هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم

هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم


05-23-2005, 08:48 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=318&msg=1195708677&rn=22


Post: #1
Title: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: tmbis
Date: 05-23-2005, 08:48 AM
Parent: #0

هل السودان حالة ميئوس منها .. أم ما يزال هناك ضوء في نهاية النفق؟؟



Post: #2
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: tmbis
Date: 05-23-2005, 08:58 AM
Parent: #1

هل السودان حالة ميئوس منها .. أم ما يزال هناك ضوء في نهاية النفق؟؟


بنظرة لما دار ويدور في سوداننا الحبيب وما فيه من تباعد في وجهات النظر حتى في ما يجب أن يكون معلوماً بالضرورة في مبادئ الحياة والعلاقات الإنسانية وأصول التعامل الأخلاقي وأساسيات البناء الوطني .. و لما يدور فيه من حروب ومآسي ومجاعات وجهل وفقر ومرض وقيادات هائمة ومستقبل غامض .. بالنظر لهذا وذاك تصاب بالأسف والإحباط وتحس كأن حياتنا كلها رواية عبثية لألبير كامو أو مسرحية قلقة لبول سارتر .. كأن ما مر من تاريخ وأحداث لا يعني شيئا .. افتقدنا الحس التاريخي والشعور بالزمن ومعنى الانتماء والمكان .. كل ما حولنا يدعو لليأس والانصراف .. كأننا نقول مع ايفان ستراود في مسرحية "الحياة السرية" عندما صرخ قائلا " يا الهي خذ حياتنا فإننا لسنا أفضل من آبائنا " ..
ولكن رغم ذلك نظل دائما في تفاؤل وأمل في صباح يعقب هذا الليل الطويل ونتذكر كلمات لغاندي كان يرددها كل ما مسه القنوط "كلما أحسست باليأس أو أصابني الإحباط .. تذكرت أنه وطوال التاريخ فإن سبيل الحق والخير هو المنتصر" . كل الأمم مرت بفترات سوداء في تاريخها قبل أن تشرق شمسها ..
عندما قامت الثورة الفرنسية وخرجت بها أوربا من ظلام حالك إلى نور أضاء كل جنبات الدنيا وغيِّر وجه الحياة والتاريخ .. كان رواد الثورة على وعي كامل بأزمة أمتهم والمنهج الذي يمكن أن يتجاوزا به الإقطاع والحروب الأهلية والمظالم ..كانوا على وعي بتاريخهم السياسي وتاريخهم الاجتماعي الذي أفرز هذا الواقع المظلم .. فكان المنهج الفكري العقلاني لديكارت والمنهج التجريبي لفرانسيس بيكون .. انتصرت أفكارهم لأنها حددت العلاقة بين الديني والدنيوي .. بين الفكرة والواقع .. بين النظرية والتطبيق .. حدثت بدايات هذه الثورة قبل أربعمائة سنة تقريبا ونحن الآن في هذه النقطة التاريخية التي تجاوزتها اوروبا قبل ثلاثمائة عام وأهم سؤال فيها هو هل الحياة من أجل الدين .. أم أن الدين من أجل الحياة؟
إننا نعيش أزمة وطن ومواطنة .. أزمة منهج .. وأزمة هوية .. فإذا تجاوزنا موضوع الهوية بعيدا عن عمقها الاجتماعي وتفسيراتها الأكاديمية وقلنا إن هويتنا هذا الوطن .. فإننا نحتاج إلى منهجية متكاملة في التخطيط العلمي الاجتماعي والتربوي والوطني ، تقتضي الإخلاص والأمانة الفكرية والسلوكية وتضافر الجهود والإحساس بقيمة الحياة والإنسان . الحاضر وليد الماضي والمستقبل جنين الحاضر فلننظر أي مستقبل نرعى .. وكلنا يعلم أن الذاتية والمصالح الشخصية هي منافع وقتية قصيرة الأجل لأننا في حيز يتأثر كله ببعضه والمصالح الفردية هي جزء من المصلحة الجماعية .. كما أن العلاقة بين الحاضر والمستقبل هي المعرفة والعمل .. المعرفة بكافة ضروبها من علم وفكر وأدب وفلسفة ودين .. والعمل لتجسيد المثال والنظرية .. لتطبيق الفكرة على الواقع .. والعلاقة بين المعرفة والعمل هي العلاقة بين المفكر والسياسي أو التنفيذي .. فما هي علاقة مفكرينا بساستنا ؟
لكل منا رسالة يؤديها وأمانة يجب أن يبلَِّـغها .. كل ميسر لما خلق له وكل موجود مخلوق لغاية كونية ، فالأمي والمتعلم .. الرجل والمرأة .. الكبير والصغير صاحب أمانة ورسالة "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" .. رسالة تجاه نفسه ومجتمعه وعالمه وبيئته التي يعيش فيها .. كل من هؤلاء ترس في عجلة الحياة ، وحياتنا ليست ملكا خاصا لنا ولكننا نمتلكها وتصبح خاصتنا عندما نتجرد من ذاتيتنا .. عندما نهبها لغيرنا بالتضحية والتفاني .. وهي الحرية ذاتها ، إذ نصبح أحرارا عندما نتخلص من عبودية الذات .. من الأنانية والطمع والجشع والثأر وشهوة الانتقام ..

يتبع ..

Post: #3
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: tmbis
Date: 05-23-2005, 09:06 AM
Parent: #2

