Post: #1
Title: في صحبة أهـل الكـرازة من تلامـذة الأسـتاذ ( محمـود محمـد طـه ) .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 12-28-2008, 06:29 PM
في صحبة أهل الكرازة من تلامذة الأستاذ( محمود محمد طه)
يقولون في المحبة الإلهية : أموتُ إذا ذكرتُكَ ثم أحيا.. ولولا حُسن ظني ما حييتُ فأحيا بالمنى وأموت شوقاً ..فكم أحيا عليكَ وكم أموتُ شرِبتُ الحبَ كأساً بعد كأسِ .. فما نفد الشرابُ وما رويتُ
رفعتُ الهاتف النقال وأنا بصحبة الصديق ( عبد الرحيم ) ذات مساء وسمعت صوت (دالي ) أحد صحاب الأستاذ محمود وأحد تلامذته . قلتُ مُرحباً بقدر ما تيسر لي من لغة الترحاب الخجول وهبط الوجد سيد المؤانسة وانعقد اللسان . بيني وبين رؤيته عياناً نيفٌ وثلاثون عاما . كذا الدُنيا تدور بكَ وبالشمس التي تنظرنا كل يوم ولم يتيسر الأمر إلا الساعة ! . هبطت طائرته الإمارات العربية المتحدة لتمنحه يومين ، خصصهما لرؤية من يستطع من الأصدقاء والمعارف والأحباب .رغب هو لقاءنا رغم ضيق وقته والسفر. قال إن الدنيا ليست ملك أيدينا وسيزور الصحاب جميعاً في أبو ظبي ساعة زمان من عصر يوم غد ، فما كل ما تشتهي الأنفس تلقاه . أيمكن أن يعود الذي خرج من بين أيدينا مُعسراً لا يملُك إلا فكرة جاذبة أحبتُه وأحبها ؟ . صدق من قال :
قلوبُ العاشقينَ لَها عيونٌ .. ترى ما لا يراه النَّاظرونا
لا يلجُ الزمان ساعة صفائنا كما يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ، بل يأتي خفيف الظل لا ينتظر . يقف على الغُصنٍ بُرهة ، ثم يفترق الأحباء بوعد أن يتقابلوا في فضاءٍ أرحب . تؤاخينا العاصمة ... و ترمينا بالمحبة . التقينا ساعة الوداع ! . أقلّتنا سيارة للمطار يقودها الصديق ( علي ) .على يساري ( دالي ) وعلى المقعد أمامي الصديق ( عبد الرحيم ) . هم بصفاء نفسٍ وصدق سريرة . تجاذبنا أطراف الحديث ، وتلمسنا الجانب الرخو من هوى الأنفُس. واقتسمنا شراكة محبة هادئة في منعطف العُمر . حبلها ممدود حتى نوشكُ أن نكون شُركاء طريق و جُلساء طعام العقول ، وشاربي كؤوس سُكر المحبين لمُتعة الفكر . فتحوا أبواب الزمن الماضي ومُستقبل الأيام وانكسار الشرق أولاً ثم الغرب لاحقاً. بعض الحديث جُرعات مُكثفة وكبسولات تنتظر خلوتَكَ لتنمو وتزدهر . الطريق إلى المطار أقصر مما عهدتُه ويقصُر أكثر إن كنتَ في صحبة الدُرر التي أجلتها نيران الدعوة ، وقد تلمّس طريقها الأستاذ " محمود محمد طه " منذ أواخر الأربعينات من بعد اعتكافٍ في محبسه ، ثم اعتكافه اللاحِق في " رُفاعة " ثم نثر كنوزه للعامة والخاصة . ما أعذبها نُزهة قصيرة بصحبة الأحباب وهم يتسامرون ، فسيارة الصديق ( علي ) فرِحةٌ بلقائنا .