هل من الممكن السيطرة علي الفيضان الأطلسي القادم ؟؟؟؟ تحليل سياسي

هل من الممكن السيطرة علي الفيضان الأطلسي القادم ؟؟؟؟ تحليل سياسي


08-08-2006, 02:25 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=276&msg=1188263069&rn=0


Post: #1
Title: هل من الممكن السيطرة علي الفيضان الأطلسي القادم ؟؟؟؟ تحليل سياسي
Author: Abulbasha
Date: 08-08-2006, 02:25 PM



كتب : صلاح الباشا
[email protected]

*** تمهيد:
ظلت الساحة السياسية السودانية و لسنوات عديدة ماضية ربما تتعدي العقد من الزمان.. تزدحم بالكثير من الآراء والإجتهادات المتباينة ، بمثلما ظلت ذات الساحة في حالة حراك عنيف أحياناً ... ويشوبه الهدوء أحايين أخري ، غير أن القاسم المشترك الأعظم في هذه الأحداث هو سلطة الإنقاذ بجناحيها الشعبي والوطني . فالشعبي ربما يعتقد الآن أنه خارج إطار الأزمة بينما هو قد كان لحمتها وسداها ، كما ظل الوطني لا يفسح مجالاً سلطوياً للشعبي مرة أخري منذ المفاصلة – وهو تعبير إسلاموي بحت - بعد أن أصبح للمركب ربان واحد وقد أتي من رحم المؤسسة العسكرية ( حتي لايغرق هذا المركب برئيسين ) .... لكن الشاهد في هذا الأمر أن المؤتمر الشعبي الآن أصبح يعاني من إنشقاق حاد في شأن وطني هذه المرة ، بينما المؤتمرالوطني يعاني ذات الشقاق حتي ولو كان مغلفاً ومخفياً في ذات الأمر المتأزم الآن .. غير أن معظم أهل السودان يتابع دقائق الأمور ويستخرج نتائجها بنفسه بعد أن أصبح هذا الشعب مرجعاً كاملاً في خبايا السياسة ، سواءً كانت في السياسة السودانية أو الإقليمية أو حتي الدولية ، وكل ذلك يأتي نتاجاً للموروث الثقافي والمعرفي الذي يمتاز به شعب السودان عن غيره من شعوب العالم كله فضلاً علي حسه الإبداعي الشفيف .. مما أدي إلي صعوبة أن يتقولب هذا الشعب حتي وإن خضع للإلتزام بالأيدولوجيات المتباينة ردحاً من الزمان .
*************
أما الفيضان الأطلسي القادم ، والذي جعلناه عنواناً رئيساً لقضية اليوم الساخنة ، فهو يتمثل في الإصرار الأمريكي المدعوم من دول الحلف الأطلسي علي التدخل وبعنف شديد وبسرعة فائقة ( حسب تصريحات كوفي عنان ) في إقليم دارفور ، وقد حدد الرجل – عنان – تفاصيل القوات وحجمها وأيضاً آلياتها ، مما يعني بأنه سيتبع تطبيق البند السابع لقوانين ونظام مجلس الأمن الدولي، بعد أن ظلت الحكومة السودانية ممثلة في رئيسها تصرح في كل محفل بعدم السماح لأي قوات أممية بالتدخل في الشأن الدارفوري .
وهنا يستوجب الأمر بحث كيفية إيجاد معالجات لما تمور به ساحتنا السياسية وتفور ، والجميع يعلم بأن المنظومات السياسية والفصائل العسكرية التي كانت تحمل السلاح قد إنقسمت علي نفسها وقد أصبح لكل منهم مبرراته في التدخل أو عدم التدخل الأممي في قضية دارفور ، بل أصبحت الإنشقاقات تتري داخل كل منظومة سياسية في هذا الشأن ، ويستدعي الأمر أيضاً أن يشرح لنا كل فصيل أو حزب مبرراته في هذا الشأن ، حيث أن التاريخ سيسجل بمداد واضح السواد كل شيء.
فحزب المؤتمر الشعبي مثلاً يميل زعيمه ومعه أغلبية ضئيلة إلي فكرة قبول دخول قوات أممية إلي دارفور ، ولا ندري سبب هذا القبول ، حيث أن التجارب العديدة الماضية تفيد بأن الشيخ حسن الترابي ظل علي الدوام خصماً عنيداً للغرب ، مؤلباً أهل السودان ضد قوي الإستكبار العالمي ، حتي أننا كنا نشهد علي الدوام كل أجهزتناالإعلامية ( تلعلع) وعلي مدار العشرة سنوات الأولي من عمر الإنقاذ بأن أمريكا – روسيا ، قد دنا عذابها ، بمثلما ظلت الأحاديث ضد الغرب تتري ، والمؤتمر الشعبي العربي الإسلامي العالمي تنعقد جلساته العديدة في ( خرطوم الصمود ) لتلقن الدروس للقوي التي لا تريد للإسلام أن يتمدد وينتشر حسب أدبياتهم ، وتحريض الشباب