نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)

نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)


07-04-2008, 07:13 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=409&msg=1241321883&rn=13


Post: #1
Title: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: أحمد عثمان عمر
Date: 07-04-2008, 07:13 PM
Parent: #0

مقدمة:
منذ إستقلال بلادنا وهي تعاني أزمة مزمنة في بنيتها القانونية التي راوحت بين الإقتراب والإبتعاد عن مفهوم النظام القانوني الحديث، تأسيساً على الحالة السياسية ومدى إقترابها أو بعدها عن طبيعة الدولة الديمقراطية المبنية على سيادة حكم القانون، بإعتبار التداخل الذي لافكاك منه بين التشريعي والسياسي، وبالضرورة الناشئة عن كون الدستور هو الأداة الحاسمة في تحديد طبيعة البنية القانونية من حيث تشكيلها لنظام قانوني حديث من عدمه. لذلك لامناص من القول بأن وضع أي تصور لإصلاح قانوني دون الأخذ في الإعتبار التطور الدستوري السابق وإستصحاب مظاهر الفشل التي واكبته وإعتبار ذلك شرطاً أساسياً لإصلاح القوانين في إعمال فاعل لمبدأ الدستورية، مصيره الفشل.
وبنظرة عجلى للدساتير التي وضعت لحكم البلاد وتنظيم شئونها إبتداءً بإتفاقية الحكم الثنائي تجاوزا مروراً بدساتير الأعوام 1956 و1964 و1973و1985و1998 وإنتهاءً بالدستور ساري المفعول، نجد أن دولة سيادة حكم القانون قد سجلت حضوراً غير مكتمل في ظل أنظمة الحكم التعددية، وغياباً منطقياً في ظل الأنظمة الشمولية ونقصاً واضحاً ومريعاً أحياناً في ظل النظم الإنتقالية. إذ أنه من الطبيعي أن يغيب مفهوم المؤسسية المنبني علي قاعدة فصل السلطات عن إتفاقية الحكم الثنائي المكرسة لسلطات الحاكم العام الإستعمارية وأن تغيب الحقوق والحريات المؤسسة لمبدأ الدستورية الذي شكل آخر درجات تطور النظام الديمقراطي بإنتقاله من سيادة البرلمان "Supremacy of the Parliament" إلى نظرية سيادة الدستور "Sovereignty of the Constitution" . ويصبح من المنطقي أن تظهر هذه المبادئ على مستوى النصوص في دستور العام 1956 الذي يعتبر دستوراً للإستقلال مع منطقية عدم تجذرها كفكر أو ممارسة، لعدم إستمرارها لأكثر من عامين دخلت بعدهما البلاد في حكم عسكري لست سنوات. كذلك كان من المنطقي أن تعود مع عودة النظام الديمقراطي بعد ثورة أكتوبر في دستور عام 1964 على مستوى النصوص، وأن تفشل على مستوى الممارسة الأمر الذي تؤكده قضية حل الحزب الشيوعي الدستورية، والتي فضحت شكلية وجود مبدأ الدستورية الذي أسقطته السلطة التنفيذية عبر رفضها تطبيق حكم المحكمة الدستورية، ومعه أسقطت ضمانة أخرى من ضمانات دولة سيادة حكم القانون هي تنفيذ أحكام القضاء. أما دستور العام 1973 الرئاسي، فقد فضل التحايل على المؤسسية ومبدأ الدستورية، بإسقاط ضمانة أخرى من ضمانات دولة سيادة حكم القانون، ألا وهي الحق الدستوري في التقاضي، وبذلك قيض للسلطة التنفيذية المسيطرة على الجهاز التشريعي حينها، بتحصين قراراتها بإخراجها من دائرة الفحص القضائي بنصوص قانونية. وجاء دستور العام 1985 إحتفائياً بمبدأ الدستورية بصفة عامة، وإن لم يستوف شروط المؤسسية بإعمال كلي لمبدأ الفصل بين السلطات توافقاً مع طبيعة المرحلة في بداياتها، برغم الإستدراك الذي تم بعد إنتخاب الجمعية التأسيسية. ولاشك أن دستور العام 1998 بإعتباره دستوراً لدولة دينية شمولية، ماكان له إلا أن يأتي مفارقاً للحد الأدنى من الدستورية والمؤسسية معاً، حيث فضل مشرعه المساواة بين الدستور والشريعة الإسلامية وإعتبارهما مصدرين للتشريع، بحيث يكون للمشرع الحق في التشريع وفقاً للشريعة وبالمخالفة للدستور وفقاً لمبدأ تكافؤ المصادر، وبالتالي تسقط كل الضمانات الدستورية –إن وجدت- بموجب تشريعات لاسبيل للطعن في دستوريتها!!. ولم يكن حظ الدستور الحالي ساري المفعول بأفضل كثيراً من سابقيه برغم نصه على الحقوق والحريات بهدف تكريس مبدأ الدستورية. فواقعة أنه دستور هجين يكرس الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريع في الشمال، تؤسس لصدور تشريعات متوافقة مع المصدر ومخالفة لباب الحقوق إستناداً لمبدأ تكافؤ النصوص الدستورية.
بإختصار نستطيع أن نقول بأن دولة سيادة حكم القانون التي تصدر فيها القوانين وهي خاضعة للطعن بعدم دستوريتها والمحصنة بحق دستوري في التقاضي لايمكن إسقاطه بموجب تشريع، في وجود قضاء مستقل يكرس مبدأ الفصل بين السلطات، تكون أحكامه نافذة مع تجريم عدم تنفيذها، لم يكن حظها من الوجود إلا عارضاً وجزئياً في أفضل الأحوال. وبما أن وجود هذه الدولة يشكل شرطاً أساسياً لحدوث إصلاح جذري في البنية القانونية لتصبح نظاماً قانونياً حديثأ، يصبح من المهم إدراك المعوقات التي تقف أمام إنجاز هذا التحول. ولعله من نافلة القول التذكير بأن دولة سيادة حكم القانون هي إنتاج برجوازي خالص، وصل قمة تشكله بتكريس مبدأ الدستورية في الولايات المتحدة الامريكية. وبما أن بلادنا حكمتها البرجوازية باشكالها المختلفة منذ إستقلالها حتى سقوطها في قبضة الرأسمال الطفيلي، يصبح لزاماً علينا توضيح التناقض مابين سلوك برجوازيتنا التي أنتجت الدول الإستبدادية والديكتاتوريات المدنية، وسلوك برجوازية الولايات المتحدة التي أنتجت دولة سيادة حكم القانون أولاً، ومن ثم توضيح كيف تسنى لنا تبني نموذج دولة برجوازية ثانياً.
لاشك أن هنالك عدة أسباب دفعت البرجوازية السودانية للفشل في التبني العملي والصادق لمفهوم دولة القانون، واللجوء إليه حينما يكرس سلطتها أو لإستخدامه كوسيلة لإستعادة تلك السلطة عند فقدانها. وهذه الأسباب يمكن تلخيصها فيما يلي:
1. ضعف البرجوازية السودانية وشبه غياب المستثمرين الصناعيين من بنيتها بحيث يصبح وجودهم غير مؤثر مما يغيب الأداة الحاملة لفكر البرجوازية الصناعية التي انجزت مفهوم دولة القانون بالولايات المتحدة وكونت قوام الجيش المدافع عنها.
2. عدم قدرة البرجوازية السودانية على تكريس إستغلالها للجموع في ظل قدرة الأخيرة على التنظيم والرد بل والمبادأة في ظل سيادة حكم القانون.
3. إفتقار البرجوازية السودانية للقدرة على التنظير وتبرير نهبها وسيطرتها على الفائض الإقتصادي حتى ولو بآيدلوجية دينية كالتي تتبناها الإنقاذ حالياً، ممايحتم بناء دولة قاهرة لتكريس الإستغلال.
4. شراهة الرأسمال الطفيلي وعدم قدرته على المساومة مع المنتجين لأنه خارج العملية الإنتاجية وإفتقاره لأدوات المساومة التي يملكها الرأسمال الصناعي، ممايجبره على اللجوء للقمع المطلق، لإستحالة تبني سياسة الإحتواء.
5. عجز الرأسمال الطفيلي عن الوفاء بمتطلبات العملية الإنتاجية خصماً على الفوائض التي يراكمها، ممايحتم قمع التوتر الناتج عن إحتجاج المنتجين.
6. ضعف الرأسمالية الوطنية- التي لها مصلحة حقيقية في وجود دولة ديمقراطية- وعدم قدرتها على تمييز نفسها ناهيك عن التعبير عن مصالحها على مستوى برامجي وفكري، وذلك لوقوعها تحت سيطرة الرأسمالية الطفيلية وبيروقراطية الدولة.
ماتقدم لايترك أمام البرجوازية السودانية من سبيل سوى تبني نموذج الدولة الإستبدادية ومعاداة الدولة الديمقراطية التي تكرس سيادة حكم القانون لأنها تسمح بفضح ومعارضة دولة النهب والجريمة المنظمة، ولايقدح في ذلك مناداة بعض ممثليها بضرورة بناء دولة ديمقراطية، لأن سابقة حل الحزب الشيوعي توضح موقفهم الحقيقي عند إحساسهم بالخطر.
وبما أن البرجوازية السودانية بمختلف شرائحها فيما عدا الرأسمالية الوطنية الواهنة، ليس لديها مصلحة في وجود دولة ديمقراطية، فهي لن تبذل جهداً حقيقياً في بنائها أو الدفاع عنها والتجارب تؤكد ذلك، وهذا يحتم على القوى الوطنية والديمقراطية التي تمثل كافة شرائح المجتمع صاحبة المصلحة في التغيير التوحد وإنجاز تحالفاتها لبناء هذه الدولة.وبالطبع حقيقة أن دولة سيادة حكم القانون منتج برجوازي خاص، لاتمنع القوى الوطنية والديمقراطية من تبنيه لما يلي من أسباب:
1. ليس كل ماهو برجوازي خاطئ ومرزول، فالثورة الصناعية التي أحدثت الإنفجار المعرفي وكرست نمط إنتاج أرقى بذاتها برجوازية.
2. دولة سيادة حكم القانون (مظهر) ل(جوهر) طبقي برجوازي واكب البرجوازية في لحظة صعودها عندما كانت تمثل القوى الصاعدة وكل الطبقات الإجتماعية المضطهدة حينها، هذا المظهر أصبح متقدماً على جوهره في الولايات المتحدة مثلا بعد ظهور الإمبريالية ورأس المال الإحتكاري الذي ضاق بها ذرعاً وبدأ في إصدار القوانين الإستبدادية كالتي أعقبت أحداث 11 سبتمبر، وبالتالي تبني القوى الوطنية والديمقراطية لها يغنيها بجوهر طبقي مختلف.
3. تبني الدولة الديمقراطية ليس نهاية المطاف، فإغناء الديمقراطية السياسية ببعدها الإجتماعي يظل واجباً قائماً وأساساً لنضال مستمر.
والخلاصة هي أن العمل لبناء دولة سيادة حكم القانون هو المدخل الوحيد لإنجاز عملية إصلاح قانونية واسعة، سوف نتعرض لأهم ملامحها في المباحث اللاحقة.

أولاً: الدستور:-
الناظر للدستور بوصفه الاداة التي تكرس وجود دولة سيادة حكم القانون،وتميز مابين الدولـــة الشموليـة دينية كانت أم غـير دينيــة، لابد أن يتوصـل إلى أن هنـــاك سمــات أساســية يشـكل وجودها أو تخلفهـا المعيـار الحاسم في المعـايرة والتمــييز. وبالرغم مـن كونيــة هـذه المعايير، إلا أن هنـــالك بعـض الخصـوصيـة التي تحتم إدراج بعض النصوص الدستـوريـة بدسـتور دولــة ما، في حين يكـون هذا الإدراج لامسوغ لــه بدساتير الدول الأخرى. وبتطبيق هذه القاعدة على واقع السودان، نجد أن أي دستور مؤسس لدولة سيادة حكم القانون، لابد أن ينص على مايلي:

1) المساواة أمام القانون وحظر التمييز بين المواطنين إستنادا للدين أو العرق أو المعتقد السياسي أو أي أسبـاب أخرى واردة بالمواثيـق الدوليـة حتى يتاح تأسيس دولة المواطنـة، وإدراج مبدأ المحاكمـة العادلــة الذي يحظر تقديم الشخص لغير قاضيه الطبيعي، كما يحرم توقيع عقوبات قاسية ووحشية على المدانين. والملاحظ هو أن دساتير الدولة الشمولية في السودان بنوعيها، لم تشتمل على هذه القاعدة بشقيها المذكورين، حتى يتسنى لها سن القوانين التي تريد.

2) الحقوق والحريـات كمـا نصت عليهـا المواثيــق الدوليــة والإقليميـة بالإضافـة إلى حظر التعذيب والنص على عدم سقـوط جرائم التعـذيب بالتقـادم، تمهيداً لإنفاذ مبدأ دستوريــة القوانين الذي يسمح بإبطــال جميع القوانين التي تلغي أو تنتقص من الحقوق الواردة بنصوص الدستور. وبالطبع يجب أن ينص على الحقوق المذكورة دون ورود العبارة سيئة الذكر في نهايـة النصوص المثبتـة، والتي تجعل ممارســـة تلك الحـقوق محكومــةً بـ"حــدود القــانون". فالصـحيح هو إعطـاء المشـرع الحق في سـن قوانين تنظم ممارســة الحقوق، دون إلغــاء أوتقييد أو إنتقاص منها، وأن يرد المنع من هذه الأمـور في صلب الدستور ليكن سياجاً حامياً لتلك الحقوق وفقاً لمبدأ دستورية القوانين المنوه عنه.

3) مصادر التشريع والتي يجب ألا تقل عن ثلاثة متكافئـة لها نفس الوزن، من الممكن إثباتها على أنهـا الدين والعرف وكريم المعتقدات، بحيث يصبح للمشرع وفقاً لنظريـة تكافؤ المصادر أن يشرع إستناداً لأي منها دون إلتزام بالمصادر الأخرى، في حدود ضوابط مبدأ الدستوريـة. وأهميـة النص على هذه المصادر مع تعددها، تكمن في أن الدولة الدينيــة الشموليـة في السـودان، راهنت دائماً على إثبـات مصدر وحـيد للتشريع تضعـه في مستوى واحـد مع الدستور، بحيث يجـوز لمشـرعها التشريع وفقاً لذلك المصدر وبالمخالفة للدستور، ويهزم بذلك جوهر مبدأ دستورية القوانين. وأوضح مثال لذلك هو المادة (65) من دستور العام 1998.

4) مبدأ الدستوريـة والذي بموجبـه تبطل كل القوانين المخالفــة للدسـتور، وخلق الجسم المنـاط به السـهر على تطبيقه وإثبات ملامح المحكمــة الدستوريــة بالدستور نفسـه حتى لاتترك للسلطـة التشريعيـة والتنفيذيـة بالتبعية فرصة التحكم في تكوينها، وتدمير أي فرصة لإنفاذ المبدأ وإفراغه من محتواه.

5) إستقلال القضـاء الذي يحتاج لباب كامل يثبت متطلبات هيئة قضائيـة مستقلـة موحـدة، يناط بها وحدها دون غيرها مهمة القضاء، ويحظر تكوين محاكم موازيــة لها، مع النص صراحــة على المحاكم الأخرى المسمـوح بها كالمحـاكم العسكرية مع تحديد إختصاصها، وإبطال أي محاكم أخرى يتم تأسيسها بأي كيفية كانت. وذلك لأن النظم الشمولية، قد درجت على تكـوين المحـاكم الخاصــة والمحـاكم المخصصـة لخدمــة جهات تنفيذيـة بمستوى يفقدها إسـتقلالها. كـذلك درجت على إعطـاء سلطـات قضائيــة لجهات مدنيــة لاعلاقة لها بالقضاء من قريب أو بعيد، وخـير مثـال لذلك قانون الأموال المرهونة لدى البنوك، الذي مكن البنوك من إغلاق الرهن وبيع العقار المرهون، وجعلها الخصم والحكم.

