المقال الذي قتل صاحبه

المقال الذي قتل صاحبه


05-15-2010, 09:57 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=405&msg=1279867210&rn=0


Post: #1
Title: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-15-2010, 09:57 AM

بقلم اريبيان بزنس، في يوم السبت, 15 مايو 2010

انا اعشق بنت مسعود البرزاني. هذا الرجل الذي يظهر من شاشة التلفزيون ويقول انا رئيسك. لكنني اود ان يكون هو (حماي) اي والد زوجتي.، اي انني ريد ان اكون عديلا لنيجيرفان البرزاني. حين اصبح صهرا للبرزاني سيكون شهر عسلنا في باريس، ونزور قصر عمنا لبضعة ايام في امريكا. سانقل بيتي من حيّينا الفقير في مدينة اربيل الى مصيف (سري رش) حيث تحرسني ليلا كلاب امريكا البوليسية وحراس اسرائيلييون.

والدي الذي هو من (بيشمركة) ايلول القدامى، والذي يرفضه الحزب الديمقراطي الكردستاني الى اليوم تقديم خدمات التقاعد له بسبب انه ليس ضمن صفوف الحزب في الوقت الحالي، ساجعله وزيرا للبيشمركة.

اخي الذي تخرج من الكلية، وهو الآن عاطل عن العمل ويريد الذهاب الى الخارج كلاجئ، ساعيّنه كمسؤول لحرسي الخاص. امّا اختي التي مازالت تستحي ان تذهب الى السوق عليها ان تسوق افخر السيارات مثل بنات العشيرة البرزانية. و أمي التي تعاني امراض القلب والسكر وضغط الدم ولاتملك المال للعلاج خارج الوطن، ساجلب لها طبيبين ايطاليين خاصين بها في البيت. وسافتح لاعمامي دور ضيافة واعيّن ابناء عمومتي واخوالي نقباء و عمداء الوية في الجيش.

لكن اصدقائي يقولون لي "سرو" (تصغير اسم سردشت) دع عنك هذا الامر فهذه عائلة الملا (يقصد الكاتب عائلة ملا مصطفى البرزاني والد مسعود-المترجم) ما ان قالوا انتهى امرك حتى صار قتلك حتمياً. لكنني لست اكفر. احلف بمقبض خنجر ملا مصطفى البرزاني ان والدي قضى ثلاثة ليالي متوالية في احد الجبال مع ادريس البرزاني ابن الملا. لذلك فما الضير ان يقول مسعود البرزاني انا رئيسكم؟ ولكن فليقل الرئيس كم مرة زار حيّاً من احياء اربيل و السليمانية منذ ثمانية عشر عاما وهو رئيسنا؟

ولكن مشكلتي هي ان هذا الرجل عشائري الى درجة لا يحسب اي حساب لاي رجل خارج حدود مصيف سري رش. بنقرة واحدة في شبكة الانترنيت استطيع ان اجد كل زوجات رؤساء العالم لكنني لا اعرف الى الآن كيف هي حماتي؟ (يقصد الكاتب زوجة مسعود البرزاني).

لا اعرف اطلب من مَن ليرافقني لطلب الزواج؟ في البداية قلت اصطحب عددا من الملالي والشيوخ المسنين والبيشمركة القدامى بعد التوكل على الله سنتقدم للخطبة في امسية ما. لكن صديقا لي وهو صحفي قال لي: (ابحث عن الجحوش والخونة الذين قاموا بعمليات الانفال واصطحبهم معك لان مسعود البرزاني يحب جدا امثال هؤلاء).

لكن صديقا آخر قال (اذا تسمع كلامي اقترب من نيجيرفان البرزاني في مؤتمر صحفي واهمس في اذنه انك وراء مهمة خيرية. او اذا لم تستطع فاسأل (دشنى-مطربة كوردية على النسق الاوروبي) ان تدبر لك هذا لامر، فهي تلتقي بهم كثيرا (بعائلة البرزاني).

(نشر في 13/12/2009 )

Post: #2
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-15-2010, 09:58 AM
Parent: #1

(قتل كاتب المقال أعلاه وهو صحفي شاب كان طالبا جامعيا في الصف الرابع اللغة الانجلزية في جامعة اربيل، الشاب القتيل كان اسمه سردشت عثمان- ويقال أن مقالات أخرى لم تحتمل الديمقراطية الجديدة في العراق وهي التالية:

المقال الثاني :

الرئيس ليس إلها ولا ابنته

(نشر في موقع كوردستان بوست في 2/1/2010)

هنا بلدٌ لا يسمح لك ان تسأل كم هو مرتب الرئيس الشهري؟ لا يسمح لك ان تسأل الرئيس لماذا اعطيت كل هذه المناصب الحكومية والعسكرية لابنائك واحفادك واقاربك؟ من اين اتى احفادك بكل هذه الثروة؟ اذا استطاع احد ان يطرح هذه الاسئلة فانه قد اخترق حدود الامن القومي وعرّض نفسه لرحمة بنادقهم واقلامهم. وبالنسة لي بما انني ذكرت في احدى مقالاتي بنت الرئيس، فانني بذلك تجاوزت الخط الاحمر للوطن والاخلاق والادب الاعلامي. ان ديمقراطية هذا البلد هي هكذا، ممنوع التعرض الى اليشماغات الحمراء (تلك التي يضع رجال عشيرة البرزاني على رؤوسهم –المترجم-) والاعصبة، ان فعلت ذلك فلدى القوم حلول نعرفها جميعا. لا اعلم هل بنت رئيسنا راهبة لا ينبغي لاحد ان يعشقها، ام انها مقدسة لا بد ان تبقى ايضا رمزا وطنيا؟

تُرى ما هي مخاطر كتابة كوميدية عن الرئيس؟ جميعنا شاهد فيلم شارلي شابلن الدكتاتور العظيم الذي عرض الآما عظيمة عن طريق الكوميديا.

