العنف في حياتنا ±عبد العزيز حسين الصاوي

العنف في حياتنا ±عبد العزيز حسين الصاوي


02-13-2007, 03:18 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=271&msg=1183878486&rn=0


Post: #1
Title: العنف في حياتنا ±عبد العزيز حسين الصاوي
Author: altahir_2
Date: 02-13-2007, 03:18 AM


العنف في حياتنا عبد العزيز حسين الصاوي
البشاعة الاستثنائية في قتل الطفلة مرام عوض والصحفي محمد طه يجب ان يكونا صيحة ايقاظ قوية للمجتمع والدوله. واليقظة الكاملة والضرورية هي بتجاوز ظاهرية الحدث ومسبباته المباشره برده الي جذوره وعمقها العميق لكي تتسني المعالجة الشافيه بما في ذلك التحسس الكامل لماهية ومدي مسئوليتنا جميعا في وقوعه ومن ثم منع تكراره، بقدر الامكان. القانون قال كلمته في الجريمة الاولي وهو يتهيأ الان لقولها بالنسبة للثانيه، عند ذاك تنتهي مهمته في منع التكرار وتبدأ مسئولية الاطراف الاخري. فالمجرم في اي مكان وزمان ومهما كانت درجة الاستقصاد والتعمد في ارتكابه للجريمه التي تستوجب عقوبة مساوية لخطورتها، يبقي جزء من المجتمع المعين متأثرا شعوريا او لاشعوريا بالظروف المحيطة به لذلك لابد من استقصاء كافة الاحتمالات الممكنه للعلاقة بينها وبين الجريمة والمجرم لسد اي ثغرات علي هذه الجبهه.
من عوامل الالحاح علي الاستقصاء بالنسبة لهاتين القضيتين بالذات انهما تكشفان عن استهانة بروح الانسان تنحط بالعنف المستخدم فيهما الي درجة القسوه الوحشيه. يظهر ذلك في مقتل الطفلة مرام من حقيقة الانعدام الكلي تقريبا لقدرة الضحيه علي الدفاع عن نفسها اما بالنسبة لاغتيال محمد طه فأن ماأعلن حتي الان رسميا من تفاصيل وفي عريضة الاتهام التي تتضمن التمثيل بالجثه يشير الي انها تمت ببرود دم يضاعف من وحشية اسلوب التنفيذ.
علي طريق تحضرها خروجا من شرائع الغاب تواضعت البشرية عرفا وقانونا علي الحد من بشاعة الحروب بصياغة قواعد معينه تلتزم بها الدول يفترض ان تكون مكونا طبيعيا في تركيبة الانسان من حيث هو انسان يحس ويعي، حتي المدفوع اوالمندفع الي جريمة فرديه مهما بلغت قوة هذه الدوافع. ولكن هناك فرق دائما بين المثال والواقع. بمعني معين لايمكن التمييز في درجة القسوه بين جريمتي قتل مرام ومحمد طه لان قيمة الانسان- الضحيه متساويه بصرف النظر عن اي اعتبارات اخري ومن بينها السن والنوع الا ان درجة القسوة في جريمة مرام يخفف منها احتمال الخلو النسبي لعملية القتل فيها من القصديه اذ نتجت عن عملية الاغتصاب لذلك فأن مرتكبيها ضحايا اكثر من مرتكبي جريمة قتل محمد طه سواء كانوا من بين المتهمين الحاليين او غيرهم وفق ماستتوصل اليه المحكمه.
انحدارالعنف عندنا الي القسوة الوحشية علي هذا النحو يقذف في وجوهنا بسؤال صاعق : كيف وصلنا الي هذه الحاله؟ القول بان ماحدث لايشبهنا هو، في احسن الاحوال، هروب لاشعوري امام الحقائق المره يتوهم ان المجتمع السوداني لم يتبدل جذريا بتأثير الزلازل التي تعرض لها كيانه منذ بدأ مزدوج ازمتي الحكم والاقتصاد يحكم قبضته الحديدية الخانقة علي البلاد والعباد حتي انفجر مجاعات وحروبا اهلية علنيه واخري قيد التخمر في كافة انحاء البلاد. وعلي طريق التنقيب عن جذور وخلفيات العنف في هذا التبدل نجد انفسنا امام بعض الحقائق وتفسيراتها الممكنه.
اولا : رغم ان جرائم الاعتداء الجسدي والجنسي علي الاطفال موجودة في كافة المجتمعات الا ان ظهورها لدينا في تقارير صحفيه خلال السنوات الماضيه كان بمثابة اماطة اللثام عن رأس جبل جليد اكبر كثيرا مما تعرفه مجتمعات اخري لاتخجل من الاعتراف بأمراضها بنفس الدرجه. نحن اصلا مجتمع محافظ يميل الي درء الفضيحة بأي ثمن لاسيما وان مرتكبي هذا النوع من الاعتداءات هم في معظم الاحيان اشخاص معروفون لدي الاطفال في نطاق الاسره او اصدقائها او جيرانها، كما اصبح متفقا عليه لدي المختصين الان. غير ان هذه المحافظة اكتست طبقات اضافية خلال العقود القليلة الماضيه بسبب المضمون التقليدي لموجة التدين الماضوية التي غمرت كافة الشرائح الاجتماعيه بفعل تدهور ظروف الحياة اليوميه كأحد مسبباتها، مما ادي الي تقوية الميل للصمت عن جرائم الاعتداء علي الاطفال. غير ان المضمون التقليدي عبر عن نفسه ايضا في توسيع دائرة التأثيم والتجريم الديني لتشمل الكثير من ضروب النشاط والميول والسلوكيات البشريه بما اغلق منافذ التنفيس عن الطاقات الذهنية والنفسية والجسديه امام قطاعات الشباب بالذات. ومع انتشار العوز والفقرالمادي، اكتملت دائرة الاغلاق ملقية بأعداد متزايدة منهم في وهدة الانحرافات بأنواعها.
ثانيا: نفس ظاهرة التدين التقليدي هذه لها تفرع غير مقطوع الصله بأنواع اخري من الجرائم يتمثل في الاشتداد المتزايد لقبضة التفسيرات السلفية للاسلام علي عقول الاجيال الجديده،. فكما تشير التجربة في اكثر من وسط اسلامي، هذه العودة الي مايعتبر نقاء المصادر الاسلامية الاولي تنحرف احيانا الي ادانة تكفيرية للمجتمع الراهن مشحونة بقدر هائل من اليقين بتمثيل الارادة الالهيه يجعل صاحبه قادرا علي ارتكاب افظع جرائم القتل الفردي والجماعي دون ان يرف له جفن مثل جز الرؤوس والتمثيل بالجثث والتفجير الانتحاري في مراكز تجمعات عمال اليوميه كما تشهد الساحة العراقيه. ومع ملاحظة ان السلطات العراقيه اعلنت اكثر من مره عن متهمين وبل ومدانين سودانيين بهذ النوع من الممارسات فأن مجزرتي الثورة وجامع الجرافه اثبتتا وجودها بين ظهرانينا منذ عشر سنوات علي الاقل.
علي ان هناك سببا اعمق واخطر لاستشراء العنف في حياتنا هو بمثابة المنبع للاسباب الاخري وهو ان العلاقات بين – السودانية علي كافة المستويات القبلية والاسرية والشخصيه اصبحت اكثر قابلية لتوليد العنف بدرجاته المختلفه. مع دخول ازمة الحكم منحدرها الحلزوني منذ منتصف السبعينيات تقريبا بالضغوط الباهظة للازمة الاقتصادية والمعيشية التي اطلقتها، تسربت عوامل التوتر والاحتقان الي كافة انواع الروابط ووهنت بذلك مصدات العنف تفكيرا وممارسة. اواصر القرابة والجيرة والصداقه فقدت حيويتها تدريجيا تحت ضغوط الحياة اليومية وبالتالي قدرتها علي امتصاص التوترات فضعفت العلاقات الانسانية واصبح الحاق الاذي بالاخر حتي في نفس العلاقه اقل مدعاة للنفور كما خفف الشعور بالصدمه اذا وقع لاخرين. ضعف العلاقات الانسانية هو حاضنة بذرة العنف الذي يبدأ في الذهن والعواطف قبل ان يصبح فعلا خفيفا او ثقيلا او قبولا جزئيا او كليا له يتطور الي بشاعات لاتخطر علي البال.
( عن جريدة الصحافه )