6) حق التقاضي بشقيه الإيجـابي والسـلبي، الذي يمكن المواطن من أن يقاضي ويقاضى أمام قاضيه الطبيعي، والذي بدونه لايمكن للهيئة القضائيـة المستقلـة أن تمارس دورها بفاعلية. والشاهد على ذلك هو غياب هذا الحق بدستور العام 1973 الأمر الذي حدا بالمحكمـة الدستوريـة في قضيـة ملاك دكاكين السوق الشعبي الشهيرة، للقول بأن حق التقاضي حقأً قانونياً وليس دستورياً، وبالتـالي يصح للقـانون حرمـان المواطن منه. وهو نفس السبب الذي سمح بإخـراج قـانون إخلاء المباني الحكومية من دائرة التقاضي سابقاً.

7) وجوب تنفيذ الأحكام وإلزام السلطـة التنفيذيـة بتنفـيذها دون تعليـق أو تبـاطؤ. والمثــال الأبرز لعـدم تنفيـذ أحكـــام المحاكم، هو رفض السلطـة التنفيذيـة لتنفيذ حكـم المحكمـة العليا في قضية حل الحزب الشيوعي الشهيرة، حيث علقت على الحكم ووصفته بأنه تقريرياً وليس ملزماً.

8) الحق في التنظيـم والتجمـع دون قيـود من أي نوعٍ كانت، حتى يتـاح تكـوين الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني دون تدخل من السلطـة التنفيذية. وذلك لأن غياب هذا الحق أو تقييده بحدود القانون، قد سمح للسلطتين التنفيذية والتشريعية، بمصادرة هذا الحـق أو بتضييق نطاق ممارستـه في أفضل الظـروف. والأمثلـة لاتحصى وتكفي الإشـارة لقانون الاحزاب الجديد، الذي يلزم الأحزاب بالتسجيل ويضع له شـروطاً تلزم الأحزاب بإتخاذ مواقف سياسيـة ممالئـة للسلطـة كقبول إتفاقيـة نيفاشـا حتى تتمكن من التسجيل وإكتساب الشرعيـة، وكذلك قوانين النقابات العتيدة التى – بدون إستثناء- أعطت مسجل النقابات سلطات واسعة ولم تتكرم بأن تجعله قاضياً لضمان الحياد.

9) الحق في الإضراب، بحيث تتوفر الحمايـة الدستوريـة لهذا الحق قبل الحمايـة القانونية، بمستوى يمنع من التلاعب بهذا الحــق الضـروري في ظل وجود حركــة نقابيــة تظـل رغـم كل شئ أحد الروافع والآليــات المهمــة في المجتمع السوداني. وذلك لأن القوانين في الدولـة الشموليـة إنتهزت إقتصـار الحمايـة على الصيغة السلبية المتمثلة في الحصانة النقابية الواردة بقانون النقابات بدلاً من الحماية الإيجابية والصريحة، وتمكنت من تقييد هذا الحق بقيود كبيرة أهم مثال لها هو صيغة التحكيم الثلاثي الإجباري أو الإلزامي الواردة بقانون العلاقات الصناعية لسنة 1976 سيئ الذكر.

10) الحق في الإقـتراع والتصـويت والترشيح، بحـيث لاتسلب القوانيـن المواطـن أيـأً مـن هـذه الحـقوق. والشــاهد أن مشـروع قـانون الإنتخـابات الجـديد، يسـلب المواطـنين المقيمـين خـارج البــلاد حقــهم في التصـويت لإختيار أعضاء البرلمان، في حين يثبت لهم الحق في المشاركة في الإستفتاء على رئاسة الجمهورية.

11) مبدأ شرعيــة القوانين، بحيث لايصح التجريم والعقـاب إلا بنص مسبق، وذلك حتى لاتتكرر الكارثـة التي نجمت عن إستخدام المادة 458 من قانون العقوبات لسنة 1983 مقروءة مع قانون أصول الأحكام القضائية لإستدخال جريمة الردة وإعدام الأستاذ الشهيد / محمود محمد طه.

12) حظر قيام الأحزاب على أسس دينيـــة وإدعــاء تمثيل السمـــاء في العملية السياسية ترفيعاً للحظر الوارد بقانون العقوبات لسنة 1983 إلى مستوى دستوري، بحيث لاتتكرر التجربة القاسية التي تعرض لها شعبنا ممن يدعون الحق في تحـديد مستقبل البـلاد على أسس لاهوتيـة مموهــة لأهداف أرضيــة فضحتهـا السلطــة. وذلك لأن الحــزب الإلهي المزعوم لايمكن أن يكون لاعباً مثل غيره من الأحزاب في العمليــة، لأنه بحكم تكوينـه يصبح نافيـاً لغيره وحكماً على الجميع بإعتباره سماوي الرسالة والتأييد.

13) مجانيـــة التعليــم والعـــلاج، حتى لايكون بمقدور أي برلمان أو حكومــة إلغــاء تلك المجانيــة إستناداً إلى أغلبية ميكانيكيـــة مثلمـا فعلت حكومــة الوفـاق الوطني المكونــة من تحالف حزب الأمــة والجبهــة الإسلاميـة القوميــة إبان الديمقراطيــة الثالثــة، حين تم إلغاء مجانية التعليم عند إجازة الميزانية، قبل أن يأتي إنقلاب الإنقاذ ويجهز على الإثنين معـاً. والأمر بلاشك واضح، فالحمايـة الدستوريــة لهذه المجانية في دولة الأغلبية الساحقة من سكانها تحت خط الفقر، مسألة ليست للنقاش أو المساومة.

14) إستقــلال الجامعــات ومؤسسـات التعليم العـالي، وذلك لضمان حريــة البحث العلمي وحمايتـه من تدخل السلطـة التنفيذية،وتفادي الآثار المدمرة التي نتجت عن تبعية هذه الجهات للجهاز التنفيذي عبر وزارة التعليم العالي.
15) حرية الوصول للمعلومات مع إيراد إستثناءات واضحة وتوفير رقابة قضائية على رفض النشر إنطلاقاً من حقيقة أن المعرفة حق للجميع وإدراكاً لخطورة إحتكار المعلومات.
16) حريـــة الصحافــة والنشـر وتأسيس الصحف ودور النشر، حتى تتاح الفرصة لوجود سلطـة رابعـة قوية وفعالة، آخذين في الإعتبار قوانين الصحافة والمطبوعات الحالية وماتتعرض له الصحف في ظل الإنقاذ.

17) المبادئ العامــة للتوجــه الإقتصادي بما في ذلك الموقف من دعم السلع الأساسيـة، ومن عملية الخصخصــة التي يجب أن تقتصر على المشـاريع الخاسـرة ولا أمل في إصلاحهـا والتي لاتعتبر حيويـة لإقتصـاد الدولــة وإستراتيجيتها العامة.

لاشــك في أن ماورد أعــلاه لايشـكل كل مايجب أن يتضمنــه الدســتور بوصفـه ضابطـاً لإيقـاع دولـة سيـــادة حكــم القــانون ومعيارها الذي يحقق تكامل النظـام القانوني كأداة تطرح القانون كما يجب أن يكون في مواجهـة القانون كما هو كائن، وتحقق الإندمـاج بين نظريـة القانون الطبيعي والنظريـة الوضعيــة، ولكنــه يضع بعض المحـاور المهمــة التي يجب مراعـاتها حتى نحصل على دستور يراعي الحقوق والحريات ويكرس لمبدأ الدستوريــة.وبما أن وجود مثل هذا الدستور لايستقيم إلا بتكامل عنصر الدستوريــة مع عنصر المؤسسيــة الذي يكرس مبدأً آخراً هو مبدأ الفصل بين السلطات، يصبح من الضروري أن ينص الدستور على المؤسسات التالية:

أ) الهيئة القضائية، بحيث ينص على الأحكام اللازمة لتكوينها كهيئة مستقلة تعزز إستقلال القضاء وتمكن القاضي من ممارســة عملـه دون تدخل أو وصايــة من قبل الجهاز التنفيذي بوضع القواعد العامة التي تمثل سياجاً للقضاء بما في ذلك قواعد الإستقلال المالي والإداري والحصانة القضائية.

ب)الجهاز التنفيذي، وبالأخص مجلس الوزراء في دولــة يفضل أن تكون جمهوريـة برلمانيــة وليست رئاسية لأسباب أشبعت جدلاً على المستوى الســياسي، بحيث تتضح سلطـات وواجبــات الجهــاز التنفيذي بصورة لالبس فيها. وكذلك النص على مجلس الرئاســة أو الســيادة الذي يجب أن يعكس التنوع والغنى الذي تذخر به بلادنا في ترميز واعٍ ودال، دون أن تكون للمجلس مهام أو سلطات تنفيذية مباشرة.

ج)الهيئـة التشريعيـة، مع ترتيب سلطاتها بشكل عام وتحديد صلاحيلتها وحصاناتها ووضع القواعد العامة التي تضمن تمثيـــلاً فعليـاً للقطاعـات المختلفـة والقـوى الناشطــة سياســياً،بحيث تكـرس التنـوع والحيويــة التي تنعـم بها بلادنـا.
وبالقطع لايكتمل النظام المؤسسي إلا بوضع قواعد وأسس الرقابة المتبادلة بين المؤسسات المذكورة أعلاه.

د) القــوات المسلحــة والنظاميــة، وهذه يجب أن تحـدد وظيفتهــا وواجباتهـا وتبعيتهــا ودورهـا السياسي خارج إطار الإنقلابات العسكرية، لإخراج بلادنا من الدورة الجهنمية التي تعيش فيها.

هـ) ديوان المراجع العام، الذي يجب أن يزود بسلطــات وصلاحيات كاملــة تخوله المساهمـة بفاعلية في ضبط النشاط المالي ومكافحة الفساد بأجهزة الدولة، مع ضمان إستقلاله التام.

بإختصار نستطيع القول بأن ماورد أعــلاه، مجرد محاولــة لجعل الدستور أداة فاعلـــة في مجتمع يحتـاج بشدة لوثيقـة ضامنة لوحدته، مكرسة للمؤسسية والدستورية، تجعل من الإصلاح القانوني – بوصفه مسألة ملحة- أمراً ممكناً.

ثانياً: القوانين:-
لاشك في أنه لايمكن تغطية القوانين جميعها بصفة تفصيلية، مما يحتم تناول المبادئ العامة التي يجب توفرها دونما ابتسار مخل. وهو أمر من الممكن إيجازه فيما يلي:-
أ/ القوانين العقابية:-
أهم مايطالعنا في القوانين العقابية هو ضرورة الالتزام بمبدأ الشرعية الدستوري، بحيث لايتم تجريم أي شخص أو معاقبته إلا بنص قانوني سابق لوقوع الفعل المجرم. ولا يستقيم تطبيق هذا المبدأ برجوازي الأصل والذي لايصح أن ينسب بأية حال لفترة ماقبل الثورات البرجوازية، إلا بوجود نصوص تجريم محكمة الصياغة واضحة المعاني تحدد على سبيل الدقة والقطع نطاق التجريم، كما تفرد العقوبة لتضمن تناسبها مع الجريمة. كذلك يجب نشر القوانين على نطاق واسع وتثقيف الجماهير حولها حتى يكون إفتراض العلم بالقانون عادلاً في بلاد تنتشر فيها الأمية.ومن المهم إعتماد الاستثناء المتفق عليه المتمثل في تطبيق القانون الأصلح للمتهم في حال صدور قانون معدل لوصف الجريمة أو مخفف للعقوبة أو حتى لاغي للتجريم من أساسه.
كذلك لابد من الاهتمام بالركن الشرعي للتجريم، وإدخال جرائم تحرم تسييس الأديان وإستخدامها لأغراض دنيوية محضة، مع إدخال الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية في القانون من المواثيق والقوانين الدولية ذات الصلة لاستكمال النقص التشريعي الذي فضحته مأساة دارفور.
بالإضافة إلى ذلك لابد من إعادة النظر في العقوبات الواردة بالقوانين للتأكد من أنها تراعي جانبي الردع والإصلاح معاً، مع التخلص من العقوبات الوحشية والقاسية إنسجاماً مع المبادئ الدستورية التي تم إثباتها أعلاه.

ب/ القوانين المدنية:-

العمل علي وضع فلسفة موحدة للقوانين المدنية والتجارية، بحيث تتبنى مبدأ حماية حقوق الأفراد بالمطلق أو المحافظة على استقرار التعامل، وألا يتم الدمج بين الاثنين إلا بأسباب واضحة يتم إثباتها في المذكرة التفسيرية للقانون المعني. وفي تقديرنا أن تبني مبدأ إستقرار التعامل هو الأنسب لبلادنا لأنه لايتجاهل حقوق الأفراد ، في نفس الفوقت لايهدر إستقرار الأوضاع منوهين إلى أن هذا المبدأ كان سائداً قبل قانون المعاملات المدنية المتأسلم، حيث يتجلي ذلك في أحكام إبطال العقود للجنون وقاعدة الـ " Caveat Emptor" التي تطالب المشتري بأن يكون حذراً وقواعد أخرى.
كذلك يجب أن يتم بشكل عام إعتماد مبدأ حرية التعاقد مع سن القوانين التدخلية لرفع القدرة التفاوضية للطرف الأضعف لتحقيق التكافؤ المفترض في مبدأ حرية التعاقد بسن قواعد تعتبر من النظام العام كما هو الحال في قوانين العمل والإيجارات.
وفوق ذلك يجب ألا ينص على المصادر البديلة للقوانين عند غياب النص التشريعي، بحيث تترك الحرية للمحاكم لتطبيق مبادئ العدالة والإنصاف والوجدان السليم دون التقيد بمصادر بديلة تتحق إلزاميتها بأولوية ترتيبها في النص المخصص لتلك المصادر. وذلك لأن غياب مثل هذا النص، يكسب نظامنا القانوني مرونة ويسمح للمحاكم بملاحقة تطور القوانين في مختلف النظم القانونية على مستوى العالم وإستدخالها بنظامنا عبر نظام السوابق القضائية. وبالطبع إن هذه المرونة لايمكن القدح فيها بالقول أنها قد تؤدي لعدم إستقرار النظام القانوني كما كان يقال في السابق، بإعتبار أن التشريع قد تم إعتماده كمصدر أصلي للقانون المدني وأن مساحة المرونة تكمن في إجتهاد المحاكم في حالة غياب النص التشريعي فقط.


