محمد فال ..مراسل الجزيرة في الخرطوم !!

محمد فال ..مراسل الجزيرة في الخرطوم !!


11-12-2006, 04:09 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=238&msg=1189070228&rn=0


Post: #1
Title: محمد فال ..مراسل الجزيرة في الخرطوم !!
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 11-12-2006, 04:09 AM

الزميل النابه - محمد فال من بلاد شنيقط (موريتانيا)وهو مراسل الجزيرة في السودان ، ونجح في مهمته- وهو في تقديري افضل من كل من مروا في هذا المكتب - وسبق ان قدم تغطية متميزة لاحداث في السودان تميزت بالموضوعية ، قدم من خلال برنامج (تحت المجهر) حلقة بعنوان لمن البترول ؟ كشف اسرار البترول السوداني ، ونفذهابالكامل كتابة سيناريو واعداد وتقديم ونجاح الحلقة في توقيتها حيث تزامنت مع هزيمة الحزب الجمهوري وكانها تقول لادارة بوش خسرتم بترول السودان .
كان جميلا لو استضاف الزميل فال الرئيس الاسبق جعفر نميري !

نتوقع ان يقدم فال حلقات جديدة وتفتح قضايا مثيرة وهنا نقترح عليه :

2- اشهر الاغتيالات في السودان
ومنها :
-احداث ايلول الاسود - احتجاز سفراء في السفارة السعودية في السبعينات ونفذتها جماعات فلسطينية
- حادث فندق الاكربول ونفذته جماعة فلسطينية
- اغتيال المعارض العراقي الحكيم في الثمانينات ونفذته مجموعة من السفارة العراقية
-اخيرا .. اغتيال الصحافي محمد طه .
2- المغاربة في السودان

اخيرا : ورد في بوست سابق اسم الزميل ضياء الدين وقلت انه كانت له (لمسة) في كتابة السيناريو والصحيح انه ساعد في الاتصالات مع المشاركين في الحلقة !ضياء اعرفه منذ ان كان في الوفاق ووقتها كنت مراسلا للمستقلة وبعدها هاجرت ، فهو يخط طريقه بنجاح واحسن من يكتب التقرير الصحفي والتحليل السياسي ، ويجيد كتابة البروفايل وهو فن يتحسس موضعه في صحافتنا ، وكانت الرأي العام سباقة في هذا المجال !
الزميل : احمد يونس : شكرا على البوست ومنذ 20 عاماقضيتها في بلاط صحافة الجلالة - احرص على الامانة المهنية ولذا اقتضى التوضيح وإن كان لي اجر الاجتهاد في الحديث عن (لمسة) ضياء !

ارشح فال وضياء للانضمام لهذا المنبر فتجربة (المدونات) ممتعة ! .. ويا بكري امنحهما العضوية !

Post: #2
Title: Re: محمد فال ..مراسل الجزيرة في الخرطوم !!
Author: أبو الحسين
Date: 11-12-2006, 04:15 AM
Parent: #1

Quote: المغاربة في السودان



الأخ فيصل...

نهارك سعيد يا اخوي...

دي يبقى لي الكلام فيها يكون أحسن...

ولة رايك شنو؟؟؟

مودتي...


أبو الحســــــــــين...

Post: #3
Title: Re: محمد فال ..مراسل الجزيرة في الخرطوم !!
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 11-12-2006, 04:35 AM
Parent: #2

الزميل ابو الحسن :
ما يربطنا بالمغرب الكبير الكثير

Quote: قبيلة «المغاربة» في السودان تحن إلى جذورها وتنظم حفلا استثنائيا لوفد مغربي زار الخرطوم

عددهم في حدود مليون نسمة ويتحدر معظمهم من مدينة فاس

الخرطوم ـ الرباط: «الشرق الأوسط»
كثيرة هي المعالم التي تثير فضول زائر السودان، خاصة عاصمته الخرطوم، فلربما استرعى انتباهه الطراز المعماري الفريد لمساجدها ومآذنها، وقد يستوقفه ذلك المنظر العجيب «ملتقى النيلين» الأبيض والأزرق في صورة قل نظيرها، ولربما دفعه حب الاستطلاع إلى التجوال في أسواقها الشعبية، التي توارى عنها المنتوج المحلي، مفسحا المجال لنظيره الصيني ليستأسد في محالها ومتاجرها، لكن أكثر ما يثير استغراب الزائر من المغرب بالضبط هو وجود سودانيين من أصل مغربي.
غير أن حالة الاستغراب هذه سرعان ما تتبدد، حينما يعلم الوافد الى هذه الربوع، أن هناك قبيلة تحمل اسم «قبيلة المغاربة»، لها مكانة مرموقة وصيت ذائع داخل المجتمع السوداني، بفضل الاحترام والتقدير الكبير الذي تحظى به، بالنظر الى أن الوافدين الأوائل من المغاربة، قدموا إلى هذا البلد بغية نشر الدين الإسلامي وبالخصوص ما يعرف بالإسلام الصوفي. قال كامل عبد الماجد المستشار في المجلس الوطني السوداني (محافظ سابق في عدد من محافظات السودان) وأحد المنتسبين لقبيلة المغاربة بالسودان، في حديث لوكالة الانباء المغربية، بمناسبة الاستقبال الحار الذي خصصته هذه القبيلة للوفد المغربي، الذي شارك في فعاليات «الخرطوم عاصمة الثقافة العربية 2005» ( 26 سبتمبر الى اول اكتوبر الجاري)، إن «أسلافنا المغاربة أتوا منذ حوالي 500 أو 550 عاما إلى السودان، لنشر الاسلام، قادمين من عدة مناطق بالمغرب، خاصة من فاس، ولعل ذلك ما يفسر القول المأثور عند أهل السودان «فاس اللي ما وراها ناس»، اعتقادا منهم بأن فاس لا توجد وراءها يابسة.

