حكاية البنت بين الافادة والامتاع

حكاية البنت بين الافادة والامتاع


12-27-2003, 08:40 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=19&msg=1105559043&rn=0


Post: #1
Title: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: Agab Alfaya
Date: 12-27-2003, 08:40 PM


حكاية البنت التي طارت عصافيرها
لبشرى الفاضل

معادلة متوازنة بين الامتاع والافادة

"أول من أبتدأ الضحك كان كلبا واسمه لاف ، رأى إنسانا يضرب أخاه بفأس ، الأول يضرب والثاني يجري ويجري فيلحق به الأول ويلطمه فضحك لاف ، حتى برزت نواجذه ثم ضحك : هو هو . فتلقفها الانسان وحرفها بحيث أصبحت ها ها ها ، ووضع لذلك قانونا أسماه الاعلال والابدال . قال الكلب : هـو ، هو فصاغ الانسان الضمائر : هو ، هي ، هن ، هم ."

هذا المقطع من قصة بعنوان " ذيل هاهينا مخزن أحزان " للقاص السوداني بشرى الفاضل ، وهي إحدى قصص مجموعته الأولى " حكاية البنت التي طارت عصافيرها " والتي صدرت عام 1990م . ويعد بشرى الفاضل من أبرز كتاب القصة القصيرة الذين ظهروا في مطلع الثمانينات ليس في السودان فحسب ، بل في العالم العربي قاطبة .

وقد قصدنا من إيراد هذا المقتطف في بداية المقال أن نجعل القارئ يقف بنفسه وجها لوجه أمام هذه الموهبة القصصية الفذة . ولعل هذا المقطع تتجسد فيه كل الخصائص الأسلوبية التي تميز طريقة بشرى الفاضل في كتابة القصة . ومن أبرزها خاصية السخرية والتهكم التي تعتمد علة المفارقة كقيمة جمالية في الكتابة . والخاصية الثانية قدرة الكاتب على تطويع اللغة وتفجير إمكانياتها المدهشة في خدمة فكرة القصة .

وقصة ( ذيل هاهينا مخزن أحزان ) التي أقتطفنا منها ذلك المقطع ، تصور بصورة ساخرة ولاذعة ، غدر الانسان وأنانيته واعتداءه على حقوق الآخرين وذلك من خلال علاقته بالكلب الذي عرف عبر التاريخ بوفائه للانسان . ويواصل الكاتب سخريته في القصة من الانسان على لسان ( هوكس ) فيلسوف الكلاب قائلا :

" أول من أكتشف النار كلب ، ولكن الانسان يزيف التاريخ . كان جدنا مكتشف النار واسمه بوبي ، يحفر بيتا قرب كهف الانسان الحقير ، صادف الجد بوبي أثناء حفره حجرا أملس ، فأعمل فيه مخالبه فلم يجد فتيلا ، فأعمل فيه مخالبه بسرعة أكبر فتطاير الشرر ثم أندلعت النار ، رأى الانسان الذي بداخل الكهف المشهد ، حمل هراوته الحجرية وطرد بها بوبي . وعاد بوبي لقبيلته بخفيه تحت إبطيه ، هذا هو أصل المثل ، عاد بخفي بوبي " .

أنها سخرية مرة حقا وقد زاد من مرارتها اتخاذ الكلب كرمز للحديث عن الانسان ينطوي على مفارقة أشد مرارة ، فالانسان دأب دائما على إلصاق أذل الصفات وأحقرها بالكلب حتى أصبح الكلب رمزا للنذالة والازدراء في نظر الانسان . وأقصى إساءة يمكن أن ينزلها الانسان بآخر هي أن يقول له : يا كلب ا فالقاص كأنما يريد أن يقول أن الانسان ليس بريئا من الصفات التي يلصقها بجنس الكلاب ا

فهو يستخدم عالم الكلاب كقناع ينفذ من خلاله لكشف ظلم الانسان لأخيه الانسان وتعرية الفوارق الاجتماعية والطبقية التي تميز بين الناس . " تعرفت هـاهينا على صديقها هواهي في حلقة نقاش لأفكار الفيلسوف هوكس ، كانت الحلقة غاصة بالكلاب .. كلاب خلاء وأخرى منزلية وكلاب صيد وأخرى بوليسية بدينة وكلاب نحيلة ، كلاب عمارات ، وكلاب مساكن شعبية ، كلاب لا بوليسية ولا كلاب " .

والقصة من خلال تصويرها لعالم الكلاب تعمل على النفاذ بأسلوب رمزي إلى عمق المشكلات الاجتماعية والمعيشية الطاحنة التي تسحق الأكثرية الغالبة من بني البشر مثل الفقر ومشكلة الاسكان والتشرد وانعدام الاستقرار الأسري .

" خرجت الكلبة هاهينا تبحث عن صديقها الكلب هواهي . فمنذ أكثر من سنة فهما في حالة حب ولكنهما حزينان تماما ، حيث أن الأمور لا تسير كما ينبغي ، إيجار الأزقة الضيقة أصبح عشر قمضات من عصابات الكلاب المقيمة فيها ، بعد أن كان من قبل قمضة واحدة ، وليس هناك مفر من الأزقة الضيقة لأن الشوارع الرئيسية تعج بالبشر الفضوليين الذين يقاطعون باستمرار المتع الخاصة بمعشر الكلاب " .

أما قدرة القاص على تطويع اللغة وتفجير إمكانياتها المدهشة فتتجلى في اشتقاق أسماء الشخصيات ، هاهينا ، هواهي ، وهوكس ، فكل هذه الأسماء مشتقة من نباح الكلاب ( هو ) . لاحظ كيف أوجد القاص الوشائج الصوتية بين صيغـة ( هو ) وبين الضمائر : هو وهي وهما وهن وهم .

