عبد العظيم حسنين (رئيس سابق لإتحاد طلاب جامعة الخرطوم). وكان أن سرب لنا من المدرسة قصيدته الرائعة

    يا شعبنا
    يا والداً أحبنا
    يا من وهبت قلبنا
    ثباتك الأصيلا

    إليك هذه الرسالة القصيرة الطويلة
    إليك من زنزانة تخاصم الفصولا
    إليك رغم أنف كل بندقية
    وطعنة شقية
    وحقد بريرية
    إليك الحب والسلام والتحية
    إليك يا حبيبنا وبعد
    أدبتنا
    أحسنت يا أبي
    فلم نتابع الهوى
    لكنما قابيل ما أرعوى
    كالذئب في حظيرة عوى
    وكم غوى
    وتابع الهوى
    وتاه في الأنا
    أراد للدماء أن تسيلا

    ونحن مثلما عرفت يا أبي
    بفضلك الكريم
    من أشرس الرجال حينما نقاوم
    نموت لا نساوم
    ندوس كل ظالم
    ونفتح الصدور للمدافع الثقيلة
    ومن هنا
    أبناءك الرفاق أقسموا
    فصيلة فصيلة
    أن يثأروا لحرمة الأمومة الجليلة
    لطفلة جميلة
    تنفست قليلا
    تمددت قتيله
    رصاصة في قلبها
    وطعنة في جنبها
    ولم تعش طويلا

    لكنما
    مليون مثلها سينجبوا
    النضال يا أبي حقيقة

    وأجمل الأطفال قادمون ساعة فساعة
    عيونهم أشد من عيوننا بريقاً
    صدورهم بما وهبت أكثر اتساعا
    سيوفهم تزيد من سيوفك الطوال طولا



    محجوب شريف ودخولي الحبس الانفرادي للمرة الأولى
    من بعد ظهر يوم في أغسطس 1971 فتح باب السراي وصاح الرفاق محجوب شريف، أسرعنا جميعا من كل العنابر لنستقبل محجوب معتقدين أن محجوب شريف قد تم تحويله من قسم المدرسة إلى السرايا، بينما الجميع يعانق ويسلم، قال محجوب أنه أتى من زيارة ويبدو أنهم أدخلوه خطأ، فقاده بعض الزملاء لعنبر 7 في الطابق الأول من السراي وألتف الجميع ولكن الفرحة لم تتم فسمعنا الصفارة وقالوا تمام ولكن الوقت كان مبكرا للتمام فالسجن يقفل في حوالي الرابعة بعد الظهر.

    نزلنا جميعا لنصطف للتمام فإذا بشاويش السر ينادي محجوب ويصطحبه خارجا به من السرايا تاركنا مصطفين خمسة خمسة في إنتظار التمام. كانت ظهيرة أغسطس حارة تحرق وقفنا ووقفنا ولم يأت التمام فقررنا العودة لعنابرنا. وما أن إستقر بنا المقام حتى سمعنا الصفارة مرة أخرى، فنزلنا غاضبين، وأصطففنا من جديد خمسات للتمام وجاء شاويش السر وأخذ التمام فتصديت له متسائلا لم تركنا نقف لنصف ساعة من قبل بينما هو كان يريد محجوب شريف فأحتد معي ورددت عليه بنفس الحدة قائلا ينبغي أن يحترمنا كبشر ويجب ألا يتركنا نقف تحت الشمس لنصف ساعة فطلب خروجي للمكتب. والشاويش السر (الذي ترقى بعد ذلك لصول) هو من عساكر السجون الذين إنضموا للإتحاد الإشتراكي وكان يعرف بيننا بأنه من عناصر مايو المخلصين. وعند خروجي للمكتب قدمت للضابط النبطشي وكان خريجا جديدا وهو أول دفعته إسمه أبنعوف، فتحدث معي في لغة جافة سائلا لماذا أعمل مشاكل، فقلت له يبدو أنك وصلت لحكمك قبل أن تسألني ما حدث؟ فقال متهكما "انت مفتكر نفسك وين؟ في محكمة مدنية؟ إنت هنا في سجن والعسكري دائما صحيح وإنت بتحاول تحرض المعتقلين" قاطعته قائلا "هذا غير صحيح!" فقال هائجا "ما تتكلم إلا أذن ليك إنت عارف أنا ممكن أعمل فيك شنو؟" فأستفزني ذلك فقلت "يعني حتعمل أيه؟ حتوديني الزنازين يالا وديني" فقال هائجا "ما حتشوف الشمس أبدا" فقلت ليه، وقد استعدت هدوئي فجأة "إنت فاكر نظامك ده حيقعد إلى الأبد" فصاح في هياج "أرميه في زنازين الإعدام" فأخذوني في رتل من العساكر كأني مجرم حرب إلى زنازين الإعدام وطلبوا أن أخلع نعلي قبل الدخول ثم أغلقوها وذهبوا. وفد إلتقيت الضايط أبنعوف بعد ذلك وتذكرنا تلك الحادثة وضحكنا كثيرا.

    كانت زنازين الإعدام مجاورة للمشنقة وهي زنزانتان يحول لهم المحكوم بالإعدام قبل 24 ساعة من إعدامه وتوجد بالقرب منهم غرفة كبيرة بها ماسورة مياه تستعمل لغسيل الأموات وهي من الزنازين القلائل التي تفتح شرق و شباكها يطل غربا، بمعنى أن الشمس تدخلها طوال النهار (الزنازين الأخرى التي تفتح شرق غرب هي زنازين الشرقيات وهي مجموعة من عشرين زنزانة في صفين يفتحان على بعضهما وبينهم حوش ضيق كنا نسميه حوض السباحة وقد عشت في تلك الزنازين مرات عديدة كما ستجد في هذه الذكريات في مكان آخر)

    قضيت الليل نائما كما لم أنم منذ دخولي المعتقل وصحوت على صوت الباب يفتح للتمام والعسكري ينقر على زنزناتي حتى أنهض فيتأكد أنني ما زلت حيأ، وكان السجن يفتح في الغالب بواسطة الصول لوج (وهو شخصية مدهشة سأحدثكم عنها) وبلوك أمين السجن (وهو عسكري كاتب وكان إسمه عبد اللطيف وهو شخص مهذب ولطيف) وشاويش القسم فلكل قسم شاويش مسؤول عنه (وكان القسم الشرقي هو الوحيد الذي يديره أمباشى أو عريف هو أمباشى سيداحمد والذي ترقى لشاويش بحكم معاملته القاسية للمعتقلين ولكنه كمعظم من في كوبر تحسنت معاملته عندما تكرر تردد المعتقلين).

    وبعد إنسحاب تيم التمام جاءني عسكري القسم وكان إسمه "عجب سيدو" وكنت أناديه "عم عجب". جاء عم عجب وهو يحمل شاي في كورة (والكورة كما قال أستاذنا الكبير محمد محجوب شورة هي أعظم إكتشاف في السجون ففيها تأكل وتشرب الساخن والبارد) وفتح لي الباب وطلب مني أن أذهب للحجرة المجاورة لغسل وجهي وعندما غسلت وجهي ناولني كورة الشاي فأعتذرت شاكرا أنني لا أشرب الشاي فلامني قائلا في هذا الجو الممطر (وكانت المطرة قد نزلت مساءا وما زال هناك بعض الرزاز) لا بد لي أن "اتقوى بشئ ساخن" فلما رفضت قال بحزم "حرم تشربه" فنزلت عند رغبته وأخذت الكورة منه وسألته "الجماعة ديل كانوا هنا" فقال دون أن يسأل من أقصد "نعم" فقلت حضرتهم كلهم فقال "لا أنا حضرت الشفيع فقط الله يرحمه" فقلت كان كيف؟ فقال ورنة حزن في صوته "عايزو يكون كيف يا والدي راجل حياته كلها بيعمل البيعمل فيه تفتكر ما توقع موقف مثل هذا" ثم دمعت عيونه وأسرع خارجا دون أن يغلق زنزناتي وعاد بعد خمس دقائق بعد أن تماسك نفسه وأخذ الكورة وأغلق الزنزانة.

    وحوالي العاشرة صباحا جاء عم عجب ليصطحبني للمكتب ووجدت أمباشي سيدأحمد في إنتظاري عند بوابة الشرقيات وصرف عم عجب وأخذني هو لمكتب حكمدار السجن وكان العقيد البشير مالك وكان يقف إلى جانبه الملازم أبنعوف فطلب مني البشير أن أحكي ما حدث ثم قال لي خطبة عن طاعة التعليمات في السجن وأبلغني قراره بحبسي أسبوعين في الحبس الإنفرادي. فعدت إلى زنزانتي لأقضي العقوبة.

    قضيت باقي اليوم وأنا احاول أن أتذكر بعض معلوماتي الإقتصادية فأخذت قطعة حجر صغيرة من أرض الزنزانة المتهالكة وبدأت أستعيد نموذج كينز الإقتصادي من خلال معادلاته ورسومه البيانية وشعرت بصفاء ذهن لم أشعر به منذ وقت طويل ثم سرحت أستعيد ذكريات الشهر الأخير وبدايات قصص لم أكملها (كنت حينها أحاول كتابة القصة القصيرة) ويومه ألفت قصة ظللت أرويها شفاهة حتى قال لي كمال الجزولي بعد سنوات في معتقل جمعنا أن تلك تجربة جديدة القصة القصيرة المروية وإنها استفادة من تراث الحكاوي السودانية.

    وقبل مساء ذلك اليوم إذا بباب حوش الزنازين يفتح ويدخل شخص وسيم الطلعة في ملابس نظيفة وقفل في الزنزانة القريبة مني. وصحت مناديا بعد خروج العساكر "مرحبا أنا صدقي كبلو فمن أنت؟ فقال "أهلا كبلو أنا السر النجيب" وبدأنا نحكي لبعض وأصبحنا أصدقاء من يومها، بل أنني أصبحت صديقا لكل عائلة النجيب.

    بعد يوم جاءوا وأخذوا السر إلى السرايا فترك لي ساعته حتى أستطيع معرفة الزمن. ومكثت يومين قبل أن أشهد حركة غير عادية في القسم وأمباشي سيد أحمد يدخل ويخرج فعرفت أن شيئا ما سيحدث. وفعلا دخل رهط من الضباط عرفت من بينهم العميد محمد عوض الله مدير السجن (القومندان) والعقيد البشير مالك حكمدار السجن والرائد عثمان عوض الله المأمور وشخص آخر في رتبة عميد لم أعرفه حينها وعرفت فيما بعد أن اسمه ميرغني أبو الروس وهو نائب مدير السجون. فقال الأخير وإنت مالك هنا فقلت "مسالة غير مهمة المهم إني طالب بجامعة الخرطوم وأريد أن أجلس للامتحانات" فقال "وكمان طالب افتكرت رباط" ثم تغيرت سحنته وبدأت عليه الجدية والاهتمام وسأل القومندان "عندكم طلبة كثيرين هنا" فقال القمندان "أربعة أو خمسة" فقال أبو الروس لعثمان عوض الله المأمور "أخذ أسماء كل الطلاب وكلياتهم وسنينهم الدراسية وأرسلها لي" فقال عثمان "حاضر أفندم".

    وبعد يومين تقريبا جاءوا وأخذوني لقسم الشرقيات للتحضير للامتحانات وأحضروا من السرايا الخاتم عدلان وكمال عطية ومن كوستي محجوب عباس وحمودة فتح الرحمن ومن الأبيض النور ماو وميرغني شمس الدين وميرغني الشايب (وكان محكوما بالسجن له######## ضد نميري عند زيارته للأبيض) وعوض السيد الكرسني والطيب الأمين والأقلع وزميل إسمه آدم ومن الجنوب جورج ماكير وزميل اسمه أروب.



    النقل لحوش الطوارئ مع وردي ومحجوب شريف
    وبمجرد أن انتهينا من الامتحانات تم نقلنا لحوش الطوارئ (والذي أسمي فيما بعد بميدان العدالة الناجزة وكانت تقطع فيه الأيادي وتم فيه إعدام الأستاذ محمود محمد طه). وكانت مجموعتنا أول الذين وصلوا فبدانا نحاول استكشاف المحل ومعرفة موقعه من خريطة السجن فجرينا نحو الأبواب فاكتشفتا أنه يجاور الزنازين البحرية من الشرق والكرنتينة ب و ج من الجنوب والمديرية من الغرب، وكانت البحريات مخصصة للمحكومين بالإعدام حتى يأتي تأكيد حكمهم أو ينقض الاستئناف الحكم ولكن في تلك الأوقات كان بها مجموعة من المناضلين خرجوا لنميري عندما زار السجن وطلب أن يخرج له الشيوعيون فخرج له:

    عبد المجيد النور شكاك
    صلاح مازري
    مصطفى أحمد الشيخ
    الرشيد نايل
    محمد خلف الله
    سعودي دراج
    الحاج عبد الرحمن
    حسن قسم السيد
    عوض الصافي
    عوض شرف الدين
    إبراهيم الشيخ


    وكانت الكرنتينة ج بها بعض معارضي الجبهة الوطنية والأخوان المسلمين والجدير بالذكر أن معاملتهم كانت أفضل من معاملة معتقلي يوليو.

    بدأت المجموعات تتوافد فجاء من السرايا ومن المدرسة كل من:

    مولانا صلاح حسن عبد الرحمن والذي عينته يوليو رئيسا للقضاء
    الأستاذ محمد وردي
    الأستاذ عبد الرحمن سوركتي من مصلحة الضرائب
    الأستاذ محمد عثمان طه من البنك الزراعي
    الشاعر محجوب شريف
    مولانا محمد ميرغني نقد- قاضي
    الأستاذ محمد إبراهيم معلم من السجانة
    النقابي محجوب الزبير
    النقابي فضل أحمد فضل (والد الدكتور على فضل الذي مات تحت تعذيب سلطة الجبهة الإسلامية)
    الأستاذ مكي عبد القادر صحفي
    الأستاذ ذو النون بشرى مذيع
    الأستاذ الفادني قائد في إتحاد المعلمين
    الأستاذ حسن التاج من شركة الخليج
    المقدم حسن مكي
    الأستاذ يوسف همت من حزب البعث

    وبالطبع قد نسيت بعض الأسماء فليعذرني من نسيت فقد طال الزمن وضعفت الذاكرة. وإلى جانب هؤلاء مجموعتنا من الطلاب التي ذكرتها وقد أضيف إليها الزميل عبدالله عطية شقيق كمال وأظنه وقتها ما زال طالبا بالثانوية.

    وقضينا في حوش الطوارئ حوالي أربع شهور قبل إعادتنا في ديسمبر للسرايا مرة أخرى. كنا نسكن في خيم نصبت لنا ونفترش الأرض على برش وبطانيتين، واحدة نضعها على البرش والأخرى تستعملها كغطاء. وكنا كطلاب نسكن في خيمة واحدة.

    وكانت هذه الفترة من الفترات الغنية بالسمر وغناء محمد وردي وشعر محجوب شريف والعمل الثقافي والترفيهي والرياضي.

    وكان أول ضحايا نشاطنا في الحوش مولانا المرحوم محمد ميرغني نقد الذي اصطدم مع الملازم أبنعوف أثناء تنظيمنا لمهرجاننا بمناسبة ثورة أكتوبر فأرسل للزنازين مما جعلنا نضرب عن الطعام وبعد يومين من الإضراب جاء الطبيب مع القمندان الذي حملنا مسؤولية إضرابنا بينما حمله الطبيب وكان اسمه الدكتور صلاح الكردي مسؤولية ما يحدث لنا. وفي الحقيقة كان القمندان محمد عوض الله رجلا طيبا و لا يريد مشاكل فذهب للجنة المعتقلين في السرايا والذين توسطوا في النزاع (كانت لجنة السرايا بها الدكتور خالد حسن التوم وكيل وزارة الصحة الذي فصله نميري بقرار جمهوري قبل يوليو، والأستاذ بدر الدين مدثر القائد البعثي المشهور والذي أصبح فيما بعد عضوا في القيادة القومية لحزب البعث خلفا للأستاذ محمد سليمان الخليفة الذي مات في الطائرة القادمة من العراق لدعم 19 يوليو). وكانت نتيجة الوساطة أن أخرج محمد ميرغني نقد من الزنازين ولكنه لم يعاد لحوش الطوارئ وإنما أرجع للسرايا. كان محمد ميرغني نقد من مثقفي السودان النادرين فإلى جانب معرفته المهنية بالقانون كان يحفظ الشعر العربي والغناء السوداني خاصة أغاني الشفيع وأغاني الحقيبة، كان محدثا بارعا ويملك قدرة على الحكي والتذكر مدهشة، كان قارئا ممتازا وقد توفى بالسرطان عام 1975 وهو لم يزل شابا. وقد أبعد ضمن من أبعدوا إلى شالا في عام 1972 .

    وبينما كنا نحضر للاحتفال بأكتوبر كنت أتجول مع محجوب مشيا (وكانت رياضة المشي منتشرة في المعتقل) وكنا نتناقش حول ما يقال تلك الأيام وسط بعض اليائسين عن أن الشعب السوداني قد ضرب ضربة قاضية وأستسلم وكنا محجوب وأنا نفند مثل تلك الأقوال في مناقشاتنا وفجأة توقف محجوب وقرأ:

    شعبنا يمكن يمهل يوم
    ومش عل طول
    وما حيطول
    أهى الخرطوم صاحية تصحي
    ما بتنوم
    تغلي نجوم
    تغلى هموم
    ريح وسموم
    وكل حقيقة المبدأ
    إرادة الشعب
    إرادة الشعب
    لا تهدى
    ومنها ننتهي ونبدأ
    أكتوبر ديناميتنا
    ديناميتنا ساعة الصفر
    ركيزة بيتنا

    وكانت تلك هي أكتوبر ديناميتنا التي لحنها وردي في حوش الطوارئ بدون عود ودرب عليها المعتقلين وأنشدها أمسية أكتوبر بصوته القوي فسمعته كل الخرطوم بحري.

    كان البرنامج يشمل منافسات في الشطرنج وألعاب الكوتشينة من ويست وكمكان والعاب الفولي والجري وغيرها، إلى جانب ليلة السمر التي قرأ فيها محجوب الشعر وغنى فيها محمد وردي.

    وعقب الاحتفال قررت سلطات السجن نقل محمد وردي إلى مستشفى السجن حيث بقي هناك حتى إطلاق سراحه.

    وقد تعرفت على محمد وردي عن قرب في فترة الطوارئ وكنا قد بدأنا تعارفنا في السرايا وكان يجمعنا حب المتنبئ، ومحمد وردي فنان مثقف محب للقراءة والإطلاع ويجيد الإستماع ويحفظ غناء كثيرا لكثير من الفنانين، غير أنه معجب بشكل خاص يإبراهيم عوض. ولقد كان أحد أسباب صمود المعتقلين في الأيام العصيبة للسجن وكان عندما يطلق صوته بنشيد علي عبد القيوم نحن رفاق الشهداء أو بدرة محمد المكي جيل العطاء فإنه يسمع الخرطوم بحري ويعيد الاطمئنان والأمل للمعتقلين.


    العــودة للسرايـا
    ومثلما نقلنا فجأة لحوش الطوارئ، أعدنا مرة أخرى فجأة للسرايا، وكان العدد قد قل كان ذلك في ديسمبر 1971 فوجدنا أهل السرايا يستعدون للاحتفال برأس السنة وأعياد الاستقلال فانخرطنا نستعد معهم. وكان الأساتذة علي الوراق وعبدا لله علي إبراهيم وجمعة جابر والمخرج إبراهيم الجزولي يعدون ويخرجون فقرات الاحتفال وكتب صلاح يوسف أغنية اسمها رأس السنة يقول مطلعها

    يا رأس السنة
    يالكلك سنا

    ولحنها وغناها السر تابر سكرتير نقابة سواقي الحكومة بصوت يشبه صوت عبد العزيز محمد داؤد وكتب محجوب شريف رائعته

    أهلا أهلا بالأعياد
    مرحب مرحب بالأجداد
    أكتب أكتب يا تاريخ أمجاد أمجاد
    أكتب محضر باسم الشعب
    ورسم الشعب
    وخط الشعب
    ديل الشهداء اتخطوا الزاد
    باسمنا هتفوا
    وبينهم وبين الموت خطوات
    الجايين من قلب الشارع
    والجايين لقلب الشارع من سكنات
    سجل أنحنا
    برغم جرحنا
    إجتزنا المحنة
    ونحن الليلة أشد ثبات
    ونحن بخير
    ونحن وراكم في الجايات
    وشعبنا ليكم بالمرصاد


    وكالعادة لحنها وردي من داخل مستشفى السجن ولقن اللحن للأستاذ ياسر الطيب سكرتير رابطة المعلمين الاشتراكيين والذي أداها مع المجموعة في السرايا. ولهذه القصيدة قصة فقد أرسلت اللجنة المركزية بيانها الشهير عن 19 يوليو (19 يوليو تهمة لا ننكرها وشرف لا ندعيه) والذي كان له فعل السحر وسط المعتقلين "الحزب بخير، اللجنة المركزية اجتمعت وأصدرت بيانا" وكانت القصيدة احتفاء محجوب بذلك البيان الذي كان هدية اللجنة المركزية في أعياد الاستقلال.

    وأخرج عبد الله على إبراهيم مشهدا مسرحيا من قصيدة لمحجوب يقول فيها

    صدقنى أنا لا قيتو امبارح
    لا بحلم كنت ولا سارح
    كان باسم وشامخ كالعادة
    نفس الخطوات البمشيها
    نفس الكلمات الوقادة
    كان فاتح قلبه على الشارع
    صحيح أنا قبلك صدقت
    جريت وبكيت لما سمعت
    يوم نفذوا حكم الاعدام
    لكنه بكل تفاصيلو
    جسمو .. لونو .. ضحكو .. صوتو
    مشيهو وطولو
    لاقانى وبحلف متأكد
    لا طيف لا واحد من جيلو
    فوجئت حقيقة وبصراحة
    لو مش أبعادو الشخصية
    والسوق .. الحركة هدير الكارو
    حديث المارة مع الباعة
    والناس، الداخل للبوسته
    الطالع منها، والساعة
    زى سبعة صباحا، والشارع
    مليان عمال وأفندية
    وفى طول الوقت وكنت بفكر
    امكن بحلم
    امكن كل الحاصل اشاعة
    بس لكنى جريدة قريت أيام المحنة
    سمعت اذاعة
    وكل الزملا الشهدا ، شرفنا
    صانو شرفنا بكل شجاعة
    واستبسالهم كان فى الدنيا
    حديث الساعة
    وشفت بعينى
    فتشو بيتنا وبيت جيرانا
    رفعت ايدى
    مرة الدبشك ، ومرة السنكى
    ومرة زناد ما بين عينى
    دا كلو تمام انا وعشتو
    لحظة بلحظة مشاهد حيه
    بس لكنو هداك قدامى
    كمان شايفنى بعاين لى
    وفي طول الوقت .. كنت بفكر
    امكن بحلم
    امكن امانى
    امكن بشبهو واحد تانى
    وفجأة الصوت اياه .. عرفتو
    عرفتو الما بغبانى
    "يااخينا ازيك"
    اهلا مرحب .. ايوه اتفضل" نادانى
    مشيتلو.. مصدق وما مصدق
    سلمت بقلبى واحضانى
    وشعرت كأنه بيعرفنى
    شعرت كأنه بيقرانى
    راجل نكته عميق ومهذب
    رائع جدا وانسانى
    ولما جمعنى وشجعنى
    سألتو بدهشة عن الحاصل
    قاطعنى .. "بتعنى الاعدام؟
    اعدامنا .. بتقصد اعدام؟
    الموت لو شنقا حتى الموت
    الموت .. لو رميا بالرصاص
    ما هو الموت"
    "الشعب يقرر مين الحى والميت مين
    الشعب يقرر مين الحى والميت مين
    ونحن عمرنا القدام
    الحزب .. اليقظة .. الاقدام
    الحزب .. اليقظة .. الاقدام
    الحزب .. اليقظة .. الاقدام"
    وبسرعة انكسر الميدان بالناس
    عشرات العشرات
    أطفال .. عمال .. وطليعيين
    وبنات طيبات
    ومنشورات


    وقد أديت فيها من خلف الكواليس فقرة من دفاع الأستاذ عبد الخالق محجوب أمام المحاكم العسكرية والتي قال فيها:

    "اليوم عندما أنظر من وراء هذه السنوات الطويلة أشعر بالسعادة والفخر بفكر تقبلته مختارا وبمنهج سلكته عن اقتناع تام وارتاع لمجرد التفكير في أنني لو لم أكن شيوعيا ماذا كنت أصبح؟"

    وقد سبق العرض المسرحي موكبا كان من المفترض أن يكون صامتا، ولم أعرف ذلك إلا بعد الموكب بوقت طويل، لكني، وبفعل حماس الشباب وتحديه لواقع المعتقل بدأت بالهتاف، فردد المعتقلون الهتافات بصوت داو لا شك انه سمع في أرجاء الخرطوم بحري وتناولته أحاديث العاصمة و كانت النتيجة أن اختار جهاز الأمن وإدارة السجون 44 معتقلا لترحيلهم إلى شالا وزالنجي.

    وقد قال محجوب شريف في تلك المناسبة:

    ودانا لشالا وعزتنا ما شالا
    نحن البلد خيرها ومستقبل أجيالها
    يالماشي زالنجى
    نتلاقى نتلاقى
    ما كلكم باقة
    اتفتحت طاقة
    وإتحدت إذلالها



    محجوب شريف يملأ شالا شعرا

    رغم ذلك فكان الرفاق يعيشون حياة رفاقية ثرة، ينظمون عملهم الثقافي ولياليهم الترفيهية، وكان محجوب شريف يملأ السجن شعرا. نظم محجوب في هذه الفترة قصيدة ودانا لشالا التي ذكرتها سابقا ونظم قصيدة بمناسبة الذكرى الثانية ل19 يوليو قال فيها:

    ملينا الدفتر الأول حنملا الدفتر الثاني بكل عزيز وإنساني
    حنملا الدفتر المليون وتتحول
    رجالا هدوا كتف الموت
    دماهم شمسنا الحية
    أناشيد ثورة يومية
    ولسه ولسه عبد الخالق المقدام
    يقود الصف
    ونحن معاه كف فوق كف
    وهاشم قاطع الحدين
    لسه ولسه يملا العين
    يعيشوا
    يعيشوا ومت يا سفاح
    ومات الموت

    حسير الصوت
    ويا يابا الشفيع الساس
    وضلالة هجير الصيف
    ويا تار البلد جوزيف
    ويا يوليو القلم والسيف
    وضابط حر شديد البأس
    مشينا ونمشي
    ونتحزم بمجد الشعب
    والنبراس



    ونظم محجوب قصيدته الشهيرة عن عبد الخالق والتي يقول فيها:

    إسمو عبد الخالق
    ختاي المزالق
    أب قلبا حجر
    إلا ما عليك يا أرض الوطن
    يا أمه العزيزة
    ختالك ركيزة
    ديمة باقية ليك
    في الحزب الشيوعي
    طيري يا يمامة
    وغني يا حمامة
    بلغي اليتامى
    الخائفين ظلاما
    قولي عبد الخالق حي
    بالسلامة
    في الحزب الشيوعي

    الفارس معلق

    ولا الموت معلق
    حيرنا البطل
    طار بحبلو حلق
    فج الموت وفات
    خلا الموت معلق
    في عيننا بات
    وسط الناس نزل
    بالحزب الشيوعي



    ونظم محجوب قصيدة عن الشفيع قال فيها:

    واحلالي أنا وا حلالي
    أريتو حالك
    يابا حالي
    أموت شهيد نجمي البلالي
    وأخلف إسما لي عيالي

    الشفيع يا فاطمة في الحي
    في المصانع وفي البلد حي
    سكتيها القالت أحي
    ما عماره الأخضر الني
    بدري بكر خضر الحي
    ومات شهيد أنا واحلالي

    يا المصانع يالسكك الحديد
    يا ورش نارها بتقيد
    يا عمال الميناء البعيد
    جروا حبل اليوم السعيد
    وشايفوا قرب أنا واحلالي

    أحمد أحمد تكبر شيل
    إسم أبوك في النجم والنيل
    خط أبوك بالدم النبيل
    كل زهرة وزهرة إكليل
    ومات شهيد أنا واحلالي



    ونظم محجوب قصيدة "مشتاق لك كتير والله" والتي يقول فيها

    مشتاق لك كتير والله
    وللجيران والحلة
    وقام قطر النضال ولا
    وغالي علي أدلا
    محطة محطة بتذكر
    عيونك ونحن في المنفى
    بتذكر مناديلك
    خيوطها الحمرة ما صدفة
    وبتذكر سؤالك لي
    متين جرح البلد يشفى
    ومتين تضحك سما
    الخرطوم حبيبتنا
    ومتين تصفى
    سؤالك كان بعذبنا
    ويقربنا
    ويزيد ما بينا من إلفة
    وأقول يا صباح العين
    بسامحك لو في يوم
    نسيتيني
    بكيت علي
    لو في يوم
    خنت الثورة
    جيت والذل في عيني
    بس لكني
    يا ويلي ياويلي
    أقبل وين لمن أخون صباح العين
    وأخون جيلي
    وأقول لك يا قمر ليلي
    وحاة أمنا الخرطوم
    أشد حيلي
    وأشيل شيلي
    وأموت واقف علي طولي
    وأقول لك يا صباح العين
    على الوعد القديم جايين
    ما بين الثورة والسكين
    شيوعيين وحتى الموت شيوعيين
    وأقول لك يا صباح العين
    بنادق وين
    بتمنعنا العديل والزين
    بنادق وين


    ونظم محجوب أغنيته المدهشة "يا بنوتنا غنن"

    يا بنوتنا غنن
    فارسا (أسدا) هاج وقرقر
    دة لموتو حقر
    أبدا ما مات محقر
    وبالرصاص منقر
    هاشم يا غناي
    وفاروق يا مناي
    ود النور حبابك
    يا سمح السجاي



    ويبدو أن الذاكرة لا تسعفني وأنا أكتب الآن بعد 33 عاما.

    وأخيرا عدنــــــا إلى كوبر
    وفي كوبر بدأت الزيارات بمجرد وصولنا، وكانت أول الزائرات مريم محمود والدة محجوب شريف وكانت تلك الزيارة وراء قصيدة محجوب العظيمة "يا والدة يا مريم"،والتي يقول فيها:

    يا والدة يامريم
    يا عامرة حنية
    أنا عندي زيك كم
    يا طيبة النية
    مشتاق وما بندم
    إصبري شوية
    يا والدة يا مريم
    ماني الوليد العاق
    لا خنت لا سراق
    والعسكري الفراق
    بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم
    والديرو ما بنتم
    ياوالده يا مريم
    ما بركب السرجين
    وماني زول وشين
    يا والده دينك كم
    دين الوطن كمين
    ما شفتي ود الزين
    الكان وحيد أمو
    ماليله كان العين
    قالولو ناسك كم
    ورينا ناسك ورين
    ورينا شان تسلم
    العودو خاتي الشق
    ما قال وحاتك طق
    تب ما وقف بين بين
    لموتو إتقدم
    وأنا ما بجيب الشين
    أنا ما بخت الشين
    أنا سقوني الدم
    يما السجن مليان
    رجاله ما بتنداس
    الشالو هم الناس
    والفات وليدا ليه
    ما مسكو الكراس
    ما سمعو بتكلم
    ما نحنا عود الفاس
    فرسان حمى وحراس
    في الحاره نتحرم
    عشم القدر ما كاس
    ما لاقى بيت يتلم
    عشم الطواه الجوع
    المتعب المعدم
    ما تقولي شن سويت
    ما تبكي ما سويت
    إلا البطمن ناس
    بهمهم حسيت
    حارس مع الفرسان
    حارس بلدنا البيت
    أخواني علو السور
    وأنا طوبه ما ختيت
    ديل من زمن تاتيت
    لامن كتبت قريت
    وعرفته ياما يدر
    يمه اللبن والزيت
    الكسرة والكراس
    لقشة الكبريت
    وتقولي جيدا جيت
    يا وليدي جيدا جيت
    راجع مع الفرسان
    فايت الحدود واسيت
    وتغني يا مريوم
    لينا وتجري النم
    والعسكري الفراق
    بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم
    والدايروا ما بنتم
    ياوالده يا مريم



    كما كتب أغنيته "غني يا خرطوم غني وشدي أوتار التمني" والتي يقول فيها:

    غني يا خرطوم وغني
    شدي أوتار التمني
    ضوي من جبهة شهيدك
    أمسياتك واطمئني
    ونحنا يا ست الحبايب
    من ثمارك
    في دروب الليل نهارك
    وقبل ما يطول انتظارك
    نحنا جينا
    وديل أنحنا
    القالوا متنا
    وقالوا فتنا
    وقالوا للناس إنتهينا
    جينا زي ما كنا
    حضنك إحتوينا



    وكانت الزيارة الثانية هي لحاجة العافية والدة المرحوم محمد خلف الله والعافية هي أحد أشهر زوار المعتقل وكانت هي وزوجة محمد (التي للأسف لا أذكر اسمها الآن) قد زارا محمد في زالنجي وأحضرا للمعتقلين الزاد والأخبار.

    وقضينا أسبوعين بالحبس الانفرادي زارنا فيهم اللواء أحمد صالح البشير مدير السجون مرتين. وأذكر أنه عندما جاء في المرة الأولى كنت أنا في الصف الثالث من الزنازين، ولكني استطعت إقناع شاويش سيد احمد لترحيلي للصف الأولى لأن زنزانتي كان بها فار، فسألني أحمد صالح لماذا غيرت زنزانتي فقلت بها فار فقال "ديل فيران الحكومة خاتينهم مخصوص ليكم".

    ونحن بالبحريات تم اعتقال عدد من قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي فأحضر معنا السيد عبد الماجد أبو حسبو والسيد حسن حمد وسمعنا عن اعتقال الأمير ألاي عبد الرحيم محمد خير شنان


    ------------------------

    محجوب شريف والعجوز والفصل: بخت الرضا المضادة ..

    بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم



    الجمعة, 04 نيسان/أبريل 2014 06:26


    "من كتابي: بخت الرضا: الاستعمار والتعليم ، دار الخرطوم للصحافة والنشر، 2103 "

    وددت لو عطلنا إعجابنا المشروع بمحجوب شريف الشاعر الثوري إلى حين لنعجب بمحجوب شريف التربوي. ومحجوب من غرس بخت الرضا. فقد تدرب كمدرس أولية على سنة بخت الرضا ومنهجها. ودرس بالمدارس الأولية زمناً وما زال محجوب في قرارة نفسه مدرساً قبل أن يكون شاعراً. ربما. ومن المؤكد أنه أحب من بخت الرضا أشياء وكره منها أشياء كثيرة من غير تصريح او تنظير. وقد بدا لي دائماً في تجاربه التربوية في مدرسة الأحفاد في التسعينات وفي مؤسسته "نفاج" ، التي يديرها بالتعاون مع مركز عبد الكريم ميرغني، أنه "بخت الرضا المضادة". وتمثل تضاده لبخت الرضا في مسألتين. فهو أولاً شديد الاقتناع أن محيط المدرسة السودانية عامر بالثقافة لا كنصوص فحسب بل كممارسة في الأريحية والفضل والتراحم ورباطة الجأش وغيرها. وهو خلافاً لبخت الرضا، التي بخست قدر السودانيين من الثقافة، يريد لتلاميذه أن يتصلوا بتلك الثقافة نصاً وممارسة، لكي ينشأوا على خلق عظيم. وقد سبق له أن قال ذلك شعراً: "والشارع مدرسة شعبية". ومن الجهة الأخرى استقدم محجوب إلى دائرة التعليم معلمين ومادة غير ما اتفق لبخت الرضا. فقد ألف بين الصغار والحبوبة الراوية الحجاية بصورة لم يسبق إليها كما وضع نصوصاً لم ينظر فيها إلى محفوظات بخت رضا المستكرهة كما رأينا عبد الله الطيب يصفها. وطلب في كل ذلك أن يستثير خيال الأطفال حول وقائع محيطهم الاجتماعي حتى تنطبع فيهم انطباعاً حسناً وتبقى فيهم ينبوعاً للرجاحة في طلب التغيير والخير لبلدهم.
    تعين محجوب معلماً بمدرسة الأساس بالأحفاد في التسعينات الأولى برغبة من مجلس الآباء بعد فصله للصالح العام بعد قيام دولة الإنقاذ. وقد وفرت له المدرسة مناخاً طليقاً يجرب فيه "مدرسته المفتوحة على الشارع" أو "مسرح الشارع" كما وصفها ضاحكاً. وسنرى هنا صورة لتجربة تربوية ربما تطرف فيها محجوب سباحة ضد تيار بخت الرضا. فلم تكن حصص محجوب تنعقد في فصل بحيطان معلومة. فقد كسر محجوب الحائط الرابع، بلغة المسرح، وراح يأخذ تلاميذه إلى الطرقات ليتلقوا العلم مما أفاء به الله على أهلهم العاديين. وهو علم ازدرته بخت الرضا وساء ظنها فيه (أو أساءت تقديره بالأحرى) حين وصفت مجتمع المدرسة بالخلو من الثقافة. وقد ساقتها هذه الخلاصة المجازفة عن ثقافة السودانيين إلى الاستثمار في المدرسة لجعلها المؤسسة الغنية لمجتمع معلم الله من المعرفة كما رأينا. فمتي سار محجوب مع تلاميذه في الشارع كان يعلمهم قاعدة المفرد والمثنى والجمع بجعلهم يعدون شبابيك منزل ما: شباك شبكان شبابيك. أو ربما أطلعهم على مترادفات شباك مثل "نافذة: نافذتان ونوافذ". وكان لمحجوب مطلباً أبعد من مجرد قواعد النحو. فهو كان يريد لهم أن يأمنوا للشارع: لسابلته ولخلطته وضوضائه ولغته، أي لوطنهم. فحدثنى عن كيف اعترض مسارهم يوماً ###### نابح ارتعدت فرائص التلاميذ منه. ولكن سرعان ما خرجت صاحبة ال######، وكانت فيها بسطة في الجسم، وقالت لهم ألا يخافوه فهو ###### هادئ لا يعض. ورد عليها تلميذ أنه ربما لم يعضها لأنها سمينة. فواصلت تطمئن التلاميذ على وداعة ال######. وقال محجوب إنه اعتبر هذه الواقعة درساً في طمأنينة التلاميذ لحقائق شارعهم وأهلهم. وما أبلغه من درس.
    وحدثني محجوب عن لقاء آخر لفصله بامرأة. وكانت مسنة. ولما طلبوا الحديث إليها أنزلت قفتها من على رأسها وجلست على مصطبة أحد المنازل. وكان محجوب ينتهز حديث المرأة لتلاميذه لتوسيع مدركهم اللغوي وبيان قواعد العربية لهم. فهو يتسقط ألف المد وواوه وغيرها من حوار الفصل والعجوز ويشرح نحوها. ولابد أن ذلك كان يوماً سعيداً للعجوز أنست إلى أحفاد لم تتصور أن تلقاهم أو أن يهتموا بها. وبينما هم جلوس جاء صاحب المنزل يحمل عصيراً في حفاظة سقى العجوز والفصل. وقال لي محجوب إن الذي سيبقى مع هؤلاء التلاميذ ما عاشوا هو أريحية العجوز السعيدة بهم وبأسئلتهم وأريحية هذا المضيف الذي سقاهم شراباً طهورا طرباً بلقاء الأجيال على مصطبته.
    والوجه الآخر لتضاد محجوب مع بخت الرضا أنه أثرى طاقم التدريس بجمع التلاميذ بالحبوبة كمثقفة ومدرسة. وقد تناغم محجوب، درى أو لم يدر، في هذا الجراءة مع دعوة عبد الله الطيب لبدء تعليم العربية بالحكايات الشعبية كما رأينا في بابنا عنه في هذا الكتاب. وقد توافر لمحجوب أن يدعو الحبوبة لتدلي بدلوها التربوي في تجربته "نفاج" وهي ورشة لصناعة الخيال المحض بالحارة 21 بالثورة أم درمان. ومن عناصر خطة محجوب لإطلاق شراع خيال الأطفال المحرومين أنه يجمع "الهكر" من البيوت ويبذله لهؤلاء لأطفال في ورشة نفاج ليجعلوه خلقاً جديداً ويعرضونه للبيع. وقد اقتنى محجوب البص أصلاً كمكتبة متحركة تطوف بالأحياء المزقولة والمطرودة ليبلغ الكتاب أطفالها. ومحجوب يحتفظ لمدرسة بخت الرضا التقليدية بالجميل لجعلها المكتبة مرفقاً مركزياً في التعليم. والمعروف أنه قام بمشروع ناجح لاستعادة المكتبة المدرسية خلال عمله بقسم المناشط التربوية بمدينة أم درمان بعد انتفاضة أبريل 1985. وهو مشروع يفخر به ويذكر بالعرفان الزمالة العظيمة التي اكتنفته بقسم المناشط حتى أثمر.
    ومن الجهة الأخرى فقد استبدل محجوب محفوظات رضا المستكرهة كما وصفها عبد الله الطيب من مثل" أشرقت شمس الضحى" ببعض تآليفه من الشعر السائغ الذي اشتهر به. فقد كتب لتلاميذ مدرسة إلأحفاد أساس نشيداً صار علماً للمدرسة:
    البنت والولد
    لرفعة البلد
    كلاهما غداً يزيدنا عدد
    كلاهما غداً لمجده مدد
    أو في قول أم عن ولدها "أحمد"::
    أحمد جاء
    نكتب اسمو نتهجاه
    ما قصر معاي في البيت
    ولا خلانا نترجاه
    فالح ربنا يخليه
    ومن شر الكضب ينجاه
    أبويا أنا جدكم رباه
    زمانك، نَوّمو وحجاه
    وقد صدر بعض هذا الشعر في كاسيت معروض للبيع.

    إن محجوب معدن تربوي لا ينضب. وقد غطت ثوريته الشعرية على أخطر ثوريات محجوب طرا. وهي تلك التي ترخي لخيال التلاميذ أعنة الطلاقة. فقد بدأ من بخت الرضا ورأى انغلاق تجربتها عن مرجعية الشارع السوداني. ولتنميه هذا الخيال كسر محجوب الفصل المدرسي طق. وهذه ثورة الشاعر على "اعتقال الخيال" التحفظي. فالشاعر وحده الذي يرى الخيال كاستثمار مضمون الريع بينما تأتمر عليه كل القوى الأخرى مثل الحكومة والأحزاب والعائلة والمدرسة. فكلها تأتمر عليه تريد تدجينه أو تلويثه لصالحها.


    ---------------------------
    مدرسة محجوب شريف: لتعليم القيم والأخلاق والصمود والصفات النادرة ! .

    . بقلم: عصام بابكر فايت



    الجمعة, 04 نيسان/أبريل 2014 06:19

    من أقدار هذا الزمان و هذا الوطن أن يترجل الفارس محجوب الشربف عن صهوة جواده في الذكري التاسعة و العشرون لذكري انتفاضة السادس من أبريل العظيمة 1985 ، عاش محجوب محبوبا و شريفا و فقيرا, و قد كان لاتساق مواقفه السياسية و الاجتماعية مع المبادئ الكوكبية التي تنادي بالكرامة و الحرية و العدالة الاجتماعية و السلام ، مع مواقفه الشخصية ، أن أصبح رمزا و قائدا و ملهما للشعب السوداني الحر و استحق بذلك لقب شاعر الشعب و لقب المثقف الحر و الناطق الرسمي باسم الكادحين.
    ان أكثر الذين خرجوا لتشيع جثمانه أمسية الأربعاء الثاني من أبريل 2014 لم يكونوا قد وفدوا الي الحياة حينما كتب المحجوب الشريف مارسليز الشعب الحر.....( يا شعبا لهبك ثوريتك ...عمق احساسك في حريتك..... يبقي ملامح في ذريتك ...... ديل أولادك ...) !!!! هؤلاء هم الشعب و هؤلاء هم الذرية وهؤلاء هم الأولاد الذين ذكرهم محجوب في هذه القصيدة ..... جميعهم قاموا بتشيعه الي مثواه الاخير ... و كأنهم كانوا يقولون له : نحن هنا و قد استلهمنا العبر و الدروس و التجارب و نحن هنا لنكمل المشوار الذي بدأته و سوف نكمله ، بعد أن رسمت لنا خطوطه العريضة نحو التحرر و الانعتاق من شوائب الدهر و نواقص الحياة و زيف المتملقين و المتهافتين .
    ان مدرسة هذا الشاعر الضخم ( كان الأستاذ الطيب صالح يطلق هذا اللقب علي الشاعر محمد المهدي المجذوب ) لهي مدرسة تستحق أن تعمم علي الكوكب بأسره ، و لا يجب أن تقتصر علي الرقعة الجغرافية المسماة بالسودان.
    ان استخدام محجوب الشريف للعامية السودانية في أشعاره بهذه العذوبة و الفصاحة ، سوف ينقلها يوما ما الي العالمية ، فكما نقل الطيب صالح دراجيتنا السودانية الي أكثرمن مائة لغة ، سوف يأتي اليوم الذي تترجم فيه أشعار و معاني محجوب الشريف الي الكوكب، لأن قصائد محجوب الشريف عبارة عن مانفيستو للشعوب الحرة التي تبحث عن الكرامة و العزة و الحياة الانسانية الكريمة ، فهي قصائد مشبعة بالقيم الفاضلة ( يا بت كفتيرة ...أحسن من غيرا ..) ..( لا أخاف الموت ..و لكني أخاف أن يموت لحظة ضميري ..) ...( ماك الوليد العاق ... لا خنت لا سراق ..).
    ان مدرسة محجوب شريف ..... تتسم بالصدق و ابراز الفضائل في المجتمع ، و تحث علي التزين بالصفات الجميلة و الأخلاق الحميدة ، لذلك جاءت معبرة عن الوجدان السليم ، لم تكن قصائده سياسية جافة و صعبة و لكنها كانت عذبة و ندية و سهلة الكلام عميقة المعاني ..... جاءت تعبيرا عن ما يجيش به صدر محمد أحمد من أمنيات مشروعة ، هي أبسط حق من حقوق الانسان ....... (....حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي .....) وطن ( حدادي مدادي ) !!
    من بعدك - يا محجوب - يستطيع أن يكتب لنا ( بلا و انجلا ...انهد كتف المقصلا ...) بعد أن ينجلي هذا البلاء.
    [email protected]


    -----------------------

    محجوب الشريف العفيف النظيف ..

    بقلم: بدرالدين حسن علي




    الجمعة, 04 نيسان/أبريل 2014 06:18



    أشكر كل من واساني وعزاني وفي مقدمتهم كريمتي مهيرة وشقيقي الأكبر محجوب ، ولجميعهم قلت" الموت حق والحياة باطلة !" ولكن الشاعر الحقيقي لا يموت ، أرجو أن تعذروني ألا أكتب عنه الآن ولكن لاحقا سأفعل ، و لأول مرة في تاريخ حياتي مع الكتابة ومع الحزن ومع الدموع والبكاء تغلبني الكتابة ، حاولت جاهدا السيطرة على مشاعري بعد غياب محجوب الشريف العفيف النظيف ففشلت ، ليس هذا فقط بل فشلت حتى أن أفعل شيئا ، ويبدو أني لو كتبت فسيكون شيئا مصطنعا لا قيمة له ، لذا فمن الأفضل أن لا أكتب ، ماذا أكتب ؟ وكيف أكتب ؟ وهل يمكن للكتابة أن تداوي الجرح النازف في كل
    مسامي ؟ بدا لي بعد غياب المحبوب الشريف النظيف العفيف كل شيء خواء وكلام فارغ وهتش ، ومع ذلك إكتفيت بقراءة ما يكتبه الأصدقاء الموجوعون حقيقة برحيله المؤلم ، قرأت وقرأت وقرأت ولكن كل ذلك لم ينفعني ، لأن الحزن والألم والبكاء وكل الكلمات التي يمكن أن تقال لا تعني شيء ، رحل عني أعز الناس ولكن رحيل " أبو مي ومريم " شيء مختلف ، هاتفته قبل رحيله بيوم واحد وقال لي : أريد أن أسألك سؤالا واحدا : هل تذكر يوم فرحي من أميرة ؟
    قلت له نعم أذكره وكان بدار المعلمين
    وهل تذكر أنك كنت مقدم الحفلة ؟ قلت له نعم وكانت الحفلة بمحمد الأمين وأذكر عندما قدمته بدأ بأغنية " حروف إسمك " ولكن قبل أن يبدأ الغناء قلت :
    -حروف إسمك أ م ي ر ة جمال الفال
    وهجعة م ح ج و ب بعد ترحال
    -قال لي ما شاء الله ذاكرتك لسه قويه !!
    -قلت له وأذكر أيضا أن " شيلتك " كانت مصحف
    -وما هو لونه ؟
    -قلت له : كان أحمر
    -قال لي :ما شاء الله لسه ذاكرتك قوية
    -قلت له : شوف يا اخوي لا إنت ولا أميرة ولا كمال الجزولي بتتنسو
    بالأمس داهمتني قصيدته الأخيرة

    قريبا جدا سأزورك في أحمد شرفي حيث مقابر جميع أفراد أسرتي وأضع على
    " قبرك كسرة وملاح شرموط


    -----------------------
    ما حضرت معانا العيد يا محجوب ..

    بقلم: محمد المكي إبراهيم



    الخميس, 03 نيسان/أبريل 2014 11:00










    [email protected]



    قال لي الياس فتح الرحمن ان محجوب شريف سمع انك بالبلد ويريد ان يراك.
    - وانا ايضا اريد ان اراه
    وكان معنا صديقنا المهندس عمر ياجي فأخذنا في سيارته رباعية الدفع وانطلق في طريق هو في مبلغ علمي يؤدي الى ناحية الحاج يوسف ولكنهم قالوا انه سيؤدي بنا الى مدينة الثورة ولم يفارقني الاحساس بأننا على الطريق الخطأ الا عندما انعطفنا جهة الشمال فاطلت الحلفايا ثم جسرها الجديد ووجدنا انفسنا في مدينة الثورة.وبعد سؤال او سؤالين اهتدينا الى منزل الشاعر

    كان سرير مرضه منصوبا له في نهاية صالونه الواسع لكنه لا يكاد يستقر فيه فهو في حركة دائبة وفرفشة لا تنتهي ومطايبة لزواره كأنهم هم المرضى ومحور الاهتمام.والواقع انه لم يكن عليه من دلائل المرض سوى الشيب والنحافة الشديدة وانبوب الاوكسجين الملتصق بأنفه طيلة الوقت.
    كان معه حسن الجزولي والفنان وردي الصغير والمهندس عثمان الخير بالاضافة الى سيدات الدار.
    يسألني:
    -كيف احوالك..كيف صحتك
    وبعد قليل
    - تعال نأخذ صورة مع بعض
    و بعد قليل
    - غنينا يا عبد اللطيف(الاسم الحقيقي لوردي الصغير)
    ويتغني عبد اللطيف بأغنية عذبة كتب كلماتها الشاعر المريض ثم ينطلق اثرها بنشيد اكتوبري مما كتبت في ايام السعادة الذاهبة ولا يخفى على ان ذلك بايعاز من محجوب على سبيل الترحيب بزيارتي الاولى لداره .
    ا قول في نفسي:لمحجوب صفات تليق بالقديسين ..جئنا نعوده ونطمئن عليه فاذا هو الذي يعودنا ويطمئن علينا., جئنا نعرب له عن المحبة فأعرب لنا عن محبة اكبر وأوسع مدى.وأقول في نفسي بمثل هذه السعادة وهؤلاء الاصدقاء سيعيش الى الابد
    ثم جاء الطعام بسيطا وشهيا ومشفوعا بأسمى آداب المؤاكلة السودانية..خذ من هذا..جرب هذا..اميرة تزعل اذا لم تأكل من هذا.
    لطف وذوق وايثارواهتمام بالآخراكثر بالف الف مرة من الاهتمام بالنفس.وفي معارفي المتواضعة ان الرجل يتحول الى الانانية وتقديم الذات في حالتين:حال التقدم في العمر وحال المرض.الا صديقنا الشاعر فقد جعل المرض وراء ظهره وراح يحتفي بالاخرين
    في لحظات الوداع سار معنا حتى الشارع واطلعنا على ناحية مسورة اصطفت عليها مئات من أصايص النبات من ظليات وعصاريات قال انهم سيشاركون بها في معرض الزهور القادم وسيوزعونها بالمجان او على حد قوله الضاحك
    - ما كمان الغبش ديل لازم يستمتعوا مع الناس بالزهور والحاجات ال كده.
    كان ذلك جزءا من مشروعه الكبير لرد الجميل للشعب الذي احبه والذي اطلق لسانه باجمل الاشعار.
    والآن لا استطيع ان اتذكر محجوبا دون ان اذكر ما دار في تلك الليلة في داره والافكار الكثيرة التي ادخلها في جناني ذلك اللقاء الاخير.


    انا والراحل العزيز ابناء جيل واحد(اذا تسامحنا قليلا في تعريف الجيل)
    عشنا نفس العهود وخضعنا لنفس المؤثرات وقاسينا من سيطرة الدكتاتوريات على مصائرنا واقدارنا وبالتالي على انتاجنا الابداعي كما وكيفا.واذا خصمنا من ذلك العمر سبعة واربعين عاما (6+16+25) من انعدام الحرية فان ما يتبقى جد قليل وغير كاف لاحداث النضوج الفكري والفني المطلوب لمن يريد ان يرتقي الى مصاف الشعراء والكتاب العظام.
    حياة من البؤس صمد لها الراحل العزيز صمود الابطال الاسطوريين وأزهر شعره الرائع في زنازينهم كما قال في احدى روائعه ولكنه سدد فاتورة تمرده من صحته الشخصية ومن رفاهية عائلته ولولا بذرة العبقرية التي حباه بها الله لما كتب ولا عشر معشار ما كتب من الشعر

    الخالد الصالح لمقارعة الدكتاتورية في كل مكان وزمان .
    لكم تمنيت لمحجوب ان يفرح الفرحة الكبرى صبيحة انتصار شعبه ولكن ارا دة الله الغلابة شاءت ان لايتم ذلك وان لايحضرمعنا عيد الديموقراطية القادم وان لانستمتع معه برائعة اخرى من طراز
    (بلا وانجلى)
    والله نسأل ان يعوضه عن عذابات عمره بصحبة الاكرمين المقبولين عنده تعالى وا ن ينزل السكينة على عائلته المكلومة وكافة محبيه ومعجبيه ومتذوقي شعره النبيل.

    Post: #17
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-04-2014, 06:25 PM
    Parent: #16

    10171032_735027936519475_265438664_n.jpg Hosting at Sudaneseonline.com



    10245406_10203140347216939_146091187_n.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    Post: #18
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-04-2014, 10:48 PM
    Parent: #17

    زفة محجوب شريف بشارع الثورة: يا رسول الفقراء والأرامل، وشاعر الشعب!! ..

    بقلم: عبدالغني كرم الله




    الخميس, 03 نيسان/أبريل 2014 20:29



    من تعزي؟
    ولمن ترفع الفاتحة؟
    أي شي أمامك، قربك، أتكئ عليه وأبكي، أنه اقرب إليك من حبل الوريد، أرفع الفاتحة لشجرة النخيل قرب داره، أو ليافطة روضة زرقاء، أو لفتاة مبللة بالعرق والدموع، كلهن حزينات مثلك، الشاعر العظيم ينفخ الروح والمدد في الأشياء والاحياء، له معهن جميعا، صلة رحم وقرابة وعشق، كلهن بالأمس في حزن فراق روح بشرية عظيمة، هومت في الحياة والبلاد، كملاك أمل ونفع، وبركة، وصبر وعفة يد وقلب.


    يا أكرم الرجال..
    يا أشجع الرجال..

    يديك كانت "كالجذور"، تندس في التراب، وتهب في الخفاء، والستر، أسر، وأرامل، وأطفال حياة أخرى، تمد جذور روحك، المتعددة كالنجوم، في صمت، وحياء نبيل، قلم لهذا، ولون لذاك، وحبة بندول لهذه...وبطانية لتلك، بلا من ولا سلوى، بل في طيبه وخفاء "الجذور"، التي تسهر في ظلمة الطين، من أجل غصون وورد، ترفرف في النسيم، وهي بين طوايا الطين، راضية بقدرها "في العطاء، والعطاء، والعطاء"، حتى الأطفال ودعوك ياشريف المحيا والاسم..

    يا أطيب الرجال، يا أعذب الرجال، يا أشرف الرجال..

    فراش وطن، لراحل غريب "ولا رحيل سوى المجاز"، كان الأب، والام، والطفل والنخلة، والنيل محجوب، مججوب الشاعر الذي كتب يا والده يامريم، والذي عاش في ظلمة، الزنزانة، وحبسها، سنوات طوال، من اجلنا جميعا، حتى سحاب بلدي يعرفه، فهو مثله، حلوب للري، ونصير للخضرة في الأحشاء والأحلام..

    هل ستجد مريم؟ أو مي؟ أو حتى "أميرة". في هذا الزحم؟
    كي تعزيهم؟ هل عاش لهما؟ ومعهما فقط؟ وما أعظم حزنهم

    طفل صغير، أصر أن يأخذ بوستر له، ونحن في طريقنا لمقابر أحمد شرفي، لا يعرفه الطفل، ولكن عجبته صورته، والشيب كاللبن يتوج عقل عظيم، وقلب أعظم، أمه تمسك الطفل وتقطع به الشارع وتغرق في حي الثورة.

    تتأمل داره قربك، لا شئ يغري العين، دار بسيطة، لا متاع دنيا فيها، نصف بيت، كان يسكنه الشاعر الأغنى، أغنى ثروة في تخوم المجرات، ثروة الحب للبلاد والعباد، حديقة صغيرة قرب الدار، تزن حدائق الدنيا، تشربت أوراقها شمس بلادي، وأنفاسه الكريمة، ففاحت في الفسحة شمال داره، حرية، وعمق، وحياء، زخرف طبيعة النفس الصادقة، دار تحسها عش، وقلب، أكثر من بيت طين عادي، تبرق حيطه سكينة، كان قلب الشاعر مصدر رزقها، وموطن هدوئها الفطري، أي تلك السكينة الوطئية، التي تنبع من حسن الظن بالحياة والقدر والوجود.

    في الطريق لعرس دفنه، مسنات، في حج طويييييييييييييييييييييييييييييل، للمقابر، عبرن الحارات الطويلة، مشيا على الأقدام، ظهورهن متعرقة، وأرجلهن محننة بتراب الوطن، لعرس محجوب، وهو يزف للأبدية كرجل طيب، ومواطن صالح بشهادة نخيل بلادي، وزرعه، وأطفاله، ورجاله، وبناته، وبيوته، وظلاله

    شعب كامل في الشارع،(الشارع الفاتح في قلوب)، شارع الثورة بالنصف، يحمل على ظهره آلاف من النساء والاطفال والارامل والمفكرين والشعراء، يحمل الشعب، وعلى رؤوسهم كانت (روحك المبتسمة داخل الكفن الابيض، وملون بألوان الوطن العظيم)، كانت تحي من وقف في صمت وهيبة لك، وأنت تمر في وداع الأخير "مجازا"، وهل ترحل أنت؟ كانت البقالات حزينة، وهي تهب الناس الماء والعصير، والشباب يجري هنا، وهناك بين الناس والسيارات يسقي هذا، ويسرج تلك من وعثاء المشي، من أجل غرس كحلم وطني، في تراب احمد شرفي ..

    بكينا، بكينا من القلب والحب والجمال..
    محجوب شريف كم أحبك، لأنك تهب روحك لنا، بلا من..

    كم أعرف بأن روحك بلا ضفاف، ومددك لا ينقطع. وبسمتك البشوشة وانت تستقبل في بيتك الضيوف فتشعر الجميع بأنهم موضح حبك وفرحك وبشاشتك الفطرية، تحتفي بالمواطن قبل الوطن المسروق.
    ..
    في الشارع وأنت على رؤوس الشباب والنساء، وأنت تودع حتى في مماتك العظيم أناسك، وطرقك، التي تعرفها كما تعرف الأم الوليد، وقف الناس حزانى، أيموت الشاعر؟ لا ورب السماء، ولكنه المجاز، ففي الأمس أنت دخلت القلوب كلها، حيا، مبتسما، مريدا، وورثت ابنائك المثابرة، والحب والصبر، والجلد، أيها الشاعر العظيم..

    رأيت أزهري يبكي كالأطفال
    ومعاوية، ومعاوية، وسارة، وطفلة، وعجوز..

    بكينا، بكاء الحب والمعرفة، لمعدن أصيل، دفن في احمد شرفي كي يزينها..

    أطفال في المقابر، يحملون حبه، وصورته..

    في سور المقابر وقف الشباب والاعلام، عرس دفنك كبذرة لشجرة ستنمو لا محال، وتثمر وتزهر وتسعد الشعب، فما قمت به من فعل وإحسان، من الاستحالة أن تدفنه الحياة، أن كان الضوء يدفن.

    هتف لك، وقرأت الفاتحة، ودعوا لك، الجميع..

    محجوب نحبك والله، حيا، وحيا..
    أنت ملاذ
    أنت طيب
    أنت رسول
    أنت نسيج وحدك
    أنت الحياة الحرة، وقد شدت رحمها، فأنجبتك..

    عربات واعلام وصبية يوزعون الماء والاعلام والصور، كنت عرسا، أعدت للشعب وحدة عضوية غابت..

    رفرفت في محيا ودعاك أعلام السادة الصوفية، والختمية، والأمة، وجاء في االعزاء نفر كرام من كل طيف، فلم تكن دارك، وقلبك سوى قبة تدثر أفكار بلدي، وحلمها..

    لكل شجرة في بلادي، شديد العزاء
    لكل طفل لم يولد، وفيه شبه من محياك البشوش..

    لكل شاب في جامعة
    وطالبة في مختبر، عظيم العزاء في ابيكم، وشيخكم، ورسولكم العظيم..

    ومحبتي لك، في ضريح قبرك الوارف الجمال والإشراك
    وما أسعد رحاب الأبدية، وسماء الجمال، وأنت ترفل فيها، كالملك الاسمر العظيم، البسيط، الفقير..

    لم تشبع، حين يجوع الناس
    ولم تنام حين يخزل الناس
    ولم تعبس حين تسجن وتعذب..

    كنت أعظم الشعراء
    وكنت أجمل الرجال
    وكنت أرحم النساء بقلب نسج من الامومة والرجولة والفهم العظيم..

    وكنت طفلا، صغيرا، متواضعا، أنيسا..

    الكل يشيل الفاتحة للكل، لأنك أبن البيوت التي تفتح كلها على قلبك، الفاتح على الشارع والشعب...

    طبت حيا في قبرك المعمور بالفكر والذكر والجمال..

    عميق عزائي اخي محمد الجزولي، ولكل الأسرة الجليلة، افتقدتك، بالامس وانا ابكي قرب شجرة صديقة، بكيت وبكيت وبكيت وبكيت، ولكن شعرت بان روحك معنا، رغم انف المسافة وغول البعاد، شعيته معنا، ملكا للقبور..
    [email protected]


    ---------------------------

    وداعاً يا زول يا رائع
    الطيب كنونة
    [email protected]
    تعجز الكلمات والمفردات الدالة على الصدق والامتنان في أحايين كثيرة عن التعبير والإفادة عن أشخاص وطنوا أنفسهم وصاروا مشروعا إنسانياً نبيلاً وفي سبيل هذا المشروع الإنساني النبيل والذي تقتصر أمامه الهامات وترتفع رايات التغيير المحتشدة بصدق العمل قولا وفعلا وممارسة بل تصبح تلك المشاريع الإنسانية والوطنية رسائل حاضرة في وجدان وأذهان الجميع أحباباً وأعداءً. ولعل مخاطبة مشاعر الناس وترجمتها على أفق يتصدر الاهتمام تبقى بذرة فأل طيبة وشجرة يتفيأ ظلالها الكل بذلك الظل قضيةً وشعاراً وسمواً لا يعرف غايتها إلا من أدرك المعنى.. ووطن نفسه عليه.
    محجوب محمد شريف ذاك الإنسان الرائع والشاعر الرائع أيضاً.. والمعلم الإنسان أيضاً والذي نذر نفسه لخدمة قضايا شعبه وهي متعددة الأوجه وقد سلك في سبيل ذلك دروبا صعبة المنال والارتياد.. يخاطب الناس بمفردات بسيطة لا تخرج عن المعنى المتداول ولكن بترتيب دقيق وذوقٍ وحس فني رائع.. أسس جموع تلك المدرسة أشعاراً والتزم بها مسؤوليةً فالبيت يفتح على الشارع، والشارع فاتح على القلب، والقلب مساكن شعبية تسكنه قبائل شتى، ومشاعر شتى، وأفكار وطنية شتى مزدحمة بالآمال أيضاً ومنذ بواكير شبابه عشق الحرية فهي رايته التي يناضل من أجلها.. عشق الوطن، فصار هماً يحمله ويدفع به إلى الأمام، يحرض الجميع على عشق تلك الحسناء الفاتنة، السودان الوطن الواسع.. حا نبنيهو والبنحلم بيهو يوماتي.. احلم تحلم تحلمين.. وعيون الشوق والعشق الأبدي لا تعرف التراجع.. ترقب لمة الأطفال وسط الدارة.. تبتب تبتبا وهم يشاهدون البندقية بدلاً عن الحدائق الغناء.. الأطفال والعساكر.. المدرسة والحوش الكبير.. التلاجه والكهرباء.. الصحة والعافية.. التسامح النبيل وهي حدود بلا حددو ترفل عنده مشروعاً إنسانياً كبيراً.. النفاج.. الهكر.. رد الجميل.. التواصل الاجتماعي.. ستات الشاي والزلابية.. أم الأيتام.. عمال المنطقة الصناعية.. التربالة والمزارعية.. الجوعى العرايا والعطشى.. هم كبير نحمله وحلم جميل تحققه مع الجميع.. عندما تتغنى ميري وعشة وتصبح يا والدة يا مريم يا عامرة حنية رمزاً للانتقال إلى مراحل متعددة وعندما تتصادم تلك الآمال والأحلام المشروعة بعكس ما يرى ويهوى وتهاجر العصافير أوكارها يناديها.. بلاء وانجلى.. بلاء وانجلى وتسري تلك الأنشودة الخالدة وسط الجميع رغم المعاناة وشظف العيش وأنت الذي سكن في فؤادك الملايين من أبناء هذا الشعب الطيب.. الشعب حبيبي وشرياني أداني بطاقة شخصية.
    وتستمر المناداة بالثورة يومياتي يا زول يا رائع يا جميل، إن عشقك لهذا الشعب والذي توجك شاعراً له لم يأتِ ذلك من فراغ أو مجاملة، أحبك الأعداء قبل الأصدقاء، مشروعاً يمشي بينهم سراً، وكيف لا وأنت الذي وهبت هذا الشعب حبك.. يا شعباً تسامي يا ذاك الهمام، تدي النخلة طولا والغابات فصولا والبدر التمام، أية عظمة أكبر من ذلك، وكيف عبّرت عن هذا المكنون الإنساني الرائع؟، وكيف جاورت النخلة الغابة؟، وكيف امتدت فصول بدر التمام؟، تارةً تبكي، وتارةً تضحك، وتارةً تحرض الجميع على الفرح وإكمال المشوار دون استئذان لأنك فيهم، وقطار الأمل يصادم كل العقبات من شالا إلى كوبر إلى بورتسودان في أرض الله الواسعة.. ودانا لشالا عزة نفسنا ما شالا.. مشتاق ليك كتير والله للجيران وللحلة، وكمان قطر النضال ولى، وغالي علي إدلى.
    تلك هي محطاتك وعناوينها.. محطة محطة بتذكر، عيونك نحن في المنفى، وذلك هو مشروعك الذي ما زلت تنادي به عشقاً ومحبةً للجميع.. أيها الفنان المتفرد، يزداد عشقنا لك يوماً بعد يوم، وارتباطنا بك مثلما تحمل الشمس البشرى للوردية القادمة والواقفين على محطة السكة حديد عمال وأفندية.. ومثلما يحلم الجميع بالحصاد والدرت والخير الوفير، نحن نحلم معك باستمرار ذلك المشروع الإنساني النبيل... أهدافاً ومعاني... وحياة كريمةً للجميع، حيث نتساوى في اللقمة والخبز والتعليم والتنمية والصحة والعافية وأطفالنا يحلمون ويلعبون في تسامح... وتوادد بكل مكونات الشعب السوداني والذي تحلم به أن يكون جميلاً جمال التزامك وعشقك لهذا البلد النبيل...
    لك الرحمة و المغفرة يا زول يا رائع يا نبيل... وحنبني بلدنا يوماتي ذلك الوطن الجميل بكل معاني الحب والصدق النبيل.
    وإلى أن نلتقي.. يبقى الود بيننا

    Post: #19
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: bashir kurdufan
    Date: 04-05-2014, 01:22 AM
    Parent: #18


    سلام الأخ الكيك

    فليرحم الله شاعر الشعب الجميل الشريف, والموحي للجمال, محجوب شريف ويدخله فسيح جنات النعيم,
    والبركة فينا وفيكم وجميع أصحاب الضمير الحي من افراد الشعب السوداني


    هنالك مشروع على درجة من الأهمية يتعلق بالتوثيق لحياة محجوب شريف من خلال شهادات يقدمها كل من له علاقة,
    عن بقض التفاصيل والمواقف المهمة التي تلقي مزيدا من ضوء ومن مسافة أكثر قربا من العام, حتى العام هنالك مساحة له,
    كما أن العارض من المواقف يمكن أن يكون ه حضور دال, فاذا كان مثل هذا الموقف بين محجوب وشخص لا يعرفه أو ليس بينه وبينه علاقة,
    فهو يمكن أن يكون ذا دلالة كبيرة, ومبلغ القول أن كل شهادة يقدمها أحد عن الراحل محجوب شريف لها أهميتها بغض النظر عن أي شئ.
    فلنوثق له على البوست المفتوح غلى الرابط أدناه:

    http://www.sudaneseonline.com/board/460/msg/1396566384.html

    هذه الشهادات ليست فقط من أجل التوثيق, لكن ليفيد منها "أولادنا الجايين" لأنها على أنصع وأبلغ ما تكون السير, وأيضا ربما استطعنا من خلال هذه الشهادات أن نصل لوصفة
    تمكننا من استنبات مثل هذه الصفات في شخصيات أبنائنا من الأجيال القادمة لأن اليقين أن شخصية محجوب ومن يشبهونه هي نتاج تجاربهم مع مجتمعهم

    لك التحيات
    بشير اسماعيل

    Post: #20
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-05-2014, 09:29 AM
    Parent: #19

    محجوب شريف: ياهذا الهمام ..

    بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم



    السبت, 05 نيسان/أبريل 2014 07:07


    (من أرشيفي)
    لمحجوب شريف طريق سالك اخاذ الي الحق والشعر والناس. وبينما يعاظل (اي يجد المشقة) بقية الناس هذه المعاني معاظلة فان لمحجوب تخريمة سهلة لبواباتها. اذكر كنا في معتقل كوبر بعد فشل انقلاب يوليو 1971. وبعد السماح للمعتقلين بالاطلاع علي الكتب لاحظ الرفاق ان محجوب لا يقرأ مثل ما يفعلون. فهو يقضي يومه من حلقة أنس الي اخري ومن عنبر الي آخر. فلا المتنبيء بلغ ولا أمل دنقل. وحمل الرفاق إشفاقهم هذا الي بوصفي المسؤول الثقافي بالمعتقل. وكنت قد لاحظت نفس الشيء. ولم اكن منزعجاً مثلهم. فقد رأيت عصبة القاريئن المشفقين في صف الفراجة علي مجلات عنابر المعتقل الناطقة حين يحل الليل بينما كان محجوب "الأمي" بلبلها الصادح .


    وقد حمتني خبرتي في الفلكلور من التورط في التبرع بالنصح لمحجوب بما يقرأ. فلم يكن الحاردلو بقاريء ولا همباتة البادية. وقد علمت من عملي الفلكلوري أن الشفاهة ليست أمية مذمومة تنتظر المحو. بل هي "وديان" اخري.

    وتذكرت في هذا الخصوص ما حكاه لي المرحوم محمد عبدالله التريح، الأمي (الذي هو مصدر كتابي "فرسان كنجرت "1999، من جامعة الخرطوم للنشر) في بادية الكبابيش عام 1966. فقد قال إنه كان في البادية رجل أمي اسمه ود الجاهل عظيم الحكمة يئم الناس في الصلاة بما تيسر. ومر بفريق هذا الرجل عالم ما. واستنكر إمامة هذا الأمي للناس في الصلاة فسأل العالم ود الجاهل بإستنكار: "هل حفظت القرآن؟" قال ودالجاهل "لا. ولكن لي أنا الآخر سؤال. في نواحينا هذه ثلاث وديان إناث تصب في ثلاث وديان ذكور. هل تعرفها؟"

    قال العالم: "كيف اعرفها وأنا لم اشقها؟" قال ودالجاهل: "وانا القرآن ماشقيتو." ووديان محجوب لوح لدني محفوظ علمه سهل ممتنع.

    جدد هذا المعني عن محجوب ما قرأته قبل ايام عن تدشينه لفرقة نفاج للفنون الشعبية التي هي جزء من ورشته الثقافية بسوق حلايب بمدينة الثورة الحارة 21. (ومن يعرف عيشة الحارة 21 في سوق غزل الصفوة؟ ).

    وتتكون الفرقة من ابناء هامش المدينة من أمثال شول الذي قال إنه لما جاء الي الورشة ظن أنه سيلقي اطفالاً "لابسين حلوين ملونين من وين وين واوربا ودول تانيه . ..لكن لقيتهم ديل ناس وجعي. . . مغبشين".

    ومعجزة محجوب أنه بَلَغ هولاء الغبش أبان مسوحاً "قدر ظروفك" في حين اعتصمت الصفوة اليسارية بالاعتذار لهم عن السفر الي جهتهم حتي يتسع هامش الحريات وتلغي حالة الطواريء وتتفككك الانقاذ كابر عن كابر ويتحلب لبن الطير. وهذا التباطؤ عن الشعب مما علمنا في أيام مضت أنه من "استنكاف البرجوازية الصغيرة" التي تلهج بالشعب وتتقطع انفاسها دونه.
    وكنت قد زرت ورشة محجوب في الصيف الماضي ووقفت علي الطريقة العذبة التي يرعي بها محجوب خيال غمار الناس من الصدأ تحت وابل الاهمال والسلطات حكومية ومجتمعية.

    وبهذا وضع محجوب أصبعه علي ام المسائل في تحررنا عن تبعية الغرب. وهي اطلاق سراح خيالنا من النماذج والوصفات المعلبة سلفاً في الغرب التي يستعمر بها خيالنا حتي لو لم يعد يستعمر أرضنا. فقد اعجبني كيف استرد محجوب للحبوبة منزلتها في الاسرة بجعلها جزءاً من قافلته الثقافية تحجي الأطفال جنباً الي جنب المكتبة الجوالة في هامش المدينة. وقد سعدت بالتمرينات التي يجريها محجوب لخيال صبيان الهامش بترويضهم هكر المدينة الظالم أهلها وجعله خلقاً جديداً.
    يالوديان محجوب الأخري! وما أيسر سبيلك الي الحق والشعر والشعب يا محجوب!


    ------------------------

    في رثاء محجوب شريف : كان يتنفس الشعر .. والثورة !

    April 5, 2014

    فضيلي جماع

    [email protected]

    الكثيرون يكتبون الشعر لكنهم لا يعيشونه ، هناك بضع محاط ، جمعتني بمحجوب شريف – الشاعر والإنسان جاء وقت روايتها.

    محطة أولى: أمسية شعرية بهندسة جامعة الخرطوم:

    المكان كلية الهندسة – جامعة الخرطوم. الزمان: عام 1977م وبعد مضي ثلاثة أشهر على المصالحة الوطنية التي أطلق نظام جعفر النميري بمقتضاها المئات من المعتقلين السياسيين. وقد أقامت الجمعية الثقافية لطلاب الهندسة والمعمار حفلها الشعري على الهواء الطلق. كان كل المشاركين في الأمسية من الشعراء الذين خرجوا لتوهم من المعتقل، أذكر منهم الأستاذ ادريس البنا والأستاذ كمال الجزولي والراحل المقيم محجوب شريف وكاتب هذه السطور وآخرين لا أستحضر أسماءهم الآن بكل أسف. كانت الأمسية باهرة ومستوى ما قدمه الزملاء من قصائد كان رفيعاً بكل المقاييس. لم يكن بيني وبين الكثيرين من أولئك الشعراء سابق معرفة ، أو تواصل. كنت أعرفهم من كتاباتهم وأحتفظ لنفسي بحقي في الإعجاب بشعرهم وبمواقفهم من السلطة الديكتاتورية. وبينما كنت وأحد أقاربي نهم بالانصراف عائدين أدراجنا إلى أحد الأحياء الشعبية في أطراف الخرطوم إذا بذراعين ينفتحان أمامي وبسمة بحجم حلم المحبوس بالحرية ! كان محجوب شريف يفرد ذراعيه ويعانقني وكأننا نعرف بعضنا منذ أمد. ثم قال – وكأنه يعتذر: فتشت عليك…ما خلينا القوز ولا الرميلة..وشاهدي أميرة الواقفة دي (يعني رفيقة دربه الأستاذة أميرة الجزولي)! عقدت الدهشة لساني لشخص يقدم الأعتذار لأنه كما قال جاء ليشكرني . قلت – وقد خمنت السبب: على شنو يا أستاذ محجوب؟ رد بسرعة: دفاعك المستميت عننا في اجتماع الأدباء!!

    كان معظم الإخوة من معتقلي اليسار آنذاك لم يتم إطلاق سراحهم إلا بعد شهرين أو ثلاثة أشهر من إعلان المصالحة وكان الواجب يقضي أن نعلن عدم رضانا حضور زملائنا من مبدعي اليسار هذه التظاهرة الثقافية التي كانت البادرة الأولى لما يعتبره النظام آنذاك حسن نوايا ! بعث محجوب شريف خطابا من معتقله وطلب من زوجته السيدة أميرة أن تقرأه بالوكالة عنه. وحدث شد وجذب بيننا وبين بعض الزملاء أنصار النظام حول أحقية أميرة في إلقاء الخطاب..لكننا في النهاية انتصرنا للأخت أميرة حين وافقت لحنة التسيير لها بتلاوة الخطاب. محجوب كان يعتذر لي على شيء هو أبسط ما يمكن أن يقدمه الزميل لزميله في مثل تلك الظروف. وافترقنا وهو يشد على يدي بحرارة ويقول بحماس): شوف ..نحن لازم نتلاقى. بينا حاجات كتيرة!)

    إبتلعني وقريبي ليل الخرطوم وحافلاتها التى لا تنام. نسيت وأنا آوى إلى فراشي تلك الليلة كثيرا من الوجوه لكن وجه محجوب شريف وصدق كلماته رافقني طوال حياتي! حقاً بيننا عشق ترابنا الأسمر وشعبنا الذي قد يصمت طويلاً لكنه يعرف كيف يحيل الطواغيت إلى نفايات في خاتمة المطاف.

    محطة ثانية: مستشفى طب المناطق الحارة – ام درمان:

    الزمان- قبيل انتفاضة مارس ابريل بقليل. عرفت أنه يمارض (الوالدة مريم) في مستشفى طب المناطق الحارة. كانت شقيقته الصغرى تجلس في الداخل مع حاجة مريم عليها الرحمة وهو في البراندة يفترش حصيراً. قرأت الفرح على وجهه – فرح طفل وكأني هبطت إليه من السماء. وبعد تحية الحاجة عدنا للحصيرة نتحدث في كل شيء – أعني كل شيء له علاقة بالوطن. وأسأله فيحكي ولكنه من أفضل من يصغون إليك وأنت تحدثهم في شأن حتى لو كانوا يحيطون به علماً. كان الكلام كله عن نظام جعفر نميري الذي يجب أن يذهب. وأحياناً يطلب مني أن أقرأه شيئاً من شعري. ونخوض في أوجاع الوطن..يتحدث بصوت مسموع وكأنه يقول للحائط الذي له أذان: سوّي الدايرو…منو الخايف منك؟ وحين هممت بوداعه كان حريصاً أن يسعى معي لمسافة وهو يردد كلمات الشكر على الزيارة.

    كان محجوب شريف يتنفس الشعر والثورة!!

    محطة ثالثة: منزل آل عوض الجزولي – ام درمان:

    المكان منزل أسرة المرحوم عوض الجزولي بام درمان. الزمان: عام وبضعة أشهر بعد انتفاضة مارس- ابريل.كنت في زيارة عابرة لمكتب الأستاذ الشاعر كمال الجزولي المحامي. نشأت بيني وبين كمال وقتها إلفة قادت إلى صداقة أنا فخور بها حتى لحظة كتابة هذه السطور. طلب مني الرجل أن نذهب معاً للغداء عندهم. حاولت الاعتذار مبرراً رفضي بأن دعوته جاءت متأخرة. حينها قال لي إن الدعوة ليست في بيته ، وأنّ الحاجة والدتهم رحمها الله سألت عني أكثر من مرة. رضخت للدعوة .. كان ظهر يوم خميس وقد وجدت بعض أفراد الأسرة والحفدة والحفيدات حول جدتهم. وهناك كان محجوب شريف ، الذي فيما يبدو كان قد أخذ (غمدة القيلولة)! وحالما عرف أنني بالبيت هرع إلى حيث نجلس وعانقني ببشاشة وحب كبيرين. وأثناء جلستنا دعيت إلى الداخل حيث حكت لي أميرة الجزولي أنها تم نقلها دون مراعاة لظرفها للتدريس في كردفان.. وأن محجوب يرى أن المسألة لا تستحق كل هذه الضجة..عليها أن تنفذ النقل كما يفعل كل المعلمين والمعلمات في السودان ، وأنه لن يتوسط ولن يسمح لأحد أن يتوسط لها في هذا الشأن! طلبت مني الأخت أميرة معالجة الأمر معه لأنه قد ينصت لي. كنت على ثقة أنّ محبة محجوب لي غير مرتبطة بتطييب خاطر..لكني وعدت أميرة خيراً..لا أذكر ما انتهى عليه أمر النقل لكني على ثقة أن محجوب لم يتوسط ولم يسمح لأحد أن يقوم بوساطة.

    الثائر الحقيقي بنظري هو الذي يعيش حيثيات وتفاصيل الثورة في حياته اليومية. كان محجوب شريف يتنفس الثورة كما يتنفس أحدنا الهواء الطلق!

    محطة رابعة: لندن – زيارة استشفاء:

    الزمان: بضع سنوات مضين – المكان : لندن ، حاضرة بلاد الإنجليز. كان فرحي عظيماً حين علمت أن كمال الجزولي ومحجوب شريف في لندن-الأول جاء في رحلة تتعلق بأشياء تخص مهنته وعمله كناشط حقوقي والثاني جاء لإجراء فحوصات طبية. جئته في نزله (منزل مها الجزولي الشقيقة الصغرى للأستاذ كمال). ولحسن حظنا كان زواره الكثيرون قد خفوا ذلك اليوم. حكينا كثيرا وحين هممت بالذهاب أصر أن يرافقني لمحطة (المترو). رفضت وقلت له مكانك الباب الخارجي. لكن محجوب ظل يترجاني كلما مددت له يدي مودعاً أن أقرأ له شيئاً.. ثم نمضي بضعة أمتار فأطلب منه أن يعود فيقول لي مثل طفل: عليك النبي ..بس الشديرة الهناك دي وبخليك تمشي ياخي. ونقف لأطلب منه أو يطلب مني قراءة شعر. اكتشفنا في الختام أننا قضينا من الوقت وقوفاً أكثر من وقتنا الذي أمضيناه جالسين. فانفجرنا ضاحكين. ذاك الرجل كان قلباً كبيراً يسعى على ساقين.

    في تلك الفترة التقينا مرتين.. وكان يجب أن تكون الثالثة لقاء عائلياَ بمنزلي المتواضع شمال غرب لندن، لكن أرادت الأقدار غير ذلك وعاد محجوب للسودان على قدم السرعة تاركاً لي وصايا واعتذارات لا حدود لها. قلت له فيما بعد عبر الهاتف: حصل خير يا ابو مريم وما فيش داعي للاعتذار . رد: لا..لا يا صديقي ..دا اعتذار لأم اولادك، لأنو فاتنا شرف طعامها الطاعم!

    كان الشعر والثورة – هاتان المتلازمتان- عند محجوب شريف ممارسة حياتية يومية. كان يتنفس الشعر والثورة.

    لندن- أبريل 2014


    -------------------------

    شبابيك الحبيب

    April 5, 2014

    سامح الشيخ

    [email protected]

    كلما اتأمل في سيرة الراحل العظيم محجوب شريف وما احتمل من اذى و الآم ومحن في رحلة حياته التي اتسمت بالمضايقات ووضع العراقيل في طريقه سواء كان ذلك بالاعتقالات او فصله تعسفيا من عمله فلم ترهبه الاعتقالات ولم يلن عزمه قطع الرزق ، كانت الاعتقالات تذيده اقداما والفصل من العمل يزيده جودا ،و التعذيب يذيده صلابة تكسرت نصال كل نظريات الامن والمخابرات في الدول الشمولية التي تعد لكسر الناشطين السياسيين واصحاب الراي.ولم تنل من موافقه ومبادئه التي جاءت في اشعاره ومنسجمة مع افعاله غير انها نالت من صحته وتسببت في معاناته مع المرض الذي تعايش معه في صبر وجلد.

    فمن اين استمد شريف هذه الطاقة لمقاومة كل هذا الجبروت الذي كلما حاول كسره انهزم ذلك الجبروت امامه وارتد منكسر ذليلا وهو حسير لم اجد تفسيرا لصلابة كهذه في المواقف وكذلك امام المرض سوى مقولة وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة مثله تقف بجانبه وتشد من أزره

    فوراء استاذنا محجوب شريف ثلاث نساء عظميات في مقدمتهن زوجته ورفيقة دربة الاستاذة اميرة الجزولي ثم ابنتيه الاستاذتان مريم ومي فإن لم يكن بمثل صلابته في الثبات على المواقف والمبادئ لكان من الصعب ان نرى كل هذا الصبر على الشدائد وكل هذا الجلد الذي اعيا كل الانظمة الديكتاتورية عندنا فكان كالشجا في حلوقها مرا لا ينتزع . اسأل الله ان يصبرهن علىفقدهن الجلل وان يخفف عنهن الاحزان.

    اكثر ما يميزه انكاره لذاته والاهتمام بالاخرين لدرجة كل من يقابله يظن انه يعرفه منذ زمن وجميع اصدقائه مقرب اليه بسبب انه يؤثر كل واحد منهم على نفسه حتى عند اشتداد المرض عليه لم يتغير اعتناءه بالاخرين والاحساس بهم او الاحسان لهم، اتزكر بعد عودته من رحلة الاستشفاء بلندن كان متحدثا في احد ليالي دار الحزب الشيوعي ببحري ابتدا حديثه عن ايام الاعتقالات في سجون مايو وكان بجانبه الاستاذ سعودي دراج وحكى كيف ان الاستاذ سعودي دراج كان يخفف عنهم ويفرق عنهم كثيرا وانه يمتلك مواهب عديدة لا يعرفها كثيرون من بينها امتلاك الاستاذ سعودي دراج لصوت جميل كان يسلي به همهم في السجن وطلب منه مازحا ان يغني في تلك الليلة. وازكر في تلك الليلة كان من بين الحضور الاستاذ الفنان عبد الرحمن بلاص وتحدث ايضا عن سيرته وعلاقته بالحزب الشيوعي التي لا يعرفها كثير من الشباب. بعدها تحدث الاستاذ سعودي دراج واكد ما اجمع عليه كل الذين قرأنا رثاءهم او تحدثوا عن مسيرة الراحل و عن نكران الزات الذي كان يميزه وايثاره الاخرين وتقديمهم على نفسه.

    Post: #21
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-05-2014, 10:23 AM
    Parent: #20

    شبكة الصحفيين السودانيين تنعى محجوب شريف

    ننعى للشعب السودانى كافة وطنيا وابنا بارا من ابناء الشعب السودانى مثله نادر فى هذا الزمان طبائعه من طبائع الانبياء والصالحين ..عاشق الوطن محجوب محمد شريف الشاعر المعروف والانسان السودانى الاصيل الذى كان مثالا للشخصية السودانية بكل سماتها الايجابية التى تعرف فى كافة المحافل
    رحم الله شاعرنا وابن السودان البار الرجل النقى من كل دنس دنيوى اخذ من اسمه كل شىء فهو محجوب من الاخطاء البائنة والشائنة طوال حياته وشريف فى كل خطوة وعمل قام به
    رحم الله محجوب شريف والجنة مثواه مع الصديقين والشهداء

    Post: #22
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-06-2014, 06:50 AM
    Parent: #21

    محجوب..السوداني (الكامل)





    04-05-2014 11:58 PM


    خالد عويس


    الشاعر السوداني الكبير، محجوب شريف، كان يمثل قيمة إبداعية ونضالية واجتماعية عظمى، فهو وطوال عقود انحاز بصرامة استثنائية إلى قيم يمكن القول إنها قيم محجوب شريف وحده. محجوب شريف المبدع جعل من المفردة اليومية العادية ولغة الجدات والمزارعين والرعاة وربات البيوت والعمال لغة تتنفس شعرا وتتلبس جمالا لا يضاهى. وهي إلى ذلك لا تهوّم في فضاء المعاني البسيطة، هي غنية ببساطتها الشعبية، ومشحونة لأقصى درجة بمبادئ لا تعرف التلون مطلقا.
    محجوب المبدع نسيج وحده ويمثل حالة خاصة جداً في الإبداع السوداني، الشعر عنده لا يتخلق ويمر بمراحل المخاض، هو كالماء والهواء، بسيط، سهل، ممتنع، عميق، وفيه موسيقى مدهشة، تحاكي الإيقاعات السودانية شديدة الطبيعية، ابنة الغابة والحقل والصحراء والحياة اليومية. محجوب في إبداعه العظيم لم يصعد بالنضال والثورة إلى أبراج عاجية، ولم يحصرهما في طبقات المثقفين والنخب المعارضة، فصانعة "الكِسرة" مناضلة عظيمة، والعامل الكادح، والموظفة، والطبيبة التي تواسي الناس، وربة المنزل، والمرضعة:

    (سلاما يا غزالات العمل والبيت
    ملاياتك ضفاف النيل
    أحب واديك .. هذا الحوش
    أحب الشاى مع القرقوش
    احب المستك الفواح
    اهيم فى غمرة النعناع
    بن ومدق وجمرة تسخن الايقاع
    سلاماً يا نساء الارض قاطبة فى كل مكان)

    وفي قصيدته هذه تكريم ما بعده تكريم للمرأة السودانية، بل ونساء الأرض جميعا، وهذا شأن ملحوظ في كل تجربة محجوب الفريدة.ومن بين كل مبدعي السودان، برز محجوب كشاعر حمل معه الشعر إلى كل بيت سوداني، جمالا وثورة وقيما جديدة ورفضا للقهر والتسلط:

    (بلى..وإنجلى
    حمد الله الف على السلامة
    انهد كتف المقصلة)
    و..(يا شعبا تسامى
    يا هذا الهمام
    تفج الدنيا ياما
    وتطلع من زحاما
    زي بدر التمام)
    و..(يا شعبا لهبك ثوريتك)

    وشعر محجوب شامل، لا ينحصر فقط في الثورة والنضال، بل يمتد ليحيط بكل تفاصيل الحياة اليومية، دون تكلف، ودون تعقيد، إنما بعمق تفسرّه رؤيته السودانوية المتجذرة، ونزوعه الدائم لأن يعبّر عن المزاج العام والشعبي، دون أن تلتصق به شبهة الشعبوية أو الشعوبية. ومحجوب فوق ذلك كله إنسان مكتمل شروط الإنسانية:

    (الإسم الكامل: إنسانْ
    الشعب الطيب: والدّي
    الشعب حبيبي وشريانيِ
    أداني بطاقة شخصية)

    وفي هذه القصيدة، (بطاقة شخصية)، كما الكثير من قصائده، يتغنى محجوب بشكل فريد للشعب السوداني، واصفاً إياه بـ(الوالد) و(الأب)، ومسبغاً عليه أسمى آيات التقديس والتبجيل والمحبة الخالصة، ورافعا إياه إلى مصاف لا يُدانى، بل وجاعلاً إياه المعلّم الأول، وهو في موقع التلميذ:

    (المهنة:
    بناضل وبتعلم..
    تلميذ فى مدرسة الشعبِ
    المدرسة..
    فاتحة على الشارع
    والشارع فاتح فى القلبِ
    والقلب..
    مساكن شعبيّة)

    ولا يستنكف محجوب من الجلوس – مهذباً ومتواضعاً – في حضرة وطن يراه بعيني محجوب شريف اللتين تبصران بالروح الشفافة والنبض الهائم:

    (بِحضرة جلالك.. يَطيبْ الجلوسْ
    مُهذّبْ أمامْ.. يكون الكلامْ
    لأنّك مُحَنّكْ.. عميق الدروسْ
    مجيد المهابة.. ومديدْ القوامْ)

    والإنسانية والمبادىء بشكل عام تأسران محجوباً إلى درجة التصوّف. فهو يسيل من مسامه شعراً في حضرة من يراهم مكتملي الإنسانية والوطنية، باكيا عليهم بدموع حرّى عند الرحيل، ثم يكون شعره بعدذاك أشبه بالصك الإنساني الوطني بحقهم:

    (يا كالنخلة هَامَة
    قامة واسْتقامة
    هيّبَة مع البسَاطة
    أصدقْ ما يكون)

    ويتعمق محجوب أكثر في معالجة الشؤون الإنسانية بالغة الخصوصية بدفق شعري وعاطفي جميل، يمزج فيه عواطفه الإنسانية بمفردات هي دائما طوع قريحته، ويبث قيماً إجتماعية جديدة حتى في الحب:

    (لّما عرفتك اخترتك سعيد البال..وختّ شبابى متيقن
    عليك آمال..لا جيتك قبيلة..ولا رجيتك مال
    ولا مسحور..ويوم ما كنت في عينىّ..أجمل من بنات الحور
    جيتك عاشق اتعّلم..من الأيام..ومن سأم الليالى البور)
    محجوب مثّل حالة شديدة الخصوصية في التجربة السودانية، لأن ملحمته الشعرية لم تنفصل عن ملحمته الحياتية والنضالية. فهو في جملة واحدة، كان عبارة عن مبادىء محجوب شريف تمشي على قدمي محجوب شريف. ها هو يخاطب أمه من داخل المعتقل، داعيا إياها إلى الصبر، ومستمطرا حنانها، ومعاهدا إياها بعدم العقوق لها وللوطن، وعلى عدم سرقة عرق السودانيين، وهي مبادىء ضمن مبادىء وقيم أخرى نذر محجوب شعره وحياته لها:

    (ياوالدة يا مريم ... يا عامرة حنية
    أنا عندي زيك كم ... يا طيبة النية
    بشتاق وما بندم ... اتصبري شوية
    يا والدة يا مريم
    ما ني الوليد العاق ... لا خنتّ لا سراق)

    ولكل هذا المزيج الفريد في شخصية محجوب، إنسانا وسودانيا وشاعرا ومناضلا، نال محبة ليست عادية وسط السودانيين، دفعتهم إلى التكفل بعلاجه في لندن، بعد مرضه نتيجة سنوات السجن في عهد الجنرال البشير. وحين عاد محجوب إلى السودان، قرر إطلاق مبادرة إنسانية أطلق عليها اسم (رد الجميل) كعرفان منه للشعب السوداني. ولهذا كله، فإن محجوب يظل في نظر نسبة عظيمة من السودانيين (سودانيا كاملا) يتمثل القيم السودانية في أقاصي نبلها وبساطتها وصرامتها القيمية والأخلاقية.

    ------------

    Post: #23
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-06-2014, 09:52 AM
    Parent: #22



    ------

    الشعب ينعي شاعر الشعب محجوب شريف
    Sunday, April 6th, 2014
    أجمعت القوي السياسية والاجتماعية والمهنية بالبلاد قاطبة ومن كافة أنحاء المعمورة،وعبرت عن حزنها العميق لوفاة شاعر الشعب وشريانه الذي يتنفس به في ظلام الدكتاتوريات وليل الظلم الحالك البهيم ،فقد أجمعوا علي أن الفقد واحد والمصاب جلل لكل ثائرحر أبي لا يرضي الظلم أني كان مصدره ،هنا رصدت (الميدان) في هذه الصفحات بعضا من برقيات التعازي في وفاة شاعر شعبنا العظيم :

    رصد:أسامة حسن عبدالحي

    الإمام الصادق المهدي :-

    توفى محجوب شريف الشاعر السوداني الذي استحق بجدارة أن يلقب بشاعر الشعب لأنه استطاع أن يعبر عن الوجدان السوداني بصدق وإخلاص وبعبارات رشيقة محملة بمعاني عميقة ومزينة بأنغام مطربة.


    الجبهة الوطنية العريضة :-

    اهتز عرش الوطنية وزُلزلت ارض النضال برحيل الانسان العملاق شاعر الشعب محجوب شريف في هذا اليوم الثاني من ابريل 2014. كان هو المعبر الصادق لوجدان الشعب يُعبر عن الامه وطموحاته واشواقه. ان الجبهة الوطنيه العريضة وهي تُثمن نضال ابطال الامه تنعي لشعبنا هذا الشاعر الوطني العملاق وتسأل الله لزوجه وابنتيه ولاسرته ولقبيلة المناضلين الممتده الصبر والسلوان.

    الجبهة السودانية للتغيير :-

    بمزيد من الحزن والأسى تنعي الجبهة السودانية للتغيير للأمة السودانية قاطبة شاعر الشعب ونصير الضعفاء والغلابة الأستاذ/ محجوب شريف الذي وافته المنية ظهر الثاني من أبريل and#1634;and#1632;and#1633;and#1636;م، بعد صراع مرير مع المرض. ونحن إذ ننعاه إنما ننعي فيه نضاله من أجل حياة الحرية والكرامة والمساواة ومقاومته دون هوادة للأنظمة الدكتاوتورية والشمولية الذي دفع ثمنها سجنا وتشردا ومعاناة، وإنحيازه لقضايا شعبه ودفاعه عنها حتى آخر لحظة من حياته التي عاشها من أجل نصرة المحرومين والمظلومين والبؤساء.



    الحزب الإتحادى الديمقراطى بالولايات المتحدة الأمريكية:-

    محجوب شريف .. اليوم تنام قوافيك ويسترح ويرقد رأسك .. فلتنم هادئاً قرير العين .. أديت الرسالة.

    ننعى للشعب السودانى شاعر الشعب محجوب شريف، فى مسيرته الطويلة العطرة، تكبد بصبر وشجاعة ظلام السجون وقهر المعتقلات، وظل وفياً لقضايا شعبه. ستظل كلماته خالدة، ولن تضيع مطالبه وأحلامه للوطن سدىً، لن يخذله الشعب وسيحققها من بعده.

    الجبهة الوطنية السودانية :-

    تنعى الجبهة الوطنية السودانية شاعر الشعب محجوب شريف. كلماته كانت نبضاً للشارع، تحمل فى سبيلها الإعتقالات والسجون، لم تلن له قناة. كانت أنفاسه الواعية الثائرة تزفر وتزأر دوماً معبرة عن هموم الغلابة والوطن. الأجيال لن تنس أشعاره، كلماته شموعاً مضيئة تنير الطريق لهم وتلهبهم حماسأ لإحداث التغيير لغد جميل، وتحقيق حلمه وحلمهم.

    حركة العدل والمساواة :-

    ينعي رئيس حركة العدل والمساواة السودانية والقيادة التنفيذية والتشريعية للحركة شاعر الثورة المناضل الكبير الاستاذ / محجوب شريف الذي وافته المنية اليوم الأربعاء الموافق 02/04/2014 بعد صراع طويل مع المرض، حركة العدل والمساواة إذ تنعي الشاعر الكبير الذي أنشد بشعره طلاب الحرية والديمقراطية والعيش الكريم إنما تنعي رقما في الفن والأدب والأخلاق والتمسك بالقيم الفاضلة، اذ ان الاستاذ محجوب شريف عاش من اجل القيم والمبادئ التي امن بها وتوفاه الله وهو في عهده لم يتزحزح قيد أنملة من مواقفه تجاه محاربة الدكتاتوريات.

    حركة/جيش تحرير السودان :-

    بمزيد من الحزن والأسى تنعى حركة/جيش تحرير السودان بقيادة الأستاذ/ عبد الواحد محمد أحمد النور للشعب السودانى قاطبة شاعر الشعب ونصير المحرومين , الأستاذ الشاعر الملهم/ محجوب شريف , الذى وافته المنية ظهر اليوم الأربعاء الموافق 2 أبريل 2014م , ونحن إذ ننعاه إنما ننعى فيه وطنيته المتجردة و دماثة خلقه , ومواقفه البطولية المشرفة , ومقاومته لكافة أشكال الديكتاتوريات عبر الكلمة المموسقة المعبرة , ووقوفه دوماً وأبداً فى خط الشعب والغلابة والمسحوقين والمحرومين. إن محجوب شريف وأمثاله لا يموتون بل سيظل شمعة تضىء لنا دياجر الطريق ونهتدى بنورها حتى نتلمس خطى الخلاص لشعبنا الأبى المقدام.



    .

    الحركة الاتحادية :

    ينعى المكتب الإعلامي للحركة الاتحادية فقيد الوطن محجوب شريف الذى وافته المنية اليوم 2بريل وبفقده فقد الوطن احد أعمدة النضال الصامدة ،فقدنا محجوب الذى ظل حتى لحظات حياته الأخيرة يعطى الشعب السودانًى الأمل فى بناء وطن حدادى مدادي الذى يحلم به ،ظل وسيظل محجوب رمزا للنضال لكل ألقوى المسحوقة من الفقراء والمعدمين بل لكل الشباب ، الذى ظل يواجه يوميا بصدور عارية وعزبمة and#65275; تفتر بطش النظام الظلامى الدكتاتوري الفاسد .نعم سيظل محجوب حيا ورمزا فى نفوس كل المناضلين الشرفاء مع كل الشعراء والمبدعين الذين وثقوا لنضال شعبنا وفى مقدمتهم رفيق دربه محمد الحسن حميد لان ما تركوه من تراث لايموت .

    حركة تغيير السودان :-

    تنعي وتعزي حركة تغيير السودان في فقدان الاستاذ العملاق شاعر الثورة السودانية الاول ، والشاعر المحبوب للشعب السودان بكل احزابه وطوائفه واعراقه ،شاعر الغبش والغلابه الاستاذ/محجوب شريف.ونعزي اسرته واقاربه وزملائه واصدقائه ،ونعزي انفسنا ونعز كل الشعب في فقد الشاعر الثائر شاعر الغلابه والفقراء والمهمشين في فقيد الامة الاستاذ /محجوب شريف.

    الهيئة النقابية للأطباء السودانيين بالمملكة المتحدة وايرلندا:-

    تنعي الهيئة النقابية للأطباء السودانيين بالمملكة المتحدة وايرلندا شاعر الشعب السوداني وضميره الحي الاستاذ محجوب شريف الذي وافته المنية يوم امس الأربعاء and#1634;/and#1636;/and#1634;and#1632;and#1633;and#1636;.

    برحيله فقد شعبنا رمزاً للنضال ضد الديكتاتورية أمضى حياته منافحاً عن حقوق الغلابة والكادحين. وداعاً يا فارس الكلمة وأحر التعازي لأسرتك ومحبيك داخل وخارج وطننا العزيز.

    جمعية المُـقشاشة الفكرية الثقافية:-

    فُجع الشعب السوداني برحيل شاعر الشعب (محجوب شريف)، الأربعاء الموافق 2/ ابريل/2014م. بالغ الحزن والأسى تنعيه جمعية المُـقشاشة الفكرية الثقافية إلي جماهير الشعب السوداني قاطبة، رحل (محجوب)، لكنه خالد خلود الوطن الذي أحبه بكل تفاصيله (غابته وصحراءه)، فمثله لا يموتون وهل يموت الحب؟، وهل يفني المعشوق الذي هو الوطن!؟.


    ما ماتَ من غنى لهذا البحرْ … لهذا الطيرْ … لطين الأرضْ … لبارقة الأحاسيس الفجائية، لأكوامٍ من الآمالِ تنشدُ خريفاً للهوى واقعْ، ثمّ يرتبكْ الخيال.

    حركة حق :-

    بمزيد من الأسّى والحُزن تنعِي حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) للشعب السوداني وللإنسانية جمعاء رحيل شاعر الشعب وشريانه النازف الشاعر الكبير والمناضل الفذ الأستاذ محجوب شريف والذي أعلنت وفاته نهار اليوم 2 أبريل في مدينة أم درمان بعد صراعٍ طويل مع المرض .اليوم ينضم محجوب شريف الى كوكبة من عشرات ألوف الشهداء من المناضلين والشعراء والفنانين الذين جمعهم حبهم للسودان ، ان خسارة الشعب السوداني لا تعوض .
    Sunday, April 6th, 2014


    بقلم/ عصام محمد أحمد



    (1)

    من قال أن المستحيلات ثلاث، أنت المستحيل، غولٌ أرتعبت منك الطغاة، فينيق خرجتُ من رمادِ النارِ، خلٌ وفيّ لكل المستضعفين إلى مدى الحياة، من نعاك وقال إنك رحلتْ بائسا وطّنْ البومَ في الخرائبِ.. يا صديقي…. لن أكتب شاهداً على قبرك، لأنك أنت الشاهد.

    (2)

    يا شجرة يا زهرة يا غمامة يا ضل نيمة يا راكوبة يا ست شاي يا سلام يا محبة يا عدل يا ديمقراطية يا إنسان يا قلم يا كراس في يد طفل يا مدرسة يا مستشفى أأأأأأأأأأأأأأأخ يا طلقة ليه يا رصاصة ليه يا دبابة ليه.. يا شايل تبيع الموية ليه وعندنا نيل يا نضيف يا وطن كبير كبير كبير أحبك أحبك لو بيدي أبني هرماً على قبرك واسمك.

    (3)

    من دانية الكروم من كرمٍ من كريم من كرامة عتّقكَ فخار كرمة. الحُفاة العُراء رُعاة الشاة (الكادحون العائدون من المصانع والحقول. دنوا من دنِّكَ يشربون وملئوا الطريق يا رفيق يهتفون نحن الشباب العائدون أودعنا جسدك إلى السماء نجماً شمساً تكون).
    Sunday, April 6th, 2014
    (محجوب شريف) بقلم /خضر حسين (1) في كلمته الصادقة والمعبرة في تأبين الأستاذ محجوب شريف قال الدكتور عبد القادر الرفاعي إنابةً عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني أن محجوب شريف أغلق باب العمر وراءه ومضي . كنت حينها أقف الي جانب نفر من الأصدقاء وجميعنا غارقين بل منشدهين في هذا الرحيل السريع لقيثارة الشعر وشاعر الشعب محجوب شريف . فكيف لمحجوب أن يغلق باب العمر وراءه ويمضي ؟ ولئن كان للإنسانية أن تحتفي بفضائل كنفشيوس كمصلح إجتماعي والمهاتما غاندي كزعيم وطني وثبات مانديلا ونيرودا ونكروما كإفريقي حر وجيفارا كثائرٍ عظيم قضي نحبه في تمام زخات رصاص الرأسمالية فلشعب السودان أن يفخر بإبن كدحه ونضاله وعرق جبينه محجوب شريف .

    إنني إذ أقول الآن أن محجوباً لم يغلق باب العمر وراءه بقدر ما فتح نفاجاً جديداً ومنتقلاً من حياةٍ عاشها بصدق وثبات لخلودٍ يشبه روحه التواقة لاكتشاف العوالم والفضاءات . كقطار سريع عبر الرجل تاركاً خلفه دموع الثكالي وأحزاناً شاهقات . مضي الرجل الفكرة ودود الابتسامة … المبادر … المغامر … المحب حقاً وحقيقة لشعبه … صدقاً لا تملقاً … فعلاً لا قولاً … مضي المحبوب . حاضر الذهن … متقد الذاكرة … نبيه الفكرة … صائد الأفكار الجميلة والجريئة . (2) ماركسياً بغير ما تكلف وشيوعياً سودانياً صرفاً و لكأنه ما قرأ من مخطوطات الحزب سوي قضايا الثورة السودانية بوجهها المشرق . الشعبي .. المعتق في التفاصيل الصغيرة … كان كلوحةٍ شعبية أجتمع السودانيين في تشكيلها كان وجهاً طيباً وضع نفسه بسلوكه القائد كأجمل شامةٍ في وجوه السودانيين و ) في وش الزمان إكليل) . عاش حياته بصدق يحسده عليه الحياة وبثبات قل أن نجده في الثبات وبصبر يفوق ما تناقلته سير الصابرين . ظل وعلي الدوام كما الفلاحين لا يكل الزرع في تربةٍ لم يتزعزع إيمانه أنها ستنبت ذات يوم . بيقين وبجلد ناسياً معاناته الشخصيه وواضعاً آمال وتطلعات شعبه كنشك لطالما أجاد التصويب نحوها . أقول أن الأوطان لو كان لها أن تشهد ببر أبنائها لهتف هذا السودان من نمولي الي حلفا ومن طوكر الي الجنينة بأن محجوب لم يكن مجرد ابن بارٍ وحسب بل أن الرجل بصدقه وتماهيه تحول لوطن إسمه السودان ، مشكلاً من جلبابه ناصع البياض وعمامته الطيبة أجمل علم يمشي بين الناس . ولمثله تنكس الأعلام ولمثل محجوب يُدقُ النحاس ولمثل محجوب تدخل الإنسانية بيت الحبس . (3) في حي الشهداء وفي الجانب الشمالي من السوق وعلي بعد خطوات من جلبة الباعة المتجولين والكومسنجية قضي محجوب آخر أيام حياته . كان نهاراً شاحباً من نهارات الخرطوم . كان محجوب ممدداً يوضوح عباراته غازلته وودت لو أقول له ياخينا هووووووي . ياخينا هوووووي . غير أنه كان قد أغلق أذنيه مكتفياً بهتاف الشارع . الثابت أن العظماء يمضون هكذا يقولون ما بوسعهم ثم يرقدون بذات الطمأنينة التي مثلت الرجل وليس في إمكان كائنٍ من كان أن يقول بغم . الآن نحن أمام حضرة الموت أيها الإنسان الموت وهو يغزو السودان بقضه وقضيضه . بتاريخه .. ابريله ومارس صموده …. الآن نحن أمام حضرة الموت يا محجوب شريف الموت شخصياً يا صديقي وابي وحبيبي . شجاعاً واجهت الموت ومن تحت كمامات الأوكسجين قلت لشعبك ولأميرتك ولحميد (الناس المهمومين) ما وددت أن تقوله . وصلت رسائلك يا صديقي العزيز وصلت يابا . قرأها اليوم عنك القدال (ثلاث رسائل) زي السم … لأميرة الجزولي ولحميد قاسم أمين وأولاً وليس أخيراً للشعب السوداني . و (فخراً للشعب السوداني والطبقة العاملة الثورية( إنني أحس في هذه اللحظة بالتحديد أننا أكثر حوجة لك إني أراهن يا محجوب أنك لو سمعت ما قاله صديق عمرك عبد القادر الرفاعي عنك لنفضت عنك كفنك وأتيت مهرولاً متأبطاً جديد شعرك الذي لم يكن لينضب لكنه الموت يا صديقي . (4) ضحكت يا محجوب وأنا أري ضخامة الحضور والله العظيم يا زميل (نظمنا ليك تشييع ما حصل كلو كلو) حملك المتعبون والفقاري والناس (الذين هم لا يملكون) حملوك وحناجرهم تشق سماوات الوطن حملوك وتناسوا رهق (الحياة اليوماتي ما بين الصعب والسهل) . لكن كيف يا محجوب أن لا نحملك أن لا نحيل رحيلك لاحتفال شعبي دامع وأنت عارف الناس بحبوك قدر شنو . هتفنا يا رجل ماك الوليد العاق لا خنت لا سراق وأنت كذلك . هتفنا يا صديقي العزيز شريف شريف محجوب شريف وأنت الذي يتشرف الشرف بانتمائه إليك . هتفنا يا رجل عاش كفاح الطبقة العاملة … عاش نضال الحزب الشيوعي السوداني وأنت من يا محجوب سوي وجه صادق خرج للحياة فتزين به الوطن قبل أن تنصب نفسك كأجمل شيوعي في العالم . أدري يا محجوب أنك تكره أن نمجدك … لكن ماذا عساي إذن أعفي لي يا زميل ودعني أردد خلفك : المجد للشعب الذي علمنا … وإتكلمنا …. وإحتجينا …. وإتظلمنا الدرجنا ما دفرنا القربنا ما نفرنا الربانا ما كفرنا والفرهدنا بين أنفاسو نقدل في دروبو نصاح المجد لك الحب لك الخلد لك ويلا ( نسد فرقتوا ) . إذن فالتقرع الأجراس مريم حضري الكراس أميرة ومي تعالن جاي نغني لآخر الأنفاس نغني لآخر المشوار
    محجوب شريف :
    Sunday, April 6th, 2014


    ما كنت الوليد العاق …, لا خنت لا سراق

    ما كنت الاناني البطيني … و لا كنت عابد الشهوات

    كنت حد السيف … فيما يخص قضية الشعب

    كنت الفارس المقدام …. في ساحات النضال

    منو القدرك منو الزيك

    بقلم / حسين الزبير


    محجوب شريف كان من ذاك النوع النادر من الرجال، الذين يشار لهم في التراث النوبي بانهم يبحثون عن العورات و يغطونها، و العورة هنا الحاجة و قلة الحيلة. و الذي يكتسب هذه الصفة تكتمل عنده كل صفات الخير و الاقدام و الشهامة. تعالوا نبحث في شعره عن صفاته العظيمة.


    (1) محجوب الانسان

    كتبت مقالا في العام الماضي بعنوان “الانسان الانسان” قلت فيه:


    ” لذا فان فكرة الانسان الانسان، و الانسان الحيوان ليست شريحتين، بل هي نقطتين علي خط متصل (Continuum) ، في اقصي نقطة علي هذا الخط علي اليمين اعلي درجات الصفة الموجبة ، اي الانسان الانسان الكامل. و علي الجانب الآخر في اقصي درجات الصفة السالبة الانسان الحيوان الكامل. الا انني رغم تعاملي مع البشر خلال عمري الطويل، لم اقابل شخصا يمثل الانسان الحيوان الكامل، و لكن استطيع ان اشير الي شخص سوداني بلغ درجة الكمال في صفة الانسان الانسان، الا و هو الزعيم الراحل الاستاذ محمد ابراهيم نقد ، الذي لغي قطعة الجبنة من حياته ، و ظل يصارع الشرك الذي صنعه الانسان لظلم اخيه الانسان لآخر يوم في حياته ، من اجل رفاهية غالبية الشعب السوداني و نماء المجتمع.”


    يومها لم اذكر شاعر الشعب ، آملا ان لا ياتي يوم شكره قريبا ، و لكن اليوم و بالفم المليان اقول ان محجوب شريف ، انسان انسان آخر في حديقة اليسار “لغي قطعة الجبنة من حياته ، و ظل يصارع الشرك الذي صنعه الانسان لظلم اخيه الانسان لآخر يوم في حياته ، من اجل رفاهية غالبية الشعب السوداني و نماء المجتمع.” و اليوم و قدجاء يوم شكره تعالوا نبحث عن الانسان في شعره . الصور التي تاتي في خاطر الانسان هي الصور التي يكون مهموما بها ، يفكر فيها باستمرار، و عندما يكون الا نسان مبدعا تأتي هذه الصور ابداعا بديعا، ان كان شعرا او لوحة او مسرحية. تأملوا هذه الصورة:



    بين العمل والبيت
    فصّد جبينها عرق..

    أم اليتامى بكت
    لمن حسابها فرق
    ماهية تمشي السوق
    مركب مصيرها غرق
    حق اللبن والزيت
    الكسرة والكراس
    هم في عيونها برق
    الما بحس ما بهم
    والخان همومو سرق
    هذا المرتب تب
    ما بسدها الفرقة..

    القعدة في المكتب
    والإمضا في الورقة
    العبرة في الخبرة
    الأيدي لو تعمل
    جرح الزمن ببرا
    اتباصرت مكنة
    ماكوكها يتقدّل
    بين خيطها والإبرة
    زي ما القلب ساساق
    الخطوة ساساقة
    وعيونها منتبهة
    تباري زقزاقها
    لا شك ولا شبهة
    والسترة أشواقها
    والشفع القصر
    والدمعة رقراقة
    يا حليل شريك العمر
    الدنيا فراقة
    اتيقنت أحسن
    من تبقى نقناقة



    انسان مهموم بالفقراء و المساكين ، يعتز باعتزازهم بكرامتهم، و جهدهم المضني في سبيل العزة و السترة. انظروا لهذه الصورة الرائعة:

    تدّي الولاد بصة
    وتجرب القصة
    وتقلّب الحلة
    جاهز عمل بكرة
    أسأل تقاريرها
    السرية والسمعة
    هل ركلست يوماً
    حتى ولو جمعة
    مشكورة في المكتب
    مستورة في الحِلة
    رغم الشجن هبت
    لم تعرف الذلة
    ما فارقت سرباً
    تتفهم الموقف
    تستدرك العلة


    (2) محجوب المحب لوطنه

    لا اعرف شاعرا احب وطنه بالصورة التي احب بها محجوب شريف وطنه و شعبه، و هو الذي عرف نفسه ببطاقة شخصية لا لبس فيها و لا غموض فهو انسان ينتمي للشعب و الوطن:


    الاسم الكامل
    انسان
    الشعب الطيب والدي
    الشعب حبيبي وشرياني
    اداني بطاقة شخصية
    من غيرو الدنيا وقبالو
    قدامي جزائر وهمية
    لا لون
    لا طعم
    لا ريحة
    وايام مطفية مصابيحها
    زي نجمة بعيدة ومنسية


    المهنة :

    بناضل وبتعلم…

    تلميذ في مدرسة الشعب
    المدرسة..

    فاتحة علي الشارع
    والشارع فاتح علي القلب
    والقلب مساكن شعبية



    و في عام 1971 ، يوم اقالة بابكر النور و هاشم العطا و فاروق حمد الله، كان اول مرة اشاهد فيه شاعر الشعب ، اعتلي المنصة في جامعة الخرطوم و قال ” السلام عليكم يا ملاذ شعبي عند الملمات” و انشد لحبيبه الشعب:


    هلا هلا يا شعبنا هلا هلا

    يا والدنا … يا سيدنا

    يا سيادة يا ارادة يا قيادة

    البتعرف لالا مكانها وين و مكان نعم

    ليك انتمي و بيك احتمي

    و المستحيل رد الجميل

    يا ابو الحسب يا ابو النسب

    يا شعبي يا قاسي الغضب


    و ظل عبر مسيرته الطوية الحافلة ، بالمواقف المضيئة و النضال الجسور ، يعبر شعرا عن عظمة الوطن و حبه للشعب. اقرأ هذه الابيات و انظر ماذا يعني له الشعب ، و انظر كيف يفرق بين الانسان الانسان و الانسان الحيوان ، عابد الشهوات ، اي قابيل:


    يا شعبنا
    يا والداً أحبنا
    يا من وهبت قلبنا
    ثباتك الأصيلا


    إليك هذه الرسالة القصيرة الطويلة
    إليك من زنزانة تخاصم الفصولا
    إليك رغم أنف كل بندقية
    وطعنة شقية
    وحقد بربرية
    إليك الحب والسلام والتحية
    إليك يا حبيبنا وبعد
    أدبتنا
    أحسنت يا أبي
    فلم نتابع الهوى
    لكنما قابيل ما أرعوى
    كالذئب في حظيرة عوى
    وكم غوى
    وتابع الهوى
    وتاه في الأنا
    أراد للدماء أن تسيلا


    ونحن مثلما عرفت يا أبي
    بفضلك الكريم
    من أشرس الرجال حينما نقاوم
    نموت لا نساوم
    ندوس كل ظالم
    ونفتح الصدور للمدافع الثقيلة
    ومن هنا
    أبناؤك الرفاق أقسموا
    فصيلة فصيلة
    أن يثأروا لحرمة الأمومة الجليلة
    لطفلة جميلة
    تنفست قليلا
    تمددت قتيله
    رصاصة في قلبها
    وطعنة في جنبها
    ولم تعش طويلا


    لكنما
    مليون مثلها سينجبوا
    النضال يا أبي حقيقة


    وأجمل الأطفال قادمون ساعة فساعة
    عيونهم أشد من عيوننا بريقاً
    صدورهم بما وهبت أكثر اتساعا
    سيوفهم تزيد من سيوفك الطوال طولا



    و كانت تلك سيرته حتي يوم الاثنين 31 مارس ، يوم احس بدنو اجله، و ترك وصيته للمخلصين من ابناء الوطن ، و قال لهم : بل متجدد تنهض تاني:


    من وجداني
    صحة وعافية
    لكل الشعب السوداني
    القاصي هناك والداني


    شكرا للأرض الجابتني
    والدرب الليكم وداني
    يا طارف وتالد
    يا والد


    النيل الخالد شرفني
    واحد من نسلك عداني


    انت الأول وما بتحول
    وتب ما عندي كلام بتأول
    انت الأول


    وكل العالم بعدك تاني
    يا متعدد وما متشدد
    ما متردد … ما متردد
    ملئ جفوني بنوم متأكد
    بل متجدد … تنهض تاني



    اما جسارته في النضال و مقاومة الظلم و الظالمين ، فذاك في التاريخ مدون ، و لا يحتاج لشرح.


    (3) الموت عزال


    كلمات يرددها اهلنا كلما اختطف الموت عزيزا لدينا، و العزيز يكون عزيزا لاسرة ، او لاصدقاء ، فما بالكم عندما يكون العزيز هو عزيز الشعب السوداني كله ، نصير اليتامي و الغلابا!! لكن لا نقول الا ما يرضي الله، لا حول و لا قوة الا بالله ، هنيئا للذين سبقوك الي دار البقاء بمقدمك ، و القائمة طويلة ، لكني ساقصرها علي من سبقوك من حديقة اليسار بعد “نكسة” نيفاشا: التيجاني الطيب ، محمد ابراهيم نقد ، محمد سالم حميد ، سعاد ابراهيم احمد ، و الكابتن محمد علي صديقك و توأم روحي.


    رب لا نسأل رد القضاء و لكنا نسألك اللطف فيه لشعب السودان قاطبة ، و لاسرة الفقيد بصفة خاصة. و نسألك يا ارحم الراحمين ان تتقبله عندك مع الصديقين و الشهداء و حسن اؤلئك رفيقا.


    و آخر دعوانا ان الحمد لله رب اللعالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الخلق و المرسلين.
    في حضرة محجوب شريف:
    Sunday, April 6th, 2014
    يابا مع السلامة

    سلاماً يا وطن بحلم.. أشوفك يا وطن آمن

    الحزب الشيوعي: لم يعرف المساومة يوماً فأصبح رمزاً للبطولة والفداء

    رصد – الميدان

    الزمان الخميس الثالث من أبريل 2014 ، والمكان ذاك الميدان الكائن أمام منزل حبيب الشعب وشاعره محجوب شريف، والذي غص بالناس من كل فج عميق، جاءوا حتى يشاركوا في تأبين من أسموه( النقاء يمشي على قدمين) في وقت مبكر كان الناس في سرادق العزاء، الذين باتوا ليلة الأربعاء حين شيِّع شاعر الشعب في موكب مهيب من منزله بالثورة الحارة21 إلى مقابر أحمد شرفي، أو الذين جاءوا منذ الصباح الباكر، وقضوا نهارهم فيه بانتظار بدء مراسم التأبين.

    كل أصناف الشعب السوداني كانت هنالك، سياسيون من مختلف القوى، فنانون، شعراء، عمال وزراع، وكادحون وشباب وبنات ونساء وكهول. فقد كان الراحل محجوب نبض الشعب، وكان ولا زال شعره يعبر عن وجدان الشعب فأحبه الشعب، وبمثلما كانت كلماته زاداً ومعيناً للثورة والثوار، كان فقده مؤلماً وحزيناً، عبر عنه الآلاف بالنشيج والدموع التي تنزل في صمت، وتهدج من صعدوا إلى المنصة للحديث عن محجوب شريف، ومع ذلك كان الكل يتماسك، من تماسك محجوب وصموده في وجه العسكر لعشرات السنين، ومن احتمال المرض والألم بشكل أسطوري.

    من بعد ظهر ذاك الخميس، كانت لافتات الوداع قد نصبت، التشكيليون الديمقراطيون وياشعباً لهبت ثوريتك، والحزب الشيوعي .. يا موت لو تركتو.. مننا قد سرقتو.. والزملاء الشيوعيون بالمهدية والثورات وداعاً شاعر الشعب، ومنظمة رد الجميل.. سلاماً يا وطن بحلم.. أشوفك يا وطن آمن .. معاك إنتظاري ولو بالكفاف، واتحاد الشباب السوداني .. ما كان رحيلك غير دليل.. للجاي ماسك سكتك، وحزب الأمة القومي .. ترحل يا حبيبي من باب الحياة لي باب المنون، والاتحاد النسائي.. تحيي تعيشي لا مقهورة.. وجمعية غادة الثقافية يابا مع السلامة.

    اللجنة المنظمة كانت مجتمعة ترتب للبرنامج، ووفود المعزين تتقاطر للسرادق، الزملاء باللجنة المركزية للحزب الشيوعي وبعطبرة الحديد والنار وبورتسودان والجزيرة وروابط دارفور، والجبهة الديمقراطية والمؤتمر الشعبي، والأمة القومي والإصلاح غازي وسفير جنوب السودان ومندوب أزرق طيبة وشرحبيل أحمد وطارق الأمين واسحق الحلنقي وأبوعركي وعادل مسلم ومحمد طه القدال ومسرحيون ممثلون وصحفيون محمد لطيف وضياء البلال وعادل الباز وغيرهم وغيرهم. الشباب في فروع الحزب بالجامعات والجبهة الديمقراطية رتبوا المكان وصنعوا المنصة، ولم يبق إلا بداية البرنامج بعد مغرب الشمس، وقد كانت البداية بطابور الطلاب الذي يرتدي شعار الحزب الشيوعي بصورة محجوب شريف، وهو يطوف على الحضور ويغني أناشيد محجوب شريف عشة كلمينا. ميري ذكرينا .. للشمس حتمشي مبارنك .. ويا والدة يا مريم ، كانوا يقولون لمحجوب الغائب بجسده أنك باقٍ طالما بقيت الكلمات وطالما بقى النضال.

    افتتح التأبين في الثامنة مساءاً بكلمات صادقات من الشاعر أزهري محمد علي والذي قال : إن محجوباً لم تغتاله رصاصة، ولكن اغتالته آلاف الرصاصات التي اغتالت الشهداء، وإن المحجوب مات مهموماً بالإنسان وأنه مشى في الناس بكل الخير بإنسانية منفتحة على الآخر، ولم يكن شاعراً متعالياً، بل انفعل بمشاكل الناس واحتياجاتهم، وأضاف أن الراحل ألغي المسافة تماماً بين قوله وفعله، وأنه كان أكثرنا عدلاً وزهداً وحباً.. وتليت على الحضور آيات من القرآن والإنجيل، ثم قدم الدكتور عبد القادر الرفاعي كلمة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني التي حيت أسرة الزميل الشاعر محجوب شريف والحضور، وأضاف أن محجوب سيظل باقياً في حياتنا وحياة كل السودانيين، وأنه لم يمت، لكنه انتقل إلى الضفة الأخرى وهو يسمعنا.. وسنظل نردد ما كان يقوله يا شعباً تسامى يا هذا الهمام، ووصف الزميل الراحل بنصير الفقراء والكادحين والمحتاجين، مشيراً إلى أنه كان صافياً كالبلور وعنواناً للطيبة والتسامح وأنه لم يعرف المساومة يوماً فأصبح رمزاً للبطولة والفداء.

    الإمام الصادق المهدي قال:( مشهد زي دا في غير السودان مستحيل) وأضاف في كلمته عن الراحل محجوب شريف: أن أهل السودان بكافة اتجاهاتهم جاءوا يقولون وداعاً لشاعرٍ أحبوه، وكان يعبر عن ضمائرهم جميعاً ، مشيراً للمعاني التي جسدها محجوب شريف ومضيفاً أن أمثال محجوب من ذوي العطاء لا يفنيهم الموت .. قد مات قوم وما ماتت فضائلهم .. وعاش قوم وهم في الناس أموات .. وذكر عدداً من المعاني السامية التي جسدها محجوب ومنها الإنسانية والإصلاح الاجتماعي وانفتاح الصدر ونصرة المستضعفين خاصة المرأة، ووصف محجوب بأنه ترجمان الوجدان السوداني في كبواته وصحواته ، واختتم كلمته بالقول: إن ما تركه محجوب من شعر ومعاني سيكون زاداً لهذا الشعب حتى يقيم نظاماً فيه السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل والعدالة الاجتماعية الناجزة. فَعْلتْ الهتافات: حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب، وتغنى الشباب بعشة كلمينا ميري ذكرينا لدى تقديم فاروق جاتكوث من الجنوب، والذي قال في كلمته أنه ترك وراءه في جوبا مأساة جنوب السودان وأتي ليشارك في مأساة أكبر هي رحيل الشاعر والصديق محجوب شريف ، وذكر أن محجوب هو الأخ الذي لم تلده أمه، مضيفاً تعلمنا في مدرسته حب النضال والناس، وأنه كان يحمل الوطن طيلة حياته فهو محجوب وهو شريف وهو صارع الديكتاتورية بالكلمة التي وصفها بالرصاصة في صدر الظالمين، وقال إن التحدي الماثل هو مواصلة مدرسة محجوب.

    إبراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني ، قال في بداية كلمته:( كلنا محجوب شريف ) معزياً أسرة الراحل الصغيرة والحزب الشيوعي ، ووصف محجوب بأنه أكبر وأبقى من كل الكلمات، وأنه الوطن يمشي على قدمين.. مضيفاً محجوب لم يساوم أو يذل وهو الذي أعطى ولم يستبق شيئاً، وأنه أنزل الديمقراطية والحرية من علياء المصطلحات وجعلها واقعاً يمشي بين الناس.

    الشاعر محمد طه القدال، الصديق وتوأم روح الراحل محجوب قرأ أشعاراً كتبها، في حق صديقه محجوب، لا السجون هدت مقامك.. لا الزنازين والخناجر.. يا فصول فاتحة وتعلم حب وطن ممكون وصابر. ثم تلا على الحضور آخر ثلاث قصائد كتبها محجوب وهو تحت كمامة الأوكسجين( ننشرها في غير هذا المكان).

    جمعة كندة رد علي تقديم المنصة له باعتباره صديق أسرة محجوب بالقول أن محجوب كان أباه وأنه أخ مريم ومي وخال حميد الصغير وأنه ابن أميرة الجزولي وأنه يعتبر نفسه فرداً من الأسرة، ووصف محجوب بأنه عاش للقيم التي آمن بها ، الشرف والعفة والحرية، وأضاف أن فجر الحرية لا محالة آت.

    ثم صعد إلى المنصة ساطع الحاج رئيس الحزب الناصري قائلاً: إن الراحل محجوب كان يمثل كل السودان وحنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي، ممثل حزب التحالف فاروق ذكر أن محجوب يعيش في وجدان كل سوداني .

    (تساسق يابا في الوجدان) كانت كلمات قالها طارق الأمين في مناسبة التأبين، وقالت مبادرة لا لقهر النساء على لسان زينب بدر الدين: إن محجوب دخل كل بيت زي شعاع الشمس، وألقت عديلة الزيبق كلمة الاتحاد النسائي قائلة: إن مدرسة محجوب شريف تخطت كل الأسوار. يحي الحسين عن حزب البعث قال عن محجوب أنه كان قدوة مشرفة للشعب واليسار والثوار . ومن تلامذة محجوب قالت سارة عن محجوب: دا الهاش الباش الطبعو وليف.

    مريم ومي وقفتا في ختام التأبين، وارتعاشات الأيادي لا تخفي حزنهما الدفين.. أموت لا أخاف .. كيفما يختار لي مصيري، قدر ما أخاف أن يموت لحظة ضميري، قالتا إن قصائده لكل الناس دون تمييز، وأنه أب ومعلم وصديق، وأن رد الجميل هو علاقة جميلة لا تتوقف مع توقف القلب.

    نمْ يا محجوب هانئا بأعمالك وشعبك، واختتم التأبين عبد اللطيف عبد الغني بالشعب حبيبي وشرياني وروح محجوب تحلق فوق الجميع وتبقي أعماله خالدة خلود الدهر.


