هنا امريكا ..... هناك حبيبى

هنا امريكا ..... هناك حبيبى


05-11-2007, 01:28 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=279&msg=1189401228&rn=30


Post: #1
Title: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 05-11-2007, 01:28 AM
Parent: #0

الذكرى هى الزيت الذى اوقد به محركات الروح فتدور بلا نهاية ، تجدنى اتذكر احيانا احداث قريبة التاريخ بصعوبة ، فيما احداث مضى عليها اكثر من ثلاثين عاما تكون حاضرة ، تجدنى هنا اقلب دفاتر ذاكرتى ، كثيرا ما افعل ، الآن ادخل فى جوف الزمن ، اخرج من باب المدرسة الابتدائية ، لا اعرف لماذا تلبسنى فى هذه اللجظة المدرسة الابتدائية ؟
اكتب عن مدرسة العباسية الابتدائية للبنات ،( واترحم على صديقتى وابنة خالتى رفيقتى الى تلك السنوات سمية محمد المكى عبد الحليم )
كانت المدرسة ( العباسية ) ولا اعرف من اين جاءت التسمية ؟ لكنها العباسية على كل حال ، تقع المدرسة على مبعدة ثلاثة شوارع من بيتنا (حوش الماذون ) فى شارع الفيل ، الملاصقة له طلمبة بنزين ( توتال )
فى طريقنا الى المدرسة كنا نعبر خور صغير يفصل بين الحى شرقا وغربا نمر عابرين يصادفنا اول ما يصادفنا ( كشك عم سعيد ) بلونه الاخضر ، بقودنا سيرنا الى زقاق يفضى الى المدرسة ، لا اعرف له اسما حتى الآن
عادة كنا نطلق الاسماء على الشوارع والازقة حسب المعالم البارزة فيها ، وكذا نفعل بالبيوت والشوارع ، فشارع بيتنا مثلا نطلق عليه شارع الفيل لكننى لم ار لافتة تشير الى ذلك الاسم !! وهذا الشارع يتقاطع مع شارع الموردة وهكذا ، كنا ايضا نسمى البيوت باسماء اصحابها ( بيت الامير محمود ، الامير يعقوب ، بيت ناس مخير ، حوش البدوى ، حوش اسحاق حمد النيل ، حوش الماذون )والازقة لدينا منها ( زقاق العمايا ، زقاق بيت زيدان ابراهيم ) اما الزقاق المفضى الى المدرسة كنا نسميه (زقاق المدرسة ) ثم حولنا الاسم الى( زقاق بيت فاطمة عبد المحمود )
حيث اشترت بيتا هناك
المهم ، ان الزقاق حين ينتهى تلوح لك المدرسة ، حتى المدرسة لم تكن تحمل علامة خاصة باسمها ؟؟
الباب الخشبى للمدرسة مفتوح دائما على مصراعيه صباحا ، حتى موعد الطابور
المدرسة مكونة من نهر واحد ، لاربعة صفوف ، حين تعبر البوابة اول ما يصادفك ممر مرصوف بالحصى ، ينتهى عند الصالة الطويلة التى تمر بالفصول الثلاثةعدا الصف الرابع الذى يقع على الطرف الآخر من المدرسة ، امامه فناء مستطيل تقف فيه على استحياء شجرة كبيرة من النيم تجعل المكان يبدو كمعبد يحفه الوقار ، تمتد الصالة المبلطة باسمنت خشن مقطوع الى مربعات من اول المدرسة الى آخرها ، كنا نتعب حين ننظفه ، لان التراب يدخل الى فرجات المربعات ، فناء المدرسة لم يكن بالشاسع المساحة ، تختصر المربعات كثيرا من مساحته ،مع ذلك كانت الفصول تبدو كالقلاع ، بابوابها العالية وكذا شبابيكها الزجاجية ،ومقاعد الدرس كانت من الخشب تجلس عليها كل اربعة طالبات
حين تم تعيينى لاول مرة كمدرسة للمرحلة الابتدائية كان ذلك فى الابيض والمدرسة كانت امير الابتدائية لم يكن فيها مقاعد للطالبات كل تلميذة عليها احضار كرسى من البيت والا فعليها الجلوس الى الارض ، المدرسات كن يجلسن بالتناوب ، لكل مدرسة الحق فى الجلوس فى غياب زميلتها ، حتى المديرة كانت تعانى مثلما كنا نعانى واحيانا تجدنا نجلس الى ظهر التربيزات، كنا ننحشر الى ذلك الجحر الذى اسميناه جزافا المكتب !! ، وهى على قلتها( التربيزات) لا تكفى لجلوسنا لتصحيح كراسات التلميذات فنضطر اما الى ربطها فى شكل حزمات وحملها معنا الى البيوت او ان نثبت علها اسماء الفصول لنفرق بين الفصول والمواد ؟!!
الفصول خالية من المقاعد بالضرورة ، فالتلميذات اما جالسات الى الارض مباشرة او الى مقاعد حملنها من بيوتهن ، او الى بروش ، او طوب؟مع ذلك كان يدهشنى حضور البنات الى مثل تلك المدرسة بل وتفوقهن الذى مازلت اندهش له رغم كل تلك المعوقات
فى مدرسة العباسية ، كان اليوم الدراسى لا يبدأ بمجرد دخولنا الى حوش المدرسة ، كان علينا ان نغسل ( طرح وتياب المدرسات ؟؟؟؟) بعد النظافة كنا نرى فيها لعبة ، لكنى انظر اليها الآن على انه نوع من أنواع الاضطهاد رغم اننا كنا نجرى بتلك الملابس بين الفسحات بغرض ان نجففها سريع0 يرن جرس الطابور ، الجرس كان من الحديد او النحاس ، لكن يده كانت من الخشب ، كانت تهزه( ست الناظرة) نقف امام الصالة الطويلة التى تمر امام كل الفصول ، تمر امهات الفصول امامنا كطابور عسكرى يقف لتحية العلم ،لكن على ايامنا لم تكن تحية العلم قد دخلت المدارس بعد لكنه كان بغرض ( كشف الحال )كما اسميناه لاحقا ، حيث وجوه المدرسات الكالحة تحيله الى موقع للتعذيب ، ذلك انهن يحملن معهن ( سوط العنج ، او الفرع المقطوع من الشجرة ، او المساطر الخشبية ، او اقلام الرصاص ) وكن يجلدننا على نحو سادى بعقب المساطر او يدخلن الاقلام الى مفرق الاصابع( الوسطى والسبابة ) فقط اذا ما وجدن ان احدانا لم يكن فستانها نظيفا كفاية او انها كانت تلبس ما يخالف الزى المدرسى ، كنانحب يوم الجمعة كثيرا لانه يعفينا من تلك العقوبات ،لكن ثمة عقوبات من نوع آخر تنتظرنا فى البيت ، تبدو العقوبات المدرسية اهون منها تلكم هى ( الفطيرة ) او (قرصة الورك )
الساعة الثامنة كانت الحصص تبدأ تحص وقع الزمن على روحك بطيئا خاصة ان كانت الحصة الاولى هى حصة الرياضيات ، كنت احيانا ادعى المرض لاجتاز وطأتها على لان مدرسة الرياضيات كانت من معارف جدتى ، ودائما ما كانت تسعى الى تعنيفى امام التلميذات الامر الذى جعلنى اكره الرياضيات واكرهها من ثم ، وازدادت الجرعة فى الهروب من حصة الرياضيات بعد ان انتقلت الى مدرسة كانت زوجة خالى هى ناظرتها ، حين سافرت جدتى للحج ، (مدرسة ميرغنى حمزة )ولسوء حظى كانت زوجة خالى لا تقل عنفا عن سابقتها فكانت اما تضربنى بعنف ، او تعاقبنى بالطرد لاننى لم احل الواجب ، كنت كرد فعل لذلك امتنع عن الطعام ، حتى اصبت بداء الامساك المزمن ، لكن ذلك لم يدخلنى الى باحة الرياضيات ابدا ، ولم يجعل منها صليحا لى
فى المرحلة الثانوية كان مدرسى فى الرياضيات مصرى ( استاذ بهاء ) وكان ان علم بكراهيتى للرياضيات منذ الحصة الاولى ،لم يستطع تغيير ما كنت قد بقيت عليه منذ زمن ، لكنه كان يلقبنى ( بهيئة النقل العام ) لانه يكتب لى الحل ويامرنى بنقله ،ولو كنت تفاعلت معه فى الرياضيات تفاعلى معه فى النكات لكنت اليوم قد خرجت الى العالم بنظرية جديدة فى تعليم الرياضيات
فى مدرسة العباسية كانت( فسحة الفطور) من المبهجات ، ما ان يرن جرس انتهاء الحصة الثانية ، الا ونكون نحث الخطى باتجاه خالتى (0000) التى نسيت اسمها الان ، لكنى اذكر الحدث :
كانت تجلس دائما الى مقعد صغير من الخشب ، جسدها المترهل يصل الى الارض ، دائما صدرها كان يعلو ويهبط فى تراتب عال ، تضع قفة الرغيف الى يمينها ، وما تحشوه لنا الى يسارها ، او على الارض لم يكن يهمنا الغبار المنثور الى داخل تلك العبوات من الطعام ، كانت تامرنا ان نقف صفا ، لكننا لانسمع مع التدافع الذى كان عنيفا ، فالمكان يضيق ، كل مرة ، حتى لا تستطيع حشو الارغفة فتتوقف معلنة النهاية لكننا مع ذلك كنا نتدافع المهم اننا نظفر بالذى تدافعنا لاجله وتكون من ثم فساتيننا البيضاء حالت الى اللون البنى بفعل الغبار ، لم اكن من اللاتى يتدافعن على الاكل الذى تشتريه زميلاتى ، لان امى نفيسة كانت تخاف على من ( اكل النسوان ) الذى ترى انه ( ما نضيف ) لكن بالنسبة لى كان من اروع الاكلات التى اكلتها فى حياتى ، فما يزال طعم ( سلطة الاسود والطعمية ، والفول ، حتى الفول كان من الاكلات التى ما ازال على خصومة معها ، لكن فى ذلك الوقت كان من اعظم المأكولات ،رغم الحصى والغبار ، كنا ننزع الاوراق من قلب الكراسات او نفرش اوراق الصحف التى كانت جدتى تلف لى بها السندوتشاات ، لايهم اين نضعها وناكل ، المهم اننا سناكل معا ،
ونجلس الى الارض بنهاية الامر وناكل بخاطر طيب






Post: #2
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: gamal
Date: 05-11-2007, 01:40 AM
Parent: #1

