أسطورة أم معبد في السيرة النبوية الشريفة (1/2) / غالب حسن الشباندر

أسطورة أم معبد في السيرة النبوية الشريفة (1/2) / غالب حسن الشباندر


06-10-2007, 05:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=337&msg=1193136008&rn=0


Post: #1
Title: أسطورة أم معبد في السيرة النبوية الشريفة (1/2) / غالب حسن الشباندر
Author: Sabri Elshareef
Date: 06-10-2007, 05:07 PM

أسطورة أم معبد في السيرة النبوية الشريفة (1/2)
GMT 9:00:00 2007 الأحد 10 يونيو
غالب حسن الشابندر



--------------------------------------------------------------------------------


تنوية مرة اخرى :
قلت واكرر القول أن الفترة الزمنية المحصورة بين مبعث النبي الكريم، نبي الرحمة والعلم حتى سنة مئة للهجرة تشكل منبع المُشكِل الاسلامي الذي نعيشه لمئات السنين، أقصد النزاعات العقدية والسياسية والفكرية والمذهبية، تلك النزاعات التي صبغت تاريخنا بالدم، ومازالت، بل هي اليوم تشكل منبع الخطر الذي يهدد الامة بحروب جديدة قد لا تبقي ولا تذر، وهي فترة غامضة، مبهمة، إذ رصيدنا من الاطلاع عليها هو الشفاهي، ما عدا كتاب الله عز وجل، فيما يستند العقل المسلم على الموروث من هذه الفترة من سنة نبوية مزعومة، وسيرة صحابة مدعاة، وتاريخ رجال كبار تلاعبت الاهواء والعصبيات في تكبيرها أو تحجيمها، ليشكل هذا العقل مسيرته وفلسفته ومستقبله وطريقة تفكيره واحكامه من هذا التراث المشوب بالشك والإرتياب، ا لتراث الفوضوي المتعفن في كثير من معادلاته، فقراته، تصوراته.، فإن نشأة هذه الفرق تدين إلى هذا الموروث من هذه الفترة، والتشكيك المتبادل بين هذه الفرق يعتمد مادة هذا التراث، والفقه الذي يقتل الانسان ويهين كرامة أعز المخلوقات الربانية يرتكن إلى مادة هذا التراث، واليوم يستيعن القتلة الارهابيون والتكفيريون بهذا التراث لا غير، فيما هو تراث هش، مبهم، نقاط الفراغ الخفية تملا جسده الصلب ظاهرا، الفجوات تنخر في باطنه، تعج تضاعيفه بالتساؤلات والشكوك والظنون، فلست أدري كيف يمكن أن نُخدع بمثل هذا الترث الأجوف، حتى السقيفة التي ساهمت وتساهم في تشكيل الجنبة العقدية من عقل المسلم، التي كانت وما زا لت مسؤولة عن دماء ودموع وآلام وأحزان وكوارث، حتى السقيفة هذه يحوم حولها شك عميق، إذا لم يكن شك في أصلها إجمالا، ففي تفريعاتها وتفاصيلها، وتلك هي ( ثورة ! ) الامام الحسين عليه السلام التي تحولت إلى مائدة ارتزاق وافتعال، وبواعث حروب واشتعالات مذهبية... حتى هذه ( الثورة !) تحتاج إلى مراجعة نقدية قاسية، وقد قام كاتب هذه السطور بقسط من هذه المحاولة، وربما يتذكر قرائي الا عزاء في ايلاف تلك المقالات التي بلغت أكثر من 17 مقالة عن ( ثورة ! ) الحسين وكيف أنها استطاعت لحد كبير ان تكشف عن الكثير من الزيف الذي دُسّ في روح العمل الحسيني الجبار، فحرفها عن صورتها الإنسانية الناصعة... من هنا أقول بتنخيل السيرة النبوية الكريمة، فإن سيرة النبي اكتست طابع الاسطورة والخرافة والخوارق فيما هي سيرة بشر عادي رغم أنه موحى إليه عليه صلوات من ربه ورحمة وبركات، كأي بشر في حياته العامة، وفي مسيرة دعوته، وفي علاقته مع الأخرين، وفي إدارته للدولة، وفي مواقفه تجاه المستقبل. إن الامة التي تعتمد التاريخ الخرافي المزيف المشكوك في بناء فلسفتها، وتشييد مواقفها، وتحديد رؤاها إنما هي أمة ميتة.
إن نقد تلك الفترة هي البداية للتخلص من هذا البلاء الذي راح ينذر بخطر الانهيار المدمر، الخطر الذي تنتظره الامة، فيما ليس له أي سند حقيقي في عمق التاريخ، سوى أخبار مكذوبة أو مشكوكة، كلها يدعى أنها ترجع لتلك الفترة اليتيمة.
فهذه البحوث هي جزء من جهد عملت عليه لسنوات، ربما يصل الى 2000 صفحة، أرجو من الله تعالى إكماله خدمة لوجهه الكريم، ليس المهم أن نقرا سيرة بل المهم أن نقرا سيرة صحيحة، وا لله من وراء القصد