    الميدان

    Post: #24
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: المكاشفي الخضر الطاهر
    Date: 04-06-2014, 10:17 AM
    Parent: #1

    اللهم اغفر له وارحمه يارب
    قدم للوطن وللشعب الكثير

    Post: #25
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-06-2014, 10:36 AM
    Parent: #24

    محجوب شريف
    عاطف عبد الله

    هذه المادة جمعها ووثق لها الزميل عاطف عبد الله له جزيل الشكر على هذا العمل الكبير


    أقول دون رهبة .. أقول دون زيف.. أموت لا أخاف .. أين أو متى وكيف .. بغتة مستمتعا بأنجم السماء .. ليل صيف .. رصاصة في القلب .. طعنة من سيف .. أموت لا أخاف .. أين أو متى وكيف .. أموت لا أخاف .. قدرما أخاف
    أن يموت لحظة ضميري
    فهرس
    لقاء مع شاعر الشعب محجوب شريف - 5 -
    البرنامج الانتخابي لمحجوب شريف - 22 -
    ديوان الاطفال والعساكر الشاعر ضمير عصره - 26 -
    قدر الثبات.. ضد السكات - 55 -
    رسالة الى مريم محمود - 59 -
    أغنية حب للخرطوم 64
    بطاقة شخصية 66
    الحب والثورة 68
    الهمبريب - 70 -
    محبة البينا ولا صداقة 72
    مع السلامة 75
    يمة شفتك فى المنام 77
    عَشّه كلّمينا ميرى ذكرينا 79
    وطنا.. 82
    أحـبك 85
    يا شعباً تسامى 87
    يا شعباً لهبك ثوريتك 89
    حنبنيــهو 91
    مشتاق ليك كتير والله 93
    أنا عارفه اسمك مين 95
    محبة البينا ولا صداقة ؟ 97
    مساجينك 99
    أكتوبر هدير الحق 101
    الغويشاية .. 103
    تلفون العالم حوِّل 109
    السنبلايه 113
    السودان الوطن الواحد 118
    الطاؤوس 123
    يا اللي بتسمع .. والما بتسمع .. 126
    مريم محمود 135
    يا شعبنا 141
    واحلالي 144
    جميلة ومستحيلة 147
    يابا مع السلامة 151
    ود باب السنط 156
    وتر مشدود 167
    الشهيد 170
    أغنية حب لعبد الخالق 175
    ملينا الدفتر الأول 178
    هكذا أستشهد البطل 180
    وا حلالي 182
    قاسم أمين 184
    مريم ومي بنياتي 186
    تبتبا 195
    طريق الشعب 198
    الحرامي 202
    عما قريب 204
    ونطلع للحياة أنـــداد 206
    هم هم غم غم آخرتها دمدم 209
    فديتك 211
    الغائب 213
    قزازة دم 216
    ليلة الميلاد 219
    مازلت بتذكر 221
    أهلاً... أهلاً بالاعياد 223
    بلا وانجلى 225
    يا بهلوي 228
    أو فانتظر! 231
    أرفع راسك 236
    يا مختفين في الناس.. 239
    صفِّــقوا وغــنُّوا .. دقوا الترمبيتة 243
    لحفيدي حميد قاسم أمين .. ولكل الأطفال ... 246
    سرقتو وطن 248
    أوعَك تخاف 251
    and#65165;and#65247;and#65240;َand#65166;and#65211;ِand#65266; and#65259;and#65256;and#65166;and#65241; and#65261;and#65165;لدand#65165;and#65255;and#65266; 257
    فكرهتموه 260
    أقول دون رهبة 271

    لقاء مع شاعر الشعب محجوب شريف

    محجوب شريف :ـ
    أسالوا عساكر السجون وضابط جهاز الأمن كم قصيدة أدخلتني المعتقلات ؟
    لم .. ولن .. أتقاضى مليماً واحدا في كل أغنياتي العاطفية .
    كتبت (مساجينك) داخل المعتقل وكانت إحساسا بالمد الثوري الذي حققته الانتفاضة .
    أصدرت ديواني (الأطفال والعساكر) من داخل المعتقلات رغم الحصار والجبروت وباسمي كاملاً .
    • هل الذين يقولون إنها انتفاضة 15 رجب هم نفس الذين يقولون 6 أبريل ؟
    إيمانا مني بأهمية التوثيق أعيد نشر هذا اللقاء الهام مع شاعر الشعب محجوب شريف والذي نشر في نشرة (الهمبريب) التي كان الشاعر يصدرها خلال حملته الانتخابية عام 1986م، وذلك لان الموضوع يكتسب أهمية قصوى ويجيب على عدة تساؤلات عن مواقف هذا الشاعر الذي لا يعير الأضواء والشهرة أي اهتمام .
    كما انبه إلى أهمية برنامجه الانتخابي الذي تجدونه في نهاية هذا الحوار ، وأستطيع أن أقول جازما بان هذا البرنامج يصلح ليكون أساسا متينا لأي لجنة دستورية يناط بها وضع دستور دائم يحكم السودان
    كتبت عشرات القصائد ـ داخل المعتقلات وخارجها ـ تتغنى بحب الوطن، وتدعوه للثورة على واقعه المرير، هل كانت لظروف الاعتقال السياسي الشاق دورا في عدم اهتمامك بكتابة قصائد عاطفية ؟ وكيف توفرت لك إمكانية امتلاك ناصية البيان بهذا القدر المتقدم ؟
    ـ بالطبع الشعر عندي ليس وقفا على القصائد الوطنية وحدها، كما انه ليست هنالك حواجز من الإسمنت المسلح بين كل شعر وآخر ـ بمعنى انك تشم نكهة الأغنية العاطفية في ضجة العيد، كما انك ترى ملامح الوطن في الأغنية العاطفية ذلك لان الوطن هو منبت الفكر والجمال . المهم في كل الأحوال الصدق والالتزام بشرف الكلمة والتمسك بدور الشعر الإيجابي في الحياة، وقضايا الشعوب وأحلامها في التقدم والسلم والرفاهية .
    وإذا أردت الإجابة مباشرة أقول لك إنني مثلما كتبت ( وطنا ، ويا شعبا تسامى، ومساجينك) فقد كتبت (جميلة ومستحيلة) و( أنا مجنونك) و(ووردة صبية) و( وردة صبية) واخيرا ـ السنبلاية .
    أما عن امتلاك ناصية البيان فذلك ليس من حقي أن أتحدث عنه ، أن هذا من حق النقد، والمتلقي وكافة الناس ـ ولكن اعتقد إنني صادق فيما اكتب ـ ولا علاقة للمنفعة ـ ماديا كان أم أدبيا ـ أي أنني اكتب تعبيرا عن وجداني وضميري، وبما احسه في الفترة المعينة أو اللحظة المحددة .
    الإبداع المشترك بين الشاعر محجوب شريف والفنان محمد وردي والذي تجسد في أعمال فنية وثورية ذاعت بين الناس أحبوها ورددوها هل كان هذا اللقاء مصادفة ؟
    ما بيني وبين وردي لم يكن صدفة وهو أيضا ليس قدرا . فأنا منذ طفولتي وصباي الباكر وحتى الآن احب الاستماع لمحمد وردي ، بالإضافة إلى النظرة المتحدة لدور الفن وفهمنا المشترك لمعنى الالتزام .
    كثيرا من الناس يعبرون عن دهشة وتساؤل لانك كتبت قصيدة ( حارسنا وفارسنا ) بعد انقلاب 25 مايو بعضهم من مواقع الدهشة وبعضهم ـ وبخاصة السدنة ـ من مواقع التشكيك عل يمكن أن تحدثنا عن الظروف التي كتبت فيها هذه القصيدة ؟
    كما أن هنالك رأيا يقول أن قصائدك التي نبعت قبل واثناء وبعد الانتفاضة لم تكن في قوة القصائد الاكتوبرية ؟
    كثيرا من الناس وبخاصة بعض السدنة ..الخ ... لا يهمني ماذا يقول السدنة، يهمني فقط ( كثير من الناس ) ولهؤلاء أقول وبكل احترام وبأدب جم ـ كتبت يا حارسنا وفارسنا في أيام مايو الأولى وقد استقبلتها جماهير عريضة وواسعة بحماس كبير ، لم أكن يوم ذاك منتميا لأي جهة سياسية ، وكنت دون العشرين من عمري وتلك بين الدهشة والانفعال ، خاصة وان ضجة الترحيب بمايو كانت عالية ، رأيت شعبا سعيدا فسعدت ، فاستجبت صادقا فكتبت لم يكن في ذهني شخصا بعينه، لا السفاح المخلوع ولا الشهيد هاشم العطا . كنت خارجا لتوي من معهد السنتين بعد المدرسة الوسطى قادما من قرية ساكنة اسمها المدينة عرب لم يكن لدي أي رصيد من التجربة والنهج السياسي كان فقط حماس ينكره الآن الكثيرون . كما إنني أقول وبشجاعة تامة أن الذين وقفوا ضد مايو في أيامها الأولى لم يكن صوتهم عاليا بالقدر الذي يجتذبني إليهم وكثيرون منهم اصبحوا دعاة في ما بعد ( للاتحاد الاشتراكي)، والمجالس الشعبية وجهاز الأمن ، بل قامت على أك########م كل مؤسسات مايو الشائهه ولو أن مايو لم تنادي ( بالاشتراكية ) ولو إنها أكدت تمسكها بطريق التنمية الرأسمالية ، لما وقفوا ضدها بل لكانوا هم كتبة ( حارسنا وفارسنا) .... وهذا لا يعني أن الكثيرين أيضا وبوعي متقدم ـ لم يتوفر لي آنذاك ـ وقفوا ضد مايو دفاعا عن الديمقراطية والسيادة الوطنية .. ولكني أدين ( لحارسنا وفارسنا) بأنها وضعت قدمي على عتبة المسئولية .. أيقظت فيً روح الرصد والمراقبة وتكوين الأفكار وفتحت أمامي أبواب الحوار الواسع مع أطراف عديدة ( ورمت عين السلطة عليٌ) مما جعلها تعتقد إنني شاعرها وطبالها الذي يفصل على هواها ما تريد من قمصان الشعر وفساتين الكلمات وسرعان ما أطلقت حولي بخور الجذب المضلل ـ ( الموقع ـ والمكانة ـ والضوء ـ) ولكنني لم اكن سوى معلم ابتدائي بسيط ، إنسان لا يرغب في غير سترة الحال وصحوة الضمير ، إذ كيف يمكن مثلا أن يقبل من تخرج قبل عام واحد فقط أن يصبح سكرتير تحرير في جريدة كبرى ألم يكن هذا ( شركا) ؟ وإذا قبلته لوقعت في المستنقع حتى السادس من أبريل ، وغير هذا كثير . المهم أن رائحة الرشوة كانت تفوح برائحتها النتنة فتعروا سريعا أمام الصدق والبساطة ـ وغير هذا تفاصيل كثيرة لا يسمح بها هذا الحيز ، كما إنها توقعني فيما لا احبه وهو الحديث عن النفس . لكن لابد من ذكر تفاصيل سواها أهمها أن بصيرتي تفتحت ووعيي نما بسرعة ما تواتر من أحداث خاصة وعامة فحزمت أمري وقررت أن أتحمل مسئولية ما كتبت .. فلم اهمس بذلك ولم اكتف بالانزواء إنما قررت أن أكون صوتا مسموعا أمام الشعب والتاريخ فكانت تلك القصيدة التي تشيرون إليها والتي اشتهرت في تلك الفترة بـ( لا حارسنا ولا فارسنا ) ثم قصيدة ( ما دوامة) وكان ذلك في عام 1970 ، أي أن العشرة السيئة لم تدم اكثر من عام . وفي ذلك المساء من عام سبعين فتح لي ملف في جهاز الأمن القومي برئاسة مامون عوض ابو زيد وتكرر استجوابي ـ قلت كذا في المكان الفلاني ـ في جامعة الخرطوم، في دار اتحاد طلاب الجامعة الإسلامية . لماذا تغير موقفك من التأييد إلى المعارضة؟ وكان كل هذا يتم بين التهديد والوعيد والإغراء ، لم يكن أحد يعلم ولم تكن هنالك جهة بعينها غير تيار الحركة الديمقراطية العام وسوى صوت الضمير ووجه الوطن . كل هذا كان يتم في عماراتهم الشاهقة وأنا في سنوات الحب والانطلاقة وتلك فيلات فيها ما فيها موجودة الآن وهي في ذمة التاريخ ـ إنني سعيد بأنني لم انتقد موقفي بيني وبين نفسي ، بل دفعت انضر سنوات العمر واجمل أيام الشباب وادفأ ليالي الأنس في سجونهم المظلمة مطاردا في الشوارع ممنوعا من حق العمل .. ودفعت أسرتي استقرارها ومريم محمود عافيتها .. ولست نادما على ما عانيت ولست خائفا مما هو آت ـ ولم يكن كل هذا من اجل تبرئة ذمة ( وبس) ولو كان الأمر كذلك لاكتفيت (بـ لا حارسنا ولا فارسنا) ثم فتشت عن عقد و( سديت دي بي طينة ودي بي عجينة) ولنسيني الناس كما لا يذكرون أي واحد غيري من الذين كتبوا لمايو من أيامها الأولى مرورا بكل بحار الدم والقمع ومصادرة الحريات حتى سقوطها في انتفاضة الشعب العظيمة . هؤلاء لا يسألهم أحد، رغم أطنان الأناشيد التي صدعوا بها الشعب وافسدوا بها الذوق وامتلاءت بها جيوبهم من شباك صراف الإذاعة وخزائن القيادة الرشيدة ( بالمناسبة اسألوا عني كل الصرافين وفتشوا كل الدفاتر لن تجدوا إنني في أي فترة تقاضيت مليما واحدا ولا حتى عن أغنياتي العاطفية )...
    ولكن أسالوا عساكر السجون وضباط البوليس ومضابط جهاز الأمن .. كم قصيدة أدخلتني الزنازين، وكم نشيد منعني حتى البقاء بين المعتقلين، وكم نشيد جلجل في السجن فعجل بنقلي من كوبر إلى شالا .. إلى بور تسودان .. إلى سجن كسلا .. هذا هو التمني الذي اخترته حتى خروجي من السجن في ذلك الصباح الجميل .. صباح السادس من أبريل ، .. بل فتشوا عن ديواني ( الأطفال والعساكر ) الذي صدر في عز الجبروت والعنجهية وباسمي كاملا غير منقوص ولا متواري وكان سببا في اعتقال كثير من القادمين من المطار إلى كوبر .
    المهم إن الصدق وحده ليس كافيا إنما الوعي والنضج والفهم العميق لتعقيدات الصراع الاجتماعي والسياسي والانحياز الكامل لجماهير الشعب هو صمام الأمان من الانزلاق في بريق الشعارات الداوية فربما كان المقصود هو إفراغ هذه الشعارات من محتواها وتدميرها بالتشويه والمزايدة .. لذلك يجب السؤال .. من هؤلاء؟ ! ومن خلفهم ؟ وما هي منطلقاتهم الفكرية وأصولهم الطبقية ؟ وما موقفهم من الديمقراطية ؟ ..و ...و... ؟ والاجابه الصحيحة هي التي تعطي غناءاً للوطن والشعب بعيدا عن الانتهازية والمصالح الأنانية الضيقة . كم هو ركيك وساذج هذا المعنى : ـ
    (بنرجع ليك توصينا وبنسمع ليك تحدثنا ) انه معنى يحول جماهير الشعب إلى تلاميذ .. إلى قصَر ، ويلغي تماما دورها في التغير وحقها في الإرادة .. لقد لفت نظري إلى هذا المعنى طالب آنذاك كان يصغرني بعام .. فمسكت الجمرة حتى صارت شعلة في يدي .
    المجد لشعبنا الأبي القوي وتبقى إرادته كما بقيت رغم (حارسنا وفارسنا) ورغم البراءة .. ورغم البذاءة ورغم .. ورغم .
    المهم الآن أن ندافع عن الديمقراطية حتى الاستماتة كي لا نفتح الطريق أمام شاعر جديد يكتب فارسنا وحارسنا جديدة ، وذلك يعني أن لا نكرر أخطاء الماضي ولنلجم ومنذ الوهلة الأولى جماح العسكر مهما رفعوا من شعارات فليس هنالك أمضى واعز من حريات الشعب وكرامته .
    أما عن إن قصائدي قبل واثناء وبعد الانتفاضة لم تكن في قوة القصائد الاكتوبرية فهو رأي ليس صحيحا على إطلاقه لانه لم يقم على دراسة ناقدة لتلك القصائد لان اغلبها حتى الآن يتجول في مساحات ضيقة ومحظورة اغلبها باسم ( قومية الأجهزة الإعلامية ) ولها فضل إنها كانت ( قبل الانتفاضة) . أما أناشيد أكتوبر فقد كانت بعد الانتصار تجلجل بالفرح العميق العام وقد كتبت تحت الشمس وعبير الحرية وقد توفر لها شرط هام من شروط الإبداع ألا وهو الديمقراطية ـ والحديث ما زال حول القصائد ( ( ما قبل) الانتفاضة ـ وهي قصائد عمرها يمتد 15عاما إلى يوم النصر ولم تجد فرصة النشر حتى يتم الحكم لها أو عليها ولكنها مع أناشيد أكتوبر لعبت دورها في سنوات الاعتقال في رفع الروح المعنوية وتأكيد صمود أبناء الشعب . أما أثناء الانتفاضة فهذا سؤال الاجابه عليه ليست ممكنة ، لان القصيدة الوحيدة التي سمعناها جميعا وكنا نردد بعض أبياتها .. كانت الشوارع الغاضبة المشتعلة بالهتاف ، ثم هل أكملت الانتفاضة مشوارها ؟ هل حققت بصورة جذرية أهدافها ؟ أليست هنالك فرامل؟!! هل الذين يقولون إنها انتفاضة 15 رجب هل هم نفس الذين يقولون إنها انتفاضة مارس أبريل ؟ أما أكتوبر، فقد كانت ثورة 21اكتوبر، ولذلك كان الطعم عاما والمذاق ليس متبايناً كثيرا بين السنة وأخرى . ومن تلك المواقع الفكرية الحادة والاستقطاب يتم النظر والسمع لما يكتب ومن هنا يصعب الإطلاق .
    هل تنتمي لأي تنظيم أدبي آخر غير اتحاد الأدباء السودانيين ؟
    أنا لست عضوا في اتحاد الأدباء السودانيين بل عضو في اتحاد الكتاب السودانيين ، المهم أن الديمقراطية تتيح تعدد المنابر ، وربما يظهر تنظيم باسم المبدعين السودانيين .. أو غير ذلك المهم في كل الأحوال سيبقى ما ينفع الناس .
    • مساجينك قصيدة رددها الناس في المصنع والبيت والشارع .. فقد حملت للشعب النبوءة بالانتصار على حكم القهر .. هل هي من قصائد المعتقل ؟
    السؤال عن مساجينك الاجابه عليه نعم وهو أحد أناشيد المعتقلات مثله مثل ( عما قريب الهمبريب يفتح شبابيك الحبيب ) فهي ليست نبوءة الأنبياء المرسلين المعصومين ، ولا هي بصيرة خاصة خارقة ، ولا بطولة فردية ، بقدر ما هي انسجام مع الإيقاع الداخلي والعام للحركة الشعبية التي لو لاها لكانت نبوءة تشبه الأماني المستحيلة . ولذلك لن تقبل جذورها أبدا كلمة جذورها في تراب الشعب مؤمنه بقدرته على الانتصار ولو آمنت في أي يوم بأنه ( شعب جعان لكنه ########) لما كان لها أن تعيش ولا أن تلهم .. فالمجد مجد الشعب وليس عندي سوى بعض من مدده .
    معذرة إذا أطلت وشكراً فقد تحتم علي الإطالة ، المهم أن نتمسك بسؤال الشاعر والفنان والصحفي والقائد السياسي .. لماذا قلت كذا يوم كذا .. وماذا فعلت يوم كذا .. فبالنقد وحده وطرحه بجراءة تفتح الدروب الصحيحة للأجيال المقبلة ونمسك جيدا بزمام امرنا .. وليصمت من لا يحب ذلك أو فليشرب من البحر .
    لكم الانحناءة .. وعفوا .. ومعذرة .
    ( صورة طبق الأصل لاحد الاستدعاءات المتكررة من جهاز الأمن للشاعر محجوب شريف) :ـ
    اورنيك أمن عام نمرة 2
    ورقة تكليف بالحضور صادرة بموجب المادة 11 / 3(أ) من قانون الأجهزة المركزية لأمن الدولة سنة 1974م
    إلى ( الاسم) : محجوب محمد شريف
    محل الإقامة : الثورة الحارة الخامسة
    حيث انه لدينا معلومات بان جريمة ( تبين الجريمة باختصار ) قد ترتكب ( أو إنها قد ترتكب) .
    وبما انه يبدو محتملا تقديمك لمعلومات جوهرية في هذا الموضوع فبناء عليه أنت مكلف بالحضور أمام رئاسة جهاز الأمن العام .
    في اليوم 14 من شهر 6 سنة 1977م
    في الساعة 10صباحاً للإدلاء بما تعلم وألا تغادر ذلك المكان دون استئذان ويلزم تحذيرك انه في حالة عدم حضورك في الزمان أو المكان المحددين بدون عذر مقبول يصدر أمر بإجبارك على الحضور .
    تحريراً في اليوم 31 من شهر 6 سنة 1977م
    مقابلة الملاحظ مصباح عبد الله
    الإمضاء






    البرنامج الانتخابي لمحجوب شريف
    خلال انتخابات الجمعية التاسيسية عام 1986م

    بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين
    والمجد لله في الأعالي
    وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة..
    ترى ماذا يقول الوثنيون ؟
    مسلمون .. مسيحيون .. وثنيون ..
    جميعا من تراب الأرض السودانية .
    واليها عائدون
    طبقات
    أغنياء ، فقراء ، مناطق متخلفة ،
    مناطق اكثر تخلفا ، مدن ، قرى
    إسمنت ، صفيح ، قطاطي .. وخيام من الشعر
    عرب ، نوبة ، نوبيون ، بجة ،
    انقسنا، أعراق ، وأفخاذ وسحنات
    والسن .. ومناخات تتداخل في أدق التفاصيل
    نرفع سقف البيت في الشمال ..
    وتنحدر السقوف في الجنوب ..
    لماذا يتحدث بعضهم بأصوات عالية ..؟
    والذي هو عيب وحرام هنا ..
    شرف وبسالة هناك ؟
    الدين لله والوطن للجميع
    وكل شاة معلقة من عصبتها
    ونحن نريد الدستور الديمقراطي
    دستور الثقافات المتعددة
    الدليب، الكمبلا، والمردوم
    النميم، والباسكوب، والجنقر
    الطنبور، وأم كيكي، وام بري بري
    وهل تعلم إذاعة امدرمان
    إن فنان الانقسنا الأول اسمه
    جكمان ؟
    ولذلك نريده دستوراً ديمقراطياً
    يراعي ويحترم التعددية
    أو بدلوا جلودنا بأخرى
    واشتروا لنا السنة عربية من سوق عكاظ
    واشتروا لنا شعرا وشفاها
    وانوفا على نفقة البنك الدولي
    واسحبوا السودان كالبساط
    إلى أعلى بعيدا عن خط الاستواء
    واستجلبوا لنا وجدانا
    ازرعوا البلح في تربة التيلبون، والبفرة
    واحلقوا كل لحى الأشجار في جنوب الوطن
    واجعلوا النوبة يحفظون شعر
    المتنبي عن ظهر قلب

    ويقيمون المطارحات الشعرية
    على رؤوس الجبال ..
    وعندما يعرب تلاميذ الانقسنا الجملة الآتية:
    (السودان الوطن الواحد ما قد كان وما سيكون.)
    عندما تتمكنوا من القيام بكل هذا
    يمكنكم أن تطلبوا منا أن نكف
    القول عن إن السودان
    وطن متعدد الديانات والأعراق
    والطبقات والقوى الاجتماعية
    متعددة الثقافات والأحزاب والمشارب
    ولذلك لابد من دستور ديمقراطي
    لجمع شتات هذا القاموس الفريد
    ويسد أبواب الفتن..
    وبهذه المناسبة لماذا اختفى
    برنامج ( في ربوع السودان)؟؟؟؟ !!!!!!!





    ديوان الاطفال والعساكر الشاعر ضمير عصره

    بقلم الشاعر : جيلي عبد الرحمن

    لانبالغ اذا قلنا ان هذا الديوان_ وهوبعض من شعر صاحبه- يمثل قمة للفن الثورىالاصيل الذى يتكامل فنيا وديمقراطيا فى السودان ،وانفجر كالاعصارفى خضم المد الجماهيرى الذى توجه شعبنا بانتفاضة 19 يوليو1971م.انه من ظواهر الطبيعة الاجتماعية اذن ...تلك التى بدات مخاضهابالثورة المهدية،واستكملت حلقة صاعدة فى ثورة 1924م، ثم تبوأت قمة جديدةبانبثاق الحركةلبوطنية - والماركسة بالذات- بعد الحرب العالمية الثانية لتصفية الاستعمار البريطانى...ثم اكتمال الثورة الوطنية الديمقراطية..واخذت خصائصها الجديدة تستبين فى عاصفة اكتوبر 1964 ..ولا نقول ان هذا الفن قد انفجر اعصارا عاتيا فى السبعينيات من باب التزويق البيانى فنحن نعنى بذلك ان رايات المشرعة، وسماته فى الشكل والمحتوى قد اكتسب نوعية وميلادا جديدين

    لم يجث هذا الفن على ركبتيه ، أو ينكس راسه ،وكما يحلو لمحجوب شريف ان يقول لم ينكسر سيفه .. والسيف هذا لايتقلده نبيل من سلالة الاقطاع أو "محلق"،نجيب من قبائل الهدندوه..فمثل هذه السيوف والجياد قد ولى زمانها.. ولكن سيف الشعر احمر صقيل ، رمز يستمده من التراث الشعبى ويغنيه بدلالات انسانية زاخره ، ،والعشيقة التى ينافح عنها هذا السيف هى سماء الخرطوم
    ونقاوة التربة ، وشرف الوطن ..وان كانت ثمة ولهى فى انتظاره فنها تلتحم بالسماء والتربه والشرف،والا ليس بينه وبينها من واصل ..واذا كان هذا الفن لم ينحسر بالردة ..وانما ردها على اعقابها ووضعها فى قفص الاتهام..بل غدا قاضيا لايسترجع الاوضاع المقلوبه الى نظامها الصحيح ..ويحشو البنادق بالرصاص لسددها فى صدور الخونة..ويرفض فى اباء المقولةالخاسرة بتركيع الثورة - مما سنوضحه بشئ من التفصيل فيما بعد - نقول ان هذا السيف لايستجدى الامل ،او يدق النحاس لواهنين وجيلين ، ولكنه شاهد وضمير عصره.. فهو يحيل الحلم الى حقيقة .. ويخوض معركة كتب فيها للشهيد ان يكون عريسا ، والصرخة زعرودة، والمتهم قاضيا ..ويخلع عن المجرم رتبته واوسمته ليقبع فى مكانه من القامة ملطخا بالدم ، وقد علقت على رقبته المشنقة التى نصبها للشرفاء
    بالاحضان نستقبل هذا الديوان الذى يطرب افئدتنا بنغم الوطن ، وعبق دم الشهداء.. ولن نقف لدى الهنات التى قد يتعرض لها الشعر حينما ينظم قصيدة فى السجون وقد شح الورق ،أو مايبدو فى الديوان من نبره عالية تقترب حينا من الهتاف أو التكرار فهذه
    ،الهنات لاتقل بحال من المكانة المرموقة، والركائز الفنية
    التى ارساهاالشعر فى مسيرته الثورية
    فى قصيدتين من قمم الديوان يؤكد محجوب شريف انسانيته ..بل تنسكب اضلعه فيهما - الما واملا- يمتزجان فى ديالكتيكية الصراع ، وهما "الحب والثورة"ورسالة الى مريم محمود "وكانما يقول بهما فى نقاء ثورى مؤثر - بعد استنفار الهمم ورفع راية التحدى والعصيان - ها انذا انسان بسيط واله محب ، كاعمق مايكون الشعر والشوق .. فليست تلك العواصف نصيبكم وحدكم ايها الشعراء العاكفون فى محراب العزلة ..لا.. اننا نعتقها وهى تثرى بنا ، ولكن حبى يعانق الثورة ، مريم تجسد الام السودانية الاصيلة التى لاترضى "الشين"والعار لابنها..ان الرمز يرتفع ويسموحتى تصبح حبيبته وامه كل مايملك من تراث وشمم وذكريات
    مشتاقلك كتير والله
    وللجيران والحلة
    كمان قطر النضال ولى
    وغالى على ادلى
    ليس هذا موقف اجوف يريد تسجيله ولكنه يشتاق كثيرا اليها _ ويقسم والى الجيران والبيوت .. ولن يدع قطار النضال فدون ذلك المنية المعنوية .. ولمن يترك محجوب شريف يتلالا على قمة نضوجها ومعاركها الضاربة
    كانت معظم النهايات فى قصائد الخمسينات فجائية ومفتعله ..نهاية سعيدة قطعا"أشبه بالاكلشيهات " ولكن الامل هنا يتغلغل منذ البيت الاول .. واذا تصادف ان كانت النهاية اكثر دويا ..فلانها تتويج لماسبقها من نسيج فنى
    ان هذا الامل ليس اعتباطيا خالصا مقحما ولكنه تكوين عضوى دينامكى.
    ماهى الادوات الصياغية التى عبر بها الشاعر عن تجربته النابضة فى قصيدة الحب والثورة"؟
    لقد عبر بالتفاصيل التى تشبه الشعيرات الدقيقة ، وبالمونولوج الداخلى ، والحوار وتداعى المعانى ، مما اكسب القصيده حيوية فائقة ، ودينامية ، وفى مهارة تتنوع القوافى والتفاعيل وتتموسق فى بناء اوركسترالى ...وهذه انتصارات للشعر الجديد ..ولكن الصفة الجريئة التى اعلنت مولدها الفنى فى هذه " الجهارة الثورية " التى تجسد نفسها فى مقايس ومواصفات فنية جديدة
    و"رسالة الى مريم محمود " تلك الام البسيطة من ملايين الامهات فى السودان قد ارتقى بها الشاعر من دلالة تجسد العلاقة الخاصة بين ابن وامه الى دلالة عامة ، رمز اكثر شمولا وفعاليه وعمقا وهذا الشمول ينطلق من الخاص الى العام ، من الجزئى الى الجوهرى ..فتتخطى القصيده فى نهاية فى النهاية - وقد استمدت كل تكوينها من العواطف الانسانية ، واللقطات والادوات البسيطه - هذا المنطق الخاص لتصبح تجربه شاملة ينفعل بها المتلقى .. فقد لخصت تجربته أن لم تكن زودته بتجربه جديدة أعنته عن مكابدتها ، وقطرها محجوب من خلال مقاطع مركزة قصيرة .. تثبت نهايتها "الميم الساكنة " المأساة وتفضح عن ابعادها وعذاباتها
    ان هذه القصيدة تشهد على ان الشاعر لاتقوده نظرة دوقماتيكية ، او صوفية بلهاء ... فلم يختصر عواطفه ولم يلغيها .. وانما على العكس تماما لقد عمقها وعاد كالطفل فى حضن امه ، يناغيها ويقبلها .. وتمسح دموعها بقلبه حينما يقف " العسكرى السراق " بينه وبين قلبها " الساساق "
    اية عذوبة تفيض بها هذه المناجاة ؟‍ وهل كان يمكن للغة اخرى تقتحم جدران القلب ، وتتسرب فيه بمثل هذه التلقائية ، والبساطة والبراءه أن لم تكن لغة الشعب التى اختارها محجوب أداه صياغة له؟
    ياوالدة يا مريم
    يا عامرة حنية
    انا عندى زيك كم
    ياطيبة النية ؟
    بشتاق ومابندم
    تنثبرى شوية
    ياوالدة يامريم
    لم يكن تركيز المقاطع فى تفعيلتين او ثلاث .. مصادفه .. ولكنها عفوية الحديث الى مريم بالتحديد لكى تعى ما يريد ان يشئ به ابنها فى اذنيها ... وذكر اسم الام لم يات عفوالخاطر ايضا .. وانما هو ترديد لكلمة عذبة تضرب فى تاريخ الشاعر النفسى من ناحية ، وتمنح هذه الانسانة المجهولة مكانتها ووزنها ايضا فيتغلغل حديثه فى قلبها ، ويسير لها " باعقد" مافى القضية التى تعجز عن فهمها بابسط كلمات الدنيا وضوحا وسطوعا
    مانى الوليد العاق
    لاخنت
    والعسكرى الفراق
    بين قلبك الساساق
    وبينى هو البندم
    والدايرو مابنتم
    ياوالدة يامريم
    وقبل ان يسوق لها الامثال بود الزين وفولاذية رفاقه ، والتضحيات الاسطورية تسيل امام القصيدة فى عفوية رائقة ، لاتعمل فيها .. بل تمس جذور الوجدان الانسانى وتهزه هزا عنيفا :
    عارف حنانك لى
    راجيك تلولنى
    دايما تقلدينى
    وفى العين تشيلينى
    القاهو عز الليل
    قلبك يدفينى
    ضلك على مشرور
    قيلت فى سنينى
    ويتحدث عن قلبها الذى تدفأ به : وظلها الذى لاذ فى رحابه من هجير الحياة ثم يبادلها الحب نفسه .. وهو الاخلاص المتفانى لابن بار بشعبه .. فكيف لايبر بامه ، أو يقول لها أف أو ينهرها .. لقد فرض عليه هذا الفراق اللاانسانى .. فرضه العسكرى حين بذل انسانيته ، ولكن محكوبا فى خضم هذه العاطفة يصفعه ، فلم يتم للدركى مايريد
    انا لوتعرفينى
    لو تعرفى الفينى
    انا بحبك كم
    والعسكرى الفراق
    بين قلبك الساساق
    وبينى هو البيندم
    والدايرو مابنتم
    ياوالدة يامريم
    ويغوص الشعر فة عواطف انسانية خالصة .. تكشف فجأة عن بطولة الصمود .. ليس صمود بلاثمن أو رحلة فى الخلاء ، ليست بطولة زائفه ,, وانما الالم حتى النخاع .. دون ان يستسلم أو تخور قواه .. ما يمنحه لمريم هو ذلك القلب الكبير الذى افعم باحزان شعبه واشواقة:
    طول النهار والليل
    فى عينى شايلك شيل
    لكنى شادى الحيل
    والخوف على داهم
    هاك قلبى ليك منديل
    الدمعة لما تسيل
    قشيها يامريم
    واذا كان " ود الزين " وحيد امه لم يقف ليودعها ، فقد اختطفه القتلة ، فالشاعر لن يجلب العار لامه حتى لو سقوه الدم .. وبقية القصيدة نصب للشهداء لن تنساه الاجيال ... لوحة لايرسمها لمريم محمود وحدها .. وانما لتاريخ البطولات
    ولا شك ان هاتين القصيدتين سوف تظلان بناء شامخ فى ادبنا السودانى
    السمة الثانية التى يؤكدها محجوب شريف هى الرفض .. انه يرفض الواقع ، والموت الذى فرضه باسنه الرماح ، وحبال المشانق .. وتاتى به يحيل الحلم حقيقة ، والحقيقة حلما ... وتلك اداة صياغية جديدة من خلال الوحدة العضوية بينهما ، فالموت والحياة ، والحلم والحقيقة فى تداخل جدلى تصبح فيه للوحة تجسيدا لشئ لا يتطرق اليه الشك،
    صدقنى انا لقتو أمبارح
    لا بحلم كنت ولا سارح
    كان باسم وشامخ كالعادة
    نفس الخطوات بنمشيها
    نفس الكلمات الوقادة
    ويستبعد كل ماحدث من استشهاد وبسالة عبد الخالق ورفاقه .. ومن اكاذيب الراديو والصحف الصفراء المقيتة ، الفزع من السنوكى والكابوس الذى حيوية وواقعية ، فى لغة بسيطه ودود:
    ياخينا ازيك
    أهلا مرحب .. أيوه اتفضل
    نادانى
    سلمت بقلبى واحضانى
    راجل نكتة .. عميق ومهذب
    رائع جدا .. وانسانى
    ولما جمعنى وشجعنى
    سالتو بدهشة عن الحاصل
    لقد رسم هذا الحوار شخصية عبد الخالق العميقة ، المهذبة ، الرصينة .. ان الغادى ان يسال الغائب من بقى على قيد الحياة .. ماذ سيحدث أو يبعث الشاعر للشهيد بكلمات العزاء والمواساة ولكن غير العادى ان يكون الغائب اكثر خضورا او ثباتا ووعيا حين يسال عن الحاصل .. هذه لغة الفنالمعجزة ، ولمسة الفنان الحقيقية التى تحضر الحدث تحصيرا دراميا .. ويؤكد بذلك الرفض وينفى الموت .. فالمعمر لايحسب بالزمن المحدود .. ولكن بما يخلفه الانسان من وجود حقيقى
    - قاطعنى .. بتعنى الاعدام
    الشعب يقرر مين الحى والميت مين
    ثم يوصية بالحزر واليقظة ولاقدام ، ويمتلئ الشارع مرة اخرى بالناس والعمال والطلائع والمنشورات .. وهنا ايضا يعيد لشعارته والى نسقها الصحيح ، ويضع الامور فى نصابها ، وهنا ايضا يعيد الشارع لشعارته والى نسقها الصحيح ، ويضع الامور فى نصابها ، ويبعث فى الحياة الايقاع والانسجام والمنطق
    لم يكن رفض الشاعر ميافيزيقيا أو ذهنيا .. وانما هو رفض واع بقوانين التاريخ وحركة التطور ، وديمومة الحياة .. وفى " اغنية عبد الخالق " يرسم محجوب لوحة فذة حقا .. لم يسبقه اليها احد .. واذا تناولناها فنيا فانها من الناحيةالدرامية كل تحليل جمالى
    الفارس معلق .. ولا الموت معلق
    حيرنا البطل
    ياناس الحصل
    طار بى حبلو حلق
    فج الموت وفات .. وخلى الموت معلق

    انتصر عبد الخالق على الموت.. هذه جملة عادية قد تىد الى ذهن اى مواطن ، ولكن كيف جسدهل شاعرنا فى صورى حسية نابضة ، كبانوراما حية ؟؟ الموت وعبد الخالق لم يمن صنوين .. عبد الخالق شق الموت وخلفه معلق .. خلفه المشنقه والتقله ومعهما الخزى والموت .. وطار محلقا كالملاك .. ليس الى السماء وانما ليهبط فى الحزب الشيوعى
    الشاعر لا يرفض الموت لامنية أو رغبة .. وانما عن وعى عميق كما اسلفنا .. ان عبد الخالق يستمد بقاءه من بقاءه من الحزب الشيوعى الذى شيد صرحه ، كما ان الحزب هو امتداد لعبد الخالق .. اذن فالموت هنا شئ عرض وثانوى ، ومفروض .. والجوهرى ان عبد الخالق هبط وعاد اليه العزم ، والنبض والتصميم ليس بقوة خارجة عن نطاق الطبيعة ، وانما باصراره الانسانى وارادته واختياره
    فى عينيا بات
    وسط الناس نزل
    فى الحزب الشيوعى
    تحت الارض بذرة
    وفوق الشمس هامة
    بالحزب الشيوعى
    ومن كل الوسايد
    وفى نبض القصايد
    اعتبره حبيبى عايد
    من بين الشدائد
    فى وهج الليالى
    راحة الكان بلالى
    فى الشارع علاقة
    طال فى الدنيا قامة
    وزاد فى العين وسامة
    الرفض وادراك الامتداد التاريخى ركيزتان لفن الشاعر - بل والشعر الذى تفجر فى السبيعينات _ ولكنهما يندرجان تحت اعم .. سمة الشاعر الفنية وليس بالشعارات العامة، والعبارات الزاعقه ، ويلح الشعر على سمتى الرفض والامتداد ويزيدهما جلاء ، ويعمق من دلالتهما الانسانية فى قصائد اخرى
    فى قصيدته عن شهيد الطبقة العاملة الخالد " الشفيع " يغبطه ويغبط رفيقة حياته فاطمة على هذا الموت .. ان موت الشفيع مهرجان عرس حقيقى .. هذا الماتم يغدوعرسا لان الحياة تنفجر بالاستشهاد وتتوهج .. هذا رفض واع لموت ملفق

    واحلى انا واحلالى
    اريتو حالك يابا حالى
    اموت شهيد جرحى بيلالى
    الشفيع يافاطمة فى الحى
    فى المصانع وفى البلد حى
    سكتيها القالت :أحى
    ماحصادوا الاخضر النى
    راضى عنه الشعب والدى
    ومات شهيد أنا واحلالى
    وأحمد يرمز الى الامتداد ، الجيل الذى وهبه الشفيع حياته .. فليس العرس هنا استحلابا لأمل خلاب ، أو دعوة خطابية طنانة .. ولكنه حقيقة تصوغها الحياة ذاتها متجسدة فى انسان من لحم ودم الشهيد ، نبؤة الشاعر فى استقرائه واستجلابه للمستقبل
    أحمد .. احمد تكبر تشيل
    الجواد والسيف الطويل
    خط ابوك بالدم النبيل
    كل صفحة وصفحة أكليل
    زمات شهيد واحلالى
    ويطور محجوب شريف بهذه القصيدة الاهازيج التى انبثقت فى ثورة
    1924م
    م ويجعل من ينبوعها ريا وزادا له بعد أن انتقلت الثورة من فئ
    البرجوازية الصغيرة الى " الورش والسكة حديد ، والعرق والزيت والمصانع

    كان ثوار 1924 يغنون لأم ضفاير
    يللأمالضفاير قودى الرسن
    بالشباب الناهض صباح
    قومى زندك وموت بارتياح
    واصغى فليحيا الوطن
    كان رصاص أو كان بالحراب
    ودع اهلك وأمش الكفاح
    فوق ضريحك تبكى الملاح
    وفوق ضريح الشفيع الذى يرهب الاعداء مجرد وجوده لاتبكى الملاح ولكن يطلقن الزغاريد لليوم المقبل السعيد
    وثمة سمة لهذا الشعر تكاد تكون القسمة الرئيسية للديوان .. وهى التحريض الثورى .. وتؤدى اللغة جور الطبول والنحاس والهتاف والزغاريد ، يطوعها الشاعر ويستخدمها فى اتقان ومهارة .. وتتحمل اللهجة العامية " حينما تشد كل اوتارها ويستغل ماتختزنه من كنوز ما تمور به التجربه الحديثة من عمق ، وتعقيد ، واصاله ووعى ، الشاعر يطرح اكثر قضايا شعبه معاصرة من خلال العامية .. ولكن كلمات من قاموس (الفصحى)ولغة الكتب والجرايد تتسلل خلسة لترصع كلمات اخرى من صميم البئه,وليس ثمة غرابة هنا بين التداخل فى لهجة المدينة والقرية,والكلمات الفصيحه لان هذا التداخل تعبير عن الالتحام الطبقى الثورى للعمال والفلاحين والمثقفين.ولذا فأن لغة الشاعر يعبر عن هذه(الجبهة).ان صح التعبير,ومن ناحيه اخرى فأن لغته ترتقى الى مستوى النظرية التى يبشر بها وهى تعنى التحديث والتغيير الاجتماعى.
    والموسيقى الداخلية..والقوافى الباطنية فى قصيدة(اكتوبر)ليست ترصيعاًوتنويعاًزخرفياً,ولكنها وظيفة جديده للغة فى تعشقها لفكرة التحريض, انها مارش حماسى لا يثير الغناء فقط,ولكنه يحث على الأستشهاد؟
    اكتوبر ديناميتنا
    ديناميتنا ساعة الصفر
    ركيزة بيتنا
    لون الشارع
    طعم الشارع
    قبضة سيفنا
    وطولنا الفارع
    ويواصل الشاعر لمساته وموسيقاه الداخلية,والانسجام فى القافية الذى يكاد يشبه التطابق ويحيل النبرة الى نغم خالص الاشبه برقصة اسطورية حول النار.. والغريب أننا لانحس فيها بادنى تكلف..وعلى العكس نستشعر ضرورتها الفنية :
    بطاقتنا
    قيامتنا
    عمرنا الباقى لو متنا
    لمن نبنى جبهتنا
    وشعبنا نحن غيرتنا
    حقيقتنا وجبيرتنا بصيرتنا ومسيرتنا الخ ....
    ولعل قصيدة (الدفتر الأول)مثال رائع أيضا لشعر التحريض الثورى وهو كما قلنا قسمة رئيسيه للديوان ..يتحدى فيها الشاعر الرصاص والسجان..ويخاطب قوافل لشهداء وهى تمضى حاملة الرايات فى مقاطع موجزة ومركزة
    ملينا الدفتر الاول
    حنملا الدفتر الثانى
    بكل عزيز وانسانى
    حنملا الدفتر المليون
    ونتحول
    رجالا هدوا كتف الموت
    وماهم شمسنا الحية
    اناشيد ثورية يومية
    ويتداخل تحدى السجان مع رفض الموت فيصيران تحديا واحدا مزلزلا
    ولسة عبد الخالق المغوار
    يقود الصف
    ونحن وراه كف فوق كف
    وهاشم قاطع الحدين
    لسة ولسة يملا العين
    واذا كنا فى محال الايماء للسمات الجديد التى يحملها هذا الشعر فلا شك سمة البشارة والبشرى من ابرز ملامح الديوان .. وتتمثل كنموذط فى قصيدتى " اغنية حب للخرطوم " و" يابنوتنا غنن " وحين يشجب الشاعر الحزن لا يستجدى الغناء أو يفتعله ولكنه يغنى الاستشهاد حقيقة .. يقف فى الطليعة حاملا قيثارة ودموعه فرح ومهركان وعرس
    غنى ياخرطوم وغنى
    شدى أوتار المغنى
    ضوى من جبهة شهبدك
    امسياتك واطمئنى
    لماذا تغنى الخرطوم؟ للريح التى هبت وشبت فى اوجه الخونة.. للشهداء الذين عادوا .. زعادت معهم افواج المناضلين من المنافى .. هل هى عودة اسطورية .. ام ان الفنان يحيل الحلم حقيقة ؟ هذا هو السحر الذى بقى فى الفن الرفيع
    ونحن ياست الحبايب
    من ثمارك
    فى دروب الليل نهارك
    وقبل ما يطول انتظارك
    نحن جينا
    وديل انحنا القالو فتنا
    وقالو للناس انتهينا
    جينا زى ماكنا حضنك يحتوينا
    كنا نود أن نقف قليلا لنحلل ذلك التكثيف النغمى فى قصيدة عريس الحمى"
    التى استغل فيها الشاعر ببراعة قافية واحدة ليصور لنا لحظة من
    اشق اللحظات واعنفها ، لحظة الاستشهاد .. ليحلها زفافا وهتافا فكيف يتحول الالم املا والصرخة زغرودة ، والياس ثورة ؟ هذه رؤية الفنان الباسل الذى أمن بشعبه ولم ينكس رايته .. ولكننا ندع القارئ لليوان ليستكشف التاثير ، وسحر اللغة والتحصير الدرامة للحدث ، وواقعية الحوار
    ولن نتعرض للقصائد الفصيحة .. وما قد تتضمنه من هنات فى اللغة او النغم أو القفية فليس هذا مجال مقارنه الفصيح بالعامة .. فالشاعر قد شق دربا جديدا فى شعر العامية ، او قل الادب الشعب الجديد
    ولنتذوق معا حلاوة النغم وروعة الموسيقى الخالصة فى هذه الابيات من قصيدة " اهلا بالاعياد " حيث يخاطب التاريخ
    سجل أنحنا
    برغم جرحنا
    اجتزنا المحنة
    ونحن الليلة اشد ثبات
    تحية لمحجوب شريف فى رحلته التى لامست فيها أوتاره الشمس




    قدر الثبات.. ضد السكات
    أغسطس 1989، قسم المديرية في سجن كوبر

    جيناك
    وكنا طلعنا منك
    نحن مرفوعي الرؤوس
    جيناك مرفوعي الرؤوس
    أفتح زنازينك
    أهو بنفتح صدورا ما بتكوس
    الرحمة تبْ
    ما فينا مِرْقاً فيهو سوس
    بل فينا عِرقاً من جذور الشعب
    عشقاً لا يُداس
    نحن بندوس
    على كل من عايز يدوس
    نحن بندوس
    جيناك وكنا طلعنا منك
    عنوةً كدا واقتدار
    تشهد ترابيسك هديك
    وهدا الجدار
    نهر الجماهير العميق
    جلجل شديد الانحدار
    زلزل حديد الانكسار
    امتد حولك واستدار
    وملا الطريق
    فإذا بأسوار الضفاف
    وسواعد الناس النخيل
    حملتنا أمواج الهتاف
    في ذلك الصبح الجميل
    حملتنا أفواج الكفاف
    ومدامع الفرح النبيل
    الغدر ما ببْقى انتصار
    والانكسار
    المستحيل
    المستحيل.. المستحيل
    اسمعنا يا ليل السجون
    نحن بنحب شاي الصباح
    والمغربية مع الولاد
    والزوجة والأم الحنون
    والأصدقاء
    وإلى اللقاء
    واللّمة عند الأمسيات
    والتكية جنب الأغنيات
    والقدلة في السوق الكبير
    نتمشى نغرق في الزحام
    ملء العيون
    بنحب كدا ونعشق تمام
    إلا بْنكون قدر الثبات
    ضد السُّكات
    ضد التسكُّع والجنون
    جنبا إلى جنب التماسك والحنين
    أفتح زنازينك أهو بنفتح
    شبابيك اليقين







    رسالة الى مريم محمود


    ياوالدة يا مريم ... يا عامرة حنية
    أنا عندي زيك كم ... يا طيبة النية
    بشتاق وما بندم ... اتصبري شوية
    يا والدة يا مريم
    ما ني الوليد العاق ... لا خنتّ لا سراق
    والعسكري الفراق ... بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم ... والدايرو ما بنتم
    يا والدة يا مريم
    عارف حنانك ليّ راجيك تلوليني
    دايماً تقيليني وفى العين تشيليني
    ألقاه عز الليل قلبك يدفيني
    ضلك عليَّ مشرور قيلت فى سنيني
    أنا لو تعرفيني لو تعرفي الفيني
    أنا كم بحبك كم
    والعسكري الفراق بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم ... والدايرو ما بنتم
    يا والدة يا مريم
    طول النهار والليل فى عيني شايلك شيل
    لكني شادّي الحيل لا خوف عليَّ لا هم
    هاك قلبي ليك منديل الدمعة لما تسيل
    قشيها يا مريم
    والعسكري الفراق بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم ... والدايرو ما بنتم
    يا والدة يا مريم
    ما بركب السرجين وما ني زولاً شين
    يا والدة دينك كم دين الوطن كمين
    ما شفتي ود الزين الكان وحيد أمه
    ماليلا كان العين قالولو ناسك كم
    ورينا ناسك وين .. ورينا شان تسلم
    العودو خاتي الشق ما قال وحاتك طق
    تب ما وقف بين بين لى موتو اتقدم
    قال أنا ما بجيب الشين أنا ما بجيب الشين
    أنا لو سقوني الدم
    والعسكري الفراق بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم ... والدايرو ما بنتم
    يا والدة يا مريم
    كم من حبيباً ليَّ كان مالي بينا دروب
    ما ودع الحبان ما وسدوه الطوب
    حي قولي ما حي ووب

    حي قولي ما حي ووب
    ما خلى ساعة الموت يمه السرج مقلوب
    اتشتت الرصاص فى جسمو واتقسم
    لاقاهو يتبسم والحولو حيله وكان
    ريحة صباه تتشم
    زي التقول يومداك يوم العرس يادوب
    قال أنا ما بجيب الشين أنا لو سقوني الدم
    والعسكري الفراق بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم ... والدايرو ما بنتم
    يا والدة يا مريم
    يمه السجن مليان رجالة ما بتنداس
    الختو قبلي الساس والشالو هم الناس
    والفات وليدن ليهو ما مسكو الكراس
    ما سمعو يتكلم ما نحن عود الفاس
    فرسان حمى وحراس فى الحارة نتحزم
    عشم القدر ما كاس ما لاقى بيت يتلم
    عشم الطواه الجوع المتعب المعدم
    والعسكري الفراق بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم ... والدايرو ما بنتم
    يا والدة يا مريم
    ما تقولي شن سويت ما تبكي شن سويت
    غير البطمن ناس بى همهم ساويت
    فارس مع الفرسان حارس بلدنا البيت
    أخواني علو السور أنا طوبة ما ختيت
    ديل من زمن تاتيت لامن كتبتَّ قريت
    عرقنا ياما يدر يمه اللبن والزيت
    الكسرة والكراس لى قشة الكبريت
    تقولي جيداً جيت راجع مع الفرسان
    فايت الحدود واسيت
    وتغني يا مريم لينا وتجري النم
    والعسكري الفراق بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم ... والدايرو ما بنتم
    يا والدة يا مريم








    أغنية حب للخرطوم


    غنى ياخرطوم غنى
    شدى أوتار المغنى
    ضوى من جبهة شهيدك
    أمسياتك واطمئنى
    نحنا منك ريح وهبت
    نار وشبت
    فى وجوه الخانو اسمك ياجميلة
    ونحن ياست الحبايب من ثمارك
    فى دروب الليل نهارك
    وقبل مايطول انتظارك
    نحن جينا
    وديل أنحنا القالو متنا
    وقالوا للناس انتهينا
    جينا زى ما كنا حضنك... يحتوينا
    لما فارسك فينا هبَّ
    وعبَّ حجرك بالمحبة وبالأماني
    صحى نار الثورة تاني وجانا داخل
    زي شعاع الشمس من كل المداخل
    وهز بالمنشور وبشر
    ياما فرهد فى عيونك غصن أخضر
    وفرحة أكبر من شجونك
    والسلاسل يا جميلة
    يوم ما كان ميلاد شهيدك
    يلا غني ولاقي عيدك
    ولى ثمارك لقي ايديك
    جيل مكافح حلَّ قيدك
    فى غضبنا الحر ولافح
    وياما باكر وفى زنازين العساكر
    نبني مجدك ومهرجانك
    وكل قطرة دم عشانك
    ولى جديدك يا جميلة








    بطاقة شخصية


    الاسم الكامل إنسان
    والشعب الطيب والديَّ
    والحزب حبيبي وشرياني
    أداني بطاقة شخصية
    مـن غير الدنيا وقبالو
    قـدامي جزاير وهمية
    المهـنة بناضل وبتعلـم
    تلميذ فى مدرسة الشعب
    المدرسة فاتحة على الشارع
    والشارع فاتح فى القلب
    والقلب مساكن شعبية
    وديني محل ما توديني
    شرد أخواتي وأخواني
    فتش أصحابه وجيرانه
    خليني فى سجنك وأنساني
    فى سجنك جوا زنازين
    أرميني وكتف إيديَّ
    علشان مستقبل إنساني
    وعشان أطفالنا الجايين
    والطالع ماشي الوردية
    وحياة الشعب السوداني
    فى وش المدفع تلقاني
    قدام السونكي حتلقاني
    وأنا بهتف تحت السكين
    والثورة طريقي وأيامي
    معدودة. وتحيا الحرية



    الحب والثورة


    مشتاق ليك كتير والله
    وللجيران وللحلة
    كمان قطر النضال ولىَّ
    وغالي عليَّ أدلىّ
    محطة محطة بتذكر عيونك ونحن فى المنفى
    بتذكر مناديلك خيوطها الحمرا ما صدفة
    بتذكر سؤالك ليَّ متين جرح البلد يشفى
    متين تضحك سما الخرطوم حبيبتنا ومتين تصفى
    سؤالك كان بيعذبنا ويقربنا
    ويزيد ما بينا من الفة
    ويزيدني حماس
    وكم فى قلبي دق نحاس
    وطار من عيني باقي نعاس
    ونحن اتنين بنتقاسم هموم الناس
    أعاهدك يا أعز الناس
    أسامحك لو نسيتيني وأهنتيني وبكيتي عليَّ
    لو فى يوم رميت سيفي ورفعت ايديَّ
    وخنت الثورة جيت والذلة فى عينيَّ
    حرام عيونك يناغموني ويرحبو بىَّ
    حرام ايديك ينومن تاني فى ايديَّ
    بس لكن يا ويلي يا ويلي
    أقبل وين وأقول يا منو
    لمن أخون صباح العين وأخون جيلي
    أعاهدك يا قمر ليلي
    وحاة أمنا الخرطوم
    أشيل شيلي وأموت واقف على حيلي
    وأقول ليك يا أعز الناس
    على الوعد القديم جايين
    ما بين الثورة والسكين
    ثوريين حتى الموت ثوريين
    وأقول ليك يا صباح العين
    بنادق وين بتمنعنا العديل والزين
    قنابل وين بنادق وين

    الهمبريب


    عما قريب الهمبريب يفتح شبابيك الحبيب
    والحال يطيب يا محمد احمد تستجم
    البيت يتم تتلم تلم
    تفرح فرح تحلم حلم
    كم تطمئن
    حقك يجيك لا فيهو شك يمكن
    ويفوتوا هم والعدل يعم
    وتغني أم كادت تجن
    كبر الولد جوه السجن فاقداهو هي
    دا كلو كلو كلو ينتهى
    زولاً تريدو وتستهيه
    تلقاهو في .. لا فى السجن لا مختفي
    لا يقولوا ليك ما تمشي ليه
    زولاً تريدو وتشتهيه
    تلقاهو في .. لا فى السجن لا مختفي
    دا كلو كلو كلو ينتهى
    عما قريب الهمبريب
    يفتح شبابيك الحبيب
    والحال يطيب يا محمد احمد تستجم











    محبة البينا ولا صداقة


    محبّه البينا..
    ولاّ صداقه؟
    ولاّ بداية فرقه طويله؟
    أهو بنتقابل نمشى ونضحك
    وياما نعدّى أماسى جميله
    وكم بتساءل..
    وكم بتفاءل
    ومرّه أكون غلبان الحيله
    واسارع أسارع
    أطوى الشارع
    وبرضو
    خطايا بشوفا تقيله
    واساهر..
    أطرّز باسمك غنيه
    وأنوم والشمسِ
    مسح منديلا
    جبين الدنيا ولفّ جديله
    وأقول أكتبلك..
    أنا من قبلك
    يمكن تبقى الخطوة عديله
    وأقول أصبّر
    يمكن نكبر
    أكبر من تغلبنا وسيله
    وتانى الشوق يشعلنى فتيلة
    وافتش عنك..
    واهرب منك
    وسيرتك دايماً بمشى واجيلا
    محبة البينا ولاّ صداقه
    ولاّ بداية فرقة طويله












    مع السلامة


    كنت عايزك للطويله..
    وللأمانى المستحيله
    وكنت محتاجلك معاى
    والليله بهرب من وسايدى
    من نجيمات المسا..
    العنّك بتسال
    ومن قصايدى
    الليله بهرب من ملامحك
    حتى من فكرة اسامحك
    من الدروب الجينا بيها
    وأىّ حتّه مشينا ليها
    ومن حنينى الكان بيحلم
    لو أماسيكِ
    واصابحك..
    قلبى كم حّباك ياما..
    خَلّى يرحل بالسلامه
    مع السلامه
    مع السلامه
    مع السلامه










    يمة شفتك فى المنام


    يمة شفتك فى المنام
    وانتِ بين سربين حمام
    نازله سكّه وادى أخضر
    شايله سلّة ورد أحمر
    وحزمتين أحلى الكلام
    يتبعوك طفلين حلاوه
    طاروا عصفورين علىَّ
    ركّوا فى اسود عينىّ
    ورحت في غمرة ندواه
    كنتَ مُجْهد
    قلبي فَرْهد
    ورشّ أيامى الغمام
    صحيت وقفت
    مشيت أعاين
    القى بينى وبين عيونك
    كم ضواحى
    وكم مداين
    وانطوت كل الجناين
    فى غيابك
    وفى الظلام









    عَشّه كلّمينا ميرى ذكرينا


    عشة كلمينا ميري ذكرينا
    عَشّه .. كلّمينا
    ميرى.. ذكّرينا
    كل سنكى أحسن
    يبقى ..مسطرينا
    *
    نحن شعب أسطى
    يلا ..جيبو مونا
    نبنى ..نبنى نبنى
    مسرحاً..ونــــادى
    مصنعاً ..وبوسته
    حرب لا لا لا لا
    كبرى..استباليه
    صاله للثقافه
    تسرح الغزاله
    جنبها ...الزرافه
    ركَ قمرى طار
    قيره قيره قيره
    نطَط الصغار
    صفّق الترولى
    طمّن ..القطار
    حلقت ..وحلقت
    حمامة المطار
    كلّ طلقه..بينا
    نحن تبقى وفر
    سمسماً ..وبفره
    سكراً وشاى
    تترا سايكلين..
    جاى وجاى وجاى
    مافى حاجه ساى
    كلّو عندو دِين
    كلّو عندو راى
    بور..وبورسودان
    بارا.. والجنينه
    عبرى ..ولاّ واو
    حاجه مش كويسه
    كلّ زول براو
    هى سودانا بكره
    من سودانا ناو
    تكتب انت تقرا
    تعرف السياسه
    فى محل حراسه
    حجرة الدراسه
    تمشى انت تلقى
    فى الضلمه..لمبه
    ألف ضحكه حلوه
    تسندك بجنبه
    بى تمن طبنجه
    أحسن الكمنجه
    أحلى شتل منقه
    أحسن الحليب
    إيد .. وإيد وإيد
    نزرع الجديد
    غابة النشيد
    إيد..وإيد وإيد
    مافى بينا سيد
    إيد..وإيد وإيد
    نلحق البعيد
    نحنه مش مرقنا
    حته واحده جينا
    جينا لى السرقنا
    حقّنا..وعصينا
    دمّنا..وعرقنا
    ولّعوا الرتينا
    *
    عَشّه..كلّمينا
    ميرى ..ذكّرينا
    كلّ سنكى أحسن
    يبقى ..مسطرينا









    وطنا..

    وطنا..
    الباسمك كتبنا ورطنا
    أحبك
    مكانك صميم الفؤاد
    وباسمك اغنى..
    وتغنى السواقى
    خيوط الطواقى
    سلام التلاقى
    ودموع الفراق
    واحبك ملاذ
    وناسك عزاز
    أحبك حقيقه..
    وأحبك مجاز
    وأحبك بتضحك
    وأحبك عبوس
    بعزة جبالك ترك الشموس
    وما بين ظلالك
    افتش وأكوس
    أفتش طفولتى وملامح صباى
    بناتك عيونن صفاهن سماى
    وهيبة رجالك بتسند قفاى
    صحى بتملا عينى..
    وتشّرف غناى
    بحضرة جلالك..
    يطيب الجلوس
    مهذب أمامك يكون الكلام
    لأنك..
    محنك
    عميق الدروس
    مجيد المهابه ومديد القوام
    شبابك..
    تشابك
    شديد الزحام
    أراهم..
    وراهم
    غبار الحياه
    مداين..
    تعاين
    كأمّ العروس
    تهلل..
    تكلل
    جبين الإمام
    رزازاً يبلل أغانى الخليل
    أصدق كلامك حقيقه وبخاف
    أخاف الطريق..
    اللى ما بودى ليك
    وأعاف الصديق
    اللى ما بهم بيك
    معاك انتظارى..
    ولو بالكفاف
    وعنك بعيداً
    أبيت الرحيل
    وبيك اعتزاز الصباح الجميل
    جميع الأغانى اتكالن عليك
    جميع الأغانى اتكالن عليك











    أحـبك

    أحبك
    حب شديد بالحيل
    كأني ولد
    كبر يادابو
    واتنفّس هوا العشرين
    وشدّ الحيل
    يخربش في الكراريس
    ليل
    وفي الخاطر بنيه
    شديدة اللمعان
    يفكر فيها
    ويتذكر
    مشيها قيبل
    قريب من لفّة الشارع
    رمت في قلبو حنيّه،
    وزي نعسان وما نعسان
    وما هين عليهو النوم
    يغمّد صاحي يتخيّل
    بأنو معاها في طرف البحر قيّل
    وبحلم أنو شدّ الحيل
    وكف...!
    من حارس البستان
    وباللهفه الجنونيه
    ختف وردة البكت
    في حضنو بالفرحه
    وغطّت وشّو بالطرحه
    ونزل جيها
    ما بهدم مكانا السيل،
    إذاهدّم
    ولا بجيها
    بتتوسّد ضراع النهر
    صافي القلب والنيّه
    نصب في ضفّتو الخيمه
    اللّي شدّت وردة أوتادا
    وربت فيها أولادا..
    وأمانيها...
    ويصحى على الشمس
    شرّت على كتف المدن شالا
    ونعست في ضواحيهن
    فوانيس المزارعيه
    وبحزن..
    لما لا ورده بتهبّب
    جنبو شاييها
    ولا الخيمه القميريه
    بترك فيها
    ولا النهر اب صديريه
    ولا الجيها.





    يا شعباً تسامى


    يا شعباً تسامى..
    يا هذا الهمام
    تفجّ الدنيا ياما
    تطلع من زحامها
    زى بدر التمام
    تدّى النخله طولها
    والغابات طبولها
    والأيام فصولها
    والبذره الغمام
    *
    قدرك عالى قدرك
    يا سامى المقام
    يا ملهم
    رماحك سننّاها الصدام
    أم در والطوابى..
    فى صدرك وسام
    ملامح..كم تسامح
    تغضب لا تلام
    *
    همّه وعبقريّه
    ذمّه وفنجريهّ
    ضد العنصريه
    تحلم بالسلام
    *
    فداك وفى حواك..
    يامدد الكلام
    عَفُوك انت ورضاكا
    بِرّنا ليك تام
    وبحلم فى هواكا..
    بى حسن الختام
    دَينك كم علينا
    منك والدينا
    من يوم السمايه
    ومن قبل الفطام
    منّّك كل حتّه..
    وفى الخاطر صبابه
    جنبك نبته نبته
    نكبر نحنّ يابا
    نسألك انت
    وانتَ
    ورينا الإجابه
    علّمنا الرمايه
    والحُجى والقرايه
    والمشى بى مهابه
    فى الضحىوالظلام





    يا شعباً لهبك ثوريتك


    يا شعباً لهبك ثوريتك
    تلقى مرادك والفى نيتك
    وعمق احساسك بى حريتك
    يبقى ملامح فى ذريتك
    *
    على اجنحة الفجر ترفرف
    فوق أعلامك
    ومن بينات اكمامك
    تطلع شمس أعراسك
    *
    ماكَ هوين سهل قيادك
    سّد نفسك..
    مين أسيادك؟
    ديل أولادك
    وديل أمجادك
    ونيلك
    هيلك
    جري قدامك
    تحت اقدامك
    رجع صداك وسجع نحاسك
    وانت نسيج الفدا...
    هندامك
    وانت نشيد الصبح كلامك
    وعطر أنفاسك
    *
    أرفع صوتك..
    هيبه وجبره
    خلى نشيدك علي النبره
    خلى جراح أولادك
    تبرا
    كبروا...
    مكان الضحكه العبره
    إلاّ يقينهم فيك اتماسك
    يا الإصرارك..
    سطراً سطراً
    مَلا كراسك








    حنبنيــهو


    حنبنيهو..
    البنحلم بيهو يوماتى
    وطن شامخ
    وطن عاتى
    وطن خيّر ديمقراطى
    *
    وطن مالك زمام أمرو
    ومتوهج لهب جمرو
    وطن غالى
    نجومو تلالى فى العالى
    إراده
    سياده
    حريّه
    مكان الفرد تتقدم..
    قيادتنا الجماعيّه
    مكان السجنِ مستشفى
    مكان المنفى كليّه
    مكان الأسري..
    ورديّه
    مكان الحسره أغنيّه
    مكان الطلقه
    عصفوره
    تحلق حول نافوره
    تمازج شُفّع الروضه
    حنبنيهو
    البنحلم بيهو يوماتى
    *
    وطن للسلم أجنحتو
    ضدّ الحرب أسلحتو
    عدد مافوق ما تحتو
    مدد للأرض محتله
    سند للإيدو ملويّه
    حنبنيهو..
    البنحلم بيهو يوماتى
    وطن حدّادى مدّادى
    ما بنبنيهو فرّادى
    ولا بالضجه فى الرادى
    ولا الخطب الحماسيّه
    وطن بالفيهو نتساوى
    نحلم..
    نقرا
    نتداوى
    مساكن
    كهربا ومويه..
    تحتنا الظلمه تتهاوى
    نختّ الفجرِ طاقيّه
    وتطلع شمس مقهوره
    بخط الشعب ممهوره
    تخلي الدنيا مبهوره
    إراده
    وحده شعبيّه



    مشتاق ليك كتير والله


    مشتاق ليك كتير والله
    وللجيران وللحلة
    كمان قطر النضال ولىَّ
    وغالي عليَّ أدلىّ
    محطة محطة بتذكر عيونك ونحن فى المنفى
    بتذكر مناديلك خيوطها الحمرا ما صدفة
    بتذكر سؤالك ليَّ متين جرح البلد يشفى
    متين تضحك سما الخرطوم حبيبتنا ومتين تصفى
    سؤالك كان بيعذبنا ويقربنا ويزيد ما بينا من الفة
    ويزيدني حماس
    وكم فى قلبي دق نحاس
    وطار من عيني باقي نعاس
    ونحن اتنين بنتقاسم هموم الناس
    أعاهدك يا أعز الناس
    أسامحك لو نسيتيني وأهنتيني وبكيتي عليَّ
    لو فى يوم رميت سيفي ورفعت ايديَّ
    وخنت الثورة جيت والذلة فى عينيَّ
    حرام عيونك يناغموني ويرحبو بىَّ
    حرام ايديك ينومن تاني فى ايديَّ
    بس لكن يا ويلي يا ويلي
    أقبل وين وأقول يا منو
    لمن أخون صباح العين وأخون جيلي
    أعاهدك يا قمر ليلي
    وحاة أمنا الخرطوم
    أشيل شيلي وأموت واقف على حيلي
    وأقول ليك يا أعز الناس
    على الوعد القديم جايين
    ما بين الثورة والسكين
    ثوريين حتى الموت ثوريين
    وأقول ليك يا صباح العين
    بنادق وين بتمنعنا العديل والزين
    قنابل وين بنادق وين
    مازلت بتذكر

    أنا عارفه اسمك مين


    أنا عارفه شفتك وين
    !ما زلت بتذكر
    !ما زلت بتذكر
    الزمان يا شباب:
    أكتوبر الأخضر
    المكان:
    شارع
    غضبان بيتفجر
    وكنا خمسه بنات..
    عاملات هلال أحمر
    نزحف مع الثوار..
    ونضمد الجرحى
    ضمّدت جرحك ليك..
    وربطتو بالطرحه
    وقبل انت تفيق.. من قبل ما تصحى
    لقيتو اسمك فوق
    مكتوب على الدفتر
    وعرفتَ اسمك مين
    وعرفت إنّك مين
    وعرفت إنّك شاب..
    بتحب بلادك موت
    !مازلت بتذكر
    ما زلت بتذكر







    محبة البينا ولا صداقة ؟


    محبّه البينا..
    ولاّ صداقه؟
    ولاّ بداية فرقه طويله؟
    أهو بنتقابل نمشى ونضحك
    وياما نعدّى أماسى جميله
    وكم بتساءل..
    وكم بتفاءل
    ومرّه أكون غلبان الحيله
    واسارع أسارع
    أطوى الشارع
    وبرضو
    خطايا بشوفا تقيله
    واساهر..
    أطرّز باسمك غنيه
    وأنوم والشمسِ
    مسح منديلا
    جبين الدنيا ولفّ جديله
    وأقول أكتبلك..
    أنا من قبلك
    يمكن تبقى الخطوة عديله
    وأقول أصبّر
    يمكن نكبر
    أكبر من تغلبنا وسيله
    وتانى الشوق يشعلنى فتيلة
    وافتش عنك..
    واهرب منك
    وسيرتك دايماً بمشى واجيلا
    *
    محبة البينا ولاّ صداقه
    ولاّ بداية فرقة طويله










    مساجينك


    مساجينك
    مساجينك
    تغرد في زنازينك
    عصافيراً مجرّحه بى سكاكينك
    *
    نغنى..
    ونحن فى أسرك
    وترجف..
    وانت فى قصرك
    !سماواتك دخاخينك
    مساجينك
    مساجينك
    مساجينك
    *
    برغمك نحن مازلنا
    بنكبر بى زلازلنا
    بنعشق فى سلاسلنا
    وبنسخر..
    !من زنازينك
    مساجينك
    مساجينك
    مساجينك
    *
    حكايات الهوى الأول..
    بنحكيها
    بدايات الغُنا الطول.. نغنيها
    حقيقه وليس تتأول
    !حتخجل من عناوينك
    مساجينك
    مساجينك
    مساجينك
    *
    للسودان عواطفنا
    وبالسودان مواقفنا
    ولّما تهب عواصفنا
    ما حيله قوانيك؟
    مساجينك
    مساجينك
    مساجينك








    أكتوبر هدير الحق


    أكتوبر هدير الحق
    وفارس ليل يشق يا ليل دروبك شق
    ودقت دق
    طبول العزة دقت دق
    يا قرشي الصبي الريان
    جبينك لاح يقطر دم
    وكتفك لافتة فوق شارعنا ما بتنجم
    نشيلا أيادي ما بترتاح
    نشيلا مبادئ ما بتهزم
    وما بنسكت على السفاح يا قرشي
    عبدالخالق العامر يحب الناس
    قدامنا انفتح كراس بخط ايديك وضو عينيك
    سطورو الغالية تتبسم
    ويابا الشفيع الساس
    ضلالة هجير الصيف
    ويا تار البلد جوزيف
    ويا يوليو القلم والسيف
    وضابط حر شديد البأس
    مشينا ونمشي نتحزم
    بمجد الشعب والنبراس
    يا أكتوبر الجايات تسنك سن
    يا أكتوبر الجايات بشائر جن
    على السفاح بيتقسن
    على المستقبل الأحسن
    طلائع الجبهة تتقدم
    ويوم الدم يلاقي الدم
    ويوم تشفع يا موردنا والمنبع
    وتغلي مداخن المصنع
    ويسكت جنبها المدفع
    ونحو القصر حتى النصر
    وليل القصر يتعتم
    وتتقدم طلائع الجبهة تتقدم







    الغويشاية ..


