الفلسفة الإسلامية والثقافة العربية وأثرهما في المجتمع السوداني

الفلسفة الإسلامية والثقافة العربية وأثرهما في المجتمع السوداني


04-25-2003, 08:24 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=33&msg=1110833351&rn=1


Post: #1
Title: الفلسفة الإسلامية والثقافة العربية وأثرهما في المجتمع السوداني
Author: عاطف عبدالله
Date: 04-25-2003, 08:24 PM
Parent: #0

هل للإسلام والعروبية علاقة بوضعنا الراهن ؟
هل للفلسفة الإسلامية والثقافة العربية دور في الأزمة السودانية السياسية التي نمر بها
هذا سيكون موضوعي القادم ولكن ..........
هل من رأي

Post: #2
Title: Re: الفلسفة الإسلامية والثقافة العربية وأثرهما في المجتمع السوداني
Author: عاطف عبدالله
Date: 04-25-2003, 08:26 PM

في أحد اللقاءات الثقافية بمدينة أبوظبي والتي ألف السودانيين حضورها والتحضير لها ، وكانت الحوار ساخنا يدور حول الهٌوية والثقافة السودانية طرح أحد الحاضرين تساؤل حول جدوى وجود السودان بمنظمتي جامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي وهل الانضواء تحت لواء هاتين المنظمتين عاد بالنفع على السودان ؟ وهل قدمتا ما يساعد على توحيد وتأسيس الدولة وخلق قومية متماسكة ؟ أم أن لهما دوراً في السياسات التي تعمل على تغليب الثقافة العروبية الإسلاماوية على حساب الثقافات الأخرى ، وتزييف الهوية السودانية ذات التضاريس المتنوعة التي لا يمكن بأي حال أن تصفها بأنها عربية العرق أو مسلمة العقيدة بصفة مطلقة أو شبه مطلقة.. ثم تشعب الحوار حتى بدأ البعض يخوض في غمار المحظور عن الثقافة العربية والعقيدة الإسلامية وأثرهما في الوحدة الوطنية وتكوين الهوية السودانية ، وعلاقتهما بالحرب التي تدور رحاها لأكثر من خمسين عاما في السودان .
الذي استوقفني في هذه التساؤلات المشروعة هو أنها لم تعد تدور همسا بل علنا ومن خلال كل المنابر السياسية المختلفة وفي المنتديات الثقافية والصحف وفي الجلسات الخاصة حيث ولع السودانيين المعروف بتناول السياسية ليس فقط كأخبار وأحداث بل بالتحليل حسب المواقف الحزبية والقبلية والجهوية المتنوعة والمتعددة لكل فرد.
قبل الإجابة على تلك الأسئلة لابد من إحاطة تاريخية لسبر أغوار الوجود الثقافي العربي والتداخل اللغوي وانتشار العقيدة الإسلامية في السودان ، وعلاقة الجنوب بالشمال والوحدة الوطنية على ضوء هاتين الركيزتين الإسلام والعروبة.

من خلال هذه الدراسة للمجتمع السوداني سوف أتطرق للمؤثرات التاريخية في تركيبة المجتمع السوداني وأثر الثقافة العربية والإسلامية على تطور ونمو البلاد وبناء الوحدة الوطنية . وسأخوض في المحاور الرئيسية للمتغيرات الكيفية والتحولات النوعية والمحطات التاريخية الكبرى للبلاد وأثرها في الثقافات السودانية وذلك من خلال المحطات التالية :
المحطة الأولى : سقوط الممالك المسيحية وقيام سلطنة الفونج ( التحول من المسيحية للإسلام )
المحطة الثانية : الغزو التركي المصري في القرن التاسع عشر ( تأسيس كيان الدولة الموحدة و الخلافة الإسلامية )
المحطة الثالثة : المهدية ( ثورة الفقراء وعلماء الدين )
المحطة الرابعة : الحكم الثنائي وقانون المناطق المغلقة وأثره في انتشار الثقافة العربية والإسلامية في الجنوب
المحطة الخامسة : الاستقلال والحكومات الوطنية واستغلال الدين في أغراض سياسية
المحطة الختامية : محاولة الإجابة على التساؤل الكبير هل اللغة العربية والديانة الإسلامية هما العائق في طريق الوحدة الوطنية ؟ وما هو أثرهما في الوحدة الوطنية وتكوين الهوية السودانية ، وعلاقتهما بالحرب التي تدور رحاها لأكثر من خمسين عاما في السودان .