التعريف بإسطورة ( أم معبد )
1 : من القصص التي حفلت بها كتب السيرة النبوية الشريفة تلك المعروفة بـ ( قصّة أم معبد) وقد وردت عن أكثر من طريق، وقد تداخلت في تضاعيفها الوقائع والأحداث في حدود تلفت النظر، حتى يمكن القول أن من الصعب جدا أن نمسك بنسبة معقولة من التطابق بين عناصر القصة، وذلك لكثرة وسيادة الاختلاف والتباين والزيادة والنقصان والتقدم والتأخر في العناصر المذكورة.ولكن بالإمكان أخذ صورة إجمالية، حيث يُذكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر رضي الله عنه وهما في الطريق من مكة إلى المدينة مرا بإمرأة تدعى ( أم معبد الخزاعية )، تسكن ( قديد ) وكانت هذه المرأة تجلس على الطريق تطعم وتسقي المارّة والمنقطعين، فسألاها خبزا ولحما، فاعتذرت لانها لم تكن تملك شيئا، إلا شاة خلفها الجهد عن الغنم، ولم يكن فيها حليب، وطلب رسول الله صلى الله عليه و أله وسلم الشاة، ودعا فدرّت حليبا غزيرا،كفى الجميع بمن فيهم أم معبد، ثم إرتحل الركب صوب المدينة، فلما رجع أبو معبد ورأي هذا الحدث الغريب سأل أم معبد عن الأمر، فروت له الحادثة، وقد وصفت له النبي الكريم، فادرك أنه الرجل الذي تطلبه قريش.
هذه هي القصة باختصار شديد، ورغم هذا الإختصار إلا أنه لا يلتقي في كثير من عناصره الأساسية مع الكثير من العناصر المؤسِّسة لهذا الطريق أو ذاك، أي الطرق المتعددة التي نُقِلت إلينا بواسطتها الرواية، الأمر الذي يؤكد إضطراب المضمون إضطرابا شديدا 1، وقد أنتبه أهل السيرة والتاريخ إلى هذا الاضطراب والتشتت في عناصر ومكونات القصة على اختلاف أو بالاحرى تعدد طرقها، ولذا قال البيهقي ( يُحتمَل أن هذه القصص كلها واحدة ) 2، وألحق البيهقي نفسه قصة أخرى بقصة ( أم معبد ) لوجود بعض التجاذب بينهما، قائلا ( وهذه القصّة شبيهة بقصة أم معبد، والظاهر أنها هي والله أعلم ) 3، ويسوق بعض المحدثين وا لمؤرخين نفس القصّة من حيث جوهرها العام، عن ابن مسعود،ولكن زمنها يرجع إلى ما قبل الهجرة، في حين أن جوهر القصة واحد تقريبا، إذ تقول أن الرسول الكريم وأبا بكر رضي الله عنه فرّأ من المشركين، والتقيا غلاما عنده غنم، وطلبا أن يسقيهما لبنا، فرفض بحجة أنه مؤتمن، فقالا له (... هل عندك جذعة لم ينز عليها الفحل بعد، قلت / أي الغلام / فأتيتهما بها، اعتقلها أبو بكر واخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ا لضرع فدعا، فحفل الضرع، وجاء أبو بكر بصخرة مقعرة فحلب فيها، ثم شرب هو وأبو بكر وسقياني، ثم قال للضرع أقلص فقلص ) 4.
هذا الغلام هو عبد الله بن مسعود !! والقصّة شبيهة في روحها الصميمية قصّة أم معبد، ويعلق الحافظ ابن كثير وغيره أن هذه القصة كانت قبل ا لهجرة.
2 : قال الشبلنجي ( وفيها ما رواه الزمخشري في ربيع الأبرارعن هند بنت الجون، نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة خالتها أم معبد، فقام من رقدته، فدعا بماء فغسل يديه ثم تمضمض، ومج في عوسجة إلى جانب الخيمة، فاصبحنا وهي كاعظم دوحة، وجاءت بثمرة كأعظم ما يكون الورس ورائحة العنبر، وطعم الشهد، وما أكل منها جائع إلا شبع، ولا ظمأن إلا ّ روي، ولا سقيم إلا بريئ، ولا أكل من ورقها بعير ولا شاة إلاّ درّ لبنها، فكنا نسميها المباركة، ويأتينا من البوادي من يُستشفى بها، ويتزوّد منها حتى أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها واصفرّ ورقها، ففزعنا،فما راعنا إلاّ نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم،ثم أنها بعد ثلاثين سنة أصبحت ذات شوك من اسفلها إلى أعلاها، وتساقط ثمرها وذهبت نظرتها، فما شعرنا إلاّ بقتل أمير المؤمنين علي عليه السلام، فما أثمرت بعد ذلك، وكنا ننتفع بورقها،ثم أصبحنا مهمومون إذا أتانا خبر قتل الحسين بن علي عليه السلام، ويبست على أثر ذلك وذهبت ) 5
وما عليه الزمخشري نقلا عن أبنة أخت أم معبد، أي (هند بن الجون ) حكاية أخرى، جديدة، تضاف في سياق قصة الشاة، وما أتصل بها من أجواء وملابسات وأحداث، لأننا لم نجدها في الطرق التي روت قصّة أم معبد المذكورة.
العنصر الأساسي في رواية هند هي الشجرة، وتطوراتها الغيبية الخارقة، وقدرتها على مواجهة التاريخ، وتجاوبها المنسجم مع أحداث مخصوصة بالأهمية، والجلالة عند المسلمين، وهو الإيقاع الذي طالما نلتقي به على صعيد المأثور في التاريخ الإسلامي، وعلى وجه الخصوص في عزوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومقتل الصالحين والعبّاد والأئمة وأهل العلم وغيرهم من الرموز الدينية والروحية، وهو أمر نجده في تاريخ الأمم الأخرى أيضا.
العنصر الخارق في قصّة أم معبد الأساسية يتمثل في موضوع ( الشاة ) وقد اتخذ هذا العنصر صفة خارقة حدوثا واستمرارا.
لقد كانت ( الشاة ) جافة الضرع،ولكن بدعاء ر سول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبمسِّه على ضرعها أو ظهرها أو كليهما معا درّت، وكان حليبها غزيرا رغم أنها مجهدة، على أ ن الشاة هنا تدخل تاريخا جديدا،لقد ولّى ضعفها، وحلّت بها بركة الحياة والعطاء، وبقيت تتحدى سنة التاريخ، فعن أم معبد نفسها أن هذه الشاة بقيت إلى خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أي سنة ثمان عشرة، وقبل سبع عشر من الهجرة 6، بقيت تعطي حليبها المبارك طوال هذه المدة غير الطبيعية، والغريب أنها ماتت في سنة معروفة بالجدب والقحط، تلك التي عُرِفت ب( عام الرمادة )، أي أن الشاة هنا لم تستمر في مقاومة سُنن الطبيعة والحياة.
3 : لم تقف عملية التقادم الخارق إلى هذا الحد، إذ نقرا في سيرة دحلان ( أنها ـ أ م معبد ــ لما شاهدت هذه المعجزة تسلّفت من جيرانها شاة أخرى، وذبحتها إكراما له صلى الله عليه وآله وسلم، فشاهدت فيها معجزة أخرى، حيث أكل منها صلى الله عليه وآله وسلم هو ومن معه، وملات سفرتهم منها، وبقي أكثر لحمها عن أم معبد ) 7.
هذا السرد السريع يكشف عن تكاثف العمل الخارق، أي تصاعد واتساع مفرداته، واستدعاء أحدها للأخر بسرعة فائقة، والحالة هذه تذكرنا بقصة سراقة، وقصة العنكبوت والحمامة والشجرة، حيث نلتقي بنفس المطعيات، إذ يبدأ الحدث الخارق في حدود بسيطة، ثم ينمو أُفقيا وعموديا، وتتكاثف صوره وتجلياته وظهوراته بالتتابع والإطراد.