سرد رائع سلمي لكي الشكر

Post: #3
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 05-11-2007, 11:08 AM
Parent: #1

وشكرى لك اخى جمال ، هذا ما كان من شان هناك اما هنا (
طعم الحياة ، عمقها ، اشياء لم تعد مرئية او ملموسة ، لا تحس اليوم وهو ينسرب من بين يديك وكانى به لمحة ، الاسبوع يكر مسبحة متسارعة الحبات ، مما يخلط عليك الايام والاسابيع مع ذلك تحس رتابة سوى بين الفصول حين تتاخر الشمس عن مغيبها او تخرج باكرا ، فتدرك انك ابن
الموسم المحدد او حين ينزل الجليد فتدرك ان الوقت شتاء ، ربما لان الشتاء هو الفصل الوحيد المغاير
فاليوم الذى تقضيه فى البيت اثر اجاز ة فيدرالية او يوم تكون فيه خارج العمل ، ينصرم كالريح حاملة ساعاتك ، فى العمل تحسها لا تمر ؟؟
حين حللت على مدينة ( ايوا )لاول مرة شهدت المدينة شتاءا لم تر مثله منذ اعوام خلت كما حدثنى احد مواطنيها فى مناسبة ما ، فالثلج كان يغطى كل شئ ، تتساوى درجة الحرارة ليلا ونهارا ، تحس ان عظامك تصطك ، وانك لا تقوى على فعل الحيا ة نفسها
كثيرا ما اعترانى احساس ان اعود من حيث اتيت لان ذلك البرد سيلحقنى بابى ذر خاصة لحظة ان اكون عائدة من العمل مشيا ، تحت زخات الجليد ، وصوته يصر تحت اقدامى كنت اتحسس جلدى حين اصل الى البيت لاتاكد انى ما زلت على قيد الحياة 0 لاول مرة اهتم بما يعرف بالمذكرات ، كتبت اول يوم عدت من العمل ( كل شئ يمضى حسب ال(system )حتى انت نفسك صرت تدور فى هذا الفلك ، تؤدى نفس العمل ، نفس الاشياء منذ صحوك فى الصباح ( هذا ان كنت محظوظا ) ونلت قسطا من النوم ، تحتسى قهوتك التى لا تعرف لها مذاقا لان حاسة الذوق لديك اعتراها التعطل ، لا تعرف طعما لما تاكل ، لنفس السبب كنت احيانا اتساءل :هل لدى الوقت لتذوق الاطعمة ؟ والاستمتاع بما اكل ؟ فما هو دور الماكدونالز ان لم يكن لافساد ذوقك ؟ وكذا البيرجر كينج ، والكنتاكى ؟ حتى وان اتهموا هذا الاخير فى القنوات الرسمية من خلال عرض لفيلم شاهدناه كيف ان احد العمال اساء الى الدجاج !! وهذا ما اعتبروه خارجا عن الانسانية ، وان منظمات حقوق الحيوان رفعت دعوى ضد كنتاكى !!
اجد ان حاسة ذوقى اصابها العطب ضمن ما اصاب حواس اخرى لدى
فبعد ان( ينقطع نفسك )وتفقد القدرة على اداء كثير من الاشياء لا عليك سوى ان ترتمى الى سريرك ان استطعت ان تدخل الى الغرفة ، حينها سترتمى الى اقرب كرسى او اريكة ،ولسان حالك يردد ( كلها كم ساعة ) فالليل سواء ان كان صيفا او شتاءا لا يفى بالراحة المطلوبة ، الجسد منهك ، لا عليك تمدد ، لا يهم ان استبدلت ملابسك ام لا ؟ ستنام بما كنت تلبس منذ الازل ، حتى الحذاء احيانا لا تجد دافعا لخلعه ، لا يهم ان تمددت او انكمشت ، فكلاهما طريقتان للنوم ، ستصحو فى الصباح حتى ان كنت فى اشد حالات الاعياء ، لا عليك ، ما عليك هو ان تبلغ الجهة التى تشتغل لديها بانك مريض ، ولا عذر لك ان لم تخبرهم ، فحينها انت مفصول مفصول 0000والنظام المحكم وراءك والفواتير امامك فى دائرة من جهنم مهما هفت نفسك لمغادرتها لن تستطيع 0
منذ ان حللت فى هذه المدينة وكل عملى مرتبط بالمطبخ كان علينا ان نرص الاطعمة الى ( صينية ) بيضاء مستطيلة ،مغطاة بورق ملون نضع عليها اصناف الاطعمة يمر عليك خط الطعام line فهناك وجهان للخط واحد للاطعمة الباردة والآخر للحارة بما فى ذلك لحم الخنزير ( الذى كانت رائحته تنعقد فى ملابسى حتى لحظة خروجى من المطبخ باتجاه البيت الامر الذى يدفعنى للاستحمام حتى لو كان البرد من نوع الذى قتل اخانا ابا ذر ) وكنت اتعجب كيف ياكل المريض هذا اللحم النتن ؟ وكل انواع البكتريا تعيش فى داخله ، يمكنك ان تراها داخل الاناء المعد لطبخ ذلك اللحم ، بل احيانا يطلب المريض مزيدا منه ؟ المهم ان الاطعمة بحارها وباردها توضع الى عربات كبيرة ندفعها باتجاه الغرف لافطار او لغداء او لعشاء المرضى ، لكل وجبة نوعها الذى يحدده الطبيب ، والمريض تجده حريصا على طعامه حرصه على الحياة نفسها ، عدا عن الاسناك(snacks ')وجبات تقدم بين الوجبات ، كنت اتحسر على مريضنا حين يجول بخاطرى ، اذكر كم هو صوفى حتى فى مرضه ، وهنا ان تصادف وتاخرت عن مواعيد الطعام فانت مزجور زجرا وازعم انه لو علم بمصدر الطعام لما اكله حتى ، فكل الاطعمة مجمدة ، السمك مجمد اللحوم بانواعها احيانا اخال ان العواطف نفسها تخضع للتجميد ، كنت اخرج عن تلك الدائرة لحظة الراحة التى لا تتعدى الخمسة عشر دقيقة تجدنى اكتب واقرأ محاولة نسيان المطبخ وما اعتراه من روائح لا تطاق ،( اسرح ) احيانا فى الردهات فى المستشفى بين اللوحات التى تملا انحاء المستشفى من كل انحاء الدنيا جاءوا بها لوحات لبيكاسو ودافنشى ،ولفان جوخ ، وغيرهم من الفنانين العالميين ، معارض تقام ، اسواق تباع فيها المصوغات للمرضى والزوار

Post: #4
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: نجوان
Date: 05-11-2007, 12:24 PM
Parent: #3

Quote: شهدت المدينة شتاءا لم تر مثله منذ اعوام خلت كما حدثنى احد مواطنيها فى مناسبة ما ، فالثلج كان يغطى كل شئ ، تتساوى درجة الحرارة ليلا ونهارا
جمال الجليد في يوم عطلة.. تستقيظ بعد نومة طويلة وأنت أكثر إرهاقا وكسلا...
تحتسي القهوة بالحليب.. أو الشوكولاته الساخنة..
وتنظر خلال النافذة.. للجليد بالخارج وهو يغمر الأرض بقبلات من النرجس والياسمين..

ويظل تغيير الفصول أحلى هبات الطبيعة..

واصلي يا سلمى هذا الحكي الجميل .. ذكريات صادقة ونبيلة..
وتحية ليك ولأهل أيوا.. لم ألتقيهم ولكن سمعت عنهم كل طيب..
واعذريني إن أقحمت هنا خاطرة او إتنين..

Post: #5
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: طلال عفيفي
Date: 05-11-2007, 01:13 PM
Parent: #4


حكاياتك زي العسل يا سلمى ؛
خايفك والله تغطسي في حكاية من ديل ،
وما ترجعي تاني !!



Post: #6
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: طلال عفيفي
Date: 05-11-2007, 01:26 PM
Parent: #5


أما العباسية يا سلمى ، فأعتقد ( والله اعلم طبعاً )
أنها سُميت على الخديوي عباس حلمي والذي بيُقال في
كتب التاريخ إنه كان بيدعم المقاومة الشعبية ضد
الجماعة الإنجليز ..

وفي القاهرة هناك حي للطبقة الوسطى شهير بإسمه ،
وكوبري شهير جاء ذكره في أغنية أحمد عدويه :
على كوبري عباس
ماشيه ، وماشيه الناس
ماشيه تبص عليكي يا حلوة
يا فـُروته واناناس






أفتكر كده !


Post: #11
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 05-12-2007, 02:18 AM
Parent: #5

تمرة القلب طلال هل تعرف تمرة القلب ؟انه انت ، اسال امك عنها،وكنت قد حاولت ان استجمع كل محطاتى فى الغربة فى هذه الكتابة وارصفها الى الى ما كان عليه حالى فى (الهناك )
خرجت منها بكثير تعليم لم تتحه لى كل الكتب ولا كل المدارس ن تعلمت ان ارى الاشياء غير ماهى عليه حتى القمر كنت اراه مغايراوصدقنى يا طلال اتمنى ان اغوص فى حكاياتى ولا اخرج لاننى احب تلك العوالم ( من نافذة الغرفة المطلة على شارع جانبي صغير في مدينة ايوا كنت اتطلع الي الخضرة التي حالت سوادا هذا المساء ، بدا المشهد مثيرا للاشجان والتامل ، خاصة حين اطل القمر ،كانت فكرة غائبة عني لامد طويل ، ان ارى القمر ، ربما لانني فى تلك الايام كنت عاطلة ، وكنت ابحث عن موضوع ما
السماء كانت صافية يتدرج اللون الازرق من درجة الى اخري حتي ليصل الى اللون الازرق الداكن 0
في الافق البعيد ، كنت استرق النظر اليه ، كاننى اراه لاول مرة ، رايته جميلا فى كماله ذاك مرسلا اضاءته باتجاهى ، نور وددته ان يجالسنى طويلا ، حتي الابد ، اخذتنى تلك اللحظة الى هناك

