اضواء - أدب أمريكا اللاتينية المعاصر...حركة روائية مستمرة وأصوات جديدة

اضواء - أدب أمريكا اللاتينية المعاصر...حركة روائية مستمرة وأصوات جديدة


06-18-2003, 08:08 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=2&msg=1055963289&rn=0


Post: #1
Title: اضواء - أدب أمريكا اللاتينية المعاصر...حركة روائية مستمرة وأصوات جديدة
Author: zumrawi
Date: 06-18-2003, 08:08 PM

اضواء - أدب أمريكا اللاتينية المعاصر...حركة روائية مستمرة وأصوات جديدة - روايات تعيد رسم الأماكن والوجوه المتداولة - ملك مصطفي



ما الذي يمكن أن يتصوره القارئ العربي بعد خفوت صوت أدب أمريكا اللاتينية في الوقت الحاضر؟ وبالأخص الرواية طالما أنه تعرف علي أغلب أصواتها المتميزة عن طريق الترجمة، وبالذات أدب رواية الواقعية السحرية أو رواية أدب البوم (القنبلة) الذي إستحق شهرته الحقيقية منتصف الستينات تقريبا، وقد تعرفنا عليه في نهاية السبعينات قبل أن تترجم أغلب الأعمال إلي العربية منتصف الثمانينات بفورة لم تتوقف حتي اليوم، لاسيما وأن العديد منهم قد حصلوا علي جوائز متميزة عالمياً مثل، جائزة نوبل وجائزة ثربانتس، وهي الحركة الأدبية التي مثلها بورخيس، غابرييل غارثيا ماركيز، أوكتافيو باث، اليخو كاربنتيه، كارلوس فوينتس، بارغاس يوسا، إيزابيل الليندي وآخرين. ولكن في واقع الحال، فإن الأدب الأمريكي اللاتيني (أمريكا الجنوبية) ما زال يعطي أفضل ثماره، وتحقق الأجيال الجديدة شهرة كبيرة سواء داخل القارة أو خارجها في بلدان أخري مثل إسبانيا التي فتحت دور نشرها خلال السنوات الماضية لأكثر من عشرين كاتباً وأصدرت ما لايقل عن مئة كتاب أغلبها روايات لأصوات لم تكن معروفة في الوسط الثقافي الإسباني. وإذا كانت أوروبا ومنها إسبانيا قد تعرفت علي البعض منهم إلا أنها لم تهتم بهم بشكل يليق بقيمتهم الثقافية الكبيرة، حتي حاز أغلبهم علي أهم الجوائز الأدبية في إسبانيا وفرنسا. ومن أهم الجوائز الأدبية الإسبانية السنوية التي لاتتجاوز العشر، حاز أربعة من روائيي القارة علي جوائزها الأولي، الأمر الذي فرض إعترافاً بهم وبأهم أصواتهم الروائية.
وهنا في إسبانيا، فإن العودة للإهتمام بالأدب الأمريكي اللاتيني المعاصر وأهم موجاته الروائية حدث في عام 1997، أي جاء متأخراً عن دول أوربية أخري مثل ألمانيا وفرنسا. هذه المعرفة في الواقع لم تأت بالمصادفة بل نتيجة لإصرار أغلب الروائيين علي المشاركة وعلي إظهار طبيعة عملهم الروائي الجديد ومن ثم حصولهم علي الجوائز الأولي. فإذا ما إستثنينا روائيين مثل التشيليني لويس سبولفيدا المعروف في إسبانيا وكذلك في العالم العربي بفضل ترجمة روايته الأكثر شهرة العجوز الذي كان يقرأ روايات غرامية(ترجمها الراحل عفيف دمشقية)، وكذلك الشاعر والروائي الكولومبي ألفارو ماتيس الذي وصفه صاحب نوبل ماركيز بأنه (أفضل ناثر معاصر في اللغة الإسبانية) والتي تحولت روايته المعروفة إنتظار أليونا تحت المطر إلي فيلم سينمائي قبل عامين، إذا ما إستثنينا هذين الإسمين فسيبقي أمامنا أسماء تتعدي العشرين جاء أغلبها من دول مثل الأرجنتين، تشيلي، المكسيك وكوبا.بعد الصمت الطويل لأدب القارة لما بعد رواية البوم وآخر ممثليها المكسيكي كارلوس فوينتس، تظهر موجة ما بعد البوم بصفة متناثرة في دول القارة، ويبرز من بين أصواتها الأرجنتيني ثيسار آيرا، المكسيكي خوان بيورا، التشيلي روبرتو بولانيو، الكولومبي سانتياغو غامبوا، والكوبي آبيليو أستيفاث.

