الخاتم عدلان للاضواء حول تشرذم قوى اليسار !!

الخاتم عدلان للاضواء حول تشرذم قوى اليسار !!


11-18-2003, 02:43 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=25&msg=1116157629&rn=0


Post: #1
Title: الخاتم عدلان للاضواء حول تشرذم قوى اليسار !!
Author: Amjad ibrahim
Date: 11-18-2003, 02:43 PM

Part Two of the Interview


الحلقة الثانية من الحوار:

تشرذم اليسار:
تشرذم ما يعرف بقوى اليسار ( ولنتفادى حاليا أية خلافات حول تعريف المصطلح ) من الحقائق المعترف بها من قبل الجميع، ولا أعتقد أن ثمة خلاف حول أن هذا التشرذم اضر بهذه القوى بصورة كادت تلغي وجودها كرقم يؤبه له في السياسة السودانية. ويمكن أن نجمل الاسباب التاريخية لهذا التشرذم فيما يلي، دون إدعاء الإحاطة:
· ربما يكون أهم العوامل في تشرذم اليسار طبيعة البرنامج الذي طرحه الحزب الشيوعي السوداني، والطريقة التي تعامل بها مع الجبهة الديمقراطية وسط الطلاب وخاصة بالجامعات السودانية والأجنبية. برنامج الحزب الشيوعي يتكون كما يعرف الجميع من ثلاث مراحل: مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، الإشتراكية ثم الشيوعية، والحزب يستمد اسمه، وجوهره الحقيقي بالتالي، من المرحلة الأخيرة وليس من المرحلتين الأوليين. وعندما طرح الحزب الشيوعي هذا البرنامج، وفي ظروف تاريخية معروفة ومقدرة، فإنه كان قد فكر في كل شيء،اللهم إلا في الذكاء الإنساني والبداهة الإنسانية المشاعة بين الناس جميعا. فالعلاقة الجدلية بين هذه المراحل هي على الوجه التالي: المرحلة الوطنية الديمقراطية تنفذها قوى طبقية محددة، منها من يتساقط عند تخوم الإشتراكية ومنها من يواصل المسيرة حتى تلك المرحلة. والمرحلة الإشتراكية تنفذها قوى طبقية محددة، منها من يتساقط عند تخوم الشيوعية، ومنها من يواصل المسيرة حتى بناء المجتمع الشيوعي وزوال الأحزاب والطبقات بل الدولة نفسها في نهاية المطاف. وربما يبدو مثل هذا البرنامج بمثابة الحلم، سواء كان مزعجا أو غير مزعج، بالنسبة للكثيرين، ولكنه البرنامج الذي ما يزال يرفعه الحزب الشيوعي والذي آمن به كاتب هذه السطور وناضل من أجله بجدية كاملة وصدق مع النفس والآخرين، لم يشك فيه عدو أو صديق. المتصل الطبقي والفكري والسياسي، في هذه المسيرة من نصيب الطبقة العاملة والحزب الشيوعي ولذلك فالقيادة على طول هذه المراحل الثلاث يجب أن تكون للحزب الشيوعي والطبقة العاملة. وإذا تنازل أي منهما عن دوره القيادي فإنما يضحي بكلية المسيرة التاريخية لصالح مرحلة دنيا من مراحلها، وهذأ إجهاض للعملية التاريخية لا يسمح به التاريخ حتى إذا سمح به الحزب الشيوعي.
· قلت أن الحزب الشيوعي عندما طرح هذا البرنامج، فكر في كثير من الأشياء، إلأ أنه أهمل الذكاء والبداهة الإنسانيتين. ولتوضيح هذه النقطة، لنأخذ طبقة واحدة، هي البرجوازية الصغيرة، وفئة أجتماعية واحدة هي المثقفين، متبنين دون نقد، ولمصلحة العرض و الحجاج، نفس المقولات التي يستخدمها الشيوعيون ومصبغين عليها نفس المعاني التي يصبغونها عليها، لأننا لسنا بصدد مساءلة هذه المقولات نفسها في الوقت الحالي. فمن المعروف أن طبقة البرجوازية الصغيرة ستتناقض مصالحها، القائمة على المشروع الخاص الصغير ونمط التفكير الفردي، مع مصالح الطبقة العاملة عند مشارف الإشتراكية، وأن معارك متفاوتة العنف، ستنشأ حينها بين هذه الطبقة التي تريد أن تعتقل الثورة في أفقها البرجوازي، وتلك التي تريد أن تنطلق بها إلى آفاقها الإشتراكية. ونسبة لأن القيادة في يد قوى الإستمرار، وأجهزة الدولة في يدها بالتالي، فضلا عن موقعها