محمّد الفيتورى ... شاعر التخوم ... (عبده وازن)

محمّد الفيتورى ... شاعر التخوم ... (عبده وازن)


04-08-2008, 06:21 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=286&msg=1241125407&rn=0


Post: #1
Title: محمّد الفيتورى ... شاعر التخوم ... (عبده وازن)
Author: Giwey
Date: 04-08-2008, 06:21 AM

شاعر التخوم
عبده وازن الحياة - 07/04/08//

بادرة نبيلة جداً تلك التي قام بها اتحاد الكتّاب المصريين في منحه جائزة نجيب محفوظ للشاعر محمد الفيتوري. إنها تحية مصرية لهذا الشاعر المصري النشأة والهوى، ترد اليه بعضاً من اعتبار طالما احتاج اليه، وهو اعتبار سياسي ووطني بامتياز. لا يحتاج محمد الفيتوري الى جائزة ترسّخ حضوره، فهو حاضر شاءت الجوائز أم أبت، وصوته الذي انطلق مدوّياً وغاضباً ثم ما لبث أن هدأ هو «نسيج وحده» كما يُقال. ومثلما ولد الشاعر على التخوم، تخوم السودان من غير أن ينتمي الى وطن أول ونهائي، كان أيضاً – ولا يزال – شاعر التخوم، شاعراً على تخوم الغناء والالتزام والكلاسيكية والرومنطيقية والحداثة. إنه أيضاً شاعر على تخوم الخريطة العربية والافريقية، وعلى تخوم العروبة والزنوجة. هكذا نشأ بحرية وعاش بحرية وكتب بحرية متنقلاً بين قصيدة التفعيلة والقصيدة العمودية التي لم يتخل عنها هو المأخوذ بجمالية الشعر النهضوي ومدارسه. وكان كلما ألقى قصيدة عمودية على المنبر تكريماً لشاعر راحل يتألق بصوته ونبرته القوية.

شاعر بلا وطن نهائي، في دمه تمتزج اعراق الأرض التي ولد عليها في غرب السودان: عرق بدوي وقبيلي وزنجي و»نيلي»... ولم يكن يضيره أن يُسمّى شاعراً سودانياً أو ليبياً هو الليبي الأصل، بحسب تحدّر عائلته، أو شاعراً افريقياً أو عربياً، أو شاعراً مهاجراً ومترحلاً ومقتلعاً. وقد عاش في مصر الردح الأكبر من حياته فصنعته مثلما صنعت أبناءها، وفيها انطلق وحيداً من غير أن ينتمي الى تيار أو حركة أو «مجلة» شعرية. ومثلما صنعته الثقافة المصرية صنعته أيضاً ثقافة الترحال والغربة أو المنفى الأشبه بالقدر الشخصي. عاش في الاسكندرية وفي الريف المصري والقاهرة والخرطوم وبنغازي وبيروت ودمشق والدار البيضاء وروما ثم اختار القاهرة أخيراً بعدما أمسى على حافة خريف العمر. والطريف أن الشاعر لا يعرف متى ولد، بعضهم يقول في العام 1929 وبعضهم في 1930، لكن أوراقه الشخصية اعتمدت العام 1936. حتى عمر الشاعر بدا كأنه صنيع التخوم، تخوم الزمن اللامحدود.

لا أدري لماذا كلما قرأت محمد الفيتوري أتذكر الشاعر السنغالي ليوبولد سيدار سنغور على اختلاف تجربتهما وشعريتهما وحداثتهما. لقد جسّد كلاهما صورة «أورفيوس الأسود» – بحسب عبارة جان بول سارتر – وناضلا ضد الاستعمار الأبيض والتمييز العنصري ومنحا كلمة «الزنوجة» بعداً وجودياً وانسانياً مرتكزين الى «القيم السوداء» والى الوعي العميق للواقع الزنجي واسئلته الشائكة. ولئن كان سنغور شبه عقلاني في رؤيته الزنجية بعدما أسس «حركة الزنوجة» مع الشاعر ايميه سيزير في باريس الثلاثينات فإن محمد الفيتوري كان تلقائياً وعفوياً ولم يسع الى الكتابة نظرياً عن الزنوجة بل عاشها شاعراً وشاعراً غاضباً ومنفعلاً ومتأثراً بما ترك فيه التاريخ من جروح.

ولم يتوان عن وصف نفسه بـ «المهرّج الحزين» و «المغني الهمجي» وبـ «السجين الميت» الذي يثأر لنفسه. وكتب مرة عن «الولد» الصغير الذي كان والذي «سرق اللونُ منه أحلى أيام صباه» معترفاً بأن هذا اللون كان «شرارة خبّأت وراءها الحريق الذي في داخله». ولعله كان أشبه بمن يضرم النار في دواوينه الثلاثة التي صدرت تباعاً في مرحلته الأولى حاملة اسم افريقيا، وهي: «أغاني افريقيا» و «عاشق من افريقيا» و «اذكريني يا افريقيا»... وقد أخذ عليه بعض النقاد نزعته التقريرية في هذه الدواوين.