إن الحيلة الفنية التي استخدمها الكاتب في هذه القصة الرمزية تذكرنا بتوظيف بعض الأدباء للحمار كقناع ينفذون من خلاله للكشف عن غباء الانسان وجهله . ومن هؤلاء خمنيز في ( أنا وحماري ) وكونتي دو سيجور في ( خواطر حمار ) وتوفيق الحكيم في ( حماري قال لي ) .

شر البلية ما يضحك :

وفي قصة ( الغازات ) يواصل بشرى الفاضل أسلوبه المفضل في السخرية والتهكم ، ليس بغرض إثارة الضحك من أجل الضحك ، وإنما الضحك على ما يبكى ، عملا بقول المثل " شر البلية ما يضحك " فهو يحول مآسي شخصياته إلى كوميديا ، حيث تدخل المأساة . كما يقول بشرى . إلى أقليم الكوميديا فيضحك الناس في الظاهر ويدونون ابتساماتهم المؤقتة ويختزنون أحزانهم في ذاكرتهم الجمعية الدائمة ، فالغرض البلاغي عنده من السخرية والتهكم هو التحريض على الرفض والاحتجاج .

وتحويل المأساة إلى كوميديا أسلوب معروف في الآداب الحديثة لا سيما في أدب العبث واللا معقول . ويعرف بالتراجيوكومدي أو المأسمالهوي وأحيانا يعرف بالكوميديا السوداء .
وتدور أحداث قصة ( الغازات ) داخل باص مكتظ بالركاب يعمل في أحد خطوط المواصلات بالأحياء الشعبية في مدينة كبيرة . وبفعل الازدحام والحر الشديد والعرق والغبار وتصاعد السموم وبفعل الضغوط النفسية ، يرتبك الركاب داخل الباص وتلتصق أعضاؤهم بعضها ببعض . وعند وصول الباص إلى آخر محطة يجد الركاب أنفسهم قد تحولوا إلى غازات تتبخر عبر الأبواب والشبابيك ، ثم ما تلبث أن تبرد وتستحيل إلى مسوخ مشوهة .

الكمساري حاول أن ينزل فوجد نفسه قد تحول إلى سحابة ثم مرت عليه نسمة باردة فاستحال إلى سلحفاة ، رجلاه كرجلي ضفدعة . عبد المنعم اشتعل غازه نارا وتلاشى في الهواء . الراوي استحال إلى دخان أسود ما لبث الدخان أن برد وجمد واستحال إلى قرد أو خنزير ، لا يدري . بيد أنه تحسس جسمه فلم يجد ذيلا . محمود المخمور كان يدخن سيجارة ساعة تلبك فأختلط دخان سجائره بدخان جسده وهبت سموم فلفحته إلى مخزن فتلقفه صاحب المخزن وعبأه في علب بنسون صنعت خصيصا للسودان . صاح الدرويش مدد ا فهتف هاتف ، أن أصعد فصعد تحرسه العناية حتى فني في حب المعبود .

خرج دخان السائق محتارا فوجد سحابة صيف فامتطاها بلا جواز سفر فعدت به وسافر . طالبات الجامعة الخمس استحال دخانهن إلى سعالي وعند وصولهن إلى الحرم الجامعي انقضت عليهن جماعات متوحشة بهراوات غليظة على رؤوسهن مشفوعة بكافة التعاويذ من الشياطين والسفلة . وعند انقطاع التيار الكهربائي توقفت ماكينات المصنع فوقعت ( دخاناية ) سعد خلال فوهة المدخنة وارتطمت بالبلاط ثم استحالت إلى ضفدعة تعيسة ، فداس عليها عامل بفعل غليظ فماتت غير مأسوف على الانسان الكامن فيها .

قاسم الشرطي ، تدحرج من السلم وانزلق على الأسفلت ثم هبت النسمة الباردة فجمد الدخان وتحول إلى قنبلة مسيلة للدموع . أما عطا الموظف الغلبان فقد حط دخانه بمستشفى للأمراض العصبية وعاد إلى حالته الأولى رجلا كما كان ، فجن جنونه وأصبح وجوده مشروعا في ذلك المستشفى حتى فارق الحياة ذات مرة تحت ضربات أحد الغرباء في محاولة الامساك به عندما حاول الهرب من المستشفى .

وهكذا بهذه النهاية الكوميدية السوداء تنتهي القصة . وما أروع وصف الكاتب للمصير الذي آل إليه كل من ركاب الباص . وأنت تتابع هذه المصائر المأسملهوية للركاب لا تدرى أتبكي أم تضحك ؟ ولكن لا تلبث أن تنفلت منك بين الفينة والأخرى ضحكة مكتومة تنتهي بابتسامة باهتة .

ولعل القاص أحس بقتامة المصير السوداوي للركاب فحاول أن يختم نهاية القصة بكلمات متفائلة ، حيث يقول في ختام القصة : " .. في ذلك اليوم بكت السحب فوق طلل تلك المدينة بكاء الأطفال ومع ذلك فإن سائل الحياة وماءها يجرى وفوق ذلك فإن النيل بنيل .. فهل من عاصم من التيارات ومن ملجم لهديرها ؟ هيهات ا " .

على أن هذه الخاتمة قد تبدو تقريرية ومفتعلة وفيها خروج على بنية القصـة . ويا حبذا لو كان القاص قد وضع خاتمة القصة مباشرة بعد فراغه من وصف المصير الذي استحال إليه الركاب دون أية زيادة . هذا إضافة إلى أن الاسهاب في وصف حالة ( عطا ) بعد دخوله مستشفى الأمراض العقلية قد جعل ايقاع القصة يبطئ بعض الشئ وبالتالي يتأخر الوصول إلى نهاية القصة في الوقت المناسب .

غير أن ذلك لا يقلل بأية حال من أهمية ونجاح هذه القصة المدهشة والمشحونة بالاستعارات والتشبيهات الطريفة والمبتكرة والتي تظهر مقدرة القاص في تطويع اللغة وتسخيرها لخدمة الدلالة العامة للقصة .