المكنة الروائية الحديثة
يبدو أن كوبا لن تترك لظروفها المعزولة عن القارة من أن تفاجئ المنطقة بميزة تجدد دائم في الحقل الروائي.فعبر جائزة (الفوارة) الإسبانية الهامة، تم التعرف علي روائيين كوبيين لامعين، إذ حازا علي جائزتيها الوحيدتين. فقد فاز الروائي الكوبي أليسيو ألبرتو (1951) بالجائزة عن روايته الحلزون، فيها يقدم ميزة التقاطع الحدودي ومثله العرقي، ويتخذ من مدينة فلوريدا مسرحاً للحدث. بعد حفلة يلتقي فيها أصحابه أثر تخرجهم الجامعي، يقررون أن يمضوا كل الليلة إحتفاءاً بالمناسبة، في الوقت ذاته، يقرر أحد الطلبة المهاجرين من أصل كوبي أن يخرج إلي الشارع بحثاً عن أحد يرضي بمهمة قتله، تنازع ومحاكمة الذات والواقع عبر مقارنات حضارية مختلفة. الرواية الثانية المعنونة أنظري مارغريتا كم رائق هو البحر! للروائي سرخيو راميريث (1942)، فيها يعالج الموضوعة الشائعة في أدب القارة، وهي شخصية الدكتاتور التي عالجها من قبله ماركيز، وآستورياس في روايات تعد القمة في أدب القارة، روايات مثل: خريف البطريرك، السيد الرئيس.
عصر الدكتاتور
إلا أن العودة في رواية راميريث الفائزة هذه، تتناول عبر صفحاتها إحياء شخصية الشاعر النيكاراغوي المعروف روبين داريو وعلاقته في عصر الدكتاتور سوموزا، عبر لغة شاعرية تكتسب من تراث داريو ذاته الكثير. الروائية الكوبية داينا شابيانو (1957) في روايتها الحائزة هي الأخري علي جائزة آثورين، والتي تحمل عنوان:الرجل، الأنثي والجوع، تتحول إلي طرف الحياة المدينية اليومية عبر حوار طويل بين صديقين يستذكران حياتهما المشتركة مع إثنين من النساء إحداهما متخصصة في الفن الحديث والأخري تمتهن الدعارة، حوار لكشف العالم ومعرفة الآخر/ المرأة، عبر الشرفة المطلة علي ليل بدا وكأنه أبدي لا ينتهي كحال تساؤلاتهما اللأنهائية والغير محددة.
في جهة أخري يقدم زميلها الروائي إيفان دي لانويث(هافانا 1964) في روايته الأولي الرمث الأزلي، تحليلاً دقيقاً علي لسان شاب ورؤيته لبلده خاصة بعد فترة سقوط جدار برلين، نظرة إلي المجتمع وهو أزاء عالم ما بعد الحداثة أو العولمة، رؤية حية، صاخبة كوتر حزين وهو يتنقل بين أطراف هافانا بحثاً عن جدوي للسقوط أو البقاء.
أما الروائي خوان آربيو فيقدم صور واقعية عن أحوال الكوبيين في الطرف الآخر، أي في المهجر عبر حكايات مجموعته المعنونة قصص من ميامي، التحدي في البقاء حياً وبذاكرة خصبة عن المكان الأولي، في إحداها، يلتجئ البطل إلي إغراق نفسه يومياً بماء البحر كي يشعر بتواصله مع طرف الساحل الآخر الذي هو وطنه.
أما الرواية الأرجنتينية فقد وصلت عبر رواية رمنغتون راند، طفولة خارقة للروائي لازارو كوفادلو (1937) التي يؤكد فيها إسلوبه المتميز الذي كرسه في مجموعة قصصه الأولي ثقوب سوداء.
الرواية تسرد علي لسان الراوي، وهي بالرغم من كونها رواية حدث ومغامرات، إلا أنها تتحدث عن جزء هام من تاريخ الأرجنتين المعاصر.
بطل الرواية ألاديو مختلط النسب، بين نصف هندي ونصف ساحر، يسرد عبر صفحات الرواية ذكريات طفولته في بوينس آيرس الخمسينات، في سهول البامبا الهندية حيث:"إن الحياة الخطرة، تمضي بسرعة عجيبة" كما جاء علي لسان البطل، ولكن كل ذلك الحزن والتراجيديا والأيام العصيبة قد مضت ولم يبق سوي الضجر في تعداد الأيام، وأن يحكي المرء أيام طفولتهم الخارقة.
ريح نوفمبر صالحة للحب
روائي أرجنتيني آخر حائز علي جائزة الربيع للكتاب لعام 1997، هو خورخي فكتوريانو (1936) عن روايته ريح نوفمبر صالحة للحب.
رواية قاسية، تتهادي مع الذكريات الغريبة لقرية تحتفل بعيدها الوطني، عند مرتفعات سهول البامبا. القرية محددة بقدر ترتيب أوضاعها منذ أن وطأ أرضها القبطان أغيلاندو قبل أكثر من مئة عام وقرر أن يبني عليها قرية لن يري العالم مثيلاً لها (تري هل هي العودة لتشييد ماكوندو أخري؟)...
من تشيلي والمكسيك سنلتقي بصوتين منفردين هما:
كارلوس سانز(1959) ورافائيل راميريث(مكسيكو 1942). في رواية سانز المعنونة مكان كان يدعي الفردوس، التي حازت علي جائزة الجنوب أعلي الجوائز في القارة، قبل أن تصل إلي إسبانيا، لها طعم مختلف عن طبيعة الروايات الأخري، حكاية قنصل وإبنته، العشيق ولاجئ سياسي...
الأربعة وسط غابات الأمازون، ورغم طبيعة تطورها البوليسية، وما تتخللها من مشاهد قريبة علي نمط الروايات الأمريكية ألـ Best Seller، إلا أن بروزها يكمن في ذلك المناخ السردي والطبيعة المهيئة لأكثر من رؤية روائية تلك التي تختزنها بيئة مثل الأمازون وطبيعتها البكر.

