من وأد الوسطية في السودان

من وأد الوسطية في السودان


01-22-2013, 11:59 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=420&msg=1358852359&rn=0


Post: #1
Title: من وأد الوسطية في السودان
Author: درديري كباشي
Date: 01-22-2013, 11:59 AM

منذ ان فتحنا على الدنيا و شبينا على الوجود لم نعرف التطرف في اي شئ لا دينيا ولا اقتصاديا ولا اجتماعيا ولا حتى عرقيا

وكل كلمة من تلك الكلمات تستحق ان تكون عنوانا لمقال يملا سطور

اقتصاديا كانت البلاد تقودها طبقة وسطى من المثقفين المتعلمين والذين كانوا يشغلون الوظائف الحكومية .. او حتى القطاع الخاص

كان باقي المجتمع ينظر الى طبقة الموظفين كأنهم بشر منزلون من كوكب آخر لاينتمون الى االشعب

وفي بيوت المناسبات تجد كثيرا من الناس هبوا لاستقبال ضيف هو يكون مدير ادارة ما .. اما مدير طبي للمستشفى او ضابط مجلس او مهندس مساحة ..

ونحن كنا تلاميذ في المراحل الابتدائية ننظر الى ابناء الموظفين كما الملائكة

يأتون الى المدرسة بصحبة السواق والعربة الحكومية

يرتدون زيا مدرسيا نظيفا انيقا مع الجزمة والشراب

واعتقد انهم هم من كانوا معنيين بنشيد الروضة ( ماما لبستني الجزمة والشراب ) الشهير

لاننا اساسا لم نكن نذهب للروضة ولا نلبس الجزمة والشراب ولا نناديها ماما .

وهذا الفارق الخرافي لم يكن ماديا ابدا .. والا لذوي كثير منا ثروات تعادل مرتبات آلاف الموظفين

ورغما عن ذلك كنا مع بداية الفصل الدراسي

نتحلق حول ابناء الموظفين

وهم يحكون عن عطلاتهم الصيفية التي قضوها في القاهرة وبيروت

نسمع عن اساطير الاهرامات وابي الهول

ونحن ننظر اعجابا لهؤلاء الملائكة

وكما ذكرت ليس الفرق ماديا

لكن الفرق يبدو حضاريا او ثقافيا او تنويريا .. او شئ يجعل الانسان يضع رفاهية اسرته ضمن اولوياته وهذه لم يكن يعلمها حتى الاغنياء في بلادنا او لهم مفهوم آخر للرفاهية

لان السفر للقاهرة لاهلنا يعني رحلة ما قبل الموت لمريض عجز اطباء السودان عن مداواته ..

وجملة من نوع ( والله الدكتور قال ما في حل تودوه القاهرة )

بمعنى استعدوا لوداعه الاخير

Post: #2
Title: Re: من وأد الوسطية في السودان
Author: درديري كباشي
Date: 01-22-2013, 12:07 PM
Parent: #1

والحديث لازال عن الطبقة الوسطى الموظفون في الارض

ورثت الخدمة المدنية في السودان ارث ضخم من الاصول الثابتة بناها الانجليز ومن ضمنها مجمعاتهم السكنية

البيوت الفارهة التي تلحق بها حدائق جميلة ..

اذا كان ابناء الموظفين يتفاخرون باجازاتهم التي يقضونها خارج السودان نحن كنا نتفاخر باجازاتنا التي كنا نقضيها معهم في بيوتهم الحكومية ..

كنا نتحين الفرص التي يأتي احد اقاربنا الموظفين او ضباط الشرطة العظماء لنقضي الخميس والجمعة مع ابنائه ..

كنا نروح فرحين كننا في زيارة عابرة للجنة

يأبى ان يتوقف الزمن في لحظاتها ..

اشجار القريب فروت والجوافة والمانجو

واللعب والدمي والعجلات بالمقاسات ..