ولا يخفى تأثر أسلوب بشرى الفاضل في هذه القصة ، بأساليب أدباء العبث واللا معقول لا سيما فرانز كافكا ويوجين يونسكو . فاستحالة الركاب في القصة إلى مسوخ مشوهة . تذكرنا بقصة ( المسخ ) للكاتب التشيكي كافكا والتي تحكى قصة ذلك الشاب ، جريجوري سامبا ، الذي استيقظ ذات صباح فوجد نفسه قد تحول إلى خنفساء أو حشرة كبيرة . كما تذكرنا أيضا بمسرحية ( الخرتيت ) للأديب الفرنسي ذي الأصل الروماني ، يوجين يونسكو ، حيث تحول الموظف المثالي ، بسبب الروتين إلى خرتيت أو وحيد قرن .

عباءة جوجول :

ومن القصص الناجحة جدا في هذه المجموعة ، قصة ( حملة عبد القيوم الانتقامية ) وهي قصة بسيطة في موضوعها لكنها عميقة المغزى والدلالة . فهي تحكى عن شاب قروي من أسرة فقيرة ، يدعى عبد القيوم . كان مغرما منذ صباه الباكر بالحديد . وكان يحلم دائما بأن يصير سائق عربة . فيقطع دراسته مبكرا ويعمل مساعد سائق بأحد اللواري السفرية ، حتى تعلم القيادة وعمل سائقا بالخرطوم إلا أن القدر كان عبد القيوم بالمرصاد ، فتصدمه عربة فارهة في قلب الخرطوم وتؤدي إلى وفاته بينما كان يسير راجلا ( وهو الراكب شبابه كله ) .

لكن القصة لا تنتهي بوفاة عبد القيوم فتحدث المفارقة ، المفاجأة التي تمنح القصة قيمتها الفنية . فيقوم عبد القيوم من قبره بين الأموات ويعود حيا لينتقم من الذين حرموه نعمة الاستمتاع بأمنيته التي تحققت .

" كان هنالك بلدوزر فرغ به سائقه من العمل وقفل به راجعا إلى حظيرة الشركة ، ورجع السائق إلى الوراء فأقترب من المقابر فهتك قبرا . نزل السائق خائفا وترك الماكينة دائرة واختفى وكانت بالقبر المهتوك حركة .

" أطلت جمجمة من الكوة المتاحة ، تلفتت يمنة ويسرة وأعادت رأسها إلى القبر في هدوء .. مثل شوكة سمك البلطي انسلت الجمجمة من القبر ، متبوعة بالهيكل العظمي المتبقي من كائن ما اسمه عبد القيوم . ومشى تراخ طاخ نحو البلدوزر .

ومن الغضب كان تل عبد القيوم يزعتر حتى امتطى البلدوزر الضخم . وتحركت الآلة العجيبة من أول إشارة .. كانت الحركة ذلك الصباح مكدسة بالعربات .. وطفق عبد القيوم يدهس في البطاطس البشرية داخل العربات المكتظـة . بعضهم تردد ، من كان في آخر الصف في أن يتركوا مارسيدساتهم هكذا ، فكان موتهم مسببا بالتردد .. دهس ، دهس .. يوم كامل .. هذا البلدوزر العجيب لا توقفه المتاريس ولا طلقات البنادق ولا الدبابات ولا ينضب بتروله .

" جليلة مدت رأسها فوق الحائط الذي يفصل بينها وبين الشارع ، فرمت طفلها وتخلت عن أمومتها فجأة وصرخت : بسم الله ، الليلة ، يا شيخي تلحقنا وتنجدنا .

مولانا حبيب الله من فوق مئذنة الجامع في الظهر ، أبصر المشهد ، فصرخ من خلال المايكرفون : أشهد أن لا إله إلا الله .. يا مسلمين توبوا إلـى الله ، المسيح الدجال ظهر .

أولاد الكلب تقتلوني ؟ هو أنا شفت حاجة في الدنيا ؟ انتظروا اا وقرر عبد القيوم أن يرتاح قليلا فزاد من سرعة مركبته فأنطلقت بسرعة فلكية وأتجه شرقا وانعطف بعد أن كنس كل البيوت والعمارات التي قابلته وأطفأ غضبه في النيل .. كان النيل رحبا .. وكان يقبل الجميع ويطيب خاطرهم " .

وهكذا تنتهي القصة بعد أن يعود ( عبد القيوم ) من موته حيا ليشفي غليلـه .

وتذكرنا فكرة هذه القصة ، بقصة ( العباءة ) للقاص الروسي الشهير نيوكولاي جوجول التي تحكى عن ذلك الموظف الرقيق الحال الذي كان يحلم دائما بشراء عباءة أو معطف ليقيه شر البرد ، فيعمل على استقطاع مبالغ ضئيلة من راتبه على حساب طعامه وشرابه حتى يتمكن أخيرا من توفير المبلغ المطلوب لشراء العباءة . وفي اليوم نفسه الذي يرتدي فيه العباءة للمرة الأولى ينقض عليه لص ويسرقها منه ويهرب ، فيحزن حزنا شديدا فيمرض فتسوء حالته ويموت من البرد ، ولكن شبحه يعود ليطارد الناس في الشوارع ويختطلف منهم عباءتهم .

فهل قرأ بشرى هذه القصة وتأثر بها ؟ خاصة وأن بشرى الفاضل متخصص في دراسة الأدب الروسي ، علما بأن جوجول يعد بمثابة الأب الروحي للقصة الروسية . وليس أدل على ذلك من شهادة انطوني تشيكوف : " كلنا خرجنا من عباءة جوجول " .