    الغويشاية ..
    هذه سيرة ذاتية لها
    تلك الغويشايه
    هجين الدبله والخاتم
    سلالة كم وكم حاجه
    متل الستره وهاجه
    بختم الدوله لا حوله
    باوراقا الثبوتيه
    صبحت في خبر كان
    اللي كانت ليها محتاجه
    المسيكينه
    ما تسألني كم تمن الغويشايه
    بل جاوبني كم تمن الطمأنينة؟
    ***
    دخري الحوبه للقمريه
    حبة عيش وقشايه
    غويشايه
    تدسدس فيها وتخبي
    يعلم الله بتربي
    علي كل المهن طافت
    من عين الفقر خافت
    بس عين الصقر شافت
    صقر لابس لبس حربي
    وختم الدوله لا حوله
    باوراقا الثبوتيه
    في هنداما متخبي
    صبحت في خبر كان
    اللي كانت بيها فرحانه
    المسيكينه
    ***
    غويشة مي ومريومه
    تماما زي حمامايه
    لم تعرف لها زوجا
    ولم تعرف لها تومه
    وحيده وجوه عشايه
    ***
    بتاتا لم تساسق
    في الطريق العام
    ولا في الحله قوقايه
    وتب ما للتباهي
    ولا لزوم القدله والزينه
    هي المختوته لي يوما
    المدسوسه للحفله
    المحروسه من غفله الموروثه في الخاطر
    المخصوصه للممكن
    يكون باكر
    مسام البيت
    وتسكن في ضرا النومه
    وكم تتعثر القومه
    كتيرا ما
    كتيرا ما
    كتيرا ما
    ككل الناس
    تتم الناقصه بالمويه
    وتبقي الستره عشايه
    ***
    غويشة السترة والحوبه
    ومن تعب التي ظلت
    ترتق للصبر توبا
    تفتق وردة السترة
    التبتق في بنياتا
    وتعتق ذكري حبوبه
    غويشايه
    وفر من سكرا وشايا
    وفر من كسرتا وزيتا
    وكم من باقي ماهيه
    يشيلا السوق كما هي
    بلا سكة رفاهيه
    ولا حتة قماشايه
    تساسق مكتبا وبيتا
    كما كل الافنديه
    حبيبة فول وعيشايا
    تساهر ابرتا وخيطا
    مكنتا مِن زمن ياما
    تحت الداما دواره
    وكل زراره نواره
    تفرهد في قماشايا
    تخليهو القديم لنجي
    يبقي المافي من مافي
    ويبقي البلدي افرنجي
    تقول للذله حاشايا
    ***
    فاما العبد لللاهي
    فزوجاً ليس باللاهي
    قلبي الجمره واطيها
    وماني محلقا ساهي
    ولا متملقا احدا
    ولا متعلقا ابدا
    باموال و لاجاه
    طول العمر ماهيه
    بقت حزمة معاشايه
    اخيرا اصبحت ورقة
    وما بتسد فرد فرقه
    المنديل تمن طرقه
    والصقر ان وقع
    كترالبتابت عيب
    ضرا و درقه
    لذلك يا رضى نفسي
    حزمت الامر من اول
    ما بالخوف بنتحول
    ولا بنجوع بنتسول
    اكيد عمر الكلام اطول
    قصير العمر لو طول
    احب الكلمة لو حره
    احب الستره لو مره
    اعاف الشينه لو دره
    احب العفه بت امي
    حليب الستره في فمي
    دبيب النمله في دمي
    وكت تلقالا عيشايا
    تجر جريا واباريها
    وما بتضل طريق الصف
    للمخزن
    ولم تأذن لنفسها
    تنفرد بيها
    ولن تأذن
    ولم تحزن على ذلك
    ولم تحزن
    ***
    وبعض البعض قد ذهبوا
    الي من عنده ذهب
    وبعض البعض قد مالوا
    الي من عنده مال
    ولكن من ستر حالو
    يمين الله قد نهبوا
    ألا ما اشرف النمله
    ألاما اشرف النمله
    وتبا للضمير
    لمن يصير خمله
    فيا لصا حكوميا
    بختم الدوله لاحوله
    باوراقا الثبوتيه
    بكل ملابس الحمله
    عمل عمله
    عمل عمله
    عمل عمله
    عفيتك لو بقت سكر
    وشاهي وزيت
    عفيتك لو كسيت امك
    صرفت روشتة الوالد
    وراحت في إيجار البيت
    واقول ياريت
    اذا فرحتهم بالحق
    اقول يا ريت
    عفيتك.. لو....
    ولكنك
    دا ما منك
    دا ما منك
    دا من حال البلد ذاتا
    حراباتا وحزازاتا
    ناس السلطة ناساتا
    ناساً فوق و ناس
    تحت الارض اقرب لامواتا
    ضاقت ولما استحكمت حلقاتها
    ضاقت ولما استحكمت حلقاتها
    ياللاسف...
    كم من ولد فاتا
    سهولا، جبالا، غاباتا
    ونيلاً جاري
    في حزة مفازاتا
    هديك لجة موانيها
    وفوق رحمة سماواتا
    ضاقت ولما استحكمت حلقاتها
    كم من ولد فاتا؟؟

    تلفون العالم حوِّل


    تلفون العالم حوِّل
    إتنين وتلات أصفار
    البرق هناك
    مستني
    والشمس على
    استنفار
    فلنزحف نحو
    النور
    لو ننحت بالأظفار
    من حقنا نحلم
    بي عالم
    بي عالم
    يتسالم
    ضدَ التسليح
    الخبز .. الحريات
    المكننة
    والتلقيح
    لن نقبَل بالمعتاد
    العكننة والتبريح
    العدل بلا تمييز
    الحظر على
    البمبان
    العطر مهب الريح
    دوران الأرض
    مراجيح
    والشفع لؤلؤ منثور
    سادين السكَّة
    أناشيد
    ما دين الدنيا
    بساتين
    ورداً..قمصان
    وفساتين
    والنهر بيعمل زقزاق
    من خضرة وحفلة
    ياسمين
    ناساً جينا تم زيناتم
    جنياتم خِلقة
    وأخلاق
    شبت حبت من لسَّعَ
    في الخاطر شوق
    وحنين في عيون
    العُشاق...
    كم مُدُناً طيَّ
    الأشواق
    حاراتا حتملا
    الأسواق
    وشوارع تجري
    ملايين
    لِسَّع في سنَن
    الأقلام
    أنفاس الناس القِدام
    وخُطى الأقدام
    في القرن الواحد
    وعشرين
    من خير الأرض
    الممتد
    تنعم أفواه
    ومناقير
    والحبّه ظلال
    وعصافير
    والخطوة بتبقى
    جماهير
    والهمسة بتبقى
    هتافات
    تتفكك لعب
    أطفال
    وأسرّة وإسعافات
    آفات
    فتكت بالسلم جنازير
    وتقرب بينَّا مسافات
    كنا بنمشيها محاذير
    وتفرهد ياما ثقافات
    تتنفس حق التعبير
    لا رجعة لظلمٍ
    قد فات
    تلقوه هناكَ
    ملفات
    فى ركن القرن العشرين
    إلقاء القبض على
    الخوف
    الخلا النسمة
    أعاصير
    والشجر الأخضر
    أوتاد..
    من حَقنا إننا نحلم
    لن نقبل بالمعتاد
    نتماسك أيدي
    ونرتاد
    القرن الواحد
    وعشرين
    شُبَّاكاً جنب
    الشُباك
    آفاقاً ذاتَ مصابيح
    تلفون العالم حول
    ...
    لا شك االرقم
    !! صحيح










    السنبلايه


    لّما عرفتك اخترتك سعيد البال..
    وختّ شبابى متيقن
    عليك آمال
    لا جيتك قبيله..
    ولا رجيتك مال
    ولا مسحور
    ويوم ما كنت في عينىّ..
    أجمل من بنات الحور
    جيتك عاشق اتعّلم
    من الأيام
    ومن سأم الليالى البور
    ومن أسر الوِلِف كتّال
    لقيتك فى طشاشى دليل..
    وفى حرّ الهجيره مقيل
    ركزت على ضاكِ عصاى
    لقيتك فى حياتى جذور
    بنيّه اتلفّحت بالنور
    مهجّنه من غنا الأطفال..
    ومن سعف النخيل والنيل
    ومن وهج الشمس موّال
    *
    وان اخترتينى إنساناً..
    عزيزَ النفس بتمنّى..
    وبسيط الحال
    علىَّ حرَّمت زرعاً
    ما سقيتو حلال
    ومافصّد حصادو قفاى
    وبينى وبينك الضحكه..
    ورحيق الشاى
    وطعم الخبز والسُتْره..
    ومساء النور
    وعمق الإلفه..
    بين النهر
    والنخله
    وغنا الطمبور
    وصدق العُشْره بين الأرضِ..
    والإنسان
    وبيني وبينك الفكره..
    وجمال الذكرى
    والنسيان
    وحسن الظن
    ومشوار الحيا اليوماتى
    ما بين الجبل والسهل..
    ما بين الصعب والسهل
    عزّ الليل..
    وفى سكّه مطر بكّاى
    فلا هماً تشيلى براكْ
    ولا جرحاً أعانى براى
    ولانا على بعض نمتن
    *
    وتزعلى يوم..
    وازعل
    وننفعل مرات
    تقبّلى منّى..
    واتوسّد ضُراعى سكات
    وفينا حنينه
    تتشابك موده..
    تشابك الغابات
    ونحن اذا اختلفنا سوا..
    بنطيع الصاح
    ولو بتنا القوا بنرتاح
    اذا تمن الملح والعيش..
    رُضا الشمّات
    * وتتكى سنبلايه على ضراعى..
    واميل
    كأنى غنا الطفوله العذبْ
    كأن الدنيا طى القلبِّ والمنديل
    كأنّ الدنيا طىِّ القلب والمنديل





    السودان الوطن الواحد

    مارس حارس ليس يخون
    الألف
    اللام
    السين
    الواو
    الدال
    الألف
    النون
    السودان الوطن الواحد
    ما قد كان وما سيكون
    *
    مارس ماسك كتف ابريل
    أعظم شعب...
    وأعظم جيل
    نعمَ بنادق لا ترتد
    لصدر الشعب..
    الغدر دخيل
    *
    شعباً صمم فرداً فرد
    هبّ وهدّم حكم الفرد
    وجاهو عديل
    إعصار إعصار
    خطوه بخطوه..
    وايد على ايد
    وسِلّم سِلّم
    ما بنسلم
    وشعب معلم..
    قال اصرار:
    عصينا عصينا
    على الحريه منو بوصينا؟
    نحن الشعب المابحتار..
    اختار اختار
    ديمقراطيه
    بلا أميّه
    بأيدى قويه
    نحفر أعمق..
    نرمى الساس
    للسودان الوطن الحر
    مرفوع الراس
    للحريه بلا دوريّه
    ولا تفتيش
    ولا حق ينداس
    *
    ديمقراطيه عمود النور
    ولما تغطى حقول القمح..
    الأرض البور
    والمكنه تدور
    وترفع صوتك يا مقهور
    وبينا وبين العالم سد
    ينهدّ..
    وسور
    *
    مارس حارس ليس يخون
    الألف
    اللام
    السين
    الواو
    الدال
    الألف
    النون
    السودان الوطن الواحد
    ما قد كان وما سيكون
























    الطاؤوس

    يا ماشي كالطاؤوس
    على مكتبك محروس
    يا سلام .. سلام .. يا سلام
    على خطوك المدروس
    سلام .. يا سلام
    حظك عظيم يا عظيم
    على قمة التنظيم
    وعرفت ساسه يسوس
    أنا يعني جنبك إيه
    لا تكيتك للكاب
    ولا لمعة الدبوس
    أنا يعني جنبك إيه
    ود المره البتعوس

    وتسوي طول الليل
    طعمية بالفانوس
    أنا يعني جنبك إيه
    إنسان شقي ومنحوس
    دايما علي محبوس
    والتهمة اني فقير
    وعميل كمان للروس
    بتذكرك بلباص
    في المدرسة وبصاص
    دايما فطورك خاص
    وكمان مدرس خاص
    ولا مره جيت بالباص
    سألونا يوم عن مين
    صديقكم الفي الصين
    جاوبت ابن العاص
    مليون قلم باركر
    ومليون قلم رصاص
    لامن طلعنا يمين
    تبصم على الكراس













    يا اللي بتسمع .. والما بتسمع ..

    يا اللي بتسمع .. والما بتسمع ..
    لازم تفتح اضانك .. وتسمع
    صوت الشارع لمن يدوي ..
    كل قلاع الخونة بتهوي..
    وكل جباه الكهنة بتركع
    وشمس الحق السرقو شعاعها
    بكرة بامر الشعب .. بتطلع
    ياللي بتسمع ..
    والما بتسمع ..
    نحن اسودا ما بتدجن
    ونحن سدودا ما بتهدن
    ونحن جبلا ما بتصدع ..
    لملم ناسك .. ولحمة راسك ..
    وارفع ايدك عننا .. ارفع
    يا اللي بتسمع
    والما بتسمع
    لو بي بنادقك ما بترهبنا
    ولو بى خنادقك ما بترعبنا
    والتاريخ يا جاهل .. بيشهد
    والايام لسع بيناتنا
    وكل الحق الضايع بيرجع
    يا اللي بتسمع
    والما بتسمع
    .اسأل كل العسكر قبلك
    وكل الحاول فكر متلك
    الاستأسد .. والاتنمر..
    مهما استعلا.. ومهما استكبر
    برضو في يوم الغضبة بيهلك
    وبيلقى مصيرو .. نفس المصرع
    واننا أمة عظية اصيلة
    لينا خصايص ما في مثيلها
    وفينا طباع بالفطرة نبيلة
    والاسلام ما جانا الليلة
    ولا اخلاقو علينا دخيلة
    الايمان من بدري سبيلنا
    والقرآن في الصدر دليلنا
    انقى .. وارقى .. واسمى .. وارفع
    يا اللي بتسمع
    والما بتسمع
    نحكي ليك لو كان ما بتعرف
    حاجة بسيطة بس عن ماضينا
    انحنا رضعنا الثورة رضاعة
    وبالوطنية انحنا ربينا
    التدجيل ما بنفع فينا
    والتضليل ما بيمشي علينا
    انحنا عبرنا السكة مشينا
    وشفنا عدونا .. وشفنا صفينا..
    وما بنهاب لا سيخ .. لا مدفع
    يا اللي بتسمع
    والما بتسمع
    الانقاذ ما بالدبابة
    ولا احلام شايلاها سحابة
    ولا اوهام عالم كضابة
    ولا ارقام خاوية .. وخلابة
    والاصلاح ما جربندية
    الاصلاح ما بالزندية
    الاصلاح عدل .. وحرية
    الاصلاح موضوع .. وقضية
    الاصلاح عزقة .. وطورية
    نحن بنفكر بتاريخنا
    يا اللي بتسمع
    والما بتسمع
    نحن اولاد الوطن الواحد ..
    متسامحين من يوم ما قمنا
    عشنا حبايب ولسه حبايب
    ما اتخاصمنا ولا اتصادقنا
    فينا مساجد بتهليلها
    وفينا كنايس بي انجيلها
    وفينا معابد يسرج ليلها
    ربنا واحد .. وشعبنا واحد
    وحبنا واحد .. ودربنا واحد
    يا اللي بتسمع
    والما بتسمع
    دايرين نختم نحن كلامنا
    ودايرين نحسن نحن ختامنا
    للاحرار نديها تحية
    وللثوار تعظيم وسلام
    نحن الفوق الشمس مقامنا
    ونحن جبين الثمسر مرامنا
    ونحن وقود الحارة .. ونارها
    ونحن منية الباغي .. سهامها
    الا ارادة المولى ارادت
    حكمت فينا .. وفي حكامنا
    بعد ما ازهري كان هو زعيمنا
    بعد المهدي الصلى امامنا
    بعده الغرد الضوو جبينا
    بعد الدرر الزانو زمانا
    جات البقرة عشان تحكمنا
    وام رخم الله مشت قدامنا
    جل جلالة الملك الواحد
    يأتي وينزع
    ويعطي ويمنع
    ويخفض .. ويرفع
    يا اللي بتسمع
    والما بتسمع
    يومك قرب يا ظالمنا
    وبكرة حناخد منك تارنا وما بنرجاهو حساب الآخرة
    داكا حسابا من غفارنا
    يمكن يصفح .. ويمكن يسمح
    ويمكن يعدك من اشرارنا
    الا انحنا حسابنا براهو
    يوم الحارة بتوقد نارنا
    تحصد كل الداسو حقوقنا
    تحرق كل الخربو ديارنا
    دايرين نعرف وين شهدانا
    دايرين نعرف وين ابرارنا
    والشرفا الراحو اوانطة من طلابنا ومن احرارنا
    والآلاف الشردتوها من خبراتنا ومن اخيارنا
    والمؤتمرات الدبلجتوها من اخوانا ومن اعمارنا
    نحن عرفنا البير وغطاها
    ونحن خلاص ... قرارنا
    ونحن حنضرب كل العملا
    ونحن حنصلب كل الجهلا
    نحن حنغبن عصابة القتلة
    ومن الباغي حناخد تارنا
    وعالية ترفرف راية العزة
    وغالية عزيزة حترجع دارنا
    ونور الفجر القادم يسطع
    يا اللي بتسمع
    والما بتسمع















    مريم محمود

    مجنون
    مجنون مجنون
    مجنون مجنون مجنون
    مجنون مجنون مجنون مجنون
    مجنون مجنون مجنون
    مجنون مجنون
    مجنون
    مجنون الحزن المسجون
    بارود الحزن المسحون
    جوااااي انا شافع محزون
    عن امو بفتش فتيش
    فتش فتيش هبش هبيش
    دقش دقيش
    يصرخ ياناااااااس
    مريم محمود راحت شقيش
    يصرخ ياناااااااس
    مريم محمود راحت شقي
    ش
    يصرخ ياناااااااس
    مريم محمود راحت شقيش
    في زنك اللحمة وفي الزحمة
    مريم محمود راحت شقيش
    في منحنيات الاسواق
    مريم محمود راحت شقيش
    ولا آه يا مريم محمود
    آآه يامريم محمود
    آآآه يامريم محمود
    آآآآه يامريم محمود
    آآآآآه يامريم محمود
    ياذات الضل الممدود
    ياذات القلب الساساق
    حتلت جواي الاشواك
    حتلت جواك الاشواك
    وكنت الولد المفقود
    لا هجراً ليك ولا عاق
    لا هجراً ليك ولا عاق
    حبيتك ذي ما حبيت
    الوالد
    الوطن
    البيت
    منك خطفوني تماسيح
    كم مرة وخلو التباريح
    كم جيتك راجع مسحور
    بذات الوجه المغرور
    البيني وبينك عصفور
    علي قلبومنشن صياد
    علي قلبومنشن صياد
    علي قلبومنشن صياد
    ظلموك يامريم ظلموك
    حرموك يامريم حرموك
    خلوك الدمعة تفصد خدك في الاعياد
    خلوك الدمعة تفصد خدك في الاعياد
    خلوك الدمعة تفصد خدك في الاعياد
    مشوك في الشوك علي حد السيف
    اتعلمتي الشك في الغربا
    وكنتي ملاذ الشتا والصيف
    سرقو امانك وإطمئنانك
    قلبك كل ما باب الشارع دق يدق
    قلبك كل ما باب الشارع دق يدق
    قلبك كل ما باب الشارع دق يدق
    قلبك كل ما باب الشارع دق يدق
    قلبك كل ما باب الشارع دق يدق
    يدك ترجف في الصقاطة
    وشك شاحب ربنا يستر يمكن هم
    وشك شاحب ربنا يستر يمكن هم
    وشك شاحب ربنا يستر يمكن هم
    وشك شاحب ربنا يستر يمكن هم
    تفرحي فرحاً قدر الدنيا
    تفرحي فرحاً قدر الدنيا
    تفرحي فرحاً قدر الدنيا
    تفرحي فرحاً قدر الدنيا
    تفرحي فرحاً قدر الدنيا
    إذا ما كان الطارق صاحب
    حالا نارك بالهبابة لهيبا يبق
    وحالا نارك بالهبابة لهيبا يبق
    وحالا نارك بالهبابة لهيبا يبق
    حالا نارك بالهبابة لهيبا يبق
    حالا نارك بالهبابة لهيبا يبق























    يا شعبنا

    يا شعبنا
    يا والداً أحبنا
    يا من منحت قلبنا ثباتك الأصيل
    اليك هذه الرسالة القصيرة الطويلة
    اليك من زنزانة تخاصم الفصول
    اليك رغم أنف كل بندقية
    وحقد بربرية
    وكلمة شقية.. اليك منا الحب والسلام والتحية
    ودمت يا أبي حبيبنا وبعد أدبتنا
    أحسنت يا أبي
    فلم نتابع الهوى وكأنما هابيل ما ارعوى
    وكم غوى وتاه فى الأنا
    أراد للدماء ان تسيل
    ونحن مثلما عرفت يا أبي بفضلك الكريم
    أشرس الرجال حينما نقاوم
    نموت لا نساوم
    ندوس كل ظالم
    ونفتح الصدور للمدافع الثقيلة
    ومن هنا أبناؤك الرفاق باسمك العظيم أقسموا
    فصيلة فصيلة
    أن يثأروا لصرخة الأمومة الجليلة
    لطفلة جميلة.. تنفست قليلا.. تمددت قتيلة
    رصاصة فى جنبها وطعنة فى قلبها
    لم تعش طويلا
    لكن مليون مثلها سينجب النضال
    يا أبي حقيقة
    فكم من حديقة تفتحت على حطامها حديقة
    وكم مكان نخلة هوت علت نواتها وزادت ارتفاعا
    أجمل الأطفال قادمون ساعة فساعة
    عيونهم أشد من عيوننا بريقا
    دورهم بما وهبت أكثر اتساعا
    وحينما يكبرون يا أبي
    سيوفهم تزيد من سيوفك الطوال طولا
    لأن بذرة الحياة ليست الرصاص
    لأن بذرة الحياة ليست الرصاص










    واحلالي

    واحلالي القبلي شال شبال لمع برق المهيرة
    قيرة قيرة يا مطيره
    يا رزاز الدم حبابك
    لما يبقى الجرح عرضة ولما نمشي الحزن سيرة
    من دمانا الأرض شربت موية عزبة
    كل ذرة رملة شربت حبة حبة
    موية أحمر لونها قاني
    فتقت ورد الأغاني
    تهدي لى اسمك رمزاً للوطن كنز المحبة
    قيرة قيرة يا مطيرة يا شهيد الشعب أهلاً
    مش بتطلع كل يوم الشمس أجمل
    وكل يوم النخل أطول زيدو قامة
    وياما شفتك ياما ياما
    لما شفت البدر طالع فى سما الوطن ابتسامة
    إنتّ فى النهر البسافر جاري طول العمر صاحي
    طبعو منك يا الملامحك من ضفافي
    واللي شافك مرة شافو
    واسمك الختيتو فرهد عشب أخضر فى الجناين
    فى الشوارع نيمة نيمة فى مصابيح المدينة
    فى فوانيس الضواحي
    تملا نادي الحلة سيرتك
    اسمك الخلانا نقدر فى ظلام الليل نعاين
    والبتسأل عنو ده الخليتو شافع
    لسه دابو
    يا ما حيعجبك ، شنابو
    صوتو رقان فيهو بحة
    ود فلان اصرار وصحة
    عندو قصة حب جميلة
    جرب آلام الحراسة وحرض أولاد الدراسة
    وهدّو حيل العسكرية
    البنية أم طرحة كبرت
    يا سلام الفنجرية
    ليها راية وبى كلامها وبى اهتماماتها الجديدة
    دقت أجراس القصيدة وشدت أوتار الصلابة
    الكتوف اتلاحقت فى السكة يابا
    واحلالي القبلي شال شبال لمع برق المهيرة
    قيرة قيرة يا مطيرة يارزاز الدم حبابك
    لما يبقى الجرح عرضة
    ولما نمشي الحزن سيرة






    جميلة ومستحيلة

    يا جميله..
    ومستحيله
    انت دايما زى سحابه
    الريح تعجّل بى رحيلها
    عيونى فى الدمعات وحيله
    اسمحيلا تشوف عيونك..
    اسمحيلا
    أنا لا الصبر قادر عليّ..
    ولا عندى حيله
    يامراسى الشوق تعالى
    لا الليالى تمر بدونك هى الليالى
    من ضواحى الدنيا جيت..
    وعليْ رحالى
    لمداين فوق عيونك يا محالى
    ريّحينى..
    أسُتْرى حالى
    فرحينى
    عيونى فى الدمعات وحيله
    أنا لا الصبر قادر عَلَىْ..
    ولا عندى حيله
    حدّثت عنك نجمة جارة
    وزرعت اسمك..
    حارة حارة
    فى مناديل العذارى
    فى مشاوير الحيارى
    فى لحى الأشجار كتبتو..
    نحتو فى صم الحجارة
    وبحت للشمس البتقدل..
    فى مدارها
    عيونى فى الدمعات وحيله
    اسمحيلا تشوف عيونك
    اسمحيلا
    أنا لا الصبر قادر عَلَىْ
    ولا عندى حيلة
    وانتِ منك لا بداية..
    عرفت لسّه ولا نهاية
    مرة أسرح..
    ومرة أفرح..
    ومرة تغلبنى القراية
    ولّمن أكتبلك وداعاً..
    قلبى ينزف فى الدواية
    يا صبيّة..
    الريح ورايا
    خلي من حضنك ضرايا
    عيونى فى الدمعات وحيله
    اسمحيلا تشوف عيونك
    اسمحيلا
    أنا لا الصبر قادر علىْ..
    ولا عندى حيلة











    يابا مع السلامة
    يابا مع السلامة يا سكة سلامة
    في الحزن المطير
    يا كالنخلة هامة
    قامة واستقامة
    هيبة مع البساطة

    اصدق ما يكون
    راحة ايديك تماماً متل الضفتين
    ضلك كم ترامى حضناً لليتامى
    خبزاً للذين هم لا يملكون
    بنفس البساطة والهمس الحنون
    ترحل يا حبيبي من باب الحياة لباب المنون
    روحك كالحمامة بترفرف هناك
    كم سيرة وسريرا من حولك ضراك
    والناس الذين خليتم وراك
    وعيونم حزينة بتبلل ثراك
    ابواب المدينة بتسلم عليك
    والشارع يتاوق يتنفس هواك
    يا حليلك حليلك يا حليل الحكاوي
    تتونس كانك يوم ما كنت ناوي
    تجمع لم تفرق بين الناس تساوي
    نارك ما بتحرق ما بتشد تلاوي
    ما بتحب تفرق من جيبك تداوي
    الحلم الجماعي والعدل اجتماعي والروح السماوي
    والحب الكبير
    في الزمن المكندك والحزن الاضافي
    جينا نقول نفرق نجي نلقاه مافي
    لا سافر مشرق لافتران وغافي
    وين عمي البطرق جواي القوافي
    يا كرسيه وسريرو هل ما زلت دافي
    يا مرتبتو امكن في مكتبتو قاعد يقرا وزهنو صافي
    يا تلك الترامس وينو الصوتو هامس
    كالمترار يساسق يمشي كما الحفيف
    كم في الذهن عالق ثرثرة المعالق والشاي اللطيف
    تصطف الكبابي اجمل من صبايا
    بينات الروابي والضل الوريف
    احمر زاهي باهي يلفت انتباهي
    هل سكر زيادة ام سكر خفيف
    ينده للبنية يديها الحلاوة
    والخاطر يطيب
    يدخل جنو منو محبوب الشقاوة
    يستنى النصيب
    الدفو والنداوة السنا والعبير
    كالغزلان هناك في الوادي الخصيب
    حيث الموية عذبة والغصن الرطيب
    كم تحت المخدة اكتر من مودة
    للجنا والغريب
    عش وعشب اخضر جدول من حليب
    يابا ابوي يا يابا
    الشمس البتطلع بلت منو ريقا
    والنجمة البتسطع فيه تشوف بريقا
    الندى في حركتو يطفيها الحريقة
    ننهل من بركتو زي شيخ الطريقة
    شاييهو وطرقتو والايدي الصديقة
    يلا نسد فرقتو حب الناس درقتو
    يا موت لو تركتو مننا قد سرقتو
    كنا نقول ده وقتو لكنك حقيقة
    النفاجو فاتح ما بين دين ودين
    نفحة محمدية دفئاً كالضريح
    ميضنة كم تلالي جيداً في اليالي
    مجداً في الاعالي
    مريم والمسيح
    قلباً نبضو واصل ما بين جيل جيل
    ما بين كان وحاصل او ما قد يكون
    ما بتشوف فواصل الا الذكريات
    وآلام المفاصل بعضاً من شجون
    يابا مع السلامة يا سكة سلامة
    في الحزن المطير







    ود باب السنط

    البكري هاج وماج
    مدناً من تراب
    قد جيتا
    فوق أمواج
    يا مك الحديث
    اللى الكلام دراج
    الحبرو ما مهماج
    ودباب السنط
    والدكة والنفاج
    والحوش الوسيع
    والساكنين أفواج
    واللمة التي ربت جنا المحتاج
    والنار الدغش
    والريكة جنب الصاج
    والشاي باللبن
    برادو لابس تاج
    صينتو الدهب
    ترقش كبابى زجاج
    والسكسك المنضوم
    حول الجبينة نجوم
    والفنجرية تقوم
    تقهوج الحجاج
    طق طرق يابن
    القهوة كيف ومزاج
    خلى النعدل الراس
    ونحصل الطرماج



    عشرة مقاطع للحياة

    ( 1 )

    غطى الجبال الليل
    لكن هدير السيل
    لكن صهيل الخيل
    نار الغضب والجوع
    تحت الجبل مسموع
    يضووا عز الليل

    ( 2 )

    والموج شديد الظلام
    غطى الشهيد الهمام
    لكن دماهو بتقيد
    لكن طريقو المجيد
    ابداً شديد الزحام
    رايات ترفرف غمام
    ينزل رزاز النشيد
    والنجمة تلمع هناك
    رغم المكان البعيد

    ( 3 )

    والنهر عبر السنين
    يزحف بعنف وبلين
    في الليل بيلمع يبين
    فارس بسيفو السنين
    يحمينا حضنو الامين
    نطلع بكتفوا الشمال
    ننزل بكتفوا اليمين
    لكنو مين يقدر يقول
    أنا سيدو مين

    ( 4 )

    في منحنى الدرب الطويل
    الحبة تفلت من جراب
    عابر سبيل مسكين هزيل
    عطشان يموت في السكة
    ما يتم الرحيل
    تكبر تشيل تلبس جميل
    تصبح مقيل عابر سبيل

    ( 5 )

    عصفورة من أخر بلاد
    في رحلة لي أخر بلاد
    تعرف مواعيد الحصاد
    وكل دورات الفصول
    وأنضر ايام الحقول
    وتعادي أسراب الجراد
    وتنادي لوكركب زناد
    صياد على العش والولاد

    ( 6 )

    أنسانة ابسط ما يقال
    لو صاح
    اعز من النساوين الرجال
    أنثى ولا دستة رجال
    تمشي وما بتطأطي
    ما بين بير وشاطي
    تطلع عالي واطي
    نهارها مع السواقي
    وليلها مع الطواقي
    وعمرها للجهال

    ( 7 )

    والنملة في الصف العجيب
    وعلى انفراد
    نفس النشاط والأنضباط
    نفس الحماس
    تسعى وتجيب ولا من رقيب
    ولا حتي في الأمر التباس
    ولا في اختلاس
    أحسن كتير من بعض ناس
    ولا في اختلاس
    وهيلا .. وهيلا هيلا .. هيلا
    تلقى تفسها في سفينة
    وهيلا .. وهيلا هيلا .. هيلا
    تاني في شارع مدينة
    والحكمة بنفس الحماس
    تلقاها في الصف العجيب
    كم مرة تهرب من مداس
    من طفل عابث ومن لهيب
    بالحبة تمسك في عناد
    الحبة ملك الاتحاد

    ( 8 )

    والحكمة في مر السحاب
    والعلاقة البينو ما بين الجذور
    واللسة في الباطن بذور
    وغنا الطيور
    والمعركة الدارت تصلصل
    بسيوفها وبالحراب
    والعلاقة البينو بين الغابة والهبابة
    والربابة والمنديل
    ومجرى النيل وضلفة باب
    وبكية طفلة في الكتّاب
    تفتش عن قلم رصاص
    وقع في الباص
    وحس رصاص هدر في ناحية
    فيها العيش حكر للجيش
    بتاكل من زمن مافيش
    وتشرب من زمن مافيش
    وكان اضراب

    ( 9 )

    والشمس تطلع يبين
    ادق ما في الجبال
    تبدأ الموانئ العظيمة الهدور
    وتصحى المصانه بيهمة وتدور
    ووتملأ الشوارع وكل الجسور
    وتشفى الصدور
    جموع الشغيله خطاها ثقيلة
    تخلى القصور تحس بالفتور
    وحمى الزوال

    ( 10 )

    تصحى المدينة
    تقوم تستحم وتولع سيجارة
    تدخن تسخن بشاى الصباح
    وحق الملاح وسيد الجزارة
    وتقعد تدندن تخيط زرارة
    ترتق هدوما وتفتق هموما
    وتسب الحكومة وتفن الريال
    وتنفض سريعاً غبار النعال
    وتنزل تواجه مشاكل عويصه
    تشرّط قميصا وتدق العيال
    ليه العيال يعيش النضال
    يخلى الحكومة تدخن تسخن
    بنار الكفاح
    وتقعد تطنطن لحدي الصباح
    بتطلع بتطلع حزينة وكتومة
    تشرّط هدوما وتحش المصحة
    يعيش الأصح يعيش النضال
    وضروري النضال


    وتر مشدود

    سلمت
    خايف كنت ما يسلم قلب مبسوط
    حلمت
    قبلك كنت لا بحلم ولا موجود
    معاك بحلم كأني على فرس طاير بغني على وتر مشدود
    واطير عبر السما المدود
    سما الوطن اللي مالو حدود
    حمامة جناها لا خايف ولا مفقود
    واشر الغيمة خيمة على النجم وارتاح
    أصادف أجمل الغابات واصادق غصنك الفواح
    واشرب من زوايا القلب جنبك اخر الأشباح
    وتفتح كلمة من عينيك لي مجرى الغنى المسدود

    واخط اسمك على باب الزمان اكليل
    وردة صبية تلمع صديري النيل
    وباسمك أغني لي عالم بسيط وجميل

    وانادي عليك ملاذا في شتا الأيام
    وبردا في الحياة وسلام
    وفي شدة هجير وزحام

    جزيرة حنينة بين نهرين حنان القاك عليك اتلم
    وهودج في صحاري الهم
    وعالي النخيل عليك اتلم
    وفي السكة اللي ما بتعود معاك
    لآخر المشوار نغني على وتر مشدود








    الشهيد


    صدقنى أنا لا قيتو امبارح
    لا بحلم كنت ولا سارح
    كان باسم وشامخ كالعادة
    نفس الخطوات البمشيها
    نفس الكلمات الوقادة
    كان فاتح قلبه على الشارع
    صحيح أنا قبلك صدقت
    جريت وبكيت لما سمعت
    يوم نفذوا حكم الاعدام
    لكنه بكل تفاصيلو
    جسمو .. لونو .. ضحكو .. صوتو
    مشيهو وطولو
    لاقانى وبحلف نتأكد
    لا طيف لا واحد من جيلو
    فوجئت حقيقة وبصراحة
    لو مش أبعادو الشخصية
    والسوق .. الحركة هدير الكارو
    حديث المارة مع الباعة
    والناس ، الداخل للبوسته
    الطالع منها ، والساعة
    زى سبعة صباحا ، والشارع
    مليان عمال وأفندية
    وفى طول الوقت وكنت بفكر
    امكن بحلم
    امكن كل الحاص اشاعة
    بس لكنى جرية قريت أيام المحنة
    سمعت اذاعة
    وكل الزملا الشهدا ، شرفنا
    صانو شرفنا بكل شجاعة
    واستبسالم كان فى الدنيا
    حديث الساعة
    وشفت بعينى
    فتشو بيتنا وبيت جيرانا
    رفعت ايدى
    مرة الدبشك ، ومرة السنكى
    ومرة زناد ما بين عينى
    دا كلو تمام انا وعشتو
    لحظة بلحظة مشاهد حيه
    بس لكنو هداك قدامى
    كمان شايفنى بعاين لى
    وفطول الوقت .. كنت بفكر
    امكن بحلم
    امكن امانى
    امكن بشبهو واحد تانى
    وفجأة الصوت اياه .. عرفتو
    عرفتو الما بغبانى
    "يااخينا ازيك"
    اهلا مرحب .. ايوه اتفضل" نادانى
    مشيتلو.. مصدق وما مصدق
    سلمت بقلبى واحضانى
    وشعرت كأنه بيعرفنى
    شعرت كأنه بيقرانى
    راجل نكته عميق ومهذب
    رائع جدا وانسانى
    ولما جمعنى وشجعنى
    سألتو بدهشة عن الحاصل
    قاطعنى .. "بتعنى الاعدام؟
    اعدامنا .. بتقصد اعدام؟
    الموت لو شنقا حتى الموت
    الموت .. لو رميا بالرصاص
    ما هو الموت"
    "الشعب يقرر من الحى والميت مين
    الشعب يقرر مين الحى والميت مين
    ونحن عمرنا القدام
    الحزب .. اليقظة .. الاقدام
    الحزب .. اليقظة .. الاقدام
    الحزب .. اليقظة .. الاقدام"
    وبسرعة انكسر الميدان بالناس
    عشرات العشرات
    أطفال .. عمال .. وطليعيين
    وبنات طيبات
    ومنشورات







    أغنية حب لعبد الخالق


    الفارس معلق، ولاّ المُوت مَعَلق
    حَيَّرنا البَطل
    يا ناس الحَصل
    طار بي حَبلوُ حَلَّقْ
    فَجَّ الموت وفات، خلى الموت معلق
    في عينينا بَات
    وسط الناس نَزل
    بالحزب الشيوعي
    ومن كل الزوايا
    وليِ ما لا نهاية
    وضاح المبادي .. ممدود الابادي
    بالحب والتحايا
    ابزيد الهِلالي
    في عصر الدراية
    والطفل البتاتي من يوم السماية
    والحزب الشيوعي
    ومن كل الزوايا
    ولي مَالا نهاية
    ومن كل الشوارع
    وفي كل المطالع
    طابع حسنو طالع
    في سُهد المصانع
    وفي عبق المزارع
    وفي رشة غمامة
    وفي منقار حمامة
    تحت الأرض بذرة
    وفوق الشمس هامه
    بالحزب الشيوعي
    ومن كل الوَسايد
    وفي نبض القصايد
    عَبده حَبيبي عايْد
    عايد ألف عايد
    من بين الشدايد
    في هُوج الليالي
    جرحه الكان بلالي
    في الشارع علامه
    طال في الدنيا قامة
    وزاد في العين وسامة
    وعايد لِسه عايد
    عايد بالسلامة
    في الحزب الشيوعي






    ملينا الدفتر الأول

    ملينا الدفتر الأول
    حنملا الدفترالثاني
    بكل عزيز وإنساني
    ولسه ولسه عبد الخالق المقدام يقود الصف
    ونحن معاه كف فوق كف
    وهاشم قاطع الحدين
    لسه ولسه يملا العين
    يعيشوا ومت يا سفاح
    ومات الموت
    حسير الصوت
    ويا يابا الشفيع الساس
    وضلالة هجير الصيف
    ويا تار البلد جوزيف
    ويا يوليو القلم والسيف
    وضابط حر شديد البأس
    مشينا ونمشي
    ونتحزم بمجد الشعب
    والنبراس










    هكذا أستشهد البطل
    هادئًا كان أوان الموتِ
    عاديًا تماما
    وتمامًا كالذي يمشي بخطوٍ
    مطمئنٍكي يناما
    وكشمسٍ عبرتها لحظةٌ كفُ غمامة
    قال مع السلامة
    لوّح بابتسامة
    ثم ارتمى
    وتسامى
    وتسامى
    وتسامى
    غارقًا في دمه
    واسمنا في فمه
    وتسامى
    وتسامى
    وتسامى
    والآسي حزمة كبريتٍ رماها
    في ملايين الأيادي
    ناهضًا بكل عينٍ وفؤادي
    مالئاً كل زمان ومكان في بلادي
    وغدا الموت والجلاد
    أسيرين حسيرين
    ذليلين حقيرين أمامه
    سيبقى رغم سجن الموتِ
    يبقى رغم سجن الموتِ
    غير محدود الإقامة
    غير محدود الإقامة

    وا حلالي
    وا حلالي أنا وا حلالي
    أريتو حالك
    يابا حالي
    أموت شهيد نجمي البلالي
    وأخلف إسما لي عيالي
    الشفيع يا فاطمة في الحي
    في المصانع وفي البلد حي
    سكتيها القالت أحي
    ما عماره الأخضر الني
    بدري بكر خضر الحي
    ومات شهيد أنا واحلالي
    يا المصانع يالسكك الحديد
    يا ورش نارها بتقيد
    يا عمال الميناء البعيد
    جروا حبل اليوم السعيد
    وشايفوا قرب أنا واحلالي
    أحمد أحمد تكبر شيل
    إسم أبوك في النجم والنيل
    خظ أبوك بالدم النبيل
    كل زهرة وزهرة إكليل
    ومات شهيد أنا واحلالي









    قاسم أمين

    الطارق مين؟
    أنا قاسم أمين
    أهلاً بالراي
    شيخ السراي
    أتفضل جاي
    أعمل لك شاي
    اللحظة معاك
    بتساوي سنين
    أديتني حواس
    وحماس ويقين
    كلمته الناس
    كم واحد قال
    أديتو حواس
    وحماس ويقين
    لأنك يابا
    نقابة وغابة
    وحس ربابه
    وغنا أطفال
    ودياليكتيك
    تقرأ كتاب الزمني الجائي
    وتكشف سراً في ألأعماق
    وتنحت تنحت في الآفاق
    أنفاق .. أنفاق
    تشوف المدن اللسه
    مكانه تراب وخلا
    تشوف أهلا
    وهم لسه حنين
    في عيون عشاق
    الطبقة العاملة
    رعيته جنين
    هسع عملاق
    درع الوطن
    الواقي وباقي
    وحلم الناس
    المغلوبين
    أديتني حواس
    وحماس ويقين
    لأنك يابا
    نقابة وغابة
    وحس ربابه
    وغنا أطفال
    ودياليكتيك








    مريم ومي بنياتي

    مريم ومى بنياتي وحشتّنى ولعبتن بى
    تحياتى تصحو امامى اشواقا تهز النبض وتاكى
    عميقا من شعاب النوم الاقى الذكري بتاكى
    سلاماً يا حمامتى اسكن فى مسامتى
    سلاماً يا غمامتى البتدني ابتساماتى
    مريم ومى بنياتي وحشتّنى ولعبتن بى
    يسافر قلبى صوتي يرن يسابق الريح
    قلب الوالد انت صحيح تحن وتهم
    حذراك من الجواك وحذراك من جري التبريح
    حتهرب منو جلدك وين ويوماً ما حتسكت وتم
    واخط رأسى وافارق دنيتى وناسى
    واخلى وراي كراسى
    فما تسود سطر بالشين
    وما تعود اساك العين
    وما تشمت عدوي فينى
    مريم ومى بنياتي وحشتّنى ولعبتن بى
    طريق الشعب اوسع من زحام الضيق
    وقلب الشعب ارحب من رحاب الضو
    ونبض الشعب كلو حلم بداهو بتم
    تطلع من شقوق الارض الاف المدن قامات
    ويطلع حتى من قلب الحجر والصى
    شجر متشابك الهامات وجيلاً جاى حلو الشهد
    صبايا وفتيه يمرحوا فى صباح الغد
    عيونهم برقهن لماح سؤالهم رد
    خفاف ولطاف وثابين اوان الجد
    دفاعا عن حياض السلم والافصاح
    سلمو لى عليهم == سلمو لى عليهم
    جملة حتى اللسه قبل الخلق والتكوين
    صناع الحياة اليوماتى ملح الارض
    نبض الشعر والموسيقى والتلوين
    هدامين قلاع الخوف
    كانت هذه الدراجة يوماً ما كلاشنكوف
    مابين منارات السمع والشوف
    نقاشين جدار الصمت
    نساجين خيوط الشمس كهربجية للظلمات
    واجمل ما تكون الدنيا
    رسامين حفاريين مجارى العصر
    نصراً نصر
    حروفم وا حلالى تشمهن ترتاح
    ح حرية
    ت تغير
    ت تعليم
    ك كتاب
    م مسمار
    ح حرية
    ت تغير
    ت تعدين
    ج جرار
    سكة حديد وتهز وترز
    ب بحارة
    بحراً عب وثار
    وطن مدرار
    جرت تتلاحق الانهار
    كما بتتلاحق الاعراف
    كما بتتمازج الالوان
    كما بتتصافح الاديان
    كما بتتمازج الالوان
    هجيناً من سلالات الفخار والعز
    مرور النسمة ويداً هبة الاعصار
    علم فى نشرة الاخبار
    وهيبة على امتداد الكون
    علما فى حماه الوردة حتى الزهرة والمريخ
    شبح حرب النجوم انزاح
    ايادى القهر خلف الظهر مكتوفين
    افاعى السحت حيث مذابل التاريخ
    سلمو لى عليهم جملة
    حتى اللسة قبل الخلق والتكوين
    بشوفهم كلهم حسه
    عصافيراً ترك جنبى
    نوافيراً ترش قلبى
    حمامتى بتشرب حسه من ايدى
    مريم ومى بنياتى سمعت صوتى جيت هى
    مريم ومى بنياتى سمعت حسى جيت هى
    طلعتن من زوايا السجن كالبلاب
    وبين السونكى والترباس وبالرقاق وحلق الباب
    وعبر السور زى النجمة والعصفور
    تجرن جدولاً رقاق
    من حبل العشم فتلات
    من حقل الوطن شتلات
    امكمن الفى قلب جبتن لى
    من تيابها شراع
    منديلاً خيوطو شعاع
    وكراساً مسطر بالضحى اللماع
    وخط ايدا وشعورا الحى
    شعورا الحي
    وقالت لى قالت لى وقالت لى
    سلاماً يا ابو مريم ومى
    ثباتك شعلة فى ايدى
    بناتك خلى راسن فوق
    وحاشك الكلام النى
    وحاتك ما انكسرنا وراك
    ولابداً يعود الحى
    وفجراً كالكرب حيبين
    وشعب تترب حيقوم
    ويملا شوارع الخرطوم
    وتجر مدامع الحلال
    تجر النم تسوى القوق
    فوق سودانا فوق سودانا فوق
    بدل شاهيك اشرب دم اذا قلت الكلام النى
    وانا الما عندى ليهن شىء
    لا فى البنك ولا فى الدين سوى الكلمة المابتنداس
    ولا بصبح مكان الرف ولا عصفورة جو الكف
    ولا صقر يحلق فوق وينزل كف
    نبض الشعب اجمل من بريق الماس
    واجمل من حليب الستره ما حبيت مشارب كاس
    كما القمرية بين اغصانها اشرف من موائد ناس
    واقرب للوطن من ناس
    وخيراً جانا ما عم البلد وسواس
    أذن فلتقرع الاجراس
    مريم حضرى الكراس
    أميرة ومى تعالن جاى
    نغنى لاخر المشوار
    نغنى لاخر الانفاس
    نغنى لاخر المشوار
    نغنى لاخر الانفاس
    مريم ومي بنياتي
    سمعتن صوتي جيتن هي
    طلعتن من زوايا السجن كاللبلاب
    وجيتن من ثنايا الكاب
    وبين السونكي والترباس
    وبالرقراق وحلق الباب
    وعبر السور متل النجمة والعصفور
    دخلتن علي تجرن جدولا رقراق
    ومن حبل العشم فتلات
    ومن حقل الوطن شتلات
    وامكن الفي القلب جبتن لي من ثيابها شراع
    ومنديلا خيوطه شعاع
    مسطر بالضحا اللماع
    وخط ايدها وشعورها الحي
    قالت لي سلاما ياابو مريم ومي
    ثباتك شعلة في ايدي
    بناتك خلي راسهن فوق
    وحاشاك الكلام الني
    وحاتك ما انكسرن وراك
    ولابد ان يعود الحي








    تبتبا

    تبتبا تبتبا تبتبا تبتب
    باكر تعرف تقرا وتكتب
    وياما ترتب
    نحنا بنحلم وكم نتمنى
    هي تحقق كل ما تحب
    تبني حياتا الند بالند
    اي مكانة وخانة تسد
    هدهدا هدهد كل الورد ينوم ويفرهد
    زي عصفورة تطير وترك
    تحبا وتمسك وتاني تفك
    سيبا تفكفك سيبا تلكلك عايزة تنطط
    بكرة حترسم وياما تخطط
    بكرة حا يبنوا مدائن ضو
    ما بيعكر صفو الجو صفارة حرب
    تشطب من قاموس الدنيا
    الضرب الشك الخوف
    ينعموا كم بالشم والشوف واغاني الحب
    افتح بابك آمن تب
    زي ما النهر بيلقى مصب
    اي حمامة بتلقى الحب
    تلقى الورده الندى في الكم
    تلقى حداها جناها الام
    يرضع صافي حليب الحب
    نقدل نحنا الجد والعم
    تملا عيونا كهارب سد
    باباً جاب الهم والزم والصد ينسد
    نفرح لما ندمع جد
    مد البصر الامل يمتد
    العمل يشتد البنا ينتم الغنا يمتد
    هدهدا هدهد
    اكتبي اكتبي الف المد
    حمام وسلام وسعادة بجد
    اكتبي اكتبي ياء المد
    سرير وعصير وعبير ينشم
    اكتبي اكتبي واو المد
    حقول وعقول تقرا المجهول كتاب الغد
    اكتبي علم وسلم
    لا حد يئن لاتسمع بم
    لا ينزف دم
    لا يعجز رد
    لا يعجز طب
    لا دمعه في خد
    تبتبا تبتبا تبتبا تبتب



    طريق الشعب

    طريق الشعب أوسع من زحام الضيق
    وقلب الشعب أرحب من رحاب الضو
    ونبض الشعب كل حلم براه يتم
    شجر متشابك الهامات
    جيلاً جاي حلو الشم
    صبايا وفتية يمرحوا فى صباح الغد
    عيونهم برقهن لماح
    سوالم رد
    وتطلع من شقوق الأرض
    آلاف المدن قامات
    يطلعوا من قلب الحجر الصم
    خفاف ولطاف
    ثعابيناً أوان الجد
    دفاعاً عن حياض السلم والإفصاح
    سلموا ليَّ عليهن جملة
    حتى اللسة قبل الخلق والتكوين
    صناع الحياة اليوماتي
    ملح الأرض
    نبض الشعر والموسيقى والتكوين
    هدامين قلاع الخوف
    كانت هذه الدراجة يوماً ما.. كلاشنكوف
    وما بين منارات السمّع والشوف
    نقاشين جدار الصمت
    نساجين خيوط الشمس
    كهربجية الظلمات
    وأجمل ما تكون الدنيا
    رسامين وحفارين مجاري العصر
    نصراً نصر
    مقدامين زمانهم فيه ضبط الوقت بالتقدير
    شروق الشمس بالإنجاز
    حروفهم وا حلالي
    تشمهم ترتاح
    حا.. حرية
    تا.. تغيير
    جـ.. جدار
    ك.. كتاب
    س.. سمار وسكة حديد تهز وترز
    با.. بحارة بحراً عبَّ وثار
    واو.. وطن مدرار
    جرت تتلاحق الأنهار كما تتلاحق الأعراف
    كما تتصافح الأديان
    كما تتمازج الألوان
    هجيناً من سلالات الفخار والعز
    مرور النسمة وأيضاً هزة الإعصار
    علم فى نشرة الأخبار
    وهيبة على امتداد الكون
    وعلماً فى حماه الورد
    حتى الزهرة والمريخ
    شبح حرب النجوم ينزاح
    أيادي القهر خلف الظهر مكتوفين
    أفاعي السمت حيث مزابل التاريخ








    الحرامي

    صحيت بالمؤذن وحالتك تحزن
    مرقت وسرقت الوبال
    معكز ملكز بسيخة ونعال
    مكتف ملتف بأغلظ حبال
    وغيرك بخزن جميع الغلال
    يسرق ويهرب جمال
    باسمه اللواري تهد الكباري تباري الجبال
    سيادته يتدبر شئونه الأماسي
    يرش الحديقة ويرص الكراسي
    ما بين الغواني ورنين الخماسي
    تعاين تشوفه تقول دبلوماسي
    يمضي ويرضي ويهدي المحال
    كمان لو تلاحظ صديقه المحافظ
    وقالوا الملاحظ عيونه الجواحظ تباري الريال
    حليلك بتسرق سفنجة وملاية
    وغيرك بيسرق خروف السماية
    وفى واحد لو تصدق بيسرق ولاية
    ودا أصل الحكاية وضروري النضال
    ضروري النضال








    عما قريب

    عمّا قريب..
    الهمبريب
    يفتح شبابيك الحبيب
    والحال يطيب
    يا محمد أحمد تستجِمْ
    والبيت يتمْ
    تتلم تلمْ
    تفرح فرح
    تحلم حِلِم
    كم تطمئن
    حقك يجيك لافيهو شك..
    يمكن واظن
    ويفوتو همْ
    والعدل يعمْ
    وتغني أمْ
    كادت تجن
    كبر الولد جُوّا السجن
    فاقداهو هى
    دا كلو كلو ينتهى
    دا كلو كلو ينبهى
    زولاً تريدو وتَشْتهِى
    تلقاهو فى
    لا فى السِّجِن..
    لا مختفى
    لا يقولو ليك ما تمشي لى
    دا كلّو كلّو ينتهى
    دا كلّو كلّو ينتهى
    دا كلّو كلّو ينتهى

    ونطلع للحياة أنـــداد


    ونطلع للحياة أنـــداد
    أحبك...
    وحبك النادر بشرفنى
    وبى نفسى بيعرفنى
    وبالزمن اللى ضاع منى..
    بيصادفنى
    والاقيه
    على الحلم اللى غالى علىْ
    كان احلم بىْ
    صحَانى
    على استسلامى عضانى
    ووصّانى
    اغنى اغنى..
    وصّانى
    وخلانى أحس لوجودى
    فى عيونك طعم تانى
    وللفرح البعيد من عمرى
    طول أيامى ودانى
    طلعتِ علي متحمل..
    عذاب الأرض
    طالع من جرح
    قانى
    تعالى تعالى
    نتماسك على الروعه
    ونتجاسر على اللوعه
    ونتقاسم سوا..
    الهجره الطويل مشوارا
    والهجعه
    ونطلع للحياه أنداد
    زي سيفين مساهر..
    فيهم الحدّاد
    ونطلع من بذور الأرض
    زرعاً فارع الأعواد
    حبابك يا سما الأعياد
    أحبك يا ضحى الميلاد
    ويا وطناً بدون أسياد
    ويا انشاد عصافيراً
    ببالن ما خطر
    صياد





    هم هم غم غم آخرتها دمدم
    هم هم ..
    هم هم ..
    غم غم آخرتها دمدم
    ..هم..غم..دم
    عتمة وكتمة وزنقة وذم
    طابق يناطح آخر طابق
    صنقع عاين تشوفن كم
    يا مستهلك يا مستهلك
    حاذر مهلك
    أوعك تهلك بالتخدير
    فيتو فيك قمح أمريكي
    اللفندر عطره يطير
    زيت أبو سمكة للتقلية وللتحمير
    وانت بتحلم يا عبدالله بموية الزير
    وأحمد صابر راصو تفسخ بالتفكير
    شفعّ ستة وساكن حتة
    أنيميا وحمى وبيته ضلمة
    كقاع البئر
    فكوا دربنا وجعتوا قلبنا
    حتى ######نا أكل جرجير









    فديتك

    مطارد ومستباحة دماي
    عساكر من دروب تايهات مداي
    قدامي خطاي ووراي
    وذنبي هواي ليك يا موطني ومناي
    وذنبي ولاي وإنك سيدي ومولاي
    تعيش يا ذنبي طول ما عشت معاي
    لا عنك بحيد لا جاي بفوت ولا جاي
    فديتك يا مديد القامة
    يا شعباً سديد الرأي
    وقلبي عليك يا حجراً حنين دفاي
    أقبل وين أفوتك وفى حماك حماي
    أسيب عزاي أسيبه وكيفن ألقى عزاي
    فى وحشتي وسلواي عيونه وبحة الغناي
    نخيلك ثمرة ضو صباي
    ونيلك فى جواي هامد هميم جرّاي
    وقبضة إيدي مسكة رمحك الرماي
    أطالع فى صحارى الليل
    مطالع صبحك الضواي
    فديتك لو بقيت منفاي
    فديتك لو بقيت مرساي









    الغائب


    سافر زمان
    قُبال سنين
    لا جاب جواب لا جاب خبر
    أمُّو تسأل كل طاير
    وكل عائد من سفر
    خيالو ما فارق عيونها
    وطيفو ما غاب
    ليهو
    *
    وما زال هناك..
    فى الركن داك
    صوتو وغناهو وضحكتو
    وصور المعلّقه فى الجدار
    وجرايدو
    والكتب الزمان
    الليله كاسيهم غبار
    مصباحو فى الركن الحزين
    ومكانو ما زال فى انتظار
    اصحابو انداد الطريق
    قدّام عيونها مشو اخضرار
    *
    يا ماشى لى بلداً بعيد
    قول للمخاصم أُسرتو
    قول للطالت هجرتو
    أمك هناك مادقّ باب
    ماعاد قطار
    ووصل جواب
    اسمك تهزّها ذكرتو
    والبيت وراك لو شفتو كيف
    ضاعت مواسمو وخضرتو
    *
    يا حليلو لّمن كان صغير
    تلميذ بيمشى المدرسه
    تشفق عليهو من الطريق
    وتخاف عليهو من المسا
    كيف ينسى عِيديّه وحنان
    وكفاح سنين كيفن نسا؟
    *
    سافر زمان
    قبال سنين
    لا جاب جواب
    لا جاب خبر





    قزازة دم

    واحلالي القبلي شال شبال لمع برق المهيرة
    قيرة قيرة يا مطيره
    يا رزاز الدم حبابك
    لما يبقى الجرح عرضة ولما نمشي الحزن سيرة
    من دمانا الأرض شربت موية عزبة
    كل ذرة رملة شربت حبة حبة
    موية أحمر لونها قاني
    فتقت ورد الأغاني
    تهدي لى اسمك رمزاً للوطن كنز المحبة
    قيرة قيرة يا مطيرة يا شهيد الشعب أهلاً
    مش بتطلع كل يوم الشمس أجمل
    وكل يوم النخل أطول زيدو قامة
    وياما شفتك ياما ياما
    لما شفت البدر طالع فى سما الوطن ابتسامة
    إنتّ فى النهر البسافر جاري طول العمر صاحي
    طبعو منك يا الملامحك من ضفافي
    واللي شافك مرة شافو
    واسمك الختيتو فرهد عشب أخضر فى الجناين
    فى الشوارع نيمة نيمة فى مصابيح المدينة
    فى فوانيس الضواحي
    تملا نادي الحلة سيرتك
    اسمك الخلانا نقدر فى ظلام الليل نعاين
    والبتسأل عنو ده الخليتو شافع
    لسه دابو
    يا ما حيعجبك ، شنابو
    صوتو رقان فيهو بحة
    ود فلان اصرار وصحة
    عندو قصة حب جميلة
    جرب آلام الحراسة وحرض أولاد الدراسة
    وهدّو حيل العسكرية
    البنية أم طرحة كبرت
    يا سلام الفنجرية
    ليها راية وبى كلامها وبى اهتماماتها الجديدة
    دقت أجراس القصيدة وشدت أوتار الصلابة
    الكتوف اتلاحقت فى السكة يابا
    واحلالي القبلي شال شبال لمع برق المهيرة
    قيرة قيرة يا مطيرة يارزاز الدم حبابك
    لما يبقى الجرح عرضة
    ولما نمشي الحزن سيرة






    ليلة الميلاد

    يا مشتل فرحنا الشّال..
    ويا مرسى الشراع الضّال
    ويا واحة قليباً كان زمن رحال
    يفتش عن عيون إنسانه..
    ينسى لديها حزناً طال
    ولما لقاكِ فرّهد ياما
    بالفرح اللى عندو محال
    ولّما لقاكِ رسّلو القمر منديل
    وركّت نجمه..
    ضوّت فى الدرب قنديل
    وهشّت زهره..
    كانت تبكى طول الليل
    وجات من بعد طول الهجره..
    غنوات الحروف
    وكانت ليلة الميلاد
    *
    أقدّم نفسك ليك:
    إنسان..
    عزاى الشعرِ والآمال
    وطيبه القلب
    وحسن الفال
    واحب كلّ العيون لمن تحب عينيك
    واحب كل القلوب
    لمن تعاين ليك
    من حبى ليكى عليك


    مازلت بتذكر

    مازلت بتذكر
    أنا عارفه اسمك مين
    أنا عارفه شفتك وين
    !ما زلت بتذكر
    !ما زلت بتذكر
    الزمان يا شباب:
    أكتوبر الأخضر
    المكان:
    شارع
    غضبان بيتفجر
    وكنا خمسه بنات..
    عاملات هلال أحمر
    نزحف مع الثوار..
    ونضمد الجرحى
    ضمّدت جرحك ليك..
    وربطتو بالطرحه
    وقبل انت تفيق.. من قبل ما تصحى
    لقيتو اسمك فوق
    مكتوب على الدفتر
    وعرفتَ اسمك مين
    وعرفت إنّك مين
    وعرفت إنّك شاب..
    بتحب بلادك موت
    !مازلت بتذكر
    ما زلت بتذكر


    أهلاً... أهلاً بالاعياد

    أهلاً أهلاً بالأعياد
    مرحب مرحب يا أجداد
    أفتح... أفتح يا تاريخ أبعاد أبعاد
    وأملأ عيون كل الأحفاد بالأمجاد
    أفتح محضر باسم الشعب.. بخط الشعب
    لوجه الشعب... لخير الشعب
    سجل سجل أنحنا الغضب الواعي
    ضمير الثورة على استعداد وبالمرصاد
    سجل سجل لا أغلال
    لا استغلال مع استقلال
    لا حرية بلا استبسال
    استشهاد باستمرار وعلى استعداد وباستعداد
    خط النار اتعبَّ وزاد
    وقول للشهدا الختو الذات
    وباسمنا هتفوا وبينهم وبين الموت خطوات
    الجايين من قلب الشارع من ثكنات
    سجل أنحنا برغم جرحنا اجتزنا المحنة
    ونحن الليلة أشد ثبات
    ونحن بخير ولسه وراكم فى الجايات
    لسه ولسه على استعداد
    وشعبنا واقف بالمرصاد








    بلا وانجلى


    بلا وانجلى
    بلا وانجلى
    حمد الله الف على السلامه
    انهّ كتف المقصله
    والسجن..
    ترباسو انخلع
    تحت انفجار الزلزله
    والشعب..
    بى أسرو اندلع
    حرر مساجينو اندلع
    قرّر ختام المهزله
    يا شارعاً..
    سوّا البدع
    اذهلت أسماع الملا
    كالبحر..
    دواى الجلجه
    فتحت شبابيكا المدن
    للشمسِ
    واتشابا الخلا
    *
    شفت البنادق فى السما
    الظبط والربط انتمى
    للشعب..
    شعب الملحمه
    الصرخه كانت همهمه
    والهبه كانت ململه
    *
    سداً منيعاً يا وطن
    يا شعب وهّاج الفطن
    للظلم يوماً ما ركع
    مهما جرى
    تباً لعهد السرسره
    والنهب..
    ثمّ السمسره
    سداً منيعاً يا وطن
    صه يا طنين البلبله
    أبدا ً لحكم الفرد..
    لا
    بالدم لحكم الفرد..
    لا
    تحيا الديمقراطيه
    كم نفديك يا مستقبلا
    بلا وانجلى
    بلا وانجلى
    حمد الله الف علي السلامه
    انهدّ كتف المقصله

    يا بهلوي


    يا بهلوي
    يا بهلوي أمسك قوي
    أوعك تقع
    نكل بمن لا يرعوي
    وأرخي السمع
    أخد الحذر ثم الحذر من كل شئ
    ضلك تحدق فى النظر ما تختشي
    لو كشكشت صفقة شجر
    روح وانزوي
    خلي المشي
    يمكن خطر
    يا بهلوي
    واطلق رصاص على كل شئ
    على كل نسمة تمر وما تأخذ إذن
    على كلمة بدون جواز
    علم عصافير البلد تكتب تقارير الجهاز
    علم شبابيك المدن علم فوانيس القرى
    وكل عيدان الذرة
    خلي النمل يدخل صفوف المخبرين
    خلى الرزاز يكتب تقارير الجهاز
    أحسن تعبي الشعب أغلبه فى قزاز
    ركز بشدة على الجياع
    ركز لو تستطيع أو حتى قدر المستطاع
    أخسف بكل الكادحين سابع أرض
    أرجم رجم
    صادر من الليل النجم
    صادر من البحر الجزر
    أشطب ولا تقبل عذر
    وش الصباح
    قصقص جناحين الرياح
    جمد شرايين الحياة
    وأنفي الأمل
    الغى اكتشاف النار
    وتقسيم العمل
    المحتمل تلقى الملاذ
    يا بهلوي











    أو فانتظر!

