من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب

من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب


11-01-2010, 06:06 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=331&msg=1291495996&rn=1


Post: #1
Title: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 06:06 PM
Parent: #0

الاشتراكية الوضاءة اسلام القرن العشرين

Post: #2
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: طارق جبريل
Date: 11-01-2010, 06:09 PM

على سبيل التحية

Post: #3
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 06:16 PM
Parent: #2



Post: #4
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 06:24 PM
Parent: #3

مقتطفات من خطاب الحزب الشيوعي الذي ألقاه السكرتير العام عبد الخالق محجوب في مؤتمر المائدة المستديرة مارس 1965م).
مشكلة جنوب السودان ترجع لجذورها إلي فوارق الأثنية والجغرافية، كما هو الحال في بلدان أخري .ومثل هذه المشكلات ، على أي حال ، لم تقف عائقاً في طريق تعايشهم في دولة واحدة تجسد تطلعاتهم ومصالحهم .والشرط الأساسي هو أن تنعقد روابطهم على أرضي صلدة للتفاهم واحترام كل مجموعة للحقوق المشروعة للمجموعات الأخرى. وللمشكلة كذلك جذور عميقة مردها الى السياسة الاستعمارية عندما سعت لعزل جنوب السودان وتسخيره كنقطة انطلاق لتهديد الحركة الديمقراطية في الشمال ، وكقاعدة لمخططاته في قلب.
ومن عوامل الفشل التي تقع مسئوليتها على الشمال لحل مشكلة جنوب السودان في الفترات الماضية تتمثل في تطبيق ديمقراطية شائهة في الفترة الانتقالية ومنذ الاستقلال . وبالرغم من أننا نجحنا من بناء مؤسسات الحكم ب
طريقة صحيحة بمجلسين للنواب والشيوخ ومجلس وزراء مسئول أمام البرلمان إلا أ، القوانين الإستعمارية استمرت كما هي ، وسلبت شعبنا من حقوقه الأساسية ، وبقيت المؤسسات الإستعمارية الاقتصادية دون أن تطالبها يد التغيير أو الإصلاح ، وكذلك الحال بالنسبة لجهاز الدولة العتيق . وكنتيجة لذلك لم يأت الاستقلال بأي تغييرات مادية لصناع الاستقلال ، وبقى جهاز الدولة غريباً ومتسلطاً على الشعب ومعاد له. كل ذلك نتيجة لغياب قيادة سياسية قادرة على التخطيط للمستقبل بصير ونكران ذات، ومؤهلة لإحداث تنمية حقيقية وتغيرات عميقة في المجتمع .
ومن الأهمية بمكان في ذات الوقت تلك الأخطاء التي يتحمل مسئوليتها السياسيون الجنوبيون، فمنذ بداية فترة الحكم الذاتي في 1954 حتي يومنا هذا أظهرت قيادة الحركة السياسية في الجنوب افتقاراً للرؤية الواضحة وطرح برامج التغيير الاقتصادي والثقافي والتنمية الاجتماعية في جنوب السودان. بدلاً عن ذلك استمرار الزعماء السياسيون الجنوبيون ترديد نفس الشعارات والأفكار الغائمة التي افتقرت الأصالة وكشفت مجافاتها للواقع في حالات كثيرة ،وهذا ما أدي إلي عجزها عن امتلاك زمام أمرها في مقابل المؤثرات الخارجية و الهيئات الكنسية الأجنبية والعصبية القبلية .وقد تجلي ذلك السلوك المضطرب لأعضاء البرلمان الجنوبيين، ومعهم بعض الأعضاء الشماليين الذين أرادوا ظهورهم لمسئولياتهم الملقاة على عاتقهم بواسطة ناخبيهم وتحولوا إلي سلعة تباع وتشترى على أيدي الأحزاب السياسية الشمالية في البرلمان ، وهناك عامل آخر وغير مستبعد حال دون تقديم حل مقبول لمشكلة جنوب السودان يتمثل في ضعف وربما غياب الحركة التقدمية في جنوب السودان.
الحزب الشيوعي يأخذ باعتباره الوضع الخاص في السودان باعتباره جهراً وملتقي للثقافات العربية الإسلامية والزنجية، ونعتقد بأن هنالك طاقات كامنة لدي شعبنا يمكن تسخيرها .إذا أولينا عناية كافية لنهضتنا الديمقراطية والبعث الثقافي ومحاربة الأمية والخرافة والسحر وتنمية مراكز البحث العلمي والتنقيب الموضوعي لوضع تاريخنا في سياقة الصحيح، وتشجيع المواطنين الجنوبيين على تنمية تراثهم بكل الاحترام لعادتهم وتقاليدهم.
هذا الحل يمكن الجنوبيين من تطوير مناطق وتحسين أحوال قبائلهم وأسرهم ويقربهم أكثر وأكثر من تقاسم المسئولية الوطنية لبناء اقتصادنا، وكذلك تسريع خطي التناغم في مستويات التنمية بين الشمال والجنوب في أطار مشروع واحد

Post: #6
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 06:33 PM
Parent: #4

لم يطل بي التفكير فقررت دون تردد ان اكرس حياتي لما اعددت له نفسي
مجاهدا في سبيل استقلال الوطن ومن اجل الاشتراكية..
اليست القضية تستحق التفرغ والتكريس للجهد وان يهب المرء حياته من
اجلها؟كم رائع مقال الكاتب السوفيتي نيكولاي استروفسكي في هذا الصدد
ان اثمن ما يمتلك الانسان حياته وهي تعطي له مرة واحدة ولا عودة لها فعليه
ان يعيشها حتي لا يشعر بالندم والمرارة وهو مسجي علي فراش الموت بل عليه
ان يعيشهاحتي يقول :لقد قضيت حياتي في سبيل انبل واعظم قضية .قضية
تحرير البشرية..

Post: #5
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: فيصل محمد خليل
Date: 11-01-2010, 06:25 PM
Parent: #3

اي المشانق لم نزلزل بالثبات آوارها

Post: #8
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 06:37 PM
Parent: #5

فيصول
تحية
ونميط عن زيف الغموض خمارها

Post: #7
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 06:35 PM
Parent: #2

Quote: على سبيل التحية

شكرا علي المرور يا جبريل
ونحن في حضرة الشهيد عبدالخالق محجوب

Post: #9
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: معاوية عبيد الصائم
Date: 11-01-2010, 06:39 PM
Parent: #7

عاش نضال الشعب السودانى

Post: #10
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 06:39 PM
Parent: #7

wageda_9c06Hq.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

Post: #11
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 06:52 PM
Parent: #10

عبد الخالق محجوب: اسم وضئ فى سماء الوطن :





بقلم: الدكتور محمد محجوب عثمان



هذه وريقات قصدت أن أبحر فيها قدر المستطاع بعيدا عن بحور السياسة، رغم غرابة ‏هذا فى سيرة رجل كرس حياته فى هذا الميدان . الا أن عذرى أن المهمةأضخم من ‏قدراتى ، ولهذا آثرت أن تجىء كلماتى عفو الخاطر وأكثر تلقائية علها تضىءبعض ‏جوانب شخصية عبد الخالق محجوب .‏



فى مدارج طفولته ، عاش عبدالخالق عالمه الصغير كواحد من أقرانه سواء بسواء فى ‏لعبهم ولهوهم وحيويتهم الدافقة . وصادف أن قامت عبر هذا روابط مع بعضهم امتدت ‏حقب من الزمن. فى حى العرب ، فى تلك الفترة ، حيث استقر المقام بجدته آمنة بت ‏على ، كان عبد الخالق يتوجه مع شقيقهالأكبر عثمان لقضاء نهاية الاسبوع معها .‏



وكان بين جيران جدته فى حى العرب ، العم صافى الدين ، والعم عبدالعزيز ، والد ‏الشاعر سيد عبدالعزيز . لعب عبدالخالق كرة "الشراب" مع الجنيد صافى الدين ، الذى ‏أصبح فيما بعد لاعبا مشهورافى فريق المريخ فى الخمسينات (القرن الماضى) . وظلت ‏علاقتهما متينة لأمد من الزمن . وربما يكون ذلك سببا فى أن عبدالخالق كان مريخى ‏الميول ، رغم أنه لم يكن يرتاد دور الرياضة . ومن الطريف أن والده ، محجوب عثمان ‏، كان من الأعضاء المؤسسين لنادى الهلال . ولم يبتعد عن النادى الا فى منتصف ‏الخمسينات . ‏



فى منتصف الستينات ، أيام الحكم العسكرى للفريق عبود ، تم اعتقال زعماء المعارضة‏السودانية وابعادهم الى الى جوبا ، حيث وضعوا رهن الاعتقال فى احدى ثكنات ‏الجيش. وقد قرأت فى جريدة الزمان فى سنى مابعد انتفاضة مارس/أبريل مع العم ‏عبدالرحمن شاخور ، قطب المريخ المعروف . ذكر فيه أن الراديو الوحيد داخل المعتقل ‏كان بحوزةالسيد اسماعيل الأزهرى . وقد أسر عبدالخالق للعم شاخور ذات مرة بأن ‏هنالك مبارةستقام مساء نفس اليوم بين فريقى الهلال والمريخ . وقد تمكن شاخور ‏بطريقة ما منالاستحواز على جهاز الراديو من الزعيم الأزهرى لمتابعة المباراة ‏بصحبة عبدالخالق . واكتملت سعادتهم بفوز المريخ . وعلق شاخور بأن عبد الخالق لو ‏لم تشغله السياسةلكان مريخيا "على السكين" .‏



فى حى السيد المكى، حيث تسكن الأسرة، كانت طبول الطائفة الاسماعيلية تملىء ‏الآفاق أمسية كل خميس , وتزدحم حلقات الذكر، وتقام فى حلقتهم كل عام ، حولية ‏العارف بالله ، الشيخ اسماعيل الولى . وقداستأثرت تلك المناسبات بقلوب المريدين . ‏وكان أطفال الحى ومن بينهم عبدالخالق أسعدالناس بهذه الأمسيات الروحية العامرة . ‏كذلك كانت احتفالات المولدالنبوى ، التىتمتد لاحد عشر يوما ، بجامع الخليفة عبدالله . ‏ولنا أن نتساءل عن مدى التأثير التى خلفته النشأة الباكرة فى مثل تلك الأجواء الروحية ‏والاجتماعية على شخصية عبدالخالقفى مستقبل أيامه حيث انبرى لفهم مشكلات الوطن ‏المستعصية وتقديم بعض الحلول لها . ‏



فى احدى المناسبات سألنى صديق لنا ، ان كانت تسمية عبد الخالق قدتمت تيمنا ‏بعبدالخالق ثروت ، رئيس وزراء مصر عام 1922 ، بعد نفى سعد زغلول وبعض‏أعضاء حزب الوفد فى عام 1919 . وكان عبدالخالق ثروت من كبار الباشوات فى ‏مصر وضمن أكثر اقطاعييها ثراءا وعسفا بفلاحيها . ولكن فى حقيقة الأمر ، أن والدنا ‏قد سماه تمجيدا لأحد المآمير المصريين العاملين فى السودان فى تلك الفترة . وكان ‏شجاعا،شهما ، ووطنيا غيورا . وفى عهده خرجت أول مظاهرة سودانية ضد ‏الاستعمار الانجليزى فى مدينة أمدرمان . وقد أبدى المأمور عبدالخالق حسن حسين ‏تعاطفا وتأييدا للحركةالوطنية السودانية الناهضة . وكان لموقفه دلالة على عمق مشاعر ‏الصلة والتضامن بين نضال شعبى مصر والسودان . وبنفس القدر الذى قصد به والدنا ‏تمجيد المأمور المصرى ،كان عبد الخالق محجوب شديد الوفاء للمناضل عرفات محمد ‏عبد الله حيث أسس بعد ثورةاكتوبر مجلة اسبوعية أطلق عليها اسم "الفجر الجديد" ‏تخليدا للمبادرة الوطنيةالكبرى التى استهلها عرفات بتأسيس مجلة "الفجر" ، التى ‏تحولت الى منبر للحركةالفكرية والسياسية فى منتصف الثلاثينات . وكان الموات ‏الثقافى والسياسى قد خيم على البلاد منذ هزيمة حركة 1924 . ‏



وعلى ذكر عرفات محمد عبدالله ، فقدكان كثير التردد على بيتنا طلبا للاختفاء من ‏ملاحقة قلم الاستخبارات ، أى جهازالأمن فى عهد الاستعمار . غير أنى غير متأكد من ‏ان شيئا من ذلك قد علق بذهن عبدالخالق وهو لم يزل فى ميعة الصبى . ‏



ولد عبد الخالق فى يوم 23سبتمبر 1927 . وبدأ مسيرته التعليمية بخلوة الشيخ اسماعيل ‏بجوار منزلنا فى حى المكى . حفظ القرآن وتعلم مبادىء اللغة والنحو الواضح . ومن ثم ‏انتقل الى مدرسةالهداية الأولية وقد أسسها المربى الجليل الشيخ الطاهر الشبلى (والد ‏نقيب المحامين الأسبق أمين الشبلى) . ومنها انتقل الى مدرسة أمدرمان الوسطى، ‏المعروفة بالمدرسةالأميرية .‏



حدثنى شقيقى ، على محجوب الذى سار فى خطى عبدالخالق فى المراحل التعليمية وهو ‏أصغر منه سنا ببضعة أعوام أن عبدالخالق منذ نعومة أظفاره ،حباه الله بذكاء ملحوظ ، ‏وهكذا ظل متفوقا فى كل مراحل دراسته . وفى المرحلةالثانوية شهد له أساتذته بنبوغ ‏مبكر . وفى تلك المرحلة أيضا كان له أستاذ أسمه مستر كرايتون ، متخصص فى اللغة ‏والأدب الانجليزي . وقد كرر مرارا أمام طلابه أن عبد الخالق من الكفاءة وامتلاك ‏ناصية اللغة والأدب الأنجليزى التى تمكنه من تدريسها . فقد انهمك عبدالخالق فى ‏دراسة روائع الأدب والشعر الانجليزى التى تضمنت روايات شكسبير وأشعار شيلى ‏وأليوت وكيتس وغيرهم من العمالقة . ومثل هذه الشهادةوالتقدير جاءت على لسان ‏آخرين منهم أستاذ التاريخ هولت المعروف لمعظم السودانيين . وعلى ذكرتفوقه ‏الأكاديمى وسعة اطلاعه ، لا بأس من الاشارة الى أن عبد الخالق قدبعد اكمال المرحلة ‏الثانوية ، جلس لامتحان شهادة كمبردج فى سنة 1945 وأحرز درجةالامتياز فى كل ‏المواد التى أداها وهى اللغة العربية والرياضيات واللغة الانجليزيةوالكيمياء والفيزياء ‏والأحياء والجغرافيا والتاريخ .‏




‏ وقد تناولعبدالخالق الموضوع متنقلا من طفولته وصباه ‏ The Changing Sky ‏ ‏



ومطلع شبابه والتغيرات التى طرأت على حياته وأفكاره ومايترجاه فى مستقبل أيامه . ‏هذه الواقعة على بساطتها قصدت ايرادها لالقاء الضوء على شخصيةعبدالخالق ‏وملكاتها العالية في تلك المرحلة المبكرة واطلاقه العنان لخواطره التى لاتحدها آفاق .‏



وفى هذا السياق أستصحب ماكتبه الدكتور محمد سعيدالقدال فى كتيبه "ذكريات معتقل ‏فى سجون السودان" حيث يقول : سألت عبد الخالق محجوب عن الطريقة التى اتبعها ‏فى تحمل وطأة الحبس الانفرادى التى تعرض لها ، حيث يتم عز المعتقل عزلا تاما ‏عن كل مظاهر الحياة ، فلا مذياع ولا كتاب ولا أدوات للكتابة . فقال بأنه كان يستلقى ‏على ظهره ويأخذ فى كتابة مقال أو قصة فى ذهنه ويعود المرةتلو المرة لمراجعة ‏فقراتها وتجويدها. ومن ثم ينتقل الى مهمة مماثلة كرياضة لصون الذهن والبدن من ‏أهوال الحبس الانفرادى . ولشدة انغماسه فى ينابيع الأدب الأنجليزى أكاد أجزم بأن ‏عبدالخالق لو لم يكرس حياته لخدمة الاشتراكية وبناء الحزب الشيوعىفى السودان ‏لأصبح أديبا يتعدى أسهامه حدود السودان . فقد تلازمت ملكته فى اللغةوالأدب ‏الانجليزى مع عناية فائقة باللغة العربية ودراسة الشعر العربى . ‏



كان والدنا ، كما هو حال كل الأباء ، يتطلع الى أن يلتحق عبدالخالق بالخدمة العامة فى ‏جهاز الدولة ، وهو آنذاك أقصى مايطمح اليه المرء حيث الأمتيازات والسطوة التى تأتى ‏فى طيات مناصب الخدمة المدنية . غير أن صديق والدناالشاعر المعروف أحمد محمد ‏صالح ، الذى عمل آنذاك كمدير بوزارة المعارف ، كأول سودانى يحتل ذلك المنصب ‏الرفيع فى ظل الادارة اليريطانية. وقد أختير فيما يعد عضوابأول مجلس للسيادة . كان ‏للعم أحمد محمد صالح الفضل فى اقناع والدى بايفادعبدالخالق لمواصلة دراسته فى ‏المملكة المتحدة نظرا لما أظهره عبدالخالق من تفوق علمى . وقبل ذلك كان عبدالخالق ‏قد التحق بكلية الخرطوم الجامعية وغادرها لضعف الامكانات المتاحة لها آنذاك . ومن ‏ثم سافر للقاهرة والتحق بجامعة فؤاد الأول ،التى تحول اسمها لاحقا الى جامعة القاهرة ‏‏. مكث عبدالخالق لمدة ثلاثة أعوام قبل ان يضطره المرض من العودة مبكرا الى ‏السودان . وخلال سنى دراسته فى القاهرة قام بترجمة كتاب "الأدب فى عصر العلم" ‏للكاتب الانجليزى هيمان ليفى . وسنعود فى سياق لاحق لتناول فترة دراسته واقامته فى ‏الخرطوم نسبة لتأثيرها العظيم فى مسار حياتهالسياسية . عاد عبدالخالق الى السودان ‏وقد توثقت صلته السياسية والفكرية مع أبرقادة الحركة الشيوعية المصرية . وأهم من ‏ذلك تعززت صلته مع نفر من الطلاب السودانيين الذين وفدوا القاهرة للدراسة . ومن ‏بين هذه الكوكبة تكونت النواةالأساسية للحركة السودانية للتحرر ، المعروفة اختصارا ‏باسم "حستو" . وقد تحول اسمها فيما بعد الى "الحزب الشيوعى السودانى" . ويجدر هنا ‏أن نذكر بأن عبدالخالق بعد أن قفل راجعا من القاهرة ، حل ضيفا على عمال السكك ‏الحديدية فى عطبرة . وكان لتواجده بينهم أثر عظيم على مستقبل الحركة الوطنية فى ‏السودان ، حيث تمكن من جذب طلائع العمال ومن بينهم قاسم أمين والشفيع والحاج ‏عبدالرحمن والجزولى سعيدوابراهيم زكريا وغيرهم ممن تولوا قيادة الحركة العمالية ‏والسياسية لحقب قادمة . ‏



وأعود ثانية لصلتى بشقيقى عبدالخالق ، فالحق يقال بأننى لم أتلق توجيها عقائديا لحملى ‏على تتبع خطاه . وقد حددت مسارى وانتمائى للحزب الشيوعى لاحقا طواعية ‏واختيارا . وكان حفيا ، ودودا ، شديد العناية باحترام حقى فى التطور كانسان مستقل . ‏وامتدادا للحديث عن بعض جوانب صلتى بعبد الخالق ، أذكر بأنه عندعودته من مصر ‏فى عام 1947 قام عبدالخالق بالحاقى بمدرسة حى العرب الابتدائية الت ىضمت آنذاك ‏أساتذة أفذاذ أذكر من بينهم آدم أبوسنينة ، الذى عمل فى أول جمعيةللسلام فى السودان . ‏وخرج مطاردا الى باريس نتيجة لنشاطه الواسع الذى أقض مضجع المخابرات ‏البريطانية . ومن بين أولئك الأساتذة أيضا أحمد محمد خير الذى عمل لفترةمن الزمن ‏كمندوب للحزب فى مقر مجلس السلم العالمى فى فيينا .‏



فى تلك الأيام ، أذكر تماما بأننى كنت كثيرا عند بزوغ الشمس أحمل أوراقا من ‏عبدالخالق الى المناضل الراحل جعفر أبوجبل فى منزلهم بحى بيت المال . وكنت شديد ‏الاعتزاز والزهو بأداء تلك المهمة المحفوفة بالمخاطر ، وأنا أعلم بأن تلك الأوراق ‏على قدر كبير من الأهمية . وبعد انجاز كل مهمة كنت أشعر بأننى قد أحرزت نصرا ‏على جهازالمخابرات الانجليزية . ‏



غير أن الأثر الباقى على مر الأيام ، هى الرابطة الثقافية التى نشأت بينى وأخى عبد ‏الخالق . وقد كانت أخصب مراحل تلك الصلةعندما كنا سجينين ، (كنت أقضى ‏فترة السجن مدى الحياة لاشتراكى فى انقلاب الشهيدالبكباشى على حامد فى عام ‏‏1959 وكان عبدالخالق آنذاك معتقلا بالسجن المركزى وهو واحد من عدة ‏اعتقالات قضاها متنقلا بين سجون السودان من كوبر الى زالنجى وجوبا ) . ‏كانت رسائل عبد الخالق لى ، والكتب التى يوصى أهلى بارسالها لى من مكتبته ‏الخاصة، حبل وثيق للتواصل لم ينقطع . وطوال فترة سجنى التى امتدت الى ‏خمس سنوات قبل اندلاع ثورة اكتوبر واطلاق سراحنا ، بعث الى ببعض من ‏أمهات الكتب أذكر منها البيان والتبيين ، والحيوان ، والبخلاء للجاحظ ، شرح ‏ابن عقيل (النحو وقواعد اللغةالعربية) ، مقدمة ابن خلدون ، مجموعة قصص ‏تشيكوف ومكسيم جوركى ، ايليا اهدنبرجودوريث لسينج ، سومرت موم ‏ومجموعة كتاب أمريكيين منهم وولت ويتمان (شاعر أمريكى) وكذلك كتاب ‏فرانس فانون "المعذبون فى الأرض".‏



ومن الناحيةالاجتماعية كانت لعبد الخالق وشائج اجتماعية وثيقة مع اناس من مختلف ‏الطوائف والأحزاب والطبقات . وأذكر من بين أعز أصدقائه المرحوم أحمد داؤود ، ‏وكانت له صيدلية قرب نادى الخريجيين . وقد تأثر أيما تأثر لاغتيال عبدالخالق . ‏وكذلك من بين أصدقائه عبدالله محمد فرح ، الذى مازال يحتفظ بأطيب المشاعر نحو ‏عبدالخالق . وكذلك أصدقاؤه عبد الله عبدالوهاب ، من أبناء دفعته فى المرحلة الثانوية ، ‏والمهندس أحمدعمر خلف الله الذى يعمل فى الأمارات والدكتور أحمد حسن آدم (شقيق ‏النقابى المناضل السر حسن آدم من عطبرة) وفى هذا الصدد نشير الى الصداقة الحميمة ‏بين عبدالخالق والأستاذ عبدالكريم ميرغنى ومحمود بابكر بدرى والأستاذ محمد داؤود ‏الذى لازم عبدالخالق خلال سنى الدراسة والنضال فى مصر وتولى فيما بعد مناصب ‏رفيعة فى مصلحةالتعاون . كذلك أذكر الدكتور عبدالغفار عبدالرحيم وهو صديق عبد ‏الخالق فى الحى والدراسة . ومن بين أصدقائه‎‎الأقربين وجيرانه أيضا مولانا ميرغنى ‏مبروك الذىأصبح رئيسا للقضاء أبان فترة الانتفاضة . ومن أبناء دفعته وأصدقائه ‏العديدين أذكر فاروق ميرغنى شكاك وأحمد اسماعيل النضيف والمرحوم د. ابراهيم ‏الشبلى والقائمةطويلة لايتسع الحيز لحصرها. ‏



ومما يذكره شقيقى على محجوب أن الاستاذ أبراهيم نور وكان من أصدقاء عبدالخالق ‏الأثيرين حكى فى جلسة بمنزل الأستاذعبدالكريم ميرغنى – طيب الله ثراه – ذكر ‏الأستاذ نور أنه فى احدى زياراته لانجلترا، التقى بمستر كرايتون وهو من أساتذة ‏عبدالخالق الذين أوردنا ذكرهم آنفا ، سأل عن عبدالخالق – بعد يوليو 1971 – وقد هزه ‏هول ماذكر بأن السفاح نميرى قد دفع بعبدالخالق الى حبل المشنقة – وعلق على ذلك ‏‏"ألم يكن من الأجدر الأبقاء على حياة رجل فى قامة عبدالخالق وعلمه و فكره الثاقب ‏لدفع عجلة التطور فى بلدكم " .ومثل هذه كثير ما سمعناها من أساتذته السابقين وكل ‏الذين تعرفوا عليه من كثب . ويجمعون جل هؤلاء بأن عبدالخاق لم يكن فقدا لأسرته ‏وعائلته بل كان فقدا عظيما للوطن . ونذكرمن بين هؤلاء صديق والدنا الأستاذ الراحل ‏أحمد محمد صالح ، والأستاذ بشير عبادى ،والأستاذ خالد موسى ، والأستاذ أمين زيدان ‏أستاذ الرياضيات المعروف ، وكذلك الأستاذ الطيب شبيكة الذى درس عبدالخالق فى ‏المرحلة الوسطى وكذلك معلم الأجيالالأستاذ الصائم محمد ابراهيم .‏



ويواصل شقيقنا على أنه فى أبريل 1970 قام بزيارة عبدالخالق حيث كان مبعدا فى ‏القاهرة ، وقضى معه نحو عشرين يوماويذكر بأن من بين الذين قاموا بزيارة عبدالخالق ‏فى منفاه ، الأستاذ أمين الشبلى المحامى . وكان يتردد عليه الكاتب المصرى المعروف ‏عبدالرحمن الشرقاوى كما لازمه طوال فترة منفاه الأستاذ الصحفى والكاتب المعروف ‏أحمد حمروش . كذلك لم ينقطع عن زيارت العديد من رفقاء نضاله فى مصر أمثال ‏زكى مراد والأستاذ محمود أمين العالم . ويجدر هنا الى أن صلة سياسية وشخصية متينة ‏قد ألفت بين عبدالخالق والرئيس الراحل جمال عبدالناصر . وقد توثقت هذه الصلة ‏بواسطة المناضل المصرى ، أحمد فؤاد وكان عضوا فى منظمة "حدتو" الشيوعية وكان ‏قاضيا ، وهو الذى أسس لعبد الناصر صلة بحدتو قبل قيام ثورة يوليو وتولى تنسيق ‏المساعدة لحركة الضباط الأحرار بطبع بياناتهمالسرية وتوزيعها ، وكان اسم ‏عبدالناصر الحركى هو "موريس" ، وقد درج على على الحضور بسياره ليتسلم ‏المطبوعات السرية وتوصيلها الى خلايا تنظيم الضباط الأحرار . ‏



كان الرئيس عبدالناصر يسارع الى دعوة عبدالخالق فى كل مرة يحل فيهاعلى القاهرة ‏، ويتبادل الرجلان الآراء فى شئون السياسة وخاصة العلاقات المصرية - السوفيتية ‏التى توطدت آنذاك ، خاصة الجوانب المتعلقة بالعمران الاقتصادى والعسكرى لمصر.‏



لقد كانت تجربة العمل الحزبى الشيوعى شديدة الوطأة على طلائع الشباب الذين ‏انخرطوا فيه بتضحيات عالية . فالفكرة فى حد ذاتها كانت جديدةوعصية بمعنى ما فى ‏مجتمع تقليدى تتحكمه النزعات الدينية وقوة العادات التليدة ،وكل ماينجم عن التخلف ‏والجهل المتفشى فى المجتمع طولا وعرضا ، مما سهل من مهمةالادارة البريطانية فى ‏رسم صورة شيطانية وكالحة عن الفكر الشيوعى ، لاستثارةالمشاعر الدينية المتأصلة ‏ووصم الشيوعية بأنها تسعى الى الغاء الدين ونشر التحلل الخلقى ونسف القيم الفاضلة . ‏



سئل الفريق ابراهيم عبود مرة عن سر معاداته للشيوعية . فكان رده لأن هؤلاء يعملون ‏فى الظلام ، وهذه عينة منالانطباعات التى تصم الشيوعين أنهم أشباح تتحرك فى ‏الظلام . وبالرغم من أن مثل هذه الأفكار تبدو على قدر من السذاجة والابتزال الا أنها ‏كانت من بين الصعوبات التى دفع الشيوعيون ولازالوا جهدا وتضحية عالية لدحضها ‏وكشف خوائها وسوء قصدها . وعبدالخالق ، على سبيل المثال كان متيقظا ومفرطا فى ‏احترام مشاعر عامة الناس ومثابرا فى الكتابة والحديث عن تجربته وكثيرين ممن ‏تبنوا الأفكار الشيوعية . (أرجوأن يجد القارىء سبيلا الى قراءة مقالته الرصينة بعنوان ‏‏"كيف أصبحت شيوعيا" ومقالته عن الشيوعية والدين) وخلاصة ماذكره بأنهم اهتدوا ‏للفكر الشيوعى بعد عناءوكد فى البحث عن أكثر الأفكار مضاءا فى فهم طبيعة ‏الاستعمار وسبل مكافحته وفيمابعد أجدى النظريات العلمية لحل معضلات التنمية ‏والحكم . ‏



‏ لقدعاش عبدالخالق حياة حافلة بالعمل والتجرد وكان أخا كريما لنا ، رقيق الحواشى ،‏حفيا بنا وأسرته وأصدقائه العديدين . وكان مهموما بهموم الوطن ينام ويستيقظ عليه . ‏‏ أرجو أن يوفيه الوطن حقه بحسبانه واحدا من أبر أبنائه به . وفى استشهاده العظيم كتب ‏الشاعر محمد الفيتورى :‏



لا تحفروا لى قبرا



سأرقد فى كل شبر من الأرض



أرقد كالماء فى جسدالنيل



أرقد كالشمس فى حقول بلادى



فمثلى لا يسكن قبرا ‏



‏الدكتور محمد محجوب عثمان ، شقيق الشهيد عبدالخالق محجوبالأصغر . عمل ‏ضابطا بالقوات المسلحة لفترة وجيزة قبل أن تتم محاكمته وهو فى رتبةملازم ثان ‏ضمن مجموعة الشهيد على حامد فى مارس 1959 . صدر الحكم بسجنه مدى الحياة‏قضى جزءا منها وأطلق سراحه فى 21 اكتوبر 1964 . اختير ضمن أعضاء مجلس ‏الثورة الذىأعلن الرائد هاشم العطا فى 19 يوليو 1971 . كان الدكتور محمد محجوب ‏فى مهمة خارجالسودان عند وقوع الانقلاب المضاد وعودة نميرى للسلطة

ولنا عوده


Post: #13
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: بكرى ابوبكر
Date: 11-01-2010, 06:55 PM
Parent: #11

كيف أصبحت شيوعياً؟


لكي أوضح الموقف وغوامضه استميح القارئ عذراً إذا بسطت له جزءاً من تجربتي المتواضعة: كيف أصبحت شيوعياً؟

تجاربي

في نهاية الخرب العالمية، عندما دبّ الوعي الوطني في أرجاء بلادنا انتظمتُ كغيري من الطلبة المتحمسين في غمار هذه الحركة يحدوني أمل هو المساهمة في تخليص بلادي من النير الاستعماري، تحدوني حالة الفقر والبؤس التي كان وما زال يحس بها جميع المواطنين المتطلعين إلى مستقبل مشرق مليء بالعزة والكرامة، وقد علقت الآمال حينذاك على زعماء حزب الأشقاء في تحقيق تلك الأهداف التي أمنت بها. وهكذا وبهذه الآمال العريضة ودعت وفد السودان في مارس (آذار) من عام 1946 .