نظرة في نواة الحدث
إن نواة الحدث الذين نحن في صدده هو ( الشاة المعجزة )، والصميم من قضيتها، أنها كانت مُجهَدة، ولم ينز عليها فحل، ولكن بدعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم درّت وسقت الجمع الجامع... كل الحوليات التي تدور حول هذه النواة مضطربة، من طريق إلى آخر، ولكي نكون على تماس حيوي مع هذه المفارقة نوجز بعض مصاديقها.
1 : في طريق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بالشاة المُجهَدة الحائل وببركة يده ودعائه درّت حليبها، فيما في طريق آخر أن أم معبد أخبرت النبي الكريم بفقر ذات يدها،ولكن في السماء رجع ابنها باعنز، فبعث بعنز مع أبنها إلى الرسول وجرت المعجزة 8.
2 : وفي رواية يونس عن ابن اسحق لم تكن هناك شارة واحدة بهذه الحالة، بل أكثر (... فقالت ــ أم معبد ــ والله ما عندنا طعام ولا لنا منحة ولا شاة إلا ّ حائل، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض غنمها، فمسح ضرعها بيده، ودعا الله وحلب في العس حتى أرغى، وقال : أشربي يا أم معبد، فقالت أشرب، فأنت أحق به، فرّده عليها فشربت،ثم دعا بحائل أخرى ففعل مثل ذلك فشربه، ثم، دعا بحائل أخرى ففعل بها مثل ذلك فسقى دليله، ثم دعا بحائل أخرى ففعل مثل ذلك فسقى عامرا ) 9. فيما هي في الطرق الاخرى شاة واحدة 10. تلك التي كانت مجهدة جدبة، ثم درّت ببركة الدعاء و استمرت حتى ( 17 ) للهجرة.
3 : وفي طريق آخر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسح ضرع الشاة، وفي آخر مسح على ظهرها 11.
4 : وفي رواية أن أم معبد بعثت بالعنز المذكورة مع ابنها إلى النبي الكريم، فيما في رواية أ خرى أ ن النبي العزيز هو الذي بعث معبدا ليدعو له الشاة المُجهَدة. 12.
وفي الحقيقة : أن من هذا القبيل متوفر في هذه القصّة على إمتداد عناصرها واحداثها وتضاعيفها التي رافقت نواة القصّة الأساسية.
إن هذا التباين الكثير يؤثر في مدى تجاوب العقل مع كل ( الحدث ) أو مع أكثر تفاصيله على أقل التقادير، خاصّة إذا كان التباين يصيب كل العناصر المؤسّسة أو معظمها، ولا تسمح هذه الحالة تكوين صورة واضحة جلية يمكن أن نطمأن إليها.

المراجع

1 - راجع على سبيل المثال : تاريخ الاسلام للذهبي،السيرة، ص 329 ــ 331، سيرة بن كثير 2 ص 257 ــ 331، البداية والنهاية 3 ص 188 ــ 192.
2 - دلائل النبوة الجزء الثاني.
3 - المصدر نفسه.
4 - البداية والنهاية 3 ص 193.
5 - نقلا عن حياة النبي للنبي محمّد، قوان الوشنوي ص 278 ــ 279.
6 - السيرة الحلبية 2 ص 48.
7 - السيرة الدحلانية على هامش الحلبيّة 1 ص 319.
8 - البداية والنهاية 3 ص 188 ــ 189، والطريق الاول عن يونس، عن ابن اسحق.
9 - نفس المصدر والصفحة.
10 - طبقات ابن سعد 1 ص 230.
11 - السيرة الحلبية 2 ص 47.
12 - نفس المصدر والصفحة.