ج/ قانون الإثبات والقوانين الإجرائية:-
لابد من تعديل قانون الإثبات الجنائي للعودة لتبني نظرية حرية الإثبات التي سادت جميع النظم القانونية في العالم بعد الثورة الفرنسية، بالمواكبة مع تعديل القوانين العقابية وإزالة الجرائم التي أدت إلي ضرورة تبني نظرية الإثبات المقيد وإن جزئياً كما هو وارد بجرائم الحدود. كذلك يجب أن يتم تعديل هذا القانون لإزالة النصوص التي تفرق بين المواطنين على أساس الجنس والدين لمخالفتها لمبدأ المساواة أمام القانون الدستوري. ولامناص من تفادي المصطلحات والقيود المبهمة مثل مصطلح "الشريعة الإسلامية" الذي فشلت المحاكم في إعطائه تعريفاً واحداً حيث تبنت تعريفاٍ موسعاً له أحياناً وتفسيراً ضيقاً في أحيان أخرى، مما أدي لأضطراب كبير في النظام القانوني. وأوضح الأمثلة لذلك، هو تقييد البينة المتحصل عليها بطريق غير مشروعة بعدم مخالفة الشريعة الإسلامية، وكذلك طلبات فحص الإجراءات الجنائية، ومراجعة أحكام المحكمة العليا المدنية التي حظر القانون مراجعتها إلا في حال مخالفتها للشريعة الإسلامية، وبتفسير المحكمة العليا للمصطلح تفسيراً واسعاً أصبح الحظر بلا معنى.
ومن المهم مراجعة سلطات النائب العام في وقف الإجراءات الجنائية، بحيث يتم إلزام النائب العام بتسبيب قراره، وإخضاع مثل هذا التسبيب للرقابة القضائية، إذ لايجوز إطلاق يد الجهاز التنفيذي في تعطيل عمل المحاكم لأسباب غير معلومة، والركون لرقابة الرأي العام وكأننا في إحدى الديمقراطيات العريقة. ولابد أن تدور الإستثناءات الواردة على هذه السلطة بخصوص الجرائم الدينية المصدر، وجوداً وعدماً مع الجرائم المذكورة.أيضاً لابد من مراجعة سلطة رأس الدولة في منح العفو بعد الإدانة مع إزالة القيود ذات الطابع الديني وتنظيم إستخدام هذه السلطة وفقاً لماهو متعارف عليه في النظم الحديثة.
كذلك يجب تكريس مبدأ التقاضي على درجتين، وإعطاء محاكم الدرجة الثانية سلطة أصلية في نظر الدعاوى وقبول البينة، حتى تتاح الفرصة كاملة لعرض القضايا والفصل فيها بصورة عادلة، دون تسرع ضار أو إبطاء منكر للعدالة.ولايفوتنا التنويه إلى ضرورة تمكين المحاكم من القضاء بالفوائد بالمواكبة مع تعديل القوانين الموضوعية لتسمح بذلك عملاً بالإجتهادات الحديثة لمجمع البحوث الإسلامية وشيخ الأزهر.

د/ قوانين الثروات الطبيعية والطاقة:-

ممالا شك فيه أن الثروات الطبيعية هي ملك للشعب السوداني قاطبة، وذلك يحتم وضعها تحت ملكية الدولة مهما كانت طبيعتها سواء أكانت غابية أو نفطية أو حيوانية. كذلك يجب أن تسن القوانين الملائمة لاستثمارها وتوزيع عائدات الاستثمار على الشعب، بحيث تكون مصدراً مستداماً عاماً غير مخصص لأفراد أو جماعات، وغير محتكر لفئة غير أخرى. وهذا يستلزم سيطرة دولة سيادة حكم القانون على هذه المصادر والثروات، والقيام بواجبها في إنشاء البني التحتية وتحديد السبل الأنجع للإستثمار إستناداً لنصوص قانونية واضحة تحظر تمليك هذه الثروات ومصادر الطاقة لأي جهة أجنبية، مع توضيح سبل إستثمار رأس المال الأجنبي فيها وحظر إعطاء الإمتيازات، وقصر هذا الإستثمار في المشاركة المقيدة بزمن وفي عقود المقاولة وربما الملكية المؤقتة على أساس البوت في مشاريع تحدد على سبيل القطع وتخضع للمراجعة الدورية الصارمة، يشدد فيها على عنصري التدريب ونقل التكنولوجيا ونسبة مقدرة من الإستيعاب للعمالة المحلية، مع نصوص واضحة لإنفاذ مبدأ الشفافية في مثل هكذا معاملات.

هـ/ قوانين الخصخصة والإستثمار:-

لمواجهة موجة الخصخصة التي إنتشرت على مستوى عالمي بالمواكبة مع أيدلوجيا الليبرالية الجديدة فيما عرف بالعولمة، وضبط التعامل مع مؤسسات العام وملكية الشعب بعيداً عن سيادة الفساد الذي ساد جميع عمليات الخصخصة ببلادنا، لابد من سن قانون موحد لخصخصة المؤسسات. فمن حيث الموضوع، يجب أن يحدد القانون المؤسسات القابلة للخصخصة وأن يستبعد منها خصخصة المؤسسات والمشاريع الإنتاجية المرتبطة بالمنتجات الإستراتيجية، والخدمات التي لاغني للمواطن عنها مثل المؤسسات العلاجية. فالمشاريع القابلة للخصخصة هي تلك التي يثبت أنها خاسرة وغير قابلة للإصلاح ولا تقع ضمن الاستثناءات المذكورة آنفاً. وعلى القانون أن يبين آلية التوصل لخلاصة تبرر خصخصة المؤسسة وآليات مراجعة القرار والتثبت منه إدارياً ومن ثم سبل الطعن القضائي فيه. أيضاً يجب أن يحدد القانون سبل تقييم المؤسسة المعنية مع الاستعانة ببيوت الخبرة المحلية والعالمية، ومن ثم طرحها في مزاد عام وفقاً للقواعد المتعارف عليها دولياً لضمان عدم التلاعب من ناحية إجرائية. كذلك لامناص من أن ينص القانون على التدابير اللازمة لحماية العاملين بالمؤسسة المعنية، مع الاحتفاظ للدولة بحق استرداد المؤسسة في حالات بعينها وتحديد الآليات المناسبة لذلك.
وفيما يخص قانون الاستثمار، لامناص من جعل القانون مشجعاً للإستثمار المحلي والأجنبي، بشرط أن تحدد قطاعات الإنتاج التي تحتاج البلاد لها على سبيل القطع بالقانون مع إيجاد آلية تشريعية تسهل تعديلها لتواكب الخطط الإقتصادية المجازة من قبل الأجهزة التنفيذية والتشريعية المختصة. ومن المهم وضع آلية شفافة خاضعة للرقابة الإدارية والقضائية تحدد كيفية منح الإمتيازات وإلغاء المنح مع سن العقوبات الملائمة لضمان الجدية وإيقاف التلاعب بالتسهيلات الممنوحة وتحويلها لوسيلة إثراء للطفيليين. كذلك لابد من وضع آلية لمتابعة تنفيذ المشاريع الإستثمارية ومدى جدية من منحوا تسهيلاتها في تنفيذها ومدى إسهامها في الاقتصاد القومي ومراجعة أسباب المنح وفقاً لذلك.
وبالطبع يتحتم السماح للمستثمر الأجنبي بتحويل العائد من إستثماره للخارج بعد دفع مستحقات الدولة. ولا يفوتنا أن نؤكد على أن المستثمر الأجنبي عند منحه الإمتيازات لابد من أن يشترط عليه نقل التكنولوجيا الحديثة وتدريب العاملين المحليين على إستخدامها مع تحديد نسبة هؤلاء المحليين وحماية حقوقهم مسبقاً. وبلاشك يتوجب تحـديد المجالات التي تحتاج البلاد فيها لاستثمارات أجنبية مسبقاً، وأن يتم الأخذ في الاعتبار عقود المشاركة والبوت ونقل التكنولوجيا ، مثلما هو مهم تشجيع الاستثمار التعاوني وسن القوانين المناسبة للحركة التعاونية.

و/ قانون الإصلاح الزراعي:-
الزراعة هي المصدر الأساس لأي نهضة إقتصادية في السودان الذي لامناص من إنجاز ثورة زراعية صناعية لإخراجه من الوهدة التي يعيش فيها. وبما أن عملية الري هي المدخل للقيام بعملية إصلاح زراعي ببلادنا، لابد من سن قانون يحدد مسئولية الدولة في رعاية مصادر المياه وتنظيمها وتوزيع المياه على المزارع المنتج حسب الحاجة ودون إثقال كاهله بجبايات تقتل العملية الإنتاجية وتدمر المنتج. كذلك لابد من مراجعة أسس الملكية وعلاقات الإنتاج، لتراعي حقوق المنتج وتعيد توزيع المنتج بصفة عادلة وتخرج رأس المال الطفيلي من العملية الإنتاجية مرة وإلى الأبد.
وهذا بالطبع يستلزم إلزام الدولة بمعالجة الملكية والتوزيع في المحاصيل النقدية، وتشجيع ملكية الدولة والملكية التعاونية مع تنشيط الزراعة بالقطاع الخاص وفقاً للخطط مرنة. أيضاً يجب معالجة صيغ التمويل وإلغاء الصيغ الشبيهة لنظام الشيل (السلم) التي أرهقت المزارع المنتج وأرهقته، وإستخدام صيغ تمويل عادلة تقوم فيها الدولة بدور فاعل في العملية الإنتاجية وتحمي مدخلاتها، وتكرس حماية المزارع المنتج بصيغ متعددة مثل الحساب المشترك في مشروع الجزيرة سابقاً أو عبر صيغة مشاركة تجعل من الدولة شريكاً في الربح والخسارة مع عدم إلغاء دور الحوافز للتفاوت في طبيعة الإنتاج عند تماثل الظروف كافة. ولاشك في أن المدخل لأية عملية إصلاح زراعي في الوقت الراهن، هو إصدار قانون بإسقاط مديونيات المزارعين المنتجين لبنوك رأس المال الطفيلي وإخراج البنوك التجارية من تمويل العملية وحصرها في البنك الزراعي المتخصص بعد إصلاحه وتأهيله وإعادة النظر في صيغ التمويل.

ز/ قوانين العمل:-
تحتل قوانين العمل مركزاً مهماً ضمن منظومة القوانين باعتبارها محددة لعلاقات إنتاجية. والمتعارف عليه عالمياً، أن تلك القوانين لابد من أن تنظم المراحل الثلاث لعلاقة العمل لتحمي العاملين وفقاً لطبيعتها التدخلية. فالمطلوب هو وضع قواعد تنظم مرحلة ماقبل التعاقد لحماية مبدأ المنافسة الحرة ، وقواعد أخرى تنظم مرحلة التعاقد والحد الأدنى لحقوق العاملين مع تحديد آليات التأديب وقواعد إنهاء وانتهاء التعاقد، وثالثة تنظم مرحلة مابعد العقد من مكافآت وعدم منافسة ومحافظة على السرية. والقيام بذلك يمنع المحاباة وسوء استخدام السلطة والمحسوبية عند التعيين، والتي انتشرت في الإنقاذ بصورة غير مسبوقة ومدمرة، كما أنه يحمي العاملين ويوقف الفصل للصالح العام بالقطاع العام والفصل مع دفع تعويض جزئي بالقطاع الخاص في حال الالتزام بقواعد منظمة العمل الدولية، ويؤسس لاستفادة العامل من فترة عمله مستقبلاً مع عدم الإضرار بأصحاب العمل.
ولابد أن تكرس القوانين مبدأ الحرية النقابية وحماية حق تنظيم النقابات والتجمع في اتحادات نقابية، وجعل التسجيل إجراءً كاشفاً وليس تأسيسياً مع تقليص سلطات المسجل وإخضاعها بعد جعلها سلطاتٍ قضائيةٍ يمارسها قاضٍ مختص، للرقابة القضائية.وهذا يحتم منع حل النقابات أو إيقاف نشاطها دون الحصول على حكم قضائي بذلك.
كذلك يجب النص صراحةً على حق الإضراب دون وضع قيود عليه، وحماية العاملين بتوسيع مظلة الحصانة النقابية، مع اعتماد مبدأ التفاوض الجماعي لإبرام العقود. وفوق ذلك، لابد من النص على قواعد شاملة ودقيقة وعادلة بشأن التأمين الاجتماعي.

ح/ قوانين التعليم:-

أول مايتوجب النص عليه بقوانين التعليم هو مجانية التعليم وحظر فرض الرسوم بأي شكل كان وتحت أية مبررات، مع التشديد على أن مصادر تمويل العملية التعليمية هم اجتماعي يقوم به المجتمع ككل ولا شأن لفرد معين به لأن التعليم مخصص لخدمة المجتمع لا ذلك الفرد. ولسنا في حاجة للقول بأن فرض الرسوم مهما كان حجمها في بلاد أكثر من 90% من سكانها تحت خط الفقر، لايعني سوى نتيجة واحدة هي زيادة الأمية المستشرية بالأصل. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تنص القوانين على ديمقراطية التعليم بحيث تشمل ديمقراطية القوانين واللوائح والمؤسسات، وقبل ذلك كله ديمقراطية المناهج وانفتاحها على الفكر الإنساني بكافة مدارسه. ومن المهم أن يشتمل المنهج على مقوماته الثلاثة من معرفة وتدريب وسلوك وأن يتم الإلزام بذلك بنص القانون بحيث تصبح الأجهزة المختصة بوضع المناهج في مواجهة التزام قانوني.
كذلك لابد أن تنص القوانين على استقلالية مؤسسات التعليم العالي من جميع النواحي المالية والإدارية والأكاديمية، مع حرية البحث العلمي وتخصيص نسبة ثابتة- تشكل الحد الأدنى- من ميزانية الدولة لدعم البحث العلمي.ولامناص من إلزام الجهاز التنفيذي بوضع خطط تربط عملية التعليم باحتياجات التنمية، وتؤسس للاستفادة من مخرجات التعليم وتلغي أو على الأقل تحد من ظاهرة البطالة والهدر المستمر للموارد البشرية.
ولا يفوتنا أن نذكر بضرورة النص على مواكبة التطور العلمي مما يحتم العودة للدراسة باللغة الإنجليزية لتخلف قطاع الترجمة واستحالة المواكبة عند التدريس باللغة العربية.




ط/ قوانين مكافحة الفساد:-

من الأمور التي تدعو للأسى، أن السودان قد إحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية بإستثناء العراق من حيث الفساد وفقاً لتقرير سابق لمنظمة الشفافية العالمية. ولاعلاج لهذه الحالة بسن القوانين فقط، ولكن يبقى وجود القانون مؤشراً يدل على وجود جدية في محاربة الظاهرة. لذلك لابد من سن قانون يرصد حالات الفساد ويقنن أركانها وعناصرها بشكل تفصيلي، بحيث لايغفل الرشوة بأحوالها الظاهرة والمستترة، ويتضمن الأرباح السرية والنشاطات الموازية التي تنشأ من العمل المعني، والمحسوبية بتفاصيلها، كما يجب أن يشمل التصدي للمسئولية دون دراية أو تأهيل باعتبارها مدخلاً لفساد لاسبيل إلى درئه أو تفاديه. كذلك لابد من تجريم الفساد الذي من الممكن أن يرتكبه السوداني خارج البلاد حصرياً وعدم الإكتفاء بنص الاختصاص العام الذي عادةً مايرد في نصوص قانون الإجراءات الجنائية. ويجب بالمواكبة لذلك توسيع سلطات المراجع العام لتشمل جميع الجرائم التي يجب إستداخلها وفقاً لتوسيع مفهوم الفساد، مع عدم إستثناء القطاع الخاص من تلك الجرائم وخلق جهة تتبع لوزارة العدل لرصد ومتابعة جرائم فساد القطاع الخاص، تخضع بحكم تأسيسها للرقابة القضائية. ولا يفوتنا أن ننوه إلى أن الغرض من القوانين، هو احتواء الفساد حتى تعالج أسبابه من الجذور ويصبح القضاء عليه أمراً ممكناً. وهذا أمر يتطلب معالجة شاملة للأزمة الاقتصادية وإنهاء ظاهرة الإفقار المنظم، وإيجاد أساس اقتصادي لقيم مكافحة الفساد.