    لا إنتو جند الله
    ولا جند الوطن
    بل إنتو حقاً جندهم
    وبعض من ما عندهم
    سندة قفاهم وغمدهم
    لكنهم هم
    ما ح تسكن حيّهم
    ولا ح تاكل زيهم
    ولا ح تلبس إنت زي
    زي زيهم
    واذا عطشت،
    بعيد بعيد،
    ما تقترب من ريهم
    هل شفتهم
    ملأوا الشوارع
    في الصباح،
    عند الظهيرة مغبرين
    طالعين من الوردية
    والليل انتصف؟
    باين على وجوهم تعب؟
    وزمن صعب؟
    القفة
    والدكان
    ودخان الفرن
    ومرتبات حال الثبات
    لا تحل وظيفة ولا نبات
    هل شفتهم بين كر وفر
    والدنيا حر
    بين صف وصف
    واحد وقف
    هل شفت يوما هؤلاء؟
    هل تذكرهم؟
    زاروكا يوم أو زرتهم
    بس إلاّ في شارع ظلط
    ومظللاتهم مسرعة
    كلا ولن ولا بالغلط
    ما شفتهم
    على إيه إذن
    لي مين إذن
    وانت بتشوف
    غرقانة كم
    في الدم
    مفاتيح الخزن
    هم دربوك على الأذى
    تقتل تدوس
    تحرق
    ولا يهمك
    كذا ولا كذا ولا كذا
    كم فر طاغية من بلد
    ما خلا غير ###### الحراسة
    يئن وحيداً في القفص
    متلك مصيرو
    العزلة والخوف والجزع
    إن متَ حتى ولا عزا
    حكّم ضميرك يا ولد
    أمشي استحمى واعتذر
    واغسل يديك
    من كل ما يخليك
    أمام روحك قذر
    ألبس عراريق الحياة اليوماتي
    واقدل في الدرب
    لا يدسو منك لو غشيت
    ولا إنت أقرب زول إليك
    منك حذر
    أو فانتظر
    أو فانتظر
    أو فانتظر!











    أرفع راسك


    أرفع راسك
    زلزل أسرك
    أصلك شعباً صعباً كسرك
    وحد بأسك
    انت المجد مقاسو مقاسك
    والقهروك زوالم شمسك
    كل الأيدي وكت تتماسك
    تكتب نصرك
    تهزم ليلك وظلمة حبسك
    حرر نفسك بي إيديك
    عندك زودك وحمرة عينك
    ودخري الحوبة شبابك زينك
    علّي هتافك.....أدي شراع الهنا مجدافك
    خلي الخوف يخشاك ويخافك
    ويبقى رماد البينو وبينك
    كل الدنيا بتسأل عنك ...
    يا مبدع ثوراتك .......... وينك؟
    انت الزيّك ما بتذل
    كم من ظالم ظلمك و ولى
    أنا متفائل بيك و بحلم
    بل متأكد ما بتتخلى
    ما بتتفرج ..... تفضل ساكت
    و حفنة تقبقب في خلق الله
    أنا متفائل بيك وعارف
    إنك يوماُ ما بتتخلى
    تبقى حديث العالم كلو
    إذاعة .. إذاعة …. جريدة ..جريدة
    مجلة مجلة
    يملا الشاشة ثباتك
    وضو عافيتك
    وعلمك وقلمك وجلابيتك
    وقدلة ولدك وجدلة بتك
    ونيلاً قلدك جنب طابيتك
    ما من بيتك يا الحبيتك
    كل من ظلمك ولا تربيتك
    قدرتك إنت وإمكانيتك
    شامخ تبني ديمقراطيتك
    وعزة بلدك ورفعة شانك
    يا متعدد وواحد ابداً
    تحيا العشرة البين أديانك
    وسلم حقيقي يزيدك عددا
    ويبقى عنان السما عنوانك







    يا مختفين في الناس..

    في رثاء المناضل..الراحل المقيم.. عبد الحميد علي..
    وإلى كل المناضلين الشرفاء.. الذين بذلوا سنوات العمر النضرة.. من أجل قضايا الوطن الحية.. وبين حنايا شعبهم إستمروا في نضالهم مختفين من الأعين الشريرة.
    _________
    عبد الحميد،، إسمك ،، تحت الأرض عثمان
    عثمان هوايد الليل والصمت والكتمان
    بالتضحيات مكتوب في دفتر النسيان
    لا كرسي ،، لا تقرير راجيك ولا عنوان
    حُر الضمير تختار ما شئت من حرمان
    العمة والجلباب في عتمة الميدان
    طرقاً خفيف في باب ،، أفتح معاك عثمان
    اتضايرو النسوان والشفع الحلوين أقل من لحظات
    التكية ختة راس ولم يكن مطلوب ما ليس في الامكان
    طاقية الاخفاء كلا ،، بل الانسان
    العادي والمألوف ،،
    ذو النجدة والعرفان
    الأعين الخاينات ،، تتسلق الأنفاس
    تلهث زمان ومكان
    تتحلق الأوقات ،، وسلالم الألحان
    تتدبا في الطرقات
    تتخبا في الأركان
    متل النكد والسوس والأرضة والديدان
    والحمى في الأبدان
    ليل الصباح دخان
    والقهر باسم الدين
    إرهاب لبس قفطان
    واتنحنحت مايكات ،، القسوة فكت ريق
    والدم عشا السلطان،،
    إتشتت الرصاص ،، وادلت الثمرات
    تلك الحبال أغصان ،،
    الكبري قال للموج ،، اللحظة مرً فلان
    الواسع الادراك ،، الناصع الوجدان
    الاسمو في المذياع والصورة في العمدان
    شجعان بلا لمعان ،، لا سطوة لا إذعان
    يا أعلى نكران ذات ،، مين في العدم طمعان
    هم أغنياء السوء والسحت والعدوان
    لكنكم أبطال ،،
    أبطال زمن هطال ،، بالحزن والأشواق والصبر والسلوان
    صبر السمع والشوف ،، وتلهف الأحضان
    ديوان وكم صيوان ،، أفراح تجي واحزان
    مين فيكم الموجود للفاتحة والضيفان
    وحفيدكم المولود أو زفة العرسان
    مفقود ولا مفقود حاضر تغيب أزمان
    اتحزمت امات ،، واتلزمن زوجات
    سندن قفاكم هن
    زين بنين وبنات ،،
    سترة وثبات وأمان
    يا مختفين في الناس ،، حاشا انكسار العين ما عتب الحيشان
    تحت الأرض ،، بس فوق ،،
    حتى ولو جثمان
    رايات ترفرف شوق ،، المجد للسودان.







    صفِّــقوا وغــنُّوا .. دقوا الترمبيتة

    قبل وفاته بيومين وتحديدا بتاريخ 31 مارس الماضي كتب الشاعر الراحل محجوب شريف قصيدته الاخيرة من داخل مستوصف تقى التخصصي بأمدرمان
    وفيما يلي نص القصيدة .

    محجوب شريف
    مستوصف تُقى التخصصي – أمدرمان

    صفِّــقوا وغــنُّوا
    دقوا الترمبيتة
    حبَّـتني حبَّــيتا .. ربّــتني ربّـــيتا
    ما بطيق النوم بَــرَّه من بيتا
    إلا في منفاي صورة خـتــيتا
    إن شاء الله ما يحصل
    ينقطِـع خيتا
    حلــيـبها .. شاييها .. كسِــرتا وزيتا
    بيــنـَّا نِدِّية همَّــنا السُترة
    ما استفزتني .. ما استفزيتا
    كم تشاجرنا
    مين سمع صوتنا؟
    ولا غَلَط مَـــرّه .. إيدي مديتا
    زعلتَ رضَّــتني
    برضو رضّـــيتا
    نُـمتَ غـتـتني
    قمتَ غَــتــيتا
    كبرنا تاتتني
    ياما تاتيتا
    والبنات كِــبرَنْ
    أصبحن نِــسوة
    جابن الكِـــسوة
    نوَّرن بيتنا
    الدهب زينا بينا ما بسوى
    سمعه بس سمعة
    في ضحى الجمعة
    ورَّقَــن خُدرة
    فـَرَّن الكِـــسرة
    فَــرَّحَـن ضيفنا
    شاهي بالله ولا صينية
    تفتح النية
    هي ماهية ولا تدبيرا .. وسَّــع القـدرة ؟
    دنيا .. يا دنيا
    ألف شكراً ليك
    هي لاقتني
    وإني لاقيتا
    حبتني .. حبيتا
    ربتني .. ربيتا

    لحفيدي حميد قاسم أمين .. ولكل الأطفال ...

    مستوصف تُقى التخصصي – أمدرمان
    01/04/2014

    أنا ليك مشتاق مشتاق مشتاقْ
    تكبر سَبَّــاقْ
    بالإيد والساقْ
    بالحب والخير
    من سَــهْلِ فسيح أو من رقراقْ
    ترزي وسوَّاق تعمل زِقْـزاقْ
    من وردِ جميل تَــهدي العشاقْ
    أمَّــا الدقداقْ
    سهلاً يا زول تحتك بنطاقْ
    تقطع لكن .. لا حد السيف ولا بالسكين
    حِــبرك ضوَّاي
    تملا الأوراق
    ماكا الحدَّاث الما سَــوَّاي
    بل كلك زوقْ
    عندك أخلاقْ
    بتلم الناسْ
    قط ما فَــرَّاق
    بـر الوالدين وتسد الدين
    تب ما نقناقْ
    تدي الأشجار العصفورات ..
    والضل والساقْ.






    سرقتو وطن
    سرقتو وطن واسع ممـــــتد…
    فكفـكتوهــــو…
    وزعزهتوهو
    وجدتو مصانع
    لقيتو مزارع…
    وسكـــة حديـــد جد بالجــــد
    عطلتوهـــا…
    وفرتقتوهـا…
    ووقفتوهــا…
    وقطعتو رزق عمـال من حد
    كيف وحدتنا وكيف دولتـــنا ؟
    كيف عيشتنا وكيف حالتــــنا؟
    ووين ثرواتنا؟
    ووين أموالنا؟
    وين غيرتنا؟
    وكيف سمعتـــنا؟
    خرمجتوهـا…
    وبشتنتوهـا…
    وبـددتوهــا…
    ولوثـتوهــا
    بإسم الدين الخداعين…
    تجار الدين الأفاكين
    ملعونين ملعونين…
    ملعونين لي يوم الدين
    and#65165;and#65247;and#65240;َand#65166;and#65211;ِand#65266; and#65259;and#65256;and#65166;and#65241; and#65261;and#65165;and#65247;and#65194;and#65165;and#65255;and#65266;
    and#65207;ُand#65244;and#65198;and#65165;ً and#65247;and#65272;‌and#65197;and#65213; and#65165;and#65247;and#65184;and#65166;and#65169;and#65176;and#65256;and#65266;
    and#65261;and#65165;and#65247;and#65194;and#65197;and#65167; and#65165;and#65247;and#65248;and#65268;and#65244;and#65250; and#65261;and#65193;َّand#65165;and#65255;and#65266;
    and#65267;and#65166; and#65219;and#65166;and#65197;and#65233; and#65261;and#65175;and#65166;and#65247;and#65194;
    and#65267;and#65166; and#65261;and#65165;and#65247;and#65194;
    and#65165;and#65247;and#65256;and#65268;and#65246; and#65165;and#65247;and#65192;and#65166;and#65247;and#65194; and#65207;and#65198;َّand#65235;and#65256;and#65266;
    and#65261;and#65165;and#65187;and#65194; and#65251;and#65254; and#65255;and#65204;and#65248;and#65242; and#65227;and#65194;َّand#65165;and#65255;and#65266;
    and#65159;and#65255;and#65174;َ and#65165;and#65271;‌and#65261;and#65245;
    and#65261;and#65251;and#65166; and#65169;and#65176;and#65188;and#65262;َّand#65245;
    and#65261;and#65175;َand#65168; and#65251;and#65166; and#65227;and#65256;and#65194;and#65265; and#65243;and#65276;‌and#65249; and#65169;and#65176;and#65156;and#65261;َّand#65245;
    and#65155;and#65255;and#65174; and#65165;and#65271;‌and#65261;and#65245;
    and#65261;and#65243;and#65246; and#65165;and#65247;and#65228;and#65166;and#65247;and#65250; and#65169;and#65228;and#65194;and#65241; and#65175;and#65166;and#65255;and#65266;
    and#65267;and#65166; and#65251;and#65176;and#65228;and#65194;ِّand#65193;
    and#65261;and#65251;and#65166; and#65251;and#65176;and#65208;and#65194;ِّand#65193;
    and#65251;and#65166; and#65251;and#65176;and#65198;and#65193;ِّand#65193; …
    and#65251;and#65166; and#65251;and#65176;and#65198;and#65193;ِّand#65193; and#65251;and#65248;and#65162; and#65183;and#65236;and#65262;and#65255;and#65266; and#65169;َand#65256;and#65262;and#65249; and#65251;ُand#65176;and#65156;and#65243;ِّand#65194;
    and#65169;and#65246; and#65251;and#65176;and#65184;and#65194;ِّand#65193; ..
    and#65175;and#65256;and#65260;and#65214; and#65175;and#65166;and#65255;and#65266;
    and#65261;and#65247;and#65252;and#65166; and#65175;and#65228;and#65166;and#65255;and#65266; .. and#65169;َand#65228;and#65166;and#65255;and#65266;
    and#65261;and#65165;and#65227;and#65166;and#65255;and#65266; and#65261;and#65239;and#65248;and#65170;and#65266; and#65261;and#65227;َand#65166;and#65255;and#65266;
    and#65155;and#65187;and#65170;and#65242; and#65155;and#65243;and#65176;and#65198;
    and#65261;and#65251;and#65166; and#65243;and#65236;َّand#65198;and#65173;َ ..
    and#65261;and#65275;‌ and#65255;and#65236;َّand#65198;and#65173;َ
    and#65261;and#65247;and#65250; and#65175;and#65204;and#65176;and#65228;and#65212;and#65264; and#65227;and#65248;and#65268;and#65242;َ and#65251;َand#65228;َand#65166;and#65255;and#65266;
    and#65227;and#65248;and#65252;and#65176;and#65262;and#65255;and#65166; and#65255;and#65204;ِـand#65194; and#65165;and#65247;and#65236;and#65198;and#65239;and#65172;
    and#65261;and#65159;and#65175;and#65240;and#65166;and#65203;and#65252;and#65256;and#65166; and#65197;and#65187;and#65268;and#65238; and#65165;and#65247;and#65220;َـand#65198;َand#65239;َـand#65172;
    and#65261;and#65243;and#65250; and#65207;and#65248;and#65256;and#65166;and#65259;and#65262; and#65179;and#65170;and#65166;and#65175;and#65242; and#65193;َand#65197;َand#65239;and#65172;
    and#65169;and#65244;and#65246; and#65165;and#65247;and#65170;َـand#65266;ْ and#65261;and#65227;َـand#65248;َـand#65264;ْ
    and#65261;and#65187;and#65268;and#65166;and#65175;and#65242; and#65155;and#65175;and#65188;and#65194;َّand#65165;and#65257;
    and#65243;and#65252;and#65166; and#65155;and#65175;and#65188;and#65194;َّand#65165;and#65255;and#65266;.
























    أوعَك تخاف



    يا من تموت بالجوع وقدامك ضفاف
    والأرضِ باطنها ظلَّ مطمورة سواك
    عطشان وقد نزلت عليك
    أحزان مطيره
    مُزَن سماك
    الدنيا أوسع من تضيق
    قوم أصحى فِك الريق هتاف
    إن الذين أحبوا روحهم ضيَّعوك
    وبيَّعوك أعز ما ملكت يداك
    أوعَك تخاف
    الخوف محطه محطه ما سكَّة وصولك للطريق
    إن الأيادي الحُرَّه ما بْتشعِل حريق
    تبْ ما بْتقيف تستنَّى قدامها بْتشوف
    يَحْتِل غريق تلو الغريق
    ما تنسى إنك كنت صاحب راي وبيت
    أهلا حباب لو دقَّ باب
    عندك مخدَّه وعنقريب هبَّابي،
    لمَّه وقهقهات
    تصحى وتنوم وتقوم معطَّر بالنشاط
    تنعس وقع في لحظه من إيدك كتاب
    وقلم كما برق السحاب
    يتهادى ما بين السطور
    كان سرجو كرسي الخيزران
    عند المغيرب رادي
    بغ بِنْ المزاج
    يدخل من النفَّاج عليك عثمان حسين
    يا عُشرة الأيام تمام
    أهو دا الكلام
    يا سلوى جك المويه
    أعملوا لينا شاي
    الأسره ممتده وحِداك جيران لطاف بي جاي وجاي
    جار المسيحي سكن إمام
    إلفه ومودَّه وقرقراب
    والناس قُراب
    ناس من نيالا وآخرين
    من وين ووين
    هسَّع جهنم في الحقيقه معسكرات
    من أين جاءكَ هؤلاء
    ما جونا من قيف السراب
    أو جونا من خلف الحدود
    بل جونا من جوّانا هم حُترب
    هنالك باقي في حلق الكلام
    تلك البذور الراكده في قاع الجُراب
    ما اتنفَّست فلق الصباح
    نفس الأزقة الفيها
    سكَّتنا الكلاب..
    ولكم وكم غلب الغُنا السمح النباح
    كم نحن أحياناً شربنا المويه
    من كاس الجراح
    من بين أصابعنا المخدَّره بالسُكات
    من بين مسامات العيوب..
    يا الله مين جلَد البنات
    جلداً موثق في القلوب
    وسكتنا ساي
    جُوّانا منْ فصل الجنوب
    هم عَسَّموك وقسَّموك خلُّوك مشتت في الدروب
    حدَّادي مدَّادي الوطن قد كان
    حليل الأغنيات
    يا أيها الأسف الشديد
    أكتب نشيد من تاني أجمل أمنيات
    لا للشهيد تلو الشهيد
    إلا إذا خطأً وصدفه تِحِتْ هدير التنميه
    موت الله ساي حتماً أكيد
    أو جانا من خلف الحدود
    وطن الجدود وطن الجدود
    نفديك بالأرواح نذود
    من بعد ذلك يا جميل
    أحلم بما لك من حقوق
    كشك الجرايد في الصباح،
    كيس الفواكه والملابس والكراريس والحليب
    نكهة خبيز والدنيا عيد إنسان عزيز
    وطن سعيد والشعبِ حر
    وطن التعدد والتنوع والتقدم والسلام
    حيث الفضا الواسع حمام
    والموجه خلف الموجه والسكه الحديد
    حرية التعبير عبير
    تفتح شهيتك للكلام
    النهر ما بِستأذن الصخره المرور
    جهراً بِمُرْ نحو المصب
    أمواجو تلهث من بعيد
    أكتب نشيد راسخ جديد
    الشمسِ تشهد وبرضو أستار الظلام

    السبت 7 سبتمبر ألمانيا


















    and#65165;and#65247;and#65240;َand#65166;and#65211;ِand#65266; and#65259;and#65256;and#65166;and#65241; and#65261;and#65165;لدand#65165;and#65255;and#65266;

    آخر ما كتبه شاعر الشعب محجوب شريف من داخل مستوصف ( تقي ) التخصصي بمدينة أمدرمان ..
    حمل عنوان (and#65211;and#65188;and#65172; and#65261;and#65227;and#65166;and#65235;and#65268;and#65172;).. بتاريخ
    31 and#65251;and#65166;and#65197;and#65201; 2014and#65249;..


    and#65165;and#65247;and#65240;َand#65166;and#65211;ِand#65266; and#65259;and#65256;and#65166;and#65241; and#65261;and#65165;لدand#65165;and#65255;and#65266;
    and#65207;ُand#65244;and#65198;and#65165;ً and#65247;and#65272;‌and#65197;and#65213; and#65165;and#65247;and#65184;and#65166;and#65169;and#65176;and#65256;and#65266;
    and#65261;and#65165;and#65247;and#65194;and#65197;and#65167; and#65165;and#65247;and#65248;and#65268;and#65244;and#65250; and#65261;and#65193;َّand#65165;and#65255;and#65266;
    and#65267;and#65166; طاand#65197;and#65233; and#65261;and#65175;and#65166;لد and#65267;and#65166; and#65261;and#65165;لد
    and#65165;and#65247;and#65256;and#65268;and#65246; and#65165;and#65247;and#65192;and#65166;لد and#65207;َand#65198;ّand#65235;and#65256;and#65266;
    and#65261;and#65165;حد and#65251;and#65254; and#65255;and#65204;لك and#65227;َand#65194;ّand#65165;and#65255;and#65266;
    and#65159;نتَ and#65165;and#65271;‌and#65261;and#65245; and#65261;and#65251;and#65166; and#65169;and#65176;and#65188;َand#65262;ّand#65245;
    and#65261;تَب and#65251;and#65166; and#65227;ندand#65265; and#65243;and#65276;‌and#65249; and#65169;and#65176;and#65156;and#65261;َّand#65245;
    and#65155;نت and#65165;and#65271;‌and#65261;and#65245; and#65261;and#65243;and#65246; and#65165;and#65247;and#65228;and#65166;لم بعدك and#65175;and#65166;and#65255;and#65266;
    and#65267;and#65166; and#65251;and#65176;عدّand#65193;
    and#65261;and#65251;and#65166; and#65251;and#65176;and#65208;and#65194;ّand#65193; and#65251;and#65166; and#65251;and#65176;and#65198;and#65193;ِّand#65193; …
    and#65251;and#65166; and#65251;and#65176;and#65198;and#65193;ِّand#65193; and#65251;and#65248;and#65162; and#65183;and#65236;and#65262;and#65255;and#65266; and#65169;َand#65256;and#65262;and#65249; and#65251;ُand#65176;and#65156;and#65243;ِّand#65194;
    and#65169;and#65246; and#65251;and#65176;and#65184;دِand#65193;ّ ..
    and#65175;and#65256;and#65260;and#65214; and#65175;and#65166;and#65255;and#65266;
    and#65261;and#65247;and#65252;and#65166; and#65175;and#65228;and#65166;and#65255;and#65266; ..
    and#65169;َand#65228;and#65166;and#65255;and#65266;
    and#65261;and#65165;and#65227;and#65166;and#65255;and#65266;
    and#65261;and#65239;and#65248;and#65170;and#65266; and#65261;and#65227;َand#65166;and#65255;and#65266;
    and#65155;and#65187;and#65170;and#65242; and#65155;and#65243;and#65176;and#65198;
    and#65261;and#65251;and#65166; and#65243;and#65236;َّand#65198;and#65173;َ ..
    and#65261;and#65275;‌ and#65255;and#65236;َّand#65198;and#65173;َ
    and#65261;and#65247;and#65250; and#65175;and#65204;and#65176;and#65228;and#65212;and#65264; and#65227;and#65248;يكَ and#65251;َand#65228;َand#65166;and#65255;and#65266;
    and#65227;and#65248;and#65252;and#65176;and#65262;and#65255;and#65166; and#65255;and#65204;ِـand#65194; and#65165;and#65247;and#65236;and#65198;and#65239;and#65172;
    and#65261;and#65159;and#65175;and#65240;and#65166;and#65203;and#65252;and#65256;and#65166; and#65197;and#65187;and#65268;and#65238; and#65165;and#65247;and#65220;َـand#65198;َand#65239;َـand#65172;
    and#65261;and#65243;and#65250; and#65207;and#65248;and#65256;and#65166;and#65259;and#65262; and#65179;and#65170;and#65166;and#65175;and#65242; and#65193;َand#65197;َand#65239;and#65172;
    and#65169;and#65244;and#65246; and#65165;and#65247;and#65170;َـand#65266;ْ
    and#65261;and#65227;َـand#65248;َـand#65264;ْ
    and#65261;and#65187;ياتك and#65155;and#65175;حَدand#65165;and#65257; and#65243;and#65252;and#65166; and#65155;and#65175;حَدّand#65165;and#65255;and#65266;.



































    فكرهتموه
    كان المدعو الطيب مصطفى قد شتم الشاعر الإنسان المرحوم عمر الدوش و شاعر الشعب محجوب شريف.. حيث كتب :
    )) رأيت بعض صحافيي الغفلة يحتفون ب########ين و########ات ويسوِّدون بسيرتهم الصفحات.. أحدهم شيوعي متشاعر ــ وهو قريبي بالمناسبة ــ قالت له زوجه: (يا أنا يا العرقي) فقال لها: (العرقي) فكان أن ليّف العرقي كبده ومات!
    أخر.. سمَّوه شاعر الشعب وهل يحتفي الشعب السوداني المسلم ويمنح اسمه لشيوعي لا يصلي؟! وكثير من الزبد الطافي على صفحة حياتنا يعطِّل مسيرنا ويملأ حياتنا بؤساً وتعاسة!!))
    الانتباهة 1فبراير 2012م
    ---------------------------------
    "فكرهتموه"

    تنبش حي وميت
    سكاكينك تسنها بالكراهية
    معلم تنتج الكربة
    وتدي الفتنة ماهية
    تدس في إيدا كبريتة
    بخيت وسعيد عليك إنك
    مكانك من ذوي القربى
    وعندك من كراسي السلطة
    مسند للرفاهية
    مالك ومال قريبك ساكن التربة؟؟
    منو البسرق عشم ميت
    أمام الله والحكمة الإلهية؟؟
    يمين الله
    كاتب حر
    نسيج وحده
    ومن طبعو الفروسية
    وأصدق من ملامح طفلة
    وسط اللمة منسية
    عصافير الكلام ركت
    تحت شهقة غنا الفواح
    مع الموجة الصباحية
    أدى الود
    وشال الود
    وجمّل للحزن ممشى
    لا كذّب ولا غشّ
    وما منو الضمير طشّ
    وما شنّق
    بريق الشهرة من فوق راسو طاقية
    أبسط من حرف كسرة
    ومن بذرة
    ومن نقاع سبيل يوماتي
    تشرب منو تحت النيمة قمرية
    كذلك لم يكن يوماً
    هوين قابلاً للكسر والذلة
    أما العبد لله
    إذا ما عارف أعرفني
    من غير الله ما خايف
    ولا شايف هنالك
    من يهد حيل الثبات فيني ويخوفني
    فما خجلان ولا نادم
    وما متوجس الإحساس من القادم
    لا طعّان ولا لعّان
    ولا فاحش ولاني بذئ
    ولا نسناس
    وما بجرح مشاعر الناس
    وأنبل من حليب السترة
    ما عبّت مشارب كاس
    أدوسا محاكم التفتيش
    بأعلى الصوت علانية
    تخربش في مسام الروح
    وتتجسس علي النية
    بسوء الظن والمكرِ
    ضميري لم يكن يوماً
    من الأيام ولد مكري
    شبر والله في البكري
    ولا الفلل الرئاسية
    وطن حدادي مدادي
    ما بنبنيهو فرادي
    ولا بالضجة في الرادي
    ولا الخطب الحماسية
    وطن حدادي مدادي
    قد شفناهو يتقسم
    ذبائح وإنت تتبسم
    لديك الخضرة تتفحم
    وتصبح في الأيادي عصي
    وأوتاداً بلا خيمة
    وصحراءً بلا غيمة
    سلاماً يا وطن بحلم
    أشوفك يا وطن آمن
    حر وسعيد ومتفتح
    محل ما يمشي إنسانك
    عزيز النفس مطامن
    ومتضامن
    والخير الظاهر والكامن
    في الأيدي جميعاً قدامن
    تعيش إنت ونموت نحن
    لكي يا غالي ما يكبر جنانا
    تحت شرا المحنة
    جرحنا إذا بفرهد فيك
    ح نمشي علي البجرحنا
    وحزننا لو يضوي سماكا
    هو الحزن البفرحنا
    ودمنا لما يسقي ثراكا
    ينزل من جوانحنا
    وإن راحتنا ما ترتاح
    نقول إنشاءالله ما ارتحنا
    تضيع أيامنا بس ما تضيع
    ملامحك من ملامحنا
    بنرجع ليك توصينا
    ونسمع ليك تحدثنا
    ولو علّينا صوتنا عليك
    يا والدنا سامحنا
    تنبش حي وميت
    سكاكينك تسنها بالكراهية
    معلم تنتج الكربة
    وتدي الفتنة ماهية
    تدس في إيدا كبريتة
    بخيت وسعيد عليك إنك
    مكانك من ذوي القربى
    وعندك من كراسي السلطة
    مسند للرفاهية
    مالك ومال قريبك ساكن التربة؟؟
    منو البسرق عشم ميت
    أمام الله والحكمة الإلهية؟؟
    يمين الله
    كاتب حر
    نسيج وحده
    ومن طبعو الفروسية
    وأصدق من ملامح طفلة
    وسط اللمة منسية
    عصافير الكلام ركت
    تحت شهقة غنا الفواح
    مع الموجة الصباحية
    أدى الود
    وشال الود
    وجمّل للحزن ممشى
    لا كذّب ولا غشّ
    وما منو الضمير طشّ
    وما شنّق
    بريق الشهرة من فوق راسو طاقية
    أبسط من حرف كسرة
    ومن بذرة
    ومن نقاع سبيل يوماتي
    تشرب منو تحت النيمة قمرية
    كذلك لم يكن يوماً
    هوين قابلاً للكسر والذلة
    يا كالنخلة هامة
    قامة واستقامة ..
    هيبة مع البساطة
    اصدق ما يكون ..
    راحة ايديك تماماً
    متل الضفتين ..
    ضلك كم ترامى
    حضناً لليتامى ..
    خبزاً للذين
    هم لا يملكون ..
    بنفس البساطة
    والهمس الحنون








    كل الجروح
    بتروح
    إلاّ التي
    في الروح
    خلي القلب
    شباك
    نحو الأمل
    مفتوح
    سرج الأماني
    حنون
    مهر الليالي
    جموح


    أقول دون رهبة

    أقول دون رهبة
    أقول دون زيف
    أموت لا أخاف
    أين أو متى وكيف
    بغتة مستمتعا
    بأنجم السماء
    ليل صيف
    رصاصة في القلب
    طعنة من سيف
    أموت لا أخاف
    أين أو متى وكيف
    أموت في الظلام
    في الزحام
    تحت غفلة
    بساحل الطريق
    حريق
    غريق
    أموت في سريري
    زوجتي بنتاي
    جيرتي عشيرتي
    وأصدقائي
    قطتي راكوبتي وزيري
    معززا مكرما مهندما
    بناصع البياض
    موكب يحفني
    لمرقد أخير
    أموت لا أخاف
    كيفما يشاء لي مصيري
    أموت لا أخاف
    قدرما أخاف
    أن يموت لحظة ضميري

    Post: #26
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-06-2014, 10:17 PM
    Parent: #25

    إهمال محجوب شريف.. سقطة وانحطاط!


    04-07-2014 12:03 AM
    فيصل عوض حسن

    من المعيب (حث) أو (تنبيه) الدولة ومُؤسساتها الـ(مختلفة) للقيام بمهامها وواجباتها تجاه المبدعين والمثقفين، على غرار ما سيرد في السطور اللاحقة من قول، وقف عليه ورآه وشاهده وعايشه كل الشعب السوداني، بل ومن خارج السودان، حينما تجاهلت الدولة (تماماً) فاجعة السودان المتمثلة في رحيل الشاعر الكبير والهرم الأستاذ محجوب شريف. هذا التجاهل (غير الذكي) و(غير اللائق)، أعادني بالذاكرة لصبيحة يوم العاشر من شهر ذي الحجة 1427هـ الموافق الثلاثون من شهر ديسمبر 2006م، وهو التاريخ الذي يتوافق مع أول أيَّام التشريق أو عيد الأضحى، والذي شهد أيضاً تنفيذ حكم الإعدام في الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، حيث جاء اختيار هذا التاريخ (بحسب تحليلات الكثيرين) لأغراض معينة،

    إلا أن الواقع أو النتائج اتت (مُخيبة) لتوقعات الذين اختاروا ذلك التاريخ، فقد وجد هذا التوقيت لتنفيذ حكم الإعدام في صدام حسين رفضاً واسعاً سواء من العراقيين (أنفسهم وعلى اختلافهم) أو من غير العراقيين، بغض النظر عن معتقداتهم الدينية وميولهم الفكرية، ودونكم ما سطرته منظمة هيومن رايتس سواء عن المحاكمات أو عن تداعيات تنفيذ الحكم وما سبقه.
    تذكرت هذه الواقعة وأنا أُتابع كغيري من السودانيين تداعيات وفاة الراحل المقيم شاعر الشعب الأستاذ محجوب شريف، الذي ينتمي فكرياً للحزب الشيوعي، لكنه ليس ملكاً له، فهو شاعر بقامة الوطن، ويعشقه الصغير والكبير، وهو قامة ورمز من رموز النضال الوطني، من الصعوبة بمكان تجاوزه! تناولت الفضائيات الخارجية سيرته وتتبعت فعاليات مواراة جثمانه لمثواه الأخير، بينما فضائياتنا تغوص في المواضيع الانصرافية والسخيفة (وغير ذات الجدوى)! ولم نر مسئولاً واحداً في وداع هرم ثقافي ومعرفي ورمز من رموز الأدب السوداني، رغم وجود وزارات للـ(ثقافة) والـ(تربية) (تُغطي) البلد طولاً وعرضاً و(بلا) لازمة!! ويبدو واضحاً (جداً) غياب هاتين الصفتين (الثقافة والتربية)!

    وفي ذات السياق، احتل خبر رحيل هذا المبدع مساحات مقدرة من قنوات وفضائيات أكبر قدراً من فضائيات السودان، سواء من حيث المواهب أو العقول أو الشكل والمنظر والمضمون، وأكثر انتشاراً ومصداقية عالمياً وإقليمياً من واقع التجارب، وعلى رأسها سكاي نيوز والعربية والبي بي سي وغيرها (ونأسف للذين لم تسعفنا الذاكرة لذكرهم ولكنهم محل احترامنا وتقديرنا).
    ربما اعتقدوا بأن في هذا انتقاص لقدر الفقيد، فخاب الرمي (كالعادة)! حيث كان في وداعه الكبير والصغير، النساء والرجال، أطفالاً وشباباً وشيباً. هذه اللوحة الإنسانية رسمها الشعب دونما تخطيط أو تدبير مسبق، أو تكتل وحشود مدفوعة الأجر مع آخرين أقل قدراً وشأناً وإسهاماً من الراحل! انطلقت الحشود بعفوية إيماناً بجهود شاعرنا الفذ وإنسانيته العميقة وصدقيته العالية، وبساطته بعيداً عن أي انتماءات ضيقة، واستشعاراً منها بأهمية وقيمة ومضمون التراث الوطني. ولكم في مصر القريبة مثال، ولتنظروا لما استصحب وفاة الشاعر محمد فؤاد نجم لتدركوا مدى ضيق آفاقنا وعقولنا وتراجعنا الأخلاقي واختلالنا النفسي والسلوكي!

    فاهتمامنا كدولة وشعب بـ(رموزنا) في كافة المجالات سواء ثقافية أو أدبية أو فكرية أو اجتماعية أو اقتصادية يدخل في إطار المحافظة على الهوية الوطنية والحضارية، باعتبار أنَّ هذه الرموز أضحت إرثاً حضارياً وقومياً ووطنياً، تُشكِّل و(تُكوِّن) كينونتنا التاريخية والحاضرة المستقبلية. وكثيراً ما نرى مظاهر هذا الاحتفاء بتلك الرموز في الدول الأخرى، حيث يبدأ الاهتمام برحيلها من خلال إجراء ما يليق بهم من وداع، ثم الاهتمام بأسرهم ونتاجاتهم الفكرية وتوثيقها. بل يمتد الاهتمام حتى بالأدوات التي كانوا يستخدمونها في ابداعاتهم الأدبية والفكرية والثقافية والفنية وغيرها. ومما لا شك فيه، أنَّ هذا الإهمال الـ(متعمد) لمبدعينا ومثقفينا يرتقي لمستوى الـ(جريمة) التي لا تُغتفر بحق التاريخ والثقافة والتراث والرموز والإنسانية، ويعزز القناعة بعدم (أهلِّية) القائمين على الأمر بإدارة شئوننا.

    وللحقيقة محجوب شريف (رحمه الله) لا يستحق هذه المعاملة غير الكريمة، فهو صاحب دور محوري ومؤثر في الشعر الوطني السوداني سواء كان الثوري والنضالي أو الغنائي العام، وهو أضحى إرثاً ثقافياً ثرياً لكل السودان، عبر مساهماته المقدرة في مسيرة الأدب والإبداع والتي يشهد له بها القاصي والداني.
    ومما لا شك فيه أيضاً، أن هناك حقاً أصيلاً للذين خدموا أوطانهم في كل القطاعات يتمثل في حتمية تكريمهم واحترامهم، ومن بين أبسط صور وأشكال هذا الـ(تكريم) والـ(إحترام) الوقوف عند عجزهم أو مرضهم أو فقدهم، وليس على النحو الذي تعاملت به الدولة مع وفاة الأستاذ القامة محجوب شريف، بينما يحتفون بمن هم دونه قدراً ومكانة، ويُفردون لهم مساحات في وسائل الإعلام الرسمية التي أصبح لا يشاهدها إلا ذوي العقول الـ(محدودة)، نتيجة لخواء برامجها من أي مضمون أو قيمة!
    لقد كان حرياً بالدولة، بل ومن أوجب واجباتها، المشاركة في وداع ابن من أبناء البلد البارين وتخليد سيرته (على الأقل الأدبية)، بنحوٍ يتماشى مع حجمه ومكانته في قلوب الناس وإنتاجه الأدبي والإبداعي الغزير، وإنْ لم يكن لأجله هو (أي الفقيد) فليكن (إكراماً) للشعب الذي (أحبه) و(احترمه)، ولكن فاقد الشيئ لا يعطيه، ولا يعرف الوفاء إلا أهل الوفاء ومن نشأ وتربى وترعرع عليه، ولا (يُقيِّم) الأدب إلا من يتمتَّع به. ومحجوب شريف (رحمه الله)، سواء رضي الحاقدون والقاصرون أم أبوا، قامة سامقة من الصعوبة بمكان أن يطالها الأقزام، وهو خالدٌ فينا بأعماله الأدبية والإبداعية وبنضاله الشريف، وبيده النظيفة وعفة نفسه (ومأكله وملبسه الحلال) وكبريائه وشموخه، والسقوط هو السقوط، والانحطاط هو الانحطاط.

    Post: #27
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-07-2014, 09:06 AM
    Parent: #26

    ضفّة أخرى : (ما بتنسد فرقتو..الحبّ النّاس درقتو)..وداعا محجوب شريف..!
    نشرت يوم 05 أبريل 2014



    د.ناهد محمد الحسن

    كنت يومها في مقابر أحمد شرفي لاشهد عناق الارض لمحجوب..الجموع التي سارت على ارجلها من الحارة الواحد وعشرين الى المقابر كانت تهدر بالاحزان والدعوات...

    عاش بالمحبّة ورحل بالمحبّة... ( الحليم العفّ كالانسام روحاَ وسجايا/اريحيّ الوجه والكفّ افترارا وعطايا)..حين جلست اغالب الكلمات لاكتب عنه لم اجد خير من كلماته التي كانت تجيد التعبير عن الناس والخير والحق(الشمس ا لبتطلع/ بلت منو ريقا/والنجم البتسطع/منو تشوف بريقا/الندى فى حركتوا/يطفيها الحريقة/ننهل من بركتو/زى شيخ الطريقة/شايهو وطرقتو/والايدى الصديقة/يلا نسد فرقتوا/حب الناس درقتوا/ياموت لوتركتو/مننا قد سرقتوا/كنا نقول ده وقتو/لكنك حقيقة)..حين تأملت هذه الابيات ادهشتني هذه القدرة على بعث الامل في الحياة والخروج من دهاليز الحزن الى رحابة العمل ..حيث انتقل محجوب من الاسى على رجل عظيم الى محاولة ملء الفراغ الذي تركه من خلفه...وهي محاولة لتفجير طاقات الحزن الكامنة في الدواخل نحو البناء والتشييد..وهي لازمة لمحجوب وشعره في حال الحزن والنضال والحب..فمحجوب شاعر مهموم بالبلد والناس والتنمية والتطوير والعمل والخير..وقصائده تعبير حي عن الواقعية الاشتراكية النابضة التي تعوّل على العمل والبناء من اجل النهضة والتغيير. لقد عاش محجوب حياة موسومة بالنضال هو وآل بيته..وتنضح بالمحبة لهذا البلد العظيم.

    في اللحظة التي استعدّت فيها الارض لتعانق محجوب ، كانت الجموع الحاشدة تحجب عنّي هذا المشهد الجلل ..ذكر لي الاستاذ وديدي انه في تلك اللحظة وثبت كل من مريم ومي الى قبره ليرحن مسيرة كفاحه الطويل... وابتسمت احزاني وتذكرت كلمات محجوب في نقطة ضوء(في اللحظة ديك والتو/ كنت نقطة ضؤ/فرهدت بيك فرهيد/وانتشيت بالريد/وطرت بيك الجو/قالو ايضا بت/قلت مالو ولو..!بختي بختي)..هذه الكلمات كانت الاحتفاء الصادق والمبتهج من الدواخل لرجل عاش يجل الانثى ويقدّرها ويحسن اليها. بالنسبة لي كانت هذه الوثبة اجمل ختام لكفاح شاعر نسوي..ظل يؤمن بالمساواة التامّة بين النساء والرجال في الحقوق والواجبات..وقدّم للمجتمع السوداني سيدتين مناضلتين ومعتدتين بأنوثتهما..ولا أدلّ على ذلك من هكذا مبادرة تعيد الينا كنساء حقّنا في الحزن والوقوف الى جانب احبائنا الى أن نودعهم المثوى الاخير..فهذه الوثبة ستنقل تقاليد العزاء في السودان الى الامام وتمنحنا فعلا غير الولولة وتعيد الينا استحقاق سلبته العادات والتقاليد وحرمتنا ايّاه الهيمنة الذكورية التي تجيد زرعنا في القبور الثابتة والمتحركة. وشكرا لمحجوب في الحياة وفي الممات (البنية أم طرحة كبرت/يا سلام الفنجرية/ليها راية وبى كلامها/ وبى اهتماماتها الجديدة/دقت أجراس القصيدة/ وشدت أوتار الصلابة/الكتوف اتلاحقت فى السكة يابا/واحلالي القبلي شال شبال/ لمع برق المهيرة/قيرة قيرة يا مطيرة/ يارزاز الدم حبابك/لما يبقى الجرح عرضة/ ولما نمشي الحزن سيرة).

    حين نعا الناعي محجوب قلت انه سرادق عزاء واجب لنساء الارض قاطبة (لي الماقصّر في غناكن ضمّة ولا اتلوم بقفاكن تب)..لقد عاش محجوب يناضل للوطن كافة وللكادحين والنساء خاصّة . وقد امتلأت أشعاره بالتضامن والتقدير والحب للمرأة في نضالها اليومي من اجل التحرير. وفي كل قصيدة ركن خاص للنساء (أنسانة ابسط ما يقال/لو صاح /اعز من النساوين الرجال/أنثى ولا دستة رجال/تمشي وما بتطأطي/ما بين بير وشاطي/تطلع عالي واطي/نهارها مع السواقي/وليلها مع الطواقي/وعمرها للجهال)..ينضح شعر محجوب امتنان وعذوبة لسيدة اليوم التي تناضل في البيت والعمل لتثبت ذاتها..وعبر غنائه لابنتيه علّم الآخرين شيئا عن قيمة البنات (أدت ابوها مرتبا/سددنا دين دكان حسين/كستني توب/ نجدنا كم.. كم مرتبه/جيّهت بيتنا القديم/السقف داك والمسطبة)...ومحجوب مناضل عرفته سجون الديكتاتوريات منذ عهد جعفر نميري..وبين اعتذاراته وحنينه لأمّه مريم كان الوطن دائما حاضرا (طول النهار والليل/ في عيني شايلك شيل/ لكني شادي الحيل/ لا خوف علي لا هم/هاك قلبي ليك منديل/ الدمعة لما تسيل/ قشيها يا مريم/

    ما بركب السرجين/ وماني زول وشّين/ ياوالدة دينك كم/دين الوطن كمّين)..لم ترأف السجون بمحجوب ولم يرأف نضاله به..وامتدت اعتذاراته الشعرية عن غيابه والتزامه بقضايا بلده الى اسرته الصغيرة (مريم ومى بنياتى/ سمعت حسى جيتا لي/طلعتن من زوايا السجن كاللبلاب/وبين السنكى والترباس/ وبالرقاق وخلف الباب/عبر السور ذى النجمة والعصفور/تجرن جدولاً رقراق/من حبل العشم فتلات/من حقل الوطن شتلات/امكم الفى القلب/ جبتن لى/من تيابه شراع/منديل خيوط وشعاع/وكراسا مسطر بالضحى اللماح/وخط ايده وشعور الحى/وقالت لى قالت لى وقالت لى)

    لقد رحل الذي اهدى كلماته الى الكادحات من النساء والى نساء الارض قاطبة (صباح الخير/ مساء النور..

    يا ست البيت/.. و ست المكتب/الفاتح على الجمهور/ختم الدوله جنبك هيبه/قط لم تقبلي المصرور/..

    حلال وبلال عليك يا أم/مرتب بالتعب ممهور/وساعه رضاعه/أجمل من سياحه شهور)..ناقش محجوب في هذه القصيدة قضايا اثبتت الدراسات جانبا هامّا منها وهي ان النساء أكثر صرامة في التعامل مع المال العام واقل قابلية للرشوة والافساد والسرقة. ولهذا فإنهن أأمن على المال العام. كما تحدث محجوب عن أهمية ساعة الرضاعة للمرأة العاملة وحقها الاصيل فيها ..واكثر من هذا دعا محجوب الى ضرورة تقييم عمل الامهات من قبل الدولة (ياما تشري.. ياما تبلي/ما بتكلي.. ما بتملي/ما بنقص حنانك ملي/هل هذا عمل مأجور..؟

    لم يفرق محجوب في غنائه بين فرّاشة او ممرضة او طبيبة او مزارعة لقد وسم غناءه بالتقدير والمحبة للجميع بغض النظر عن العرق واللون(عشه.. وميري/مدرسة الحياه المعموره/لا كراس.. ولا سبوره/لا تقرير سمح رقاكي.. لا دبوره/تحيي تعيشي لا مقهوره.. لا منهوره/لا خاطر جناك مكسور/بل مستوره/يا ذات الضرا المستور/سلاما يا غزالات العمل.. والبيت/ملاياتك ضفاف النيل/أحب واديك.. هذا الحوش/أحب الشاي مع القرقوش/سلاما يا نساء الأرض قاطبة/في كل مكان)..رحل محجوب شريف..ونريد في رحيله ان تحلق الفراشات التي كرّس حياته كلّها ليجعل الارض لها بستانا ومحبة..ولنرفع صلاتنا لله ...ان يحسن اليه كما احسن الينا ..وان يذكره كما حمل همّنا في أشعاره في ملأ خير منّا..آمين

    محطة اخيرة:

    (هذه أعمالنا مرقومة بالنور في ظهر مطايا/عبرت دنيا لأخرى تستبق/نفذ الرمل على أعمارنا إلا بقايا/

    تنتهي عمرا فعمرا وهي ند يحترق/ما انحنت قاماتنا من حمل أثقال الرزايا/فلنا في حلك الأهوال مسرى وطرق/

    فإذا جاء الردى كشر وجها مكفهرا/عارضا فينا بسيف دموي ودرق/ومغيرا/بيد تحصدنا ، لم نبد للموت ارتعادا أو فرق/ نترك الدنيا وفي ذاكرة الدنيا لنا ذكر وذكرى/من فعال وخلق/ولنا إرث من الحكمة والحلم وحب الكادحين/وولاء، حينما يكذب أهليه الأمين/ولنا في خدمة الشعب عرق) صلاح احمد ابراهيم

    ---------------
    في ذكرى الانتفاضة .. رحل شاعرها المغسول بعذابات الوطن
    نشرت يوم 07 أبريل 2014



    عمر الدقير

    أموتُ كيفما يشاءُ لي مصيري
    أموتُ لا أخاف
    قدرَ ما أخافُ أن يموتَ لحظةً ضميري

    هذا هو محجوب شريف، من رحم واقعنا وملح أرضنا .. بين ضلوعه الوطن العزيز بكل تفاصيله ..

    ابن الأرض التي أجراها في عروق قصيدته وحفر لها في خبايا نفسه .. عاش مسكون القلب بحب الجميلة ومستحيلة .. يكتبها في لحاء الأشجار وينحتها في صمِّ الحجارة، يحدِّث عنها النجوم، يرسمها في مناديل العذارى ومشاوير الحيارى، يحملها بين شغاف قلبه ويسقيها عصارة روحه وسكْب ضلوعه.



    هو سودانيٌ صميم .. حمل معه سودانيته وجداناً والتزاماً، وكلمةً حرةً تخترق جدران الزنازين الصمَّاء وأسوار المعتقلات السميكة، تشدخ قلب الليل وتشق ظلمته .. تسري في الناس، تحرضهم على العصيان النبيل والثورة من أجل الحرية والعدالة، وتدعوهم لقيم الحب والنبل والجمال .. يغني لصمود المناضلين .. يضع الأمور في نصابها الصحيح .. يحيل زنازينَ المناضلين قصوراً يغردون فيها، وقصورَ الطغاة زنازيناً يرتجفون داخلها:



    نغرد ونحن في أسركْ

    وترجف وانت في قصركْ



    عاش محجوب شريف سيفاً مسلولاً في وجه الطغيان، ومُهراً وثّاباً في درب المعراج الى الحرية .. لا سيفه انكسر، ولا على ركبتيه جثا .. وأمام الطغاة ما نكّس الهامة .. يدخل السجن وهامته مرفوعة ويخرج منه وهامته أكثر ارتفاعاً:



    ودّانا لشالا

    بس عزّتنا ما شالا



    لقد كان محجوب شريف في حياته الخاصة والعامة توأماً للمعاني النبيلة والقيم الاصيلة والمواقف الشريفة .. وضع أمامه أن لا يخون ضميره، وأن يحوِّل الشعر إلى دعوةٍ للسلام والمحبة والإخاء والحرية والعدالة، وأن يحوِّله إلى وردةٍ ورغيف خبز ونبراس يقهر ظلام كل زمانٍ غاشم .. وظلَّ، حتى الرمق الأخير، يهتف من أعماق روحه بحق كل الناس في الحياة الكريمة .. حقهم في الحرية والعدالة .. وحقهم في المدرسة والمستشفى واللبن والزيت إلى قشة الكبريت .. والكسرة والكراس لكل الأطفال.



    تلك هي الطريق التي مشى فيها محجوب شريف، وتلك هي الخيارات التي دفع في سبيلها ثمناً باهظاً على حساب حريته وصحته وأسرته .. طاف السجون والمعتقلات بطول البلاد وعرضها، لكنها لم توهن إرادته ولم تبثّ في روحه جرثومة اليأس، بل كان أكثر حريةً من سجَّانيه .. وفي داخل السجن حيث يشحُّ الورق وتشحُّ الأقلام، كان محجوب شريف يكتب بزفيره على الهواء ما لا يقوى الورق على احتماله .. كان من حسن حظي أن زاملته في المعتقل قبل الانتفاضة المجيدة وبعد انقلاب يونيو المشؤوم .. و أشهد أني قد عرفته، كما عرفه غيري، في غياهب السجون إنساناً ذا خلقٍ نبيل وصمودٍ باسل .. يقوم على على خدمة زملائه كبيرهم وضغيرهم ويتولَّى تنظيم البرنامج الذي كان يبدد ظلمة الزنازين وحشتها بكلماته التي تقاوم التراجع والإنكسار .. تطرد اليأس وتزرع الأمل وتجعل الزنزانة محراباً، والقيد نيشاناً، وسور السجن فضاءً للحرية.



    لم يبتعد الشاعر التركي ناظم حكمت عن الحقيقة حين وقف أمام المحكمة وقال في مرافعته: "الدولة البوليسية تخاف من الشعر" .. وإذا كان الشاعر يتغذى من الخيال، فإنَّ خياله قد يكون مخيفاً لأنه يستولد الحلم، والحلم ممنوعٌ في الزمن السجين.



    لقد درجت رئاسة الجمهورية على إصدار بيانات تنعي فيها رموز السياسية والشعر والغناء في بلادنا، ودرجت أجهزة الإعلام الحكومية أن تفرد مساحات واسعة لتغطية أخبار رحيلهم ومراسم تشييعهم .. لكنهم تجاهلوا محجوب شريف، ربما اعتبروه دون ذلك!!



    نعلم أنَّ محجوباً كان يخيفهم أكثر من قذيفة، وصدى كلماته في آذانهم أشدُّ رعباً من أزيز طائرةٍ حربية تحلق فوق رؤوس عُزَّل .. لم نكن نتعشم أن يكونوا في أخلاق فارسٍ من القرون الوسطى يخلع قبعته وينحني لعدوه تقديراً لشجاعته ونبله، فنحن نعيش زمنهم الذي اعتلت فيه القيم .. لكنني أقول بملء الفم وكامل الثقة، على لسان محجوب شريف، أنَّ ذلك التجاهل لا يضيره بل يسعده .. فمحجوب لا تليق به حفاوة السلطة وأوسمتها ونياشينها، وإنما تليق به أوسمة المحبة الصادقة التي طوَّقه بها أبناء شعبه الذين أسكنوه حبات القلوب ووضعوه في حدقات العيون، واتخذوا من كلماته زاداً وهتافاً في زحفهم المقدّسِ نحو الشمس ونحو النور.



    أخي وصديقي محجوب



    أن تكون منتمياً إلى وطنٍ مثلومٍ ينزف على طول الطريق فهذا قدرك الذي لم تختره، لكن أن تختار التشبث بجمرة الضمير وإشهار الكلمة الحرة غير الملتبسة دفاعاً عن انتمائك، فذلك يعني أن تكون مغسولاً بعذابات الوطن، وأن يتبدَّى نشيدُك نعمةً ونقمة في آنٍ واحد .. من رأوه نقمةً تمنوا لو يستطيعون رفع الكفن عن وجهك ليحدِّقوا فيه ويتأكَّدوا أنَّ الميت هو أنت وليس أحداً سواك، فقد كنت كابوساً يقضُّ مضاجعهم ويطرد النوم عن أعينهم .. ومن رأوه نعمةً أصابهم رحيلك بطعنةٍ في الخاصرة، فقد كنت حادياً لقافلتهم في مسيرها نحو الهدف المتواري خلف جبل الخيبات.



    لعلَّها المرة الأولى التي لا أتمكن فيها من مهاتفتك في ذكرى الانتفاضة المجيدة .. تلك الانتفاضة التي كنت صاحب سهمٍ كبير في صنعها، وجعلتها شعلة النشيد والاسم الحركي لتاريخٍ يريدون استئصاله من القلب والروح .. لن أسمعك تقول لي: "لا لليأس، فالشعوب تعلمت من خالقها أن تمهل ولا تهمل" .. هذه اللحظة لم أحسب حسابها وهي كفيلة أن تبكيني، لكنني أجد بعض عزاءٍ حين أسترجع كلماتك التي جسَّدتَها معنىً وفعلاً:



    حتهرب منو جلدك وين

    ويوماً ما حتسكت تم

    واخت راسي

    وأفارق دنيتي وناسي

    وأخلي ورايَ كراسي

    وما أسود سطر بالشين



    صوتك يغادرنا الآن، بل صوتنا يغادرنا الآن .. كيف تتركنا في هذا الزمن الرخو في "بطن ليلٍ من حديد"؟ من يستولد القدرة من عجزٍ وخيبة، ومن شقاءٍ وعناء، ومن شوقٍ وتوق؟ من يبشر بدروبٍ جديدة؟ فقد انتهت كلُّ الدروب إلى مفازة العقم .. انتهت إلى التراجع والانكسار واللهاث وراء سراب الحوار الكذوب، والبغال المعصوبة العيون والعقول تدور وتدور .. الشفاه تشققت من الظمأ ولا عذوبةَ في مياه النيل، لا ندىً على ورق الشجر ولا شذىً على الأزهار، والعصافير تبكي والأرض ثكلى.



    محجوب شريف، أيُّها الراحل منَّا إلينا .. نسأل الله لك الرحمة والمغفرة وصبراً جميلاً لأسرتك الصغيرة والكبيرة


    ---------------------
    رحيل محجوب شريف : الاحتفاء بالقيم النبيلة
    نشرت يوم 06 أبريل 2014


    خالد فضل

    بقدر حجم الفاجعة على المستوى الشخصي والإنساني برحيل الأستاذ والمربي والصديق الإنسان المبدع محجوب شريف , الا أن هناك ما يستوجب التأمل في سيرة ومسيرة هذا الإنسان الذي مكث على سطح الأرض حوالي 66عاما

    إذا استثنينا منها سنوات الطفولة الباكرة جدا لزعمنا بكل ثقة أن ما لا يقل عن نصف القرن قد قضاها كلها يحمل هموم الناس ويعبر عن تطلعاتهم الإنسانية النبيلة وينشد سيادة القيم الرفيعة , يواسي أحزانهم ويدغدغ آمالهم ويبذر فيهم الأمل , يقاوم في عوامل الإحباط واليأس ويناضل من أجل حياة كريمة تليق بالإنسان والذي عنده لا يمثل الا الإنسان غض النظر عن عرقه أو معتقده أو ثقافته أو طبقته الإجتماعية أو نوعه أو وضعه الصحي والبدني الإنسان عنده الإنسان فحسب , وهنا تكمن قيمة محجوب الإنسانية الرفيعة فهو لا يتأفف عن مخالطة والإستماع الى وتحسس مشاعر والتعبير عن تطلعات كائنا من كان من البشر , لا تحجبه حدود عصبية ولا تغلقه أنانية ولا يؤثر نفسه بميزة , بل على العكس دائما ما كان يعبر وهو في أوج علته القاتلة وألمه الممض عن روح غيرية مفرطة في اليقين والتواضع الحقيقي فقد زرته قبل رحيله بشهر تقريبا في منزله ووجدته يتحدث مع إحدى الشابات عن حالة امرأة تعاني مثله من داء تليف الرئة ولكنه كان يقارن حاله بحالتها حيث يتمتع هو بحسب رأيه بمكيف بارد وجهاز اكسجين وظل ظليل وزوار دائمون وأسرة تهتم به أيما إهتمام أما تلك السيدة فانها تعاني فوق الداء من قلة الحيلة وانفضاض الاسرة وتعاسة البيئة التي تعيش فيها وهذه قيمة نادرة خاصة في زمان السودان الراهن حيث تسود الإنتهازية والأنانية وحب الذات والشره الشديد للتملك , خاصة في أوساط منسوبي ومتنفذي السلطة الإسلامية المستبدة ومن والاها .

    محجوب شريف ظل طوال حياته وفيا للقيم النبيلة لم يتبدل ولم يداهن أو يماري مخلصا وعفيفا في القول والسلوك وزاهدا عن ما في أيدي الغير وكان مثالا للإستقامة , لا يؤمن بأنصاف الحلول ويحترم خيارات الآخرين إذا لم يشاطرونه ذات الموقف . أذكر أنني طلبت اليه إجراء حوار صحفي لصالح مجلة الخرطوم الجديدة وكنت أحد كتابها لفترة , رد على طلبي بقول رفيع وأنه لو كان هناك صحفيا يجب أن أحاوره لكنت أنت هذا على المستوى الشخصي والثقة في قدرتك ولكن لدي موقف مبدئي حول ما يسمى بهامش الحريات ليس هناك ما يسمى بهامش فإما حرية كاملة للجميع على قدم المساواة يحكمها القانون الديمقراطي ويحرسها القضاء العادل والنزيه وإما لا , وهذه قيمة مهمة نحتاجها في زمننا هذا المحكوم بهامش القيم دون متونها .

    محجوب شريف مناضل جسور لم ينكسر ولم تلن له قناة في محاربة ومقاومة أنظمة القمع والقهر والإستبداد التي رزأ بها السودان منذ نوفمبر 58 مرورا بمايو69 وحتى يونيو1989م , وفي كل عهد ديكتاتوري ذاق محجوب شريف ثمن مواقفه سجنا واعتقالا وتشريدا وتعتيما ولكنه ظل صامدا حتى انهد كتف المقصلة كما غنى في ابريل وسينهد حائط باستيل يونيو الاسلامي عماقريب وسيكون غناء محجوب وحدائه الرائع ملهما للأجيال الصاعدة ونبراسا للمقاومين والمناضلين من أجل الحرية كما عبر البروفسير جمعة كندة في كلمته في تأبين الفقيد .وهنا تكمن إحدى قيم نبل محجوب التي تنتشر وستنتشر أكثر لأنها قيم نبيلة يتوق اليها أصحاب النفوس العظيمة ومحجوب الراهب المتبتل في محراب شعبه ينفحه تحياته من تحت كمامة الأكسجين قبل يومين فقط من رحيله لابد سيتجدد دون تشدد وشعبا تترب حيقوم دون شك.

    محجوب نموذج لحياة الأسرة بالسترة وبالمشاركة الند بالند للمرأة والرجل وللنساء المكافحات من وعيه نصيب فست الكسرة وبائعة الشاي والموظفة والمعلمة والطبيبة والمهندسة والفنانة والتشكيلية والصحفية و و و كلهن عنده نموذج للتضحية والعفة والشرف والكرامة وكذا ست البيت وربته لها عنده مقام رفيع , وهذه قيم يحتاجها مجتمعنا في عهد غيهب تشتت فيه أواصر الإلفة وتفرتق شمل الأسرة وسادت فيه الرذائل , ولأن الإنسان السوي يتوق الى المثل والقيم النبيلة فإن في كتاب محجوب المفتوح صفحات وصفحات وهذه ميزة تمنح محجوب الخلود فما من قيمة رفيعة الا وجدتها خصلة فيه جسدها شعرا يطابق حياته وهو أمر نادر الحدوث .

    وهكذا نجد سبط القيم التي كانت تشكل حياة محجوب ومحور ابداعه الشعري ونشاطه المدني ونضاله السياسي وتفاعله اليومي سلسلة لا تنقضي من مكارم الأخلاق التي إن قستها بمقاييس التدين وجدتها متطابقة وإن وزنتها بدعوات المصلحين والثوار والمفكرين اكتشفتها دون عناء وإن وضعتها على قائمة الإحتياجات العاجلة لشعبنا ومجتمعنا وجدتها تعبر بالفعل عن تلك الحاجات , فمفرداته التي تدور حول العدل الإجتماعي والحب والسلام والوفاء والمساواة والديمقراطية والوحدة واحترام التعددية الدينية والثقافية ورعاية الطبقات الضعيفة والإحساس بمواجع الضعفاء والسعي لمعالجتها مباشرة عبر مبادرات نيرة خيرة من أطفال الفشل الكلوي الي النساء اللائي يعانين من الناسور البولي الى الأطفال المشردين وثقافة العمل اليدوي والنفير وإيد على إيد تجدع بعيد , وفي كل جهده كان محجوب يستلهم قيم شعبه والمركوز في صميم حياته فتخرج المشروعات مشروعا يتلوه آخر دون ضوضاء وشوفونية ونحن في زمن أضحى فيه التباهي والمظاهر هي سمة معظم الأعمال خاصة من جانب فئة الحاكمين المتسلطين ومن شايعهم . وهذا بالطبع ما يقلق أولئك ويسعد عامة الشعب , فقد جاء موكب تشييعه مهيبا وعفويا وصادقا وكان الحزن حقيقيا وآلاف الناس الكل يعزي الكل لا تعرف شخصا بعينه ولا فردا محددا ترفع معه الفاتحة , وهنا تكمن قيمة رد الجميل ذلك المشروع الذي ختم به الراحل حياته العامرة , فإذا كان محجوب ممتنا لشعبه طيلة حياته وحتى لحظات مماته فإن الجموع التي تدافعت لتشيعه وتودعه وتلقي عليه تحية الوداع والى اللقاء لم يكن من بينها مكري أو مراءي أو مخادع والجموع التي سدت شارع الثورة بالنص من الحارة 21الى مقابر أحمد شرفي لم يكن في وسطها نشال أو مستهتر أو مستبد أو مخادع باسم الدين فمحجوب (ماك الوليد العاق لا خنت لا سراق )كما كان يعلو الهتاف في التشييع . وفي زماننا هذا ما أنبل الشرفاء الذين لا يسرقون بعد أن صارت السرقة باسم الله في الطرقات تمكين !!! الا رحم الله محجوب فمناقبه مما لا يحيط بها كتاب وما بذره من قيم هي الزاد الذي منه نستمد القدرة على المسير وكما كتب لي الصديق أنور عوض (الوفاء لمحجوب في السير على خطاه

    Post: #28
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-07-2014, 05:49 PM
    Parent: #27

    كلمة الحزب الشيوعي السوداني في تأبين الشاعر الراحل محجوب شريف


    كلمة الحزب الشيوعي السوداني في تأبين الشاعر الراحل محجوب شريف






    04-07-2014 03:43 PM
    كلمة الحزب الشيوعي السوداني في تأبين الشاعر الراحل محجوب شريف

    يقراؤها :د.عبدالقادر الرفاعي

    بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام علي رسول الله.

    ايها السيدات والسادة الكرام، احي عبركم كل افراد الشعب السوداني ايها الزميلات والزملاء الاعزاء الاخت العزيزة اميرة الجزولي العزيزات مريم ومي محجوب شريف، وبالطبع احمد شريف والخير شريف وكل اصهار الراحل العزيز، الي جميع الاهل والجيران والاحباب والي كل الاصدقاء والضيوف وقادة الاحزاب وقادة العمل الوطني والي كل الادباء والشعراء والمبدعين والفنانيين والاعلاميين رفاق محجوب شريف، السلام عليكم ورحمه الله تعالي وبركاته، اقرأ عليكم هذه الكلمة نيابة عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني في رثاء الراحل العزيز محجوب شريف، الان وقد مضي محجوب شريف عنا اغلق باب العمر وراءه ومضي سيظل مقعده شاغراً في حياتنا وفي حياة شعبنا الذي احبه ليس هذا فحسب وانما في حياة كل الذين عرفوا محجوب شريف.. وتغني محجوب بامجادهم وامانيهم الانسانية الواسعة، ان محجوب شريف لم يمت ولن... لكنه انتقل الي الضفة الاخري وهو يسمعنا الان. نحن لا ننسي
    ولكن طول الجرح يغري بالتناسي
    في شتاء مقفهرالوجه قاسٍ
    وفي عقبيه ما يأتي خريف مجدبٌ
    دون نداوة
    وتعري كفه العالم من كل بهاء وحلاوة
    حينما ينقلب التذكار عبئاً وعذاباً وقصورا
    وبكاءاً اخرس النبرة وحشياً ضريرا
    حينما يلجئونا الحزن الي بطن الجدار
    كي تسفي فوق تراب الموت زهرة
    زهرة ميتة طال عليها الاحتضار
    لا نري الا التناسي مهرباً من موتنا
    موتنا القادم في وضح النهار
    قل لنا يا محجوب من اي طريق جئتنا وفي اي سحابة خزنتك النعمة الكبري لنا
    قل لنا يا محجوب هل ستظننا سننساك ام ان شعبنا سوف ينساك؟ نقول لك: لا والف لا.
    وسنظل نردد ما كنت تقول، سنردد كل شئ من ورائك.
    سنقول:
    ياشعباً تسامي
    ياهذا الهمام
    تفج الدنيا ياما
    تطلع من زحاما
    زي بدر التمام
    تدي النخلة طولا
    والغابات طبولا
    والايام فصولا
    والبذر الغمام
    نم هانئاً رفيقنا الغالي فنحن علي الطريق يا نصير الفقراء والمحرومين والمطهدين ونسأل اي عبقرية نبعت من نسيج مشاعرك الانسانية، تجسدت في قيم رد الجميل.
    لم يعد للنبع غير المنحني
    ارهف السمع علي نبض المناجل
    ما المنايا انها اقدارنا
    وامتداد البحر، احضان السواحل
    لا الوم الليل ان هامت به
    وحشة الليل واحلام البلابل
    يعتلي الفجر المتاريس، الجنادل
    ايها الشاعر ضوأت المشاعل
    فانبثق نهراً وثاراً وجداول
    يا رفيقنا محجوب يفقتدك اليوم الاطفال، والمرضي، وذو الاحتياجات الخاصة اللاي يعانين من الناسور البولي، وذو الاعاقة. ينتظرك الشباب، انتظرك الشباب بالماضي، وانتظرك بالحاضر وسوف ينتظرك في المستقبل، الشباب... الشباب... الشباب... حراس الوطنية والمصدر الدائم لقيادات متحررة.
    يارفيقنا محجوب شريف نم هانئاً وانت تعانق رفاقك عبدالخالق محجوب، ومحمد ابراهيم نقد، و د.علي فضل، والجزولي سعيد، والتجاني الطيب، وجوزيف قرنق، وعزالدين علي عامر، ومحجوب عثمان وعبدالرحمن الوسيلة، وهاشم العطا وفاروق حمدالله وبابكر النور ورفاقهم البواسل، وسعاد ابراهيم احمد، وفرح حسن ادم، وعبدالحميد علي، وغريب الله الانصاري، وحسن التاج ومن الله عبدالوهاب وفاروق زكريا وابناء الشعب الشهداء الغير معلومين وما ارادوا ان يعلموا ولم يطالبوا.
    فقد كان محجوب انساناً رفيعاً نقياً كالبلور وكان دائم الابتسام، رحب الخصال، خصب الخيال. عنوان للطيبة والتسامح والانسانية. لكن سواعده حين يجد الجد كانت تطيح لم يعرف المساومة يوماً ولم يدركه الوهل ولم يفت في عضده اغراء.
    جاء الي الدنيا بسيطاً وتركها بسيطاً كذلك واصل طريقه بصلابة كالفولاذ واصبح رمزاً للنقاء والصفاء والبطولة والفداء، محجوب شريف ابن الشعب، ابن شقائه المتكاثر، اننا نعدك باننا سارون في طريقك ملتزمون بوصيتك انه لا حياة مع الظلم ولا ظلم مع الحياة، ملتزمون بها لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة. ان الشعوب لقادرة ان تقتلع الظلم من جذوره، وان تتابع القطرات يترك بعده سيل يليه تدفق الطوفان، فيموج يقتلع الطغاة مزمجراً اقوي من الجبروت والسطان.
    هذه مني... وليس من اللجنة المركزية، هذه مني للاخ العزيز د.غازي صلاح الدين..
    حلمت يا محجوب:
    بالسفن طليقة تطوف بالبحار
    بعالم من الفرسان
    بالامن للجميع والعدالة
    بالحب سافراً بلا غلالة
    حلمت يامحجوب بالجزر طليقة تطوف بالبحار
    حلمت يامحجوب بكوكب من الحدائق الفضية الاوراق
    يظل في غصونها الثمر
    علي مدار العام
    حلمت بالحمام
    يرتاح امناً علي اكتافنا
    ويبتني اعشاشه ان شاء في ثيابنا
    لا اكرر القول بلالتزام بوصيتك ان اتانا نعيك الحزين، ان لا نملأ اعيننا بالدموع، ولانترك النساء يعولن خلف جنازتك، لانك افنيت عمرك القصير الطويل محارباً من اجل عالم نضير وانك الان كوفئت بالخلود فانت رجل خالد.
    يا محجوب شريف:
    المجد لك
    يا من يحار في مدارك الفلك
    وترتمي تبتلاً علي حزائك النجوم
    محجوب شريف نم هانئاً فانبلاج الفجر اقرب الينا من حبل الوريد ان شعبك لن ينساك، ابدً. وان كل تراب الوطن الغالي سيصدح باسمك حتي النصر والنصر القريب .. محجوب شريف وداعاً فمثلك لا يموت. والسلام عليكم ورحمة الله.




