النكات الشعبية السودانية والبعد السياسي

معروف ان الادب الشعبي بصورة عامة كالمنلوج وغيره قد تم توظيفه منذ فترة بعيدة ليكون اداة للتعبير السياسي
منذ الاستعمار وحتى في الانظمة الحديثة الشمولية والدكتاتورية تحديدا ... يمكن نأخذ اشعار صلاح جاهين واحمد فؤاد نجم في مصر كنموذج
لهذا النوع من المقاومة او على الاقل الرفض اللطيف والتململ من الوضع القائم ..

نحن في السودان من ناحية الشعر اكيد مافي شك في ذلك .. لكن هل للنكات المتداولة من الفرق الكوميدية وغيرها اي بعد سياسي
سوى تعبير عن تململ او انعكاس لواقع بصورة ساخرة ..

تعالوا نخوض حوارا في هذا الجانب باعادة قراءه لتلك النكات مع استصحاب بعض النماذج من النكات التي حوتها اشرطة الكاسيت ..


( جيناكم في تولا يا ناس محمد موسى)

النموذج الاول نكتة سائق الركشة

تقول انه هنالك سائق ركشة كان يمشي مسرعا يقطع الاشارات الحمراء وكل ما يحتج الركاب يقول ما تخافوا معاكم معلم
الى ان يصادف اشارة خضراء فيتوقف عندها بسرعة وعندما يسأله الركاب عن توقفه في حين هي الحالة الوحيدة التي يجب ان يعبر فيها

يقول ( ما يمكن في معلم كبير يجي طاير)

انا ضحكت كما ضحك الاخرين من هذه النكتة الجميلة المعبرة .. لكن ايضا قرات فيها النقد السياسي اللاسع للفساد وذلك بتجاوز القانون
في كثير من الحالات لدرجة يكاد يصبح كل شئ معكوس الخطأ هو الصواب والصواب هو الخطأ ..

بحيث لا تستطيع ان تلوم صغار المسئولين عن تجاوز القانون طالما الكبار يفعلونها .. (يمكن في معلم كبير يجي طاير ..)

التقرير السنوي للمراجع العام والذي يسير ضجة في كل عام ليثبت انه هنالك فعلا معلمين كبار كثر وطايرين في كل الاتجاهات

واضيف ان هذه المادة تصلح تصور مشروع بحث لطالب ماجستير في العلوم السياسية
تعالوا اول مرة نأخذ موضوع في عرف الناس يعتبر غير جادي لكن بصورة علمية وجادة جدا
لايمكن ان يكون جزء من ثقافة الناس وحياتهم اليومية هو للهزل فقط وللاستهلاك اليومي
ونحن نعلم ان اي اربعة وعشرين ساعة من عمر البني آدم تمضي لن تعود ابدا .. فلذلك ان كل منتوجها يستحق النظر والبحث
طالما انها كانت خصما على عمره وحياته ... بل ان النكته تطورت اكثر من ذلك لتصبح سلع يتم تداولها والتكسب منها ..
لكن ألان تعالوا ندع التكسب جانبا.. وننظر لبعدها الآخر كأداة يمكن توظيفها في اتجاهات سياسية ..

لكن اولا نتفق هل للموجود حاليا بعدا سياسيا ؟

انا شخصيا اقول نعم مستصحبا النموذج اعلاه .. وهذا لاينفيه مؤلف النكته نفسه لو قال غير ذلك .. لانه في النهاية الفنان
والفن بصورة عامة سوى كان تشكيلا او غناءا او شعرا له عدة قراءات قد لا يعنيها المؤلف لكن يتحسسها المتلقي وفقا للخلفية
الكامنة في ذهنه .

الأخ العزيز / درديري كباشي ...

تحية ترفل بخالص المودة والتقدير ....


حقيقة يا درديري موضوعك في السلك كما يقولون .... الموضوع كبير ويحتج لمناقشة واسعة يتناولها الجميع وخاصة المتخصصين في الشأن الاجتماعي والسياسي .... الأمثلة كثيرة لا تكاد تحصى .... الشعب المصري اشتهر كثيراً بالنكات السياسية اللاذ1عه ... وهم أصلاً شعب نكته ... حتى أن أحدهم قيل له إن الشعب السوداني أصبح خطيراً جداً في النكات ... فكان رده : يكونوا جاعوا أولاد الهرمه ....