وفي نهاية عصر الجمعة نرسل مع السواق عائدين الى ذوينا محملين بالفواكه والحكاوي لاصدقائنا من بيت عمنا الحكمدار او العقيد بعرف هذا الزمان

Post: #3
Title: Re: من وأد الوسطية في السودان
Author: درديري كباشي
Date: 01-22-2013, 12:15 PM
Parent: #2

نفس هؤلاء الموظفين كانوا هم رؤساء الاندية الرياضية

وكما يقولون قادة منظمات المجتمع المدني

الجمعيات التعاونية في الاحياء

المراكز الاجتماعية ومراكز الشباب

ولان دوام عملهم اليومي لا يتجاوز الثمانية ساعات في اليوم

كانوا يتبرعون بباقي وقتهم لقيادة المجتمع متطوعين عبر الاندية او الجمعيات التعاونية

كلمتهم كانت مسموعة واحترامهم كان واجبا ..
...

هل فجأه تقسم المجتمع الى فئتين فقط .. أغنياء جدا مشغولون بجمع مزيد من الثروات .. او فقراء جدا مشغولون بلفمة العيش

وهل تم هذا الشئ تم تدريجيا ام فجأة ..

ما الذي جعل الفئات تتداخل

الموظفون هم انفسهم اصحاب الشركات الان

Post: #4
Title: Re: من وأد الوسطية في السودان
Author: درديري كباشي
Date: 01-22-2013, 12:30 PM
Parent: #3

اما التطرف الديني ايضا ظاهره جديدة

طيلة عمرنا كنا نجد هنالك تعايش بين الطوائف الدينية المتباينة

مثلا انصار السنة والصوفية

لدرجة انه انصار السنة كانت لهم خيمة في ساحة المولد رغما عن رأيهم في احتفالات المولد النبوي

لكنهم رأوا ان يقدموا رأيهم هذا في ساحة المولد نفسها ..

لم يظهر تطرف في الرأي

لم نشاهد أحد

بل كنا نعتقد ان كلمة كفار هذه انتهت مع ناس قريش واهل مكة بعد فتح مكة

وكل ما سمعت كلمة كافر خطر في بالنا ابو لهب وابو جهل

كيف ظهر عندنا التكفير لدرجة اراقة الدماء والقتل

وكيف سمح المكفرون لتكفير شخص مسلم يصلي في تجاه مكة

Post: #5
Title: Re: من وأد الوسطية في السودان
Author: Jamal Mustafa
Date: 01-22-2013, 01:13 PM
Parent: #4

لك التحية الأخ درديرى على سؤالك عن وأد الوسطية فى السودان !!! ولا أظنك منتظر إجابة انما مدخلا لسرد واقع مؤلم وحتما بداهة الإجابة لا تحتاج لجهد أو عناء ويعلم بهاحتى انصار المشروع الحصارى قبل غيرهم بسياسات إلغاء الأخر وشتارة الفكرة التى بسببها ظلوا حاكمين لهذا الشعب الصابر وفشلهم فى إدارة التنوع بين فئات الوطن جغرافيا .. وثقافيا وإثنيا وطبقات وظيفية ... لتضيع مقدرات الأمة ويحصد الوطن هذا الركام من التشتت والحروب والغبن الثنى والفقر الممنهج ويتهتك النسيج الإجتماعى وتتسرب معالم التكافل والتعاضد بين الناس وتبقى الدهشة وفغر الأفواه !!
مع التقدير ،،،

Post: #6
Title: Re: من وأد الوسطية في السودان
Author: درديري كباشي
Date: 01-22-2013, 02:09 PM
Parent: #5

تماما يا جمال

اولا نؤكد ان طريقة توحيد السودان المليون ميل مربعا جعله وطنا واحدا لم تكن سهلة والثمن كان فادحا

نعرف انه قبل الاتسعمار التركي وحملة محمد علي باشا وابنه اسماعيل

كانت ارض السودان عبارة عن دويلات صغيرة قوامها القبائل

من الشمال ممالك النوبة ثم الشايقية فالجعليين والمناصير وانت متجه جنوبا

عبارة عن ممالك صغيرة

غزاها محمد علي من اجل الثروات

ولكن بعد مقتل ابنه اسماعيل في المتمة وحرقه من قبل المك \نمر والقصة الشهيرة

قاد صهره الدفردار الحملة الانتقامية الاشهر

والتي رغم شراثتها ومآسيها يحمد لها انها بذرت الشعور بالوحدة لدى السودانيين .. ما الذي يجعل شخص في نيالا او الابيض يقتل انتقاما لشخص قتل في شندي او المتمة

والمهدي عليه السلام بذكاء فطري استقل نفس مسار الدفتردار عكسيا ليؤسس جيشا واحدا من جميع قبائل السودان ينجح في طرد الاتراك

.. خرج الاتراك وظل السودان واحدا

اتى الانجليز واستعمروه واحدا وخرجوا منه اكثر وحدة..