وأضاف أن أغلب هؤلاء الوافدين كانوا من علماء الدين ورجالات التصوف، وعندما دخلوا إلى أرض السودان استقر بعضهم قرب شواطئ النيل الأبيض في منطقة تسمى (حريدانة)، في حين استقر الكثير منهم بمنطقة شرق النيل (تقع مباشرة شرق الخرطوم بحري).

وأشار إلى أن المنتسبين لقبيلة المغاربة يوجدون بكثرة في شمال منطقة «المناقل»، التي تسمى منطقة غرب الجزيرة، حيث تنتشر القبيلة في 36 قرية. كما يوجد البعض منهم في وادي مدني، ثاني حواضر السودان، ومنتشرين في قرى تقع في منطقة الجزيرة من قبيل قرية (كعويرة)، بالإضافة إلى قرية اسمها «المغاربة»، مما يدل على أنهم كلهم مغاربة، بمعنى أن انتشارها شمل حيزا جغرافيا صغيرا، حيث قلما تجد أفرادا من القبيلة وسط أو غرب أو جنوب البلاد، خلافا للقبائل الأخرى المنتشرة بمختلف أرجاء السودان. أما المعاقل الحقيقية لقبيلة المغاربة بالسودان، فتأتي في مقدمتها قرية «الشيخ الأمين ولد بلة» (حوالي80 كلم شرق الخرطوم)، التي تحمل اسم أحد أحفاد الشيخ سيدي أحمد زروق أبو المغاربة السودانيين, دفين مدينة مصراتة على الحدود الليبية ـ المصرية، فضلا عن قرى أخرى مثل سوبا الشرقية ودار السلام والهلالية (شرق النيل باتجاه الجنوب)، وتبقى قرية (ابوحراز ) من بين أكبر هذه المعاقل.

وإذا كان عدد القبائل في السودان يفوق الـ600، فإن قبيلة المغاربة هي الوحيدة على الاطلاق التي تحمل اسم الجهة أو البلاد التي أتت منها، وهو معطى لا تنعم به قبائل أخرى تحمل أسماء عادية كقبيلة الكواهلة والعركيين والرفاعة والشكرية، بحيث تنفرد «قبيلة المغاربة»، بالاحتفاظ باسم الجهة التي قدمت منها.

ورغم أنها من القبائل المتوسطة في السودان، لا يتعدى عدد أفرادها مليون نسمة على أبعد تقدير، كما يقول كامل عبد الماجد، فإن قبيلة المغاربة، التي ظلت منحصرة في مساحة ضيقة، بقيت منفتحة على محيطها المباشر وتفاعلت معه وأنجبت العديد من الرموز الذين أثروا في حياة أهل السودان، بمن فيهم السفراء والوزراء والأساتذة الجامعيون، خاصة أن أبناءها ارتادوا التعليم النظامي من مدارس وجامعات منذ انطلاقه بالسودان.

وخلص كامل إلى أنه إذا كان أبناء قبيلة المغاربة يعتزون بأصولهم المغربية ويفتخرون بها، فإن حنينهم لبلدهم الأصلي يبقى حنينا مستداما، فغالبا ما يتحدثون عن جذورهم في المغرب، وإذا سافر الفرد منهم إلى المغرب فإن أول ما يسأل عنه من قبل أفراد القبيلة فور عودته: «هل وجدت أهلا لنا هناك من سلالة أحمد زروق المغربي؟» و«هل سألت عن أجدادك هناك؟».

وجريا على عادة القبائل العربية في إكرام وفادة الضيف، كان الاستقبال الذي خصصته هذه القبيلة للوفد الثقافي المغربي استقبالا منقطع النظير، امتزجت فيه حرارة اللقاء وتكبير وتهليل، كلما ذكر اسم المغرب وطقوس الكرم من نصب للخيام الضخمة وذبائح وقرع على طبل «النحاس»، الذي لا يستعمل إلا في مناسبات ثلاث، أولاها قدوم ضيف عزيز، وثانيتها عودة شيخ القبيلة سالما من مهمة وآخرها وفاة واحد من علية القوم.

ثم جاء دور الكلمة لتعبر عما يختلج السرائر من مشاعر محبة وأحاسيس جياشة عكست في مجملها فرحة الحشود التي توافدت على قرية «الشيخ الأمين» من كل حدب وصوب، حيث أبى زعيم هذه القرية الشيخ الطيب الغزالي (عضو المجلس الوطني السوداني) إلا أن يقيم مأدبة كبيرة على شرف الوفد الثقافي المغربي، حضرها عدد كبير من أفراد القبيلة وأعيانها (أزيد من600 شخص) بمن فيهم الدكتور غازي صلاح الدين العتابني المستشار لدى رئاسة الجمهورية.

وعكست الكلمات والقصائد التي ألقيت بالمناسبة ترقب أفراد القبيلة الطويل لقدوم المغاربة والفرحة العارمة التي غمرت أفرادها وهم يحتفون بهذا اللقاء.. حيث جادت قريحة كامل عبد الماجد بقصيدة مطلعها:

أتى أهلي فأشرقت الديار وغرد في دواخلنا الفخار بنو عمي وإن شط الزمان وعز الوصل واستعصى المزار بمقدمهم سعدنا في احتفاء عظيم والإخاء له إطار إلى أن يقول: إلى الملك التحية فاحملوها «مليك بالبنان له يشار هو الشمس التي في كل أرض بها عند الدياجي يستنار وللشعب العزيز عظيم حبي فرغم البعد ليس لنا انشطار.


Post: #4
Title: Re: محمد فال ..مراسل الجزيرة في الخرطوم !!
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 11-12-2006, 05:06 AM
Parent: #3

الزميل: ضياء : تحياتي :

في انتظار حلقة :
دارفور .. لعنة الرصاص !

