الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا

الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا


04-15-2004, 03:38 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=19&msg=1100715896&rn=0


Post: #1
Title: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 03:38 PM



مدخل :

كثيرا ما ينزلق الحديث عن الهوية من المستوى المعرفي إلى المستوى الأيديولوجي . ويمكن تصنيف القراءات التي تحاول مقاربة سؤال الهوية السودانية إلى نوعين من القراءات . قراءة تنطلق في الإجابة على السؤال من الهنا والآن ، من اللحظة التاريخية المتشكلة والتي هي في حالة تشكل ، من المكون الثقافي والعرقي الموضوعي المعطى على أرض الواقع بكل تجلياته وتعيناته المتعددة والمتشابكة . هذه القراءة يمكن وصفها بالقراءة المعرفية . وقراءة أخرى تنطلق في توصيف الهوية لا مما هو كائن فعلا ، بل مما يجب أن يكون . لا من الواقع المتشكل على الأرض ، بل من الرغبة في إعادة تشكل هذا الواقع . لذلك فهي تعمد في مقاربتها لسؤال الهوية إلى الانتقاء والنفي والغربلة لمكونات الواقع الثقافية والعرقية حتى يتلاءم مع رغبتها الأحادية في تشكل هذا الواقع . ويمكن وصف هذا النوع من القراءات بالقراءة الأيديولوجية . ولا أقصد بالأيديولوجيا هنا المعنى السياسي والعقائدي وحسب بل أقصد بها منظومة التصورات والمفاهيم التي لا تقوم على أسس موضوعية في الواقع .

ومن هنا تهدف هذه الورقة إلى تقديم قراءة نقدية لمقالة الدكتور عبد الله على إبراهيم " الآفروعربية أو تحالف الهاربين " (1) والتي أزعم إنها تنتمي إلى القراءات ذات الصبغة الأيديولوجية في توصيف الهوية الثقافية والعرقية للذات السودانية . ويأتي اهتمامنا بهذه المقالة من الاحترام الخاص الذي تحظى به كتابات الدكتور عبد الله على إبراهيم عند جمهور المثقفين . فهو رجل ذو أسلوب متميز جاذب في الكتابة وله مساهمات مقدرة في الكتابة الصحفية وفي القصة ، والمسرح إلى جانب تاريخه السياسي وخلفيته الفكرية المعروفة .

وقد حظيت مقالته موضوع هذه القراءة النقدية دون غيرها من كتاباته ، باهتمام زائد ، ووجدت القبول والاستحسان عند قطاع كبير من أولئك المهمومين بسؤال الهوية السوداني . وقد بلغ الإعجاب بهذه المقالة حدا جعل بعض الذين يحملون أفكارا تقف أصلا على النقيض تماما مع الأفكـار التـي انتهـى إليـها د0 عبـد الله ، يثنون عليها ويستأنسوا ببعض ما جاء فيها من آراء من كتاباتهم حول مشكلة الهوية . ومن هؤلاء أخص بالذكر الأستاذ حسن موسى في مقالته : " شبهات حول الهوية " (2) والدكتور عبد الله بولا في مقالته : " شجرة نسب الغول في الهوية السودانية " (3) . فحسن موسى وصف المقالة بـ " السديدة " وبولا ، الذي يكن إعجابا خاصا لكتابات وأسلوب عبد الله على إبراهيم ، حيث لا يكف عن الاقتباس من تعابيره والاستشهاد بأقواله ، يصف المقالة بـ " الجلال والفرادة " .


وبالرغم من أن مساهمات هؤلاء الثلاثة د0 عبد الله بولا وحسن موسى في مقاربة سؤال الهوية يمكن أن تندرج جميعها تحت خانة القراءات ذات الصبغة الأيديولوجية الا انها تقف علي طرفي نقيض في نزعتها الايدولوجية. فبينما تقف قراءة د0 عبد الله على إبراهيم بنزعتها الرامية لنفى المكون الأفريقي على الطرف الأيمن تقف قراءة كل من حسن موسى وبولا في سعيها للتقليل من وربما نفى المكون العربي الإسلامي ، على الطرف الأيسر . وسوف تعمل هذه الورقة على كشف وتعرية النزعة الأيديولوجية لكلا الطرفين من خلال إبراز التناقض في الخطاب على المستوى المصرح به والمسكوت عنه ، ومن خلال عقد المقارنات ، كل ما أمكن ذلك ، بين الخطابات الثلاثة لابراز تباين المواقف في القضية الواحدة .

نفى المكون الأفريقي عن الذات السودانية

والفكرة الأساسية لمقالة د0 عبد الله " الآفروعربية أو تحالف الهاربين " تقوم على مناهضة حقيقية تعد عند المؤرخين والباحثين من البديهيات وهي حقيقة أن سكان شمال السودان هم عرب أفارقة أو آفروعرب على حد تعبير الورقة . يقول في مبتدأ مقالته " القصد من هذه الكلمة أن تتفحص نقديا مفهوم الآفروعربية الذي استقر كتوصيف لثقافة الجماعة الشمالية العربية المسلمة على النيل والبـوادي 00 " (4) ويقول أن نقده سيأتي منصبا بصورة رئيسية على المفهوم كما صاغته جماعة الغابة والصحراء 000 التي حاولت أن تؤسس رؤيتها الشعرية والثقافية على الآفروعربية كمشروع حضاري . وهو المشروع الذي رمزوا له بالغابة والصحراء في دلالة التصالح بين الدغل والبادية بين الثقافة العربية والثقافة الافريقية في السودان . (5)

لاحظ نزعة الإقصاء والانتقاء ونفى الآخر التي تأبى إلا أن تطل برأسها منذ البداية وذلك في تعريفه لسكان شمال السودان بـ " الجماعة العربية المسلمة على النيل والبوادي " فهو يسقط من سكان الشمال من لا يقيمون على النيل والبوادي ، حتى تستقيم نظرته الآحادية في توصيف سكان الشمال القائمة أصلا على نفى صفة الأفريقانية عنهم .

ولكن قبل الخوض في استقراء مزيد من الآراء التي انتهى إليها د0 عبد الله في نقده للآفروعربية ، يجدر بنا الوقوف عند العنوان لتحليله وتحديد ماذا يعنى مفهوم الآفروعربية عنده ؟ وما المقصود بتحالف الهاربين ؟ وممن يتكون هذا التحالف ؟ ومن هم الهاربون ومما يهربون ؟ وإلى أين ؟


* قدمت هذه الورقة بندوة :السودان الثقافة والتنمية ،التي نظمها
مركزالدراسات السودانية بالقاهرة في الفترة من :4- 6 اغسطس1999 والتي تزامنت مع تكريم المركز للطيب صالح
وذلك بالمجلس الاعلي للثقافة بمصر تحت رعاية الدكتور جابر عصفور.
* فكرت كثيرا في اعادة صياغة بعض التعابير والافكار واستبدال بعض
الكلمات ،لكن اخيرا استقر راي ان اعيد نشرها هنا كما هي منشورة بكتاب الندوة
.

Post: #2
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:04 PM
Parent: #1

في تعريفه للآفروعربية ، يقول د0 عبد الله : " الآفروعربية في نظر دعاتها ، هي عمل واع لاستعادة الدم الزنجي ودراسة الجانب من ميراثنا والذي أهمل لمدة طويلة وأعنى التراث الزنجي " (6) ويقتبس هذا التعريف من كلمة لمحمد عبد الحي ، أحد أبرز دعاة الآفروعربية . ويقول : " وقع مجاز الغابة والصحراء للشاعر النور عثمان أبكر وهو في محيط أوربا الحضاري الذي يقول عنه النور : " رفض هويتي الأفريقية حين أفكر ورفض هويتي العربية حين أكـون " (7) ومن واقع هذا التعريف يمكن القول أن مفهوم الآفروعربية يعنـي عنـد د0 عبد الله القول بأن سكان شمال السودان عرقيا وثقافيا هجين عربي أفريقي . ولكن ما المقصود بتحالف الهاربين ؟ هل الوظيفة النحوية للحرف " أو " التي تتوسط العنوان هنا تفسيرية وفي هذه الحال تكون الآفروعربية أو تحالف الهاربين ، وبالتالي تكون الآفروعربية شيئا غير تحالف الهاربين ؟ !

وفي هذا السياق يقول د0 عبد الله : " … فدعاة الآفروعربية لم يلقوا وهم في ريعان الشباب من ثقافاتهم العربية الإسلامية ما يروى غلتهم من الحب والتعبير ، فاضطروا إلى الهرب بأجندة الريعان والشغف إلى فردوس أفريقي مطموس في تكوينهم الأثنى .. ولأن رحلتهم لم تقم على فهم وتعاطف مع سجن الثقافة العربية الإسلامية الذي هربوا منه ، أو معرفة بالثقافة الأفريقية التي هربوا إليها كان حصادها مؤسفا " (

إذن وضح الآن أن المقصود بتحالف الهاربين هنا هو هروب دعاة الآفروعربية من " سجن " الثقافة العربية الإسلامية إلى تكوينهم الأفريقي المطموس على حد تعبير الورقة . وبالتالي تصبح الوظيفة النحوية لـ " أو " التي تتوسط عنوان المقالة ، تفسيرية وليست تخييرية . وعليه يمكن أعادة كتابة العنوان وقراءته كالآتي : " الآفروعربية هي تحالف هاربين . " أي أنها دعوة للهروب من الثقافة والهوية العربية الإسلامية إلى الثقافة والهوية الأفريقية . وهنا نجد أنفسنا بتحليل العنوان قد أمسكنا بالمفاصل الأساسية في قراءة د0 عبد الله لتوصيف الهوية السودانية . فهو لا يرى مساهمة جماعة الغابة والصحراء ، لرد الاعتبار للمكون الأفريقي ، محاولة للاعتراف بحقيقة تاريخية وواقع ماثل بشحمه ولحمه ، بل يراها مجرد نزوة عابرة لمراهقين لا هم لهم سوى الفرار من محرمات الثقافة العربية الإسلامية إلى الثقافة الإفريقية لإشباع غرائزهم البوهيمية .

والحقيقة أن الدكتور لا يجد من حجة للتدليل على هذه البوهيمية سوى الاستشهاد برحلة محمد المكي إبراهيم والنور عثمان أبكر إلى أوربا عام 1962 ، وبقصائد محمد المهدي المجذوب التي عرفت بالجنوبيات والتي كتبها في واو بالجنوب في الخمسينات قبيل اندلاع التمرد الأول عام 1955 ، يقول : " لقد سافر محمد المكي وزميله النور عثمان أبكر في رحلة إلى ألمانيا الغربية لقضاء عطلة صيف 1962 ضيفين على جمعية الصداقة السودانية الألمانية . ولقد أملت البوهيمية والشغف بالترحال على مكي أن يمد إقامته إلى عام آخر تغيب فيه عن الجامعة . " (9) لاحظ قوله " قد أملت البوهيمية " فلماذا سوء القصد المبيت هذا في وصف رحلة مكي وأبكر إلى أوربا بالبوهيمية ؟ أليس ثمة هدف نبيل آخر غير غير هذه البوهيمية المزعومة ؟! لماذا لم يكن القصد من الرحلة الانفتاح على الحضارة الغربية والتعرف عليها من كثب في سياق توثيق الروابط بين الشعوب كما فعل آلاف من جيلهم والأجيال السابقة لهم ، خاصة وأن الدعوة جاءت من جمعية الصداقة السودانية الألمانية ؟!

ولكن مهما يكن من أمر هذه الرحلة ألا يكفى أنها ردت هؤلاء ( الهاربين ) إلى وعيهم بذاتهم وفتحت أعينهم لرؤية الأشياء على حقيقتها فتنبهوا إلى تحقيق الذات يكمن في البحث في ثقافاتهم لا في ثقافة الغير " ألم يقل د0 عبد الله في تعريفه للآفروعربية بأنها " اكتشاف للجذور قام به هؤلاء الشعراء بعد تغرب في ثقافة أوربا " ولكنهم لم يعودوا من رحلة الاكتشاف هذه صفر الأيدي و " بالحامض من رغوة الغمام ، " كما وصفهم ، بل عادوا باستعادة الوعي بانتمائهم الأفريقي الذي تنكروا له طويلا وما يزال د0 عبد الله يتنكر له ويجرده من كل فضيلة ولا يرى فيه سوى فرار آخر شبيه بفرارهم إلى أوروبا ، حيث يقول : " فرار الأفروعروبيين إلى النسبة الأفريقية مشابهة لرحلة مكي البائسة . " (10)

أما الاستشهاد بشعر المجذوب للدلالة على بوهيمية جماعة الغابة والصحراء فأمر يفتقر إلى الموضوعية من كل الوجوه . فهو أولا ، ينكر عليهم " تعميد المجذوب الذي هو في سن أباءهم أبا روحيا لمشروعهم الشعري " (11) ومع ذلك يعود ويتخذ من شعره دليلا لوصفهم بالبوهيمية . وثانيا : أنه في نقده لقصائد المجذوب التي كتبها في الجنوب ، لم يفعل أكثر من ترديد نفس الانتقادات التي سبق أن وجهها جماعة الغابة والصحراء لهذه القصائد ، وذلك رغم احتفالهم بها ، باعتبارها باكورة لنوع الشعر الذي يريدون له الذيوع ، فهو يقول أن قصائد المجذوب أساءت إلى الجنوبي عندما صورته في صورة بدائي نبيل " لا هم له سوى اللعب والرقص والسكر ، وأن هذه الصورة وهمية لا تصمد أمام الواقع . (12) وهذه بالضبط نفس عبارات محمد عبد الحي التي وردت في سياق نقده لقصائد المجذوب والتي أوردها د0 عبد الله في قوله : " جاء عبد الحي بمصطلح البدائي النبيل ، إلى حلبة نقاش العلاقات الثقافية في كلمته القيمة . فقد خلص عبد الحي من دراسة القصائد التي اشتهرت بالجنوبيات من شعر المجذوب ، إلا أنها قد صورت الجنوبي في صورة وهمية هي صورة البدائي النبيل . " (13) إذن طالما أن جماعة الغابة والصحراء قد اتخذوا هذا الموقف النقدي من " جنوبيات " المجذوب التي يصفها د0 عبد الله بالبوهيمية فلا معنى لاتخاذها ذريعة للاحتجاج بها عليهم .

وفي محاولته للتشكيك في وعى المجذوب بانتمائه الأفريقي ، لا يملك د0 عبد الله إلا أن يلحقه هو الآخر بركب الهاربين إلى الكـون الأفريقـي ويقـول : " المجذوب يشبه تحالف الهاربين في يأسه من إصلاح الثقافة العربية الإسلامية " فهو قد خلع عباءة الحضارة العربية بمحرماتها ونواهيها الكاسية ليصطنع بدائيا نبيلا في الجنوب يصوب به ذهنيا علل وآفات تلك الثقافة . " (14)

الحقيقة أن موقف المجذوب من قضية الانتماء الأفريقي لم يكن موقفا هروبيا عارضا الغرض منه اشباع رغبات مكبوتة ونزوات عابرة لم تجد لها منفذا في محيطه العربي الإسلامي . فلم يكن للمجذوب رغبات مكبوتة يخشى من التعبير عنها في الشمال حتى يفر لإشباعها في الجنوب . فقد كان يملك الشجاعة الكافية للتعبير عن نزواته بلا خوف ولا وجل . وكانت أشعاره سجلا صادقا لتجاربه في الحياة بكل ما فيها من حسنات وسيئات . أسمعه يقول وهو في الشمال في قصيدة " راية الحانة " ويمكنك أن تقرأ " راية الأنداية . " (15)

مريسـتنا مـلأت برمـة على فمها يستدير القمـر
تلـوح رايتهـا فوقنــا شراعا يعود بنا من سفر
يوشــوش متكئـا دلـق عليه جلال النهى والخطر
تقعــده بيننـا كلاعـب لها عرق كالجمان أنتثـر
تناولني فأسيغ الشــراب واجرع من قرع معتبـر
وتطعمني من قديد الشواء وتطرفني بعجيب السـير
حفظت لها ودها شاكـرا وتحفظ ودي ست النفـر

ولمن أراد المزيد فليراجع ديوانه " الشرافة والهجرة "

ولقد أصاب د0 بولا عندما قال : " إن المجذوب أنشغل بصدق لا مراء فيه بموضوع اعتبار المكون الزنجي بالذات في مسألة الهوية الثقافية السودانية بل هو أول من جرؤ من أبناء جيله من قبيل أولاد العرب على أن يدعو جهرة لأصول زنجية في جملة تكوينه . وهذه تحتاج إلى شجاعة كبيرة في بلد يتبرأ فيه الناس من العرق الزنجي تبرؤهم من الجذام . " (16)

وقد عبر المجذوب عن هذا الوعي المبكر بالانتماء الأفريقي ، في أشعاره من قبل أن تهتدي إليه جماعة " الغابة والصحراء " وقبل أن يسافر للعمل بالجنوب في مطلع الخمسينات . فمثلا في ديوانه " نار المجاذيب " توجد قصيدة بعنوان : " الفجر الكاذب " (17) يقول أنه كتبها في بورتسودان عام 1953 بمناسبة توقيع اتفاقية تقرير المصير التي قادت إلى استقلال السودان . والفجر الكاذب لعله يقصد به هنا الحصول على الاستقلال . فبينما كان الناس فرحين بتقرير المصير كان الشاهر يتوجس خيفة مما سيؤول إليه الحال بعد الاستقلال ، خاصة الوضع في الجنوب . وكأنه بشفافية الشاعر كان يتنبأ بانفجار الأوضاع الذي قاد إلى التمرد الأول عام 1955 . في هذه القصيدة بعد أن يعبر عن تعاطفه الصادق مع قضية الجنوب ، يجاهر صراحة في نهايات القصيدة ويفخر بعرقه الزنجي وانتمائه الأفريقي ويقول :


وعندي من الزنج أعراق معاندة
وأن تشدق في أشعاري العرب

ويرجع وعى المجذوب المبكر هذا ، بمسألة الهوية السودانية إلى تأثره بحمزة الملك طمبل الشاعر والناقد الأدبي الذي طواه النسيان ، فعاد المجذوب ولفت إليه الأنظار . (1 وكان طمبل من أوائل من حاولوا إصلاح المعادلة المختلة للهوية السودانية عندما نبه أبناء جيله في المقالات التي بدأ نشرها عام 1927 في جريدة حضارة السودان ، إلى ضرورة الالتفات للخصوصية في الذات السودانية وعدم الاكتفاء بتقليد العرب القدماء في أشعارهم وإبراز المكون الأفريقي المحلي . وكانت دعوة طمبل في ذلك الوقت المبكر غريبة ومستنكرة ، فأثارت مقالاته غضب الكثيرين ممن يعدون أنفسهم عربا إقحاطا ، الأمر الذي اضطرت معه جريدة الحضارة إلى التوقف عن نشر مقالاته فأكملها ونشرها في كتاب عام 1928 بعنوان " الأدب السوداني وما يجب أن يكون عليه " .

Post: #3
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:14 PM
Parent: #1


مغالطة الواقع والتاريخ

ولعل القارئ يتساءل عن الأسباب والمبررات التي حدت بالدكتور عبد الله إلى نفي المكون الأفريقي ، الثقافي والعرقي عن سكان شمال السودان . يعتقد د0 عبد الله أن القول بأن سكان السودان الشمالي هجين عربي أفريقي هو قول خاطئ يستند إلى فكرة خاطئة روج لها المؤرخون والباحثون الأجانب الذين كتبوا عن تاريخ السودان ثم تبعهم في ترديد هذه الفكرة الخاطئة المؤرخون والباحثون السودانيون . يقول : " … تقف دعوة الآفروعربية بيلوجيا على ما روجه المؤرخون والأثنوغرافون خلال هذا القرن من أن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي . " (19 ) فهارولد ماكمايكل ، يصف الخليط من النوبة القارة والعرب ، ممن أقاموا على النيل من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر ، كهجين أفروعربي " ويقول أن بقية المؤرخين تبعوا ماكمايكل في دعوته هذه وذكر منهم من الأجانب ج. ترمنغهام ووليام آدمز ومن السودانيين يوسف فضل وحامد حريز وحيدر إبراهيم .

ولكن ما وجهة اعتراض الدكتور على أن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي ؟ في الواقع أنه لا يجد أي حجة موضوعية لمناهضة هذه الحقيقة التاريخية سوى اللجوء لنظرية المؤامرة وافتراض سوء النية المبيت لهؤلاء العلماء والباحثين الذين قالوا بأفروعربية شمال السودان . يقول : " وقد صدرت هذه النظرية ، نظرية الهجنة العربية الأفريقية في سياق نقد أولئك المؤرخين والأثنوغرافين لمزاعم النسابة السودانيين من أهل الشمال في إلحاق أهلهم بنسب عربي صريح . وقد ساءهم إسقاط النسابة لاختلاط الدماء العربية والأفريقية في من عدوهم عربا أقحاحا . " (20)

لاحظ أنه يقول : " وقد ساءهم أي ساء هؤلاء المؤرخين الذين قالوا بأن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي ، ساءهم أن يلحق أهل الشمال نسبهم بنسب عربي صريح . فكأنما دافع هؤلاء المؤرخين ليس بالبحث عن الحقيقة التاريخية بوازع من الأمانة العلمية وإنما دافعهم هو الغرض والهوى بقصد النكاية في السودانيين الذين يعدون أنفسهم عربا أقحاحا ولا أدرى أية إساءة يمكن أن تلحق بهؤلاء المؤرخين إذا ثبت لهم أن سكان شمال السودان عرب أقحاح . ولكن د0 عبد الله هنا يمارس نوعا من الإسقاط الشخصي في اتهامه لهؤلاء المؤرخين . فقد سبق له أن أصدر بحثا في تحقيق شجرة نسب الجعليين بعنوان : " الحصن المنيع البأس في اتصال إبراهيم جعل بأصله العباس " انتهى فيه إلى صحة نسب الجعليين إلي العباس العدناني العربي . والحقيقة أن د0 عبد الله هو الذي ساءه أن يلحق هؤلاء المؤرخين نسب الجعليين الذين يعدهم عربا أقحاحا بالعرق الزنجي الأفريقي . ولكن مهما يكن من أمر فإن الحقيقة التي انتهى إليها الباحثون بأن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي لا تنفى أن بعض القبائل تنحدر من نسب عربي صريح كالجعليين مثلا ، فالحديث هنا ليس عن قبيلة بعينها وإنما عن أمة ، عن الخصائص المشتركة لهذه الأمة .

لكن د0 عبد الله يأبى إلا أن يواصل تشكيكه في نوايا المؤرخين والطعن في أمانتهم العلمية بدعوى أنهم أرادوا الحط من قدر السودانيين عندما الحقوهم بالنسبة الأفريقية . " … أن دعوى الهجنة في أصولها العرقية عند ماكمايكل وتجلياتها الثقافية عند ترمنغهام تنطوى على فرضية انحطاط " (21)

ولكنه لا يأتي بالأقوال المباشرة الدالة على فرضية الانحطاط هذه وإنما يستنتجها استنتاجا من كتابات هؤلاء المؤرخين . يقول : " فقد جاء عند ماكمايكل ما يوحى بأن الدم العربي أرفع من الدم الزنجي " وجاء عند ترمنغهام " أن الهجين العربي الأفريقي قد سرب من العقائد إلى الإسلام ما أدخله في الوثنية " وأن ترمنغهام " رد عصبية البقارة التي ناصروا بها المهدية إلى غلبة الدم الأفريقي . " (22) لاحظ أنه قال " فقد جاء عند ماكمايكل كما يوحى . " أي أن ماكمايكل لم يقل أن الدم العربي أرفع من الدم الأفريقي ، وإنما أوحى إلى الدكتور عبد الله بذلك إيحاء . لكن من أين جاء هذا الإيحاء ؟ هذا ما لم يذكره . أما إشارة ترمنغهام إلى أن الهجين العربي الأفريقي قد سرب من العقائد إلى الإسلام ما أدخله في الوثنية ، فلا أدرى كيف تنطوي على فريضة انحطاط الدم الأفريقي ؟ وما علاقة الوثنية بانحطاط الدم أو سموه ؟ فالوثنية مرحلة من تطور الوعي البشري مرت بها كل الشعوب ، حتى العرب لما جاء الإسلام وجدهم قوم وثنيـون .

وأخشى أن تكون تهمة الدكتور لهؤلاء المؤرخين بالقول بانحطاط الدم الأفريقي ، ما هي إلا اسقاطات لآراءه الشخصية وقد حاول صياغتها بطرق ملتوية بالالتفاف حول آراء المؤرخين والطعن في نواياهم والتشكيك فيها حتى تبدو هذه الاسقاطات للقارئ وكأنها هي آراءهم وليتهرب هو من المسئولية . وحتى لا نطلق الكلام على عواهنه كما يقولون ، لابد من الإشارة إلى أن مسوغ هذه الاسقاطات تعود إلى مواقف سابقة كان قد اتخذها الدكتور من قضية الهوية السودانية . فقد أسس هو ونفر من أصدقائه في نهاية الستينات ( 1968 ) جماعة أدبية أطلق عليها ( أبادماك ) ، وقيل أن هذا الاسم من اختيار د0 عبد الله نفسه . (23) وكما هو معروف أن أبادماك هو الإله الأسد ، إله الحرب والصحراء ، في الحضارة المروية النوبية القديمة . وتحررت تحت عبادته مروى من سلطة الفراعنة المصريين وتخلت عن الكتابة بالهيروغلوفية إلى الكتابة باللغة المروية . وكأنما أراد الدكتور أن يتبرأ من موقفه السابق من الهوية السودانية من خلال إدانة هؤلاء المؤرخين الذين قالوا : " أن الخليط من النوبة القارة والعرب هجين عرب أفريقي " فقد بدأ له قول ترمنغهام بامتزاج الثقافة العربية بالثقافة الأفريقية الوثنية ، كأنه محاولة لاتهام الإسلام بالوثنية للحط من قدره .