ولكن هذه الآمال العراض والأماني الحلوة ابتدأت تتضاءل أمام ناظري في القاهرة، وبعيدا عن أعين السودانيين دب التراخي في بعض هؤلاء الزعماء واستسلموا للراحة الشخصية. وفي غمار هذه الحياة الجديدة تناسى هؤلاء الزعماء ما قالوه بأن " قضيتنا لا يحلها اى من الذين ودعونا في الخرطوم واستقبلونا في القاهرة"..... تساءلت ضمن عدد من الشباب الحر، لماذا يتنكر الرجال لما قالوه بالأمس؟ ما هو السر في هذه التحولات التي طرأت على الزعماء ولا يدري الشعب كنهها.

نظرية سياسية

وبمجهودي المتواضع وحسب حدودي الفكرية اتضح لي أن هؤلاء الزعماء لا يحملون بين ضلوعهم نظرية سياسية لمحاربة الاستعمار وإنهم ما أن دخلوا غمار مجتمع متقدم معقد كمصر حتى صرعتهم النظريات المتضاربة فأصبحوا يتقلبون كما تشاء مصالحهم، عرفتُ أن الاستعمار له نظريته السياسية التي يحارب بها الشعوب الضعيفة وان هذه النظرية نشأت على تطور الرأسمالية الأوربية خلال القرن الخامس عشر. وإذا كان لشعبنا المغلوب على أمره أن يتحرر فلابد أن يسير على هدى نظرية توحد صفوفه وتصرع الاستعمار - على هدى نظرية تسلط أضوائها على كل زعيم أو متزعم ولا تترك له الفرصة لجني ثمار جهاد الشعب لنفسه - على هدى نظرية سياسية تخلص الشعب من الجهل والكسل الذهني الذي يتركه كقطع الشطرنج تحركه أيادي الزعماء أينما شاءت.

لقد هداني هذا الجهد المتواضع إلى النظرية الماركسية - تلك النظرية السياسية التي نشأت خلال تطور العلم والتي تقوم على أساس اعتبار السياسة والنضال من اجل الأهداف السياسية علما يخضع للتحليل. ولأول مرة عرفتُ أن الاستعمار ليس شيئا أبديا وإنما هو تطور اقتصادي للرأسمالية الأوربية وانه كبقية الأنظمة خاضع للتطور أي انه سينتهي ويحل محله نظام جديد. وهكذا عرفت أن جميع الزعامات السياسية التي لم تهتد إلى هذا التحليل العلمي للاستعمار واكتفت بإثارة العواطف ضد "الأجانب" لم تصل إلى أهدافها ولم يجن الشعب المؤيد لها ما كان يصبو إليه، أسماء كثيرة تحضرني - سعد زغلول وغاندي ومصطفى كمال أتاتورك وغيرهم. واقتنعتُ بأن زعمائنا يسيرون في نفس الطريق وإننا لن نجني من ورائهم أكثر مما جنت الشعوب الأخرى التي سارت وراء تلك الأسماء.

تناسق الماركسية

وكشخص وضعته ظروف الحياة لا كزارع أو صاحب أملاك - بل كمتعلم نال من بعض التعليم المدرسي، كان لابد لي كغيري أن أقوم بجهد لأنال شيئا من الثقافة ينفعني في تطوير فكري وتوسيعه. ولم أكن أهدف إلى أي ثقافة ولكن الثقافة التي تعطي تفكيرا غير مضطرب أو متناقض للظواهر الطبيعية والاجتماعية... إن النظرية الماركسية تمتاز بالتناسق ولأول مرة تضع قيماً عالية للأدب والتاريخ والفن والفلسفة مما كنا نعتقد أيام الدراسة إنها بطبيعتها لا يمكن أن تكون لها قيم أو تستعملها قواعد وإلا فقدت طبيعتها. إني كفرد يحاول تثقيف نفسه وجدت في النظرية الماركسية خير ثقافة وأنقى فكرة.

إن تجربتي البسيطة توضح أنني لم اتخذ الثقافة الماركسية لأنني كنت باحثا في الأديان، ولكن لأنني كنت وما زلت أتمنى لبلادي التحرر من النفوذ الأجنبي - أتمنى وأسعى لاستقلال بلادي وإنهاء الظروف التي فرضت علينا منذ عام 1898، أتمنى واسعي لإسعاد مواطني حتى تصبح الحياة في السودان جديرة بأن تحيا - ولأنني أسعى لثقافة نقية غير مضطربة تمتع العقل وتقدم البشرية إلى الأمام في مدارج الحضارة والمدنية.

الشيوعية والإسلام

هل صحيح إن الفكرة السياسية الشيوعية في السودان تدعو لإسقاط الدين الإسلامي؟ كلا أن هذا مجرد كذب سخيف. إن فكرتي التي أؤمن بها تدعو إلى توحيد صفوف السودانيين... ضد عدو واحد هو الاستعمار الأجنبي وبهدف واحد هو استقلال السودان وقيام حكم يسعد الشعب ويحقق أمانيه، وان القوى التي تقف حائلا دون إسعاد وحرية السوداني المسلم أو المسيحي... لا يمكن أن تكون الإسلام لأننا لم نسمع أو نقرأ في التاريخ إن الجيش الذي غزا بلادنا عام 1898 هو القرآن أو السنة ولم نسمع أو نقرأ في بوم من الأيام إن المؤسسات الاحتكارية البريطانية التي تفقر شعبنا جاءت على أساس الدين الإسلامي أو المسيحي. إن الفكر الشيوعي ليس أمامه من عدو حقيقي في البلاد سوى الاستعمار الأجنبي ومن يلفون حوله، فأين هذا الهدف من محاربة الدين الإسلامي؟

إن الفكرة الشيوعية تدعو في نهايتها إلى الاشتراكية حيث يمحي استغلال الإنسان لأخيه الإنسان. أين هذا الهدف من محاربة الدين الإسلامي؟

إن الفكرة الشيوعية تدعو إلى إخضاع العلم والمعرفة لحاجيات البشرية من بحوث علمية وطبية وأدبية وتشذيب الإنسان من الخوف والحاجة بإنهاء الظروف الاقتصادية والفكرية التي تنشر الخوف من المستقبل وتدفع الإنسان تحت ضغط الحاجة إلى درك لا يليق بالبشر من سرقة ودعارة واحتيال وكذب. أين هذا الهدف من محاربة الدين الإسلامي؟

بقي أن أقول للدوائر التي أصدرت هذا المنشور: إن الرجل الشريف يصارع الفكرة السياسية بالفكرة السياسية ويعارض فكرة معينة بالحجة والمنطق. إن محاولة تزييف أفكار أعدائكم - أو من تتوهمون إنهم أعداؤكم - بهذه الطريقة الصغيرة لا تليق، فوق أنها عيب فاضح. أما أساليب الدس فهي من شيم الصغار جداً حتى ولو كبرت أجسامهم وتوهموا في أنفسهم علو المقام


عبد الخالق محجوب.

Post: #12
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: ناصر المحسى
Date: 11-01-2010, 06:54 PM
Parent: #10

لا تحفروا لى قبرا



سأرقد فى كل شبر من الأرض



أرقد كالماء فى جسدالنيل



أرقد كالشمس فى حقول بلادى



فمثلى لا سكنقبرا ‏




Post: #14
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: بكرى ابوبكر
Date: 11-01-2010, 06:58 PM
Parent: #12

عبد الخالق يعلق على خطاب الدكتور منصور خالد
فى الملتقى الفكرى العربى 15- 22 مارس 1970

يشرف الملتقى الفكرى العربى عل نهايته عندما أدفع بهذا التعليق للمطبعة ، وسيكون تقييم هذا الملتقى محل جدل قد يطول أمده أو يقصر وفقا لما أصاب من نجاح أو فشل وما قدم من اسهام يضاف الى الملتقى الفكرى السابق بمدينة الجزائر . لهذا السبب وغيره لا أرمى من وراء هذا التعليق الى تقييم هذا الملتقى قبل أن تكتمل الصورة وتتوفر العوامل المساعدة لانشاء مثل ذلك التقييم . .
ولكن ما دفعنى كتابة هو الحديث الذى أرسله السيد وزير الشباب (الدكتور منصور خالد ) فى مطلع الملتقى لأنه يمثل منهجا فى التفكير أثر على الهيئة التى طلع بها الملتقى الفكرى ، ولأنه تناول قضايا فكرية خطيرة بت فيها بالرأى وقطع فيها بالحجة المنهج الذى جرى كالخيط المتصل فى حديث الدكتور منصور سمته وطابعه الغالب الفصل بين الفكر والتطبيق ، بين النظرية والعمل ، سأدخل فى باطن هذه النتيجة فيما بعد بقدر ما لاحظت من تفاصيل ، وفى رأيى أن هذا المنهج الفكرى هو الذى صاغ الملتقى الفكرى على الهيئة التى خرج بها بما طرح من قضايا وما قدم من حلول من قبل مهندسى هذا الملتقى ، فالنظرة السريعة لجدول أعمال الملتقى تدعم هذه الحجة اذ أن القضايا المطروحة قدمت بصورة مطلقة وبطريقة معزولة عن أخطر المشاكل التى تواجه الفكر العربى والعمل العربى على حد سواء .
وفى رأيى أنه من المستحيل مناقشة القضايا النظرية للثورة العربية بعيدا عن المشكلة الجوهرية التى تواجه الجماهير العربية ، وأعنى هزيمة يونيو 1967 . وما دفعت به من قضايا على رأسها الاحتلال الأجنبى للأراضى العربية ، وما تفرع من هذا الواقع من مشاكل فكرية وعملية . ,
لقد وقعت حرب يونيو ، لا ينفى من وقوعها حقيقة أنها حرب خاطفة حسم أمرها فى ستة أبام أو أقل من ذلك بكثير ، كما لا ينفى نتائجها الادعاء بأن الجماهير . لم تشارك فيها . وكل الحجج التى قيلت تبريرا لواقع الهزيمة لا تنفى ذلك الواقع و تقلل من ثقله والحرب هى الامتحان العسير الذى لا تخطىء مقاييسه ، لا فى تقييم الأجهزة العسكرية وحسب بل فى تقييم الأجهزة الاقتصادية والسياسية والفكرية .
وحرب يونيو طرحت للتفكير وللتفهم النظرى كافة أوجه النشاط الثورى العربى خلافا لحرب 1948 . فالصوت العالى فى عام 1948 كان للقوى الرجعية بينما كان الصوت المدوى عام 1967 للقوى الثورية العربية .
فكيف اذن يمكن مناقشة الأرضية التى التى تتحرك منها الثورة العربية مثلا أو المرتكزات الفكرية والروحية لها -
الى نهاية جدول الأعمال الذى وضعه مهندسو الملتقى الفكرى بعيدا عن واقع الهزيمة ، وما أثارت من رؤى جديدة وما أجرت من تحديات للفكر الثورى العربى .
العقبة الأساسية :
لا يستطيع الانسان أن يفهم فكرا اشتراكيا يتناول قضايا الاشتراكية ويبحث عن التراث الروحى والفكرى للثورة العربية بعيدا عن المعاناة العملية للجماهير العربية فى هذه اللحظات الحاسمة من تاريخها . كما أن هذا بعيد أيضا عن منابت الفكر الاشتراكى الجاد فى البلدان العربية وهو الذى نما عبر نضال طويل وقدم وفق قدراته الحلول للجماهير العربية وهى تخوض معاركها المختلفة بطريقة تحترمها الجماهير وترد على تساؤلاتها ان لم يغرز أرجله فى تربة الوطن وبين معاركه التاريخية الحاسمة . فقد طرح واقع الهزيمة بحدة أمام الجماهير العربية حقيقة أن الاستعمار الحديث وفى مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية هو الذى يهدد الوجود العربى وهو العقبة الأساسية أمام انطلاق حركة الثورة العربية. الجماهير العربية تنتظر من مفكريها الجادين أن يمدوها بالزاد النظرى لتجمع قواها وتستجمع أوصالها فى معركة هائلة ضد هذه العقبة الخطيرة التى تسد المنافذ أمام الثورة العربية. وقد كان ملاحظا من الكثير أن السيد وزير الشباب - هو الذى يطرح بحكم توليه أمر الندوة وجهة نظر الشعب السودانى . جاء خطابه خاليا من هذه القضية الجوهرية. وعندما يشير السيد الوزير من بعيد الى تلك القضية ، يطرحها بطريقة غامضة كحديثه عن الضغوط الأجنبية والنفوذ الأجنبى .
استشهادا بقول الرسول (صلعم) "أعوذ بالله من علم لاينفع " . ورجوعا الى النظريات الثورية الحديثة وفى مقدمتها الماركسية اللينيينية , والنظرية مرشد للعمل ، ونجد أن الفصل بين الفكر والعمل قاد الى تقديم الندوة بهيئة لا تتمشى واحتياجات الثورة العربية فى ظروفها الملموسة الراهنة . والملتقى بهذه الهيئة لن يضيف الى محصول ندوة الجزائر عام 1967 ، كما اننى أشك كثيرا فى تأثيره على حركة النضال الشعبى العربى .
لقد نشأ هذا الموقف فى تقديرى من المنهج الذى سلكه السيد الوزير فى معالجة قضايا العمل الثورى كما اشرت من قبل . فهو يطرح المنهج السوسيولجى على حد تعبيره بداية بالنظر فى التراث العربى ونهاية بمعالجة قضايا الماركسية اللينينية . وهذا المنهج ليس جديدا على الفكر البشرى ، بل هو يمثل مدرسة كاملة بين مفكرى أوربا الغربية فى فرنسا وبين خريجى معهد ماساسوتش للتكنلوجيا (فى الولايات المتحدة) . محتوى هذا التفكير أنه يفسر المجتمع ، تفسير التاريخ ولكنه يحرر كل نظرية اجتماعية من محتواها الثورى . فالمعرفة فى نظره ان كانت تراثا قوميا أو انسانيا لا تعالج بوصفها محصول الجهد البشرى الثورى فى اكتشاف قوانين الطبيعة وتطويعها لارادة الانسان ، وفى اكتشاف قوانين التطور الاجتماعى والقوانين الباطنية لتطور الفكر بل تجرد من الحركة وارادة الانسان فى التغيير وسعيه الدائب للاستحالة والتغ ي ير من حالة الى أخرى . وقد ورط هذا المنهج السيد الوزير فى أخطاء منهجية كبيرة . فالملتقى حسب ماأعلن عنه ، ملتقى للمفكرين الثوريين العرب ، والثورة هى التى تغير المجتمع . ان السوسيولوج يا تبحث عن تفسير المجتمع أصابت النجاح أم لقيت الفشل . ولكن الفكر الثورى لا يضع تفسير المجتمع وحسب بل يستهدف من التفسير وبارادة كاملة اكتشاف القوانين التى تغير المجتمع والعمل لا حداث ذلك التغيير أو الثورة . وفى هذا تكمن منعة النظريات الثورية التى تثير ضجة كبرى فى عالم اليوم ، وتترك أثار أقدامها واضحة على الأرض التى تعبر من فوقها البشرية فى موجات متتابعة للوصول للمجتمع الفاضل .
تصور خاطىء
بهذا التصور الخاطىء اقترب السيد الوزير من قضايا عصرية مقدمة فكان أمرا طبيعيا أن يصل الى نتائج ممعنة فى الخطأ . لقد صور الوزير الفكر الماركسى فى هيئة التحليل النقدى الأكثر تطورا للمجتمع الأوربى المسيحى ، وهاجم المثقفين اليبراليين من العرب الذين يرفضونه بغباء وان كانت الماركسية كما صورها الدكتور منصور تحليلا ناقدا للمجتمع الأوربى المسيحى ، فما غناها لمفكر عربى يريد تغيير مجتمع ليس أوربيا وليس مسيحيا ؟
وفى اعتقادى أن المنهج السوسيلوجى الذى يتبعه الدكتور الدكتور منصور هو الذى أوقعه فى هذا التناقض البادى للعين . وباعد بينه وبين الحقيقة . صحيح أن الماركسية نشأت فى أوربا فى القرن التاسع عشر ولكنها كانت فى شقها الاجتماعى الاقتصادى تحليلا ناقدا للمجتمع الرأسمالى . والرأسمالية كما يدرك كل متعلم ليست جنسيتها قاصرة على أوربا ، كما أن دينها - ان كان لها دين - ليس قاصرا على المسيحية . لا أريد أن أرجع الى الشواهد التاريخية فى تطور العلاقات الرأسمالية عبر تاريخ الانسانية حجة على ما أقول ، اذ أن مثل هذه الشواهد أصبحت من بين المعلومات العامة التى ي د ركها كل متنور .
ولأن الدكتور منصور يحلل تطور المجتمع الانسانى ونضال الجماهير من أجل التقدم على أسس حضارية متعارضة فهو يقدم صيغة غريبة للمفكرين العرب فيما يخص النظرية الماركسية .انه يدعو لقبول علاقات الانتاج فى المجتمع الاشتراكى مع رفض الجوانب الفلسفية الماركسية والتى حددها فى "نظرية الحركة عن طريق النقائض ، والنظرية الجبرية التاريخية ، وفكرة نهائية العلم والرؤيا المستقبلية للمجتمع المذهبى" . وقد استشهد فى دعوته بالتجربتين المصرية والجزائرية . وكان الدكتور الداعية للتفسير الحضارى يصور الفلسفة الماركسية جزءا من الحضارة الأوربية المسيحية التى لا يقبل ها التكوين العربى ، فى حين أن القسم العملى منها الذى لا يؤثر على حضارتنا (الاقتصاد) يمكن قبوله . هذا فى تقديرى تصور متعسف للنظري ة الماركسية ، وهى كل لا يتجزأ . فالتنظيم الاقتصادى على الخط الماركسى نتيجة منطقية للمنهج الماركسى فى المعرفة ومحصول طبيعى لكل من المادية التاريخية والفكر الجدلى وهما لب الم ا ركسية . اذا رجعنا الى كتاب رأس المال - ومكانته معروفة فى الفكر الماركسى - نجد أنه تحليل نقدى للانتاج الرأسمالى ولكنه فى نفس الوقت تجسيد للتفسير المادى للتاريخ ، والمنهج الجدلى الماركسى . وما كان لمؤلفه أن يصل الى نتائجه التى يقبلها الدكتور منصور منظمة للاقتصاد العربى الحديث ، من غير أن يتوسل اليها بأدواته الفلسفية . ان النظرية الاقتصادية لفائض القيمة التى يقوم عليها تنظيم المجتمع الرأسمالى هى السند لفكرة الصراع الطبقى وهى التى تؤدى فى نهاية الأمر الى الى تصور الماركسية لحرية الانسان وزوال غربته فى المجتمع اللا طبقى . فكيف يمكننا أن نخرج الاقتصاد الماركسى من هذا النسيج الدقيق كما نخرج الشعرة من العجين ؟
نظرية علمية شاملة :
أن الفكر العربى مدعو اليوم لمواجهة مشاكل جماهيرية ملموسة . مدعو لطرح نظرية علمية شاملة تواجه الاستعمار الأمريكى والصهيونى فى الأرض العربية ، تعيد استكمال الحرية الوطنية ، ومواجهة فى الشق الاجتماعى لطرح نظرية تخرج الجماهير العربية من الفقر والشقاء والتخلف الى رحاب المجتمع الاشتراكى ، والنظرية الماركسية منهجا وحصيلة عمل يقدم تحليلا ناقدا للاستعمار الأمريكى والصهيونية . ويقدم دعوة واضحة لاتحاد الجماهير الكادحة فى النضال ضد تحكم الطبقات الرجعية العربية ومن أجل الاشتراكية . وأزمة مجتمعنا ليست أزمة حضارية كما يحتج الدكتور منصور بل هى أزمة المنظمات الثورية والفئات الاجتماعية النشطة فى حقل الثورة السياسية والاجتماعية ، تلك الأزمة التى تحول بينها وبين قيادة الجماهير لحل مشاكل الثورة الوطنية الديمقراطية العربية ثم الانتقال لبناء الاشتراكية . وفى هذا التضال لا مفر من طرح الماركسية اللينينية . وحركة الجماهير هى الحكم . وهى التى تقرر الطريق الذى تسلكه دون وصاية ولا احتكار لمفكر او غير مفكر .
وفى هذا الفرز المبتسر للجانب الاقتصادى للماركسية والجانب الفلسفى منها تورط أيضا السيد الوزيرحينما صور الجانب الفلسفى فى الماركسية على الهيئة التى أورتها من حديثه . لقد هوجمت الماركسية تقليديا بأنها تدعو لجبرية التاريخية وتحجب ارادة الانسان فى تغيير مجرى التاريخ . وهذه حجة قديمة مردودة اذ أن ماركس قدم القاعدة المادية بوصفها الحاسمة فى تطور التاريخ بين عدة عوامل أخرى فى التركيب الفوقى للمجتمع . وهذه ميزة كار ماركس الكبرى كعالم اجتماعى دفع بالتاريخ الى مجال الوضوح النسبى وأخرجه من متاهات الاستنتاجات الذاتية التى تفقد المقياس والمؤشر فى نهاية الأمر . وعندما يقول ماركس بأن نظريته لا تدعو الى تفسير المجتمع بل الى تغي ي ره . وعندما يطرح للقوى الاجتماعية المكلفة تاريخيا بتغيير المجتمع شعاره المعروف : يا عمال العالم اتحدوا ، فانه يفتح الباب على مصراعيه للارادة الانسانية المدركة لذاتها أن تتدخل وتصوغ تاريخ البشرية وفقا لمتطلبات التقدم لا أظن بأننى سآتى بحجة جديدة فى دحض ما أقول . فكلانا يغترف من ماعون اغترف منه الكثير خلال أكثر من قرن من الزمان . أما فى نظرية الحركة فان اسهام ماركس الفلسفى لم يرد فى حيز نظرية المتناقضات التى سبقه اليها أستاذه هيغل بل ترد على وجه التحديد فى أنه قلب جدلية هيغل رأسا على عقب وأخرجها من حيز التفكير الميتافيزيقى الى حيز التفكير المادى والفلسفى المادية . والخطأ الذى وقع فيه دكتور منصور خطأ شائع وذائع أمره بين الكثير من المثقين الذين قرأو ا عن الماركسية ولا يقرأونها .
ويكفينا هذا وسأعود فى مناسبة أخرى لمناقشة قضية "نهائية العلم" كما فهمتها من حديث الدكتور منصور .
المنهج السوسيولوجى :
ولقد أورد المنهج السوسيلوجى الدكتور منصور موارد الخطأ أيضا فى تفسيره لا تجاهات فكرية عربية قديمة وحديثة على السواء . أن ملتقى المفكرين من الثوريين العرب تطرح أمامه بالحاح قضية النظرية الثورية التى يمكن أن تقود الجماهير العربية الكادحة فى النضال ضد الاستعمار الحديث والصهيونية ، وفى سبيل استكمال الثورة الديمقراطية والتوجه نحو الاشتراكية . وعندما يعرض هذا الملتقى لتراث العربى فانما يعرض له ليفرزه وليبنى من فوقه الأفكار الثورية الاجتماعية والسياسية . بين تراثنا نظريته الثورية لتغيير المجتمع العربى فى الثلث الأخير من القرن العشرين ومن فوق واقع الاحتلال الجاسم على صدر الأمة العربية . لا ينكر أحد أن الفكر العربى فى سالف أيامه أسهم اسهاما كبيرا فى ميادين الرشد والعلم . فابن خلدون توصل الى نتائج جزئية فى علم الاجتماع , بل يمكن القول بأنه تصدى للتفسير المادى للتاريخ بقدر محصول عصره من المعرفة . وكل من أورد الوزير ذكره من العلماء الأجلاء أسهم بقسطه فى تنمية المعرفة وفى اثراء منهج العلم القائم على التجربة . لا جدال فى هذا . ولكن العلم يولد تقليديا نظرية ثورية تكون الجماهير العربية زادها وعدتها فى المعركة المصيرية الراهنة . ان العلم ، وقد استقر بين الفكر الأوربى خلال فترة النهضة ثم فترة التنوير والثورة الصناعية لم تتولد منه بصورة عفوية النظرية الثورية التى نقدت المجتمع الرأسمالى ، بل أن ارادة الانسان وفعالية الفكر وتعمده هى التى ولدت النظرية الاشتراكية بعد أن تهيأت لولادتها الشروط الموضوعية اللازمة . ان استكشاف الجوانب المضيئة فى حضارتنا العربية ووضعها فى مجرى الحضارة الانسانية أمر لايختلف حوله اثنان . ولكن المشاكل التى تواجهنا عموما تقع فى ميادين أخرى غير هذا الميدان . فالصدام بين الشعوب العربية والاستعمار الأمريكى لا يرجع لصراع بين الحضارة العربية والأمريكية . بل يرجع للطبيعة التوسعية للنظام الرأسمالى الأمريكى . وتخلف مجتمعاتنا فى القرن العشرين وقصورها عن تحقيق مجتمعات اشتراكية متقدمة لا يرجع لتنكبنا طريق السلف الصالح أو لننا أولينا ظهورنا لمجتمع فاضل كنا نعيشه فى الماضى ولكن لأننا لم نستطع أن ندخل الوعى الاشتراكى بين جماهيرنا الكادحة المجاهدة، وأن نفجر طاقاتها لتهدم العلاقات الاجتماعية القديمة وتبنى فوقها علاقات متقدمة تستشرف الاشتراكية . ومايفيد من تراثنا فى هذا الميدان هو ما بذل الثوار العرب عبر تاريخنا الطويل فى سبيل نصرة الحق ، والتصدى لمشاكل الجماهير العربية المغلوبة على أمرها . وما قدم أولئك الثوار من نظريات تدعو لتقدم المجتمع وتطوره والتفكير العلمى الذى وطد أركانه المفكرون والعلماء العرب الذين ذكر السيد الوزير طرفا من أخبارهم يمكن فى حركة البعث العربى المعاصرة أن يسهم بدوره فى اقرار العلم منهجا للفكر الثورى الداعى لتغير المجتمع والعامل فعلا لذلك التغيير . كل ذلك يتم على أساس منهج نقدى يربط حاضر حركتنا الشعبية بماضيها .
حاضر الفكر العربى :
وهذا الخلط فى فهم مايدخل من تراثنا فى بنية النظرية الثورية التى تقود حركة الجماهير العربية - وهو خلط ناتج عن المنهج الخاطىء الذ سلكه الدكتور منصور خالد - قاد صاحبه أيضا الى أخطاء فى تق ي يم حاضر الفكر العربى . فهو على سبيل المثال يورد سلامة موسى رائدا من رواد "الاسلوب الاشتراكى طريقا للحياة" ، وهذا خطأ تردى فيه المتحدث . ان اسهام سلامة موسى الحقيقى فى الفكر العربى هو طرحه للمنهج العلمى وتقديمه لنظرية النشوء والارتقاء الداروينية . ونستطيع أن نقول أنه والدكتور مندور كانا من رواد الفكر الليبرالى فى المنطقة العربية . صحيح أن الأستاذ سلامة موسى فى بعض ما أنشأ الى الاشتراكية ولكنه كان متأثرا بالاشتراكية الفابية التى سقطت فى معارك التحرر الوطني لأنها اشتراكية الأقسام العليا من الطبقة العاملة الأوربية المتشابكة المصالح مع الاحتكارات الاستعمارية . كذلك يظل تحليل الدكتور منصور قاصرا حينما يعرض للتجربة الثورية فى كل من مصر والجزائر ، وال م ؤثرات الفكرية التى أحاطت بهما ، ليقفز من فوق مقدمات تاريخية طويلة ليصل الى ما قبلت الثورتان من النظرية الماركسية وما رفضتا . ان هذه المقدمات هامة وخاصة فى تفهم الثورة المصرية . يمكننا أن نلخص هذه المقدمات فى قولنا بأن الثورة المصرية طرحت أفكار التقدم الاجتماعى بعد أن خاضت تجارب طويلة كثورة وطنية ضد الاستعمار البريطانى ومن بعده الاستعمار الأمريكى . خلال هذه التجارب حققت مصر استقلالها الاقتصادى وبدأت تواجه مشاكل التنمية الداخلية . ولكن الضغوط الاقتصادية ذات الطابع الاستعمارى جعلت من المستحيل تحقيق الأمن الوطنى والتقدم الاقتصادى من غير اللجوء الى قطاع الدولة فى الانتاج . وقد كان دخول هذا القطاع فى قيادة الاقتصاد المصرى وخاصة بعد اجراءات يوليو هو الأساس المادى للأفكار التقدمية والاجتماعية الجديدة . أعتقد أن هذا الطابع الوطنى ال ج اد للثورة المصرية هو الذى جعلها تميل فى الميثاق الى أفكار اجتماعية فيها كثير من الصلابة . وبها رفض قاطع للاشتراكية اليمينية الوافدة من غرب أوربا . والميثاق خلافا لتقييم الدكتور منصور يأخذ بعض الجوانب الفلسفية الماركسية كما صورها . فهو يقر المنهج الطبقى فى تحليل الحياة السياسية المصرية ! ويؤكد حتمية الحل الاشتراكى تاريخيا . كذلك نلحظ فى التجربة المصرية غياب نظرية شاملة ومنهج شامل قاد خطواتها للوصول الى أفكار التقدم الاجتماعى التى طرحت بوضوح فى الميثاق . أكد الميثاق هذه الحقيقة عندما أكد أن "هذا الشعب البطل بدأ زحفه الثورى من غير تنظيم سياسى يواجه مشاكل المعركة . كذلك فأن هذا الزحف الثورى بدأ من غير نظرة كاملة للتغيير الثورى ."
* ميثاق العمل الوطنى :
ان تقييم هذا العامل أمر هام بالنسبة لتقدم العمل الثورى العربى ، فبعض المفكريين اليمينيين يصنعون نظرية كاملة لتبرير غياب النظرية الشاملة فى العمل الثورى العربى استنادا الى التجربة المصرية . محتجين بأن الفكر العلمى يقوم على "التجربة والخطأ" وفى اعتقادى أن غياب النظرية الشاملة أضر بمسيرة الثورة فى مصر وأخر من خطواتها كما أنه حرمها فترة من اتخاذ مكانتها التاريخية بين النسيج الثورى فى المجتمع المصرى قبل ثورة يوليو . وقد كان وضع الميثاق ثم ما أعقبه من نشاط سياسى فى مصر تصحيحا لتلك الثغرات ، فعندما يطلع بعض المثقفين مبشرين الآن لغياب نظرية شاملة للتطور فانما ينسخون تجارب طويلة وحقبة غنية من تاريخ الثورة المصرية . والخطير على الفكر العربى هو احتجاج هؤلاء المثقفين بالتجربة والخطأ فى كل ميادين المعرفة الاجتماعية . ان مقياس التجربة والخطأ هو المقياس العلمى مافى ذلك شك . والمثقفون الداعون لذلك لا يضيفون جديدا الى ماهو معروف لدى كل من له قسطا قليلا من التعليم . ولكن التجربة والخطأ شىء والدعوة الى فقدان المنهج ، الى فقدان النظرية شىء آخر . الأول صحيح لأنه المقباس الوحيد لمعرفة صحة العموميات النظرية والثانى خطأ لأنه دعوة للتجريبية وهى فلسفة متكاملة تلغى وجود الحقيقة . والأخطر فى هذه الفلسفة أنها عندما تطبق فى العمل السياسى تفقده كل محتوى ثورى وتشكل عقبة خطيرة فى نضال نضال الشعوب وقضاياها . اذا طبقت هذه النظرية فى ميدان النضال الوطنى أنزلت عليه الخراب لأنها تحرم الشعوب من يقينها الواقعى فلا صديق للشعوب ولا عدو لها الا بعد التجربة . وان طبقت أيضا فى ميدان التغيير الاجتماعى نسفت كل جهد شعبى فيه ، فلا منهج يتبع ، كما أنه ليست هناك صيغة للمجتمع التقدمى أو الاشتراكى يناضل الشعب من أجلها .
فى رأيى أن تبرير الفترة التى غاب فيها منهج العمل الثورى فى مصر ، وتقديم نظرية لهذا الموضوع كما فعل الدكتور منصور فى وقت تجاوزت فيه التجربة المصرية هذه الفترة ، دعوة واضحة للتجريبية. وهذا خطر على نضالنا الوطنى ضد الاستعمار ، وعلى نضالنا الديمقراطى من أجل التقدم الاجتماعى والاشتراكية . وهو خطر أيما خطر فى فترة نحن أحوج مانكون فيها لنقد أنفسنا وللبحث العميق فى ذواتنا لكى نخرج بالنتائج السليمة من واقع هزيمة 1967 . وهو أيضا منهج خطير بالنسبة للثورة السودانية التى تأتى فوق مطامح عالية للجماهير الشعبية فى بلادنا وقد حرمت لأكثر من ثلاثة عشر عاما من جنى ثمار الاستقلال فى كل ميادين العمل السياسى والاجتماعى على حد سواء . ان نجاح التجربة الشعبية التى يخوضها شعبنا منذ الخامس والعشرين من مايو يشمل كل الجماهير الكادحة ويشركها فعلا فى النشاط الخلاق لتغيير الواقع الاقتصادى الى ثورة اقتصادية تصلح جذور التخلف . والتفكير البراغماتى الداعى لغياب نظرية شاملة للعمل الثورى يخلق هوة بين مطامح الجماهير وحركة الثورة السودانية لتلبية هذه المطامح . هناك رغبة مشروعة فى فى التغيير الاجتماعى الحاسم والسريع ، وهناك توقف انتظارا لاكتشاف الحقائق المتغيرة على الدوام وفقا للنظرات الذاتية العملية لدعاة الفلسفة البرغماتية .
لقد أطلت وشفيعى فى هذه الاطالة المملة أن حديث الدكتور منصور مس قضايا فكرية خطيرة ذات أثر على الثورة العربية والثورة السودانية رأيت من المهم التصدى لها ومانلتها جميعا . ولكل مقام مقال ولكل شيخ طريقته .