كنا اطفالا بعد ، الكهرباء كانت في عداد ال( عزيزة ) لكنها ليست نادرة في مدينةالابيض ، التيار كان ينقطع خاصة فى الخريف ، فكان ملاذنا( الرتاين ولمبات الجاز) ، او القمر في الليالى الصيفية ، نخرج لنلعب تحت اضاءته المشعّة مترعين بوجودها 0
نظرت باتجاه نافذةالغرفة واستعدت صورة ( قمرنا ) تلك الصورة المعطونة بالاساطير ، المعجونة بالطقوس والعادات الممزوجة بالحياة وسيرورتها منذ الولادة حتي الموت
حدثتني امى عن القمر وعلاقته بالزراعة والمطر ، قالت :
ــ امي كانت بتقول المطر بيقل ايام القمر كبير
ولحظت ذلك الامر ، خاصة هنا في ايوا ، ففى ايام اكتماله لا تكاد تنزل الامطار الا نادرا في الصيف ، وفي الشتاء تقل الثلوج ،ربما كانت الصدفة عاملا ، لكنها حدثت وكثيرا
للقمر وجه آخر في حياتنا رغم انه لم يعد يشكل ذلك الحضور القوى كما فى السابق ، ذلك انه تمت منافسته من عدة جهات ، اولا بالنوم في الغرف ، بدلا عن الحيشان وفقا للامكانيات بالضرورة ، (لكن نفسى تهفو لسرير فى الحوش)
او ربما لانشغال الناس بامور الحياة ، وكذاالشعراء ، فالناس فى هم الحياة الذى باتت عليه اليوم ، لا اتصور ان احدا به شوق لتامل القمر ، حتي خسوفه لم يعد يشكل امرا جاذبا ولا للاطفال 0
كنا حين يحدث الخسوف ترانا نهرع للكبار ليحدثوننا عن الخسوف ومتى حدث اخر خسوف ، تردك احصائيات ربمالا تكون متاحة حتي لاهل الارصاد الجوى ، ويربطون الخسوف بالحياة ومجرياتها ، وعلاقة الخسوف بالحاكم الجائر ، وكم من حاكم جائرخسف به الله الارض ايام كان القمر كبيرا ، وهل لدينا ابدا الا الحكام الجائرين؟
لكنهم( اهلنا) كانوا حريصين علينا لا يدعوننا نتامل الخسوف عيانا بيانا ، لانهم يرون ان ذلك الامر صعب وخطر علي العيون ، وهم يسمون الخسوف اسما شعبيا ( القمرة خّنقت )
كنا لحظة الخسوف نهرع الى المخزن ، نستخرج الصفائح الفارغة ، والطشاته ( طشاتة الغسيل) المصنوعة من الحديد او الصفيح ، وكل ما كان يصدر صوتا حادا ونبدا بالضرب عليهاحتى يعود الينا القمر من غيبته كما عهدناه ابيضا وناصعا فاذا ما عاد عادت الحياة الى مجراها الطبيعى بدانا اللعب وتبدا مسابقات ( حرينا ، كمبلت ، شليل ) نلعب ما استطعنا الى اللعب سبيلا ، فلاواجبات مدرسية تعكر الصفو ولا هم ان تصحوباكرا للمدرسة ، بعكس الايام المدرسية التي حين يحدث الخسوف فيها فمعنى ذلك بعد انتهائه ان نجرى باتجاه الرتاين ولمبات الجاز التي نعدها منذ العصر نلمع زجاجها ونرفع شريطهاونعبئ جوفها بالكيروسين تاهبا للمساء
حتى اثناء العام الدراسي كنا حريصين الا يفوتنا الخسوف ، فتلك من وسائل الترفيه المتاحة والنادرة الحدوث
قمر اربعتاشر كان ( فاكهتنا ) ووسيطنا في اللعب والترفيه ، ففى تلك الايام لم يكن التلفزيون قد دخل الينا بعد ، ولم يتعارض مع الحبوبات الاتى غذيننا بالاحاجى وميزننا بذاكرة ملؤها الخيال الذي ازعم انه فتح امامنا مغاليق ماكان لها ان تفتح لولا وجودهن في حياتنا 0
اهفو الى هناك يا طلال

Post: #22
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: محمد الامين محمد
Date: 05-12-2007, 03:07 PM
Parent: #5

فوووووووووووووووووووووووووووق

Post: #10
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 05-12-2007, 01:44 AM
Parent: #4

الحبيبة نجوان لك كل الحب وكل المودة
حكمت على بعض الظروف ان اسافر الى ولاية مينسوتا شمال ولاية ايوا ، ولاية يسميها اهلها ولاية العشرة الف بحيرة ، وانت لا ترى سوى البحيرات اينما وجهت بصرك ، كانت زميلتى فى الغرفة من اهل نيويورك ، فى البداية كنت اعتقد ان مشكلتى معها شان فردى فى امر التخاطب ، لكنى اكتشفت ان الكل يعانى من امر التواصل معها ، فهى الى صعوبة التواصل معها كانت صعبة المراس وكنت ارد ذلك لصغر سنها والفارق الكبير بيننا ، فهى فى العشرين من عمرها ، اى انها من الممكن ان تكون فى سن ابنتى ، حين سالناها عن المدينة التى جاءت منها ،وحين اجابتنا لم اكن اتوقع كل تلك الدهشة ان تصدر عن بقية الطالبات اللاتى اعلن دهشتهن كونها جاءت من نيويورك!
كنت اذن قد دخلت المدرسة فى مينسوتا ، لكن قبلها كنت دخلت الى فصول اخرى فى تكساس ، لم تكن المدرسة هى المشكلة بل كانت اللغة ، فحين تسالك المدرسة وتجيبها تقول لك (هذا ليس انجليزى امريكى) ، اما ما تنطقه تقراه هناك ، فى انجلترا ، ومن هنا فهمت ما كنت قد اطلعت عليه ذات مرة فى مجلة امريكية حول ( امركة اللغة الانجليزية ) وبالفعل بدت لى مختلفة ، فكل كلمة درسناها باللغة الانجليزية لا تصادف كثيرا ما تعلمناه مؤخرا ، لكنك لابد لك من ان تتعلم تلك اللغة ولو على مضض لانها ستكون لغتك للاعوام التى ستعيشها هنا ، كانت الاستاذة التى تدرسنا من النوع الذى نسميه فى السودان ( متجهلة ) فهى معنية كل العناية بمكياجها رغم الحر ، وباظافرها الطويلة المقززة ، التى تحرص على صبغها كل يوم بلون جديد تبعا للفستان الذى ترتديه دائما ما كانت تلبس باروكة سوداء ، حتى احذيتها كانت غريبة ، كنت اناديها الانتيكة لغرابة ما كانت تلبس، يداها المعروقتان كانتا تتحركان كثيرا ، لعلها شاءت ان تشهدنا على الخواتم المزيفة اليواقيت نحن ابناء العالم الثالث
كنا نجلس فى فصل مزدحم بالاجانب من المكسيك وكوبا والصومال واثيوبيا ارتيريا ، وغيرها من البلدان ، معظم الطلاب كانوا ممن جاءت بهم المقادير الى هناك ،،

Post: #7
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: صديق الموج
Date: 05-11-2007, 04:28 PM
Parent: #1

سلمى....كلنا هنا.....حبيبنا هناك
راجع ليك لهذا السرد المدهش..وسنحكى عنه
مستوحشين سلمى كلنا فى هذه المنافى من ينتظر عودة حبيب
ومن تهفو روحه لحبيب هناك...
وبين هذه وتلك تظل اشواقنا بطول النيل
دموعنا بمقدار مياهه....ورحيلنا
مثل رحيل امواجه...حيث تتكسر على اعتاب الابيض
واحدات فى شوق للدلتا واخريات يقتلهن التوق للاسكندريه
حبث العجمى...وسيدى بشر
سلمى حتى اعود خلى بالك من نفسك عليك،،،

Post: #8
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: نهال الطيب
Date: 05-11-2007, 08:44 PM
Parent: #7

أشتاق أفتش نسمة
في الزمن العذاب
وإيامي من كتر الأسى
وكتر العزوف والاغتراب
صارت حروف مترهلة
لحظات أسيفة ومهملة

حبيبة قلبي ست سلمى
دايما بتهبشي جواي عارفة لمن اقرأ ليك موضوع بحس زي كنت بحكي ليك البعيشه وإنت طلعتيه في كتابة ولا أروع




لك مودتي

Post: #21
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 05-12-2007, 02:40 PM
Parent: #8

نهال الحبيبة تجديننى دائما فى حالة من الوجد الى هناك حيث الاحبة والبلد الذى احببته رغم كل شئ ، رغم المسافات التى تفصل بيننا لكنها تنتفى وتصل الى حد التلاشى ، اذكر وكنانسافر بين الابيض الى الخرطوم تهزنى تلك اللحظات واعيد ترتيبها داخلى كنا فى احد سفرياتنا ( المشاحنات للجلوس الى الشبابيك كانت فاكهة الرحلة التي لابد منها رغم ان العيشة ( مفروزة ) الاولاد لهم غرفة و كذا نحن البنات إلا ان ذلك كان امرا لابد منه ، محبب لدينا خاصة ان كان الخريف قد حل باكرا فالمشاهد تخلب الالباب ، الارض الزي البساط مبثوثة فيها الالوان الزي كانت تشبه الزرابي المفروشة مد البصر تعلو التلال المخضرة و المصفرة بالزهور و الذرة التي بدات تتطاول شجيراتها من الابيض الى الجزيرة المروية يهزك المشهد فتنادي الباقي من اخوتك ليقفوا معك على روعة ماترى تبدو لك لحظة من الوئام المؤقت كان لم يسبقها خصام على النوافذ او عناد ..
- عاين/ عايني .. اللون .. اللون الاخضر اخضر نعسان الضو زي عامل لون فضي مع الاخضر ياخ دي حاجة ماحصلت سمحة مش ؟
يعيدنا صوت معاوية الى داخل القمرة .. كان يتميز بصوت دافىء حين يردد اغنيات الحقيية و سيد خليفة و كلاهما يشجينا صوته خلالهما يحفظ كثيرا من الاغاني و يهدهده القطار فيبدأ فاصله مترنما بخفوت ثم لا يلبث حين نبدي اهتمامنا به ان يرفع عقيرته بالغناء الشجي يتحول الغناء الى جدل لذيذ بينه و بين امي التي كانت مرجعه ان نسى او مزج كلمة باخرى في اغاني الحقيية تحديدا يحرك ساكنها بحوار انيق سرعان ما ينجذب ناحيته والدي مضيفا او مصححا مرجعا كل اغنية لشاعرها و مغنيها و مناسبتها ...
احيانا يسرقنا صوت المشاحنات من الغرف الاخرى الى فضائه فانت حين يتحرك القطار لابد من سماع اصوات مشاحنات فيما خص الحجز 0 ذات مرة ضحكنا ضحكا مكتوما و حين لم نستطع الى كتمه اغلقنا الباب لكن النوافذ المفتوحة لم تشا إلا ادخال صوت الشجار الى موقعنا.
- دا حجزنا بتعرفي تقري مدي راسك و اقري
- و الله ياختي انت الما بتعرفي الناظر حجز لينا 000 الناظر ذاتو
- و انت شن عرفك 000 قراية ما بتعرفي 000 ختي ياختي ختو ناس حبه
- و انت حبه شن عرفتك بيهن؟
- اها النوريك حبه دا ود خالتي لزم..
- سجمي انت بت ؟ فضيحتي فضيحتي ياختي و الله متاسفة النعمنو حبه دا عمي اخو ابوي العفو و العافية انت هسى ماشه و ين و جيتي من وين ؟
و كنا نستمع الى تلك الاصوات الباكية و يقطعها صوت امي محذرا ايانا
- احسن حاجة تعملوها لي دنيتكم و زمانكم قدموا الكلمة الطيبة هسى النسوان ديل كان من الاول قالن ليهن كلام حلو ماكان دا كلو حصل .. النو صيكم ادوا بعض الريق الحلو