اذا الوحدة نفسها تدرجت وتطورت ونسى الناس حتى اسماء قبائلهم ..

بل نحن كنا طلابا في الجامعات نقود انشطتنا الثقافية لرابطتنا بشرق السودان

غير عابئين اوحتى متذكرين اصولنا الشمالية

واهل الشرق ينظرون لنا كابنائهم اتوا لخدمتهم ويدعموننا بالاموال ..

ليس الوقت الآن للتباكي على اللبن المسكوب

والسؤال هو كيف اعادة بذر الشعور بالوحدة من جديد

متى سننجح ان نكون مثل مصر وتونس دول بلا قبائل يذكرها احد

متى نكون فقط كما وصفنا الراحل اسماعيل حسن

عرب ممزوجة بدم الزنوج

Post: #7
Title: Re: من وأد الوسطية في السودان
Author: ناصر حسين محمد
Date: 01-22-2013, 02:26 PM
Parent: #6

Quote: من وأد الوسطية في السودان


ده السؤال الحائر ،،
لعمري هو اهم سؤال ان تبعته اجابات صادقة ومحاولة للعلاج
لكن الانصراف عنه سوف يوصل البلد الى مرحلة لاتحمد عقباها ،،
سبق ان قلت انني اعارض الانقاذ لانها ضربتنا في اعز ما نملك ( الاخلاق والبنية الاجتماعية )
تحملنا منذ الاستقلال وعبر حكام مختلفين الجوع والفقر والمرض
ولكن عندما تبقى المصيبة في هدم وسطيتنا التي هي عنوان اخلاقنا وبنية مجتمعنا يجب الوقوف بجد ،،
وللاسف الجميع يتناول اشياء اخرى

Post: #8
Title: Re: من وأد الوسطية في السودان
Author: درديري كباشي
Date: 01-22-2013, 03:06 PM
Parent: #7

سلام يا ناصر

والاغرب ان الاسلام الذي قام باسمه التطرف يعتبر دين وسط .. بل الوسطية هي ميزة اساسية ميزت الدين الاسلامي عن باقي الاديان

ومن تعريفات الاسلاميين انفسهم للوسطية :

عريف الوسطية

يقول محمد الحبر يوسف : والحق أن الوسطية في مفهوم الإسلام منهج أصيل ووصف جميل، ومفهوم جامع لمعاني العدل والخير والاستقامة ،فهي حق بين باطلين واعتدال بين تطرفين وعدل بين ظلمين.

ويقول الدكتور محمد عمارة الذي ينتمي للمدرسة الوسطية ويدعو إليها، فيقول عنها إنها( الوسطية الجامعة )التي تجمع بين عناصر الحق والعدل من الأقطاب المتقابلة فتكوّن موقفا جديدا مغايرا للقطبين المختلفين ولكن المغايرة ليست تامة ،فالعقلانية الإسلامية تجمع بين العقل والنقل، والإيمان الإسلامي يجمع بين الإيمان بعالم الغيب والإيمان بعالم الشهادة ،والوسطية الإسلامية تعني ضرورة وضوح الرؤية باعتبار ذلك خصيصة مهمة من خصائص الأمة الإسلامية والفكر الإسلامي ،بل هي منظار للرؤية وبدونه لا يمكن أن نبصر حقيقة الإسلام، وكأنها العدسة اللامعة للنظام الإسلامي والفكرية الإسلامية.والفقه الإسلامي وتطبيقاته فقه وسطي يجمع بين الشرعية الثابتة والواقع المتغير أو يجمع بين فقه الأحكام وبين فقه الواقع ،ومن هنا فإن الله جعل وسطيتنا جعلا إلهيا (جعلناكم أمة وسطا) سورة البقرة آية 143.