الشهيد عبد الخالق محجوب يعلق على خطاب منصور خالد

Post: #18
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: Amani Al Ajab
Date: 11-01-2010, 07:26 PM
Parent: #14

نص مجهول بقلم عبد الخالق محجوب عن تأميم الصحف في 1970
تقديم عبد الله علي إبراهيم

في صباح أول سبتمبر 1970 غشيت مركز الحزب الشيوعي بالخرطوم الغربية على شارع متفرع من شارع الحرية. وقرأت هناك النسخة الخطية من بيان للمكتب السياسي للحزب حول موقف الحزب من تأميم دولة انقلاب مايو للصحف. وكان بخط مؤلفه بالطبع أستاذنا عبد الخالق محجوب. نسيت ملابسات إطلاعي على بيان لم يصدر بعد. وبدا لي أن أستاذنا ربما رآني (أو ربما استدعاني) في المركز فطلب من مساعد له (ربما كان المرحوم فاروق علي زكريا) أن يطلعني على أصل البيان. وهو عارف بالطبع أنني كنت أقود الجبهة الثقافية التي حرك فيها التأميم ثائرات الجدل والخلاف والطمع وما شئت. وكتبت بياناً مستمداً من بيان الحزب لتنظيم الكتاب والفنانين التقدميين (أباداماك) أجازته سكرتارية التنظيم وطبعته.
واحتفظت بنسخة من بيان أبادماك. وفتشت قدر ما فتشت على بيان الحزب عن تأميم الصحافة فلم اقع عليه أبداً. ويئست من العثور عليه. وقلت ربما لم يطبع نصه الأصل الذي قرأته أو ربما طبع وتفرق أيدي سبأ. بل لم أجد لهذا البيان ذكراً في الأدب الذي يميز فيه الشيوعيون أنفسهم عن شطط مايو برغم ما جاء في البيان من موقف ناقد للتأميم من جهة حرية الرأي ومن جهة العدوان على منشأة اقتصادية رأسمالية هي المطابع. وكان النظام قد أمم الصحف بمطابعها.
قيل إن الكذب حثيث سريع الخطو ولكن للحق أناة ومكث في الأرض. ظللت مؤرقاً ببيان الحزب عن تأميم الصحف عمراً طويلا, وجاء يوم نظرت في قائمة موجودات الحزب الشيوعي السوداني بمعهد الدراسات التاريخية الاجتماعية بأمستردام هولندا فوجدت بينها "بيان الحزب الشيوعي عن تأميم الصحف عام 1970". ولم تسعني الفرحة. واتصلت بالمعهد أستفتيه إن كان بوسعه تصوير البيان وأشياء أخرى وإرسالها لي في الولايات المتحدة. وبعد لأي قبلوا. ولم أصدق عيوني وهي تعيد النظر كرتين في نص قرأته قبل ربع قرن من الزمان. وياللشجي من الخلي.وهي عبارة حسن نجيلة حين كان يتسقط أخبار جيل الحركة الوطنية الأول في كتابه "ملامح من المجتمع السوداني".
وأنشر هذا البيان العائد في مناسبة مرور 40 عاماً على قيام إنقلاب مايو (ولا اقول ثورة فهذه يجدونها عند الغافل) وفي مناسبة نزاع الصحافة وقانونها القائم عسى أن يكون الماضي عظة. والعقل زينة. وكان أستاذنا فطناً لبييباً. رحمه الله

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
حول تأميم الصحافة

الصحافة بالطبع أداة من أدوات العمل الإيدلوجي والسياسي. ومن ثم فمن المستحيل النظر في أمرها (دورها في المجتمع وتنظيمها وحريتها إلخ) بطريقة منفصلة تماماً عن مجموع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تحيط ببلد معين.
تؤكد مجموعة هذه العلاقات الاقتصادية والسياسية أن بلادنا تمر بفترة معينة من مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية. وهذا يعني فيما نحن بصدده، أن هناك قوى اجتماعية وطبقية مختلفة ذات مصلخة موضوعية في الفترة الراهنة وفي تحقيق أهداف الثورة. هذه القوى محددة في الطبقة العاملة وجماهير المزارعين والفئات الوطنية والتقدمية من البرجوازية الصغيرة والأقسام المنتجة من الرأسماليين الذين لا يخضعون لقوى الاستعمار القديمة والحديثة. إن هذه الطبقات تتحالف سياسياً في إطار برنامج الثورة الديمقراطية ولكنها في نفس الوقت تختلف عن بعضها من ناحية إيدلوجيتها ونظرتها للحياة ومناهج عملها.
تتطور الثورة الديمقراطية بنمو الوعي السياسي الاجتماعي لدى الجماهير وبرفع نشاطها وباشتراكها الفعال في توجيه أمور البلاد. والجماهير تعبرإلى هذه المواقع المتقدمة فوق جسر الديمقراطية وبإشاعتها حتى تشمل كل أوجه الحياة. إن الحرية السياسية لهذه الجماهير من حقوق في التنظيم والتعبير والنشر ومن بناء للمؤسسات الديمقراطية التشريعية، عوامل لا بد من توفرها لنجاح الثورة الديمقرطية ولقيام التحالف السياسي على أسس متينة ولضمان التطور الصحيح للحركة السياسية.
استناداً إلى هذه السمات البارزة في تطور الثورة الديمقراطية فإن حرية التعبير أمر تحتمه حقيقة الاختلافات الإيدلوجية في هذه المرحلة التي لابد أن تجد منافذ لها. وحقيقة أن التحالف السياسي نفسه يقوم بين فئات وطبقات مستقلة رغم وجود البرنامج المشترك بينها.
إننا نعالج وضع الصحافة في هذه الفترة من الثورة الوطنية الديمقراطية كجزء من حرية التعبير الإيدلوجي والسياسي للجماهير صاحبة المصلحة في الثورة الديمقراطية، فنرى أنه:
1- لابد من فتح المنافذ والأبواب أمام الجماهير والطبقات صاحبة المصلحة في الثورة الديمقراطية للتعبير عن ذاتها ولإنشاء مؤسساتهها الفكرية. وكشيوعيين-- نناضل من أجل إنجاح الثورة الديمقراطية ثم الانتقال للاشتراكية-- نرى أن الطبقة العاملة والجماهير الكادحة لابد لها من هذه الحرية لكي تستطيع انجاز الثورة الوطنية الديمقراطية ولتبني تحالفها المتين، ولتنتقل بالبلاد صوب الاشتراكية. ولهذا فحرية هذه الجماهير في النقد السياسي ونشر فكرها وخاصة الماركسية اللينينية هي الضمان لإنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية بطريقة حاسمة ولاستقبال مهام الاشتراكية فيما بعد.
.
2- تقوم حرية التعبير السياسي على كفالة حرية النقد في إطار البرنامج الوطني الديمقراطي.
3- إن احتكار السلطة للصحافة وأدوات النشر الأخرى وتحريم النشاط الديمقراطي للجماهير ومبادراتها أمر خاطيء لا يتمشى مع مقتضيات الثورة الوطنية الديمقراطية. ومهما ابتدعت الأشكال لتنظيم ذلك الاحتكار فهو يعني في نهاية الأمر قصر حرية التعبير والعمل السياسي على فئة معينة من قوى الجبهة الوطنية الديقراطية.
4- ما هو موقفنا من القرار الذي صدر حول تأميم الصحافة:
# التقارير التي أٌعدت كنظرية تسند هذه الخطوة تعبر عن مفاهيم خاطئة بالنسبة لدور الصحافة في المجتمع الاشتراكي. هذه النظرية تعتبر أولاً المرحلة التي تمر بها بلادنا مرحلة الثورة الاشتراكية. وهذا خطأ. وهي ثانياً ترى أن النظام الاشتراكي لا يمكن أن يتحقق إلا نادراً بواسطة تحالف يقوم على أساس الجبهة. وهذا أيضاً خطأ فاحش. وهي ثالثاُ لا تدرك قضية الديمقراطية الاشتراكية. وإن افترضنا جدلاً أن بلادنا تمر بمرحلة الثورة الاشتراكية، فالعمل الإيدلوجي يوضع دائماً بين ايدي التنظيمات الطليعية للجماهير الكادحة وتوفر له الديمراطية الاشتراكية. من المهم مناقشة هذه التقارير وإزالة تلك المفاهيم الخاطئة فيما يختص بالديمقراطية الثورية، وفيما يختص بطبيعة التحالف في هذه المرحلة الوطنية الديمقراطية. إن احتكار الصحافة بيد قسم من القوى الوطنية الديمقراطية (السلطة) خاطيء من ناحية التحالف ومن ناحية قضية الحرية للفكر التقدمي. وهو مقدمة لإحتكار العمل السياسي.
ولهذا فنحن نعمل ونناضل لكي تكون للطبقة العاملة ولكافة الاتجاهات الثورية حريتها في التعبير وفي إنشاء صحافتها ومؤسسات نشرها المختلفة.
# نزع القرار ملكية الصحف السيارة من أصحاب امتيازها ووضعها في يد الدولة. هناك الصحف الكبيرة المؤثرة على الرأي العام (الأيام، الصحافة، الرأي العام، السودان الجديد) والتي يملكها أفراد رأسماليون. في تقييمنا لهذا القرار نحن لا نحبس أنفسنا في إطار التفضيل بين ملكية الدولة لهذه الصحف وملكيتها لأفراد. كما أننا لا ننظر في هذه المرحلة للتأميم بصورة مطلقة معتبرين أن كل تأميم هو أمر سليم من الزوايا السياسية والاقتصادية. إن عيب تلك الصحف لا ينصب على حقيقة إنها ملك لأفراد بل أنها كانت تتجه، بصورة أو أخرى، وبمستويات مختلفة خلال عمليات الصراع الاجتماعي، وجهة تخدم مصالح متعارضة مع الثورة الديمقراطية في البلاد. إن هذا لا يمنع القول بأن الحركة الديمقراطية، في هذا الوقت أو ذاك، ونتيجة صراعات داخل تلك المؤسسات، استطاعت أن تفرض وجودها وتعبر عن مصالحها في بعض ما يكتب في تلك الصحف. هذا يرجع أيضاً إلى ضعف التكوينات الرأسمالية في بلادنا وإلى عدم حدة التعسكر الطبقي مما لم يسمح بالانفصال التام بين الصحافة والحركة الشعبية خلافاً للبلدان التي استوى تكوينها الرأسمالي.
# إن انتقال امتياز الصحف إلى يد الدولة يجد الترحيب من هذه الزاوية ونعتبره خطوة انتقالية لوضعها في يد قوى الجبهة الوطنية الديمقراطية بوصفها التحالف السياسي الحتمي في هذه الظروف. ولكن هذا لا ينفي أنه من الممكن في هذه المرحلة الثورية أن تقوم صحف ومجلات تمتلكها شخصيات وطنية تقدمية. فمثل هذه الشخصيات التي لا تنتمي لتنظبمات سياسية يمكن أن تظهر في هذه المرحلة، ويمكن أن تنضم للجبهة الوطنية الديمقراطية . وهي ليست مستقلة عن مجموع الصراع الاجتماعي والطبقي بل منحازة إلى جانب الثورة الوطنية الديمقراطية.
# قيام مؤسسة الدولة للصحافة يجب أن يستهدف تنظيم هذه الصحف وتطويرها وتغيير اتجاهها في طريق وطني ديمقراطي تمهيداً لوضعها في يد الجبهة الوطنية الديمقراطية. ولكن تعيينات رؤساء التحرير التي ظهرت لا تعبر عن هذه الوجهة الوطنية الديمقراطية الجديدة. فالمسألة كما اشرنا لا تقتصر على نقل امتياز الصحف من أفراد إلى الدولة بل يتعداه إلى نقل مواقع هذه الصحف إلى مراكز تقدمية في ميدان الصراع الاجتماعي والطبقي.
# يشمل القرار تأميم مطابع تلك المؤسسات. إننا نفصل بين الإجراء الخاص بنقل امتيازات تلك الصخف إلى الدولة، وبين تأميم مطابع أفراد رأسماليين. فالإجراء الأول سياسي بحت اقتضته عمليات النضال الاجتماعي والسياسي في البلاد. أما الإجراء الثاني فلابد من إضافة عامل جديد هو العامل الاقتصادي:
أولاً: إذا كانت هناك مطابع قامت على أساس العمالة والجاسوسية فلابد من مصادرتها بلا تعويض كإجراء سياسي سليم. هذا يتطلب بالطبع الدقة في التحقيق ومقابلة المعلومات ببعضها.
ثانياً: بإستثناء هذه الحالة ننظر في هذه القضية من زاوية موقف السلطة من الرأسمالية المحلية. فالسلطة أعلنت موقفاً ضد الرأسماليين المرتبطين بالاستعمار ولكنها أيضاً أعلنت موقفاً لصالح العناصر الرأسمالية التي لا ترتبط به. إذا خلت أطراف هذه الرأسمالية من الارتباط بالاستعمار فلابد من اعتبارها (اي المطابع) مجهوداً رأسمالياً سودانياً، وتبقى بيد أصحابها. إننا نهتم بهذه القضية لأن ميادين الطباعة من الميادين التي نحتاج فيها إلى استثمارات الرأسماليين، ولأن هذه الصناعة ليست من المواقع الاستراتيجية في الاقتصاد السوداني مما يستلزم وجودها الآن بين يد الدولة، ولأن هذا الإجراء سيزيد من تخوف العناصر الرأسمالية وانكماشها ونحن قادمون على تنفيذ الحطة الخمسية.
المكتب السياسي للحزب الشيوعي
أول سبتمبر 1970
http://sudanray.com/Forums/showthread.php?1943-%28%28%E...D5%CD%DD-%DD%ED-1970

Post: #20
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: بكرى ابوبكر
Date: 11-01-2010, 07:46 PM
Parent: #18

كتب الأستاذ عبدالخالق محجوب :
هذه الصفحة فى "الميدان" تخصصت للأدب بفروعه المختلفة . والبعض يظن بأنها مثل الصفحات الأخرى ، تعبر عن رأى الحزب الشيوعى بطريقة مباشرة . ومثل هذا الاعتقاد يجانب الحق ، اذ أن ميدان الأدب لا يسخر فى السياسة بطريقة مباشرة بل هو يؤثر عليها ويتفاعل معها بطرق غير مباشرة . والخلق الأدبى الذى يدخل ميدان السياسة المباشرة يتخلى عن طبيعته كأداة للتعبير عن الانسان ويستحيل الى طبيعة أخرى . اننا نرحب بكل خلق أدبى يمت الى الحقيقة بصلة ويغنى تجارب الانسان وهو يعانق حقائق العالم ويضىء جوانبه . نقيم الجمال الذى تدفعه أبدا الى ولوج أبواب المعرفة ويؤدى فى النهاية الى حرية الانسان الذى يعلو على الحاجة ولا تعلو عليه . ويتحرر من الخوف الناتج عن قصور ادراكه لنفسه ولما حوله من مظاهر الحياة الاجتماعية والطبيعية .
ولما كان هذا ديننا فأننا فى هذه الصفحة نرحب بجدية الأديب فى خلقه وابداعه لأنه لا مكان للخلق والابداع دون الحرية .. تلك الحرية التى تقرب الانسان من الحقيقة وتفتح أعينه فى دهشة لقيم الجمال . ولهذا فان المقارنة بين رأى الحزب الشيوعى فى السياسة (ورأيه) فى الأدب مقارنة خاطئة لا مكان لها وضارة بنمو الأدب التقدمى فى بلادنا .
لقد فهم المواطنون أن المقالات التى تنشر فى هذه الصفحة قدحا أو مدحا فى ديوان الأستاذ صلاح أحمد ابراهيم "غضبة الهبباى" تعبر عن رأى الحزب الشيوعى . وهذا خطأ ومجافاة للحقيقة . لقد آثرنا دائما فى حدود ملامسة الحقيقة ، أن نترك فرصة واسعة لحرية كتابنا فى ميدانى المضمون والشكل . كما فضلنا دائما أن تدور مناقشتاتنا حرة وعفيفة فى هذه الصفحة حتى تستطيع أن تبرز وسط الزحام الملىء بالأقزام الملتحفين ثوب الأدب . والشخصيات الأمينة على هذه القضية الانسانية الكبرى ، والملتزمة بأمانة الكلمة المضيئة التى تنوء تحت أعبائها الجبال . . وليس كحرية الأدب وسيلة للوصول الى هذه النتيجة العظيمة . ان الحياة الأدبية تواجه فى بلادنا تيارات عاتية من التقليد والنقل الأعمى للتعبيرات المريضة التى تصيب الانسان المريض فى عالم اليوم ، وهو جاهل بكنه القوانين الاجتماعية ، التى تثير الفزع وتسحق الفرد ، وتعمى بصيرته ، حتى يسير كالأعشى فى فى متاهات الضياع . والأديب السودانى الذى يرغب فى خدمة الحقيقة مازال يقف فى بداية الطريق ، لأنه لم يكتشف مقومات الانسان ومصادر معرفته عبر التاريخ . ولهذا فنحن نسخر هذه الصفحة فى محاولة متواضعة لتخدم الغرضين ، تصد أولا الآثار الواردة من الخارج ، والتى تعبر عن صرخات اليأس فى مجتمع أصيب بالمرض وأصبح اليوم أو الغد (يزحف) ليفسد علينا حياتنا الروحية . نصدها بالنقد والدراسة ولا نقفل الأبواب دونها (بالأمر) . ونساهم ثانيا فى فى اكتشاف الانسان السودانى حتى تتفجر منابع معرفته فتشمل الانتاج الأدبى بدفئها فيستحيل صادقا ونافعا . ولكل الغرضين فأن صفحتنا هذه تؤثر الحرية التى لا تقيدها غير الحقيقة .
ان ديوان الأستاذ صلاح أحمد ليس عملا سياسيا فى جملته بل هو عمل فنى . وحتى لو كان عملا سياسيا فهو لم يتخذ أبغض وسيلة له . (ان) الاختلاف الذى وقع بين الحزب الشيوعى والأستاذ صلاح عام 1958 لم يكن اختلافا سياسيا بل لأسباب أخرى تتعلق بنظم وشروط عضويته . لقد فارق الأستاذ صلاح الحزب ليس بوصفه أديبا ولا بسبب انتاجه الأدبى . ولكن فارقه بصفته مواطنا أداته فى خدمة الجماعة النشاط السياسى المباشر وشتان بين هذا وذاك . فلنقصر الحديث ولاداعى لنبش الماضى .
ولهذا فأن هذه الصفحة تقييم ديوان هذا الشاعر باعتباره عملا فنيا فى نهاية الأمر . ننظر أول الأمر فى صلاحيته كعمل فنى بجودة الأداة وفى شكله . وعندما يدخل من هذا الباب العريض الذى لا يدخله الا الخلق الأدبى الجيد . وننظر ثانيا فى مقدار اثرائه لحركة التقدم ولنمو الحياة . هذا هو طريقنا ، واذا فهم غيره فلا لوم علينا .
تحرير "الميدان "
نوفمبر 1965

الشهيد عبد الخالق محجوب يكتب عن علاقة الادب بالسياسة وحرية الاديب

Post: #22
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: راشد فضل
Date: 11-01-2010, 07:52 PM
Parent: #20

حمد الله على سلامتك أولا ومنور بالتوثيق القيم

Post: #23
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: بكرى ابوبكر
Date: 11-01-2010, 08:00 PM
Parent: #22

كتب الأستاذ عبدالخالق محجوب :
هذه الصفحة فى "الميدان" تخصصت للأدب بفروعه المختلفة . والبعض يظن بأنها مثل الصفحات الأخرى ، تعبر عن رأى الحزب الشيوعى بطريقة مباشرة . ومثل هذا الاعتقاد يجانب الحق ، اذ أن ميدان الأدب لا يسخر فى السياسة بطريقة مباشرة بل هو يؤثر عليها ويتفاعل معها بطرق غير مباشرة . والخلق الأدبى الذى يدخل ميدان السياسة المباشرة يتخلى عن طبيعته كأداة للتعبير عن الانسان ويستحيل الى طبيعة أخرى . اننا نرحب بكل خلق أدبى يمت الى الحقيقة بصلة ويغنى تجارب الانسان وهو يعانق حقائق العالم ويضىء جوانبه . نقيم الجمال الذى تدفعه أبدا الى ولوج أبواب المعرفة ويؤدى فى النهاية الى حرية الانسان الذى يعلو على الحاجة ولا تعلو عليه . ويتحرر من الخوف الناتج عن قصور ادراكه لنفسه ولما حوله من مظاهر الحياة الاجتماعية والطبيعية .
ولما كان هذا ديننا فأننا فى هذه الصفحة نرحب بجدية الأديب فى خلقه وابداعه لأنه لا مكان للخلق والابداع دون الحرية .. تلك الحرية التى تقرب الانسان من الحقيقة وتفتح أعينه فى دهشة لقيم الجمال . ولهذا فان المقارنة بين رأى الحزب الشيوعى فى السياسة (ورأيه) فى الأدب مقارنة خاطئة لا مكان لها وضارة بنمو الأدب التقدمى فى بلادنا .
لقد فهم المواطنون أن المقالات التى تنشر فى هذه الصفحة قدحا أو مدحا فى ديوان الأستاذ صلاح أحمد ابراهيم "غضبة الهبباى" تعبر عن رأى الحزب الشيوعى . وهذا خطأ ومجافاة للحقيقة . لقد آثرنا دائما فى حدود ملامسة الحقيقة ، أن نترك فرصة واسعة لحرية كتابنا فى ميدانى المضمون والشكل . كما فضلنا دائما أن تدور مناقشتاتنا حرة وعفيفة فى هذه الصفحة حتى تستطيع أن تبرز وسط الزحام الملىء بالأقزام الملتحفين ثوب الأدب . والشخصيات الأمينة على هذه القضية الانسانية الكبرى ، والملتزمة بأمانة الكلمة المضيئة التى تنوء تحت أعبائها الجبال . . وليس كحرية الأدب وسيلة للوصول الى هذه النتيجة العظيمة . ان الحياة الأدبية تواجه فى بلادنا تيارات عاتية من التقليد والنقل الأعمى للتعبيرات المريضة التى تصيب الانسان المريض فى عالم اليوم ، وهو جاهل بكنه القوانين الاجتماعية ، التى تثير الفزع وتسحق الفرد ، وتعمى بصيرته ، حتى يسير كالأعشى فى فى متاهات الضياع . والأديب السودانى الذى يرغب فى خدمة الحقيقة مازال يقف فى بداية الطريق ، لأنه لم يكتشف مقومات الانسان ومصادر معرفته عبر التاريخ . ولهذا فنحن نسخر هذه الصفحة فى محاولة متواضعة لتخدم الغرضين ، تصد أولا الآثار الواردة من الخارج ، والتى تعبر عن صرخات اليأس فى مجتمع أصيب بالمرض وأصبح اليوم أو الغد (يزحف) ليفسد علينا حياتنا الروحية . نصدها بالنقد والدراسة ولا نقفل الأبواب دونها (بالأمر) . ونساهم ثانيا فى فى اكتشاف الانسان السودانى حتى تتفجر منابع معرفته فتشمل الانتاج الأدبى بدفئها فيستحيل صادقا ونافعا . ولكل الغرضين فأن صفحتنا هذه تؤثر الحرية التى لا تقيدها غير الحقيقة .
ان ديوان الأستاذ صلاح أحمد ليس عملا سياسيا فى جملته بل هو عمل فنى . وحتى لو كان عملا سياسيا فهو لم يتخذ أبغض وسيلة له . (ان) الاختلاف الذى وقع بين الحزب الشيوعى والأستاذ صلاح عام 1958 لم يكن اختلافا سياسيا بل لأسباب أخرى تتعلق بنظم وشروط عضويته . لقد فارق الأستاذ صلاح الحزب ليس بوصفه أديبا ولا بسبب انتاجه الأدبى . ولكن فارقه بصفته مواطنا أداته فى خدمة الجماعة النشاط السياسى المباشر وشتان بين هذا وذاك . فلنقصر الحديث ولاداعى لنبش الماضى .
ولهذا فأن هذه الصفحة تقييم ديوان هذا الشاعر باعتباره عملا فنيا فى نهاية الأمر . ننظر أول الأمر فى صلاحيته كعمل فنى بجودة الأداة وفى شكله . وعندما يدخل من هذا الباب العريض الذى لا يدخله الا الخلق الأدبى الجيد . وننظر ثانيا فى مقدار اثرائه لحركة التقدم ولنمو الحياة . هذا هو طريقنا ، واذا فهم غيره فلا لوم علينا .
تحرير "الميدان "

نوفمبر 1965

الشهيد عبد الخالق محجوب يكتب عن علاقة الادب بالسياسة وحرية الاديب

Post: #26
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 08:04 PM
Parent: #23

شكرا يا ريس علي رفد البوست

Post: #25
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: راشد فضل
Date: 11-01-2010, 08:03 PM
Parent: #22

Quote: مقتطفات من خطاب الحزب الشيوعي الذي ألقاه السكرتير العام عبد الخالق محجوب في مؤتمر المائدة المستديرة مارس 1965م


كان خطاب قيم أستعرناه ضمن عدد من الطروحات الحزبية التي مثلت الخطابات السياسية للأحزاب تجاه قضية الجنوب ، في دراسة اكاديمية بعنوان (التغطية الصحفية

لمؤتمر المائدة المستديرة، دراسة حالة على صحف (الميدان ، الميثاق ، الامة ، الرأي العام ، الأيام) اشرف عليها الدكتور عوض السيد الكرسني

ـــــــــــــ
واصل يا حكيم حتى تعم الفائدة ونعرف المزيد عن هذا القائد الوطني ، وأرجو أن لا تنسى مواقفه في الحياة العامدون التوقف عند السياسة فقط

Post: #27
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: بكرى ابوبكر
Date: 11-01-2010, 08:07 PM
Parent: #25

أنا لا أحتاج لشاهد عند قبرى



أنا لا أحتاج لشاهد قبر
ولكن ان شئتم أن تضعوا حجرا قربى
اذن دعونى أملى
أن ينقش عليه :
" قدم هذا الرجل مقترحات لنا فقبلناها "
مثل هذا النقش
يشرفنا نحن الاثنين
منقولة بتصرف من ترجمة الدكتور محمد سليمان محمد
( برشت شاعر الجدل)

ما أشبه الليلة بالبارحة !

نقتطف جزءا مما كتبه عبد الخالق محجوب تعلقا على حصاد حكم أول ائتلاف بعد فترة الانتقال التى أعقبت ثورة اكتوبر . وكان قد نشر فى كتيب بعنوان (حكم الائتلاف الرجعى) أبان المعركة الانتخابية التكميلية فى دائرة أمدرمان الجنوبية فى اكتوبر 1965 . وبالغم من مضى ثلاثة وعشرون عاما (فى 1988) على تلك الكلمات الا أن القارىء لا شك يدرك التشابه بين الحالة فى تلك الأيام وما هى عليه اليوم .



" لقد قيل لجماهير الشعب فى المدن وخاصة جماهير الةدوطنى الاتحادى أن الائتلاف قام للحفاظ على المصلحة الوطنية العليا. والمصالح الوطنية فى عالم اليوم لم تعد سرا مغلقا يعرفه بعض القادة ويختزنونه فى صدورهم بل أصبحت أمرا مشاعا لعامة الناس. يعرفه أفراده وهم الذين يتحملون مسئولية الحفاظ عليه . فماذا حقق الائتلاف من هذه المصالح؟



على رأس المصالح الوطنية بناء وطنا السودانى من الناحية الاقتصادية ، وجعله مستقلا حقا ، يجد فيه المواطنون فرص العيش المحترم والتعليم والصحة. لقد خبرنا عشر سنوات من الضياع والجشع فأثرى البعض على حساب الشعب وبقى الشعب فى حالة من الفقر والتأخر لآتليق بقطر يدعى الاستقلال. وأصبح الأمر أكثر سوءا اذ أن بلادنا أصبحت تعتمد على رأس المال الأجنبى ، ففقدت قدرتها على الحركة ، وتدهورت حالة المواطنين وأصبح الاستقلال كلمة لا معنى لها .



ولكن الحكومة الائتلافية الراهنة بالرغم من وعودها فى الميثاق ، كما ذكرنا ، سارت فى نفس الطريق : طريق الاعتماد على الديون الأجنبية التى بلغ مجموعها 109 مليون و 900 ألف جنيه .



هذا الرغم المذهل من الديون يرتبط به بلد لايزيد حجم تعاملها التجارى الآن عن 160 مليون من الجنيهات ، ولن يزيد فى أحسن الفروض حتى عام 1970 عن جملة 200 مليون جنيه . هذا وضع خطير بالنسبة لاقتصاد البلاد فعلى الغم من أن الخل القومى سيرتفع بمعدل 2-5 بالمائة كل عام ، حسب تقديرات الحكومة ، الا أن جزءامحترما منه سيخرج فى شكل أرباح وفوائد . فما الفائدة اذن من وراء هذا لتورط والتخبط الذى تقع فبه الحكوة الائتلافيه ؟ ولا يسع المرء الا أن يتساءل : أى نظام اشتراكى هذا – كما ادعو فى ميثاق الائتلاف – الذى يرهن نفسه لرأس المال الغربى ؟



وليس غريبا على هذه السياسة اذن أن تتحمل جيوش العطالة فى بلادنا ، وأن تتجاهل مشاكل غلاء المعيشة والارتفاع الجنونى فى أسعار سلع الاستهلاك . فقد بلغت أرغام تكاليف المعيشة فى شهر يوليو المنصرم 170 نقطة لذوى الدخول المنخفضة أى أن السلعة التى كان سعرها جنيها واحدا فى عام 1951 أصبحت الآن جنيها وسبعين قرشا . وعلى الرغم من هذا تنتشر العطالة ولا تنظر الحكومة فى تخفيض الأسعار .



