Post: #1
Title: الطيب صالح مظلوما
Author: تراث
Date: 02-19-2009, 03:45 PM
مثل الطيب صالح لا يموت، فهو من أقلية صغيرة جدا من العالمين تخلدوا بالإبداع والريادة. أعماله الروائية والقصصية احتلت منذ زمن مكانها بين الأدب الذي يزيده الزمان توهجا، وكشوفه في الأفق الروائي ستظل تترك أثرها على الإنتاج السردي على مدى الدهر. وسيحتل اسمه دوما مكانه في صدارة كتّاب العالم الكبار، وبشكل خاص سنسعد نحن السودانيين دوما، بأن كاتبنا العظيم منح وطننا صفة أخرى غير صفة بلد الحروب الداخلية، والفشل السياسي المستمر، وجعله بلد الطيب صالح.
دائما ستظل روايات الطيب صالح ممتعة وجميلة وعميقة، ذلك السرد الجاذب الأخاذ، والوصف الذي يحول العادي واليومي، وحتى القبيح، إلى لوحات مترعة بالشعرية والجمال ويلفت إلى مكامن الأشياء؛ والشخصيات التي ترسخ في الذاكرة وتختلط بالوجدان؛ والأماكن التي تعايشها بحميمية كأنك قضيت سنين صباك فيها، وسحر الزمن وهو يتقدم ويتأخر ويعود ويختلط ويدور ويذهب ويأتي وأنت ماضٍ معه ومأخوذ به.. كل ذلك وغيره سيجعل اللذة كلها كامنة في كل قراءة للطيب صالح.. ويجعل مثل كلامنا هذا، وغيره مما يمكن أن يقال أو يكتب عن أدب صالح لا قيمه له مقارنه بما يفعله ذلك الأدب ذاته في نفس المتلقي.
أما الباحثين عن الدلالات والمعاني، فسيجدون في أدب الطيب صالح ضالتهم، حيث يفتح ثراء النصوص وعمقها، في كل لحظة ومع كل ذات قارئة، دلالات جديدة لا حد لها ولا عد.
والحديث عن الدلالات يقودنا إلى ارتباط الطيب صالح عند الكثير من النقاد والكتاب والقراء بروايته "موسم الهجرة إلى الشمال" دون غيرها من أعماله الروائية الأخرى، ويبدو أن ذلك حدث بسبب التأويل السياسي الذي ألصق بموسم الهجرة منذ وقت مبكر بعد نشرها لأول مرة، وقدمها باعتبارها تناولا أدبيا لقضية العلاقة بين الشرق والغرب.
لهذا السبب، ولان السياسي طاغٍ في المجتمع العربي على ما هو جمالي، فقد تم تصعيد موسم الهجرة على بقية أعمال الطيب صالح الروائية، وخاصة منها رواية "بندر شاه"، بجزأيها "ضو البيت" و "مريود"، التي نحسب أنها لا تقل جمالا وعمقا عن موسم الهجرة، إذا لم نقل إنها فاقتها، ووصلت بأدب صالح الروائي إلى قمته الجمالية من نواحي التكنيك، وشاعرية اللغة، وسحرية الأحداث والزمن.. لكن "بندر شاه" كانت عصية على كسل النقاد الباحثين عما هو سهل من دلالات، وصعبة على الدراسات النقدية التي تبحث عن الموضوع في الأدب وتترك الأدب نفسه.. فظلمت موسم الهجرة، وأهملت غيرها من كتابات الخالد صاحب بندر شاه.
لازال هناك الكثير في أدب الطيب صالح سيشغل العالم ويمتعه طويلا.
|
Post: #2
Title: Re: الطيب صالح مظلوما
Author: ضياء الدين ميرغني
Date: 02-20-2009, 03:44 AM
Parent: #1
نحو افق بعيد وفاء للراحل العظيم الأديب الطيب صالح
للكتابة سحرها الآخاذ . ولها لسان يسحر الألباب ، ولكن قليل هم من يمتلكون ناصيتها وحبكة جملها ومفرداتها وقد كان اديبا الراحل الكبير الطيب صالح أحد ابرز فرسانها.
لاديبنا الراحل بصمة عالمية نقلته من التعبير عن الواقع المحلى بلغته الممزوجة بالشعر الى مصاف ابرز كُتاب اللغة العربية فى القرن العشرين بعدد قليل من الروايات مقارنة
بروائين آخرين ، ولكنه استطاع ان ينجز عبرها مشروعه الثقافى الضخم ، فى بلاد تتقاذفها امواج محيط متلاطم من ثقافات وتكوينات مختلفة تكاد ان تعصف بها . وبكيانها
وبكل تأريخها التليد والمجيد ، كان شجاعا فى مواجهة العلة التى ادت الى وفاته كما كان شجاعا وجرئيا فى قولة الحق مهما كان المقصود بها . تنقل فى عدة مناصب ذات طابع ثقافى
وفكرى ونقلنا الى حيث يريد عبر الهامه الادبى والفكرى سواء كانت رواية او مقالة ونحو افق بعيد خير مثال وشاهد .