Post: #10
Title: Re: من وأد الوسطية في السودان
Author: درديري كباشي
Date: 01-22-2013, 03:16 PM
Parent: #8

فالوسطية تعني التوازن في كل ما يمكن ان يشكل كفتي ميزان

فهي تعني العدل وقبول الآخر واعطائه حقه والمساواة في الحقوق والواجبات

حرية الرأي وحرية التعبير وقبوله


ويقول الحافظ ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } أي إنما حولناكم إلى قبلة إبراهيم عليه السلام واخترناها لكم لنجعلكم خيار الأمم ، لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم لأن الجميع معترفون لكم بالفضل ، والوسط هنا الخيار والأجود . . . ولما جعل الله هذه الأمة وسطا خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب (1) .
ومعنى الأمة الوسط أنها أفضل الأمم وأعدلها وأكملها وأبعدها عن الغلو ، فمثل هذه الأمة تحميها وسطيتها مما يلحق بأخواتها - إذا جانبت الوسطية- من النقائص والعيوب من جميع النواحي (2) .
ولن نعني بوسطية الإسلام أو وسطية الأمة الإسلامية وسطية تاريخية ولا جغرافية ولا ثقافية ولا عرقية لأن معيار الصلاح والتقوى هو المقياس الذي وضعه الإسلام منهجا تقاس به أفضلية الأمم والأفراد وكمالها . قال تعالى : { ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير } (سورة الحجرات : 13) .
_________

Post: #11
Title: Re: من وأد الوسطية في السودان
Author: محمد ميرغني عبد الحميد
Date: 01-22-2013, 03:26 PM
Parent: #8

مرحبا درديري وكل عام وأنتم بخير
والدي كان عاملا في السكة الحديد وتابع لناس الهندسة يعني طلبة يشيل قدح مونة ومع ذلك لا أنسى ذلك الزي المحترم الذي يمتكل منه أطقما عدة عبارة عن ردا وقميص تتفاوت الوانها بين درجات الرمادي والكاكي وكنا نتمتع بغجازة سنوية نطوف فيها على اقاربنا في مدن السودان المختلفة في قمرة من عربات السكة حديد ولا أنسى الزوادة بعلب الطحنية الصغيرة المستديرة وهي من الصفيح ولا أنسى استراحات الانتظار في محطات القطار المختلفة ولا أنسى الفرق بيني وبين من كان آباءهم من المزارعيم في حلتنا فكنت بطل جلسات السمر حاكيا ما شاهدته في الخرطوم ومدني وكوستى وسنار ... كل هذا وابي عامل فقط !! فالمسالة إذا ليست قاصرة على الموظفين بل كل الخدمة المدنية بكل درجاتها كانت محترمة تكفل للجميع فيها بحياة كريمة محترمة وهذا قطعا له علاقة مباشرة بحالة البلد الاقتصادية.
تعرضت الخدمة المدنية لموجات صعبة من التدمير للتقلبات المتوالية في الحالة السياسية للبلاد
واختلف معك في أن أنصار السنة لم يكونوا يوما في تعايش مع الصوفية وهم من أكبر مظاهر المعادة للوسطية التي تمتعت بها بلادنا سابقا وكل ما تمددت المساحة التي ينشطون فيها انكمشت مساحة الوسطية
الموضوع كبير تشكر عليه ونتمنى لك فيه تناولا موفقا
وكل عام وأنتم بخير

Post: #9
Title: Re: من وأد الوسطية في السودان
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 01-22-2013, 03:15 PM
Parent: #7