ترقبوا الجزيرة

Post: #5
Title: Re: محمد فال ..مراسل الجزيرة في الخرطوم !!
Author: أبو ساندرا
Date: 11-12-2006, 06:15 AM
Parent: #1

بالفعل يا فيصل ، فان محمد فال إختيار موفق

أخبرني صديقي معاوية الزبير - الرجل الذي عرفني بمحمد فال - بأنه في الخرطوم في مهمة
أخذت تلفونه من ودالزبير وأرسلته لي ناس بيتنا وعلى الفور إتصلت به رشيدة ووجهت له ولزملائه الدعوة
فلبوها مشكورين ، مماحفزها لدعوتهم لرحلة على ضفاف النيل وماقصروا
عاد محمد فال الى الدوحة بعد ان سجل في كاميرته الذكية المزودة بجهاز فيديو صور عن يوم الغداء ويوم الرحلة
وجلسة إستماع ، أمتعني بها.
في الخرطوم إكتشف فال ان له أهل من هجرات الشناقيط غلى السودان الذي كان جاذب لكل الشعوب
يأتيه الناس من غرب إفريقيا من نيجريا والنيجر ومالي ومن شرق وسطها حيث يوغندا والكنغو
ومن أقصى شمالها حيث المغرب العربي ، شناقيط { موريتانيا } ومغاربة
ومن شرقها من الحبشة وإريتريا ومن القرن الإفريقي حيث الصومال والعفر
ويأتي من آسيا يمن وهنود وعرب الجزيرة
قلت أكتشف محمد فال أهله الشناقيط ولم يندهش لشبه التشابه ولفة التوب الأنيق
ولكنه إندهش عندما عرف أن واحد من أعضاء مجلس السيادة ، اي نائب رئيس الجمهورية
حيث كان يقوم مجلس السيادة بمهام رأس الدولة ويعتبر رئيسه ، رئيس للجمهورية وأعضاء المجلس بدرجة نواب رئيس جمهورية ن كان أحدهم السيد محمد صالح الشنقيطي ، الوطني الغيور والذي مثل رحيله فاجعة وطنية
وعمل شعبنا على تخليد ذكراه بإطلاق إسمه على أهم شارع رئيسي في مدينة الثورة
التي تقع بين ثلاث شوارع رئيسية تربطها بأم درمان ثم الخرطوم هي
الثورة بالوادي ، الثورة بالنص ، والثورة بالشنقيطي

ويحق لمحمد فال الدهشة
فهذا شعبنا

ومحمد فال شخصية عشرية جدآ ، يحب أن يتعرف على الناس ويهتم بهم
وفال صاحب نكتة وبديهة حاضرة
ومشاكس من الطراز المتقن وبينه وماهيتاب بركات مشاهد تماثل توم آند جيري

واضم صوتي لطلب فيصل الزبير بمنحه العضوية فهو يستحقها وبجدارة

وعاطر التحايا يا محمد فال

Post: #6
Title: Re: محمد فال ..مراسل الجزيرة في الخرطوم !!
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 11-13-2006, 02:05 AM
Parent: #5

الزميل : ابوساندرا : ود بركات :
سرد جميل
هذا مايميزنا كسودانيين وهذه هي قيمنا الجميلة في التعايش مع الثقافات والقبول بالاخر .بلاد السودان كانت قديما تطلق على دول غرب افريقيا مرورا بالسودان (سيد الاسم) وحتى تخوم الحبشة وسأورد العلاقة بين بلاد السودان والمغرب :

غشمرة :
Quote: توم آند جيري


بالمناسبة كنا نعمل انا والمتفلت هاشم كرار في جريد اسمها (الحوداث) شقيقة (السياسة) لصاحبها خالد فرح هذه الصحيفة لم تصدر يوم الجمعة 30 يونيو 1989 لان المزيقة دقت . في يوم الخميس كنا في المطبعة بكوبر انا وكرار وجمال عدوي واخرون حتى الساعات الاولى من صباح الجمعة وكان العنوان الرئيس ( الصادق المهدي : إذا فشلت فلن اشيع باللعنة) والعنوان الفرعي منسوبا له ( احب مشاهدة افلام توم اند جيري) .رجعنا الى بيوتنا ولم يستطع هاشم وفرح عبور كوبري بري لان كان مقفولا بجنود مدججين بالسلاح - وعرفا بحاستهما الصحفية ان انقلابا وقع - وتم اعتقال فرح ورجع كرار الى المطبعة- بعد منعه من المرور - وغير (المينشيت) الى (انقلاب يشيع الديمقراطية الثالثة) فهذه الصحيفة لم يقرأها سوى رئيس تحريرها خالد فرح ومدير تحريها كرار وشخصي !
المغرب وبلاد السودان
Quote: التكامل الثقافي بين المغرب وإفريقيا في العصر الحديث من خلال المصادر العربية




شهدت العلاقات المغربية السودانية تكاملا ثقافيا سواء على مستوى التأليف أو في الإجازات العلمية والأخذ عن الشيوخ.. كما شهدت هذهالعلاقات تداولا على مستوى التأليف وتبادل المخطوطات...



1 - بداية العلاقة بين المغرب وبلاد السودان
2 - التكامل الثقافي بين المغرب والسودان على مستوى التأليف
3 - التبادل التلقائي في الإجازات العلمية والأخذ عن الشيوخ
4 - تداول المؤلفات السودانية بالمغرب وتنويه أعلامه بها
5 - وفرة المخطوطات السودانية بالمغرب