    --------------------------------

    محجوب شريف...الموت واقفا


    04-07-2014 10:12 AM
    حيدر إبراهيم علي

    .

    كان(محجوب شريف)حقيقة لا مجازا،حنجرة هذا الشعب،فقد كان لسانه ولسان حاله حين يحاول الطغاة اسكات ذلك اللسان.
    كان محجوب شريف هدية الفرح والأمل والحلم الساطع حين يحاول اليأس والإحباط ان يغوي إرادة الشعب،فيرفعه محجوب عاليا ويذكره بأنبل ما فيه..
    كانت موهبته تكمن في تلك القدرة المدهشة في التقاط الكلمات العادية من الطين والتراب ليجعل منها فراشات تفيض بالجمال والسحر،ويحولها إلي لغة كأنها من نحت فدياس أو من أوتار زرياب،في حسنها ودقتها وتأثيرها.فقد انفرد محجوب برفع العادي والمعتاد الي عوالم متع العقل والقلب،وتحويله الي محفزات للتفكير الثاقب،وسند لإرادات قلب لا يخاف ولا يتردد.
    كانت قصائد محجوب زوادة للروح في أزمنة عسف العسكري الفرّاق والعسكري الكذّاب.تسند ظهر الشعب حين تتعب قدماه من الصمود، ويحاصره الإرهاق والعناء.فتأتيه مثل الأذان منبهة ومذكرة أن الطريق طويل وشاق، ولكن يهزمه الأمل والنضال المستمر واليقظ الذي لا تأتيه سنة ولا نوم..
    ويكتب(محجوب) بهذه اللغة الجديدة البسيطة،قصائده السهلة، والتي تمتنع علي كل من يحاول ان يقلده،أو يكتب مثلها.ويحرق اصابعه لأن تلك اللغة والاحرف ليس لها من مطوع غير اصابع محجوب.وهذا أيضا من اعجازه المحير لغة نتداولها يوميا ولكنها نجدها وقد ارتقت عنده الي ما أذن سمعت.
    هذا عن شكل قصيدة(محجوب) ،ولكنه يكرر نفس الإعجاز في مضمونها،حين يحوّل الحدث اليومي العاديإلي قضية عظمي وهم إنساني يستوقف كل غافل لا يشغله ما حوله لأنه مستغرق في احلام عصافير، وهو يري العادي من هموم الكون.وهنا(محجوب) يريد أن يقول ليس في حياة ووجود الإنسان ما لا يستحق التوقف والاهتمام.وهذا منبع الاشتراكية الانسانية التي ميزت فكر(محجوب شريف).فالانسان هي القيمة العليا التي لا تعلو فوقها قيمة.وكأنه يردد دائما:لقد خُلق السبت من أجل الإنسان،وكذلك صُنع الحزب من أجل الإنسان.فقد كان الإنسان هو "اللائحة"والنظام،والصلاة.كان يري في أي حدث الإنسان، فيمسك بهذا الإنسان.ولذلك كان يقبض علي هذا الجوهر وصارت له القدرة الخفية علي اقتناصه من وسط كل ما هو عابر أو ضئيل او ****.
    كان(محجوب) في قلب قافلة نبلاء رفعوا شعار:" اللغة من أجل الشعب".فنراه دائما مع (بيرم التونسي)و(أحمد فؤاد نجم)و(صلاح جاهين)و(مظفّر النواب)و(والت ويتمان)والاخير الذي وصف أبناء قبيلته:"لقد حملوا الغذاء الي الطيور الزّغب التي عليها الآن أن تنهض وتطير وتغرد بنفسها".
    جاء شعره في أصعب الاوقات، ولكنه آمن بأن الجمال ممثلا في الشعر يعيد ترتيب العالم ويجعل الحياة تستحق أن تعاش رغم صعوباتها.وقد تحمل بجسارة مسؤولية إعادة النظام لفوضي العالم،وأن يطارد القبح من حياة الوطن.وحاول ان يسكن الشعب في الحلم واجب التحقق رافعا أياه من عذابات وخيبات لا تنتهي،تبثها وتحرسها انظمة العجز والجحيم.ورغم ان شعر(محجوب)ورفاقه تنوشه أسهم النقد التي تتهمه بالمباشرة وعلو الصوت.يري الكثيرون أن الغموض هو ميزة جمال المرأة والشعر.كما أن (مندور) و(نازك الملائكة)،جاءا الينا بمفهوم "الشعر المهموس" الذي يذهب الي القلب مباشرة دون الارتطام بالأذن. ولكن ناس(مجحوب)اسسوا لجمالية وحساسية شعرية جديدة تقوم بتجميل المباشر قبل أن تنقله كما هو للمتلقي.ويضاف الي ذلك أن هذا الشعر يغني ولا يقرأ أو يتلي فقط.الغناء واللحن يضفي علي المباشر المعلن والواضح جمالا يتشابك مع الطرب والترديد فيعلو درجة علي أي شعر آخر.يستحيل أن يهرب الشعر الملتزم من المباشرة ،ولذلك فهي ليست نقيصة في هذه الحالة لأن للشعر وظيفة الي جانب المتعة والتذوق.فشعر(محجوب)ورفاقه ليس صاخبا أو ضاجا،بل مهمته أن يزلزل ولا يدغدغ تلك النفوس التي غطاها الكري والفتور.
    كانت حياته شعره،وكان شعره حياته.فقد كان يتوق أن يري ما يتمناه وينشده قد أصبح واقعا خلال حياته.فقد احتوت قصائده علي "مانيفستو" أو بيان أو نداء: حرية،وتنمية،وسلام.من يقرأ شعره جيدا يجده يحتوي كل تفاصيل برامج الاحزاب، وتوصيات المؤتمرات.وكان يتوق أن تكون حياته وحياة وطنه كما قالت قصائده،فردوسا ارضيا،وكان هذا ممكنا.فقد كان من حقه أن يعيش حياة طبيعية:يدرس التلاميذ،وينظم الشعر،ويجلس مع بناته في مرح،ويشرب شاي المغرب بانتظام في بيته ومع أصدقائه.ولكن شئنا لوطننا أن يكون ساحة سجون ومطاردات وملاحقات ومراقبة،وصار نصف السكان يطارد النصف الآخر. ويُصرف علي الأمن ضعف ما يصرف علي التعليم والصحة.هذا وطن شاذ،قضي(محجوب) فيه عمرا قصيرا بلا راحة:سجينا،أوملاحقا،ومفصولا من العمل.ويتكرر نمط حياته علي آلاف السودانيين الشرفاء.فكيف يُرجي لمثل هذا البلد تقدما؟لقد أصيب الوطن بقرحة العسكر والاستبداد، وظل ينزف منذ الاستقلال وحتي الآن،وقد اقترب من الاحتضار.فقد أهدر السودان كل طاقاته وامكانياته في أمن وتأمين السلطة،فحرم(محجوب) والكثيرين من السودانيين من حق طبيعي بسيط:أن يكون في وطنه وأن يعيش بالطريقة التي يختارها ويريدها. ولكن سُلط القمع اقتطعت جزءا مقدرا وخصبا من حياة(محجوب)وتدخلت في هبة القدر في حياة طبيعية.

    لقد مات محجوب شريف واقفا وعينه الي السماء لم يتراجع ولم يهادن حاملا قضيته حتي انتقاله الاخير.وهذه فكرة عظمة الصمود حتي النهاية،وهذه هي القصيدة -الدرس الذي أبي محجوب إلا يكمل بها صورة حياة المناضل الحق،واتساقها فكرا،وقولا،وفعلا.فقد صمد(محجوب)مسلحا بشعره وحزبه،وكان أحساس أنه ليس بمفرده يملأه بالعزيمة القوية والأمل الذي لا يخيب:
    يمه السجن مليان رجاله ما بتنداس
    الخاتو قبلي الساس
    والشالو هم الناس
    يالهم من رجال عظماء شامخين ،ولكن بالمناسبة أين هم الآن يامحجوب؟ فقد عرفناهم(كليتون)وطليعة ومقدمة جسورة،وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر.
    يحرجني مرأي العابرين:مصطفي سيداحمد،وحميد،ووردي،والدوش،فقد رحلوا
    مبكرا قبل أن يروا الفجر الذي غنوا وأنشدوا له.لذلك شملنا الحزن المضاعف
    برحيلهم: الفقد والحلم المُعطل.واليوم يلحق بهم محجوب.نحن مطالبون باعتذار لهم ولك يامحجوب، لأننا تركنا ماتحلم به يوماتي مستباحا لعصبة من المشعوذين والطفيليين،ولم نشرع في بنائه بجدية وعزم.وتظل"حنبنيه"تطاردنا وتلاحقنا مثل بومة الصدى"حتي تقول الهامة اسقوني".فقد تأخرت"حنبنيه" وظلت أملا مستقبليا ولم تتحول الي فعل وضع اللبنات لما تحلم به.ولكن قد حدث ما خشيته:-
    أخاف الطريق..
    اللى ما بودى ليك
    وأعاف الصديق
    اللى ما بهم بيك
    للأسف ،فقد ضاع الدرب أو الطريق الذي يؤدي إليه من الجميع،كما تحول كل الاصدقاء الي الحلول الفردية .ولكم الحق في أن تعافهم لأنهم لم يعدوا يهمون به،ولم يعدوا مهجوسين يومياتي به وببنائه.
    أخيرا،يعزينا(درويش)بأن أمثال (محجوب)خالدون وكانوا علي مر التاريخ يهزمون الموت،وأكرر قوله المحبب:-
    هزمتك ياموت الفنون جميعها
    هزمتك ياموت الاغاني في بلاد
    الرافدين.مسلة المصريّ،مقبرة الفراعنة،
    النقوش علي حجارة معبد هزمتك
    وانتصرت،وأفلت من كمائنك
    الخلود...
    فاصنع بنا،واصنع بنفسك ما تريد.

    Post: #29
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-08-2014, 08:08 AM
    Parent: #28

    كلمة الإمام الصادق المهدي في رد الجميل للشاعر محجوب شريف
    الإثنين, 07 نيسان/أبريل 2014 13:18


    بسم الله الرحمن الرحيم
    رد الجميل من الشعب لشاعر الشعب محجوب شريف
    أمسية 3 أبريل 2014م أمام بيت شاعر الشعب
    كلمة الإمام الصادق المهدي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
    مشهد مثل هذا في غير السودان مستحيل، لأن أهل السودان باختلاف عقائدهم، وأحزابهم واتجاهاتهم جاءوا يقولون وداعاً لشخص كان حبيباً لهم جميعاً، وكان يعبر بشعره عن ضمائرهم جميعاً. وأود أن أطوف بكم على المعاني التي اعتقد أن الحبيب الراحل كان يجسدها. ففي حقيقة الأمر إن أمثال محجوب من ذوي العطاء لا يفنيهم الموت، لأن من المعروف أصلاً وفعلاً أنه:
    قد ماتَ قـومٌ ومَا مَاتَتْ مـكـارِمُهم وعَاشَ قومٌ وهُم فِي النَّاسِ أمْواتُ.
    ومن هذا المنطلق أسطر وأقول المعاني التي أعتقد أن الراحل كان يجسدها:
    أولها: كان الراحل عنقود عطاء: كان إنسانياً يخدم الناس بقلبه وفعله وجمعيته (منظمة رد الجميل) التي وهبها للعمل الإنساني، كان إذاً رائد نشاط إنساني.
    ثانياً: ثم كان محجوب شريف مصلحاً اجتماعياً عمل على تخفيض وتسهيل وتيسير وتيسيير الزواج بالصورة التي يحتاجها مجتمعنا الآن، الذي صار فيه الزواج عبئاً ثقيلاً مستحيلاً، وبهذا السبب هذا صار شبابنا الآن فقط 25% هم الذين يتزوجون وكثيرين منه يطلقون للإعسار. كان مصلحاً اجتماعياً.
    ثالثاً: كان كذلك رحمه الله من الذين يتعاملون مع الناس جميعاً، مفتوح صدرهم للقريب والبعيد، صلاته الاجتماعية واسعة للغاية، ولذلك كان أحباؤه كثيرون، وعلى طول الخط في العمل العام، في الشعر، في الأدب وفي السياسة.
    رابعاً: كذلك كان شاعرنا نصيراً للمستضعفين اجتماعياً، وثقافياً، ومن أكثر المستضعفين في مجتمعنا المرأة. ولذلك عندما ولدت له الابنة الثانية وقال له بعض الناس "بت تاني؟!"، اندهش من هذا الاستغراب لأنه استغراب جاهلي: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) [1]. هذا هو نفس المعنى الذي كان في الجاهلية ضد المرأة، والحقيقة قيل للشاعر أحمد شوقي في مناسبة مماثلة مثل ما قيل له، فقال قصيدة طويلة منها المعنى:
    إنَّ الشَمسَ في عَليائِها أُنثى وَكُلُّ الطَيِّباتِ بَناتُ
    خامساً: كذلك كان شاعرنا ترجمان الوجدان السوداني، ترجم الوجدان السوداني في كبوات السودان وفي صحوات السودان. الشعر الذي قاله في أكتوبر وفي أبريل صار مضرب الأمثال:
    أصبح الصبح
    ولا السجن والسجان باقي
    وكذلك ما قاله في أبريل:
    يا شعباً لهبك ثوريتك
    تلقى مرادك والفي نيتك
    وفي كبوات الوطن التي واجهها في بلادنا تصدى للطغاة بكلام قوي سلقهم بألسنة حداد، وهم الذين أقاموا في البلاد النظام الذي وصفه أمل دنقل بقوله:
    تحدث عن الطقس إن شئت فانت آمن
    أو حبوب منع الحمل إن شئت فأنت آمن
    هذه هو القانون في مزرعة الدواجن
    ولذلك نراه قد تحدث وتحدى قانون مزرعة الدواجن هذا بشعر سار به الركبان، فسجن مرات وعذب مرات، ولكن استطاع بذلك أن يحيي وأن يؤكد:
    أتَعْلَمُ أمْ أنتَ لا تَعْلَمُ بأنَّ جِراحَ الضحايا فمُ
    واستطاع بهذا الفم أن يعبر عن وجدان الشعب أثناء ظروف الكبوات.
    سادساً: وكان إلى ذلك مع إنجازاته النضالية فكهاً، حلو المعشر، متواضعاً يعبر عن المعنى:
    إذا امتلأت نفس اللئم من الغنى تمايل كبرا ثم قال أنا أنا
    ولكن الكريم النفس كالغصن كلما تحمل اثماراً تمايل وانثنى
    سابعاً: وكان علماً في التواصل الاجتماعي. أكثر العلاقات قوة في مجتمعنا التواصل الاجتماعي. كان يواصل الناس ويدفع ثمن المودة والمحبة معهم بلا منٍ ولا أذى. وفي يوم من الأيام في إحدى العلل المرضية التي واجهته وبعد الشفاء دعوته هو وأسرته لتكريمه، وفي هذا التكريم جاء هو والأسرة، وقال، وكان يعلم ما لقيناه من عنتٍ وكم شقينا نحن بمايو، وقد كان مدحها في غفلة من الزمان بشعر رائع:
    أنت يا مايو الخلاص
    يا جداراً من رصاص
    ولكن النظام صدأ وبان معدنه الرديء فأذاق الشعب ومن ناصروه سوء العذاب. ولذلك قام المرحوم وبكل نبل التائبين، وبكل كرامة وشهامة قال لنا، أنا اعتذر لكم وأعتذر للشعب السوداني عما قلت في هؤلاء الوحوش، والغريب أنه هكذا بنبله عبّر، وهو نبل لم يسعف كثيرين من الذين ساهموا في الخطيئة الانقلابية، واشقوا البلاد بانقلاباتهم وسجونهم، وحتى بعد أن أدركوا سوء عملهم يمشون بين الناس كأنهم لم يفعلوا شيئا، ولم يسعفهم نبل الاعتذار مراهنين على غفلة النسيان، الصلف منعهم من الاعتذار وربما عادوا لمثل ما فعلوا لو سنحت الظروف يدخلون جحر واحد مرات، والحقيقة أن كل الذين صنعوا الانقلابات وأقاموا معها الطغيان وبطشوا بالناس صاروا هم ضحاياها:
    وَمَن يَجعَلِ الضِرغامَ بازًا لِصَيدِهِ تَصَيَّدَهُ الضرغام فيما تصيدا
    كان المرحوم بهذا النبل يتعامل مع الجميع ولذلك يكتسب حبهم ويكتسب ودهم، أقول هذا وأنا في معرض التأبين له لأن هذه الشخصية بهذا النبل قد خلقت بينها وبيننا، وبينها وبين كثيرين ممن لم تجمعهم معه الفكرة، المودة والمحبة.
    ثامناً: الحقيقة أن هذا الراحل مع كل الظروف المحبطة، والمرض الذي يعاني منه، وكنت في آخر لقاء له في بيته هنا أشعر كيف ينازع لكي يتنفس، مع هذا كله استطاع قبل وفاته أن يرسل لنا جمعياً تلغرافاً من تلغرافات الأمل، قال فيه:
    ملء جفوني بَنوم مُتأكِّد
    بل متجدِّد .. بتنهض تاني
    والحقيقة أن أسوأ ساعة الليلة وأكثرها حلكة هي التي تكون قبل الفجر، فالفجر آت ونظام الفجر آتٍ.
    تاسعاً: وآخر ما أقول في شاهد الراحل أقول: إن محجوب شريف كان على سنة صديقه الراحل محمد إبراهيم نقد، من الذين طوعوا الأيديولوجية للمناخ السوداني، فجعلوا لها جذوراً في المجتمع السوداني تتعدى حدود الأيديولوجية، غلبوا بإنسانيات السودان مفاهيم الصراع الطبقي واتخذوا من إنسانيات السودان وسائل للتعامل بينهم وبين الآخرين لبناء غداً يشترك الجميع في بنائه. وهذه خصلة تدل على أقلمة، وهذه الأقلمة ليست غريبة على السودان. كوش استطاعت أن تجذب إليها حضارة الفراعنة وحضارة الإغريق وتنبت حضارة سودانية فريدة صار السودان بها ليس مجرد مستقبل ولكن صاحب عطاء، وكذلك المهدية، فالمهدية استطاعت أن تغيير في مفهوم المهدية: الشخصنة عند الشيعة، وآخر الزمان عند أهل السنة، فالمهدي جعل المهدية وظيفة إحياء الدين، كذلك حقق المهدي تحريراً أساسياً للفكر الإسلامي على أساس أن الإحياء مستقبلي وليس ماضوياً، على أساس أن "لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال", هذا المفهوم الذي يجعل المهدية صاحبة عطاء في الفكر الإسلامي لا مجرد استقبال، وهذا يعني أن ما فعلاه مما ذكرت من أقلمة الفكر الوافد على المناخ السوداني، هي مسألة تتطابق تماماً مع عبقرية الشعب السوداني الذي يفعل هذا.
    لا عيب أبدا في استقبال فكر وافد، ولكن العيب في التبعية العمياء، ونحن في السودان نستطيع أن نستقبل ما نستقبل، ولكن نستطيع أيضا أن نطوره مما يلائم ظروف السودان الفكرية والاجتماعية، وهذا ما يمكن أن ننسبه إليه أيضاً.
    عاشراً: هذه حسنات نعددها له بحق، ونحن قوم نحمد في شريعتنا مكارم الأخلاق من أي شخص يأيتها، فمكارم الأخلاق حميدة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اللَّهِ، فَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ" [2]، ويقول علماء المسلمين أيضاً العدل هو شريعة الإسلام في أي مكان كان العدل فذلك شرع الله وحكمه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً في هذا المعنى: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاق" [3]، وبهذا المنطلق نعتقد أنه يمثل تمثيلاً وتجسيداً قوياً عبارة "إن الدين المعاملة"، تجد بعض الناس كثيري الصلاة والصيام ولكن الواحد منهم مستعد أن يغش، ويأكل حقوق الناس، ويكذب ويفعل ما يفعل، ويدعي أن الصلاة تنجيه، قالت السيدة عائشة (رض): "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ" [4] فالمفهوم هنا أن لمكارم الأخلاق محمدة عند الناس وعند الله، وهذا يدل على أننا نستطيع أن نستمطر له الرحمة بموجب أنه كان صادقاً وكان عادلاً ومتواضعاً ومناضلاً يتصدى للطغاة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ" [5].
    وفي ختام حديثي هذا أعزي زوجه أميرة، وبنتيه مريم ومي، وأسرته الصغيرة وحزبه، والوطن الكبير الذي افتقده، وأدعو لهم جميعاً بحسن العزاء، ونحن نعتقد أن ما خطه من سيرة، وما تركه من شعر، وما ترك من معان وصمود ستكون إن شاء الله زاد لهذا الشعب في نضاله حتى يقيم نظاماً فيه السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل والعدالة الاجتماعية الناجعة.

    والسلام عليكم،،


    ملحوظة: كتب الحبيب الإمام الصادق المهدي رؤوس المواضيع وألقى كلمته بالتأبين شفاهة، وقمنا في المكتب الخاص له بإعداد الكلمة أعلاه مستفيدين من النص المكتوب وتسجيل الكلمة بالفيديو.



    ---------------

    لسة شريفنا يا محجوب .. بقلم: ضياء الدين مدثر رجب
    الإثنين, 07 نيسان/أبريل 2014 13:12



    eلسة شريفنا يا محجوبوفارس بالدرر موصوفوأثرك فينا باقي مبينودربك بالنجوم مرصوفحروفك باقية يا انسانعلي السودان شفوق وعطوفوحقاً .. انتَ ولدوا البارمُحال في حقو تمرُق أُفوكنتَ الشعب .. ونبض الشعبوصوت الشعب .. في أقسي ظروفنهيت عن منكر السلطانوأمرتَ جنودو بالمعروفويشهد ليك تراب بلدي .. وجبال بلديونيل بلدي .. ونخيل .. وجروفوتشهد ليك سجون بلديحضورك فيها كان مألوفوتشهد ليك دموع الناسوعليكْ .. صلت صفوف وصفوفوتشهد كل أهازيجكوتشهد ليك حروف .. وحروفحروف .. من بكرة جايبة عشموأمل سوداني مالي الجوفحروف .. لا لفْ .. ولا دورانْحروف تكسِر حواجْز الخوفحروف .. مليانة في المليانقنابل حارقة كالمولوتوفحروفك راسخة في السوداندروس .. وسياسة بالمكشوفولسة شريفنا يا محجوبوفارس بالدرر موصوفولسة شريفنا يا أستاذونشهد ليك الوف في الوفحروف لي وطنك الملهوفتصارع كلْ كلاشينكوفضياء الدين مدثر رجببرلين

    Post: #30
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: مني عمسيب
    Date: 04-08-2014, 08:13 AM
    Parent: #29

    المحجوب ببلغكم التحايا والاشتياق ... ايها الرفاق .

    sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan5.jpg Hosting at Sudaneseonline.com



    ولي قدام .

    Post: #31
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-08-2014, 10:09 PM
    Parent: #30

    محجوب شريف رجل المرح والشعر
    -----------------------------------
    عبد الله الاسد

    --
    كان لقاءا عابرا في غرفه من غرف البال توك الاسفيرية عام 2005 لدعم المشاريع الخيرية التي كان يتبناها محجوب الانسان ..اطفال المايقومه...رد الجميل .

    في ذلك اللقاء تبرعت بفدان ارض لاطفال المايقومه فمسكت المايك مي ابنة محجوب وزغردت لي بفرحة تبرع الفدان فما كان منى الا ان تبرعت بفدان آخر وانتهى اللقاء.

    وفي زيارة محجوب لابوظبي على ما اعتقد في 2008 بحث عني ويوم اللقاء به في نادي ابوظبي الثقافي السوداني

    ذهبت بصحبة الاعلامي المرح "معالي ابو شريف الشريف" ندهني محجوب لاقف معه في المنصة وسرد قصة الفدانين وفجأة زغردت واحده سودانيه ثم ثانيه وثالثه الخ ..

    .فقال لي محجوب يا ابو الاسود دلوقتى عدد الفدادين كم؟ وضجت الفاعة بالضحك.. فقلت له ما قدرت اعد الزغاريت لكن معاي صديقى الاعلامي "معالي" سيكون حصر العدد

    وعندما رجعت وجلست بجانب معالي قلت ليه انشا لله حصرت البنات الزغرتن لاني حاتبرع لاي واحده بنصف فدان والنص التاني لمشاريع محجوب...

    فقدم لي "معالي" قائمة بخمس بنات وبجانب كل واحدة نصف فدان كمان اضاف اسمه وبدل نصف فدان كتب فدان كامل قلت ليه خاتي اسمك ليه فقال انا برضو زغرت وطيب ليه فدان فقال الم يقول الله في كتابه "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ"

    رحم الله محجوب فقدناه ونحن احوج ما نكون لمثله في الظروف الصعيبة التي تمر بها البلاد الآن والتحية لصديقي الاعلامي العظيم معالي

    ----------------------------


    محجوب شريف.. الخير والجمال


    عمر العمر

    04-08-2014 07:31 PM


    بين ديباجة محجوب شريف الشعرية وقماشة سيرته الذاتية تماهٍ مثير فريد على قدر ما فيهما من بهاءٍ بديع. من الصعب الفرز بين الديباجة والقماشة إذ هما يتداخلان على نحو تكمل إحداهما الأخرى. من الصعب تحديد ما إذا كانت السيرة تلهم التجربة الشعرية أم أن القماشة ليست أكثر من واجهة ثانية للديباجة. كلما طال الاستقراء ترتبك الخلاصات إزاء تحديد الأولوية بين نصاعة الديباجة وثراء القماشة كأنما كلٌ ينهل من الآخر.
    هذه إحدى مياسم تجربة محجوب شريف الحياتية للإنسان الشاعر. أبرز فراداته تتجسد في ديوان شعري وسيرة ذاتية خاطفتين للبصر والبصيرة. أكثر ما يمنح الديباحة والقماشة فرادة وجاذبية استثنائية بناؤهما معاً على الخير والجمال.

    بما أن الشعر موهبة لا تُكتسب فإن في سيرة محجوب شريف أنموذجاً يحرِّض على الاقتداء. لو أن بعضاً من النخب تمثلت بعضاً من سيرة محجوب شريف لاتسعت دائرة الخير والجمال على رقعة الوطن. الغالبية العظمى من المثقفين المنشغلين بالهمّ العام يكتفون بالهجاء. قليلٌ من هؤلاء يجنحون إلى الحداء. نادر عدد الذين يطابقون بين القناعات والممارسات كما فعل محجوب شريف.
    قماشة محجوب شريف تطرح عند منعطف طويل الانحناءة من تاريخنا السياسي المعاصر لا تكتفي بطرح أسئلة ملحة عن علاقة السلطة بالديمقراطية والهوية مع العقائدية الفكرية وحول الدين والوطن كما علاقة المثقف بالمجتمع بل تنطوي على إجابات حاسمة.
    ديباجة محجوب شريف الشعرية لا تقف عند تخوم التوصيف المتعالي الموسوم بالبرجعاجية. الشاعر هنا يملك الوعي والالتزام والقدرة على الحركة والمساهمة في النضال اليومي ضد الظلم والاستبداد وكل أشكال التخلف. في سيرة الشاعر الإنسان قناعة راسخة بأن المثقف يستمد قوته من الشعب وكذلك الشاعر إلهامه. هكذا يستعير محجوب شريف صوت الشعب في قصائده في غنائية أقرب إلى الشعارات وهتافات مموسقة على إيقاع شعبي زمن النفير والحصاد يسهل تداولها وترديدها بأفواه الجماعة. كل مفردات محجوب شريف من القاموس الشعبي تعبر عن مواقف من متن الحراك الاجتماعي العام.

    ديوان شريف يمثل منفستو سياسياً ضد الديكتاتورية والعنف والظلم والتنكيل والتعذيب والخرافة كما التحريض من أجل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. ديباجة محجوب شريف حداء على درب النضال والفن، العقل والمستقبل، الفكر والتعبير، المواطنة وحقوق الإنسان.
    بهذه الرؤى النافذة يواجه محجوب شريف كل قلاع ومخابئ الإذلال والمهانة والهيمنة والغطرسة. هكذا هي مقاربته للبيت حين يكرس سلطة الأب الذكورية. كما هي مقاربته للمدرسة إذ تلقن الخنوع والتلفاز إذ يركز فقط على بث طاعة الحاكم باعتبارها عبادة في سياق طاعة الخالق.
    ديباجة محجوب شريف وقماشته وثيقة شعبية مناهضة للاستكانة والاستسلام في ظل القهر والفساد والمعاناة. هما وثيقة للتعبئة الجماهيرية بالحب والاستبسال والصمود والفداء.


    بهذه القناعات رفض محجوب شريف مهادنة الظلم وكافة أشكال اغراءات الأنظمة. رغم كل الضغوط القمعية قدم محجوب شريف أنموذجاً فريداً ضد التنازلات والانكسار. الشاعر المرهف ظل متسلحاً بالصمود أمام المحقق والسجان والجلاد محصناً جسده بالطاقة ونفسه بالوعي وذاكرته بالمبادئ والقيم. المناضل الجسور لم يمنح الزبانية فرص هدر كرامته أو الطعن في فحولته. كل أدوات الإذلال الجسدي وجدت في قامة محجوب شريف معدناً صلباً فأخفقت في انتهاك الجسد إلى الروح أو الذاكرة.
    بهذا الثبات عايش محجوب شريف تجارب الحبس الجماعي والانفرادي داخل السجن. هو أحد ثلة من المناضلين أحالوا بالوعي الفكري السجن من مؤسسة عقابية إلى مؤسسة تنويرية. اقرؤوا صدقي كيلو. السجن السياسي صناعة النظام الأحادي. حين تضيق صدر الدكتاتور بالناشط يرسله إلى عتمة الحبس الضيق. محجوب شريف مثال لمثقفين ملتزمين يدركون الحبل السري بين ضيق المدينة الواسعة وضيق السجن المكبوت. الجدار حاجز وهمي بين المدينة المشبعة بأجواء القهر والسجن المكتنز بممارساته.
    داخل الحبس ظل محجوب شريف مشحوناً بطاقة الحب الخلاقة للمرأة المتماهية في الوطن ووهج الحلم والأمل. بشفافية الشاعر يرفض محجوب شريف منح أي قسط من مشاعره وقلبه للحارس السجان والجلاد. بهذه الصلابة يغالب محجوب شريف سجانيه حد الإدهاش. ربما نالت رطوبة الزنازين من قفصه الصدري لكن معدنه الإنسان ظل صلباً مصادماً مقاوماً شرساً مبتسماً متفائلاً.
    محجوب شريف تجربة معرفية تراكمية ذاتياً اكتسبت كل مقومات النجاح والخلود لأنها بمثابة مشروع حياتي ينبع من وعي حقيقي بشروط اللحظة التاريخية وخصائصها.


    ديباجة محجوب شريف وقماشته الذاتية سيناريو لمشاهد متداخلة تمزج الحلم بالواقع والغياب بالحضور ينهل كلاهما من فيض الشارع حتى عندما تكتسي قصائده ونوافذه ملمحاً صوفياً غنائياً رمزياً.
    محجوب شريف ظل منسجماً في ديباجيته الشعرية مع هويته الشعبية عاجزاً في الوقت نفسه عن التصالح مع حاضره المترهل بالأزمات. في سبيل التصالح مع ذاته هرب محجوب شريف من برجعاجية وأبراج المدينة إلى قاعها وأطرافها ليتصالح مع أجيال جديدة يقدم إليهم طوعاً واختياراً رحيق تجربته الحياتية من أجل صناعة غد أفضل.


    ---------------------------

    Post: #32
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-09-2014, 08:43 PM
    Parent: #31

    ما كتبه محجوب شريف .. ولم يقرأه ..!!

    زهير السراج
    [email protected]
    www.facebook.com/zoheir.alsaraj
    www.altaghyeer.info

    * كان محجوب شديد البساطة، وشديد الحساسية، وهو ما جعله صاحب القلب الرقيق والحس المرهف، الذى يحب الخير للوطن والشعب ويكره الظلم والظالمين

    * ولم يكن ذلك وليد الصدفة، وانما من قيم الوفاء والإخلاص والأمانة التى تربى عليها وعبّر عنها فى الكثير من قصائده، ليس إفتخارا بنفسه، ولكن ليحرّض ــ خاصة أنه كان يركز فى خطابه على الأطفال والشباب والأجيال الجديدة، على ضرورة التمسك بهذه القيم باعتبارها الحصن الحصين ضد الظلم والخيانة ونكران الجميل وكل الصفات الذميمة، وهنالك الكثير أشعاره التى يمكن ان ندلل بها على ذلك وعلى سبيل المثال قصيدته (يا والدة يا مريم) التى يناجى فيها والدته ( مريم) ويشكرها على ما غرسته فيه من قيم نبيلة صنعت منه شخصية بسيطة محبة للخير وكارهة للشر وناقدة للظلم وفيها يلخص بلغة بسيطة وجزلة ومفردات سهلة يفهمها الجميع هذه القيم بقوله "مانى الوليد العايق ** لا خنت لا سراق" !!

    * ومن آخر قصائده وهو يتأهب لرحلة الخلود، نكتشف بسهولة مدى عمق العلاقة بين محجوب وتلك القيم التى وقرت فى قلبه وصدقها العمل، ولم تكن بالنسبة له مجرد قصائد وشعارات يلهب بها المشاعر ويثير العواطف، وانما بيان بالعمل الصادق .. ويظهر ذلك بوضوح شديد فى قصيدته الى زوجته (اميرة) التى يقول فى جزء منها
    ما استفزتني .. ما استفزيتا
    كم تشاجرنا
    مين سمع صوتنا؟
    ولا غَلَط مَـــرّه .. إيدي مديتا
    زعلتَ رضَّــتني
    برضو رضّـــيتا

    * لا اقول هذا الحديث اعتمادا على القصيدة أو شهادات الناس فقط، فقد كنتُ صديقا للراحل الكريم، وزرته كثيرا فى بيته فى السودان، وفى لندن عندما ذهب للعلاج، ولمست مدى الحب والاحترام اللذين يجمعان الراحل بكل من حوله من الناس وعلى رأسهم رفيقة دربه أميرة، وبناته واصهاره (عائلة الجزولى)، بل حتى الذين لم تكن تجمعهم به سوى المعرفة العامة.

    * اميرة لم تكن له زوجة فقط، بل كانت زوجة وأم وأخت وابنة وصديقة وزميلة كفاح طويل، ورفيقة درب وعر رصفته الأشواك .. ولو كانت أميرة إمرأة عادية، أو كان محجوب رجلا عاديا لافترقا منذ الوهلة الأولى بسبب طبيعة الظروف القاسية وسنوات الاعتقال والتشرد والاختفاء الطويلة التى عاشها محجوب.

    * أذكر اننى سهرت معه فى منزله قبل عامين عند عودتى الى السودان من المنفى الاختيارى الذى اخترته نأيا بنفسى وأسرتى عن أجواء الخرطوم التى فسدت باغتصاب (الانقاذ) للسلطة، وكان محجوب طيلة الجلسة ينادى على (أميرة) التى كانت مشغولة فى امر ما حتى تحضر وتتسامر معنا، ولم يهدأ له بال إلا عندما حضرت وتوسطت الجلسة .. !!

    * كذلك كانت علاقته ببناته وحفيده، ولقد غرس فيهم محجوب كل ما تربى عليه من قيم فاضلة، وكان شديد الاهتمام بتوارث هذه القيم جيلا عن جيل، ولو تناولنا قصيدته الى حفيده (حميد) لوجدناه شديد الحرص على هذه القيم وتوارثها بين الأجيال:
    حِــبرك ضوَّاي
    تملا اand#65271;وراق
    ماكا الحدَّاث الما سَــوَّاي
    بل كلك زوقْ
    عندك أخلاقْ
    بتلم الناسْ
    قط ما فَــرَّاق
    بتبـرالوالدين وتسد الدين

    * ثم قصيدته التى يشكر فيها الشعب السودانى التى تنضح بالوفاء والعرفان وتعطينا درسا بليغا فى أهمية التعبيرعن المحبة التى لا تقل أهمية، ان لم تكن أهم، من المحبة نفسها، وهو ما نفتقد إليه فى حياتنا، فنحن أصحاب مشاعر فياضة، ولكننا شحيحون جدا فى إظهارها لمن نحب، حتى لأقرب الأقربين إلينا مثل الوالدين والزوجة والأبناء، ويندر جدا ان يعبّر أحدنا عن حبه لأمه أو أبيه أو أبنائه بعد بلوغهم سن الخامسة دعك من تقبيلهم (مثلا)، وليتنا نجد طريقة للتخلص من هذا العيب الكبير.

    * أفهم انه عندما نقول لشخص، "ان شاء الله ما يجى يوم شكرك" فإننا نتمنى له طول العمر وهى دعوة كريمة وجميلة تحمل كل مشاعر المحبة، ولكن لماذا لا نتمنى له طول العمر مع اظهار هذه المشاعر ليشعر بالسعادة ولو لحظة قصيرة، بدلا من حرمانه من هذا الشعور الجميل؟!

    * لقد كتب محجوب حب كل الناس له، حتى خصومه السياسيين، ولكن لم يقرأه للأسف الشديد .. وليت هنالك وسيلة ليفعل ذلك وهو فى مقامه الرفيع .. فيكون بمثابة اعتذار عن فشلنا فى التعبير عن حبنا الكبير له عندما كان بيننا !!

    Post: #33
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-10-2014, 11:24 PM
    Parent: #32

    sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    Post: #34
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-10-2014, 11:39 PM
    Parent: #33

    "نغني ونحن في أسرك، وترجف وانت في قصرك" ..


    04-10-2014 07:38 AM


    "نغني ونحن في أسرك، وترجف وانت في قصرك" ..

    محجوب شريف، 1948-2014

    عوض محمد الحسن
    [email protected]

    الشريعة عليها بالظاهر، وفي ظاهر الامر، لا يبدو عليهم أنهم يرتجفون في قصورهم، فالارتجاف والخوف قد يحمل معنى التردد، والتفكر في العواقب، والندم، والرغبة في تغيير السلوك الذي يجلب الخوف من المحاسبة. ولا يشي ما نراه منهم بشئ من هذا. ما زالوا هانئين ناعمين بما أفاء الله عليهم من خيرات المال العام ومقدرات السودان، ومن أموال اليتامى والمساكين، ومن ثروات الأجيال الحالية والقادمة. ما زالوا يتطاولون في البنيان، يبنون القصور مثنى وثلاث ورباع، ويتزوجون مثنى وثلاث ورباع، ويتناسلون، ويمضون عطلة نهاية الأسبوع ـ مثل الباشوات وأثرياء الحرب ـ في مزارعهم وعزبهم، في أحواض سباحتهم، ووسط خيولهم وظبائهم، ويقضون عطلاتهم الصيفية في دبي وماليزيا ومنتجعات أخرى لا ترونها. فتنتهم سلطة لم يحسنوا استغلالها، وثروة لم يتفصد لهم عرق في جمعها. يكنزون الذهب والفضة في بيوتهم، وفي بنوكهم، وبنوك غيرهم في مشارق الأرض ومغاربها (إن تركهم الرقيب).
    غير أن الحقيقة ـ إذا نظرت ما دون الظاهر ـ أنهم يرتجفون في قصورهم رغم مظاهر الغطرسة. ولا يحتاج المرء لكثير أدلة على ذلك. يكفي فقط دليلا على ارتجافهم واصطكاك ركبهم تجاهلهم اللئيم لرحيل شاعر الشعب، وصمتهم وصمت قنواتهم وأبواقهم الإعلامية، وتجاهلهم لموته، وإحجامهم عن مشاركة الشعب السوداني حزنه لرحيل محجوب، مثل إحجامهم عن مشاركته احتفائه بحياته وبشعره. والحق يقال إن محجوب لم يكن يريدهم أن يشاركوا في حمل نعشه، أو أن يصلوا عليه، أو أن يعزوا أهله وأصدقاءه ومريديه وأحبابه، وأن يضيفوا إلى أكاذيبهم كذبة أخرى هي إظهار الحزن علي رحيله بعد أن حاربوه وحبسوه واهملوه في حياته، وأذاقوا شعبه الذي أحبه المذلة والهوان.
    برعت الجماعة في سرقة رموز الشعب السوداني، الحقيقية والمتوهمة (بعد أن سرقت كل شئ آخر)، من لدن الخليفة عبد الله إلى عبد الله الطيب والطيب صالح ووردي ومحمود عبد العزيز، بعد أن فشلوا في جعل رموزهم رموزا لنا. إلا محجوب شريف. لم يستطيعوا شراءه ولا اسكاته، ولا كسره. ما هادن ولا جامل، وما قبل عطاياهم وهو يصارع المرض الذي أورثه إياه سجونهم ومعتقلاتهم. لم يصدأ معدنه الأصيل، وبقي على العهد أمينا على مبادئه، وحادبا على شعبه، ونصيرا لضعفائه، ليس بالكلمة فقط بل بفعل الخير وزراعة المودة والرحمة والجمال.
    رحم الله محجوب شريف، صدح بشعره في سجنه الصغير وفي سجنه الكبير فأشجانا وأبهجنا وأبكانا، وغنى لملح الارض، ولوطنه، ولشعبه، وللحرية، فملأنا اعتزازا وأملا، وجعلنا نفخر بسودانيتنا، وبإنسانيتنا. كان، وسيظل، حادينا وملهمنا والمعبرعن آلامنا واحلامنا، حيا وميتا، صوتنا الهادئ والهادر. ما لان ولا هادن، وظل صامدا مصادما حتى مات واقفاً يغني، بآخر أنفاسه، لأسرته الصغيرة، زوجه وبنتيه، ولأسرته الكبيرة التي هي شعب السودان. أما شانئوه، فقد أرعبهم، حيا وميتا، ورحل وتركهم يرتجفون في قصورهم. حسرتي أنه رحل قبل أن يراهم يرتجفون في سجونهم.


    ------------------------
    مرثية شاعر الشعب محجوب شريف


    04-09-2014 11:31 AM



    رحل السحاب
    والغيم كشف في بلادنا
    وانقشع الضباب
    والجو حِمَى ، والنار بتحرق
    كُلْ مراعينا وسهولنا
    في المراتِع والهِضاب
    وحقولنا محزونة وتنوح
    عطشانة جفّت
    وبالعشم شربت سراب
    رحل المخضّبة إيدو بتراب الوطن
    ودّعنا بشويش انسحب
    فارقنا غاب
    بكت الجموع ..
    زرفت دموع ..
    ومياهنا في النيل إنزوت
    حزنانة عمّاها الوجوم
    محسورة تنتظر التساب
    رحل السحاب
    الكان بيسقي بلادنا
    في كل الصحاري
    والروابي والشِعاب
    ومن بعدك أصبحت الأرِضْ
    قفراً يباب
    ***
    سكت الغمام
    الكان بيروي أرِضْنا
    من درر القصائد والكلام
    سكت الفريد في عصرو
    كان يسقينا من طيب المعتّق
    من رحيق فيض الرجالة
    والعدالة والسلام
    كان يكتب الأنشودة
    شان يفرح فقير
    وقصايدو تدخل دون إذن
    تتهادى ما بين الصدور
    والدندنات تُسْكِت صراخ
    طفلاً رضيع راجي الفِطام
    رحل الغمام
    ***
    رحل العفيف
    العاش حياته بسيطة
    بين الناس دوام
    هادي ولطيف
    ما مدّى إيديه لي بشر
    رغم المعاناة مع المرض
    رغم الظروف
    ما هادن الحكام في يوم
    ما عاش حياته خداع وزيف
    ساكن زنازين السجون
    جوّاها ينسج في الحروف
    تخرج تطوف
    بين الجموع
    وسط الصفوف
    ترفع هتاف
    ما فينا واحداً كان بخاف
    وتواجه العسكر تقيف
    ما شفنا فيها هروب وخوف
    رحماكَ يا رب يا لطيف
    تلطف بشاعرنا الشفيف
    العمرو كلو قضاو نضيف
    في داره يجلس في خشوع
    وسط الضيوف
    وكأنه ضيف
    رمز الإباء
    والكبرياء
    أستاذنا محجوب الشريف
    ***
    رحماكَ يا رب العباد
    رحماكَ بي رمز الجهاد
    أنزل شآبيب رحمتك
    والزمنا صبرك والثبات
    بشجاعته كان ينثر رماد
    في وجه حكّام الفساد
    السرقوا خيرات البلاد
    والفاقوا أكبر مجرمين
    في العالمين
    فرعون وهتلر وبنيامين
    قوم نوح ولوط وثمود وعاد

    عزالدين حسن محجوب
    أبريل 2014م


    -------------------------
    الوصايا العشرة التي تركها محجوب شريف للشعب السوداني


    04-09-2014 08:24 AM



    مقدمة

    شاعر الشعب العظيم محجوب شريف ، كان متفردا في سيرته و عطائه ومفاهيمه و اخلاقه، و كان لذلك فردا استثنائيا وهبه الله لاهل السودان، و انا لندعو الله ان يهب بلادنا افرادا مثله في الاجيال القادمة. و الجميع يعرفون ، خصوصا السيدة اميرة الجزولي و بناتها مريم و مي، ان شاعرنا لم يترك وصية معلومة للشعب السوداني . لكن هذا المعلم المتفرد ظل يوصي الشعب السوداني بشعره و سلوكه و بمشاركته الحياة مع الناس . و الغريب انني عندما احصيت الوصايا التي تركها في سيرته الرائعة وجدتها عشرة – ربما يجد آخرون اكثر من ذلك.

    و كمقدمة للحديث عن وصاياه ، لا بد من الحديث عن بخت الرضا و نظام تدريب المعلمين و المناهج التي بدأت بها التعليم النظامي في السودان. و عند الحديث عن بخت الرضا و معلم الشعب محجوب شريف لا بد ان اذكر استاذي الدكتور عبد الله علي ابراهيم و اشارته لواحدة من وصايا محجوب ، الا و هي اعادة النظر في مناهج التعليم ، ببخت الرضا المضادة .

    الذين يقرأوون كل ما يكتب استاذي الدكتور عبد الله علي ابراهيم مثلي، يعرفون ان له رأيا سالبا في تجربة بخت الرضا ، و انا رغم احترامي للدكتور كعالم متفقه في التاريخ و الاجتماع و الادب و السياسة ، اختلف معه لانني اولا من "منتجات" بخت الرضا ، و لان لي رأيا مغايرا لرأيه.

    و خلاصة رأي الدكتور نجدها في مقاله بعنوان "محجوب شريف و العجوز و الفصل: بخت الرضا المضادة "حيث يقول:

    "فلم تكن حصص محجوب تنعقد في فصل بحيطان معلومة. فقد كسر محجوب الحائط الرابع، بلغة المسرح، وراح يأخذ تلاميذه إلى الطرقات ليتلقوا العلم مما أفاء به الله على أهلهم العاديين. وهو علم ازدرته بخت الرضا وساء ظنها فيه (أو أساءت تقديره بالأحرى) حين وصفت مجتمع المدرسة بالخلو من الثقافة. وقد ساقتها هذه الخلاصة المجازفة عن ثقافة السودانيين إلى الاستثمار في المدرسة لجعلها المؤسسة الغنية لمجتمع معلم الله من المعرفة كما رأينا"

    انا اعتقد ان منهج بخت الرضا ، و الطريقة التي اتبعت لاعداد المعلمين و تصميم المناهج و تأليف مقرراتها ، كانت تجربة رائدة و ناجحة في ذاك الزمان. اقرمع الدكتور ان حكومة الاستعمار عندما كلفت مستر قريفث بمهمة وضع اللبنة الاولي لتعليم نظامي يشمل القطر كله، كان الهدف رفد مؤسسات الدولة بصغار الموظفين ، و نشر المام بالقراءة و الكتابة للمواطنين حتي يضمنوا سهولة تطبيق القوانين و اللوائح. لكن المستر قريفث اعتبر المسؤولية الملقاة علي عاتقه مسؤولية تربوية و اخلاقية. و بحث عن رجل سوداني يشاركه هذه المسؤولية و وقع اختياره علي رائد التعليم الاستاذ الجليل عبد الرحمن علي طه، و اتفقا علي ان انشاء معهد لتدريب المعلمين و تأسيس نظام تعليمي يتطلب تحديد الاهداف التي سيحققها هذا النظام. و قاموا بالنظر في مدارس علم النفس المختلفة: مدرسة التحليل النفسي لفرويد، مدرسة علم النفس التحليلي لينق، مدرسة سيكولوجية الافراد لادلر ...الخ، و اتفقا علي ان التدريب للمعلمين و المناهج يجب ان تسعي لتزويد المتعلم و المتدرب بصفات خلقية و حددوا بها اهداف التعليم، و ضمنوا هذه الاهداف في كتاب بعنوان "اهداف الاخلاق" ، و الاهداف هي: النشاط الجسدي، النشاط العقلي ، المثابرة، الثقة، الاعتماد علي النفس، معرفة النفس، الابتكار، ضبط النفس، القيادة، الطاعة، الموضوعية، الاخلاص، الولاء ، المروءة و المجاملة.

    و لم يكتف بتحديد الاهداف ، بل اصر علي ان تكون بيئة التدريب تشابه تماما البيئة التي سيدرس فيها المعلم في القري السودانية. و لذلك تقرر ان لا تدخل الكهرباء او الماء في المعهد، تستخدم الرتاين و "ينشل" الماء من الآبار. كل المباني كانت قطاطي من القش. اما التطبيق فقد كان يعتمد علي مبدأين اساسين : التجريب و الممارسة. هكذا كانت بداية بخت الرضا ، و كان لزاما اعداد دليل لكل مادة و كتابة مقررات لكل مادة – لكن مناهج التدريب كلها كانت تدعو الي الابتكار و الابداع.

    بعد كل هذا ان اتي لادارة التعليم في البلاد اجيال غلبت عليهم "افنديتهم" و انبهارهم "بالخواجة" و لم يغيروا شيئا مما قام به مستر قريفث ، بل ظلوا ينتقدونه و يصفونه بالتعليم المعلب، فالعتب ليس علي قريفث ، بل علي ابناء السودان العلماء امثال الدكتور عبدالله الطيب و الدكتور عبد الله علي ابراهيم الذين اشاروا للمناقص و لم يجتهدوا في تقديم البديل.

    و لابراز اثر بخت الرضا في شاعرنا العظيم ، اقول ان المتعلمون في ذاك الزمن كانوا نوعين ، نوع متعلم و مزج التعليم بتراث السودانيين و خبراته الشخصية و ثروته من الاضطلاع – و من هذا النوع شاعرنا محجوب شريف – و يتم "تمثيل" هذه المعرفة في عقولهم غذاءا للعقل ، ينتج عنه الابتكار و الابداع ، و التعرف علي الارث الثقافي السوداني . و هنالك المتعلم الملتزم بالكتاب الذي درسه ، و الملتزم بمرشد المادة الذي اعده مؤلف المنهج، و يصعب عليك ان تقنعه بان هذا الدليل اقتراح للتدريس من كاتب المنهج ، و هنالك الف طريقة اخري للتدريس !! لا يمكن لهذا النوع من المتعلمين ان يقبل الخروج عن المنهج او مخالفة ما جاء في "مرشد المادة"!!

    و احكي لكم طرفة هنا، كان احد مدرسي طرق التدريس في بخت الرضا من هذا النوع الاخير ، و بعد حصص المعاينة ، عند مناقشة الطريقة التي درس بها المعلم و توجيه النقد، كان يختلف معه المتدربون في الرأي، فيقول لهم "الفيصل بيني و بينك مرشد المادة" ، و علي عكسه تماما كان الخواجة الوحيد في شعبة اللغة الانجليزية، يقول ان هذا مقترح و لك مطلق الحرية في الابتكار و التجديد ، و عندما ذكرنا له قصة مدرس اللغة العربية ، قال لنا : (Simply he is bookish) فذهبنا لاستاذنا في ذاك الزمان مصطفي عبد الماجد (حاليا الدكتور مصطفي عبد الماجد استاذ بجامعة الخرطوم) نسأله عن "بوكش" فقال لنا انه الشخص الملتزم بالكتاب حرفيا او المولع بالكتاب.

    في عشر مقالات ساحاول ان اقنعكم بان محجوب شريف ترك عشر وصايا لنا و للاجيال القادمة ، و ذلك لبلوع مجتمع " بالفيه نتساوي" ، نحقق الديمقراطية ، نصونها و نحافظ عليها.

    و حتي القاكم مع الوصية الاولي استودعكم الله.

    و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الخلق و المرسلين.



    ------------------------

    في وداع الشريف محجوب شريف: خلي القلب شباك نحو الأمل مفتوح .. ب

    قلم: د. الوليد محمد الأمين



    الأربعاء, 09 نيسان/أبريل 2014 11:56





    في يوم الوداع الأخير تجمع من استطاع من كرام الناس في البلاد . زرافات زرافات ووحدانا. في الوداع الأخير لابن مريم وأبو مريم ومي . يانقي القلب يا صافي السريرة . يا ودود الابتسامة (1) . يا شفيف الروح يا حامل هم الحمامات ويامنتهي اليقين ويا غاية الأشواق يا صديقي العزيز يا محجوب يا شريف.
    كان رجلا من غمار الناس . واحد من شعوب السودان المبتلاة بالحروبات وبالسياسات الغبية والقهر والذلة المستديمة . كانت أمنياته أمنياتنا . نحن المساكين البسطاء ابناء البسطاء الذين لا هم لنا في رئاسة الوزراء ولا في أي من الوزارات . لا هم لنا في الوكالات ولا حتي في عضوية لجان الحي أو سم ما شئت من مستحدثات الأنظمة . يا لأحلامنا الصغيرة والبسيطة تلك التي لم يعبر عنها شخص مثلما فعل محجوب شريف !
    من بعد ذلك يا جميل / أحلم بما لك من حقوق / كشك الجرايد في الصباح،
    كيس الفواكه والملابس / والكراريس والحليب / نكهة خبيز والدنيا عيد / إنسان عزيز / وطن سعيد والشعبِ حر(2)
    وطن سعيد والشعب حر ! أنها الأمنيات التي علي بساطتها لم تفهمها الحكومات السودانية المتعاقبة ، الحكومات التي ما فعلت غير اذلالنا في العالمين ونشر مشروعها المضاد لسودانوية محجوب شريف وتابعيه باحسان من خيار الناس ، والحق أنك تلك السودانوية هي ما فطر الله الناس عليها ، من قيم الصدق وحب الناس وصدق الاحساس بالاخر. لذلك كان لابد من الصدام بين الشاعر الأعزل الا من كلماته ومن يقينه بالشعب وبين أنظمة القمع السودانية بمختلف تشكلاتها وتلوناتها . كان محجوب شريف واعيا لذلك التضاد ، كان واعياً لعظم المهمة ، لذلك كان انحيازه للجانب الرابح في المعادلة دائماً : جانب الشعب . وان تبدي للناس أن شعب السودان قد هده وقع النصال علي النصال ، وان تبدي أن خبث الارض السودانية طغي واستقوي فساده علي الطيب من خصال الناس وضاعت رائحة نوار البرتقال فقد كان محجوب دائما وأبدا مخلصا ووفيا لتلك الجذوة التي آمن بها منذ زمان بعيد والي حين الرحيل الأخير ، ظل علي ايمانه الذي لا ولم يتزعزع بارادة البسطاء وبالحكمة الكامنة في الحوارات البسيطة لغمار الناس ، ظل دائماً ممتناً لجذوة الانسانية في الانسان أياً كان ذلك الانسان ، لذلك كان رأيه دائماً ويقينه أنه : كلو عندو دين / كلو عندو راي (3) وأنه عما قريب الهمبريب يفتح شبابيك الحبيب (4) . من عمق ذلك اليقين جاءت الكلمات تلك الصادقة:
    تصحى وتنوم وتقوم معطَّر بالنشاط / تنعس وقع في لحظه من إيدك كتاب/ وقلم كما برق السحاب / يتهادى ما بين السطور/ كان سرجو كرسي الخيزران / عند المغيرب رادي / بغ بِنْ المزاج / يدخل من النفَّاج عليك عثمان حسين / يا عُشرة الأيام تمام / أهو دا الكلام / يا سلوى جك المويه / أعملوا لينا شاي / الأسره ممتده وحِداك / جيران لطاف بي جاي وجاي (5)
    وعلي امتداد سنوات عمره – وأعمار الناس قصيرة ما تطاول بها الأمد – علي امتداد تلك السنوات ومنذ أولي قصائده ساهم محجوب شريف في تشكيل وجدان أجيال وأجيال من السودانيين . كاتب هذا المقال هو واحد منهم دون شك أو جدال . نحن الذين تفتحت معرفتنا بالوطن علي وقع أغنيات مثل وطنا الباسمك كتبنا ورطنا (6) ، ويا شعبا تسامي ... يا هذا الهمام (7) ، وبلا وانجلي (8) – ياللأمنية البسيطة التي طال تحققها يا شريف - ، والاغتراب يابونا ما طول الغياب ... الاغتراب فال اليخونك ويزدريك (9) الخ من المعاني الساميات المكتوبات بمفردات لم تظن من فرط بساطتها أنها قد تصلح يوما للشعر والأغنيات .
    كان محجوب شريف واعيا لمهمة الكلمات ، قبل ذلك كان واعيا لتفاصيل الحياة الصغيرة ، تلك التي تميز ناس السودان عن بقية الناس في هذا الزمان بل وعلي مر الزمان . أنظر الآن لتلك التعابير وتلك المعاني : الشاي باللبن / برادو لابس تاج / صينيتو الدهب / ترقش كبابي زجاج (10) ... ، كذلك انظر في رثائه للكاتب الكبير علي المك (11) ولد امدرمان القديمة وحواريها وحكاياتها : ود باب السنط / والدكة والنفاج / والساكنين أفواج / واللمة التي ربت جنا المحتاج (12) . ... ثم سددنا دين دكان حسين / نجدنا كم كم مرتبة (13) ... أو سوي الشاهي يا الهي يا الهي (14) . يا الهي يا محجوب ياخي يا الهي .لا تستطيع هذه الكتابة أن تحيط بعوالم محجوب شريف لجهة انتقاء المعاني والمفردات ، الأصعب من ذلك في الحقيقة الأحاطة بعالم محجوب شريف الانساني : في ابتداره لفكرة رد الجميل ومن ذلك عيادات رد الجميل (15) ، في ابتكاره لمشروع الهكر (16) بذلك الشعار البسيط : تحريك المهمل والمركون ، والأصعب من ذلك في الحكايات التي لم بعرفها الا القلة من الناس كاتصالاته بمعارفه لتسهيل علاج غير واحد من الناس من قلب المدينة أولئك الذين جارت عليهم سياسات البلاد من الصالح العام وما شابه من التسميات ، أو كان ذلك الواحد من محدودي الحيلة المساكين الذين انتهي بهم الامر غرباء في وطنهم وما بدلوا تبديلا.
    وأنت أن تأملت تلك الكلمات بعين المحبة رغم ما فيها من البساطة لواجد فيها بعض أسباب معاداة الأنظمة لمشروع الشاعر الانسان ، ليست مهمة الكلمات أن تكون محض كلمات ، ليست مهمة الكلمات علي الأكيد البذاءة والأساءة للشعب ولعموم الناس ، أقول والحال كذلك فليس من المستغرب أن يستنكر أعداء الانسانية والمحبة علي الناس حب محجوب ، وذلك باب في الخسة غريب . علي امتداد المرات القليلة بحساب الشوق والمودة التي التقيت فيها محجوب شريف أنا والأصدقاء لم يحادثنا يوما في السياسة ، لم يقل لنا أنه شاعر الشعب بل ولم يك مهتماً من أصله بالألقاب ، ذات الألقاب التي لطالما لهث خلفها أنصاف المبدعين وعاطلي الموهبة .
    يومها علي حافة البيت ركت عصافير الوداعة . غردت في التعريشة البسيطة والمعدة باتقان الشعراء العصافير التي تمناها الشاعر بديلا للطلقات : مكان الطلقة عصفورة / تحلق حول نافورة / مكان السجن مستشفي / مكان المنفي كلية / مكا الأسري وردية (17) !. جلسنا يومها تحت ظل أشجار لو تأتي لها الكلام لصدحت بفضلك يا شريف. وكان المكان خافت الأضاءة بأمر الأطباء لئلا تتأذي عيون الرجل العظيم . يازول أنت بتكتب الكلام دا كيف ؟ أقول له مرة فلا يرد الا بضحكة جميلة . بعدها يقول لي ما منكم انتو ديل ذاتو . انتو الناس الكويسين ،الشعب السوداني بخير . أها ياخي كدي اقرا لينا من الحاجات الكتبتها أنت يا كاتب ياكبير . ثم ينادي أميرة الجزولي (18) .
    في خضم هذا الزحام وهذا التزاحم , في اكتئاب الروح حين تعصرها الحادثات , في يوم وداعك الأخير يا حبيب ملح الأرض : فقراء التعفف والمبادئ يسطع صوتك يا سيد الكلمات ويانقي القلب ياهذا الشريف:
    سلموا لي عليهم / سلموا لي عليهم جملة / حتي اللسه قبل الخلق والتكوين /
    صناع الحياة اليوماتي ملح الأرض / نبض الشعروالموسيقي والتلوين (19)
    منحازاً لقيمة الحياة كان محجوب شريف وواعيا لكلفة ذلك الانحياز : من سجن الي سجن ومن معتقل لآخر سدد محجوب شريف من سنوات عمره ثمن ذلك اليقين . والآن واذ يبلغ العمر آخره واذ يرحل الجسد تستحيل القصائد فكرة وتستحيل الكلمات أشجار يقين . شدني في موكب الوداع المهيب طفلة صغيرة أصرت علي والدها الحضور من ضواحي الخرطوم من جبل الأولياء لوداع الرجل البسيط ، قلت في نفسي يالها من نبوءة يا محجوب : في مناديل العذاري / في مشاوير الحياري / في لحي الأشجار كتبتو/ نحتو في صم الحجارة (20) ! ويقيني أن محجوب لكان يسعد بذلك أيما سعادة .
    والآن واذ أنتم تبلغون نهاية هذه الكتابة أيها الأصدقاء ومحبي الرجل الجميل يكون من الجميل لو دعوتم للرجل الذي طالما أحبكم دون حتي أن يراكم بالرحمة والمغفرة عند رب لا يظلم عنده أحد ، وذلك هو العزاء لمساكين الناس في أرض السودان .
    كن بخير وسلام يانقي القلب عند مليك مقتدر ، حيث الموية عذبة (21) والندي والأمان ، كن بخير ورحمة الله تغشاك يا زول ياشريف .



    1- الوصف من قصيدة للشاعر محمد طه القدال من قصيدته " الحزن الدفين ".
    2- من قصيدته – محجوب شريف – " أوعك تخاف " .
    3- من قصيدته " عشة كلمينا ميري ذكرينا "
    4- من قصيدته : " عما قريب "
    5- المصدر (3)
    6- من قصيدته " وطنا "
    7- من قصيدته " يا شعبا تسامي "
    8- من قصيدته " بلا وانجلا "
    9- من قصيدته " يابا مع السلامة "
    10- من قصيدته " يابا مع السلامة "
    11- علي المك : على محمد على المك 1937 ـ 1992 قاص وروائي وناقد سوداني. من أميز من كتب بالسودانوية وعرف الثقافة السودانية .
    12- من قصيدته " باب السنط "
    13- من قصيدته " صباح الخير مساء النور"
    14- المصدر السابق
    15- رد الجميل: من المشاريع الانسانية للشاعر ، احتوت في جزء منها علي انشاء مجمع طبي خيري ومساعدة غير القادرين علي تحمل نفقات العلاج .
    16- الهكر : من مشاريع الشاعر ، كانت الفكرة تقوم علي تجمع ما تخلص منه الناس أو أهملوه واعادة تصنيعه مرة أخري .
    17- من قصيدته : " ح نبنيه "
    18- أميرة الجزولي ، زوجة الشاعر
    19- من قصيدته " مريم ومي "
    20- من قصيدته " جميلة ومستحيلة "
    21- من قصيدته "يابا مع السلامة "
    • في عنوان المقال اشارة الي المقطع : كل الجروح بتوح / الا التي في الروح / خلي القلب شباك / نحو الأمل مفتوح / سرج الأماني جنون / مهر الليالي جموح ، وهي للشاعر .

    Post: #35
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-11-2014, 03:09 PM
    Parent: #34

    محجوب شريف.. مشروع الدولة الإنسانية الفاضلة

    mahgoub-sharif2

    الخرطوم: محمد الفاتح همة

    ورحل أبو مريم و مي، شاعر الشعب محجوب شريف، بهذه العبارة قابلني الاستاذ صلاح العالم رفيق الدرب و مشاوير الحياة الطويلة للراحل، في صيوان العزاء ، عندما طلبت منه التحدث عن الفقيد، بعد أن تردد كثيراً في فعل ذلك، إلا بعد إصرار مني وتدخل أحد الزملاء الذي قال له يجب أن تتحدث و لو بكلمة أنت توأم الصبا للمحجوب.