للجهاد ، فيقدمون أرواحهم في أحراش الجنوب فداءً للدين والوطن وبكل إطمئنان .. حتي بلغ عدد تلك الأرواح الراحلة المليون مسلم ، ثم تنقلب المعادلة اليوم مائة وثمانين درجةبعد المفاصلة ومغادرة كراسي الحكم .. لتوافق ذات القيادات الآن علي دخول القوات الأممية الإستكبارية إلي دارفور ، بدلاً من أن تعمل تلك القيادات في حزب الشعبي بمالديها من نفوذ أيديولوجي وتنظيمي بالمساهمة علي إيجاد الحلول الوطنية في هذا الشأن ، حيث أننا نري أن الخصام السياسي بينهم والوطني قد تعدي الخطوط الحمراء وشمل مستقبل الوطن كله ، وكأن هذا الوطن قد أصبح ضيعة للحركة الإسلامية بكل ضيق أفقها وشمولية تفكيرها وعناد معتقدها ، فقد أبانت كل المواقف التي مرت بها الأزمة السودانية منذ 30/6/1989م بأن الحركة الإسلامية لم تكن مهيأة تماماً لقلب نظام الحكم ، ولم يكن لديها مشروعاً واضحاً لإحداث التنمية أو لحل سلمي لإشكالية الجنوب ، فالذي حدث من تغيير كان محض غيرة سياسية من الإنجاز الوطني السوداني الباهر الذي تم في أديس أبابا في 16/11/1988م حيث دقت طبول السلام المتجرد بقوة في ذلك الزمان ، لكن آآآآه فهاهي النتائج تقودنا قسراً لما لم نكن نتوقع أن يحدث لبلادنا .
أما فصائل الحركات المسلحة كالجنوبية والدارفورية ، كان أمل الجماهير أن تقوم تلك المنظومات بتوظيف العقل جيداً ، فإن كانت هي لا تثق في أداء المؤتمر الوطني ( شريكها في الحكم ) فلماذا وقعت معه الإتفاقات وهي بكامل رضائها ، برغم أن المكتسبات السلطوية والمادية التي حققتها الحركة الشعبية قد تمت في غياب معظم أحزاب أهل السودان ، فكان حري بتلك الحركات أن تنظر لما سيحيق بالبلاد ، فهي ربما تعتقد بأن إضطراب الحكم في الشمال والذي سيأتي نتاجاً لضغوطات دولية سوف يمهد الطريق لها لكي تحقق أكبر قدر من المكتسبات لحكم السودان كله ، وهي في ذلك تظل تنسي بأن أهل السودان يعرفون جيداً كيف يواجهون كل المستجدات التي تهدد أمنهم وإستقرارهم الإجتماعي ، نعم أهل السودان يعرفون جيداً وبكفاءة عالية المقام كيف يوظفون قدرات شبابهم للحفاظ كل شيء حققوه خلال قرن كامل من الزمان .. يسندهم في ذلك إرثهم النضالي المتقدم وروح الفداء المتمكنة فيهم منذ حريق إسماعيل باشا ، مروراً بكل مفاصل الثورة المهدية ، عبوراً بكل أحداث النصف الثاني من القرن العشرين ، إنتهاءً بمعارك أكتوبر وأبريل التي حققها شعب السودان وبكل قوة وعناد ضد كافة أشكال الدكتاتوريات الأجنبية والمحلية ، وهنا نقول .. حين تنضج الأزمة فإن للشعب ومنظوماته الجماهيرية حديث آخر ... ولا أزيد .
لكن ما يجب لفت النظر إليه هنا .. أن السلطات الأمريكية وفي مختلف حقب تعاملها مع قادة شعوب العالم الثالث ظلت ترمي بأولئك القادة في أقرب سلة للمهملات حين تحقق مصالحها بواسطة ذات القادة ، وتقلب لهم ظهر المجن الواحد تلو الآخر وبسرعة فائقة جداً ودون خجل أو وجل ، فدونك تجاربهم مع شاه إيران ومع السادات ومع الباكستاني ضياء الحق ، ومع عيدي أمين اليوغندي ، ومع صمويل دو في لايبريا ، وربما تحوم شبهات الأمر حول حادثة رحيل الدكتور جون قرنق ... من يدري !!!! وهاهي الآن تلوي أذرع بعض قادتنا في الشمال والجنوب والغرب لتحقيق شيء ما لصالحها .