تلتف على حبائل الطريق راقصةٌ كي يمُد لها الزمان فسحةً ولا يمُد لها لسانا. نزعنا أنفسنا من الزمان برهة وتفرّستْ القلوب وهي تنظر بعيونها التي ترى وتَفرَح بصحبة الذين حملوا الكرازة في صدورهم . فتشوا الأرض الخصبة ليُدفنوا ثمرها لينمو في مُقبِل أيامهم . جاء المطر زخاً وتيسرت سُبل حياتهم بقدر زهدهم في زينة الدُنيا وهي تتبدى لهم وهم في شغل عن بذخ نعيمها . انحسرت رغباتهم عن بهرجها وهبت عليهم رياحين محبة تجلو الذاكرة من تعب السنين وبطء مسير العافية. يُعينك صفاؤهم أن تنتبه إلى نفسكَ وتُحاسبها على أصغر الهفوات و " اللَّمَمْ " . أبعدَتهُم عن موطنهم الذي أحبوه غِلظة " أهل الظاهر" وهم يتتبعونهم بالعصي الغليظة التي أسرفت حتى توسّمت أجسادهم بآثار القهر . لم يكتفِ " أهل الظاهر " إلا بمعلمهم " محمود محمد طه " ليستشهِد في الجمعة العظيمة. نَذْكره اليوم حيث تُرفرف طيورُ الجنان من فوق مِقعده جالساً في أحلامنا وفي المآل الذي ينبغي له بإذن كريم فاض على نفسه ومنحنا دُنيانا التي فيها نحيا .تََذكَّر تلامذة الأستاذ أيامهم الحزينة الأولى في المهاجر من عنت قهر الماضي . تبصروا ملاطفة المولى لِنَبيه الكريم في الذكر الحكيم وفي سورة الضُحى حين غشته غمامة الحُزن من تأخُر الوحي :
{ والضُّحَى{1} وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى{2} مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى{3} وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى{4} وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى{5} أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى{6} وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى{7} وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى{ 8 }
صبروا و صابروا ، وتنـزَّلت عليهم السكينة من ربهم وغَشتْ أعشاشهم أطيافُ الغمامِ بأجنحتها الرحيمة . بدءوا حياتهم على الضفاف التي تتسع للمراعي وهي تنبسط اخضراراً بمدّ البصر . عرِفوا أن أرض الله واسعة فهاجروا فيها ولم يكونوا ظالمي أنفسهم . قلوبهم مكنوزة بالخير . بمسلكهم يحسِنون لأعدائهم ولمن يحبونهم . بدأ ثُلة مع تلامذة الأستاذ "محمود محمد طه "تجميع أقوال الشهيد وأسفاره ولقاءاته المسموعة والمكتوبة ودونوها من بعد صحوتهم من إعسار التشتُتْ و افتتحوا "منبر الفكرة ". جلس للتدوين والتدقيق نفرٌ كريم منهم على نار الفكرة التي تُدفئ من برودة الحياة عند موات العقول . أوقد عندهم السراجُ زيتَه وعمّت الأضواء القُرى والمدائن في أركان الكون . أحسنوا همُ عملهم عملاً بقول النبي من عمِل عملاً فليتقنه ) و نَهَلْنا نحن من عذوبة لغة كاتب الرسالة الثانية من الإسلام وتفرُّد نهجه . آل على نفسه بعد أن عمّتْ الجهالة أن يمهر الدفاع عن الفكر بالدم . بأحضان أهل السودان ونحن نودع الدكتور ( دالي ) ، امتلأت الرئة ببلسمٍ ضاحِك . فكانت نار الفراق سلاماً علينا جميعاً وعليه وهو يودعنا بأمل اللقاء القريب . طرِبَتْ الذاكرة وأخرجت من ثمرها البهيج قول ابن منصور العاشق لربه : وَبَدَا له مِنْ بعدِ مَا اندَمَلَ الهَوَى .. بَرقٌ تَألقَ مَوْهِناً لَمَعاَنُهُ يَبْدُو كَحَاشيةِ الرِّداء ، وَدُونهُ .. صَعْبُ الذُّرَى مُتَمنِّعٌ أَركَانُهُ فَدَنا لينظُرَ كيفَ لاحَ فَلَمْ يُطِقْ .. نَظَراً إليهِ ، وَصَدَّهُ سَجّانُهُ فالنارُ ما اشْتَمَلتْ عليهِ ضُلُوعُهُ .. والماءُ ما سَحَّتْ بِهِ أَجْفَانُهُ
عبد الله الشقليني 23/12/2008 م
*
|
Post: #2
Title: Re: في صحبة أهـل الكـرازة من تلامـذة الأسـتاذ ( محمـود محمـد طـه ) .