في مسار التاريخ ترانا نمر بالأدغال والغابات والمستنقعات .. محن .. كوارث ..ظلام وظلامات .. شرور وأشرار .. ولابد أن نمضي .. لابد لعجلة الزمن أن تدور وفق دوراتها وضروراتها التاريخية زمانا ومكانا .. ولكن كيف الاحتمال؟
إنها جدلية الواقع والمثال وبينهما يكمن سر الفعل والانفعال .. والإنسان مخلوق حالم .. والحلم هنا هو الأمل والطموح واستشراف المستقبل بإرادة نافذة .. لذلك يصنع الإنسان التاريخ والحضارة وفق منظومة من القيم .. صناعة التاريخ هي تجسيد القيم على الأرض .. بتنزيل المثال على الواقع ليحل النور محل الظلام . وذلك يتطلب صبر أيوبي وإرادة فولاذية ..
نسوق هذا الحديث والثقة تتزعزع في اتفاقية السلام والبلاد تعاني التفتت والتشتت والحريق ، ويتضاءل الأمل في وطن مستقر .. حر .. وموَّحد . ورغم إيماننا التام بأن الحرب لا تجدي لأن الشر لا يقتل الشر وأن النار لا تطفئ النار كما يقول تولستوي ، ورغم قناعتنا بالوحدة الوطنية من أجل سودان قوي بتنوعه ، ومتماسك بتمازج ثقافاته وأعراقه ، ورغم يقيننا بالديمقراطية نظاماً للحكم وأنه ليس بيننا من يملك الحقيقة المطلقة أو أنه ظل الله في الأرض . رغم هذا وذاك فأن ساستنا يؤثرون العـوراء على العـيناء ويفضلون عاجل المصلحة والأهواء الشخصية على آجل الوطن المستقر والمجد الزاهر .. ولا مصالحاً أدركوا ولا مجدا . ولعمري ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق .
لذا في تاريخنا الحديث (أقصد بعد الاستقلال) تفتقد أمتنا لعظماء أمثال المهاتما غاندى ونيلسون مانديلا وحتى لأمثال مهاتير محمد وجاك شيراك . نفتقد لرموز وطنية مثل مانديلا الذي قضى سبعاً وعشرون سنة في السجن وقبلها سنوات من النضال وعندما استلم قيادة البلاد سلَّمها بعد دورة رئاسية واحدة تاركاً المجال لجيل آخر ، فلكل زمان رجال . وعندما انفجرت كارثة اغتيال أحد رجاله في المؤتمر الوطني بواسطة الافريكانز البيض بعد اتفاقية السلام مع البيض ، ثارت ثائرة الشعب واشتعلت شرارة كادت أن تقضي على كل ماحققته مسيرة النضال الوطني الطويلة ، وقف مانديلا أمام هذا الشعب الغاضب قائلاً لهم إن كنتم تحترموني وتقدرون حبي لكم فاسمعوا لي .. واستمعوا له وهدأت غضبة الشعب لأنهم يعلمون أنه لم يداهن يوماً أو ينافق ، امتص مانديلا شهوة الانتقام لأنه لم يكن حاقداً طالباً للثأر بل كان مؤمناً بقضية وطنه وشعبه وبالحرية والعدالة الاجتماعية .
نفتقد لرجل مثل غاندي وهو يقدم نفسه فداءاً لوطن الحرية والديمقراطية والتعايش الاجتماعي .. رجل كان يؤمن بأن المسلمين والهندوس هم عيني الهند وعندما سأله أحد الصحفيين في زيارة له لانجلترا لماذا ترتدي هذه "الشلاتيح" أجاب مبتسماً : لأنني أمثل شعباً من العراة والجائعين . وعندما اندلعت أعمال العنف بين الهندوس والمسلمين بعد انقسام الهند أعلن الصيام حتى الموت ، وصام مائة وواحد وعشرون ساعة ، خضع بعدها الجميع لإرادته وعاد بعدها الرضا لنفسه ، استجاب الشعب لغاندي مثلما استجاب لمانديلا لأنه كان رمزا وطنياً يحترمه شعبه بكافة أعراقه وأديانه . ومضى غاندي بعد أن بنى أمة ووطناً وتبعته انديرا غاندي وراجيف غاندي إلى نفس المصير إيماناً بوطنهم وشعبهم وإرادتهم .
فهل السودان حالة ميئوس منها .. أم ما يزال هناك ضوء في نهاية النفق؟
عندما كانت تراود جيل الاستقلال أشواق الحرية لم يكن في تصورهم أنه بعد قرابة الخمسين عاماً من الاستقلال سنكون أسوأ مما كنا عليه أيام الاستعمار . لكنهم عملوا وفق أحلامهم ابتداءً من جمعية اللواء الأبيض ومؤتمر الخريجين ، تساند الساسة والمثقفون والمفكرون أصحاب "الفجر" و"الحضارة " و"السودان الجديد" والتف حولهم عامة الشعب بفطرة سليمة غايتها الكرامة والحرية حتى غادر "الغريب إلى بلده" واستوت سفينة الوطن على جودي الحرية ، وارتفع العلم على سارية القصر وتغنى الجميع "اليوم نرفع راية استقلالنا" . كانت تلك محطة تاريخية للذين يدركون معاني السيرة والتاريخ ، وتاريخيتها في أنها كانت فرصة لبناء الوطن علي أسس متينة لأن التحديات لم تكن بتعقيدات اليوم . تجاهل جيل الاستقلال رغم حماسته ووطنيته مشكلة الجنوب واستسهلوا أمرها وما يزال الوطن وأبناؤه جميعاً يدفعون ثمنها حتى اليوم . ثم طغت أطماع النفوس والرغبات والشهوات واختلفت كلمة القوم ليقفز العسكر على سدة الحكم وتبدأ سٌنة سيئة هي منطق القوة والشمولية والرأي الواحد وتنفتح كارثة من كوارث الوطن وتضيع فرصة لتعلم مبدأ التحاور والتشاور واحترام الآخر .
وبعد ست سنوات من التهافت السياسي يعود الشعب ليقول كلمته مرة أخرى وهتف الناس باسمـك الأخضر يا أكتوبر نغني ، ويظهر جيل آخر ينافس جيل الاستقلال وتزداد حمى الصراع السياسي وصراع الأهواء والمصالح وتتقاصر الهمة الوطنية وتتصاعد مشكلة جنوب السودان وينتهي الأمر بالاستقطاب الديني الحاد حول مسألة الدستور الإسلامي وحل الحزب الشيوعي السوداني ليقفز العسكر مرة أخرى من ثكناتهم إلى القصر الجمهوري . وللمرة الثانية نفشل في الامتحان لأننا لم نكمل منهج السنة الدراسية الأولي بنجاح والفشل في السنة الثانية أعمق لأننا سندمن الفشل بعد ذلك لأن النشأة الضعيفة لا توفر نمواً سليماً ومعافى . لم يدع الصراع الحزبي وصراع الأشخاص في الديمقراطية الثانية فرصة لتحقيق السلام والوحدة الوطنية أو التفكير في التنمية ، فأيَّد الكثير من الناس وبعض السياسيين الانقلاب العسكري لا حباً في العسكرية بل زهداً في الحزبية وديمقراطيتها .
ثم جاءت مايو وكانت نهباً لكل أصحاب الأيديولوجيات من شيوعية وقومية ناصرية وإسلامية ولكنها جميعها كانت تتكسر تحت إرادة الزعيم الأوحد . ويحمد لمايو أنها أوقفت الحرب عشر سنوات وشهدت البلاد شيئاً من التنمية والاستقرار وما ذلك إلا لأنها ضمت في بداية السبعينات كوكبة من الكفاءات الوطنية النادرة أمثال أبيل ألير ، منصور خالد ، جعفر محمد على بخيت ، محي الدين صابر وغيرهم ، هذه الكوكبة التي أعتقد أن الغيرة الوطنية هي التي دفعتها للعمل بغض النظر عن شرعية الحكم . وكعادة الأنظمة العسكرية نقضت مايو غزلها وهدمت بنيانها فانهارت اتفاقية السلام وتصدعت المشاريع وانشغل الزعيم بحماية نظامه ونفسه ولجأ للتكتيكات المرحلية والمناورات السياسية ليختلق ما أسماه بالقوانين الإسلامية وتنتهي البلاد في عهده بمجاعة ويهرب غير مأسوف عليه بعد انتفاضة الشعب في أبريل .
ستة عشر عاماً كانت فترة طويلة أنقطع فيها الشعب عن الديمقراطية التي أخفقنا فيها مرتين وفشلنا في تعلم أبجدياتها ، وانتقلنا إلى الديمقراطية الثالثة والبلاد تشهد أعلى حالات الاستنفار الديني والسياسي والعسكري ، ولم تكن السنوات الأربعة من أبريل 1985 حتى يونيو 1989 كافية لاستيعاب ذلك الاضطراب السياسي ، رغم أن الفرصة كانت مواتية لتحقيق السلام والاستقرار لولا الهدير الإعلامي الهائج للجبهة القومية المدعوم بعاطفة دينية هائلة ضاعت في ضجيجها كوكادام واتفاقية الميرغني- قرنق والمؤتمر الدستوري الذي كانت تعتبره الجبهة من الموبقات وهاهي اليوم تنادي له الجميع ويرفضون لأننا دوماً لا نستبين النصح إلا ضحى الغد . ولو قدَّر للديمقراطية الثالثة أن تستمر لدورة أخرى كان يمكن لنا أن نصل لحل للكثير من المعضلات الوطنية وكان يمكن للشعب أن يقول رأيه في فترة كاملة ويختار بحر إرادته من يمثله لدورتين متتاليتين ، ولكن عدم قناعة البعض بمبدأ الحكم الديمقراطي أجهضت المشروع وتسلقت ما هو غير مشروع ليتواصل التهريج السياسي .
ومن الديمقراطية الثالثة إلى العسكرية الثالثة التي جاءت مع انهيار المنظومة الشيوعية والنظام العالمي الجديد والقطب الواحد وسيطرة الرأسمالية والعولمة . في هذا الجو المحموم يعلن نظام الإنقاذ مشروعه الحضاري ودولته الإسلامية ويعلن حربه على من كان يسميهم بالمتمردين في جنوب السودان . وبعد ما يقارب الستة عشر عاماً هاهي الإنقاذ توقع اتفاقاً مع أعداء الأمس وتوافق على دستور وحكومة قومية وانتخابات ديمقراطية بعد أن هلك النسل وجف الزرع والضرع وصعب الفتق على الراتق . كانت تجربة الإنقاذ مفيدة لأن التاريخ لا يتقدم أحياناُ إلا من أسوأ أبوابه كما يقول هيجل ، لكننا لا نتمنى أن يتقدم تاريخنا من مداخله السيئة .. فهاهي النفوس تكتئب وحماسها يفتر وتتضاءل قدرتها على العطاء ، رغم يقيننا التام بأننا نمضي إلى الله من طرق شتى ونأتيه من أبواب متفرقة وأننا جميعا منه تعالى واليه "الراغبون في الله .. والراغبون عن الله .. ما من الله بد" . المداخل السيئة من التاريخ نلجها عندما نعاند الحقيقة ونتبع الوهم وأهواء النفس .. كقوم موسى عندما كتب عليهم أن يتيهوا في الأرض أربعين عاما .. وقيل لهم اقتلوا أنفسكم .