على أن التأثر لا ينفي الاصالة بأية حال من الأحوال . فالمعاني كما يقول الجاحظ مشترك عام بين الأمم ، أما الصياغة أو الأسلوب فهو الذي يحدث فيه التمييز والتفرد . هذا بالاضافة إلى فكرة أشباح الموتى التي تظهر بعد الموت فكرة لها جذورها القديمة في الذاكرة الجمعية لسائر الشعوب . ويسمى هذا الشبح في العامية السودانية ( البعاتي ) . ويعد شكسبير من أكثر الأدباء توظيفا لفكرة أشباح الموتى في مسرحياته . فقد وظف هذا الاعتقاد في مسرحية ( هاملت ) التي يظهر فيها شبح الملك لابنه هاملت ويأمره بالانتقام له من عمه ، أخ الملك ، الذي قتل الملك غدرا واعتلى عرشه وتزوج من الملكة ، والدة هاملت .

وتزخر قصة ( حملة عبد القيوم ) بالعديد من الخصائص الأسلوبية التي يمتاز بها أسلوب بشرى القصصي مثل اشتقاق الأسماء من الفكرة العامة للقصة . فاسم عبد القيوم يدل دلالة مباشرة على قيامته من قبره حيا .

وإذا أخذنا في الحسبان أن قصة ( حملة عبد القيوم الانتقامية ) هي أول قصة كتبها ، بشرى الفاضل ، كما ذكر ذلك في إحدى الحوارات الصحفية ، يمكننا القول بأن بشرى قاص ( ولد بأسنانه ) ، فالقصة محكمة البناء منضبطة الايقاع . وإذا جاز لنا الحكم على هذه القصة يمكن القول أنها أكمل وأنجح قصص المجموعة بالمفهوم التقليدي للقصة . وأعتقد أن بشرى قد أهتدى منذ البداية إلى بصمته الخاصة في كتابة القصة . فقد تجلت في هذه القصة كل الخصائص الأسلوبية التي يمتاز بها أسلوبه والتي تبلورت فيما بعد في بقية القصص ، رغم جنوح بشرى المتواصل للتجريب بحثا عن أساليب جديدة .

اختراع الكلمات :

ويبلغ التجريب مداه عند بشرى الفاضل في قصة ( الطفابيع ) والطفابيع من الاختراعات اللغوية لبشرى . وهي كلمة كما يقول في هامش القصة : كلمة جاء بها من عنده كما يبتدع الأطفال الكلمات . ومفرد الطفابيع ، طفبوع كقولك في جرابيع جربوع ، والطفبوع هو المقابل الهزلي للسفاح ، ففي حين أن السفاح يقتل فتنجم عن فتكه بالآخرين مرارة . نجد أن الطفبوع يقتل بصورة مباغتة ومأساوية للحد الذي تدخل فيه المأساة في إقليم الكوميديا .

وتصور قصة ( الطفابيع ) قضية القهر السياسي ، والارهاب الفكري بأسلوب مأسملهوي تجريدي . وتتألف القصة من قسمين ، القسم الأول قصير مكون من سبعة أسطر تقريبا ، وهو بمثابة مدخل تمهيدي للقصة ، وكتبه بلغة سيريالية تختلف عن لغة السرد المستخدمة في القسم الثاني والرئيسي من القصة ، حيث تتداخل الصور والجمل وتتقاطع بلا رابط منطقي يجمع بينها كأنما أراد الكاتب بهذا الأسلوب السيريالي الحالم أن يمهد المسرح للا معقولية الأحداث التي تجري في الجزء الأساسي من القصة وهو الجزء الثاني .

تبدأ القصة باستيلاء ( الطفابيع ) على السلطة ومطاردة الناس في الشوارع بالفؤوس والفتك بهم دونما أسباب واضحة فينشرون الهلع والرعب .

" في تلك السنة اختلط الحابل بالنابل ولم يعد المرء يشعر بالاطمئنان على حقه في أن يكون له بيت يأوي إليه أو قطعة خبز تشبعه ، وامتد الأمر إلى الاعضاء .. فجأة تجد من ينازعك في قارعة الطريق زاعما أن الرجل التي تتدحرج عليها ليست رجلك والرأس التي تفكر بها استوردها فلان " .

وإزاء هذه الفوضى وضياع هوية البني آدم يهرع الناس للبحث عن أوراق هوياتهم التي ألقي بها في النيل . فالسلطة التي تطالب الناس بإثبات ذواتهم عن طريق الأوراق ترمي بهذه الأوراق في النيل ثم تعود لتطالبهم بإبراز هذه الأوراق لاثبات هوياتهم . كأنما هذه السلطة غير مسؤولة عن الوسائل التي يتحصل بها الناس على هذه الأوراق والمستندات .

وحتى الحصول على هذه المستندات ليس كافيا لاثبات آدمية الانسان فلابد من ترقيم الأعضاء البشرية وتدوينها على هذه الأوراق الثبوتية كما ترقم السيارات:

" ثم تلفت فوجدت حشدا مشغولا بتجفيف مستنداته فجففت مستنداتي ثم رأيت الحشد يرسم أعضاءه في الأوراق فرسمت ساقي في أوراقي ثم رأيتهم يبصمون فبصمت ورأيتهم يرقمون أعضاءهم : 9خ ، 8خ ، فرقمت أخ .. قال صديقي ويحك ا قلت ، ماذا ؟ قال : يظن الطفابيع أنها أعضاء جديـدة مســتوردة ( سيوبر ) " .

وقد أبرز القاص ( الطفابيع ) في صور كاريكاتورية ساخرة : " ونظرت فرأيت ذلك الطنبوع الهولاكي يخطو حثيثا في طلابي والطفابيع لا تجري لأن مركز ثقلها الخلفي متكور أكثر مما ينبغي ، ولكن الطفابيع تباغت " .

وقد طال البتر والتشويه الذي ألحقه الطفابيع في البلد .. كل شئ ، حتى المقدسات فصلاة الطفابيع ليست كصلاة سائر الناس :

" صلاة الطفابيع أخذت من صلاتنا شكلها ولكنهم يركعون على قفاهم ويسجدون كالقوس وعيونهم مفتوحة على جيرانهم . ينحنى الطفبوع عكسيا على ظهره ويسجد كالقوس ضد القبلة وكأنه وهو سائر للسجدة يراقب الجمهور " .