الكثير من الرسائل الالكترونية التي وصلتني كانت تهددني وتطلب مني ان انشر صورتي وعنواني، كأنني لو كنت سائق سيارة لم يقف عند الاشارة الحمراء. لقد بعثت بصورتي الى هؤلاء الاصدقاء، ولا اعلم ماذا يريدون من صورتي؟

لكن هذه المقالة هي جواب على مقالة احدهم تجرّأ ان يكتب مقالة للرد عليّ، منتحلا اسم فتاة. قبل كل شئ ابارك له انه تجرّأ على ان يرد عليّ. ولكن رجائي من هذا الشخص ان لا يعرّفني (كـ ـ نوشيرواني ـ نسبة الى زعيم حركة التغيير المعارضة نوشيروان مصطفى- المترجم) بل كشاب من شباب هذا البلد. صحيح انني اعطيت صوتي لقائمة التغيير في الانتخابات، وكنت من انصارها الجدّيين واجمع لها الاصوات في المجالس والندوات. لكن كل هذا كان بدافع مبدأ هو: (اننا رابحون حتى ولو بدلنا الشيطان بتلاميذه). اما انت –كما الجميع- كنت قد طلبت مني صورتي الشخصية واسمي الحقيقي، كنت اود ان ابعث لك صورتي وكن على يقين ان اسمي ليس مستعارا، ولكنك لم تضع عنوان بريدك الالكتروني في مقالك حتى ابعث لك ما طلبت. منذ الآن فصاعدا انا كأي شاب لا مبالي في ازقة وشوارع مدينة اربيل، عاصي عن كل اصنام وتماثيل السلطة، ننتظر مثل النبي ابراهيم الفرصة لنكسرها كلها. هذا المقال هو جواب على مقالة نشرت في موقع كوردستان نيت لاحدهم ادعى ان اسمه (افين) تحت عنوان: جواب لاحد الشاتمين في موقع كوردستان بوست.

المقال الثالث :

اول اجراس قتلي دقت

(نشر في موقع كوردستان بوست في 21/1/2010)

في الايام القليلة الماضية قيل لي انه لم يبق لي في الحياة الا القليل، و كما قالوا ان فرصة تنفسي الهواء اصبحت معدومة. لكنني لا ابالي بالموت او التعذيب. سأنتظر حتفي وموعد اللقاء الاخير مع قتلتي. وادعو ان يعطونني موتا تراجيديا يليق بحياتي التراجيدية. اقول هذا حتى تعلموا كم يعاني شباب هذه البلاد وان الموت هو ابسط اختياراتهم. حتى تعلموا ان الذي يخيفنا هو الاستمرار في الحياة وليس الموت. وهمي الاكبر هو اخوتي الصغار وليس نفسي. ما يقلقني في هذه التهديدات هو ان هناك الكثير الذي لابد ان يقال قبل ان نرحل. مأساة هذه السلطة هي انها لا تبالي بموت ابنائها.

أمس اخبرت عميد كليتي انني قبل يوم تعرضت للاهانة والتهديد بالقتل. ولكنه قال لي ان هذه مشكلة تخص البوليس. لا اعلم هل هناك جامعة في العالم يهدد احد تلامذتها بالقتل ثم لا تبالي بذلك وتجلس بكل راحة في صلافتها وانحطاطها؟ كان على عميد كليتي ان يجعل هذه المشكلة تخصه او تخص الجامعة لانني جزء منها. لكنني لم اصدم لانني اعلم منذ وقت طويل ان جامعات هذا البلد ليست بيوت اطمئناننا.

بعد هذا اتصلت بالعميد عبدالخالق مدير البوليس في اربيل. قال لي: "ان رقم التلفون الذي هددك قد يكون من الخارج، او ربما مشكلة شخصية. قد تتكرر التهديدات لكن مدينة اربيل آمنة ولن تحدث مشاكل من هذا النوع". بابتسامة ساخرة كنت اتخيل عما اذا كان ساركوزي هو الذي هددني، لكنني كيف ائمن على حياتي واحد اصدقائي تعرض قبل ايام للضرب والاهانة بسبب عدة مقالات نشرها قبل فترة، اجبر على اثرها ترك هذه المدينة؟

فليحدث ما يحدث، لانني لن اترك هذه المدينة وساجلس في انتظار موتي. انا اعلم ان هذا هو اول اجراس الموت، وسيكون في النهاية جرس الموت لشباب هذا الوطن. ولكنني هذه المرة لن اشتكي ولن ابلغ السلطات المسؤولة. انها خطوة خطوتها بنفسي وانا بنفسي اتحمل وزرها. لذلك فمنذ الآن فصاعداً افكر ان الكلمات التي اكتبها هي آخر كلمات حياتي. لهذا ساحاول ان اكون صادقا في اقوالي بقدر صدق السيد المسيح. وانا سعيد ان لدي دائما ما اقوله وهناك دوما اناس لا يسمعون. ولكننا كلما تهامسنا بدء القلق يساورهم. الى ان نبقى احياء علينا ان نقول الحق. واينما انتهت حياتي فليضع اصدقائي نقطة السطر، وليبدءوا هم بسطر جديد.

