أطفال السودان ... تربية الغرب ... تجربة إلى أين ؟

أطفال السودان ... تربية الغرب ... تجربة إلى أين ؟


05-20-2006, 11:38 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=227&msg=1184656012&rn=0


Post: #1
Title: أطفال السودان ... تربية الغرب ... تجربة إلى أين ؟
Author: HAYDER GASIM
Date: 05-20-2006, 11:38 PM

ربما لم يكن فى الإمكان أفضل مما كان ... إخترنا ( معشر المهاجرين إلى الغرب ) ... منفانا , وإن قصرت آنها الرؤى وضن التوجيه ( Orientation ) , فصرنا ضحايا السلطة الغاشمة فى السودان , وضحايا التاريخ وهو يستحدث الهجرة السودانية المنظمة إلى العالم الأول , وضحايا المزاج الإستثنائي وهو يعتمر بطفحه الضاغط على أفئدتنا الجريحة , فكان النتيجة كما القرار , غرارة لا أول لها ولا آخر , حاولنا أن نهرب من محيط سياسي مخيف مهلك إن شئت , أو أن نحصد بعض الثمار الإقتصادية ونحقق سطرا من كتاب أحلامنا ( التعيس ) , فإذا بالمنفى الغربي يبتلعنا من ( قولة تيت ) , بإغراقنا فى ثنايا هويته ودروب تحصيلها , وإذ تكلفنا من السنون العظام حتى نحظى بمرتبة ( القبول ) عندهم , محطة أولى باهظة الكلفة ولا شك , ثم ولما بدأنا نتعرف على المجتمع الجديد ونحسن بعضا من إموره الضرورية , كاللغة والجغرافيا والتاريخ والسياسة , تكلفنا قسطا آخر من زمن غالي , محطة ثانية تلحق بسابقتهاعلى سبيل المعاناة ... ثم ولما أتممنا نعمة الإنتماء لأوطاننا الجديدة , إنفتحت أنفسنا وملفات هجرتنا على صفحة جديدة تتعلق بإستقدام أسرنا ( على الأقل زوجاتنا وأطفالنا ) من السودان , فتوحدنا ( أسريا ) بعد عظيم صبر وكلفة مادية ومعنوية , وكان لزاما أن ( ندرجهم ) حتي يبلغوا من عافية المعرفة ما يجعلهم يتصالحون ويتواكبون مع مجتمعهم الجديد , وفعلا هذا ما حدث وما يؤكد ( بلوغنا ) المحطة الثالثة من تلك الرحلة الممتدة , بينما ظلت أحلامنا تتدحرج كما تدحرجنا من سلالم الطائرات وهي تقلنا إليهم , فالحلم الإقتصادي تراجع إلى إنكفاءة على آخر عتبة فى سلمهم الإجتماعي , وحلم التحصيل الأكاديمى دهسته مصاعب الحياة لمهاجر جديد , وحلم ( المتعة ) بالعالم الأول إزدردته هموم وطننا المغلوب وأسرنا وهي تعتمدنا مصدرا حيويا لدخلها ومن ثم حياتها , وحلم الإحساس بالسلامة والطمأنينة قضمته سنان العنصرية والخوف الإجتماعي وإحتمالات الجريمة وما أكثر مداخلها وأدواتها هنا ...

فما الذي أقصده من بعد ...

ليس بالطبع الجحود لمجتمع آوانا فى لحظة ضعفنا , وفتح ( نفاجا ) يأوينا ولما لفظنا الوطن الأم .

وليس كذلك إسدال سترة سوداء على كل المسرح , وكأن كل التجربة محض وباء ومحط إستحقار .

وليس تناغما مع الفرضية الزاعمة ... أن لا يعجبنا العجب ولا الصيام فى رجب .

وليس إنكارا تعسفيا لتجربة حوت عبر تاريخها ومن خلال منجزاتها الإجتماعية والسياسية والإقتصادية

ما لا يمكن إنكاره ... إلا على سبيل الجحود الكاسد والتزمت المنكر والتحامل المفضوح .


لكنها تداعيات هجرتنا وتضاعيفها وهي تنتهي بنا إلى واقع لا يجافي أحلامنا وحسب , إنما يلتهمها

بنهم ترق دونه العظام , ويحولها إلى ( مقرشة ) مضرصة , فإن أفلت أحلامنا فلنقي تاريخنا .

كما أنها إصطدامات كديمة بين ثقافة تاريخية وأخرى تحكم واقعنا ( الغربي ) .

وهي بالمثل صرخة لأجل أطفالنا , الذين إنتزعناهم من السودان وأودعناهم فى تلافيف الحضارة

الغربية بكل تدافعاتها وزخمها وموجبات سيادتها , فهؤلاء أضحوا أطفالا من نوع خاص , فالسودان

لديهم مفردة مكرورة بحكم الأب والأم , لكنهم لا يعرفونه ولا ينتمون إليه ... لا جغرافيا ولا وجدانيا ,

إلا من باب الإستثناء والإختراق الإستثنائي كذلك .