أما قول الدكتور أن ترمنغهام " قد رد عصبية البقارة التي ناصروا بها الثورة المهدية إلى غلبة الدم الزنجي فيهم " لا أفهم كيف يمكن أن ينطوي على فريضة انحطاط فهل الحمية القتالية التي ناصر بها البقارة المهدي لا تحتمل سوى تفسير واحد سوى غلبة الدم الزنجي ولنفترض أن السبب المباشر لهذه الحمية هو غلبة الدم الأفريقي فيهم ، هل سيكون في هذه الحالة النسبة للدم الزنجي أعلاه من قدره أم للحط من قدره ؟ وهل فعلا أن البقارة يغلب عليهم الدم الزنجي مقارنة ببقية القبائل العربية الأخرى في السودان ؟ مرة أخرى أخشى أن يكون الأمر إسقاط آخر يكشف عن موقف عدائي للدكتور من الثورة المهدية حاول أن يعبر عنه بالالتفاف حول رأي ترمنغهام من خلال الحط من قدر الدم الزنجي الذي ناصر الثورة المهدية . ولنفترض جدلا أن ماكمايكل وترمنغهام وكل الذين كتبوا عن تاريخ السودان قد قصدوا الإساءة إلى السودانيين والحط من قدرهم عندما قالوا أن دماءهم العربية قد اختلطت بالدماء الزنجية . فهل يعد ذلك مبررا كافيا للسودانيين للتنكر لأصولهم الأفريقية والتنصل من انتمائهم لافريقيا؟!

Post: #4
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:20 PM
Parent: #3


تهمة تحجيم الانتماء للعروبة والإسلام

ولكن د0 عبد الله لا يرى في دعوة جماعة الغابة والصحراء لرد الاعتبار للمكون الأفريقي ، إلا مؤامرة تهدف بوعى إلى تحجيم انتماء السودان للعروبة . يقول : " الآفروعربية في نظر دعاتها هي عمل واع لاستعادة الدم الأفريقي . " ثم يضيف مباشرة : " وقد قصدت هذه الاستعادة للدم الأفريقي أن تحجم بوعى انتماء السودان الشمالي للعروبة … " (24) ويستدل على ذلك بأقوال لجماعة ( الغابة والصحراء ) مثل قول النور عثمان أبكر : " لست عربيا ولكن … " (25) وقول محمد عبد الحي : " انتماءنا للعرب تكبرا أجوف " ، وقول محمد المكي إبراهيم : " أننا أنكرنا أفريقيتنا في تلهفنا لذلك الانتماء الأكبر … " (26) فهل مثل هذه الأقوال القصد منها تحجيم الانتماء للعروبة أم أن القصد منها أصلا الاعتراف ولأول مرة بالعنصر الأفريقي ، العرقي الثقافي ورد الاعتبار له ، والذي ظلت الأجيال السابقة على جماعة الغابة والصحراء تتنكر له وتداريه وتخجل من التصريح به . فالنور عثمان أبكر رغم أنه ينحدر من أصول أفريقية إلا إنه لم ينكر انتماءه للعروبة . وقوله : " لست عربيا ولكن … " يثبت انتماءه للعروبة أكثر مما ينفيه . فكما يقولون ، نفى النفى إثبات وبين النفى والإثبات يكمن سؤال الهوية السودانية . فهو عربي وليس عربي في ذات الوقت وهذه حقيقة من لحم ودم وليست محاولة للنيل من العروبة بأية حال . خاصة إذا قرأت هذه العبارة في ضوء العبارة اللطيفة التي أوردها النور في حديثه عن فكرة الغابة والصحراء التي عنت له وهو في محيط الحضارة الأوروبية التي يقول عنه : " رفض هويتي الأفريقية حين أفكر ورفض هويتي العربية حين أكون " فالأوروبي ينظر إليه ثقافيا وفكريا كعربي وعرقيا كأفريقي . وأعتقد أنه لا يوجد توصيف للهوية السودانية أصدق وأبلغ من توصيف النور هذا ، والذي أوحى له بمصطلح " الغابة والصحراء " للدلالة على تلاقح الثقافة العربية بالثقافة الأفريقية .

ولا يقدح في مصداقية عبارة النور عثمان أبكر رد صلاح أحمد إبراهيم الغاضب بكلمته المشهورة " نحن عرب العرب " فيجب قراءة هذه العبارة في السياق الذي قيلت فيه وألا نحملها أكثر مما تحتمل . فصلاح في الأصل مثل النور لا ينحدر من أصول عربية قحة . فهو من أصل دنقلاوي نوبي . ويذكر بولا في مقالته (27) " شجرة الغول في الهوية السودانية " أنه سأل صلاحا مرة عن سبب هذه العبارة المسرفة في نظره ، " نحن عرب العرب " . فرد صلاح ، أنها جاءت وليدة ثورة الغضب على الحملة المعادية والشامتة للعرب في أعقاب هزيمة 1967م . ويقول أن صلاحا سئل مرة عن هويته في حوار مع جريدة الشرق الأوسط فأجاب : أنا الهجين عنترة فكأن صلاح بعد سنين طويلة وبعد انحسار ثورة الغضب يعود ويردد ما سبق أن ردده النور في قوله : " لست عربيا ولكـن " . مع ملاحظة أن صلاح قال قولته " أنا الهجين عنترة " وهو نفس المحيط الأوروبي الذي قال عنه النور أبكر أنه يرفض هويته الأفريقية حين يفكر ، ويرفض هويته العربية حين يكون .

أما قول محمد عبد الحي في قصيدة " العودة إلى سنار " الذي يكثر الاستشهاد به للإشارة للهوية السودانية التي ليست عربية صرفة ولا زنجية صرفـة .

- بدوى أنت ؟
- لا .
- من بلاد الزنج .
- لا .
- أنا منكم تائه ، عاد يغنى بلسان ويصلي بلسان .

هذا التوصيف الشعري للهوية السودانية ينبغي أن يؤخذ في عمومياته . فلا
خوف فيه لمن أراد أن يبقى بدوى كامل العروبة أو أن يلحق نسبه بالعباس أو بسبطى النبي الكريم الحسن والحسين . كما لا خوف فيه لمن أراد أن يحتفظ بزنوجته كاملة . فالشاعر هنا يتحدث عن القواسم المشتركة التي توحد الأمة السودانية لا عن الخصائص التي تميز القبائل بعضها عن بعض . ولعل أكبر دليل على ذلك أن محمد عبد الحي نفسه ينتمي إلى أرومة لا تخالطها قطرة دم زنجي واحدة ومع ذلك يتحدث عن نفسه كسوداني يجمع بين خصائص الزنوجية والعروبة . والوعي الأممي ( نسبة إلى أمة ) وعى متقدم على الوعي العشائري والقبلي ، لكن الانتساب إلى الأمة لا يلغي الانتساب إلى القبيلة بالطبع . وهنا يحضرني مثال ساطع يعكس كيف يمكن أن يكون الانتماء للآمة متقدما ومتجاوزا للانتماء الضيق للقبيلة . كانت جمعية الاتحاد التي تمخضت عنها جمعية اللواء الأبيض التي قادة ثورة 1924م ، قد أصدرت كتابا يضم القصائد التي قيلت في أحد أعياد المولد النبوي فكتب سليمان كشه في إهداء الكتاب " إلى شعب عربي كريم " (2 فاعترض على عبد اللطيف وطلب منه أن يكتب بدلا عن ذلك : " إلى الشعب السوداني الكريم " وكان هذا الخلاف سببا في عدم انخراط سليمان كشه في جمعية اللواء الأبيض . فهل يعتبر اعتراض على عبد اللطيف على سليمان كشه تحجيما للانتماء للعروبة أم أنه تصحيح لمعادلة مختلة ومحاولة رائدة في تجاوز الانتماء العنصري الضيق إلى الانتماء القومي الأوسع . فلو طبقنا معايير د0 عبد الله سوف نجد أنفسنا وقد رجعنا مائة سنة للوراء إذ إننا في هذه الحال سوف نناصر سليمان كشة ضد على عبد اللطيف ، ولكن أعتقد لا أحد على استعداد الآن أن يعلن مناصرته لسليمان كشة صراحة في هذه الواقعة .

لذلك ما رضيت للدكتور عبد الله بـولا أن ينسـاق وراء افتراضــات د0 عبـد الله الخاطئة حينما أصدر حكمه القاطع على رؤية جماعة الغابة والصحراء بأنها " لا مجال فيها لمشروعية الاختلاف ثم البقاء ضمن الوطن الواحـد . " (29) ويقول " سأتفق مع عبد الله على إبراهيم في أن اضطراب منطق هذه المدرسة وفساد حجهها يلتمسان أصلا فـي أطروحـة الهجنـة التـي ( اقترحوها ) اجندة لتصالح الدغل والغابة فهذه الأطروحة تجرد المشروع المقترح من كل مجال لوجود ثقافات خارج الهجنة وليس فيها مجال حتى لخيار هوية زنجية مستقلة " .

إن الانتماء للوطن الكبير لا يلغي بالضرورة الانتماء للقبيلة والعشيرة ، ففي ظل هذا الوطن البوتقة يظل الانتماء للقبيلة موجودا وتظل الخصوصية موجودة . إن الحرص على الاحتفاظ بدم بعض القبائل العربية نقيا من مخالطة الدم الزنجي يجب ألا يحجب عنا الرؤية الموضوعية للأشياء فالقول بالآفروعربية للسودان لا ينفي خصوصية القبائل العربية التي تدعى لنفسها نسبا عربيا قحا كما لا ينفي خصوصية القبائل الزنجية الكاملة الزنوجة ، ولو أخذنا بمنطق د0 عبد الله في رفض الأفروعربية بحجة أن هنالك قبائل عربية صرفة وليست هجين لوجدنا أنفسنا نشكك حتى في اسم السودان كأسم علم على السودان المعروف الآن . لأنه ليس كل سكان السودان سود ، فهنالك البيض أيضا . وربما حاجج هؤلاء البيض في تغيير اسم السودان إلى " البيضان " .

ولكن الدكتور عبد الله على إبراهيم لا يكتفى باتهام دعاة الأفروعربية بالتآمر لتحجيم انتماء السودان للعروبة بدعوى الهجنة ، فحسب بل يذهب إلى اتهامهم أيضا بالتآمر على الإسلام ، يقول : " لا تهدف الأفروعربية إلى تحجيم الانتماء العربي الصريح وحسب بل إجراء تحسين جذري للمكون العربي الإسلامي عن الذاتية السودانية . " ويضيف " … فاستعادة التراث الأفريقي في نظر الآفروعربيين ، ليست مجرد تصحيح لمعادلة مختلة وإنما المقصود منها هو تهريب أجندتهم الاجتماعية والفكرية إلى الثقافة العربية الإسلامية الغبشاء المتشددة بقصد حملها على التلطف والسماحة . " (30)

وللتدليل على تآمر الآفروعربيين على الثقافة الإسلامية ، يورد أقوالا لمحمد المكي إبراهيم ، منها أن مكي يرى يرى أن الكثير من القيم الاجتماعية النبيلة السارية دخيلة على تكويننا النفسي لأن الدم الأفريقي يرفض هذا التشدد ويأخذ مكي على الثقافة العربية مخاطبتها العقل دون الروح . ولهذا خلت الفنون الراقية مثل الرقص والنحت والتصوير ولاكتساب هذه الفنون يشترط مكي استعادة امتلاك الدم الأفريقي الجاري في عروقنا . " وقول مكي أن احتكاك العربية باللغات سيؤدي إلى تغييرات في قواعد اللغة العربية يساعد في التساهل في قوانين النحو . كذلك يورد تخوف محمد المكي من الدعوات المتشددة في الإسلام التي يرى أن عوامل الجهل والتخلف قد مكنت لها وأبعدتها عن معدن الإسلام الأصيل الداعي إلى الحب والتسامح .. ويرى مكي أن السودان بواقع الهجنة قد كان منبعا للفتاوى الجريئة وللتخفيف عن الناس وتيسير اللقاء بالله عبر كل الدروب وتلاقى البشر حول إله واحد وحب واحد ، ولذلك فأنه يرشح السودان أن يلعب دورا قائدا للتسامح والأحياء في مجال الديانات .

ويذهب الدكتور في اتهامه لجماعة الغابة والصحراء بالتآمر ضد الثقافة العربية والإسلامية إلى الحد الذي يقول فيه : " أنهم أرادوا من خلال استردادهم المكون الأفريقي .. أن يدسوا مشروعا خاصا بهم في تفكيك محرمات الحضارة العربية الإسلامية التي سدت على يفاعتهم منافذ الأشباع " (31) فهو لا يرى في رد الاعتبار للمكون الأفريقي في الذات السودانية سوى محاولة يائسة لخلع الانتماء للعروبة والإسلام : " وعندي اجمالا أن خلع وتحجيم الهوية أو الثقافة العربية هو إما غش ثقافي أو يأس " (32) وهكذا تتحول دعوة الأفروعربية إلى التسامح الديني ونبذ التعصب مع اللغات الأفريقية ، إلى تآمر لخلع العروبة والإسلام وإلى غش ثقافي ويأس ؟!

وهنا أترك المجال للأستاذ حسن موسى وللدكتور عبد الله بولا للرد على اتهامات د0 عبد الله ضد الآفروعربية . فهما قد انجرفا وراء الإشادة المتحمسة بالورقة والتي لا تخلو من ( مجاملة ) وغضا الطرف عن كشف التناقضات الصارخة للورقة فوقعا ضحية التناقض . لأن التواطؤ مع التناقض لا يولد إلا المزيد من التناقضات فتحولت أقوالهم ضد جماعة الغابة والصحراء إلى دفاع في مواجهة اتهامات د0 عبد الله . فمأخذ حسن موسى على الأفروعربية هو طرحهم لخيار مشروع ثقافي واحد هو خيار الثقافة الإسلامية ، يقول : " أن مشكلة مشروع الهوية في مساهمة الغابة والصحراء هي أنه مشروع يقوم على الرجوع " ، ولكنه " رجوع ملغم بخيار ثقافي مسبق هو خيار الثقافة الإسلامية " (33) أما دكتور بولا فأنه لا يرى غبارا على أطروحة الغابة والصحراء سوى الإبقاء على الثقافة الإسلامية بكامل عدتها وعتادها ، يقول : " أن مشروع جماعة الغابة والصحراء لدى الوهلة الأولى يبدو متماسكا معافى من أدواء المركزية الذاتية للثقافة العربية ، بيد أن النظر الفاحص يكشف رؤى الثقافة العربية بكامل عدتها وعتادها في أجندة هؤلاء الشعراء وفي تعبيرهم . " (34)

إذن بينما حسن موسى وبولا ينعيان على جماعة الغابة والصحراء تمسكها بخيار الثقافة العربية والإسلامية بكامل عدتها وعتادها ، ويريان فيها تكريسا لهيمنة الثقافة العربية الإسلامية وتمركزها ، يرى د0 عبد الله على إبراهيم النقيض من ذلك تماما ويقول أن جماعة الغابة والصحراء تعمل على دس مشروعها العلماني في تفكيك محرمات الحضارة الاسلامية وإنها ما هي إلا محاولة يائسة وغش ثقافي يهدف إلى خلع السودان عن الانتماء لثقافته العربية ومحيطه الإسلامي . فمن اليائس إذن ؟ ومن الذي يمـارس غشـا ثقافيـا حسب تعبيـر د0 عبـد الله ؟ لقد وقع حسن موسى وبولا في المصيدة التي نصبها د0 عبد الله ، مصيدة التآمر على العروبة والإسلام ، ليس من قلة كياسة ولكن من فرط حبهما للدكتور عبد الله وثقتهم المفرطة في كل ما يكتب .. ولكن من الحب ما قتل !!

وعين الرضا عن كل عيب كليلة وعين السخط تبدى المساويا !

Post: #5
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:24 PM
Parent: #4


البحث عن كبش فداء

ولكن بعد أن يصف ( مشروع ) جماعة الغابة والصحراء بأنه محاولة يائسة لتفكيك محرمات الثقافة العربية والإسلامية وبأنه يهدف إلى تحجيم الانتماء إلى العروبة والإسلام ، يعود ويصف هذا المشروع في خاتمة مقالته بأنه صورة من صور الخطاب الإسلامي ، يقول صفوة القول أن الأفروعربية صورة من صور الخطاب الإسلامي الغالب في السودان ، " (35 )

فكيف يستقيم ذلك ، كيف يكون خطاب الأفروعربية علماني ليبرالي يهدف إلى تفكيك محرمات الحضارة العربية وتحجيم الانتماء للعروبة والإسلام ثم يكون في ذات الوقت صورة من صور الخطاب العربي الإسلامي الغالب ؟! وهنا بيت القصيد ! فوصف الدكتور لخطاب جماعة الغابة والصحراء بأنه صورة من صور الخطاب العربي الإسلامي ، في نهاية مقالته ، ما هو إلا إسقاط ومحاولة لالقاء الطعم الأخير وذر الرماد في العيون لغض الأنظار عن تناقضات خطابه ذو النعرة العروبية المتطرفة . وقد نجحت خطة د0 عبد الله في الإسقاط أيما نجاح . فقد التقط العلمانيون والديمقراطيون من ذوى اليسار الطعم ، وطفقوا يصوبون سهامهم الصدئة نحو جماعة " الغابة والصحراء " والتي وجدوا فيها كبش الفداء الذي يحملونه وزر خطاياهم والمشجب الذي يعلقون عليه إخفاقاتهم وإحباطاتهم المزمنـة .

فحسن موسى ، يحمل المسئولية الكاملة لجماعة الغابة والصحراء في التمهيد لظهور سلطة الجبهة الاسلاموية ، ويقول في هذا السياق : " … لمحمد عبد الحي وشركائه نصيب الأسد في المسئولية الأخلاقية بقدر ما عبدوا الطريق لسلطة الصيارفة الاسلاموية وسوغوا مقولاتهم الغوغائية على مراجع العروبة والإسلام … " (36) ثم يطلق للسانه العنان للافتئات عليهم قائلا : " فهم قوم لم يرعوا حرمة الإبداع ولم يعوا دور المبدع كمعارض وكخارج ، وانساقوا وراء إرضاء الدولة المخدمة بغشامة لا تليق برجال في ذكائهم ، وهم يستحقون اللعنة بقدر ما تتسع الشقة بين رهافة حسهم الجمالي وغلظة تواطئهم الاجتماعي .

ولا يملك د0 بولا رغم حصافته إلا أن يشايع حسن موسى في قذف جماعة الغابة والصحراء بمزيد من اللعنات بعد أن يحملهم المسئولية هو الآخر في التمهيد لولادة الغول ( الاسلاموي ) ويقول : " عليهم اللعنة بقدر ما بددوا شاعريتهم العظيمة في مراوغة حقائق الواقع الصادمة ، عندما آثروا المسكنات الغنائية الرقيقة على مراويد ومباضع النقد الكاوية الشافية . " (37) وهل يملك الشاعر الحقيقي يا دكتور بولا في أي زمان ومكان ، سوى المسكنات الغنائية الرقيقة ؛ أما المباضع والمراويد الكاوية فلا أظن أن للشاعر والفنان فيها نصيب . ولكن من ذا الذي يراوغ حقائق الواقع الصادمة حسب تعبير بولا ؟ شعراء الغابة والصحراء أم الدكتور عبد الله على إبراهيم ؟!

وهنا أحمد للدكتور بولا أنه أشار في استحياء إلى مراوغة د0 عبد الله على إبراهيم " لحقائق الواقع الأولية الصادمة ، في قوله : " هنالك مساحة من السديم .. في وعى كثير من مثقفي اليسار الديمقراطي في السودان معافاة من النظر النقـدي ، تستقر فيها أحكام الثقافة العربية الإسلامية المستعلية في أمن وأمان .. وفي ظني أن من مساحة السديم هذه ، قد صدرت عن صلاح وعبد الله مواقف من سلطة الغول الاسلاموي لا تزال مبعث حيرة وأسف جمهور قرائهما " (3 وذلك في معرض تعليقه على مقولة صلاح أحمد إبراهيم " نحن عرب العرب " والتي يقول أن عبد الله على إبراهيم قد ناصره فيها . ولكن أقول لدكتور بولا ، لماذا هذا الحياء في التعبير عن الحيرة والأسف أزاء مثل هذه المواقف ولديك ما يكفي من المباضع والمراود الكاوية الشافية لتفجير هذه المواقف المتناقضة بدلا من تركها تنوم في أمن وأمان في مساحة السديم تلك لتغبش وعى الكثيرين من قراء د0 عبد الله على إبراهيم ؟

فإذا كان المرحوم صلاح أحمد إبراهيم قد اجتاز مساحة السديم التي أشار إليها د0 بولا في الوعي بسؤال الهوية وأعلنها صراحة على الملا : " أنا الهجين عنترة " فأن الدكتور عبد الله على إبراهيم لا يزال يصر بأن القول بالهجنة أو بآفروعربية شمال السودان ما هو إلا مؤامرة لتحجيم انتماء السودان للعروبة والإسلام ، ويختتم مقالته بعبارة حاسمة وقاطعة لا لبس فيها ولا غموض قائلا : " أن أفضل الطرق عندي أن يكف أبناء الشمال العربي المسلم عن خلع حضارتهم بدعوى الهجنة . " (39) فلا يوجد هنا سديم ولا يحزنون ، بل موقف واضح يكشف عن نعرة عروبية اسلاموية ، كل هدفها مراوغة حقائق الواقع الصادمة للحفاظ على خلوص ونقاء الدم العربي بأي ثمن . فالاحتجاج كما يقول : " بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن يزعم الأفروعربيين أن دمهم كأسلاف قد استقر فينا خطة سلبية جدا . " فمن الذي مهد الطريق لسلطة " الصيارفة خطة الاسلاموية " وهيأ المهاد لولادة " الغول الاسلاموي " ؟ خاصة وأن للدكتور عبد الله على إبراهيم مواقف عملية ساهمت في تكريس وترسيخ سلطة الإسلام السياسي .

Post: #6
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:31 PM
Parent: #5


الجنوب وحكاية الطبعة الجديدة من ( إنسان سنار )

أن اضطراب منطق الدكتور وفساد حجته لا يكادان يستقران على حال فهو بعد أن انتهى إلى خطاب جماعة الغابة والصحراء ، صورة من صور الخطاب العربي الإسلامي ، يعود مرة أخرى ويتهم الأفروعربيين بأنهم يتخذون من الدفاع عن حقوق غير المسلمين من حملة الثقافة الأفريقية حيلة لدس مشروعهم العلماني ، يقول : " أن خطة الأفروعربيين لاستخدام المكون الأفريقي فيهم وحقوق الجنوبيين لنصرة آراءهم في الحياة السياسية والاجتماعية ، هي خطة مكشوفة للغلاة من الدعاة الإسلاميين .. فهم يرون الليبراليين من الآفروعربيين أنما يدسون مشروعهم العلماني وراء تظلمات الجماعات الأفريقية غير المسلمة .. وهذه الخطة الآفروعربية في نظر الغلاة مجرد حيلة في علم الحيل . " (40) إن الدكتور في محاولته للتشكيك في خطاب الآفروعربيين الليبرالي الرافض لمشروع الدولة الدينية ، يضطر لتبنى حجج غلاة الإسلاميين ورفعها في وجه جماعة الغابة والصحراء وغيرهم من أصحاب الخطاب العلماني الليبرالي .

ليس هذا فحسب بل يذهب إلى حد وصف الدفاع عن حقوق المواطنة لكافة المواطنين بغض النظر عن الدين والعرق واللون بأنه عمل سلبي ، يقول " فالاحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن من يزعم الأفروعربيين أن دمهم كأسلاف قد استقر فينا هو خطة سلبية جدا . " (41) لاحظ إصراره على نفي العنصر الأفريقي عن الذات السودانية في قوله " أو ممن يزعم الأفروعربيين أن دمهم لأسلاف قد استقر فينا " .

وبدلا من الدفاع عن حقوق الأقليات غير المسلمة من حملة الثقافة الأفريقيـة ، يرى الدكتور أن على أبناء الشمال العربي المسلم أن يدافعوا هم أولا عن حرياتهم داخل ثقافتهم العربية الإسلامية يقول : " الطريق فيما أرى ، إلى اطمئنان الجنوبيين وغيرهم من حملة الثقافة الأفريقية إلى أمنهم الثقافي ، يمر عبر تصدى العرب المسلمين للنعرات وأنواع التحريم التي تغص بها ثقافتهم تصديا بالأصالة عن أنفسهم ، لا نيابة عن أحد .. فالأصح في نظري مثلا أن يدعو من يزعم أن الخمر حرية شخصية إلى كامل حرياته الشخصية كعربي مسلم ، لا أن يتخفى وراء نسبته إلى أفريقيا .. " (42 )

ربما يبدو هذا الكلام أول وهلة وجيها ، ولكن لا يركنن أحد إلى شئ من ذلك ، فأي محاولة لإشاعة الديمقراطية والحريات داخل الثقافة العربية الإسلامية ما هي إلا مؤامرة في نظر الدكتور لتحجيم وتفكيك الثقافة العربية الإسلامية . فبعد أسطر قليلة من هذا الكلام الجميل عن الحرية والديمقراطية يقول الدكتور في خاتمة مقالته : " لقد أرادت الآفروعربية باستردادها المكون الأفريقي في العربي المسلم ، أن …… تدس خلال ذلك مشروعا خاصا في تفكيك محرمات الحضارة العربية الإسلامية التي سدت على يفاعتهم منافذ الإشباع . " (43) فالمطالبة الحريات الفردية تتحول عند الدكتور إلى بوهيمية وإلى هروب وإلى دسيسة . ألم يقل الدكتور في حديثه عن فرار الآفروعروبيين إلى النسبة الأفريقية ، " … استعادة التراث الأفريقي ، في نظر الآفروعروبيين ، ليس مجرد تصحيح لمعادلة مختلة ، وإنما المقصود منه هو تهريب أجندتهم الاجتماعية والفكرية إلى الثقافة العربية الإسلامية الغبشاء المتشددة بقصد حملها على التلطف والسماحة . " (44)

ثم كيف يكون الحديث عن علاقة الدين بالدولة ووضع الحريات والحقوق الديمقراطية داخل الثقافة العربية الإسلامية مسألة لا تخص الجنوبيين وغيرهم من حملة الثقافة الأفريقية ، كما أشار الدكتور في قوله : " ولا أحسب أن حملة الثقافة العربية الإسلامية . " (45) أليسوا مواطنين من الدرجة الأولى ، ألا يكونوا أول من سيتضرر في حالة فرض الدولة الدينية الإسلامية عليهم مثلا . صحيح أن البعض ربما يتحجج برفضه لمشروع الدولة الدينية بحقوق غير المسلمين ولكن ليس بالضرورة كل من يدافع عن هذه الحقوق هو محتال أو متخفى وراء تظلمات غير المسلمين .