لكن «أغاني افريقيا» الذي أصدره في العام 1955 وكان لا يزال طالباً، لقي صدى طيباً في القاهرة وسائر العواصم العربية، ورحّب به نقاد كثر ووجدوا فيه صوتاً أصيلاً طالعاً من ذاكرة العذاب. وحمل هذا الديوان دعوته الجريئة الى رفض الظلم التاريخي والعنصري والسياسي وكتب في احدى قصائده: «قلها لا تجبن... لا تجبن/قلها في وجه البشرية/أنا زنجي/ وأبي زنجي الجدّ/ وامي زنجية...».

شاعر ملتزم في المعنى الانساني للالتزام وليس في معناه السياسي أو الواقعي الضيق. صوت مجروح لم يشفه سوى البحث عن الجمال. صوت غاضب أيضاً ولكن بلطافة هي ابنة القوة. شاعر افريقيا العربية بل شاعر القارة الافريقية باللغة العربية التي هو أحد سدنتها، هو الذي درس في الأزهر ونشأ على اساطين الشعر القديم والنهضوي والعالمي لا سيما الملتزمين منهم.

قد لا يهم البحث عن حداثة محمد الفيتوري الذي ظل على مسافة من حداثة مجلة «شعر» والحداثات الأخرى. ولا يهم التحري عن الموقع الذي يحتله في حركة الشعر المعاصر، وهو أصلاً حديث بمقدار ما هو كلاسيكي ورومنطيقي، إنه شاعر وشاعر فقط!

لعل جائزة نجيب محفوظ التي منحها اتحاد الكتّاب المصريين للشاعر محمد الفيتوري ترفع عنه بعض الغبن الذي حلّ به، هو الشاعر الذي فاق بعض شعراء الجيل الريادي الأول موهبة وفرادة!

Post: #2
Title: Re: محمّد الفيتورى ... شاعر التخوم ... (عبده وازن)
Author: Giwey
Date: 04-08-2008, 09:41 AM
Parent: #1

*****

Post: #3
Title: Re: محمّد الفيتورى ... شاعر التخوم ... (عبده وازن)
Author: اسعد الريفى
Date: 04-08-2008, 10:08 AM
Parent: #1

عربات الموتى المذهبة الصفراء
تدوس على قلبي المخضوضر
تغرس في حوافرها
ذات الوهج السوداء
والقتلى يبتهلون باوجههم
يبكون
تصفق ايديهم
يتحشرج فيهم شئ
تهبط عاصفة
تتساقط فوق مراياهم رمل الصحراء
- القاتل انت
- القاتل نحن
- القاتل من ؟
لا ترفع سوطك في وجهي
ساشير اليك
سارفع مطرقتي
كفي المدفونة تحت ثرى سيناء
اتسمعني ! ساشير اليك
فانت .. وانت
انزع هذا الدرع الذهبي
اخلع هذا الوجه الخشبي
تحطم عصفا كالتمثال
تجرد من وهج الاشياء

الان احدق في عينيك
انا المقتول
اعلق راياتي المهزومة
فوق مدائنك الخرساء

(الفيتورى)

Post: #4
Title: Re: محمّد الفيتورى ... شاعر التخوم ... (عبده وازن)
Author: اسعد الريفى
Date: 04-08-2008, 10:10 AM
Parent: #1

شحبت روحي, صارت شفقا
شعت غيما و سنا
كالدرويش المتعلق في قدمي مولاه أنا
أتمرغ في شجني
أتوهج في بدني
غيري أعمى , مهما أصغى , لن يبصرني
فأنا جسد ...... حجر
شيء عبر الشارع
جزر غرقى في قاع البحر....
حريق في الزمن الضائع
قنديل زيتي مبهوت
في اقصى بيت , في بيروت
أتالق حينا. ثم أرنق ثم أموت
..
و يحي...و أنا أتلعثم نحوك يا مولاي
أجسد أحزاني ....
أتجرد فيك
هل انت أنا؟
يدك الممدودة أم يدي المدودة؟
صوتك أم صوتي؟
تبكني أم ابكيك؟
..
في حضرة من أهوى
عبثت بي الأشواق
حدقت بلا وجه
و رقصت بلا ساق
و زحمت براياتي
و طبولي في الآفاق
عشقي يفنى عشقي
و فنائي استغراق
مملوكك.... لكنـي
سلطان العشاق

(الفيتورى)

Post: #5
Title: Re: محمّد الفيتورى ... شاعر التخوم ... (عبده وازن)
Author: اسعد الريفى
Date: 04-08-2008, 10:12 AM
Parent: #1

أصبح الصبح
ولا السجن ولا السجان باقي
واذا الفجر جناحان يرفان عليك
واذا الحزن الذي كحل تلك المآقي
والذي شد وثاقا لوثاق
والذي بعثرنا في كل وادي
فرحة نابعة من كل قلب يابلادي
..
أصبح الصبح
وها نحن مع النو التقينا
التقى جيل البطولات
بجيل التضحيات
التقى كل شهيد
قهر الظلم ومات
بشهيد لم يزل يبذر في الأرض
بذور الذكريات
..
أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا
بالذي اصبح شمسا في يدينا
وغناء عاطرا تعدو به الريح
فتختال الهوينى
من كل قلب يا بلادي
فرحة نابعة من كل قلب يابلادي

(الفيتورى)