درديرى كباشى
ايها الزول السمح
تحية واحتراما
كنا احد مكونات تلك الفئة التى اسمها الموظفون فى الارض
حيث يجئ الوالد رحمة الله عيه
الساعة اتنين بعد الظهر او تلاته "ان كان القطر ما وصل فى مواعيده ، حيث كان يشتغل فى محطة السكة الحديد الابيض "
تلعمنا الانضباط منه ومن الذين كانوا حوله
من العمال الى الموظفين
اذن "الخدمة المدنية " كانت اسا الان نفتقده
فى مسلسل خطوبة سهير الشهير
انت ترى هذه الفئة وتسمعها وتشمها وتتحدث اليها وتنتمى اليها ايضا
خليل افندى الذى يعود عند الثانية من الشغل "الحلة كلها تبدا تخت الغدا"
ذلك ان برنامج الرياضة بدات موسيقاه تعزف ، هذا من ناحية اخرى
نشرة الساعة الثالثة بعد الظهر كانت من وحدات وجدان الناس من حلفا الى راجا ...!من بورتسودان الى الجنينة
نفس النشرة
نفس المذيع
نفس الاخبار
الخدمة المدنية كان يتم نقل موظفيها ب"قائمة "تذاع فى نشرة الاخبار وعقب نشرة الاخبار حيث يتم التنويه لذلك فى النشرة
المدرسين ، المدرسات ، الموظفين يومها كانت الموظفات على اصابع اليد وكن معظمهن فى الوزارات فى العاصمة
العاصمة كانت طاردة ..! فالموظف يخرج الى الاقاليم "بيت عربية وسواق وحوافز "
وكذا الجيش والشرطة والسجون
كل هذه مكونات المجتمع المدنى كانت متوفرة بشروط الخدمة المدنية
الانضباط ، الامانة ، النزاهة
الخدمة المدنية مرة اخرى ، فى القرى كان المساعد الطبى ومدير او من ينوب عنه "البريد والبرق ، السكة الحديد مدير المدرسة رئيس النقطة فى البوليس "
هولاء عماد القرية و زعمائها اضافة للعمدة
او شيخ الحلة
هذا النسق ظل لامد طويل يحكم علاقات الناس ، فلاتجد متطرفا فى اى شئ الا ذاك الذى يتطبق عليه المثل الشعبى ـ خالف تعرف "بضم العين
فى الثمانينات كنا نشاهد مساجلات شيخ الهدية وعبد الجبار المبارك ونستمتع بالمقارعات بينهما
رغم علمنا ان المبارك لسان حال النظام والهدية لسان حال انصار السنة
لكنهما كانا يفيضان علينا حديثا نستمتع به وننتظر اوبتهما
رغم ان سلطة نميرى كانت ديكتاتورية "ازعم انها كانت ديكتاتورية بيش " قياسا لفرانكو الراهن ..!
لكنها لم تتلاعب فى امر الخدمة المدنية الا بعد ان "تم تشريع قوانين سبتمبر سيئة الذكر "
من يومها وبدات العلاقات الاجتماعية ، الساياسية ، الثقافية " فى الانفراط
من يومها بدا التدهور السياسى المريع والذى ما زال ملازما والى حين اشعار اخر
ذلك ان الدين بات يمثل حقيقة "افيونا كامل الهوية والدسم " الى يومنا هذا
وبات التمسح بخوخ الدين شعارا اهدر مكونات الخدمة المدنية واحالها للتقاعد
وانزوى الافندى المتسامح حل محله "انتهازى متهافت " وضاعت الخدمة المدنية فى زخم التمسح بالاسلام والمتاسلمين
وانهارت الدولة يوم ان اعلنت القوات المسلحة انقلابها فى ال30 من يوينو 1989
وبدا التحلل يصيب البنى الاجتماعية ، الثقافية وساد من ثم التطرف الدينى الذى كان بدا مع قوانين سبتمبر
وتم بيع ما تبقى من قطاع كان يعرف بالعام وانتهت حال المواطن الى سراب
سراب جعل الافندى يهرب الى البلاد الواسعة
انظر الى عدد الاساتذة فى الجامعات الذين تم فصلهم تعسفيا
وكذا من الخدمة المدنية بكامل زخمها ؟
هروب الاعداد الغفيرة من الطبقة الوسطى الى الخارج افرد الساحة لكل انتهازى ومتهافت
وهكذا فى راى تم القضاء على الخدمة المدنية وبالتالى على دعامتها ...