Post: #2
Title: Re: العنف في حياتنا ±عبد العزيز حسين الصاوي
Author: altahir_2
Date: 02-14-2007, 02:06 AM
Parent: #1

Quote: انحدارالعنف عندنا الي القسوة الوحشية علي هذا النحو يقذف في وجوهنا بسؤال صاعق : كيف وصلنا الي هذه الحاله؟ القول بان ماحدث لايشبهنا هو، في احسن الاحوال، هروب لاشعوري امام الحقائق المره يتوهم ان المجتمع السوداني لم يتبدل جذريا بتأثير الزلازل التي تعرض لها كيانه منذ بدأ مزدوج ازمتي الحكم والاقتصاد يحكم قبضته الحديدية الخانقة علي البلاد والعباد حتي انفجر مجاعات وحروبا اهلية علنيه واخري قيد التخمر في كافة انحاء البلاد. وعلي طريق التنقيب عن جذور وخلفيات العنف في هذا التبدل نجد انفسنا امام بعض الحقائق وتفسيراتها الممكنه

اسئلة لا اتوقع ردا عليها ولا اتوقع حتى متابعة مهمومة بها لان هذا خالى من الاثارة والغة ذاتها رفيعة بما لايحب بعض من مثيرى الشغب الله يكون فى عونك يا بلد.