Post: #13
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 05-12-2007, 06:10 AM
Parent: #7

يا صديقى صديق الموج لك الود والتقدير على جميل وصاياك على (وساخلى بالى من نفسى ومن وطن باقيهو عندى )كنت ذات يوم اعبر نهر ايوا وهو نهر صغير لكنى عقدت مقارنة بينه والنيل
حافة النهر كانت لامعة إثر انعكاس اشعة الشمس عليها لم يكن النهر ابيضا ثلجيا حاله فى فى مثل تلك الايام من السنة ففى الايام الاخيرة من السنة كانت ملامحه تبدو بيضاء ، هذا العام لم تدر دورة الثلوج عليه بعد فاعياد الميلاد جاءت فى غيرما بياض كانت المدينة تحلم به فهو مكمل فرحتها فى تلك الاعياد بعض الاسر لا تجد بدا من شراء المفارش البيضاء الجاهزة تعبيرا عن الثلوج يفترشونه فى ارضيات بيوتهم ان لم يهطل الثلج فى ذلك العام
النهر كان ذلك الصباح فى صفحة ناصعة ناعمة فى بعض اطرافها متعرج فى البعض الآخر ، كنت اعبر الكوبرى الفاصل بين شرقى المدينة وغربها فالقا المدينة الى جزئين فى مدينة ايوا ، كنت اعبر الكوبرى اذن صباحا ومساءا فى طريق عودتى ورواحى الى مكان العمل
كثيرا ما كنت ارنو للنهر ، احيانا يستهوينى فابدأ مقارنة بينه وبين نهر النيل الذى تخترقه الكبارى الثلاث شمبات والنيل الابيض والنيل الازرق وكلاهما قد شيدا قبل ما يقرب القرن فلقد تم تشييدهما فى العشرين سنة الاولى للقرن العشرين هذا كما نعلم هو الازرق لكن البيض اكثر حداثة منه خيث تم تشييده فى الثلاثينات، فيما بعد تم انشاء كوبرى جديد هو كوبرى الفتيحاب او هكذا يحلو للعامة مناداته ، الاسم الرسمى هو كما علمت كوبرى الانقاذ ؟؟
اخال ذاك النهر يحدجنى بغضب حين اقارنه بنهر النيل فهو كما حدثته لا يجرؤ ان يكون سوى فرع من نهر الميسيسبى مهما كانت قوته واندفاع مياهه رغم ارتفاع منسوبه احيانا لكنه لا يضاهى حتى نهر القاش ، احسه يقول لى
ــ انا ايضا معروف ولى اسم ، اسمى نهر ايوا انتسب لمدينة ايوا التى تعيشين فيها الان
كنت امد لسانى وابادره بالرد
ـ لكنك صغير بحيث لم يتغنى بك احد ، لم يتمثلك الشعراء فلم نسمع بشاعر اسمه شاعر نهر ايوا ، لكنى اعرف شعراء النيل ـ التجانى يوسف بشير ، وحافظ ابراهيم ـ وغيرهما من عشاق النيل الذين خلدوه شعرا ، كنت اتساءل بينى وبينى ـ هل لان النيل عشقه مباح ؟ام لان النيل سرمدى ؟
تترقرق عيناى بالدمع لحظة ان شهدت الموجات الواهنة تتكسر على ضفة النهر محاولة كسر جمود الثلج ، حملتنى الموجات الى هناك باتجاه المدن التى لم اعد اليها منذ زمن بعيدطاف بى مركب الشوق والتوق من توتى الى اسوان رأيت الشلالات والسماكة يصارعون النيل فى سبيل اصطياد سمكة تفى بحق العيال ، شهدت المزارعين يفدون الى الضفاف الرائقة فى البكور ونشوة الصباح الالق رايت حياة لم اشهدها منذ امد طويل زلفت دمعة مجرى الخد غامرت لسحبها حتى لا تنزل فتبتر المشهد ويضيع القه
كان يوما غائما لم تتشرف الشمس بالخروج بعد لكنى احسست دفئا فى ذلك اليوم البارد احسست اشعتها تنزلق "هناك"باشعتها الحمراء مشرقا ومغيبا على سطح الماء فتبدو قانية تحمل اشواق العشاق من اسوان الى السودان
فى ابروف حملتنى الاشواق الى غصن الشجرة المكسور الذى كنا نجلس الى صهوته صحبة العميرى وخالى محمود ، كم غنانا على تلك الصهوة ممجدا ابروف والخليل معا ، كان العميرى دوما محرضنا للنزل "البحر "
ــ ياخ النيل دا زول عجيب مرات بجيهو فى الليل لمن اكون زهجان بكلمو ، تعرفو هو الزول الوحيد البسمعك وما بيسالك،بغنى ، بحكى ، ياخ النيل دا كائن عجيب بخلينى احبو بشكل ما طبيعى
ولعمرى لم ار احدا احب النيل كما احبه العميرى رحمة الله عليه
آخ يانيل ... مع ذلك كنت اخافه ولا اجرؤ على مد يدى لمصافحته كما هى عادة الناس فى المواسم التى يزورونه فيها خاصة ذلك الطقس الرائع "السيرة"حيث النساء ينزلن اليه متبركات يمسحن بمائه الوجوه ويغسلن الاقدام ويغصن الى عمق عميق علهن يجدن ما حلمن به من"اسبار وامنيات مسكوت البوح بها"لعلها عادة فرعونية او مروية المهم انها بغور التاريخ ، يدلفن الى النخيل ويقطعن الجريد المندلق على حافة النهر يعدن من تلك الرحلة سكارى بنشوة النيل ومائه العذب
صادقته على نحوخاص بى رغم انه كان يصدنى كثيرا وكنت لا اقوى الا على تلبية ذلكم الصد ما لسبب الا لانه حمل رفات العديد من الاصدقاء واناس احببتهم، مع ذلك لم ينفض سامر حبى له واحساسى العميق بحبه قط
يمتد ويمتد يهب الصيادين الحياة والمزارعين الرخاء اولئك الذين يدوزنون الاناشيد على ضفافه ويعزفون اغنيات الحياة من لدنه
يعوى صوت العربات من حولى فى الكوبري الفاصل بين ضفتى مدينة ايوا لكنى مازلت ماسورة الى هناك ادخل الى عمق النيل الابيض اشهد مدينة كوستى اجد النيل الابيض" مشرورا "عريضا ممتلئا باعشاب النيل البالغة الخضرة ممزوجة بالا رز حتى ربك .. يحتجب النيل اخضرارا وتشك ان ثمة ماء تحت الاخضرار متدحرجا ببطء شمالا ليتصل والازرق ليكونا هبتنا النيل
الازرق له وقع خاص لدى ، لان اول مرة شهدت زرقته كان حين عبرنا كوبرى النيل الازرق صحبة العميرى الذى لفت نظرى لعبارة مكتوبة عند مدخل الكوبرى،وضحكنا من عبارة مكتوبة فى اتجاه الكوبرى المؤدى الى بحرى "اركب البسكلته "ونبهنى عبد العزيز العميرى الى عبارة مشابهة فى اتجاه القادم الى الخرطوم "انزل من البسكلته"
كنت صحبته قادمين من وزارة التربية والتعليم، قلت بعد ان انهينا مهمتنا
ـ نركب المواصلات
ـ مواصلات شنو انتى مجنونة ؟ تعالى اوريك حاجة عمرك ما شفتيها
ـ وين ؟
ـ نقطع الكوبرى كدارى
ـ كوبرى منو ياعبد العزيز؟بخاف من الحتات الزى دى ، بعدين ما تنسى انى جاية من الابيض
ـ ما بتجيك حاجة
كان قلبى "هبابة "فى يد امراة توقد نارا بحماس فائق متعجلة متعرقة لشدة الضرب على الهبابة تسبح بين جسدها والهواء لتحوز اكبر قدر منه
ـ عاينى اللون دا كيف ؟
ـ ياتو لون ؟
ـ اللون الازرق
صمت قصير اردفه بقوله
ـ: انتى قايلة التسمية دى مجانا ؟
ـ بالجد ازرق
ـ شفتى كيف العبقرية ؟ عبقرية اللون الازرق فى النيل الازرق
توقفنا لبرهة فى منتصف الكوبرى كنت ارى الامواج تهتز لها جنبات الكوبرى همت فى تلك اللحظة ولها بذاك اللون حين تحركنا باتجاه نهاية الكوبرى لم املك نفسى من الضحك حين طالعت عبارة "انزل من البسكليته "اتجهنا صوب الشارع المكتظ بالعربات ويخال الى اننا كناالمارة الوحيدين فى تلك الساعة من النهار ، وبمحض الصدفة كانت تنتظرنا سيارة بيضاء يقودها الفنان الذى احبه كثيرا النور الجيلانى الذى اقلنا للاذاعة
2003 ايوا






Post: #9
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: علي طاهر
Date: 05-11-2007, 09:46 PM
Parent: #1

بالرغم من زاكرتي الخربة تماماً إلا أن حديثك زكرني بتلك الأيام الجميلة التي تحتوي على الكثير من المشاهدات الحميمة و الأماكن الأكثر قُرباً الى القلب و الأكثر حناناً و بالرغم من معالم الغربة الظاهرة على النفس و ما تركت هذه المدن الكرتونية التي نعيش فيها من آثار سيئة إلا أن معالم الوطن الحبيب ما زالت راسخة في القلب بكل تفاصيله المملة لك كل الود و انت تعيدين الى الذاكرة نضجها و ألمها ...