يردشت عثمان

ـــــــــــ

** الجيران : لاأحد يشبهه في نبوغه وتطلعة وتنبئه بموته الا اولئك الشهداء الذين رأوا مشهد الشهادة في اول خطوة خطوها على طريق مقارعة الدكتاتورية والأنتماء لشعب مظلوم .. اذكروا دائما سردشت عثمان في سركم وعلانيتكم فهو افضل محاسن موتاكم .. واضربوا به المثل عن معنى التضحية بالنفس من اجل قول الحقيقة .. انه اشجع من كثيرين حادوا عن هذا الطريق فهادنوا الأحتلال ورضوا بالرشوة السياسية وباعوا الوطن .. ياويلاه !

Post: #3
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-15-2010, 09:59 AM
Parent: #2




http://www.arabianbusiness.com/arabic/588210

Post: #4
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: حمور زيادة
Date: 05-15-2010, 10:12 AM
Parent: #3

لا حول ولا قوة الا بالله.
مقالات موجعة و مؤلمة.

Post: #5
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-15-2010, 10:24 AM
Parent: #4

Quote: لا حول ولا قوة الا بالله.
مقالات موجعة و مؤلمة.


آآي والله يا حمور يا حبيب

شوف الكتابة كيف موجعة لحد الموت
وهي أوجع عندما يتنبا الكاتب ويعرف مصيره قبل أن يخط أول حرف فيها
فيا ترى
أهو حرف أم رصاصة؟

Post: #6
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-15-2010, 10:28 AM
Parent: #5

Quote: ** الجيران : لاأحد يشبهه في نبوغه وتطلعة وتنبئه بموته الا اولئك الشهداء الذين رأوا مشهد الشهادة في اول خطوة خطوها على طريق مقارعة الدكتاتورية والأنتماء لشعب مظلوم .. اذكروا دائما سردشت عثمان في سركم وعلانيتكم فهو افضل محاسن موتاكم .. واضربوا به المثل عن معنى التضحية بالنفس من اجل قول الحقيقة .. انه اشجع من كثيرين حادوا عن هذا الطريق فهادنوا الأحتلال ورضوا بالرشوة السياسية وباعوا الوطن .. ياويلاه !

Post: #7
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: الرشيد البصيلى
Date: 05-15-2010, 10:29 AM
Parent: #4

********


مات عظيــــما وهكــــذا يجب ان تموت الرجــــال.



********

Post: #8
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-15-2010, 10:40 AM
Parent: #7

Quote: منذ الآن فصاعدا انا كأي شاب لا مبالي في ازقة وشوارع مدينة اربيل، عاصي عن كل اصنام وتماثيل السلطة، ننتظر مثل النبي ابراهيم الفرصة لنكسرها كلها

Post: #10
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-15-2010, 10:42 AM
Parent: #8

Quote: ********


مات عظيــــما وهكــــذا يجب ان تموت الرجــــال.



********


لا تسقني كأس الحياة بذلةٍ ... بل فأسقني بالعز كأس الحنظلِ

شكراً لك.

Post: #11
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-15-2010, 10:45 AM
Parent: #8

Quote: فليحدث ما يحدث، لانني لن اترك هذه المدينة وساجلس في انتظار موتي. انا اعلم ان هذا هو اول اجراس الموت، وسيكون في النهاية جرس الموت لشباب هذا الوطن. ولكنني هذه المرة لن اشتكي ولن ابلغ السلطات المسؤولة. انها خطوة خطوتها بنفسي وانا بنفسي اتحمل وزرها. لذلك فمنذ الآن فصاعداً افكر ان الكلمات التي اكتبها هي آخر كلمات حياتي. لهذا ساحاول ان اكون صادقا في اقوالي بقدر صدق السيد المسيح. وانا سعيد ان لدي دائما ما اقوله وهناك دوما اناس لا يسمعون. ولكننا كلما تهامسنا بدء القلق يساورهم. الى ان نبقى احياء علينا ان نقول الحق. واينما انتهت حياتي فليضع اصدقائي نقطة السطر، وليبدءوا هم بسطر جديد.

Post: #9
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: د.يوسف محمد طاهر
Date: 05-15-2010, 10:41 AM
Parent: #4

Quote: وانا سعيد ان لدي دائما ما اقوله وهناك دوما اناس لا يسمعون. ولكننا كلما تهامسنا بدء القلق يساورهم. الى ان نبقى احياء علينا ان نقول الحق. واينما انتهت حياتي فليضع اصدقائي نقطة السطر، وليبدءوا هم بسطر جديد.

كلمات ترعب الظالمين , وتقلق مضاجعهم ... وقد تكون سبباً لتعجيل قتله ... يجب أن تكتب بأحرف من نور لتكون نبراساً يضيء الطريق لكل الأقلام الشابة التي تمتلك الحقائق وتفتقد الجرأة ...

Post: #12
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-15-2010, 11:39 AM
Parent: #9

Quote: كلمات ترعب الظالمين , وتقلق مضاجعهم ... وقد تكون سبباً لتعجيل قتله ... يجب أن تكتب بأحرف من نور لتكون نبراساً يضيء الطريق لكل الأقلام الشابة التي تمتلك الحقائق وتفتقد الجرأة ...


شكرا لك د.يوسف محمد طاهر
على المرور الكريم

نعم فالكتابة رسالة تكتب ربما بمداد الموت والألم لكنها تمنح الحب والحياة للآخرين.