رسم حياة الممثلة مارلين مونرو
أما رواية المكسيكي راميريث التي حملت عنوان الحرف ميم في مارلين، وهي طفرة مهمة في أجواء الرواية المكسيكية الحديثة،.
إذ يعاود رسم حياة الممثلة مارلين مونرو من خلال دقائق زيارتها إلي المكسيك في أكثر لحظات حياتها تعاسة:
مشكلة الخمر والإدمان، بعد أن هجرها الكاتب أرثر ميللر، وحتي لو كانت رواية حدث يستذكر فيه أيام مارلين في المكسيك، إلا أنها رواية خالصة تتكئ علي أحداثها، هي ليست رواية سيرة علي الإطلاق، فليس لشخصية مارلين سوي ظلال خفية لإستذكار الوقع المهم في الرواية وهي العودة إلي مكسيكو سيتي في تلك الفترة ومحاولة إستخراج حيواتها العاصفة...
إن إستذكار هذه المجموعة المنتخبة من الأصوات الروائية في أدب أمريكا الحديث والذي لم يصل إلي قارئنا العربي، ليس سوي عينة بسيطة من هذه الأجيال المختلطة والدائبة علي الإستنباط والتجديد في خزين عوالمها الروائية كحال طبيعتها الخارقة المنفردة بألغازها يوماً بعد آخر.

AZZAMAN NEWSPAPER --- Issue 1534 --- Date 18/6/2003
جريدة (الزمان) --- العدد 1534 --- التاريخ 2003 - 6 - 18