كوني بخير

Post: #12
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: الخير محمد عوض
Date: 05-12-2007, 06:08 AM
Parent: #9

الاسـتاذة سلمى الشيخ

يسلمك ربي من كـل شـر...(ايوا سيتي) كانت اولى البوابات التي
قادتني لعبور تجارب وعبر اخـرى في بلاد العم سـام..اظـنه ذات
الشتاء 99/2000 البرد ياسـلمى كان يذيد قاطني ( ديم لطفي) دفئا
استقبلوني وابتساماتهم العريضـة يرسمها فرح ان تلتقي من تحـب.
كانوا كلما وفد وافد الي المدينـة يستقبلوا فيـه فقـدهم..الفقد
والخفوت كانا سـيدا الموقف..اناس كنت ارى فيهم امـالي وتطلاعاتي
وكانوا يروني بعين شفـقة اهوال عظام تنتظرني وتنظرني في بلاد العم
سام.
عبدالله نصحني بالقراية ولم انتصح..اجتهد الفاتح في تعليمي(القطر
قام) ووجبات اخرى تعينني حينما ينقطع بي السـبيل..الفاتح كان دايما
بردد لي عبارته الراسخـة( يا مان البلد دي مافيها يا يما ارحميني)
ثم يسكت ليضيف ( الناس هنا كلو زول بياكل نارو). اما ايمـن كان بقول
لي( يا مان هنا في حاجة اسمها السستم يا اما تدخلو يا اما ادخلك).
بعدها يا سلمى( حماني القطار الي محطـة سانفرانسسكو) والى عالم(القريي
هاوند) ولم تهـدا روحي بعد من فرط الترحال والخفوت يسكن كل المدن التي
عبرتها.. اختي سلمى ( لعن الله الخفوت).
انها الذكريات..تدخل باب الوردة من اوسع رحـيق.


ودي واحتراماتي
.

Post: #19
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 05-12-2007, 12:39 PM
Parent: #12

العزيز الخير محمد عوض ازعم ان ايوا او مدينة ( نعم ) كما يقول صديقنا محمد على مالك من اكثر المدن التى شهدتها هدوءا واهلها يمتازون بطيبة المزارعين ، حتى لتشك احيانا انك فى امريكا لكونهم يحملون كل ذلك التسامح وكل تلك الاريحية ،( مساء كان عاديا تجري الحياة فيه ككل يوم ، لكن تلك العادية انكسرت لدي ، كنت اوصل طلبا لمريض فى مستشفى ايوا، في طريق عودتي رايت مشهدا ارى مثله لاول مرة في حياتي ، شاب في مقتبل العمر يجلس الي الارض ، وهو يجهش بالبكاء ، يبكي بحرقة ، اقتربت منه ، سالته ان كان يمكنني مساعدته ، من بين ادمعه جاءت الاجابة بانه فقد جدته وانه حزين لانها ماتت ، ولن يراها الي الابد ، جلست بقربه مواسية ، ربت علي كتفه ومضيت باكية ، فلطالما آلمني رحيل جدتي وحتي الآن .
في الطريق الي المطبخ سألت نفسي : هل ما رايته حقيقة ام انه مشهد في فيلم ما ؟ذلك انني ماكنت اعرف انهم يمكن ان يبكوا ، او ان يتالموا كبقية البشر !! لم اتعرف الي الانسان الامريكي الا خلال الافلام والروايات والتلفزيون ، كنت اخال ان الاسرة الامريكية جزر معزولة لا يجمعها جامع ، ولكم خاب ظني تلك اللحظة ، وعزز الخيبة ما شهدته امامي وجعل دمعي يهمي كالمطر ، فلقد مررت باسرة اخري كانت تقف الي غرفة العمليات منتظرة ما يسعدها من اخبار ، اسرة كبيرة قياسا بالنمط الغربي الذي لا يزيد عدد افراد الاسرة فيه عن الثلاث او الاربع في اقصي الحالات ، اذن وجدت هذه الاسرة تنظر الي فراغ المكان ، تود لو يخرج الطبيب لتبليغهم عن حالة مريضهم ، وجدتهم يطبطبون علي بعضهم البعض ويرددون الصلوات ، يمسحون دمع غالبهم وساح ، خائفين ان لا يفعلها مريضهم ويموت ، لان العملية استغرقت وقتا طويلا مضيت اهز راسي تعجبا من ذلك المشهد الذي يمكن ان تراه في اي مكان آخر ، بنفس الحميمية التي رايته بها .مشهد انساني كامل الدسم.
كنت كلما دخلت غرفة احد المرضي دافعة بوجبته الى المنضدة امامه
وجدت عددا من افراد اسرته يتحلقون حوله تجدهم يتناوبون الزيارة تماما مثلما نفعل يدفعونه للاكل ان صد عن ذلك يجيئونه و معهم طعامهم خاصة الاكلات التي يحبها .يبقون معه شادين من ازره 0
حتى لحظة موت المريض تشكل عندهم صدمة كالتي تحدث لدينا .
فالموت له طقس رفيع وهيبة قلما شهدتها فالميت يلبسونه اغلى ما لديه تتقدم موكب الجنازة عربات الشرطة و متوسيكلاتها فاسحة الطريق امام الاشارات الحمراء يتشح المعزون بالسواد رجالا و نساء يصل الموكب الى المقر الاخير the last ride حسبما تشير العربة المحمول فيها النعش يقراؤون خطبهم و يتركونه لبارئه و يمضون الى حيث العزاء بولائم فخمة يستقبلون المعزيين مثرثرين حول فقيدهم او ما شاءوا ينفض سامرهم ..
لكن اهل الميت يظلون في حالة تواصل مع فقيدهم يزورونه في مرقده الابدي كلما عنّ لهم ذلك ، يضعون علي قبره الازهار والصور ويخبرونه ما فاته من احداث ، في كل عام يتذكرونه بتعليق صورته في الصحف اليومية مصحوبة بآيات الحسرة والتعبير عن الفقد والفراغ الذي تركه بغيابه الفاجع ، ولا يفوتهم وضع مقعده في موائد الاعياد ، خاصة الكريسماس وعيد الشكر وهوعيد خاص باهل امريكا فيه يخرج المرضي ممن لا تستدعي حالاتهم مراقبة دقيقة من الطبيب الي البيت لقضاء ذلك العيد مع اسرهم ، وذلك كان محل احترامنا لانه يخفف عنا عبء العمل في ذلك اليوم ونكون علي اهبة الاستعداد للعودة الي بيوتنا باكرا، تجدهم اذن يهتمون بهذا اليوم كانه عيد منزل من السماء ، ويظل حزينا كل من فاته ذلك الشرف للاحتفال ، ونادرا ما يفوتهم ذلك العيد بين اهلهم 0
ويفعلون مع شيوخهم المتقاعدين الي بيوت العجزة ما يفعلون بمرضاهم ، ففي ذلك اليوم يصطحبونهم للبيوت بغرض الاحتفال ، او تجدهم يحولون الاحتفال الي بيت ذلك العجوز

Post: #14
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 05-12-2007, 06:36 AM
Parent: #9