إن البلاد لن تشهد استقراراً إلا إذا أرسينا دعائم الديمقراطية الحقة ولن يتم ذلك إلا بالإيمان التام بالديمقراطية فكراً وسلوكاً على مستوى الفرد والجماعة . لم يكن فرانسيس فوكوياما مخطئاً عندما زعم أن الديمقراطية هي نهاية التاريخ وأنها السقف الأعلى للتطور السياسي ، فهي النظام الذي يحفظ الحقوق الأساسية وفقاً لواجبات المواطنة ويوفر الإطار الذي يستوعب الاختلاف والتنوع والتعدد ، وأساس الديمقراطية هو الدستور أو القانون الذي يحتكم إليه الجميع ، وقانون الجميع يجب أن يوافق عليه الجميع ولا أقول يضعه الجميع . وإذا تراضى الناس على الدستور أقرُّوا السلام بينهم وودعوا الحرب وتراضوا على الوطن الكبير والحق المشترك والهَم الواحد ، أي على الوحدة الوطنية بمفاهيمها الواسعة من اعتراف واحترام وتواصل في كل مناحي الحياة . بعدها يمكن أن ننتقل إلى المنهجية والعلمية ودولة المؤسسات ومراكز البحث العلمي والتخطيط الاستراتيجي .
سئل أحد المفكرين متى يتقدم عالمنا ؟ أجاب :
عندما يقتنع بأن يكون له حلفاء .. لا عملاء
وأن يكون إلي جانبه مفكرون .. لا مهرجون
وأن يعتبر شعبه حراً .. لا عبداً

Post: #4
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: شتات
Date: 05-24-2005, 02:12 AM
Parent: #3

الحبيب علاء الدين تمبس ..