الطبقي والسياسي الذي سيصبح أكثر رسوخا خلال مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، فإن النصر سيكون حتما من نصيبها وستسحق هذه الطبقة البرجوازية، المغلقة الآفاق سحقا لا هوادة فيه. وما يقال عن البرجوازية الصغيرة يمكن أن يقال ايضا عن مثففيها وهم طليعتها في التنظير والتنظيم، وهم حاملو رايتها والمدافعون عنها. وإذا كان تحليل الحزب الشيوعي صحيحا بصورة كلية، فلنا أن نتساءل ما هي مصلحة البرجوازية الصغيرة والمثقفين في الإنضمام إلى حلف يصادمهم في النهاية ويصفيهم تصفية كاملة، إذا قاوموا فناءهم الطبقي والفكري والسياسي؟ ولذلك، وبدلا من الإنضمام إلى هذا التحالف فإن العقل يملي عليهم أن يقاوموه اليوم قبل أن يفتك بهم غدا، وأن يتغدوا به قبل أن يتعشى بهم. وهذا ما حدث على وجه العموم. وقد قلت في ورقة كتبتها قبل أكثر من عشر سنوات، لإصلاح الحزب الشيوعي، عندما كنت عضوا فيه، أن الحزب هنا بمثابة من يوظف المستقبل لهزيمة الحاضر، وهو تعامل غريب جدا مع المستقبل. هناك من يستخدمون الماضي لهزيمة الحاضر، كما هو الحال بالنسبة للحركة الإسلامية النكوصية، ولكن أن توضع رؤية للمستقبل، لتشيع الخلاف بين قوى لديها كل ما يجمعها في الحاضر، فهذا محض غباء، لأ أكثر ولا اقل.
· وعندما أقول ذلك فإنني لست بصدد إدانات، لهذا أو ذاك من الناس، وإلا فإن الأولى بي ان أدين نفسي قبل الآخرين، لأنني شاركت في ذلك لوقت طويل جدا، وأنا مسؤول عنه بقدر مسؤولية أي قيادي آخر في الحزب. بل أذكره في إطار النقد الذاتي لموقفي شخصيا، وفي إطار تحليل الوعي السابق، الذي صور لي الأشياء على غير حقيقتها. وأذكره كذلك في إطار نقد الأيدويولجيا التي تحول أذكى البشر إلى غافلين كبار عن حقائق الأشياء، إن لم نقل إلى أغبياء يهزمون أنفسهم بأنفسهم، ويخربون ما أقاموه من بناء عزيز.
· من الناحية السياسية والتنظيمية مثل مشروع الحزب الشيوعي، إجهاضا هائلا بحق للقوى الكفيلة بتحقيق النهضة الوطنية في البلاد. لأنه كما قلنا منع هذه القوى منعا من التوحد، بل خلق بينها عداوة شرسة وصراعات عقيمة. ولكن حتى بالنسبة لأولئك الذين وافقوا الحزب الشيوعي على تحليله العام، وأنضموا إليه من موقع التحالف لإنجاز المرحلة الوطنية الديمقراطية، والتحقوا بالجبهة الديمقراطية على هذا الأساس، فإن المشروع لم يكن سوى عملية إجهاض هائلة ومستمرة عبر العقود. وإذا صرفنا النظر عن الصراعات والتوترات التي حدثت داخل الجبهة الديمقراطية نفسها، فإن الخريج الذي انضم لها في الجامعة، يجد نفسه في العراء تماما، بمجرد تخرجه. فبينما يلتحق الخريج الشيوعي بفرع حزبه في مكان العمل أو السكن، فإن الديمقراطي يجد نفسه مجردا تماما من أي وعاء سياسي وطنى. ومع أن تخرجه من الجامعة كان يمكن أن يكون خطوة حاسمة من أجل توظيف طاقاته السياسية على المستوى الوطني، فإنه يجد نفسه في متاهة سياسية لا قرار لها. باختصار ومع كل دفعة جديدة كانت تتخرج من الجامعة كانت قوى التغيير تفقد مئات الناس الذين كانوا يناضلون في صفوقها عندما كانوا طلابا ويتخلون عنها ليس لفتور في الهمة أو قعود عن الخدمة الوطنية، بل فقط لانعدام الوعاء السياسي الذي يمكنهم من مواصلة النضال السياسي الذي بدأوه في الجامعات. وكانت عملية الإجهاض غير العقلانية هذه، هي نفسها آلية الهزيمة الذاتية التي كان الحزب الشيوعي ابرع فيها من جميع أعدائه. وكان هذا يحدث في وقت كانت فيه الحركة الإسلامية، المتربص الأساسي بالحزب الشيوعي، يحول كل دفعة جديدة من خريجيه إلى قوة مقاتلة في صفوفة وعلى نطاق كل الوطن. ومن الواضح تماما لمن يمكن أن يكون النصر على المدى البعيد، بالنسبة لمتحاربين، احدهما يضيف إلى جيشه باستمرار، والآخر ينتقص منه بنفس الوتيرة.