والحقيقة أن تحفظات الدكتور على الاحتجاج بحقوق غير المسلمين من حملة الثقافة الأفريقية إنما تكشف عن رغبته الدفينة في عدم التمازج والاندماج بين الثقافتين العربية والأفريقية . فهو بعد أن نفى أن يكون هنالك تمازج قد حدث في الماضي بين الثقافتين نتج عن سكان الشمال يعود الآن وينفي أي إمكانية للتمازج والتلاقح في الحاضر أو المستقبل وتصل به الرغبة في عدم التمازج بين الثقافة العربية والثقافة الأفريقية حدا يجعله يرفض الوصف التقليدي للسودان بأنه البوتقة التي تنصهر فيها العناصر الثقافية في ثقافة جامعة ، فهو يقول تتفق الآفروعربية مع أكثر قسمات الخاب العربي الإسلامي " محافظة وتبشيرية وهي نظرية السودان البوتقة التي تنصهر فيها كل المفردات الثقافية في ثقافة جامعة " (46) ، فحرصه على نقاء الدم العربي والثقافة العربية الإسلامية من التلوث بالدم الزنجي والثقافة الزنجية يجعله يرفض الانخراط في ثقافة جامعة تضم وتمثل كل السودانيين بمختلف ثقافاتهم وأعراقهم . وهو لذلك يختم مقالته بالدعوة إلى أن تظل كل ثقافة قائمة بذاتها في استقلال عن الثقافة الأخرى ويقول : " فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الإقرار بقوامين أو أكثر للثقافة السودانية . قد تمتزج وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية … " (47)

لذلك يقرر بكل بساطة أن الأفروعربية كصيغة للتمازج بين الشمال والجنوب " لم ترق للجنوبيين … " (4 ولا يجد للتدليل على ذلك سوى الاستشهاد بقصيدة لشاعر جنوبي نشرت بجريدة إنجليزيـة عـام 1965 بعنـوان ( الوحدة المغلفة بالسكر ) يورد منها :

تفترض الوحدة وجود فريقين
فريقين متفقين على التآزر
لكن من غير المنظور أن تقوم
الوحدة على أشلاء آلاف الضحايا
ولا على فوهات بنادق جيش منفلت
مأمور أن يستأصل شأفة الجنوبيين …

واضح من هذه الأبيات أن الشاعر لا يرفض مبدئيا دعوة الأفروعبية للوحدة والتمازج الثقافي بين الشمال والجنوب القائمة على الاعتراف المتبادل ولكنه يرفض أن تأتى هذه الوحدة بالإكراه وقوة السلاح . والملاحظ أن الدكتور لا يشير في هذا السياق إلى الوقائع على الأرض ولا إلى الأطروحات الجادة لرموز ثقافية وسياسية هامة من أبناء الجنوب الذين لا يرفضون الآفروعربية كصيغة مثلى للتعايش والتمازج السلمي بين الثقافتين العربية والأفريقية .

ولكن الدكتور يختلق سببا آخر يفترضه افتراضا حتى يبدو رفض الجنوبيين للآفروعربية مقبولا في نظره وهو القول بأن جماعة الغابة والصحراء تهدف من خلال مشروعها للتمازج بين الشمال والجنوب إلى إنتاج طبعة لاحقة للإنسان الجنوبي من " إنسان سنار " وانطلاقا من هذا الافتراض وحده يصدر حكمه برفض الجنوبيين الآفروعربية بقوله : " الجنوبيين محاذيرهم كثيرة ، الصادق منها والمخترع ، حيال عرب الشمال … وستبدو لهم الدعوة إلى إعادة إنتاجهم عبر التمازج الثقافي كطبعة لاحقة لإنسان سنار نوعا من الغش الثقافي لا الحوار . " (49) فهو يريد أن يوحي بأن هنالك قالب أو نموذج جاهز عند جماعة الغابة والصحراء يودون صب الإنسان الجنوبي فيه . هذا الإنسان النموذج لا وجود له في خطاب الآفروعروبيين فهم يدعون إلى حوار وتلاقح مفتوح بين الثقافتين من غير تحديد نتيجة هذا الحوار سلفا .

وللتأكيد على تكافؤ هذا الحوار المفتوح الذي يدعو له جماعة الغابة والصحراء أعود وأشير إلى أقوال محمد المكي إبراهيم التي أوردها الدكتور في سياق اتهام الآفروعروبيين بتحجيم الانتماء للعروبة والإسلام . يقول د0 عبد الله : " أن محمد المكي غي إطار دعوته للمزيد من التمازج بين الشمال والجنوب ، يرحب بقدوم المرأة الجنوبية إلى مدن الشمال التي علبت المرأة داخل أسمك وأطول ثياب ، فنساء مدن الشمال سيجدن منافسة من أختهن الأفريقية التي اعتادت معاملة الرجل كند وانطبعت بالسلوك والمتحرر المنطلق في كل مسارب الحياة . وأمام هذه الدفعة من التحرر يمكنا أن نلمح على قسمات الرجل السوداني ، العربي المسلم في المدينة ، ملامح التسامح والتقدم والتخلص من تقاليد الكبت والرجعية القديمة . (50) فأين " إنسان سنار " هنا في خطاب الآفروعروبيين الذي يزعم د0 عبد الله أن جماعة الغابة والصحراء تود إنتاج طبعة لاحقة منه عبر إنسان جنوب السودان .

ولعل الحديث عن " إنسان سنار " استوحاه الدكتور من قصيدة محمد عبد الحي استعمل سنار هنا كرمز شعري للإشارة للتمازج والتلاقح بين العرب والأفارقة . فالعودة هنا ليست عودة إلى الزمان والمكان ، ليس عودة إلى سنار عاصمة السلطنة الزرقاء ، إنما عودة في مستوى الذات ، الذات السودانية التي هي نتيجة هذا التلاقح . سنار رمز للحظة الزمنية التي حدث فيها هذا التمازج وهذا التلاقح . أن جماعة الغابة والصحراء لا يطرحون سنار كنموذج لدولة دينية يودون إرجاع الناس إليها مثلما يود الإسلاميون إرجاع الناس إلى نموذج دولة المدنية الإسلامية .

لعل الكثير من سوء الفهم تجاه مساهمة ( الغابة والصحراء ) في توصيف الهوية السودانية مرده إلى عدم وضوح مفهوم ( العودة إلى سنار ) في أذهان الكثيرين . لقد ظن البعض أن المقصود بالعودة إلى سنار ، العودة إلى السلطنة الزرقاء . حتى أن حسن موسى رغم تركيزه الحديث عن " التاريخانية " يحتج على جماعة ( الغابة والصحراء ) " قائلا : " لقد عرف تاريخ السودان أكثر من ماض مجيد وأكثر من مدينة فاضلة قبل سنار ، الماضي الفونجي كمروي القرن الثالث قبل الميلاد أو دنقلا ، النوبة المسيحية ، أو سوبا فكلها مدن عامرة بالرموز غير أنها مدن سابقة على دخول العروبة والإسلام وهي مدن لا تثير اهتمام منظري الغابة والصحراء الذين يرون تاريخ السودان يبدأ مع دخول العرب المسلمين . " (51)

أن العودة إلى مروي أو دنقلا أو سوبا لا تتم بإلغاء الحاضر أي إلغاء المكون الثقافي والتاريخي الذي بدأ في التشكل منذ قيام مملكة سنار وحتى اليوم . وهي نظرة غير تاريخية وغير واقعية . أما العودة إلى سنار فهي بالضرورة عودة إلى مروى وإلى دنقلا وإلى سوبا لأن سنار هي اللحظة الزمنية التي تلاقت عندها كل حضارات السودان السابقة على الحضارات العربية الإسلامية . هي اللحظة التي استوعبت كل اللحظات التاريخية السابقة عليها واللحظات الحاضرة التي تشكلت وما زالت في التشكل سنار هي الحاضر وإلغاؤها أو القفز فوقها هو إلغاء وقفز فوق الحاضر .

Post: #7
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:33 PM
Parent: #6


صيغة تسع الجميع

والحقيقة لا توجد قراءة في توصيف الهوية السودانية ، أصدق من قراءة جماعة الغابة والصحراء ذلك لأنها تنطلق من الواقع العياني الملموس وتتطابق معه . وبالتالي يمكننا أن نصف هذه القراءة بأنها قراءة معرفية وليست أيديولوجيـة . لذلك فأن وصفها بأنها ( مشروع ) أو ( خطاب ) يمكن أن يعد وصفا غير دقيق . فالأفروعربية عند جماعة الغابة والصحراء ليست تصورا نظريا لما يجب أن تكون عليه الهوية السودانية بقدر ما هي توصيف لما هو واقع فعلا . وأي توصيف بديل للآفروعربية لا يعدو أن يكون ذو بعد واحد يقوم على نفى الآخر . فإذا قلنا مثلا أن السودان بلد عربي خالص العروبة فلا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر الأفريقية ، وإذا قلنا أنه بلد أفريقي خالص الأفريقانية لا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر العربية الإسلامية . ولا مخرج إلا بالإقرار بالبعدين العربي والأفريقي في بنية الهوية السودانية .

ولتقييم مساهمة جماعة ( الغابة والصحراء ) تقييما سليما لابد من النظر إليها في السياق التاريخي الذي ظهرت فيه ، وهي فترة الستينات من القرن العشرين حيث كانت حركات القومية العربية بزعامة جمال عبد الناصر وأحزاب البعث في أوج ازدهارها . وفي أفريقيا وأمريكا اللاتينية كانت هناك حركة الزنوجة بزعامة ايمى سيزار وليوبولد سينغور . في هذه الظروف واجه جماعة الغابة والصحراء سؤال الهوية ففطنوا إلى أن السودان حالة خاصة يجمع بين العروبة والأفريقانية فتفتق تفكيرهم عن صيغة تجمع بين المكونين العربي والأفريقي في الهوية السودانية فكانت صيغة الغابة والصحراء أو الآفروعربية .

ولكن الدكتور عبد الله على إبراهيم يعتبر نوعا من التوفيقية والوسطية والطوباوية ويقول أن الآفروعربية " دعوة إلى الوسطية السعيدة " ولكنها مع ذلك " لم تسعد أحدا " كما يقول " فحيلتها للتوسط بالهجنة مردودة " (53) أن الوسطية والتوفيقية لم تعد صفة سلبية كما كنا نقرأ ذلك في الماضي في الأدبيات الماركسية الأرذوكسية . فمع الانفجار المعرفي أصبحت الوسطية والتوفيقية هي النظرة الأقرب للنظرة العلمية والعملية للواقع . وفي مسألة الهوية الثقافية والعرقية لشعب متعدد الهويات مثل الشعب السوداني تصبح الوسطية هي الصيغة المثلى للاعتراف المتبادل بين الأطراف وبالقواسم المشتركة التي توحد بينها في ثقافة جامعة .

وسوف تضح لنا قيمة مساهمة ( الغابة والصحراء ) أكثر إذا قارنا بين موقف هذه الجماعة وموقف الدكتور عبد الله من مسألة الهوية . ففي الستينات بينما فطنت هذه الجماعة إلى أفروعربية الشخصية السودانية أختار الدكتور الانحياز إلى الجانب الأفريقي ممثلا في الحضارة المروية القديمة فأنشأ هو ومجموعة من أصدقاءه جمعية ( أبادماك ) الأدبية . ثم ها هو الآن يعود وينحاز كلية للجانب الذي تجاهله في الماضي ، الجانب العروبي الإسلامي ويعمل بكل وسعة لتنقية هذا الجانب من أي آثار أفريقية . وفي كلا الموقفين يأبى الدكتور إلا أن يكون احادى النظرة بينما ظل موقف الآفروعروبيين ثابتا من مسألة الهوية لأنه الموقف الأكثر تاريخانية وموضوعية وواقعية . وبالتالي يمكننا القول أن الأفروعربية هي الصيغة التي تسع الجميع إلا من أبى والذي يأبى هو الذي يغالط حقائق الواقع والتاريخ الصلدة . تسع العربي القح الذي يريد أن يلحق نسبه بالحسين أو العباس ، وتسع الذي يريد أن يظل زنجيا كامل الزنوجة ، كما تسع الآفروعربي الذي يجمع بين الانتمائين العربي والأفريقي .


عبد المنعم عبد الله عجب الفيا

Post: #8
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:36 PM
Parent: #7


الهوامش والمصادر :

(1) قدمت ورقة الدكتور عبد الله ابراهيم"الافروعربية او تحالف الهاربين " إلى الجمعية العربية للعلوم السياسية بجامعة الخرطوم – ندوة الأقليات بالوطن العربي المنعقدة فـي 28 فبرايـر إلـى 1 مارس 1988 ، ونشرت بمجلة المستقبل العربي – المجلد الخامس – العدد الثاني 1987م ثم نشرت بكتاب الثقافة والديمقراطية في السودان الذي صدرت طبعته الأولى من دار الأمين ، القاهرة ، عام 1991م .

(2) حسن موسى شبهات حول الهوية – مجلة كتابات سودانية – العدد
الثالث ، أبريل 1993 ، ص 3 – 17 .
(3) د0 عبد الله بولا – شجرة نسب الغول – مجلة مسارات جديدة ،
العدد الأول أغسطس 1998 ص 45 – 76 .
(4) عبد الله على إبراهيم ، الثقافة والديمقراطية في السودان – مقال
الأفروعربية أو تحالف الهاربين ، دار الأمين – القاهرة ، الطبعة الثانية 1999م ص 15 .
(5) المصدر نفسه ص 15
(6) المصدر نفسه ص 17
(7) المصدر نفسه ص 17
( المصدر نفسه ص 20
(9) المصدر نفسه ص 20
(10) المصدر نفسه ص 20
(11) المصدر نفسه ص 21
(12) المصدر نفسه ص 21
(13) المصدر نفسه ص 21
(14) المصدر نفسه ص 22
(15) محمد المهدي المجذوب – الشرافة والهجرة – دار الجيل ، بيروت
، الطبعة الثانية ، 1982م ، ص 14
(16) د0 عبد الله بولا ، شجرة نسب الغول ، سبق ذكره ص 49
(17) محمد المهدي المجذوب ، نار المجاذيب ، دار الجيل ، بيروت ،
1982م ، ص 219
(1 د0 محمد إبراهيم الشوش ، الشعر السوداني الحديث ، معهد
الدراسات العربية العالية ، القاهرة ، 1962 ، ص 145
(19) د0 عبد الله على إبراهيم ، الثقافة الديمقراطية في السودان ، مقال
الأفروعربية أو تحالف الهاربين ، سبق ذكره ، ص 16
(20) المصدر نفسه ، ص 16
(21) المصدر نفسه ، ص 16
(22) المصدر نفسه ، ص 17
(23) د0 عبده بدوي ، الشعر في السودان ، عالم المعرفة الكويت ، العدد
، مايو 1980م ص 252 ، وأنظر أيضا ، عبد الهادي الصديق ، أصول الشعر السوداني ، ص 167
(24) د0 عبد الله على إبراهيم ، الثقافة والديمقراطية في السودان ، سبق
ذكره ص 17
(25) المصدر نفسه ، ص 18
(26) المصدر نفسه ن ص 18
(27) د0 عبد الله بولا ، شجرة نسب الغول ، سبق ذكره ، ص 55
(2 د0 يوشيكو كوريتا ، على عبد اللطيف ، ترجمة مجدي النعيم ،
مركز الدراسات السودانية ، القاهرة ، ص 28 – 29
(29) د0 عبد الله بولا ، شجرة نسب الغول ، سبق ذكره ، ص 51
(30) د0 عبد الله على إبراهيم ، الثقافة والديمقراطية في السودان ، سبق
ذكره ، ص 18
(31) المصدر نفسه ، ص 26
(32) المصدر نفسه ، ص 25
(33) حسن موسى ، شبهات حول الهوية ، سبق ذكره ، ص 13
(34) د0 عبد الله بولا ، شجرة نسب الغول ، سبق ذكره ، ص 53
(35) د0 عبد الله على إبراهيم ، الثقافة والديمقراطية في السودان ، سبق
ذكره ، ص 26
(36) حسن موسى ، شبهات حول الهوية ، سبق ذكره ، ص 13
(37) د0 عبد الله بولا ، شجرة نسب الغول ، سبق ذكره ن ص 53
(3 المصدر نفسه ، ص 56
(39) د0 عبد الله على إبراهيم ، الثقافة والديمقراطية في السودان ، سبق
ذكره ن ص 26
(40) المصدر نفسه ، ص 25
(41) المصدر نفسه ، ص 26
(42) المصدر نفسه ، ص 25
(43) المصدر نفسه ، ص 26
(44) المصدر نفسه ، ص 18
(45) المصدر نفسه ، ص 25
(46) المصدر نفسه ، ص 23
(47) المصدر نفسه ، ص 26
(4 المصدر نفسه ، ص 23
(49) المصدر نفسه ، ص 24
(50) المصدر نفسه ، ص 18
(51) حسن موسى ، شبهات حول الهوية ، سبق ذكره ، ص
(52) د0 عبد الله على إبراهيم ، الثقافة والديمقراطية ، ص 23
(53) المصدر نفسه ، ص 24


















Post: #9
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 04-15-2004, 04:47 PM
Parent: #1

ياعجب كيفك
يعني بوستاتي الكتيرة او مسيخة، حقها راح!
اهو ده الكلام، لانو ده موضوع الساعة وعلة السودان حقيقة.
فكما خلقنا من الماء كل شئ حي، فازمة الهوية عندي هي اساس كل مشاكلنا في السودان. فزي انشتاين، ده "اليو نيفايد فييلد ثيوري" بالنسبة لي!

الاخ اسامة الخواض وعدني بي عمل مشترك في الحتة دي، لحدي الزمن داك، خليي اعمل "لوبي" واجيبو بي جاي.

لسة ما قريت ولا سطر غير العنوان، فياني الجاي جاي!

Post: #10
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 08:13 PM
Parent: #9

يا اهلا وسهلا بالبشاشة

بوستاتك ما مسيخة وحقها ماراح ،محفوظ
ويمكن تكون ليها الفضل في انو خلتني انكت الموضوع دا

يلا انت واللوبي بتاعك واسامة الخواض علينا جاي
نحن في انتظاركم

Post: #11
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: محمد حسن العمدة
Date: 04-15-2004, 08:24 PM
Parent: #10

الحبيب عجب الفيا
والله موضوعك دسم ويستحق المتابعة والمشاركة كدي النكملو ونعقب بعدين
ربنا يسهل ويدينا الزمن قول امين
لكين اقول ليك وباختصار شديد العرب ديل مااااااا نجيضين واحسن النتختاهم

Post: #12
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Abdel Aati
Date: 04-15-2004, 08:35 PM
Parent: #9

لي عودة

عادل

Post: #13
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-16-2004, 06:20 AM
Parent: #1

الاخ الحبيب محمد حسن العمدة

الف مرحب وكدي نرجاك لما تكمل وبعدين نطق الحنك


الاخ الاستاذ العزيز عادل عبد العاطي
في شوق لمساهماتك واراء ك النيرة

Post: #14
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-16-2004, 11:01 AM
Parent: #13

شكرا منعم على هذا البوست الممتاز

ولقد سعدت به، خاصة بعد وصول استاذنا عبد الله بولا إلى المنبر، وأرجو أن يصل إلينا حسن موسى قريبا.

أراحتني الفقرة أدناه، من ورقتك، أيما راحة. فقد كان في نفسي شيء من اختزال، الأخ الدكتور عبد الله علي إبراهيم، لدوافع جماعة الغابة والصحراء، في جانب واحد. ولم استسغ بخاصة، إشارته، مما جرى به قلمه، وما حلا له وصفه، بإملاء البوهيمية على مكي تمديد إقامته عاما، في أوروبا. وأرجو من أن أتمكن من العودة لهذا البوست، الشديد الأهمية.

Quote: والحقيقة أن الدكتور لا يجد من حجة للتدليل على هذه البوهيمية سوى الاستشهاد برحلة محمد المكي إبراهيم والنور عثمان أبكر إلى أوربا عام 1962 ، وبقصائد محمد المهدي المجذوب التي عرفت بالجنوبيات والتي كتبها في واو بالجنوب في الخمسينات قبيل اندلاع التمرد الأول عام 1955 ، يقول : " لقد سافر محمد المكي وزميله النور عثمان أبكر في رحلة إلى ألمانيا الغربية لقضاء عطلة صيف 1962 ضيفين على جمعية الصداقة السودانية الألمانية . ولقد أملت البوهيمية والشغف بالترحال على مكي أن يمد إقامته إلى عام آخر تغيب فيه عن الجامعة . " (9) لاحظ قوله " قد أملت البوهيمية " فلماذا سوء القصد المبيت هذا في وصف رحلة مكي وأبكر إلى أوربا بالبوهيمية ؟ أليس ثمة هدف نبيل آخر غير غير هذه البوهيمية المزعومة ؟! لماذا لم يكن القصد من الرحلة الانفتاح على الحضارة الغربية والتعرف عليها من كثب في سياق توثيق الروابط بين الشعوب كما فعل آلاف من جيلهم والأجيال السابقة لهم ، خاصة وأن الدعوة جاءت من جمعية الصداقة السودانية الألمانية ؟!



Post: #15
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-16-2004, 09:24 PM
Parent: #1

شكرا استاذي الدكتور النور حمد
وانت دائما تضي بوستاتي بوجودك الباهي
وفي انتظار اشراقاتك
اتمني ان ينضم الينا دكتور عبد الله ابراهيم ودكتور بولا

كما ارجو ان يتشرف المنبر بعضوية الدكتور حسن موسي قريبا

Post: #17
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Muna Abdelhafeez
Date: 04-17-2004, 00:22 AM
Parent: #15

عجب الفيا..
كيف الحال..
الموضوع القديم المتجدد..
تمطرر اياديكم دوماً في صحراءنا..
لي عودة..
نخلي الموضوع فوق..

Post: #20
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-17-2004, 05:29 AM
Parent: #17

الاخت العزيزة مني عبد الحفيظ
افتقدناك والله وجودك معانا يسعدنا
في انتظار مناوشاتك الظريفة

Post: #16
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-16-2004, 11:56 PM
Parent: #1

شكرا العجب على دعوتك الكريمة لي

وساعود بعد ان انتهي من القراءة الثانية

اكرر شكري مرة اخرى

ودمت

المشاء

Post: #18
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: aymen
Date: 04-17-2004, 00:47 AM
Parent: #16

الاخ عبد المنعم
شكرا علي هذا المقال الرائع
لم اجد في وصف العقلية (او النفسية) التي يستعملها د. عبد الله علي ابراهيم، ادق من اسقاطات.....
و الواقع ان مكمايكل ذكر في غيرما موضع ان هماء هذه القبيلة او تلك contaminated بدماء افريقية او نوبيه.. ثم انه يستهجن ان الرواة المحليين تجاهلوا الدم النوبي او العربي في نسبتهم او شجرة نسبهم..
هل كانت كلمة contaminated هذه هي ما دعاة الي الاعتقاد بان مكمكايك قد قيم الدم العربي كارقي و الافريقي كدم ادني؟؟

Post: #22
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-17-2004, 05:39 AM
Parent: #18

الاخ ايمن الف مرحب بك
ومبروك المولود

حتي لو افترضنا ان مكمايكل قصد الاستخفاف بالدم الزنجي
فان ذلك ليس مدعاة لتنكر السودانيون لاصولهم الافريقية
ومبررا كافيا لدكتور عبدالله ان ينظر الي الدعوة لرد الاعتبار للمكون الافريقي بانها دعوة للبوهيمية والمشاعية او انها تعبير عن واقع مطموس

Post: #21
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-17-2004, 05:31 AM
Parent: #16

يا الف مرحب بالاخ الاستاذ اسامة الخواض

شكرا كثيرا علي الزيارة

وفي انتظار مساهماتك النيرة

Post: #19
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 04-17-2004, 03:37 AM
Parent: #1

سلام ياعجب الفيا،
عارف، والله جاني طمام عديل كده او قربت اطرش من كلام المدعو عبدالله هذا!

يا لعار اليسار والحزب الشيوعي تحديدا، من وجود عقلية متخلفة ومتحجرة، وكارهة لذاتها كهذا العبد الله، بين صفوفه!

فالرجل مسكون بكم هائل من الخزعبلات تتصل في ذهنه المسترق بالانسان الافريقي والثقافة الافريقية!

كل هذا الاستعلاء والعنتظة والرجل لا يخرج عن كونو زنجي يتوهم العروبة، وليس بعربي بي اي صورة من الصور!

ماعشان كده قلنا وبنكرر القول، كيف لافرق ما بين يمين ويسار السودان المصري الانجليزي، القديم، متي اتصل الامر "بمقرن" العروبة!

لهذا من الصعب التمييز ما بين دكتور حسن مكي ودكتور عبدالله في الحتة دي.

وهذا يفضح سر مغازلة دكتور عبدالله للانقاذ، ذبدة السودان القديم، ودولة اقلية الجلابة، الشمالية، العروبية، زورا وبهتانا.

لافرق عندي اطلاقا ما بين عبدالله هذا، ومنظر النازية قوبيني في نظرتو الدونية للانسان الاسود، وارتباطه في مخيلة عبدالله هذا بالانحطاط والرذيلة!

يا للهول!

ماعشان كده احنا بنتكلم عن عقلية الشمال النازية، ونظام الفصل العنصري، كاساس لدولته، ونظامها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي!

خليني اجم نفسي شوية واجيك صادي، لاني ابدا مااتخيلت اقرأ كلام غث وركيك كهذا، من ناس المفترض فيهم ينجزوا مشروع البديل، لسودان الاحتلال الثنائي، مش يعضو عليه بالنواجز، ليعيدوا انتاج نفس قيحو او صديدوا!

يا لعار اليسار!