Post: #2
Title: Re: أسطورة أم معبد في السيرة النبوية الشريفة (1/2) / غالب حسن الشباندر
Author: Sabri Elshareef
Date: 06-11-2007, 02:23 AM
Parent: #1

up up

Post: #3
Title: Re: أسطورة أم معبد في السيرة النبوية الشريفة (1/2) / غالب حسن الشباندر
Author: الدكتور حسام الدين مصطفي
Date: 06-11-2007, 06:12 AM
Parent: #2

الأخ صبري الشريف

اتق الله
اتق الله
العنوان فيه تشكيك في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، قصة أم معبد واقعة حقيقية وليست اسطورة، ليس هنالك تناقض في مضمونها، ومعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، ويبدو من تحليل هذه الواقعة الذي يوهم بأنه تحليل عقلاني، يبدو أن القصد هو التشكيك في السنة النبوية المطهرة نفسه وتحميلها تبعات ما يحدث الآن
واقعة أم معبد مثلها مثل المعجزة التي حدثت مع حليمة السعدية ، هي بركة هذا الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم.. واليكم معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أم معبد

لما خرج الرسول - صلى الله عليه وسلم- مهاجراً إلى المدينة هو وأبو بكر مروا بخيمة أم معبد، وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة، ثم تَسقي وتُطعم من يمر بها، وكان القوم مرملين – نفدت أزوداهم- مسنتين- أي أصابتهم سنة أي جدب- فسألوها: هل عندها لبن أو لحم يشترونه منها، فلم يجدوا عندها شيئاً. وقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القِرى.

فنظر الرسول - صلى الله عليه وسلم- إلى شاة في كسر الخيمة خلفها الجهد عن الغنم، فسألها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (هل بها من لبن) فقالت: هي أجهد من ذلك، فقال: (أتأذنين لي أن أحلبها)، فقالت: نعم، بأبي أنت وأمي إن رأيت حلباً فاحلبها، فدعا بالشاة فاعتقلها – أي وضع رجليها بين ساقه وفخذه-، ومسح ضرعها وفي رواية: (وظهرها وسمَّى الله) وفي رواية: (ودعا لها في شائها) فتفاجت ودرت، ودعا بإناء يربض رهط فحلب فيه ثجاً – أي حلباً كثيراً- وسقى القوم حتى رووا، وسقى أم معبد حتى رويت، ثم شرب آخرهم. قال الألباني: يرتقي إلى درجة الحسن أو الصحة بطرق. مشكاة المصابيح (5886) ، وقال: (ساقي القوم آخرهم شرباً) أخرجه أبو داود, وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (3168).

ثم حلب فيه مرة أخرى، فشربوا عللاً بعد نهل، ثم حلب فيه آخراً وغادره عندها، وفي راوية: أنه قال لها: (ارفعي هذا لأبي معبد إذا جاءك) ثم ركبوا وذهبوا(1).

قال فقلما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً عجافاً يتساوكن هزلى لا نقي بهن - مخهن قليل- فلما رأى اللبن عجب وقال: من أين هذا اللبن يا أم معبد ولا حلوبة في البيت والشاء عازب؟ فقالت: لا والله إنه مر بنا رجل مبارك، كان من حديثة كيت وكيت، فقال: صفيه لي، فوالله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلب فقالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءه، حسن الخلق، مليح الوجه، لم تعبه ثجلة(2)، ولم تزربه صعلة(3)، قسيم وسيم، في عينيه دعج(4)، وفي أشفاره وطف(5)، وفي صوته صحل(6)، أحول أكحل أزح(7) أقرن(8)، في عنقه سطع(9)، وفي لحيته كثاثة(10)، إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء، حلو المنطق، فصل(11) لا نزر(12) ولا هذر(13)، كأن منطقه خرزات نظم ينحدرن(14)، أبهى الناس وأجمله من بعيد، وأحسنه من قريب، ربعة، لا تنساه عين من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدرا،ً له رفقاء يحفون به، إن قال استمعوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محفود- منصور- محشود لا عابس ولا معتد . فقال –يعني بعلها- هذا ولله صاحب قريش الذي تطلب، ولو صادفته لا لتمست أن أصاحبه، ولأجهدن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً. البداية والنهاية (3/190-191).

قال الدكتور أبو شهبة: (وقد روي أنها كثرت غنمها ونمت حتى جلبت منها جلباً إلى المدينة فمر أبو بكر فرآه ابنها فعرفه، فقال: يا أمه! هذا الرجل الذي كان مع المبارك، فقامت إليه، فقالت: يا عبد الله! من هذا الرجل الذي معك؟ قال: أو ما تدرين من هو؟ قالت: لا، قال: هو نبي الله، فأدخلها عليه، فأطعمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأعطاها، وفي رواية: فانطلقت معي وأهدت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- شيئاً من أقط ومتاع الأعراب، فكساها وأعطاها، قال: ولا أعلمه إلا قال: وأسلمت.

وذكر صاحب "الوفاء" أنها هاجرت وزوجها، وأسلم أخوها حبيش واستشهد يوم الفتح. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة (1/489-490).

وهكذا يضرب الرسول المثل في حب الخير للناس، لقد كان يستطيع أن يرحل عن أم معبد دون أن يحلب لها، ويكفي أنه سقاها وسقى أصحابه، ولكنه - صلى الله عليه وسلم- كان حريصاً أن يصل الخير إلى الناس جميعاً، ولعلها لا تجد ما تطعم منه زوجها إذا حضر فترك عندها ما تستعين به على ذلك.