· ربما يقول قائل أن هذا التحليل ليس صحيحا لأن الخريجين من الجبهة الديمقراطية كانوا يلتحقون بالروابط الإشتراكية وسط المهنيين. وهذه نصف حقيقة لا أكثر. فهذه الروابط كانت محلية تماما، اي أن القائمة منها في جامعة الخرطوم لا تربطها اية رابطة تنظيمية بتلك القائمة في وزارة الزراعة، حتى لا نتحدث عن أقاليم السودان النائية، والتي ما كان من الممكن إنشاء روابط إشتراكية فيها لكثير من الإعتبارات والصعوبات. الروابط الإشتراكية، وقد نشأت متأخرة على كل حال، لم تكن حزبا سياسا، ولم تكن أداة فعالة لتوحيد قوى التغيير والنهضة في البلاد. ولكن ما يشهد على صحة التحليل بصورة حاسمة، هو تجربة " التحالف الديمقراطي" الذي نشأ بعد الإنتفاضة عام 86. وأذكر أن الأستاذ محمد إبراهيم نقد كان يملي علي قرار اللجنة المركزية حول المبادئ التي تحكم التحالف، وذكر من ضمنها أن التحالف يقوم على اساس الدوائر الإنتخابية، ولا علاقة بتحالف دائرة الديم، على سبيل المثال، بتحالف دائرة العمارات! والفكرة كلها كانت تهدف إلى مقاومة بروز كيان سياسي وطني وقيادة سياسية وطنية للتحالف مستقلة عن الحزب الشيوعي. وهكذا مزقت أحشاء الوليد قبل أن يصرخ إيذانا منه باستقبال الحياة. وإن غفرت لنفسي كثيرا جدا من الأخطاء، فإنني لن أغفر لها مطلقا، سكوتي وقتها على هذه المهزلة الكلية، التي نفرت منه نفورا جالبا للقيئ وأنا اكتب عبارات الأستاذ نقد التي كان يمليها وهو مرتاح الضمير، فهو صاحبها على كل حال. وهكذا ولد التحالف ميتا، وهكذا سيولد ميتا أي تحالف جديد ينشأ في كنف مشروع الحزب الشيوعي الثلاثي الشعب، الذي يلجأ إلى الوهم الخالص، وهو بناء مجتمع شيوعي بمواصفات ماركسية لينينية، في مستقبل لن يجيء، ليهزم به الحاضر بكل ممكناته وآفاقه الرحيبة.
· وإذا كان ذلك هو الأصل البعيد لتشرذم قوى النهضة والتغيير والحداثة، فإن الفروع كثيرة ومتشابكة. ومن حق الناس أن يتساءلوا: لماذا لم تتوحد هذه القوى بعيدا عن الحزب الشيوعي وبمعزل عنه، وقد اتيحت لها فرص تاريخية لتفعل ذلك؟ هذا هو سؤال اليوم، الذي يجب أن نجيب عليه بكل الصدق مع النفس والآخرين. وأستطيع أن أجمل الاسباب هنا في أن التنظيمات التي تمتعت بميزات نسبية جعلتها قادرة على توحيد هذه القوى فشلت في صياغة رؤية توحيديه وتبني مواقف توحيدية كان من شأنها أن تنقل هذه القوى بصورة حاسمة إلى الأمام. الحركة الشعبية لتحرير السودان، على سبيل المثال، طرحت لواء السودان الجديد، كصيغة رأتها مناسبة لتوحيد تلك القوى. ولكن حشر تلك القوى في تنظيم عسكري، تابع لرئيس الحركة الشعبية مباشرة تبعية الجندي لقائده، كانت صيغة خاطئة كليا وفاشلة مسبقا وكانت قصاراها تكوين لواء عسكري، كما كان اسمها تماما، وكما حدث بالفعل. ومهما دافع بعض المنظرين الكبار، والمستشارين العظام، عن صيغة لواء السودان الجديد، فإنها كانت رؤية أمعنت التحديق في أشجار العسكرة فغابت عنها غابة السياسة. فتوحيد هذه القوى عملية سياسية أساسا وتنظيمية بعد ذلك، ولكن حتى على مستوى التنظيم فإن الجانب العسكري منه ليس سوى جزء يسير من المهمة الكلية، وهو من كل فروع المسألة الجزء المرشح للزوال والإضمحلال قبل كل الأجزاء الأخرى. وذلك لأن منازلة الجبهة الإسلامية وإسقاطها كانت مهمة مؤقتة يعود الناس بعدها إلى العمل الحقيقي المتمثل في بناء الوطن، وهي مهمة سياسية، لا تقوم بها القوى الإجتماعية إلا بعد أن تستوعب الأشكال المعقدة لتنظيم البشر التي أنشأوها على مر