1 - بداية العلاقة بين المغرب وبلاد السودان
يصعد تاريخ الصلات الثقافية بين المغرب وإفريقيا إلى الفترات الأولى لظهور الإسلام بالسودان، ومن الإشارات لذلك فقرة عن مملكة مالي ومضافاتها(1)، وفيها بذكر القلقشندي (2) أن كتابة هذه المنطقة بالخط المغربي على طريقة المغاربة. ثم كانت تلاوة الجهة ذاتها للقرآن الكريم تتبع اتجاه المغرب فيأخذون بقراءة نافع من رواية ورش، فضلا عن اختيارهم للمذهب المالكي(3).
ولما زار ابن بطوطة إفريقيا، لاحظ وجود جالية مغربية منتظمة، رئيسها هو سعيد بن علي الجزولي الذي يخططه بسمة شيخ المغاربة(4)، وفي مناسبات أخرى يذكر مغاربة تتوزعهم جهات من السودان، بينهم محمد بن الفقيه الجزولي كبير جماعة البيضان بمدينة مالي(5)، وقاضيهم أبو العباس الدكالي(6)، ومحمد الفيلالي إمام مسجدهم(7)، ثم أبو إبراهيم إسحاق الجاناتي قاضي مدينة تكدا(، وفي مدينة تنبكتو يشير الوزان الفاسي(9)إلى وفرة المخطوطات التي تباع بها، ويلاحظ أنها تأتي من بلاد البربر حسب تعبيره، وتدر أرباحا تفوق أرباح سائر البضائع. وعن نفس البلد يقول السعدي10)"ولم تأته العمارة إلا من المغرب، لا في الديانات، ولا في المعاملات".
والآن بعد هذا المدخل: ينتهي بنا المطاف على العصر الحديث، والملاحظة البارزة هذا الصدد، تأتي من تطور هذه الصلات ـ مع مر الزمن ـ إلى التكامل الثقافي بين المغرب والسودان، وهي ظاهرة تبدو في علاقات المؤلفات، والإجازات، والقراءة على الشيوخ، وفي الكتب الدراسية، ومحفوظات الخزائن المكتبية.

2 - التكامل الثقافي بين المغرب والسودان على مستوى التأليف
ففي قطاع التأليف: نختار للنموذج الأول كتاب "نيل الابتهاج بتطريز الديباج" لأحمد بابا السوداني، وكما هو معروف، فقد قصد مؤلفه أن يذيل به على تراجم "الديباج المذهب في أعيان المذهب" لابن فرحون، وبدأ تأليفة وهو في تنبكتو، غير أن قلة المصادر يبلده قصرت به عن إنجاز مشروعه، حتى إذا ساقته الأقدار على مدينة مراكش وجدبها المصادر الموفورة، وهي حقيقة يصدع بها في طالعة عدد من نسخ الكتاب المخطوطة (11) ، فيقول عن تذيله للديباج: "... فما زالت نفسي تحدثني منذ قديم الزمان، وفي برهة من الأوان، باستدراك بعض من فاته ومن جاء بعده من الأعيان، فقيدت فيه بحسب المنة والإمكان، وذلك حيث كنت ببلدنا البعيدة عن نيل المقصد من ذلك لبعدها من مدن العلم والأوطان، فقصر بي الحال مع قلة الكتب هناك وعدم مساعدة الزمان، حتى تفضل إلي من له الفضل، وأحسن إلي من له الطول سبحانه، بوصولي إلى منبع العلم في الديار الغربية، حضرة الإمامة العلية... فرأيت فيها أسباب السعادة متيسرة، وأزمة الأماني فيها مبذولة غير متعسرة، ونشدت الضالة فوجدتها أقرب إلي من ظلي، وظفرت بما يكمل مرادي ونلت أملي، فبادرت ـ حينئذـ إلى كتب ذلك الذيل، مستنيرا بالطول والنيل، وقلت لنفسي: يا سعد جدي، قد ظفرت بمقصدي..."
وقد انتشر "نيل الابتهاج" بالمغرب، وأفاد منه الدارسون والمؤلفون، وإلى مخطوطاته بالخزائن المغربية، كانت طبعته الأولى في المطبعة الحجرية بفاس عام 1317 هـ.
وجاء في ترجمة العالم الفاسي محمد بن محمد بن إبراهيم العلمي الحسني(12)، أنه ألف ذيلا على "نيل الابتهاج"، باسم "إيضاح السبيل لمن بالديباج والتكميل" في مجلد متوسط يستوعب نحو 600 ترجمة، وكانت وفاة مولفه عام 1373/1954.
وإلى "نيل الابتهاج" كان مختصره لنفس المؤلف موضوع تكامل بين الجهتين، والقصد إلى "كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج"، فيهتم به محمد بن الطيب القادري، ويذيل عليه بكتاب "الإكليل والتاج، في تذبيل كفاية المحتاج، مع زيادة مناسبة لمن إليها يحتاج"، يعرف منه مخطوطتان خ. س 1897: مكتوبة من مبيضة المؤلف: 99 ورقة من قطع كبير، والثانية: 3717: في حجم متوسط.
ومن ذيول هذا التكامل مساهمة أحمد باب مع الفقهاء المغاربة في الفتوى حول "ألواح جزولة"، جوابا عن استفتاء من العالم الصالح يحيى بن عبد الله بن سعيد بن عبد المنعم الحاحي، فجاءت فتواه تتصدر كراسة "أجوبة الفقهاء"(13).
ومرة أخرى يشارك في الفتوى حول نازلة استعمال التبغ، ويسجل وجهة نظره في رسالة يسميها "باللمغ في الإشارة إلى حكم طبغ"، وكان كتبها بتمكروت في طريق عودته من المغرب إلى السودان عام 1016 هـ، ومنها نسخة تشتمل على 17 ورقة في حجم صغير، حيث تحفظ في خزانة تمكروت سادسة مجموعة يحمل رقم 2999(14).