    قال بصوت حزين و العبرة تخنقة، في هذه اللحظات و بالرغم من الموت حق ، إلا أن حدوثه لشخص مثل محجوب شريف، يصبح فادحاً و موجعاً لدرجة لا يمكن معادلتها لمايحدث للآخرين، وذلك ببساطة لأن محجوب يكاد أن يكون الإنسان الشامل ذو المروءة الشفاف.

    و قال محجوب مثل ضوء الشمس، لا يختلف حوله حتى الكفيفين الذين لا يرون ضوء الشمس لكن يحسون به.

    لقاء الصبا

    إلتقي صلاح العالم مع الراحل محجوب، منتصف الستينيات من القرن الماضي، في معهد مريدي للمعلمين إبان دراسته كمعلم للمرحلة الأولية، و استمرت العلاقة إلى أن أسرع محجوب في الرحيل نهار الاربعاء الماضي، إلا أن سيرته ستكون يوما بعد يوم و ساعة بعد ساعة في دواخلنا، ولأن عبارة الراحل المقيم تنطبق تماماً على محجوب في نفوس الكثيرين من الذين غنى لهم وغني عنهم، وحتى الطغاة الذين توعدهم بالثورة و التغيير، فان شعر محجوب و كلماته أرقت إطمئنانهم الزائف.

    بذرة الإنسانية مزروعة في روح الفقيد

    الراحل منذ أن عرفته – والحديث للعالم – شخصية تهتم بالتفاصيل الدقيقة للآخرين، منذ أن كان معلماً بالمدارس الأولية، حيث كان شديد الإهتمام بالفقراء و المحتاجين من الأطفال و التلاميذ و الأيتام، قبل أن ينتمي لأي مؤسسة في ذلك الوقت أو جمعية خيرية ذات اهتمام بالعمل الاجتماعي، حتى نقول إن ما يقوم به نتاج من انتمائه لهذه الجمعية أو تلك، لكن محجوب منذ أن عرفته كان إنتماؤه للناس المقهورين و البسطاء و الفقراء إنتماءاً أصيلاً لا يحتاج إلى تأطير، على الرغم من مطالبته لي المستمرة ببطاقة الانتماء للحزب الشيوعي، إلا أنني بتقديرات ذاتية كنت أرغب في تأخير انضامه للحزب، إلا أنه فاجأني ذات يوم قائلاً ( وإإإي دخلت الحزب).

    أولاد اللبن روح وحدة في سبعة أجساد

    صلاح العالم الإبن الوحيد وسط عدد من البنات، كان يحظى بتعامل خاصة و دلع من والدته، ولكن بعد دخول مجموعة الأصحاب السبعة للبيت تقاسموا معه هذا الدلع و الإهتمام.

    و قال محجوب توأم روحي و شقيقي، و نحن مجموعة أصدقاء روح واحدة في سبعة أجساد ( محجوب شريف، على عبد القيوم، حافظ مدثر، خالد الكد، عمر الدوش)، من شدة الارتباط الروحي بيننا كانت والدتي تطلق عليهم أولاد اللبن، رحلوا جميعاً و انضم لهم محجوب أمس، ومن المحزن أن نطلق منذ يوم الأربعاء عبارة الراحل المقيم قبل إسم محجوب شريف، إلا أنه سيكون مقيماً في حياتنا اليومية في( دواخلنا خواطرنا ذكرياتنا أحلامنا و في ما نحلم به و نتألم له).

    الراحل وهو معلم في الابتدائي كان يهتم تماماً بكل قضايا التلاميذ و تؤرقه كل مشاكل الصبية الذين يدرسهم، و في مرات كثيرة كان يأتي وبمشروع أو بمبادرة للتضامن و التعاون أو مساعدة أي من التلاميذ و المحتاجين، ولا يتوقف عند هذا الحد، بل يصل مع بعض التلاميذ الى أسرهم لمعرفة مزيد من التفاصيل حياة الأب اذا كان غائباً أو مطلقاً أو سجيناً، وعبر عن هذه الأفكار فيما بعد في مؤسسة رد الجميل الخيرية، التى كانت عنده في ذلك الوقت في المرحلة الجنينية ، و بعد أن اكتسب مزيداً من الخبرات وزاده العمر تجربة و خبرة، أطلق مشروع مبادرة رد الجميل، التى قدمت كثيراً من الخدمات إبتداءاً من تعليم الأطفال و الفاقد التربوي و ضحايا الحرب و النزوح، إنتهاء بتأسيس دور للعلاج و الرعاية، إستطاع محجوب بمساعدة الخيرين و النبلاء من كافة أرجاء المعمورة ما يسد رمق هؤلاء الفقراء و البسطاء، إضافة إلى عمل فصول محو أمية في منطقة الفتح غرب أمدرمان، وزاد ما ظل يقوم به محجوب طيلة حياته لم تستطع مؤسسات القيام به، إستطاع الفقيد أن يجمع تبرعات من أصدقائه و معارفه، لشراء عربة إسعاف بكامل معداتها لخدمة الفقراء و البسطاء، وهذا يؤكد أن ما يقوم به محجوب عمل دولة رحيمة ليست ككل الدول، و كان محجوب يطمح في تقديم ما لا يستطيع الحزب الشيوعي تقديمه من خلال الخدمات و مساعدة المحتاجين، وكان يحس دائما ان الواقع التعيس البائس دون طموحه الإنساني.

    محجوب مشروع دولة إنسانية فاضلة

    جيل محجوب شريف، جيل صقلته التجارب، كما تأذي من الكثير من التجارب، قهراً و تشريداً و اعتقالاً و فصلاً من الخدمة، لكن ذلك لم يثن عزائمهم أو عزيمة محجوب تحديداً، في مواجهة كل ذلك.

    ووصف العالم الراحل بأنه مشروع دولة إنسانية، كانت حلم كل الخيرين، من إفلاطون إلى أي إنسان نبيل يحلم بالتغير نحو الأفضل للانسانية، من أجل رفع القهر و الحرمان من الفقراء، ومحجوب مشروع دولة في نبلها و إنسانيتها، تكاد تكون دولة افلاطون التى يحلم بها ، دولة بلا جريمة بلا قهر بلا سجون بلا دموع، الا أنه رحل.

    وبرحيل محجوب شريف، انطفأت شمس عزيزة كانت تضئ سماء بلادنا، بعد أعوام كثيرة كتب فيها الفقيد أجمل الأشعار و القصائد التى منحت الجميع أعذب الألحان الشجية ، وعلى مدى العقود كان محجوب الشريف، يمنح السودانيين أروع الكلمات، كما مثل محجوب زاداً للثائرين يشعل فيهم روح الوطنية و النضال كما غنى للحرية.

    رحيل محجوب شريف حز في قلوب الشعب و الحزب و الأقربين منه، وبرحيله تكون قد إنطفات مصابيح كانت ترسل ضوء في عتمة الظلام الحلك، وتزرع الأمل في نفوس الثوار. إن شمس الحرية بازغة لا محال، إلا أن أشعاره و كلماته سوف تبقي في الدواخل وقوداً يحرك عجلة النضال، حتى يتحقق ما كان يحلم به الراحل من حرية ، سلام ، ديمقراطية ، عدالة و رفاه للشعب السودان

    Post: #36
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-12-2014, 10:17 PM
    Parent: #35

    محجوب شريف.. ياك الوليد البار

    04-12-2014 07:33 AM

    عادل إبراهيم حمد

    ليس مألوفاً أن يهتف المشيعون في المقابر، بل قد لا يكون مناسباً أن تعلو أصوات المشيعين، حيث يكون الصمت أبلغ مع مهابة الموت وفي صحبة الحدث الأهم في حياة الإنسان بعد مولده، لكن في حالات نادرة يزيد الهتاف جلال المناسبة جلالاً فلا يخنق الحزن الهتاف كما فعل مشيعو الشاعر السياسي محجوب شريف حين اختلط حزنهم النبيل به########م الداوي (ماك الوليد العاق.. لا خنت لا سرّاق).

    أحيط الشاعر السياسي محجوب شريف بحب دافق لا لأنه كتب قصائد جميلة، إذ يشاركه في ذلك آخرون، ولا لأنه صاحب مفردة جاذبة في صياغة الشعارات وتدبيج البيانات فما أكثر ما كتب في الأدبيات السياسية من منفستوهات ومنشورات ومطبقات وبيان أول ووصية أخيرة،

    وما أسهل الكتابة وحشد ما يزخر به قاموس اللغة، لكن (محجوب) نجح في الصعب حين التزم شخصياً بما ينادي به في الشعارات السياسية وجعل أبيات قصائده الحالمة قيماً تمشي بين الناس.. جسد محجوب الإنسان بسلوكه العملي الانحياز للبسطاء والمستضعفين، أعانه على ذلك استعداد فطري فكان يلاطف البسطاء والمعدمين وأطفال الشوارع والمشردين والباعة المتجولين بلا تكلف ولا اصطناع، ويحمل همومهم ويعينهم ما استطاع..

    حمل ذلك برؤية سياسية محددة يمليها عليه التزامه السياسي، لكن الحقيقة الأنصع هي أن (محجوب) كان عضواً فاعلاً في حزب (الإنسانية) الذي لم ينعقد له مؤتمر عام ولم ينتخب له مكتب قيادي ولا يتعارف أعضاؤه..

    هو مثل كل الناس ولد وفي دواخله شخوص كثر، يتذبذب بينهم في حركته علواً وهبوطاً مثله مثلنا، ونحن نصعد إلى الإنسانية ثم نبقي عندها حيناً ونهبط بعد أن يرهقنا البقاء عند العلو، لكنه وفي لحظة التجلي الأسمى اختلف عن الآخرين فصعد إلى التعريشة ثم بقي شأنه شأن قلة تشبهه،

    لم يهده الالتزام الصعب بقضايا البسطاء ولم يمل الابتسام في وجه الأطفال ولم يكل من سماع شكاوى المحرومين ولم تفتر عزيمته وهو يلاحق الحلول، يفعل كل ذلك بلا رهق فقد أصبح إنساناً بفطرته مثل الضوء ينير بطبعه ومثل الزهرة تضوع بطبعها..
    عضو فاعل في حزب الإنسانية لكنه كان ملزماً أن يعايش
    ويتعايش مع ما ألف الناس من أشكال تنظيمية حتى لا يخرق النظام الذي يسير عليه مجتمع هو جزء منه شأنه شأن الصوفي الذي لا يلزم الآخرين بحقيقته،

    وبما أننا ملزمون بالنظام الجماعي فقد كان محجوب عضواً في الحزب الشيوعي السوداني يرى ما يراه الحزب يلتزم بالحد الأدنى ويسمو بنوافله الخاصة فحق لزملائه في الحزب أن يفاخروا بزميلهم، وحق لإخوانه في المواطنة الاحتفاء بشريكهم في (البطاقة الشخصية) خاصة أن الشاعر الكبير قد غادر الدنيا وجمرة الإقصاء السياسي المؤذية تكاد تخمد.



    رحل محجوب وفكرة الإقصاء تتضعضع، ولولا ذلك لما سمع -من غير عجب- إمام الأنصار يؤبن شاعر الشعب، رغم ما كان بين الأنصار و(مايو الخلاص) حين كان الشاعر يناصر جعفر المنصور، ولولا ذلك لما رفرفت أعلام الاتحاديين بالألوان الثلاثة تودع محجوب شريف، رغم أن رافع العلم ثلاثي الألوان مات سجيناً في معتقلات مايو، ولما اصطفت طرق صوفية يعلو دعاؤها للشاعر الشيوعي..
    مرّ على السودان زمان كان السياسي إما قاتل أو مقتول، ذلك حين كان الاستقطاب حاداً بحيث لا يمكن أن تكون الحقيقة مدعاة بين طرفين، فيدعى كل طرف أنه محتكر الحق ليدع الباطل لغيره، وتدور عجلة الإقصاء لحد القتل، القاتل بطل والمقتول خائن تراقب أجهزة الأمن ذويه حتى لا تطفر دمعة من يتيم ولا يسمع صوت نائحة على السياسي القتيل الذي لا يعرف له قبر.
    الحمد لله، رحل محجوب شريف غير محتاج لمعارك لا تشبهه، فالإقصاء إلى أفول وحزبه ليس محلولاً، فرحل الشاعر الإنسان وهو لا يشهر سيف الفداء المسلول بل داعياً إلى أن يكون مكان السجن مستشفى ومكان المنفى كلّية ومكان الطلقة عصفورة تحلق حول نافورة، في وطن خيّر ديمقراطي.

    عادل إبراهيم حمد
    [email protected]
    العرب

    Post: #37
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-14-2014, 08:48 AM
    Parent: #36

    محجوب شريف.. مواقف زي الصخرة..!!
    04-13-2014 08:11 PM
    عبد الوهاب الانصارى

    توطئة:

    كان قد أتم دراسته للتو من معهد (السنتين)، وتخرج معلماً "للمرحلة الإبتدائية" ـ بعد أن أكمل دراسته الأولية (4 سنوات)؛ والمرحلة الوسطى
    (4 سنوات)، في قريته الوادعة "المدينة عرب" ولاية الجزيرة.. حسب السلم التعليمي حينئذ في السودان.

    إلتحق محجوب شريف، بمدرسة (الحارة الثانية) الإبتدائية ـ فور تخرجه ومن حسن حظي أني تتلمذت علي يديه وتشرفت بتعليمه لي؛ ومعه مجموعة من معلمي ذلك الزمن الرائع الأفذاذ.

    لقد ذكرت ذلك في مقال سابق، منشور تحت عنوان (محجوب شريف مثيولجيا الرمزية، متدثراً برقاعه يغني للوطن خليلاً..معلماً)،

    بعض الذكريات عن الراحل المقيم الأستاذ محجوب شريف، إقتبس منه مايلي:ـ
    لأكمل وقائع الموقف الصلب، لمعلم شاب دون العشرين من عمره.. ساعتئذ ..لا غره مغنم؛ ولا أفزعه مغرم .. وهو يقف في وجه وزير التربيه والتعليم وبذات شخصه..!؛ مما ترتب عليه حرمان مدرستنا من المركز الأول في النشاط المدرسي والذي فازت به عن جداره مستحقة بفضل المجهود الخارق الذي بذله محجوب شريف.

    (كان النشاط اللاصفي المدرسي، كالجمعيه الأدبيه، والصحف الحائطية والأنشطة الرياضية؛ في ذروة سنام ألقها وألمعيتها.

    وكان أستاذنا محجوب شريف فارسها بلا منازع، ومايسترو إيقاعها ومكتشف المبدعين، من التلاميذ في شتي ضروب الفنون والإبداع، كالغناء، والإلقاء، والكتابة، والخط، والخطابه، والمسرح، إضافة للنشاط الرياضي.

    وقد قام وبمبادرة منه بإنشاء أول مسرح مدرسي في مدرسة إبتدائية؛ (بمدرسة الحاره الثانيه الإبتدائيه) في أوائل سبعينيات القرن المتصرم؛ كأول مسرح في المدارس الابتدائيه في السودان.. علي ما أذكر.

    وكان نتيجة لهذا النشاط الرفيع والمجهود المقدر من الأستاذ (محجوب شريف) كان أن فازت مدرسه (الحارة الثانية الإبتدائية) بالجائزه (الأولي) في النشاط المدرسي، في عيد العلم الثاني 1971، والتي تم حجبها من قبل.. وزير التربيه والتعليم شخصياً حينها(دكتورمحي الدين صابر)

    عند محاولته أي الوزير تجيير، العمل الإبداعي لمنح الجائزه لمصلحة، (مايو) وفكر " التيار القومي العربي" في النظام وتمجيد السلم التعليمي..!؟

    وقد، علمت ذلك من أستاذنا محجوب شريف، فيما بعد؛ وفقدت مدرستنا الجائزة المستحقة، وكسبت صلابة الموقف وإستقلالية القرار، من أستاذنا.
    محجوب شريف وبإصراره وصلابته المعهودة في مثل هكذا مواقف..لا تقبل البّين بيّن.. محافظاً علي إستقلاليته ومهنيته)


    حاولت حينها وأنا أكتب ذلك المقال، أن إستوثق المعلومة من الأستاذ محجوب شريف لأوثق الموقف بدقة، حتي أقدم للقاريء الكريم معلومة صحيحة مستحقة.
    فأرسلت له عبر كريمته.. الأستاذة (مي) محجوب شريف.. حيث كانت نوبة المرض اللعين قد داهمته، فسافر مستشفياً (لألمانيا)..
    وللمفارقة لم ترد في حينها، خلافاً لعادتها.. وهي المعروفة بدقتها التي ورثتها من أستاذنا محجوب شريف .. فظننت أن المرض اللعين ربما يكون قد شغلها إلي حين.. ولما لم ترد لم أشأ الإلحاح بالطلب ..ونشرت مقالي دون تفصيل دقيق .. حتي لا إنشر معلومة غير دقيقة.

    وبعدها بفترة وصلني ردها،(عبر وسيط).. نقلاً من الأستاذ محجوب شريف.. أنشره كاملاً ..لتبيان الحقائق وتثبيت المواقف للتاريخ...

    "وكان سبب" التأخير قدوم الظافر (حميد) أبنها البكر..حمل الإسم، وجعله الله مباركاً.. و باراً بوطنه ووالديه..

    شكراً (مي) ووفاءً لروح أستاذنا محجوب شريف.. أنشر الموقف الصلب والمشرف لمعلم شاب، أمام وزير للتربية..دون وجل أو عجل.. "وهذا نص الرد الوارد من (مي) محجوب شريف.. على لسان ..شاعر الشعب محجوب شريف.. تتوسده الرحمة في أعلا عليين.. حيث كنت قد إستفسرته عن صحة المعلومة ؛ وتفاصيل ما حدث..


    الشاعر محجوب شريف:
    اما بخصوص الرد ...
    المعلومه صحيحه ... كان هذا في يناير أو فبراير 1970 ...والسبب تم إستدعاء محجوب شريف، ومحمد وردي، وأوركسترا الإذاعه والتلفزيون في مكتب، محي الدين صابر ـ وزير التربية والتعليم.. وطلب منهم أن يغنوا
    للسلم التعليمي؛ محجوب شريف رفض لثلاثة أسباب:

    1ـ إنه في وزارة التربية والتعليم، يعمل معلم وليس شاعر؛ ولا يكتب الشعر بالتكليف.
    2 ـ السلم التعليمي لم يتبلور؛ حتى يكتب عنه.
    3 ـ إنه ليس بنجارـ ولم يتعود؛ ولن ينجر قصيدة.

    وفي ذلك اليوم إتهمه، د.محي صابر بالشيوعية؛ وهو في ذلك الوقت لم يكن له أي علاقة بالشيوعية."
    *كانت السلطة ترمي عيونها عليه؛ أيما رمي وتعتقد أنه.. شاعرها الذي يفصل طلباتها حسب هواها.. ولكن خاب هواها.. وعلى الرغم من حداثة سنه؛ إلا أنه كان كبيراً وإختار لنفسه منزلاً يعلو به ، ومقام سامي عصياً على الطغاة الوصول إليه .. ولا مجال عنده البته، لأنصاف الحلول وأنصاف المواقف فدفع ثمن خياره..مسجوناً...ومفصولاً ومطارداً، ومشرداً ومحروم من حق العمل.. ومضى راضياً مرضياً..جسدا وبقية روحه ترفرف فوق الثريا والسماك الأعزل.
    * وهكذا وقف شامخاً في وجه الوزير د. محي صابر وزير التربية والتعليم لكل السودان قبل التقسيم..!!؟؟ ..وهو معلم صغير في مدخل الخدمة.. مرفوع الهامة، سامق القامة.. قائلاً:-
    - أنا أعمل بالتربية والتعليم معلماً..ولست شاعراُ..ولا أكتب الشعر بالتكليف..
    ـ السلم التعليمي المتغير؛ للتو حديثاً.. لم يتبلور حتى نحكم له أو عليه.. ونكتب أشعاراً.
    ـ أنا لستُ نجاراً للقصيد ..أنجر القصيدة حسب الطلب والمزاج، كما يفصل النجار الخشب حسب طلب الزبون..

    من يجروء غيرك.. يا محجوب شريف؟

    يقول: محجوب شريف في لقاء منشور..
    (رمت السلطة عينها عليَّ .. مما جعلها تعتّقد إنني شاعرها.. وطبالها الذي يفصل على هواها ما تريد من قمصان الشعر.. وفساتين الكلمات وسرعان ما أطلقت حوليّ بخور الجذب المُضلِل ..الموقع، المكانة، الضوء، لكنني لم أكن سواء معلم إبتدائي بسيط.. إنسان لا يرغب في غير سترة الحال، وصحوة الضمير ..
    إذ كيف يُمكن أن يقبل من تخرج قبل عام واحد فقط أن يصبح سكرتير تحرير صحيفة كبرى!؟؟ .. ألم يكن هذا (شركاً)..!!؟؟

    *محجوب شريف.. لم يكن من الذين تستميلهم رائحة الرشوة النتنه و هوالقيم على الحق والصدق والفضيلة والبساطة وكريم الصفات..

    لا هزه تهديد ولا أخافه وعيد.. ولا ضعف أمام إغراء أولآن لكِراء.. مطابقاً قناعته بممارسته سلوكاً. لا هادن؛ ولا لآدن..
    وسدد ثمن مواقفه من أجل وطنه.. وبما آمن من مباديء بلا من ولا أذي بآذلأً أنضر سنوات عمره ..وأجمل أيام حياته وأدفأ ليالي الأنس، في سجون الطغاة المظلمة..مطارداً في الشوارع، ومشرداً، ومحروم من حق العمل.

    كنا نمني أنفسنا أن يكون حضوراً ليشهد حصاد زرعه الذي شتل فسيلته..وليشهد غروب شمس هذا النظام.. الذي كم وكم كانت أشعاره بشارتناالتي عاظل في إرسائها مكب صابر في نبلٍ..

    *اللهم أتزله منزل صدق عندك، وأجزه الخير عن العناء والشقاء والقهر الذي وقع عليه ضيماً وعدوآنا..
    و إرتقي به؛ محققاً قول نبيك ورسولك الخاتم، الصادق الأمين.. (وجبت) بما شهد له من عبادك الكثر بالنبل ومن الذين يؤثرون علي أنفسهم ولو كانت له خصاصة وحبه الخير للآخرين..
    *وأعطه كتابه بيمينه محصياً فيه، كل مثقال عنت ومشقة وغبن ووجع... ورجح ميزان حسنانته بعدد ثواني سجنه..ودقائق عذابات مرضه.. وساعات عدم الطمئنينة التي بثها الأمنجية..

    * اللهم لا تدع له ذنباً إلا غفرته؛ وإحسن وفادته بفضلك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

    *الهم يا حنان، ويامنان، يا متعطف، ويا رؤوف أجعله.. (في سدرٍٍ مخضوضٍ، وطلح منضودٍ، وظل ممدودٍ، وماءٍ مسكوبٍ، وفاكهة كثيرةٍ، لا مقطوعةٍ ولا ممنوعة، وفرشٍٍ مرفوعة.


    عبدالوهاب الأنصاري


    ------------------------
    محمد الحسن محمد عثمان

    محجوب شريف يقود مظاهره وهو ميت ... !!
    04-13-2014 08:08 PM

    فى ذلك اليوم الذى توشح بالسواد وتضرضر راسه بالتراب وولول صوته بالحى والووب حدادا على موت ابن السودان البار محجوب شريف تقاطر الآلآف على مقابر احمد شرفى بعد ان تناهى لمسامعهم موت رمز للصمود والكفاح وللكرامه وصوت شعبه الشاعر محجوب شريف .....لم يحركهم نداء فى راديو ولا تلفزيون حركهم ذلك الحب الجارف لمن وهب حياته لشعبه ...... كانت الجموع فى ذلك المساء الحزين تزحف على الجهه الشماليه من المقابر موجات بشريه متلاحقه اتت من كل انحاء العاصمه ومن كل الانتماءات فالفقيد ليس ابن حزب او قبيله او حاره انه ابن الشعب السودانى ...... وتجمعوا فى مقابر احمد شرفى انتظارا لوصول الجثمان الطاهر وفى حوالى الساعه التاسعه كنا نسمع من على البعد صوت لهتافات مدويه اصبحت تقترب رويدا رويدا من المقابر وظهرت مقدمة هذا الموكب المهيب الآلآف من المواطنيين الشرفاء ينتظمون فى موكب هادر قوى ه######## يشق عنان السماء ... حريه سلام وعداله والثوره خيار الشعب ..... شريف شريف محجوب شريف ...لاخنت لاسراق ماك الوليد العاق ...انها مظاهره تاخذ طريقها نحو المقابر لاينقصها شىء ترفع يافطاتها عاليه وترتفع فى وسطها اعلام السودان العلم القديم بالوانه الاخضر والاصفر والازرق فالشوق لسوداننا القديم يملا جوانحنا فحاضرنا قاتم وملىء بالمرارات واشرابت الاعناق لتتبين من يقود هذا الموكب الذى فشلت احزاب المعارضه مجتمعه مع منظمات المجتمع المدنى فى ان تتحدى به الانقاذ ....... من ذا الذى اخرج هذا الموكب بدون اذن من السلطات ليشق طريقه عدة اميال من الحاره 21 حتى مقابر احمد شرفى عبر اكبر شارع فى امدرمان شمال شارع الثوره بالنص ........ كان ينتظم فى الموكب كل فئات الشعب بمختلف سحناته وتوجهاته واغلبه من الشباب بناتنا واولادنا السمر ..... عجزت السلطه بكل جبروتها وعنفها وعنفوانها فى ان تتصدى لهذا الموكب وانزوت عربات مكافحة الشغب فى الجانب الجنوبى وخانت الانقاذ قدرتها فى تفريق موكب التحدى الذى كان يقوده انبل الرجال واقواهم واشجعهم ...... كان وياللمفاجاه يقوده رجل ميت كان عنقريب الجنازه يتقدم المتظاهرين وكان محجوب شريف كدابه مرفوعا على الاعناق كما كان موقعه دائما .....

    . كان الرجل المسجى على ذلك البرش الابيض هو الذى جهز لهذا الموكب عبر مواقفه وقصائده الملتهبه وهو الذى قاده متحديا كل القوانين القمعيه تحداها فعلا لاقولا تحداها حيا وميتا وانتزع حقه انتزاعا وكسر هيبة السلطه .....لم يساوم محجوب على المبادى ء ولم يجلس مع رجال الانقاذ يستجديهم ويحاورهم ليسمحوا له ويعطوه الاذن بتسيير موكب ولكنه كان جسورا حتى وهو ميت يرقد فى عنقريب كان اقوى من بنادقهم ورصاصهم وكل انسان يكون ضعيفا عند المرض ولكن محجوب لم يضعف حتى فى مرضه كان قويا الف 3 قصائد وهو على بعد خطوات من الموت ورفض زيارة وزير الصحه وهى زياره يتمناها كثيرون فهى تفتح ابواب العنايه المكثفه وتفتح ابواب السفر للخارج لاكمال العلاج على حساب الدوله ولكن محجوب رفضها بكل كبرياء الشعب السودانى ومات وكان فى حاجه لجهاز تنفس لينقذ حياته ....... رفض محجوب لمن اهانوا الشعب السودانى ان يمدوا يدهم بمكرمه فى حقه واوصى بان لايمشى فى موكب تشييعه قيادى انقاذى فمن شيع وطنا باكمله الى الهاويه لايجوز ان يشيع من احب هذا الوطن حتى الموت ...... مااروعك يامحجوب وانت فى لحظة مرض وموت وتعطى دروسا فى الوطنيه لقادتنا الذين يتهافتون على موائد الانقاذ ...... لم يضعفك المرض ولم يهزمك الموت وظللت تواصل التحدى وتؤدى واجبك الوطنى على اكمل وجه وانت فى رحلتك الاخيره تقود موكبا عجز القاده الاحياء فى ان يقودوه ........تتقدمه وانت محمول على الاعناق وكم هى المقارنه محزنه مع ذلك القائد المعارض فى ايام سبتمبر والشارع ملتهب والجماهير تنتظر زعيمها فى ذلك الجامع العتيق وهى تتحفز لمعركه فاصله مع الكابوس ولكنه يتراجع ويؤثر السلامه ويطلب من جماهيره ان تتفرق فى سلام وينسحب فى خنوع ........ وكم كان موقفك شريفا كاسمك وشجاعا كقصائدك ومتينا كمواقفك يامحجوب وانت تتقدم الموكب الهادر وتقوده فمن الميت انت ام هم . ..... ؟؟!! مااعظمك يامحجوب وانت تؤدى واجبك حتى وانت ميت وتتمدد دروسك الوطنيه حتى وانت فى طريقك لود الاحد عندما رفضت ان ينزلك فى القبر من اشتهر بدفن قادة السلطه فشتان مابينك وبينهم

    ......وكم كنت كبيرا وشامخا يامحجوب وانت تدخل المقابر لاجسدا ميتا لاحول له ولاقوه ولكنك دخلتها قائد لموكب هادر يهتف حريه سلام وعداله والثوره خيار الشعب هذه المبادىء التى وهبت حياتك لها ....... وكم كان الشعب السودانى عملاقا وهو يشيعك فى موكب يليق بك وبمواقفك منتظما فى موكب نقى ليس فيه عميل ولا خائن فقد طهرت حتى صفوف مشيعيك .......وكم كانت صورة تلك المراه معبرا وهى تحتضن اطفالها فى تلك الليله وتجلس متكئه على شاهد قبر وطفليها نائمين على حجرها جاءت لتشارك فى تشييع رجل وهب روحه للوطن ووهبه شعبه حبا يفوق الوصف ........... فهل قرات السلطه جيدا موقف محجوب شريف فى مرضه وفى موته وموقف جماهير الشعب السودانى فى تشيعه واستوعبت ماقرأت ....... ام
    مابفهم المكتوب
    البقرا بالقلبه

    محمد الحسن محمد عثمان

    Post: #38
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-14-2014, 10:52 PM
    Parent: #37

    محجوب شريف : الحُبُّ داعية الإئتلاف - وأيضاً - مكانك شاغر .

    . بقلم : فيصل الباقر



    الإثنين, 14 نيسان/أبريل 2014 09:00



    [email protected]


    لا أستطيع أن أُحدّد - بالضبط - متى تعرّفت على محجوب شريف ؟ ، ولربّما يعُود ذلك إلى أنّ محجوب شخصٌ لا تُدرك الأبصار محبّته ، فهو إنسانٌ كامل البهاء والنقاء ، ينسرب حُبّه فى الروح إنسراباً ، كما ينسرب الضوء فى العتمة ، فيبدّلها، ويُحيلها إلى الضد ، ولعلّ هذا هو سبب صُعوبة تحديد المرّة الأولى أو - بالأصح - المرّات الأُول ، التى يُقابله فيها المرء ، أويتعرّف فيها عليه عن قُرب ، وأشهد له - من قبل ومن بعد - بحرارة العاطفة الإنسانيّة ، ورحابة الصدر ، وإتّساع الأُفق ، والوضوح الفكرى والنظرى ، وأُضيف أنّ قصائده - جميعها ، وبلا إستثناء - أسهمت كثيراً فى تشكيل وجداننا الشعرى والإنسانى والحياتى والمعرفى، لكونها أشعار، يتجلّى فيها الصدق ونُبل العاطفة والغرض، إلى جانب بساطتها وعمقها الفلسفى والإنسانى الرحيب.


    أوّل ما تعرّفت على محجوب شريف ( الشاعر ) ، كان عبرقصائده التى كانت تصلنا طازجةً من سجن كوبر وزنازينه، ومن السجونه المُتعدّدة الأُخرى ، وقد كانت تصل للشارع العريض ، عبر قنوات صعبة ، ولكنّها ظلّت " سالكة " ، بفضل تضحيات من إناس - رجال ونساء - يستحقون الثناء والتقدير والتبجيل ، على تحمُّلهم/ن مغامرة تهريب القصائد من عتمة الزنازين وحيطان السجون ، قبل أن ننعم - وقتها - بفىء الإنترنيت ، ونسعد بصُحبة قوقل ، وسرعة وبراح إنطلاق الميديا الإجتماعيّة .
    ثُمّ جاء وقت تعرّفت فيه علي محجوب شريف (المُعلّم ) عن قُرب ، وكان ذلك ، سنة أن إلتحقت بركب التعليم ، مُدرّساً بالمرحلة الإبتدائيّة ، بمدرسة الغمّاراب بالريف الجنوبى / أمدرمان ( 1976 ) ،

    وكُنّا وقتها ننعم بصحبته وصحبة زملاء آخرين وزميلات أُخريات ، ممّن يضيق المجال عن ذكرهم ، وكان من بينهم ، المُعلّمان الثُنائى ، أحمد حجازى وفيصل حسن الشيخ ، وغيرهما ، وقد رافقاه مع آخرين وأُخريات فى رحلات أُخرى طويلة ، بين زمالة " الطبشير " ورفقة الفكر المُستنير والعمل النقابى الجسور والمُعتقلات والفصل السياسى من الخدمة فى مجال التعليم ، كما رافقاه ، فى قيادة " الجمعيّة " ، وفى معارك الدفاع عن المهنة ، وبدايات فكرة " الهكر " ومواقع ومواقف أُخرى ، ومعهما - حتماً - آخرين وأُخريات يضيق المجال هُنا عن ذكرهم جميعاً.


    حينما كُنت أجرى حوارات توثيقيّة فى صحيفة ( ظلال ) فى عام 1993، بالإسم الصحفى ( أبو عمار ) إتّصلت بمحجوب ، لإجراء حوار صحفى توثيقى معه ، وكُنت أعتقد أنّ علاقتى الطويلة به ، ومعرفته الشخصيّة بى، سيشفعان لى ، فى تيسير مُهمّتى التاريخيّة والعصيّة ، ولكنّه إعتذر وامتنع فى أدبً جم وتواضع كبيرين ، وعمل على تطييب خاطرى وجبره ، وراعى ضرورة عدم إحباطى ، بأن قال لى بالحرف الواحد ، وبمودّة كاملة الدسم : " أنا يا فيصل أحترم وأُقدّر مجهودك وجهدك الصحفى ، وأتفهّم إلحاحك ، وسعيك لمُحاورتى ، ولكنّنى إتّخذت موقفاً ، أن لا أُعطى (هؤلاء ) شرف أن يدّعوا فى يومٍ ما ، أنّهم منحونى، فرصة الحق فى التعبير ، والظهور فى الصحافة والإعلام ، بينما هم يمنعونه عن الشعب " .
    .
    وجاءنى بنسخٍ من الصحيفة ، مؤكّداً لى أنّه يحرص - بإستمرار - على شرائها وقرائتها.. وللأمانة ، فقد عُدت أدراجى ، أكثر سعادةً ، كونه تحدّث معى فى كثيرٍ من القضايا ، ومن بينها بعض المحاور التى أعددتّها للحوار المنشود ، ورغم عدم حصولى على الصيد أو السبق الصحفى الثمين ، إلّا أنّنى تعلّمت - يومها – درساً مُفيداً من محجوب .. ثُمّ حاولت معه ، ذات الطلب ، بعد سنوات حينما كُنت أجرى حوار ات مُشابهة فى صحيفة ( الصحافة ) عدد ( الثلاثاء المُتميّز ) ، الذى تشرّفت بالعمل فيه ، مع الصديق المُشترك كمال الجزولى ، و مرّة أُخرى ، وليست أخيرة ، واصل محجوب إصراره على موقفه المبدئى ، ولذات الأسباب، ولم يؤثّر ذلك – قط - على صداقتنا ومشاعرنا تجاه بعضنا البعض .


    حينما عادت ( الميدان ) من ( السريّة ) للعلن فى أبريل 2007 ، ظننت أنّ الوقت المناسب ، لمحاورة " الزميل " قد جاء ، مُستعيناً بما تيسّر لى من علم " الديالكتيك "، وبإعتبار أنّ ( الميدان ) هى صحيفة الحزب والطبقة ، وأعلم معزّته الخالصة للجريدة ، فثبّت ذات المولف ، وقال لى مُتسائلاً : " كيف أُعطى الميدان ، ما ضننت به على الصُحف الصحف الأُخرى يا زميل " ؟!..وهنا أدركت أنّ محجوب شريف لا يُمكن أن يكيل بمكيالين. وهيّات نفسى - فى إنتظار - سانحة جديدة ، ولربّما مُتغيّرات سياسية أعمق ، أستطيع فيها ، إجراء الحوار المنتظر ، حينما ينعم شعبنا بالديمقراطيّة الكاملة..و واضح ، أنّ زمان إجراء حوار صحفى للنشر، مع محجوب شريف ، لم يحن بعد!.


    بقى محجوب - وظلّ - إلى آخر يومٍ فى حياته الحافة بالإنجاز، يُعطى من غير منٍّ ولا أذىً ، وبقى شديد الأمل فى المستقبل ، ومتواضعاً وهو يُعلّمنا العلم ، ومتواضعاً وهو ينهل العلم فى كُل يوم جديد ، وهو شخص /إنسانٌ متّسق مع نفسه تماماً ، ومع مبادئه وقيمه، ومُعتدٌّ بشعبه ، وهو بإختصار ، مُناضل وإنسانٌ وشاعر رائع ، قلّ أن يجُود الزمان بمثله .
    إبّان مرضه الأخير ، كُنت أحاول الإطمئنان عليه - بين الفينة والأُخرى - وأُحاول أن أشد من أزره هاتفيّاً ، عبر الأصدقاء والصديقات المشتركين/آت ، وكان كعادته ، باسلاً وقويّاً وشُجاعاً ومُتفائلاً ومُحبّاً صادقاً للحياة ، إذ سرعان ما ينقلب الموقف ، ليصبح هو الذى يُريد أن يطمئن عليّ ويشُد من أزرى ويعمل على مؤاساتى ، وذات مرّة قال لى فى محبّة عالية: " فيصل مكانك شاغر " ، ومازالت هذه الكلمة ترن فى أُذنى ، لأنّنى حينما سمعتها بصوت محجوب ، شعرت بمعناها وطعمها ولونها وعمقها الحقيقى ، لا المجازى ، وآمل أن يُمكّننى الزمان من عودة ظافرة للوطن ، كما يأمل ويتمنّى محجوب .
    عبثاً وتربُّصاً مفضوحاً ، سعى البعض للنيل من محجوب ، بالقول أنّ محجوب شريف تغنّى للدكتاتوريّة المايويّة ، وفات على هؤلاء أنّ محجوب ، أوضح بصرامةٍ فكريّة و وضوح نظرى مُنقطع النظير - فى أكثر من مرّة – متى ولماذا تغنّى لمايو ؟ ومتى وكيف قطع علاقته بشعاراتها الزائفة ؟، ومنذ متى إنحاز للشعب والطبقة والوطن ؟ .. وقد سدّد محجوب شريف الإنسان والشاعر والمناضل ، فاتورة مواقفه اللاحقة من مايو " على دائرة الملّيم " ، سجوناً و مُطاردة ومُضايقة فى الأرزاق والمعايش ، كما فعل ذات الشىء فى ومع دكتاتوريّة الإنقاذ ، إذ كشف زيفها وخداعها ودعى لمقاومتها منذ بيانها الأوّل ، وقد عرفته سجونها وبيوت أشباحها ، وقد قدّم - فى الموقف من دكتاتورة مايو - للناس أجمعين - مُحبّين وكارهين ، أصدقاء وأعداء - دروساً وعِبر فى( ثقافة الإعتذار) ،

    ولم يتلجلج أو يُحاجج ، أو يُفكّر فى أن يلعب " بولوتيكا "، إذ أوضح مواقفه الناصعة بجلاءٍ تام ، وهو يُقدّم للجميع دروساً بليغة فى النقد الذاتى، وفى الجرأة على قول الحق ، وفى الشجاعة الفائقة والنادرة و" عدم اللولوة " أو التدليس ..وياله من محجوب وشريف " الما بجيب الشين والماهو زول وشّين و الما وقف بين بين " !.
    إنّه - بإختصار - محجوب شريف الذى عرفناه وأحببناه ، وعهداً ، أن نعض بالنواجز على مشروعه الكبير وعلى مُجمل المعارف والقيم التى إكتسبناها منه وعبره ، وسنبقى على حُبّه ، فالحُبُّ - كما يقولون - داعية الإئتلاف ، وإنّا على العهد ، لباقون.

    ولأنّ روحه الشفيفة الطاهرة تهوى الشعر ، أجد نفسى ميّالاً لأن أختم بمقطع من قصيدةٍ كتبتها فى محبّته ،إذ أقول فى خاتمتها (( يا زول يا جميل ، يا زول يا نبيل /// وين نلقاكا تانى لنردّ الجميل ؟! )) ..ويبقى الذى بيننا يا محجوب شريف ..ويا أبو مريم ومى .. ويا ود مريم محمود. وآمل أن تُمكّننا الأيام والظروف من رد الجميل.. ويبقى حتماً، مكانك شاغراً يا شاعر الشعب العظيم .

    Post: #39
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-15-2014, 10:39 AM
    Parent: #38

    كامل عبد الماجد
    محجوب شريف الذي رحل
    04-14-2014 04:29 PM


    رحل الشاعر العظيم محجوب شريف وشيعته الالوف من ابناء وبنات وطنه الذي احب والذي نزر العمر يشدو لهم بالاناشيد الباهره واهازيج الغناء الاصيل..احبه شعبه واحبه اكثر البسطاء والفقراء واليتامي واطفال الشوارع والمشردون وانشأ لهم جمعيات التكافل والتدريب فانصلح حال الكثيرين وانتظموا في مدارج الحياة الشريفة فاعلين.قطرة هي في بحر متلاطم الامواج فما اكثر ما تلفظ الحياة ببلادنافي كل يوم من مشردين وطالبي لقمة عيش..قطرة هي في بحر ولكنها تكفي للتدليل بتعاظم روح المسؤوليه المجتمعيه والانسانيه لدي الراحل العظيم.
    (حديثك ياما زادني حماس
    وكم في قلبي دف نحاس
    وطار من عيني باقي نعاس
    ونحن اتنين بنتقاسم هموم الناس)
    ابتكر الراحل العظيم مشروع (الهكر والمركون)..(ان كان لديك شبئاً قديماً مركوناً بمنزلك اودعته المخزن مثل موقد قديم او ثلاجه او خلافه ارسله لنا ونحن نصينه ونستر به حال مختاج) فانهات عليه الاشياءالمركونه من كل صوب وفج عميق.

    (المنسي في الدولاب والجوه تلاجه
    الفي الزقاق مركون فرداً وازواجا
    الكرسي في الحمام البمبر المكسور
    او باقي دراجه
    خليهو بكره يكون للصابر الممكون
    بسدو كم فرقه ويسدو كم حاجه
    الناس اذاً بالناس ما تقيفوا فراجه
    أنشأ الراحل ايضاً منظمة (رد الجميل) التي قدمت اعمالاً خيريه عديده في المجال الصحي والاقتصادي لذوي الدخل المحدود واقامت عدداً من المستوصفات والصيدليات . وخارج هذه المنظمات والجمعيات الخيريه ظل الراخل العمر اجمعه مسكوناً بهم الفقراء وظل منزله ملاذ كل صاحب عون وموازره ..وقد شهدت بمنزله شاباً اعانه من الاساس حتي اتم الجامعه وقد دخل عليه اول ما دخل طفلاً مشرداً وشهدت من جاء يطلب قسط المدرسه ومحجوب لايملك هو نفسه قوت يومه الابعسر شديد..ويكتمل في اليوم التالي للطالب قسط مدرسته ويكفي لذلك تلفون من محجوب لصديق يتوسم فيه الخير وما اكثرهم وشهدت الكثير مما لايعرفه عنه الكثيرون فالراحل ليس شاعراً فحسب ولكنه كان عالماً من انسانية تسعي علي قدمين.
    تمتد صلتي بمحجوب منذ زمان الستينيات أيام كان الناس بخير والوطن يرفل في اثواب السلام والبهاء والرخاء وقد اردت بهذا المقال القصير ان اكتب عن محجوب الانسان اما وطنيته وشجاعته وصموده فهذا لايحتاج مني الى كتابه دونكم قصائده ومواقفه
    المشهوده التي يعرفها اهل بلاده فالانسانيه والاحساس بهموم الناس بلغ عند محجوب شاواً عظيماً لايداني.

    (حقو ناخد لينا وقفه
    في التكافل والتراحم
    في التناصر والتعاضد
    وكل شي يقربنا زلفي

    حقو ناخد ليناوقفه
    في القوانين واللوائح
    في التشرد والرعايه
    للافق ننظر نخطط
    ومانسيب حاضرنا تائه
    وما يجينا الجاي صدفه)

    هذا قليل عن الراحل محجوب شرىف الانسان الذي كتب مئات القصائد في حب الوطن والحريه ومئات القصائد في الاحساس ببسطاء وفقراء بلاده نسال الله ان يتغمده برحمته ويلهم زوجته وبناته واهله والاصدقاء الصبر والسلوان.

    kamilmagid

    Post: #40
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-18-2014, 05:56 PM
    Parent: #39

    حُزْنٌ ودموع: في رثاء الشاعر المبدع،شاعر الشعب،الوطني الصادق في وطنيته،المناضل الجسور،المرحوم محجوب شريف

    شعر: مبارك حسن الخليفة

    يبكيكَ في ليل الأسى السودانُ

    وَتَهُزُّزهُ الآهات والأحزانُ

    تبكي قوافي الشعرِ يومَ تركتَها

    وتُولولُ الأوزان والألحان

    يبكيك أطفالٌ سَهِرتَ لِيُسْعَدُوا

    وحضنتَهُمْ، وبصدرِك التَّحنان

    تبكي النساءُ وفي القلوبِ مرارةٌ

    والدمع مِدراراٌ..له غليان

    وهلْ الرجالُ تماسكوا وتجلَّدُوا؟

    لا..لا..فما ارتاحتْ لهم أبدان

    و(أميرةٌ).. تلك العزيزةُ هَدَّهَا

    خبٌر كصاعقه، وانتابها الهذيان

    تبكيكَ “مريم” والدموعٌ سحائبٌ

    تهميِ عليها، والجفون سِنان

    وتناثرتْ دمعاتُ “مي” وبقلبها

    جمراتُ حُزْنٍ ما لَهُنَّ أمان

    يبكيكَ شعبٌ عِشْتَ في وجدانِهِ

    وتحسَّرَ الأطفال والفتيان

    والكادحون تناثرتْ عَبَراتُهم

    وتصايحوا وتهزُّهم أشجان

    إخوانُكَ الشعراءُ.. حُزْنٌ مُوجِعٌ

    ما عاد يُخرجهُمْ من الأسَى إنسان

    وأنا الذي قد كنتُ أرثِي صُحبتي

    قد فارَقْتنِيِ في رثائك الأوزان

    لا أنسَى أياماً قضيناها معاً

    في “كوبرٍ”.. وأمامنا القضبان

    كنتَ القويَّ..المستميتَ جسارةً

    يخشاكَ في جبروتِهِ السجان

    لا أنسَى حينَ تحومُ حولَ “سرايةٍ”

    بُنيانُها الإرهابُ والطغيان

    الوحي ينزلُ، والقصيدة دُرَّةٌ

    عصماءُ، تُنشدُها.. وكُلُّنا آذان

    ونظلُّ تكتبُها، وأنت طَوْدٌ شامخٌ

    تعلوا وتهمي تحتَكَ الجدران

    الموتُ حَقُّ، غيَر أنكَ بيننا

    تحيا.. فلا قبر ولا أكفان

    لا..لا..فإنَّ صوتَكَ ما خَبَا

    ما غِبْتَ عَنَّا.. والوجودُ عَيان

    والشعر باقٍ، فيهِ روحُكَ سمحةٌ

    أفراحُ شعبكِ فيه والأحزان

    هذي الجموع تقاطرتْ مفجوعةً

    لكَ في قلوبِ الحامليكَ مكان

    أنا إنْ حزنتُ، وإنْ بكيتُ.. فقطرةٌ

    من بحر حزنِك.. ماله شطآن

    قد قلتَ يوماً: “قطر النضال ولىَّ”

    وقلتَ كمان “غاليِ عليَّ إدَلَّ

    فماذا بالدُّنا يا صاحبي حَلَّ؟

    ومِنْ قطر النضال أراك تِدَلَّى؟

    لكنْ نزلتَ.. محبةً..ومودَّةَ

    في كل قلبٍ ناشراً ظلا

    وضميك الوهَّاجُ فيه تألُّقٌ

    طرد الظلامَ وفجرُنا هَلَّ

    في الشعر عندك للضمير مكانةٌ

    نَهَلتْ ضَمائرُنا من فيضه نهلا

    ماذا أقول؟ وما كتبتُ بقيةٌ

    مِمَّا كتبتَ، وأصبحتْ ظلا

    لم يبقَ إلا أن أقول مودِّعاً

    والدمع يهمي مُحدِثا.. عله

    وأُعيدُ أنك قد تركت محبةً

    في كل قلب ناشراً ظلا

    --------------------------------

    الأدباء الموجودين في المنفى معزيين في شاعر الشعب محجوب شريف

    Updated On Apr 12th, 2014


    لا يبعث الأحزان مصير مثل العيش في المنفى ومازال الحكم بالمنفى أشد العقوبات والمنفيين اختيارا أو إجباراً وجدانهم وقلوبهم محملة بحب أوطانهم، راسلنا بعض الأدباء الموجودين في المنفى معزيين في شاعر الشعب محجوب شريف، ونحن في الملف الثقافي لـ(الميدان) نقوم بنشر هذه الرسائل إلى القراء.

    بداية مع الأديب والقاص الأستاذ عادل القصاص والذي قال( محجوب شريف هو القصيدة العملية بالمعنى الأكثر إمتلاءاً للعبارة،إنه المثقف العضوي الأسطع والأبرز والأكثر كمالاً في واقعنا الثقافي -الاجتماعي- السياسي المعاصر، فمثلما لم ينأىوجدانه من الشعر، لم يتوقف خياليه عن اختراع آليات متعددة، ذكية وعملية، للتغيير والإنخراط الاجتماعي، إنه، بكلمتين له هو”همة وعبقرية”إنه بهذا المعنى الحالة الأكثر إحراجا لنماذج وقطاعات كبيرة من المثقفين السودانيين والمثقفات السودانيات، وهو لم يكن محرجا لهؤلاء، واؤلئك في حياته فحسب، وإنما سيظل كذلك خلال غيابه الجسدي هذا. إن محجوب إلهام وإدانة).

    جاءت رسالة من الأستاذة إشراقة مصطفى حامد وعلى جمل متقطعة من العبرات قائلة: ( بأن الفقد للشعب السوداني الذي فقد أبيه… وفقد أمومة القصيدة المنحازة لقيم الخيروالجمال… وقال الشعب ملحمته يوم رحل الشريف المحجوب، ولن يرضى عن أي تنازلات أو مصالحات.. ومازال الحزن يمسك بروحي وحبالها التي وهنت منذ أن غادرنا شاعر الحرية والسلام والعدالة… لذا لا أستطيع الكتابة أكثر من تلك الجمل أعلاها) .

    أما الأستاذ الشاعر منعم رحمة فقد ذكر بأن هذه هي المرة الأولى و الأخيرة التي يخلف فيها أبوالبنات ود مريم بت محمود.. موعدا لنا مع الشعب، وإن كنت موقنا بأنه سيوافينا مع همبريب الفجرالوشيك.

    اما الروائي والكاتب الصحفي فائز السليك قال:

    إلتقيت بمحجوب شريف مرتين فقط في حياتي. الأولى وكانت في نيروبي بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل في عام 2005 وتمت بالصدفة، لكن اللقاء الثاني كان في منزله العامر بالثورة… فأحساس ما دفعني في عام2011 بأنني سوف أغادر السودان ولا أدرى متى العودة.. وكان من ضمن خطتي المرور على الأماكن والمواقع الجميلة في الخرطوم وبعض الأصدقاء.. وكان محجوب شريف ضمن هذه المحطات. جلست معه في منزله ومعنا أصدقاء بوجود مي محجوب والأستاذة أميرة الجزولي.. ودعته كما ودعت النيل، وكما ودعت أهلي وكل من أحب. وأحمد الله كثيراً أنني رأيت محجوب ضمن آخر المعالم قبل مغادرتي البلاد طوعاً.. لأن لمحجوب مكان خاص في نفسي… فهو من علمنا الوطنية وحب الوطن وشكل وجداننا بكلماته المعبرة والرصينة والقوية، والتي تتسرب في مسامات الروح كما يتسرب الضوء شفيفاً…. لي قصة أخرى مع أسرته في تسعينات القرن الماضي وهو كان حبيساً في سجون النظام الإرهابي وقد فاز بجائرة القلم الذهبي، فذهبت لإجراء حوار لصحيفة (الخرطوم) التي كانت تصدر من القاهرة. ولسوء الحظ فقد أغلق مكتب الصحيفة قبل إرسال الحوار.. المهم سألت أبنته مي عن مشاعرها حين يقتحم باشبوزق النظام منزل والدها للاعتقال؟ فقالت بعفوية: ما كنت ببكي وحصل مرة في واحد لامن شافني ما بكيت قالي لي إنتِ ما بتبكي ليه أبوك ماشي السجن؟ فقلت ليه: أبوي ما حرامي أبوي مع الشعب السوداني. عشان كده بدخل السجن، اقشعر بدني. كيف لهذه البنت الصغيرة أن تعلم هؤلاء القساة وتمنحهم دروساً لن يفهمونها لو لم تكن بنت محجوب شريف؟ وفعلا شعرت بالزهو ولا أزال كلما سمعته يردد: مريم ومي بنياتي

    Post: #41
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-21-2014, 10:10 AM
    Parent: #40

    وصية محجوب شريف الرابعة: حب الوطن متمثلا في الشعب ..

    بقلم: حسين الزبير
    الإثنين, 21 نيسان/أبريل 2014 08:50


    في مدرسة محجوب شريف، حب الوطن من اولي الاوليات، هو كل حياته ، يمارس هذا الحب في سلوك "الحياة اليوماتي" ، في شعره و في كل المبادئ النبيلة التي يحث الناس عليها، و في الدروس التي يوجهها لكل الشعب كمعلم و قدوة: في الصمود ضد الطغيان و البطش ، في رد الجميل و الهكر و كل نشاطاته المنحوته في ذاكرة الشعب ، خصوصا اهلنا الغبش.

    لكن ما هو حب الوطن في شرع محجوب شريف؟ الاجابة علي هذا السؤال يستدعي ان نفسر معني "الوطنية". هذه الكلمة يعبر عنها في اللغة الانجليزية بكلمتين: “patriotism” و ترجمتها في القاموس حب الوطن و عشقه و “nationalism” و ترجمتها الانتساب للوطن او القومية. الذي يحب الوطن بمعني الكلمة الاولي ، عندما يسؤل عن هويته يقول:

    الاسم بالكام.. إنسان
    الشعب الطيب. والدىّ
    الشعب حبيبى وشريانى
    أدانى بطاقة شخصيّه ....
    من غيرو الدنيا وقبالو
    قدامى جزائر وهميّه
    لا لون. لا طعم ولا ريحه..
    وانوار مطفيّه مصابيحها
    زي نجمه بعيده ومنسيّه..

    و مثل هذا الحب هو الذي يجعل الانسان متفانيا في حبه للوطن دون "من او اذي" ، و يتحمل لقاء هذا الحب طغيان و بطش اللصوص الذين يستولون علي زمام الامر بليل، لا لينقذوا الناس من الفقر المدقع و غياب العدالة و الشفافية ، بل ليحبوا "الانا" و "يبالغوا" في حبهم له، بل يخدعون الذين لا يكذبون من يقول لهم "هي لله".

    و معلمنا ينير لنا الطريق يشرح لنا كيف نقاوم مثل هذا الظلم لنؤكد حبنا للشعب و الوطن فيقول:
    ودينى محل ما تودينى
    شرّد اخواتى واخوانى
    فتش أصحابى وجيرانى
    خلينى فى سجنك... وانسانى
    في سجنك جُوّه زنازين
    أرمينى وكتّف ايدىّ
    من أجل الشعب السودانى
    وعشان أطفالنا الجايين..
    والطالع ماشى الورديّه
    وحياه الشعب السودانى
    فى وش المدفع تلاقانى
    قدام السونكى حتلقانى
    وانا بهتف تحت السكين
    الثوره طريقى وايامى معدوده
    وتحيا الحرّيه
    لكن ما الفرق بين حب اهل "الانا" للوطن و حب عشيرة محجوب شريف؟ الشعب الطيب "والد"، لذا فمحجوب شريف يحب الانسان و التراث و التاريخ، و "عشيرة قابيل" يحب الجغرافيا ، ما يخرج من باطن الارض و ظاهره، و لو قدر له ان يخفي ما يريده من المليون ميل من اعين الناس لفعل، اعرف احدهم يتمني في اعماقه ان يجد دجالا يعمي الابصار فتختفي عن الانظار الرقعة المسماة "بمشروع سندس".

    و يتمثل هذا التقسيم في الواقع فعلا: في دول الخليج عندما يعرف السوداني العامل او المهني او الخبير نفسه يقول له اهل الخليج "و النعم" لانهم قدموا انفسهم بالتراث و التاريخ و الخصال السودانية الفريدة. اما اهل الجغرافيا، رغم وجود كثيف لهم في الخليج ، الا انهم يقدمون انفسهم بزهو في مطار كوالالمبور بالجواز الاخضر و الشيك المعتمد الذي يريد ان يفتح به حساب في هذه العاصمة الاسلامية! و لا عجب اذن ان تجد كل موظفي هذا المطار يعتقدون ان السودان من اغني بلاد الله!!

    و من هنا فاي وطن هذا الذي يوصينا محجوب شريف ان نحبه؟ بالتاكيد ليس حب الوطن الذي يمارسه اهل المذهب الجغرافي، الذين يريدون ان يقسموا الارض ضيعات لانفسهم و اولادهم و احفادهم ، و هذا لان الشعب لا يعني لهم شيئا. معلمنا و شاعرنا يريد لنا :

    وطن حدّادى مدّادى
    ما بنبنيهو فرّادى
    ولا بالضجه فى الرادى
    ولا الخطب الحماسيّه
    وطن بالفيهو نتساوى
    نحلم نقرا نتداوى
    مساكن كهربا ومويه
    تحتنا الظلمه تتهاوى
    نختّ الفجرِ طاقيّه

    لذلك فانه رغم حبه للرقعة الجغرافية ، الا ان حبه للشعب ، للناس خصوصا اهلنا الغبش الذين جعل قضيتهم همه اليومي . و ظل يذكرنا بعظمة الشعب و قدره ، تغني به طول عمره ليؤكد لنا ان حب الشعب هو الواجب الاول. ان وعينا بعظمة الشعب هو الذي يمدد جذور الحب في اعماقنا و يمنحنا القوة و القدرة علي محاربة الظلم:

    فديتك يا مديد القامة
    يا شعباً سديد الرأي
    وقلبي عليك يا حجراً حنين دفاي
    أقبل وين أفوتك وفى حماك حماي
    أسيب عزاي أسيبه وكيفن ألقى عزاي
    فى وحشتي وسلواي عيونه وبحة الغناي
    نخيلك ثمرة ضو صباي
    ونيلك فى جواي هامد هميم جرّاي
    وقبضة إيدي مسكة رمحك الرماي
    أطالع فى صحارى الليل
    مطالع صبحك الضواي
    فديتك لو بقيت منفاي
    فديتك لو بقيت مرساي

    و يمجد معلمنا كل من احب الشعب و ضحي من اجله ، يشيد بالشهداء و يعلي قدرهم ، لكي لا نتخلف عن هذا الواجب ان نادانا الشعب ، و يرسم الصور الجميلة لنتائج استشهاد الابطال من ابناء الشعب.

    واحلالي القبلي شال شبال لمع برق المهيرة
    قيرة قيرة يا مطيره
    يا رزاز الدم حبابك
    لما يبقى الجرح عرضة ولما نمشي الحزن سيرة
    من دمانا الأرض شربت موية عزبة
    كل ذرة رملة شربت حبة حبة
    موية أحمر لونها قاني
    فتقت ورد الأغاني
    تهدي لى اسمك رمزاً للوطن كنز المحبة
    قيرة قيرة يا مطيرة يا شهيد الشعب أهلاً
    مش بتطلع كل يوم الشمس أجمل
    وكل يوم النخل أطول زيدو قامة
    وياما شفتك ياما ياما
    لما شفت البدر طالع فى سما الوطن ابتسامة
    إنتّ فى النهر البسافر جاري طول العمر صاحي
    طبعو منك يا الملامحك من ضفافي
    واللي شافك مرة شافو
    واسمك الختيتو فرهد عشب أخضر فى الجناين
    فى الشوارع نيمة نيمة فى مصابيح المدينة
    فى فوانيس الضواحي
    تملا نادي الحلة سيرتك
    اسمك الخلانا نقدر فى ظلام الليل نعاين
    والبتسأل عنو ده الخليتو شافع
    لسه دابو
    يا ما حيعجبك ، شنابو
    صوتو رقان فيهو بحة
    ود فلان اصرار وصحة
    عندو قصة حب جميلة
    جرب آلام الحراسة وحرض أولاد الدراسة
    وهدّو حيل العسكرية
    البنية أم طرحة كبرت
    يا سلام الفنجرية

    و رغم ان التاريخ في عبره و دروسه ، يثبت كل يوم خسران الذين يريدون ان يخصوا انفسهم بخيرات الجغرافيا، الا انه يثبت لهم في شعره ان دولة الظلم قصيرة ، و ان لا شئ يمكن هذه الدولة ان تدوم مهما تحسب لها اهلها بالبطش و التنكيل ، و بناء الاسوار العالية حول سلطتهم:

    يا بهلوي أمسك قوي
    أوعك تقع
    نكل بمن لا يرعوي
    وأرخي السمع
    أخد الحذر ثم الحذر من كل شئ
    ضلك تحدق فى النظر ما تختشي
    لو كشكشت صفقة شجر
    روح وانزوي
    خلي المشي
    يمكن خطر
    يا بهلوي
    واطلق رصاص على كل شئ
    على كل نسمة تمر وما تأخذ إذن
    على كلمة بدون جواز
    علم عصافير البلد تكتب تقارير الجهاز
    علم شبابيك المدن علم فوانيس القرى
    وكل عيدان الذرة
    خلي النمل يدخل صفوف المخبرين
    خلى الرذاذ يكتب تقارير الجهاز
    أحسن تعبي الشعب أغلبه فى قزاز
    ركز بشدة على الجياع
    ركز لو تستطيع أو حتى قدر المستطاع
    أخسف بكل الكادحين سابع أرض
    أرجم رجم
    صادر من الليل النجم
    صادر من البحر الجذر
    أشطب ولا تقبل عذر
    وش الصباح
    قصقص جناحين الرياح
    جمد شرايين الحياة
    وأنفي الأمل
    الغى اكتشاف النار
    وتقسيم العمل
    المحتمل تلقى الملاذ
    يا بهلوي

    ليجعل حب الوطن ، جزءا من الحياة، توأما للتنفس ، لا تمر مناسبة الا و ذكرنا المعلم بعظمة هذا الشعب و قدره. ان سيرة محجوب كلها كانت في حب السودان و شعبه، و ظل يحثنا علي حب الشعب و النضال من اجله، و ظل يمجد المناضلين من اجل قضية الشعب ، لا ينساهم حتي و هو يمارس حبه الخاص لبناته مي و مريم:
    سلموا لى عليهم
    سلموا لى عليهم جملة
    حتى اللسه قبل الخلق والتكوين
    صناع الحياة اليوماتى ملح الارض
    نبض الشعر والموسيقى والتلوين
    هدامين قلاع الخوف
    كانت هذه الدراجة يوماً ما كلاشنكوف
    مابين منارات السمع والشوف
    نقاشين فى جدار الصمت
    نساجين خيوط الشمس كهربجيةالظلمات

    علمنا محجوب شريف و وصانا ان نحب هذا الشعب ، و نتعلم منه ، و ندافع عنه ، نحرسه بالاسلحة التي يزودنا بها ، معلمنا يدعونا بحب الوطن و الشعب ، فهل نحن فاعلون؟

    منك كل حته
    في الخاطر
    صبابه
    جنبك نبته نبته
    نكبر نحن ياما
    نسألك انت
    وانت ورينا الاجابه
    علمنا الرمايه
    والحجا والقرايه
    والمشي بي مهابه
    في الضحي والظلام

    ربي انت اعلم بمحجوب شريف منا ، و نحن نحسبه من اهل الفردوس فارزقه الفردوس ، و بارك في زوجه و ذريته.

    وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الخلق و المرسلين.

    [email protected]
    ////////////
    ------------------

    محجوب شريف النظيف
    04-20-2014 06:27 PM

    ابراهيم البخيت

    كثيرون هم الذين تبرعوا بالكتابة عن محجوب شريف بعد أن أغلق باب الحياة ومضى . وهم بالطبع ليسوا كلهم شيوعيون.وكثيرون آخرون يعرفونه من الألف للياء وهم أحبابه وأصدقائه ألاقربون. وآخرون نحسب أنهم يحبون محجوبا ولكنهم لا يعرفون عنه الواو الضكر. وكلهم لهم نقدم شكرنا.وبعضهم ننسى ما قالوه عنه بحسن نية لأنه ليس صوابا. و لكن الذين يدمون محجوبا حيا و ميتا بالفذلكات المراوغة هم اولئك الذين لا يستطيعون الورود فى حياضه ، وتحديد هم من هم يعادون الحزب الشيوعى لا عن علم بل لأنهم منساقون بجهل مطبق وراء دوافع حزبية مهيضة الجناح ولا يستطيعون التحليق فى سموات محجوب . وكذلك اولئك المغيب وعيهم و الذين يبحرون فى جهالتهم مع الدهماء المستلبون بأوهام أنه كافر وملحد وإن الشيوعيين يبحرون فى المفاسد الأخلاقية

    .وإنه ما من زميمة إلا وكان لهم فيها باع طويل كونهم خبراء فى المعاصى .هذه الأوهام التى ظل أعداء الانسانية والتقدم يروجون لها ضد الحزب الشيوعى فى مختلف المنابر والمجالس سعيا لخداع البسطاء و يصرفونهم عن مطالبهم الملحّة فى التنمية والتقدم التى يعنى بها حقا و الوحيد فى الساحة السياسية هو الحزب الشيوعى الحزب الشيوعى،و يقدمها فكرا متماسكا و برامج عمل سهلة وممكنة التنفيذ .والتى بدورها سوف تعمل على هدم أركان الجهل والدجل والتلاعب بتعاليم الاسلام الحقة التى يضلل بها المضللون عن طريق الوعى , وإذا كانت هذه الحقائق هى الأسس التى تنبنى عليها أهداف الحزب الشيوعى .

    فكيف يطلب من عضويته ان يجافيها ليحابى أصحاب الفكر الإنتهازى الذين لا يرون فى هذه الدنيا سوى ما تراه البهائم من عرض الدنيا ؟.

    وهل تعرف البهايم ما الوطن اومن الإنسان الذى أجله المولى تعالى؟

    سؤال بسيط نقدمه للذين ينفون شيوعية محجوب .لماذا قدم محجوب سنوات شبابه وجزءا مقدرا من عمره حبيسا موزعا بين بيوت الاشباح وزنازين وأقبية المعتقلات، ومحمولا قسرا إلى كل سجون البلاد قريبها وبعيدها ؟ و إذا كان محجوبا غير شيوعى، فلماذا تعاديه كل الأنظمة الأنقلابية الدكتاتورية الشموليةالمتمسحة بالاسلام ،وتسلّط عليه أجهزة أمنها القمعية؟

    فهل كان محجوب أنصاريا أم تراه كان ختميا أم منميا لجماعة ارهابية غير إسلامية ؟ولا أظن إنه جبهة إسلامية ؟

    وهل كان محجوب مقاتلا يحمل بندقية أم هو من قال "كل سونكى أحسن يبقى مسطرينة ؟ لقد كان محجوب حزبيا ملتزما رضى من رضى و تعامى من تعامى .ألم يستشر هؤلاء الذين ينفون شيوعية محجوب عقولهم علها تجبهم على هذه الاسئلة التى لا تحتاج لـ"درس عصر" ؟ولماذا فى صدد نفى كل جميل وأصيل وحقيقى ووطنى وأخلاقى و سودانى عن عضوية الحزب الشيوعى يتعمد ناقصو الوطنية حجب الحقائق وإجتراح الاكاذيب حين لم "يظفروا"بنقيصة او مفسدة لأى من عضويته يجيّرونها لصالح خطابهم الظلامى .ومحجوب نموذج للشيوعى الذى إستطاع ترجمة قيم وأهداف الحزب بسلوكه ومسارحياته وتضحياته ووطنيته وشيوعته التى صدح وصرخ بها بشجاعة ورفعهاشعارا داويا تقاصرت دونه قامات شعراء السلطة والسلطان .ولماذا عندما تثبت الوقائع خطل ما يروجون له من معايب وتعجزهم الحيل إثباتها لا يستشيرون ضمائرهم -إذا كانت لهم أصلا- فى ما ينوون طفحه؟و لماذا لا يرجعون لتعاليم دينهم إذا كانوا يؤمنون بدين علها تمسك ألسنتهم وأقلامهم عن إفتراء الاكاذيب ؟

    إن الذين يحاولون نفى شيوعية محجوب يهدفون الى وصمه بعدم المبدئية.