ي/ قوانين الثراء المشبوه وغسيل الأموال:-

يجب أن تكون الفكرة الأساسية خلف تجريم الثراء المشبوه هي منع تكوين الثروات بطريقة غير مشروعة وضارة بالاقتصاد الوطني لأنها تتم بالأساس خارج الوسائل المشروعة للحصول على الأموال. وفي هذا يتلاقى الثراء المشبوه مع غسيل الأموال إذ أن كلاهما ينتج عنه الحصول على أموال بصورة غير مشروعة. ولكن في حالة الثراء المشبوه، يكفي فقط إثبات وجود الثروة وأنه ليس لصاحبها مصادر واضحة لتحصيلها لينتقل إليه عبء إثبات مشروعية مصادرها. أما غسيل الأموال فهو أكثر تعقيداً باعتبار أن المال المشبوه يدخل في نشاطات مشروعة يراد منها تغطية المصدر غير المشروع بحيث يستعصى معه متابعة مصادر الأموال وإثبات عدم مشروعيتها. ولذلك تضطر السلطات المختصة لمتابعة الأموال النظيفة شكلاً وردها إلى مرحلة تجعل عبء الإثبات ينتقل لمالك المال لإثبات المشروعية ، أي تلتزم السلطة برد المال لمرحلة كونه مال مشبوه يتوجب على صاحبه نفي الشبهة عنه. ورغم هذا التداخل فمن المهم سن قانونين منفصلين لوضع نطاق تجريم محدد وواضح وعقوبات مناسبة لكل جريمة من الجرائم مع تحديد قواعد الإثبات بشكل تفصيلي بحيث تتضح وظيفة وواجبات الاتهام وكذلك الأعباء الملقاة على عاتق المتهم ، حتى لايتم إرهاق السلطة بعبء إثبات يقود لإفلات المجرم، أو يسمح لها بأخذ الناس بالشبهات بدون دليل. ولا يفوتنا أن ننوه إلى عدم إصباغ أياً من هذين القانونين بصبغة دينية واستخدام المعايير الدولية المعترف الدارج استخدامها في هذه الأحوال حتى تخدم هذه القوانين الأغراض التي سنت من أجلها، ولا تصبح وسيلة لتجريم الفائدة المصرفية مثلاً التي يرى شيخ الأزهر ومجمع البحوث و كثير من دول الخليج مشروعيتها.

ك/ قانون الحقوق الأساسية:-

لابد من سن قانون للحقوق الأساسية يصنف كقانون أساسي تبطل كل النصوص التي تخالفه، ينظم ممارسة الحقوق الدستورية ويضع الآليات لممارستها دونما انتقاص أو تقييد أو إفراغ لها من مضمونها. وأهمية مثل هذا القانون تكمن في نقل الحقوق الأساسية من إطارها الدستوري على مستوى قانوني قابل للتطبيق بواسطة المحاكم بكافة درجاتها بدلاً من انتظار المحكمة الدستورية لتعلن عدم دستورية قانون ما. أي أن يتم الانتقال لمستوى الإنفاذ الإيجابي والنشط للحقوق الأساسية بدلاً من الركون لإنفاذها عبر التطبيق السلبي وفقاً لقاعدة الدستورية. فوجود قانون يسمح بالمطالبة المباشرة لإنفاذ الحقوق وبتقديم الدفوع القانونية إستناداً عليه أمام المحاكم بكافة درجاتها دون انتظار لقرار بعدم الدستورية وفقاً لإجراءات الطعن بعدم الدستورية.
كذلك يوفر سن قانون ، فرصة تنظيم هذه الحقوق وإزالة أي تناقض شكلي قد ينجم عن غياب التنظيم، ويوفر أيضا فرصة لمعالجة اقتصاديات الحقوق الأساسية وكيفية تمويل ممارستها حتى لاتصبح حبراً على ورق أو حقوقاً للأغنياء فقط. وبلاشك يتيح مثل هذا القانون فرصة للتصدي لجميع القوانين المقيدة للحريات والمنتهكة للحقوق بصورة حيوية تشارك فيها كافة المحاكم بحيث يسهل إبطال جميع النصوص المخالفة، واختصار الكثير من التعقيدات التي تستهلك الوقت وتضعف الحماية في حال الركون لمبدأ عدم الدستورية وحده.

ثالثاً: الأجهزة العدلية :-

أ/ الهيئة القضائية:-
أهم مايجب بناء الهيئة عليه هو مبدأ إستقلال القضاء. ولايمكن تكريس هذا المبدأ إلا بضمان الإستقلال الإداري عبر تشكيل مؤسسة كمجلس القضاء العالي يكفل إستقلالها التام بإدارة شئون القضاء دون تدخل من الأجهزة الأخرى. كذلك لابد من ضمان الإستقلال المالي بحيث لاتقع الهيئة القضائية تحت النفوذ المالي للجهاز التنفيذي. يضاف إلى ذلك ضرورة وضع قواعد صارمة ودقيقة للتعيين والترقية والفصل، حتى يتم تعيين الأكثر كفاءةً وترقية المستحقين للترقية، مع ضمان عدم فصل القضاة إلا لأسباب منصوص عليها على سبيل الحصر، تتطابق مع المعايير المتبعة دولياً. أيضاً لابد من سن قواعد تفصيلية تكرس مبدأ الحصانة القضائية المطلقة، مع السماح للمتضرر من أعمال القضاء بمقاضاة الدولة وليس القاضي الفرد. كل ماتقدم لايستقيم دون منع إنشاء القضاء الموازي أو تأسيس محاكم بديلة
لمحاكم الهيئة من أي سلطة كانت، مع إستثناء المحاكم التي يسمح بها الدستور كالمحاكم العسكرية الخاصـة بالجهات العسكرية فقط، مع مراقبة تأسيس المحاكم المتخصصـة حتى لاتقع أسيرة للجهاز التنفيذي عبر الهبات والمخصصات من مباني وعربات وماإلى ذلك.
بالإضافة إلى ذلك لابد من الاهتمام بشكل خاص بتشكيل المحكمة الدستورية واختصاصاتها بحيث يتم ضمان حيدتها وكفاءتها وعـدم تحولها إلى مرحلـة تقاضي أخرى تفحص عمل القضاء العادي، حتى تتفرغ لمهمتها الأصلية. ومن المحبذ أن تبقى المحكمة المذكورة كدائرة ضمن المحكمة العليا كما كانت في السابق.


ب/ وزارة العدل:-
لابد من إعادة تأهيل أقسام وإدارات الوزارة عبر إستعادة الضوابط الإستيعابية ومراجعة ماتم من تعيينات سياسيـة. كـذلك يجب أن يتم حصـر النشـاط التشـريعي وإعداد مشاريع القوانين بإدارة التشريع فقط وإستبعاد القصر الجمهوري من مثل هكذا النشاط والنص على ذلك صراحةً. أيضاً يجب إعادة النظر في هيكلـة الأقسام والإدارات لتتواكب مع إحتياجات الدولـة، وتفعيل نشاط قسم العقود والإتفاقيات الدولية مع إعادة تنظيم المسجل التجاري لضبط فوضى تأسيس الشركات الوهمية وتكثيف الرقابة عبر تعديل قانون الشركات واللوائح الداخلية، وإعادة النظر في قسم العلامات التجارية لتطوير دوره بمايقابل الإندفاعة التي تمت في ظل العولمة. كذلك لابد من إعادة النظـر في دور النيابات وآلية ممارسة نشاطاتها وتوزيعهـا الجغرافي، مع تطـوير قسم الفتوى وتفعيل دوره. يضاف إلى ذلك ضرورة إعادة النظر في مناهج وفرص التأهيل والتدريب البالية وغير المواكبة لماحدث ويحدث من تطورات.

ج/ المحاماة :-
عانت مهنـة المحاماة كثيراً تحت النظام الشمولي الراهن، حيث تم الإعتداء مراراً وتكراراً عليها عبر تعديلات لقانون المحاماة. لذلك لامناص من سن قانون يكرس إستقلال مهنـة المحاماة وحصانة المحامي ومكتبه ضد إعتداءات السلطة التنفيذية، ويكفل حرية التجمع في ظل نقابة نوعية تهدف إلى حماية الحقوق والحريات وتطوير المهنة والقوانين. ومن المهم أن يتم الإنتباه لشروط منح تراخيص مزاولة المهنة ومتابعة فترة التدريب بحيث يتم التأكد من صلاحية الشخص المعني للممارسة، وقبل ذلك إنفاذ فكرة المعهد التأهيلي كمرحلة إجبارية تسبق إمتحان تنظيم المهنـة، الذي يجـب مراجعـة مواده وتغليب الطابع العملي فيها.وبالإضافة إلى ذلك، لابد من إعادة النظـر في عمل المحامين كموثقي عقود، وتقييم هذه المسألة لإصدار قرار بشأن إستمراريتها من عدمه.

د/ الشرطة والسجون:-
لايستقيم النشاط العدلي في جانبه الجنائي دون وجود جهازي شرطة وسجون فاعلين. والمطلوب هو مراجعة شاملة لقوانين الشرطـة والسجون وإعادة النظر في الإستيعاب والتدريب مع تفصيل أفضل للسلطـات وتحديد لدور هذه الاجهزه مع توضيح آليات المحاسبـة وتبيين سـبل التعاون بينها وبين الأجهزه العدلية الأخرى ومنع التعدي على إختصاصاتها من قبل الأجهزه الأمنيـة وخصوصاً جهاز أمن الدولـة. وفيما يخص أجهزة السجون لابد من إلزامها بالتعاطي الإنساني مع النزلاء والنص صراحةً وبتفصيل على حقوق الأخيرين بالإضافة إلى تحديد مواصفات السجون بالمطابقة للمعايير الدولية والإنسانية بنص دقيق ومفصل.
رابعاً/ التعليم القانوني:-
شهد التعليم القانوني تدهوراً مريعاً في بلادنا. فبالمواكبة مع التوسع الأفقي في هذا النوع من التعليم، إنخفض مستوى مخرجاته بشكل مريع. والأسباب تكمن في خلط التعليم القانوني بالتعليم الفقهي لمؤسسات دينيـة آيدلوجيـة، مع تغييب متعمد للدراسة المقارنة، وتعريب سياسي غير ممنهج للدراسة لتكريس غياب المقارنة وعزل المنهج عن التطور العلمي الذي لاسبيل لإدراكه إلا بلغـة أجنبيـة. حدوث ماتقدم لمنهج يعاني معرفياً بالأساس ويغيب عنه الجانب السلوكي والتدريبي، جعل الوضع كارثياً. ولاسبيل للإصلاح إلا بتبني منهج دراسة مقارنـة يسمح بمقارنة الشريعة الإسلامية بغيرها من القوانين ، وقراءتها وفقاً لرؤى غير مقدسـة وبشكل أكاديمي طالما أنها أصبحت قوانين وكفت عن أن تكون نصوصاً مقدسـة. وحتى يتسنى ذلك، لابد من العودة للتدريس باللغـة الإنجليزية لقراءة آراء فقهاء القانون بالنظم الأخرى في قوانيننا. بالإضافـة إلى ذلك، لابد من وضع مناهج متكاملة للتدريب أثناء الدراسة، مع إضافة البعد السلوكي عبر إدخال مواد كمدخل للعلوم السياسية والإقتصاد السياسي وعلم النفس والتاريخ الحديث بتطبيق عام على الواقع السوداني،حتى يتصل الطالب بمجتمعـه ويتمكن من تحليلـه والتعاطي معه.
يبقى أن نؤكد بأن خريجي المؤسسات الدينية بالحتم لن يتسنى لهم الحصول على مثل هذا المنهج لأسباب آيدلوجية، مما يحتم إستبعادهم من المهن القانونيـة إستبعاد تام، أو قبولهم كقضاة شرعيين فقط ومحاميين متخصصين في الأمور الشرعيـة كما كان في السابق، مع تعديل القوانين المعنية لتسمح بذلك. ولايفوتنا التنويـه لضرورة معالجة مشاكل البحث القانوني بأبعادها المنهجيـة والماليـةوالإجرائية التي مازالت تقوض الجهود الجادة في تطوير مخزوننا العلمي.

خاتمة:-

من الواضح أن ماورد أعلاه لايعدو حالة كونه إيجازاً نرجوا ألا يكون مخلاً لمسألة معقدة لاتحتمل التبسيط هي عملية الإصلاح القانوني في بلادنا. جوهر هذه العملية هو القواعد الحاكمـة لدولة سيادة حكم القانون، بتطبيق مباشر لها على واقع السودان لسد الثغرات ومعالجة المشكلات عبر الأداة الفاعلـة المتمثلـة في دستور ديمقراطي يراعي التعدد والتنوع والغنى الذي تنعم به بلادنا، تعضده في ذلك قوانين محكومة بمبدأ الدستوريـة ومواكبـة للتطور العالمي مع مراعاة لواقع تطور البنية القانونيـة السودانية والإستفادة من تجربة وممارسة عمرها أكثر من قرن من الزمان، وتعززه أجهزة عدلية قوية ومستقلة، محمية في إطار القيام بدورها.

Post: #2
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: أحمد عثمان عمر
Date: 07-06-2008, 06:43 AM
Parent: #1

*

Post: #3
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: wadalzain
Date: 07-06-2008, 09:26 AM
Parent: #2

شكرا يا دكتور احمد

أعتقد ان هذا الموضوع من اهم المواضيع التى طرحت واتمنى ان يجد حظه من النقاش الجاد والرصين لأن التفاكر حول الاصلاح القانونى هو تفاكر وبحث نحو النزوع الفطرى والابدى نحو العداله والعداله هى اس الحكم واذا لم توجد قواعد واسس متينه للعداله لن ينبنى الحكم على اسس متينه بل على اسس وقواعد هشه سرعان ما تنهار ولكن من المهم ايضا رسوخ قاعدة قيمة العداله والحقوق فالملاحظ ان هذه القيمه ضعيفه ولا يؤبه لها فكم من النصوص ضرب بها عرض الحائط حتى من الموقعين عليها واقرب مثال على ذلك هو ما قاله عمر البشير قبل فتره قليله ان من يعتقد ان جهاز الامن سوف يتحول الى جمع المعلومات فقط فهو واهم مع ان الدستور ينص بوضوح ان مهمة جهاز الامن جمع المعلومات فقط ومع انه قال ذلك على الملأ الا انه لم يتعرض للمساءله كأنه لم يأت امرا غريبا ومدهشا مع انه لو قيل هذا الكلام من رئيس فى بلاد تحترم دستورها وشعبها لتعرض للمساءله التشريعيه والقانونيه .

وبحق ما طرحه دكتور احمد عثمان عاليه هو دراسه قيمه وجهد ممتاز لاسس دولة القانون ، فدولة القانون لا يتصور وجودها الا بتوافر عدد من المقومات

1 - وجود دستور يحدد نظام الحكم وشكل الدوله وشكل الحكومات والسلطات العامه فيها واختصاصاتها والعلاقلات فيما بينها وبينها وبين الافراد وحقوق الافراد وحرياتهم ، وهو ما فصله دكتور احمد فى بحثه المتقدم
2 - تدرج القواعد القانونيه حيث يظهر ذلك فى سمو بعض القواعد القانونيه على بعض وتبعية بعضها لبعضها وتدرجها فى نسق من القوة والقيمه القانونيه
3 - خضوع الادارة للقانون ، مبدأ الشرعيه
4 - الاعتراف بالحقوق والحريات العامه وحمايتها من تعسف السلطه ، كما ذكر دكتور احمد باستبعاد ذلك النص العجيب وهو ( فى حدود القانون )
كما ان ضمانات دولة القانون تتمثل فى
1 - مبدأ الفصل بين السلطات
2 - خضوع الدوله للرقابه القضائيه ، كل قرارات الدوله معرضه للالغاء والتعويض من قبل القضاء اذا كان هناك مقتض
3 - رقابة دستورية القوانين
4 - تطبيق النظام الديمقراطى ، تنظيم الحكم بطريقه ديمقراطيه وهو من حق المحكومين فى اختيار الحاكم ومشاركته السلطه ومراقبته وعزله وحق الافراد فى الترشيح والانتخاب
5 - حق التنفيذ الجبرى حتى على الاداره نفسها اى السلطه التنفيذيه

وبالطبع كما ذكر دكتور احمد فى موضوعه القيم والشامل لا يتم كل ذلك الا بوجود قضاء مستقل ومحاكم مستقله فيجب على كل شخص ان يقاضى ويتقاضى امام قاضيه الطبيعى ولكل شخص الحق فى المخاصمه امام القضاء والحق فى قضاء عادل والحق فى تنفيذ القرارات الصادره عن القضاء وان تكون الاجراات عادله مع علنية الجلسات والحق فى منح مدة معقوله فى نطاق الاجراءات .