وبعد أن اشبعوا الناس تقتيلا أو شبعوا هـم مـن تقتـيل الـناس ، يعلـن ( الطفابيـع ) العفو العام وذلك بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لقدومهم للسلطة . إلا أن المفارقة الصارخة والموحية هي أن الراوي يلقى حتفه بفأس أحد الطفابيع في يوم العفو العام نفسه ، وذلك بسبب نفاذ مستنداته الثبوتية والتي استنسخ منها عشرات النسخ لكنها نفذت جميعا تحت إلحاح الطفابيع ، المنتشرين في كل مكان ، مطالبين الناس بإبراز صور من مستندات هوياتهم .

وكان بشرى الفاضل ، قد استهل هذه القصة البديعة ، بأبيات من قصيدة " أقول لكم " لصلاح عبد الصبور وهي :

هذا زمان الحق الضائع
لا يعرف فيه مقتول من قاتله
ومتى قتله
ورؤوس الناس على جثث الحيوانات
ورؤوس الحيوانات على جثث الناس

فتحسس رأسك
فتحسس رأسك

ويرى بعض النقاد أن هذه الأبيات مستوحاة من مسرحية " الخرتيت " أو وحيد القرن ، ليوجين يونسكو ، والتي تحكي عن خرتيت بدأ يطارد الناس في الشوارع وأماكن العمل ثم يكتشف الناس أن كل إنسان قد تحول إلى خرتيت . فالزوجة التي جاءت إلى مكتب زوجها تشكو إلى زملائه أن خرتيتا كان يطاردها في الطريق ، تكتشف أن الذي كان يطاردها هو زوجها . وذلك الموظف الذي يقدس روتين العمل يجد نفسه وقد تحول هو الآخر أيضا إلى خرتيت . ويقول يونسكو في مذكراته بعنوان ( لا ) أنه استوحى مسرحية " الخرتيت " من شخصية هتلر .

وكان صلاح عبد الصبور قد عبر عن إعجابه بطريقة يونسكو في الكتابة المسرحية إلى الحد الذي جعله يستعير أسلوب يونسكو في الكتابة والذي عرف بأسلوب العبث أو اللا معقول في مسرحية ( مسافر ليل ) والتي تحكي عن مسافر يجلس وحيدا في أحد القطارات ، فيظهر له الكمساري في زيه الذي يشبه الزي العسكري ويطالبه أولا بالتذكرة فيأكلها ثم يطالبه ببطاقة الهوية فيلتهمها الكمساري أيضا فتتوحد في هذه الأثناء في ذهن الراكب صورة الكمساري بصورة الطغاة عبر التاريخ : الاسكندر ، هانيبال ، تيمور لنك ، هتلر ، الخ .. ويواصل الكمساري تعذيبه للمسافر حتى يقضي عليه أخيرا بطعنة من خنجر .

فالملاحظ أن القاسم المشترك بين هذه الأعمال الثلاثة : " الخرتيت " ليونسكو و " مسافر ليل " لصلاح عبد الصبور و " الطفابيع " لبشرى الفاضل ، هي معالجة قضية القهر السياسي والارهاب الفكري بهذا الأسلوب الفني العبثي .

بين الشعر والقصة :

يقول بشرى ، في إحدى الحوارات الصحفية ، أنه حتى تخرجه في الجامعة لم يكن يكتب غير الشعر ، كان يظن نفسه شاعرا وليس قاص ، وحينما تحول إلى كتابة القصة احتفظ اسلوبه بكثافة اللغة الشعرية .لكن الشاعر في بشرى لم يفصح عن نفسه ، بل أفصح عنها في قصة ( حكاية البنت التي طارت عصافيرها ) .

وهذه القصة هي التي لفتت إليه الأنظار كقاص جديد ومتفرد ، وهي ثاني قصة تنشر له منذ أن بدأ كتابة القصة في نهاية السبعينات ، ولعل النجاح الذي حظيت به هذه القصة وسط جمهور القراء يعود إلى الطاقة التعبيرية الضخمة وللغزارة الشعرية التي تنضح بها لغة القصة .

والراوي أو الأنا السارد في قصة ( حكاية البنت التي طارت عصافيرها ) شاب متسكع متشرد ، يشكو الفاقة والتبطل ويعاني من إنعدام التوازن العاطفي . فهو مع أنه شاعر وعلى مستوى جيد من الثقافة إلا أنه فاشل في حياته العاطفية ، وربما يرجع سبب ذلك إلى أنه يتخذ من التثاقف جسرا للتواصل العاطفي بديلا للتعبير الماشر عن عواطفه ، شأنه شأن سائر الشباب المثقف ، فبالرغم من علاقة الحب التي تربطه بتلك الفتاة المثقفة إلا أنه يبدو أن هذه العلاقة تفتقر إلى الحرارة والعمق العاطفي . فيلتقي مصادفة في وسائل المواصلات فتاة صاعقة الحسن والجمال فيلاحقها ويجري وراءها حتى يتمكن أخيرا من استمالتها وإقامة علاقة صداقة حميمة معها .

" وهكذا أصبحنا صديقين لشهر كامل استمرت مقابلتي لها في الشارع العـام ، نركض ، نضحك ، نتحاور فلم أصل غورها وخفت أن تكون لامست غوري " .

إلا أن سعادة ( الأنا ) السارد بهذا الحلم الذي تحقق بهذه العلاقة لم يدم طويلا ، إذ تلقى الفتاة التي طارت عصافيرها ، مصرعها في حادث قتل غامض على الشاطئ . لكنا لا نعلم شيئا عن تفاصيل الحادث وأسبابه ولا شيئا عن القاتل وكيفية القتل . ولعل الكاتب أراد أن يستخدم هذا الغموض الذي يكتنف حادث القتل كرمز للتعبير عن خيبات الأمل المتلاحقة التي ظلت تلازم الأنا السارد على كل الأصعدة . فكأنما كتب عليه أن يبقى شقيا مظلوما محروما طول عمره .