هناك حبيبى يا ابنى العزيز على حبيب افتح القلب مشرعا كيما يدخل ويرتاح (السابع من شهر سبتمبر من العام 2005 صحوت متحفزة لسفر لا اعرف الى اى مد ى ستكون وسيلتى فيه مريحة ؟ غادرت البيت والناس نيام لم تر الدنيا النور بعد ، مسرعة خطاى باتجاه الشارع ، اوقفت( ركشة)سألت سائقها ان يسرع كيما الحق بالباص السياحى ( القدال ) كنت على عجل للقاء حبيبة طال فراقى لها ، لكنها لم تخرج عن الذاكرة ، لم تستطع كل المسافات لقطع الصلة ، ظلت تلازمنى فى حلى وترحالى ، فى كتابتى وشجونى ، تنأى على المحو ، كنت امعن فى غزوها من على البعد
سألتنى استاذتى فى الادب الانجليزى وكنا بصدد اصدار مجلة يحررها السودانيون فى مدينة ايوا،ان اكتب عن قريتى ، قلت لها لكنى ما تربيت فى قرية ، لكنى ساكتب عن مدينة احببتها ، سأكتب عن الابيض
وكتبت عنها لاول مرة باللغة الانجليزية ، عقدت مقارنة بينها ومدن اخرى شهدتها، لكنها وحيدة فى جمالها ، فريدة فهى تشبه المدن اليونانية ، والمصرية خاصة اسكندرية
دلفت الى داخل الباص الان ، باص طويل وضخم ، جلست الى الكرسى الذى حمل رقم (19) ملاصقا للشباك الزجاجى المتدلية عليه ستارة سميكة بنية ، ازحتها ، لم ار اثرا للشمس منذ ان غادر الباص الى جبل اولياء لم تجهد عينى الحرارة وصهدها كنت انظر من كل ناحية فلا ارى سوى السندس زرابى كبيرة تغطى الارض التى خلت من البشر الا ما ندر ارض شاسعة خضراء بل كاملة الاخضرار ، وحيدة تتعزى باخضرارها وماؤها المحيط من كل ناحية ، (متقطع ترع )هواء عليل يدخل عمق الرئة يغسلها من درن العوادم والاتربة ، ارض مروية وصالحة يتابى عليها الناس سكنا وحياة قلت لنفسى (ماذا لو امتلكت قطعة ارض ، فهى بتول ، افلحها واعيش من عائدها تكون مصدرا لرزقى ، ، ليتهم يفعلون )لكنى لم ار سوى الكآبة تحيط الانحاء ، بيوت مبنية فى غير ما لمسة انسانية ناهيك عن الجمالية او نظام يصفها ، لا ترى اثرا للكهرباء موصولة الى تلك البيوت ، لا ترى اصلا سوى نساء واطفال اضناهم التعب جراء جمع الحطب ونقل الماء من الترع بتلك الصورة البدائية كأنما ليس من حقهم الحياة الكريمة المتوفرة فيها ابسط حقوق الانسان من ماكل وملبس ومشرب نظيف يليق بهم كبشر
ليس شراب من ماء صدوره مكشوفة للباعوض توالدا وبلهارسيا تفرى الابدان ، تجعلك تلك المشاهد تتساءل هل نحن فى الالفية الجديدة ام ما نزال فى العصور ما قبل الوسطى ؟فقر يحل ، عوز ، جهل ؟فى بلاد تدعى انها من الدول المنتجة للبترول !! وتجرى فيها انهار لا تعد ولاتحصى للمعادن !
لا شئ يسترعى الانتباه طوال الطريق سوى تلك الموسيقى البائرة التى حاول السائق تسويقها للمسافرين عبر سماعات مؤذية وملوثة للسمع
فى السوق الشعبى بامدرمان كان ثمة مشهد لابد من تدوينه ، ويتمثل فى جيش من السماسرة تهشهم من طريقك لتعرف كيف تسيرورغم انك تقول ( حاجز )مع ذلك يتبعونك فى خط عنيد بل وانهم يتذمرون كأنك اخلفت لهم موعدا ، رغم قوة ابدانهم البادية والتى تمكنهم من عمل المستحيل لكنهم يركنون الى عطالة (خائبة )
ونفس المشهد يتكرر فى الابيض اذ عليك ان ( تفج ) جموعهم لبلوغ مقعدك فى الباص
الباص كان يتهادى او ( يتقدل ) تلك الكلمة الا وقع لوصفه حتى ملّ الركاب وصاح احدهم (كان احسن لينا النيسان)فالنيسان كما اخبرنى جارى فى المقعد :اقل تكلفة ، واسرع ، لكن تركب النيسان وقلبك فى ايدك !وبنركب السياحى وبنقول درب السلامة للحول قريب ، لكين دا كترها ، جنس التسكع دا ، من الخرطوم للرهد تسعة ساعات لمن روحنا انسلت ؟
وشهدت غيره يعبرنا ، ناهبا الارض نهبا ، رغم رداءة الطريق الذى ازعم ان يد الصيانة لم تطله منذ اللحظة التى افتتح فيها ، فالحفر والمطبات تملاه وتحس انك ( تنخج)
فى الايام الخوالى كنا نسافر من الخرطوم للابيض عبر القطار تستغرق الرحلة احيانا ما يزيد على الاربع والعشرين ساعة لكنك تبدو سعيدا ، صحبة اهلك وجيرتك من الذين تتعرف اليهم خلال رحلتك ، تتبادلون الاطعمة والحكايات والاحاديث والقفشات والراديوهو الانيس المشترك
قبل دخول التسجيل حياتنا ، الالعاب كنا نجترحها وفق المكان ( القطار ) المحطات كانت ضمن العابنا نتبادل المعرفة خلالها ، يشهدنا والدى على الاسماء،كان ينقل الينا معرفته يخبرنا ما لم تتحه لنا المدارس فى كتبها ، مواقع لا يخبرها الا خبير فى جغرافيا المحطات.
يترنح القطار على قضبانه ،وفى ترنحه ذاك كنا نتماهى مع الايقاع ، نتغنى بما تجود به ايقاعات القطار ،سواء بسواء الديزل او البخار ، لا فرق فهو القطار .
الآن تجدنى احس اليتم ، لاننى ادخل المدينة عبر بوابة ما اعتدتها وخبرتها لعدد من السنوات ، فلن يلوح مشهد المسافرين والمودعين يلوحون للمغادرين لن ترى ادمعا تتوارى ولا يلوّح لنا والدى مودعا مصفّرا بصافرته الفضية ايذانا ببدء الرحلة ، لن تتاح لك فرصة للنهنهة ، ولن يشنف اذانك صوت القطار معلنا وداع المدينة ، من الخرطوم الى الابيض ، او العكس ، وتدافع الناس مختلطا بالباعة والمتفرجون الذين كان القطار فاكهتهم ، لن تقرأ اسماء المحطات ، ولن تستمع الى طرقعات الكوبرى الفاصل بين كوستى وربك ، طرقعات تجعل النائم يصحو ليشهد كوستى ، ليشهد ورد النيل والماء مكسو به .
ادخل المدينة الان من البوابة الغربية ، الساعة لم تعلن المغيب بعد ، يقطع الباص المدينة الى شرقها ، باتجاه السكة الحديد ، لا شئ يوحى بوجودها الا من لافتة مكتوب عليها ( سكك حديد السودان ، محطة الابيض )لا ناظر المحطة ، ولا الكماسرة ، لا صوت الديزل ترتج له المدينة .. بيوت السكة الحديد مغطاة بالصمت ، خاوية ، الشجرة التى كان يرتاح الى ظلها العمال للراحة والانس فى اوقات الراحة ، بين تحميل القطار والآخر ،رايتها ترنو الى مجد تتمناه ان يعود ..
مددت بصرى باتجاه النادى ( نادى السكة الحديد)لم استطع ان ار شيئا فلقد تم ّ تسوير السور الذى كنا نعبر منه الى( البلك) حيث تصطف بيوت البوليس، اختفى الجامعين لما تساقط من ( الفول السودانى ، وبذور البطيخ المفقوش ) نضربه الى الارض فتتهاوى حباته الى الارض لا نقطعه بسكين ، ننخرها وناكلها كاشهى الماكولات ، تعود بذورها الينا فى شكل ( تسالى ) نشتريه من (بنات فلاته ) اللاتى اشتهرن بذلك الفعل والى الان
دخلت بيت صديقتى قمر زين العابدين (أول خطاطة سودانية )تتخرج فى كلية الفنون الباب(الزى ) كان فاتحا باتجاه ( سوق ود عكيفة)اغلقوه ، وفتحوا بابا فى الاتجاه الآخر ، حتى سوق ود عكيفة تغيرت ملامحه ، وساء حاله !!لا شئ جديد سوى ان الشوارع صارت اكثر ازدحاما، محتشدة بالعربات الصغيرة ( الاوتوس )وكالة عن (الفولجا )
بعد راحة قصيرة خرجنا الى المدرسة التى كانت قمر تعمل فيها ، لفت انتباهى تعدد المدارس الخاصة ، والدكاكين للشوام والاجانب من كل فج !! لكنى لم اعثر على دكان عم على العجب الذى اخبرنى استاذى محمود عمر انه انتقل الى ربه قبل اعوام خلت ، لم اعثر على ( قهوة افريقيا ) ذلك المكان الذى كان محل لقاءنا والعديد من المبدعين فى الابيض ( زهاء الطاهر ، وآدم الصافى ، ومحمد ادم النعمان ، وفتح الرحمن احمد هاشم ، ) لكنها طالتها يد التغيير كما طالت المكتبة البريطانية ، والمكتبة العامة التى تحولت الى مكتب مدير الجامعة !!!
قلت لصديقتى قمر : المدارس بقت زى السوبر ماركت ؟ بلقو مدرسين من وين ؟قدرو يدفعو المصاريف الغالية دى كيف ؟ وكل زول بشتكى من الغلاء ؟
لكنها الابيض فوق كل ذلك ، المدينة التى تتسع لكل القادمين ، صدرها لا يضيق بكل من جاءها ( مشرورة ) عادت ،مع ذلك طيبتها ما تزال الى حالها الذى كانته ، اهلها كما هم يستقبلونك ببشاشتهم المعهودة فى كل مكان خاصة حين دخلت الى مكتب الحركة الشعبية مساء الخميس التاسع من سبتمبر من العام( 2005)جمع غفير استقبلونى بحفاوة هى لب عادة اهل الابيض
كانت ليلة خضت فيها امتحانا قاسيا كمتحدث فى تلك الندوة التى اسموها ... لم يسمها احد، لكنهم طلبوا الى الحديث عن علاقتى بالابيض ،انفرجت اساريرى ، كنت تحمست لتلك الفكرة ، لابوح بعشقى الذى بدأ منذ ان وضعت اقدامى فى تراب تلك المدينة ،منذ ان تعلمت معنى ان اقرأ شعرا وكنت فى السنة الثانية من المرحلة الثانوية ، وكيف ان انسانا كاستاذ صالح ابكر كان يمكن ان يقضى على حلمى بكامله لو اننى سمعت ما قاله عن شعرى الذى ما كان لى ان اسميه شعرا فى تلك الفترة ، لكن استماتة الحلاج و ميرغنى عبد الله مالك وصديق الزيلعى فى الدفاع عن مشروعية قراءتى الشعرية هى التى حفزتنى الى هذا اليوم ،فهم الذين دشنوا مسيرتى وكل حرف كتبته هو هدية منى لهم ،وكذا افعل مع السيد محجوب عوض الكريم الذى نذر مكتبته التى كان يعمل فيها لمصلحتى ، واستمرت تلك ال(تسليفات ) حتى تخرجى فى المدرسة الثانوية ،فالابيض وهبتنى الكثبر ، نشرت اول كتاباتى فى نشرتها فى نشرة ( رابطة كردفان الثقافية )اليست مدينة جديرة ان ازورها قبل اهلى؟ ولعمرى هذا ما فعلته .

Post: #15
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: abubakr
Date: 05-12-2007, 07:49 AM
Parent: #1

سلمي صحبي... المعذرة لم انتبه الي هذه الا بعد ان زجرني صحبي لانني لم اقرء هذا "فلفلة الماكينة " ماكينة ذكرياتنا وانا استاهل فما قراءته يجعلني استاهل كرابيج مدرساتك لتاخيري..
الغربة عدو الذكري .. الواحد بعد الثلاثين غربة فان سالتيني حصاد ذكرياتي فيها فلا تتعدي مضمون ال CV والذي تضخم فصار كتابا ... لا ذكريات حميمة الا يوم ان اتت البنت واتي الولد واول يوم لهن وله في الروضة ويوم التخرج ومن ذاك القبيل ..صرنا مرجعا في تاريخ مدنا وبيوت وشوارع بلاد الاغتراب ..يجري الاسبوع فلا نعرف اي يوم نحن فيه دفاتر مواعيدنا واجتماعاتنا ومواعيد مراجعة الاطباء وتجديد الباسبورتات وتجديد التاشيرات وملء ارانيك كثيرة اليكترونيا ( ربما هذه هي الحسنة الوحيدة) كلها ثابتة .. ان تغير فيها شئ نرتبك .. امس الجمعة استيقظت ولبست وحملت اشيائ ذاهبا الي العمل وعندما لم اري ابني يخرج للمدرسة انتبهت انه الجمعة (والله) ...
هل العمر الذي يذهب من غير ان يترك ذكري يساوي العمر الذي هو ذكري ؟

Post: #20
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 05-12-2007, 02:00 PM
Parent: #15