وكذلك من هذه الحادثة يتبين ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم- من التواضع، فقد سقى أم معبد وأبا بكر ومن معه، ثم بعد ذلك شرب ولم يشرب أولاً. وقال: (ساقي القوم آخرهم شرباً). أخرجه أبو داود, وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (3168). فقد سن - صلى الله عليه وسلم- ذلك وجعل هذا من آداب الشرب بفعله وقوله - صلى الله عليه وسلم-، وكل هذا يدل على صفاته الجميلة الحميدة التي كان عليها - صلى الله عليه وسلم

Post: #5
Title: Re: أسطورة أم معبد في السيرة النبوية الشريفة (1/2) / غالب حسن الشباندر
Author: Mohamed Elgadi
Date: 06-12-2007, 02:51 AM
Parent: #2

Thanks, Sabri..
could you please provide the internet source of this article? I mean the URL..

mohamed elgadi

Post: #4
Title: Re: أسطورة أم معبد في السيرة النبوية الشريفة (1/2) / غالب حسن الشباندر
Author: Sabri Elshareef
Date: 06-12-2007, 01:06 AM
Parent: #1

1 - راجع على سبيل المثال : تاريخ الاسلام للذهبي،السيرة، ص 329 ــ 331، سيرة بن كثير 2 ص 257 ــ 331، البداية والنهاية 3 ص 188 ــ 192.
2 - دلائل النبوة الجزء الثاني.
3 - المصدر نفسه.
4 - البداية والنهاية 3 ص 193.
5 - نقلا عن حياة النبي للنبي محمّد، قوان الوشنوي ص 278 ــ 279.
6 - السيرة الحلبية 2 ص 48.
7 - السيرة الدحلانية على هامش الحلبيّة 1 ص 319.
8 - البداية والنهاية 3 ص 188 ــ 189، والطريق الاول عن يونس، عن ابن اسحق.
9 - نفس المصدر والصفحة.
10 - طبقات ابن سعد 1 ص 230.
11 - السيرة الحلبية 2 ص 47.
12 - نفس المصدر والصفحة.



الاخ حسام لك السلام

من الافضل ان توجه كلامك للمصادر لو فعلا انت صاح معناها مصادر تراثنا الاسلامي غلط

انا انتظر ان تفند ذلك ولا اقول لك اين الصاح لكن رفعت لك كتب انت اكيد لو ما زينت مكتيتك شفتها عند اخرين مثل السيرة للحلبي او ابن اسحق او ابن هشام
اقرا اعلاه

والان تطل علينا فتوة من مشايخ الازهر مصدرها صحيح البخاري لرضاعة الكبير خمسة مرات انا لا اتبعها واراها غير مناسبة لعصري ولا اعلم صحتها من عدمها
لكن لا اكذب الاخر
طالما ان السيرة اصبحت مثل الجزارة تشيل منها ما يعجبك هذا ذكره دكتور حسن حنفي

رضي الله عنه

Post: #6
Title: Re: أسطورة أم معبد في السيرة النبوية الشريفة (1/2) / غالب حسن الشباندر
Author: Sabri Elshareef
Date: 06-12-2007, 04:21 PM
Parent: #1

http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphWriter/2007/6/239723.htm


المصدر لمن يريد المواصلة والاطلاع الكافي

Post: #7
Title: Re: أسطورة أم معبد في السيرة النبوية الشريفة (1/2) / غالب حسن الشباندر
Author: Sabri Elshareef
Date: 06-14-2007, 01:38 AM
Parent: #1

طرق أخرى للراوية المزعومة

وردت هذه القصة بعدة طرق : ـ


أسطورة أم معبد في السيرة النبوية الشريفة (1/2)

الطريق الأول : ما رواه الحافظ البيهقي من حديث يحي بن زكريا بن أبي زائدة ( حدّثنا محمّد بن عبد الرحمن بن ليلى، حدثنا عبد الرحمن الأصفهاني، سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بكر الصديق قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فانتهينا لى حي من أحياء العرب... / وساق الصة / )13
ومها يقال عن حسن السند إلاّ أن فيه علّة، ألا وهي الانقطاع بيت أبي بكر الذي هو أصل الرواية وعبد الرحمن بن أبي ليلى الذي هو الواسطة بين أبي بكر والاخرين، وذلك أن عبد الرحمن المذكور ولد في خلافة الصديق رضي الله عنه 14، ولا يقال أن علاج الانقطاع سهل، لأن عبد الرحمن ثقة، لسبب بسيط جدا، ذلك أننا لا نعرف الذي روى عنه عبد الرحمن، ولا ندري ما هي مقاييسه في اخيتار الرجال، وما لمانع أن تكون روايته هذه عن شياع، كما هو الحال في رواية أكثر أهل الفرق والملل والنحل ؟ فلابد أ ن يكون السند متصلا صحيحا على أقل الشروط، على أن البيهقي ذاته يعلق على القصة بهذا الطريق ويقول (... وهذه القصة شبيهة بقصة أم معبد والظاهر أنها هي، والله أعلم ) 15.
التعليقة تتضمن شكا، فحواه أن القصّة غريبة على المروي، وبالفعل، إذ هي تشذ عن الأخريات بأكثر من إثارة وإشارة، وإلحاقها بقصّة إم معبد إجتهاد من البيهقي، أهمل أثناءه الفروقات الكثيرة على صعيد المضمون بينها وبين الروايات الاخرى 16.