Author: كمال علي الزين
Date: 12-28-2008, 06:42 PM
Parent: #1
(*)
|
Post: #3
Title: Re: في صحبة أهـل الكـرازة من تلامـذة الأسـتاذ ( محمـود محمـد طـه ) .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 12-29-2008, 03:41 AM
Parent: #2
تحية لك أخي الأستاذ كمال حسن علي على وجودك قربنا
|
Post: #4
Title: Re: في صحبة أهـل الكـرازة من تلامـذة الأسـتاذ ( محمـود محمـد طـه ) .
Author: Balla Musa
Date: 12-29-2008, 05:49 AM
Parent: #3
هذه كتابة تحتضنها أهداب البصر وتشعلها قنديلا فى مشكاة البصيرة..
كتابة تهدهد الروح وتجعلها ساكنة مطمئنة على حشايا محبة الدين ومطارف دين المحبة..
الأخ الشقلينى
لك التحية نقطة على كل حرف جملت به متن هذا الخيط.
|
Post: #5
Title: Re: في صحبة أهـل الكـرازة من تلامـذة الأسـتاذ ( محمـود محمـد طـه ) .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 12-29-2008, 09:39 PM
Parent: #4
حبيب اللغة الحسناء التي تكشف ساقيها لمسبحٍ من زجاج : الحبيب بله موسى :
ما حملت لٌغتي وسادة أنعم من حرير لغتك ، وأنت تضيف للعربية رسماً و وسماً جديداً . بيني وبين من ذكرتهم أنا ملمسًٌ إنسانيٌ شفاف لمحته في مُحياهُم . ريحهم من شمها تُشبِعْ من غنى النفس . نورهم أبهج من طاووس يفرد ريشه الملون . شكراً لك . حضورك محفورٌ في ثغر اللغة .
|
Post: #6
Title: Re: في صحبة أهـل الكـرازة من تلامـذة الأسـتاذ ( محمـود محمـد طـه ) .
Author: Abu Eltayeb
Date: 12-30-2008, 02:50 AM
Parent: #5
بركه الجيت بركه الجيت
و الله ليك وحشه يا حبيب
ميري كريسماس و كل عام و انت بخير
لطفي
|
Post: #7
Title: Re: في صحبة أهـل الكـرازة من تلامـذة الأسـتاذ ( محمـود محمـد طـه ) .
Author: أبو الحسين
Date: 12-30-2008, 12:24 PM
Parent: #1
صديقي الجميل م/ عبد الله الشقليني... سلامات وتحايا نواضر...
تعرف يا الحبيب ما تفعله كتاباتك في نفسي "بالبلدي كدي" مثل فعل نسمات الصباح مع زهرات البرسيم وحيضانه رويانة من أمس بالليل...
للأُستاذ محمود محمد طه شآبيب الرحمة والمغفرة والقبول الحسن...
ولك قواسيب مودتي... وحفظك الله يا اخوي وعقلك الراجح...
أبو الحُسين...
|
Post: #8
Title: Re: في صحبة أهـل الكـرازة من تلامـذة الأسـتاذ ( محمـود محمـد طـه ) .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 01-01-2009, 04:06 PM
Parent: #7
صديقي الجميل م/ عبد الله الشقليني... سلامات وتحايا نواضر...
تعرف يا الحبيب ما تفعله كتاباتك في نفسي "بالبلدي كدي" مثل فعل نسمات الصباح مع زهرات البرسيم وحيضانه رويانة من أمس بالليل...
للأُستاذ محمود محمد طه شآبيب الرحمة والمغفرة والقبول الحسن...
ولك قواسيب مودتي... وحفظك الله يا اخوي وعقلك الراجح...
أبو الحُسين...
المحبة لأبو الحسين جمال : جملك المولى بالخير لك وللأسرة الكريمة .
|
Post: #9
Title: Re: في صحبة أهـل الكـرازة من تلامـذة الأسـتاذ ( محمـود محمـد طـه ) .
Author: Abu Eltayeb
Date: 01-01-2009, 09:52 PM
Parent: #8
الاخ عبدالله الشقليني
هذه الرساله من الدكتور ياسر الشريف
تحياتي لك السلام و منك السلام
لطفي
[QUOTE سلامات يا لطفي لقد قرأت مقال الأخ الصديق عبد الله الشقليني في سودانيز أونلاين http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/s ... 1230485376
أرجو أن تقرأ عليه سلامي وثنائي على مقاله فأنا لا أتمكن من الكتابة هناك وقد أخطرت بكري في الإيميل بذلك عله يقوم بإرسال كلمة سر جديدة.
ياسر |
|