الأمثلة كثيرة ودعني أسوق لك نكتة تكاد تكونوا مباشرة في هذا الشأن كمثال بسيط :


مسطول راكب المواصلات
مع ولدو
الولد شاف صورة الرئيس
عمر البشير في الباب
قام سالو ابو يابا يابا
دي مش صورة الزول الكل مايجيوبو في التلفزيون بتقول:
ياخخخخخ تتففففف
المسطول عاين للولد وقال:
ياخخخخخ تتفففففف
عليك انت دا ود منو؟ !!!...


تخيل الخوف من بطش السلطان والسلطات جعلت صاحبنا هذا ينكر إبنه ... فلذة كبده .... وأفتكر مافي حاجه ممكن تتقال بعد ذلك .... المولى عز وجل قال في وصف هول يوم القيامه (يوم يفر المرء من أخيه ، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل أمريء منهم يومئذ شأن يغنيه ) .. فهل وصل بنا الحال . وبلغت الأهوال لذلك الحد ....

نكته بسيطه ممكن تغني عن مقال يا درديري أخوي .... والباب مفتوح بالطبع للجميع للمساهمة في هذا الموضوع الهام ....


مع خالص ودي وتقديري ؛؛؛؛

مشكور جدا يا استاذنا ادريس على هذا السرد والاضافة الرائعة

بس يتخيل لي نكتة الولد اصلا مصرية ايام حسني مبارك

المصريين نكاتهم السياسية مباشرة وتتحدث عن الرئيس عديل كدا

لكن نكتنا نحن مغلفة بمعنى تحس فيها انعكاس للواقع السياسي او الاقتصادي

وانا هنا اقصد تلك النكات التي اصبحت لها حفلات ومحافل واشرطة كاست ..
وهي لان السياسة فيها مبطنة اصبحت قابلة للتأويل السياسي وهي تتسم بالذكاء الحاد ليست كنكات المصريين السياسية المباشرة

اذكر طرفة قرأتها في احد الصحف روتها زوجة عبد الرحيم محمد حسين عندما سألوها ان كانت تسمع نكات عن زوجها ..

قالت نعم اضحكها لقب الفريق اول ملازم .. عبد الرحيم محمد حسين ..

درديري ....

كيفك ياخ .....

جيتك راجع ...معليش .... إتذكرت حادثه حصلت للشاعر المصري المشهور أحمد فؤاد نجم ... وقد استشهد بها أحد الأخوة هنا قبل أيام حين كان الحديث عن (اللازمه) ... وهي المقولة التي يستشهد بها الشخص كثيراً حتى تصبح سمة من سماته .. زي (نجيضة) ود الصايم مثلاً ... المهم سخر شاعرنا أحمد فؤاد نجم من (لازمة) كان يستخدمها الرئيس السادات وأظنه كتب شعراً في ذلك ... تطور الأمر إلى حد مثول الشاعر أمام المحكمة ... فقال أثناء المداولات للقاضي ساخرا : هو السادات أصلاً كان له (لازمه) ؟!!!! ....


شوف السخريه ... واستعمال الجناس الذكي والتوريه في الموضوع ....

ولك أخي الكريم وللجميع خالص ودي وتقديري ؛؛؛

تمام يا شيخ ادريس هي السخرية اللازعة التي لايمكن ان يلام قائلها او يحاسب لانها قابلة لعدة تأويلات

حكاية السادت اصلا كان له لازمة ؟

والمصريين حتى المسئولين عندهم ساخرين ..

طرفة تقول انه احد القضاة المستشارين اصلا هو فلاح من الريف المصري

مرة احد اقربائه اراد ان يوسطه في قضية فقنص له امام المحكمة اول ما نزل من السيارة بادره

قائلا : سعادة المستشار انا لي دعوة ..

رد القاضي : وانا ما ليش دعوة .