لم تغب اوجاع الامة العربية ووطنه السودان عن باله وهو فى اشد حالات وجعه جراء الداء اللعين الذى خطف منا ارفع رموزنا واوسمهم مكانة .فمضى وكأنه يلقى بوصيته الينا
أن كفانا ما يحدث فهل من مجيب؟
فرقتنا السياسة والساسة شَر فرقة ، ومزقت اواصرنا ورباطنا مثل تمزيق قماش بالى وهرئتنا مثل ورق اكلته (الاردة) فبتنا عراة ،حفاة، من كل ما نفخر به فى هذا الزمان . وحده قال
ما يجب أن يقال فى حينه ، وفى الزمان والمكان المناسبين. ومضى ينشُد افقه البعيد . وتركنا فى حيرة لا ندرى هل نبكيه ام نبكى انفسنا .
عرَفنا بالعالم وعرَف العالم بنا فمصطفى سعيد لا زال يتجول بيننا ويعيش داخل عربى وسودانى مهاجر فى بلاد الغرب منذ ان خَط اشهر روايته موسم الهجرة الى الشمال ،والتى ترجمت الى مائة لغة
واتوقع عندما يقراء العالم روياته الاخرى التى لا تقل جمالا وحبكة عن موسم الهجرة الى الشمال ،فسيدرى كم كان عظيما هذا الطيب الصالح . اتوقع ان يقبل السودانيون على كتاباته ورواياته وهى عادة متأصلة ان لانعطى الإنسان حق قدره فى حياته ، اتوقع ان يعرفونه ويوفونه بعد غيابه الجسدى مكانه الصحيح .
امنية وامل ظل يراوده فى آخر ايامه التى كان يعلم انها قد دنت وتحدث كثيرا عن هذا الأمر وقال بلسانه مايشتهيه ولكن دمعة سالت على خدوده الوضيئة كذَبت ما كان يأمله وافصحت عن ما كان يدركه.
لك الرحمة والمغفرة اديبا العظيم ونهرنا الثالث الطيب صالح
ضياء الدين ميرغني الطاهر
http://diyamirghani.1toxic.com/admin.php?ctrl=posts&tab=posts&blog=1#post_1
|
Post: #3
Title: Re: الطيب صالح مظلوما
Author: Amin Elsayed
Date: 02-20-2009, 08:31 AM
Parent: #2
|
Post: #4
Title: Re: الطيب صالح مظلوما
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 02-20-2009, 10:54 AM
Parent: #3
كنت ذات مرة اجريت حوارا مع مترجم كتابات الطيب صالح فى القاهرة
السيد دينيس ديفيس
وحول روايات الطيب صالح الاكثر قربا الى نفسه كمترجم قال انها
عرس الزين
والرجل كما تعلم نشا فى السودان ودرس فى حلفا القديمة
قال ان رواية عرس الزين هى الاقرب اليه نفسيا
لما فيها من حميمية فى جانب اللغة
لكن موسم الهجرة فى تصوره اقل درجة من عرس الزين
واخر كلمة طلبت اليه ان يقول رايه فى الطيب صالح فرد بسرعة
يكفى انه الطيب الصالح
رحم الله الطيب صالح
|
Post: #6
Title: Re: الطيب صالح مظلوما
Author: تراث
Date: 02-20-2009, 08:27 PM
Parent: #5
اسماء كبيرة لاناس اعزهم كثيرا ظهرت هنا.. لهم الود كله. وساعود اليهم واحدا واحدا
شكرا لكم ولجميع قراء البوست، والتحايا لكل محبي الطيب صالح له الرحمة والمغفرة.
|
Post: #7
Title: Re: الطيب صالح مظلوما
Author: محمد مختار جعفر
Date: 02-21-2009, 11:44 AM
Parent: #6
... من يتحدث عن الرجل ، يدرك تماما أنه امام هامة سامقة شامخة ،
( يا سماء ما طاولتها سماء ) فيتحسب لكل كلمة يقولها فى حقه ،
فالنبكى اليوم وغدا .. ويحق لنا البكاء ..
نبكى إنسان فى قامة وطن ، ذلك الوطن الذى يموت فيه كل يوم إنسان ،
وليس كل إنسان ..!!
شكرا أخى تراث .. محمد مختار جعفر
|
Post: #8
Title: Re: الطيب صالح مظلوما
Author: تراث
Date: 02-21-2009, 08:48 PM
Parent: #7
شكرا اخي العزيز محمد مختار..
شكرا الطاهر.. شكرا لحضورك الجميل.. وشكرا خاصا لانك انزلت كلماتك المنصفة عن رائعنا الطيب صالح في هذا البوست.. علك تتفق مع في ان بقية اعمال الطيب صالح الروائية غير موسم الهجرة للشمال لم تاخذ ماتستحقة من اهتمام واحتفاء، وهي جديرة بان تتبوأ مركزها بين اجمل وأروع ما كتب في العالم.
|
|