وعدت الحكومة فى ميثاقها بأن توفر الديمقراطية للشعب ، باعتبارها أداة الحكم الصالح . ويكفى أن نشير الى أن الحكومة منذ تشكيلها حتى اليوم تفرض قوانين حظر المواكب والتجمعات على بلادنا ، وهى تحرم بذلك الشعب من حقوقه الديمقراظية المقدسة . ان جزاء كل مواطن يقدم على تسيير موكب للتعبير عن رأيه هو الضرب بالقنابل وبالعصى الغليظة ، كما حدث لموكب العاطلين (عن العمل ) .



وتذهب الحكومة أبعد من ذلك فتشكل لجنة وزارية للتطهير فى أجهزة الدولة لسلطات غامضة لا هدف من ورائها الا فرض أفكار بعينها على الموظفين ، ومصادرة حرية هذه الفئة الهامة من أبناء الشعب . لقد ملأ الحزبان الدنيا ضجيجا وثورة مفتعلة على حكومة اكتوبر لأنها أجرت التطهير ضد المفسدين أبان الحكم العسكرى بدون اللجوء للمحاكم . ولكنها اليوم تحاول أن تفرض سيطرتها وأن تنتقم من جميع المواطنين الذين يخالفونها الرأى . فأى ديمقراطية هذه؟



ان النظام الراهن يعرض الديمقراطية فى بلادنا لمحنة خطيرة . فهو يحتضن الجمعيات التى لاتؤمن بالنظام الديمقراطى ، والتى تثبت أن فلسفتها تقوم على الارهاب . فجمعيات الشباب الوطنى زمنظمات الاخوان المسلمين تجد الرعاية من قبل الدولة . وتجد التشجيع الذى لاحدود له ، بل تسخر أجهزة الدولة فى خدمتهم – فأى نظام ديمقراطى هذا ."



(الميدان : الأحد 13 نوفمبر 1988 )


http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=49090

Post: #29
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: بكرى ابوبكر
Date: 11-01-2010, 08:13 PM
Parent: #27

عبد الخالق محجوب.
***************.
ولد عبد الخالق محجوب في حي المكي بمدينة أمدرمان إحدى مدن العاصمة المسماة بالمثلثة (الخرطوم والخرطوم بحري وأمدرمان)، والعاصمة الوطنية لدولة المهدية، واحد معاقل الحركة الوطنية والثقافية، في 23 سبتمبر عام 1927، في أسرة كبيرة ترجع بأصولها إلى قبيلة الشايقية، التي انطلقت عناصر واسر كثيرة منها، من مركزها بالمديرية الشمالية في أقصى شمال السودان، لتنتشر وتستقر في العديد من مدن ومناطق السودان.
وقد اسماه والده، محجوب عثمان، باسم عبد الخالق تيمنا بأحد المآمير المصريين، عبد الخالق حسن حسين. وقد كان هذا المأمور عاملا بالسودان في تلك الفترة، وكان متعاطفا ومتضامنا مع الحركة الوطنية السودانية الناهضة قبلها، والتي وجدت التمثيل الأكثر وضوحا لها في ثورة 1924 بقيادة جمعية اللواء الأبيض.
ولد عبد الخالق في فترة شهدت فيها الحركة الوطنية انكفاءة كبيرة، وذلك بعد هزيمة ثورة 1924م، واعتقال واستشهاد قادتها، وتحطيم تنظيمها الأساسي، حركة اللواء الأبيض، واتجاه الإدارة الإنجليزية للتعاون مع الفئات الطائفية والقيادات القبلية، وفي نفس الوقت التضييق على المثقفين والطبقة الوسطى، وقد حكي عبد الخالق جزءا من ذلك، في الجزء الأول من كتاب لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني.
بنفس القدر فقد ازدهرت وقتها الحركة الأدبية والثقافية، حيث شهدت تلك الفترة اسهامات حمزة الملك طمبل الشعرية والتنظيرية، كما أشعار التيجاني يوسف بشير الرومانسية، وكتابات معاوية محمد نور النقدية، وتكللت ببروز مجلة (الفجر) التجديدية القومية لعرفات محمد عبد الله في منتصف الثلاثينات، والتي اقتبس منها عبد الخالق فيما بعد اسم مجلة (الفجر الجديد) التي كان يصدرها ويرأس تحريرها في الخمسينات والستينات.
نشأ عبد الخالق في منزل وطني ومدينة وطنية، حيث كان والده من مؤيدي ثورة عام 1924، وقد انخرط معظم أشقائه في النشاط السياسي، وكان من بينهم شقيقه الأكبر عثمان، الذي كان من النشطين في التنظيم الشيوعي السوداني حتى انقسام عام 1952، وتأييده لجناح عوض عبد الرازق، ثم اعتزاله العمل السياسي فيما بعد.
كما كان شقيقاه الأصغر علي ومحمد من النشطين في الحزب الشيوعي، وكان محمد الذي انضم للقوات المسلحة من المساهمين في عدة انقلابات عسكرية، كان أولها في عام 1959، وقد وصل محمد محجوب إلى موقع عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي السوداني.
كما احتفظ عبد الخالق بعلاقات طيبة وتقدمية مع أخواته والعناصر النسائية من الأسرة، تشهد عليها مراسلات له ومخاطبات عديدة، وقد يكون جزء من تقدمية عبد الخالق في المسألة الاجتماعية غير توجهه الفكري اللاحق، علاقته القريبة بجدته آمنة بت علي التي كانت تسكن حي العرب بامدرمان التي كان عبد الخالق يقضي جل نهاية الأسبوع معها.
لا ريب أن ولادة عبد الخالق محجوب وترعرعه في مدينة ام درمان، بما فيها من تراث مهدوي أنصاري من جهة، وما فيها من تراث حركة اللواء الأبيض وثورة 1924 من جهة ثانية، قد كان له دور كبير في إشعال روحه الوطنية منذ الصبا المبكر، هذه الروح التي ستقوده في ما بعد إلى خياراته الفكرية والسياسية التي اختارها.
درس عبد الخالق أول مراحله التعليمية، كأغلب الأطفال في حيه، في خلوة إسماعيل الولي التابعة للطريقة الإسماعيلية، حيث حفظ بعض القرآن وتعلم مبادئ اللغة العربية. وكان إضافة لتجربة الخلوة، من التجارب الروحية والاجتماعية للطفل عبد الخالق، هناك حلقات الذكر الاسبوعية لرجال الطائفة الإسماعيلية التي كانت تقام كل خميس، بما فيها من طبول وإيقاعات وصور روحية، تتضخم في الاحتفال السنوي بحولية إسماعيل الولي.
كما كانت هناك احتفالات المولد النبوي بجامع الخليفة عبد الله، القائد الثاني للثورة المهدية، وهي الثورة التي ترك ارثها ولا يزال يترك، ظلاله الثقيلة على مدينة أم درمان. وقد خلَّد عبد الخالق سيرة خليفتها عبد الله في مقال له بمجلة (الفجر الجديد).. كان مخالفا لأغلب رموز المدرسة اليسارية والعلمانية في تقييمها للرجل، والذي اعتبره عبد الخالق قائدا وطنيا وثوريا، في المحصلة النهائية.
تحول الطفل عبد الخالق بعد تجربة الخلوة إلى التعليم النظامي، حيث درس المرحلة الأساسية في مدرسة الهداية الأولية، وهي من مدارس التعليم الأهلي المنتشر حينها التي أسسها الشيخ طاهر الشبلي، ثم درس المرحلة الوسطى بمدرسة أمدرمان الوسطى المعروفة باسم المدرسة الأميرية.
إن هناك العديد من الروايات، حول تفوق عبد الخالق محجوب في الدراسة والتحصيل منذ بداية مسيرته التعليمية. وقد تلاحظ تأثير مرحلة الخلوة والتراث الديني عموما، في لغة عبد الخالق الأدبية، والتي تزخر بالكثير من الاقتباسات والتعبيرات ذات الصلة بالتراث الإسلامي، كما هناك شهادات على تفوقه في مختلف العلوم التي حصلها في تلك المراحل، والتي نذكر منها الشهادتين التاليتين:
الشهادة الأولى نجدها في تعليق أُستاذه لمادة الإنشاء، في العام 1941، وعمره حينها 14 عاما، حيث تنبأ له بمستقبل أدبي كبير، وبدور عظيم في حياة البلاد. تجلى هذا في احتفاظ هذا الأُستاذ بكراسة الإنشاء للتلميذ عبد الخالق لسنين طويلة حتى أظهرها للعلن أثناء التحضير للاحتفالات بالعيد الأربعين للحزب الشيوعي السوداني في الأعوام 1986 -1988م.
أما الشهادة الثانية فقد سجلها أستاذ الأدب واللغة الإنجليزية كرايتون، الذي أعلن في المرحلة الثانوية لدراسة عبد الخالق، إن عبد الخالق قد تمكن من الإحاطة بالأدب الإنجليزي واللغة الإنجليزية بالشكل الذي يؤهله لتدريسهما. وقد سأل كرايتون فيما بعد عن عبد الخالق، وانفعل كثيرا عندما سمع بنبأ إعدامه، وكان مما قال حسب الرواية: «ألم يكن من الأجدر الإبقاء على حياة رجل في قامة عبد الخالق وعلمه و فكره الثاقب لدفع عجلة التطوير فى بلدكم»؟
ويبدو ان عبد الخالق كان له تأثير مدهش على من حوله، ومن ذلك ذكر أساتذته له بالخير والتقريظ، ومن بينهم من تم ذكرهم أعلاه، ويذكر محمد محجوب في شهادته كذلك الأساتذة أحمد محمد صالح و بشير عبادي وخالد موسى و أمين زيدان والطيب شبيكة و الصائم محمد إبراهيم، وكذلك أستاذ ومؤلف كتب التاريخ عن السودان هولت.
ويلخص محمد محجوب عثمان بعضا من الشهادات عن تفوق عبد الخالق الدراسي حيث يقول: «وعلى ذكر تفوقه الأكاديمي وسعة اطلاعه، لا بأس من الإشارة الى أن عبد الخالق بعد إكمال المرحلة الثانوية، جلس لامتحان شهادة كمبردج فى سنة 1945 وأحرز درجة الامتياز في كل المواد التي أداها وهى اللغة العربية والرياضيات واللغة الإنجليزية والكيمياء والفيزياء والأحياء والجغرافيا والتاريخ»

مركز المعلومات بالاذاعة السودانية

Post: #28
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: باسط المكي
Date: 11-01-2010, 08:13 PM
Parent: #25

عبد الخالق ركيزة
الفارس معلق ولا الموت معلق
حيرنا البطل

Post: #30
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: Amani Al Ajab
Date: 11-01-2010, 08:13 PM
Parent: #25

الأخ عبد الحكيم ألف حمداً على السلامة ..
لو سمحت يكون البوست لتوثيق حديث ومأثر
الشهيد عبد الخالق بدون تعليقات..
لك تقديري إحترامي..

Post: #31
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: معاوية عبيد الصائم
Date: 11-01-2010, 08:16 PM
Parent: #30

خالد خالد عبد الخالق

Post: #32
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: بكرى ابوبكر
Date: 11-01-2010, 08:17 PM
Parent: #31

Quote: لو سمحت يكون البوست لتوثيق حديث ومأثر
الشهيد عبد الخالق بدون تعليقات..

please
thanks Amani

Post: #33
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: معاوية عبيد الصائم
Date: 11-01-2010, 08:20 PM
Parent: #32

شكرا بت العجب


ليكون البوست كذلك



عاش نضال الشعب السودانى

Post: #34
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 08:34 PM
Parent: #31


شاعر فلسطين العظيم سميح القاسم يرثي عبدالخالق محجوب
sudansudansudansudansudansudansudansudansudan.png Hosting at Sudaneseonline.com

sudansudansudansudansudansudansudansudansudan2.png Hosting at Sudaneseonline.com

sudansudansudansudansudansudansudansudansudan3.png Hosting at Sudaneseonline.com

sudansudansudansudansudansudansudansudansudan4.png Hosting at Sudaneseonline.com

sudansudansudansudansudansudansudansudansudan5.png Hosting at Sudaneseonline.com

sudansudansudansudansudansudansudansudansudan6.png Hosting at Sudaneseonline.com

Post: #35
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 08:42 PM
Parent: #34

مظفر النواب في رثاء عبد الخالق
ــــــــــــــــــــــ

وسافرت الى الغابات
ظبى ذبح الان
وللنبع عصافير
نقطه ضوء حرقتنى فى الفخذ اليسرى
ملت....
فضج الكون عصافير ملونه
صعدت على سلم زقزقه
فاهتز الشجر الموغر بالتمر الهندى
غطانى السندس
أغمضت
وصدع من خرزه أمس
وفى رأسى نهد والنهد لقد فر مع الطير صباحآ
وتحريت مطارات العالم
لم أسمع غير الكذب
واقعى طفل فى عفن الشمس
تغوط فى دعه وتمسح كالجن
بآخر تصريح فى صحف الأمس
وللنبع المجرور الى الظل
وتسحبه الشمس ببطء
كل عصافير الغابات ومأتم ظل فى قلبى
والخرطوم تذيع نشيدآ لزجآ
يحمل رأس ثلاثه ثوريين
ووجه نميرى منكمش كمؤخره القنفذ
أين ستذهب يا قاتل
يا قنفذ
الناس عراه فى الشارع
الناس بنادق فى الشارع
الناس جحيم
اى الابواب فتحت
فهنالك نار
ولله جنود من عسل
وعلى رأسك يا ,,محجوب
رأينا سله خبز تأكل منه الطير
فى ساعات الصبح سيمثل إسمك فيك
وضج الكون دمآ وعصافيرآ خرساء
مفقأه الأعين
وارتفعت أدخنه الكيف الدولى
الهى اى مزاح تمزح هذا
ليسدل شئ فوق المسرح

Post: #36
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 08:55 PM
Parent: #35

مرافعة عبدالخالق امام محكمة نظام عبود

100_2894.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

100_2894-Copy.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

Post: #37
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 09:03 PM
Parent: #36

إن هذه الحوادث لها خطورتها وهي في رأيي تمسني شخصياً لأنني أنتهج السبيل الماركسي في ثقافتي وتصرفاتي وأومن بالنظرية العلمية الشيوعية، وكل معارفي وأصدقائي يعرفون منذ زمن بعيد هذه الاتجاهات والثقافة التي احملها، وأنني أتحمل مسؤولية إزاء هؤلاء الأصدقاء والمعارف وبينهم من يحمل اتجاهات معادية لأفكاري وبينهم من حضي بثقافة إسلامية أو مسيحية، وبينهم الشخص العادي الذي يضطرب في الحياة دون فلسفة أو ثقافة.

إن انزعاج هؤلاء الأخوان يضع على عاتقي مسؤولية أدبية في توضيح رأيي وفق الثقافة التي اعتنقها ثم أن المدرسة الثقافية الشيوعية من المدارس الفكرية التي تعيش في بلادنا منذ فترة طويلة...... إن اهتمامي الكبير بمصير هذه الثقافة التي اعتز بها وأكن لها كل احترام ..... يلقي عليّ أيضاً مسؤولية في توضيح موقفها إزاء الحوادث الأخيرة.

مقدمة كيف اصبحت شيوعيا؟؟

Post: #38
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 09:16 PM
Parent: #37

100_2895-Copy.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

100_2895.JPG Hosting at Sudaneseonline.com


يتبع

*من كتاب عبدالخالق محجوب .,,دفاع امام المحاكم العسكرية

Post: #39
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 09:24 PM
Parent: #38

100_2896.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

100_2896-Copy.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

يتبع

Post: #40
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: ناصر المحسى
Date: 11-01-2010, 09:28 PM
Parent: #39

Quote: في خلال فترة حكم الفريق إبراهيم عبود 1958-1964؛ ساهم عبد الخالق في نشاط الحزب الشيوعي ومجمل القوى الوطنية ضد هذا النظام؛ واصبح لفترة المطلوب الأول لجهاز البوليس السياسي وقتها. إن عبد الخالق الذي اعتقل لاحقا ؛ ونظمت له ولرفاقه محكمة باسم " قضية الشيوعية الكبرى"؛ وقد قضى فترة تتعدى العامين في السجون.
إن محمد احمد المحجوب سيقدم صورة إيجابية عن فترة اعتقاله المشتركة مع عبد الخالق محجوب. وهو يحكى كيف انه عرف عبد الخالق جيدا في هذه الفترة؛ وكيف انه وصل إلى القناعة بان الحزب الشيوعي السوداني تحت قيادته هو حزب سوداني مستقل ؛ وان عبد الخالق قد نأى به عن أي نفوذ أجنبي؛ حيث يقول:
"إنني اعرف عبد الخالق محجوب منذ 30 سنة كان يتحلى بنزاهة وشجاعة بالغتين وكانت الأخلاق السودانية تأتى فى الطليعة فى تفكيره السياسي. وقد ساهم كثيرا فى إيجاد توافق بين تاريخ السودان الإسلامي والآراء الماركسية الثورية. وهذا ما يجعلني دائما اصف الحزب
الشيوعي السوداني بأنه حزب سوداني صرف لا يدين بالولاء لموسكو أو أي بلد شيوعي آخر فى العالم". (محمد احمد محجوب :<< الديمقراطية في الميزان>> -دار جامعة الخرطوم للنشر).
إن النضال السياسي للحزب الشيوعي ضد نظام عبود؛ والموثق له في كتاب " ثورة شعب "؛ وغيره من المقالات والكتب؛ ودور عبد الخالق شخصيا في هذا النضال؛ قد أهلا الحزب الشيوعي لان يكون الحصان الأسود؛ في حلبة الحياة السياسية السودانية بعد ثورة أكتوبر 1964.

Post: #42
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: Amani Al Ajab
Date: 11-01-2010, 09:39 PM
Parent: #40

كيف ولد شعار الدستور الاسلامى؟

عبد الخالق محجوب
الحوار المتمدن - العدد: 1343 - 2005 / 10 / 10
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الجمهورية الرئاسية التى اقترنت بانتهاك الحقوق الأساسية وتشويه قضية الديمقراطية يروج لها أصحابها بوصفها نظاما اسلاميا أو ما أجمعوا عليه بالدستور الاسلامى .وقد استطاعت الفئات الحاكمة فى بلادنا ومن سار فى ركابها من الكتاب والمعلقين بالصحف أن يدخلوا الرأى العام المستنير فى دوامة من المناقشات التى لا تصل الى نتيجة حول صلاحية "الدستور الاسلامى" لظروف السودان وتكوين أهله الثقافى والحضارى ، وبين ضجيج التأييد وردود الفعل الفعل المعارضة شغل الناس من النفاذ الى أصل القضية .



اننى لا أنكر أن هذه المناقشات قد ولت وعيا بين الناس لا سبيل الى انكاره. ولفت الانتباه لأول مرة فى بلادنا بالنظر للدين من زاوية المؤثرات والتقدم الذى أصاب الانسان فى القرن العشرين ، وهى مناقشات تعيدالى الأذهان حركة الاصلاح الدينى التى شملت البلدان العربية المتقدمة فى مطلع هذا القرن . وظل السودان بعيدا عنها الا بين دوائر ضيقة أصابت حظا من التعليم والاستنارة . وكانت لصيقة بالتيارات الفكرية العربية والاسلامية فى تلك الحقبة من التطور . ولكنى أعتقد أنه اذا كان لنا أن نصل الى استنتاجات سياسية سليمة - وهو ما يطلب عند عند اصدار وجهة نظربعينها حول قضية الدستور - فان المدخل لذلك هو دراسة الظروف التاريخية الملموسة والعوامل السياسية الظاهرة والمستترة التى ولد بينها شعار الدستور الاسلامى ، وبصورة أشمل وأكثر دقة تلك الظروف التى ظهر فيها اسم الاسلام كأداة فكرية وكركيزة أيدلوجية للفئات الاجتماعية المالكة والحاكمة فى صراعها ضد القوى الاجتماعية الخارجة عليها مصلحة وعملا .



يلحظ الانسان أن هذه الظاهرة بدت واضحة للعيان فى الأيام الأولى لانتصار ثورة اكتوب الشعبية ضد الحكم العسكرى ، وكانت الخطب الملتهبة التى ألقاها السيدان الصادق المهدى ونصر الدين السيد فى اجتماع شعبى بحى المهدية أم درمان ضد الشيوعيين وباسم الاسلام الاشارة الخضراء لسيل متفق من الحملة تحت اسم الاسلام فى وجه "الخطر الشيوعى" كما صور للناس .هذه الظاهرة ما جاءت تسلسلا منطقيا أونتيجة لتطور باطنى مر بفتراته المختلفة فى أحشاء الفئات الحاكمة وأحزابها .



لقد ظلت تلك الفئات تعمل تحت ظل النظام البرلمانى حتى نهايته فى عام 1958 دون أن تلجأ لنظرية "اسلامية" تستند اليها . ففى قضية الدستور أجمعت القوى السياسية على مسودة دتور 1958 ، وهى لا تخرج من اطار الدساتير الليبرالية ومن دستور الحكم الذاتى الذى وضعته الادارة البريطانية والقاضى ستانلى بيكر . وفى ميدان جلب الجماهير الى التأييد كانت الفئات الحاكمة تسلك طرقها التقليدية التى بنت عليها مؤسساتها السياسية من قبل . فالائفية تجلب جماهيرها الى التأييد السياسى لها متوسلة بأدواتها القديمة التىظلت تستخدمها لكسب تأييد تلك الجماهير فى حقل النشاط الاجتماعى ومضاعفة النفوذ الأدبى للقادة الطائفيين .



مؤلفات مؤسسى الطوائف فيما يختص بالعبادة ، وفى نشر الأفكار الوفية بصورة أو أخرى هى الأداة الفكرية بين الجماهير والأشكال التنظيمية المختلفة من حلقات الذكر والدراسة ومجموعات المائة والجهادية الخ وهذه الأدوات نفسها والتى كانت تستخدم لأغراض المؤسسة الطائفية قبل نشوء الحركة السياسية بصورتها الجديدة . والحزب الوطنى الاتحادى الذى انقسم على طائفة الختمية فى تلك الفترة لم تكن له نظرية أكثر من شعار محاربة الطائفية وهو لم يستطع أن يضع مفهوما اسلاميا أو نظرية اسلامية لتحرير الجماهير من الطائفية كما كان يرى قادته . وذلك لأن مثل هذه النظرية ربما تعارضت أيضا مع مصدر هام من مصادر تأييده الجماهيرى وهى الطوائف الصغيرة وأهل القباب والجماعات الصوفية التى أيدته ورأت فيه وسيلة لحمايتها من تغول الطائفتين الكبرتين . ولا نكون عيدين عن الحقيقة اذا قلنا بأن الحزب الوطن الاتحادى وقتها اعتمد أيضا على مدأ فصل الدين (عن السياسة) حسب تصوره لهذه القضية . والشعار الكبير الذى حكم العمل الدعائى لذلك الحزب فى تلك الفترة وأعنى "سقوط القداسة على أعتاب السياسة كان يحمل فى جوفه هذا المعنى . كما أن مفهوم الحزب الوطنى الاتحادى للدستور كما ظهر فى نشاطه بين الجماهير وفى نشاط مندوبيه فى لجنة الدستور وقتها لم يخرج عن اطار الدمقراطية الليبرالية .



وفى هذا الحد انتهى النظام البرلمانى عام 1958 . فهل جرى تطور منطقى لتلك القوى الاجتماعية خلال الحكم أدى الى نمو الفكر الاسلامى على تلك الصورة الحادة التى ظهرت بعد أيام من نهاية الحكم العسكرى .



ان مفاهيم تلك القوى الاجتماعية خلال الحكم العسكرى للحكم والدمقراطية وللأدوات الفكرية فى العمل السياسىىلم تتغير على الرغم من أن الحكم العسكرى وخاصة بعد تطبيق الخطة العشرية طرح قضايا جديدة تتطلب ذلك التغيير . أقصى ما وصلت اليه تلك القوى الاجتماعية هى بعض الاستنتاجات الأساسية وليدة تلك المحنة والمعبرة فى نفس الوقت عن ضعفها وعن رغبتها فى تقوية نفوذها ومجهوداتها أمام الحكم العسكرى . كانت تلك الاستنتاجات لا تخرج عن عن فكرة الحزب الواحد الكبير لتلك الطبقات فى صورة اندماج بين حزب الأمة والحزب الوطنى الاتحادى ، لا تخرج عن اعادة النظر فى مشكلة الجنوب بعد أن استفحل أمرها من ناحية وبعد أن أصبح مهما فى نظر تلك الدوائر الاجتماعية كسب الحركة السياسية فى الجنوب بأية طريقة ممكنة . والنقد للنظام العسكرى الذى كانت تلك الدوائر - على شحه وضآلته - لم يكن صادرا عن نظرية الامية بل عن التجريب والمواتاة السياسية التىتبرز نشاط المعارضة ضد الحكم العسكرى . لقد فشلت تلك الأحزاب فى تفهم وجهة نظر الحزب الشيوعى بعد عام 1962 ، والمبنية على افتراض سليم بأن ظروف البلاد قد تغيرت , وأن الثورة السودانية قد دخلت فترة جديدة من مرحلة التقدم الاجتماعى ، مما يتطلب نقد النظام القائم وقتها على نظرية تهيىء الجماهير للصعود الى مستوى أعلى فى كل الميادين ، فى مبدان الثورة الاقتصادية والاجتماعية . اما فى حيز قضية الدستور فد ظل نشاط الدوائر الاجتماعية المعنية وتصورها حبيس أسوار دستور عام 1956 . وما تعدت آمالها العودة الى حكم البلاد بذلك الدستور بالرغم من وفرة تجارب شعبنا البرلمانية ، وعلى تغير الأحوال خلال الحكم العسكرى وعلى تجارب العالم الثالث التى اتخذت مركز الصدارة فى الحياة السياسية المعاصرة لتلك الفترة .



من المستحيل اذن البحث عن الفكرة الاسلامية والانتفاض للدين الاسلامى بوصفه نظرية كاملة للعمل السياسى فى باطن موهوم لتلك الأحزاب أو لين الحجج المسوقة والمطروقة حول الأغلبيى ووجوب حماية عقيدتها ، أو بين زعم قائل ببعث وطنى جديد ملأ جوانح تلك الأحزاب وملك عليها أطارها . الصائب فى رأييى هو البحث عن الدواعى فى ظروف ثورة اكتوبر نفسها . لا لزوم لتكرار ما ذهبت اليه من قبلفى وصف تلك الثورة ون نتائج لها ذات اثر على الصراع السياسى فى البلاد ، ولكنى أحصر نسى لفائدة المناقشة ولدواعى الموضوع نفسه فى نقطة واحدة هى أن ثورة اكتوبر كانت تعبيرا عن رغبات شعبية أصيلة فى فى التغيير الاجتماعى . ولأنها دفعت للمقدمة بنظريات التغيير الاجتماعى ولأنها كذلك قد ضمت فى أحشائها قوى ثورية ذات نظرية كاملة فى العمل السياسى . ولأنها ثورة من أجل التغيير الاجتماعى فانها دفعت للمقدمة بنظريات التغيير الاجتماعى وخاصة الاشتراكية . وكان لابد لكل القوى الاجتماعية المتصارعة أن تواجه هذا الواقع وأن تتفاعل معه سلبا أوايجابا ، وعند هذه النقطة والزاوية الحادة للتقدم حكم خطى الفئات الاجتماعيةالمالكة وعجزها وافلاسها فى ملاحقة السير فتفاعلت سلبا مع الظروف الجديدة . فالقوى الطائفية والجماعات المتخلفة ماكان لها من الأدوات ماتستطيع به مواجهة تلك الظروف . كما ان مصالحها أثقل من أى رغبة ذاتية فى التغيير . وأكثر الفئات المنضمة اليها حركة ونشاطا ، وأعنى العناصر اللاأسمالية كانت تعانى من قحط فكرى وجفاف قاتل . ان مصالح تلك الفئات مجتمعة وأعنى تلك المصالح الرامية للمحافظة على مواقع الاستغلال القديمة ودعم مواقع الاستغلال الرأسمالى الجديدة والتى حث خطى نموها الحكم العسكرى ماكان من الممكن الدفاع عنها وفق نظرية صريحة تبرر التخلف فى وجه التقدم الذى الذى أعلت رايته ثورة اكتوبر . ماكان من الممكن الدفاع عن عن الرأسمالية وقدراتها فى وجه أفكار الاشتراكية التى زحمت الآفاق السياسية على تلك الأيام . لقد ذهبت من وجهة النظر التاريخية تلك الحقب التى كان من الممكن فيها لاصحاب النظريات والمصالح الرأسمالية حمل الأمة بأسرها على تأييدهم . الا من قلة أصابت وعيا متقدما - تحت شعارات المساواة والاخاء وتحت شعارات "الفرد الحر" والتجارة الحرة والمناجزةوالمواثبة . وهذه حقيقة تتضح متوهجة فى العالم الثال حيث أجبرت قوى التخلف والعناصر الرأسمالية على مواجهة الحركات الشعبية بنظريات جديدة فى مظهرها على الأقل تخفى تحتها تلك الفئات الحاكمة مصالحها الحقيقية .



فى الشمال يتدثر الحبيب بورقيبة بنظريته الخاصة عن "الاشتراكية"ويجتهد فى نشرها واغراق الحركة الشعبية فى لجتها وتشويه فكرة الاشتراكية . وفى الغرب يتصدر ليوبولد نغور الدعوة "لاشتراكية افريقية" كمبرر للاستعمار الحديث وتشد أفكار الجماهير بعيدا عن حقائق التقدم المعاصرة . وفى الهند تنهض اشتراكية غاندى مزيجا من الاشتراكية الفابية وخلط بين الديمقراطية البرجوازية ..وهكذا . ولكن الفئات الحاكمة فى بلادنا تعجز عن هذا الضرب من النظريات التى تبتدعها أو تنقلها . وعجزها ناتج عن ضعف كياناتها الثقافية والاقتصادية مما ظهر جليا فى شح كادرها المستنير ممن له الرغبة فى التحصيل أو القدرة على البيان المقنع . وكيف يظهر مثل هذا الكادر السياسى وأدوات العمل السياسى رجعت على ماكانت عليه فى ميادينها المختلفة الطائفية والسياسية على الصورة التى ألمحت اليها من قبل .



ان الاحتماء بالدين وفق المفاهيم السائدة كانت الوسيلة المريحة والممكنة للفئات الاجتماعية التى عجزت عن التفاعل الايجابى مع حركة التغيير الاجتماعى التى تفجرت بعد ثورة اكتوبر 1964 . وهو من هذهالزاوية يمثل رد فعل للصراع السياسى والطبقى الذى أفرزته الثورة . ولا تعبر عن تطور أصيل وتسلسل منطقى مقبول لنشاط الفئات الحاكمة . قد يقال أن هذا تقرير وصفى لما حدث ، ولكن ألا يحق لنا فى ميدان التنظيم أن نتسائل : وما العيب فى أن تلجأ تلك الفئات للاحتماء "بالدين" نظرية لها فى العمل السياسى؟ .. سؤال وجيه نحاول الرد عليه من واقع الحياة السياسية ومن ظروف الصراع الذى تعددت مسالكه وتنوعت صوره بعد أن دخلت بلادنا فترة التغير الاجتماعى .