Post: #12
Title: Re: من وأد الوسطية في السودان
Author: درديري كباشي
Date: 01-22-2013, 03:29 PM
Parent: #9

سلامة يا استاذة سلمى الرائعة

حقيقة سياحتك اهاجت اشجان الذكريات

حقيقة لم نكن ابناء موظفين كما ذكرت

كنا ابناء تجار اي من المفترض وحسب نواميس الارض والاقتصاد وغيره ان يكون وضعنا أفضل

لكن كما ذكرت ان الفرق لم يكن ماديا بقدر ما كان ادراكا ووعيا وثقافة وحضارة كان يحملها الموظفون بمراكزهم وعلمهم ووعيهم

فهم تلقوا تعليما حقيقيا .. بل تجد موظفا خريج المرحلة الوسطى فقط يقارع الانجليز في لغتهم

لذلك كانت تخرص لهم المجالس اعترافا بفضل لا ينقطع ولا يمن

كانت اجمل ذكريات اجازاتنا تلك التي تقضيها مع اقاربنا ببيوت الموظفين بحلفا الجديدة او اروما

وكاننا كنا في رحلة خرج السودان

..

بل اقول شئ كل الامم المتحضرة والمتطورة الان يقود ركبها الطبقة الوسطى

بمعنى موظفون يعملون ثمانية ساعات فقط في اليوم

ويكفي دخلهم لحياة كريمة مرفهه ..لايطمعون في غتى مفرط فينفرط عقد ضمائرهم ويتفشى الفساد والرشوة .. ولا يخافون فقرا فيجرون باقي اليوم خلف لقمة العيش

Post: #13
Title: Re: من وأد الوسطية في السودان
Author: درديري كباشي
Date: 01-23-2013, 10:02 AM
Parent: #12

كما نضيف بان هنالك فهم خاطئ لبعض النصوص .. او تفسير لبعض الايات في غير ما رمت اليه..

مثلا قوله تعالى :( قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)

هذه الآية تعني ان يراقب الانسان ربه في حياته الدنيا فلايغش ولا يحتال ولا ينصب الناس .. في زمن السلف الاول اعاب سيدنا عمر بن الخطاب على رجل صبغ شعره بالسواد وهو ذاهب ليخطب فتاة واعتبره نوع من الغش ..

والغربيين كبديل لهذا النص العظيم استبدلوه بما عرف عندهم بقوانين أخلاق المهنة Code of Ethics بهذه القوانين مثلا لن تجد الطباخ يستخدم الصلصة المنتهية الصلاحية رغما عن انه في مطبخه لا يشاهده أحد .. بل ان قوانين اخلاق المهنة في الغرب تكاد تكون دين لوحده لدقتها ولالتزامهم بها وتحتاج ان نفرق لهاا حيزا منفصلا

أما عندنا فتحول هذا النص الى الاتي .. سفريات الهدى الاسلامية ومخابز التقوى وكافتريا الحرمين ...وووو الخ

لم يقل اصحاب هذه المحلات كيف يمكن ان تكون السفريات اسلامية .. هل يحرم على الكفار ركوبها مثلا .. وهل تشترط الطهارة والغسل قبل ركوبها .. وكذلك تلك المخابز والمطاعم ... اذا كان الدولة غالب سكانها مسلمين وهي دولة اسلامية شئ طبيعي ان تتبع كل المطاعم والمخابز وثائر المرافق الشروط الاسلامية .. بمعنى مثلا لا يستخدم دهن او لحم الخنزير او الخمور والمخدرات في الطبخ والصناعة.. بل شاهدنا هنا في السعودية حتى مطاعم غير المسلمين يشترط عليها ان تستخدم الذبائح واللحوم وفقا للشريعة الاسلامية ..

ثم ان تسمية واصباغ المحال التجارية باسم او صفة اسلامية بعض الاحيان قد يكون للتمويه في حين تجدها قائمة على الغش والتدليس

واستخدام الاسلام كصبغة على التجارة اصبح مثل ان يهديك صديق مثلا برميل طلاء بوهية مجانا .. فتروح تطلى به البيت والاثاث والابواب والشبابيك .. وعندما تجد البرميل لازال مليان تطلي كذلك الاواني المنزلية .. ستجد نفسك بالتدريج خلقت عداوة بل كراهية من اهل بيت تجاه هذا اللون هم لا يهمهم كم وفرت من مبالغ ..