الطريق الثاني : ما رواه الحافظ أبو بكر البزاز (... وحدّثنا يعقوب بن محمد، حدثنا عبد الرحمن بن عقبة بن عبد ا لرحمن بن جابر بن عبد الله، حدثني أبي، عن أبيه،عن جابر، قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق مهاجرين... فأقاما في الغار ثلاث ليال حتى نزل بخيمة أم معبد، فأرسلت إليه ــ أي الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ــ إني أرى وجوها.../ وساق القصّة / ) 17.
قال البزّار : لا نعلمه يُروى إلا بهذا الإسناد، وعبد الرحمن بن عقبة لا نعلم أحدا حدّث عنه إلا يعقوب بن محمد ( الزهري ) 18، وأن كان معروفا بالنسب 19.
المصادر الرجالية تطعن أو تضعّف بعض من رواة هذه الرواية، فقد جاء في كتاب المغني للذهبي، أن أبا زرعة ضعّف ( محمّد بن يعقوب الزهري ) 20، كما أن الكامل في الضعّفاء قال (...حدّثنا أبن حماد، حدثني عبد الله عن أبيه، قال : يعقوب بن محمّد الزهري ليس يسوى شيئا، ويعقوب بن محمّد الزهري مدني ليس بالمعروف، واحاديثه لا يُتابع عليها ) 21. ولقد وثق العجلي والنسائي الرواي عبد الرحمن بن جابر الانصاري، ولكن قال ابن سعد : في روايته ورواية أخيه ضعف، وليس يُحتج بهما 22. والراوي ( عقبة بن عبد الرحمن بن جابر الأنصاري ) ليس له ترجمة في كتب الرجال، وسئل علي بن المديني عن عقبة بن عبد الرحمن، فقال : شيخ مجهول، وقال ابن عبد البر : عقبة هذا غير مشهور بحمل العلم، وهو : عقبة بن أبي عمرو، وقيل : عقبة بن عبد الرحمن ابن جابر، وقيل : أسم جده هشيم.

الطريق الثالث : ما رواه البيهقي أيضا عن طريق أياد بن لقيط،عن قيس بن النعمان، قال (... لما أنطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر مستخفيين، مرّوا بعبد يرعى...) 23. وأبسط ما يقال عن هذه الرواية أنها تحكي قصّة شبيهة بقصّة ( أم معبد ) وليس هي القصّة المعنية 25. وفي السند ( قيس بن النعمان ) لم يرد فيه جرح ولا تعديل 26.

الطريق الرابع : ما رواه ابن سعد في طبقاته (... أخبرنا محمّد بن بشر بن محمّد الواسطي، ويكنى أبا أحمد العسكري، أخبرنا عبد الملك بن وهب المذحجي، عن الحر بن الصباح، عن أبي معبد الخزاعي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر من مكة إلى المدنية هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر... فمرّوا بخيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت أمراة جلدة برزة.... / وساق القصة الطويلة /... ) 27. وأبو معبد الخزاعي هنا لم يوصل روايته بزوجه أم معبد 28، وهذه علّة في الرواية تجعلها عرضة للتشكيك، ولكن لنسلط الضوء على أبي معبد نفسه، فماذا تقول عنه مصادر الرجال وأسفار التراجم ؟
قال في أسد الغابة ( أبو معبد الخزاعي زوج أم معبد، ومختلف في إسمه، فقال أسماعيل : أسمه حبيش، وأنه سمع حديثه من ام معبد في صفة النبي ) 29. وهي كما نرى ترجمة بائسة لا تتيح لنا تكوين صورة جلية عن موضوع حديثه هذا.
وهذا الغموض الذي يكتنف حياة ( أبي معبد ) يحوم حول ( محمّد بن بشر بن محمّد الواسطي ) الذي ورد في سند إبي سعد، عن الواقدي، فهو تارة اسمه ( أبو أحمد بشر بن محمّد السكري ) 30، و أخرى ( بشير بن أحمد الواسطي ) 31، ولم نعثر على ترجمة له.
هذا هو الطريق الرابع إلى رواية أو إ لى قصة ( أم معبد )، طريق غامض،مبهم، لا يسعف بتشييد اعتقاد رصين، فيما ورد من الخبر الخارق على أقل التقادير، على أننا يجب أن لا ننسى أن ( أبا معبد ) لم يكن حاضرا الواقعة، والشيء الغريب هنا حقا، أنه لم يصرح بمصدره، وهو أمر حيوي لتوليد الا طمئنان حتى إذا كان هناك إدراك ضمني للمصدر من قبل السامع أو القارئ، لان المسالة تتصل هنا بمصدر الخبر الحقيقي، الذي يجب أن يكون معروفا، فنحن قد ندرك أن ( أم معبد ) هي التي روت لأبي معبد، وذلك من تضاعيف الرواية، ولكن ينبغي لأبي معبد أن يشير إلى هذه النقطة.
تأسيسا على ما سبق، أي : ــ
أولا : عدم ذكر أبي معبد لمصدره.
ثانيا : ترجمة أبي معبد الفقيرة.
ثالثا : الغموض والابهام في صدد ( محمد بن بشر بن محمّد الواسطي ).
أقول : إن هذا يكفي للتعامل مع الرواية المذكورة على حذر.
قال الحاكم في المستدرك ( وقد علونا في حديث الحر بن الصباح وقال الذهبي في التلخصي بعد أن سرد الإحالة السابقة وغيرها [ ( قلت ) ما في هذه الطرق شي على شرط الصحيح ) أي صحيح البخاري.32
الطريق الخامس :ما رواه الحاكم مفصّلا في مستدركه (... حدّثنا سليمان بن حكم بن أيوب بن سليمان بن ثابت بن بشار الخزاعي، ثنا أ خي أيوب بن الحكم وسالم بن محمّد الخزاعي، جميعا، عن عزام بن هشام، عن أبيه هشام بن حبيش بن خويلد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من مكّة.... / وساق الحديث / ) 33.
دافع الحاكم عن الحديث بهذا السند وأدرج عدة أدلّة على صحته، منها أن الذين ساقوا الحديث من الأعراب الذين لا يفهمون وقد أخذوه عن أبي معبد و أم معبد. ومنها له أسانيد كالأخذ باليد، أخذ الولد عن أبيه، والأب عن جده، ولا إرسال ولا وهن في الروا ة.
المقياس الاول الذي بنى الحاكم عليه حكمه أو موقفه لا يُعتمَد عليه بالنقد العقلي، فقد إنطلق الرجل من أجواء فطرية واجوء خلقية عامّة، وسنأتي على مناقشة مقياسه الثاني.
هذه الرواية أو الحديث الذي أورده الحاكم من طريق هشام بن حبيش أورده كذلك الهيثمي في المجمع 6 / 58، ونسبه الطبراني، وقال : في إسناده جماعة لم أعرفهم. 34.
وفي لحن الحديث وصريحه نفهم أن هشام بن حبيش أخذ هذه المعلومات من خالته ( أم معبد ) التي هي المصدر التاسيسي الحقيقي للرواية بكل ملابساتها وظروفها ونتائجها، ولذا يكون من الأفضل الوقوف عن هذا المصدر التمويني للحادثة في الأساس، حيث نتجاوز التقدير الساذج لوصفها في إطار كونها صاحبيّة !فإن هذا تسطيح مذهل في تقييم المصدر الروائي، الخبري، فهو يلخص الانسان في إمضاء نهائي لأسباب غير معقولة ولا مفهومة على الاطلاق، وأهم ما يجب أ ن نستخلصه من مصدر الخبر في غياب المصادر الاخرى، هو وضوحه، ولا يكفي أن ينقل ثقة أو صدوق، لأنّا لا نعرف الكيفيات التي يتعامل بها هذا الثقة أو الصدوق مع مصدره حتى يمكن الإطمئنان إليه ولو بشكل عام.
من هي أم معبد ؟
كم هي ترجمتها وافية وبالقدر الذي يوفر قناعة لدينا في قبول ما نقلته ام معبد ولاخيها هشام بن حبيش ؟
روى أبو نعيم، من طريق عبد الملك بن وهب المذحجي ما رواه بن سعد في طبقاته في هذه القصّة ، ولكن مع إضافة من عبد الملك ( قال عبد الملك : بلغني أن أم معبد هاجرت وأسلمت ولحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم ) 35.وعبد الملك هذا يتفرق عن عصر أم معبد بزمن طويل، إذ هو يروي عن الحر بن الصباح،عن أبي معبد الخزاعي، ولم يبين عبد الملك شيئا عن الذي أبلغه ولا زمن ذلك ! وبهذه الطريقة ينقل عن إسلام وهجرة ابي معبد مع كل هذه الملابسات.