مسألة العداله والمساواه هذه تقودنى الى موضوع أرق كل المتعاملين مع العداله والمساواه وهو مسألة الحصانات التى تمنح عمال على بطال كما يقول اخوتنا المصريين فعندما جاءت الانقاذ منحت حصانات عده ضد المساءله الجنائيه والمدنيه لافرادها واعضاءها فابتداءا من عضو اللجنه الشعبيه مرورا برجل الشرطه وفرد الامن والمحافظين والوزراء والدستوريين ورجال البرلمان وامتدت هذه المظله والحمايه ومنحت الى جعفر نميرى عند عودته بقانون خاص وبذلك تكون الحكومه قد منحت هؤلاء حق مطلق ان يفعلوا ما يشاءون دون مساءله ويحضرنى هنا مثال صارخ وهو ان الشهيد عبدالمنعم رحمه توفى من اثر التعذيب الوحشى الذى مورس عليه فى زنازين الامن بالحيصاحيصا فى عام 1994 ونتيجة للضغوط العامه وضغوط اهله كونت لجنة تحقيق برئاسة وكيل النيابه آنذاك ويدعى نمر وعضوية مقدم شرطه خلصت هذه اللجنه الى وجوب التحقيق مع خمسه من افراد الامن منهم الرائد أمن نبيل عبدالصادق مدير وحدة الامن بالحيصاحيصا حيث توفرت بينه مبدئيه للتحقيق معهم ولكن تطلب ان يتم التحقيق معهم ان يتحصل على اذن من مدير جهاز الامن حسب القانون لان لهم حصانه قانونيه ولكن حتى الآن منذ 1994 لم تستطع اى جهه ان تتحصل على الاذن وهكذا ضاعت العداله وسط الحصانه .ولذلك يجب فى اى تشريع قادم ان يتم التعامل بمهنيه وعداله مع منح الحصانات .

هنالك اتجاه حديث الآن فى العالم ينحو الى عدم الركون الى مبدأ سيادة الدول فى الجرائم المتعلقه بحقوق الانسان والاباده الجماعيه وغيرها ، فلا تستطيع دوله او فرد ان تتحصن بمسألة السياده ويفعل ما يشاء ولقد شهد العالم ذلك فى بهدلة بينوشيه وفى اعقاب احداث البوسنه والهرسك والصرب وفى ملاحقة احمد هارون وكوشيب وفى ملاحقة جيش الرب واحداث رواندا ، وهو اتجاه ما زال يتبلور , حيث ان العالم المتحضر يرى ان مثل هذه الانتهاكات تهدد السلم والامن العالمى وبذلك يمكن ملاحقة افعال السلطه ورجالها نتيجة لافعالهم داخل بلدانهم ، ورغم تحجج الحكومه السودانيه بأنها موقعه على اتفاقية المحكمه الجنائيه وغير مصادقه عليها وهى حجه لا تعفيها من المساءله ومسؤولية تسليم المطلوبين والتعاون مع المحكمه الجنائيه الا اننى اقترح كذلك ضمن الدراسه القيمه التى وضعها دكتور احمد المصادقه على كل المواثيق والاعلانات والعهود الدوليه المتعلقه بحقوق الانسان وحقوق العمل والحريات العامه وجعلها جزء لا يتجزأ من القانون الوطنى .

من اسوأ الاشياء عندنافى السودان عدم التزام ساستنا بما تخطه اياديهم من التزامات فى العهود والدساتير وعدم الاعتراف بمبادىء العداله والشرعيه القانونيه وعدم تجذر حقوق ألاخرين وهو امر اذا لم نستطع تغيره فى ذهنية السياسى سوف يظل يلاحقنا مخلفا الآما ومآسى كثيره .

مع الشكر والتقدير

Post: #4
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: wadalzain
Date: 07-06-2008, 09:39 AM
Parent: #3






الدكتور احمد عثمان ( اعلى ) يتحدث فى جلسه ضمت البروفيسور عبدالله النعيم ( تحت ) وهو يستمع الى مناقشه حول القانون والاصلاح القانونى والدستور كانت بالدوحه .


center>






Post: #5
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: أحمد عثمان عمر
Date: 07-06-2008, 02:18 PM
Parent: #1

صديقي ود الزين الرجل الزين
شكرا على المداخلة/الإضافة، فهي حوت تلخيص سهل ومركز وعرض من قانوني مقتدر. أعجبني تركيزك على الحصانات والتي تحتاج لدراسة متكاملة لوحدها أتمنى أن يتوفر الوقت للقيام بها. دعني أشاطرك الرغبة في أن ينال هذا الموضوع الهام مزيدا من النقاش.
كذلك شكري الجزيل لك لرفعك صورة أستاذنا وأستاذ الأجيال البروفيسور عبدالله النعيم له خالص المودة والتقدير، وليتنا نتمكن من تنفيذ مااتفقنا عليه معه، وليتنا نستطيع أن نرد اليه ولو جزء يسير من أفضاله علينا وهو العالم الكبير والمحقق المفكر صاحب المنهج المتميز.
لك ولأستاذنا كثير تقدير ومحبة صادقة
ودمتم

Post: #6
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: wadalzain
Date: 07-06-2008, 03:37 PM
Parent: #5

اسمح لى ان انقل هنا فى بوستك هذا هذه المذكره المرفوعه الى المحكمه الدستوريه بالسودان من محامين شرفاء طعنا فى مواد قانون مكافحة الارهاب وذلك فى قضية احداث العاشر من مايو نيابه عن المتهمين ، لترى بنفسك التردى القانونى الذى تمارسه سلطة المؤتمر الوطنى وتتمادى فيه .




بسم الله الرحمن الرحيم
الخرطوم في 29/6/2008
لدي المحكمة الدستورية - الخرطوم
1- كمال محمد صابون ............................ وآخـــــرون
حسب الكشف المرفق ................................ طاعنون
بواسطة المحامين مقدمي الطعن
/ضد/
حكومــــة جمهوريـــــــة السودان
بواسطة وزير العدل- النائب العام.......... مطعون ضده
ق . د. / ق د./ /2008
السيد/ رئيس المحكمة الدستورية
السادة الأعضاء
الموقرين ،،،،
بكل احترام ، ونيابة عن الطاعنين نرجو أن نتقدم لمحكمتكم الموقرة بهذا الطعن الدستوري وفقاً لنص المادتين 15(هـ) و(د) و16 (أ) من دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005 ملتمسين إعلان عدم دستورية المواد 13(2) و 21 من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001 والقواعد التي أصدرها السيد رئيس القضاء بموجب أحكام القانون المذكور تحت الرقم 82/1988 .
أ/ من حيث الإجراءات :
بتاريخ التاسع والعشرين من شهر مايو 2008 أصدر السيد/ رئيس القضاء بالتشاور مع وزير العدل القرار رقم (82) لسنة 2008 حدد بموجبه قواعد وإجراءات محاكم مكافحة الإرهاب والتي شكلت للفصل في الاتهامات الموجهة للطاعنين بموجب أحكام قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001 والقانون الجنائي لسنة 1991 وأي قانون آخر .
ب/المصلحة : الطاعنون مقدمون للمحاكمة أمام المحاكم المشكلة من قبل رئيس القضاء بالتشاور مع وزير العدل للبت في الاتهامات الموجهة إليهم بإتباع القواعد والإجراءات محل هذا الطعن . والتهم الموجهة تحددت عقوبتها في حالة الإدانة بالإعدام أو السجن المؤبد ومن ثم تحقق وتثبت للطاعنين مصلحة خاصة وضرورية وعاجلة للفصل في هذا الطعن
ج/ أسباب الطعن :
أولاً : انتهاك المادة (21) قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001 للمواد 123 (2) و128 (1) و34 من دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005:
تنص المادة (21) من قانون مكافحة الإرهاب لسنة2001 علي الآتي : -
" يضع رئيس القضاء بالتشاور مع وزير العدل القواعد المتعلقة بإجراءات محاكم مكافحة الإرهاب لسنة 2001"
وتشاور وزير العدل وإشراكه في تحديد قواعد وإجراءات المحاكمات بموجب قانون مكافحة الإرهاب لا يمس استقلال القضاء فحسب بل ينحره . فمن المعلوم قضائياً أن وزير العدل في قمة الجهاز التنفيذي ولا ينبغي أن يكون مناطاً به تحديد إجراءات المحاكمات أو الاشتراك في تحديد قواعد وإجراءات تلك المحاكمات .
ووفقاً لنص المادة 123 من الدستور فأن القضاء سلطة مستقلة عن الهيئة التشريعية والسلطة التنفيذية علماً بأن قواعد وإجراءات المحاكمات تعتبر ركناً أساسيا للمحاكمات محل الطعن وتؤثر بصورة مباشرة في مسارها ونتائجها
ب- وفق أحكام هذه المادة فأن رئيس القضاء إذا قرر إصدار قواعد للمحاكمة فأنه لا يستطيع أن يصدر تلك القواعد مالم يتشاور مع وزير العدل لان ذلك التشاور أمر وجوبي وبغض النظر عما إذا كان رئيس القضاء قد عول علي مشورة الوزير أو لم يفعل فأنه طالما أن التشاور نفسه وجوبي فأن هذا يعتبر مساساً باستقلال القضاء مما يعتبر انتهاكاً لنص المادة 123 (2) من الدستور .
ثانياً : إهدار المادة 13(2) من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001 للمواد 123(2) و 28 (1) و 34 من دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005 .
تنص المادة 13(2) من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001 علي الآتي :
" يضع رئيس القضاء بالتشاور مع وزير العدل القواعد المتعلقة بإجراءات محاكم مكافحة الإرهاب وكيفية إصدار الأحكام " .
لقد جاء عجز المادة 13(2) من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001 بمفهوم غريب استحدث بدعة لأول مرة في تاريخ القضاء السوداني وهي إشراك وزير العدل ليس في وضع قواعد المحاكمات فحسب بل في تحديد كيفية إصدار الأحكام ولا علاقة لوزير العدل من قريب أو بعيد بتحديد كيفية إصدار الأحكام وهنا يثور السؤال كيف يكون القضاء مستقلاً أو يكون القضاة مستقلين إذا كان وزير العدل ، وهو من اعلي المناصب في السلطة التنفيذية ، هو الذي يحدد ويعين ويبين للقضاة كيفية إصدارهم للأحكام , .
ولاشك أن تحديد كيفية إصدار الأحكام مسبقاً للقاضي المناط به الفصل في الدعوى الجنائية يعتبر أمرا غريباً بل بدعه دخيلة علي الممارسة القضائية السليمة ومدخلاً لتقويض المبدأ القانوني والفقهي الراسخ القاضي باستقلال السلطات ، ونري مع الاحترام اللازم – أن رئيس القضاء نفسه لا يحق له أن يحدد للقضاة كيفية إصدار أحكامهم إذ أن القضاة مستقلون في هذا الشأن ناهيك عن أن يوكل ذلك الأمر إلي وزير العدل بأن يبين للقضاة كيفية إصدار الأحكام
4- عليه نعتقد بأن نصوص المادتين (21) و13(2) من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001 يشكلان إهدارًا وانتهاكاً لنصوص المواد 123(2) المتعلقة باستقلال القضاء والمادة 128(1) من دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005من ذات الدستور" المتعلقة باستقلال القضاة" كما يهدر نص المادة 34 المتعلقة بمبدأ ومعايير المحاكمة العادلة مما يستوجب إصدار أمر بإعلان بطلانهما وعدم دستورية المادتين 13(2) و 21 من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001.

ثالثاً : عدم دستورية القواعد الصادرة من رئيس القضاء بالرقم 82/2008 بالتشاور مع وزير العدل وانتهاكها لنص المواد 91(3) و 155و34 من دستور جمهورية السودان لسنة 2005.
أ/ إن إصدار أي لوائح أو قواعد أو أوامر بموجب قانون يفوض إصدارها يجعل من تلك اللوائح والقواعد والأوامر في مرتبة التشريعات الفرعية وفقاً لنص المادة 155 من الدستور والمادة 13 من قانون تفسير القوانين والنصوص العامة لسنة 1984.
وهذه القواعد كتشريعات فرعية ينبغي أن تكون منظمة ومكملة للقانون الذي صدرت بموجبه كما يجب إلا تكون متناقضة ومتعارضة ومتصادمة مع القانون الذي صدرت بموجبه أو بموجب أي قانون آخر لان أي قانون يعتبر اعلي مرتبة من اللوائح والقواعد والأوامر لأنها تشريعات فرعية . ولكن هذه القواعد جاءت معدلة أو لاغية لقوانين أخري الأمر الذي يجعلها منتهكة للمواد المذكورة بعاليه من دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005.
ب/ ويتلخص ذلك الانتهاك والإهدار في الآتي : -
لقد نصت المادة 21 من الأمر المطعون فيه علي ما يلي :-
"علي الرغم مما جاء في قانون الإجراءات الجنائية وفي قانون الإثبات تطبق المحكمة القواعد الواردة في هذا القرار" .
لاشك أن الدستور هو القانون الأعلى ثم يليه في المرتبة الثانية القوانين ثم تأتي بعد ذلك في المرتبة الثالثة اللوائح والقواعد والأوامر والتي هي بمثابة تشريعات فرعية . .
ولا يمكن أن تصدر لوائح أو قواعد أو أوامر لتكون اعلي مرتبة من أي قانون أو تسود عليه أو تطبق علي الرغم مما جاء في ذلك القانون.
وعبارة " علي الرغم مما جاء في قانون الإجراءات الجنائية " يجعل تلك القواعد اعلي مرتبة وتسود أحكامها وتعلو علي القانون الأصلي الذي أصدرته الهيئة التشريعية .
وفي الحالة محل الطعن فأن رئيس القضاء قد أصدر قواعد، ونص علي أنها تسود علي أحكام قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 وقانون الإثبات لسنة 1994 ونصب من نفسه مشرعاً .
أن اللوائح والأوامر كما أسلفنا تعتبر تشريعات فرعية ولا يمكن أن تصدر قواعد لتعطل وتسود علي أحكام قوانين رئيسية كقانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991وقانون الإثبات لسنة 1994.وعليه نلتمس إعلان بطلان وعدم دستورية المادتين 13(2) و 21 من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001
رابعاً : تقليص مدة الاستئناف إلي أسبوع يشكل انتهاكاً للمادة 91 (3) (أ) مقرؤه مع المادة 115 من الدستور.حيث أن المادة 91(3) (أ) قد نصت علي أن إصدار التشريعات واللوائح أو تعديلها أو إلغاؤها من مهام واختصاص المجلس الوطني .
(1) ينص البند (22) من القواعد المطعون فيها انه يجوز أن يستأنف لمحكمة استئناف مكافحة الإرهاب خلال أسبوع من تاريخ الحكم .
ب/ من ناحية أخري تنص المادة 184 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 علي :
" أن يرفع الطعن بالاستئناف أو بالنقض في مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلان التدير القضائي المطعون فيه .
2/ لاشك أن القواعد التي أصدرها رئيس القضاء بالتشاور مع وزير العدل استناداً علي سلطاته بموجب المواد 13(2) و 21 من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001 عبارة عن تشريع فرعي .
3/ من ناحية أخري فأن قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 هو قانون عام أجازته الهيئة التشريعية ولا يجوز إلغاءه أو تعديله إلا بواسطة الهيئة التشريعية نفسها .
وعليه وتبعاً لذلك فأن القواعد التي أصدرها رئيس القضاء التي حددت في البند 22 مدة الاستئناف بأسبوع خلافاً لمدة الأسبوعين المحددة بموجب نص المادة 184 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 991.
لذلك فأن البند 22 من القواعد يعتبر انتهاكاً وإهداراً لنص المادتين 91(3) (أ) مقرؤه مع المادة 115من الدستور .
خامساً : اختزال مراحل الاستئناف والطعن لدرجة واحده فيها انتهاك لنص المادة 91(3) (أ) و 115 من دستور جمهورية السودان .
(1) (أ) تنص المادة 181 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 علي أنه يرفع للمحكمة العليا كل حكم بالإعدام أو القطع أو السجن المؤبد متي صار نهائياً وذلك بقصد التأييد .
أ/ ينص البند 23 من القواعد علي أن يعرض كل حكم بالإعدام بالسجن المؤيد الذي تصدره محاكم مكافحة الإرهاب علي محكمة الاستئناف وذلك لتأييده.
ب/ وينص البند 24 من ذات القواعد علي انه :
علي محكمة الاستئناف عند التأييد أو الاستئناف أن تباشر أي من السلطات التي حددها البند .
ج/ ومفهوم البندين أن محكمة الاستئناف التي شكلت بموجب البند (22) هي التي تنظر الاستئناف كما تختص في ذات الوقت بالتأييد.
وبذلك فقد اختزلت مراحل الاستئناف والطعن والتأييد إلي مرحلة واحده ليس ذلك فحسب بل أن محكمة الاستئناف المشكلة هي نفسها التي تنظر في الاستئناف وفي التأييد.وهذا أمر في غاية الغرابة ومثال نموذجي لاختلال العدالة ومرحلة مراجعة المحكمة العليا للأحكام في قضايا الإعدام أمر في غاية الأهمية وهو مستقر في السودان منذ إنشاء المحاكم السودانية .
وفي هذا الشأن نرجو أن نشير إلي قضاء محكمتكم الموقرة في السابقة الدستورية :
الطيب محمد الزبير وآخرين ضد حكومة السودان حيث جاء في المجلة الدستورية ص 759 ما يلي
" يعتبر إهدار لحق دستوري عدم إعلان المطعون ضده للرد أو عدم منحه فرصة للرد أمام المحكمة العليا وبهذا تكون المحكمة العليا قد قضت بإدانة المتهم دون سماع دفاعه أمامها" .
فإذا كانت محكمتكم الموقرة قد قضت بخطأ أن المحكمة العليا قد نظرت في مرتبة المراجعة في الحكم بالإعدام بغرض تأييده ولكن لم تعلن المحكوم عليه للرد فكيف يكون الحال في هذه الإجراءات والتي قضت فيها القواعد الصادرة من رئيس القضاء ليس بعدم الإعلان فحسب بل اجتثت مرحلتي المحكمة العليا ومرحلة المراجعة من جذورهما واعتبرت الحكم الصادر من محكمة الاستئناف المشكل بواسطة القواعد نهائياً .
2/ عليه فأن القواعد وهي تشريع فرعي قد ألغت نصاً سارياً في قانون أساسي وهو قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 وكما ذكرنا فأن هذا التعديل أو الإلغاء يعتبر انتهاكاً للمادة 91(3)(أ) مقرؤه مع المادة 115 من الدستور
سادساً : أ/ ينص البند (21) من القواعد علي أن التدابير والأوامر التي تصدرها محكمة الموضوع إثناء سير الدعوى لا تخضع للاستئناف والفحص إلا بعد صدور الحكم .
ب/ من ناحية أخري فأن المادة 180 (ج) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 تنص علي الحق في استئناف التدابير القضائية الصادرة من محكمة الموضوع إلي محكمة الاستئناف .
وعليه فأن نص البند 21 من القواعد يجهض حق المتهمين في استئناف التدابير التي تهدر حقوقهم إثناء سير إجراءات المحاكمة ويلزموا بالانتظار لحين صدور الحكم وفي هذا إجحاف لمفهوم حسن سير وعدالة المحاكمة .
2/ عليه فأن القواعد وهي تشريع فرعي عدلت وألغت بالكامل نصاً سارياً في قانون رئيسي هو قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 الأمر الذي يعتبر انتهاكاً واهداراً لنص المادتين 91(3)(أ) مقرؤه مع المادة 115 من الدستور مما يحتم إلغاء هذا البند من القاعدة وإعلان عدم دستوريته .