ان المفهوم "الاسلامى" الذى احتمت به الفئات الحاكمة هو الذى يكشف طبيعة تلك الحماية . كما أنه يوضح طبيعة الصراع الدائر فى بلادنا وجوهره . وعندما أتحدث عن المفهوم "الاسلامى" فانما أعنى المفهوم السائد أو الطاغى . ومن الناحية التاريخية لابد لنا أن نلتفت الى الطريقة التى دخل بها الاسلام الى للسودان وهى طريقة يمكن أن نقول أنها بشكل عام طريقة سلمية وهادئة . فقد ظلت المسيحية ى شمال البلاد تشكلسدا أمام الفتح الاسلامى لأكثر من ثلاثة قرون . فالفتح الذى يهدم المؤسسات القديمةويقيم مكانها مؤسسات جديدة يجتث بقدر أو آخر المفاهيم والأفكار القديمة لم يكن متوفرا على ذلك النحو فى بلادنا . ولهذا يمكن القول بأن الفكر الاسلامى دخل السودان مقيدا لوجود مؤسسات قديمة يؤثر عليها ولكنه يتصالح معها . وليس هذا أمرا غريبا ، ففى غرب افريقيا كانت المجموعات القبلية والعنصرية تنتقل الى الاسلام باسلام زعاماتها ومبايعتها . ثم تبدأ بعد ذلك عملية التفاعل مع الدين الجديد كل ما يحمل من مفاهيم فى الفلسفة والعبادة والعلاقات الاجتماعية .



وهذا بالطبع يترك أثره على الحياة الاسلامية فى بلادنا . فالسحر والعرف وبعض العادات الاجتماعية الوثنية بقيت على ماهى بصورة أو أخرى وأعطت للمجتمع طابعا محافظا وتخوفا من الجديد .



ان الصورة الرائعة التى أوردها ود ضيف الله حول النشاط الدينى فى الفترة التى تصدى لها تعطى الانسان دليلا على الاختلاط بين الفكر الاسلامى والعادات الاجتماعية المستوطنة . فأحاديث كثير من المشايخ خليط بين الزهد الصوفى وبين السحر الأفريقى والفلكلور .



وخلافا لبعض البلدان الاسلامية فان الثورة الفكرية للاصلاح الدينى الرامية لتصفية ذلك الخلط ، والتى استهدفت فيما بعد عندما تلاقى العالم الاسلامى مع أوربا وضع الدين مرة أخرى فى مجرى التقدم فان السودان كان حظه ضئيلا .فحركة التطهر الدينى التى قادها الامام محمد أحمد المهدى تعثرت ثم سقطت لأسباب عديدة ، ليس هذا مجال التصدى لها . كما ان حركة البعث الاسلامى على الصورة الجديدة التمسها قلة من المثقفين السودانيين . ما كان لهم بحكم ظروفهم أن ينقلوها الى داخل المجتمع السودانى . وبلادنا فاقدة لثوريين عانت ماعانت وما زالت تعانى من ذلك وتصبح فيها المفاهيم "الاسلامية" السائدة سندا لكل قوى اجتماعية تحاول اخفاء مصالحها الحقيقية أو تزين تلك المصالح .



اذا قلنا أن هذا يقع فى ميدان الثورة الفكرية ، فان المفهوم الاسلامى الذى احتمت به الفئات المالكة ضد قوى ثورة اكتوبر الشعبية لم ينصهر أيضا فى لهيب الثورة السياسية .



فى الجزائر نجد على سبيل المثال أن المفهوم الاسلامى لعب دورا واضحا فى فى حركة النضال الوطنى . احتمت به الحركة الوطنية ضد سياسة الذوبان الفرنسية . وخاطبت به الجماهير ورفعت به مستوى عاليتها وحماسها الثورى من أجل الحرية الوطنية . وبهذا فان المؤسسة الاسلامية انصهرت بين نيران ذلك الصراع الانسانى الرهيب . ولفظت من صفوفها الأفكار المشوهة الخانقة والجماعات المتسولة باسم الدين . وعبر عن هذه الحقيقة ميثاق طرابلس ورنامج جبهة التحرير فيما بعد . كما انطلق بتلك الحقيقة لسان أحمد بن بيل حينما أشار الى أن للاسلام مفهمومين فى الجزائر .. مفهوم العناصر الرأسمالية ومفهوم الكادحين . وقد انحاز الثوريون الى مفهوم الجماهير الكادحة .



أما فى السودان ولظروف محلية فى منطقتنا ... فقد اعتمدت الحركة السياسية بأجنحتها المختلفة على مخاطبة "الوطنى" على فكرة الوطنية . بالاضافة الى هذه الفكرة "الطبقية فى حالات معينة للنشاط الثورى فى بلادنا . والمؤسسات الدينية الرسمية كالقضاء الشرعى أو غير أو غير الرسمية لم تستنهض الجماهير بمفهوم اسلامى ، ولم تستنفر حميتهم الدينية لمقاومة الاستعمار . ولا يكون الانسان متجنيا اذا قال بأن تلك المؤسسات ظلت جزءا من جهاز الدولة الأجنبى وهو فى مجموعه اداة للقهر .



ملحوظة: نشر هذا الموضوع فى جريدة "أخبار الاسبوع" . لم يتوفر لنا تاريخ صدوره . كما أن هنالك اشارة الى أن هناك بقية للموضوع فى صفحة 12 من تلك الصحفية لم نعثر عليها أيضا لخطأ منا أو لعدم مواصلتها فى ذلك العدد كما هو الحال فى كثير من المرات .. مهما يكن من أمر وجب الاعتذار . وسوف نسعى لتكملة مالم يكتمل .

Post: #41
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 09:36 PM
Parent: #39

100_2897-Copy.JPG Hosting at Sudaneseonline.com




100_2897.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

Post: #43
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 09:52 PM
Parent: #41




Post: #45
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-01-2010, 10:00 PM
Parent: #43



Post: #44
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: Amani Al Ajab
Date: 11-01-2010, 09:56 PM
Parent: #41

الثورة السودانية وأزمة الوسط

عبد الخالق محجوب
الحوار المتمدن - العدد: 1347 - 2005 / 10 / 14
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان

قضايا الساعة:
الثورة السودانية وأزمة الوسط
المقال الثانى - الميدان 12 مارس 1965

هل هناك حقا "وسط" فى التطبيق الاشتراكى؟ واذا كان هناك وسط فهل هناك يمين ويسار؟ للاجابة على هذا السؤال ، لا بد لنا أن نرجع قليلا الى جذور التفكير الاشتراكى التاريخية . فالاشتراكية بمعناها الحديث كعلم تنظيم المجتمع، حديثة على البشرية. صحيح أن الفكرة العامة القائمة على العدل الاجتماعى وانصاف الفقراء فكرة انسانية قديمة، ترجع الى العهود التى بزغت فيها الحضارة، وجرى نوع من تقسيم العمل ، وقد أسهمت الحضارات المختلفة فى تنمية هذه الفكرة برجات مختلفة.

فقد أسهمت الحضارة المسيحية فى تنمية تلك الفكرة فى المرحلة الأولى عنما كان الدين المسيحى يمثل الراية التى التف من حولها المضطهدون وعبيد الامبراطورية الرومانية . وقد انتكست تلك الحضارة حينما أصبح العالم المسيحى خاضعا لحكم الملوك والقياصرة ، الا ما كان يمثل منها الجانب الفقير . كان ذلك الجزء يتمسك بالنصوص الخالصة لتعاليم المسيحية ويحتج بها على الأوضاع الاجتماعية الجديدة التى تخالف روح تلك التعاليم . وأسهمت الحضارة الاسلامية بقدر كبير فى اقرار مبادىء العدل الاجتماعى ، بل اننا يمكن أن نقول أن تلك الحضارة دفعت بفكرة المجتمع العادل دفعا ملحوظا، وتحت رايتها تطورت الفكرة الاشتراكية وبدأ يطلع علم الاجتماع على يد علماء المسلمين أمثال ابن خلدون .

الاشتراكية علم:

انتقلت هذه الأفكار الى أوروبا الحديثة فأصبحت علما لأن العلم أصبح السائد فى تلك النهضة الحديثة ، ولأنه أصبح من الممكن فى ظروف المجتمع الجديد أن تصبح الاشتراكية ضرورة تاريخية واجتماعية ملحة . فالثورة الصناعية والعلمية فى أوربا مزقت العلاقات الاجتماعية القديمة، وكشفت العلاقات بين الناس على أساس (حقيقتها) ، وتبخرت كل القيم القديمة، فالعلاقات الأخوية القديمة النابعة من التعاليم المسيحية تعرضت للمحن ابان العهد الاقطاعى ، ولم يعد للانسان قيمة، بل أصبح عبدا لأخيه الغنى . أصبح الناس ينتمون الى الكنيسة ، أغنياءهم وفقراءهم ، ولكنهم يعيشون فى عالمين لا علاقة بينهما: هناك الحديث عن الاخاء والسلام وهنا الاضطهاد واحتقار الانسان لأخيه والحرب والبطش. ولهذا فلا بد من علاقات اجتماعية جديدة ، تعيد للمجتمع علاقات الاخاء والعدل الاجتماعى ، ولا بد أن تكون تلك العلاقات ثابته فى المجتمع بحكم القانون ، لا مجرد نزوة شخصية أو نظرة انسانية تترك للضمير . فما عاد الضمير وحده ضمانا لبناء مجتمع عادل . وهكذا تحولت الاشتراكية الى علم وفكرة واضحة عن مجتمع محدد العلاقة اجتماعيا وماديا .

الأساس الحق للديمقراطية هو وضع السلطة فى يد المنتجين الكادحين:

ان محور الفكرة الاشتراكية هو السلطة . لمن تكون السلطة حت تحافظ على العلاقات الخيرة بين الناس . بالضمانات الاجتماعية الكافية؟ لمن تكون السلطة حتى ختفى الاستغلال والسيطرة على أرزاق الناس؟ لمن تكون السلطة حتى تختفى شرور الحروب وحتى يعم الاخاء ف عالم مضطرب يموج بالدول الجديدة ذات المصالح المتصارعة؟

وقد أجابت الاشتراكية على هذا السؤال بوضوح: تكون السلطة للمنتجين الكادحين من العمال والمزارعين وأبنائهم المثقفين الكادحين . ولم تجب الاشتراكية على ذلك رغبة منه فى التسلط على الآخرين ولكن لأن الطبقات الرأسمالية تعطل التطور والتقدم ، ولأنه لابد من تصفية التحكم الرأسمالى فتصبح الدولة للأغلبية الساحقة من العاملين. هذا هو الأساس الحق للديمقراطية .

الاشتراكية تحكم والرأسمالية باقية:

لقد أدرك الرأسماليون خطورة الفكر الاشتراكى فى أوربا وهم المفلسون فى تنمية المجتمع ماديا وروحيا. فلجأواا الى الاساءة اليه. وذلك باستمالة أقسام من الجماهير العاملة شقت االصفوف وكونت ما يسمى بالدولة الثانية . لد كانت تلك الأقسام وخاصة فى بريطانيا تعيش على فتات المائدة التى يلقيها الرأسماليون وينهبون البلدان المتخلفة فى القرنين التاسع عشر والعشرين، ولهذا ارتبطت بالرأسمالية وأصبحت لا تمثل مصالح الجماهير العاملة وزيفت الفكر الاشتراكى، ويكفى أن يشير المرء الى أن هذه الفئة من "الاشتراكيي" هى التى قادت سفن الحكم فى العالم العربى فى أيام الأزمات، وهى التى أرسلتالجيوش تحارب حركات التحرر الوطنى فى آسيا وافريقيا والعالم العربى . لهذا لم تعد تعد تلك "الاشتراكية" فى نطاق حركة العاملين، بل أصبحت فكرا يمثل مصالح الطبقات الرأسمالية بين تلك الحركة. وهكذا وصل الاشتراكيون الى الحكمفى كثير من بلدان أوربا الغربية ، ومازاالالنظام الرأسمالى باقيا يستغل العمال فى الداخل ، ويضطهد الشعوب فى الخارج ويمنعها من تحقيق حريتها الوطنية .

ان اشتراكية الدولية الثانية ، وقد تجردت من من العمل لسلطة قوى العاملين ، لم تعد طريقا للاشتراكية وسطا أو متطرفا. صحيح أن الجماهير العاملة التى تنتظم وراء تلك الأحزاب تتكشف الحقائق أمامها فى أيامنا المعاصرة. وتضع كل يوم قوتها الى جانب الاشتراكية فتؤثر خطوة خطوة على اتجاه تلك الأحزاب . ولكن صحيح أيضا أن تحقيق الاشتراكية لن يتم الا باحداث تغيير جذرى فى أفكار قادة تلك الأحزاب يرجع الاشتراكية الى اولها الحقة .

اشتراكية سنقور ونهرو:

هذا ما كان من أمر الاشتراكية فى أحزاب الدولية ولكن للمرء أن يتساءل: هل الدعوة للاشتراكية التى نلحظها فى البلدان المتخلفة ، وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية هى نفس الاشتراكية السائدة فى أحزاب غرب أوربا؟ يصعب التعميم ردا على هذا السؤال . فهناك مدارس من تلك الاشتراكية ترجع اصولها الى العالم الغربى وتحمل كل تشويه لفكرة الاشتراكة. فالاشتراكية كما دعا لها جواهر لال نهرو ، تقع تحت التأثير المباشر للفكر الغربى ، وتنهل من منابعه وترجع أصولها اليه . كما اننا نجد الفكرة التى تدعو لها مدارس الرابطة الفرنسية وعلى رأسها ليوبولد سنقور ف السنغال تسير أيضا فى نفس الطريف . و لا تخرج عن كونها رغبة للاصلاح فى ظل التخلف والنظم الرأسمالية ، بل الاقطاعية فى بعض الأحيان . وهذه المدارس الاشتراكية لا تعبر عن حاجة للتقدم المحلى ، وليست مدفوعة بقوى العاملين فى تلك البلدان ، بقدر ما هى تمثل أثر الأفكار الاجتماعية الغربية على بعض القادة والمثقفين الذين تربوا تحت ظل تلك الأفكار . ولهذا فهى لا تحتل مركزا مقدما فى الحركة الثورية لبلدان "العالم الثالث" بل لا تمثل أى مركز فى تلك الحركة ، وتشكل جزءا من الحركة الرجعية فى تلك البلدان .

سبيل اشتراكى للتحرر من الاستعمار والتخلف:

ان الأمر الجدير بالاعتبار هو الاشتراكية التى أصبحت تلعب دورا بارزا فى الحركة الثورية لبلدان "العالم الثالث". والتى نشهد آثارها واضحة فى الجمهورية العربية المتحدة (مصر) وفى جمهورية الجزائر ومالى وفى غانا وفى الاتجاهات الغالبة فى كينيا الخ. تمتاز هذه المدارس من الاشتراكية بأنها نشأت فى النضال ضد الاستعمار الأجنبى . وخلال الرغبة الأكيدة لناء الاقتصاد الوطنى وتحريره . فالجمهورية العربية المتحدة استهدفت أولا بناء اقتصادياتها وناضلت لهذا بتحريرها من نفوذ رأس المال الأجنبى . وفى خلال هذا النضال اتضح أن تحرير اقتصادياتها يتطلب تحولا اجتماعيا – وأن الطريق الرأسمالى أصبح لا يؤدى الى التحرر فى عالم اليوم ، بل الى عودة النفوذ الاستعمارى . ولتفادى هذا الطريق أصبح لا بد من سلوك السبيل الاشتراكى . وهذه الحتمية للتطور عبر عنها الميثاق الاشتراكى فى الجمهورية العربية المتحدة (مصر) تعبيرا واضحا ، وأكد حتمية الحل الاشتراكى لحل لمشكلات التخلف فى المجتمع العربى . وفى جمهورية الجزائر تطلب النضال المسلح طويل الأمد استنهاض الجماهير الكادحة من فلاحين وعمال وجذبهم الى الثورة . ولم يكن ذلك ممكنا بمجرد الحديث عن الحرية الوطنية ، بل كان من المحتم استناد ذلك النضال على تغيرات اجتماعية . كان ذلك ضرورة سياسية وعسكرية . ولهذا انبثقت ضرورة النضال من أجل تحرير الوطن الجزائرى وأصبحت الدعامة لجمهورية الجزائر المستقلة . هذه بعض الأمثلة .

اذن فهذه المرسة فى اصولها تختلف عن المرسة الدولية الثانية . فهى ليست تعبيرا عن مصالح الرأسماليين والمستعمرين ، وليست منبرا للأقسام المنحازة لصفهم من جانب العمال ، بل على العكس . هى تعبير عن مصالح شعوب مضطهدة من قبل المستعمرين والرأسماليين الأجانب ، وتعبر عن الرغبة للانعتاق من التخلف .

لافتة "اشتراكية" لوقف التطور؟

كذلك نشأت هذه المرسة فى ظروف أصبحت فيها الاشتراكية الظافرة تلعب الدور الأول فى تحريك التارخ الحديث ، ولم تنشأ كاشتراكية أوربا الغربية فى وقت كانت الرأسمالية فيه النظام السائد الذى يملك الكلمة العليا . ولهذا فهى تتأثر بميزة العصر . وتأخذ من عصرنا أكثر مما ترفض . لقد ولدت هذه المرسة فى جو عالمى نقى وتحت تأثيرات فكرية معافاة ونظرات اشتراكية سليمة ، وتطبيق ناجح للاشتراكية بين أكثر من ثلث سكان المعمورة . ولهذه العوامل آثارها الجليلة .

فالاشتراكية فى الجمهورية العربية المتحدة تختلف فى الأساس عن اشتراكية الغرب فى أنها حددت السلطة فى تحالف القوى العاملة ، وحددت تمثيلها بالأغلبية فى أجهزة السلطة التشريعية . ولهذا لم تعد الاشتراكية فى الجمهورية العربية المتحدة فى الميثاق مجرد تمنيات أو رغبات طيبة من قبل بعض الطبقات أو احسانا يمد للعاملين ، بل أصبحت نظرية ثورية بالفعل . تضع السلطة فى يد الجماهير العاملة .وهذا فى رأيى هو الذى يحدد ان كان هنالك وسط أو تطرف، وطالما أكدت هذه المرسة الاشتراكية الثورية من الاشتراكية – وقد أكدت – أن السلطة الاشتراكية للعاملين فمن الخطأ وصفها "بالوسط" . الذى يرفض فى الواقع الاشتراكية ، وهو يعبر فى أحسن الأحوال فى البلاد المتخلفة عن رغبة للاصلاح فى بعض الأحيان ، وفى الأخرى عن الرغبة فى وقف التطور والسير فى الطريق الرأسمالى تحت ستار "الاشتراكية" .

Post: #46
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: Amani Al Ajab
Date: 11-01-2010, 10:11 PM
Parent: #44

حول المؤسسات المؤممة والمصادرة

عبد الخالق محجوب
الحوار المتمدن - العدد: 1365 - 2005 / 11 / 1
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية
يمكننا أن نقسم هذه المؤسسات تقسيما وظيفيا على الوجه التالى تقريبا :

أ - المصارف ب - مؤسسات انتاجية ج - مؤسسات للتجارة والتوزيع

بداية علينا الفصل بين المؤسسات المؤممة والمصادرة وذلك لأن أهداف التأميم والمصادرة تتباين و لايمكن اعتبارها متطابقة تطابقا تاما ، فالتأميم فى البلدان المتخلفة يستهدف أحد أمرين :

أ - وضع يد الدولة على مراكز استراتيجية فى الاقتصاد الوطنى قصد تحريره من القبضة الأجنبية ، قصد تنفيذ الخطة الاقتصادية المركزية بحيث يمكن تخطيط تلك المراكز الاستراتيجية حتى تتيسر ظروف مواتية لتحقيق أهداف الخطة .

ب - أو وضع يد الدولة على أنشطة اقتصادية بعينها يمكن من ورائها توفير فائض اقتصادى يسهم فى تحقيق خطة التنمية أو فى التزامات الدولة فى الانفاق غير المنتج مما هو ضرورى لرفع مستوى معيشة السكان . ولأن الثورة السودانية ثورة وطنية ديمقراطية - أى لأنها ثورة تستهدف فى المقام الأول استكمال عوامل التحرر الوطنى ثم التقدم الاجتماعى ، فاتأميم يتوجه أولا لخدمة هذا الغرض وأعنى لتحرير اقتصادات البلاد من النفوذ الأستعمارى والتبعية ، مواقع هذا النفوذ كانت وبعضها مايزال ، فى الميادين التالية :

1 - المصارف ، وقد تحقق الآن وضعها فى يد الدولة السودانية ولكن من المهم مراجعة عدة اتفاقيات والتثبت فعلا من أنها لا تؤثر على استقلالنا (مجموعة اتفاقيات مع صندوق النقد وخاصة قانون السحب الخاص) . وأن نتأكد من مدى نفوذ سياسة هذا الصندوق على البنك المركزى وأن نراجع سياستنا فى اجتماع محافظى الصندوق الخ .

2 - التجارة الخارجية ماهو حجم نصيب الدولة فى هذا القطاع الآن وبعد التأميم من الضرورى أن كون هناك وضوح كاف حول هذه المسألة حتى نستطيع رسم سياسة صحيحة ، لأن الدولة يجب أن تسيطر فى آخر الأمر كليا على التجارة الخارجية .

ما هو حجم نصيب الرأسمالية السودانية فى هذا الميدان ؟ علينا أن نوجه بالالتزام (بتوظيف) جزء من أرباحها بطريقة فعالة .

1 - لدعم الخزينة

2 - للاسهام فى ماحددت الخطة الخمسية من التزامات القطاع (الخاص) فى حقل الصناعة كما علينا أن نعمل منذ الآن على توظيف كادر سودانى مقتدر ..الخ

3 - شركات التأميم بصورها المختلفة وهذه المؤسسات هامة لحركة الصناعة والتجارة ..الخ

بالاضافة الى هذا فلدى هذه الشركات أرصدة كبيرة يمكن أن تلعب دورا فى التنمية فى الميزانية العامة ..الخ

من المهم تدريب كادر سودانى يعمل فى الدولة قصد تأميم هذه الشركات .

ان المصادرة فى هذه الفترة الوسيطة من الثورة الوطنية الديمقراطية تعتبر عقوبة اقتصادية على أصحاب المال (الرأسماليين) الذين يخرجون على قوانين وأوامر الدولة المالية والاقتصادية وبهذا (يضعفون) التخطيط المركزى ومؤشراته المختلفة التى رسمتها الدولة . وبما أن هذا الاجراء السياسى الاقتصادى الاجتماعى أجراء خطير فى هذه المرحلة التىمازالت فيها العناصر الرأسمالية مدعوة للاسهام فى مدان اتنمية وتنفيذ الخطة الخمسية وأكثر من 42% للقطاع الرأسمالى فى الخطة الخمسية . من المهم أن لا تقتصر المصادرة فى اطار سيادة الدولة على رعاياها . يجب أن تحاط المصادرة بالتالى :

1 - وضع تريعات دقيقة ومفصلة ومحكمة تشمل الجرائم التى تستودب توقيع عقوبة المصادرة

2 - تعرض الأموال المختلفة على دائرة قضائية لها القدرة على الحسم السريع فى القضايا ، وذات قدرات سياسية أيضا برئاسة عضو من مجلس قيادة الثورة مثلا .

لماذا نقترح هذا ؟

أ - لأن فى هذا ضمان لانتفاء الفساد وتفادى القرارت الذاتية التى ربما طوحت فى كثير من الأحيان عن الموضوعية .

ب - لادخال الطمأنينة فى قلوب أصحاب المال الين تحتاج اليهم البلاد اللى استثماراتهم فى هذه الفترة مدركين جيدا أن العلاقات الرأسمالية ، ما زالت تمتد الى أعماقمجتمعنا ، الى خلاياه الأساسية .

فالتموين الذىيقوم به الرأسماليون فى كل بقاع البلاد هذا العمل أمر حيوى لا بالنسبة لاقتصاد البلاد وحسب بل بالنسبة لأمن السلطة ولبقائها ، وتمويل الزراعة وخاصة فى القطاع التقليدى (فول ، سمسم ، كركدى ..الخ) يقوم به رأسماليون وهكذا ..

المصدر : أخبار الاسبوع - يوليو 1970

وثيقة ل.م. حول تقييم انقلاب 25 مايو 1969

تمثل هذه الوثيقة تلخيصا لأفكار عبدالخالق محجوب فى تقييم انقلاب مايو

من المهم فى هذه الظروف أن يتحد الحزب الشيوعى السودانى حول تحليل ماركسى للانقلاب العسكرى الذى حدث صباح اليوم 25 مايو 1969 . اذ أنه بدون اللجوء اللى التحليل الماركسى العلمى الذى يقود خطوات حزبنا والحركة الثورية لاكثر من عشرين عاما ، فاننا نضل الطريق ونقع فى شرك التحليلات الذاتية المدمرة للعمل الثورى ، ولا يمكن لنا أن نقدم هذا التحليل الا فى ضوء تكتيكات حزبنا المقررة فى مؤتمره الرابع وفى كافة اجتماعات هيئاته القيادية، وآخرها اجتماع اللجنة المركزيةفى دورة مارس 1969 والمضمن فى الوثيقتين "الوضع السياسى الراهن واستراتيجية وتكتيك الحزب الشيوعى السودانى". "وفى سبيل تحسين العمل القيادى بعد عام من المؤتمر الرابع ".

1) يرى الحزب الشيوعى أن بلادنا بعد فشل اضراب فبراير 1965 واجهت ثورة مضادة لجأت للعنف فى مراحلها المختلفة .

2) بنى تكتيك الحزب الشيوعى منذ تلك الفترة على أساس الدفاع تمهيدا للهجوم .

3) الخط الدفاعى يعنى تجميع الحركة الشعبية وتمتين مراكزها وفى مقدمة ذلك توحيد الحزب الشيوعى أمام هجمات الثورة المضادة العنيفة والفكرية أيضا .

4) بنضوج الظروف الموضوعية يتحول تكتيك الحزب الى الهجوم وسط حركة شعبية واسعة .

5) تنتصر الحركة الشعبية بمعنى وصول الحلف الديمقراطى تحت قيادة الطبقة العاملة للسلطة. الاضراب الذى دعا له اتحاد العمال فى وجه الهجمة اليمينية على حكومة اكتوبر الأولى والتى بلغت ذروتها فى فى فبراير 1965 وقادت الى استقالتها فعلا وتشكيل حكومة ذات اتجاه يمينى. وتشكيل حكومة وطنية ديمقراطية عندما تنضج الأزمة الثورية وسط الجماهير الحديثة .

6) لايرى الحزب الشيوعى لاستكمال مهتم الثورة الوطنية الديمقراطية والانتقال بالثورة الى آفاق الاشتراكية بديلا لنشاط الجماهير وتصديها لكل مهام تلك الفترة .

7) يشكل هذا الحلف الوطنى الديمقراطى من جماهير الطبقة العاملة فى القيادة وجماهير المزارعين والبرجوازية الوطنية والمثقفين الثوريين والأقسام الثورية فى القوات المسلحة التى تضع نفسها فى خدمة ذلك الحلف .

8) يضع الحزب الشيوعى فى اعتباره كافة الاحتمالاتالتى ربما طرأت على علاقات القوى السياسية فى البلاد عبر هذه الفترة ، فكان يضع احتمال لجوء القوى الرجعية لاقسامها المسلحة فى الجيش لاقامة دكتاتورية عسكرية . وأقر أيضا سير النظام الرجعى نحولكن فى نفس الوقت كان الحزب الشيوعى يرى أيضاو دكتاتورية مدنية الخ. وهذه الاحتمالات جميعها لم تخرج عن كونها امتداد للثورة المضادة فى البلاد .

9) ولكن فى نفس الوقت كان الحوب الشيوعى يرى أيضا أنه ربما لجأت فئات اجتماعية من بين قوى الجبهة الطنية الديمقراطية فى البلاد الى الانقلاب العسكرى. وموقف الحزب الشيوعى من هذه القضية لخصته اللجنة المركزية فى دورتها الاستثنائية فى مارس 1969 على النحو التالى :

" أكد تكتيك الحزب الشيوعى أنه لابديل للعمل الجماهيرى ونشاط الجماهير وتنظيمها وانهاضها لاستكمال الثورة الديمقراطية. وليس هذا موضوعا سطحيا عابرا فهو يعنى أن الحزب الشيوعى يرفض العمل الانقلابى بديلا للنضال الجماهيرى والصبور والدؤوب واليومى بين النضال الجماهيرى . وبين النضال الجماهيرى يمكن حسم قضية قيادة الثورة ووضعها بين قوى الطبقة العاملة والشيوعيين ، وهذا هو الأمر الحاسم لمستقبل الثورة الوطنية الديمقراطية فى بلادنا . أن التخلى عن هذا الطريق واتخاذنا تكتيك الانقلاب هو اجهاض للثورة ونقل لمواقع قيادة الثورة فى مستقبلها وفى حاضرها الى فئات أخرى من البرجوازية والرجوازية الصغيرة . وهذه الفئات يتخذ جزء منها موقفا معاديا لنمو حركة الثورة كما أن جزءا آخرا منها (البرجوازية الصغيرة) مهتز وليس فى استطاعته السير بحركة الثورة الديمقراطية متصلة ، بل سيعرضها للآلام ولاضرار واسعة . وهذا الجز أختبر فى ثورة اكتوبر فأسهم فى انتكاسة العمل الثورى فى بلادنا

10) ماهى طبيعة أحاث هذا الصباح - الأثنين 25 مايو 1969 - وما هو وضعها الطبقى ؟

ْ- ما جرى صباح هذا اليوم انقلاب عسكرى وليس عملا شعبيا مسلحا قامت به قوى الجبهة الوطنية الديمقراطية عن طريق قسمها المسلح .

- أدى هذا الانقلاب الى تغيير فى القوى الاجتماعية التىكانت بيدها القوات المسلحة ونعنى قوى الثورة المضادة .

- طبيعة هذا الانقلاب نبحث عنها فى التكوين الطبقى للمجلس الذى باشر الانقلاب (مجلس الثورة) وفى التكوين الجديد للقيادات هذا البحث يشير الى أن السلطة اليوم تتشكل من فئة البرجوازية الصغيرة فى البلاد .

بهذا أصبحت مهمة الحزب الشيوعى فى تطوير الثورة فى بلادنا والوصول بها الى تأسيس الجبهة الوطنية الديمقراطية بقيادة الطبقة العاملة - أصبحت هذه المهمة تنجز : 1 - تحت سلطة طبقة جديدة هى فى واقع الأمر بمصالحها النهائية من قوى الجبهة الوطنية الديمقراطية فى البلاد . 2 - تحت ظروف أزيحت فيها الثورة المضادة عن قمة السلطة .

أ) اذا استطاعت الطبقة الجديدة أن تقبض على زمام الأمور فى القوات المسلحة وتبقى السلطة بين يديها ، فان ظروفا جديدة تتهيأ لتطور الثورة الوطنية الديمقراطية وانتصارها فى انجاز مهام مرحلة التطور الوطنى الديمقراطى وفتح آفاق الاشتراكية ، ذلك التطور الذى لن يتم الا بمبادرة الجماهير وقيادة الطبقة العاملة .

ب - من المؤكد فى حالة بقاء هذه السلطة أن تتأثر بالجو الديمقراطى العام فى بلادنا وبالمطالب الثورية للجماهير وليس لها طريق آخر . وستلقى الفشل اذا ماحاولت أن تختظ لنفسها طريقا يعادى قوى الثورة السودانية .