ولعل من أروع المشاهد التي تبرز الكثافة الشعرية والطاقة التعبيرية لهذه القصة ، وصف القاص للفتاة التي طارت عصافيرها ووصفه لحظة لقائه بها :

" كان النهار أخضر لا كعادة الصيف ، وكنت ملتويا بالبهجة كعمامة أعرابي يزور المدينة للمرة الثانية " .

" كنت لا أنوي التجول ، فتجولت . الناس مكدسة ، بطيخ بشرى كل يوم ينتظر وسيلة مواصلات ، دنوت من أحد الأكوام وأخرجت أدوات انتظاري .. أخرجت أولا كوعي ثم راحة يدي فعاونا رجلي في حمل الجسد المستهلك يوميا والمتعب على مدار العام ، ومن بعد أخرجت عيني ثم طفقت أنظر ، أنظر وأختزن .

" رأيت امرأة بدينة لدرجة أنها حين تنادي وليدها ( يا هشام ) نحس بحرف الهاء يطن في أذنيك مليئا بالشحم . "

" وفجأة رأيتها . قفز الدرويش ، مكان قلبي . فارعة الطول من غير أن تتأرجح ، قمحية لا كالقمح الذي نعرفه ولكن كالقمح حين يكون قمحيا مثلها ، أخذت من الضابط أحسن ما فيهم ، مشيتهم ، ومن الناس أخذت ألبابهم .

" كان أنفها كالخضر .. الطازج ، ولها عنق فرعوني ذو وترين مشدودين أنيقين لا يبدوان إلا إذا التفتت .. وإذا التفتت هربت البائعات بفولهن المدمس ، وتساليهم المملوح ، وهربت الشوارع من حفرها والروائح النتنة من أماكن بيع اللحوم وهربت ذاكرتي إلى مستقبل أتمناه " .

ويقول في مشهد آخر : " أجيئها غاضبا وأخرج من عندها هاشا باشا كأن لديها مصنعا للفرح خرجت في ذات يوم من لدنها مليئا بها حتى غازلني الناس في الشوارع " .

هاء السكت :

ومن القصص التجريبية الناجحة قصة ( هاء السكت ) وهي قصة رمزية تتألف من مجموعة أقاصيص قصيرة تنبني كلها على فكرة واحدة بالرغم من أن لكل أقصوصة موضوعا مختلفا عن غيرها .
وهاء السكت أو الوقف أي السكوت معروفة في النحو إلا أن الراوي يقول أن هاء السكت : " مرض يشل قوى التفكير والحيل ويحل في زمن المنعطفات إذ تنتاب المصاب به حيرة لا قبل له بها فيلزم الصمت " .

" مثال ذلك شاب عينوه كاتبا ففرح وتحرك حركة فعينوه باشكاتبا ثم تحرك حركتين فعينوه مديرا للقسم ثم تحرك حركة ذات أبعاد فعينوه مديرا للمصلحة ووعدوه بالوزارة فتحرك حركة عظمى فعينوه وكيلا للوزارة . وقيل له تحرك أكثر تكن وزيرا وجاء يوم أخرج فيه مخزونه الحركي واستعد وتحفز وقبل البدء دهمه قرار من ذوي الشأن فألقي به قرب شباك المعاشات وهناك أصابته هاء السكت فسكت " .

وهكذا فإن كل شخصيات القصة تواجه بأزمات طاحنة ومنعطفات حـادة لا حول ولا قوة لها بمقاومتها فتلوذ بالصمت والانبهات .. والطريف أن الراوي نفسه يصاب في نهاية القصة بهذا الداء العضال . ففي الأقصوصة الأخيرة التي تحمل عنوان ( عدوى ) والتي تتألف من سطر واحد يقول " بينما كان الراوي يتجول في عنابر مرضى هاء السكت أصابته العدوى . وسكت " .

الآن وبعد هذه القراءة لأهم قصص مجموعة ( حكاية البنت التي طارت عصافيرها ) لبشرى الفاضل يمكن القول أننا أمام موهبة قصصية ، تمتلك كل أدوات هذا الفن المراوغ . أكثر من ذلك أن بشرى على وعي تام بطبيعة العلاقة الجدلية بين الخصائص الأسلوبية لفن القصة وبين الوظيفة الاجتماعية لهذا الفن ، لذلك لا عجب أن وفق إلى حد كبير إلى إيجاد معادلة متوازنة بين الافادة والامتناع . " على أن الاغراق في الرمزية " كما يقول الدكتور خالد الكد الذي قدم لهذه المجموعة مع آخرين " من شأنه أن يفسد نكهة المنهج المأسملهوي الذي ربما بلغ فيه شأنا بعيدا إن سلك دربه فيه ونفسه على سجيتها " .



بقلم :
عبد المنعم عجب الفيا


-------------------------
* نشرت بمجلة الرافد - العدد 56 -ابريل 2002 -دائرة الثقافة
والاعلام الشارقة.



Post: #2
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 12-28-2003, 04:25 AM
Parent: #1

الأخ منعم
كل عام وأنت بخير
استمتعت كثيرا بقراءة هذه الدراسة المتميزة، لأعمال الأخ والصديق، بشرى الفاضل. فهي أعمال رائعة، وهي مما يشرفنا جميعا كسودانيين. كما لابد لي من التعبير عن إعجابي الكثير، بدابك، ومثابرتك، في متابعة النتاج الأدبي السوداني، بمختلف شكوله. وأهم من ذلك، حرصك على إيداع دراساتك في الدوريات الثقافية المرموقة. فبذلك، وبذلك وحده، نخرج كأمة من دائرة الظل، إلى دائرة الضوء. فلك منا جميعا، كثير المعزة، والتقدير.