سابعاً :جواز محاكمة المتهمين غيابياً في جرائم عقوبتها الإعدام يعتبر انتهاكاً للمادة 14 (3) (د) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مقرؤه مع المادة 27 (3) من دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005
أ/ ينص البند (5) من القواعد المطعون فيها علي أن يحاكم المتهم بمخالفة الإرهاب أو غيره من القوانين حضورياً كما تجوز محاكمته غيابياً .
كما تنص المواد 5و6 من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001 علي أن الجرائم الإرهابية عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد .
ب/ تنص المادة 14(3) (د) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية علي :
تكون محاكمة المتهم حضورياً وتمكينه من الدفاع عن نفسه .
وكما أسلفنا فأن هذا العهد قد صادقت عليه حكومة السودان لسنة 1986 وأصبح بذلك جزء من التشريعات السودانية .
ج/ ووفقاً لنص المادة 27(3) من دستور جمهورية السودان . فأنه أصبح بذلك جزء لا يتجزأ من الدستور ، وعليه فأن البند (5) من القواعد المشار إليها بعاليه تعتبر انتهاكاً لنص المادة 27(3) و 34 من الدستور .

ثامناً : نزع وسلب الحق الدستوري للمتهم المتعلق بإعطاء المتهم التسهيلات والوقت الكافي لتعيين محامي
.1/ ينص البند 6(أ) من القواعد المطعون فيها أنه " علي المتهم بمجرد إخطاره بجلسة المحكمة تعيين محاميه ".
فهذا النص يلزم المتهم بتعيين من يدافع عنه بشكل فوري وبمجرد إخطاره بجلسة المحكمة دون تأخير وهذا يتناقض ويتعارض بشكل صارخ مع المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 والذي صادقت عليه حكومة السودان بموجب القانون رقم 15/1406/هـ/1986)
ونشرت تلك المصادقة بالعدد رقم 1350 من الجريدة الرسمية بتاريخ 15/4/1986
والذي يمهل فيه المتهم ويمنح ليس فقط الوقت الكافي وإنما كذلك التسهيلات الكافية واللازمة لتعيين من يدافع عنه حيث جاء فيها :
144 (3) (1) محاكمة المتهم حضورياً وتمكينه من الدفاع عن نفسه أو بواسطة مدافع يختاره لذلك .
إعطاؤه الوقت الكافي والتسهيلات الكافية لأعداد دفاعه وبمدافع يوكله للدافع عنه .
وكما أسلفنا فأنه بموجب المادة 27(3) من الدستور :
2" تعتبر كل القواعد والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزءاً لا يتجزأ من هذه الوثيقة .
ترتيباً علي ذلك فأن أي تعارض أو تناقض بين بنود القواعد ونصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 يعتبر انتهاكاً مباشراً وصريحاً لنصوص الدستور .وعليه فأن ذلك يستوجب إلغاء البند 14 من القواعد وإعلان بطلانه وعدم دستوريته .

تاسعاً : إدانة المتهم وفقاً لمجرد رده بأنه مذنب يعتبر انتهاكاً لنص المادة 91(3)(أ) مقرؤه مع المادة 115 من الدستور :
(أ) ينص البند 14 من اللائحة علي الآتي :
إذا رد المتهم بأنه مذنب فيجب أن يدون اعترافه ويجوز للمحكمة حسب تقديرها أن تقرر إدانة المتهم بناءاً علي هذا الاعتراف .
أ/ هذا النص أعطي المحكمة سلطة جوازيه في أن تدين المتهم لمجرد اعترافه بأنه مذنب .
ب/ تنص المادة 144(3) ، و(4) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 تنص علي الآتي :
" إذا كان رد المتهم بأنه مذنب في جريمة عقوبتها الإعدام أو القطع أو الجلد لأكثر من أربعين جلدة فعلي المحكمة أن :
أ/ تستمع إلي أي بينة أخري يقدمها الادعاء.
ب/ تنبه المتهم إلي خطورة إقراره إذا كان الإقرار هو البينة الوحيدة ضده
ج/ تؤجل إقرار الإدانة لمدة لا تجاوز شهراً واحداً .
4/ علي المحكمة عند انعقاد المحاكمة بموجب أحكام الفقرة (ج) من البند (3) أن تعيد مخاطبة المتهم بالتهمة وأن تسمع رده مردة أخري فإذا كان رده أنه مذنب فعليها أن تصدر قراراً بالإدانة..
5/ بالرغم من أن قانون الإجراءات الجنائية قد فصل مجموعة من الإجراءات والتدابير الاحترازية قبل إصدار قرار بالإدانة بمجرد إقرار المتهم بأنه مذنب فأن البند 14 من القواعد قد اسقط كل تلك الإجراءات والتدابير الاحتياطية ونفذ مباشرة ليعطي المحكمة السلطة في الإدانة بمجرد إقرار المتهم بأنه مذنب.
لقد اعتبرت محكمتكم الموقرة أن الأخذ وتنفيذ جميع التنبهات الوارد في المادة 144 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 أمر في غاية الأهمية ومن المباديء الأساسية للمحاكمات الجنائية
ونرجو أن نشير في هذا الشأن للسابقة الدستورية:
أولياء دم المرحوم كمال يسن علي ضد حكومة السودان وآخر المجلة الدستورية ص 318 حيث جاء فيها :
1(أ) كل القوانين الجنائية الصادرة في 1925 و 1974و1983و1991 تلزم المحكمة قبل أن تقرر إدانة المتهم بناء علي اعترافه أن تستوثق من أن المتهم قد فهم بوضوح التهمه المنسوبة إليه .
2/أن التنبيهات الواردة في المادة 144 من قانون الإجراءات الجنائية 19991 التي تلزم بها المحكمة في القضايا التي عقوبتها الإعدام يقصد بها أن تستوثق المحكمة أكثر من فهم المتهم قوله " أنه مذنب " عند اتهامه بجريمة عقوبتها الإعدام فتستمع إلي بينات جديدة وتؤجل قرار الأدانه إلي مده قد تصل إلي الشهر ثم تعيد استجوابه وبعد هذا التأهيل والتنبيه أن كرر قوله عن وعي وإدراك صحيح أنه مذنب يستوجب علي المحكمة أن تصدر قراراً بإدانته بموجب قوله بأنه مذنب .
3-وبموجب البند14 من القواعد التي أصدرها رئيس القضاء بالتشاور مع وزير العدل فقد ألغيت كل تلك الضمانات وابتسرت التنبيهات واعتبرت كأن لا جدوى منها ومنحت المحكمة السلطة التقديرية لتدين المتهم مباشرة اكتفاءاً بقوله أنه مذنب .
وهذه القاعدة تهدر عدالة المحاكمة وتعتبر انتهاكاً واهداراً لنص المادة 34 من الدستور الأمر الذي يحتم بطلانها وإعلان عدم دستوريتها .
3/ وعليه نعتقد أن هذا البند من القواعد ينتهك ويهدر نص المواد 91(3)(أ) مقرؤه مع المادة 115
والمادة 34 من الدستورالأمر الذي يستوجب إلغاء هذا البند وإعلان بطلانه وعدم دستوريته .

عاشراً : القواعد الصادرة من رئيس القضاء أهدرت وانتهكت وأخلت بمعايير المحاكمة العادلة طبقاً لنص المادة 34 من الدستور :
1/ أن المحاكمة العادلة ليست أمرا مبهماً ولا شئياً هلامياً ، فهي أمر معلوم لها معاييرها ومقوماتها وضماناتها والشروط التي يتعين توفرها والإجراءات اللازم كفالتها وممارستها .
ولقد جاءت القواعد التي أصدرها رئيس القضاء بالتشاور مع وزير العدل لتحد من تلك الضمانات ولتغيير وتبدل في الإجراءات ضد مصلحة المتهمين فهي قد عطلت عدد من مواد قانون الإجراءات الجنائية واستبدلتها بقواعد جديدة كما عطت قانون الإثبات لسنة 1994
ونرجو أن نشير في هذا الشأن إلي ما قررته محكمتكم الموقرة عن معايير المحاكمة العادلة والمنصفة منها السابقة القضائية :
محمد يحي ادم ضد أولياء دم صابر احمد دوري – المجلة الدستورية صفحة 675 حيث جاء فيها :
المحاكمة العادلة المنصفة هي :
أ/ هي المحاكمة التي تتم وفقاً لأحكام القانون سواء من حيث قواعد تشكيلها وتنظيمها وطبيعة القواعد الإجرائية فيها وكذلك بالنسبة للنصوص الموضوعية وكيفية تطبيقها من الناحية العملية .
ب/المحاكمة العادلة المنصفة أيضاً هي التي تجري وفقاً لنصوص قانون الإجراءات الجنائية وذلك بأن يعطي المتقاضي الفرصة الكافية ليقدم قضيته وشهوده وأن تسمع ادعاءاته ودفوعه ومذكراته الختامية وأن يعطي أن يمثل بمحام أن شاء .
وهذه القواعد قد عطلت الكثير من مواد قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991وعدلت فيها وأمرت بأن تسد القواعد المطعون فيها بالرغم من نصوص قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 الأمر الذي يؤدي بصورة تلقائية إلي القول بأن المحاكمة غير عادلة وغير منصفة مما يحتم بطلانها لانتهاكها وإهدارها لنص المادة 34 (3) من الدستور .

حادي عشر: محاكم مكافحة الإرهاب محاكم
خاصة تتعارض مع مبدأ القاضي الطبيعي :
محاكم الإرهاب محاكم خاصة يتعارض أنشأها وتأسيسها مع مبدأ القضاء الطبيعي ويعتبر ذلك أهدارا وانتهاكا لنص المادة 43 من الدستور .
محاكم مكافحة الإرهاب ليست محاكم مكونه ومنشأة وثابتة تحول لها قضايا الإرهاب وإنما هي محاكم تكون وتؤسس بعد فتح البلاغات ومحاكم القضاء الطبيعي ثابتة ومكونة ومعلومة الاختصاص المكاني والنوعي مسبقاً وقبل نشؤ أي نزاع أو فتح أي بلاغ .
والمقصود من القضاء الطبيعي أن يكون معلوماً وموحداً ألاماكن التي تنظر القضايا وفق الاختصاص المكاني والنوعي .
ومؤدي ذلك أن يعرف كل مواطن سلفاً من هو قاضيه الطبيعي ومن ثم فلا يجوز أن تكون المحاكم وتنشأ بعد فتح البلاغات لان هذا يخل بالاختصاص المكاني ومن ثم يهدم مبدأ القضاء الطبيعي ويجعل المتهم ينزع من قاضيه الطبيعي إلي محكمة أخري كونت وأنشئت خصيصاً من اجل محاكمته فهي محاكمة ذات طبيعة استثنائية وظيفتها محاكمة متهمين بعينهم وتقتصر عليهم ولا شك أن الإخلال بمبدأ القضاء الطبيعي يهدر وينتهك مفهوم المحاكم العادلة وفقاً لما نصت عليه المادة 34 من الدستور

ثاني عشر : وعليه لكل الأسباب سالفة الذكر نلتمس من محكمتكم الموقرة :
1/ إعلان بطلان وعدم دستورية المادتين 13(2) و 21 من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001
2/ إعلان بطلان عدم دستورية القواعد الصادرة من رئيس القضاء بالتشاور مع وزير العدل تحت الرقم 82/2008 وجميع الإجراءات التي اتخذت بموجبها .
3/إعلان بطلان وعدم دستورية محاكم الإرهاب الثلاثة التي قدم أمامها الطاعنين .