ج . لكيما ترتبط السلطة الجديدة ارتباطا عميقا فى الاهداف وفى المنهج بالقوى الديمقراطية لا بد أن يلعب الحزب الشيوعى دورا بارزا أولا فى دعم وحماية هذه السلطة أمام خطر الثورة المضادة ، وثانيا أن يحتفظ بقدراته الايجابية فى نقد وكشف مناهج البرجوازية الصغيرة وتطلعاتها غير المؤسسة لنقل قيادة الثورة من يد الطبقة العاملة الى يدها . فالبرجوازية الصغيرة ليس فى استطاعتها السير بحركة الثورة الديمقراطية بطريقة متصلة . وثالثا فى الاهتمام البالغ بنشر الأيدلوجية الماركسية بين صفوف الحزب وصفوف الجماهير الثورية وخاصة الطبقة العاملة . وأن أى تراخ فى هذا الميدان يؤدى الى انتشار أفكار الديمقراطيين الثوريين من البرجوازية الصغيرة مما يعد انتكاسة بين الجماهير الثورية .

ومهما كان المنهج الذى تسلكه السلطة الجديدة فان تطور الثورة الوطنية الديمقراطية يعتمد على درجة تنظيم الجماهير ومستوى وعيها ومقدرتها الفعلية فى النضال والوحدة والالتفاف حول مطالبها الأصلية ، العريقة ، الأساسية التى تستهدف التغيير الاجتماعى الديمقراطى . ولهذا فان تأييد حركة الجماهير للسلطة الجديدة مرتبط بمدى استجابتها لهذه المطالب وسيرها فى طريق الارتباط بالشعب . وفى هذا الصدد على الحركة الشعبية أن تتفادى الأخطاء التى حدثت فى اكتوبر ، وتتجنب التأييج الأجوف الذى يساعد العناصر الوصولية والانتهازية التى تتمسح بأعتاب كل سلطة جديدة .

ومن جهة أخرى فان قوى الثورة المضادة لن تقف مكتوفة الأيدى وستوجه هجومها نحو الحركة الثورية لعزل السلطة السياسية الجديدة والضغط عليها ومن قم ضربها للعودة للحكم من جديد . وهذا يفرض علي كل منظمات الحركة الجماهيرية رفع درجة يقظتها وتماسك صفوفها فى وحه هجوم الثورة المضادة .

كل هذا يعتمد نجاحه على تماسك فروع الحزب والارتفاع بمستوى الوحدة والانضباط والوضوح الفرى والسياسى حول خط الحزب وتكتيكاته التى صاغها المؤتمر الرابع وطورتها اللجنة المركزية ، وبصفة خاصة فى دورة مارس هذا العام . (1969 )

ان اللجنة المركزية للحزب الشيوعى تهيب بكل الأعضاء والفروع والمناطق أن يدعموا وحدة الحزب الفكرية والسياسية والتنظيمية . وأن يؤمنوا الحزب من الأفكار الضارة وأن يكرسوا كل جهدهم ووقتهم لتنظيم الجماهير ورفع مستوى الحركة الشعبية فى البلاد للسير فى طريق استكمال الثورة الوطنية الديمقراطية .

Post: #47
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: Adam Mousa
Date: 11-01-2010, 10:41 PM
Parent: #46



دى صوره نادره ل عبدالخالق محجوب ..المطلوب الآتى:

1/ من هما رفيقيه فى الصوره..؟؟
2/فى اى عام اخذت هذه الصوره..؟؟
3/ المنطقه التى اخذت فيها الصوره..؟؟

العجايز يمتنعون..

Post: #48
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: ناصر المحسى
Date: 11-01-2010, 10:43 PM
Parent: #47

وين الصورة ؟

Post: #49
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: محمد مكى محمد
Date: 11-01-2010, 11:43 PM
Parent: #46

ألأعزاء الأفاضل أرجو أن يتكرم من يحتفظ بالتسجيل الصوتى لخطاب عبدالخالق ,
بانزاله على البوست أو وضع رابط له أو إرساله للأخ بكرى .
وذلك لأهمية التوثيق.
ولكم شكرى وتقديرى

Post: #50
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: elsharief
Date: 11-02-2010, 04:27 AM
Parent: #49



تقدمت الاحزاب الجنوبية,حزب سانو,وحزب جبهة الجنوب الى مؤتمر المائدة المستديرة باقتراح لاجراء استفتاء على ثلاثة خيارات.
1- الفدريشن
2- الوحدة مع الشمال
3- الانفصال

رد عبد الخالق محجوب

انكم تتقدمون لاجراء استفتاء حول نقاط ثلاث
فدريشن - وحدة - انفصال

فاذا كنتم تعترفون بوجود اتجاه للوحدة فلماذا رفضتم تمثيله فى هذا المؤتمر؟؟؟ يبدوا اذن انكم تريدون الاستفتاء حول النقطة الاولى والثالثة, ولكن فاتكم ان حق الانفصال يكون:-

1- للقومية الواحدة ولكن الجنوب ليس قومية واحدة

2-انه مرفوض بوصفه يفتت وحدة دولة ناشئة وهذا ضد مبادئ وحدة افريقيا

3- ان المشكلة نتاج لصنع الاستعمار والسودان يجب ان يعطى الفرصه ليبنى نفسه قوة موحدة

Post: #51
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: elsharief
Date: 11-02-2010, 04:31 AM
Parent: #50



الحكم الذاتي الاقليمي والثورة الثقافية:




لقد أولى الحزب الشيوعي هذه القضية حقها منذ الخمسينات كجزء لا ينفصم عن شعار الحكم الذاتي الاقليمي فى الثورة الوطنية الديمقراطية. وظل الحزب يواصل معالجتها وتطويرها, حتى صاغها عبدالخالق محجوب فى وثيقة" حول البرنامج"- يونيو 1971 - فى سياق انتقاد وتقييم المعوقات والتشويهات التى ألحقتها سلطة مايو بمفهوم وتصور الحكم الذاتي الاقليمي. جاء فى تلك الوثيقة:
" بالنسبة للتجمعات القومية والقبلية الأكثر تخلفا, وفيما يختص بالثورة الوطنية الديمقراطية":
* لابد من التشجيع الفعلي للنمو الحر لثقافات هذه المجموعة.

* ولن يكون هنالك نمو "فعلي" الا اذا بعثت لغات ولهجات هذه المجموعات , وعمدت الدولة الوطنية الديمقراطية بجدية الى تشذيب تلك الادوات والتوسل بهافى التعليم (وفقا للتجارب التربوية فى هذا المضمار) وفى النهضة الثقافية الشاملة.

* أن تصبح هذه الثقافات جزءا من المكونات العضوية للثقافة السودانية.

ان التمايز الاجتماعي والسياسي الذي شمل الأقسام المستنيرة من أبناء الجنوب بعد خمسة سنوات , يقود بالضرورة الى ظهور طلائع جنوبية ثورية متفتحة الذهن , تتفهم قضية الثورة الثقافية - من محو الأمية الى التطور الفعلي الحر للهجات ولغات الجنوب وتفجير مكنون الحضارة الزنجية النيلية من أسار الكجور والغيبيات, الى الاسهام فى الثقافة السودانية, وستجد هذه الطلائع سندها فى حركة الطبقة العاملة والحركة الديمقراطية فى الشمال, وستخوض معها الصراع الرهيب ضد كافة ألوان التعصب القومي وتحجر العقل السلفي, وتتعلم ان الفكر الماركسي, أمين وصادق فى حل مسألة القوميات.


Post: #52
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: خالد العبيد
Date: 11-02-2010, 04:42 AM
Parent: #51

النص الكامل لمحاكمة الاستاذ عبد الخالق محجوب ظهر الثلاثاء 27 يوليو 1971م

Post: #53
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: بدر الدين احمد موسى
Date: 11-02-2010, 06:37 AM
Parent: #52

المجد في عيونك الظليلة



يسبح السواد
والحزن فوق رمشك النديٌ
بالدموع والسهاد
يُسرح السهول والوهاد
يقول في عناد
" محجوب يا بطل
يا فارس الفضيلة
وتفتت الوثن
تمائماً حرقتها وصحت ياوطن
النصر حين نسبق الزمن "
وحين ساحر الظلام جن حقده سأل :
" أأنت من فعل ؟ "
أجبته أجل ..
فكيف أسرع الأجل ؟
واخطأ الزمان حرفه
فخط نصره فشل
لكنه حصل
محجوب قد رحل .. قد رحل .. قد رحل
لمن إذن ستمطرين نبضنا
يا ديمة الجراح
والطبل في قبائل الجنوب
كأنه نواح
يدق في خجل
محجوب قد رحل .. قد .. رحل .. قد رحل
بيادر الأرق
تجادل المدي

فيدرِ"ك الصدي
وجدول العرق
يصب في السراب في بحيرة الشفق
فيلهب الغسق
كانه إحترق
يعود شاحباً
يعود شاحباً
وكاسفاً يعود
ليسأل الرفاق والسنابل القتيلة
عن فارس القبيلة
والنيل
النيل
فوق نهدك الضروع كالجديلة
فروعه خصل
تقول لا تسل
لقد أقام بيننا منارة
ومر في عجل
محجوب قد رحل .. قد .. رحل .. قد رحل
لا دمع في العيون
ونظرة اللهيب
في العروق واقفة
تحية الحداد
فلا يظن خائف
سترتدي عباءة السكون
لتسترد دفقها
وتستحيل
تستحيل عاصفة
رفاقنا
الحزن في عيونهم مزار
والموت في دروبهم محطة إنتظار
تعاهدوا
تعاهدوا
على المسير
رب طال دربهم
سيكمل الصغار
سيكمل الصغار
رفاقنا يضاجعون دون لذة
ويزرعون في البطون نطفة الامل
ودونما قبل
تسير جمرة
لهيبها غبار
ودمعة وثار
لا وقت للملل
الصمت كبرياء
والحزن من أشعة الإباء
ونحن سائرون لم نزل
ونطفة الدماء والتراب
جنينها جبل
رحلت يا بطل
رحلت يا بطل
شرارة تفتش الرمال عن فتيلة
فالرمل حين سال خطبك إشتعل
وخبأ اللهيب فى المقل
ليوم تصهل الدماء
ليوم تصهل الدماء
فموسم الحصاد موعد الرجولة
رحلت يا بطل
لم ترحل البطولة
الرمل يذكر الخُطى ويحفظ النقوش للابد
كثيرة مخالب الذئاب في طريقك الاخير
لكن نقشاً واحداً لموطئ الاسد
كثيرة مشانق الرعاع لكن حبلاً واحداً
- أظنه مسْد –
سيذكر الجسد
فحين لف عنقك الأبي وإنزرد
تقطعت عروقه الطويلة
وناء عنك ثم صاح وارتعب
" إن تشنقوه ...
إن تشنقوه .. كيف تشنق البلد "
لكنه إنعقد
وضاء حول عنقه
كأنه زحل
في قمة الجبل
محجوب قد رحل .. قد رحل .. قد رحل
المجد في عيونك الظليلة
يبارك الشفيع
ويقرأ الشعار في النجيع
" إذا طال موسم الجراح نزفه
يجئ موسم الغضب ..
وموعد الرجال
حين ينبت القصب
تسير وهي وحدها علي الطريق واحداً أحد
لا وقت يا ............ للهرب
فأمرنا إنعقد
ومنجل الرجال يومها يكون قد حصد "
المجد في عيونك الظليلة
يقول قد حصل
مصابنا جلل
لكنه من يوم
أن رحل بدرب مشنقة
سودان منجل والنيل مطرقة
سودان منجل والنيل مطرقة .

http://q8sudan.yoo7.com/montada-f5/topic-t1046.htm

Post: #54
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: dardiri satti
Date: 11-02-2010, 12:13 PM
Parent: #53

Quote: اي المشانق لم نزلزل بالثبات آوارها



بل :

اي المشانق لم نزلزل بالثبات وقارها


تحياتي

Post: #55
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: فيصل محمد خليل
Date: 11-02-2010, 12:17 PM
Parent: #54

شكراً الدرديري
الخطأ مطبعي

Post: #56
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: ادهم عبد الرحمن نصر
Date: 11-02-2010, 05:37 PM
Parent: #55

عندما ساله الطاغية نميري اثناء استجوابه بعد فشل انقلاب هاشم العطا:
انت قدمت شنو للشعب السوداني عشان تتكلم باسمهم؟

رد عليه في هدوء:-

الوعي, الوعي ما استطعت

Post: #57
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: محمد الشيخ أرباب
Date: 11-02-2010, 06:18 PM
Parent: #56

عبد الخالق محجوب
الحوار المتمدن - العدد: 1384 - 2005 / 11 / 20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع

مؤلفات ونصوص
الرجل الشريف يحارب الفكرة بالفكرة

وزعت بعض الدوائر منشورات ممهورة باسم السيوعيين ، فى الأيام القليلة الماضية . تدعو فيه المواطنين الى نبذ الدين الاسلامى واسقاطه ، واعتناق الشيوعية . معلى أثر هذه المنشورات نظمت حملة فى المساجد ضد الشيوعيين "الذين يهاجمون معتقدات أغلبية سكان السودان ، وطالب بعض خطباء المساجد فى ذلك اليوم بوجوب اهدار دم الشيوعيين .

دفاع عن أفكارى :

ان هذه الحوادث لها خطورتها وهى فى رأيى تمسنى شخصيا لأنى أنتهج السبيل الماركسى فى ثقافتى وتصرفاتى وأؤمن بالنظرية العلمية الشيوعية ، وكل معارفى وأصدقائى يعرفون منذ زمن بعيد هذه الاتجاهات والثقافة التى أحملها . وأننى أتحمل مسئولية ازاء هؤلاء الأصدقاء والمعلرف وبينهم من يحمل اتجاهات معادية لأفكارى . بينهم من حظى بثقافة اسلامية أو مسيحية وبينهم الشخص العادى الذى يضطر فى الحياة دون فلسفة أو ثقافة .

ان انزعاج هؤلاء الاخوان يضع على عاتقى مسئولية أدبية فى توضيح رأيى وفق الثقافة التى أعتنقها ثم أن الدراسة الشيوعية من المدارس الفكرية التى تعيش فى بلادنا منذ فترة طويلة – وهى ككل ثقافة تسعى الى توسيع دائرة مؤيديها ، وقد دارت بينه وبين مؤيدى المدارس الفكرية حرب ما زالت قائمة حتى اليوم . بل هى أشد الآن منها فى أى وقت مضى . أن اهتمامى الكبير بمصير هذه الثقافة التى أعتز بها وأكن لها كل احترام وتجلة ، يلقى على عاتقى مسئولية توضيح موقفها ازاء الحوادث الأخيرة .

لكى أوضح الموقف وغوامضه أستميح القارىء عذرا اذا بسطت له جزءا من تجربتى المتواضعة : كيف أصبحت شيوعيا .

تجاربى :

فى نهاية الحرب العالمية ، عندما دب الوعى الوطنى فى أرجاء بلادنا ، انتظمت كغيرى من الطلبة المتحمسين فى غمار هذه الحركة يحدونى أمل ، هو المساهمة فى تخليص بلادى من نير الاستعمار . تحدونى حالة الفقر والؤس التى كان ومازال يحس يها المواطنون المتطلعون الى غد مشرق ، ملىء بالعزة والكرامة . وقد علقت الآمال حينذاك على زعماء حزب الأشقاء ، فى تحقيق تلك الأهداف التى آمنت بها . وهكذا وبمثل تلك الآمال العريضة ودعت وفد السودان (لمفاوضات الستقلل) فى مارس 1946.

ولكن هذه الآمال العراض والأمانى الحلوة بدأت تتضاءل أمام ناظرى . فى القاهرة ، وبعيدا عن أعين السودانيين . دب التراخى فى بعض هؤلاء الزعماء ، واستسلموا لراحة الشخصية . وفى غمار هذا الواقع الجديد تناسى الزعماء ما قطعوه على أنفسهم من أن "قضيتنا لا يحلها الا الذين ودعونا فى الخرطوم ، واستقبلونا فى القاهرة ." ... تساءلت ضمن عدد من الشباب عن سر هذه التحولات التى طرأت على مواقف الزعماء ولا يدرى الشعب كنهها .

نظرة سياسية :

وبمجهودى المتواضع ، وحسب قدرتى الفكرية اتضح لى أن هؤلاء الزعماء لا يحملون بين ضلوعهم نظرية سياسية لمحاربة الاستعمار . وأنهم ما أن دخلوا غمار السياسة ى مجتمع متقدم ومعقد كمصر ، حتى صرعتهم النظريات المتضاربة فأصبحوا يتقلبون كما تشاء مصالحهم . عرفت أن الاستعمار له نظريته السياسية التى يحارب بها الشعوب الضعيفة . وأن هذه النظرية نشأت فى مجرى تطور الرأسمالية الأوربية فى القرن الخامس عشر . واذا كان لشعبنا المغلوب على أمره أن يتحرر فلا بد أن يسير على هدى نظرية توحد صفوفه ، وتصرع الاستعمار. على هدى نظرية تسلط الضوء على كل زعيم أو متزعم ولا تترك له فرصة لجنى ثمار جهاد الشعب وتصحيته . على هدى نظرية سياسية تخلص الشعب من الجهل والخمول الذهنى الذى يحوله الى قطع من الشطرنج يحركها الزعماء أنا شاءوا.

لقد هدانى هذا الجهد الى النظرية الماركسية ، تلك النظرية السياسية التى نشأت خلال تطور العلم ، والتى تقوم على أساس اعتبار السياسة والنضال من أجل الأهداف السياسية علما يخضع للتحليل . ولأول مرة عرفت أن الاستعمار ليس شيئا أبديا وانما هو تطور اقتصادى للرأسمالية الأوربية ، وأنه كبقية الأنظمة خاضع للتطور أى أن سينتهى ويحل محله نظام جديد ...

تناسق الماركسية :

وكشخص وضعته ظروف احياة ، لا كزارع أو صاحب أملاك – بل كمتعلم نال بعض التعليم المدرسى ، كان لابد لى كغيرى أن اقوم بجهد للأنال قدرا من الثقافة ينفعنى فى تطوير فكرى وتوسيعه . لم أكن أهدف الى أى ثقافة ولكن الى الى الثقافة التى تعطى تفكيرا غير مضطرب أو متناقض مع الظواهر الطبيعية والاجتماعية . ان الكثيرين يقرون بأن الثقافة الغربية نقصها التناسق وهى مضطربة لا استقرار لها . وليس أدل على ذلك من الفلسفة الوجودية التى تمخضت عن هذه الثقافة .

ان النظرية الماركسية تمتاز بالتناسق . ولأول مرة تضع قيما عالمية للأدب والتاريخ والفن والفلسفة مما كنا نعتقد أيام الدراسة أنها بطبيعة الحال لا يمكن أن تكون لها قيم أو تشملها قواعد والا فقدت طبيعتها . اننى كفرد يحاول تثقيف نفسه وجدت النظرية الماركسية خير ثقافة وأنقى فكرة .

ان تجربتى البسيطة توضح أننى لم أتخذ الثقافة الماركسية لآننى كنت باحثا فى الأديان . ولكن لأننى كنت ومازلت أتمنى لبلادى التحرر من النفوذ الأجنبى – أتمنى وأسعى لاستقلال بلادى وانهاء الظروف التى حطت علينا منذ عام 1898 – أتمنى وأسعى لاسعاد مواطنى حتى تصبح الحياة فى السودان جديرة بأن تحيا . ولأننى أسعى لثقافة نقية غير مضطربة تمتع العقل وتقد البشرية الى الأمام فى مدارج الحضارة والمدنية .

الشيوعية والاسلام :

هل صحيح أن الفكلرة السياسية الشيوعية تدعو لاسقاط الدين الاسلامى؟ كلا ، ان هذا مجرد كذب سخيف . ان كرتى التى أؤمن بها تدعو الى توحيد صفوف السودانيين المسلمين منهم والمسيحيين والوثنيين واللادينيين ضد عدو واحد هو الاستعمار الأجنبى بهدف واحدهو استقلال السودان وقيام حكم يسعد الشعب ويحقق أمانيه . وان القوى التى تقف حائلا دون اسعاد وحرية السودانى المسلم أوالمسيحى.. لا يمكن أن تكون الاسلام لأننا لم نسمع أو نقرأ فى التاريخ أن الجيش الذى غزا بلادنا عام 1898 هو القآن أو السنة . ولم نسمع فى يوم من الأيام أن المؤسسات الاحتكارية البرطانية التى تفقر شعبنا جاءت على أساس الدين الاسلامى أو المسيحى . ان الفكر الشيوعى ليس أمامه من عدو حقيقى سوى الاستعمار الأجنبى ومن يلفون فى فلكه . اذن أين هذا الهدف من محاربة الاسلام ؟

ان الفكرة الشيوعية تدعو فى نهايتها الى الاشتراكية حيث يمحى استقلال الانسان لاخيه الانسان . أين هذا الهدف من محاربة الدين الاسلامى ؟

ان الفكرة الشيوعية تدعو الى اخضاع العلم والمعرفة لحاجيات البشرية من بحوث علمية ,ادبية وتشذيب الانسان وتحريره من الخوف من المستقبل الذى يدفع الانسان الى الحاجة والى درك لا يليق بالبشرية من سرقة ودعارة واحتيال وكذب . أين هذا الهدف من الدين الاسلامى ؟

بقى أن أقول للدوائر التى أصدرت هذا المنشور أن الرجل الشريف يصرع الفكرة السياسية بالفكرة السياسية ويعارض فكرة معينة بالحجة والمنطق . ان محاولة تزييف أفكار أعدائكم أو من تعتقدون أنهم أعداؤكم ، بهذه الطريقة الصغيرة لا تليق ، فوق أنها عيب فاضح . أما أساليب الدس فهى من شيم الصغار...

Post: #58
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: محمد الشيخ أرباب
Date: 11-02-2010, 06:32 PM
Parent: #57

رجـــلٌ مـن بـلادنـــا

عمر جعفر السّــــوْري


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (صدق الله العظيم)


ذات شتاء و الستينيات من القرن الماضي تلفظ أنفاسها جلستُ الى ثلة من الزملاء الصحافيين في مقهى السليماني في الخرطوم 2 بالقرب من دار جريدة الصحافة. كان النهار قد انتصف و ارتفعت درجة الحرارة ارتفاعا ملحوظا أرغم بعضنا على التخفف مما ثقل من أردية، فشتاء العاصمة السودانية، هو صيف بلاد تعرف تفاصيل الفصول و تؤرخ للمواسم. في الخرطوم يصفع وجهك هواء بارد فجرا طيلة أيام طوبة و بعض أيام أمشير حينما يعمي الغبار العيون و يملا الخياشيم و الأفواه، و لكن تلسعك أشعة الشمس بسياط من "عنج" فور بزوغ قرصها أو توسطه قبة السماء. كانت مجموعة الصحافيين وحدها هناك مسترخية تحت شجرة المقهى الظليلة، لا تأبه ببعض مما تساقط من أوراقها على المنضدة أو فوق رؤوسهم و أك########م. كانت المائدة فارغة من أية أكواب أو أقداح أو صحون، فالشهر كاد أن ينصرم و الجيوب شبه فارغة. أحكم الزميل صديق محيسي قبضته على مجلتي "شعر" و "دراسات عربية"، و أبى على الآخرين تصفحهما خشية ان يذهب احدهم باحداهما أو كليهما. إلا ان المجلتين لم تشغلاه عن متابعة حديث يدور بين عبدالرحمن احمد و يحي العوض و شيخ إدريس بركات و يوسف الشنبلي حول مشروع الدستور الاسلامي المقترح و تصرف الكتل النيابية في الجمعية التأسيسية و الأحزاب غير ذات التمثيل النيابي حيال ذاك المشروع. كان صاحب الأخبار، الصحافي الكبير رحمي محمد سليمان، ينصت الى ما يدور بلا تعليق، و يتلفت يمنة و يسرى مترقبا وصول بقية المدعوين الى مأدبة غداء في منزله، و يبتسم بين فينة و أخرى لملاحظة ساخرة بليغة رمى بها محمود محمد مدني بصوت خفيض من غير اكتراث. ثم جاء مصطفى عابدين الخانجي حاملا كومة من الصحف الإنجليزية، أتى بها من مكتبه في السفارة اليوغسلافية القريبة من المقهى، و لكن تأخر عن الحضور سكرتير تحرير جريدة الصحافة، الزميل شريف طمبل، و قد كان مهنيا بارعا صبورا يدقق في السطور و العبارات و الكلمات و الحروف و الفواصل و النقاط.

فجأة أطل الفنان حسن عطية دون ان ينتبه احد من أين أتى؛ فحرك رتابة الجلسة، إذ نهض الجميع هاشا باشا بمقدم أمير العود، ثم تحلق الجمع حوله. كان حسن عطية، كدأبه، في كامل أناقته، يرتدي حٌلةً زاهيةً، و ربطة عنق حريرية، و على رأسه قبعة بنيّة اللون من الجوخ الإنجليزي الرفيع تلائم الحُلّة و تكملّها، و ينتعل حذاءً لامعا، يبدو انه من صنع “شيرش". حينئذ نفضت الجيوب عنها خيوط العنكبوت لتتزين المائدة بأكواب الشاي و أقداح القهوة. دار الحديث حول رحلته الأخيرة الى لندن و مشاهداته هناك و الذين قابلهم من السودانيين و ما سجله للقسم العربي من هيئة الإذاعة البريطانية. و بينما نحن في هذا الحديث عبرت الشارع – آتية من الجنوب و متجهة نحو الخرطوم - سيارة عبدالخالق محجوب، الأمين العام للحزب الشيوعي السوداني، متخطية المقهى ببضعة أمتار، إلا انه التفت يميناً فرأى الجالسين في المقهى. أوقف السيارة و عاد بها الى الوراء حتى حاذى الشجرة من الجهة الأخرى و ترجّل. كان "راشد" يرتدى حُلة لونها يماثل لون سيارته الصغيرة و هو لون الى شراب الكاكاو المخلوط بقليل من الحليب أقرب. قاد عبدالخالق طيلة الفترة التي عرفه الناس فيها "فولكس واقن" كانت شركة سفريان، وكيل الشركة الألمانية المصنّعة، تبيع الواحدة منها بثلاثمائة جنية سوداني، بما يعادل تسعمائة دولار اميركي وقتذاك، أقل أو أكثر.

عبر عبدالخالق الشارع الى حيث نحن و صافح الجميع بوجه بشوش ثم جلس الى جانب حسن عطية. كانت تلك سانحة لمعشر الصحافيين يسألون فيها الرجل عن موقف الحزب الشيوعي من مجريات الأمور في البلد المحتقن. لكن حسن عطية لم يمهلهم فابتدر الحديث دون ان يلتفت الى الجالس بجانبه. قال الأمير: لم يتح لي ان أدلي بهذا من قبل، إذ لم يسألني صحافي قط و لم تسنح مناسبة سابقا. لكن لابد أن تعرفوا ان الفضل يرجع الى عبدالخالق محجوب في إلمامنا – أنا و جيلي - باصول الموسيقى. لقد كان الرجل يحثنا على سماع الموسيقى العالمية و تعلم النوتة حتى ننهض بالغناء السوداني. كان يخصص لنا وقتا يشرح فيه مؤلفات كبار الموسيقيين الكلاسيكيين دون كلل و لا ملل، فهو من العارفين بأسرارها و جمالياتها و تأريخها. و هنا قال احدنا بخبث، و من خلال الموسيقى، كان يشرح لكم التعاليم الشيوعية. فرد حسن عطية بالقول: ان الرجل لم يأت على سيرة كارل ماركس أو لينين مطلقا أثناء تلك اللقاءات، بل لم يذكر لنا اسم موسيقار روسي واحد حتى سأله التاج مصطفى عن شايكوفسكي و بحيرة البجع. عبدالخالق محجوب من العالمين بالغناء السوداني، مضى أمير العود الى القول و أسهب في ذلك، بينما الدهشة تعلو وجوه مستمعيه. لم يعلق الزعيم الوطني الكبير على ما قاله الفنان المخضرم، إلا بسؤال واحد: أما زلتم تستمعون الى الكلاسيكيات؟ ثم استأذنا سويا، و انصرفا معا. و بعدها بقليل اكتمل عقد المدعوين و ذهبنا الى دار رحمي سليمان الذي كانت تنتظرنا فيه وجبة شهية أعدتها والدته، و ما يُستوجب تناوله مع مثل تلك الوجبة الدسمة من شراب و سياسة و صحافة و أدب و فن و مِلَح و طرف. كان رحمي سليمان أعزباً معظم حياته، لكنه أدرك قطار الزواج متأخرا.

كان عبدالخالق من أهل النهى يسعى الى بذل معارفه الى كل أهل السودان و غيرهم حيثما حل و في أي بقعة حط رحله، و لذلك ظل ذكره حاضراً عند كل ملتقى و مناسبة.

يوم عُقد اللقاء الصحافي العالمي لإحياء مئوية لينين في ليننقراد (سان بترسبرق حاليا) في نوفمبر/تشرين الثاني العام 1969، و هي من الفعاليات العديدة التي سبقت الاحتفال الرئيس في العام 1970، كنت و محمود محمد مدني من السودان، و من مصر احمد حمروش و حسين فهمي (رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم حينئذٍ، و ليس المشخصاتي المعروف)، و واثق الشاذلي من اليمن "الجنوبي"، و حسين العودات من سورية نجلس في أروقة قاعة المؤتمر أو في أرجاء الفندق الى لفيف من الصحافيين و الكتاب من شتى المشارب و العقائد و المذاهب أتت بهم الرياح الأربع الى قصر سمولني و فندق سوفتسكايا الذي أنشئ حديثا يومذاك. لم يكن لينين هو محور النقاش، بل عبدالخالق محجوب و رؤيته الى الأحداث في سودان 25 مايو/أيار، و موقفه من حركة اليسار الجديد في أوربا، و تداعيات ما بعد ربيع براغ، و مساومة برلينقوير التاريخية و موقف حزبه منها جميعا و من الانقلابات العسكرية. كان رواد تلك الحلقات من سيرلانكا و السويد و جزر الرأس الاخضر و الاروقواي و الفلبين و إيران و غيرها. يذهبون ثم يأتي غيرهم من أماكن اخرى و الموضوع واحد، و هكذا دواليك، طيلة أيام الاجتماع. و بالقرب من تلك الحلقات كانت تنتثر في مناضد تتوزع الممرات و الأروقة، صحف و مجلات و كتب دعائية سوفيتية بلغات مختلفة، إلا ان ما لفت الأنظار هو العدد الأخير من مجلة (أنباء موسكو) بمختلف اللغات و هو يحمل في الغلاف صورة ثلاثي فرقة (البلابل) السودانية، و في داخل العدد تحقيق صحافي واسع عنهن مع صور اخرى. كان ذلك التحقيق في بعض الأحيان مدخلا الى حديث يدور عن السودان ثم يدلف الى الحزب الشيوعي السوداني و زعيمه و يقف هناك فلا يبرح الى موضوع آخر.