أطفال السودان فى الغرب , لن يعودوا سودانيين , فهذا مصير محتوم أو أراه كذلك , إذ إنعدمت

أو رقت علاقتهم بالسودان وهم فى ميعة تكوين الشخصية المرتبطة موضوعيا وعمريا بالسني الأولى

( formative years ) والتي لا تتعدي العقد الأول من العمر ... على الإثر تتداعى كل الحزمة التربوية,

, فهم أكثر ( جهلا ) بالسودان ولما لم يشبوا فيه , وهم أقل معرفة بلغته أو قل عربيته ولما ضاق حيز تداولها

الأجتماعي , وهم أخفض تمسكا بدينه أو قل بإسلامه ولما إختلفت المؤثرات والمنابر والمناخات الإجتماعية

والثقافية ذات الصلة , وهم بالمقابل أكثر تواصلا مع مجتمعاتهم الجديدة ولما ترعرعوا فيها ونهلوا من

موائدها الإجتماعية والثقافية , وتعلموا فى مدارسها وأعجموا ألسنتهم على ذكرها .

تتأثر بالمقابل كل المرجعية السودانية وبكل مفاعلاتها القيمية والأخلاقية كذلك .

أعتقد أن هنا مشيئة مغايرة وتحدي ينتصب , وهنا جيل جديد ومختلف , لكني وكأب أسعى لتوقيع

مقادير هذا التحول الإنخضاضي الكبير بأقل خسارة ممكنة , كما أسعى لترسيم أكبر رقعة سودانية

ممكنة فى معالم هذا الجيل ( الفلتة ) ... موضوع يؤرقني ... فأدفع بأثقاله إلى مائدة الحوار العالم .

Post: #2
Title: Re: أطفال السودان ... تربية الغرب ... تجربة إلى أين ؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 05-21-2006, 01:37 AM
Parent: #1

Quote: فما الذي أقصده من بعد ...

ليس بالطبع الجحود لمجتمع آوانا فى لحظة ضعفنا , وفتح ( نفاجا ) يأوينا ولما لفظنا الوطن الأم .

وليس كذلك إسدال سترة سوداء على كل المسرح , وكأن كل التجربة محض وباء ومحط إستحقار .

وليس تناغما مع الفرضية الزاعمة ... أن لا يعجبنا العجب ولا الصيام فى رجب .

وليس إنكارا تعسفيا لتجربة حوت عبر تاريخها ومن خلال منجزاتها الإجتماعية والسياسية والإقتصادية

ما لا يمكن إنكاره ... إلا على سبيل الجحود الكاسد والتزمت المنكر والتحامل المفضوح .


الأخ حيدر قاسم.. تحية وشكرا على البوست وعلى هذا الطرح الجميل..


Quote: أعتقد أن هنا مشيئة مغايرة وتحدي ينتصب , وهنا جيل جديد ومختلف , لكني وكأب أسعى لتوقيع

مقادير هذا التحول الإنخضاضي الكبير بأقل خسارة ممكنة , كما أسعى لترسيم أكبر رقعة سودانية

ممكنة فى معالم هذا الجيل ( الفلتة )


والخلاصة التي وصلت إليها أنت هنا هي مربط الفرس، والفرصة لا زالت مفتوحة لكل من يريد أن يشمر عن ساعد الجد ومواجهة التحدي..

في برنامج "ساعة شباب" مساء البارحة على القناة الفضائية يكتشف الإنسان السوداني أن واقع الشباب السودانيين والشابات السودانيات في داخل السودان أيضا واقع أليم وحزين ويحتاج من الجميع إلى مواجهة جذور المسائل وهي "سوء إدارة السودان" من حكومة الجبهة التي لم تكن أول الشرور طبعا ولكنها كانت "التسونامي" المخيف..
شكرا مرة أخرى وأرجو مزيدا من المشاركات في هذا الموضوع الحيوي..
والسلام
ياسر

Post: #3
Title: Re: أطفال السودان ... تربية الغرب ... تجربة إلى أين ؟
Author: HAYDER GASIM
Date: 05-21-2006, 11:14 AM
Parent: #2

الأخ ياسر الشريف

سلمات ... وعساك تنعم بالخير

من موجبات هذا التحدي الذي يجابهنا ونحن نربي أطفالنا فى الغرب
هو الإستعداد النفسي ( لإقتطاع ) جزء من الشخصية السودانية التاريخية
والإستعاضة عنه بآخر أجنبي , بمعني أن أبناءنا فى الغرب وفى أفضل الأحوال
ستتم صياغة وجدانهم الثقافي والأخلاقي وفق قيم خليط , خليط سوداني/غربي ,
هذا إن لم يتفوق العامل الغربي بحكم سيادته وحضوره الموضوعي واليومي , بل
بحكم مؤثراته المتراكبة فى عقول أبنائنا , من المدرسة إلى الشارع إلى الإعلام
بوسائله وتفنناته المختلفة , إلى الترفيه وحيث تعدد مواقعه ويتعاظم الزمن
المسخر له , إلى مكان السكن , إلى نسيج العلاقات الإجتماعية, فهذه كلها وغيرها
تتدافع فى سياق تعظيم أثر المجتمع وثقافته ودوره الأساسي فى تربية أبنائنا بينهم .