Post: #23
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-17-2004, 06:17 AM
Parent: #19

كمال بشاشة

غايتو شيل شيلتك
انا ولا قلت قدر دا

لكن كدي مصل ليك ليمونتين تلاتة
وتعال صادي

Post: #24
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Osman Hamid
Date: 04-17-2004, 09:45 AM
Parent: #23

العزيز عجب الفيا,
سلامي ومودتي...
قرأت ورقتك قراءة أولي, وسأعود لمواصلة إعادة قراءتها ثانية. والحق أنيّ استمتعت " بالتوهط" في قراءتها. وبالتأكيد, فهي ورقة ثرة, وعميقة, لأنها تحسَسَتْ, أو قل تتزع لأن تحسس سؤال تاريخي وجوهري, متصل بموضوع الهوية, وهو كما تعلم, سؤال, حوله كثير من المسلمات التي تحتاج لمراجعة وتفكيك, جزري, ومر. وما هذه الحروب إلا أحد تمظهرات ذلك السؤال, الذى لم تنجز اجاباته بعد, إن كان هناك -في الحقيقة- إجابة لمثل هذه الاسئلة.
شكراً علي المساهمة, ومنتظرين ملاحظات الأصدقاء, واخص منهم بولا وحسن موسى.
سلامي مجدداً

عثمان حامد

Post: #25
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-17-2004, 08:07 PM
Parent: #24

الاخ العزيز عثمان حامد
شكرا لك للثناء علي الورقة
وفي انتظارك مساهماتك الثرة

Post: #26
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 04-17-2004, 09:12 PM
Parent: #1

الاخ عجب.

ذي ماقال ترباس، او شيلتي براي، بشيلة!

جميل جدا اسامة جا بي جاي، كان نفسي اشوفكم في بوست واحد، اهو اتحقق.

يا ريت، ياريت، دكتور عبدالله يجي بي جاي، بالعدم بنحتاج زول يمثل وجهة نظرو، عبد القادر سبيل بكون تمام.

بالنسبة لي وبما اني بمثل وجهة نظر مختلفة تمام الاختلاف، حيث اؤمن بان السودان هو بالفعل افريقيا نفسها، ولا اؤمن بعروبة او حتي بعض عروبة، فيما يتعلق باقصي الشمال، من حيث الملامح، وبصورة اكبر من حيث الثقافة تحديدا.

لا انكر وجود تأثير ثقافي عربي في السودان، قد نختلف في تقدير حجمو وموضعو.

من الجانب الاخر للسودان تأثير عميق في الثقافة العربية نفسها، حتي من قبل ان تعبر البحر الاحمر.

هذا الجانب غير مطروق، في كل الدراسات الاتناولت موضوع الهوية، ثم تعريف الثقافة العربية نفسها، انطلاقا من هذه الزاوية.

ده طوالي بجيبنا لي سؤال المنهج المتبع حاليا، وبالتحديد ماهو مطروح في المقرر المدرسي، كتاريخ للسودان، وعلاقة السودان بالعرب.

هذا المدخل الجديد لدراسة تاريخ السودان، وبالذات القديم، هو سبب اختلافنا الجذري مع ما هو مطروح في الساحة حتي الان.

كده خلينا نسمع رايك في الاول يا عجب وبقية المشراكين، في الموضوع، بالاجابة علي سؤال:

هل السودان عربي، ام افريقي، ام عربي افريقي، او افريقي عربي، ولماذا؟

ما رأيكم، دام فضلكم؟

Post: #27
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-18-2004, 03:20 AM
Parent: #26

عزيزي منعم

مرة أخرى أشكر لك إعادة نشر هذا المقال المهم، في البورد. ولي، في البداية، ملاحظات على لغة خطابه، ونَفَسه، اللذين لم يخليا من نبرة حدة، وربما، من شيء من الخشونة، في بعض الأحيان. ولكن هذه الملاحظات، لا تنقص من قدر المقال، مثقال خردلة. ولقد تفضلت أنت، في صدر المقدمة التي كتبتها كتمهيد لنشره هنا، أنك هممت بتعديل بعض العبارات، التي وردت فيه، غير أنك حسمت أمرك، في نهاية الأمر، بأن تدعه على الحالة التي كان عليها حين تم نشره. ولقد حالفك الصواب، في هذا الخيار، دون شك. فكل، أو بعض، ما رأيت تعديله، ربما مثل تأريخا للمرحلة، التي تمت فيها كتابة هذه الورقة، ومن الخير لنا، ولمن يأتون بعدنا، أن يجدوا ذلك التاريخ. أقول هذا، رغم عدم علمي، حقيقة، بما كنت تنوي تعديله، تحديدا، في هذه الورقة. غير أنني حسبت أنك ربما كنت في طريقك لتعديل بعض عباراتها، التي حملت قدرا من الخشونة. وهذا محض افتراض مني، في نهاية الأمر.

ومع ذلك، فالورقة بدون شك، أفضل، من حيث ما ورد فيها من شيء من الخشونة، من كثير من معاصراتها. ولقد اتسم تاريخ سجالنا الفكري، بكثير من العنف اللفظي. وقد تفضل بالإشارة إلى ذلك الدكتور عبد الله علي إبراهيم، في وقت مبكر، وأجد أن إشاراته تلك، صائبة، وقد جاءت في وقتها. والعنف الجسدي، واللفظي، لازمتان من لوازم النمو، التي لا يمكن القفز فوقها "بالعمود". وهي أشبه بمراحل نمو الأطفال. إذ لا يملك الطفل، إلا أن يكون، على ما ينبغي أن يكون عليه، في المرحلة المعينة، التي يمر بها، رضينا، أم أبينا. لا يحفل الطفل بما يسببه مسلكه من إحباط للكبار، لأنه، ببساطة، يرى مسلكه، مسلكا طبيعيا، بحكم مرحلة التكوين التي يعبرها! يعيش الطفل كل مرحلة، من مراحل نموه الأولى، مثلما يعيشها أترابه. فهو يمسح، تفاصيل النمو، مسحا دقيقا. ويأتي في ذلك من الأفعال، ما من شأنه أن يثير حفائظ الكبار. ولقد أوردت هذا المثال، المتعلق بنمو الطفل، لما أرى فيه من وجوه الشبه بنمو الأمم. فالأمم التي تخطو في بدايات معارج نموها، كحالتنا الراهنة، تمر بمرحلة العنف الجسدي، أولا. ثم لا تلبث أن تعبر منه، حين تعبر، إلى مرحلة العنف اللفظي. وهكذا إلى أن يستقيم لها أمرها، في نهاية ألأمر، في رحاب الديمقراطية، فتركز رايتها، بعد رهق طويل، في باحات ثقافة الإختلاف، المهذبة، المتمدينة. وأرجو أن نكون الآن، في أخريات حقبة العنف، الفيزيائي، والفكري. وأن نطوي المرحلتين، في ضربة واحدة.

كتب الأستاذ محمود محمد طه، في مقدمة كتابه، "رسالة الصلاة" الصادرة طبعته الأولى عام 1966:

((إن العصر الذي نعيش فيه اليوم عصر مائي، وقد خلفنا وراءنا العصر الناري.. هو عصر مائي، لأنه عصر العلم.. العلم المادي المسيطر اليوم والعلم الديني - العلم بالله - الذي سيتوج ويوجه العلم المادي، الحاضر، غدا.. وفي عصر العلم، تصان الحرية، وتُحقن الدماء، وتُنصب موازين القيم الصحائح..

البصيري إمام المديح يقول:

شيئآن لا ينفي الضلالً سواهُما نور مفاضٌ أو دمٌ مسفوحُ

وقد خلفنا وراءنا عهد الدم المسفوح، في معنى ما خلفنا العصر الناري، وأصبحنا نستقبل تباليج صبح النور المفاض.. بل إن هذا النور قد استعلن على القمم الشواهق من طلائع البشرية، ولن يلبث أن يغمر الأرض من جميع أقطارها.. وسيردد يومئذ، لسان الحال ولسان المقال، قول الكريم المتعال:

((الحمد لله الذي صدقنا وعده ، وأورثنا الأرض، نتبوأ من الجنة حيث نشاء، فنعم أجر العاملين)).. )) انتهى نص الأستاذ محمود محمد طه

ويبدو أن الوقت قد أزف لكي نخلف وراءنا، حقبة العنف، والخشونة اللفظية. فالعنف اللفظي، علامة على عدم الإستعداد لقبول الإختلاف. وهو أيضا علامة على الإحساس بامتلاك الحقيقة، والوثوق المغلق، من التمكن من ناصيتها، بالقدر الذي ربما خول لنا تقريع الآخر، والعنف اللفظي به، وربما الزراية به، أيضا. وحين رفع الإسلام السيف، في القرن السابع الميلادي، رفعه، لكي يحسم أمر الخلاف، بالعنف، وبالقهر، وبالخوف. وكان ذلك بسبب من حكم الوقت. فالعنف على تلك الهيئة، قد كان لازمة من لوازم تلك المرحلة. ولا أريد ان أتوسع في ذلك، مما يجر إلى جدليات، وإشكالات، محاكمة حقبة ماضية، بمقاييس حقبة أعقبتها، بأربعة عشر قرنا من الزمان. المهم هذه ملاحظات أولية قادتني إليها، قراءة الورقة، إضافة إلى ما أتت به ورقتك، من نصوص، أخذتها أنت من كتابات د. عبد الله علي إبراهيم، ود. عبد الله بولا، ود. حسن موسى.

أحسب أن مداخلاتي في هذا الخيط سوف تتصل، تباعا. فالموضوع كبير، ومتعدد الجوانب. ولسوف أنافش فيه، في كل مرة، جزئية، كلما سمح الوقت. ولا بد أن يجر الخوض في تفاصيله المختلفة، إلى "بلاوي مهببة"، كما يقول المصريون. وقد فتَّحت أنت جوانبه، بشكل كبير. وذلك بالتطرق لعديد القضايا المرتبطة بمشكل الهوية، الذي يجر معه، وبشكل تلقائي، مشكل الثروة، والسلطة. ثم القراءة الإنتقائية للنصوص، ولمسارات التاريخ. يضاف إلى ذلك تلوين الآيديولوجيا لقراءات القارئين، وتأويلات المؤولين. وقد افلحت كثيرا، حين استخدمت "الآيديولوجيا"، وتأثيراتها على تناول القضايا، كعنوان للبوست. ونحتاج، بطبيعة الحال، أن نسمع من د. عبد الله علي إبراهيم، ود. عبد الله بولا، إن سمح وقتهما، حول ما أشرت إليه أنت، خاصة ما بدا لك كتناقضات، أو عدم اتساق، فيما تناولته، من طرحهما. أما حسن موسى فربما طال انتظارنا له، بعض الوقت، وأنا على اتصال به. وأرجو ان يكون دخوله إلى البورد، قريبا.

وأبدأ بما تفضلت أنت بالإشارة إليه، فيما أوردته أنت، مما جرى به قلم الدكتور عبد الله علي إبراهيم، خاصة ما جاء في مقالته، "تحالف الهاربين" والتي جرى نشرها، لاحقا، ضمن كتابه: "الثقافة والديمقراطية في السودان"، الصادر عن دار أمين بالقاهرة. وأعني هنا، تحديدا، إشارته إلى محمد المكي إبراهيم، التي تفضلت أنت بالتعليق عليها. وهي نفس الإشارة التي قلت أنا، في مشاركتي السابقة، أنني لم أستسغها، وذلك حيث قال:

(( لقد سافر محمد المكي وزميله النور عثمان أبكر في رحلة إلى ألمانيا الغربية لقضاء عطلة صيف 1962 ضيفين على جمعية الصداقة السودانية الألمانية. ولقد أملت البوهيمية والشغف بالترحال على مكي أن يمد إقامته إلى عام آخر تغيب فيه عن الجامعة)). . انتهى.

لا أخفي، أنني أجد شيئا من نقص الحساسية، في الطريقة التي كُتب بها النص عاليه. فالإشارات، ولربما أجرؤ، وأقول الغمزات، لم تكن موفقة، أبدا، في هذا النص. فعبارة "بوهيمية" عبارة مشحونة بكثير من الدلالات السالبة، خاصة في ثقافة محافظة، كثقافة السودان الشمالي، والسودان الأوسط، وليت الدكتور عبد الله علي إبراهيم، استعاض عنها بعبارة أخرى، أقل شحنا، خاصة، وهو العالم بأساليب الكتابة. والإشارة إلى شخص ما، بمثل تلك الصيغة، لا يخلو من تعريض بالشخص المعني، أراد الكاتب، أم لم يرد. يضاف إلى ذلك، فإن في مضمون الإشارة، ينطوي أيضا، على تأليب لـ "الغول الإسلاموي" واستنفارٍ لأذيال خطابه الطهرانية، الكاذبة، المتمثلة، في مديري طاحونته الإعلامية، والخطابية، وفي الوعي الأخلاقي، الجمعي، الشعبي، المنفوخ بالطهرانية، غير المفحوصة. ثم على من هذا التأليب، وربما الإستنفار، مفصودا كان، ام غير مقصود؟ أعلى شاعر، وتجربة؟!! بله، تجربة قديمة، طواها الزمن، سبق للشاعر أن مشاها، وهو يتلمس خطاه، في مرحلة من مراحل نموه، الروحي، والعقلي، والنفسي، والعاطفي. وإن صح في حق، شاعرنا الكبير، ما أشار إليه، د. عبد الله علي إبراهيم، أو لم يصح، فإن شاعرنا لم يكن، ولن يكون، في نهاية الأمر، بدعا من عموم الفنانين، والشعراء! بما في ذلك شعراء، ((عربسلاميون))، كبار، ربما حسبناهم، من فرط غفلتنا النقدية، مرسلين أخيارا، وملائكة أطهارا.

لقد عاش شاعران كبيران من شعراء العربية في السودان، قسطا من حياتهما في بادية الكبابيش. وقد كان كلاهما محبا لعيش البادية، ولطبيعة البادية. ومن منا لم يقرأ قصيدة "مليط" للعباسي، وقصيدة "أم بادر"، للناصر قريب الله. والمثير لإهتمام، أن الشاعرين ينتميان للبيت الصوفي الطيبي السماني، المعروف في كل أنحاء السودان الشمالي، والأوسط. غير أنهما اشتغلا بالشعر، ولم يشتغلا بالتصوف، كآبائهما، إلا في معنى ما يشترك فيه حقلا الشعر والتصوف، من خصائص، وما أكثرها، وأعقدها من حيث التشابك، والترابط.

فالناصر قريب الله، هو بن الشيخ قريب الله، أبو صالح، الشاعر الصوفي، العارف. وأما محمد سعيد العباسي، فهو بن الشيخ محمد شريف نور الدائم، الملقب بالأستاذ، وقد كان المرشد الروحي، للزعيم التاريخي، السوداني، محمد أحمد المهدي. والشيخ محمد شريف، هو إبن الشيخ الطيب ود البشير، رجل أم مرحى المعروف. عمل الناصر مدرسا في شمالي إقليم كردفان، لفترة من الزمن. أما محمد سعيد العباسي، فقد كان لا ينقطع عن بادية الكبابيش. فهو قد كان يزورها، سنويا. وقد أثبت هذه الزيارات، الأستاذ حسن نجيلة، في كتابه "ذكرياتي في البادية".

وحين أعود سوف أحاول موضعة تجربة محمد سعيد العباسي، والناصر قريب الله، في ذات السياق الذي جرى فيه تناول تجربة المجذوب، وجماعة الغابة والصحراء. أعني سياق ((تحالف الهاربين)) من طهرانية الثقافة العربية الإسلامية، وصرامتها، إلى سماحة الثقافات الزنجية، و"تساهلها الأخلاقي"، "المفترض". وأظن أن كثيرا من الإنتقاء قد جرى في تشكيل هذه المقابلات. أعني الثقافة العربية الشمالية العربية الإسلامية الكابتة، والثقافة الإفريقية المتسامحة. فقد صحب ذلك، فيما ارى، شيء من إسقاط الجزء المنتقى على الكل، لإطلاق ما يشبه الحكم العام، الذي تعوزه أسانيد الواقع

سأقدم فيما سأقوم بعرضه، لاحقا، نتيجة لإعادةٍ زيارة قمت بها لتجربة الناصر قريب الله، ومحمد سعيد العباسي، زعما، مفاده، وجود شبه بين ما قاما به من هروب إلى بادية شمال كردفان، وبين ما قيل أن ((تحالف الهاربين)) قد قام به هربا من كبت مدائن الوسط، المحافظة. فإذا كانت جماعة الغابة والصحراء، قد يممت شطر "الدغل"، كما اشار د. عبد الله علي إبراهيم، من أجل التخفف من قيود الثقافة العربية الإسلامية الصارمة، المتجسدة بشكل كبير، في حواضر الوسط، والشمال، فقد قام الناصر قريب الله، ومحمد سعيد والعباسي، بنفس العمل، ولنفس الأسباب، وذلك حين يمما شطر بادية شمال كردفان، التي وضح لي أنها تتسم بسماحة نسبية، إذا ما قورنت بحواضر الوسط. والطريف أن ماكمايكل، يعتقد أن بادية الكبابيش، هي الأقرب إلى بوادي الجزيرة العربية!! وبناء عليه، فإن الإشارة بالأصبع إلى المجذوب، وجماعة الغابة، والصحراء، وحتى أولئك الذين لا هم لهم في الإبداع، وإنما يريدون فقط، عاصمة تسمح يتناول الخمور، إشارة إنتقائية، وتقتضي الفحص، والتدقيق، والمراجعة.

وحين أعود سأعرض لتفاصيل هذا الأمر.

سأواصل

Post: #46
Title: Re: شي عن العنف اللفظي
Author: Agab Alfaya
Date: 04-21-2004, 04:56 AM
Parent: #27

اخي دكتور النور
قبل ان ادلف للتعليق عن حديثك الشيق عن العبادي والناصر قريب الله
دعني اقف قليلا عند ملاحظتك عما اسميته بالعنف للفظي،تقول
Quote: مرة أخرى أشكر لك إعادة نشر هذا المقال المهم، في البورد. ولي، في البداية، ملاحظات على لغة خطابه، ونَفَسه، اللذين لم يخليا من نبرة حدة، وربما، من شيء من الخشونة، في بعض الأحيان.

ان كان هناك حدة او خشونة لفظية فهي قطع شك اقل بكثير من الحدة والخشونة التي سادت النصوص الثلاثةالمنقودة ،او قل انها من وحي النصوص المنقودة،
اسمح لي ان اعيد عليك بعض النماذج:
يقول حسم موسي:
Quote: … لمحمد عبد الحي وشركائه نصيب الأسد في المسئولية الأخلاقية بقدر ما عبدوا الطريق لسلطة الصيارفة الاسلاموية وسوغوا مقولاتهم الغوغائية على مراجع العروبة والإسلام … " (36) ثم يطلق للسانه العنان للافتئات عليهم قائلا : " فهم قوم لم يرعوا حرمة الإبداع ولم يعوا دور المبدع كمعارض وكخارج ، وانساقوا وراء إرضاء الدولة المخدمة بغشامة لا تليق برجال في ذكائهم ، وهم يستحقون اللعنة بقدر ما تتسع الشقة بين رهافة حسهم الجمالي وغلظة تواطئهم الاجتماعي .

من الكلمات التي ورت في ورقتي والتي يمكن ان تعد اكثر الكلمات حدة هي كلمة تواطؤ ،و كما تري املتها نفس الكلمة التي استعملها حسن موسي هنا،
ويكرر بولا نفس كلام حسن موسي:
Quote: ولا يملك د0 بولا رغم حصافته إلا أن يشايع حسن موسى في قذف جماعة الغابة والصحراء بمزيد من اللعنات بعد أن يحملهم المسئولية هو الآخر في التمهيد لولادة الغول ( الاسلاموي ) ويقول : " عليهم اللعنة بقدر ما بددوا شاعريتهم العظيمة في مراوغة حقائق الواقع الصادمة ، عندما آثروا المسكنات الغنائية الرقيقة على مراويد ومباضع النقد الكاوية الشافية . "

اما ما جري به قلم عبد الله ابراهيم،فكثير ولا يخفي علي كل قاري النفس الحاد الذي كتب به نقده لجماعة الغابة والصحراء والذي لا تفهم دوافعه الا في اطار تصفية الحسابات او ما عبر عنه اخي هاشم الحسن خير تعبير عندما وصفه باسلوب :فش الغباين.

ساعود حديثك ذو شجون كما يقولون ،

قاتل الله العبودية يا شيخ !!


Post: #28
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Hashim.Elhassan
Date: 04-18-2004, 12:02 PM
Parent: #1

الأستاذ عجب الفيا لك التحية مستحقة، على جهدك المقدر في التثاقف الرفيع، و بما تبذل من رجاحة عقل و معرفة، في هذة الورقة وفي سوح المنبر .
و هي تحية تستحقها مذ قرأت لك هذه المنشورة لأول مرة خلل العام 1999 - 2000 في اوراق (ندوة السودان: الثقافة والتنمية) وهو السفر الذي اراه واحداً من أهم ما انتجته مثاقفات السودانيين، الكانت فقيدة في الجماعة اللهفانة عليها و لاهثة، حتى حين مركز الدراسات السودانية تهيأ لها بالبعث، ويا ليته يتواصل .
و هي كذلك تحية تتجدد مذ اعدت قراءة هذه الورقة مرات أخر، ليس آخرها على هذه الشاشة، بل في نسخة لأوراق الندوة ذاتها إستعرتها من صديق لما تناءت عني أوراقي و تنائيت عنها.
ثم تراكم دينك عليّ، بتراكم نقاشاتي حول وفي محتوى هذه الورقة( كنّت بالأمارات حينها مع رفقة قد تتصل بها انت الآن..أذكر مرة سألت ...و اين هو عجب الفيا الآن..اخبرني صديقي مأمون العجيمي، انك قد تكون حللتَ ابي ظبي، بتلك الأيام ذاتها، رحلتُ عنها، وإلا لواصلتك متأدبا..
و فضل هذه الورقة عليّ يفيض إلى كوني عرفت فيها خطة النقد قبل معرفةالنص المنقود. فلمّا نقبت عن د.عبدالله علي إبراهيم في رفوف المكتبات و معارض الكتب، ما بخلت عليّ نزعته التوثيقية و اريحية تبشيره الداوي، بأطروحته ذات الجدل و باعثة بعض الشقاق.. وهاهي الطبعة الثانية من (الثقافة و الديقراطية في السودان) لا تكاد اوراقها تتلامس من فرط تقليبي فيها و إعادة النظر ( فما يعود حسيراً). وكذا اقلب في أوراق بحث حديد الناقدة هو (السودانوعروبية أوتحالف الهاربين)( من فضل هذا المنبر عليّ أن نشره د. أبكر آدم إسماعيل في واحد من خيوطه اللوذعيات) كتبه محمد جلال احمد هاشم، و هو ذروة من تفكيك الخطاب، جليّة في بابها ، و لا تزال تكشف لي عن مكنون المشفَّرات في القول و الخطابات، وعن طموحات المشاريع الكابية حيث مقاتل آيدلوجياتها مما سبق فيه حكم الزمان و متهم بإدمان الفشل الخالد .. وما تفنى عناقيد المسكوت عنه في سوداننا.. ولقد قرأتك من قبل محتفياً بكتاب علي أبي سن عن (ذكرياته و المجذوب) ..والقرين بالمقارن يذكر!!

وحفاوتي بمعرفة النقد قبل المنقود، لأنه كان تنويراً، و مفكاً لقلوووظ الشفرات المصمتة، و مفتاحاً لخبايا النص، مقرباً لما ورائياته ، فلما قرأت النص المعني كنت على بصيرة سابقة فيه وعلى بعض من هدى.
و كنت قد رأيت لك حاشية تشير فيها لتعديلات وددت لو إنك تجريها علي بعض كلمات وتعبيرات حسبت أنا إنها بعض من القاسيات و نابني منها نايب( في مثل الثور الأبيض والآخر أخيه)، فذكرت لك ادباً في الإختلاف ساد كل بوستاتك الأخيرة (انا من متعقبيها بلا تعقيب) استفدت منه كثيراً، وشاهد جمِّ يبقى أدبك، على حسن الطوية، و تسامح محمودٍ . و هي (الكلمات و التعابير المفكّر في تعديلها) حتى و إن غلظ بعض لفظها فما فحشت، ما عليك، و إنما الأعمال بالنيّات. و في فقرتَي اول حديث دكتور النور المثبت فوق ، كفاية عني و زيادة في التقعيد المجيد، و مشكَّمة لجموحٍ لو انه يرعوي الجموحُ ، ونحن بعدنا(بنسنِّن) او كما قال السبّاق إلى الخير..
المهم يا سيدي
الذي حدث هو، ان د.عبد الله، وبفضلك يا العجب !!أصبح عندي الناطق الرسمي بكثير من القول الرشيد( حتى لا نقول كله) من سيرة و مبحث ومآل التثاقف الأفقي و الرأسي في السودان ، وها أضحت مصائب قوم في ( خطابهم) فوائد لآخرين ، بمن يكشف عن الشيء كما هو عليه..( قديماً قال إبن الهيثم، العالم في البصر ( العلم هو معرفة الشيئ على ما هو عليه) لا كما نتمناه و لا كما يفرض علينا..
هذا، و لا يخلوا عنَّافي د. عبد الله ( كما و لا سوداني واحد في ظني) من محامل أيدلوجية، إن ثقلت يقف بعير العلم في العقبة، كما اشرت بقولة حق يا عجب الفيا . وايضاً في كتابات د. عبد الله شيئ من ميراث فش الغباين السوداني لا يكاد يخفى ( اشار له هو حديثاً في عموده "مع ذلك" عن الأستاذ عبدالله ادم خاطر) حتى تجده يسمي عموداً له في الرأي العام ( لو كنت من مازن) وهذا من بعض بيت الهجاء، غليظ في حق ذهل بن شيبان..
ومع ذلك..فإن الأعمال بخواتيمهاكما قيل، و لخاتمة (تحالف الهاربين) أو (صيغة تسع الجميع).. لي عودة ..
و سلام حتى لقاء قريب...

Post: #29
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-18-2004, 08:08 PM
Parent: #28

كتب حسن نجيلة، في كتابه "ذكرياتي في البادية"، الصادر عام 1994، في طبعته الخامسة، عن دار الخرطوم للطباعة والنشر والتوزيع، عن رحلات العباسي إلى البادية، ما يلي:

((وفي عام 1932 وأنا في بادية الكبابيش سمعت عنه من البدويين السذج الذين كانوا يحبونه ويجلونه رغم أنهم لا يعرفون عن شعره شيئا، ولكنه كان يعيش بينهم كواحد منهم عدة أشهر من كل عام. كان مولعا بحياة البادية .. يؤثرها على حياة المدن، وقد جاب وديانها وسهولها وجبالها وأحياءها ولم يترك منها مكانا لم يزره ويبق فيه ردحا من الزمن يتملى جماله وروعته. وقليل من البدويين أنفسهم من جاب تلك الصحراء الواسعة مثلما فعل العباسي)) .. ص 170

ويواصل نجيلة:

((ومثلما كان نظراؤه في المدن يحاولون إقتناء السيارات الفارهة، كان همه أن يحصل في كل عام على جمالٍ صُهبٍ لم تشهد البادية في الغرب لها مثيلا ويبدأ بها رحلة من الخرطوم ترقل به وتخدي بين الفلوات، يشده آل، ويخفضه آل حتى يبلغ البادية، فيظل متنقلا بين أحيائها المختلفة حيث يلقاه أحبابه ومريدوه واصدقاؤه بحفاوة البدوي التي لا كلفة فيها ولا رياء.))