صحبى ابويكر ، كنت حين نزلت اول مرة الى امريكا اعتقد جازمة ان العلاقات بين الرجل والمراة كم من الانفلات لكنى وجدت ما ادهشنى فوفقا للدستور لايمكن للرجل ان يمارس حتى علاقته بزوجته الا فى المكان المرسوم له ، بل ان الزوجة ان ( لحقت واشتكت الزوج بانه اساء اليها ) ايا كانت الاساءة خاصة فى المعاشرة الزوجية فانه حتام ملاق من الحساب ما يجعل حياته علقما وربما ادى ذلك الى فض العلاقة بينهما لانهم ووفقا للدستور يعتبرونه (اغتصابا)
لم الحظ ان الايدى تتشابك فى مشى الناس فى الشارع لا احد يمارس فعلا فاضحا لانهم كما يقولون ( مؤمنون)ويحول الدستور دون اى انتهاكات التى قد تحدث ، لكننى لم اشهد سوى التوقير للمراة
ذات مرة وجدنا الشرطة تقف احد عرباتها قبالة بيتنا فى تكساس وسالنا عن الحدث فكان ان قالوا ان الشاب وصديقته كانا يجلسان الى عربتهما وهو امر محظور حتى فى السيارات وكان الشرطى يهدر ( امشوا البيت لانكم ما كلاب ، فاهمين ولو تكرر ذلك الامر فانتم ستحبسون )
تعجبت للامر وكنت حديثة عهد بالمدينة ، ووجدت من يقول لى ان ( حتى الشراب ) ممنوع فى الاماكن حتى المخصصة له فى يوم الاحد ومتاح فقط يومى الجمعة والسبت ، ((قلت لنفسى ) الناس ديل مسلمين ولا كيف ؟
وبهذه المناسبة كانت صديقتنا قد اخذت والدتها للعيادة المجانية فى ايوا ، جاءتها الممرضة بعد الكشف والتقرير الطبى بادوية وابتسامة تتسع كلما دنت منها فسالت السيدة ابنتها :
انتى يا بتى الناس ديل مسلمين ؟ فاجابتها ان لا ، فقالت الام : نان مالن عدال كدى ؟
هم عدال ان احبوك وكنت واضحا فالكذب عيب ( كما نقول هناك : الكضب حرام )هنا الكضب حرام
لك مودتى يا صحبى

Post: #16
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: سفيان بشير نابرى
Date: 05-12-2007, 08:29 AM
Parent: #1


ست سلمي
معلقون نحن في الحكايات ، خيالات الطفولة كل خيال يصور منفرد عن الاخر
وصاحب الاسرة الكبيرة الممتدة بتواجد الحبوبات والجدود يسحب المفتاح
الذهبي للحكي وتنوم العبارة عنده مرتاحه ومطامنة ويذخر قلبه بعبارات
ترتسم بخيال الطفولة الوثاب والمتحفز اكثر من خيال الراوي (الحبوبه)
الذي صقلته السنين والتجربة الطويلة بان يكون الحكي متزن ومتوافق مع
عمر اقل مايقال عنه عمر الحكمة .
يالله ياستى سلمى يالله علي (حبيبي) كلمة كوميض الماس زاحفه لاسعة وضاءة
ومكهربة هنااااك هنااااااك حبيبي يالها من عبارة مشحونة بكل النوي والجوي
والتذكار تسبح في عميق عميق التذكار والامكنة يالله يالله .
كعادة تلازمنى حين اقرأ لك اري الامكنة اري الوصايا اري الحوار والمقارنة
التحفيز صلب الحكاية وعموده الفقري للفائدة وثمة ثرثرة رافضة في مقارنات
توضح مايزم ويجب تركه ليس تركه من فراغ بل لان نص الرفض غالباً يناقش أن واجب
التخلي والترك مبني علي أساس المنطق الذي يعتمد التخلي لاثر واقعي وحقيقي
ينهض بناء الكتابة غالباً بالحب والوفاء والحنين ومجملهم كتابة يعشقها الانسان
لانها هي المُعاش من حياته الواقعية فلكل انسان زمان ومكان وزكريات وكل انسان
غالباً يتنقل فيها وبينها .

شكراً ست سلمي وواصل الاماكن والذكريات .

Post: #17
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: Omayma Alfargony
Date: 05-12-2007, 11:11 AM
Parent: #16

سلمى الحبيبة

شددتيني من أكمام حر أفريقيا نحو رياح صقيع أمريكا

في زوبعة رؤى واندهاش ل>ي>ة....


هنا القاهرة.....


سلمى ح اجيك تاني



محبتي

Post: #25
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 05-12-2007, 08:59 PM
Parent: #17

اميمة الفرجونى الحبيبة الرائعة التى تسكن الان فى بلاد طالما احببتها وددت ان اعيش فيها ما تبقى من العمر ، القاهرة، لكم احب تلك المدينة واظل اهفو اليها ، علمتنى الكثير ولم انل منها سوى حبها ،لكننى محكومة بهناك ، ما زلت اهفو الى الهناك ، بشر وشجر،( البان جديد يا لتلك البقعة الساحرة لكنها لم تعد ذلك السحر ، شهدتها العام 2005 ، حزنت لاجلها لكم اعتراها الهزال والضمور في السواقي ، فلم تعد تري الاشجار الضخمة من المانجو ، والجوافة ، الليمون التي كنت تراها في اوقات سابقة ، حتي البيوت التي كانت قد شيدتها ادارة السجون كمنازل للزوار لم يعد لها من اثر ، ولم يعد اليوم سعيد او الدعوة لزيارة البان جديد محل ترحيب ، لان الزحف الصحراوي كاد ان يعصف بالمدينة الجميلة والمشهد في غالبه ينم عن اهمال من الدولة تجاه تلك الاماكن التي ينتخب لها العالم اكبر الميزانيات( في الدول التي تعني بمناطق السياحة وامتداد الخط الاخضر) ويعاملها معاملة الكائنات النادرة ، لكننا علي عكس كل العالم نقطع الاخضر لنقيم بدلا عنه المناطق السكنية ؟؟؟ دون ان نراعي القيمة التي يحققها الاخضر ، خذ مثلا الحزام الاخضر ، والغابات التي كانت تشكل حزاما واقيا في شمال مدينة الابيض ، وجنوبها ، كلها ( اطاحوا بها ) حرقوا حشاها واحالوها الي عدم والآن يتباكون عليها ويودون اقامة حزام من الغابات لان المنطقة باتت عرضة للزحف الصحراوي ؟؟ عجباولماذا لا نفكر في العواقب الا بعد فوات الاوان ؟
في الابيض ايام ان كنا في المدرسة طلابا كان المحافظ يرعي عيد الشجرة في كل عام يهدي للتلاميذ الشتول الصغيرة فيقوم كل تلميذ بزراعتها في بيته او في المدرسة .
كانت الابيض المدينة الاكثر اخضرارا لا تضاهيها حتى المدن الواقعة علي النيل رغم ان سقيا المدينة من الترع او ( الفولة ) أو الخزان الكبير في المديرية ، لكنها الان بدت في حالة من الفوضي رغم انها ما تزال تحافظ علي محبتها للجميع ، ويختفي فيها السؤال اللانساني ( انت قبيلتك شنو).

Post: #18
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: محمد حنفي
Date: 05-12-2007, 11:30 AM
Parent: #16

ياسلمى انا كل ما القى نفسي معجب بحكاية من حكاويك تجي وراها واحدة اعجب . دي حقيقة مقدرة ما عادية على الامتاع
حنفي

Post: #27
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 05-12-2007, 11:59 PM
Parent: #18

الابن الحبيب محمد حنفى ازيك مشتاقة ليك كتير ولك هذا الهناك (( المكان سهلة البيت ، الحوش )، فسحة رحبة ، ارضيتها مرصوفة بالطوب الاحمر ، ان كان الحال ميسورا ، او كما كان بيتنا حوش مفروش بالرمل( سهلة) رحبة ارضيتها نكنسها كل عصر ، ونرشها بالماء ساعة العصرية الاسّرة (مترترة) منثورة بين الاسّرة ولعناقريب ،التلفزيون موضوع على تربيزة كبيرة نسبيا فى مواجهة العناقريب، البعض يفضل الراديوالى جوار عنقريبه
مشهد تراه فى معظم البيوت العادية البسيطة ، ولا يختلف الفاصل بين حوش الرجال وحوش النسوان كثيرا ، فى اى بيت نفس المشهد تقريبا ، فالأب والابناء فى حوش ، الام والبنات فى حوش ، أو تجد الام والاب فى حوش منفصل ، دائما سريران منفصلان !!!
بعد العشاء ، وصلاة العشاء كنا ندلف الى المخزن نخرج منه وقد حمل كل منا ( خيمته ) او ما تعارفنا عليه بالناموسية تندهش اذا ما جئت بيتنا زائرا فى الليل ، ذلك ان العناقريب تتقارب ، او تتباعد حسب حجم الناموسيات ، تبدو كخيام منصوبة لكنها تقينا لسعات الناموس والباعوض ، ندخل الى ذلك المحراب الذى نتعاون على ربطه الى ارجل العناقريب ، لانها عملية معقدة لا يستطيع فرد واحد القيام بها
امى كانت تخيطها لنا من بقايا ثيابها القديمة ، تأخذ وقتا طويلا لانجازها على نحو مضبوط ، لانها كما تقول امى ( بتاخد وكت طويل لمن تقيس الطول والعرض والارتفاع )وهى رحمها الله ذات ( بال طويل ) وهو احد مميزاتها ، كانت تبقى لساعات طوال امام ماكينة الخياطة ترتق وتعيد خياطة ما اعوج من خطوط الناموسية ، تقيسها على عصى طويلة من القنا ،لتضمن انها ستقاوم ( حركاتنا الصبيانية ) داخل الخيمة ، احيانا كنا نحيلها الى حلبة للمصارعة ، لذلك كثيرا ما كانت تتهاوى تحت ضرباتنا كانت امى تحذرنا من تلك الافعال الخشنة لاننا بنات
حين كبرنا كبرت معنا الناموسية بنفس الفكرة ، لان الابيض مدينة يفوق ناموسها وباعوضها المدن الاخرى ، وتعلو من ثم نسبة الملاريا فيها بشكل كان معه الاطباء ان جئتهم ( بوجع عيون ) يشكون انها ملاريا وعليك ان تتاكد من خلو دمك منها
نحن البنات ، كنا نتوخى ان تكون ناموسياتنا متقاربة لزوم الونسة بعد اطفاء النور ، وحين يزورنا زائر كنا ( نترادف) فى الاسرة حتى لا يلسع الضيف الباعوض لينعم بنوم هانى
فى الابيض ، كنا ننام باكرا ، فالحياة لم تكن بذلك القدر من التعقيد ، اقصى ساعات الصحو هى التاسعة ، يكون والدنا قد عاد من الصلاة ، التلفزيون لم يكن يشكل حضورا بعد ، حتى بعد دخوله كانت ساعات ارساله محدودة وفى المساء غالبا
كان اذن الراديو هو صاحب الحظوة وهو وسيطنا الى العالم وما يزال ، نتابعه من تحت الناموسية ، احيانا ندخله معنا اليها ، فهو يشتغل بالبطارية ، فى الشتاء لم نكن نحتاج الى الناموسية كثيرا لان الغرف لم يكن بامكانها ان تتقبل كل تلك الخيم ، كنا نستدفئ بحطب الطلح ، وحكايات امى التى كانت ناموسيتنا فى الغرف ، تشعل دفئ الحكايات والقصص تمزجها بالطلح ونتدفأ و ننام على دفء صوتها ونصحو فى الصباحات الطلية نمنى النفس ان يعود الليل باكرا لاننا موعودون بحكايا امى ورائحة الطلح الشتوى
1/22 /2004
ايوا