Post: #3
Title: Re: الفلسفة الإسلامية والثقافة العربية وأثرهما في المجتمع السوداني
Author: حسن الجزولي
Date: 04-26-2003, 01:01 AM

عاطف عبدالاااااااااااااا

انا حاركب فى المحطه الخامسه وحا انزل فى الاخيره .. ارح .. دور

حسن

Post: #4
Title: Re: الفلسفة الإسلامية والثقافة العربية وأثرهما في المجتمع السوداني
Author: عاطف عبدالله
Date: 04-26-2003, 09:52 AM
Parent: #3

المحطة الأولى
( التحول من المسيحية للإسلام )
انتشار اللغة والثقافة العربية في الشمال
عرف السودان في العهد الوسيط ثلاثة ممالك مسيحية هي نوباطيا أو نوباديا وعاصمتها فرس، والثانية في أقليم دنقلا وهي المقره وعاصمتها دنقلا العجوز ، والثالثة علوة وعاصمتها سوبا جنوب شرق الخرطوم . وقد ظلت هذه الممالك على ولائها للكنيسة القبطية المصرية وكان ملوكها يعتبرون أنفسهم حواريين وحماة بطريرك الإسكندرية أي أن الملوك هم أيضا القساوسة ولهم السلطتين الدنيوية والروحية . وكانت اللغة الإغريقية هي أداة نشر التعاليم المسيحية إلى أن استبدلت في تاريخ متأخر باللغة النوبية لتصبح هي لغة الكنيسة (2) Gadalla F.F. Egyption to Nubian Christianity in Sudan and record 1959 vol (1) تاريخ الحركة الوطنية في السودان البروفيسور محمد عمر بشير ص 9
نشأت علاقات بين هذه الممالك وبلاد العرب قبل ظهور الإسلام بأمد بعيد حيث عرفت القوافل العربية طريقها إليهم عن طريق البحر الأحمر وعن طريق باب المندب ومن خلال الطريق البري عبر صحراء سيناء.

بعد أن فتح المسلمين مصر بقيادة عمرو بن العاص في القرن السادس الميلادي وقفت فيالق جيشه بقيادة عقبة بن نافع في 642 م. ووجهت أسلحتها صوب جنوب الوادي واخذ ت جنده تنناوش وتهاوش في مدن وقرى الممالك المسيحية .. ولما كان رماة الحدق من الحذق والصلابة والمتانة بحيث صعب الأمر على جيوش المسلمين فتح تلك الممالك ، ذهب دهاة العرب بأن يعقدوا مع هؤلاء النوبيون اتفاقا يجعل من أرضهم أرض صلح لا هي سلم ولا هي أرض حرب وبذلك تأمن شرورهم على تجارتهم ويسمح لتجارهم ومعدنيهم بالاتجار والتعدين والتنقل في هذه الممالك المسيحية فأتفق الطرفان على هدنة ، وبعد أن غادر عمرو بن العاص مصر وخلفه عبد الله بن أبي السرح نقض النوبيون الهدنة. فجرد لهم أبن أبي السرح جيشا وحاصر دنقلا العجوز سنة 652 م.ورماها بالمنجنيق حتى طلب ملكها قليدوروث الصلح. فوافق على شروط المسلمين وكانت الاتفاقية التاريخية التي عرفت بالبقط .
تضمنت الاتفاقية على عدة بنود أهمها أن لا يعتدي المسلمون على ممالك النوبة المسيحية، وأن يدخل النوبة بلاد المسلمين عابرين غير مقيمين فيها، وعلى النوبة حفظ من نزل ببلادهم من المسلمين أو المعاهدين حتى يخرج منها ، وعليهم رد كل آبق دخل بلادهم من عبيد المسلمين وعليهم حفظ المسجد الذي بناه المسلمون بدنقلا وكنسه وإسراجه ( إضاءته ) وتكرمته وألا يمنعوا عنه مصليا ، كما أمنت إتفاقية البقط لوالي المسلمين ثلاثمائة وستين رأس من الرقيق سنويا يكون فيهم ذكران وإناث ليس فيهم شيخ هرم ولا عجوز ولا طفل لم يبلغ الحلم ، كما وافق والي المسلمين على أن يتبرعوا بأمداد النوبة سنويا بكميات من الحبوب والملابس ( 1) السودان عبر القرون – بروفسير مكي شبيكة ص . 30.
كما عقد المسلمون إتفاقا مع النوبة فعلوا كذلك مع البجة ، وحتى يؤمن المسلمون حدودهم على الصحراء وبعد أن كثرت غارات البجاويين على الحدود الجنوبية لمصر، صالحهم أبن الحبحاب في 725 م. بعهد يدفع بموجبه البجة ثلاثمائة رأس من الإبل الصغيرة وأن يجتازوا الريف تجارا عابرين غير مقيمين وألا يقتلوا مسلما أو ذميا وألا يؤوا من عبيد المسلمين ، وأن يظل وكيلهم في الريف رهينة في يد المسلمين .
ظلت هذا العهد مكان أحترام حتى عهد الخليفة العباسي المأمون ، حين جدد البجة غاراتهم على أسوان . فجرد عليهم الخليفة حملة بقيادةعبد الله بن أبي الجهم سنة 841 م. وبعدها أملا عليهم شروطا صارت الأرض ومن فيها من حدود أسوان على البحر الأحمر حتى ميناء ( مصوع ) ملكا للخليفة وأن يكون كنون بن عبد العزيز ملك البجة هو وأهل بلده عبيدا لخليفة المسلمين . وعلى ملك البجة أن يؤدي خراجا سنويا مقداره مائة من الإبل أو 300 دينار ، وأن يحترم البجة الإسلام ، وألا يعينوا أحدا على المسلمين وألا يقتلوا مسلما أو ذميا حرا أو عبدا في أرض البجة أو في النوبة أو مصر ، وعليهم تأمين حياة المسلمين العابرين والمقيمين ببلادهم ، وإذا دخل البجة صعيد مصر مجتازين أو تجارا لا يظهرون سلاحا ولا يدخلون المدائن والقرى وألا يهدموا المساجد التي ابتناها المسلمون في أرضهم وعلى ملكهم كنون أن يدخل عمال أمير المؤمنين بلاد البجا لقبض صدقات من أسلم من البجة.
ومما يتضح من تلك الاتفاقيات والعهود أن الإسلام قد شق طريقه في هذه الممالك قبل إبرامها بدليل وجود المساجد التي حمتها تلك العهود والمسلمين الذين يدفعون الزكاة والصدقات لعمال المسلمين. وكانت تلك هي البدايات للتغلغل الثقافي العربي والإسلامي في المنطقة ، أما الهجرات الأولي فكانت ضعيفة الأثر