التحية لك وأنت بالجوار دائماً .. تذكِّـرنا عندما ننسى .. تدفعنا عندما نتقاعس .. وتدعو لنا عند السجود
التحية لك وأنت تحتفي بأشيائنا الجميلة وتضعها في فاترينات اللقـاء ..
والتحية لك وأنت تدعو شواردنا الراحلة لتعود ..
التحية لك والود ..
وبعد ..
هل من فجر وراء هذا الليل البهيم ؟
هل من راحلة بعد مشوار الحفاة الطويل ؟
هل .. وهل .. هل من أمل ؟
هل نقول مع ايفان ستراود "يا الهي خذ حياتنا فإننا لسنا أفضل من آبائنا " ؟
أم نقول مع غاندي " إن سبيل الحق والخير هو المنتصر" ؟
وهل نحن بمصداقية ستراود لنحكم باليأس أم بوطنية غاندي لندعو بالتفاؤل .؟
من الذي يضع الأجوبة في حقيبة السؤال ؟
هل نقول معهم أم نقول مع سند :
ليسقط الضجيج والهراء ..
بحكمة كالشجر القديم في منابع السيول ..
تعضه الريح كل ساعة ..
تشيخ في عروقه الفصول ..
لكنه يطول ..
لن تمطر السماء في عيونكم خلاصها ...
لن تمطر الحلول ..
فلتغسلوا النفوس من غشاوة الذهول ..
..
فلتغسلوا النفوس من غشاوة الخمول ..


صلاح / شتات

Post: #5
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: منصور شاشاتي
Date: 05-24-2005, 03:58 AM
Parent: #4

مقالة رائعة فيها الكثير من الدروس والعبر ، وتعليقي عليها إذا سمحت لي :

(1) لو سألتني ما هي الديمقراطية بالمختصر المفيد (والذي قد لا يكون مفيدا ، الأمر متروك لك ) لقلت لك : الحرية والعدل والمساواة
لا ديمقراطية بلا دستور ، ولا معنى لدستور لا يضمن الحريات ويقيم العدل.
الحرية والعدل بطبعهما منفتحان باتجاه المطلق وفي كل مرة تتعرض فيها مسيرة الديمقراطية للمصاعب يكون الحل باتجاه مزيد من الحرية ومزيد من العدل بالتالي فإن الدستور الذي يضمن لنا استمرار الديمقراطية ينبغي أن يكون مفتوحا دائما باتجاه مزيد من الحريات ومزيد من العدل .
من يكتب الدستور لا يهم وفي اعتقادي أن الأمر هنا يجب أن يترك لأهل الاختصاص .
(2) لا داعي للتأسف كون الله لم يعطنا غاندي كما أعطي الهند كما لا اعتقد بجدوى استدعاء شخصيات من تاريخنا التليد (!) .. مأزقنا أننا نبحث دائما عن شخصيات في البعد الماضي من التاريخ أو في تجارب الشعوب الأخرى وننسي أن هناك زعامات في البعد الحاضر برهنت أنها تستحق منا الالتفاف حولها واحترامها ( جون قرنق مثالا للأحياء والشريف حسين الهندي مثالا للراحلين ) قلت احترامها لا تقديسها ، لأن لا شيء - في نظري - مقدس في الوطن الذي نحلم به عدا الديمقراطية بموصفاتها التي أشرت (الحرية والعدل والدستور الضامن لهما).
(3) اعتقد أن الوطن الذي نحلم به كان وما زال وسيظل حاضرا . . الغائب نحن يا أخي.
(4) ولكم بعيدا عن الحلم فالمسألة ليست بالتمني وحسن النوايا المسألة تتعلق بصراع ارادات يصل في النهاية الي التوازن لكنه تأخر للأسف في السودان وقادنا إلى حروب طاحنة دفعت بالوطن إلي حافة الهاوية . قد يقول البعض كان يمكن تجنبها . . ولكن حدث ما حدث الآن ما العمل ؟
مع تحياتي ومعذرة أن اقتحمت عليك دون إذن منبرك

Post: #8
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: ابو جهينة
Date: 05-24-2005, 04:16 AM
Parent: #5

شتات
تحايا و سلام

Quote: وإذا تراضى الناس على الدستور أقرُّوا السلام بينهم وودعوا الحرب وتراضوا على الوطن الكبير والحق المشترك والهَم الواحد


هذا هو بيت القصيد و الحل الوحيد.
عافاك

Post: #12
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: شتات
Date: 05-25-2005, 08:19 AM
Parent: #8

الأستاذ جلال أبوجهينة ..

تحياتي ..
الدستور هو العمود الفقري للنظام الديمقراطي الذي أصبح ضرورة للدولة العصرية التي تحكمها الأعراف الدولية ومبادئ الأمم المتحدة ، وهو إقرار للاحتكام أمام القانون للفرد وللتنظيمات السياسية وحماية لنظام الحكم من التجاوزات السياسية والانقلابات العسكرية .
نتمنى لبلادنا في هذا المنعطف الحرج أن تتوصل لدستور دائم يوافق عليه الجميع لننتقل بعدها إلى نظام ديمقراطي على أساس صلب ومتين ودائم ..

ولك عميق الشكر ..

Post: #11
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: شتات
Date: 05-25-2005, 03:40 AM
Parent: #5

الأخ منصور شاشاتي ..
مرحباً بك على هذه الصفحة ولك عميق الشكر على المداخلة القيِّمة والواعية ..
وأوافقك فيما ذكرته عن الديمقراطية كنظام يوفر للجميع قيم الحرية والعدل والمساواة .. حرية الاعتقاد والرأي والمشاركة والممارسة ، والعدل وفقاً لأساسيات الحقوق والواجبات ، والمساواة بين الجميع في وطن الجميع . وأذهب معك في التأكيد على أن هذه القيم رمال متحركة في دروب الزمان والمكان ومعانيها مطلقة في أفق الحقيقة ، والانفتاحية على المطلق تمليها ضرورة التغير المستمر في وعي الناس وتجدد احتياجاتهم وتطلعاتــهم .

