تابيتا بطرس .. دعوة لزيارة عنبر الحوادث .. ]خالد حسن لقمان

خالد حسن لقمان
.
تابيتا بطرس .. دعوة لزيارة عنبر الحوادث !!

يوم عاصف ومزعج سيواجه من يدفعه قدره للدخول ( مرافقاً لأحد أقاربه أو معارفه ) لمستشفيات البلاد الحكومية بالخرطوم .. لن يرحب بك أحد .. الجميع فى وجهك عابسون ومتجهمون ومنقضون عليك بتعبيراتهم العدائية وكلماتهم الصارخة .. تخاف أن يوقفك هذا أو يمنعك هذا أو حتى يطردك احدهم .. مريضك يتأوه أمامك راقداً أو قاعداً على الأرض أو ان كان محظوظاً فهو مسجى على هيكل حديدي رباعي الشكل بالكاد تتعرف عليه على أنه مخصص لنقل المرضى الى عنبر الحوادث وهذا ان دخلته فأنت فى قلب عاصفة حقيقية أصواتها تأوهات المرضى وصرخاتهم وأمطارها دموع الثكالى المودعين لأقاربهم من آباء وأبناء مفارقين للحياة فى قلب هذه الفوضى العارمة .. ستمكث أمام مريضك حائراً .. من سيتولى أمره .. ؟! .. لا أحد يجيبك .. عدد من أطباء الامتياز من الفتيات والفتيان يتبادلون فيما بينهم الحديث الذى لا يخلو من الضحكات المجلجلة والهمسات الخجولة أكثر من ما يلتفتون لمرضاهم ولأ أحد منهم يجرؤ على الحديث اليك عن حال مريضك والكلمة تبقى للطبيب العمومي الغائب .. ولكن متى يأتي هذا ؟! أكثر من ثلاث ساعات ستنتظر قبل أن تتشرف الساحة ( الملجة ) بقدوم هذا المبجل الذى سرعان ما ستلتقي حوله العيون راجية ومتوسلة .. أكثر من خمسين مريضاً بينهم من هو بين يديك ينتظرون دورهم ..

.. يومك لن ينتهي هكذا بمقدم الطبيب العمومي ومروره على مريضك بعد انتظار طويل ومرهق ولكن الجزء الأكبر من عاصفتك لم يبدأ بعد.. ستتسلم بعدها يا صاحبي خمس وريقات حمراء تماماً كلون الدم الذى يملأ المكان ببقعه ورائحته .. عليك أن تبدأ الآن رحلتك المارثونية

.. المطلوب منك أولاً احضار حقن بلاستيكية فارغة لسحب عينات من دم مريضك .. هذا سيتطلب العدو مسرعاً لاحدى الاجزخانات القريبة من المستشفى ( على شارع الاسبتالية العتيق ) ولكن يجب عليك هنا أن لا تنسى احضار لفة من القطن الطبي والا فستعيد الكرة مجدداً .. أنت الآن أكملت الدورة الأولى .. بين يديك الآن أربع وريقات وقبل أن تعود لمعرفة نتيجة فحص الدم ستذهب لاحضار قارورات زجاجية صغيرة لأخذ عينات الفسحة والبول .. ثم عد لمريضك لتجاهد معه لإخراج العينات ( على مرأى من الناس .. ولا حرج .. !! ).. ستذهب بعد ذلك حتماً للمعمل لتسليم ما ظفرت به .. مبروك أنت تتقدم بنجاح .. الآن عليك أن تسحب من جيبك الورقة الثالثة .. هذه الورقة لرسم القلب .. أين رسم القلب .. ؟؟ .. السابع ممن ستسأل سيجيبك .. هنا ستخوض معركة ضارية .. الممرضة المسئولة تعلنك حاجتها لساعة من الزمان لملء الجهاز والكهرباء متذبذبة وربما تقطع فى أية لحظة .. ماذا ستفعل .. ستنتظر .. ليس أمامك خيار .. الممرضة بعد فراغها من افطارها تعلنك ضرورة احضار مريضك من عنبر الحوادث الى مكتب جهاز رسم القلب .. يجب عليك الآن أن تعود للبحث عن (نقالة ) ذلك الهيكل الرباعي الشكل الذى رأيته عند قدومك أتذكره .. ؟؟ أبحث عنه الآن ولكن نوصيك فى هذه المرحلة بالمزيد من ضبط النفس والأعصاب .. كن حضارياً أنت فى مستشفى .. ولكن .. ( .. لا توجد نقالة كل النقالات خرجت ) هذه هى اجابة من قبل أن يتبرع عليك باجابة .. ماذا تفعل .. ستعود متوسلاً للمسئولة عن الجهاز راجياً أو صارخاً ( هنا نسمح لك بالصراخ فقد تجاوز الأمر حدوده .. اصرخ ولكن بهدوء .. أنت متحضر ) طالباً باحضار الجهاز لمريضك فى عنبر الحوادث لأن الحالة طارئة .. هذه هى الشفرة المناسبة .. أخيراً سيتم الأمر بسلام .. مبروك أنت تتقدم الآن بتفوق .. بين يديك الآن ورقتان .. الأولى للأشعة .. أين الأشعة .. السؤال العبيط يتكرر وعيناك فى محجريهما تتحركان فى كل مكان حتى تجد ما تريد ولكن مريضك عليه هذه المرة أن يحضر بنفسه فكيف سينتقل الجهاز اليه.. سؤال منطقي عليك أن تقبله ولكن كيف ستأخذ مريضك الى الجهاز لأخذ الأشعة .. سؤال أيضاً منطقي وعلى أحدهم أن يجيب ..