Post: #13
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: حسبو عكاشة
Date: 05-15-2010, 11:57 AM
Parent: #12

Quote: الى ان نبقى احياء علينا ان نقول الحق. واينما انتهت حياتي فليضع اصدقائي نقطة السطر، وليبدءوا هم بسطر جديد.

الوحش يقتل ثائراً و الارض تنبت الف ثائر


--
تحياتي صاحب البوست

Post: #14
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-15-2010, 12:13 PM
Parent: #13

Quote: الوحش يقتل ثائراً والارض تنبت الف ثائر

--
تحياتي صاحب البوست



......... يا كبرياء الجرح لو متنا لحاربت المقابر


والتحية لك عزيزي.

Post: #15
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: معتصم ود الجمام
Date: 05-15-2010, 12:15 PM
Parent: #13

ثلاثة مقالات وثلاث رصاصات قتلت الصحفي العراقي الكردي سردشت عثمان


Post: #16
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-15-2010, 01:06 PM
Parent: #15

شكراً أخي معتصم ود الجمام على الرابط الذي لم أطلع عليه سوى الآن، ولو كنت شاهدت الموضوع لديك لإكتفيت بالتعليق لأنني لا أحب فكرة تفريع البوستات.

وقد هزني الخبر صباح اليوم وأنا أطالعه بموقع Arabian Business.

Post: #17
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-15-2010, 01:26 PM
Parent: #16

Quote: في الايام القليلة الماضية قيل لي انه لم يبق لي في الحياة الا القليل، و كما قالوا ان فرصة تنفسي الهواء اصبحت معدومة. لكنني لا ابالي بالموت او التعذيب. سأنتظر حتفي وموعد اللقاء الاخير مع قتلتي. وادعو ان يعطونني موتا تراجيديا يليق بحياتي التراجيدية.

Post: #18
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: الطيب عبد الرحيم خلف الله
Date: 05-15-2010, 02:49 PM
Parent: #17

العزيز العوض الطيب

حقيقة أنها رواية موجعة ومؤئرة ولكنها تجير لصف الثورة من أجل الديمقراطية في العراق أو كما ذكر الفقيد في رسالته /

Quote: وانا سعيد ان لدي دائما ما اقوله وهناك دوما اناس لا يسمعون. ولكننا كلما تهامسنا بدء القلق يساورهم. الى ان نبقى احياء علينا ان نقول الحق. واينما انتهت حياتي فليضع اصدقائي نقطة السطر، وليبدءوا هم بسطر جديد

يردشت عثمان.

هذه الكلمات الثائرة للفتى يردتش (سرو) كانها تعانق ثائرة الشاعر أحمد مطر في وصف النضال الذي يأبى أن يموت ويظل موروث ويبقى بعبعاً يؤرق الطغاة.
قطفوا الزهرة..
قالت:
من ورائي برعم سوف يثور.
قطعوا البرعم..
قالت:
غيره ينبض في رحم الجذور.
قلعوا الجذر من التربة..
قالت:
إنني من أجل هذا اليوم
خبأت البذور.
كامن ثأري بأعماق الثرى
وغداً سوف يرى كل الورى
كيف تأتي صرخة الميلاد
من صمت القبور.
تبرد الشمس..
ولا تبرد ثارات الزهور!

قصيدة الشاعر أحمد مطر: ثارات

من المفارقات أخي العزيز أن يردشت عثمان وأحمد مطر كلاهما من أرض الرافدين الأول من أربيل في الشمال والآخر من البصرة في الجنوب. الأول مات شهيد والآخر يحيى شهيد في منفاه في لندن يصارع الحنين والمرض - كما وصفه المقربون.

يردشت الذي عرّف نفسه في مقاله بـ "سرو" ستظل كلماته مبتدأ كل جملة في النضال لدى كل الشرفاء في بلاد الرافدين، ... إسمه سرو ونعرف أن للسرو تلك الشجرة الأرزية الجبلية (تكثر في جبل مرة) عطر يفوح كالليمون ليذكي ما حوله.

نسأل الله أن يتقبله في مرقده ونسأل الله أن يحفظ أبويه بقدر ما تمنى لهما ولم يستطع تحقيقه، فالله وليهم..


لكم التحية،،

Post: #19
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-15-2010, 03:31 PM
Parent: #18

Quote: يردشت الذي عرّف نفسه في مقاله بـ "سرو" ستظل كلماته مبتدأ كل جملة في النضال لدى كل الشرفاء في بلاد الرافدين،


وكذلك في بلاد النهرين.. الأزرق والأبيض.

شكرا لك عزيزي الطيب.