3 - التبادل التلقائي في الإجازات العلمية والأخذ عن الشيوخ
وننتقل ـ الآن ـ إلى التبادل التلقائي في الإجازات العلمية والأخذ عن الشيوخ، وفي هذا الصدد نشير إلى الإمام الزموري: عبد الله بن أحمد بن سعيد، كان بقيد الحياة عام 88/83 ـ 1484 (15)، وقد أجاز بكتاب الشفا للقاضي عياض كلا من عمر بن محمد أفيت من تنبكتو (16)، والفقيه المختار من تنبكتو(17).
كما أن أحمد ابن القاضي تبادل المشيخة مع أحمد باب، فأخذ كل منهما عن الآخر، وفي هذا يقول العالم السوداني عن ابن القاضي(1"... وحضرت إقراءه لفرائض الحوفي، وكان قد انفرد بمعرفتها، بحيث لا يعرف له نظير في ذلك شرقا وغربا، وكان يطير فيها طيران الباز في جو السماء، ويتصرف فيها تصرف الحوت في البحر"، ثم يضيف: "وقد استجازني، وقرأ علي شيئا من البخاري، وشيئا من تواليفي، فأجزته".
وقد كتب أحمد باب عدة إجازات باسم شخصيات مغربية (19)، واستمرت استجازته بعد ما انتقل على تنبكتو، وبها كتب إجازته لعبد الرحمن التمنارتي(20).
وفي موازاة إقامة أحمد باب بالمغرب، نشير على أعلام مغاربة زاروا السودان، بدءا من سقين: عبد الرحمن بن علي بن أحمد السفياني القصري ثم الفاسي، ت 956/1549، زار السودان مرتين، ودخل مدينة جني وغيرها، قال المنجور(21)""وحدث هنالك بمحضر ملوكهم فعظموه، وأجلسوه يحدث على الفرش الرفيعة"، وطالت إقامته زيادة على سنتين.
ثم الفچيچي: إبراهيم بن عبد الجبار أحمد الودغيري، ت حوالي 958/1551، إنتقل على السودان، وعاش بها ما يزيد على 30 عاما نشر خلالها الإسلام بين جماعات كثيرة، على أن توفي بمدينة ﭼني حيث لا يزال ما نشهده محترما(22).
الثالث: الزياتي: محمد بن يوسف بن مهدي الغماري، ت 992/1584. رحل إلى الجهة ذاتها، وأقام بها إلى أن توفي بمدينة ﭼني(23).
الرابع: ابن إبراهيم: عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الرحمن المشنزائي الفاسي، أشار المقري(24)على رحلته للسودان.
ومن المغاربة الذين استوطنوا السودان: يحيى التادلي العالم لصالح وكان في مدينة تنبكتو(25). وعثمان الفيلالي: من شيوخ المدينة ذاتها(26)، وقاضي جني أحمد الفيلالي(27)

4 - تداول المؤلفات السودانية بالمغرب وتنويه أعلامه بها
ونعرض ـ الآن ـ النموذج الرابع للتكامل المغربي السوداني، فنجده في تداول المؤلفات السودانية بالمغرب وتنويه أعلامه بها، وهكذا يقول المقري(2عن الشيخ محمد بغيع: ورأيت لهذا الشيخ حواشي عجيبة على المختصر الخليلي وشراحه تدل على سعه تبحر الرجل".
ويذكر محمد بن يعقوب (29) وهو يترجم أحمد باب: "ولما ألف بعض تواليفه وكتبه أوقف عليه كل من نسب للعلم في مراكش... فكلهم استحسنه على الغاية، ورأوا أن لا يزيد عليه في الإحسان والإجادة، وكتب في ذلك بما ظهر في الثناء والتقريظ.
وشرح نفسه المؤلف للمختصر الخليل يصنفه أحمد بن عبد العزيز الهلالي (30) بين الكتب المعتمدة في الفتوى. هذا إلى أن إبراهيم التادلي: يذكر بين مؤلفاته "اختصار تكميل الديباج(31).

وبين الشروح للمقدمة الأجرومية: نشير إلى شرحها. لقاضي تنبكتوا: أحمد بن أحمد السوداني، فيسجل عنه القادري(32)أنه متداول بفاس ومعتنى به. ثم يعلق عليه حاشية: محمد المهدي الوزاني، حيث نشر الشرح والتعليق في المطبعة الحجرية بفاس.
وأخيرا نشير إلى تنويه محمد عبد الحي الكتاني "بضياء التأويل" للشيخ عبد الله بن فودي: "وهذا التفسير معتمد عند علماء السودان وشنجيط به يدرسون"(33).