التاريخ. وعلى كل حال لم يكن أحد ليطالب الحركة الشعبية بأن تتحول بين يوم وليلة إلى تنظيم ديمقراطي لأن البعد العسكري كان غالبا على مهامها، وهو أمر لا يد لها فيه، بل لم يكن أحد من التنظيمات الجديدة، حسب علمي، يستنكف عن المشاركة في العمل العسكري، ولكن وفق رؤية سياسية يشارك في صياغتها حتى ولو بالموافقة ويملك حق تغييرها ولو نظريا فقط. أما الدخول في تنظيم عسكري لبناء حركة سياسية فهو توجه خاطيئ بالنسبة لقوى مسيسة منذ نصف قرن. هذا يمكن أن يصح بالنسبة لأقسام من الجماهير السودانية ظلت بعيدة عن السياسة بأشكالها الأكثر صراحة، والتي لا تملك في صراعها من أجل الوجود سوى التشكل عسكريا حتى لا تسحق تماما. وهذا أمر مشروع تاريخيا مشروعية كاملة. ولكنه موقوت بظروفه فقط.
· ارتكب مستشارو الحركة الشعبية خطأ فادحا هنا، لأن بعضهم مهتم بتأجيج العداوات بين هذه القوى، أكثر من أهتمامه بلم شملها، منصرف إلى هجائها والسخرية منها أكثر من إهتمامه بالتحليل الرؤيوي لممكناتها، ولا يطرأ لنا أن نطلب منه ما لا يقدر عليه من السماحة والرؤية التي تعين الحليف الضعيف حتى يقوى، وتقيل عثرة الصديق حتى يستوى عوده فيرد المعروف، وتجمع الأودية المبشرة بالخير لتصب في النهر الكبير، فبينه وبين ذاك شأو بعيد.
· وإني لأرجو أن تنتبه الحركة الشعبية، وهي المقبلة حاليا على تحويل نفسها إلى تنظيم وطني من حلفا إلى نمولي كما يحلو للدكتور قرنق ولصديقنا ياسر عرمان أن يقول، إلى مراجعة تجاربها في هذا المجال، بروح نقدية، بعيدا عن نافخي الكير، وأن تنفتح لقوى التغيير في الشمال، فلا مستقبل لها في هذا الجزء من الوطن، ولا مستقبل لهذه القوى ايضا، إلا إذا استطاعت معا صياغة مشروع توحيدي، ديمقراطي حقا وحقيقة، تكون الحركة الشعبية رائدته وقائدته.
· كانت لتنظيم قوات التحالف كذلك ميزات نسبية تؤهله لتوحيد هذه القوى، ولكن قيادته كانت سجينة هي الأخرى في وهمين: وهم اختطاف التنظيم من قبل قوى أخرى، وهو موقف من لا يثق بنفسه مطلقا، ووهم قرب الإنتصار ووراثة الأرض ومن عليها، ولذلك لا تكون مشاركة الآخرين إلا خصما من نصيب الأسد واللبؤة، الذي يريدون أن يحتفظوا به لأنفسهم، وليس غريبا والحالة هذه أن يروا الآخرين جميعا في صورة الضباع. والواقع أن ما قلناه عن التحالف يصح على كثير من تنظيمات القوى الجديدة، التي جعلت أمر التحكم في التنظيم وضمان قيادتها له بصورة مسبقة ونهائية، دون السباحة في مياه الديمقراطية الخطرة وأمواجها العاتية، همّا غالبا على أي مشروع وعلى أي إعتبار آخر. وقد كانت القوى الجديدة، في مسلكها ذاك اقدم من جميع القوى التقليدية في السودان، وأعجز منها كثيرا في الوصول إلى قيادة موحدة، لأسباب لا تغيب عن الناس. أي أن القوى التقليدية غالبا ما تحسم أمر القيادة بناء على اعتبارات غيبية لا تكون سياسية إلا بالنسبة للقيادة نفسها. ولذلك فإن هذه القوى تحتاج فعلا، إلى جهة ذات مزايا يمكن أن تتفق عليها جميعا، حتى تدفعها نحو الوحدة. وهذا هو الدور الذي رشحنا له الحركة الشعبية لتحرير السودان، إذا شاءت.
· حول مستقبل الكيانات المنشقة عن أحزابها:
