نورالدين منان وعبدالأله زمراوي: صوتان في الشعر النوبي السوداني: مقال للشاعر محمد المكي ابراهيم!

نورالدين منان وعبدالأله زمراوي: صوتان في الشعر النوبي السوداني: مقال للشاعر محمد المكي ابراهيم!


01-05-2007, 07:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=205&msg=1182672063&rn=0


Post: #1
Title: نورالدين منان وعبدالأله زمراوي: صوتان في الشعر النوبي السوداني: مقال للشاعر محمد المكي ابراهيم!
Author: عبدالأله زمراوي
Date: 01-05-2007, 07:27 AM

اليوم، بعث لي الشاعر الدبلوماسي محمد المكي ابراهيم بهذا المقال وقد طلب مني نشره....

ارجو الاطلاع والنشر

صوتان في الشعر النوبي السوداني

منذ انتفاضة ابريل وطوال سنوات الديمقراطية الثالثة سيطرت على الوجدان النوبي حالة من المرح السعيد مقترنا ذلك بصعود سياسي واقتصادي للمنتمين الى الاثنية النوبية ومصحوبا بوجود بشري متزايد في الخرطوم وخاصة في منطقة الكلاكلات.فظهر النادي النوبي كمركز اجتماعي مرموق وتألق الأستاذ محمد توفيق كسياسي مرموق والفنان محمد وردي كرمز نوبي كبير وانتشر ادب الاستاذ جمال محمد احمد وحلقت في الأجواء روح الفكاهة النوبية التي لا تستنكف عن مداعبة الذات بخفة وذوق.

ولا اعتقد ان ذلك كان فقط انعكاسا للفرح العام الذي عم السودان والسودانيين بزوال الدكتاتورية النميرية وانبثاق فجر الديمقراطية وانما فرحا نوبيا خاصا له اسبابه النوبية الخاصة وربما كان على راس دواعي ذلك الفرح احساس النوبيين السودانيين انهم غدوا شركاء حقيقيين في الوطن ونالوا قسطا من نصيبهم المفروض وبشكل خاص في العاصمة بينما ظلت مواطنهم الاصلية والمستحدثة -حلفا وخشم القربة- تعيش ظلما تاريخيا كان ولايزال.

ولكن مجيئ حكم الانقاذ كان نذيرا بانتهاء تلك الحقبة السعيدة من حياة المجتمع النوبي فقد جاءت السلطة الجديدة مصحوبة بجيش من كلاب الطمع الراسمالي الطفيلي ومثل جيش من جراد وضعوا ايديهم على كل شيئ غير عابئين بحقوق الملاك الأصليين فقد نزعوا المصانع والمزارع من اصحابها ولجأوا الى اخس الأساليب لانتزاع التوكيلات التجارية والاراضي الصناعية من اصحابها ولاشك انهم خلال ذلك اعتدوا على حقوق تعود الى نوبيين وبالاضافة لذلك تضرر النوبيون من ممارسات الانقاذيين في طرد الكفاءات من الخدمة المدنية وتعيين منسوبيهم غير المؤهلين ليحتلوا مناصب لايليقون لها ولا تليق بهم..سفراء وقضاة ومهندسون وفنيون من ذوي الأصول النوبية فقدوا مناصبهم في عصر الانقاذ بصورة غير متناسبة مع عددية النوبيين ونسبتهم الى مجموع السكان وذلك اولا لكثرة المتعلمين وأرباب الكفاءات بينهم وثانيا لميولهم التقدمية المعروفة التي أحفظت عليهم عناصر اليمين والظلاميين من كل نوع .

تعامل الانقاذيون مع النوبة كمنطقة ميئوس من ولائها لهم فاهملوها اهمالا شنيعا وفي اطار صفقتهم مع مصر باعوا النتوء النوبي وكل قراه وسلموه لمصر مقابل تأييدها غير الموثوق به. ودون إطالة في هذه التفاصيل نسرع الى القول بأن ر وحا جديدا من الحزن العميق سيطر على الروح النوبي اتخذ بعضه مظهرا اثنيا وبعضه ظل على مجراه التاريخي متشحا بأردية المعارضة الخشنة ذات الاستعداد العالي للقتال.