ظل راشد محط احترام الجميع من مختلف التيارات السياسية و غيرها. كان ذلك واضحا جليا في جلسات الجمعية التأسيسية أو في مقصفها، قبل دخول القاعة أو أثناء الاستراحة بين الجلسات، و حينما ينعدم النصاب لتغيب أعضائها. في هذه الأحايين، كان رئيس الوزراء، محمد احمد محجوب، يصحب عبدالخالق الى الركن الشرقي من المقصف لينضم إليهم زعيم جبهة الميثاق الاسلامي، حسن الترابي، و قطب حزب الأمة، اسحق محمد الخليفة شريف، و الشريف زين العابدين الهندي، و أحيانا زعيم المعارضة، محمد إبراهيم دريج. انقسم حزب الأمة آنذاك الى قسمين يقود احدهما إمام الأنصار حينذاك، الهادي المهدي، و الأخر ابن أخيه الصادق الصديق المهدي؛ و كان أحمد إبراهيم دريج من قسمة الصادق. الى ذلك الركن يُهرع الصحافيون ليشهدوا حديثا في الفكر و الأدب و المشاكسة السياسية و الحوادث و النوادر و الطرائف و المزاح الرفيع. لذلك لم يكن مستغربا البتة ان ينعى محمد احمد محجوب في كتابه "الديموقراطية في الميزان" الصادر عن دار النهار البيروتية في العام 1973 عبدالخالق و يصف اغتياله الإنسان رخيص بأنه نهاية عهد التسامح في السودان. ورد في ذلك الكتاب ما يلي:

"ان إعدام زعيم الحزب الشيوعي السوداني يشكل نهاية عهد التسامح و الحلول الوسطى في حياة السودان السياسية. إنني أعرف عبدالخالق محجوب منذ 20 سنة. كان يتحلى بنزاهة و شجاعة بالغين، و كانت الأخلاق السودانية تأتي في الطليعة في تفكيره السياسي، و قد ساهم كثيرا في إيجاد توافق بين تاريخ السودان الاسلامي و الآراء الماركسية الثورية، و هذا ما جعلني دائما اصف الحزب الشيوعي السوداني بأنه حزب سوداني لا يدين بالولاء لموسكو أو أي بلد شيوعي آخر في العالم."

كلام صريح و واضح سطّره احد رموز اليمين المستنير في السودان، و أحد الذين دانوا بالولاء لإحدى الطائفتين الإسلاميتين الكبيرتين اللتين صبغتا المشهد السياسي و الصوفي بألوانهما و ما زالتا، ألا و هي طائفة الأنصار التي يتوارث مرجعيتها الدينية و السياسية آل المهدي، مثلما يرث المراغنة مرجعية الطائفة الختمية. و لهذا فقد كتب بازل ديفدسون مؤلف كتاب " أفريقيا تحت أضواء جديدة" - الذي ترجمه الأديب و الدبلوماسي الراحل، جمال محمد احمد(1) - في معرض نعيه لعبدالخالق "انه قد استطاع تأسيس طائفة ثالثة في السودان الى جانب الطائفتين الدينتين الرئيسيتين، الأنصار و الختمية". و أردف القول ان تلك الطائفة التي أسسها عبدالخالق محجوب كانت تضم مريدين من كل أبناء السودان بمختلف انتمائهم القبلي أو الديني أو الطائفي أو الجهوي أو العرقي، و هو ما تفتقده طائفة الأنصار و منافستها طائفة الختمية. نشر بازل ديفدسون نعيه في "أفريكا كونفدينشيال"، و هي نشرة غنية، تصدر نصف شهرية و تطبع في أوراق زرقاء اللون تشبه أوراق الرسائل البريدية و في حجمها، و ترسل الى المشتركين فقط. أطلعني على هذا النعي - و الخرطوم تحت قهر ُبسطار العسكر الجامحين الذين ما كانوا يتسامحون مع من يحمل مطبوعة فيها مثل هذا الكلم - الزعيم الإرتري عثمان صالح سبي، و كان من المشتركين فيها، تأتي إليه في مقره الدمشقي. كان سبي في زيارة الى الخرطوم يومئذ يحاول مرة بعد مرة مع رفاقه الآخرين رأب الصدع الذي أصاب جبهة التحرير الإرترية و أسال دماء ما كان لها ان تسيل في غير سوحها، و ما زالت الى يومنا هذا، للأسف، تهدر بين الإخوة الأعداء في غير طائل، سوى نهم السلطة و شراهة لا مثيل لها الى سبل التسلط و القهر و المال الحرام. لكن تلك المحاولات، التي بذلها و رفاقه، ذهبت سدى، و سدت في وجهها سبل الوفاق و فتحت أبواب الشقاق الى يومنا هذا.

اعتدت و اسحق محمد الخليفة شريف ان نمشي الهوينى عصرا من مبنى الجمعية التأسيسية في شارع الحلواني بالخرطوم الى وكالة الأنباء الإقليمية (رويتر) في عمارة أبي العلاء. و نتوقف في الطريق لتحية هذا و مجاملة ذاك. و يطول وقوفنا في ظلال المصرف التجاري السوداني، الذي قام على أطلال مقهى الحلواني الشهير، حينما نلتقي بالمحامي عبدالوهاب بوب.

كان اسحق رجلا جسيماً، لكنه رقيق الحاشية، خفيف الظل، دوما يسبقه عطره. فقد ظل الناس يعرفون بمقدمه قبل ان يروه من عطره الفريد النفاذ. كان شاعرا مرهفا، كتب الشعر بالعربية و الانقليزية و الفرنسية، و له، حسبما أذكر، عمل مشترك مع الشاعرة الفلسطينية، سلمى الخضراء الجيوسي، لعله عن انطولوجيا الشعر العربي. حينما يلتقي اسحق و عبدالوهاب تتدفق الفرنسية منهما سلسبيلا، و أنا أجاهد في فهم بعض الكلمات و العبارات الباريسية القحة الدارجة، فيفوتني المعنى لأسأل عنه اسحق حينما نتابع الطريق. و اسحق هو الذي عرفّني على أعمال شعراء عرب كتبوا بالفرنسية و منهم جورج شحاده. فبينما كنت اكتب حصيلة نهاري من أخبار لرويتر أو وكالة أخبار الخرطوم، كان يقرأ هو شعره بلغة من اللغات الثلاث أو شعرا بالفرنسية لآخرين، مشيرا الى مواضع القوة أو الضعف في تلك القصيدة أو منهج ذلك الشاعر. كنت أدرك بعضه و يفوتني الكثير، و أنا أسابق الزمن لأرسل ما لدي من أخبار، قبل ان يسبقني المنافسون.

ذات صباح، كانت الجمعية التأسيسية قد انفضت مبكراُ، فذهبت الى حال سبيلي ثم عدت الى مكتبي عند الظهيرة لأجد اسحق في انتظاري، يقلب أوراقا في يده. حياني الرجل ثم مد يده بالأوراق وقال: "جئت لسببين، الأول أن ادعوك الى حفل شاي في منزلي الأسبوع القادم تكريما لعبد الخالق محجوب. سيحضر الحفل لفيف من المثقفين، و أهل السياسية، و الصحافيون الانقليز الذين يزورون البلاد هذه الأيام. أعلم ان وزارة الإعلام لن تضع في برنامجهم مقابلة هذا الرجل المفكر الكبير، و لذلك سأقوم بهذه المهمة بدلاً منهم. أما السبب الثاني، أريد منك أن تقرأ ما كتبت عن النقاب، و تحاول ان تجد من ينسخه لي على الآلة الكاتبة، حتى ابعث به الى الاسبكتاتور.” كان المتعلمون السودانيين، على عادة الانقليز، يحتفلون بالناس بإقامة حفلات الشاي في الخامسة عصراُ أو يدعونهم الى فطور صباحي.

قرأت ما كتبه هذا الشاعر المرهف بانقليزية رفيعة و أسلوب سلس. كان المقال عن تاريخ النقاب و بعده عن صحيح الإسلام، بل رده الى عصور الانحطاط عند المسلمين أتى به غير العرب من سلاجقة و عثمانيين الخ.. و قد جعل "النقاب" عنوانا للمقال. انتظر الرجل بصبر حتى فرغت من قرآة المقال الطويل، و استمع إلي ما قلتُ فيما كتبَ؛ ثم دلفنا الى خبر إيداع بعض أعماله الشعرية باللغة الانقليزية مكتبة الكنقرس، و قد حدث ذلك في تلك الأيام. كتابة ذلك المقال أتت استجابة لطلب رئيس تحرير مجلة الاسبكتاتور، و هي مجلة يقرأها المثقفون، و أهل الرأي و الصفوة و من هم مثلهم، غير المجلات و الصحف الأخرى التي يطلع عليها عامة الناس، و العوام و غير العوام. و أظن ان رئيس تحريرها أو احد محرريها كان من بين أعضاء ذلك الوفد الزائر. ثم أمسك بسماعة الهاتف و أملى على بعض الصحف المحلية خبر حفل التكريم الذي سيقيمه لزعيم الشيوعيين السودانيين، فنشرته في اليوم التالي في صفحات الاجتماعيات. إلا ان علة طارئة حالت بيني و بين حضور ذلك الحفل، و ان عرفت ما دار فيه من نقاش و ملخص للكلمات التي ألقيت ترحيبا بالمحتفى به من اسحق نفسه و من آخرين حضروا ذلك الحفل. دونته في أوراق تركتها خلفي في حي العمدة بامدرمان، لا أدري ان كانت باقية أم ذوت. و لكني أدعو من حضر ذلك الحفل أن ينشر ما دار فيه قدر المستطاع. فهو وقفة سمحة من تاريخ السودانيين الحديث، لو يرجعوا إليها في زمن الإسفاف و الضحالة و الهرج و المرج هذا.

و في ذات السنة رزق الشاعر عزيز اندراوس، صاحب "الشاطئ المهجور" الذي صدر في خمسينيات القرن الماضي، طفلا، فنشر في صفحة الاجتماعيات انه قد أطلق على مولوده اسم "عبدالخالق" تيمنا بالأستاذ عبدالخالق محجوب. إلا انه بعد أسبوع تراجع عن ذلك و نشر "تصحيحا" ان الاسم قد أطلق تيمنا بعبدالخالق حسونة، الأمين العام لجامعة الدول العربية يومئذ. كنت في بعض الأحيان أتوقف عند "مكتبه" و أنا في طريقي الى الجمعية التأسيسية، فيدعوني لتناول القهوة. كان الرجل يكسب رزقه من الوساطة (كومسنجي) لا من الشعر. و ذات يوم سألته عن هذا الاختلاط، إذ ان الخبر لم ينشر في صحيفة الحزب الشيوعي (الميدان)، بل نشر في صحف اخرى. بدى الرجل محرجا. قال انه تعرض الى ضغوط و الى اتهامات، بل الى تهديد بالمقاطعة التجارية، و خصوصا من جاليات معينة، كانت تنشط في مثل هذه التجارة. فقلت له لماذا لم يختر عبدالخالق ثروت ان كان لابد من التراجع عن اسم عبدالخالق محجوب عثمان، بدلا من اسم رجل بلا دور و لا اثر و لا ظل. ثم أنشدت بعض أبيات قصيدة له و انصرفت:

لا تفزعي … لا تجزعي
هاتي الربابة و اسمعي
لحن الفؤاد الموجع

ُطبع "الشاطئ المهجور" على ورق صقيل، و انتشرت بين صفحاته صور عزيز اندراوس مع أصدقائه في مصر، من القاهرة الى الإسكندرية.

كان عبدالخالق عصامياً موسوعياُ اصمعياً، شملت علاقاته جميع الناس و على كل المستويات. فهو يخوض في حوار عن الرياضة مع قطب نادي المريخ، شاخور، بذات الجدية التي كان يتحدث بها عن إحداث الساعة، و يتجاذب الحديث طويلا مع مالك دكان يمني عن دقائق تقاليد يمنية و ما يقابلها من موروثات سودانية. و كانت معارفه تحوي السياسة و الفلسفة و الفنون و الأدب بمختلف ضروبه و الرياضة و الاجتماع و العلوم و هلمجرا.

ظل دار الحزب الجمهوري في شارع الموردة يشهد اكتظاظا لا مثيل له حينما يطل عبدالخالق إبان أزمة حل الحزب الشيوعي السوداني. كان محمود محمد طه، زعيم الجمهوريين الذي لقي على يد الجلاد نفسه ذات المصير، يسبقه حينا و يليه على المنبر أحيانا، و خطباء آخرون من مختلف الاتجاهات السياسية و التنظيمات النقابية. يفيض دار الجمهوريين بالناس و يضيق الشارع بهم أثناء تلك الليالي السياسية. و لم يكِّن بابكر كرار، رغم الخلاف الفلسفي و السياسي و المنهجي بين الرجلين، احتراما و تقديرا لأحد من رجال السياسة في البلاد، سوى لعبدالخالق محجوب. فبابكر كرار ما تردد أبدا – و هو رجل لا يلجم لسانه قط إذا ما دعا الداعي، أو حتى بدون دعوة من أحد، لان يبدي رأيا في الطبقة السياسية - في وصف السياسيين بالجهلة، و لكنه يستثنى منهم الأمين العام للحزب الشيوعي.

سيظل اغتيال عبدالخالق محجوب عملا إنسان رخيصا دنيئا، و جريمة نكراء بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني، و إهانة بالغة و تجاوزا لكل معايير العدالة، و نقطة سوداء في تاريخ القضاء العسكري السوداني، على المؤسسة العسكرية ان تعمل جهدها لإزالتها بمحاكمة ما جرى في معسكر "الشجرة"، حتى تحتفظ بسجلها ناصعا و بمناقبية أفرادها لا تشوبها شائبة. فقد كان ذلك اليوم، يوما عبوسا قنطريرا. لقد روت لي ما جرى صحافية مصرية من مجلة المصور حضرت تلك المأساة الى جانب قائد زمرة 25 مايو و أطلعتني على صور لم تنشر من قبل. التقيت بها في دار نقابة الصحافيين المصريين في العام 1988، حينما كنت و زميلي سجاد الغازي إسماعيل، نشرف على دورة صحافية نظمها اتحاد الصحافيين العرب في القاهرة ربيع ذلك العام. كانت تلك أول فعالية عربية منذ مقاطعة العرب لمصر بعد زيارة السادات الى القدس، و لذلك احتفل بها المصريون أيما احتفال. رأيتها يومئذ و قد ارتدت الحجاب. قالت لي ان رئيس نظام 25 مايو/أيار كان مخمورا، لا يتوقف عن تناول الاسكتلندي العتيق من الزجاجة مباشرة، و كذلك بقية زملائه. لقد رد حكم المحكمة مرارا، طالبا الاعدام لعبدالخالق، و كنت أظنه في وقت من الاوقات انه سيطلب من رئيس المحكمة ان يحكم على نفسه ايضا بالاعدام. تلك الهستيريا، قالت لي، لم اشاهدها حتى في افلام الغرب الاميركي، التي تصور المكسيكيين سكارى، أجلاف، و وحوش كاسرة و مغتصبين. هنا رويت لها ما درسناه في مقرر التاريخ للصف الثاني من المرحلة الوسطى عن فيليب المقدوني. قلت لها ان القصة التي رويت لنا حينذاك هي عن ريفي أتى يشكو ظلامة الى فيليب، والد الاسكندر ذي القرنين، و كان فيليب قد استبدت به بنت الحان فأصدر حكما جائرا على ذلك الريفي، الذي صاح انه سيستأنف. هنا استشاط ملك مقدونيا غضبا و صاح في وجه الرجل: ستستأنف لمن؟ فقال الرجل: سأستأنف حكم فيليب السكران الى فيليب الصاحي. هنا أدرك ذلك الملك ما أتى فعفى عن الرجل. قالت لي بسخريتها المصرية: يبدو ان صاحبنا كان غائبا عن المدرسة يوم تعلم زملاؤه ذلك الدرس!

كان راشد رجلا من بلد يكثر فيه الذكور. جمع بين الشجاعة و الرأي السديد. تجلى ذلك، على سبيل المثال، في مؤتمر المائدة المستديرة الذي انعقد منتصف ستينيات القرن الماضي لمناقشة مشكلة جنوب السودان. لمّا فزع قادة الأحزاب الشمالية من طرح مسألة تجارة الرقيق، تصدى لها بقول يصدق اليوم على ما يدور في البلاد و ما يشتجر فيه الناس في هذا الأوان:

"ان التغييرات التي شملت بلادنا امتدت ايضا لمفاهيم الدوائر السياسية المختلفة، فانتصر صوت العقل و أصبح هناك اتفاق جماعي حول وجود مشكلة و قضية في الجنوب، و ان الحل الديموقراطي السلمي هو السبيل، بعد ان عانينا سنوات عدة من سياسة الإرهاب و البطش و إراقة الدماء. و كنا نأمل لو شملت تلك التغييرات مفاهيم بعض إخواننا هنا الذين يسمونا بأحفاد الزبير باشا، و نحن نقول بصراحة و وضوح: نعم نحن أحفاد الزبير باشا، فنحن لا نتهرب من تاريخنا، لكننا ننظر إليه نظرة موضوعية ناقدة، و في غير مرارة، نستفيد منه الدروس و نستقي منه العبر. فتجارة الرقيق التي تتحدثون عنها كثيرا كانت مدفوعة من المستعمر الأوربي و لمصلحته، و هي عار عليه في تلك العهود و عار على كل من نفذها."

هكذا يشرق الوعي و ينبئ، فالإنكار لا يجدي، و الاعتراف عودة الى الجذور الأصيلة المنسية. و في أضابير و سجلات و محاضر لجنة الاثني عشر المنبثقة من ذلك المؤتمر ما يطفئ النيران و يخمد لهيبها لو ثابوا الى رشدهم… و لكن هيهات فإضرام الحرائق يعود عليهم بالأصفر الرنّان.

http://elsouri.maktoobblog.com/1614143/%D8%B9%D8%A8%D8%...D%D8%AC%D9%88%D8%A8/

Post: #59
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: بكرى ابوبكر
Date: 11-03-2010, 04:52 AM
Parent: #58

http://www.sudaneseonline.com/ar4/publish/article_1901.shtml

Post: #60
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبدالأله زمراوي
Date: 11-03-2010, 07:50 AM
Parent: #59

خَبِّئْنِي مَا بيَنَ دفاتِرِكَ الثَّوْريَّة!

(1)

ونَقودُ اليومَ سُراةَ اللَّيَلِ
بضَحكةِ أقدارِ الخيلِ
وظُلمةِ أنْجمِنا الورديَّة
فالخيلُ مُسوَّمةٌُ عندي
تتجشَّـأُ “سِفرَ التَّكوين”
والنُّوقُ تسافرُ، تتجمَّلُ
في حضَرةِ أشواَكِ
الصحرَاءِ النُّوبيَّة!

(2)

وأنا مأخوذٌُ كلِّي
مستبِقٌُ شبقٌُ
مشدودٌ للأنَجمِ
والغزواَتِ الثَّوريَّة
ناجيتُ ملوكَ الصَّحَراءِ مَليًا
وناجيتُ سيوفَ المهَديَّة!

وأنا مغمورٌ بنجومِ الصَحراءِ الأبديَّة
راحَ القلبُ يُقبِّلُ جبهَةَ ثوريٍّ
كانَ يُسَمَّى “عبد الخالق”!
عبدُ الخالقِ
مذْ صارَ أميرًا للثَّوريينَ
مَا فَتِئَ يُرَدِّدُ تعَويذةَ ” حُبٍّ ” للشَّعبِ
“ممزوجًا ” بِرُؤى العُشَّـاقِ الورديَّة
وينسِجُ من حَبْلِ الرِّدةِ والأشواقِ
أشعارًا وملاحمَ ثوريَّة!

“أدَّبَني” حِزبي
“علَّمَني” شعبي
كيفَ أُسافرُ في
قلَبِ التَّأريخِ
كيفَ أَحُطُّ رحالي
في قلبِ المرِّيخِ
كالسَّيَلِ الجارفِ
أُحَطِّمُ كلَّ النَّكْسَاتِ
أُحَطِّمُهَا بسيوفي القُزَجيَّة!

(3)

الوعيُ الصارمُ
فوقَ جبينِكَ
يا عبدَ الخالقْ !
يا مُرعِـبَ مشنقَةِ
الظُلمِ الغجَريَّـة
يا عبدَ الخالقْ !
يا مِشمشَ نسَماتِ
الوجدِ الصوفيَّة
يا عبدَ الخالقْ !
خَبِّئْني باللهِ عليَكَ
خَبِّئْني مَا
بينَ دفاِترِكَ الثَّوريَّة!

(4)

فأنا أعدو منذُ وُلِدْتُّ
ولدتْني أُمِّي بقلبِ
رمالِ الصَّحراءِ الذَّهبيَّـة
أعوي كيهودِ التأريخِ
أُفتِّشُ عن هيكلِ دَني
وطنٌ مَسْروقٌ مِنِّي
مدفونٌ في غَسَقِ عيوني
مخبوءٌ في مُدنِ
الجَانِّ المَخفِـيَّة !
ولا أجدُ سِجالاً طبقيًّـا
ما بينَ الأيامِ
وخرقةِ سيفي
صَهوةِ خيلي
ووضوئي والُّلغةِ
الدافئةِ الورديَّة!

(5)

عَاهَدتُّكَ يا عبدَ الخالقِ،
منذُ رأيتُكَ بدرًا تتوهَّجُ في فلكي
في سِدرِ الأيامِ تَسيرُ حفيّا
وتُجَمِّلُ وجْهَ التأريخِ
الدَّاعرِ بالرُّوحِ الأُمميَّة،
أنْ أرفَعَ زندي
أنْ أحمَلَ سيفي
قُدَّامَ الثَّوريينَ
وضَدَّ فُلولِ الرَّجعيَّـة
وجوعي المألوفُ
تتأجَّجُ فيه
صهَواتُ خُيولِ المهديَّة!

(6)

وأنا يا عبدَ الخالقِ
مأخوذٌ كُلِّي
مسَتبقٌُ، شبقٌُ، مشدودٌ
دَعوتُكَ ودعَوْتُ
مُلوكَ الصَّحراءِ
ورأيِتُ الثورةَ تمشي
في البيداءِ
وفوقَ قِبابِ البلداتِ المنسيَّة!
ورأيتُ “عَليّا”
رأيْتُ نياشينَ العِزَّةِ
تَخطَو نحوي
مثلَ لآليءِ ورديَّة!
وبقلَبِ التَّلِّ هُناكَ
شاهدتُ المَاظَ يُردِّدُ
في حَلْقِ الثُّوَّارِ جَليًّا
أشعارًا فوقَ المدفعِ ثوريَّة
لا يَعْبَأُ لزخَّاتِ رصاصٍ
تخرُجُ من خلَفِ بساتينِ
الوردِ الطِّينيَّة!

(7)

ورأى قلبي في تلك اللّحظةِ
“مهديَّ الله”
يتجَّملُ بالرَّاتَبِ
قُبيلَ صلاةِ الفَجْرِ
في وجهِ الأعدَاءْ
ويهيمُ غَرامًا بالأشياءْ
والثوَرةُ ضدَّ الظُّلمِ العاهرِ
وضدَّ فسادِ التُّركيَّة!
والرَّاياتُ تُزَيِّنُ
من ليلِ الخُرطومِ المَنْسيَّة
رأيتُ المهديَّ في تلكَ الحَضْرةِ
يستسقي اللهَ
فيُسقيه اللهُ سحابًا
وتمطِرُ مدنُ اللهِ رِماحًا
في حَلقِ الاستعمارِ الغاشمْ
وفوقَ جبينِ الباشَّـا الطَّاشمْ
المُثْخَنِ بجراحاتِ
حِرابِ المهديَّة!

(8)

يا عبدَ الخالقِ
يا روحَ النَّخلِ
الحالمِ باللّيلِ القَمريِّ
المكتملِ شعُاعًا ورديًّا
كنتُ أُمازِحُ مِثلَكَ
هذي اللَّيلةَ
روحَ الثُّوَّارِ
في ليلةِ وجدٍ صوفيَّة
ورأيتُ اللهَ بقلبي
يُقَبِّلُ “محمودًا “
بنقاءِ العارفِ بالأسرارِ المخفيَّة
والقمرُ السِاطعُ مثلَ
جفوني يَلدَغُني
يُلقي دومًا باللَّوْمِ
على الزَّنزاناتِ الشَّرقيَّة!

(9)

رأيْتُكَ في تلكَ الليّلةِ
مثلَ عيونِ التَّـأريخِ الجاحظِ
وفانوسِ العُشَّـاقِ
وليْلِ التُّقَّـابةِ والأشْواقِ
فبكى قلبي طربًا
ورقصَ العمُرُ العامرُ فَرِحًا
على ضُوءِ فراشاتٍ ناريَّة!
ورأيتُكَ في تلك الحضَرةِ
تحمِلُ لَوْحًا
من خَشبِ الأبنوسِ
وبيدكَ اليُسرى
تَحْمِلُ مِشكاةَ
الأبطَالِ بكرري الثَّوريَّة!
وللفلاحينَ زرعتَ
الحِنْطَةَ بالنَّشْوةِ
من نُطفةِ مطَرِ اللَّيلِ
بأرضِ السُّودانِ المَرْويَّة !

(10)

خَيلُك قُدَّامِي تَعْدو
مثلَ ” بُراقِ ” نبيِّ الله!
وتصَعدُ كالشَّفقِ الورديِّ
نحوَ سمَاءِ الأعشابِ
المسكونةِ في جسدِ المحبوبةِ
ورؤى الأحلامِ اللَّيليَّة!
يا عبدَ الخالق
علِّمْنا كيفَ
تكونُ ” الثَّروةُ ” ضِدَّ ” الحظوةِ “
علِّمْنَا كيفَ
تصيرُ القبضَةُ ” كالسَّطوَةِ “
في وجهِ زُناةِ التَّأريخِ
رِماحًا وسهامًا نُوبيَّة!

(11)

إنِّي أشهدُ قُدَّامَ اللهِ
وقُدَّامَ رِفاقي
بأنَّ حروفي من عسْجَد
لا تنبِضُ إِلا للثُّوَّارِ
ورِفاقِ المشنقةِ الورديَّة!
إنِّي اسْتَحْلفتُكَ يا عبدَ الخالقِ
أنْ تدعوَ كلَّ
ظُنُوني وجنوني المُطلقْ
تأخذُني لحقوَلِ النَّعنَاعِ المسجيَّة!
فحينَ وقفتَ وحيدًا
قُدَّامَ طُغاةِ العصْرِ
تشْدو أشعارَ الطَّبقيَّة،
إرتَدَّ البصرُ إلى رمشِ عيوني
ومُذَّاكَ تعَلَّقَ قلبي
بالأفكارِ النَّيِّرَةِ الثَّوْريَّة!
(12)
وأماَمَ طُغاةِ العصرِ
رأيتُ الوجْهَ الباسمَ
في جبهَةِ ” محمودَ ” القُدسيَّة!
مثِلُك كانَ يُبَشِّرُ بالثَّورةِ
ويدعو للثَّورةِ بالوُحدانيَّة!
مِثلُكَ كانَ لطيفًـا وحييًا
مِثلُكَ كانَ مَلاكًا ربانيًّا!
وبروحٍ تُبصِـرُ
في الزَّمنِ الغيهَبْ
صارَ ” المحمودُ “
يُحَلِّقُ مثلَ ” الحلَّاج “
وكانَ الحَجَّاجُ الوطنيُّ المَخْصِيُّ
يَحُثُّ قُضُاةَ السُّوءِ
ويُوَقْوِقُ عبرَ المِذياعِ
نشيدَ الرِّدَّةِ
من بينِ ثنايا
المشنقةِ الدِّينيَّةِ !
وصَعدَتْ في يَومٍ مشهودٍ
روحُ الثوريِّ المُتْخَمِِ
بالوجدِ وبالجُبَّة
“وما في هذي الجُبَّة”
نحوَ الملكوتِ الرَّبانيِّ
ما فرّطَ في الدعَوةٍ يوماً
مَا فرّطَ هذا الشَّيخُ الثَّوريُّ
الضَّـالِعُ بالأسرارِ
بالثورةِ ضدَّ الأفكارِ الأُمويَّة!

(13)

يا عبدَ الخالقِ
إِصْفَعْهُمْ بِنِعَالِكَ
أعدَاءَ الشَّعـبِ
إصْفَعْهُم لا تعَبأْ!

إِصْفَعْهُم بنِعالِكَ
أولادَ قُرادِ الخيلِ
وأعداءَ الحريَّة!

وأذكرني دومًا
عندَ الثَّوريين
فالثورةُ تأخُذُ منِّي
أيامي وشهوري القمريَّة!


الخرطوم ابريل 2007

Post: #61
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-03-2010, 10:23 PM
Parent: #60

38567_145096672180652_100000409609016_316481_1530475_n.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

اين الحارس؟
واين المحروس؟

Post: #62
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-03-2010, 10:33 PM
Parent: #61

40504_471126082264_711952264_6263131_8204493_n.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

الوعي الوعي بقدر ما استطيع

Post: #63
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبد الحكيم نصر
Date: 11-03-2010, 10:34 PM
Parent: #62

39998_433462063176_641348176_4986220_1437353_n.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

Post: #64
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: Adam Mousa
Date: 11-04-2010, 05:51 PM
Parent: #63




الشهيد عبدالخالق محجوب فى كادوقلى فى الخمسينات..

Post: #65
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبدالله عثمان
Date: 11-06-2010, 10:16 PM
Parent: #64

((نستحضر كيف ان المرحوم عبد الخالق محجوب قال في احدى خطبه الشهيرة : «كل شيخ ليهو طريقته» كان يتحدث مجازاً بالطبع ، الا ان المجاز يكتسب مفعوله من بذرة الحقيقة المقارنة . فقد عامل بعض اعضاء الحزب عبد الخالق بولاء صوفي اشبه بطاعة المريد لشيخه. أي انهم نقلوا ولاءهم من السيد علي الميرغني (على سبيل المثال) لزعيم الحزب الشيوعي . ومن الملاحظات الحصيفة للشاعر الراحل صلاح احمد ابراهيم ان عبد الخالق كان يوظف عينيه الكبيرتين النافذتين بدهاء للسيطرة على الآخرين عند مخاطبتهم. ولهذا الاسلوب نظائر عند شيوخ طرق لا يجرؤ اتباعهم على النظر الى عيونهم ))
د. خالد المبارك - 19 نوفمبر 2002

الرأي العام السودانية - مذكرة بريطانية سودانية

التعديل سببه أن أحدهم أوحى لي في رسالة خاصة أنه قد يشتم من ايرادي لحديث خالد المبارك أنني أؤيده ولكن العكس تماما .. فقد قصدت ابراز "غرض" خالد المبارك في النيل من الرموز القومية ويمكن مطالعة مقاله كاملا والردود عليه من الجمهوريين في موقع الفكرة أدناه

http://alfikra.org/articles_a.php?pageno=11

Post: #66
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: Amani Al Ajab
Date: 11-06-2010, 11:35 PM
Parent: #65

عبد الخالق محجوب: في كلمتين تلاتة ... بقلم: عبد الله علي إبراهيم
الأحد, 26 أيلول/سبتمبر 2010 10:49


عبد الخالق محجوب - 1927-1971- : في كلمتين تلاتة

قال كاتب ماكر للشيوعيين على منبر السودانيزأونلاين مرة إن كان بوسعهم تعريفه باستاذنا عبد الخالق محجوب "في كلمتين تلاتة". ولا أذكر من أروى غليله أو حاول. وعاجوا إلى "عتالة" النصوص الشعرية والغنائية من مراثي المرحوم العتيقة من لدن "الفارس معلق" حتى ما شاء الله. وربما كانت هذه البضاعة الشعرية هي التي كرهها السائل وأرد للشيوعيين أن يحكوا نثراً عن رجل بكوه بالدمع الغزير . . . المقفى. ولا يحسنون مع ذلك تقديمه لمن قد يبكي معهم متى ميزوا بكائهم نثراً. وبالمناسبة ينسى الشيوعيون ذكر واحدة من أفضل مراثي أستاذنا وهي التي كتبها الشاعر الخواض. ففيها سليقة عجيبة.
وضعتني "موسوعة التراجم الأفريقية" (تصدر عن دار أوكسفورد للنشر) حيث وضع الماكر شيوعييّ سودانيزأونلا ين. قالت لي نريد لك أن تكتب لنا النبذة عن عبد الخالق في "كلمتين تلاتة" وهي 750 كلمة تنقص ولا تزيد. ووجدت عنتاً كثيراً في كتابة مطلوبهم. بدأت بنحو 3000 كلمة ثم اقتصدت. وجاء وقت بلغت الألف كلمة ورفعت يدي لأنه في ما بدا لي لم يبق من الرجل شيء. بل قلت للمحرر خذ ما عندي وافعل ما بدا لك به فالرجل لن يحتمل مزيد "سولبة". ولا اريد أن أشهد هذه السولبة متى وقعت. وعدت مكرهاً ووفقت إلى ما أترجمه أدناه في مناسبة مرور 83 عاماً هذا الشهر على مولده رحمه الله وأحسن إليه وبارك في ذريته.