Post: #24
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 05-12-2007, 08:31 PM
Parent: #16

يا سفيان الولد الذى ما تمنيت الا ان اكون امه، اعرف انك تذكر بوستا كنت اول مرة اكتب فى هذا المنبر قد نشرته لا لسبب اعيده عليك الان الا لاننى مازلت اتعلق بتلك الامكنة واشم رائحتها واحس نبضها ( ويسالونك عن الشوق قل الشوق مرابض هنا واشير الى قلبى
صار الشوق عمودا فقريا في حياتي اقول اني اشتاق كل شئ كل طقس من ( دق الريحة) الى ( موية البلاعة )
اتذكر الان بجلاء كيف ان حوشنا الكبير ذاك كان يبتلع كل ماء دلقناه فيه من فائض ماء البلاعه ، مع ذلك نحن مجابهون بصياح امى وابى :
ـــ يا اولاد البلاعة ملانه الداير يستحمى اليغرفا عشان ما تكسر
النداء رغم جمعه الحاوى للجنسين ضمنا لكنه موجه للا ولاد على الارجح لان البنات كن يعرفن كيفية السيطرة على الموقف ، الاولاد غالبا ما كانوا يستنكفون العملية بخاصة حين يكون الواحد منهم علي عجل فلا يتردد حينذاك فى دخول الحمام دون مبالاة ، حينها تفيض البلاعة ، تطفح المياه الي حيث تجرى باتجاه الجدول الصغير الذى يمر تحت شجرة غرستها ذات اخضرار يد هدى رحمة الله عليها ، كانت لها الرحمة مسكونة بالاخضرار حميمة معه لدرجة انها تركت كل دراسة رشحت لها ودرست الزراعة ، كثيرا ما كانت تدخل في مناوشات مع الوالد رحمه الله ، فلقد ظلا معا ينقلان الينا الاخضرار وشيجة فى البيت الكبير فى ام بدة خصومتهما كانت دائما حول السماد
حين انتقلنا الى السكن فى بيت امبدة لم تكن مزروعة فيه سوى شجرة مهوقنى (حدثونى انهم قطعوها ) امتد ظلها الى بعيد مرمى ، كانت تجاورها شجرتا (ليمون وقريب فروت) فى الحوش الامامى قبالة(باب النسوان )كنا ننام بين مرماهما لكنهما اختطفتهما يد القطع ذات يوم
عدت من مشوار الحياة اليومى فلم اجد ايا منهما ، بكيتهما لسبب ما ، ربما لانى كنت اداوم النوم تحت ظلالهما او قريبا منهما بحكم موقع سريري ، احس الان مرارة فقدهما
كنت لحظة تفتح الباب ( باب النسوان ) الصغير دائما ! والذي يفضى بك الى زقاق صغير نسبيا ، لا ترى سوى تلك الاشجارفتبدوان كغابة مقترحة للفرح ، ينشرح قلبك ، تحس ان الامل شجرة ،خاصةحين ترتد اليك رائحة الشجر المبلول اوراقه بماء الخريف الجامح ، يا لهم ، لم يدعوها تثمر !!
( نرشرش ) ماء البلاعة فى ذاك الموقع الذى بات الان خاليا بدعاوى تثبيت التربة ، فالماء ليس مؤهلاالا للشرب ، لكن موقعهما تحول الى الم لن تشفى جراحه
يندلق الان ماء البلاعة في ذاك الموقع ،مارا عبر الجدول الصغير باتجاه الجنينة التى سوروها بالفايكس الزاهى الخضرة ، بعيدا عنها قريبا من الباب الكبير ( باب الرجال)تقف العنبة ( رامية فى بيتنا ) لا اذكر كيف كان سقياها لكنها ماتت حزنا هى الاخرى
هدى كانت معنية بكل اخضرار تصادفه دوما تثبت انها ( صاح ) مع والدي فيما يتعلق بالسماد
ـــ يا ابوى الشجر ما تخت ليهو الفضلات حقت الجداد ولو ختيتو ما حاجة كتيرة ، حاجة بسيطة كفاية
لان(الجداد) كان ينكت السماد ، وتنكت هى الاخرى ما بداه الجداد لانها كانت تخاف على شجرة اللارنج والليمون والبرتقال
لا اعرف من يهتم بتلك المزروعات الان بعد رحيلهما ، عليهما كل الرحمة واخضرار الاخرة
هدى كانت تحدثنا عن خطورة ( موية البلاعة ) علي الشجر والزرع
ــ يا اخوانا الشجر ما تسقوه بي موية البلاعة عشان البكتيريا بتكتل الشجر
لكن مين يسمع ؟
كل يوم منذ الصباح الباكر وانت تسمع صوت (الكركرة ) لذلك ال( كوز ) الذى كان ذات يوم ( علبة لبن ) وهو يكركر في قاع البلاعة ، تخرج ارتالا من الطين الاسود ، والدي كان يضعه في صحن قديم حتي لا تتسخ الارض بتلك الالوان السوداء
البلاعة الان (فاضية ) تدخل الي الحمام ، وانت متيقن ان الجردل الموضوع الي فتحة الماء الخارج مساوية لماءحمامك ، لكن ، تخرج من الحمام بعد ذلك الفاصل الغنائى الذي ظننت نفسك فيه احسن مطربى الكرة الارضية ، ( غالبا ما تندلق الالحان اليك في الحمام رغم التنبيهات ان الغناء في الحمام كعب ، وان الشياطين تستحم معك، لكنك لا ترعوى ، وتغني ) حين تخرج ، بعد الفاصل الغنائى ، تجد انك امام امر لا ثانى له (لازم تغرف البلاعة) ، وحينها ستكره نفسك لانك ( الولد القيافة) وما فى زول حيغرف ليك البلاعة الانت مليتا ، ولو كنت في بيتنا فان خالى الافندى سيشن عليك حرب الخليج الخامسة
( انا هسي غرفتها مسافة جبت الصابونة من الدكان القاك مليتا ؟ ما عندى شغلة بيك ــ تغرفا ، يا سكينة ما تكلمى ولدك دا ؟ خليهو يكون عندو زوق
ــ لكين يا خال ما عندى مواعيد
ــ وانا عندى عرس ؟
ــ خلاس المرة الجاية والله اغرفا ليك ، كدى قول خير
البنات كن ينتهزن فرصة امتلاء البلاعة يتسارعن الي انجازذلك الفعل خاصة حين يكون هناك ضيوف ( صبيان ) في البيت ، فغاية الكرم ان يفعلن ذلك ، ربما للفت الانتباه ، او لغرض ما ، او ثمة من تحلم بمروه تلك اللحظة ، يدفعها شوق خفي لاداء تلك المهمة ، فتفعل ، وتراه او يراها ، احيانا تخضع العملية لتوقيت القلب ، والتلباثي تحت غطاء ( القلوب شواهد) خاصة ما بعد الظهيرة لحظة عودة الافندية من الشغل والطلبة من المدارس ، فتلتقى العيون ، وتهمس الارواح همسا لا يعرفه سوى من احب ، لا حديث سوىالنظرات المتواطئة وغالبا ما تكون بفستانها ليراها
حكي لى صديق عن فتاة (شينه ) لم يكن واحد من اهلها ليذكرها بما كان من ( شناتها ) وذات نهار حار ، قررت ان تغرف البلاعة ، خرجت بالجردل الى الشارع دالقة الماء منه ، لحظتهاعبر شاب وجيه ، فصادف الماء ملابسه ، من غيظه وقف متاملا اياها فوجدها ( شينه )
ـــ ها الشينه دي تدفقى فينى موية البلاعة ؟
دخلت الى البيت ودموعها تسبقها ، وهى تصيح : واااااى ، قالا لى ، قالا لى

ايوا/2003/

سفيان فى هذه اللحظة اشتاق الى ( قصب سكر)

Post: #23
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: Adil Osman
Date: 05-12-2007, 07:09 PM
Parent: #1


احد ازقة ام درمان____بريشة بهنس______

Post: #26
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: صديق الموج
Date: 05-12-2007, 10:56 PM
Parent: #1

احيانا تخضع العملية لتوقيت القلب ، والتلباثي تحت غطاء ( القلوب شواهد) خاصة ما بعد الظهيرة لحظة عودة الافندية من الشغل والطلبة من المدارس ، فتلتقى العيون ، وتهمس الارواح همسا لا يعرفه سوى من احب ، لا حديث سوىالنظرات المتواطئة وغالبا ما تكون بفستانها ليراها

سلمى زى ما قلت ليك بلاعتك تغرى حتى يكاد الواحد يشرب ليه منها كوز،،،

Post: #28
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: munswor almophtah
Date: 05-13-2007, 01:03 AM
Parent: #26

صديف الموج والله العظيم إرتحلت فى كل تلك الأحوال بلديها وأفرنجيها قطاراتها وكدراوياتها وكدراويها وتشدنى لغة الراوى الحاذق المتمكن من قول نفسه كما هى وقول أحواله وأماكنه بتصويريه لا يمكن لك أن تأخذ نفسا أو تستجيب لنداء آخر سلمى تسلمى ويالموج إنت كوز من البلاعه ولسانك فى المكوه بلغت مدى الفصاحة والحصافه فى إرضاء قلب كقلب تلك السلمى فلكما الأمانى



منصور

Post: #29
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: SAMIR IBRAHIM
Date: 05-13-2007, 02:06 AM
Parent: #28

يا اختنا سلمي مالك علينا ... جبتي لينا سيرة المنتجعات ... منتجعات العباسية وشارع الاربعين ... وحليل ايام توتال .. وكشك الجرايد ... وميدان الربيع ... وسينما العرضة ... والخيران ...



كانت المدرسة ( العباسية ) ولا اعرف من اين جاءت التسمية ؟ لكنها العباسية على كل حال ، تقع المدرسة على مبعدة ثلاثة شوارع من بيتنا (حوش الماذون ) فى شارع الفيل ، الملاصقة له طلمبة بنزين ( توتال )

Post: #30
Title: Re: هنا امريكا ..... هناك حبيبى
Author: SAMIR IBRAHIM
Date: 05-13-2007, 02:10 AM
Parent: #29