أما الحديث عن الشخصيات العظيمة فأقول إننا عندما نتحدث عن شخصيات في التاريخ فإننا لا نستدعي هذه الشخصيات وإنما نستدعي قيمها ورمزيتها في الوطنية والتضحية والإيثار ، كما أننا لا ننظر في الماضي أو الحاضر عن أسماء تعظيماً أو تقديساً . ولربما لو كان مانديلا أو غاندي أو أي من العظماء في سوداننا لما حقق للسودان ما حققه في بلده ، إذ لابد للإنجازات التاريخية العظيمة من توفر الشخصية التاريخية بإمكانياتها وقدراتها مع الظروف التي تستوعب الفعل الإنساني التاريخي ، فربما يتوفر الفرد ولا يتوفر الظرف ، أو يتوفر الظرف ولا يتوفر الفرد ، فلا بد من توفر العاملين ، عامل الفرد حيث ميتافيزقيا البطولة وجوهرها الخفي وعامل الظرف حيث المسرح ومدي ملاءمته للعمل .

وأوافقك في أن الوطن موجود والوطن الحلم موجود ، الانسان الوطن هو المفقود . الوطن موجود بتاريخه وتراثه ونيله وأرضه وخيراته ، والحلم بوطن كريم .. حر .. آمن أيضاً موجود ولكن أين الإنسان الوطن الذي يتجرد عن ذاته ومصالحه ويصنع التحول التاريخي والفعل الحضاري ، ربما يكون هذا الإنسان موجودا كما تفضلت أنت ولكن ربما لم يتهيأ مسرح العمل بعد .

وكما ذكرت فالمسألة ليست أمنيات ونوايا حسنة بل هي قول لأصحاب القول وعمل لأصحاب العمل وقول وعمل لأصحاب القول والعمل ، ويجب أن نفكر كما نريد ، ونقول كما نفكر ، ونعمل كما نقول ، فالصراع موجود والتوازن مطلوب ، وربما تصدق هنا نظرية ماركس عن "الصراع الطبقي" أو نظرية فوكوياما "نهاية التاريخ" والتي بناها على أساس التوازن بين القوى الفاعلة في المجتمع أو فكرة التيموس "البحث عن الاعتراف بالذات" . فالصراع أو إن شئت التنافس من أجل الإبداع والابتكار والاختلاف من أجل التوازن ، والتفاعل من أجل التجويد ، وعلى مستوى العمل الديمقراطي فالتعدد من أجل إثراء الفكر والعمل .. والمعارضة من أجل ضبط الأداء الحكومي .. وتفاعل الشعب مع الحكومة من أجل توافق المدخلات الاجتماعية مع المخرجات السياسية .. وهكذا

وختاماً أكرر شكري وتقديري لك أخ منصور على مداخلتك الثرة ورؤيتك الناضجة وآمل أن يستمر التواصل بيننا .

Post: #6
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: حمزاوي
Date: 05-24-2005, 04:11 AM
Parent: #1

صلاح شتات اخوي
انت بتجيب الكلام الحلو دا من وين
انت شارب حاجة

كدا حلال عليك المحسية
ان شاء الله تنفعك
مشتاقين


أبو النسب علاء تمبس
ما اتصلت علي ليه
الموقع رافض يشتغل عندي (سودانيات)

Post: #7
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: A.Razek Althalib
Date: 05-24-2005, 04:16 AM
Parent: #6

شتات...
حمد الله على السلامة..

جاي للإطلاع...


والتنقيب...

عن المفيد..
شكراً تمبس...

شكراً صلاح..

Post: #9
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: شدو
Date: 05-24-2005, 04:39 AM
Parent: #7

تحياتى صلاح شتات

شكرا على المقال

وصدقت حيث قلت

(وحياتنا ليست ملكا خاصا لنا ولكننا نمتلكها وتصبح خاصتنا عندما نتجرد من ذاتيتنا .. عندما نهبها لغيرنا بالتضحية والتفاني .. وهي الحرية ذاتها ، إذ نصبح أحرارا عندما نتخلص من عبودية الذات .. من الأنانية والطمع والجشع والثأر وشهوة الانتقام ..)

Post: #15
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: شتات
Date: 05-26-2005, 01:33 AM
Parent: #9

شدو يا حبيب ..
وينك يا زعيم؟ والله ليك وحشة ..
تحيات كتييييييييييرة
ومرحب بيك عشرة ..



أظن أن الإنسان ضعيف في تكوينه النفسي والعاطفي .. قوي في إرادته .. وعظيم في رسالته
الإنسان جرم صغير .. وفيه العالم انطوى ..
قُدِّر للإنسان أن يخلق في أحسن تقويم .. وأن يرد إلى أسفل سافلين ليبدأ رحلة العودة إلى الكمال .. رحلة العودة إلى الله "يأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه" .. هذه الرحلة من أسفل سافلين إلى أعلى علِّيين أساسها التحلل والانعتاق من أسر الذات وسجن الرغبة والشهوات لينال الإنسان تحرره الذاتي ..
وعندما يتحرر الإنسان يفكر كما يريد ..
ويقول كما يفكر ..
ويعمل كما يقول ..
وذلك هو الإنسان الحر كما يقول الأستاذ محمود محمد طه عليه رحمة الله .


كل الود حبيبنا شدو .. ولنا لقاء إن شاء الله .

Post: #14
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: شتات
Date: 05-25-2005, 01:17 PM
Parent: #7

أبورزقة ..
تسلم كتير يا حبيب ..
ومرحب بيك الف ..
نقِّب ..
أبحث ..
اطلع ..

وانشاء الله تلقي عندنا شي مفيد

مع فائق تقديري واحترامي


تخريمة : ما تزعل من أحمد حنين .. سيبو لينا أنا ومعتصم .. معتصم بلعب ليهو ثيردباك وانا بلعب ليه راس حربة ما حا يقدر يفرفر ..

Post: #13
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: شتات
Date: 05-25-2005, 01:14 PM
Parent: #6

أستاذ حمزاوي ..
الحلاوة من إندكم (عندكم) ..
ما شارب حاجة .. بس نداكم وخمر مودتكم المعتقة ..
حكاية المحسية دي ما عندنا منها مانع .. بس تعلمونا اللغة النوبية عشان الضرورة وكدة !!!!