5 - وفرة المخطوطات السودانية بالمغرب
والنموذج الخامس لهذا التكامل ترسمه وفرة المخطوطات السودانية بالمغرب، حيث سيذكره بعضها ضمن ملحق هذا العرض، ونبرز منهاـ الآن ـ ظاهرة مهمة في الخزانة المغربية، فتحتفظ بخطوط زمرة من الوارقين السودانين في منتسخاتهم، زبينهم خمسة أسماء كالتالي:
الأول: أحمد بن أبي بكر بن علي بن دنبسل الفلاني، كان بقيد الحياة عام 1000، ويبدو أنه كان ولوعا بالنساخة، ووصل للمغرب من منتسخاته ثلاثة، بخط صحيح مليح على الأوضاع المغربية:
أ- "الرسالة القيروانية" خ. ع. ك 5: في حجم صغير يشتمل على 796، كتبها ناسخها برسم السلطان أسكي محمد بان ـ بياء مشددة مفخمة ـ بن أسكي داود، بن أسكي الحاج محمد، فرغ منها الاثنين 13 شعبان 995 هـ.
ب- "الشفا" للقاضي عياض، نسخة تامة في خزانة خاصة، بها 251 ورقة في حجم متوسط، وفرغ منها يوم الخميس 14 ربيع الأخر 997 هـ.
وجاء في الصفحة الأولى منها: سند ناسخها إلى المؤلف من طريق شيخه القاضي العاقب بن الشيخ محمود بن عمر بن محمد أقيت، عن الناصر اللقاني بسنده.
ج- الربع الأول من "صحيح مسلم": بخزانة الزاوية الحمزاوية في إقليم الرشيدية رقم 459، فرغ منه عشية الأربعاء 28 ربيع الثاني 1000 هـ.
وبآخره صيغة سماع ناسخه لهذا الجزء ومعه جماعة،من قراءة شيخهم الفقيه محمد بن محمود بغيع، بتاريخ الجمعة الثالث من المحرم الفاتح للعام الأول بعد الألف.
الوراق الثاني: محمد بن أبي بكر بن علي بن دنبسل القلاني، وهو ابن أخي سابقه، يوجد بخطه النصف الثاني في سفر من "منهج السالك إلى ألفية ابن مالك" للأشموني، فرغ منه يوم السبت 5 ربيع الثاني 1022 هـ.
:خ س 7188.
الثالث: المؤذن محمد بن المؤذن أحمد بن المؤذن محمد، كتب بخطه "الإتقان في علوم القرءان" للسيوطي، وفرغ منه بتاريخ 26 جمادى الأولى 1040 هـ،: برسم الإمام محمد بن محمد كري: خ س 2819، وعليه ملكية هكذا: "تملكت عبيد الله بن محمد بن عطاء الله، بثمن قدره خمسة مثاقيل تبرا بمدينة تمبكت".
الوراق الرابع: محمد فرغا بن دب الفلاني، بخطه نسخةـ مبتورة الأول ـ من "شرح جمع الجوامع" للمحلي، باسم الذي يحليه بالفقيه النبيه، الأجل العالم المتفنن: محمد بن أحمد سرفاب سور، وفرغ منها يوم الأحد 5 شوال 1078 هـ ببلدة فر: خ. س 7522.
الوراق الخامس: بوجمعة بن عبد الرحمن الفلاني، كتب "حاشية ياسين على التصريح" للأزهري عام 1136 هـ
خ س 4078.
فهؤلاء خمسة وراقين كتبوا سبع منتسخات، وجاءت كنموذج أخير للتكامل الثقافي بين المغرب والسودان، وإلى ذلك فهي مصادر باعتبارات منوعة، فتبرز أسماء زمرة من المثقفين، وتلقي على معلومات أحدهم بعض الأضواء، كواقع أحمد بن أبي بكر أول الوراقين، وإن روايته لكتاب الشفا وسماعه لصحيح مسلم، يدل ذلك على نشاط لدراسة الحديث والسيرة في تنبكتو أواخر القرن الهجري العاشر، هذا إلى أن انتساخ الرسالة القيروانية برسم أسكي محمد يعتبر دلالة على أحد اهتمامات سلطان المنطقة، كما أن خمسة مثاقيل تبرا بالنسبة لاتقان السيوطي، تعرفنا بارتفاع أثمان الكتب بالمنطقة أواسط القرن الهجري الحادي عشر. ومن جهة أخرى فإن وضع خط المنتسخات المنوه بها، ينسف الاعتبار للنماذج المشوهة للخط السوداني، وقد اعتادت بعض مؤلفات الخط العربي تقديمها كمثال ـ مزور ـ للخط السوداني.


لمزيد من التفاصيل :
http://www.habous.gov.ma

وهنا حديث عن الطرق الصوفية (التجانية والادريسية والختمية) ودور الميرغني الكبير (المكي) !
Quote: العلاقات الفكرية بين المغرب وإفريقيا جنوبي الصحراء عبر العصور







وههنا، تجدر الإشارة إلى أن أحمد باب أيام إقامته بالمغرب، أنتج جل وأهم مؤلفاته، بما فيها " نيل الابتهاج" الذي ترجم فيه لرجالات المذهب المالكي، ومختصره " كفاية المحتاج". ويدلنا هذا المؤشر ـ أكثر من غيره ـ على مدى التكامل الثقافي بين المغرب وإفريقيا الغربية.
6-5- كتاب "الشفا" ودوره في دعم الثقافة العربية الإسلامية في إفريقيا الغربية
إن كلّ من تقصّى تاريخ الثقافة العربية الإسلامية بإفريقيا الغربية، لا يمكنه بأي حال أن يتجاهل الدور الحاسم للمغرب بهذا الشأن. فقد كانت المصنفات المغربية ـ في جل العلوم السائدة وقتئذ ـ رائجة ومعتمدة في مناهج التدريس وحلقات العلم بالمنطقة، كما أن أسماء العلماء والفقهاء المغاربة كانت تتردد في مؤلفات السودان بطريقة تلقائية ومعتبرة، مما يؤكد مكانتها الجوهرية في سندهم العلمي والصوفي. وسنقتصر هنا على طرح نموذج على سبيل المثال والتمثيل لا غير.
فقد كان كتاب الشفا للقاضي عياض بن موسى(ت. 1149م) متداولا في حلقات الدرس بتنبكت منذ القرن 14م، كما كانت قراءته في الأعياد والمناسبات الدينية عادة جارية لدى السودان. وإلى غاية القرن العشرين ظل الكتاب معتبرا لديهم، حيث أذكر أني حضرت حفلا دينيا صنعه أحد علماء تنبكت في شهر رمضان من العام الهجري 1386 ( ديسمبر 1966)، وتخلل الحفل قراءة كتاب الشفا، ثم شرح له باللغة السّنغية. وكانت للرحالة الإيكوسي الأصل منـﮔـو بارك، تجربة مماثلة في أحد قرى مالي عام 1797.(1)لقد كان "للـشـفـا" تأثير واسع في المنطقة، يتجاوز كل ما يمكن أن ننتظره من السودان بخصوص اعتبارهم وتقديرهم الكبير لمصنفات الأمداح النبوية، ولذلك يعدّ من حيث الأهمية ثالث المؤلفات المعتبرة في مناهج التدريس الأساسية لدى الديولا، حيث يأتي مباشرة بعد موطأ مالك بن أنس، وتفسير الجلالين.(2)
ويتناول "كتاب الشفا" في صفحاته الأخيرة مسألة الكفر والتكفير، وقد استحضر الفقيه المغيلي(ت. حوالي 1509م) نفس المعالجة التي طرحها القاضي عياض أثناء جوابه على أسئلة سلطان سنغاي، الحاج أسكيا محمد(1493-152. وكان هذا الأخير قد طلب فتوى بشأن تكفيـر عمل الملك الذي سبقه، سُنِّي عـلي (1464-1492)، ونجح في غرضه، إذ تمّ تكفير سني علي بسبب ما كان يأتيه من أعمال غير شرعية، حيث كان حسب السلطان الحاج أسكيا محمد يستحل الحرام، ولا يصوم رمضان ولا يقيم الصلاة بقواعدها المعروفة. وقد شنّع بهذه الأعمال مؤرخا تنبكت: محمود كعت وعبد الرحمن السعدي، إذ كثيرا ما لقبوه بالظالم الفاجر أو الفاسق.(3)
ونفس الحجج التي طرحها الفقيه المصلح محمد بن عبد الكريم المغيلي بشأن الكفر والتكفير في نهاية القرن 15م، تم تداولها في القرن 19م من لدن زعماء الحركات الإصلاحية ببلاد السودان مثل الشيخ عثمان بن فودي والشيخ الحاج عمر الفوتي. إذ حاول كلاهما التأكيد على أن ممارسة الجهاد ضد كل من يأتي أعمال الكفر، أمر جائز شرعا، وذلك على الرغم من ادعاء الأعداء السياسيين لهما بأنهم مسلمون ينتمون لأمة ودار الإسلام، مما يوجب إسقاط الجهاد شرعا.(4)
ويتضح مما تقدم أن كتاب الشفا للقاضي عياض كان له تأثير واسع في إفريقيا الغربية، سواء فيما يتعلق بجانبه الروحي أو الفقهي التشريعي، حيث اعتُمِد في معالجة مسألة الكفر والتكفير. ولهذا احتل مكانة متميزة (بعد القرآن الكريم، وصحيح البخاري، ومختصر خليل) في قلب وعقل السودان، وهي مكانة ما تزال فاعلة ومؤثرة لحد الآن.