ويصف العباسي تلك الرحلات، شعراً فيقول:

لم يبق غير السُّرى مما تُسَرُّ له نفسي وغير بناتِ العيدِ من عيدِ
المُدنياتي من رهطي ومن نفري والمُبعداتي من أسري وتقييديِ
أثرتها وهي بالخرطوم فانتبذت للغربِ تقذف جلمودا بجلمودِ
تؤم تلقاء من نهوى وكم قطعت بنا بطاحاً وكم جابت لصيخودِ
نَجِـدُّ، يرفعـنا آلٌ، ويخفضنا آلٌ، وتقذفنـا بيـدٌ إلى بيـدِ

فنوقه تخرج به كل عام من الخرطوم قاصدة به ديار من يهوى ((تؤم تلقاء من نهوى)). والأَم ، هو القصد. قال المتنبي: ((فراقٌ ومن فارقت غير مُذمم، وأَمٌ، ومن يممتُ خير ميمَّمِ)) . وبيت القصيد، في رحلة العباسي مما ورد في وصف رحلته السنوية تلك، هو قوله عن نوقه، بأنهن يدنينه من "نفره" و"رهطه"، ويبعدنه من "أَسْرِهِ" و"قيده". والبيت المشار إليه، بيت مشحونٌ، ومطويةٌ فيه كثير من المعاني، والدلالات، المتعلقة بهذه الرحلة السنوية. ولربما احتاج نشر هذه المعاني، والدلالات إلى توسع، وإلى سوق كثير من القرائن، التي بغيرها لا تكتمل الصورة.

فمن هم يا ترى، أولئك النفر، والرهط، الذين يشتاقهم؟ هل هم مجرد رجال قبائل، تفصل بينه وبينهم هوة تعليمية، ومعرفية كبيرة، خاصة وهو المتعلم إبن البيت الديني الكبير، الذي عرف حياة المدن، وذاق عيش القاهرة، ودرس في مدرستها الحربية؟ أم أن هناك عالم أنثوي أيضا، اندغم ذكره في كلمات مثل، "نفر"، و"رهط"، و"من نهوى"؟ وهل يُستبعد أن تكون من ضمن مغريات ذلك الحج السنوي، علاقة ما، بصويحبات ما، يقدم مرآهن الفطري، للشاعر، سقيا يفتقدها، ويتعطش إليها؟ وهل يُعقل أن يشتاق الشاعر، لرهط من الرجال، ويعبر عن ذلك بروح النسيب، والتشبيب، وبمثل تلك العذوبة، واللوعة، اللتان لا تبينان في تعبيرات الرجال، عادة، إلا حينما يتعلق الأمر بالإشتياق الموجع، إلى الجنس الآخر؟ ثم ما هي هذه القيود، المشار إليها، وما هو ذلك الأسر، الذي أصبحت النوق بمثابة الوسيلة المُخَلِّصَةِ منه؟ هل هو قيد حوائط المدن، ورتابة نمط العيش فيها، وما يبعثه في النفس مرأى أزقتها الخانقة؟ أم هي قيود الثقافة المحافظة، وما تتضمنه من فصل بين الجنسين، ومن تضييق مديني، يفرد أجنحة رقابية مزعجة، على سوانح الوصل؟ ألا تشكل نشأة البيت الديني، والطاقية السلوكية، التي تُلبسها قسرا، نشأة البيت الديني، لإبن البيت الديني، وما يصحب ذلك من توقعاتٍ للمجتمع، على من كان ذلك حاله، طوقا خانقا، وقدرا عصيبا، يصعب الفكاك من براثنه؟. أليس ذلك هو عين ما قاد محمد المهدي مجذوب ليولي وجهه شطر الجنوب، مرسلا تلك الأمنية المتمردة على تراث الأجداد، الخانق ، المحافظ، حيث قال:

وليتي في الزنوج ولي ربابٌ، تميد به خطاي، وتستقيمُ
إلى أن يقول:
واجترع المريسةَ في الحواري، وأهذر، لا أُلام، ولا ألومُ
وأُصرعُ في الطريق، وفي عيوني، يلوح السكرُ، والطربُ الغشومُ
طليقٌ، لا تقيدني قريشٌ، بأحسابِ الكرامِ، ولا تميمُ

(لست واثقا من صحة أبيات المجذوب أعلاه، وأرجو التصحيح من الحفظة، أومن من يملك النص الصحيح)

ولقد عاش المجذوب صراعا دراميا، وسم كل حياته، بين رغبته في أن يكون نفسه، ويعيش حياته كفنان، طليق الروح، والعقل، والنفس، وبين أن يستجيب لتوقعات المحيط الإجتماعي له، بحكم تحدره من أسرة المجاذيب الدينية المشهورة في الدامر. وأشكر لك يا عجب الفيا، كونك قد لفت نظري، بمقالتك الممتازة، تلك، إلى كتاب علي أبو سن، ((المجذوب والذكريات)) الذي تفضلت باستعراضه. ولعل أهم ما ورد في تلك المقالة، إشارتك إلى أن الكتاب يمثل فتحا جديدا في أدب الإعتراف، في السودان. إذ لم يجرؤ على اقتحام باب أدب الإعتراف، في تاريخنا الثقافي المكتوب، سوى بابكر بدري. ثم جاء الدكتور، علي أبوسن، بفضل حكم الوقت، متخطيا الرائد، الشيخ بابكر بدري، في ذلك المضمار، بمسافة معتبرة.

في 11/1/1967 كتب المجذوب رسالة إلى علي أبو سن، في لندن، وكان من ضمنها ما يلي.

((واشتد البرد هذا الصباح.. وعدت مساء أمس في منتصف الليل.. وتعشيت عشاء ثقيلا. سجق، وملاح بامية، ولحم محمر .. وأنا ممعود (مريض بالمعدة). وشربت كأس كونياك، وعدت إلى داري مبسوطا.. وفتحت الباب، ونهض شبحان يسلمان عليَّ، ثم شعرت بانقباضهما.. أخي قاضي محكمة مدني الشرعية وأخ لي صغير يقيم معه.. تصور رائحة الكونياك ليلة العيد يا عزيزي.. ولم أبالِ قط، وسلمت وسألت وطيبت خاطرهما.. متعجبا، مبتسما لدهشتهما ـ سافروا في الصباح .. ليتني سافرت إلى الدامر لأرى الصالحين)) .. ص 234 انتهى

وفي 2/11/1966، كتب المجذوب في رسالة أخرى إلى علي أبو سن، في لندن، ورد فيها:

((أحسب أن الأثر الصوفي العميق الذي قام عليه سوداننا الفكري قد إمَّحى إلا من نفوسٍ تعدها على الأصابع.. وقد خطر لي أمس أن استقيل من الخدمة في الحيكومة أو الحوكومة، واصير سائحا يجوب بلاد الله.. وليس معي إلا عصا، وإبريق، وفروة،، وأقلام، وأشعار)).. ص 199

هذان نموذجان يصوران باختصار شديد، حالة الشد والجذب المؤلمة التي عانى منها أبناء الأسر الدينية السودانية في شمال البلاد، ووسطها، من الذين أصبح الشعر والفن، عاملا محركا لحياتهم. وأتصور ضغط حالة الصراع على نفس المجذوب، وهو منقسم بين إرث آبائه الصالحين، وبين تدفق نفسه، واندلاقها في أودية الشعر. ومما ورد في سيرة العباسي يشير إلى نفس حالة الصراع هذه. ولا أعتقد أن المجذوب قد كان ينظر نظرة دونية للزنوجة حين تمنى طلاقة عيشٍ رآها تتميز بها. كما لا أعتقد، أيضا، أن المجذوب متشرب بأيٍ من صور الأخلاقية الطهرانية، القائمة على الإستعلاء الأجوف بالإيمان، أو بالنقاء، أو بالعفاف في صيغته الطهرانية المتزمتة. كل ما في الأمر، أن المجذوب تمنى لو يستطيع أن ييمم شطر الزنوجة، أو قل شطر إرثه الإفريقي، الذي هو جزء من تكوينه، الجسدي، والروحي، والنفسي، والأخلاقي، والذي أضحى يحول بينه وبين ورود معينه، تلك الغواشي الوافدة، من جائحات التشدد الإسلامي، في صيغته الفقهية، الطهرانية، المغلقة. وهي غواشى شابت ممارسات البيوت الصوفية، التي لم تسعفها محدودية تعليمها، وضآلة رأسمالها الفكري، والتأملي، من التحليق في سماوات التصوف، السامقة، في بعدها الإنساني، الكوكبي الواسع.

حين أعود سوف أحكي عن نجيلة والعباسي، و"مهرب" بادية شمال كردفان، الذي مثل للعباسي، وربما للناصر قريب الله، متنفسا، وحديقة خلفية.

Post: #36
Title: Re: صدقت اخي هشام الحسن
Author: Agab Alfaya
Date: 04-20-2004, 03:00 AM
Parent: #28

اخي هشام الحسن
لقد اسرني اسلوبك في افتراعك نهج خاص في الكتابة لا اقدر علي مجاراته ولا يسعني الا ان اقول لك كتر خيرك علي ما اتحفتني به من كلمات ارجو ان يكن لي فيها نصيب،

لقد اصبت كبد الحقيقة حين قلت :
Quote: وايضاً في كتابات د. عبد الله شيئ من ميراث فش الغباين السوداني لا يكاد يخفى ( اشار له هو حديثاً في عموده "مع ذلك" عن الأستاذ عبدالله ادم خاطر) حتى تجده يسمي عموداً له في الرأي العام ( لو كنت من مازن) وهذا من بعض بيت الهجاء، غليظ في حق ذهل بن شيبان..

لا يخفي علي كل متبصر ان دكتور عبد الله قد مارس هذا الاسلوب بمهارة فائقة في نقده لناس محمد المكي ومحمد عبد الله والنور وصلاح،

كنت اتنمي لو كنا التقينا تلك الايام ،تحياتي لمامون العجيمي

Post: #82
Title: Re: صدقت اخي هشام الحسن
Author: هاشم الحسن
Date: 04-24-2004, 03:21 AM
Parent: #36

شكراً لك منعم على أن سررت بإفتراعي و أنت الأبرع في الفن و الأطول باعاً..
و قد جاز لي التمني لو أن إلتقيتك في ايامنا تلك..كنت أشد صخباً من حالي الراهن و مناكف..!!

و لو كان في قولك!!
Quote: لا يخفي علي كل متبصر ان دكتور عبد الله قد مارس هذا الاسلوب بمهارة فائقة في نقده لناس محمد المكي ومحمد عبد الله والنور وصلاح،

بعض المرارة!!
فهاك منه في نقده لنفسه من مقالته في تقريظ عبد الله آدم خاطر التي سبقت إشارتي لها في حديث(الغباين)
Quote: يعجبني في كتابات الأستاذ عبد الله آدم خاطر مزاجه المعتدل الرائق، فكلماته التي ينشرها في «الرأي العام» تخاطب العقل وتثق فيه. وتنزل على الروح برداً وسلاما. فهو ليس مثلي (أو حتي الدكتور حسن مكي أو الدكتور الطيب زين العابدين) نصدر في أكثر ما نكتب عن خيبة في عقائدنا الأولى وأسف على خذلان الرفاق القدامي، فيشوب قلمنا العكر.

ثم، بعد تخريمة قست على بعضهم..يقول
Quote: (هل لاحظ القارئ أنني انصرفت عن عرفاني لخاطر الى نقد الزميل اليساري.. وهذا عين العكر)

و طبعاً يا منعم، ما من صفاء يعرف إلا بعد عكر..فهوِّن عليك في أخذه بهذه الناصية..
أما المأمون الفِصَيِّح فأظنه يتابع هذا البوست بحكم نشوقه المتأبد في الثقافي و توهطه على سرج الجدل..تصله التحايا..
و تكرم

Post: #30
Title: Re: كلمة انصاف في حق دكتور بولا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-19-2004, 06:32 PM
Parent: #1

اخي واستاذي دكتور النور حمد
اخي العزيز هاشم الحسن
احي العزيز بشاشة

اسمحوا لي قبل ان اعود للتعليق علي مداخلاتكم ان اسدي كلمة انصاف
في حق صديقي واستاذي الدكتور عبد الله بولا،

اتذكر بعد الانتهاء من القاء ورقتي التي قدمتهابالجلسة الاولي للندوة توجهت الي دكتور عبد الله بولا الذي كان قد حضر لتوه من باريس
للمشاركة فتسالمنا وتعانقنا توجهنا سويا لتناول طعام الفطور وكنا ناكل ونشرب ونضحك ونسال عن حال بعض ،
ثم تواصلت لقاءتنا ونحن علي هذه الحال مما اثار استغراب الكثيرين
حتي ان بعض اصدقاء بولا كانوا ينظرون الي شذرا،
طلب مني بولا ان اعطيه صورة من الورقة ،فعاد بعد يومين او تلاتة وناقشني فيهابكل تواضع العلماء ورحابة صدرهم وذكر لي معلومات اسمعها لاول مرة ،بل ووجه بعض اللوم لدكتور عبدالله ابراهيم في المداخلات التي شارك بها في بعض فعاليات الندوة،

كان دكتور حسن موسي ايضا من ضمن المشاركين وكانت المرة الاولي التي اتعرف فيهاعليه ،لكنه لم يناقشني في الورقة وقد عرفت فيما بعد بهذا المنبر ومن الاخ اسامة الخواض انه كتب رأيا سلبيا عن الورقة
في جريدة جهنم التي يصدرها،

اما الدكتور عبد الله ابراهيم فقد كان مشاركا لكنه لم يحضر ،
وقد بلغني انه مهتم بالورقة وينوي الرد عليها.


اخي دكتور النور واصل افتراعك الحديث الممتع عن الشاعريين المجيدين العباسي والناصر و قصة تعلقهما ببوادي شمال كرفان
ولي مداخلة بعد الفراغ عن حديثك

Post: #33
Title: Re: كلمة انصاف أيضاً في حق دكتور عبد الله
Author: Muna Abdelhafeez
Date: 04-19-2004, 10:28 PM
Parent: #30

العزيز عجب الفيا..

تحاياي..

أذكر أني قرأت مقال د. عبد الله علي ابراهيم موضوع النقد..
وانا لست من مناصري الدكتور ولا من أضداده .. ولكن سبب اهتمامي بتلك المقالة جزء من اهتمامي بمدرسة الغابة والصحراء الذي كان مرده حب روحي لاشخاصها.. لم يصل إلى قناعات فكرية..

وأقول في هذا الموقع.. أني قرأت تلك المقال في كتاب به مجموعة من المقالات للدكتور عبد الله علي ابراهيم في صيف 99.. أذكر جيداً أن الذي خرجت به من هذه القالة.. أن د. عبد الله ابراهيم ما أراد من الهجوم على جماعة الغابة والصحراء .. إلا فتح النار على الأسئلة التي ليس لها اجابات في الثقافة العربية الاسلامية.. وهذا ما قصده من تحالف الهاربين - حسب تقديري- ربما كان يرى في هؤلاء (اصحاب الغابة والصحراء)أنهم الأكثر كفاءة من غيرهم لنقد الثقافة العربية الاسلامية.. لذلك كان لومه عليهم شديداً..

الذي اود ان اقوله لا توجد ثوابت في مسائل الفكر ومدارس الهوية.. وإلا ما كان الاجتهاد.. ونفس القناعة التي جعلتك يا عجب الفيا تدعو إلى قراءة المدرسة - الغابة والصحراء في ظرفها الزمي - أدعوك لقراءة مقال د. عبد الله في ظرفه الزمني وأسبابه الموضوعية..

اشيد بطريقة نقدك للمقال - فقارئ ورقتك لا يمكن ان يكون له رأي آخر سوى رأيك .. وفي هذا مقدرة في استعمال المنطق والاسلوب البسيط..

السؤال الذي اريده ..

هل انت مقتنع بمدرسة الغابة والصحراء قبل كتابة الورقة اعلاه؟؟؟ وكنت تريد ان تثبت لنفسك قبل الآخرين ان خيار الغابة والصحراء هو الخيار الامثل في مسألة الهوية؟؟

ام انك نقدت ورقة د. عبد الله ومن ثم وجدت ان الغابة والصحراء هم من على حق؟؟؟

وهل يمكن للناقد أن ينقد بنظرة حيادية بحته؟؟ أم ان وجهة نظره تؤثر على طريقة نقده ؟؟
والمسألة ايضاً نسبية - ارجو ان لا تفهم من هذا انه اتهام.. ولكني اريد ان نفتح المزيد من المحاور للنقاش.

وماذا عن الهوية الآن عندك؟؟ هل هي ما زالت الغابة والصحراء؟؟
أم انه التنوع الثقافي داخل الوطن الواحد؟؟ غابة قحة أو صحراء قحة أو غابة وصحراء معاً..

اتمنى ان يجد كل من د. عبد الله ود. بولا الزمن الكافي للمداخلات لإثراء النقاش..

معزتي

Post: #37
Title: Re: كلمة انصاف أيضاً في حق دكتور عبد الله
Author: Agab Alfaya
Date: 04-20-2004, 03:04 AM
Parent: #33

Quote: اشيد بطريقة نقدك للمقال - فقارئ ورقتك لا يمكن ان يكون له رأي آخر سوى رأيك .. وفي هذا مقدرة في استعمال المنطق والاسلوب البسيط..
د
شكرا يا مني وكتر خيرك كتير

Post: #31
Title: صحبييييي عجب الفيا
Author: Maysoon Nigoumi
Date: 04-19-2004, 08:08 PM
Parent: #1

كل بوستاتك كالرسائل الغرامية
تجعلني أساهر
أجادل نفسي
اسهو أو أحلم
اصرخ
لا بد أن ناس البورد سئموا من غزلنا المعلن على البورد
طيب ماذا أقول
ما كثير
لا أستطيع ان أقول فأنا لم أقرأ للأستاذ عبدالله علي إبراهيم
و أول عهدي به كانت منذ عودته الأخيرة في التلفزيون
كان يتحدث حول الرهق الخلاق
و التي أقول بكل صراحة كانت
Absolutely boring
عفوا ليس لدي رأي موضوعي حولها
ثم كان في افتتاح مركز الدراسات السودانية
كان ينتقد تجربة اليسار في السودان
بالكثير من الفوضى و البديهيات
اوووه سيبدو و كأني أستقل من قدره
لا أستطيع...فرأي الشارع العام حقيقي يؤثر في ...فما ذكر اسمه إلا و تبعته شهقات إعجاب
لذا أنا معجبة ...لكن أحتاج زول يقول لي..أعجب بشنو
حتى في الصحافة....لا جديد
لكن عموما ما قرأته في الأعلى لا بد أنه ينضوي تحت محاولات الإدهاش
إتذكرت أنو مرادف المفكر عندنا في السودان هو المدهش!!!!
يعني محمود مفكر مش لأنو قدم منهج للتعامل مع الدين لكن لأنو قال كلام مدهش
حاول افصل محمود من الكلام الذي ينسب إليه و لن يسميه أحد مفكر
و كذلك الترابي...لا أدري لماذا يلزمني الكثيرون هنا في السودان أن اقول الكليشيه الممل
"أنا أختلف مع الترابي لكنه مفكر"!!!!!!لا تهمني كتاب الأحكام السلطانية....لا يرقى حتى لخواطر الشعراوي
لكن أقول حقا أنه مفكر في شيء واحد...كل عهود الدكتاتورية هنا في السودان جاءت بالصدفة
لكن الترابي هو أول من منهج الدكتاتورية في السودان
يعني ادوارد سعيد و الذي اعاد طباعة الامبريالية و لاثقافة حتى عام 2000 يكون زول ساي!
و الملام الحقيقي في كل هذه الزوبعة هو أكاديمينا الذين يخضعون للمجاملة و المداراة
و أنا ذنبي شنو؟أ أنا التي أورث كل هذا لماذا يكون إرثي مشوها
لماذا نحن الوحيدين الذين لا يمكننا حتى التأريخ الممنهج لحركاتنا الشعرية
ما عندنا زاتو حركات بالمعنى الدرسناه....بدون جهد النقاد و المختصين
تصبح مدرسة الغابة و الصحراء...عفوا سمعت من الشاعر محي الدين الفاتح أن هذه التسمية خاطئة
فهي تيار الغابة و الصحراء في مدرسة الحداثة
بدون كل هذه الجهود يصبح هذا التيار مجرد محاولات شعرية متقطعة
سؤال :
هل يمكن تصنيف محمد عبد الحي كبوست(ما بعد)غابة و الصحراء....صاحب مدرسة جديدة
خاصة و أن المدرسة السنارية تبني على الغابة و الصحراء ولا تبدو جزء منها
ديلك شكلهم زي محاولة خلق ديالكتيك أو حوار بين مكونين
بينما السنارية تحاول خلق وحدة للعناصر المفككة...و من هذه الوحدة
تعمل حاجة زي العين التي تبصر أو اللسان الذي يتذوق الأشياء من جديد
تعليق حول تبني الأفريقانية كمخرج لتحليل المحرمات
ماذا عن العري لنسائنا في الوسط العربي ...النيل الأزرق و كده
و شكل العلاقة بين رجالنا و نسائنا (رقص...عفوية) المسالة مع سكر و بس
Am I making sense?
Sleep well
bye

Post: #40
Title: Re: صحبييييي عجب الفيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-20-2004, 06:16 PM
Parent: #31

Quote: لا أستطيع...فرأي الشارع العام حقيقي يؤثر في ...فما ذكر اسمه إلا و تبعته شهقات إعجاب
لذا أنا معجبة ...

هذه واحدة من الحالات التي استهدفتها الورقة يا ميسون.
Quote: Am I making sense?

You are making much sense Mayso
Quote: كل بوستاتك كالرسائل الغرامية

دا ما غزل عديل يا ميسو !هسع ناس البورد ديل يقولوا علينا شنو؟

Post: #32
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: TahaElham
Date: 04-19-2004, 08:55 PM
Parent: #1

الاستاذ عجب الفيا لقد استهدفكم مرتين بالحوار مرة عندما كتبت عن العلائق بين اللغات الاثيوبية و اللغة العربية لم... حتي... تعقب علي ما كتبت . و استدعيتك للحوار حول مفهوم الدكتور امين معلوف للهوية الذي طرحه في كتابه (الهويات القاتلة) و لم تجب ايضا فاعتقدت انكم لا تريدون التعامل معي لاسباب تعرفونها انتم .
حول ورقة الاستاذ محمد جلال هاشم الافروعروبية او تحالف الهاربين ادعوا لقراءاتها بمنهج الاستاذ محمد عبد الخالق ( شبح عود المؤلف) لدراسة روايات الاستاذ الكاتب العاتي الطيب صالح .
يجب ان نسأل اولا من اي البني الفكرية و المنطلقات ينطلق الاستاذ محمد جلال هاشم . الدراسة معي ليس فيها ايضاح للمنهج او توضيج للثوابت و المنطلقات . و يعيب هذه الدراسة ايضا انها اوردت اجزاء من افكار العديد من المثقفين امثال الدكتور بولا المرحوم الدكتور عبدالله الطيب و الدكتور عبدالله علي ابراهيم . هذا النوع من الكتابة منحاز سياسيا و يجب مناجزته بالنظر الي تجربة قوات التحالف السودانية في المجالين الفكري ان وجد و السياسي

طه جعفر

Post: #34
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-20-2004, 01:57 AM
Parent: #32

وضح من حديث نجيلة، أن في البادية مشاهد أنثوية، وحسنا أنثويا، من النوع الذي يثير خيال الشعراء. خاصة، القادمين منهم، من مدن الوسط، التركية المنشأ، كالعباسي، والناصر قريب الله. ووضح من حديث نجيلة، أن نساء البادية يمضين كثيرا من الوقت في الخلاء، بمفردهن. فهن نساء يتمتعن باستقلالية كبيرة، وبنوع من شدة المراس، وربما شيء من ندية للرجال، لا تعرفه، بذات القدر، نساء المدن في السودان الأوسط. ويحرك كل ذلك المخيال "العربسلامي"، الشعري، وذلك بما يعيد من مشاهد، ورد ذكرها في كتاب الأغاني، وغيره من كتب التراث العربي القديمة. خاصة بعد أن أخذت الحياة العربية تنفلت، قليلا، قليلا، من قبضة الطهرانية الدينية، لتتلمس طريقها في فضاءات الفن والجمال، التي لا تزدهر إلا في أطار معقول من الحرية، والسماح.

ورد في شعر الناصر قريب الله، ما يشير إلى حرية المرأة، البدوية النسبية، واستقلالها النسبي، وبقاءها منفردة في أحضان الطبيعة، بعضا من يومها، كلما سنحت لها سوانح العمل، الذي تشارك فيه الرجال، في كثير من الأحيان. خاصة في أمور مثل، رعاية البهائم، وجلب العلف، والإحتطاب للوقود، وجمع الثمار البرية، وغير ذلك. قال الناصر قريب الله في قصيدته الشهيرة، "أم بادر":

وفتاةٍ لقيتها ثَمَّ تجني، ثمرَ السنطِ في انفراد الغزالِ

وقد أكد حالات الإنفراد هذه،الأستاذ، حسن نجيلة، في سياق آخر، حين حكى عن بدوية وجدها هو وصديق له، بمفردها، في الفلاة. وقد سألت نجيلة، بجرأة، حين رأته بهيئته المدينية على ظهر جمل، إن كان يُحسن ركوب الجمل. واقترحت أن يتسابق ثلاثتهما. وكان أن سبقتهما، وبمسافة كبيرة جداً. ويهمني من قصة تلك البدوية هنا، ما جاء فيها من وصفٍ حيٍ، خطه لها قلم نجيلة. فقد اتسم ذلك الوصف بانفعالٍ انسانيٍ، عفوي، يأسر من يقرأه. كما اتسم وصفه بحريةٍ، وتلقائيةٍ، أظهر فيهما نجيلة، تخففاً كبيراً من قيود الطهرانية، الدينية، النصوصية، المؤسسية.