لقد انتشر الإسلام في تلك الممالك السودانية ، وأخذت المسيحية فيها تخبوا وتتآكل بعد أن انقطعت بها السبل بالعالم المسيحي ، وتوقف أي امداد جديد لها برجال الدين حيث لم تتطور مدارس دينية داخلية وكانت الكنائس تعتمد على المنوفستية المصرية ، وكانت وظائفها تملأ بالقسس الذين يختارهم الرهبان المصريين ولقد انقطع كل ذلك بسبب انقطاع العلاقات مع الإسكندرية في زمن الحاكم بأمر الله . هذا بالإضافة إلى الغربة التي يعيشها الشعب من خلال عبادته ا
لتي تتم باللغة اليونانية التي يجهلها حتى تحولت العبادة إلى مجرد شكل فاقد لأي حيوية وصدق. ويصف الرحالة البرتغالي فرنسيسكو الفاريز في أوائل القرن السادس عشر ما آلت إليه الكنيسة المسيحية في علوة حيث يقول ( ان أولئك النوبيون يجهلون دينهم فلا هم بالمسيحيين ولا هم بالمسلمين أو اليهود ....) وقد حاول ملوكها في 1522 م. اللجوء إلى النجاشي ( برستر جونا ) ملك الحبشة ليرسل لهم قساوسة ليعلمونهم أمور دينهم بعد أن فشلوا في الحصول عليهم من الإسكندرية ، ولم يلبي النجاشي طلبهم لعدم توفرهم لديه ورد عليهم " أنه يعتمد على البطريرك في بلاد المسلمين (من الإسكندية ) فكيف يعطيهم من يتفضل بهم عليه غيره" .. وقد تقلصت عدد الكنائس بعلوة في آخر أيامها من 400 كنيسة كما كانت في القرن الثالث عشر إلى مائة وخمسين كنيسة كانت تحمل جدرانها صور السيد المسيح في مطلع القرن السادس عشر. وفي المقرة تأسس أول حكم إسلامي حيث اختلط العرب بالنوبة وزالت تقاليد الحكم التي كانت على أساس إقليمي فتحولت للنظام القبلي وتقسمت البلاد إلى إمارات حيث طابع النعرات القبلية كان له الغلبة دون حكم مركزي موحد، واعتناق النوبة للإسلام واختلاطهم بالعرب كما حدث مع البجة أحتفظوا بطابعهم التقليدي ولغاتهم وتأقلم معهم الذين من أصل عربي . والعربي في كل مكان يحل به يحتفظ بنسبه القبلي ومهما ابتعد عن وطنه الأصلي ( زمانا ومكانا ) فإن قوميته العربية تأتي أولا وثانيا تأتي القبيلة أو البطن من القبيلة . وحينما تركزت تلك القبائل في موطنها الجديد وامتزجت واختلطت بالسكان الأصليين الذين اعتنقوا الإسلام أصبح لا مكان لرجل لا ينتمي لقبيلة معروفة، والتف جميع السكان حول زعامة القبيلة المتغلبة في أقاليمهم وانصهروا فيها ، وبمرور الزمن ما كانوا يختلفون عن أفرادها وبذلك تكونت المجموعات العربية المختلفة في مواطنها الحالية في السودان الأوسط وتكونت إمارات ومشيخات عديدة كل منها مستقل عن الأخرى عندما بدأ الفونج يبسطون نفوذهم على البلاد. (4) الدكتور مكي شبيكة السودان عبر القرون ص 57- 58