شاكرين كتير استاذ حمزاوي .. ولنا لقاء

Post: #10
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: ahmed haneen
Date: 05-24-2005, 06:19 AM
Parent: #1

اخونا صلاح شتات

اهلا بعودتك الثرة للكتابة هنا

وهلا بيك وانت تخوض غمار المعترك السياسي هنا
فمقالك اعلاه جميل لغويا ،، ومتماسك الصياغة ،،
لكنه يبعث علي الإحباط
وينشر الياس
خاصة وانت تستدعي شخصيات تاريخية من خارج الوطن
وتستخدم مقولات ميتة
لكن يا صلاح
ما الذي دفعك للدخول هذا المعترك وقد بعدت عنه ردحا من الزمن
لماذا لم نسمع صوتك ضد هذا النظام الذي استلب كل جميل؟؟
لماذا لزمت الصمت وانت تملك هذة المقدرة الكتابية اما ماساة دارفور
وموت الأطفال واغتصاب النساء هناك ؟؟
هل غاندي هو المسئول ام فولتير او مش عارف اية من اساميك الذكرتها دي
هل
وهل
وهل من عودة هل ؟؟

اكيد سوف اعود

Post: #17
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: waleedi399
Date: 05-26-2005, 06:10 AM
Parent: #10



Quote: هل نقول مع ايفان ستراود "يا الهي خذ حياتنا فإننا لسنا أفضل من آبائنا " ؟
أم نقول مع غاندي " إن سبيل الحق والخير هو المنتصر" ؟
وهل نحن بمصداقية ستراود لنحكم باليأس أم بوطنية غاندي لندعو بالتفاؤل .؟
الحبيب صلاح شتات ..

تحياتي وكم هائل من الاشواق الدفيقة والمنهمرة ..

الف الف حمد على سلامة الجيه بعد طول غيابك دا..

و ياجمال دنيانا بيك ..


Post: #19
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: شتات
Date: 05-28-2005, 08:35 AM
Parent: #17

الأخ الغالي وليد أحمد


تحياتي ..
انت ..
وجودك هنا ..
كدة



ونتمنى أن نكون أفضل من آبائنا في إدراكنا لمشاكلنا ..
حتى نتجاوز الاستيروتيبية ..
ونلم بأسباب المعرفة التي تمكننا من الإلمام بمشاكلنا ونكون اكثر تفاؤلاًً ..

ولك عميق الود ..

Post: #18
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: شتات
Date: 05-28-2005, 00:47 AM
Parent: #10

أبومهند .. أيها الأحمد
التحية لك والتقدير ..
لا أعتقد ، وأتمنى ألا يكون هذا المقال سياسياً بمعنى التعاطي اليومي والاستهلاك السياسي المستمر ، إنما هي محاولة تقترب وتبتعد .. تخطي وتصيب في تناول الأمر السياسي كرافد من روافد الحياة المختلفة من زاوية التفكر والمعرفة وفق ما اهتدت إليه البشرية من خبرات وتراكم معرفي على مر التاريخ من خلال الأنبياء والرسل والفلاسفة والمفكرين . ففي البدء كانت الكلمة .. وفي البدء والمنتهي تبقى المعرفة ، فالإنسان خليفة الله في الأرض ينشر المعرفة وينير الظلام ويمهد الطريق ويعمر الدنيا ، فالكلمة هي الفكرة التي تسبق العمل والنظرية التي تسبق التنفيذ والرؤية التي تسبق الخطوة .

واليأس والإحباط ليس في تناول عِبَر الحياة وخبرات التاريخ أو في استدعاء شخصيات من خارج الوطن أو استخدام مقولات ميتة "كما أسميتها" ، إنما الإحباط واليأس في هذا الواقع المؤلم الذي أهلك النسل والزرع والضرع وأعجز الطبيب المداويا ، هذا الواقع الذي تَصَدَّره منطق القوة والسلاح على منطق الفكرة والمعرفة فاصبحنا بلا هدى ولا كتاب منير . هذا الدوار السياسي ما هو إلا نتيجة لتجاهل ما أسميته بـ " المقولات الميتة" وفقدان الحس التاريخي وتجاهل التراكم المعرفي وخبرات الآخرين وهو ما انتهى إليه فيلسوف الخبرة جون ديوي إلى أن التعلم من التجربة هو خير وسيلة لإدراك المعرفة . فالمقولات الحية لا تموت وأصحاب "المقولات الميتة" هؤلاء هم من أنار ظلام الجهل وأشاع نور المعرفة فرجال مثل سقراط وأفلاطون .. الفارابي وابن رشد .. سبينوزا وجاك روسو .. وحتى عابد الجابري وأركون ومنصور خالد علي سبيل المثال لن ينساهم التاريخ لكنه لن يذكر كثيرا أو لن يذكر بخير أمثال نيرون وهتلر وصدام حسين .

فولتير لم يكن مسؤولاً عن مشاكلنا في السودان ولا غاندي !
نعم ولكن المسؤولية تقع على من تسنَّم أمرنا ولم يفرد مساحة لأمثال فولتير مثلما ما فعلت أوربا لتخرج من عصور الظلام إلى عصر النهضة ثم الصناعة ثم التكنولوجيا وما تفعله غيرها من الأمم الآن .. أمثال فولتير هم من أوضح أن أمر الوطن أو الأمم أمر شامل يتضمن الفكر والاجتماع والاقتصاد والسياسة والعسكرية في تناسق هارموني وتخصصي يعمل فيه السياسي بجانب المفكر الاستراتيجي والاقتصادي والاجتماعي والقائد العسكري .. أمثال فولتير هؤلاء هم من وضع أسس الديمقراطية -التي تقاتل الآن من أجلها يا بومهند- وأرسى دعائمها ووضع اللبنات الأولي لحقوق الإنسان –المنتهكة في دارفور- وهم من نادي مبكراً لمبادئ التعايش والتسامح والسلام بين الإنسان وأخيه الإنسان . وأيضاً لم يكن غاندي مسؤولاً عن مشاكل السودان ، لكن المسؤولية تقع على من كان في موقع القرار في بلدنا وجهل أو تجاهل تجربة زعيم مثل غاندي في بلد شبيه بنا في التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا ، ولم يفكر في درس مجاني من دروس التاريخ فأوردنا موارد الهلاك .
فهل رأيت يا أبومهند كيف كان غاندي وفولتير سبباً في مشاكل السودان !
أما عن النظام ومأساة دارفور ، فدونك ما هو مكتوب هنا وأنت تعلم رأي وموقفي تماماً فكم من حوار دار بيننا في المحاضرات والندوات في "الراية" و"النخيل" و" القصر الأبيض" عن الأوضاع السياسية في السودان وعن الديمقراطية ومأساة دارفور وفي كل اللقاءات التي تمت بيننا ، وكما تعلم فأنا لا أحبذ الكتابة عن السياسة في المنبر .
وفي الختام لك الود مفكراً ومقاتلاً وشفيفاً ..