· بعد عودة رياك مشار ولام أكول، إلى الحركة الشعبية، وبعد أن مرت بينهما وبين الحركة الشعبية مياه كثيرة تحت الجسر، بعضها كان قاني الحمرة، يمكن أن نصل إلى الإستنتاج السفسطائي بأن كل شيئ ممكن في السياسة السودانية. ولكننا نعود ونقول أن الحركة الشعبية لها ظروفها السياسية والإجتماعية الخاصة. فثمة بعد جهوي في رسالتها، يجب أن يشمل كل الناس المنتمين لهذه الجهة بمجرد إبدائهم الرغبة في التصالح والتوحيد. ولكن هؤلاء الناس أنفسهم لن يتمتعوا بعد الآن بشيئ جوهري في التنظيم الذي عادوا إليه، وهو الثقة فيهم وفي صلابة ولاءاتهم. وما دامت الحركة الشعبية مقبلة على تحالف طويل مع الجبهة الإسلامية، حكومة ومعارضة، فإنها محتاجة لهذه الثقة المطلقة في كوادرها. وستظل هذه العناصر، التي تحركها دوافع انتهازية أساسا، قنابل موقوتة داخل جسد الحركة، وهي تتلامس بالأكتاف كل يوم، مع الجبهويين العتاة، الذين صار شراء الذمم سلاحا أساسيا من أسلحتهم وحجة بليغة مع الكثيرين من خصومهم في ظل الحاجة والتطلعات الشخصية التي لا تحدها حدود. ولكن ماذا عن الخارجين والمنقسمين الآخرين؟
· أعتقد أن من أنضموا إلى الجبهة الإسلامية في السلطة لن يعودوا إلى أحزابهم القديمة، ولن يكون لعودتهم، حتى إذا حدثت، اية أهمية سياسية مهما كانت. ولذلك فإن رجوعهم وعدمه سيان. لن يعودوا لأن مقدرة الجبهة في الإستجابة إلى النوازع الإنتهازية الشخصية أكبر من مقدرة اي تنظيم آخر في البلاد. ولن تكون لعودتهم أية أهمية سياسية لأنهم اصبحوا مكشوفين تماما أمام قواعد أحزابهم، وسيضحك الناس ملئ اشداقهم عندما يتحدث هؤلاء عن المبادئ، وعن مصلحة الوطن العليا، وهذه أدوات شغل مهمة في اي عمل سياسي، فهم يعرفون أن كل ذلك ليس سوى رطانة يقصد بها إخفاء الأهداف الشخصية. بل إن عودة هؤلاء ستكون خصما على هذه الأحزاب نفسها، إذا كانت تحترم نفسها بالفعل.
· أما بالنسبة لأمثالي من الخارجين على أحزابهم، وليس المنقسمين عليها، وهناك فرق هائل بين المقولتين غالبا ما لا ينبته الناس إليه، فإن أمر العودة ليس واردا بالنسبة إلىّ ولا بالنسبة للحزب الشيوعي، حتى أتوخى العدالة. لقد كان خروجي من الحزب الشيوعي، خروجا متكاملا على مشروع متكامل، ايديولوجيا وسياسيا وتنظيميا، وهذا أمر لا تلغيه اية اعتبارات اخرى. من الناحية النظرية البحتة يمكن أن يكون هناك تعاون إذا تخلى الحزب الشيوعي عن مشروعه بابعاده التي أشرت إليها، وتبنى مشروعا للنهضة الوطنية برؤية يصوغها معه الآخرون، على هدي الورقة التي قدمتها له قبل أكثر من عشر سنوات بعنوان " آن أوان التغيير"، وإذا قررت أنا نفسي ممارسة دور سياسي فاعل داخل السودان. والأمران مشكوك فيهما جدا. وأرجو أن يطمئن الكثيرون من هذه الناحية. فقد توصلت فعلا إلى أن نقد السياسة السودانية، بصورة لا رحمة فيها للأحزاب والقوى السياسية، وفيها الرحمة كلها للشعب ومستقبله، هو المهمة الاساسية للمثقفين في الوقت الحالي. وهذه مهمة يصعب تماما ممارستها من مواقع سياسية. لأن ذلك سيكون بمثابة الدخول في الجب، بدلا من مساعدة الآخرين على الخروج منه. إنما يمكن ممارستها من مواقع فكرية لا مكان فيها لاعتبارات الصداقة والعداء، ولا سعي فيها لإرضاء فلان، ولا هيبة فيها من إغضاب علان. هذه مهمة فكرية كما قلت، وهي مهمة بالغة الصعوبة ولكنها كثيرة الخير. وهي تستجيب لواقع هام في السياسة السودانية، علاوة على ما ألمحت إليه من فسادها، وهو تهيؤ جيل جديد لتسلم مقاليد القيادة، لأن الطبيعة كفيلة بتحقيق ما عجزت عنه الديمقراطية، في تجديد قيادات هذه الأحزاب، التي نتمنى لها طول العمر، على كل حال. هذه المهمة الفكرية ظل يقوم بها كثيرون منذ زمن طويل، وكان اختيارهم صائبا وصحيحا، ويتشرف المرء بالإنضمام إليهم.
· أقول أن مآلات القوى الجديدة، إذا كانت حريصة على رسالتها، هي أن تتوحد، وليس أن تعود إلى أحزابها القديمة التي صارت مغارات ينعق فيها البوم. ولكنها لتتوحد يجب أن تعيد صهر معادنها، وتقبل الديمقراطية، وليس التآمر والحيل الصغيرة، كأداة أساسية تحكم علاقتها. هذا ما بدأت به وهو خير ختام.