Post: #20
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: abubakr
Date: 05-15-2010, 08:40 PM
Parent: #19

اليست هذه ثقافة "صدام" ذاتها ...؟؟؟


Quote: سردشت عثمان.. الجرأة على الأسياد../ بسام الهلسه


15/05/2010 13:30

*القتلة الذين اقتادوه ليواجه مصيره، فعلوا ذلك في وضح النهار وأمام الأنظار. لم يأتوا متخفين في الظلام او متنكرين للتمويه على هويتهم، فهم واثقون من أنفسهم ومن قدرتهم، وأرادوا إبلاغ رسالة واضحة لكل من يرى ولكل من يسمع: نحن هنا الأسياد، والويل لمن ينسى هذا...
* * *
في الثامنة والنصف تقريبا من صباح يوم 4-5 الماضي، اجتازت سيارة نقاط التفتيش الكثيرة في مدينة اربيل شمال العراق، دون أن يدقق في هوية ركابها احد، وتوقفت بهدوء امام مبنى كلية اللغات في جامعة صلاح الدين، ثم ترجل راكبوها ليقتادوا شابا في الثالثة والعشرين من عمره على مرأى من طلبة الجامعة ومن الناس الآخرين المتواجدين، هو الطالب في السنة النهائية بقسم اللغة الانجليزية: سردشت عثمان.
* * *
وكما جاءت السيارة بثقة وهدوء، انطلقت بمن اقتادته بهدوء..وبعدها وجد سردشت ملقى على طريق الموصل مقتولا بالرصاص وعلى جسده علامات التعذيب.
* * *
- من فعل هذا؟ ولماذا؟
-لا يحتاج السائل للبحث حتى يعرف الجواب..
فأربيل تحت السيطرة المطلقة لجهاز الامن الكردي المسمى بـ"الاسايش"، وجهاز المخابرات "الباراستن" الذي يقوده مسرور البارزاني، ابن مسعود البارزاني.
و"خطيئة" سردشت هي انه اجترأ على إحدى"المحرمات"، بالمسِ بالعائلة الكردية الحاكمة، ووضع نفوذها وامتيازاتها وتجاوزاتها موضع التساؤل.

لم يقل رأيه همسا، كما هي عادة معظم الناس الذين يلجؤون الى تقنية الاستغابة الدارجة في البلدان المبتلاة بعائلات حاكمة متسلطة . قال رأيه علنا وبشجاعة نادرة تليق بأصحاب الرسالة المؤمنين بقضيتهم، الذائدين عن حقوق الناس في الحرية والعدالة والمساواة، الذين يرون ان انتهاك هذه الحقوق لا يشكِل فقط ظلما يشتكى منه في المجالس الخاصة، بل خطر ينبغي التصدي له ومواجهته على الملأ، وإلا صار عادة طبيعية مألوفة.

* * *
بالطبع، يعرف الجميع هذا، لكنهم يتغاضون عنه تواطؤا او خوفا، او يكتفون بكلام عام يقيهم عواقب المساءلة...
ميزة سردشت انه جاهر بما يؤمن به، وانه شخَص الحالة وحدد من يعنيهم ويتهمهم بعبارات صريحة. وميزته الاخرى انه امتلك موهبة لافتة في التعبير.. موهبة تنم عن طاقة ابداعية واعدة كشفت عنها المقالات القليلة التي كتبها ونشرها. لكن الاسياد المتسلطين من كل الاقوام والأعراق، لا يحبون المواهب الا اذا كانت في خدمتهم..فكيف يكون مصيرها اذا تجاسرت على تحديهم بما يشبه الفضيحة؟

* * *
كتب سردشت عثمان مقالة مدفوعة بحسٍ عالٍ بالحرية والمساواة، منددة بتسلط عائلة البارزاني المحمية من الاميركيين والإسرائيليين، واستئثارها بالامتيازات، بعنوان جسور: " انا اعشق بنت مسعود البارزاني".

فجاءته التهديدات متوعدة، لكنه لم يخف ولم يرتدع، فكتب مقالة ثانية تؤكد على الاولى بعنوان " الرئيس ليس إلها ولا ابنته". فقيل له انه سيدفع الثمن قريبا، فكان ردهُ مقالة ثالثة : " اول اجراس قتلي دقت". وكانت هذه هي مقالته الوداعية الاخيرة التي انتظر فيها قتله الذي لم يتأخر..بل الغريب انه تأخر حتى المقالة الثالثة، فلو ان احدا من العرب كتب ما كتبه سردشت بحق عائلة حاكمة في بلاد العرب، لما تمكن على الارجح من كتابة مقالة ثانية !
* * *
حينما بلغني نبأ تصفية سردشت وقرأت مقالاته، انتابني إحساس بالأسى على فقد واحد من الصادقين الشجعان الذين يُعلون بكلماتهم ومواقفهم النبيلة منارة الكرامة الانسانية.

فإلى عائلته وأصدقائه والمتضامنين معه، أتقدم بعزائي ومواساتي، واشدُ على ايديهم مشاركا لهم مشاعر الفجيعة والغضب.
* * *
سردشت عثمان..يا للشجاعة

Post: #21
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: abubakr
Date: 05-15-2010, 08:48 PM
Parent: #20

Quote: وجاء في المقال/الوصية الأخيرة: 'وعندما في الايام القليلة الماضية قيل لي انه لم يبق لي في الحياة الا القليل، وكما قالوا ان فرصة تنفسي الهواء اصبحت معدومة. لكنني لا ابالي بالموت او التعذيب. سأنتظر حتفي وموعد اللقاء الاخير مع قتلتي...

وصية الصحافي سردشت عثمان: علينا ان نقول الحقيقة- هيفاء زنكنة
http://www.alquds.co.uk

Post: #22
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: talha alsayed
Date: 05-15-2010, 09:11 PM
Parent: #21

الاستاذ العوض

باشمهندس بكرى

هى نفس قصة شهيدنا احمد موسى

طالب فى السنه النهائيه

يختطف من كليته الجامعيه امام زملائه

ويتم العثور على جثته ملقاة على قارعة الطريق

القتله هم هم ببلاد النهرين

او بارض النيلين

Post: #25
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-16-2010, 02:29 PM
Parent: #22

Quote: الاستاذ العوض

باشمهندس بكرى

هى نفس قصة شهيدنا احمد موسى

طالب فى السنه النهائيه

يختطف من كليته الجامعيه امام زملائه

ويتم العثور على جثته ملقاة على قارعة الطريق

القتله هم هم ببلاد النهرين

او بارض النيلين


نعم هو نفس السيناريو، لكن نحن ذاكرتنا مثقوبة.