أنظر هذه

نقالة فارغة يسرع بها صاحبها وبعرجتها عائداً من البوابة .. أسرع وعده ( بشىء ) ليحل لك المعضلة .. نعم أنت تتعلم الآن أصول اللعبة .. نجحت مبروك للمرة الرابعة .. الآن اسحب ورقتك الأخيرة .. آآه .. هذه الورقة مكتوب عليها ما يفيد بضرورة أخذ صورة مقطعية للدماغ .. أين الدماغ .. أين الدماغ .. ولكن عن أى دماغ تبحث الآن ..؟؟ عن دماغ مريضك أم عن دماغك أنت أم عن دماغ هذا البلد وهذه الأمة .. أمة الأمجاد والبترول والسدود والصناعات والمشاريع الضخمة والمدن الأسمنتية و .. هلم مجرا .. ماذا يحدث .. ؟؟ لماذا كل هذا الصراخ بتطور الخدمات الصحية والعلاجية بالبلاد وهذا المشهد يتكرر يومياً فى أكبر مستشفياتنا .. كيف لم ينعكس تطورنا الاقتصادي وحصولنا على أفضل المواقع جذباً للاستثمارات الأجنبية وجلوسنا فى مقدمة الدول العربية فى معدلات النمو الاقتصادي على حال انساننا أو على الأقل على انساننا المريض ..؟ كيف يستقيم الأمر فيما يبشروننا كل يوم بقفزة فى قطاع النفط بدخول حقول جديدة للعمل ..؟ أين تذهب الأموال العائدة من هذه الحقول ان لم تذهب لانسان هذا البلد المغلوب على أمره؟ ..

يا سيدتي وزيرة الصحة تابيتا بطرس .. كل هذه الأسئلة تحملينها على رأسك او هكذا يجب أن يكون الأمر .. هل قمتِ يا سيدتي بزيارة عنابر الحوادث فى مستشفياتنا الكبرى ..؟؟ هل رأيتِ ما رأينا .. هل سمعتِ ما سمعنا .. الآلام والجراحات والتأوهات وكبار السن الذين بذلوا حياتهم وسنوات عمرهم الفتى من أجلنا ومن أجل البلاد .. لأ شىء يميزهم يا سيدتي فى هذه الفوضى .. يسحبون على الأرض ويمددون على النقالات وينتظرون دورهم ليمر عليهم الطبيب العمومي بعد ثلاث ساعات يقضونها مع آلامهم المبرّحة .. لماذا لا تميزين هذه الفئة وتكرمينها بوضعية خاصة فى المستشفيات .. ؟؟ هذ أقل ما يمكن أن نرد به العرفان لمن قدم وبذل وأعطى للبلاد .. والا فلن تجد البلاد من يقدم لها جهده وعلمه وزهرة سنوات عمره ليجد نفسه يوماً مسجى كما الجثمان الهالك فى عنبر الحوادث وكل هوام الدنيا وصراخها حوله بلا رحمة أو شفقة