Post: #2
Title: Re: الخاتم عدلان للاضواء حول تشرذم قوى اليسار !!
Author: Abdelaziz
Date: 11-18-2003, 04:06 PM
Parent: #1

العزيز امجد

كل سنة وانت طيب

مشكور على نشر الجزء الثانى من الحوار فقط كنت أبحث عنه يومياً فى الوب بتاع الاضواء

التحية والود

عبدالعزيز

Post: #3
Title: Re: الخاتم عدلان للاضواء حول تشرذم قوى اليسار !!
Author: Amjad ibrahim
Date: 11-19-2003, 00:20 AM
Parent: #1

سلام جميعا
الاخ عبد العزيز ازيك و تصوم و تفطر على خير
في ملحوظة وددت ان اثبتها ان هذا الموضوع هو الاصل الذي كتبه الاخ الخاتم و اعتقد انه لن ينشر بهذا الشكل في جريدة الاضواء نسبة للضرورات الصحفية، و قد نشرت الجزء الاول في بوست منفصل و كان نقلا من الاضواء ووجدت انه لم يعبر تماما عن اصل الموضوع لذا ارسلت النص الاصلي لاحقا و يمكنك المقارنة بين الموضوعين عبر هذه الوصلة
الخاتم عدلان للاضواء الاحزاب السودانية شخصيات غير موهوبة تبحث عن مؤلف
لك تحياتي و كل سنة و انت و جميع أهل هذا البورد بخير
اخوك امجد