ولكم وافر الشكر
الاساتذه المحامون :
1/ د. أمين مكي مدني 2/ عمر الفاروق شمينه
3/ الصادق شامي 4 عــــلي قــــيلوب
5 / صالح محــمود 6 / كمــــــال الجزولي
7/ كــــمال عمـــــر



















كشف بأسماء مقدمي الطعــن

2/ مـــوسي حــامد عثمـــان 29 / هـــــــيثم ادم علـــي
3/ خالد عمـــر الله جـــابو 30/ ادم عـــبد الله يوســـف
4/ يـــونس عــــــبد الــــله 31/ هارون عبد القادر هارون
5/ مـــــــوسي ادم عبد الله 32/ اســــــحق يسن علـــي
6/ بحر الدين بشير إدريس 33/ محــــمد توم ادم أبكــر
7/ شمــــو عثمـــان اسحق 34/محــمد عربي عـــــمر
8/ إبراهـــــيم النــــــــور زكريا
9/ بشـــارة عــــبد الله
10/ محمد منصور عبد الكريم كتر
11/ عثمان رابح مرسال
12/ ادم محـــمد عيسي عالم
13/ مصطفي ادم صــــــابون
14/ إبراهيم أبكر هــــــــاشم
15/ احمـــــد شريف عبد الله
16/ محمود ادم زريبة جمعة
17/ ادم النور عبد الرحمن
18/ابوبـكر ادم شـــــــريف
19/ عبد الله ادم إبراهــــــيم
20/ إبراهــــــيم عــــــلي الرشيد
21/ بشــــير ادم سنوســـي
22/ فضـــــل حـــسين محـــمد
23/ صديق محمــــد عبد الله
24/ محمد عربي إسمـــاعيل
25/ محمود أبكر إدريس يحيي
26/ بشــــــارة يحــيي صالح
27/ محـــــمد آدم عبد الله
28/ محـــمد هاشم علـــي عبده

Post: #7
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: Elwaleed M. Ahmed
Date: 07-06-2008, 04:12 PM
Parent: #6

اهم شئ هو احترام القانون وتطبيقه علي الجميع دون تمييز
Quote: المساواة أمام القانون وحظر التمييز بين المواطنين إستنادا للدين أو العرق أو المعتقد السياسي أو أي أسبـاب أخرى

Post: #8
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: أحمد عثمان عمر
Date: 07-07-2008, 06:54 AM
Parent: #1

شكرا مجددا صديقي/ ود الزين
فالطعن الذي أوردته يثبت غياب دولة القانون والتمادي في سن التشريعات المقيدة للحريات والمصادرة للحقوق. لدي ملاحظة بسيطة وهي أن القواعد واللوائح كقاعدة عامة يطعن بعدم قانونيتها لا بعدم دستوريتها حتى وإن عرفت بأنها تشريعات فرعية. وذلك لأن الطعن بعدم القانونية يكفي لهدمها، أما إذا تماهت مع القانون وكان الأخير غير دستوري، فالطعن بعدم الدستورية يقتصر على الأخير ( القانون) بإعتباره الأصل، وعند القضاء ببطلانه تبطل القواعد واللوائح التي بنيت عليه وفقا لقاعدة مابني على باطل فهو باطل فيكون بطلان القواعد وأمر تشكيل المحكمة بالتبعية لا بالأصالة، وهذا ماإضطرد عليه العمل في القضاء الدستوري. هذا إجتهادي المتواضع مع كثير إحترام للأساتذة المتقدمين بالطعن وخصوصا أستاذي العالم د. أمين مكي مدني.
ودمتم


الأخ/ الوليد محمد أحمد المحترم
أشكرك جزيل الشكر على المداخلة القيمة فأنت شخص لماح نفذ إلى جوهر دولة سيادة حكم القانون وهو المساواة أمام القانون المتفرع عنها مبدأ المحاكمة العادلة. فليس هنالك سيادة للقانون في غياب المساواة، وهذا أمر وثيق الصلة بدولة المواطنة التي تؤسس الحقوق على أن الشخص مواطن بغض النظر عن جنسه أو دينه أو منحدره الإجتماعي. لك ودي وتقديري وإعجابي بقدرتك على النفاذ للأصول وجوهر المسألة.
ودمتم

Post: #9
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: Ahmed musa
Date: 07-07-2008, 07:06 AM
Parent: #1

موضوع هام للغاية والقانون هو الأساس الأكثر متانة للدولة الحديثة علي مستويي التشريع والتطبيق ومتابعين

Post: #10
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: أيزابيلا
Date: 07-07-2008, 08:20 AM
Parent: #9

تحياتي

جدل الحق والقانون(سيرة نســـــــــــــــــــاء)

Post: #11
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: أحمد عثمان عمر
Date: 07-07-2008, 09:39 AM
Parent: #1

الأستاذ/ أحمد موسى المحترم
شكرا على المرور والمداخلة وعلى إهتمامك بالموضوع. أبقي قريبا لمزيد من التحاور
ودمتم


النابهة/ إيزابيلا
شكر لامحدود لإنزال الرابط الخاص بالبوست خاصتكم، وقبل ذلك الشكر على إفتراع مثل هذا البوست التوثيقي التنويري الشيق والمهم. وفيما يخص إيراده هنا لابد من التنويه إلى أنه يغطي جزء من ثغرة تركتها عامدا هي قوانين الإنتخابات. وماكان تركي لها إهمالا لأهميتهاالمنبثقة من أن الفكرة الأساسية للدولة/ المؤسسة القائمة على التنظير الهيغلي والمستلف لها الشخصية الإعتبارية للشركة وفقا للمدرسة الألمانية الرائدة، توجد داخل وخارج المجتمع في آن واحد وتعود للإندماج فيه عبر وسيلة وحيدة هي العملية الإنتخابية، ولكن كان عجزا عن الحصول على القوانين الإنتخابية بما فيها مشروع القانون الحالي مما يجعل تقحمي لتنظير عام حولها أمرا مفارقا للمنهج العلمي حيث أنني إنتقلت في مساهمتي المتواضعة أعلاه من الملموس للمجرد.
أشكرك مجددا وأرجو أن تواصلي التداخل لإغلاق هذه الثغرة ولإثراء النقاش ، أنت وضيوفك الكرام بالبوست الذين أود أن أحييهم على مداخلاتهم القيمة.
لك ودي وتقديري
ودمتم

Post: #12
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: مجاهد عبدالله
Date: 07-07-2008, 11:05 AM
Parent: #1

المحترم دكتور أحمد سلامات وأحوالك ,,

فترة طويلة لم نتقاطع معك منذ حوار قرائتك الإستراتيجية انشاءالله طيب ..

أعتقد أن الإصلاح القانوني الفاعل لن يتأتى إلأ بإحترام القانون ومبدأ سيادته وقبل ذلك توفر الحرية الكاملة للمجتمع نفسه ..
أردت ان اجلب ما كتبته من قبل حول القانون داخل المجتمع وكيفية تنظيمه للتعايش
Quote: وصلنا ألى ما مؤداه الأرتباط الحيوي والمنظم بين الحرية والتطور الإجتماعي ولكي لا نغفل عن ديمومة الحيوية لهذا الأرتباط يجب علينا تعريف الأدوات التي تمكن من أنتظام هذاالإرتباط وقد يتعجل البعض وكما يحدث دوماً الي المناداة بتطبيق الديمقراطية فقط بهذه العملية ولكن يتجاهل الكثيرون الإيقاع المختل للديمقراطية خصوصاً عندما ترقص على أنغام دستور يعاني الخلل الصياغي ويجهل الواقع وأزماته وغير ملم بتفاصيل المجتمع وخصائصة لذلك يختل عنصر الدستور الوظيفي في أحترام العملية الديمقراطية ويجهلون أيضاً أن ما بني على باطل حٌرّمت مشتقاته ،فلابد اولاً وقبل الجلوس لوضع مسودة دستور أن يجاب نداء الحرية الأساسي وهو الإعتراف بكل ظلام الماضي الذي أٌرتكب في حق الكثيرين وأن يستفاض النقاش حول المجتمع والقانون والدولة ووضع لائحة تٌعرف النقاش ودوافعه وضوابطه ويكون النقاش بأشكال شتى حتي يفضي الى إتفاق لا تهزه رياح التغييرات القادمة ، فأي الآشكال التي سوف يرتضيها المجتمع لمذاكرة شئونه يجب أن لا تغفل دور القانون ومبدأ سيادته وهو الذي يمثل صمام الأمان للعبور نحو المستقبل بالثبات والهدوء دون غضاضات او مرارات او أنزلاقات عن حال الواقع الماثل ، والقانون المؤقت قبل الدستور لهو أهم من القانون الدائم لما يفرضه من ألتزام وقراءة صحية للواقع الموبوء بالأزمات ودوافع القانون المؤقت هي سر الإحترام الذي يجب أن يظل سائداً طوال المحاورات التي تتفاعل بكل همة داخل المجتمع0

يجب علينا أن نستعرض مظلة القانون في إنسياب حركة التفاعل الإجتماعي وذلك لاهمية الرجوع اليها لتخفيف اثار التفاعل داخل الصراع المذكور ويعلم الكل جذوة الإشتطاط التي قد تحتد بين الجماعات نسبة للتمايز الحضاري الكبير فيما بينها والأثار النفسية التي تعتمل صدور اصحاب الفهم المغلوط داخل الجماعة نفسها كما أن المتمترسين بالفهم الخاطي لبعض الديانات سوف يكثرون من اللجج تارةً بالدين وتارةً آخري بالعرف وأن أستطعنا تشخيص هذه الحالة فستجد الإمعان فقط لتوقف الصراع الإجتماعي وهو بيت قصيدهم ،لذلك لابد من الإستطفاف للتمسك بتفعيل القانون ومبدأ سيادته لما فيه من تطور طبيعي لاحترام خصائص المجتمع . ومظلة القانون التي نرتضي الإحتماء تحتها هي مظلة نسجت بايدي المجتمع نفسه لتقويم الواقع المختل سداها وحدتنا ولحمتها تطورنا ،أن حماية القانون لا تتم الأ بالإتفاق والإتفاق القانوني بين الجماعات نفسها وإحترامه يكون فقط من خلال إحترام الإتفاق والجماعات بعضها لبعض وهو ما يسهل عملية تسييره دون انتكاس . وفي القانون يجب إحترام المعتقدات وقد يفسر ذلك بقصد متعمد من البعض بانه تدجين للقانون ولكي لاننسى فإن هذا القانون مؤقت لمرحلة الإتفاق الكامل وما ترضيه الجماعات فيما بعد هو شأن خاص بها ، كما يجب الأخذ في الإعتبار بخصائص كل جماعة وإحترام اعرافها الخاصة وهو الباب الذي يسد تجاه الأثار النفسية المترتبة من هذا الصراع0قصدنا من هذه الدراسة تلمس بداية الطريق في الخروج من هذه الوهدة التي رزحنا تحتها طويلاً في السودان وكان ولابد من تفكيك بعض المفاهيم بإسقاطها على ضوء الواقع حتي لا يسلك الخلل والملل إليها ،ويبقى الكلام دوماً تنظيراً ما لم يتبعه فعل وهو الفعل الذي ينقصنا دوماً في السودان ،هذا الوطن الذي نتطلع لرؤيته شامخاً بين الشعوب بسواعد أبنائه وتطوره0. يظل القانون هو المورد الأصيل لتسيير الصراع الإجتماعي في شٌعبه الطبيعية نحو التطور والتقدم والإنسجام الكامل لشعب تئن كل جماعاته بالفرقة والتشتت ولا يكون إحترام القانون بالردع الذي يمحّور قوانينة او بسجان تكون مهامه الردع للحماية ولا يتأتي بالتطبيق الحرفي للنصوص ولكن إحترامه يكمن في الروح التي تنتظم الجماعات نفسها وهو ما تعرفه ديباجة القانون وذات أصله روح التعايش السلمي والتدافع في الحياة العامة دون بغض للآخر ،وأول الدوافع القانونية هي حق الآخر في العيش بحياة كريمة أحتراماً لذاتة وهو الشريك في الأرض والوطن وفي الحقوق والواجبات له ما على الأخرين ولهم ما عليه ولا يصنف بقبيلته اولونه او دينه او مكانه ،أن القانون الذي لا يتساوى فيه الكل يكون دافعاً للفرقة ولو بعد حين ويكتسب أختلاله من الممارسة التي لا تحترم دوافعه الحقيقية ويترتب على ذلك جملة من الأسباب المبطنة التي تنتظم في ضمائر البعض الذين باتوا يتحسسون الوهم الكبير الذي يعيشون عليه بدافع الرفعة والسؤدد التي يسحبها القانون من تحت أقدامهم ،أن نحر القانون لايفضي الي في إصطيادالغباء وهو الحرب التي لاتبقي ولاتذر ،أن مبدأ سيادة القانون ياتي قبل القانون وهو الآبتداء الذي تبادر به الجماعات قبل سن القانون وهي نفس الجماعات التي أرتضت أن تتعايش مع بعضها البعض تحت سقف وطن واحد فحماية سيادة القانون يكون من أوجب موجباتها وتمسكها بالمبدأ يكون من أعظم تضحياتها وتفعيل القانون بين الكل يكون من أجل تعايشها لاغير ، أن بيئة القانون التي تتعايش تحتها الجماعات هي الضمان والمحفز لديمومة الصراع والتطور ووقاية هذه البيئة مسئولية الجميع دون فرز0



المؤسسات القانونية التي تدير دفة الصراع الإجتماعي وتوجيهه نحو الأمان تكتسب مشروعيتها من إشاعة المساواة بين الناس وتستمد قوتها من إحترام الناس للقانون ، وتظل ترفد المجتمع وهو في آتون صراعه بالتفاسير التي تفكك اشكالات الحياة وتعتمد في ذلك على ضرورة التعايش بين الجماعات وحتمية تطورها اي تكون كل حلولها نابعة من الواقع وهو الذي يشكل قدسية الأخذ بالراي القانوني ،والبحث عن الحلول المستوردة يعمق الأزمة حتى ولو كان برهان النظرية مبرأ من كل عيب فعيبه الوحيد هو عدم أستنباطه من الواقع المبيئ للأزمة ،أن الوعي بإحترام القانون مسئولية المجتمع كما قلنا سابقاً ولكن التوعية لاتتم إلأ بالإقتناع الكامل بين فئات المجتمع بدور المؤسسات القانونية في ادارة عملية الصراع الإجتماعي وهو ما نقصد به المردود السلبي لبعض التسيير القانوني التي تقوم به بعض الجماعات فيما يخص شأنها الخاص وتعتمد في ذلك علي مساحة الأرض التي تشغلها،ولكي لانلقي الكلام على عواهنه فإن المؤسسات القانونية هي الجهة الوحيدة المؤكل بها تسيير وتنفيذ القانون ولا تمدد صلاحياتها لاي كائن كان حتى ولو كان شيخ قبيلة اوناظر عموم وهو مايؤدي الى بعض الإختلال في ميزان القانون ومبدأ سيادته ،ولايفوت علينا حجم التجارب التي عمقت الأزمة وباعدت بين الجماعات نتيجة لكثرة القوانين الخاصة فيما بينها ودرجة أعتزاز الجماعات بقوانينها مما جعل التداخل الإجتماعي بوابة للحروب في أوقات كثيرة0

قد يكثر الجدل حول المؤسسات القانونية ويبدأ الجدل في نقطة تبعيتها وكيفية ضمان استقلالها من الوصاية والحل وهو الهاجس العنيف الذي يخترق جدران الترابط الإجتماعي خصوصاً عند تماثلها الى مرحلة القوة في داخل الصراع الإجتماعي فيحول المنعة التي يكتسبها هذا الترابط الى هشاشة ولربما تنقطع اوصال التطور ويبدأ التمحّور حول القضايا الهشة اكبر من إستدعاء دوافع الترابط القوية وهو ما يجعلنا نحلق في ظلام ودون منظار رؤية ليلية نستبين به خيط الفجر ونعود الى نفس المربعات التي ماخلنا اننا سوف نعود اليها ، ان تبعية هذه المؤسسات تنبع من شرعيتها التي أٌسست عليها وهو عقد التعايش السلمي بين الجماعات في الوطن الواحد وهي تبعية فقط للقانون الذي تحمل وحتى تصريف إمورها يتم وفق مقتضيات القانون والضرورة والمصلحة العامة من أجل مراقبة التطور الإجتماعي ،وبهذا تضمن إستقلاليتها في الحركة وتنفيذ القانون والقرار ولا وصاية عليها من اي جهة كانت سوى الجماعات التي شكلتها وهى عناصر المجتمع المدني ككل ، وهذه المؤسسات يكمن دورها في ارساء الوعي بالقانون والتطور الإجتماعي وضرورة التعايش بين المجتمعات مع بعضها البعض كما أن قياس فعالية التطور يكون من صميم عملها وذلك لان إعاقة التطور لاتتم الأ بهدر القانون ويكون هنالك خلل ولو في شكل إشكال قانوني تم إهماله ، ولا يجب أن تستمد هذه المؤسسات ظلاً من اي جهة كانت حتى لاتفتح على نفسها أبواب الكهانة وتحوير التفاسير القانونية وفق المقتضيات الدينية او العرفية ، فهذا القانون من أجل عدالة الصراع الإجتماعي لجماعات فيما بينها قد يكون الدين عامل وحدة فيما بينها ولكن الظلام التاريخي لم يعط الإعتبار الكامل لهذا المعتقد او تكون الجغرافيا عامل تعايش ولكن الإختلافات الإثنية باعدت بينهما او تكون الجماعات ذات إثنية واحدة ولكن يكون الإستغلال فرق بين فقيرها وغنيها0