العودة لـ ( أم معبد )
نعود مرة اخرى إلى ( أم معبد ) نتصفح حياتها في الإصابة فلم نجد إلاّ اسمها ( عاتكة بن خالد...) وقصّة شأنها التي هي محل الدراسة، والنظر، ويذكر لنا ما رواه ابن سعد، عن الواقدي، عن عبد الملك بن وهب المذحجي في خصوص هجرتها 36.
ولإم معبد هذه ولد كما يقولون هو ( معبد ) الذي ورد في رواية الحافظ أبو بكر البزار عن طريق جابر 37، ولم يرد في خصوصه شي إلاّ في قصّة الشاة، ويغيب في الطرق الأُخرى، مع العلم أنه كان مشركا إلى غزوة أحد ! وقد اختلف العلماء في الاسمين، هل هما لشخصين أم لواحد 38.
فإذن ترجمة أم معبد ترجمة فقيرة، مفرداتها ضحلة، وطرقها مبهمة، ومعلوماتها على قلتها مشوشة، وقد يقال أن أ خاها ( حبيش بن خالد ) يشفع لرفع هذا الغموض، في حين لم يُعرف عنه إلا ّ إنه اسلم وشه الفتح مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقتل فيه ( هو وكرز بن جابر كانا في خيل خالد بن الوليد فسلكاغير طريقه فلقيهما المشركون فقتلوهما ) 39.
لقد كانت ( أم معبد ) بطلة روايتها المشحونة بالخوارق، ولكن ليست بطلة حياتها، واعتقد أن مثل هذه الهوية الغامضة المجهولة ( تقريبا ) لا تصح عنوانا تفصيليا لحياة أو مسيرة، ولا تسعف الناقد بالمعلومات الكافية التي تبيح تمحيص خبر ( أم معبد ) بدقة وإطمئنان، وإذا كان حقا أن ( أُم معبد ) قالت هذه الحكاية، فما المانع من دور خيالها في صناعة القصّة أصلاً أو إضافة ( وهو الارجح ) ؟ خاصّة إذا ا خذنا بنظر الاعتبار أن فضاء العمل الخارق في الرواية المنقولة عنها ( حسب طرقها المتعدّدة ) يتسع لأكثر من مصداق، فالشاة المعجزة، من الجفاف إلى العطاء، ومن العمر الطبيعي إلى العمر الذي يتحدّى التاريخ، ثم ذيل الرواية الذي يحكي هاتف الجن الذي عيّن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وخلّد في الاثناء اسم أم معبد في صحائف التاريخ، فالرواية بطريقها الذي نحن فيه تدّعي أن الجن أصبح في مكّة يهتف شعرا.
جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد
ثم يشعر الهاتف الجني ايحكي قصّة الشاة وتفاصيلها، ويرد حسان بن ثابت على الهاتف بشعر مناسب 40، وعلينا أن لا ننسى موضوع الشجرة التي سجّلت عبْر كلام صامت معجز حركة التاريخ الاسلامي في مفاصلها المأساوية ( وفاة رسول الله + مقتل أمير المؤمنين + استشهاد الحسين ) !!