فما تقدمه بعض الحركات العسكرية والسياسية السودانية من جميل تعامل مع السلطات الأمريكية سوف تنتهي آثاره ولو بعد حين ، وقد كان المقلب الكبير هو نايفاشا ، حيث كانت أكبر ( دقسـة ) تسببت فيها الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني سوياً حين قبلوا في مشاكوس وفي شروط نايفاشا لاحقاً بعدم توسيع فرص المباحثات برفضهم لبقية الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني من الإسهام في إيجاد الحول الناجعة لإشكاليات الحرب والسلام في السودان كله ، مقروناً بسرعة قبولهم لتدخل قوات أمريكية لحفظ السلام في الجنوب ، ذلك ... أن تجارب الحركة الشعبية كانت متواضعة في هذا المنحي فهي تظل تحتاج فتح مدارس في هذا الشأن وليس العكس .. فلاعيب في المشورة ، لأن القوات التي أتوا بها لحراسة إتفاقية السلام بالجنوب ستظل تضغط لتحقيق أجندة معينة ستظهر في الوقت المناسب وليس الآن علي أية حال ، ودوننا حديث الأستاذ ياسر عرمان قبل فترة حين أفاد بأن بعض الجهات قد حاولت إغراء القائد الراحل جون قرنق بأن يبعد عن خططه مفاهيم السودان الواحد ويعمل علي الإنفصال باكراً وسيدعمونه بما يطلبه من عتاد ومال ، فكان رده بأنهم يعرفون جيداً من هم الذين يريدون الإنفصال ، فلماذا لا يذهبون إليهم .. ولنا أن نتساءل هنا .. من هم الذين يريدون الإنفصال ، ولماذا قبلوا بأن تكون فترة الإنتقال ست سنوات بدلاً عن سنة واحدة مثل أريتيريا كمثال .
ومن جانب آخر ، ظل الحزب الإتحادي الديمقراطي .. برغم ضآلة حجمه في الشراكة بحكومة الوحدة الوطنية ، وبرغم مفارقة المؤتمر الوطني لشروط إتفاقياته مع التجمع بالقاهرة وجدة الإطاري ، وهذا متوقع سلفاً لعدة خلفيات تحكم ذهنية الحركة الإسلامية عموماً بسبب توفر عدد مقدر من الصقور وسطهم برغم أن الحمائم ستنصر في النهاية وسطهم أيضاً ، فإن الإتحادي وقادته وزعيمه ظل يعمل علي تجنيب بلادنا أخطار التدخل الأجنبي ، ويتضح ذلك بالجهد الذي يبذله زعيم الحزب عربيا في إيجاد دعم عربي وأفريقي ( مالاً ورجالاً ) لخلق حالة إستقرار مستدام في دارفور ، برغم تسارع الخطي بواسطة كوفي عنان كي يستبق هذه الخطوة ، كما يجب علينا ألا ننسي الجهد المضني والذي قام به زعيم الإتحاديين بكل صمت وهدوء ورجاحة عقل .. وقد كلل بالنجاح في إنتزاع فتيل الحرب التي كادت أن تندلع قبل عدة سنوات ماضية بين بلادنا والجارة الشقيقة أرتيريا ، وهاهي أريتريا تفتح ذراعيها الحانية لحل إشكالية الشرق في أسمرا .
عليه ... نرجو من كل قادة الفصائل والحركات أن تتسع آفاقها أكثر وأكثر وهي تجتمع وتستمع إلي المخططات الأجنبية والتي سوف تبيعها في الوقت المناسب مثلما باعت العديد من القادة والفصائل في هذا العالم من قبل .. وعليهم أن يعتمدوا بقوة فائقة علي فكرهم المتجرد وعلي إستقلالية آرائهم الوطنية ، وأن يضعوا أياديهم في أيادي أخوانهم في الشمال حتي لا يحدث أي نوع من الإستباحة لإمكانيات الجنوب البكر بواسطة ذات الدول الأجنبية ، وألا يتم إستغلال شعب الجنوب الطيب الذي تعذب كثيرا ولعقود طويلة بسبب مكايد وخطط الإستعمار البريطاني من قبل حيث ترك الجنوب بلا بنية تحتية خدمية وبلا موارد مستغلة ، بل ظل الحكم البريطاني يمنع حتي أهل الشمال العربي من الدخول للإستثمار في الجنوب بسبب سن قانون عدم دخول المناطق المقفولة .. حتي إندلاع الحرب قبيل الإستقلال في عام 1955م .. تلك الحرب التي ظلت مستمرة حتي وقت قريب دون ذنب جناه أهل الشمال المغلوب علي أمرهم أيضاً .
إذن .... لكي نتفادي وبوعي تام وعلي وجه السرعة مخاطر التدخل الأمريكي الأطلسي في بلادنا ، فإن الأمر يتطلب مبادرة حكومية عريضة تعمل علي لم الشمل الوطني ، برغم وجود عثرات ومعوقات ومعوقين أيضاً ... وعند ذلك سوف تقبل كل القوي المعارضة الدعوة الخالصة وسوف تنسي جراحاتها القديمة .. خاصة وأن غالب تلك الجراحات قد إندمل الآن بسبب مساحة الحريات الممنوحة للعمل السياسي والوطني والتي أتت نتاجاً لنضالات عديدة لا تخطئها العين .
أما إن حدث التدخل بأية وسيلة .... فعلي الدنيا السلام .. وعلينا في هذه الحالة أن نستعد لمواجهة أي إنفراط أمني يأتينا من عدة جهات ... والدلائل عديدة ونشاهدها الآن في هذا الكون الواسع .
** نقلاً عن صحيفة الخرطوم