كلمة الإمام الصادق المهدي في ورشة النقل - حزب الأمة

كلمة الإمام الصادق المهدي في ورشة النقل - حزب الأمة


01-18-2014, 10:33 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=30&msg=1390080780&rn=0


Post: #1
Title: كلمة الإمام الصادق المهدي في ورشة النقل - حزب الأمة
Author: الإمام الصادق المهدي
Date: 01-18-2014, 10:33 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
حزب الأمة القومي
دائرة الفئات
ورشة النقل
دار الأمة في 18 يناير 2014م
كلمة الإمام الصادق المهدي رئيس الحزب

مقدمة
أشيد بهذه الورشة وأثمن الأوراق الجيدة التي حضرها المشاركون.
لقد بلغ عدد الورش التي رتبتها أجهزة حزب الأمة حتى الآن أكثر من مائة، وهي ذخيرة لا غنى عنها لتحضير برامج الحزب لبناء الوطن. الشق الآخر المطلوب هو تدريب الكوادر السياسية والوزارية بالصورة التي تجعل لنا عدداً مدرباً لقيادة الوزارات، وقد قررنا إقامة معهد لهذا الغرض، ولكن قعدت بنا الإمكانات، وسوف نستمر حتى نتمكن من إقامته. وقد اقترحنا لبعض المنظمات غير الحكومية الأجنبية المؤهلة أن تقيم كلية للتدريب السياسي والنقابي ولو على أساس التدريب مقابل الدفع، لأن من أكبر أسباب سوء الإدارة السياسية أن الذين يتولون قيادة الوزارات عادة يدخلون التجربة بالتأهيل الأكاديمي والولاء السياسي فيتعلمون الحلاقة على رؤوس الأيتام.
عدت للتو من عمان حيث المشاركة في مؤتمر دعا إليه مركز القدس للدراسات السياسية لبحث مسألة التناقض الإسلامي العلماني في المنطقة العربية. لبى الدعوة خمسون مشارك ومشاركة يمثلون الطيف الفكري والسياسي والحزبي في المنطقة من أقصى اليمين –حزب النور- إلى أقصى اليسار: الأحزاب الشيوعية، كذلك أحزاب القومية العربية والقوميات الأخرى.
كانت أطروحتنا أن ثمة 7 تقاطعات في المنطقة وتستند لقوى اجتماعية حقيقية، فإن لم تعالج بالوعي والحكمة والإرادة القوية فإنها كفيلة بتدمير المنطقة فيكون أهلها قد ارتكبوا خطيئة الانتحار ويحققون أماني أعدائهم لهم إذ يخربون بيوتهم بأيديهم. التقاطعات هي:
‌أ) الإسلامي/ العلماني.
‌ب) الإسلامي الأخواني/ السلفي.
‌ج) السلفي/ الجهادوي.
‌د) الاجتماعي بين قلة مخملية وكثرة خاملة تعاني الفقر والعطالة.
‌ه) السني/ الشيعي.
‌و) القومي العربي/ والقوميات الشريكة في الوطن.
‌ز) الإرادة الحرة في السياسة الدولية/ الامتثال للوصاية الخارجية.
وبعد نقاش مستفيض بلغ 200 مداخلة من 50 مؤتمر قدمنا مشروع ميثاق يجسر الهوة بين أطراف الاستقطاب الحاد حظي بتأييد الحاضرين، ويرجى أن يعلن مركز القدس للدراسات السياسية توصيات تمثل هندسة فكرية وسياسية جديدة. وسنرى أن هذه المسألة مهمة لنا أيضا في تصاريف المصير الوطني.
فيما يلي أسجل مساهمتي في موضوع هذه الورشة:
النقل من أهم وسائل التعمير الذي هو من أهم خصائص الإنسان المستخلف على عمارة الأرض (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)[1].
1) قطاع النقل في الاقتصاد الوطني قطاع مفتاحي ومفرداته: بري، ونهري، وسككي، وبحري، وجوي، وهو من القطاعات التي دمرتها سياسات نظام الحكم الحالي، اللهم إلا النقل البري الذي شهد توسعاً كبيراً ولكن بصورة عشوائية.
2) أرجو أن توصي هذه الورشة بالدعوة لمؤتمر قومي لتشخيص كل ما أصاب قطاع النقل وتحديد ما ينبغي عمله لإصلاح هذا القطاع بكل مجالاته. كما أرجو أن نوصي بإقامة هيئة عليا ذات صلاحيات قانونية لوضع خريطة استثمارية لقطاع النقل.