    ولأن سيرة محجوب ومسار حياته يهزمهم فى كل مقصد يقصدونه،لأنهم حين ينظرون فى سيرة ومسارمن يوالونهم يرتد إليهم بصرهم خاسئا وحسير.فإلى متى يظل هؤلاء سجناء لأوهام من صنع بطونهم التى تتبدى روائحها فى ما يتنفسون وينفثون من هرطقات؟مالكم كيف تفكرون؟ أو الأصح بماذا تفكرون ؟ بالعقل أم بغيره ؟لماذا يغالط هؤلاء الكتاب الحقائق وما الذى يجبرهم او يغريهم على ان يؤلموا محجوبا فى مرقده الاخير و ينفون عنه قناعته بالفكر الاشتراكى وإلتزامهالحزبى ؟وإلى كل اولئك الذين يستكترون محجوباعلى الحزب الشيوعى نوجههم الى توثيق فعاليات مؤتمر الحزب الشيوعى الخامس الذى إنعقد فى قاعة الصداقة وحضره من المؤتمر الوطنى عتاة سدنته .ليسمعوا من التسجيل و بالصوت "الحيانى " إعلان محجوب شيوعيته على الملأ .وليشاهدوا حركة لسانه وهو يعلنها داوية إنه يفتخر بإنتمائه للحزب الشيوعى . فمالكم كيف تجرأون على الدغمسة ؟ و بالتأكيد لن نوجههم لقراءة أشعاره المؤكدة لهذه الحقيقة


    Post: #42
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-23-2014, 11:16 AM
    Parent: #41

    مَحجوْب شَـريْف: رَحيْـلُ قلْـبٍ نَـزَفَ عِـشْـقا ..

    بقلم: جَمَــال مُحمّــد إبراهيْــم
    الثلاثاء, 22 نيسان/أبريل 2014 19:10

    أقرب إلى القلب:

    [email protected]

    فيْضٌ مـِن الصّـفاءِ والتـراحُــــمِ
    في مَسـْحَةٍ من نسـَـائم صوْفيّة جليـــلة. .
    في بَهـاءٍ بالملـــوكِ يليـق
    هنالك قلبٌ ينزف عشــقا
    وابتسـامٌ يهـزَّ عرشَ أكثرِ الأيــامِ حُــزنــا. .
    (نادية م.خ. عثمان)
    ( 1)
    الخميسُ 25 مارس . .
    تلاقينا نحنُ أصدقاء محجوب شريف عصر ذلك اليوم، عند بوابة مَشفى "التّقى" بحيّ الشّـهداء بأم درمان، مَبنىً يجاور منزل الرّاحل الرمز الوطني عبدالله خليل. قصدنا أن نزور شاعرنا الكبير وقد علمنا أن العلّة حاصرته حصاراً مُحكما، وألزمته جناح العناية المكثفة. كانت غرفته في الطابق الأول. الأسرة هناك . سألنا عن صديقنا الأستاذ كمال الجزولي ، وأجابتنا شقيقته "أميرة" زوج محجوب : كان هنا قبل قليل . لن يغيب طويلا . دعوني أهاتفه.
    - كيف حال محجوب ..؟ طمنينا..
    لم تكن "أميرة الجزولي" قلقة، حالها كلّ مرّة يتوعّك فيها محجوب وتلزمه العلة مراجعة الطبيب. تُمسك هاتفها وتُحادث كمال، تحثّه على الحضور لأصدقائه. سألَ الشاعر الصديق كامل عبدالماجد : حاله تطمئن ؟ تجيب "أميرة" وابتسامتها العريضة، مليئة بتفاؤلٍ جمٍّ : تحسّنتْ حاله كثيراً. يسأل صديقي الشاعر عبدالعزيز جمال الدين: هل يتناول طعامه كالمعتاد؟
    - الحمد لله، أجل يفعل .
    تُجيب "أميرة " فيما لا تفارق الابتسامة محيّاها:
    - أكثر خشية الطبيب هيَ مِن الهواءِ الملوّث يؤذي رئتيه.. فأصرّوا على إبقائه وحيداً في غرفته.
    ( 2)
    غير أن القريبين من محجوب يعرفون أنّ أكثر عذابه ، هو إبقائه بعيداً عن دفءِ أسرته: عن بنياته و"أميرة" وأصدقائه.. كانت "مي محجوب" هناك، وطفل شقيقتها "مريم" مُتعلق بكتفها : عمّو جمال.. مدة طويلة لم نرَكَ فيها.. "مريم" تُحيينا وابتسامتها كما ابتسامة أمّها. ليسَ ثمّة ما يقلق. القلقون يهاجرون عَدواً إلى الأردن، أما هنا فنحن في مشفىً متواضع ومحجوب في حالة شبه طبيعية .
    لحقَ بنا الصديق "كمال الجزولي" في مشفى "التّقى"، وبقينا في الرّدهة نتبادل جوانب الحديث بعيداً عن علة صديقنا شاعر الشعب، طريح غرفة العناية ، وكأنّا قد أخذتنا الطمأنينة عليه، فانشغلنا بأمور دنيانا وصغائرها .
    حين ودّعنا "أميرة" وبنياتها، وكعادة السودانيين، لم تكن تطيب لنا المسامرة إلا في لحظات الفراق. رافقنا الصديق "كمال الجزولي" إلى البوابة، ولحق بنا شقيقه "حسن الجزولي"، وعبدالعزيز عن شمالي وكامل عن يميني، ونجوانا لم تخرج عن محبتنا لأم درمان وشعراء أم درمان. يشير عليّ صديقي عبدالعزيز جمال الدين أن أنظر تلك النافذة هي التي كان يطلّ منها حسن عوض أبو العلا على الدنيا من بيت عائلته. البيت قبالة مشفى "التقى" وشاعر الشعب طريح غرفته المعزولة. يقول صديقنا كمال عن هذا المربع الذي نحن في وسطه، أنهُ حي شعراء الشعب . لكأنّ محجوبا قد اختار أنْ يكون هذا المربع، آخر ما ترى عيناه من مدينته التي أحب .
    همستُ في أذن صديقي كامل عبدالماجد ، ونحن خارج بوابة مشفى "التقى"، بما أقلقني:
    - لست مطمئنا لنبرة التفاؤل العالية على محيا "أميرة".. والبُنيّات..
    - لا . لا. "أميرة" صادقة المشاعر . ظنّي أن حال محجوب إلى تحسّن . .
    لم يكن صديقي الشاعر كامل عبدالماجد على اتفاق معي بما اعتراني لحظتها من ريبتي حول إبقاء محجوب معزولاً في غرفته، وتحت العناية المكثفة، فيما بدتْ "أميرة" مطمئنة . .
    - لا . لا. دَع شكوكك جانباً..
    أجل تركتُ شكوكي جانباً، فلم يكن بيننا مَن يتصوّر أن محجوباً سيتسرّب مِن بين مشاعر الأقربين منه، فيكون مشفى "التقى" آخر ما تشم رئتاه المعطوبتان مِن هواءِ أم درمان التي أحب، وبعدها يمضي إلى الدار الباقية، إلى فردوس الخلود الحقيقي..
    ( 3)
    الأربعاء 2 أبريل . .
    حضرتُ لأشارك في ندوةٍ عن أحوال الجنوب، نهار ذلك اليوم في "مركز مأمون بحيري للدراسات الاقتصادية" جنوبي الخرطوم، يقدّمها الأستاذ الخزين الباحث السوداني الضليع القادم من كندا. جلستُ في الصفِّ الأمامي إلى جوار الأستاذ محمد إبراهيم عبده- "كبـج". حمدتُ المصادفة الجميلة إذ جعلتني جليسا إلى "كبج"، إذ بيننا صلة مصاهرة لإبن أخٍ لي مع أسرته، وثمّة ما كنا سنحكي حوله حال انتهاء محاضرة "الخزين". شغلتنا على الفور محاضرة الأستاذ الخزين المشوقة، عن أحوال الجنوب المأزوم. يكاشفنا بالإحصاءات وبالخرائط المفصّلة، عن أحوال جنوب السودان وتعقيدات سكان تلك الدولة الوليدة. لم يبعثر انتباهنا إلا رنين الهواتف الجوَّالة ترنّ بين لحظةٍ وأخرى هنا أو هناك، وكدّتُ أن أطلب مِن المنصّة أن توجِّه بإسكات تلك الهواتف. تريّثت هنيهةَ وكأنّي توقّعت أن تأتني أنا مكالمة أنتظرهـــــا. لا . هاتف "كبـج" هو الذي رنّ وهو جالس جواري، وكاد أن لا يردّ، لكأنّهُ أحسّ بإلحاح المتصل على الوصول إليه. رفع الهاتف سِراراً إلى أذنه، و"الخزين" مستغرق في محاضرته . سكتَ. نظر إليّ وقد تبدلّت ملامحه، ثم همسَ:
    - إنّهُ محجوب .. توفي اللحظة. .
    - توفي محجوب؟؟
    نظرتُ لبرهةٍ إلى "كبج"، وقد غشيتني حيرةٌ قبل حُزن، لا أريد أنْ أصدّق .
    - البقاءُ لله.. له الرحمة..
    لم أطق الجلوسَ على الكرسي مِن هوْلِ الارتباك. لم آبه لشاشة الـ"باوربوينت" من المحاضر الغارق في الشرح، بل كنت مشغولاً بالنقطة الفاصلة التي قد أنهتْ جملة شاعر الشعب. وقفتُ ثمّ خرجتُ إلى سيارتي. هاتفي بلا طاقة تعينني على الاتصال لأستجلي التفاصيل. من سيجيبني؟
    التقيتُ صديقي كامل عبدالماجد. لم يبقَ إلا الحزن والدموع المُعلقة، لا تكاد العيون تصدّق.
    نظر كامل وقد اغرورقت عيناه بدمعٍ حبيسٍ، وقال لي:
    - صدَق حدَسك ذلك اليوم. أتذكّر هواجسَك حينَ أطلتْ "أميرة" والبِشر على مُحيّاها. .

    (4 )
    مَـن يعرفون محجوباً واقتربوا من حياضه سيجدونه يتكلم على سجيته، شعراً مقفىً وموزونا. ليس ذلك قولاً مجازاً بل كان محجوب يخرج الكلام من لسانه بالفعل، يتبادله مع أسرته ومع أصدقائه ومع محبيه ( وهل له أعداء إلا الظلاميين؟)، شعراً يصلح للإنشاد على التوّ. كلّ القصائد التي رووها عنه وهو طريح مشفى "التقى"، سجلها من كانوا حوله، بنياته الحبيبات. لقد تعوّد منذ عهودٍ أن يلقي الشعر مشافهةً، ثمّ يكتب من هم حوله القصائد على الورق. الذاكرة الحديدية تحفظ ما ينظم بدقة وانتظام. أتذكّر كيفَ حكى الراحل تاج السر الحسن أن لمحجوب قصيدة منظومة باللغة العربية الفصحى، نظمها حين زار موسكو في أوائل السبعينات من القرن الماضي. قال الرّاحل تاج السر الحسن ، وكنا نتحلق حول محجوب في بيته في "مدينة الثورة":
    - دعني أفاجؤك. هذه قصيدتك وقد نظمتها أنتَ بالفصحى ونقلتها عنكَ بقلمي في زمان ما في السبعينات ونحن في موسكو. . !
    أطرق محجوب وقد ألجمته الدهشة، إذ هو لا يتذكر أنّ له قصيدة نظمها في موسكو في ذلك التاريخ البعيد. وتعلقنا بصوتِ تاج السِّر وهو ينشد قصيدة كتبها محجوب قبل أكثر من أربعين عاماً، وباللغة العربية الفصحى. ولدهشتنا ما أن توغّل تاج السر في إلقاء القصيدة، حتى عادتْ المقاطع إلى ذاكرة محجوب بعد أن كان قد نسيها لأكثر من أربعة عقود، فأخذ يردّد مع تاج السِّر بقية أبيات القصيدة الرّصينة، بيتاً بعد بيت، حتى نهاية القصيدة. .
    ( 5)
    أشجتني أبياتٌ كتبتها بالانجليزية السفيرة النابهة نادية محمد خير عثمان، قبل مدّة قصيرة، مليئة بمشاعر حزن غالب دفاق على رحيل منارات مُشعّة ، لمستْ شغاف قلبي وأنا أستجمع مشاعري لأكتــب أسطر وفاءٍ مستحقة، من قلمي لشاعر الشعب "المنارة" السامقة المُشعّة، محجوب شريف. كتبت السفيرة نادية:
    فيضٌ مـِن الصّـفاءِ والتـراحُــــم
    في مَسـحةٍ من نســائم صوفية جليـــلة. .
    في بَهـاءٍ بالملـــوكِ يليـق
    هنالك قلبٌ ينزف عشــقا
    وابتسـامٌ يهـزَّ عرشَ أكثرِ الأيــامِ حُــزنــا. .

    غير أن محجوب لم يبقَ طويلا في مشفاه في حي شعراء الشعب بأم درمان. توقف القلب ورحل البهاء ومعه الابتسامة التي كانت تهزّ أكثر أيام الشعب حزنا. .


    21 أبريل - 2014


    Post: #43
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-24-2014, 10:55 PM
    Parent: #42

    وصية محجوب شريف الخامسة:

    الاعتراف بالآخر ..

    بقلم: حسين الزبير

    الخميس, 24 نيسان/أبريل 2014 09:17

    الاعتراف بالآخر في ادني حالاته ، ان تكون ماشيا في ممر ضيق ، و يأتي من الاتجاه المعاكس شخص آخر ، و عند الالتقاء يميل كل واحد منكم بكتفه لتمروا بيسر. هذا اعتراف بالآخر و بحقه الا انه سلوك اجباري ، حيث الموقف يفرض السلوك بغض النظر عن اتصاف الاثنين او احدهم بصفة الايثار. و عندما يقف الناس في "طابور" لتلقي خدمة فذلك اعتراف باحقية الآخر الذي وصل لمكان الخدمة قبلك ، و هي ايضا حالة شبه اجبارية ربما فرضتها الجهة المقدمة للخدمة. هل يوصينا معلمنا بالاعتراف بالآخر بهذه الصورة؟ حاشاه ان يختصر الاعتراف في مثل هذا السلوك.
    لنتعرف علي معني الاعتراف بالآخر في مدرسة محجوب شريف، دعونا نتأمل هاتين الصورتين:
    - يخرج احد اثرياء "الحرب" في عهد الانقاذ، من قصره ليجد عمالا يستجيرون بظل قصره من السموم في فترة الراحة ، فينادي علي موظف "الهدف" ليطردهم و يطلب منهم ان لا يسمح "بالاشكال دي" من الاقتراب من القصر.

    - شاعر الشعب ، و الذي كان يحي كل من في الشارع ، حتي الاطفال ، وجد صبيانا يتلمسون الطريق في بداية الليل، و وقف ليسالهم عن مشكلتهم ، فقالوا له انهم ليسوا فاقدي البصر تماما ، لكنهم لا يرون بالليل، اي "العشي الليلي". يخيل الي انني كنت ساساعدهم علي الوصول للمكان الذي يقصدونه ، و اطلب منهم مراجعة الاطباء ، و ربما اقدم لهم المستطاع من المال لزوم رسوم الطبيب. و اعتقد ان شخصا آخر كان سيقول : لا حول و لا قوة الا بالله، ربنا يكون في عونكم. اما معلمنا ، فقد ذهب يبحث عن اصل المشكلة و حلها ، استشار الاطباء ، و بذل الجهد من اجل اعطائهم حلا جذريا.
    اسوق هذه الامثلة، لتوضيح معني الاعتراف بالآخر الذي يدعونا اليه شاعر الشعب، فكما ترون تعامل مع هؤلاء الصبية كانهم "من بقية اهله"، صلة رحمه او جيرانه. و هذا هو ما يوصينا به ان نعترف بالآخر ، ليس في "مسار الحياة اليوماتي" و لكن في كل احوالنا ، خصوصا عندما يتعلق الامر بتساوي الفرص في التمتع بخير بلادنا "الفقيرة" و بلادنا كما تعلمون من اغني بلدان العالم. لذلك الاعتراف بالآخر عنده يفوق المعاناة اليومية ، ليصبح قضية قومية ، نلغي فيها العصبية و القبلية ، و نلغي فيها الجواجز التي نبنيها وفق المعتقدات الدينية و السياسية ، او المكان الجغرافي للمواطن. اولا يحثنا علي البناء، بناء الوطن ، وطن نتساوي فيه ، لا يسرق فيه موظف الولاية مليارات الجنيهات ، و آخر تصبح الدنيا عنده "اضيق من ثقب ابيرة" لان الطبيب كتب له روشتة!!
    حنبنيهو..
    البنحلم بيهو يوماتى
    وطن حدّادى مدّادى
    ما بنبنيهو فرّادى
    ولا بالضجه فى الرادى
    ولا الخطب الحماسيّه
    وطن بالفيهو نتساوى
    نحلم نقرا نتداوى
    مساكن كهربا ومويه
    تحتنا الظلمه تتهاوى
    نختّ الفجرِ طاقيّه
    و الاعتراف بالآخر عنده ، يعني الاعتراف بدين الآخر. لا احد يستطيع ان يقول ان هذا سيدخل النار و هذا سيدخل الجنة! هذا حكمه عند علام الغيوب ، و الادلة موجودة في الكتاب و السنة. "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم " صدق الله العظيم. ظل محجوب شريف يوصينا باحترام الآخر و احترام دينه ، و ظل ينادي بشعره و سلوكه علي التعايش بسلام:
    النفاجـو فاتـح مــا بـيـن دِيــن ودِيــن
    نـفـحـة محـمـديـة دفـئــاً كالـضـريـح
    ميضنـة كـم تـلالـي جـيـداً فــي اليـالـي
    مــجـــداً فــــــي الاعـــالـــي
    مــــريـــــم والــمــســـيـــح

    متسامحين من يوم ما قمنا
    عشنا حبايب ولسه حبايب
    ما اتخاصمنا ولا اتصادقنا
    فينا مساجد بتهليلها
    وفينا كنايس بي انجيلها
    وفينا معابد يسرج ليلها
    ربنا واحد وشعبنا واحد
    وحبنا واحد ودربنا واحد
    يا اللي بتسمع
    والما بتسمع

    محجوب يصور لنا مآسي حياتنا اليومية ، و يؤكد ان لا مجال للاصلاح الا النضال ، يريد لنا جميعا ان نكون لنا كلمة في توزيع ثروات البلاد ، و لا يتأتي ذلك الا بسلطة تراقبها اجهزة الشعب، و بمعني آخر لا مجال للتعافي الا بالديمقراطية.
    تشرّط قميصا وتدق العيال
    ليه العيال يعيش النضال
    يخلى الحكومة تدخن تسخن
    بنار الكفاح
    وتقعد تطنطن لحدي الصباح
    بتطلع بتطلع حزينة وكتومة
    تشرّط هدوما وتحش المصحة
    يعيش الأصح يعيش النضال
    وضروري النضال

    انه يطلب منا ان نتوقف قليلا لنتفكر في امر المحرومين من ابناء و بنات بلادي، لنعرف ما الذي يجعل الحياة الآمنة المستقرة ، مستداما لنا جميعا في كل شبر من ارض البلد
    حقُو ناخد لينا وقفة
    في التكافل والتراحم
    في التآزر والتعاضُد
    وكل شي يِقربنا زُلفي
    *********
    حقو ناخد لينا وقفة
    في القوانين واللوايح
    في التشرد والرِّعاية
    ونِعتنِي بِي كُلِّ نُطفة
    حقو ناخد ليناوقفة
    للافق ننظر نخطٍط
    ومانسيب حاضرنا تايه
    وما يجينا الجاي صدفة

    و معلمنا هذا يستحق منا الشكر و الثناء ، و قد جاء يوم شكره، الا انني لا اثق في ان قلمي يستطيع ان يفيه حقه من الشكر و التقدير ، لذا استعير كلمات الامير عبدالله عبد الرحمن نقد الله:

    (والوطنية تتفاوت درجاتها.. وتتراوح مراتبها.. أعلاها وأرفعها ما يحتله "أهل الخصوصية" وهؤلاء عدد محدود في تاريخ كل أمة, لا يعيش منهم عادةً في وطن واحد وزمان واحد إلا عدد قليل لا يتعدى أصابع اليد الواحدة, وهم (المسكونون) الذين يسكُنهم الوطن - وليس العكس - مستوطن في دواخلهم مستقر في قلوبهم.. لا يعرف الترحال. يجري حبه فيهم مجرى الدم… وهو محض تفكيرهم… شغلهم وشاغلهم… وجدهم ووجدانهم.. شوقهم وأشواقهم.. همهم وانفعالاتهم.. يسيطر ويتحكم في كل حواسهم وأحاسيسهم دون حدود أو حواجز… لأن كل الذي يربطهم به لا متناهي… فهم الوطن وهو ذاتهم وصفاتهم. وهل اعترى الشك منا أحداً يوماً في أن محجوب هو "سودان مصغر" يسعى بقلب وعقل وعيون, أو ليس هو الإبداع بعينه في كل الفنون.. لوحة منمقة.. ونغم شجي.. ولحن حنون.. أم هو نسمة مرتدة مترعة من النيل في جوف الليل يعانقها النخيل.. لا عجب ولا غرو.. فإن العبدَ محجوبٌ شريفٌ مشرَّف مشرِّف مسكون).
    اللهم تقبل محجوب شريف في جنات الفردوس مع الصديقين و الشهداء، و بارك في ذريته و زوجه انك سميع مجيب.
    وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الخلق و المرسلين.

    Post: #44
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-27-2014, 10:25 PM
    Parent: #43

    عمار محمد ادم

    يرثي محجوب شريف


    هو اماني ماهو ولد ..حزنك يكفي بلد
    الناس تعزي بعض ..طلقوا الكواريك جد
    يبكوك يابا كتير ..اتنخجو فاتو الحد
    يبكوك دموع الدم ..يالصرحو ماتهدم
    وليها البلد قدم ..باكت ربيكا حرم
    كيفن دموعنا تقيف ..مركبنا كايسي القيف
    مااحلى زولا حي ..انساني ثوري شريف
    زولا كريم ونضيف ..رمزا بسيط وعفيف
    محجوبنا ياإنسان فقد الحضر والريف
    الزول دا دمو خفيف ..واماني ماهو ظريف
    روحا تملي لطيف ..ظلانا ظلو وريف
    محجوبنا زي نسمة ..ريحة دعاش وخريف
    يلقاك بالبسمة .. تهدي السلام ايدو
    بنريدو بنريدو ..حميدنا حميدو
    اشعارو للاوطان ..هي قلادة في جيدو
    مااعظم البشرى ..محجوبنا زول بكرة
    الرؤية والفكرة ..ولواعج الذكرى
    تبكيك بنات ام در ..ولدا شيوعي وحر
    ولدا مكرب وضو ..فارسا عيونو حمر
    ماهاب بيوت اشباح ..حارا قليبو جمر
    ماباع مع البايعين ..ماخاوى يوم الضر
    اواه اه اه ..احزان قلوبنا كتر
    احزانو في ام درمان ..حاديها اشجانا
    الناس تلف وتدور ..الامة محنانه
    الفقر في كدباس ..وديوم وسجانه
    الكل مقطوع راس ..عربان ورطانه
    حتى الشدر يبس ..ابنوسة او بانه
    لا دومن خدر شال ..لا نخلة رويانه
    شوفي العذارى بكن ..ست شاي وحنانه
    والنوبا في ام درمان ..ما اعذب الحانها
    غنو المناحة بكوا ..فنان وفنانة
    ووضعنا فوق قبرو ..زهرية ما دانة
    زهرية من شمبات ..مااروع الوانها
    وبكينا كيف محجوب ..وين حزنو ودانا
    مريم تقالد مي ..رحل الجميل ونبيل ..صاحب الضمير الحي
    ماهادن الطغيان ..ماقال كلاما ني
    تبكيك بنات الحي ..تبكيك ووب واحي
    والحزن في بلدي يكوي الملايين كي
    محجوب غنى التربال ..صوت النضال جلجال
    اجيال وراء اجيال ..الطلبة والعمال
    لابد يبزغ فجر ..ومحال دوام الحال
    بقصيدة ولا مقال ..بشرانا حسن الفال
    ماهز عصف الريح في الدنيا مره جبال
    البدر والانسام ..والنيل ده مويتو زلال
    ترقصلو كم نخلة وتدي البحر شبال
    محجوب ضمير الناس ..طبشيرتو والكراس
    وطني وعميق احساس ..سيد الجلد والراس
    محجوبنا حادي الركب ..ومسيرتو تضوي الدرب
    تتجلى كلماتو تدي الامل للشعب
    تحي السلام فينا توقف نزيف الحرب
    محجوبنا يا وطني ..فقد الشرق والغرب
    وشمالنا يبكيهو ..يبكي الصدق فيهو
    وجنوبنا ينعيهو ..يهدي السلام ليهو
    لابد نلقاهو نتلاقى في البرزخ
    لابارا راسمالي ..لايوم وقع في الفخ
    ضد اللي باع بلدو مسلول وسيفو سنين
    ونضالو ما أمبارح ..من بدري ليهو سنين
    ما طاطا يوم راسو ..ماهان كرامتو يمين
    محجوب غنى الكادحين ..محجوب مع المسكين
    محجوبنا وينك وين ..متخفي ولاسجين
    لا باع باسم الدين
    احبابو ناس طيبين ..يااهلنا كيف حلوين
    محزون وكلي انين ..محجوب رقيق وحنين
    لاباع وبيعو رخيص ..لا خاوى اي إنسان رخيص
    ده اماني ما دسيس ..
    ..ويدخل كلامنا الميس
    ماحام مع العملاء ..في لندن او باريس
    لا حاول السلطة ..الزول براهو رئيس
    محجوبنا في الجنة محجوب حلالي عريس
    محجوبنا مع الفقراء أبوذر معاهو جليس
    محجوبنا سوداني ..محجوبنا إنساني
    لا قال وحاتو الروب ..لاجر وراني
    لا خاف وقلنا العار ..لا ادوه بالدولار
    محجوبنا ثوري عديل ..ابنوس تبلدي نخيل
    والله وطني اصيل ..ساقياهو موية النيل
    محجوب رسالة ريد ..ثورة وهتاف نشيد
    الليلة ليلية ..والقعدة نيلية
    وجدان وحنية ..همس المراكبية
    انصار وختمية وافكار شيوعية
    البحر حوليه ..واللحظة صوفية
    الارض ديالكتيك ..ونظرية جدلية
    خلوها بالنية ..الثورة مهدية
    ما اجمل الدمعة ..في عين نوبية
    تهتف مع الزملاء حرية حرية
    هاتفتو ما رد ..قالولي في امبدة
    قالولي قاعد في ..ماقده لي جده
    محجوبنا في كفه ..وامجادنا في كفه
    من نمولي لي حلفا ..وكلاكلة اللفة
    ما انهد يوم مالان ..ابكيهو للسودان
    ما اعظم الاحزان ..ياخيبة الاوطان
    العندو للاخوان ..ما انت زول انسان
    ابكيك ياراقي ..من اعمق اعماقي
    من كل داء جاء ..قد كنت ترياقي
    بلغ سلامي نقد ..اخوان وبينا الود
    ادي الشفيع طله ..فاروق حمدنا الله
    ودينا لي قدام ..دكتور كدودة سلام
    سلم على حميد ..كرر سلامي وزيد
    وسلامي ليها سعاد ..فوق الملايين زاد
    ما اعظم الرفقاء ..لابد لينا لقاء

    -------------------------

    وصية محجوب شريف السادسة ..

    بقلم: حسين الزبير


    الأحد, 27 نيسان/أبريل 2014 07:55



    الثقة في قدرة الشعب وعظمته والإيمان بأحلام الغد
    كثيرا ما تسمع بعض الناس يصفون الشعب السوداني بالجبن و الخنوع ، ناسين ان التاريخ يقر بعظمة الشعب و قوته، فان طال امد الشمولية الحالية ، لا يعني ذلك ان الشعب استسلم للظلم و الفساد و الفوضي، و دونكم اكتوبر و ابريل و سبتمبر، و كذلك الثورة التي تتخلق في رحم الشعب الآن.
    من هو هذا الشعب الذي تلومونه؟ الشعب ، و بتصور بسيط، هو مجموع الناس الذين تجمعهم رقعة جغرافية تسمي الدولة، جموع الناس الذين يتقاسمون العيش في هذه الرقعة الجغرافية بثقافات متعددة و متبايبة، لكنها متجانسة تعيش في وئام. و قد يقول احدكم ان الشعب هو انا و انت و هو و هي. بالتأكيد! لكن عندما تتحدث عن الافراد كمكونين للشعب ، يجب ان نتحدث عن الافراد بصفاتهم الانسانية. ذكرت لكم في مقال سابق ان الانسان قد يكون انسانا انسانا او انسانا حيوانا. و لتبيان ذلك قلت في ذاك المقال : (.... فان فكرة الانسان الانسان، و الانسان الحيوان ليست شريحتين، بل هي نقطتين علي خط متصل (Continuum) ، في اقصي نقطة علي هذا الخط علي اليمين اعلي درجات الصفة الموجبة ، اي الانسان الانسان الكامل. و علي الجانب الآخر في اقصي درجات الصفة السالبة الانسان الحيوان الكامل.) و رغم التكاثر الاميبي للانسان الاقرب الي نقطة الانسان الحيوان في ربع القرن الماضي ، الا ان غالبية الشعب السوداني اقرب الي نقطة الانسان الانسان. و هؤلاء هم الشعب الذي يعنيه محجوب شريف عندما يخاطبه و يقول:
    يا شعبنا
    يا والداً أحبنا
    يا من وهبت قلبنا
    ثباتك الأصيلا

    و هذا الشعب الذي يقصده ، هو الشعب صاحب الذاكرة الجمعية ، و الوعي الجمعي ، و القدرة الجمعية التي تجعله في لحظة معينة من التاريخ يقول "اكتوبر ديناميتنا ساعة الصفر" و يتفجر غضبه و تتدافع جموعه في الشوارع كالسيل المنهمر، و يكون كل فرد في تلك اللحظة محجوب شريف، ويقولون لطائفة الانسان الحيوان:

    وحياه الشعب السوداني
    في وش المدفع تلقاني
    قدام السونكي حتلقاني
    وانا بهتف تحت السكين
    الثوره طريقي وايامي
    معدوده وتحيا الحريه
    و الايمان بهذا الشعب و قوته و قدرته ما يوصينا عليه محجوب شريف، يوصينا ان نحب هذا الشعب اولا ، نتعرف علي الطريقة التي بها نحب الشعب. يجب ان يكون حبنا لغالبية الشعب ، اي تلك الفئات التي يقع علي عاتقها تحمل مآلات الفقر و التضخم ، و لا تنسي سفاهة الانسان الحيوان و قلة عقله. يجب ان نحب الشعب و نضحي من اجله لان طريق الشعب هو طريق السلامة و الاخاء و النماء و الطمأنينة

    طريق الشعب اوسع من زحام الطين
    وقلب الشعب ارحب من رحاب الضو
    ونبض الشعب كلو حلم بداه بيتم
    وتطلع من شقوق الارض آلاف المدن قامات
    ويطلع حتى من قلب الحجر والصى
    شجر متشابك الهامات
    وجيل جاى حلو الشهد
    صبايا وفتية يمرحوا فى صباح الغد
    عيونهم برقهن لماح سؤالهم رد
    خفاف ولطاف وثابين أوان الجد
    دفاعا عن حياض السلم والافصاح

    و اذا آمنا بالشعب و بقدرته، و احببناه لان في حبه الخير لكل الناس : فصيلة الانسان الانسان و فصيلة الانسان الحيوان ، لان نشر ثقافة الايثار و حب الخير للجميع، بالتأكيد يغير من انتشار افراد الشعب علي خط الانسان (Continuum)و لا نجد الا قلة قليلة بالقرب من النقطة السالبة. و مثل هذا التصور هو الذي يجعل محجوب شريف ان يوصينا بان لا نفقد الثقة في الشعب و نحلم بالغد و جيل الغد الذي سيكتب تاريخا جديدا مضيئا.

    وطن الجدود وطن الجدود
    نفديك بالأرواح نذود
    من بعد ذلك يا جميل
    أحلم بما لك من حقوق
    كشك الجرايد في الصباح،
    كيس الفواكه والملابس والكراريس والحليب
    نكهة خبيز والدنيا عيد إنسان عزيز
    وطن سعيد والشعبِ حر
    وطن التعدد والتنوع والتقدم والسلام
    حيث الفضا الواسع حمام
    والموجه خلف الموجه والسكه الحديد
    حرية التعبير عبير
    تفتح شهيتك للكلام
    و بقدر ما يوصينا علي الامل في المستقبل و الايمان بقدرة شعبنا العظيم ، يحذر احفاد قابيل من الاستهانة بقوة الشعب و بذاكرته الجمعية ، و من الازدراء بابنائه ، و التعامل مع ثرواته و قوت عياله "بشغل التلاته ورقات"
    واليزدريك..
    يا ويلو من زحفك عليهو..
    ومن مشيك
    يا ويلو من أجَلُو الوشيك
    يوم ينكسر قيد الحديد
    السنكى..
    والزنزانه
    والسجن السميك
    وخطى الشهيد
    من حولو تهدر والنشيد
    وانت ايديك
    تطلع عليك
    من كل باب
    مليون سلام يا شعبنا
    ومليون حباب
    و لكن احفاد قابيل ، و كأنهم احفاد "الخرتيت" ايضا، بصرهم اليوم مركز علي قطعة الجبنة ، لا يرون غيرها و لا يسمعون النصيحة، و الا فما تفسيركم اعزائي في هذا الوقت من تاريخ الانقاذ، ان تسمع "بالاقطان قيت" و فرسانها من السلطة القضائية؟!!

    يا اللي بتسمع والما بتسمع
    لازم تفتح اضانك وتسمع
    صوت الشارع لمن يدوي
    كل قلاع الخونة بتهوي
    وكل جباه الكهنة بتركع
    وشمس الحق السرقو شعاعها
    بكرة بامر الشعب بتطلع

    شاعر الشعب يدعونا لحب هذا الشعب و الثقة به ، و يوصينا علي فداء الوطن بالمهج و الارواح ، و يصور لنا كيف ان حب الوطن يمكن ان يكون جريمة في عهود التيه و توحش الانسان الحيوان. عندها تجب التضحية و يجب فداء الشعب و الوطن
    مطارد ومستباحة دماي
    عساكر من دروب تايهات مداي
    قدامي خطاي ووراي
    وذنبي هواي ليك يا موطني ومناي
    وذنبي ولاي وإنك سيدي ومولاي
    تعيش يا ذنبي طول ما عشت معاي
    لا عنك بحيد لا جاي بفوت ولا جاي
    فديتك يا مديد القامة
    يا شعباً سديد الرأي
    وقلبي عليك يا حجراً حنين دفاي
    أقبل وين أفوتك وفى حماك حماي
    أسيب عزاي أسيبه وكيفن ألقى عزاي
    فى وحشتي وسلواي عيونه وبحة الغناي
    نخيلك ثمرة ضو صباي
    ونيلك فى جواي هامد هميم جرّاي
    وقبضة إيدي مسكة رمحك الرماي
    أطالع فى صحارى الليل
    مطالع صبحك الضواي
    فديتك لو بقيت منفاي
    فديتك لو بقيت مرساي

    يقيس بعض الناس عمر الشعوب بالعقود، تماما كما تقاس اعمار الافراد ، لكن اعمار الشعوب تقاس بالقرون, و لا شك انه من غير المعقول ان يضيع ربع عمر جيل كامل في الفساد و الافساد و هدم كل البني التحتية ، ليكون الواجب الاول عند استرداد الشعب لعافيته ، بناء الاساس الذي كسر و هدم مع سبق الاصرار و الترصد. لذا فايمانه بالامل في الغد و الامل في اطفال اليوم كبير ، و يوصينا ان نحلم بالغد الجميل من خلال اعداد جيل الغد

    باكر تعرف تقرا وتكتب
    وياما ترتب
    نحنا بنحلم وكم نتمني
    هل تحقق كل ما تحب
    تبني حياتا الند بالند
    اي مكانة وخانة تسد
    هدهدا هدهد كل الورد ينوم ويفرهد
    زي عصفورة تطير وترك
    تحبا وتمسك وتاني تفك
    سيبا تفكفك سيبا تلكلك عايزة تنطط
    بكرة حترسم وياما تخطط
    بكرة حا يبنوا مدائن ضو
    ما بيعكر صفو الجو صفارة حرب
    تشطب من قاموس الدنيا
    الضرب الشك الخوف
    ينعموا كم بالشم والشوف واغاني الحب
    افتح بابك آمن تب
    زي ما النهر بيلقي مصب
    اي حمامة بتلقي الحب
    تلقي الورده الندي في الكم
    تلقي حداها جناها الام
    يرضع صافي حليب الحب
    نقدل نحن الجد والعم
    تملا عيونا كهارب سد
    بابا جاب الهم والزم والصد ينسد
    نفرح لما ندمع جد
    مد البصر الامل يمتد
    العمل يشتد البنا ينتم الغنا يمتد
    هدهدا هدهد
    اكتبي اكتبي الف المد
    حمام وسلام وسعادة بجد
    اكتبي اكتبي ياء المد
    سرير وعصير وعبير ينشم
    اكتبي اكتبي واو المد
    حقول وعقول تقرا المجهول كتاب الغد
    اكتبي علم وسلم
    لا حد يئن لا تسمع بم
    لا ينزف دم
    لا يعجز رد
    لا يعجز طب
    لا دمعه في خد
    تبتبا تبتبا تبتبا تبتب

    عند بداية الالفية الثانية، تأمل معلمنا الحكيم حال بلادنا مقارنة ببلدان العالم، و لا شك انه ادرك البون الشاسع بيننا و بين بلدان العالم، فاكد امرا واحدا: حقنا في ان نحلم بكل ما وصلت اليه الامم في الالفية الثانية، و اعذروني فلا مجال لايراد جزء من هذه القصيدة الرائعة:

    تلفون العالم حوِّل
    إتنين وتلات أصفار
    البرق هناك مستني
    والشمس على استنفار
    فلنزحف نحو النور
    لو ننحت بالأظفار
    من حقنا نحلم بي عالم
    بي عالم يتسالم ضدَ التسليح
    الخبز .. الحريات المكننة والتلقيح
    لن نقبَل بالمعتاد
    العكننة والتبريح
    العدل بلا تمييز
    الحظر على البمبان
    العطر مهب الريح
    دوران الأرض مراجيح
    والشفع لؤلؤ منثور سادين السكَّة أناشيد
    ما دين الدنيا بساتين ورداً..قمصان وفساتين
    والنهر بيعمل زقزاق
    من خضرة وحفلة ياسمين
    ناساً جيناتم زيناتم
    جنياتم خِلقة وأخلاق
    شبت حبت من لسَّعَ في الخاطر شوق
    وحنين في عيون العُشاق...
    كم مُدُناً طيَّ الأشواق
    حاراتا حتملا الأسواق
    وشوارع تجري ملايين
    لِسَّع في سنَن الأقلام
    أنفاس الناس القِدام وخُطى الأقدام
    في القرن الواحد وعشرين
    من خير الأرض الممتد
    تنعم أفواه ومناقير
    والحبّه ظلال وعصافير
    والخطوة بتبقى جماهير
    والهمسة بتبقى هتافات
    تتفكك لعب أطفال وأسرّة وإسعافات
    آفات فتكت بالسلم جنازير
    وتقرب بينَّا مسافات
    كنا بنمشيها محاذير
    وتفرهد ياما ثقافات
    تتنفس حق التعبير
    لا رجعة لظلمٍ قد فات
    تلقوه هناكَ ملفات فى ركن القرن العشرين
    إلقاء القبض على الخوف
    الخلا النسمة أعاصير
    والشجر الأخضر أوتاد..
    من حَقنا إننا نحلم
    لن نقبل بالمعتاد
    نتماسك أيدي ونرتاد القرن الواحد وعشرين
    شُبَّاكاً جنب الشُباك آفاقاً ذاتَ مصابيح
    تلفون العالم حول ... لا شك االرقم صحيح

    حقا " وما أيسر سبيلك الي الحق والشعر والشعب يا محجوب!" كما يقول الدكتور عبد الله علي ابراهيم ، و ما اعظمك من انسان انسان كامل الخصال.
    اللهم انا نشهد بفضل محجوب شريف علي الشعب السوداني فاجزه عنا خير الجزاء و اجعل الفردوس داره و مقامه.
    و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الخلق و المرسلين.

    Post: #45
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 04-29-2014, 06:37 AM
    Parent: #41

    عذراً محجوب: لم يستوعبوا دروس العصر بعد ..
    بقلم: عمر جعفر السـّــوْري
    الإثنين, 28 نيسان/أبريل 2014 18:41

    عفـــــو الخاطـــر:


    قف في ربى الخلد واهتف باسم شاعره ســــدرة المنتهى أدنى منابــره
    وامســــح جبـينك بالركن الذي انبلجـت اشـعة الوحي شــعرا من منائـره
    بشارة الخوري " الاخطل الصغير"


    يسافرون الواحد بعد الاخر من غير جلبة أو عويل يتردد في محطات القطار وصالات الانتظار وردهات المطار، اذ انهم رغم رحيلهم باقون في وادي الخلود النضير؛ في كلماتهم باقون، وفي صدى الأناشيد الصاخبة وايقاعات الأغاني الناعمة والحان تخرق الفواصل حينما ترددها الحناجر. سافروا في بحر أسابيع قليلة كأنهم على موعد "لقاء الكبار"، وحدهم دون غيرهم، تاركين خلفهم نبضهم وصوتهم وحرفهم الذي لا تزيله سياط الطغاة ورصاص القتلة، ولا تقوى على سرقته ايدي اللصوص الممتدة والأنبياء الكذبة؛ كما تستعصي ابيات شعرهم على انياب الضباع الدامية! وهنا لابد من القول ان في ظلال الكلمات ورنين جرسها ودلالات موسيقاها وإشارات معانيها أطلق السودانيون على الضباع اسم "المرافعين" ليرسم الاسم في الاذهان من خلال رنين هذا الجرس وتلك الظلال وهاتك الموسيقى صورة ومعنى ومبنى الوحش الإنسان رخيص الذميم الذي يقصدون.

    في الأسابيع القليلة الماضية غادر من وادي عبقر واليه جوزيف حرب وانسي الحاج وحسين حمزة ومحجوب شريف. وصف رحيلهم كما مغادرته هو شاعر المحكية السورية حينما قال:
    سافر غريب الدار عن اهله
    وكان السفر غدار
    يا نار قلبي مين يندهله
    تراب وقبر وحجار
    لم يحظ حسين حمزة بتشييع يليق بأعظم شعراء العامية السورية خلال أكثر من قرن من الزمان فقد مات بعيداً عن دياره في امارة دبي، لكنه كأنما رأى بحدسه الخارق كيف التف السودانيون -ما عدا القتلة واللصوص -حول محجوب شريف في خاتمة مشاويره التي سطر بها قصيدته الأخيرة فحملتها جسداً مسجى، أكف الجموع المفجوعة رجالاً ونساء، شيباً وشباباً، وكان الأطفال في ذلك الموكب المهيب ترنيمة التحدي والمحبة والاستمرار معاً.
    "شيلو بنعشه شيلو
    وانهض يا قليل الحيل
    شيلو بنعشه يا بنيات
    ومرن ع كل الساحات
    وهلن يا دمعات فرات
    وطفي نجماتك يا ليل"

    في سبعينيات القرن الماضي كما النصف الأول من ثمانينياته ربطتني علاقة وثيقة طيبة مع الشاعر حسين حمزة. كنا نلتقي في مقهى النجمة حيث يحرص المثقفون السوريون وغير السوريين على التبرك به مرة واحدة في اليوم على الاقل، أكان مروراً سريعاً أو إقامة تطول حتى يغلق أبوابه، ثم الى "مطعم ومقهى القنديل"، وفي بعض الأحايين ينتهي بنا التجوال والتسكع الليلي الطويل في شوارع دمشق وازقتها وحاراتها النائمة عند مطعم "ابي كمال" قبيل الفجر بقليل، ثم نعبر شارع 29 أيار الفسيح الى منزله عند بزوغ الفجر أو طلوع الشمس، وذلك صيفاً وشتاءً. أثناء تهويمنا وهيامنا بأزقة دمشق القديمة كان يحكي لي عن مشاركته في "هبة 08 آذار/مارس 1963، الثورة التي أطاحت بحكم الانفصال" كما يحب أن يطلق عليها، وكيف كان من بين الجنود والضباط الذين نزلوا من أطراف قطنا، على جبهة المواجهة السورية، نحو دمشق مع قائد الحركة اللواء زياد الحريري، وذلك للإطاحة بالانفصال وأهله وإعادة الوحدة السورية المصرية الى مسارها الصحيح. سرقوا الثورة، كان يقول لي بصوته الجهوري دون خشية من العسس والعيون والمتلصصين الذين يلتقطون همس الليل مثلما يحاولون كبت أنفاسه دون جدوى، ويردف بأنهم أنهوا حلم عودة الوحدة الوهاج. هؤلاء القابعون على كراسي الحكم باسم الوحدة والحرية والاشتراكية هنا وفي بغداد أكثر انفصالية من عبد الكريم النحلاوي ومن أصحاب الشركة الخماسية ومن ناظم القدسي ومأمون الكزبري، يردد دوماً دون كلل أو ملل؛ والليل ينقل صدى كلماته بوضوح. هم انفصاليون حتى النخاع ببرقع وحدوي، ان امطته تبين الوجه القطري الكريه. ويمضي الى القول ان الوحدة عندهم شعارات يرفعونها عند منافذ الحدود حيث يقبع المغادرون والقادمون خلفها، من هنا وهناك على الجانبين، تحت اشعة الشمس اللاسعة في الصيف، أو زمهرير الشتاء القارس. لم يكن حسين حمزة محقاً في قوله ذلك، ولكنه شطط المنفعل الغاضب على الاحلام التي غدت كوابيسا مخيفة كانت تدفعه الى أرق دائم وليس الى قلق قائم ابداً، اذ لا يهجع الى مخدعه في بعض الأحيان ثلاثة أيام متوالية. كانت أبواب سورية مشرعة لكل العرب دون استثناء، وحينما أغلقت مرة في أوائل الثمانينات يوم اشتد الصراع بين النظام وبين الاسلامويين، ترنح الحكم وشارف على الانفجار، فألغى ذلك الترتيب "المستهجن". لكن حسين يحسب ذلك صبغة يدهن بها الحكم وجهه، فقوائم الممنوعين من السفر وقوائم ترقب الوصول تتكدس تلالاً في كل منفذ.

    سُرح حسين من الجيش وحُرم من انشاد شعره للجمهور بدعوى الحفاظ على الفصحى، في وقت كان شعراء العامية من مصر والعراق ولبنان وغيرهم تفتح لهم أبواب القاعات الضخمة وملاعب كرة القدم في العاصمة والمحافظات. لم يشك يوماً من هذا الحيف، فقد كان شعره يرصّع حلقات الدراما السورية منذ بدايتها في ستينيات القرن الماضي والى وقت قريب. كان يكتب ما يشاء ويلقيه في بداية الحلقات أو في منتصفها أو نهايتها، ضمن إطار العمل الدرامي ولكن برسالة واضحة منه الى المشاهدين عما يعتمل في صدره. وكان يقرأ لي حينما نتوقف قليلا قبل متابعة السير قصيدة جديدة لم تكتمل، أو مقاطع بعث بها الى مخرج تلفزيوني أو أغنية طلبها منه ملحن فيشترط عليه الا يغير حرفاً، زيادة أو نقصاناً. وهنا كان يضحك كمن يسخر ممن أرادوا كبت صوته الفريد. صوت حسين حمزة نسيج وحده. هو مزيج من الترعيد والترجيع والترديد كما ورد في علم القراءات، عميق ليس كالاتي من الابار بأصداء تخيف الكبار قبل الصغار، بل كالذي يحمل حكايات الأنبياء والرسل في سهل حوران الغني الرحيب. عمق يخرج من حنجرته الى كل خلجة من خلجات المستمعين فتتوسع خلجة بعد اخرى وتزداد عمقاً. خليط بديع هو من لويس ارمسترونق وايزاك هيز وعبد العزيز محمد داوود.

    في تلك البكور بمنزله كان يمسك فرشاته ويغمسها في الألوان ثم يضرب بها على أوراقه واقمشته التي تملأ ارض الغرفة، ويواصل الحديث. تجادلنا كثيراً حول رؤاه السياسية وحول لوحاته. في بدايته التشكيلية كان تكراراً للفنان السوري الكبير فاتح المدرس. محترف فاتح كان بالقرب من مقهى النجمة. كانت تغشاه قلة هرباً من المتطفلين قبل ان تعود الى المقهى مجدداً. وهناك سرت عدوى الرسم الى حسين حمزة فابتاع فراشي وألواناً واقمشة وأوراقاً واحباراً وأقلاما. فجّر فاتح المدرس فيه الرسام المطمور تحت أطنان من الشعر والكلمات. حثثته على الخروج من قبو فاتح المدرس الى حقله هو والى بيدره، فللمدرس ظروفه وحيثياته وآلامه واشجانه؛ فلتكن وجوهه غير الوجوه التي تثير حزنك وكآبتك حينما تهجم عليك من لوحات فاتح. كان يقول لي قد تبدو الوجوه متشابهة ولكن الالوان والظلال مختلفة. ثم تخلّص من عالم فاتح رويداَ رويداَ حينما اقام معارضه التي تجاوزت العشرة منفرداً ومشاركاً.

    سألته مرة إن كان قد سمع شعراً بالمحكية السودانية. توقف عن الرسم واطرق قليلا ثم قال لي كيف لم يخطر ببالي ذلك وأنت معي منذ حين. لقد سمعت شعر العامية المصرية والعراقية واللبنانية وحتى الخليجية ومعظم البلدان العربية. هل لك أن تسمعني ما حفظت، وإن كانت أغاني وأناشيد. رددت على مسامعه ما احتفظت به القريحة للحردلو والهنباتة وشعراء الحقيبة ولكتاب الاغنية الحديثة حتى وصلت الى محجوب شريف! هنا وقف على قدميه ثم قال لنخرج الى ساحة المرجة أو السنجقدار نلتمس شيئاً نأكله لدى سحلول أو غيره. بل لنذهب الى بوظ الجدي في أعلى ركن الدين، حيث الشيخ محي الدين بن عربي. لم يمض وقتئذٍ الا ساعة أو بعض ساعة منذ تناولنا فطوراً دسماً أعقب جولتنا الليلية. أرادها حجة ليطيل المشوار. اثناء تلك القراءة في بيته/مرسمه كان يسأل عن معنى كلمة أو اثنتين، ثم يقول هذا هو ذات المعنى للكلمة نفسها أو لأخرى مشابهة لدينا في حوران أو في بادية الشام. هي اللغة لا تعرف الحدود أو الحواجز أو الجمارك! يعلو صوته.

    في الطريق الى ركن الدين طلب أن اردد له مقاطع من شعر محجوب مما حفظته الذاكرة ويطلب الاعادة. كان ينصت ويتنفس عميقاً ويخرج زفيراً بين مقطع وآخر. قال لي: "هذا أنا باللهجة السودانية." قلت له: "هذا محجوب شريف وكفى. هو ليس صدى لأخر أو أخرين" قال: "أعني هو مثلي تماماً. هو الصوت الذي لم يعد ممكناً في يومنا هذا. كنت أظن أن هذا الصوت لن يأتي؛ على الأقل في زماننا. انه رابع المستحيلات. لكنه موجود هناك، يتردد في جنبات السودان ونحن لا ندري. يا لتقصيرنا وجهلنا وتفريطنا. لم نحسب حساب الأصوات البتة، بل انكببنا على ترديد الشعارات." لم يكن سهلاً أن يعترف حسين حمزة لاحد، ليس كبراً أو غرورا، بل خيبة فيمن عرف. كان يقول: (إن مظفر النواب وقف عند "الريل وحمد"، حين هجر اللوحة والرسم، وخرج من بطن الاهوار الى القاعات الفسيحة يستجدي التصفيق بشعر فصيح غريب عنه ليعطي الحكام متنفساً بلغة أقرب الى السباب وشتائم نساء منتصف العمر في الحارات الضيقة. كان السباب يطال الشعب المقهور قبل الأنظمة. وكانوا يصفقون .. الفقراء قبل الأغنياء، يسبقهم البرجوازيون وأصناف المتعلمين.) فؤاد قاعود وحده وبعض صلاح جاهين يرضى عنه، ويسكت عن صاحب الغربال، سليم مكرزل، الذي نظم بالمحكية اللبنانية ومال نحو الفصحى. كان يلتفت الى الشاعر الرسام والنحات، ويلفت نظره. قال: الشعر والتشكيل صنوان لا ينفصلان. ثم سأل هل يرسم محجوب شريف؟ قلت لا أدري. لا بأس فكلماته شاخصة، ثم ضحك. كان يستفسر دوماً عن جديد محجوب ويطلب مني قراءة شعره حينما يضمنا مجلس انس مع الأصدقاء، ويطرب ويجلجل ضاحكا كطفل وجد ضالته! سألني مرة أحد اقربائه الحوارنة: من اين اتيت بهذا السوداني الذي يخرج حسين من كآبته وحزنه؟!

    عرفت محجوب وشعره في العام 1968. كان واسطتنا زميل الدراسة القادم الينا حديثاً، التيجاني سعيد. جاء الينا التيجاني من الشمال يحمل سلالا من الشعر، ليبحث عمن هو مثله. كان الشعر يأتيه مطواعاً. "من غير ميعاد" ولدت في "بص الهجرة"، حينما رأى غادة خطفت بصره، فأخرج القلم، لأشهد انا ولادة القصيدة. ثم جمع بينهما محمد وردي. وتركتهما على تلك الحال. حينما كنا نأتي على ذكر محجوب وشعره لا يمل الاديب والصحافي الراحل محمود محمد مدني من القول: "شعر محجوب شريف أكثر من مليون ميل مربع، هو بحجم الكواكب السيارة! كيفما ظننت أنك بالغاً حدودها أدركت أنك في بداية الطريق الى قرى ومدن ومزارع ومراعي وانهار وبحار ونجوم يخطف ضوؤها الابصار!" محجوب شريف، كما حسين حمزة، لم يفرط ولم يتورط ولم يداور، كذلك لم يناور:

    "عتبان قلبي على البشر كلا
    نسوانها ورجالها، كبارها وصغارها
    شايلين حماله واللي زرع فينا البلاوي، و هجّ وتخلى
    رضيان قلبي بس على اللي تبسمروا
    لا فرطوا ولا تورطوا ولاداوروا ولا ناوروا
    فيهن جمال الكون يتجلى
    عتبان قلبي على البشر كلا"

    لم يكن محجوب شريف شاعراً ومعلماً ومناضلاً صلّباً فحسب، بل كان مؤسسة تربوية متكاملة امتدت اغصان معرفتها الى الجميع دونما استثناء وتوجهت الى المتسلطين مراراً وتكراراً، الا انهم لم يعو الدرس وسدروا في غيهم كما أمعنوا في جهلهم يتباهون به ظلماً وقتلاً وتشريداً وافقاراً لجموع الشعب وتقطيعاً لأجزاء الوطن بلا كلل. كلما صرخ الأطفال من الجوع في فيافي السودان ومدنه، انتفخت اوداجهم ضحكاً، مثلما انتفخت جيوبهم، ممتلئة بالمال الحرام يسبحون في الماء الاسن وفي الدماء فينهلون منها سحتاً:

    انحنا شعبنا مدرستنا وياهو يمه وياهو يابا
    وهو البديكم صلابة
    وهو البفرق بين حكومه وبين عصابه

    وشعبي عارف انو عمر الثورة ما عام ما هو عامين لا تلاته
    انو عمر الثورة دايما منجزاتا
    لما يدخل كل بيت كراس ولمبه
    وطعم الخبز يدخل حله حله وغابه غابه

    وبرضو عارف لا الدهب بينزل من السما لا السنابل
    الا بالعرق البنقط في المطارق والمناجل
    حتى يدخل كل بيت كراس ولمبه
    وطعم الخبز يدخل حله حله وغابه غابه

    فهل يعوا الدرس؟ أم نعيده في العصر؟ لن يفهوا حتى لو اوقدنا بعد ذلك نيران القرآن في العشيات المعتمة. فلنسأل مع فلادمير التش ايليانوف (لينين): ما العمل؟



    Post: #46
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 05-04-2014, 06:47 PM
    Parent: #45

    محمد الحسن محمد عثمان
    وماذا قال محجوب شريف عن الامير نقد الله ؟
    05-03-2014 12:47 AM

    وماذا قال محجوب شريف عن الامير نقد الله ؟
    فى الحلقه السابقه اوردنا ماكتبه الامير نقد الله عن محجوب شريف والآن نقرأ ماكتبه شاعر الشعب عن الامير المناضل نقد الله وكم افتقدناه فى هذه الايام

    يلا يانقد الله يلا
    الى النهر الصامت بين ضفتيه تحت سقف بيته الكريم ذى البوابة التى لاتجبرك ان تكتب (حضرنا ولم نجدكم ) ...ما احوج السودان الى مثل هذه الرحابه وهذه الاستقامه التى لن تجد مهما تربصت الاعين الشريره فرصه لخدشها او المساس بها ....... احب الناس واقربهم الى قلبى الذين قد تختلف معهم فى كل او بعض مايرون لكنك لاتملك الا ان تنحنى اجلالالهم ....... العزيز نقد الله احد ابرز هؤلاء واليه اهدى هذا النص الذى بين ايديكم .... كم كان وسيما جدا بزيه الانصارى الشهير ....... الى الامير الحاج عبد الرحمن نقد الله انزل الله عليه ثوب العافيه
    محجوب شريف يناير 2014
    يلا يانقد الله يلا
    نحن شعبا مدرستنا
    عليهو دوما هلاهلا
    شمسو شوف عينى بانت
    هلالو فج الظلمه هل
    يلا يانقد الله يلا
    زى عمود النور لقيتك
    واقفا رايه ومظله
    هب نقوم نفتح كتاب
    نرفع مجله
    نرمى بذرة حق تفرهد
    كم طبيب ...وحليب ... ومسكن
    وهذه للخبز غله
    استناره ونارا توقد كى تدفى
    نطفى نار بقت تشفى
    الوطن كترت جراحو
    والذى فيهو بيكفى
    السلام مكسور جناحو
    صباحو خافت نورو ظل
    العلم رفرفر زمان
    الا لسع مااستقل
    الايادى المستبده
    والنوايا الطيبه لمن تستغل
    القلم فاقد امان
    كل من القيد ومل
    الحليم اخلافو ضاقت والكريم ضاق المذله
    جدنا بالموجود زمانك
    هس قد تغلبنا حله
    الفرح حيلو اضمحل
    الحزن غطى الملامح
    حتى فى الاشجار تجلى
    الارامل ... والحوامل ...كالهوامل
    والطفوله المستغله
    من هوام الارض اقرب ياالهى
    واللى فوق من تانى علا
    الذى عشناه ماهل
    ياحبيب اصبح اقل
    العلى وعليك ساهل
    لالسان بالشينه ذل
    ولا قدم فى السكه ضل
    ياتو زولا بيتو فاتح
    حتى باب مافيهو واقف
    ممكن يظلم لاولا
    نحن من الفينا نادم
    كم شهيد بى وجهو طل
    الاكيد النصر قادم مش اظن وعسى ولعل
    زاد وسكه حديد نسافر
    بالنوافذ ندى طله
    فى اعالى المجد باكر
    نلقى للرايات محله
    التنوع والتعدد
    للتشدد لاوكلا
    ياخى مين زنديق وكافر
    اللى جوه بعرفو الله
    من طوابيك انت نازل
    انهم ضبلان وهازل
    قلت هيهات للمذله
    يلا يانقد الله يلا
    يلا يانقد الله يلا

    ---------------------------
    حسن الزبير
    وصية محجوب السابعة


    الجمعة, 02 أيار/مايو 2014 07:40


    التساوي في الوطن في الحقوق و الواجبات، ليست وصية تركها لنا فحسب ، بل هو الهدف الاكبر الذي دارت حوله كل سنين عمره. وصيته لنا بضرورة النضال، و اهمية العمل الطوعي، و التفكر في دور المرأة، و الاعتراف بالآخر، والوعي بعظمة الشعب و قدراته، كلها وسائل لتحقيق الهدف الاكبر ، تحقيق دولة القانون و العدالة ، الدولة التي نستطيع ان نبنيها ، و نطور قدراتها الكامنة ليصبح الوطن آمنا ، و يفيض خيره علينا و علي العالم كله.
    حنبنيهو
    البنحلم بيهو يوماتى
    وطن شامخ وطن عاتى
    وطن خيّر ديمقراطى
    وطن مالك زمام أمرو
    ومتوهج لهب جمرو
    وطن غالى
    نجومو تلالى فى العالى
    إراده سياده حريّه
    مكان الفرد تتقدم..
    قيادتنا الجماعيّه

    و القيادة الجماعية هي الديمقراطية، الديمقراطية الصحيحة التي تجعل الناس كلهم متساوين ، الديمقراطية التي لا تسمح لكائن من كان ان يعتدي علي المال العام و يسرق ما قيمته مستشفي و مدرسة و مساكن شعبية ، و شخص آخر تصبح الدنيا عنده اضيق من ثقب ابيرة لانه لا يستطيع ان يشتري التتراسايكلين!!

    حنبنيهو..
    البنحلم بيهو يوماتى
    وطن حدّادى مدّادى
    ما بنبنيهو فرّادى
    ولا بالضجه فى الرادى
    ولا الخطب الحماسيّه
    وطن بالفيهو نتساوى
    نحلم نقرا نتداوى
    مساكن كهربا ومويه
    تحتنا الظلمه تتهاوى
    نختّ الفجرِ طاقيّه
    وتطلع شمس مقهوره
    بخط الشعب ممهوره
    تخلي الدنيا مبهوره
    إراده وحده شعبيّه

    و ظل يعلمنا قولا و فعلا ان الطريق لهذا الهدف النبيل، دونه الوعي السياسي و النضال و الاخلاص و الحب للشعب. و هذا امر لم ينساه يوما ، ظل يذكرنا بقوة الشعب و قدرته، و ضرورة الصمود و الصبر حتي يحدد لنا الشعب العظيم يوم النصر.

    انحنا شعبنا مدرستنا وياهو يمه وياهو يابا
    وهو البديكم صلابة
    وهو البفرق بين حكومه وبين عصابه

    وشعبي عارف انو عمر الثورة ما عام ما هو عامين لا تلاته
    انو عمر الثورة دايما منجزاتا
    لما يدخل كل بيت كراس ولمبه
    وطعم الخبز يدخل حله حله وغابه غابه

    و رغم انه عاصر نظامين شموليين ، و استوعب انتكاسة اكتوبر ، الا انه لم يقبل ابدا ما يردده ملايين السودانيين "السودان انتهي ما حتقوم ليه قايمة" ، علي العكس تماما ، ظل يتغني بعظمة الشعب و قدرته و كأنه يري الثوار في آخر الطريق!! ظل يشحذ الهمم و يزرع الامل في قلوب الملايين، و يبشر بالنصر القريب، بل تفاصيل الفرح بعد زوال الغمة.

    أرفع راسك
    زلزل أسرك
    أصلك شعباً صعباً كسرك
    وحد بأسك
    انت المجد مقاسو مقاسك
    والقهروك زوالم شمسك
    كل الأيدي وكت تتماسك
    تكتب نصرك
    تهزم ليلك وظلمة حبسك
    حرر نفسك بي إيديك
    عندك زودك وحمرة عينك
    ودخري الحوبة شبابك زينك
    علي هتافك
    أدي شراع الهنا مجدافك
    خلي الخوف يخشاك ويخافك
    ويبقى رماد البينو وبينك
    كل الدنيا بتسأل عنك
    يا مبدع ثوراتك وينك؟
    انت الزيّك ما بتذل
    كم من ظالم ظلمك وولى
    أنا متفائل بيك وبحلم
    بل متأكد ما بتتخلى
    ما بتتفرج تفضل ساكت
    وحفنة تقبقب في خلق الله
    أنا متفائل بيك وعارف
    إنك يوماُ ما بتتخلى
    تبقى حديث العالم كلو
    إذاعة .. إذاعة …. جريدة ..جريدة
    مجلة مجلة
    يملا الشاشة ثباتك
    وضو عافيتك
    وعلمك وقلمك وجلابيتك
    وقدلة ولدك وجدلة بتك
    ونيلاً قلدك جنب طابيتك
    ما من بيتك يا الحبيتك
    كل من ظلمك ولا تربيتك
    قدرتك إنت وإمكانيتك
    شامخ تبني ديمقراطيتك
    وعزة بلدك ورفعة شانك
    يا متعدد وواحد ابداً
    تحيا العشرة البين أديانك
    وسلم حقيقي يزيدك عددا
    ويبقى عنان السما عنوانك
    و ظل يؤكد لنا ان بلوغ هذا الهدف له ثمن يجب ان ندفعه افرادا في الكسب الحلال و تربية الاجيال، و جماعات احزابا و جماعات مهنية كانت او تطوعية في ممارسة الديمقراطية و تربية اعضاء الجماعة علي الايثار و التضحية و الشفافية و الخلق القويم ، ان يكون الفرد منا كالنملة في جماعتها:

    والنملة في الصف العجيب
    وعلى انفراد
    نفس النشاط والأنضباط
    نفس الحماس
    تسعى وتجيب ولا من رقيب
    ولا حتي في الأمر التباس
    ولا في اختلاس
    أحسن كتير من بعض ناس
    ولا في اختلاس
    وهيلا .. وهيلا هيلا .. هيلا
    تلقى تفسها في سفينة
    وهيلا .. وهيلا هيلا .. هيلا
    تاني في شارع مدينة
    والحكمة بنفس الحماس
    تلقاها في الصف العجيب
    كم مرة تهرب من مداس
    من طفل عابث ومن لهيب
    بالحبة تمسك في عناد
    الحبة ملك الاتحاد

    الا ما اشرف النمله
    الاما اشرف النمله
    و تبا للضمير
    لمن يصير خمله


    معلمنا هذا القائد الشعبي الفذ، ترك لنا ارثا من الشعر و السلوك الرفيع ، ان تمسكنا به لن نضل في مشوار النضال و البناء و الوصول الي الهدف. لله درك يا قائدنا الذي نفتقد اليوم ، نسأل الله العلي القدير ان يجعل الفردوس مثواك و يبارك في ذريتك و زوجك ، و ان يهبنا شريفا آخر من ذرية مريم محمود، انه سميع مجيب.
    و سيتحقق حلمك باذن الله ، و ينتصر الشعب مفجر الثورات ، و تعود الخفافيش و الوطاويط الي اوكارها و نذكرك عندها بكلماتك:

    واسمك الختيتو فرهد عشب أخضر فى الجناين
    فى الشوارع نيمة نيمة فى مصابيح المدينة
    فى فوانيس الضواحي
    تملا نادي الحلة سيرتك
    اسمك الخلانا نقدر فى ظلام الليل نعاين

    و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الخلق و المرسلين.

    Post: #47
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 05-06-2014, 10:58 PM
    Parent: #46


    Post: #48
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 05-06-2014, 11:11 PM
    Parent: #47









    Post: #49
    Title: Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق
    Author: الكيك
    Date: 05-07-2014, 11:47 PM
    Parent: #45

    mahgoub-sharif.jpg Hosting at Sudaneseonline.com