..!! وليس كبار السن فقط ولكن الجميع يحتاجون الآن لأخذ حقهم كاملاً من العناية والرعاية الصحية من حر مال الدولة وليس فى المستوصفات والمستشفيات الخاصة التى أصبحت تجارة تمارس بأبشع صورها فى ميدان انساني صرف لا علاقة له البتة بحسابات السوق ومرابحاته وأرقامه .. وهذا هو حق الشعب على حكومته ودولته والا فما حاجته للحكومة والدولة ان لم توفر له الحد الأدنى من العيش الكريم .. ؟؟

سيدتي تابيتا بطرس .. ان أسوأ ما يمكن أن يعيشه المجتمع هو بلا شك التباين الطبقي المريع فى تقديم الخدمات الصحية والعلاجية ووضعنا الآن يعبر عن هذا بأبشع صوره .. من يملك المال يستطيع أن يجد كل العناية الطبية الممكنة ومن لا يملك ليس أمامه الا أن ينتظر قدره وقدر مريضه حتى يأخذ الله أمانته .. ولا حرج أن يبحث من يملك المال على أفضل الخدمات الصحية والعلاجية ولكن الحرج كله فى أن لا توفر الدولة لمواطنها فرصة العلاج الكريمة وهذا هو دورك الذى يجب أن تنهضين به وتصرخين به فى وجه الجميع .. وليعلو صراخك الآن ليملأ الآفاق .. ولتحددي سيدتي الوزيرة يوماً واحداً فقط خلال الأسبوع تقومين فيه بزيارة مفاجئة للمستشفيات الحكومية ولا تنسين عنبر الحوادث .. لا تصطحبي معك أحداً فالبروتوكولات وجيوش التشريفة ستفسد عليك غرض الزيارة .. قومي بالزيارة وحدك ولو كان معك مريض يصبح الأمر أفضل فعندها ستتسلمين الوريقات الخمس وتبدأين الرحلة المارثونية المجنونة التى تبدأ من تجهمات الاستقبال وعثراته الى مرحلة الكشف عن الدماغ.

وليحمي الله دماغك ودماغنا ودماغ البلد من الانفجار

http://www.rayaam.net/articles/article24.htm

نزار يوسف
تحياتى
الحقيقه ما ذكرته كان واقعا قديما الا اننى استغرب ان يكون مستمر فى وجود السيده(تابيتا بطرس) هذه المراه قد قابلتها اكثر من مرتين وقد توجهت اليها بعدة اسئله عنيفة وواقعيه ولقد اندهشت لشفافيتها ووضوحها ولاول مره اقابل وزير او مسئول يرد عليك دون فلسفه او لف ودوران ولقد لمست الكثير من الانجازات والخطوات التى خطتها لترتيب هذه الوزاره الحيويه بالرغم من تحركات الديناصورات الاداريه من تحتها حتى يتم تطفيشها لانها تعاملت بشفافيه ووضوح وحساب دقيق وهذه الديناصورات التى لها فوائده التاريخيه من الوزاره ولايحتملون اى محاسبه لابد ان يزيحوا اى مسئول قوى ويؤدى عمله بشرف ومسئوليه
ولقد اكد لى عدد كبير من الاطباء والذين نعموا فى عهدها بالبعثات العلميه الى الدول المتقدمه طبيا بعد ان كاد الناس ان ينسوا امر تاهيل الاطباء ولقد حدثت اخطاء كثيره من اطباء داخل السودان كلفت الدول الكثير من العمله الصعبه وهذا يرجع لمعالجة الخطا الذى ارتكبه طبيب لم يتاهل او يتطور، هذه المراه بدات بالادارات ثم الاطباء وفى طريقها للممرضين والمعدات وفنيي المعامل ...ولقد ذكرت بلسانها انه اذا اردنا التطور علينا استعمال سلاح الشفافية والمحاسبه.والتطوير ...
لذا اقول كيف ان تكون الحوادث بهذه الصوره وعليك الانتباه للثعابين ويجب ان تكون الاداره فى الحوادث خصوصا على مستوى عالى
وناسف لسماع مثل هذا الواقع

الأخ عبد الغفار عبدالله

Quote: تحركات الديناصورات الاداريه من تحتها حتى يتم تطفيشها

هذا هو بيت القصيد.. فالوكيل عبد الله سيد أحمد يظن أن الوزارة ملكه وكاتب المقال
ينطبق عليه القول "عينك فى الفيل وتطعن فى ظله"

كمل ....