يمثل هذه التيارات شاعران نوبيان سنقرأ هنا قصيدة حديثة لكل منهما .والشاعران هما عبد الاله زمراوي شاعر و قاض سابق ونور الدين عبد المنان شاعر و كاتب ساخر وسفير سابق.كتب الأول قصيدة بعنوان "الملحمة" ونشرها أواخر العام الحالي فاحدثت ضجة في الأوساط الأدبية نظرا لعمقها واتساع منظورها البانورامي.اما السفير عبد المنان فيطالعنا "بالمناحة الكوشية" التي نشرها بتاريخ 17 ديسمبر من نهايات عان 2006وهو يوم الذكرى السابعة عشرة للاعدام الايجازي الظالم للمأسوف على شبابه مجدي محجوب محمد احمد ابن أخ الاستاذ جمال محمد احمد السفير ووزيرالخارجية واول رئيس لاتحاد الكتاب السودانيين .

قصيدة عبد المنان قصيدة قوية مليئة بالألم الغاضب والحنق وفيها من بلاغة الغضب ما يرتفع بها الى ذرى تعبيرية عالية .ويوفق شاعرها الى ايجاد تسمية اثنية لألمه الكوشي وهو المحرك الأول للقصيدة في ابياتها الافتتاحية:

قتلوك يا ولداه..ياحباه
كما ان نفس الاحساس الكارثي يتخلل كل نسيجها العام:
قم ايها الكوشي من قلب الرماد
قم زلزل الارض الرحيبة انها حبلى بزاد
وتماسكي يا أم مجدي
كلنا مجدي وحبك في ازدياد
هزي جريد النخل نأتي فوق صافنة الجياد
بالطار والجرجار والطنبور
ترقص كل فاتنة لمجدي في بلادي.

ولكن احزان الشاعر لاتنغلق على اثنية القتيل فداخل حزنه الخاص تنمو وتتورد احزان بقية أنحاء السودان في تلاحم عضوي أخاذ

يا ايها الوطن الذي فوق الثريا والمدار
يا ايها الوطن المدجج بالهوى والانبهار
ماذا تبقى من زمان الحب والتذكار في عهد التتار.
وبلغة اكثر وضوحا يعرب عن هيامه الكبير بالوطن اجمعه:
لو جنة الخلد اليمن
لا يعدل السودان وطن
روض حوى من كل فن
النيل والروض الأغن
أنا آه من حب الوطن
قد هدني..هد البدن.
تلك مقاطع نبيلة عابقة بالمعاني الخليلية التي تكرس السودان -الوطن او كما قال الشاعر سيد احمد الحردلو
جناح الفراش الذي يهم بالتحليق

وتلك ملاحظة بديعة للشبه بين الخارطة السودانية واجنحة الفراشات.
وليس كثيرا على هذا الشاعر ان يملأ قلبه بحب التراب السوداني الموحد بتنوعه وجماله ولكن كلماته ترتدي اهمية خاصة في عصر الكفر والبهتان هذا حيث التفريط والانسلاخ هما ديدن الحكم وحيث يقف منظروه يبدون استعدادهم لتمزيق الوطن والاستغناء عن بعض مكوناته ليرتاحوا من عبئها على اكتافهم.

لابد ان يسر المرء لهذا إذ يعني ان صعود المشاعر الجهوية والاثنية لدى النوبيين كجزئية سودانية لم يمنعهم من التوحد في الكل الذي يضم اليه كل جزئياتنا وخصوصياتنا ويصهرنا جميعا في سياق الثقافة السودانية المشتركة .

ويمكن القول بشكل عام ان القصيدة تبدأ من لحظة ذاتية محددة هي اعدام الفتى الكوشي لتصل الى ذروة تتحد فيها كل الاحزان السودانية وباتحادها يقوى الأمل في الخلاص.

يمضي الشاعر زمراوي في ملحمته على سكة مختلفة تشبه كثيرا عمل الصلاة.ويمثل كل مقطع من القصيدة مزمورا أو ركعة مفردة لها موضوعها المحقق سواء كان قضية او جهة من جهات الوطن وبعد اكتمال الركعات يختم الشاعر صلاته الخاشعة بالمزمور السابع الذي يقول فيه:

يا وطني الشامخ مثل جبين الشمس
الى محرابك آتي كالدرويش
أؤذن مثل بلال
أفني ذاتي في ذاتك في ذات الله
حتى يتوحد عشقي في ذاتك.