كتب نجيلة في صفحة 119 من كتابه المشار إليه، عاليه، ما يلي:

((وفجأة ونحن نعلو كثيبا أغبر، برزت لنا فتاة على جملٍ (أصهب). وقد أحست بنا فتوقفت عن المسير لترى من القادم. وللبدويين فضول عجيب في تسنم الأخبار والتعرف إلى كل جديد حولهم. وعرفنا الفتاة، إنها الغفل، لفت ثوبها على خصرها في إحكام وتركت رأسها وعنقها وجانبا من صدرها دون دثار. ونهداها يمرحان في حرية فهي لا تلبس قميصا كأكثر البدويات، وسال شعرها على سالفتيها، وامتدت ساقاها السمراوتان المكتنزتان على عنق البعير والتفتا متعانقتين.. وفي يدها اليمنى سوط، ليس للرقص هذه المرة، وإنما لتحمل به الجمل ليغذ بها السير.

وعجبت ماذا تريد في هذا المكان منفردة؟ وسالها صديقي بعد أن حياها وسألها عن وجهتها، وكان بطبيعة حياته الطويلة بينهم، يعرف أهلها، وهي أيضا تعرفه. أجابت، بعد أن ردت التحية .. ضل بعير أهلي وأنا أبحث عنه. ـ قالت هذا في بساطة ويسر ـ ونظرتُ إليها ملياً، وأنا أعجب في نفسي لفتاة دون العشرين تؤدي كل هذه المهام، فهي بالأمس حول البئر تعاون في سقي الإبل وتعدو حولنا هنا وهناك، مغبرة لاهثة ـ وهي الآن وحيدة في القفر تبحث عن بعيرٍ ضال.. وهي في ساحات المرح راقصة بارعة تحتفي بجمالها وتجلوه لتأسر قلوب الشبان من حولها، وهي أمامي الآن فتاة اقرب إلى الفتي، شدة مراسٍ، وبأسٍ لا تخشى الوحدة في القفر فتجوبه منفردة)).. انتهى نص حسن نجيلة.

مشهد هذه الفتاة، كما صوره قلم نجيلة، ومقارنته لحالها، وهي تساعد على السقيا حول البئر، ثم وهي تضرب في قلب الصحراء، بمفردها، بحثا عن جمل ضال، ثم وهي متزينة، في أبهى زينتها، راقصة، بارعة، في حلبة الرقص، شاحذةً حد أسلحتها الأنثوية، لاصطياد قلوب فتيان القبيلة، إنما يشير إلى كثير من المعاني الإنسانية، في الثقافات الفطرية، التي تسمح للمرأة بالنمو الطبيعي، على مختلف الأصعدة. فهي فارسة شديدة المراس، تضرب في الصحراء، بمفردها، بحثا عن بعير ضال، وهي في احتفالات الحي، أنثى شديدة الوعي بأنوثتها، ترقص في الحلبة، بكل ما يرسله الجسد الأنثوي، الراقص، من رقة، وجاذبية. ويعيد كل ذلك، إلى الأذهان، صرخة الحياة الطبيعية، المدوية، التي سبق أن أطلقتها ولادة بنت المستكفي،من حوالي ألف عام، حين قالت بشموخ، واعتداد أنثوي مخيف، تلك القولة، "الفيمينزمية" المبكرة، التي خلدها لها التاريخ:

أنا والله أصْلُحُ للمعالي، وأمشي مشيتي، وأتيه تيها
وأُمْكِنُ عاشقي، من صحن خدي، وأُعطي قبلتي من يشتهيها

الشاهد، أن البادية الغربية، قد قدمت، هي الأخرى، مرتعا لأولئك الشعراء، الذين ضاقوا بوطأة الإختناق في أزقة المدن "العربسلامية" في السودان الأوسط. إذ اكتشفوا حين أوغلوا فيها، عالما آخر، ظل خارج وعيهم المديني، المسور، بتقاليد المحافظة، وحبس النساء في الخدور، ونصوص الفقهاء، اللاصقة على بقايا جدران مدن الوسط التركية المنشأ، والهوية. وجدوا في البادية، عالماً ملؤه الجمال، والسحر، والشاعرية. وجدوا عالما بكرا، نضرا،طازجا، وملهما للخيال الشعري. وربما وجدوا فيه استجابات، وأن قلت، لقرصات الجوع الحسي، الذي تأكل ناره حشاشات الشعراء والفنانين المغتربين بفنهم في بقايا حواضر التركية الراسفة في مخلفات أغلال طهرانية الفقه المظهرية.

وجدوا في مهامه البادية القفر، جمالا، ومراحا، وبراحا، وغموضا، وفضاء ممتدا للمغامرة. قدمت لهم البادية، ببساطة حياتها، وتلقائيتها، وسلاسة مسلك نسائها، واستقلالهن، وجمالهن غير المحجوب، نوعا من الغذاء الروحي، ـ وأقول الروحي، هنا، (بكل قوة عين). وهو زاد يحتاجه الفنان، وتهفو إليه نفسه. فالفنانون، والشعراء، يتعطشون للجمال البشري، المتمثل في هيئة الأنثى. والكلف الإنساني، بالجمال وغامض دلالاته، المندغمة، في مسند الجسد الأنثوي، ليس شأنا سودانيا، أو عربيا، أو إسلاميا، وإنما هو شأن أنساني، وقد ارتبط بالفن يوم أن وُلد، وبقي معه حيثما وُجد، ولسوف يبقى معه، إلى يوم يبعثون. ولعل من غرائب انتصارات الفن على الطهرانية، الكنسية، المتزمتة، رسومات النساء العاريات في أحضان الطبيعة، التي أبدعتها أنامل رسامي عصر النهضة، من الرواد الكبار الذين تحايلوا على القيود، بطرق المواضيع الدينية، التي كانت مفروضة عليهم، على كل حال.

لقد ارتبط الفن بالجمال، وبالحس، وبالجنس، وبالشهوة، وبدلالات كل أولئك، الإعلائية، الترميزية، المنفتحة على عالم المعنى، كما هو ظاهرٌ في النسيب الصوفي، الذي لا ينفصل فضاؤه العرفاني، عن مشاهد الحس، وما يتصل به من أخيلة نفسانية. ومن لا ينظر إلى الفن، شعراً، كان، أم غناءً، أم رسماً، أم نحتاً، إلخ.، من غير أن يستصحب معه، كل هذه الإرتباطات المعقدة، المتشابكة، التي أشرت إليها، عاليه، فهو إنما يتحدث، في حقيقة الأمر، عن شيء هلامي معلق في الهواء، لا علاقة له بالإنسان، أو بعالمنا هذا. وهنا يكمن مأزق "الطهرانية" Puritanism في كل تجلياتها التاريخية، التالد منها، والطريف.

يواصل نجيلة حكيه عن يومياته مع العباسي حين يجيء في زيارة البادية، فيقول، في صفحة 173:

((وكانت نساؤهم وبناتهم من حولنا، في براءة يتقدمن إلى الشيخ العباسي ويقبلن يده في إكبار واحترام. ولقد ذكرت في كتابي (ملامح) كيف كنت أعابثه بشعر الشريف الرضي، كلما قدمت حسناء فارعة القوام ممشوقة القد، فتهوي إلى يده لتقبلها، فأنشده في صوت خفيض والسرور يشع على وجهه المشرق:

أهوى لتقبيل يدي، فقلت: لا! بل شفتي

ويشاركني الإنشاد لأبيات أخرى للشريف الرضي، في مثل هذا الموقف:

ومُقَبِّلٍ كفِّيْ، وددت لو انه، أوما إلى شفتيَّ بالتقبيلِِ (تُقرأ "لو انه" بتخفيفٍ شديد)
جاذبته طُرَفَ الكلامِ وبيننا كِبْرُ الملولِ، وذلةُ المملولِ
من لي به، والدارُ غير بعيدةٍ، من دارهِ، والمالُ غيرُ قليلِ؟

ولا شك أن اتفاقا من نوع ما، قد نشأ بين نجيلة، وبين العباسي، وهم يخوضان غمار تجربة عيشهما معا في تلك البيئة البدوية، الكردفانية، الشمالية. أعني اتفاقا أصبحا بموجبه، يُسَارَّانِ بعضهما بعضا، بلا كثير كلفة، أو حياء، أو تحفظ. أي أن حالة من المكاشفة، قد حدثت بينهما، أصبحا لا يستحيان معها، من التفكير بصوتٍِ مسموع، أمام بعضهما بعضا. وأكاد أجزم أن نجيلة فد أخفى أموراً، كثيرة أخرى، ربما لم يجد الشجاعة الكافية لإثباتها في كتبه. أو أنه رأى أنه ليس من المستحسن، (إجتماعيا) إثباتها.

ويمضي نجيلة ليورد الأبيات الرقيقة، التالية، عن العباسي، وهو يصور ما تجلبه له تلك الزيارات من أنس:

إن زرت حياً طافت بي ولائده، يفدينني، فعلَ مودودٍ، بمودودِ
وكم برزن إلى لقيايَ في مرحٍ، وكم ثنيْنَ، إلى نجوايَ، من جيدِ
لو استطعن، وهن السافحات دمي، رشفنني، رشفَ معسولِ العناقيدِ

أما الناصر قريب الله، فقد دس ما جرى بينه وبين الكاهلية، التي وجدها تجني ثمر السنط في انفراد الغزال، في تلافيف قصيدته الشديدة الروعة، "أم بادر". قال الناصر:

وفتاةٍ لقيتها ثَمَّ تجني، ثمر السنط، في انفراد الغزالِ
تنمح الغصن، أسفلَيْ قدميها، ويداها في صدرِ آخرَ عالِ
فيظل النهدان في خفقان الموجِ، والكشح، مفرطٌ في الهزالِ
شاقني صوتها المديد تنادي، والعصافير، ذاهبَ الآمالِ
إلى أن يقول:
فجزا الكاهليةَ الحبُّ عني، ما جزتني، عن جرأتي، واتصالي

ولكي يتيسر لنا مزيد من الفهم لطبيعة ذلك المسرح، التي ربما غايرت طبيعته، طبيعة مدن الوسط، نعود إلى نجيلة..

حكى نجيلة، في صفحة 91، من الكتاب المشار إليه، عاليه، عن إمرأة عاشقة، شاعرة، مات عنها زوجها في حادث شجار قبلي. وقد كان يختلف إليها في خبائها:

((لست أنسى ما حييت تلك الشادية المحبوبة التي كانت تنشيء الأغاني في سهولة ويسر وفي نظم منسق يدل على الفطرة السليمة والموهبة الخارقة .. زينة بنت معافي، وقد علمت أنها ما تزال حية وإن نال منها الكبر ـ ، سنة الحياة.. وكنت أُلِمُّ بخبائها كلما احسست بإنقباض ووحشة.. أحبًّتْ رجلاً، واسعدتها الأقدار فتزوجت به، ونعما معا ثم قُتل في حادث مفاجيء مؤلم.. ووهبت حبه، وذكراه حياتها فلم يدخل قلبها رجل آخر، وذوبت مشاعرها في أغانٍ موجعةٍ تذكر فيها حبها الذي ومض في حياتها كبرق خاطف واختفى.. ووجدت في الأغاني التي كانت تبعثها جياشة تنفيسا لما تعاني من حزن عميق. وكنت إذا جئت دارها تلقاني أبوها أو أخوها، أو أمها في ترحاب بالغ صادق، وأسرعت هي إليَّ محتفيةً وجلسنا معا.. وليس في البادية هذا الإنفصال الذي يتميز به المجتمع عندنا. فالمرأة تستقبل زوار زوجها أو أخيها وترحب بهم وتكرمهم، وقد يجلسون جميعا معا. فالدار واحدة وليس بها غرف منفصلة فلا خشية ولا سوء ظن)).. انتهى ص. ص. 91-92.

واضح أن هذه البيئة، التي وصفها نجيلة، هنا، فيها كثير مما هو مختلف عن بيئة مدن الوسط، التركية المنشأ، المكبَّلَة بكثير من أخلاقيات النصوصية الفقهية. ولذلك، فيمكن القول، وربما باطمئنان شديد، أن كلف العباسي، والناصر قريب الله ببيئة بادية شمال كردفان، قد مثلا رغبة، في التخفف من قيود مدن الوسط. فالهجرة، أو "الهرب" وفق منطوق مقترح الأخ الدكتور عبد الله علي إبراهيم، لم يكن، صوب الجنوب، وحده، من جماعة الغابة والصحراء. وإنما صوب الفضاء المتفهم للطبيعة البشرية، والصديق للفن، ولروح الفنان. وهذا البراح الإنساني، متوفر على نحو ما، في حياة الجماعات الرعوية البسيطة، ممن لم تفسد عليهم مؤسسات الفقه الرسمية، أسلوب حياتهم، بخلقها نمطا للعيش عقيما، خانقا، ومفتعلا.
وهذا المتنفس كان متوفرا في الريف البدوي الذي أحبه كل من العباسي، والناصر. وهو نفس الريف الذي هفا إليه قلب المجذوب، واستلهمه جماعة الغابة والصحراء في رجعاهم السنارية.

لقد أدخلت حواضر الوسط، التركية المنشأ، روحا جديدا على الحياة السودانية. روح لم تعرفه نساء الريف، في حياة الوسط. فالنساء في إقليم السودان الشمالي، لم يكن في يوم من الأيام، نساء خدور. بل قد كن نساء حقول، وسباحة في النيل، وعبور له إلى الجزائر، المتقطعة هنا، وهناك، في وسطه، سقيا للزرع، وجلبا للعلف، ومشاركة في كل جزئيات صناعة الحياة. وهذه التقاليد القديمة، في شأن الحرية النسبية للمرأة السودانية، تقاليد متجذرة، في دولة سنار، وقبلها في الدويلات المسيحية، ورجوعا حتى العهدين المروي، والنبتي. والردة التي لحقت بالمرأة السودانية، في حواضر الوسط، بفعل نمط الحياة التركي، قد تكررت مرة أخرى، على أيدي التيارات الفكرية، الطهرانية، المتزمتة الوافدة، مما مثلته الجبهة القومية الإسلامية، في كل أطوارها، منذ أن صدعت، بخطباها السلفي، الإقصائي، المنبت الجذور عن تربة السودان. وفد بلغت تلك الردة أوجها، علي أيدي الجبهة القومية الإسلامية السودانية، إبان حقبة نميري الأخيرة، وفي بدايات حكم الإنقاذ الحالي، حين أصبح من واجبات الشرطة أن تسأل أي رجل وإمراة ضمتهما مركبة، أو جمعهما مجمع، عن وثيقة زواجهما، أو ما يثبت أنهما من ذوي المحرم!! ورغم ذلك الكلف السلفي، والتمثل للنموذج السعودي، فقد خرجت الحياة السودانية، من براثن الغول الإسلاموي. فوقف مبهوتا، محتارا.

الشاهد أن البراح، والسماح، وكفل حق النمو للأفراد، دون تعمد للحفر في ضمائر العباد، ودون ارتباك أمام ما هو أصلا، من طبيعة الحياة، خاصية تغلب عليها الروح الإفريقية. وما من شك، أن إسلام إفريقيا، لم يعد هو إسلام جزيرة العرب. لقد روًّض الأفارقة إسلام الصحراء، ومَدَّنُوه. فعلوا ذلك وهم يأخذونه من أيدي المتصوفة، لا من متون الفقه الصفراء. وهذا حديث ربما طال، وأتركه حين أجد الوقت لزيارة مالي، وتمبكتو القديمة، وربما بعض الفضاءات السنغالية، والموريتانية..

حين أعود سأعقب على ما تفضل به الدكتور عبد الله علي إبراهيم من ضرورة خلق مساحة للسماح في داخل الثقافة العربية الإسلامية، به تتسع دوائر الحرية الشخصية، والحرية السياسية، بدلا من "الهروب" إلى أفياء الثقافات الأخرى. وهذه دعوة سديدة، رغم ما يمكن أن يساق فيها من ملاحظات، لا تمس جوهرها كثيراً. وبالتالي لا تنقص من قدر تلك الدعوة. وهذا يجر إلى الساحة، وبالضرورة، فكر الأستاذ محمود محمد طه، الذي أرى أن الدكتور عبد الله علي إبراهيم، قد تجنب الخوض فيه كثيرا.

Post: #35
Title: Re: الاخ العزيز طه جعفر طبعا دا ما ممكن يحصل
Author: Agab Alfaya
Date: 04-20-2004, 02:04 AM
Parent: #1

كتب الاخ الاستاذ طه جعفر يقول
Quote: الاستاذ عجب الفيا لقد استهدفكم مرتين بالحوار مرة عندما كتبت عن العلائق بين اللغات الاثيوبية و اللغة العربية لم... حتي... تعقب علي ما كتبت . و استدعيتك للحوار حول مفهوم الدكتور امين معلوف للهوية الذي طرحه في كتابه (الهويات القاتلة) و لم تجب ايضا فاعتقدت انكم لا تريدون التعامل معي لاسباب تعرفونها انتم .

بالله ياطه انت تاريك شايلوا قدر دا وانا ما عارف

يا اخي قول بسم الله دا كلام شنو دا ؟

بس عشان تعرف انو كلامك ما صاح عليك الله راجع بوست الحبشية والعربية
في ارشيف 2003 او في مقالات مميزة حتلقي ردي عليك ،

اما احالتك الي امين معلوف فلا اذكر في اي بوست كانت،الشي المؤكد هو انني لم اقرا لك كلاما من هذا القبيل،
بحث محمد جلال جري حوله نقاش في هذا البورد لمدة طويلة وسوف احاول انزاله مرةاخري لو امكن

ثق يا اخ طه انني لا احمل لك سوي المودة والاحترام ولا يوجد اي سبب يجعلني اغلق ابوب الحوار دونك،
اتذكر اننا التقينا ايام الندوة بالقاهرة مع محمد عبد الخالق، تحياتي له

Post: #38
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-20-2004, 05:41 AM
Parent: #1

الاخ الفيا
حتى نستعدل النقاش ارجو توضيح الاتي:

ذكرت ان بولا وحسن موسى هم ايديولوجيون في فهمهم للثقافة السودانية

وذلك من خلال نفيهم للمكون العربي الاسلامي

وحسب معرفتي بكتاباتهم فهم اساسا كانوا ينتقدون الايديولوجيا

فارجو توضيح هذه النقطة

المسالة الثانية انك قلت ان عبدالله على ابراهيم ينفي المكون الافريقي في

الثقافة العربية

وانا اعتقد ان هذا ليس صحيحا ولا يمكن ان يصدر من مفكر وكاتب بحجمه

مهما اختلفنا حول ارائه

فارجو توضيح هذه النقطة ايضا

وارقد عافية

المشاء

Post: #41
Title: Re: وكيف تكون آلايدلوجيا يا اسامة؟
Author: Agab Alfaya
Date: 04-20-2004, 07:37 PM
Parent: #38

يا اهلا وسهلا بالاخ اسامة الخواض
بدات حديثك قائلا:
Quote: حتى نستعدل النقاش ارجو توضيح الاتي:


لا اظن ان النقاش به اي عوج ،حتي الان، يا اخ اسامة،
فكل المتداحلين جاءت مشاركاتهم في صلب الموضوع
Quote: ذكرت ان بولا وحسن موسى هم ايديولوجيون في فهمهم للثقافة السودانية

وذلك من خلال نفيهم للمكون العربي الاسلامي

وحسب معرفتي بكتاباتهم فهم اساسا كانوا ينتقدون الايديولوجيا

فارجو توضيح هذه النقطة

تقول يا اخ اسامة
" حسب معرفتي بكتاباتهم،فهم اساسا كانوا ينتقدون الايديلوجيا"
اي كتابات تقصد؟ اناهنا اتحدث عن نصوص معينة ومحددة جدا اوردتها واشرت الي المصادر التي اخذت منها هذه النصوص ،
انا هنا انطلق من نصوص ولا انطلق من خلفية معرفتي المسبقة ببولا وحسن موسي واظن هذه من ابجديات القراءة ، وانت سيد العارفين،

لا احكم علي النص من شخصية صاحبه وخلفيتي عنه وانما احكم علي ما يقوله النص.
هل تحتاج مني ان اذكرك بنظرية موت المؤلف وما جرته علينا من نكد؟
رغم راي الذي تعرفه فيها،
اعتقد انني تحدثت باسهاب من داخل هذه النصوص عن البعد الايديولوجي الذي قاد ثلاثهم الي التناقضات التي انتهوا اليها،
ها هي نصوص عبدالله بولا وحسن موسي واجهها اعد قراءتها بدون قناعات مسبقة ثم تعال واثبت انها لا تنطوي علي اي قدر من الايدولوجيا وانا اكون سعيد بذلك.
Quote: المسالة الثانية انك قلت ان عبدالله على ابراهيم ينفي المكون الافريقي في

الثقافة العربية

وانا اعتقد ان هذا ليس صحيحا ولا يمكن ان يصدر من مفكر وكاتب بحجمه

مهما اختلفنا حول ارائه

تقول يا اخ اسامة:"وانا اعتقد هذا ليس صحيحا"
انت تتحدث عن قناعات وعقائد مسبقة وهذه هي آلايدلوجيا في قمتها،
وانا اتحدث عن نصوص صريحة وقاطعة،و لا تحتاج الي اي تاويل
ولا اظن ان هنالك ضرورة ان اعيد عليك هذه النصوص فهي اوضح من الشمس
والمسالة لم تقف في حدود النصوص بل تعدتها الي المواقف العملية،

المشكلةانك وضعت صورة معينة في ذهنك تحولت هذه الصورة الي عقيدة،او
قل الي ايدولوجيا وبالتالي فانت غير مستعد ان تسمع اي شي من شانه
ان ينال من تلك الصورة المثاليةاو يصطدم معها،
وهذه مشكلة القطاع العريض من قوي اليسار الماركسي الذي لا يزال يراهن علي عبدالله ابراهيم باعتباره المفكر الناطق باسمه رغم كل شي ,
اليس هذا هو الاستلاب بعينه ؟وكيف تكون الايدلوجيا اذن يا اسامة؟
مع احترامي الشخصي لعبدالله ابراهيم ممثلا لنفسه،

ارجو ان تعيد قراءة الورقة بذهن مفتوح ،ونحن في انتظارك

Post: #39
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Elmosley
Date: 04-20-2004, 12:43 PM
Parent: #1

فوق

Post: #42
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-20-2004, 07:41 PM
Parent: #39

دائما فوق يا الموصلي ومشتاقين كتير

Post: #43
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: AbuSarah
Date: 04-20-2004, 09:09 PM
Parent: #1

الاستاذ عجب الفيا

تحية طيبة،،

رغم اني ما زلت متتبعا قراءة هذه الورقة النقدية والتي يكنني ان اسميها " نقد النقد" ، الا انني اقدر جهدك البناء في تأسيسها.

لي اراء حولها كثيرة من منظور اجتماعي بعيدا عن الايدولوجيا الحزبية سوف اتحدث عنه لا حقا بعون الله الا اني اود ان الفت الانتباه وبعيدا عن النظرة الاعتذارية الانشدادية تجاه نقد من سبقونا لماذا لا يكون استقدامنا لحلقات من النقد بقدر ما تقتضي مسيرة واقع السودان الثقافي والاجتماعي اليوم....

هل حين اجتمع نخبة من الجنوبيون في ادير عام 1992م ليقيموا تجربة الجبهة الاسلامية في سياق علاقة السودان الشمالي بالجنوبي وخلصوا " الى ان السودان قد تطور في اتجاهين افتراقيين ، هما العروبة في الشمال " متوجة في نظام الانقاذ وشريعته" والزنوج في الجنوب " ممثلة في حركة الرفض التي تقودها الحركة الشعبية" هل كان هذا التوصيف خاطئا بمعطيات الواقع التي افضت الى ما يسمى بتقرير المصير.... وهل هذا يمكن ان يصنف بناءا على رؤيتك في مقدمات قراءتك اعلاه بانه ايديولوجيا ام ان هناك واقع اجتماعي وحراك هوية حقيقي افضى الى مثل تلك المواقف شمالا وجنوبا...

هل الواقع السوداني بعافية الى درجة ان كل من يطالب بتفكيكه او اعادة تشكيل العقل فيه يعتبر بغير واقعي وانه مجرد ايدولوجيا اواتوبوبيا؟
وصف المؤرخ الغربي الشهير ارنولد توينبي وصف حالة السودان حين سؤل عنها في الثمانينات بقوله " ان مشكلة السودان هي مشكلة افريقيا التي تنقسم على نفسها قسمين" في اشارة واضحة بان الخلية البيولوجية السودانية شمالها وجنوبها شرقها وغربها لم تخلو تماما من المؤثرات الجينية افريقية كانت او عروبية هذا على مستوى العرق البشري الذي لم يجد له نقاء في عالم اليوم سواء كان حاميا او سامياخاصة في شمال السودان.

اوروبا وامريكا التي تبدو اليوم نموذجا رائعا في تطبيق نموذج للدول التي تقوم على مبدآ المواطنة وصلت لهذا الحال بعد جهد جهيد بغض النظر عن مسالة الحروب بل هناك سجال فكري نقدي عنيف ركز حول الاسس التي تقوم عليها الدولة : فهل اس الاساس في ذلك هو العرق ام اللون ... اللسان ... ام هو ارادة العيش والبقاء بناء على روابط التاريخ والمصير المشترك بين مكونات تلك الدولة بتنوعها.

الاعتزاز بعرق او نقائه لا يمكن ان تتجرد منه النفس البشرية ولذا كنت دوما وما زلت اقول فيما يتعلق بحالة السودان لا نريد عربيا ان يتجرد من عروبته مثلما لا يسرني ان يتنكر زنجيا لزنجيته فان حدث هذا فهذا يعني ان هناك وطن زائف لا يقوم على هوية معترف بها ومتصالح معه في الذوات الفنية لمواطينه.... فليعتز الكل بمكنونه على مستوى ذاته عشيرته قبيلته ولكن عليه ان يتواضع حين يتعلق الامر بالدولة السودانية التي ينبغي ان يفتخر المرء بكل ما هو متمبيأ في ارضها من انسان وثقافة.