بحرنا واسع الاتساع شديد الملوحه

Quote: [ هذا الواقع]

الأعزاء المتداخلون
الحديث عن المرض والمريض والممرض والممارض هو حديث ممتد متشعب.... وممرض أيضا!!!!1
لكن بعض النقاط إن أردنا لمس العصب الحي:-
1-الخلل في المستشفيات مركب، ابتداء من التعليم: كليات الطب والتمريض الخ....
2-أسس التوظيف المختلة في عهد الخدمة المدنية الحديثة.
اللوم لا يقع على أطباء الإمتياز فقط أو على الأطباء العموميون، إنما أعمق من كدة خالص. وتخيل معي أن طبقية العلاج لا تقتصر في تأثيرها على المريض فقط، بل على المعالج أيضا. العمومي الذي يعاين في اليوم الواحد مايقارب 100 مريض يتقاضى 824ألف جنيه في الشهر، واللله العظيم .

أما إذا أردنا الفضفضة الجوف مليان، التقول (حبن).

الأخ شهاب الفاتح
مصيبتنا بعد "الواقع" طناش الجهات المعنية
وعندما تتحرك تقوم بفتح بلاغ ضد من ساط الضوء.

نزار يوسف والمتداخلون الكرام

تصدق قبل سنة ونص كنت مرافقة لأختى فى مستشفى سوبا الجامعى، طلب الطبيب اجراء فحوصات عاجلة

للمريضة المنومة فى المستشفى..واليوم كان جمعة...حيث من المفترض ان يعمل فقط معمل الطوارىء...

ذهبنا لمعمل الطوارىء... وكان الرد:-

الجهاز الوحيد متعطل !!!!!!!!!!!!!!!!!

والحل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

تاخدوا العينات تودوها الخرطوم ...وتجيبوا النتيجة للدكتور!!!!!!!!!!!!!

طبعا زى ما قلت ليك...اليوم كان جمعة....والمواصلات العامة من والى مستشفى سوبا لا تعمل...وكان الله

فى عون محمد احمد....الذى لا يملك سيارة!!!!!!!!!!!!

تحياتى

Quote: .وكان الله فى عون محمد احمد....الذى لا يملك سيارة!!!!!!!!!!!!

هذه هي الجريمة النكراء ! ما يحدث في المستشفيات الحكومية لا يقل عن جرائم القتل والإغتصاب والسرقة المسلحة شناعة وفظاعة!

نريد خدمات طبية تليق وإنسان السودان في كل ربوع الوطن!

الخدمات الطبية أقل واجب على الدولة يجب توفيره للمواطنين!!!!

ولكن الفساد المستشري في جسد الدولة لن يسمح بتقديم أي خدمات للمواطنين !!

إنها والله قمة الإهانة والذل أن لا يجد المواطن البسيط ما يليق به من خدمة طبية تعيد له صحته أولا، وثقته في الدولة وأهلها!!!!

حاربوا الفساد يا رجال الدولة وأبتروه دون تردد! فالوضع أصبح خطيرا جدا جدا!

وزارة العدل هي أس الفساد في البلاد وهي المنوط بها العدالة والشفافية!

الشرطة غارقة في الخطط الإسكانية لمنسوبيها ولخدمة التوصيل لمنسوبيها! تاركة واجبها في التحقق من الفساد في أي مكان وفي أي وسط مهما كان !!!

رجالات الدولة منهمكون في لم المال الحرام من (التكية) متناسين يوم الحساب العظيم أمام الجليل الرحيم.

اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك وأنزل علينا غيثا من السماء يا رب العالمين! (( غيثا من شفافية وعدل)).

هشام