بعض تلك الركعات المفردة تتحدث عن ملكال وعن دارفور وبطبيعة الحال عن المنطقة النوبية وتراثها العبقري:

كالسهم النوبي
قبالة كرمة كنت تشع ضياء تومض برقا
وتهارقا يدعوك الليلة من اجل نبيذ نوبي
بالقصر الملكي
الكائن بين طلول العصر
وفوق قباب الازمان

هنا يلتقي الشاعران في هيامهما بل وفخرهما بنوبيا وحضارتها الباهرة وانطلاقا من ذلك يدغمان نوبيا في السودان الكبير.

ان ذلك ما نريده بالضبط لبلادنا:أن تكون موئلا لأقوام متنوعين يفخرون بتراثهم ويقدمونه لينضم الى القصعة السودانية الكبيرة التي نتحلق حولها كلنا ونأكل معا كل ما هو طيب سائغ شهي دون قهر او اكراه.

لقد حاولت مرارا ان اشرح هذه الفكرة وقلت مرارا انني ضد القهر الثقافي ولا ارى ما يمنع من ازدهار اللغة النوبية وكتابتها والكتابة بها فذلك اضافة كبرى للحصيلة الحضارية السودانية تزيد وترفع من قدر البلاد.وذكرت التجربة الأمريكية المعروفة باسم بوتقة الذوبان melting pot وما انطوت عليه من القسوة والقهر. فقد كانت العائلات الامريكية حديثة الهجرة تمنع اطفالها من التحدث بلغاتها الأم حتى يتفرغوا لاجادة الانجليزية باللكنة الأمريكية .

صحيح انه لم يكن وراء ذلك القهر سلطة ادارية ولكن كانت وراءه سلطة مجتمعية - سلطة ثقافية قاهرة رفعت ما يسمى الواسب WASP فوق الجميع واضطرت الأمريكيين الألمان والايطاليين والسويديين الى اخفاء ذواتهم الثقافية والاندغام في تيار الممارسات المسماة امريكية.
لقد تمت صياغة امريكا عن طريق ذلك القهر والآن وقد تحقق لهم ذلك شرعوا يتحدثون عن الحرية والاختيار وعن صحن السلاطة بديلا لبوتقة الانصهار.وحين صدقنا ذلك وطالبنا باعتماد الاسبانية والايبونيك كلغات امريكية هزأوا بالدعوة والداعين اليها ومؤخرا قام عضو كونجرس متطرف مطالبا بأن يقوم اول مسلم ينضم لتلك المؤسسة باداء القسم فوق الانجيل.

في بلادنا نريد صيغة متقدمة وانسانية لقضية التلاقح الاجتماعي والثقافي.

نريد لكل القوميات ان تنمو وتزدهر بحرية كاملة وفي اطار الاحترام ولكن شريطة البقاء داخل جناح الفراش الهفهاف.بكلمة اخرى نريد ان تاتي كل جهوية او اثنية بجواهرها المصقولة ليجتمع من ذلك عقد نضيد . نريد ذلك ولا نقبل بدلا عنه طبقا من حجارة و حصى .ولذلك اقول مرحبا بهذين الصوتين من اصوات الحضارة النوبية وهي في كل الاحوال اغلى واجمل وأعرق جوهرة في عقد الثقافة السودانية النضيد.ونرى من مصلحة الثقافة السودانية والسودان نفسه ان يجري تقديم الحضارة النوبية في أجمل حللها وابهاها محاطة بتغني الشعراء وكل انواع التمجيد لكونها مستحقة لذلك ولكونها تزين جيد سوداننا وهي في حال الصقل الباهر والتنضيد الجميل.

اهلا بمولانا عبد الاله زمراوي واهلا بالسفير المناضل نورالدين منان وشكرا لهما عن تشييدهما ضريح اجزاننا في زمن الحزن الواحد غير القابل للنصرف ،غير القابل للاندثار.

Post: #2
Title: Re: نورالدين منان وعبدالأله زمراوي: صوتان في الشعر النوبي السوداني: مقال للشاعر محمد المكي ابرا
Author: الطاهر ساتي
Date: 01-05-2007, 02:13 PM
Parent: #1

Quote: اهلا بمولانا عبد الاله زمراوي واهلا بالسفير المناضل نورالدين منان وشكرا لهما عن تشييدهما ضريح اجزاننا في زمن الحزن الواحد غير القابل للنصرف ،غير القابل للاندثار.



فوق ... لحد ما نجى ليهو بمزاج كويس ....