اتمنى ان تواصل في ورقتك لتخاطبك معطيات الواقع الراهن المتشظي منذ يونيو 1989م والذي افرز اشكاليات عديدة المطالبة بتفكيكها لا يصنف في خانة الايديولوجيا بقدر ما هو ينصب في خانة الحراك الاجتماعي ووفق قوانين التطور الطبيعي للعقل السوداني ووعيه وادراكه بضرورة التعايش في وطن اسمه السودان له هوية غير متنازع فيها شرقية كانت او غربية....

ودمتم

ابوساره

****************************************************************
مكتوب لك الدهب المجمر تتحرق بالنار دوام

Post: #44
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Alia awadelkareem
Date: 04-20-2004, 11:03 PM
Parent: #43

فوق

Post: #45
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: haneena
Date: 04-21-2004, 01:30 AM
Parent: #44

الاخ عجب الفيا والمتداخلين
شكرآ لهذا البوست والنقاش الراقي

قرأته منذ البداية وشاركت بالصمت

لكم الود
شكرآ عجب الفيا مرة أخري

Post: #50
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-21-2004, 06:00 PM
Parent: #45

الاخت العزيزة حنينة
نورت والله
شكرا ليك علي الطلة والمتابعة الرصينة
وعارفك ما بتقصري يا نبع الحنان


الاخت الاستاذة عالية
يا الف مرحب بالزيارة وسوف نردها قريبا
ودائما نشوفك فوق

Post: #51
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-21-2004, 06:06 PM
Parent: #43

Quote: الاعتزاز بعرق او نقائه لا يمكن ان تتجرد منه النفس البشرية ولذا كنت دوما وما زلت اقول فيما يتعلق بحالة السودان لا نريد عربيا ان يتجرد من عروبته مثلما لا يسرني ان يتنكر زنجيا لزنجيته فان حدث هذا فهذا يعني ان هناك وطن زائف لا يقوم على هوية معترف بها ومتصالح معه في الذوات الفنية لمواطينه.... فليعتز الكل بمكنونه على مستوى ذاته عشيرته قبيلته ولكن عليه ان يتواضع حين يتعلق الامر بالدولة السودانية التي ينبغي ان يفتخر المرء بكل ما هو متمبيأ في ارضها من انسان وثقافة.

فتح الله عليك اخي ابو سارة هذا ما رمت اليه الورقة تحديدا
وبعد ان تكمل قرائة الورقة سوف يتضح لك ذلك،
ارجو متابعة بقية الردود لجلاء الامر اكثر

Post: #47
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-21-2004, 05:47 AM
Parent: #1

Quote: ان تيار الغابة والصحراء وقع ضحية لسلطة الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي –ذي التمركز الاوروبي- في تبنيه لمفهوم "البدائية".
ولم ينج من تاثير ذلك الخطاب مفكر انساني مثل الاستاذ محمود محمد طه وسنبين ذلك في حينه.

اولا دعوني اعلن رايي في تيار الغابة والصحراء ,
والذي لم يصدر بيانا ابداعيا يوضح رؤيته للعالم و الثقافة السودانية والابداع.

فعلى الصعيد الابداعي ارى ان له مساهمة شعرية رفيعة,
لكنه كمشروع ثقافي يتسم بالاختزالية التبسيطية للمكونات المتعددة والمتشابكة للثقافات ولا اقول الثقافة السودانية.
فهو حصر المسالة كلها في تيار عروبي واخر افريقي .

واحيانا كثيرة كان ذلك" الافريقي" يعني فقط جنوب السودان كما في حالة محمد المكي ابراهيم .
والذي يعتقد ان بالجنوب ثقافة واحدة وليست ثقافات متعددة.
ويعود ذلك في جزء كبير منه كما ا وضح ذلك مقال عبد الله على ابراهيم الى ان تيار الغابة والصحراء وقع ضحية لسلطة الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي –ذي التمركز الاوروبي- في تبنيه لمفهوم "البدائية".
ولم ينج من تاثير ذلك الخطاب مفكر انساني مثل الاستاذ محمود محمد طه وسنبين ذلك في حينه.

كما ان تيار الغابة والصحراء تيار غير ديمقراطي من خلال تبنيه لفكرة البوتقة والتي اشار اليها بالمعية مدهشة عبدالله على ابراهيم في مقاله الذي اغضب الفيا.
واسمحوا ان استصحب في المرات القادمات التجربة الامريكية الثرة في مجال التعددية الثقافية.
وساعود في حينه لتبرير اهمية ومبرر ذلك الاستصحاب.

اعتقد ان ورقة الفيا لم تنجح في التدليل على فرضية من الفرضيات التي تبنتها الورقة.
والفرضية تتعلق بقراءة بولا وحسن موسى ذات الطابع الايديولوجي و التي تسعى الى" التقليل من وربما نفي المكون العربي الاسلامي".

ببداهة المنطق لا يستقيم هذا الكلام لان الكاتبين اصلا محسوبان على الجماعة العربية الاسلامية.
وقدر من بسالتهما المعرفية تاتي من ذلك الاعتبار.

وبالرغم من ذلك الانتماء الثقافي بحسب النشاة الا انهما ما قصرا ابدا في فضح المركزية الثقافية العربية الاسلامية. كما ان لحسن موسى تجربة في استلهام الحرف العربي في نصوصه التشكيلية.
وارجو ان يقوم التشكيليون مثل النور حمد وبولا بالقاء الضوء على تلك التجربة .
فمبدع مثل هذا لا يمكن ان يقلل من قدر الثقافة العربية الاسلامية او ينفيها كمكون من مكونات الثقافات السودانية.

ان الاستشهادات التي اوردتها الورقة لا تشير من قريب ولا من بعيد الى نية بولا وحسن موسي للتقليل من او نفي المكون العربي الاسلامي.
لكنها في المقابل تكشف الاسس الايديولوجية المستترة لتيار الغابة والصحراء وتطور ذلك التيار.

واذا كانت ورقة عبد الله علي ابراهيم " الجليلة والفريدة والسديدة " كما يرى بولا وحسن موسى بحق, قد حللت الاسس الواهية والجذور اللاواعية في الخطاب المؤسس لتيار الغابة والصحراء,فان بولا وحسن موسى كانا ينقدان ذلك التيار في تطورة , وهذا مقام جليل من مقامات البحث لم تنتبه اليه ورقة الفيا .

وقد اشار بولا وحسن موسى الى ما ال اليه حال ذلك التيار حين اندلعت الحروب الثقافية وانهار نموذج" المصهر". فما كان من رموز ذلك التيار الا الانحياز الى" الصحراء",
تاركين" الغابة وهي تحترق".

واعتقد ايضا انه حتى على المستوى الابداعي فان رموز ذلك التيار تبنت خيار الصحراء وسنعود لذلك في وقت اخر كما سنتناول الاضافة التي قدمتها ورقة عبدالله على ابراهيم , وفي ذلك اصدر من اتفاق مع بولا وحسن موسى حول اهمية هذه الورقة.
وهذه مقاربة تختلف مع الفكرة الاساسية التي انبنت عليها ورقة الفيا

ارقدوا عافية
المشاء

Post: #48
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 04-21-2004, 06:21 AM
Parent: #1

والله يا اخوانا واخواتنا حتسهلوا الموضوع شوي لو كل متداخل ورانا بالاول هو جاي من وين، في موضوع هوية السودان كشعب .

بلاحظ في تغليب شديد للجانب الابداعي للمذكورين في ورقة الاخ عجب، مما يبعدنا قليلا عن موضوع الهوية.


الاخ اسامة
اتمني تشرح لينا ماهية الثقافة العربية في السودان. من جانبي هذه مسلمة لا اساس لها من الصحة. ثقافة السودان افريقية بحتة مع تأثير عربي عرضي، تسرب الينا مع الاسلام عامة والاسلام السياسي تحديدا.

Post: #49
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-21-2004, 07:27 AM
Parent: #48

وُلد العباسي عام 1880، وحين اندحرت جيوش المهدية في كرري، أمام حملة كتشنر، عام 1898، كان عمره 18 عاما. وبعد عام من احتلال كتشنر للخرطوم، أرسله والده، الشيخ محمد شريف نور الدائم، إلى الكلية الحربية في القاهرة، إستجابة لطلب من كتشنر. وحين عاد العباسي، من بعثته في القاهرة، عاد إلى حياة التتلمذ الصوفي على أبيه، وظل يصحب أباه في جولاته بين أم درمان، وبين بادية الكبابيش. وكان أبوه يقوم بتلك الجولات، في الأرياف البعيدة، بحكم أنه شيخ، الطريقة السمانية. وحين توفي والده، في 1907، كان عمر العباسي 27 عاما. ويبدو أن رحلاته مع أبيه، كمريد، وتلميذ في طريق التصوف، قد تحولت، بعد وفاة والده، إلى رحلات شاعر، عرف بالتجربة، أن في تلك البادية متنفسا، وبراحا، لم يعرفهما في مدن الوسط. ((راجع كتاب، "في الأدب السوداني المعاصر" للدكتور، حسن أبشر الطيب. الطبعة الأولى، 1971، الدار السودانية. ص. ص. 32-33)).

الشاهد أن كثيرا ممن نشأوا في بيوت صوفية، أصبحوا شعراء. وذلك بحكم ارتباط التصوف، والبيوت الحاملة لإرث التصوف، بالأدب وباللغة، وبالقراءة، والكتابة، وبالتراث في عموم أشكاله المرقومة. يضاف إليهما التراث الشفاهي المروي الذي تحفظه، وتداوله البيوت الصوفية، جيلا، بعد جيل. فالوجدان الصوفي، والوجدان الشاعري، مخلوقان من مادة واحدة، فيما أزعم. والشاعر الكبير، والصوفي الكبير، يتشاركان مساحة كبيرة جدا، فيما يتعلق بالقدرة على التعرف على مواطن الجمال في المحيط، في مما يلي الهيئات العينية، والتجسيدات، ومما يلي المعاني، وما ينجذب نحوها، من طرف الهيئات، والتجسيدات، والتعيينات، وهي تتسامى وتتحول إلى دلالات ترميزية، إعلائية. ولا غرو أن أصبح كل من العباسي، والناصر قريب الله، ومحمد المهدي مجذوب، شعراء كبارا. فكلهم نشأوا في بيوت صوفية كبيرة. غير أن عالم الشعر اجتذبهم بحريته، وأنسه، وحلاوته، وقلة تكاليفه. في حين طردهم عالم التصوف، بجفافه، ووحشته، وكثرة تكاليفه، وصرامته. فكان أن هجروه، على الرغم من أنه كان تراث آبائهم، وأجدادهم. وقد مال المجذوب، بحكم نشأته الصوفية، إلى الأستاذ محمود محمد طه، في شبابه، وأصبح من الأعضاء الأوائل في الحزب الجمهوري، غير أنه، سرعان ما ابتعد عن حركة الجمهوريين، وعاد للعيش، في عوالمه الشعرية. وسوف أبحث في صلة المجذوب بالجمهوريين، وتأرجحه بين الشعر، وبين عالم الأستاذ محمود محمد طه، في سانحة أخرى. وربما أفعل ذلك، في سياق كتابي آخر، منفصل.

كتب الدكتور حسن أبشر الطيب، في كتابه المشار إليه عاليه، ما نصه:

((فد تغزل العباسي غزلا ماديا، دفعته إليه ظروف الحرمان والتزمت الشديد الذي عانى منه جيل العباسي عامة، ورفقاء العباسي، خاصة الذين نشأوا نشأته الدينية المتصوفة الملتزمة لقواعد أخلاقية صارمة في السلوك. وقد كانت البادية أحسن حالا في الإعتراف بهذه العاطفة الإنسانية إذا قورنت بالمدن في ذلك الحين، لأن طبيعة الحياة فيها تجعل اختلاط الفتيات والفتيان أمرا مألوفا مقبولا)).. انتهى نص الدكتور حسن أبشر الطيب.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما الذي جعل حواضر الوسط محافظة، بل، وربما متزمتة، في حين بقي الريف أقل تزمتا. ويبدو أن المنطقي، والمنسجم، في مثل هذا الوضع، هو أن يكون العكس. أي أن يكون الريف متزمتا، والحواضر منفتحة. فلو سلمنا بتلازم ظاهرة المدينة، فيما نفهمه عنها، من ارتباطات، عضوية، بكثرة المعارف، وباتساع الأفق، يضاف إلى ذلك أنماط الإنتاج ـ كما يحلو للماركسيين ـ ثم الإختلاط بالأجناس، والثقافات الأخرى، فكيف إذن صارت المدينة محافظة، بل ومتزمته، وظل الريف، وهو مظنة العقائد، والتشدد، أكثر سماحة، وأكثر اعترافا بالحياة الطبيعية، وأكثر فسحا للمرأة في ممارسة الأنشطة، وفي الحركة. خاصة وأن الريف الذي أتحدث عنه، ليس الريف الإفريقي الأصيل، الذي ظل محافظا على منظومة ثقافته القديمة، وإنما الريف ((العربسلامي)) في السودان الشمالي، والأوسط. وقد كنت اسمع من ابي الذي وُلد مع نهاية المهدية، قصصا، وصورا عن ريف منطقة ودالترابي، التي تبعد خمسين ميلا جنوب الخرطوم، تجعل هذه الريف المجاور لأكبر حواضرنا، لم يكن يختلف، فيما يخص وضع المرأة، وحركتها، وزيها، عما ورد من وصف لبادية الكبابيش، وغيرها من بوادي شمال كردفان.

في الأوضاع الطبيعية، تنشأ المدينة، عادة، كامتدادا طبيعي، للريف الذي يحيط بها، ولكن في طور جديد. ولذلك فإن السمات التي تميز ذلك الريف الذي تمخض عن تلك المدينة، تنتقل بصورة من الصور، إلى تلك المدينة. الشاهد، أن هناك حلقة مفقودة، فيما يخص عاصمتنا، وما يخص حياة "الصفوة العربسلامية" الممسكة بمقاليد الأمور، في منطقة الوسط. هذه الحلقة المفقودة، هي التي تفسر هذا الوضع المقلوب. أعني، مدينة، وصفوة متزمتة، وريف متسامح ونمط حياته، طبيعي. خاصة أن ريفنا يشارك مدينتنا عموميات الثقافة الإسلامية، وغيرها من المؤثرات الشرق ـ أوسطية، الأخرى.هي تخرج من

ويقود هذا السؤال في تقديري، إلى إعادة فحص التأثيرات التركية، على المدينة السودانية، الحداثوية. والمدينة السودانية الحداثوية، هي نبت تركي، في الأساس. وقد ارتبطت البيوت الصوفية بالحكام الأتراك، في حقبة ما قبل المهدية، وارتبطوا ببقايا تلك الحقبة التي استمرت في حقبة الحكم الثنائي. وقد تنازل الصوفية، فيما أرى، عن كثير من إرثهم الصوفي، وتشربوا الكثير من رؤية الفقهاء، والوعاظ، والرسميون، من رجال الدين.

من ينظر إلى مدينة سواكن، التي هي مدينة تركية، يرى تمددا تركيا أصيلا، في نسيج الحياة السودانية. فمعمار سواكن هو معمار، ثقافة الحريم، و"السلملك"، و"الحرملك"، و"المشربيات" المعلقة على صفحات الأبنية، في الطوابق العلية، والتي تبدو ناتئة مثل صندوق خشبي محلي بزخارف الرابيسك. من هذه الشرف المغطاة بشبكة خشبية متقاربة الجزيئات، ترقب النسوة المحبوسات، والمحجوبات وراء الجدران، الشارع من حيث يرين العابرين، ولا يراهن العابرون. وقد جاءت التركية إلى السودان بفقهائها، ووعاظها، وقضها وقضيضها من الدين المؤسسي الرسمي، في نسخته العثمانية, ولا أستبعد أن يكون كل ذلك الجيش من الوعاظ الرسميين، وغيرهم من رجال الأغدارة الدينية، ممن كانوا يظنون أن أهل هذه البلاد التي أتوا إليها، (السودان) قوم وثنيون، وعلى ضلال بعيد. وربما حسبوهم أباحيين، ولا يعرفون تنظيما لعلاقاتهم. ويجب ألا يغيب عن بالنا أن الإسلام العثماني، المتزمت، هو ذات الإسلام، الذي قاد أتاتورك، أن يوغل في التطرف، في الوجهة الأخرى، ميمما شطر أوروبا، تاركا الإسلام وراء ظهره، ومعه حروف اللغة العربي، ذاتها.

أما أريد أن أخلص إليه هنا، أن المدينة السودانية، وذهنية الصفوة التي أدارت مقاليد المدينة السودانية، شيئان وافدان، أو على اقل تقدير، تغلب عليهما السمات الأجنبية، التي ليس لها امتداد، متجذر في المساق التاريخي، الذي أنتج هيئة الريف السوداني، كما نعرفها. والمدينة السودانية، التركية، والمدينة السودانية الإنجليزية المصرية، مدينتان منقولتان، من سياق حضاري، وثقافي آخر، Transplanted. وإلى تلك البداية غير الطبيعية لمدينتنا، ترجع تخلقات جدلية المركز والهامش، عندنا. تلك الجدلية التي تشعبت، واستشكلت، وتشابكت دوبها. وهذا ما قاد لكي يصبح سؤال الهوية لدينا، سؤالا شائكا، ومحيرا، وربما مملا.

يبدو أنني لن أتمكن من مناقشة دعوة الدكتور عبد الله علي إبراهيم، هذه المرة، كما وعدت. وذلك، فيما يتعلق بضرورة استخراج مساحة للحرية السياسية، والحرية الشخصية، من داخل الثقافة العربية الإسلامية. وقد أـشرت في المرة السابقة، أن هذا النهج ظاهر في معالجة الأستاذ محمود محمد طه. واشرت غلى أن الدكتور عبد الله علي إبراهيم، قد أشار إلى تلك الوجهة، وذلك، بدل أن نهرب، بعيدا، لنتفيأ ظلال ثقافات أخرى ضمها وطننا. غير أن الدكتور عبدالله علي إبراهيم، أغفل ذكر مساهمة الأستاذ محمود محمد طه. ولا أعرف أحدا سار في الوجهة التي تحدث عنها، الدكتور عبدالله، بمثل ما فعل الأستاذ محمود. ومع ذلك، لم يشر الدكتور إلى ذلك الإسهام، في ذلك السياق، ولا مجرد إشارة. وهنا موضع لتساؤل، وربما لملامة، إن سمح لي الدكتور عبد الله.

لم أف بذلك الوعد، بالحديث في تلك الوجهة التي تفضل الدكتور عبد الله علي إبراهيم، باقتراحها على من أسماهم "تحالف الهاربين. غير أنني سوف أوفي بذلك الوعد، حين يوصلني مسار الكتابة إلي هناك. وعلى الرغم من أنني لم أوفِ بوعدي الأول، هذا، فهانذا تأخذني غوايات الكتابة إلى قطع وعدا آخر، وذلك بالحديث عن محاولة اليسار، إحداث إنقلاب ثقافي، "أروربي التوجه" في الشمال، عن طريق استخدام بندقية الحركة الشعبية. فقد فشل اليسار عبر تجربته المطربة، في حواضر الشمال، في زحزحة البنية الثقافية "العربسلامية" في الوسط، وفي خلخلة دعاماتها المنغرسة في تربتي السلطة والثروة. وقد ظلت هذه البنية تعيد انتاج نفسها، متمددة في الريف، الذي لم تكن لها فيه مواضع قدم كبيرة. تمددت هذه البنية، في العقود الثلاث الأخيرة، بهوية المدينة التركية، العثمانية، المنقولة، لتمحو كثيرا من معالم الهوية الأصلية، التي ظلت باقية في الريف، منذ العهد المروي، وعبر الممالك المسيحية، ومرورا بسلطنة الفونج.

وسأواصل

Post: #54
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bakry Eljack
Date: 04-21-2004, 10:32 PM
Parent: #49

الاخ عجب الفيا وبقية الحضور هنا

ظللت اتابع هذا الحوار منذ بواكيره,

اعتقد ان الدراسة تتمتع بالتماسك والموضوعية فى عمليات الحفر التى تميزت بها و ان كنت اتشكك فى ان مفهوم مدرسة او تيار الغابة والصحراء تجاه مسألة الهوية كان بهذا النضج الذى اظهرته فى دفاعك عن رؤيتهم ومدي مقاربتها للواقع.

اما فيما يخص كتابات الدكتور عبد الله على ابراهيم فاعتقد انه من الكتاب المثيرين لكثير من اللقط , اما انا بدوري بالرغم من اننى قرأت الكثير للدكتور الا اننى وحتى هذه اللحظة لا ادري منطلقاته و كيفية صياغته لمقدماته النظرية التى دون ان يبرهن على سلامة بناءها فاذا به يخلص للنتائج, وفى نظري ان كتابات عبد الله على ابراهيم على الاقل فى نظري كقاريء عادي من نوع الكتابات المائية التى ليس لها لون ولا طعم ولا رائحة كالوصف الفيزيائى للماء بل هى يصعب الامساك بها و التنبؤ باتجاهات الكاتب.

قرأت للدكتور عبد الله على ابراهيم مقالا قبل ايام فى سودانايل بعنوان السهم فى كنانته كنت احاول ان انقل منه جزئية, تحدث فيه عن تجربة الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم وفى خضم المقال بدأ يتحدث عن تامر المستعمر على علمنة الدين الاسلامى و عن دور الاستعمار فى تغييب دور الدين , وفى ظنى ان الدكتور عبد الله على ابراهيم ان ما يقوم به اقل ما يوصف به انه من المبشرين الجدد لمشروع ثقافى احادي ثقافته الاسلاموعربية و مقدسه الاسلام الذى لا ادري ان كان سينتهى بنا الى الاسلام المدرسى ومن ثم الاسلام السياسى ام الاسلام الشعبى او الصوفى.

اما موضوع الهوية و بالرغم من اننى قرأت معظم ما كتب فى هذا الاتجاه الا اننى ما زلت اعتقد ان الموضوع لم تقدم فيه البحوث والدراسات التى تعادل حجم الانفس التى ذهبت كضحية لحالة الاستقطاب الهويوي ان جاز التعبير و التى يعيشها السودان منذ قيام الدولة الحديثة صنيعة وموروثة الاستعمار. ساظل اتابع الحوار وربما ادلو بدلوي حينما يكمل ما بداه دكتور النور و الاستاذ الخواض .
وقبل ان اغادر لا بد لى ان اشيد بالمجهود العظيم الذى بذل فى هذه الدراسة اخى عجب

ولى عودة

بكري الجاك

Post: #56
Title: Re: الداعية الجديد ..والغيبوبة الثقافية
Author: Agab Alfaya
Date: 04-22-2004, 05:39 AM
Parent: #54

يا اهلا وسهلا بالاخ الاستاذ بكري الجاك
حقيقة افتقدناك في الفترة الاخيرة
خلصت في حدثك عن عبدالله ابراهيم الي القول :
Quote: وفى ظنى ان الدكتور عبد الله على ابراهيم ان ما يقوم به اقل ما يوصف به انه من المبشرين الجدد لمشروع ثقافى احادي ثقافته الاسلاموعربية و مقدسه الاسلام الذى لا ادري ان كان سينتهى بنا الى الاسلام المدرسى ومن ثم الاسلام السياسى ام الاسلام الشعبى او الصوفى.


هذه هي بالضبط الحالة التي يمثلها عبد الله ابراهيم الان،
وهي حالة لم تبدا اليوم ،بل مهد لها منذ كتاباته الاولي ،
وهجومه علي الافروعربية كان احدي تجليات هذه الحالة، لذلك لم يكن غريبا ان يصف طرحهم لرد الاعتبار للمكون الافريقي بالمؤامرة العلمانية
لتفكيك الشريعة الاسلامية وتحجيم الانتماء العربي الاسلامي ،

ارجو ان تكون قد قرات سلسلة مقالاته في الدفاع عن تطبق الشريعة والقضاة الشرعيين وتقريعه للاستعمار الانجليزي لتطبيقه القانون المدني بدل قوانين الشريعة الاسلامية،وهذه المقالات يعتبرها هو شخصيا من اعظم الاعمال التي انجزها وقد تفرغ لها خصيصا ،
هذا ما ذكره لنا في جلسة مصغرة ضمتنا في ابو ظبي قبل نحو عامين،

رغم كل ذلك وناس اسامة الخواض لسع عايشين في غيبوبة ثقافية،
يزمرون ويطبلون وما عارفين الي اين تقودهم الزفة ؟؟!

Post: #52
Title: Re: تناقضات الخطابات الثلاثة بين النفي والاثبات !
Author: Agab Alfaya
Date: 04-21-2004, 08:40 PM
Parent: #1

الاخ اسامة الخواض
الاخ بشاشة
الاخ دكتور النور
كل الاحباب المتابعين والمساهمين

نبعت فكرة هذه الورقة من ملاحظة ان كل او معظم المساهمات او الخطابات التي تتصدي للحديث عن مسالة الهوية السودانية،تنطلق من نظرة احادية ، تمثل بعدا واحدا وتهمل او تتنكر لبقية الابعاد المكونة للذات السودانية في عمومياتها الكلية.
فذووا النزعات والتوجهات العربية الاسلامية لا يرون سوي البعد العربي الاسلامي .بينما لا يري ذوي النزعات والتوجهات الافريقية ومن شايعهم من العلمانيين واهل اليسار ،لا يرون سوي البعد الافريقي ويابوا ان يعترفوا بالبعد العربي الاسلامي ،والذي ينظرون اليه كمعوق لمشاريعهم الحضارية.
وحيث ان النظرة الاحادية هي دائما نظرة غير واقعية وغير علمية ،لانها تعكس تتطلعات وطموحات صاحبها اكثر مما تعكس الواقع،لذلك وصفناها بالنظرة آلايدولوجية.
ولا يسلم من هذه النظرة الايدلوجية ، غير الواقعية حتي كبار الكتاب والمنظرين في قضايا الثقافة السودانية،الذين صاروا رموز ثقافية يشار اليهم بالبنان،
وقد تجلت هذه النظرة الاحادية بشكل اكثر سطوعا في خطابات ثلاثة من اشهر وابرز كتاب القوي الديمقراطية والتقدمية ،وهم :الدكتور عبدالله علي ابراهيم والدكتور عبد الله بولا والدكتور حسن موسي.

من هنا ندلف للاجابة علي تسآؤلات واعتراضات الاخ اسامة الخواض ،
يقول اسامة:
Quote: اعتقد ان ورقة الفيا لم تنجح في التدليل على فرضية من الفرضيات التي تبنتها الورقة.
والفرضية تتعلق بقراءة بولا وحسن موسى ذات الطابع الايديولوجي و التي تسعى الى" التقليل من وربما نفي المكون العربي الاسلامي".