3) كما أرجو أن ندرس تأثير سياسة التمكين السالب على الخدمة المدنية ما هبط بها إلى الدرك الأسفل وقد كانت مفخرة السودان. بعض الناس يحصرون الفساد في الاختلاسات، والأموال المسروقة، ولكن سياسة التمكين بما أدت لطرد الأكفاء في كل مجالات العمل العام واستبدالهم بتعيينات حزبية فساد. كذلك التصرف في العطاءات بدون شفافية لصالح المحاسيب فساد. ومنح إعفاءات جمركية للمحاسيب فساد. والتصرفات المتعسفة في أراضي الدولة فساد. وإعطاء امتيازات لشركات لبعض أجهزة الدولة فساد. إن أوجه الفساد التي مارسها النظام كثيرة للغاية، وقد أثرت سلبا على كل العمل العام بما في ذلك قطاع النقل. ويرجى أن تتطرق الورشة لملف الفساد بصفة عامة وتأثيره على قطاع النقل بصفة خاصة.
4) ومن الإجراءات التي أطاحت بالرقابة على إدارة المال العام حل أجهزة الرقابة كالأشغال والمهمات، ونقل المهام لآليات هلامية. ومن الأخطاء الكبيرة تهميش مهمة التخطيط الاقتصادي ما أدى لكثير من التخبط في هذا المجال، ويرجى أن نوصي بالاهتمام بالتخطيط التنموي وإقامة آلية مناسبة لذلك.
5) ومن أهم وسائل التمكين تجريد الحركة النقابية من حريتها ومن استقلالها وتحويلها إلى أداة من أدوات الحزب الحاكم. إن للحركة النقابية الحرة المستقلة دوراً مهماً في عدالة توزيع الثروة وفي التصدي للممارسات الفاسدة، والحل في هذا المجال هو أن تكون الحركة النقابية حرة بمقاييس منظمة العمل الدولية وأن تدخل طرفاً مع القطاع العام والقطاع الخاص في عقد اجتماعي يعترف بحقوق كافة الأطراف ويوفق بينها ضمن صيغة عادلة ما يحقق السلام الاجتماعي.
6) لقد أرسلت خطاباً للدكتور عمرو موسى مهنئاً على إنجاز مسودة الدستور، ومؤكداً أنه خاطب كافة القضايا المهمة، أي أنه خاطب: الوحدة الوطنية، تحديد الضوابط الديمقراطية، كفالة المرجعية الإسلامية، احترام التنوع في المجتمع المصري، والالتزام بدولة الرعاية الاجتماعية. واقترحت الاهتمام بإيجاد مناخ تصالحي لأن شرعية الدستور لا تقف عند حد جودة النص وتأييد الأغلبية بل ينبغي تحقيق القبول العام مثلما حدث في تونس. واليوم أهنيء أهلنا في مصر على إنجاز الاستفتاء وهو كذلك استفتاء مقنع من حيث نسبة المصوتين والموافقين. ولكن هنالك انقسام حاد سوف يعبر الحدود المصرية حتماً. بعض السودانيين ذوي المرجعية الإخوانية سوف يصطفون مع الأخوان. آخرون علمانيون أو يساريون أو لبراليون سوف يصطفون مع النظام الحاكم. نحن في موقف يجعلنا أصحاب مرجعية إسلامية غير إخوانية، وأصحاب التزام بالديمقراطية ومراعاة التعددية في ظل الوحدة. قدرنا أن نحاول مع كافة الأطراف المصرية أن تراجع مواقفها بالصورة التي تجسر الهوة. ويقيننا أن هذا سيحدث مهما تعثرت المحاولات لأن الاجتثاث المتبادل مستحيل. هذا الأمر مهم ليس فقط في إطار اتفاقية حوض النيل المنشودة وأثرها على النقل النهري، ولكن للحيلولة دون استنساخ المواجهات الدموية فتزيد من مواجهات بلادنا.
7) نرحب بالخطوات نحو السلام في دولة الجنوب وقد قلنا ونكرر لا لإرسال أية قوة سودانية للمشاركة في القتال هناك. وأية استعدادات في هذا الصدد يجب إلغاؤها. علينا أن نعلن الالتزام بتنفيذ كافة اتفاقاتنا مع دولة الجنوب وأن نسعى للمصالحة بين أطراف النزاع. ونقدم العون الفني والإنساني المطلوب ونستقبل اللاجئين بالترحاب، وإن عجزت دولة الجنوب عن حماية منشآت البترول فننصحها أن تطلب تمديد مهمة يونامس الدولية لحماية منشآت البترول.
8) لا يرجى نجاح التنمية في بلادنا بما في ذلك تنمية قطاع النقل فالبلاد تصرف في يوم على الحرب ما يساوي دخل البلاد في شهر، هذا ضمن عوامل أخرى يعني أن نعطي تحقيق السلام أولوية قصوى. موقفنا هو مناشدة الجبهة الثورية التخلي عن إطاحة النظام بالقوة والتخلي عن تقرير المصير لأية منطقة في السودان فإن أعلنت ذلك ينبغي الاعتراف بها طرفاً معارضاً لتحقيق السلام على أن يفاوضها مجلس سلام قومي سوداني لإبرام اتفافية سلام عادل شامل فإدارة الحزب الحاكم لعمليات السلام فاشلة.