Post: #3
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: shiry
Date: 12-28-2003, 08:59 AM
Parent: #2

سلام مربع

عجب الفيا

في كل مرة اقرأ لك هنا ، نتدحرج انا والامتاع صوب انبساطيه سهول انت اردت لنا ان نختم فيها حد الدهشة بما بسطته .
لنكون راي جديد ان النقد ليس ضد الابداع كما اراه دائما
وتكاد تنزع من عيني تلك اللافتات التي ابدا ارفعها كلما قرأت نقدا لاي كاتب ما.
يكتبون _ واعني النقاد _ لكي يقهرونا .. كلام الطير في الباقير
ابدا تخلص انت من مجهود ساعات اهدرته فيما طبزوا به
انك هبنقه يجب ان تعود الى سنة اولى روضه
كنت ومازلت اعتقد ان بوست البنيويه من اجمل البوستات على الاطلاق ومن اجمل ما قرأت من نقد
ننتظر مثل تلك الدراسات لنختبر بها ذائقتنا فهلا فعلت؟
عندي رجاء ، ممكن تراجع بوست الاخ دكــــين(افضال الضال في سلاح الامداد والتموين ).
سلمت ياسيدي

Post: #8
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: Agab Alfaya
Date: 12-29-2003, 05:59 AM
Parent: #3

العزيزة شيري
انا سعيد جدا لهذه الزيارة
كثيرا ما اتسلل في صمت الي بوستاتك وكل مرة احدث
نفسي انني امام موهبة حقيقية من طعم اخر ولا زلت اتحين الفرص
لكي امارس عليك بعض(قهر النقاد).خليك استاند باي

مقال البنيوية كتبته بعد تجربة طويلة من التعاطي مع هذه المناهج
فخلصت منه الي هذه النتيجة التي يعتبر مقال حكاية البنت
احد الامثلة عليها.
دخلت علي بوست دكين حسب وصيتك والحقيقة طلعت بحاجتين
موهبة دكين القصصية، وذائقتك النقدية.
النص رائع وذكي.

Post: #7
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: Agab Alfaya
Date: 12-29-2003, 05:29 AM
Parent: #2

الاخ الدكتور النور حمد
كل سنة وات طيب
اعجابك بالمقال هو الشهادة التي ابحث عنها دوما
والاخ بشري يستحق اكثر من ذلك فالتحية له

Post: #4
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: الجندرية
Date: 12-28-2003, 05:00 PM
Parent: #1

فوق لحدي ما نجي بمهلة

Post: #5
Title: Re: السبت 20 ديسمبر نقاش مفتوح مع الاستاذ الخاتم عدلان في المنبر الحر
Author: Abdel Aati
Date: 12-28-2003, 06:17 PM
Parent: #4

عقب الفيا

دراسة ممتازة لا تفوقها الا القيمة الابداعية الكاسحة لاعمال بشري الفاضل الادبية

العزيزة شيري
شيري فعين الله ترعاك ؛ اعتقد انك التالية في دور اعمال عقب الفيا النقدية

عادل

Post: #10
Title: Re: السبت 20 ديسمبر نقاش مفتوح مع الاستاذ الخاتم عدلان في المنبر الحر
Author: Agab Alfaya
Date: 12-29-2003, 06:28 AM
Parent: #5

الاخ الاستاذ متعدد المواهب والهموم عادل عبد العاطي
شكرا علي ثنائك علي الدراسة
شهادة من زول عارف اعتز بها

الحقيقة شيري الدور جاييها

Post: #9
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: Agab Alfaya
Date: 12-29-2003, 06:12 AM
Parent: #4

ان شاءالله انت دائما فوق يا اماني الجندرية
حبل المهلة يربط ويفضل

Post: #6
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: Raja
Date: 12-28-2003, 06:45 PM
Parent: #1


العزيز عبدالمنعم،،
"حكاية البنت التي طارت عصافيرها" ليست بالحكاية.. انها واقع، ما أن تنتهي من قراءته حتى تشعر أنك هنا أو هناك من هذه الشخصيات،،
دراستك النقدية هذه أعطت للحكايا بعدا آخر.. ولن اكذب حينما اقول لك انني عدت للقصص وقرأتها مرة أخرى،، ولقد تيقنت من فرضيتي الأولى،،
شكرا لك وانت تغوص معنا في كوامن بشرى الفاضل بطريقة محترفة،،
لك وله التحية،،
رجاء،،

Post: #11
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: Agab Alfaya
Date: 12-29-2003, 06:39 AM
Parent: #6

العزيزة رجاء
نورت البوست بطلتك البهية والله
حكاية البت دي حكاية براها وواحدة من فلتات الابداع السوداني
لقد كسر بشري بهذه المجموعة الرتابة الممجوجة التي كادت
ان تؤدي بالقصة السودانية
كانت الحكاية بمثابة الحجر الذي حرك البركة الراكدة.
وفتح الطريق لتجارب اخري متميزة مثل عادل القصاص الذي
توجد مجموعته الان بين يدي اتمني ان اجد الوقت لكتابة شي عنها

شكرا مرة تانية علي الزيارة وعلي اعجابك بالدراسة

Post: #12
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: Agab Alfaya
Date: 12-29-2003, 06:39 AM
Parent: #6

العزيزة رجاء
نورت البوست بطلتك البهية والله
حكاية البت دي حكاية براها وواحدة من فلتات الابداع السوداني
لقد كسر بشري بهذه المجموعة الرتابة الممجوجة التي كادت
ان تؤدي بالقصة السودانية
كانت الحكاية بمثابة الحجر الذي حرك البركة الراكدة.
وفتح الطريق لتجارب اخري متميزة مثل عادل القصاص الذي
توجد مجموعته الان بين يدي اتمني ان اجد الوقت لكتابة شي عنها

شكرا مرة تانية علي الزيارة وعلي اعجابك بالدراسة

Post: #13
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: Agab Alfaya
Date: 12-29-2003, 06:40 AM
Parent: #6