حدث التحول من المسيحية إلى الإسلام نتيجة عوامل عديدة أهمها أضمحلال المسيحية وإنكفاءها على نفسها بعد أن فتح المسلمين مصر وتحول عقيدة أهلها من المسيحية إلى الإسلام وثاني هذه العوامل سياسة التوطين والهجرة العربية للسودان فحين ولج التجار العرب إلى ممالكه وجدوا فيها وادي ذي زرع وأراضي تجري من تحتها الأنهار ، فطاب لهم المقام وأستقر بهم الحال فتزوجوا من نساء أهلها الأصليين وصاهروا ملوكها وأمراءها ونشروا دعوتهم وعمموا ثقافتهم حتى تداعت آخر الممالك المسيحية القديمة في علوة والمقرة وأقاموا على أنقاضهما مملكة إسلامية ذات ملامح عربيه وزنجية (تحالف العبدلاب مع العنج ) عرفها التاريخ الوسيط باسم مملكة الفونج أو السلطنة الزرقاء وعاصمتها سنار . وقد أورد الرحالة ت . كرمب بعض ما شاهده في سنار في 1701 م . فقال ( وعلى المرء أن يعلم أن سنار تكاد تكون أعظم مدينة تجارية في أفريقيا قاطبة ، حيث يستمر توافد القوافل من القاهرة ودنقلا والنوبة والهند والبحر الأحمر وبرنو وفزان وممالك أخرى . أنها مدينة مفتوحة ويمكن للناس من أي جنسية كانوا أن يعيشوا فيها دون أي عراقيل . وهي أكثر المدن المأهولة بالسكان بعد القاهرة .....) ثم يرسم صورة دقيقة لسوق سنار ، ودقة نظام التجارة وتبادل السلع . أما سوق الرقيق فيذكر ( .. وفي السوق يباع الرقيق ، الذكور والإناث ، من كل الأعمار كما تباع الأبقار ......ويساق كل يوم مائتان أو ثلاثمائة منهم للنخاسة ... أما الجواري فإن التجار الأتراك ، وبمقتضى شرعهم ، يقضون منهن وطرهم وشهواتهم ثم يبيعوهن في بلدان أخرى مثل مصر والهند .. ) وذلك ما أورده الأستاذ محمد إبراهيم نقد في بحثه التوثيقي القيم علاقات الرق في المجتمع السوداني ص 64

لقد كان هناك امتصاص تدريجي للعرب من قبل النوبيين في الشمال والسود في الوسط والبجة في الشرق وكل مجموعة قبلية بالرغم من احتفاظها بسماتها وملامحها الثقافية إلا أنها باتت تفاخر بأصول لها عربية وتنسب نفسها لأحدى البطون العربية العريقة متناسية ومتنكرة لجذورها الأفريقية الزنجية إلا فيما ندر. ولقد لعبت اللغة والثقافة العربية والعقيدة الإسلامية دورا كبيرا في توحيد الممالك والمشيخات الشمالية والمكونة لسلطنة الفونج ، وقد تفاوت تأثير العرب وثقافتهم ( اللغوية ) من قبيلة إلى أخرى ومن إقليم إلى آخر وعلى الرغم من نفوذ اللغة العربية باعتبارها لغة الإسلام والمعاملات التجارية ، إلا أن اتخاذها لغة الأغلبية الرسمية عملية استغرقت عدة أجيال ، ذلك أن كثير من القبائل السودانية في الشمال ظلت تستخدم لغاتها المحلية في التخاطب ونجد النوبيين والبجة و الذين كانوا الأكثر تلاحماً وارتباطا بالعرب ظلوا يستخدمون لغاتهم الخاصة في التخاطب ومازالوا يستخدمونها في مخاطباتهم وفي إبداعاتهم الفنية الشعرية والغنائية حتى اليوم، ولا ننسى أن الأستاذ الموسيقار محمد وردي قد منح قبل عدة سنوات جائزة بابلوا نيرودا للشعر الشعبي ، ووردي لم يعرف شاعرا إلا في نطاق اللغة النوبية حيث له مؤلفات شعرية وغناءية عديدة بتلك اللغة وهي تعد له لغته الأم.

Post: #5
Title: Re: الفلسفة الإسلامية والثقافة العربية وأثرهما في المجتمع السوداني
Author: عاطف عبدالله
Date: 04-27-2003, 04:28 PM
Parent: #4

****