كان عبد الخالق سكرتيراً للحزب الشيوعي (الذي تأسس في 1946) منذ 1949 حتى إعدامه بصورة تراجيدية في 1971 على يد الرئيس جعفر نميري بعد انقلاب فاشل منسوب للشيوعيين. ويتذكره جيله دؤوباً في التفكير حسن الإطلاع. وقد أسف الطيب صالح، الروائي المعروف وزميل دراسته، ترك عبد الخالق مواهبه الأدبية بعد إدراك السياسة له.
احتك عبد الخالق في مصر، التي طلب العلم فيها بعد تركه كلية غردون التذكارية في 1946، بالحركة الشيوعية المصرية الحامية. والمفتاح لفهم تحوله إلى ثوري متبتل في درس زمالته لهنري كوريل الزعيم الشيوعي المصري من أصول يهودية. ورد عبد الخالق دعوته بين الطبقة العاملة ولأجلها إلى عطلة جامعية قضاها في عطبرة في 1947 بصحبة نقابيين جذريين إبان تكون أول نقابة لعمال السكة الحديد. وتذكر تلك الأيام في دفاعه أمام المحكمة العسكرية (1959) بأنها عزيزة عليه كشفت له عن حيوية الطبقة العاملة السودانية وفحولتها.
اكتنف صعود عبد الخالق لقيادة الحزب صراع كثير وانقسام. وكدارس جيد باكر لتاريخ الحزب اعتقد عبد الخالق بأن نمو الحزب وتجذره بين العمال يكمن في تصفيته من افكار وظلال أفكار الطبقات غير العمالية. ففي تاريخه للحزب الصادر في 1965 تجده يطابق بين صعوده لقيادة الحزب وإطراد "برتلة أو عملنة" الحزب أي صيرورته بروليتارياً أو عمالياً. ويتفق معه في هذه الخلاصة الدكتور محمد نوري الأمين، المؤرخ المثالي للحزب الشيوعي، مع اختلافه في زاوية النظر ومنطلقها. فقد وثق نوري بدقة لفتح عبد الخالق الشيوعي في الحزب خلال صراعه صوب القيادة. وينظر نقاد عبد الخالق بإنزعاج لصعوده المدوي الذي خاض فيه بحر الانقسامات غير هيَّاب ويصفونه بالمكر والقسوة. فوصفه الشاعر صلاح أحمد إبراهيم، وعضو الحزب الشيوعي السابق، بأنه مثل "أنانسي" وهو العنكبوت الماكر (مثل ابو الحصين عندنا) في مأثور غرب أفريقيا.
وأحاط غبرائيل واربوغ، المؤرخ الإسرائيلي للسودان، بمرونة عبد الخالق محجوب في مسائل القومية والدين وقال إنها جعلت منه أكفأ القادة الشيوعيين في المنطقة. وردت رقية ابو شرف، الأنثربولجية وبنت أخت عبد الخالق، هذه المرونة إلى سودنته للماركسية.وقد أبان عن هذه السودنة في دفاعه أمام المحكمة المذكور أعلاه. فبرغم عزته بالماركسية إلا أنه عَلِم كلينيني أنه لن يجد حلاً لمسائل السودان مطوية بين دفتي كتاب شيوعي. وقال في دفاعه إن الماركسية هجمت عليه بين جيل ما بعد الحرب العالمية الذي صحا على صوت الوطنية وظل شقي الروح يطلب وطناً حراً. وأزدوجت أزمة هذا الجيل. فجاءته من جهة التعليم الاستعماري الضنين كما جاءت من جهة الوطنيين الذين تسمروا عند مجد السلف العربي الإسلامي بصورة لم تخاطب المستقبل أو تأخذه في الاعتبار. ووقع عبد الخالق وهو يتخبط مع جيله بين المؤثرين على كتاب ستالين "مسألة الاستعمار" فدفعه ليعيد التفكير في مسائل الإمبريالية والرغائب الاستعمارية والعتو والعنف والحوكمة. وخلص إلى أن نضالاً تحررياً مثل الحركة الوطنية لا بد له أن يسترشد بنظرية تهز هزا علم الاستعمار وإزرائه بشعوب بأسرها .
إنشغل عبد الخالق بجدوى الماركسية لحركات إجتماعية في بلد مسلم. فالماركسية عنده ليست اعتزالاً للتقليد. ولم ير في قبوله لها "تحولاً عن دين إلى دين". وجاءت أفضل نظراته في هذا الشأن بعد حل برلمان جائر لحزبه في 1965 بتهمة الإلحاد. فحين احتج على "استغلال الدين" لم يرد للناس ان تفهم أنه إنما يدافع عن فكر "مستورد" غريب الوجه واليد واللسان. وبدلاً عن الدفاع أوصى بالهجوم بأن يأخذ الشيوعيون بناصية "يوتوبيا" الإسلام التي ينفعل بها المسلمون العاديون في طلبهم الحثيث لمجتمع طيب. فأفضل ما تكون الماركسية حين نقدمها للناس كخدمة فكرية يجدد بها المسلمون هويتهم وينعشون مصادرها في إبتلائهم بعالم متغير. فمتى اشتبكنا مع "خيال المسلمين" في طريق الابتلاء هذا ضعف تأثير مؤدلجي الدين ومستغليه.
كان عبد الخالق، النائب البرلماني في 1968، ذا عقيدة قوية في الطريق الديمقراطي للاشتراكية. فكان من رأيه أن للحقوق الديمقراطية فعل السحر. فقد أفاق بها العمال للنقابة وخطرها في حياتهم. وهم سيصِلون في وقتهم المناسب إلى الاشتراكية من فوق ممارستهم للحقوق الديمقراطية البرلمانية. وتفسر قناعته هذه وقفته الصماء ضد فرض" الديمقراطية الجديدة" بإنقلاب عسكري. وأسس بذلك لعلاقة استراتيجية بين النضال للديمقراطية والنضال للاشتراكية. ولم تفت هذه المأثرة على بن تركوك، الناشط الماركسي جنوب الأفريقي، فوصفها بأنها "عجيبة جداً" لأنها برغمانية ولكنها مبدئية في نفس الوقت. وهي التي ميزت الحزب الشيوعي السوداني عن غيره ممن راوغتهم هذه الاستراتيجية طويلاً.
وبلغ عبد الخالق الغاية من موازنة قوميته وأمميته وشقي في الأثناء. فقد رفض مرتين عرضاً سوفيتياً ليتأخر الشيوعيون لتتقدم عليهم قوى وطنية أخرى استصفاها السوفيات. فبينما استبشر بعلاقات نظام عبود (1958-1964) الحسنة مع الاتحاد السوفيتي إلا أنه احتفظ لحزبه بحق تحليل الوضع الطبقي السوداني ومترتباته بغير تدخل من أحد. وثارت عليه ثائرة شيوعييّ شرق أوربا حين رفض أن يتأخر ليتقدم نميري وزمرته (ممن يسميهم السوفيات بالديمقراطيين الثوريين) الركب الثوري ووصفوا موقفه المستقل من انقلاب نميري "الاشتراكي" بأنه "غير مفهوم" و"عقائدي قح".
سأله نميري وهو بين يديه بعد فشل انقلاب يوليو 1971: "ماذا فعلت للسودان؟" قال: "قليل من الوعي". وكانت تلك شهادته التي سارت بها الركبان.
[email protected]

Post: #67
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: Amani Al Ajab
Date: 11-06-2010, 11:55 PM
Parent: #66

عبد الخالق محجوب .. الرجل الذي ابتسم للموت
الكاتب/ بروتريه رسمه: محمد هلالي
Wednesday, 28 July 2010

هادئاً كان أمام الموت.. وعادياً تماماً

وتماماً كالذي.. يمشى بخطو مطمئن لينام

قال: مع السلامة ولوح في ابتسامة

بهذه الكلمات البسيطة في معناها، وصف الشاعر الشفيف محجوب شريف اللحظات الأخيرة لعبد الخالق محجوب، والذي أعدم فجراً في مثل هذا اليوم من العام 1971م الذي وافق يوم الأربعاء، على حبل مشنقة سجن كوبر بالخرطوم بحري، بعد أحداث دراماتيكية صاحبت حركة هاشم العطا في 19 من ذات الشهر، وعقب محاكمة صورية حولها عبد الخالق إلى محاكمة للنظام مما اضطر القضاة إلى تحويلها لجلسة سرية، كما أن هنالك شبه إجماع على أنها كانت أقرب للمسرحية؛ ففي كل الكتابات والتوثيقات التي كتبها جنود أو صحفيون سودانيون أو أجانب لمحكمته هذه، أو ما أعقبها من تنفيذ لحكم بإعدامه، تؤكد أنه جسد شكلاً من أشكال البطولة الرومانسية، التي قل ما نقرأ عنها في تاريخ القيادات السياسية الحديث والقديم..

وعبد الخالق محجوب الذي عرف وسط الشيوعيين باسم "راشد" وهو اسمه الحركي، والذي ولد في حي السيد المكي بوسط أم درمان في 23 سبتمبر من عام 1927م، يعد قيادياً بارزاً في الحركة الشيوعية العربية والسودانية، وكان ذا حضور مؤثر في المحافل الشيوعية العالمية، كما له إسهاماته الفكرية التي تمحورت حول إيجاد صيغة سودانية للماركسية بدلاً عن التطبيق الحرفي للتجربة السوفييتية أو الصينية، كما كان له موقف واضح من الخلاف السوفييتي- الصيني، وكان يرفض بشدة الربط بين مبدأ حرية العقيدة والإلحاد.

يعشق شكسبير ويحبه أصدقاؤه

صداقاته تجاوزت الشيوعيين، بل على العكس تماماً فإن أقرب أصدقائه إليه لم يكونوا شيوعيين، أمثال عبد الكريم ميرغني والخير هاشم كمثقفين من أبناء أم درمان، والأمير نقد الله من حزب الأمة، وبابكر كرار، وهو من مؤسسي الحركة الإسلامية، وقد أكد عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني ومن يعتبر "نديده" وابن دفعته التجاني الطيب بابكر أنه كانت تربطه علاقة جيدة ببابكر كرار، وكانوا يلتقون بتواتر في منزل عبد الخالق أو في مكتبه (وكان عبد القادر الرفاعي القيادي بالحزب الشيوعي قد أفادني بذات المعلومة)، مضيفاً إن عبد الخالق كان صديقاً ودوداً وله في علاقاته وصداقاته مودة خاصة، مشيراً (وما زال الحديث للتجاني) إلى أنهم أبناء دفعة واحدة بكلية غردون التذكارية لفترة الثانوي في ذلك الوقت، وآخر دفعة منها، وأصبحت هنالك المدارس الثانوية المعروفة وادي سيدنا وحنتوب، وزاد بأن عبد الخالق كان شخصية مرحة جداً، ويقرأ بانتظام ومحباً جداً لشكسبير (الأديب الإنجليزي)، ومتفوقاً على زملائه في الأدب الإنجليزي، ودائماً من الأوائل، حتى نصبه أبناء دفعته أولاً عليهم للأربع سنوات التي درسوها في سنتهم الأخيرة.

وفي ذات المنحى يضيف عبد القادر الرفاعي لـ(الأخبار) إن من أبرز أصدقائه بجانب رفاقه من الشيوعيين محمد سعيد القدال وأبو زيد محمد صالح والجنيد علي عمر، كان عبد الكريم ميرغني، والرشيد الطاهر وبابكر كرار، وهما من مؤسسي الحركة الإسلامية، وكانت تربطهما به علاقة قوية، وزاد بأنه كان له ارتباط كبير بالخير هاشم وهو مثقف وموسوعي ومن رواد التعليم، من أبناء الهاشماب، كان مميزاً في تدريس العلوم، وكانت له اهتمامات بالسينما حتى تمت إعارته من وزارة التربية لوزارة الإعلام، إلى جانب أنه كان صديقاً للأمير عبد الله نقد الله الذي كان يحبه جداً. ومن أصدقائه كذلك محمد نور السيد وقريب الله الأنصاري، وله علاقات قوية مع قادة الحركة السياسية السودانية من غير الشيوعيين، وقال إنه كان لعبد الخالق أخ بالرضاعة طبيب يدعى إبراهيم الشبلي، وهو جاره وصديقه ودفعته قابله محدثي ببرلين، وحسب الرفاعي، فإنه قال "إن بلداً تغتال أمثال عبد الخالق لا يمكن أن أعود لها" فعاش حتى مات ببرلين ولم يعد للسودان.

ولذلك لم يكن مستغرباً أيضاًً أن يكتب محمد أحمد محجوب في كتابه (الديمقراطية في الميزان) الصادر عن دار النهار البيروتية في العام 1973م "إن إعدام زعيم الحزب الشيوعي السوداني يشكل نهاية عهد التسامح والحلول الوسطى في حياة السودان السياسية، إنني أعرف عبد الخالق محجوب منذ 20 سنة، كان يتحلى بنزاهة وشجاعة بالغين، وكانت الأخلاق السودانية تأتي في الطليعة في تفكيره السياسي، وقد ساهم كثيراً في إيجاد توافق بين تاريخ السودان الإسلامي والآراء الماركسية الثورية، وهذا ما جعلني دائماً أصف الحزب الشيوعي السوداني بأنه حزب سوداني لا يدين بالولاء لموسكو أو أي بلد شيوعي آخر في العالم".

رقم يصعب تجاوزه

في أكتوبر من العام 1946م كان عبد الخالق يحزم أمتعته ليسافر إلى مصر، حيث درس بها فيما بعد بجامعة فؤاد الأول، وكان التجاني الطيب رفيقه مجدداً، وشاهداً على فترة كان فيها للشيوعيين السودانيين في القاهرة (وهما من بينهم) إسهاماتهم المقدرة في إثراء النقاشات حول القضايا المصرية المصيرية، حيث أشار إلى أن عبد الخالق كان يقود تياراً في الصراع الشهير الذي خاضته الحركة الشيوعية المصرية، وكان مؤثراً جداً وهو رقم يصعب تجاوزه عند التوثيق للحركة الشيوعية المصرية، وكذلك رفاقه من الشيوعيين السودانيين الذين وصلوا حد أن كانوا أعضاء في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المصري ولهم إسهاماتهم في النظر للقضايا المصرية، مضيفاً إنه إنسان متقدم جداً في تفكيره، وشخص فريد، وكانت له قدرة على مخاطبة المسائل الصعبة بطريقة مميزة وعميقة.

كما أضاف الأستاذ تاج السر مكي الكاتب الصحفي بصحيفة (الأيام) والذي كان عضو قيادة الجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم، إنه أحد عباقرة الفكر السياسي السوداني، وله إسهامات واضحة المعالم في قضايا الوعي والفكر، معتبراً أن جزءاً كبيراً جداً من الوعي السياسي الموجود في الساحة حتى الآن، عبد الخالق هو أحد رموزه ومؤسسيه، في إشارة إلى عبارة السودان الجديد، وهو تعبير ورد عنده في واحد من أشهر كتاباته، وهو لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، مضيفاً إنه من أوائل الذين تحدثوا عن ماركسية القرن العشرين في وقت متقدم جداً، والكثيرون من غير الشيوعيين تأثروا به.

فيما اعتبر المفكر الإسلامي وأحد جهابذة الإسلاميين السودانيين حسن مكي أن عبد الخالق من أهم السياسيين السودانيين الذين برزوا في العصر الذهبي، وهو العصر منذ الخمسينيات وحتى بداية السبعينيات، مضيفاً إنه استطاع أن يؤسس للفكر الشيوعي في السودان بصورة جيدة للغاية، كما نجح في العمل السياسي بصورة كبيرة، معتبراً أنه إلى حد بعيد تميز بمقدراته التكتيكية العالية في التعاطي مع السياسة السودانية.

فيما كتب بازل ديفدسون مؤلف كتاب "أفريقيا تحت أضواء جديدة"- الذي ترجمه الأديب والدبلوماسي الراحل، جمال محمد أحمد- في معرض نعيه لعبد الخالق "إنه قد استطاع تأسيس طائفة ثالثة في السودان إلى جانب الطائفتين الدينيتين الرئيسيتين، الأنصار والختمية". وأردف بالقول إن تلك الطائفة التي أسسها عبد الخالق محجوب كانت تضم مريدين من كل أبناء السودان بمختلف انتمائهم القبلي أو الديني أو الطائفي أو الجهوي أو العرقي، وهو ما تفتقده طائفة الأنصار ومنافستها طائفة الختمية، ونشره في "أفريكا كونفدينشيال"، وهي نشرة مستقلة معنية بالشؤون الإفريقية تصدر من لندن منذ 1960 مملوكة لدار بلاك ول - أكسفورد.

وكتب أبيل ألير ضمن مذكراته (1990) بأن عبد الخالق التقاه عند مدخل الجمعية التأسيسية قبل بضعة أسابيع من انقلاب 25 مايو، وذكر له بأنه متخوف من المؤامرات التي تحاك لتقويض النظام لديمقراطي، وتكرر اللقاء بينهما بحضور جوزيف قرنق ومحمد إبراهيم نقد، ودار الحديث حول إمكانية التنسيق بينهما لقطع الطريق على المؤامرات التي تهدد الوضع الدستوري القائم، وتكررت مثل تلك اللقاءات مع عدد من السياسيين الجنوبيين النافذين، ويذكر أبيل ألير أنه لم يتبين آنذاك حقيقة ما تحدث عنه عبد الخالق محجوب إلا عند سماع الموسيقى العسكرية صباح 25 مايو 1969.

بسيط وموضوعي وقيافة

عندما عاد عبد الخالق من القاهرة في فبراير من العام 1949م، استطاع في زمن وجيز جداً أن يجد له مكاناً وسط كبار الساسة وأصحاب الخطبة الملتهبة، ببساطة متناهية في الطرح وتناول القضايا التي تهم جميع المواطنين ودون إلهاب لعواطفهم أو استجدائها، ويعتبر تاج السر مكي أنه يمثل مدرسة الخطاب السياسي، حيث كان يعالج أصعب المشاكل والقضايا بطريقة شيقة وبسيطة، مشيراً أن خطاباته كانت عبارة عن شقين، شق سياسي وهذا ارتبط في الغالب بفترة حل الحزب الشيوعي، وهنالك شق نظري وفكري وأدبي، وهذه كانت محاضرات مهمة جداً لعل أبرزها على الإطلاق محاضرة المدارس الاشتراكية في إفريقيا، وأشار مكي كذلك إلى خطابه في مؤتمر الأحزاب الشيوعية والعمالية في موسكو في العام 1969م، معتبراً أنه أهم خطاب يقوله زعيم حزب شيوعي في المنطقة العربية، وكانت متميزاً عن بقية الخطابات.

وفي ذات السياق تحدثت لـ(الأخبار) إحسان فقيري، رئيس الاتحاد النسائي السوداني والقيادية بالحزب الشيوعي السوداني بلغة مرحة وبسيطة كذلك، حيث قالت "عندما كنا ندعو أهالينا في دائرة أم درمان الجنوبية بالتصويت له، كانوا يقولون لنا ما لم نره بأعيننا ونسمع حديثه لن نصوت له، وعندما جاء وهو قيافة وأنيق وخطابه جميل ومبسط أعجبهم جداً"، وأضافت إحسان إنها وزميلاتها في المدرسة في ذاك الزمان كن يحضرن ندوة الأربعاء ويحفظنها ومن ثم يقمن بتسميعها إلى بعضهن.

وفي ذات المنحى ذهبت نور محمد عثمان، وهي تعد أهم قيادات الحركة النسوية وزاملته في العمل الحزبي بعد التحاقها بالحزب الشيوعي، مضيفة إنه استطاع أن يخلق خطاباً بسيطاً وموضوعياً يصل لكل من يسمعه، وقالت نور إنه كان السكرتير السياسي للحزب الشيوعي السوداني، وفي ذات الوقت عضو بفرع الحي للحزب الشيوعي السوداني مثله مثل بقية أعضاء هذا الفرع، مشيرة إلى أنها قمة الالتزام التنظيمي ومنتهى الانضباط.

كما ذكر التجاني الطيب أنه كان يمكنه أن يفوز في دوائر الخريجين في انتخابات 1965 ولكنه رفضها، وأصر على أن يرشح نفسه في دائرة الأزهري منافساً له، وعلى الرغم من أنه لم يفز، لكنه أثبت موقفاً شجاعاً، والجدير بالذكر هنا أن عبد الخالق في تلك الانتخابات حصد 51% من أصوات النساء وتوزعت البقية على بقية الأحزاب. وزاد عبد القادر الرفاعي بأنه عرف عنه أنه كان أنيقاً جداً في لبسه والعبارات التي يستخدمها كذلك في الحديث، وتميز بمقدرته على المزج بين عبارات الأدب وإدخالها في الخطاب السياسي بصورة جميلة، ويراه حسن مكي ذا جاذبية ومهابة شديدة وتحديداً وسط الشيوعيين.

مهتم بالأدباء والحركة الأدبية

قال كمال الجزولي القانوني الضليع والمعروف، الأمين العام السابق لاتحاد الكتاب السودانيين، إن عبد الخالق محجوب كان رجلاً محباً للأدب ومتابعاً للحركة الأدبية والثقافية، مشيراً إلى أنه ترجم كتاب الأدب في عصر العلم، وأضاف إنه كان يوقر ويحترم الأدباء ويهتم بهم وبالفنانين الشباب، وبمجال الأدب والمسرح، موضحاً أنه كانت تربطه علاقة قوية بعبد الله علي إبراهيم يجري خلالها نقاشات وحوارات حول المسرح والأدب والثقافة العامة، وقال كمال إنه كان مبتدئاً وصغيراً في السن لكن عبد الخالق اهتم به وألحقه بصحيفة الحزب كمحرر لصفحتها الثقافية، وقدمه في بعض الليالي السياسية، ولعل أشهرها كانت في ميدان أبو عنجة وهي الليلة الأخيرة في حملته الانتخابية، فشارك في هذه الليلة بطلب منه هو، مما أثار دهشة الكثير من الحاضرين، فهو (أي كمال) لم يتجاوز العشرين بعد من عمره.

التجلي أمام الطبقة العاملة

عندما تحدث حسن مكي لـ(الأخبار) أشار إلى أنه في إحدى الندوات سمع عبد الخالق بالحصاحيصا يتحدث للعمال عن الكسرة التي يأكلونها، مضيفاً إنه وصف لهم الكسرة التي يأكلونها والفرق بينها وبين التي يأكلها الأغنياء، معتبراً أن حديثه عن العمال البسطاء وهمومهم ووقوفه مع الضعفاء شيء طيب وكان يميزه. بينما قال التجاني الطيب إنه كان له إيمان عميق جداً بالطبقة العاملة، وله أصدقاء حميمون من داخلها لعل أشهرهم الشفيع أحمد الشيخ والجزولي سعيد وقاسم أمين وإبراهيم زكريا، وكان مقتنعاً اقتناعاً حقيقياً بأن العمال أفضل تقديراً للوضع السياسي من كثير من المثقفين، وبذل جهداً كبيراً ليقدم للطبقة العاملة كل ما عنده، وكان أكثر وقت يتجلى فيه ويعبر فيه عن رأيه عندما يتحدث مع العمال.

ابتسم ثم غادر

"نحن لم يكن هدفنا سوى إسعاد الشعب السوداني"، وكان مبتسماً.. هذه كانت آخر العبارات التي نطق بها حسب إفادات جنود السجون الذين حضروا إعدامه، وقال تاج السر مكي إن أحد الجنود قال له "الزول الأميلس دا أنا ما لاقاني أرجل منو"، وهذا هو الذي يقوم بتقييد المحكومين، وأخبره أنه عندما يضع القيد على أرجل المحكومين كانت أرجلهم ترتجف، وهذا مشهد تعود عليه، ولكنه لم يحدث مع عبد الخالق، ثم أشار إلى أنه لا يوجد من يمشي بثبات في خشب منصة المشنقة، ولكن فعلها ولم ينهار، إنما كان مبتسماً لهم. وفي المقال الذي كتبه الصحفي الكبير إدريس حسن في صحيفة (الأيام) في العام 1987م، وأعاد نشره في العام 2008م بعنوان شاهدتهم يحاكمون عبد الخالق محجوب، نجد أنه أورد بعد حكي تفاصيل الصدفة التي مكنته من حضور المحكمة، وردود عبد الخالق على أسئلة المحكمة، كتب "وإن كان لابد أن أعلق فلا بد أن أذكر موقف عبد الخالق كإنسان، فقد كان شجاعاً بكل ما تحمل الكلمة من معاني. وثابتاً كل الثبات. كان يتحدث في أحرج الأوقات وكأنه يتحدث في ندوة سياسية. بالرغم من أنه كان يعلم مصيره المعد سلفاً. لا ريب أن عبد الخالق كان أكثر ثباتاً من الذين حاكموه فقد لاحظت أثناء المحاكمة أن القلق والاضطراب يتملكان رئيس المحكمة وأعضاءها. بل إن بعضهم كان ينظر إلى ساعة يده بين الفينة والفينة وكأنه يتأهب لموعد أهم".

تزوج عبد الخالق محجوب من السيدة نعمات مالك في العام 1968م وأنجب منها معز وعمر، وكان رجلاً صادقاً وبسيطاً فيما يطرح، على عكس ما يروج الكثيرون، فالاطلاع على ما كتب، ولو مروراً يوضح إلى أية درجة كان الرجل بسيطاً في تناول أطروحاته، ومثل إعدامه صدمة كبيرة لمنظمات شيوعية ويسارية عالمية وعربية، وكذلك مثل علامة فارقة في تاريخ السياسة السودانية التي يمكننا أن نتخيل شكلها في وجوده، وقد كان على الدوام يتقدم إشكالاتها بطرح الحلول لها
http://alakhbar.sd/sd/index.php?option=com_content&task...&id=13785&Itemid=289

Post: #69
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبدالله الشقليني
Date: 11-07-2010, 07:40 PM
Parent: #50

Quote: تقدمت الاحزاب الجنوبية,حزب سانو,وحزب جبهة الجنوب الى مؤتمر المائدة المستديرة باقتراح لاجراء استفتاء على ثلاثة خيارات.
1- الفدريشن
2- الوحدة مع الشمال
3- الانفصال

رد عبد الخالق محجوب

انكم تتقدمون لاجراء استفتاء حول نقاط ثلاث
فدريشن - وحدة - انفصال

فاذا كنتم تعترفون بوجود اتجاه للوحدة فلماذا رفضتم تمثيله فى هذا المؤتمر؟؟؟ يبدوا اذن انكم تريدون الاستفتاء حول النقطة الاولى والثالثة, ولكن فاتكم ان حق الانفصال يكون:-

1- للقومية الواحدة ولكن الجنوب ليس قومية واحدة

2-انه مرفوض بوصفه يفتت وحدة دولة ناشئة وهذا ضد مبادئ وحدة افريقيا

3- ان المشكلة نتاج لصنع الاستعمار والسودان يجب ان يعطى الفرصه ليبنى نفسه قوة موحدة


رؤية ثاقبة لإنسان استثنائي


.

Post: #68
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: محمد الكامل عبد الحليم
Date: 11-07-2010, 06:13 AM

تحية ...

عبد الخالق كان الرؤيا ...كان الرايات... كان (عطرا للايام الحبلي بعذابات التكوين)....

اي المشارق ام نغازل شمسها ..ونميط عن زيف الغموض خمارها ...اي المشانق لم نزلزل بالثبات وقارها ...اي الاناشيد السماويات لم نشدد لاعراس الجديد بشاشة اوتارها...(كما قال علي عبد القيوم)..يرحمهم الله

Post: #70
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: عبدالله عثمان
Date: 11-07-2010, 09:27 PM
Parent: #68

إتنين من ناسنا .... الشجعان أنا عندي ليهم تقدير بابكر عوض الله وعبدالخالق محجوب

الأستاذ محمود محمد طه متحدثا في محاضرة مسجلة عن موفق الرجلين من الستور الإسلامي المزيف ولكن مع إحترامه لهما يرى أنهما لم يستطيعا المشي في الشوط الى نهايتو (المحاضرة في موقع الفكرة)
www.alfikra.org

Post: #71
Title: Re: من اقوال ومآثر الشهيد عبدالخالق محجوب
Author: Amani Al Ajab
Date: 11-07-2010, 11:16 PM
Parent: #70

شيء ما
طيف "محجوب" آخر تحديث:الاثنين ,01/06/2009

حسن مدن

الذي مات أمس الأول هو الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري، لكن يحضر في الذهن الآن طيف واسم رجل آخر من السودان اسمه عبدالخالق محجوب، علقه النميري على المشنقة منذ نحو أربعين عاماً، هو والشفيع أحمد الشيخ زوج القائدة النسوية فاطمة إبراهيم .

محجوب هو أكثر وجوه السياسة والوطنية في السودان إشراقاً، والشفيع خرج من صفوف عمال سكك الحديد ليؤسس للسودانيين نقاباتهم ويُدربهم على النضال المطلبي، والتف حبل المشنقة إياها على أعناق رفاق آخرين لهما .

يومها كتب الشهيد الكبير كمال جنبلاط مقالاً مطولاً في “النهار” البيروتية، قرأه اللبنانيون والعرب، استفظع فيه هول ما حدث: كيف تجرأ النميري على أن يعلق على المشنقة عبدالخالق محجوب، وهو رجل الحوار والوعي المتقد، الذي أعطى السودان واحداً من أهم تياراتها السياسية .

ما زلت أذكر أن الشاعر محمد الفيتوري أتى البحرين بعد تلك الفاجعة بسنوات قليلة جداً، وأقام فيها أمسيات شعرية، في المنامة العاصمة وفي المحرق، وكذلك في القرى، وفي كل تلك الأمسيات ألقى قصيدته الرائعة في رثاء محجوب .

واحدة من هذه الأمسيات أقيمت في قرية بعيدة، لم تكن شوارعها مضاءة بعد، وفي ليلة ممطرة، لكن المطر لم يمنع الناس من الحضور الكثيف . حين همّ الفيتوري بالنزول عن المنصة في ختام الأمسية من دون أن يلقي القصيدة، فاجأه الجمهور المحتشد في الصالة بإلحاح ألا يبارح مكانه قبل إلقائها .

وبصوتٍ متهدج خاطب الفيتوري محجوباً: “قادماً من بعيد على صهوة الفرس/ الفارس الحلم ذو الحربة الذهبية / يا فارس الحزن مرّغ حوافر خيلك/ فوق مقابرنا الهمجية” .

وعلى لسان محجوب قال: “لا تحفروا لي قبراً/ سأرقد في كل شبر من الأرض/ أرقد كالماء في جسد النيل / أرقد كالشمس فوق حقول بلادي / مثلي أنا ليس يسكن قبرا (000) لا تحفروا لي قبرا / سأصعد مشنقتي / وأغسل بالدم رأسي/ وأقطع كفي/ وأطبعها نجمة فوق واجهة العصر / فوق حوائط تاريخه المائلة / وأبذر قمحي للطير والسابلة” .

صعد عبد الخالق محجوب مشنقته بإباء الرجال وهو لما يزل شاباً، أما النميري فقد عاش عمراً مديداً تقلب فيه بين السلطة، التي قلبت أهوائه يمنة ويسرة، وبين المنفى قبل أن يعود في سنواته الأخيرة إلى الخرطوم .

رحل النميري، أما محجوب فيبقى .

http://www.alkhaleej.ae/portal/149a17a8-5318-4ee8-911e-9a615661ecd6.aspx