العلاقة بين الحرية والقانون كعلاقة الجسد بالروح فالقانون هو روح الحرية فإن غاب عنها يدب الموت في اوصال الحرية وإن فرق القانون بين الناس تبدأ رحلة الحرية نحو الزوال ،ولابد لنا من التمسك بالقانون حفظاً للتعايش فيما بيننا حيث أن الحرية بمعنى التطور لا تتفق بتجزئة القوانين إما كاملة تدعم سيرها لتطور الشعب او ناقصة بل غائبة تزيد من التخلف ،وقليل أن تجد تطور دون حرية بل يكون ذلك لزمن بسيط ولفئة محددة ويكون ذلك منتوج شكل من اشكال الإستغلال التي تقوم بها بعض الفئات تجاه آخرى ويسببوّن ذلك لعوامل عدة منها التخلف ويبطنون السبب الحقيقي وهو إشباع رغباتهم الوهمية بان الحرية لهم فقط ويهدمون أسها الركين وهو تطور المجتمع ككل من خلال أبدجيات الصراع العادل، ومن خلال الإستغلال يسلبون مقدرة الفرد وارادته نحوالتطور بل يصل بهم الحال الى تمليكه الاحساس الكامل بعدم قدرته للتطور وعليه أن يقتنع بما قسمته الحياة له من ذل يعيش عليه سواء أن كان ذلك على محيطه الإقتصادي او الإجتماعي او الثقافي . وهذا الوهم الذي يسيطر على الفرد داخل الجماعة يعتبر بمثابة جريمة في حق جميع الأجيال لما يسطره من قناعة شبه كاملة بالعجز من إشباع حاجات الفرد المتجددة بفعل تقادم الحياة كما أن ذلك يثبط من همم التغيير نحو الأفضل ويجعل الفرد اسير أزمات تتراكم كل لحظة مما يساعد في إنفجارها بشكل يتضرر منه الكل وهذا الضرر لايعفي المتسغِل او المستغَل


http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=98778

لك ودي وتقديري ..

Post: #13
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: أبو ساندرا
Date: 07-07-2008, 11:48 AM
Parent: #1

أهلآ يا أحمد
طبعت الموضوع
متحينآ فرصة الإنتهاء من التحضير لندوة قانون الإنتخابات
ثم أعكف على مطالعته ودراسته ، ومن ثم المشاركة بالرأي

تخريمة
--------
شايفك جليت إتصالاتنا العديدة
نقدر مشغولياتك
لكن كان واجب ترجع لينا
حتى ولو بعد يومين
وماتقول لي : خلاص انا عرفت الموضوع من أزهري

Post: #14
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: Monim Elgak
Date: 07-07-2008, 12:41 PM

أسف يا احمد عثمان عمر لوبدت مداخلتي أدناه مشاتره شوية ( نشرت الأسبوع الماضي بصحيفة اجراس الحرية).
اتباع مداخلتك القيمة جدا، والهامة في سياق المحاورة والتفاكر. خارج ذلك، ينتابني قلق الDeadlines الواقعة فيه بلدنا دي، ففي هذه اللحظة واليوم بالتحديديجيز البرلمان قانون الانتخابات، وضد سيادة حكم القانون بالطبع. لذا تجدني، وأسف مرة أخرى، أحاول وضع سياق حيوي، وهام جدا ايضا، لمساهمتك القيمة. مع تقديري،، منعم

ح نشوف!

الاصلاح القانوني

يناير 2005، ذكرت اللجنة المستقلة المكونة من قبل الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بدارفور ان نظام العدالة في السودان غير مؤهل فنياً وغير راغب سياسياً في التعامل مع الحجم الكبير للجرائم المقترفة في دارفور، ومن ثم أوصت بالمحكمة الجنائية الدولية.

2005، قبل نحو ثلاث سنوات، أجيز دستور السودان الانتقالي وأهم جوانبه لكي نصبح دولة محترمة( غير فاشلة أو فاسدة) انه علينا مرجعة كافة تشريعاتنا( كونت لها لجنة في أكتوبر نفس العام) حتي تتسق مع اتفاقية السلام والدستور الانتقالي، بما يعني اعادة توجيه البلاد والعباد نحو السلام والأستقرار.

2008، ينتبه وزير العدل النائب العام ان هنالك ما يزيد عن ال60 تشريعاً تخالف الدستور ويجب مراجعتها. أشك في ان قائمته تلك شملت قانون الارهاب، وذلك بعد ثلاث سنوات. بماذا ستوصي يا ترى لو شكلت لجنة دولية للتحقيق في هذا؟

أجيزت قوانين العمل الطوعي، القوات المسلحة، الشرطة وغيرها من تشريعات وجاءت اما لا تمثل أولوية للسلام والتحول الديموقراطي كقانون التبغ، أو المهم منها جاء معبرا عن الأرادة السياسية المهيمنة، تشريعات تقنن لانتهاك وقتل الدستور والسلام وامكانية االتحول الديمقراطي.

الحرب في أمدرمان، زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت نبت شيطاني، قانون الأرهاب لا يحاكم فقط المتهمين بالمشاركة في الأحداث ويقذف بالدستور الأنتقالي الى مذبلة اللاعدالة، بل قواعد واجراءات محاكمه (تركب) على القانون والدستور. ترى هل هذا القانون تشمله المراجعة ليتسق مع الدستور؟ بالمناسبة هو الأكثر سوءا من كل تشريعاتنا المراجعة وغير المراجعة دستوريا.

قال احدهم فيما معناه " يريدوننا ان نغير قانون الأمن الوطني ليصبح فقط لجمع المعلومات... وهو العين التي نرى بها واليد التي نبطش بها!". عدم تغيير قانون الأمن الوطني مخالفة لوثيقة الحقوق، انتهاك للدستور وطعن في مستقبل أتفاق السلام. وهذا حكم قبل حضور أي لجنة دولية لتقصى الحقائق حوله.

أواخر يونيو 2008، وحمى الأنتخابات تبدأ، سيمدد للبرلمان اسبوعين لكي يجيز قانون الأنتخابات ومن ثم يمكن للبرلمان الذهاب الى غيبوبته( أسف الى اجازته). انتخابات ستجرى في بلاد الواق الواق...حيث هي بلاد سيكون لها قانون انتخابات سحري، يَجِب ما غيره من تشريعات، اتسقت أو لم تتسق مع الدستور الأنتقالي واتفاق السلام وشروط التحول الديمقراطي. هو قانون انتخاب سيجاز وكفى لبلاد هي ليست بلاد ما خطط لما بعد نيفاشا بنصوصها وروحها، هي بلاد قانون انتخابها لا شأن له بقوانين سلام وتحول ديمقراطي أخري، قانون انتخاب لا يرى بلاد سوى:

أحزابها سرية، فالتجمع السلمي ممنوع بالقانون
صحافتها بكماء، فحرية التعبير والصحافة ممنوعة بالقانون
حرياتها وحقوق انسانها تُجمد، حيث لا مفوضية أو قانون يرعى وثيقة الحقوق
اذاعتها وتلفازها ( القوميين) محتكران، وبالقانون
من يحق لهم(ن) التصويت معظمهم(ن) نازح أو لاجئي أو لا أمان حوله يمكنه بلوغ صندوق الأقتراع

تقول لي اصلاح قانوني وعدالة وانتخابات!

و ح نشوف!

Post: #15
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: أحمد عثمان عمر
Date: 07-07-2008, 12:56 PM
Parent: #1

الأستاذ/ مجاهد عبدالله المحترم
مرحبا بمساهمتك القيمة والدسمة التي تعتبر إضافة حقيقية للنقاش والتفاكر. تركيزك على الحرية أمر هام وضروري واحترام القانون كأداة منظمة للصراع الإجتماعي وناتجة عنه، أمر لامناص منه إذا شئنا أن نعيش في دولة عصرية تحتفي بالوحدة والتنوع. أشكرك لرفد هذا البوست بهذه المادة الغنية الضاربة في عمق فلسفة القانون، وأتمنى أن تواصل التداخل في هذا الخيط.
شكرا لسؤالك عني فأنا بخير عدا أن المنافي أكلتنا غربة ولعل بلادنا تصبح بخير وكذا أهلنا الكرام،،،
لك تقديري ومودتي الخالصة،،،،
ودمتم

صديقي/ أبوساندرا
قي إنتظار عودتك أود أن تعرف بأنني فقدت أرقام تلفوناتك لذا لم أنتبه لإتصالاتك ضمن سيل الإتصالات التي أكتشفها في لحظات مسترقة بين واجبات العمل. أرجو أن ترسل لي مسج حتى أستطيع تخزين رقم موبايلك مرة أخرى. حتما لم أعرف من أزهري أي موضوع لأنه ببساطة لم يهاتفني.
أتمنى لك التوفيق في التحضير الخاص بقانون الإنتخابات وحبذا لو أغنيت به الحوار هنا بعد إنتهاء ندوة رابطة القانونيين التي نتمنى أن يسمح لنا الوقت بحضورها.
لك الود والتقدير،،،
ودمتم

Post: #16
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: مجاهد عيسى ادم
Date: 07-07-2008, 02:51 PM
Parent: #1

نحو اصلاح قانوني فاعل ونا يا استاذي ساكون حسن النية واقول ان هذه القوانين صيغت من اجل المستجدات التي طرأت على الواقع السوداني (في فترة الحكم الشمولي للانقاذ) وسيكون هذه القانون المطبقة والمراد اعادة انتاجه وفق لمصلحةالموتمر الوطني وشركاه (بالمصاهرة )بالضرورة يجب ان يتسق هذا القانون مع السوابق ومااستجد بعدها وسافترض جدلا ايضا ان احداث امدرمان هي التي ادت لتفعيل القانون لينتج هذا السيناريو الفاضح في محاكمة المشاركين في احداث امدرمان -
السؤال هل هذا القانون (الارهاب ) يتعامل مع المواطن السوداني على مستوى الوطن؟ اذا لاحظو معي هذه الواقعة وليحاكم مرتكبي الإرهاب جميعا وبذات المواد ..
الشيخ موسى هلال - تم اخراجه من سجن ببورسودان قبل اتمام فترة حكمة بيد المحكمة السودانية (تحت جريمة سرقة لبنك السودان وجرائم قتل اخرى ) - تم اخراج ذات المحكوم عليه بناءا على توصية من المكتب الرئاسي واعيد تصديره ليقوم بما تم اسناده بواسطة محكمة العدل والمحاكم المحلية بإرتكابه جرائم قتل وحرق وتشريد (لموطنين ) سودانيين _ ايضاوبمعرفة سلطة الإنقاذ - والآن وفي ظل انفاذ قوانين الإرهاب - هذا الشيخ يعمل معتمد بمنطقته .
اذا هل هذا القانون مفصل على نهج (جغرافي ) ام (ديمغرافية سكانية ) - وبذات التفاصيل هل من الممكن للولايات انشاء قوانينها ومن ضمنها (قوانين الإرهاب ) وفقا لواقعها الإجتماعي هي في ظل تصنيف السلطة المركزية وفهمها للإرهاب على خلفية القيمة الإجتماعية للمواطن السودان اي انه هل من انتهكت ارواحهم في الريف السوداني (ابيي ) (دارفور) والان الدمازين ) ليسم ضمن الصيغة المطبقة في محاكمات ام درمان ..
اذا اصلاح تلك القوانين يرتبط جزريا باصلاح الأفق الوطني والإجتماعي الذي تتعامل الحركة الوطنية في السودان ) ولا سيكون مع الأسف هذا ما تخطط له الإنتخابات القادمة في تفكيك السودان في ان بمنح مبررات كافية لكل من يرغب في الإنفصال ..

Post: #17
Title: Re: نحو إصلاح قانوني فاعل (دعوة للحوار والتفاكر)
Author: b_bakkar
Date: 07-07-2008, 03:33 PM
Parent: #16


عزيزي الأخ الأستاذ أحمد عثمان

مررت على هذا الموضوع الهام سريعا، ريثما أعود إليه بمهلة
إن مثل هذه المواضيع هي التي ظللنا نتمنى ونترقب أن تكون محور اهتمام الناس ونقاشاتهم سواء في هذا المنبر أو غيره
لأن مشكلة السودان لن يحلها في النهاية حلا عادلا ودائما غير أبناء السودان

في هذه العجالة أود أن أركز على نقطتين أو ثلاث:

أولا، لي سؤال أرجو الإجابة عليه: أ- ما هو التشكيل الحالي للمحكمة الدستورية، من أهم أعضاؤها وما مدى ارتباطهم بنظام الحكم القائم؟ ب - أفهم أن تشكيل المحكمة الدستورية والمحكمة العليا بموجب الدستور المؤقت لم يتم بعد، ومن المفترض أن يتم في الفترة المقبلة، هل هذا صحيح؟

أعتقد أن أهمية هذه المسألة واضحة بالنسبة للإصلاح الدستوري الحقيقي. فما لم توجد محكمة دستورية مستقلة، لا يمكن أن يكون هناك إصلاح قانوني فاعل، لأن الهيئة التشريعية هيئة مصممة لخدمة السلطة التنفيذية لا غير. ومعلوم أن كثيرا من نصوص الدستور المؤقت ما زالت في انتظار التطبيق، وقد نجحت السلطة القائمة في تسويف تشكيل كثير من الهيئات الأساسية لتنفيذ اتفاق السلام الشالم، وبالتالي وضع الدستور المؤقت، بما فيه وثيقة الحقوق، موضع التنفيذ. ومن الراجح أنها ستستطيع التسويف إلى أمد ليس بالقصير.

ثانيا: إن نشر الوعي بالمسائل القانونية أساسي،بالطبع، في أي مجتمع ينزع نحو تحقيق الديمقراطية، وإسهام القانونيين في هذا المجال أمر بالغ الاهمية، ولهذا أشدد على أهمية تصعيد الأنشطة الإعلامية والإجراءات القانونية والدستورية في هذا المجال.

ثالثا: الإصلاح القانوني المطلوب في هذه المرحلة، كما هو واضح، لن يتم بأخوي وأخوك مع السلطة الحاكمة، اللهم إلا أن يفرض بالإكراه عن طريق المزيد من الضغوط لداخلية والخارجية. ونحن، أبناء السودان، يبنغي أن يكون محور همنا البحث في كيفية تصعيد الضغوط الداخلية، بكل الوسائل والأنشطة والإجراءات، السياسية، والدبلوماسية، والقانونية، وممارسة حقوقناالدستورية في التعبير والتنظيم والاحتجاج والتظاهر، رغم القمع المستمر، لكي تضطر السلطة إلى تنفيذ الإصلاحات المطوبة.
وبالطبع ليس هذا بالأمر السهل مطلقا. إنه يحتاج إلى تعبئة القوى السياسية والعام ومنظمات المجتمع المدني وتوحيد جهودها وصبها في اتجاه واحد ليتحقق أي نوع من الضغط المؤثر.

أكتفي، في هذه العجالة، بهذا القدر، وآمل أن أتمكن من العودة مرة أخرى إلى هذا الموضوع القيم الذي تفضلت بطرحه
مع خالص شكري وتقديري

[?B]