Post: #16
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: محمد أبوجودة
Date: 05-26-2005, 04:43 AM
Parent: #1

لا ، ليس السودان حالةً ميئوسـاً منها ..

القيادة الفكرية ، وبالأحرى ، القيادة السياسية في أيِّ بلد ، ماهيَ إلآ المُنتَج الطبيعي، والثمرة المتوقَّعة للواقع والمِزاج المُجتمعي لهذا البلد بحسب وضعيَّته التاريخية متأثِّرةً برياح التدخلآت الخارجية إقليميّا ودوليّاً ..وحيثُ أنّه قلّ أن يكون الواقع والمزاج المجتمعي سليماً مُعافى ! وإنّما هوَ دوماً في سَعيٍّ حثيث نحو الكمالات الإنسانية المنشودة ؛ فكثيراً مــا يكون هذا الواقع وذاك المزاج يُعانيان عِللاً جمّة ؛ ممّا يؤسِّس للإنحرافات السياسية التى تكون نتائجها وبالاً على المجتمع نفسه !؛ ولنا في ألمانيا النّازية وإيطاليا الفاشيستية واليابان الإمبراطورية خلال أربعينيّات القرن الماضي ، حُجـَّة ماثلة ، في حشدِ أكثر طاقات الدولة، وليس فقط تيّارها الحاكم ، للغزو والدِّمار الذي حدث في الحرب العالمية الثانية . ولا أخالنى قد بعدتُّ النَّجعة ! إن رأيتُ نفس الإنحرافات السياسية في نهج "تيّار الإسلام السياسي " الممثّل في "إنقاذية التسعينات " ، في عدوانه وبغيه على مواطنيه بالإقصاء والإستعلاء ومحرقة الحرب الأهلية في نزوعٍ جِهاديٍّ كاذب !! مُسخِّراً سُلطة عُنف الدولة الرسمي، وغير الرسمي .. بل وقد تطاولت أيدي البُغاة ، الى دُول الجوار السوداني في تدخلآت سافرة برعايتها ودعمها لبعض معارضي الأنظمة في المنطقة ، فضلاً عن المحاولات الفاشلة لإغتيالِ بعض رؤساء الدول ؟! ..

نعترف ، بأنّنا في السودان ، وعلى الرغم من التوسُّع الأفقي في مجال التعليم ، مايزال ينقصنا الوعي السياسي (المعقول) ، الذي يُساعد في إرساء قواعد الديموقراطية ، كأفضل نظام حُكمٍ تعارفت عليه الأُمم المعاصرة .. ولعلّ نُقصان الوعي السياسي ، هو السبب الرئيسي لديمومة المشاكل وعدم الإستقرار السياسي الذي نُعاني منه منذ فجر استقلالنا .. وبنظرةٍ موجزة للحكم الوطنى في السودان ، غالباً ما يبدو لنا أنّ السّابق قد كان أفضل من اللآحق ! إذا مـا نظرنا إلى حالة الإستقرار النِّسبي اقتصاديّاً وسياسيّاً ؛ وربما يكمن سبب الترجيح في تمظهرات الفهم التبسيطي للتحدّيات الوطنية عند السّابقين من روّاد الحكم الوطنى السوداني بعد جلاء الإستعمار البريطاني ، مُقابل تعقيدات الفهم للتحدِّيات الماثلة لوطنٍ جريح ! يُعانى نفس المشاكل القديمة المتجدّدة ، ويسعى لحلّها عبر نفس المناهج القديمة !! والحال أنّ التحدِّيات الآنية قد أتِّسع فَتْقــَــها على الرّاتق في ظل العولمة وثورة الإتّصال وتراكُم الفشل السياسي والاقتصادي منذ بدء الحكم الوطني على كل الصُّعُد ، علاوة على ازدياد حِدّة الإستقطاب وتفشِّي الصِّراع بين المركز والهامش السوداني ..

بشيئٍ من التفاؤل ، يُمكن التسليم بأنّ السودان ، مُقبلٌ على تراضي وتوافق فيما يشبه الـــ " عَقْد الإجتماعي " بين فئاته المتعدّدة إثنياً وثقافيا وجهويّا ، بما ترسيه " إتِّفاقية نيفاشا للسلام السوداني/يناير 2005م " بفترة حكمها الإنتقالي بدستورٍ يُعلِّي من رايات المواطنة كأساس للحقوق والواجبات الدستورية ، مُتضَمِّناً " وثيقة للحقوق " ، ويؤطِّر لآليات التحوُّل الديموقراطي في ظلِّ سيادة القانون واستقلال القضاء ، متوسِّلاً الى ذلك عبر بروتوكولات تقاسم للسُّلطة والثروة بين إقليم الجنوب والنظام الحاكم حاليّاً ، وإقراراً بــ" حقِّ تقرير لمصير الجنوب في الوحدة أو الانفصال " بعد انتهاء الفترة الإنتقالية .. وبالطبع ، فإن تصالحت النفوس ، فبالإمكان تعميم هذه المناهج التنظيمية على كل بِقاع السودان ، ليكون التداول السِّلمي للحكم في مختَلَف مستوياته القومية والإقليمية ، مُستَنداً بالأساس على الانتخاب الديموقراطي الحُر والنزيه.. وفي شيئٍ من التشاؤم ! يمكن للمرء أن يأسى على انفراد النظام الإنقاذي والحركة الشعبية لتحرير السودان ، دون غيرهم من العاملين في حقول السياسة السودانية الملغومة ! من أحزابٍ وتنظيمات سياسية ، بالعمل على حيازة المجد السوداني من طَرَفيه !! في ثُنائية " تُشاركية " أملاها ،في اعتقادي، الواقع الإستثنائي الحالي للسودان بسببٍ من الحرب الأهلية التى دامت لعشرين عاماً أو تزيد ! .. ولكن ، لن يطول هذا الأسى ، ولن يبقَ إلآ الأقلُّ من التشاؤم ! إذا ما تأمَّل المرء في فشل تلك الأحزاب السياسية طيلة هذه الستة عشر عاماً وما قَبلها ! في نهج السُّبل الموضوعية لهزيمة المشروع الإنقاذوي ! بل وقد توثّقَّت عبر الكثير من اللقاءات المحضورة والتوقيعات السَّلامية الممهورة في جنيف وأسمرا وجيبوتي والقاهرة بين قادة نظام الإنقاذ وقادة تلك الأحزاب ، عُرى الإعتراف المتبادل والعمل من الدّاخل ، فمالذي استجدّ الآن ؟ . أيكون للغيرة السياسية من نجاحات الحركة الشعبية لتحرير السودان ، السَّبب الأرجح في ممانعة أحزابنا السياسية للمشاركة في أولى مهام الإنتقال الدستوري المتمثِّلة في صياغة وإجازة دستور الفترة الإنتقالية ؟!!! ربما ..