Post: #23
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-16-2010, 02:18 PM
Parent: #21

Quote: وصية الصحافي سردشت عثمان: علينا ان نقول الحقيقة- هيفاء زنكنة
http://www.alquds.co.uk


الأخ ابوبكر

شكرا لك، ونرجو نقل المحتوى هنا،، حيث أن الموقع المذكور محجوب/ممنوع.

Post: #24
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-16-2010, 02:20 PM
Parent: #20

Quote: بالطبع، يعرف الجميع هذا، لكنهم يتغاضون عنه تواطؤا او خوفا، او يكتفون بكلام عام يقيهم عواقب المساءلة...



هذا تماماً ما يحدث عندنا...


Quote: بالطبع، يعرف الجميع هذا، لكنهم يتغاضون عنه تواطؤا او خوفا، او يكتفون بكلام عام يقيهم عواقب المساءلة...
ميزة سردشت انه جاهر بما يؤمن به، وانه شخَص الحالة وحدد من يعنيهم ويتهمهم بعبارات صريحة. وميزته الاخرى انه امتلك موهبة لافتة في التعبير.. موهبة تنم عن طاقة ابداعية واعدة كشفت عنها المقالات القليلة التي كتبها ونشرها. لكن الاسياد المتسلطين من كل الاقوام والأعراق، لا يحبون المواهب الا اذا كانت في خدمتهم..فكيف يكون مصيرها اذا تجاسرت على تحديهم بما يشبه الفضيحة؟

Post: #26
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: مهيرة
Date: 05-16-2010, 03:27 PM
Parent: #24

Quote: عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر


رحم الله الشاب الشهيد وغفر له

فعلا ذكرنى شهيد الوطن محمد موسى الذى لم (تصل!!!!) الشرطة الانقاذية- حامية الحكام المجرمين الى قتلته بعد!!!!!!!!!

تحياتى

Post: #27
Title: Re: المقال الذي قتل صاحبه
Author: Elawad Eltayeb
Date: 05-17-2010, 12:39 PM
Parent: #26

شكراً دكتورة مهيرة على الطلة الكريمة بعد غياب.

وأهديكم هذا المقال الرائع للأستاذ/ فتحي الضَّـو حول نفس الموضوع:

Quote: هكذا تكلم (سردشت).. وقُتِل!


فتحي الضَّـو

[email protected]

قال الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه (إنهم يعلِّقون أهمية على الحياة، لأنهم لم يعرفوا بهجة الموت. فالناس لم يعرفوا حتى اليوم كيف يقدسون أبهج الأعياد. ولسوف أنبئكم بالموت الذي يُقدِّس الموت. الموت الذي يدفع الأحياء ويجتذبهم بحوافزه وآماله. إن من أكمل عمله يموت ظافراً وحوله من يحفزهم الأمل وتنطوي فيهم الأماني. تعلَّمُوا أن تموتوا هكذا، ولكن اعلموا أن لا ظَفَر لمن يموت إذا هو لم يبارك ما أقسم الأحياء باتمامه. تلك هي الميتة الفضلى، تليها في المراتب ميتة من يسقط في المعركة وهو ينشر عليها عظمة روحه. غير أن ما يحتقره المجاهدون والظافرون على السواء إنما هو ميتتكم الشوهاء التي تزحف لصاً وتتقدم آمِراً مُطاعاً. ما أجمل ميتتي إذا أنا تخيرتها فجاءتني لأنني أطلبها. ولكن متى يجدر بالانسان أن يطلب الموت؟) هكذا تكلم زرادشت!

قال الطالب الشهيد (في الايام القليلة الماضية قيل لي إنه لم يبق لي في الحياة إلا القليل، وكما قالوا إن فرصة تنفسي الهواء اصبحت معدومة، ولكنني لا أبالي بالموت أو التعذيب. سأنتظر حتفي وموعد اللقاء الأخير مع قتلتي. وادعو أن يعطونني موتاً تراجيدياً يليق بحياتي التراجيدية. أقول هذا حتى تعلموا كم يعاني شباب هذه البلاد، وأن الموت هو أبسط اختياراتهم. حتى تعلموا أن الذي يخيفنا هو الاستمرار في الحياة وليس الموت. وهمِّي الأكبر هو اخوتي الصغار وليس نفسي. ما يُقلقني في هذه التهديدات هو أن هناك الكثير الذي لابد وأن يقال قبل أن نرحل. مأساة هذه السُلطة هي أنها لا تبالي بموت أبنائها) هكذا تكلم سردشت عثمان!

