في معرض { الإعتراف } بإسرائيل ... أهي دولة ... أم دولة يهودية؟

ليس هذا نقاشا نظريا يلتفح حقائب التاريخ ... وكل ذاك الجدل,
بقدرما هو آخر النقاشات { الرسمية } التي يرعاها الرئيس الأمريكي
الحالي ... بوش , ويسعى خلالها فى تطواف ماكوكي ... أو قل أعوانه
بين الضفة الغربية وأورشليم... هذه الأيام.

فقد توفرت مقادير عظيمة لإحتمال الإعتراف بإسرائيل , خلال تلك
الجولات والمفاوضات الرامية لخلق دولتين إسرائيلة وفلسلطينية, وفي
سياق التحوار الرسمي حول هذين الدولتين وصل مشروع الدولة
{ اليهودية } لنقطة خانقة ربما يستعصي تصريفها,إذ أن جزء من التكوين
البشري لإسرائيل ينتمي إلى خارج الملة اليهودية { مثل العرب والدروز }
وفيما لا ينطبق عليهم وصف { الدولة اليهودية } المقترح بأثقال تاريخية
راجحة ... هذا إلى غير ما تستجلبه صفة العصرانية لدولة عصرية من بشر
وأفكار على مر الزمن ... فالثابت هنا يتخلخل... والإطلاق مغامرة .

كما أن التوصيف المزمع فى تسربله الديني المقترح ... يعيد توقيع أمر الدولة
الإسرائيلة على أسس دينية, وفيما يتنافي موضوعيا مع مشروعها السياسي
والقائم على الديمقراطية ... ولكل عقدة ... حلال.

كما أن مثل هذا { التمسك } بمشروع الدولة اليهودية يضفي شرعية عملية على
من يضيفون إلى مبتغياتهم صفات { دينية } مقابلة ... مثل جمهورية إيران
الإسلامية ... أو هكذا, وفي وقت تقوم فيه كل الأزمة على إستنفار العامل الديني
فى المنطقة, فالكراهية المتبادلة بين المسلمين واليهود تنهض على دوافع دينية
المنطلق والهوى حتي إستقرت فى أذهانهم فى خانة المسلمات, وإذ يتجبر هذا المؤثر
رغم أيلولته للتاريخ ... فيوسع الحاضر بكل تداعيات الماضي ... إذا لم نر بعد من
فاعل يقطع هذا الإستطراق التاريخي ويعلى مقادير العصر وموجباته وتفاعلاته
الشعوبية الآخذة فى التقدم.

وكان كاف لإسرائيل أن تنعم بمشروع دولتها المجاز رسميا من الأمم المتحدة فى العام
1948 وغض النظر عن كونه إختصم من المعدلات التاريخية لمفهوم الأرض الفلسطينية.
لكن كان { التوسع } فكرة نافذة بحسابات { يهودينية } لإسترجاع مناقيص السيرة اليهوديه
على حسب رواية التاريخ .

بالمقابل كانت المقاومة الفلسطينية تؤسس { لفرضية } دينية لمجابهة العدوان الإسرائيلي,
وربما تأجل إندلاع هذه الفرضية لأسباب متعلقة بالحرب الباردة وتداعياتها فى العالم على
وجه العموم وتلك المنطقة على وجه الخصوص... والآن يتواجه صنوان على المستوي { الديني }
فثمة توسع إسرائيلي لتحقيق نظرية دينية غابرة من جانب, يقابله مصطلح إفناء دولة إسرائيل
من الجهة المقابلة ... نظريات إستثنائية متخلفة وخارجة عن سياق العصر .

في سبق ديمقراطي ناجز , أعلن أبومازن مشروع دولته الفلسطينية المرتقبة ... كدولة ديمقراطية
تحتكم للقانون وتساوي بين الناس وغض النظر عن إفتراقاتهم الإثنية والدينية والسياسية, فهو بهذا
يطرح فلسطين كدولة ديمقراطية كاملة الأهلية على المستوى النظري وقادرة على مجابهة التحديات
الحاصلة { مثل الإرهاب } والمحتملة لولادة جديدة .

وفي سبق مماثل أعلن إيهاو براك عن { جدوى فصل القدس } وعن إستعداده لمناقشة قضايا
اللإجئين والإنسحاب من الأراضي الفلسطينية ... وهي بوادر طيبة لا يقلل فى قيمتها غير تلك
الغارات العسكرية التي أخطأت الزمان والمكان... لجانب الحائط الفاصل والتوسع فى بناء الكينتونات
الإسرائيلية في وقت وعزم يتوخيان التفكيك ... وليس العكس .

عموما ... أنا متفائل ... أن سلاما يحدق فى الأفق ... وأن سوف يجد
كل من الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي حقهما فى العيش وفى السلام.

أخيرا ... ومن حيث إبتدأت ... أخت العقدة فى المنشار, فهل في الإمكان
أن تكون إسرائيل دولة ... وليس دولة يهودية؟ فهذا ما أرجاه وإن في إطار
المشروع الأمريكي المقترح لتسوية تلك القضية المزمنة وفيما درج على
تسميته { بخارطة الطريق } ... فليت يكون فيها مخرج لهذه المنطقة { الصغيرة }
والذي إن حدث فسوف تنداح آثاره لجملة التراكيب الإقليمي/دينية/سياسية على
نطاق العالم . لحسبي أن { قضية فلسطين } هي محور الإستقطاب الإسلامي على
المستوى الديني, كما هي محور الإستقطاب على المستوي العربي كمركز إتخذ عمقه
الإستراتيجي فى هذا الصراع , كما أن قضية فسلطين وحيث يدري أو لا يدري
صناع أمر العالم اليوم ... أنها عبر مرراتها الجسام هي التي هيأت جسرا لعبور
التطرف من غيباته الفكرية إلى تمثلات واقعية إستدعت { الأحزمة الناسفة }
وتفجر الجسد الآدمي لمواجهة { غل } تاريخي واقع ... وغير مقبول.

أترك لكم البساط ... أعزائي القراء والمتداخلين ... لأسمع منكم و ليبقى ما ينفع الناس .

مع فائق مودتي