ليتَ هِنداً أنجزتنا ما تَعِد ! ،،،وشَفتْ أنفسـنا ممّا نجـد
واستبَّدت مرّة واحدة إنّما ،،، العـاجز مَــنْ لا يستبد !!



شكراً عزيزي صلاح أحمد البشير (شتـات) ، على هذا المقال الحصيف ، وقد أسعدتني قراءته ، ونأمل منك ، عدم الإنقطاع ؛ والشكر لعزيزنا الرائع Tmbis في إتحافنا بالمقال .


والتحايا للجميع ،،/

Post: #20
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: شتات
Date: 05-29-2005, 00:35 AM
Parent: #16

الأخ العزيز محمد أبوجودة ..
تحية طيبة ..

لا شك أن القيادة السياسية كما تفضلت هي وليدة الواقع الثقافي والاجتماعي والإفراز الطبيعي لمسيرة أي أمة في تاريخها الطويل .. "كيفما تكونوا يولى عليكم" .. وكما ذكرت أيضاً ، لرياح الأفكار القادمة من خارج الحدود دور في التأثير على المسار السياسي مثل ما حدث مع الاشتراكية والقومية والاسلاموية ولكن السؤال هنا ، ما هي الأبعاد التاريخية التي شكلت هذا الوعي الاجتماعي وأفرزت هذه الثقافة في بعدها السياسي؟ وما تأثير حقبة الاستعمار الثنائي الانجليزي المصري والتركي والثورة المهدية وما قبلهما على الوجدان السياسي ؟ وما هي العوامل التي تداخلت بعد الاستقلال في رسم خريطة الفكر السياسية؟ إن البحث في أغوار المشكلة وتتبع جذورها عامل أساسي في إيجاد الحلول السليمة والتخطيط المستقبلي . الوعي السياسي جزء من الوعي العام الذي يتأثر بنظام التعليم والمناهج التربوية ، فجمود العملية التعليمية والتربوية يؤدي إلى جمود طرق التفكير وحركة المجتمع لدى الأجيال ، فنلجأ لاستخدام نفس المناهج القديمة لإيجاد الحلول للمشاكل المعاصرة المتجددة .
الآيديولوجيات والعقائد السياسية لعبت دوراً بارزاً في تغييب الوعي السياسي لأنها رؤى منغلقة على ذاتها ، لاتنفتح على غيرها من أفكار وترى أنها الحق وما عداها باطل ، لذلك تصطدم مع التعددية والفكر الحر فتلجأ للعنف والانقلاب على الشرعية والديمقراطية ، لذلك تتساقط الآيديولوجيات لتآكلها الداخلي وفقدانها للنقد الذاتي والحوار الحر مع نفسها ومع الآخر . هذه الأيديولوجيات تستثمر الحماس الشعبي وعواطف الجماهير التي ربما لا تكون على وعي بالبعد الفكري والعمق الاجتماعي لتلك الآيديولوجيا . وهنا تبرز أهمية المنهج العام الذي يحدد التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، أي المنهج الذي يستوعب التعدد العرقي والديني والثقافي ويراعي الخصوصية الجهوية ويربط ما بين المركز والأطراف ويعمل على تذويب التنوع في وحدة تؤدي إلى الابتكار والابداع والتماسك . وغني عن الذكر فإن المنهج يقتضي المعرفة بكافة ضروبها من علم وفكر وأدب وفلسفة ودين ، والمعرفة هي القوة كما يقول فرانسيس بيكون .
كما أود أن أشير هنا إلى نقطة أراها مهمة وهي التفاعل الإيجابي بين الفرد والمجتمع ، وبين المجتمع والدولة ، وهو بدوره يؤدي إلى تفاعل إيجابي بين الدولة ومحيطها الإقليمي والدولي . الفرد هو أساس المجتمع وتفاعله الإيجابي يكون بإدراكه الواعي لمشاكل مجتمعه وأداء دوره بأمانة ومسؤولية تجاه إنسانه وبيئته ومن ثم تنتقل الدائرة التفاعلية بين المجتمع والدولة عبر التنظيمات الشبابية والمنظمات الطوعية والقنوات الديمقراطية وغيرها من جسور تربط بين المجتمع والدولة على أساس من الثقة والاحترام المتبادل . هذه الانسيابية بين الفرد والجماعة وبين الاجتماعي والسياسي والتي تقتضي الشفافية والمصداقية تنعكس بدورها على تماسك النظام في الداخل وفي علاقاته الخارجية مع الشعوب والحكومات ومع المنظمات الدولية .

وأشكرك أخي محمد أبوجودة على مداخلتك القيمة والمتميزة وإثرائك لهذا البوست بهذه الإضافة الرائعة وأتمنى أن يستمر التواصل بيننا .

Post: #21
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: Tabaldina
Date: 05-30-2005, 05:30 AM
Parent: #1

..
.
Quote: إن البلاد لن تشهد استقراراً إلا إذا أرسينا دعائم الديمقراطية الحقة ولن يتم ذلك إلا بالإيمان التام بالديمقراطية فكراً وسلوكاً على مستوى الفرد والجماعة .


شكراً شتـات..
والتحية للجميع ،،

..

Post: #22
Title: Re: هل السودان حالة ميئوس منها .. ( صلاح شتات ) يكتب في صحيفة الخرطوم
Author: معتصم دفع الله
Date: 08-07-2005, 07:26 AM
Parent: #21

يا تامبا ..

اليوم قريت الموضوع دا تاني وتالت ورابع ..
ما عارف ليه عايزو يكون في الصفحة الأولى ..

بجي تاني ..