يا للمفارقة، (فيردريك نيتشه 1844-1900) الذي صاغ أروع أفكاره الفلسفية بلغة شعرية عميقة وبطريقة ملحمية ضمنها كتابه ذائع الصيت (عندما تكلم زرادشت) ظلَّ يبحث عن الحقيقة ولم يدَّعِ العثور عليها حتى أودت به إلى الجنون. أما (سردشت عثمان) فهو صحافي كردي اقتفى أثره بعد أكثر من قرن من رحيله، وامسك بتلابيب تلك الفريضة الغائبة، ولكنه دفع حياته ثمناً لها. مات كما يموت أبطال الأساطير الأغريقية القديمة.. ذلك الموت الذي يبعث الحياة من جديد. لقد أغتيل سردشت الأسبوع قبل الماضي (4/5/2010) غيلةً وغدراً. ثلاث رصاصات مقابل ثلاثة مقالات كتبها في نقد السلطة الحاكمة (نشرت في الفترة ما بين منتصف ديسمبر 2009 ومنتصف يناير 2010) أما أنا الذي لا يعرف اللغة الكُردية، ولا يزعم سعة اطلاع في ثقافة شعبها المناضل، فإن حدسي الصحفي والانساني يقول لي إن (سردشت) كان اسماً تيمناً بــ (زرادشت). هذا بالرغم من علمي أن الاسم وحده لا يصنع مجداً. أليس فينا من اسمه الأمين وأنت لا تستطيع أن تأمنه على عرضك، ألم يكن منَّا البشير الذي كذب وعده، وأين نحن من النذير الذي سامنا سوء عذاب! مع أن تلك مآلات سبق وأن نصحنا بها شاعر هُمام (أبو الحسن علي بن عبد الغني الحصري) قبل عدة قرون، ولم نستبن النُصح حتى ضحى الغد: مما يزهدني في أرض أندلس/ ألقاب معتصم فيها ومعتضد/ أسماء مملكة في غير موضعها/ كالهرِّ يحكي انتفاخاً صولة الأسد!

رواية السلطة الكذوب تقول إن الصحافي الشاب سردشت عثمان الطالب بالسنة الرابعة النهائية قسم اللغة الانجليزية، اختطف من قبل مجهولين مع أنهم ليسوا بمجهولين، فقد تمَّ ذلك في الصباح الباكر، وعلى مرأى من السابلة.. الغادين والرائحين، أمام جامعة صلاح الدين بمدينة أربيل عاصمة اقليم كردستان. انطلقت به السيارة نحو مكان مجهول. ولكن في اليوم التالي وجدوه جثة في مكان معلوم. وكان مُقيد اليدين حتى وهو ميت، وفي جسده آثار تعذيب واضحة، وطلقات نارية في أماكن متفرقة. كان قد تبقى له شهر واحد على مغادرة الجامعة وحصوله على درجة البكالوريوس، لكنه لم يكن يبالي بذلك، مثلما أن قتلته لم يضعوا لهذا اعتبارا. تربَّصوا به لا ليحرموه قطف ثمرة جهده الأكاديمي فحسب، وإنما ليحرموه حق الحياة وللأبد. ذلك لأنه ببساطة شاء ألا يصمت أمام ممارسات الديكتاتورية الطائفية والعشائرية والحزبية، وصمم أن يفضح المسكوت عنه في دهاليز السلطة الحاكمة (هذا بلد لا يسمح لك أن تسأل كم هو مرتب الرئيس الشهري؟ لا يسمح لك أن تسأل الرئيس لماذا أعطيت كل هذه المناصب الحكومية والعسكرية لأبنائك واحفادك واقاربك؟ من أين أتى احفادك بكل هذه الثروة؟ إذا استطاع أحد أن يطرح هذه الاسئلة فانه قد إخترق حدود الأمن القومي، وعرَّض نفسه لرحمة بنادقهم وأقلامهم) هكذا تكلم سردشت في مقاله الثاني!

إن الذي لا شك فيه، أنه كان يعلم تماماً وعورة الطريق الذي اختطه، بل كان يدرك مصير من يخوض في قضايا مُحصَّنة بــ (تابو) المحرمات. لكنه تحصَّن بشجاعة منقطعة النظير، ولم يَدع للخوف منفذاً يتسلل خلاله إلى قلبه الوديع (فليحدث ما يحدث، لأنني لن اترك هذه المدينة وساجلس في انتظار موتي. أنا اعلم أن هذا هو أول أجراس الموت، وسيكون في النهاية جرس الموت لشباب هذا الوطن. ولكنني هذه المرة لن اشتكي ولن ابلغ السلطات المسؤولة. إنها خطوة خطوتها بنفسي وأنا بنفسي اتحمل وزرها. لذلك فمنذ الآن وصاعداً أفكر أن الكلمات التي اكتبها هي آخر كلمات حياتي. لهذا ساحاول أن أكون صادقا في اقوالي بقدر صدق السيد المسيح. وأنا سعيد أن لدي دائما ما اقوله وهناك دوما أناس لا يسمعون. ولكننا كلما تهامسنا بدأ القلق يساورهم. إلى أن نبقى أحياء علينا أن نقول الحق. واينما انتهت حياتي فليضع أصدقائي نقطة السطر، وليبدأوا هم بسطر جديد) هكذا تكلم سردشت في مقاله الثالث!