9) كثرت في هذه الأيام نداءات التطلع للإصلاح السياسي، بعض زعماء الطرق الصوفية، وبعض مجالس شورى القبائل بل بعض المليشيات التي كانت تدعم النظام، هؤلاء صاروا يعلنون مواقف أشبه بما ننادي به. كذلك كثرت الحركات داخل الحزب الحاكم وبين المنشقين عنه تنادي بسياسات قومية جديدة، والقوى الدولية التي كانت تتبنى فكرة مصالحات ثنائية بين طرفي الاقتتال أعلنت التخلي عن هذا الموقف وتنصح بالحل الشامل لتحقيق السلام العادل الشامل وحل أزمة السلطة بصورة شاملة. هذه التطورات ذات صلة مباشرة بالتعبئة الفكرية والشعبية التي قمنا بها في العامين المنصرمين وإنكار ذلك مكابرة ونزعم أن مواقفنا ساهمت في دفع الخط الفاصل بين النظام والمعارضة نحو الموقف القومي كما ساهمت في دفع موقف الثورية نحو الحل السياسي، بعض الناس أخذ علينا أننا لا نقول بإسقاط النظام، نحن لا نتحفظ على إسقاط النظام ونقول إسقاط النظام وسيلة لإقامة نظام جديد وهناك وسيلة أخرى ربما أجدت وهي الاقتداء باتفاقية جنوب أفريقيا في عام 1992م وحتى هذه لا تتحقق إلا بموجب نضال تعبوي من اعتصامات وتحركات. هذا الخيار بما فيه من معارضة حركية وارد ومن أدواته الاتفاق على ميثاق لتحديد معالم النظام الجديد، في رأينا النظام الجديد ينبغي أن يلتزم بحقوق الإنسان كما في المواثيق الدولية، وأن يكون نظام الحكم رئاسياً للتوازن مع اللامركزية الفدرالية، وأن يعتمد توجهاً إسلامياً ملتزماً بالمساواة في حقوق وواجبات المواطنة. أكثر التيارات علمانية ويسارية الواعية في المنطقة صارت تدرك الوزن السياسي للتوجه الإسلامي فالخيار هو التصالح مع دعاة هذا التوجه إذا قبلوا المساواة في المواطنة والتزموا بالنهج الديمقراطي، وإلا فإن المنبر الإسلامي سوف تستغله قوى ماضوية من خارج التاريخ. ما ميز التجربة التونسية عن السودانية والمصرية المقتدية بها أن التوانسة قبل الثورة بأعوام اتفقوا على الالتزام بحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، ومعادلة الدين والدولة، والمشاركة لا المغالبة مما أسعف تجربتهم من الصدام المدمر، ولولا وجود فئات مثل أنصار الشريعة الدموية لسلمت التجربة التونسية من الدماء. أما فيما يتعلق بالعمل المشترك فقد حرصنا أن يهيكل بصورة تضع حداً للمواقف الانفرادية وتقود العمل نحو الفاعلية على أن يتم ذلك عبر ورشة.
10) وحتى من أعلا قيادة النظام نسمع الآن لغة جديدة لها أسباب موضوعية فمسألة السلام توجب نهجاً جديداً، والحالة الاقتصادية لا يمكن علاجها في إطار سياسيات النظام، والعزلة الدولية تتطلب نهجاً جديداً فلا يمكن إعفاء الدين العام، ولا رفع العقوبات الاقتصادية، والحصول على الدعم التنموي المجمد، ولا التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية إلا في إطار سياسة وطنية سودانية تحظى بدعم قومي.
صدرت تصريحات من مسؤولين ولكنها لم ترق بعد لمتطلبات المرحلة، استحقاقات المرحلة أن ينشر النظام إعلان مبادئ لتكون أجندة للتفاهم مع الآخرين. إعلان مبادئ من سبعة بنود:
(‌أ) إزالة آثار التمكين لإقامة دولة الوطن لا دولة الحزب.
(‌ب) قومية عملية السلام العادل الشامل.
(‌ج) قومية عملية كتابة دستور البلاد.
(‌د) انتخابات عامة نزيهة وحرة.
(‌ه) برنامج إصلاح اقتصادي قومي.
(‌و) سياسة دولية خالية من العداء ومن التبعية.
(‌ز) هذا البرنامج تنفذه حكومة قومية انتقالية.
إذا أعلن النظام هذه المبادئ فلا يمكن لقوى سياسية مسلحة أو مدنية ألا تتجاوب بحماسة معه.
هذا هو المناخ السياسي الذي يتطلبه الوطن لتحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي والتنمية المنشودة التي يجد عبرها قطاع النقل عافية ويؤدي دوره في بناء الوطن.

[1] سورة الإسراء الآية رقم 72