العزيزة رجاء
نورت البوست بطلتك البهية والله
حكاية البت دي حكاية براها وواحدة من فلتات الابداع السوداني
لقد كسر بشري بهذه المجموعة الرتابة الممجوجة التي كادت
ان تؤدي بالقصة السودانية
كانت الحكاية بمثابة الحجر الذي حرك البركة الراكدة.
وفتح الطريق لتجارب اخري متميزة مثل عادل القصاص الذي
توجد مجموعته الان بين يدي اتمني ان اجد الوقت لكتابة شي عنها

شكرا مرة تانية علي الزيارة وعلي اعجابك بالدراسة

Post: #14
Title: و النقد المضئ ايضا...... بين الإفادة والإمتاع...
Author: Samau'al Abusin
Date: 12-30-2003, 09:43 AM
Parent: #1

الصديق الاستاذ عجب الفيا
هذا من امتع المقالات التي كتبت عن هذه المجموعه التي شكلت علامه بارزه في ادب القصه القصيره السودانيه.
فقد أضاء المقال في هذه المجموعه الكثير، وإذا كان ثمة حوار مع النص ايضا،فالمقال قد حاور الكثير في قلب النص و مع ذلك لم يغفل عدة مؤثرات كانت ضروريه بل حاسمه في رسم انتقالات وعي الكاتب. في المقال مقدرة علي المقارنه لاشك ان قراءاتك الواسعه قد دعمتها و جعلت من الانتقال بين هذه النصوص مسألة ممتعه ترقي بذاتها الي مستوي ابداعي، و لا اخفي انها زادت من مقدرة ذائقتي علي اقتناص الشارد و المبهم و العميق في رمزية بشري الفاضل، و الذي اثبت انه استاذ الرمزيه الممتعه بامتياز من خلال هذه المجموعه. كنت اتمني وقد تعرضت لتخليقات الاستاذ بشري الفاضل اللغويه واشهرها بالطبع مفردة الطفابيع ، ان تدلف الي ذلك الاهداء الجميل الذي كتبه الي زوجته لودميلا ، فهو مدخل جيد الي مزاج الكاتب الساخط و تعريف أولي ضروري به للقارئ البعيد ويحمل الي حد كبير نفس المقدره علي تصوير المفارقه ما بين قيم الناس و قيم الطفابيع.
شكرا لك علي هذه المثابره و الكتابه المسئوله.

Post: #15
Title: Re: و النقد المضئ ايضا...... بين الإفادة والإمتاع...
Author: Agab Alfaya
Date: 01-01-2004, 09:35 AM
Parent: #14

الصديق العزيز الكاتب والاديب والناقدالسموال
صدقت والله لقد كانت تجربة بشري في حكايات البنت علامة فارقة في كتابة
القصة القصيرة في السودان وسيتحق بشري ان يطلق عليه استاذ
الرمزية بامتياز
الاهداء فعلا يستحق الوقوف عنده

اعلم يا صديقي مشغولياتك لكن اعتقد حقو تحاول تدي مساحة من الوقت
للكتابة فانت كاتب من خيرةالكتاب الشباب خريجي التسعينات
وانت الاقدر علي الكتابة عن تجارب هذا الجيل الجديد

Post: #16
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: Agab Alfaya
Date: 01-11-2004, 06:08 AM
Parent: #1

فوق

Post: #17
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: انور الطيب
Date: 01-11-2004, 08:43 PM
Parent: #16

الأخ الأستاذ عبد المنعم ؛ تحياتي الحارة
وبعد
ماتكتبه في هذه المساحة الالكترونية لا يمتعنا فقط بل يضيف الينا كثيرا في مسيرتنا الحياتية ففعلا لقد كانت هذه القصص التي نقلتها بصبر وحكمة تعريف لنا بأحد رواد القصة القصيرة في السودان وان لم تتح لنا الفرصة في اقتناء ما كتب الأستاذ بشرى فأصبحنا أكثر تشوقا لما يكتب بشرى الفاضل وأمثاله وخصوصا ما يكتبونه يلامس صميم حياتنا.

فلك كل الشكر على هذا الابداع وهذا النقد المتميز.

Post: #18
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: Agab Alfaya
Date: 01-15-2004, 06:20 PM
Parent: #1

الاخ العزيز انور الطيب
لم اطلع علي مداخلتك الا الان وبالصدفة والله
الف الف شكر يا حبيب وعاجزين كمان
ولك عميق احترامي وتقديري

Post: #19
Title: Re: حكاية البنت بين الافادة والامتاع
Author: Outcast
Date: 01-16-2004, 11:11 PM
Parent: #18

حكاية البنت اللتى طارت عصافيرها من اكثر الادوات اللتى توفرت لنا فى بداية عقد التسعينات,, لنتعايش مع القهر اللذى كنا نعيشه كأول دفعة تتخرج بعد قيام الانقاذ ....
الطقابيع كانت من قصصنا المقضلة,,, نحن معشر المغضوب عليهم و العاطلين عن العمل والحياة بأمر الدولة.... كانت الطفابيع تقابلنا وتسد علينا الطرق فى اى مكان وفى كل وقت...

كان صديقا لنا مبهورا ببشرى القاضل ووليدته الحديثه فى ذلك الوقت (حكاية البنت اللتى طارت عصافيرها).. اقتنى كل واحد منا الكتاب .. واصبح هذا الكتاب محور حديثنا ونكاتنا و زفراتنا,, أصبح ضرورة حياتية للاستمرار فى الحياة محاولة التعايش مع واقعنا المر.

توقفت عند سردك الجميل عن الكتاب ... دون ان اشعر.. وجدت نفسى استرجع احداث تلك الايام المشحونه بالضياع و القهر ... ولكن رغم ذلك هى لم تخلو من حرية وا نطلاق داخلى و سذاحة بريئه فقدناها ونحن نسير (او نسير) فى دهاليز هذه الحياة....

كانت "حكاية البنت اللتى طارت عصافيرها" تسجيلا ساخرا,,, مملؤا بالشاعرية و السحر عما كان يعانى منه ليس فقط جيلناسئ الحظ ,,, ولكن كان سردا لواقع مقلوب ... و قاتم الى درجة السخريه ..