7- التصوف المغربي وتأثيراته في الحياة الدينية بإفريقيا
القضية الأخيرة التي أود تناولها في هذه المحاضرة، تتعلق بالتصوف المغربي، وتأثيراته العميقة في الحياة الدينية بإفريقيا. وسنتناول المسألة من خلال شخصيتين ذات وزن معتبر: سيدي أحمد التجاني، وسيدي أحمد بن إدريس الفاسي، المعروف بالعرايشي.
7-1- الطريقة التجانية
ازداد سيدي أحمد التجاني بقرية عين ماضي بالجزائر عام 1737، غير أن الفترة الأخيرة من حياته(حوالي 25 سنة)، وهي الفترة الهامة في سيرة الرجل وتكوينه الصوفي، قضّاها بفاس، حيث أنشأ بها زاويته التجانية، وبها يوجد مرقده وضريحه(ت. 1815).
وعلى الرغم من أن الفيض الروحي للطريقة التجانية، ينهل من تراث التصوف الإسلامي، خاصة من كتابات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي (ت.1240)، فإن سيدي أحمد التجاني كان يعتبر نفسه، خاتم الأولياء وقطب الأقطاب، باعتبار رؤيته للرسول (صلعم)، وأخذه ورد طريقته عنه دون واسطة شيخ أو وليّ.(5)
انتقلت الطريقة التجانية إلى إفريقيا الغربية، عبر بعض المريدين الشناقطة من قبيلة إيدّ أُوعْلِ، نخص بالذكر منهم محمد الحافظ العلوي الشنقيطي (ت.1838م). وكانت العادة الجارية في طلب العلم لدى أهل السنغال وغيرهم من أهالي السودان الفرنسي، الانتقال إلى محاضر العلم الشنقيطية، ثم بعد ذلك يرحلون للمراكز العلمية المغربية. وعبر هذه القناة، عرفت التجانية طريقها الأول بين السودان جنوب نهر السنغال، ومنهم الحاج عمر بن سعيد الفوتي(1794-1864).
على أن الرحلة الحجية للشيخ عمر بن سعيد، وفّرت له بالحجاز فرصة لقاء ومصاحبة أحد أركان الطريقة التجانية، وهو المغربي محمد الغالي بوطالب التجاني(توفي بالحجاز عام 1829م)، حيث صاحبه مدة من الزمن وأصبح من مريديه المخلصين، مما جعل محمد الغالي ينصبه ويعينه خليفة للطريقة التجانية ببلاد السودان. وعند عودة الحاج عمر لبلده، واستقراره بفوت جالون، أخذ يعطي الورد التجاني لأصحابه، وينصب المقدمين عليهم. فشاع أمره في منتصف القرن 19م؛ ثم طمح لتأسيس دولة إسلامية تجانية، عرفت نجاحا كبيرا على المستوى الروحي بالسودان الغربي، لكنها اصدمت على المستوى السياسي بطموحات ومكائد الاستعمار الفرنسي، فضلا عن مناورات الأمراء والزعماء المحليين المنافسين. فانهارت الدولة العمرية التجانية على إثر دخول العسكر الفرنسي للعاصمة: سيـﮔو أو سِـﮒُ، عام 1892.(6)
وللتجانية فروع عديدة بالسنغال، أهمها الفرع الذي أنشأه إبراهيم نياس في عشرة الثلاثين من القرن العشرين، وعرفت باسمه. وقبل القيام برحلته الحجية عام 1937، توقف إبراهيم نياس ـ كعادة السنغاليين ـ بفاس، حيث التقى بشيخ التجانية بها، سيدي سكيرج (ت.1964). وتذكر روايات أن هذا الأخير، كان له الفضل في انتماء نياس للطريقة التجانية، بينما تفصح أخرى عن أنه كان من مريدي الطريقة قبل وصوله لفاس، وأن اللقاء بين الرجلين، إنما جاء لترسيخ مكانة الشيخ نياس، حينما نعته سيدي سكيرج بـ " غوث الزمان".
ومهما يكن من أمر اختلاف الرويات بهذا الشأن، فإن الشيخ إبراهيم نياس يعد أحد الأعلام البارزين الذين كان لهم فضل كبير في نشر الطريقة التجانية بالسنغال، وفي غيرها من دول إفريقيا الغربية بفضل تجواله بها ودعوته لها، خاصة في غانا وشمال نيجيريا، حيث نجد الآلاف المؤلفة من المريدين التابعين للطريقة التجانية الإبراهيمية.(7) وللتجانية مريدون في أقطار إفريقية أخرى، مثل مصر وجمهورية السودان، حيث توجد فروع عديدة للطريقة.
7-2- الطريقة الإدريسية
والشخصية المغربية الثانية التي كان لها إشعاع صوفي بإفريقيا خلال القرن 19 للميلاد، وجايلت سيدي أحمد التجاني، تتعلق بالشيخ سيدي أحمد بن إدريس، الذي أمضى معظم حياته خارج المغرب. وعلى الرغم من التقدير والاعتبار الذي حظي به من جانب رجال التصوف، فقد ظل مجهولا لدى الجمهور العريض، ربما بسبب شخصيته الغامضة والمثيرة للقلق.
ونتطلع من خلال الدراسة الحديثة التي أنجزها الأستاذ الإنجليزي الأصل: أوفاي( (O’Fahey)، وكذلك من خلال الأبحاث التي يجريها نخبة من الباحثين النرويجيين المنتمين لجامعة بيرﮔر( Berger )، أن تكشف لنا عن الجوانب المغمورة في حياة وسيرة الشيخ سيدي أحمد بن إدريس، وأن تلقي المزيد من الضوء بما يعرّف به لدى جمهور المهتمين والمختصين.
وتصدر طريقة الشيخ سيدي أحمد بن إدريس في سلوكها عن النهج النبوي، بحيث يتم تربية المريد على السنة النبوية بصرامة بالغة. وهذا ما جعل الطريقة تجد قبولا حتى بين العلماء المناهضين للتصوف والطرقية، باستثناء الوهابيين بالحجاز.
قلنا قبل قليل، إن سيدي أحمد بن إدريس قد أمضى معظم حياته خارج المغرب، حيث أقام مدة طويلة بالحجاز وجنوب مصر، ثم أمضى بقية حياته في اليمن. وخلال تنقلاته وجولاته التقى بعدد من العلماء والفقهاء المسلمين، وتدريجيا أخذ نهجه وسلوكه ينتشر ويتوسع بين المريدين بشكل محدود في [جمهورية] السودان وجنوب مصر. والواقع أن الطريقة التي اتخذت اسمه (الإدريسية)، لم تظهر ولم تعرف شهرتها ـ التي أصبحت عليها ـ إلا بعد وفاته، وذلك من خلال عدد من مريديه، الذين استقلوا وأقاموا عدة زوايا باسمهم الخاص في نواحي مختلفة من إفريقيا؛ أشهرها، الطريقة السنوسية بليبيا.
وخلال الربع الأخير من القرن 19م، شهدت الطريقة السنوسية انتشارا واسعا في التشاد والنيجر وشمال نيجيريا ودارفور. كما وجدت قبولا في أعالي حوض النيل، بسبب عمل أحد المكّيين من مريدي الشيخ سيدي أحمد بن إدريس، يُدعى محمد عثمان المرغيني. وكان المرغيني قد جال في السودان المصري مدة طويلة بغاية كسب المريدين، ثم أسس زاوية أطلق عليها اسم "الخاتمية"، أصبح لها شأن كبير في الحياة الدينية والسياسية بالمنطقة.
وفي القرن الإفريقي الذي يجمع كلا من إيريثيريا وإثيوبيا والصومال، خرجت زاويتان من رحم النهج الإدريسي: الأحمدية والصالحية؛ وهاته الأخيرة، ليست سوى زاوية مستقلة عن الزاوية "الرشيدية" بالسودان.(9) وتوجد حاليا العديد من الزوايا أو الفروع التي تمتح من النهج الإدريسي، منتشرة في شمال شرق إفريقيا، بل إننا نجد بعض المريدين لها في أصقاع بعيدة، مثل الهند وماليزيا.
وغني عن البيان أن النموذجين اللذين استحضرناهما (الطريقة التجانية والإدريسية)، لا يمثلان إلا النزر القليل من الروح الصوفية التي فاضت عن المغرب، وتجاوزت حدوده الجغرافية إلى كافة أنحاء العالم الإسلامي، مثلما الحال مع طريقة أبي الحسن الشاذلي( القرن 13م)، التي انتشرت بمصر والمشرق الإسلامي، غير أنها لم تعرف نجاحا واسعا ـ مثل التجانية ـ في دول إفريقيا جنوبي الصحراء.(10)