العلاقة بين المستويين
والآن نحاول دراسة العلاقة المتبادلة بين المستويين التكوينين للحدث : ــ
المستوى الأول : مفردات الحدث الخارق الذي هو متن الحدث ولبه.
• إنتفاء الجفاف وانقلابه إلى ضدّه تماما.
• استمرار عمر الشاة إلى (17 أو 18 ) للهجرة.
• عطاء الشاة الغني المستمر (... قالت ــ أُم معبد ــ أنها ــ الشاة ـ إلى عام الرمادة، قالت : فكنا نحلبها صبوحا وغبوتا، وما في الارض لبن قليل ولا كثير ) 41.
• الشجرة التي أثمرت بعد أن كانت جدبة.
• تجاذب حركة الشجرة مع تصاعد وتداعيات حركة التاريخ.
المستوى الثاني : مفردات السند في إحالته القريبة، موضوع الشاة، الشجرة.
• أم معبد : المصدر الأساسي.
• أبو معبد الخزاعي.
• حبيش بن خالد الخزاعي، أخو أم معبد.
• هند بنت جون ابنة اخت أُم معبد.
وقدر ما نلمس تلاحق الخوارق في متن القصّة نلاحظ تكاثف مصادر الإحالة السندية، وأنحصارها عائليا، ويجسد الطريق الخامس سندا عائليا متوازيا بشكل حاسم ( خزاعيون كعبيون )، وقد يتصور البعض أن هذا مصدر قوّة للقصّة، ولكن ليس ذلك با لضرورة، فقد يكون مجدا خياليا، أخترعته ( أم معبد ) وأرا د العنصر الاسري الاحتفاظ به، وكم لهذه الحادثة من نظير ؟ خاصّة إذا كان موضوع المجد أمرا خارجا على قانون الطبيعة، ويتصل بكرامة لها علاقة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهناك إغراء متبادل بين السند والمتن، كل منهما يغذي الاخر بحظ من توفير القناعة لدى السامع أو القاريئ،ومثل هذه الحالة تسترعي التدقيق الطويل.
لقد احتفظت الشاة بتاريخ حيوي مبارك، واتصلت بركتها بشكل جوهري بأم معبد التي لم نعرف متى توفيت وكيف قضيت عمرها بعد هجرتها... أما الشجرة فتاريخها أطول، وكانت بركتها أشمل وأعم، تخطت حدود ( قديد ) وتجاذبت مع تذبذب حركة التاريخ، ولكن كل هذا العطاء وكل هذه المقتربات بقيت حبيسة رواية أ م معبد وحسب.
إن هذه الطرق ـ وهي أهم ما موجود ـ لا يشد بعضها بعضا، كما يقول بعضهم لعلاج نقاط الضعف ا لتي تعتري السند والمتن، لأنها طرق بحد ذاتها متداعية، وإذا كان لابد لنا من أن نقبل شيئا من القصّة، فلا يتعدى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرّ بأ م معبد،وشرب من حليب شاتها، وكان كل ذلك وفق قا نون الطبيعة، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم ترك انطباعه الروحي على المرأ ة، فكان كما وصفت من خلق وأخلاق، ولسنا معنيين بكل التفاصيل الخارقة.

المراجع
( 13 ) دلائل النبوة للبيهقي.
14 ) سير أعلام النبلاء 4 ص 263.
( 15 )دلائل البيهقي الجزء الثاني.
( 16 )قارن على سبيل المثال مع رواية يونس عن ابن اسحق ورواية الحافظ أبو بكر البزار وغيرها.
( 17 ) سيرة ابن كثير 2 ص 258.
( 18 ) تهذيب التهذيب 6 ص 232.
( 19 ) سيرة ابن كثير 2 ص 258.
( 20 ) المصدر 2 ص 729.
( 21 ) المصدر 7 ص 149.
(22 ) تهذيب التهذيب 6 ص 153.
( 23 ) المصدر 7 ص 245.
( 24 ) دلائل البيهقي الجزء الثاني.
( 25 ) سيرة ابن كثير 2 ص 264.
(26 ) تهذيب التهذيب 8 ص 404.
( 27 ) طبقات ابن سعد 1 ص 230.
( 28 ) تهذيب التهذيب 8 ص 404.
( 29 ) المصدر 5 ص 300.
( 30 ) سيرة ابن كثير 2 ص 260.
( 31 ) المنتظم لإبن الجوزي 3 ص 57.
( 32 ) مستدرك الحاكم 3 ص 9.
(33 ) المصدر نفسه 3 ص 9.
( 34 ) زاد المعاد لابن القيم الجوزية 3 ص 57.
( 35 ) سيرة ابن كثير 2 ص 263.
( 36 ) الاصابة 8 ص 281 ــ 282، طبقات بن سعد 1 ص 232.
( 37 ) الطريق الثاني.
( 38 ) الإصابة 6 ص 120 ــ 121.
( 39 ) اسد الغابة 1 ص 378.
( 40 ) مستدرك الحاكم 3 ص 10.
( 41 ) الإصابة 8 ص 282.