كان يمكن لسردشت أن يجعل وهماً خطه على الورق حقيقة، وذلك بالزواج من ابنة الرئيس مسعود البرزاني، أي كان يمكنه أن يكون صهراً لـ (نيجيرفان البرزاني) كما قال في المقال الأول. وكان بوسعه أن يقضي شهر العسل في باريس، كما تمنى. ويعرج على قصر (حماه) المنيف في الولايات المتحدة الأمريكية، كما تخيل. ثم يقضي الصيف على شاطيء (سري رش) كما حلم. ذلك كله كان ممكناً لو أنه لم يكتب مقالاته الثلاثة تلك، وكتب عوضاً عنها مقالاً واحداً يقول فيه للرئيس الذي ودَّ مصاهرته على سنة الله ورسوله (أنت القائد والرائد، أنت المفكر والمدبر، أنت المُلهِم والمُلهَم، أنت هادينا وحادينا وراضينا، أنت من بيده ملكوت الوطن، وله نحيا ومن أجله نموت) لكن مأساة الشاب اليافع أنه أرهف السمع وأرخى سدول عقله لنيتشه وجنونه (أي زرادشت..استحلفك بكل ما أوتيت من قوة ونور وصلاح أن تبصق على هذه المدينة، مدينة بائعي السلع، ثم تكِر راجعاً إلى الوراء. إن الذي يجري في عروق هذه المدينة، إنما هو دم فاسد فابصق عليها لأنها مزبلة تتراكم فيها القاذورات. أبصق على مدينة النفوس الضعيفة والصدور الضيقة، مدينة العيون الحاسدة والأنامل اللزجة، مدينة الوقحين والفجَّار والمعربدين والطامعين البائسين، المدينة التي يتكدس فيها من يأكلهم سوس الفساد، من أهل الشهوات المتآمرين، ابصق على هذه المدينة وعد ادراجك) هكذا تكلم زرادشت!

لم يجعل سردشت لمشروع نقده للسلطة الحاكمة سقفاً معيناً، بل اعلنها داوية على رؤوس الأشهاد (منذ الآن فصاعدا أنا كأي شاب لا مبالٍ في أزقة وشوارع مدينة أربيل، عاصي عن كل أصنام وتماثيل السلطة، ننتظر مثل النبي ابراهيم الفرصة لنكسرها كلها) كأنه كان يعلم أن حياته القصيرة، وما تنطوي عليه روحه القلقة، لا مكان يهديء روعها سوى التحليق في السماء مع القديسين وشهداء الحرية. فلم يتردد في تقديمها قرباناً ينهل من تعاليم نيتشه على لسان زارا أو زرادشت (أن أموت ليزداد حبكم للأرض من أجلي، أيها الأصحاب، أريد أن أعود إلى الأرض التي خُلقت منها لأجد الراحة في أحضانها) ويعلن الضحية بالمقابل تمرده ساخراً (الكثير من الرسائل الالكترونية التي وصلتني كانت تهددني وتطلب مني أن انشر صورتي وعنواني، كأنني لو كنت سائق سيارة لم يقف عند الاشارة الحمراء. لقد بعثت بصورتي إلى هؤلاء الاصدقاء، ولا أعلم ماذا يريدون من صورتي؟) هكذا تكلم سردشت في مقاله الثاني!

يا للشجاعة النادرة، كان يعلم أن الثمن الذي سيدفعه سيكون غالياً، ومع ذلك لم يتقاعس. لأنه كان مؤمناً برسالته، موقناً أن ليل الديكتاتورية مهما طال.. لا بد له من آخر. كان مسلحاً بالكلمة الحرة وقتلته مسلحون بالرصاص. وكأنهم لا يعلمون أن الرصاص لم يفلح مرة واحدة في اسكات الكلمة الحرة. فكلما قتلوا ثائراً أنبتت الأرض لهم ألف ثائر. الديكتاتوريات تخشى النور لأنها لا تستطيع العيش إلا في الظلام. الديكتاتوريات لا تعرف الحقيقة لأنها تدمن الكذب. سردشت مات ليحيا، وجلادوه عاشوا ليموتوا. سردشت أصبح نبراساً لدعاة الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، وقتلته أمسوا نموذجاً للسقوط والتخلف والانحطاط. سردشت اضاء عتمة صنعتها الديكتاتورية في جبين الانسانية، والخطَّاؤون من حماقتهم، أطفأوا بقعة الضوء التي كان يمكن أن يروا بها ضحاياهم!

عندما تقرأ - يا قارئي الكريم - تلك المقالات الثلاثة التي كتبها سردشت، ينتابك مثلما انتابني ذلك الحزن النبيل الذي يخرج من بين الصلب والترائب. تشعر أن أخاً لك لم تلده أمك قد غادر الدنيا وأنت في أشد الحاجة لمؤازرته. تداهمك تلك الأحاسيس اليتيمة وأنت تدرك أن ركناً ركيناً في معبد الحرية قد إنهدَّ عليك وعلى أعدائك. تقسم بأنك كنت تعرفه منذ مولده. تعتقد أن ثمة عروة وثقى آلفت بين قلبيكما. تصر على أنه تؤام روحك. تتمنى لو أنك أوتيت ذلك الفأس الذي أراد حمله لتحطيم الخُشب المُسنَّدة. تشعر بالخزي لأنه استغاث بك ولم تسمع النداء. أيها الناس: لكم وددت أن يقرأ كلماته عبدة أصنام السلطة، الذين دأبوا على حرق البخور، وأدمنوا الوقوف على أبواب السلاطين.. وظلوا يسبحون بحمد الحاكم آناء الليل وأطراف النهار، الذين نُزع الحياء من قلوبهم وباتوا لا يرون في الأوطان سوى محض جثة يعبرون بها للشاطيء الآخر... لمعانقة أحلامهم وما أبأسها من أحلام!!


* ملحوظة: االاقتباسات من كتاب (هكذا تكلم زرادشت) ترجمة فيلكس فارس 1938

ينشر بالتزامن مع صحيفة (الأحداث) 16/5/2010

http://www.sudaneseonline.com/ar3/publish/article_39.shtml