خاتمة
وأخيرا، أقول بأني حاولت مقاربة موضوع شاسع ما يزال بحاجة للدرس والتقصي الدقيقين، وما توقفت عنده لا يمثل سوى ملامح عامة، تحصّلت لدي من خلال تجربتي في حقل الدراسات الإفريقية. فالأكيد أن العلاقات الثقافية والاقتصادية والسياسية بين المغرب ودول إفريقيا جنوبي الصحراء موغلة في القدم. وحينما بلغ الإسلام المغرب الأقصى وأخذت بشائره تظلل الصحراء وما وراءها من بلاد السودان، بات التأثير المغربي على المستوى الثقافي ـ في مختلف الأبعاد التي مرّت بناـ، أكثر وضوحا ورسوخا. وحينما نضجت تجربة الإسلام والثقافة العربية الإسلامية بالسوداني الغربي، لم يجد السودانيون بدا من الرجوع بزادهم العلمي إلى ينابيعه الأصلية، وبذلك ساهموا في إخصاب الحياة الثقافية المغربية.

وما شدنا من التأثيرات المتبادلة بين ضفتي الصحراء مما فرضه موضوع المحاضرة، لا يقلل في شيء من أمر العلاقات الثقافية الزاخرة والمتواصلة عبر التاريخ بين المغرب ومصر أو الحجاز. فالأفكار والنخبة المتنورة على اختلاف مشاربها المعرفية والعرفانية في العالم الإسلامي لا تعترف بالحدود الوطنية ولا بنوع الجنس أو لون جلده.

وأود في الختام أن أدعو الجيل الجديد من الباحثين الشباب المغاربة لبذل المزيد من الجهود بهدف التعريف بتاريخ العلاقات الثقافية بين المغرب ودول إفريقيا جنوبي الصحراء، حتى نكتب صفحة جديدة من تاريخ إفريقيا.