Post: #4
Title: Re: الخاتم عدلان للاضواء حول تشرذم قوى اليسار !!
Author: Alsawi
Date: 11-19-2003, 10:22 AM
Parent: #3


الاخوة امجد والجميع

الخاتم عدلان مفكر عقلاني ولا احد يشك في وطنيته واخلاصه لقضية شعبه وتجرده في الدفاع عن الحق مهما كان الثمن، ولذلك فان كل مساهماته هي جهد جيد ومفيد. ولكني اعتقد انه مقل او على الاقل لا نري مساهماته منشورة بكثرة، وشكرا يا امجد على اطلاعنا على هذه.
الخاتم ايضا يضرب مثالا نادرا في السياسة السودانية، وهو اعلان عدم رغبته في احتراف العمل السياسي وتفضيل العمل الفكري والتنظير الواعي المطلوب دوما، وهذه حالة نادرة، اذ غالبا ما نري السياسيين عندنا، حتى من له قدرات عقلية وفكرية وتنظيرية وبحثية جيدة، نراهم تستغرقهم المناصب والرئاسات والتصدي لكل شئ، فهو الكل في الكل، في التنظيم، فلا ارضا يقطع "اي لا رجالا يقودون التنظيم" ولا ظهرا فكريا وتنظيريا يبقي. ليت نقد والرتابي والصادق يقرأون هذا القول ويتأملونه، وغيرهم كثر.


Post: #5
Title: Re: الخاتم عدلان للاضواء حول تشرذم قوى اليسار !!
Author: Amjad ibrahim
Date: 11-20-2003, 02:25 AM
Parent: #1

سلام جميعا
الاخ و الصديق العزيز الصاوي
كيفك
اوافق معك انو الاخ الخاتم مقل نوعا ما في العطاء، لكنها ظروف الغربة القاهرة و انت سيد العارفين، السبب الاساسي في هذا الاقلال هو عدم التفرغ فهو يعمل عملا كاملا اي اربعين ساعة في الاسبوع، و هذا يجعل من ايجاد الوقت الكافي للكتابة مشكلة عويصة للغاية، و لعلك اكثر من يعرف هذه الظروف فانت تعايشها يوميا، نتمنى ان تتحسن الاوضاع داخل حركة القوى الجديدة حق، و نستطيع بالتالي تفريغ عدد أكبر من الكوادر الفكرية للمساهمة النظرية الجادة في مشاكل السودان المعقدة. نحن نعي تماما اننا قد لا نلعب دورا سياسيا كبيرا في المستقبل القريب، لكن تبني اي قوى فاعلة لاطروحاتنا نعتبره نجاحا كبيرا لنا و بالتالي للسودان ككل
لك كل الود
اخوك امجد

Post: #6
Title: Re: الخاتم عدلان للاضواء حول تشرذم قوى اليسار !!
Author: بهاء بكري
Date: 11-21-2003, 07:49 PM
Parent: #1

العزيز امجد المحترم
الشكر لك علي طلت الاستاذ الخاتم بعد غيبه طويله وانا اتفق مع الاخ الصاوي ان الاستاذ الخاتم غائب تماما علي الاقل خلال الفتره الاخيره . واتمني بعد استئذان الربس بكري ان ترتب للقاء مطول مع الاستاذ الخاتم لنسمع منه تحليلاته الصائبه دائما عن الاحداث السودانيه , خاصه وان البلد موعوده بتطورات دراماتيكيه , اتمني ذلك والشكر لك وللاستاذ الخاتم

Post: #7
Title: Re: الخاتم عدلان للاضواء حول تشرذم قوى اليسار !!
Author: Amjad ibrahim
Date: 11-24-2003, 00:05 AM
Parent: #1

Salam Bahaa
Good Idea I will try to arrange such meeting with Alkhatim
I will inform you later
Salam And EEd Saéed