قبل ان نعلق علي فرضية بولا وحسن موسي دعونا نبدا بفرضية عبد الله علي ابراهيم نفي المكون الافريقي عن سكان شمال السودان او من وصفهم بالجماعة العربية المسلمة بالشمال"

يبدا دكتور عبدالله بالاعتراض علي الفرضية التاريخية بان سكان شمال السودن هم عربة افارقة او افارقة استعربوا ويقول ان هذه مقولة غير صحيحة روج لها المستشرقون للاساءة للسودانيين ثم روج لها من بعدهم
الكتاب السودانيين من امثال يوسف فضل ،وحامد حريز وحيدر ابراهيم ،
لذلك لا يري في محاولة الغابة والصحراء لرد الاعتبار للمكون الافريقي في هوية سكان شمال السودان سوي مؤامرة لتحجيم انتماء السودان للعروبة والاسلام ، حيث يقول :
Quote: " الآفروعربية في نظر دعاتها هي عمل واع لاستعادة الدم الأفريقي . " ثم يضيف مباشرة : " وقد قصدت هذه الاستعادة للدم الأفريقي أن تحجم بوعى انتماء السودان الشمالي للعروبة … "

ويضيف
Quote: " وقد قصدت هذه الاستعادة للدم الأفريقي أن تحجم بوعى انتماء السودان الشمالي للعروبة … "

ويضيف
Quote: " … فدعاة الآفروعربية لم يلقوا وهم في ريعان الشباب من ثقافاتهم العربية الإسلامية ما يروى غلتهم من الحب والتعبير ، فاضطروا إلى الهرب بأجندة الريعان والشغف إلى فردوس أفريقي مطموس في تكوينهم الأثنى ..

ويضيف
Quote: " لا تهدف الأفروعربية إلى تحجيم الانتماء العربي الصريح وحسب بل إجراء تحسين جذري للمكون العربي الإسلامي عن الذاتية السودانية . " ويضيف " … فاستعادة التراث الأفريقي في نظر الآفروعربيين ، ليست مجرد تصحيح لمعادلة مختلة وإنما المقصود منها هو تهريب أجندتهم الاجتماعية والفكرية إلى الثقافة العربية الإسلامية الغبشاء المتشددة بقصد حملها على التلطف والسماحة . "

ويضيف
Quote: " أنهم أرادوا من خلال استردادهم المكون الأفريقي .. أن يدسوا مشروعا خاصا بهم في تفكيك محرمات الحضارة العربية الإسلامية التي سدت على يفاعتهم منافذ الأشباع "

ويضيف
Quote: " وعندي اجمالا أن خلع وتحجيم الهوية أو الثقافة العربية هو إما غش ثقافي أو يأس "

اذن وضح الان ان عبد الله ابراهيم ينفي اي مكون افريقي في الذات السودانية لسكان شمال السودان ،ويصفه بانه واقع مطموس لا وجود له وان اي محاولة للزعم بان هنالك مكون افريقي يرد الاعتبار له ما هي الا دعوة للبوهيمية والغرائزية والعلمانية !
ومن هنا ياتي موقفه المناهض لجماعة الغابة والصحراء التي تقول ان هنالك مكون اخر في الذات السودانية بخلاف العنصر العربي وهو المكون الافريقي ينبغي الاعتراف به ورد الاعتبار اليه،

نفي المكون العربي الاسلامي :

اماموقف حسن موسي وعبدالله بولا،المناهض للغابة والصحراء فينطلق من وجهة نظرة مغايرة تماما لوجهة نظر عبدالله ابراهيم ،اذ انه يقوم علي فرضية تقول بتبني الغابة والصحراء الكامل للثقافة العربية الاسلامية ،
يقول حسن موسي :
Quote: " أن مشكلة مشروع الهوية في مساهمة الغابة والصحراء هي أنه مشروع يقوم على الرجوع " ، ولكنه " رجوع ملغم بخيار ثقافي مسبق هو خيار الثقافة الإسلامية "

ويقول بولا :
Quote: " أن مشروع جماعة الغابة والصحراء لدى الوهلة الأولى يبدو متماسكا معافى من أدواء المركزية الذاتية للثقافة العربية ، بيد أن النظر الفاحص يكشف رؤى الثقافة العربية بكامل عدتها وعتادها في أجندة هؤلاء الشعراء وفي تعبيرهم .

فيا للمفاجاة ! ان اتهامات عبدلله ابراهيم للغابة والصحراء تتحول الي دفاع في وجه اتهامات بولا وموسي والعكس صحيح،
فبينما حسن موسى وبولا ينعيان على جماعة الغابة والصحراء تمسكها بخيار الثقافة العربية والإسلامية بكامل عدتها وعتادها ، ويريان فيها تكريسا لهيمنة الثقافة العربية الإسلامية وتمركزها ، يرى د0 عبد الله على إبراهيم النقيض من ذلك تماما ويقول أن جماعة الغابة والصحراء تعمل على دس مشروعها العلماني في تفكيك محرمات الحضارة الاسلامية وإنها ما هي إلا محاولة يائسة وغش ثقافي يهدف إلى خلع السودان عن الانتماء لثقافته العربية ومحيطه الإسلامي .

فما هو سبب هذا التناقض ؟

السبب النظرة الايدلوجية الاحادية الجانب !
فكلا الطرفين يعجز ان يري الرؤية الرمادية التعددية،فيري الاشياء اما سوداء او بيضاء،
فعبدالله ابراهيم لا يريد ان يري الاخر، غير العربي في المكون الثقافي والاثني لانسان شمال السودان،
وحسن موسي وبولا ،لا يرضيان عن الغابة والصحراء الا اذا شطبت من اجندتها اي مرجعية للثقافة العربية الاسلامية!!
لذلك وبكل بساطة يحمل بولا وحسن موسي جماعة الغابة والصحراء مسئولية المشروع الحضاري للجبهة الاسلامية/ الانقاذي ،فقط لانهم قالوا ان السودان بلد عربي افريقي ،لذلك لا يستحقون سوي اللعنة .
Quote: " … لمحمد عبد الحي وشركائه نصيب الأسد في المسئولية الأخلاقية بقدر ما عبدوا الطريق لسلطة الصيارفة الاسلاموية وسوغوا مقولاتهم الغوغائية على مراجع العروبة والإسلام … "

ويقول بولا:
Quote: " عليهم اللعنة بقدر ما بددوا شاعريتهم العظيمة في مراوغة حقائق الواقع الصادمة ، عندما آثروا المسكنات الغنائية الرقيقة على مراويد ومباضع النقد الكاوية الشافية . "

اما دكتور عبد الله ابراهيم الذي قال في افريقيا ما لم يقله مالك في الخمر فلا يلقي منهم سوي التبجيل والتقديس !ولتذهب افريقيا الي الحجيم!

اظن وضح الان يا اسامة الخواض نزعة بولا وموسي، نفي المكون العربي والاسلامي ،
مثلما وضحت من قبل نزعة عبد الله ابراهيم لنفي المكون الافريقي ،
ومن هنا جاء ت النتيجة التي خلصنا اليهافي مستهل الورقة :

"وبالرغم من أن مساهمات هؤلاء الثلاثة د0 عبد الله بولا وحسن موسى في مقاربة سؤال الهوية يمكن أن تندرج جميعها تحت خانة القراءات ذات الصبغة الأيديولوجية الا انها تقف علي طرفي نقيض في نزعتها الايدولوجية. فبينما تقف قراءة د0 عبد الله على إبراهيم بنزعتها الرامية لنفى المكون الأفريقي على الطرف الأيمن تقف قراءة كل من حسن موسى وبولا في سعيها للتقليل من وربما نفى المكون العربي الإسلامي ، على الطرف الأيسر ."

ومع كل هذه التناقضات لا يملك حسن موسي الا وان يصف ورقة عبد الله ابراهيم بالسديدة ،ولا يملك بولا الا ان يصفها" بالجلال والفرادة "


المراجع : انظر الورقة
ونواصل


Post: #53
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-21-2004, 09:56 PM
Parent: #1

رغم اعتراضي على الكيفية التي اولت بها ورقة الفيا ما اوردته من اراء لبولا وحسن موسى حول تيار الغابة والصحراء, الا انني ساكتفي بايراد ما سعت الورقة لاثباته ,
وما قاله الفيا ردا على ما قلناه بخصوص اخفاق الورقة في اثبات تلك الفرضية

فالورقة تقول الاتي
تقف قراءة كل من حسن موسى وبولا في سعيها للتقليل من وربما نفى المكون العربي الإسلامي ، على الطرف الأيسر

ورد الفيا علينا يحكي عن فرضية معاكسة لفرضية الورقة حين يقول:

اماموقف حسن موسي وعبدالله بولا،المناهض للغابة والصحراء فينطلق من فرضية تقول بتبني الغابة والصحراء الكامل للثقافة العربية الاسلامية

وهذا الخلط الغريب مدعاة لان يقوم الكاتب باعادة النظر في فرضيته تلك

اما بخصوص مقال عبدالله على ابراهيم فاعتقد ايضا ان الورقة لم توفق في فهم منطق المقال القائم كما قلنا على فضح العقلية الشبه استشراقية للخطاب النظري لتيار الغابة والصحراء ووقوعه اسير الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي والذي لم يسلم من سلطته حتى الاستاذ محمود محمد طه

وساعود للكلم عن التاويل الخاطئ للورقة لكل من اراء بولا وحسن وموسى وكذلك اخفاقها في القراءة المتانية لمقال عبد الله على ابراهيم الرائع والذي تعتقد ورقة الفيا ان كل من يشيد به يقول ذلك من باب المجاملة

وارقدوا عافية

Post: #55
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: yumna guta
Date: 04-22-2004, 04:24 AM
Parent: #53

لى فوق لانى مستمتعة جدا بالبوست ده رغم انى باقرأ كل يوم منه صفحة واحدة بس

الله يديك العافية يا عجب الفيا و بقية الاخوة و الاخوات المشاركين

Post: #57
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-22-2004, 05:42 AM
Parent: #55

الاخت العزيزة يمني جودة
وجودك معانا يسعدنا
شكرا للمتابعة الرصينة

Post: #58
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-22-2004, 06:06 AM
Parent: #1

الاعزاء المتداخلين والمتابعين

سلام

ارى ان نحاول ان نملك المتابعين للبوست مقال عبدالله على ابراهيم موضوع الخلاف بيننا انا وعبدلله بولا وحسن موسى ومن اشادوا بالمقال من ناحية والاخ العجب من ناحية اخرى

لقد اضعت نسختي واحاول الان ان اعثر عليها وسط اكوام من الورق والفواتير

فارجو ممن له الامكانية لنشر المقال في البوست ان يسدي لنا فضلا سيمكن المتداخلين والمتابعين على حد سواء من متابعة الحوار بشكل اكثر معرفية

اقتراحي ينطلق من ان مساهمات بولا وحسن موسى معروفة على الاقل بالنسبة لجيلنا
وقد اثبت تلك المعرفة في ترحيبي ببولا واكد قولي الروائي الحسن بكري

وعندما حاولت ان انبه العجب لتلك المعرفة بدا يتحدث عن موت المؤلف وهي مقولة غير صحيحة لكنه يريد ان يقول انني قلت ما قلت فقط لانني اعرف المؤلف او المؤلفين

لقد خاض العجب في سيرة" موت المؤلف" لبارت بمنحى مغاير تمام لما قصد اليه بارت وبتاثير من بعض الاكاديميين العرب ممن لا يعرفون بارت
وما قاله يشبه تماما مقالته عن اصداء السيرة في اعمال الطيب صالح
وساعود للتعليق في وقته حول عدم معرفته الكافية بالامر

وارى انه اي العجب ليست له خلفية كافية عن كتابات بولا وحسن موسى

والا ماقال ما قاله من اراء خاطئة حول موقفهما من الثقافة العربية الاسلامية

كما ان ما اورده العجب له علاقة بما تجاهلته الورقة اي موقف بولا وحسن موسى من سيرورة تيار الغابة و الصحراء وموقفه من التغيرات الاجتماعية والحروب الثقافية
وورقة الفيا تتجاهل تطور تيار الغابة والصحراء في التاريخ

اشدد على ان ايراد مقال عبدالله على ابراهيم مهم

لان القراءة الخاطئة كما في حالة ورقة العجب تنتج فهما خاطئا عند القراء ممن لم يقراوا مقال عبد الله على ابراهيم

وايضا اهمية الامر تنبع من ان العجب الى الان يتهرب من التعليق على ما قلته عن تاثير الخطاب الانثربولوجي الكولونيالي في الصياغة النظرية المتهاكلة لتيار الغابة والصحراء من خلال مساهمة محمد المكي ابراهيم تاثيرالخطاب الانثربولوجي حتى على" الخطاب المحمودي"

كما انه اي الفيا تهرب من راينا حول عدم ديمقراطية تيار الغابة والصحراء من خلال تبنيه اي التيار لمفهوم البوتقة او المصهر كما يرى عبد الحي

وقد اشار مقال عبدالله علي ابراهيم الى ان تيار الغابة والصحراء تبنى مفهوم ان السودان هو بوتقة تنصهر فيها كل المفردات الثقافية في ثقافة جامعة ما .

وقد تجاهلت ورقة الفيا ورده الاشارة لما قلناه عن "البوتقة" مما يكشف عن قراءتة الخاطئة لكل من خطاب بولا وحسن موسى ومقال عبدالله على ابراهيم

اعتقد ان النور حمد تنبه الى ما قاله عبد الله على ابراهيم حول عسف الثقافة العربية الاسلامية ومساهمة الخطاب المحمودي في مناهضة عسف تلك الثقافة

واتمنى من النور حمد ان يتحدث لنا عن موقع الخطاب المحمودي من تيار الغابة والصحراء باعتبار ان الخطاب المحمودي في حدود الفهم العام له يندرج ضمن "الصحراء"
المهم
ارقدوا عافية

المشاء

Post: #59
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 04-22-2004, 06:50 AM
Parent: #1



الأخ عجب الفيا و المتداخلات/ين الكريمات والكرام
سلامات
أخي شكراً على الترحيب الكريم في حديقة القول هذه
و في الحقيقة إني لمحتفٍ بنفسي إذ هي تمرح في ساحة للتفاكر الحميد، حال هذه الساحة، وفيها تتثقف و يمتلئ خاوي وفاضها..
كنت قد و عدت بالرجعة مهتديا بقراءة أخرى في المقال بعيد الغور خالصاً إلى خاتمته الموسومة (صيغة تتسع للجميع)، وفي المقالات المتوازية و المتقاطعة معه.
ثم سبتني المداخلات الثرة من جميع المتداخلين حتى سرحت مع غزلانها أبعد من أم بادر و حَمْرَتيها..
ثم في اطلاعة قارئة، وجدت مدخلاً لعودتي، كالعرجا لي مراح النُصاح، يلزمها ما تتوكأ عليه،
في قول للاستاذة منى عبد الحفيظ من مداخلتها عاليه (وماذا عن الهوية الآن عندك؟؟ هل هي ما زالت الغابة والصحراء؟؟
أم انه التنوع الثقافي داخل الوطن الواحد؟؟ غابة قحة أو صحراء قحة أو غابة وصحراء معاً..)
!! فقلت في دخيلتي ، والله سؤالها في محله !!، الرجل من أهل البحث و التنقيب و حفّار عتيد، ربّما غيّر رأيه منذ 1999 وما عاد يتبنى الورقة بما هي عليه، ومن كانوا في مثل حاله ، هُم على قلق، كأن الريح تحتهم عاصفة...نعلت الشيطان من كل بد، و تذكرت أنني متجه للفكرة ، دون المفكر، لأناقشها بخضّم من عدم إقتناعي بها، و محض مخاضة ضحلة من الفكر العليل ( وما نحن إلا من بلد قالت عن مدهشيه (أو مفكريه)، ميسون النجومي الثائرة في صدق يكاد لا يصدق من شدة صدقه ( وإن أحسسته حامضاً و حارقا... و لكن، كما الليمون و الشطة )، ( إتذكرت أنو مرادف المفكر عندنا في السودان هو المدهش!!!! و أنا ذنبي شنو؟أ أنا التي أورث كل هذا لماذا يكون إرثي مشوها...) وقالت ( ما عندنا زاتو حركات بالمعنى الدرسناه....بدون جهد النقاد و المختصين
تصبح مدرسة الغابة و الصحراء.. بدون كل هذه الجهود يصبح هذا التيار مجرد محاولات شعرية متقطعة)
فبصمت على هذا بالعشرة ، ثم حمدت الله ان قيض مثل نقدك هذا الزي العجب لمثل ذاك النقد الإبراهيمي السنين في نقد الآفروعروبية للواقع و من ثم فرارها عنه إلى الحلم كمثل شغل الملامتية مع الظاهر و إسماعيل مع الربابة...
ولكن.. هكذا، تتسلسل المعارف من الجهالات و الأنوار من الظُلم ، ويتناسل الفكر ، فلا يعود المفكر هو (الغرائبي و المدهش) فقط..إنظر حُسن صدفة إتفاقها (ميسون) في الإشارة، مع عبد علي إبراهيم في كيف قتل غياب النقد و تطبيقه الفكر العظيم لمحمود محمد طه و احال كل الحفر و الهدم و البناء الجمهوري إلي حولية سنوية في إحياء ذكرى التنفيذ.. طبعاً لا يقلل إتفاقها معه في الحته دي من حقها عندي في أن تحسبه مع الرجال الجوف المحشُوَّة رؤوسهم بالحشيش أو كما جاء في قول توماس ستيرنز إليوت الشهير..
و لو لي ان أزيد على قول ميسون لقلت : وما كان لها( الغابة و الصحراء) ان تصبح أكثر من مدرسة في الشعر السوداني الحديث ، ولا أن تضحى آيدلوجيا ( الآفروعربية) أو مشروعاً و خطاباً بين الخطابات المتصارعة و بي محامينها كمان !!، لولا مثل هذه ( هذه الورقة التي نناقشها ، كمثال) و هاتيك المحاولات ، لتقعيدها في نثريات النقد التي تستهدف العقل و ليس الذائقة ، و من ثم ، الحملات الإستكشافية إلى تراثيات الأثنوغرافيا و الأنثروبولوجيا الإستشراقية الكانت النائمة كغولٍ عجوز قبل غنائيات التروبادوريين العظام.. فأيقظوه و حالفوه على النصر . فلم ينتصر لهم ولا لنفسه..لأنو زمانو فات و غنايو مات بعد فاطنة السمحة ما استوطنت السودان و المحلّقون كترو... و من ثم تلت ذلك مقالات الساسة المثقفين أو المثقفين الساسة من بلاد المبتلين بالأيدلوجيات!!.فأرتبطت ، ما كان مجرد شعر يحلم باليوتوبيا السياسية في بلاد من صراع و غبائن ، بمعنى الآيدلوجيا و بكونها مشروعاً و خطاباًلابد أن يجد من الكواهل ما يتحمل العبء و الرسالة، و من الحطابين من يحتطب فيه قطعاً ناجزاً ، ليبني بيت خطابه الخاص أو مجرد حسادة!! ..فقط كما سيرة الآيدلوجيات..
في الفقرة الأولى من فصل الخاتمة ( صيغة تتسع للجميع) نفى منعم عن الآفروعربية كل رابطة لها بالأيدلوجيا( المبهوتة مابعد حداثياً) أو بالخطاب من حيث تعلقه بالأخيرة، أو بحالة كونها مشروعاً، في صيرورتها الخارجة عن عباءة الشعر إلى بزّات الأفندية و طموحاتهم الحداثية في بلد يستغرقه عناق التكوينات و البنى القرووسطية، الأكثر من حميم، لأحبولات الجغرافيا السياسية و التواريخ المستقطَِبة و مستقطِبَة...قال
Quote: (والحقيقة لا توجد قراءة في توصيف الهوية السودانية ، أصدق من قراءة جماعة الغابة والصحراء ذلك لأنها تنطلق من الواقع العياني الملموس وتتطابق معه . وبالتالي يمكننا أن نصف هذه القراءة بأنها قراءة معرفية وليست أيديولوجيـة . لذلك فأن وصفها بأنها (مشروع أو خطاب ) يمكن أن يعد وصفا غير دقيق . فالأفروعربية عند جماعة الغابة والصحراء ليست تصورا نظريا لما يجب أن تكون عليه الهوية السودانية بقدر ما هي توصيف لما هو واقع فعلا . وأي توصيف بديل للآفروعربية لا يعدو أن يكون ذو بعد واحد يقوم على نفى الآخر . فإذا قلنا مثلا أن السودان بلد عربي خالص العروبة فلا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر الأفريقية ، وإذا قلنا أنه بلد أفريقي خالص الأفريقانية لا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر العربية الإسلامية . ولا مخرج إلا بالإقرار بالبعدين العربي والأفريقي في بنية الهوية السودانية .)

التشديد من عندي!!
وفي الحق، عندي، أن كل سيرة الأفروعروبية هي سيرة الآيدلوجيا الكليمة كمن سبق ويلحق. عدم تجسدها في ملكوت الحزب و الدولة لا ينقص من ذلك شيئاً...!!
وفي بعض تعريف الأيدلوجيا جاء أنه:
(إنها تفكير يتبلور في منظومة مفاهيمية حول المجتمع البشري، بناه ، و ماهياته و آليات وأتجاهات حركته من ماضٍ ما إلى المستقبل . هذه المنظومة المفاهيمية، بما توفره لمجموعة بعينها ، من أسس معرفية، وطاقة الدفع اللازمة لتحقيق أهدافهم ومصالحهم، غالباً ما تعبر عن نفسها في فكر سياسي يتحدد شكلاً في كيانات حزبية تسعى في تكتيكات الحصول على السلطة، وتخطط لكيفية و غائية إستخدامها. وعادة ما تكون قيمة أومعيارية أخلاقية ما ، كامنة في جذور أي آيدلوجيا)...
هل يمكننا الإتفاق ان ليس كل الفكر صحيح و ما كل ما يتمناه المرء يدركه!!
وأن بعض الأيدلوجيات الكانت، أو لم تزل ، في حكم المؤودة من البداية في الشروط الموضوعية /العلمية / المعرفية، أو لأنها خديجة!!! أو فقط
لأنها لم تفارق نوعها في الحلم
إلى محكم التفكير أو إحكام العلم
و اواصل

Post: #61
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-22-2004, 07:26 AM
Parent: #59

لا تضم المكتبة السودانية، في سؤال الهوية، أدبا موسعا، حسب علمي، بقدر ما تضم أوراقا، نتلقفها من هنا، تارة، ومن هناك، تارة أخرى. والأوراق لا تصلح لبناء المفاهيم المُعَقَّدة المُقَعَّدة، فالورقة البحثية، والمقالة الصحفية، لا يمكن بحكم طبيعتهما، أن تحملا أكثر من إشارات هنا، وهناك، لما يريد الكاتب، التأسيس له. وربما جاء الوقت الذي يجب أن نتجه فيه إلى مناقشة مشكل الهوية، بشكل موسع. أعني بشكل يستصحب معه إعادة لقراءة تاريخنا، الذي كُتب بشكل فيه الكثير من الإبتسار. ولكي أضرب مثلا، لمثل ذلك الإبتسار، أسوق مثلا، من واقع حالي. فلقد تلقيت تعليمي في السودان، منذ الإبتدائية، وحتى لحظة التخرج من كلية الفنون، وأكملت في ذلك ستة عشر عاما من (الزحيح) المتواصل من درج، إلى درج، ومن فصل إلى فصل، ومن مدرسة إلى مدرسة، ولم أعرف، رغم كل تلك السنوات، من الدرس، والتحصيل، شيئا ذا بالٍ، عن سوبا، وطامة الخراب، التي حلت بها، في عام 1504. وما من شك، أن القرن السادس عشر، لا يمثل تاريخا موغلا في البعد، إن نظنا إليه بمقياس التاريخ للزمن. ويكفي فقط، أن نعرف أن ما جرى لسوبا قد حدث بعد أكثر من ألف عام، من البعثة المحمدية. ومع ذلك، فنحن نعرف عن تفاصيل الحياة في الجزيرة العربية، قبل الإسلام، وبعده، أكثر مما نعرف عن سوبا التاريخية، قتيلة القرن السادس عشر، والتي تقع على بعد عشرة أميال جنوب عاصمتنا الخرطوم!!

ربما لا يعرف أكثريتنا، نحن الذين تلقينا تعليمنا، في ظل مناهج التعليم في السودان، في حقبة ما بعد الإستقلال، عن حياة أهل سوبا، وثقافة أهل سوبا، سوى أن إمرأة داهية، من طراز ساحرات الأساطير، إسمها عجوبة، قد لعبت دورا محوريا، في خراب تلك المدينة. ويبدو أن تحالف العنج والعبدلاب قد قضى على تلك المدينة قضاء مبرما، فلم يُبق من آثارها شيئا، يهتدي به الدارسون. هذا إن كان للدارسين في بلادنا، إهتمام أصلا، بسيرة مدينة مسيحية، نزل عليها البلاء ضحىً، فأختفت من وجه البسيطة!

يضاف إلى ذلك أن التاريخ عندنا قد ظل، ولا يزال، يُكتب بوعي آيديولوجي، إسلامي، مُسْتَبْطَنْ. وأذكر أننا عندما كنا صغارا، كنا معجبين بخراب سوبا تلك، بمعنى من المعاني، وكنا متحالفين مع العنج، والعبدلاب. ومن درسونا، كانوا يدرسون الآيديولوجية الإسلامية، الحربية الإستئصالية التي لا ترى بأسا في أن يقتحم الإسلام حصون المدن، (غير المسلمة) ويحيلها إلى حطام، وربما رماد. وكل هذا بحاجة إلى مراجعة، إن أردنا أن نفهم تاريخنا، على نحو يعيننا على عيش الحاضر، في أبهى تجلياته، ورؤية المستقبل، ببصر حديد. نريد أن نعرف كيف كان الناس يعايشون بعضهم بعضا، مسلمين وغير مسلمين، عربا، وافدين، إلى أرض السودان، كانوا، أم آفارقة أصلاء، متجذرين في تربة إفريقيا، في الفترة الممتدة منذ العهد المروي، ومرورا بالعهد المسيحي، حتى قيام، ما سمي بالسلطنة الزرقاء. نريد أن نقرأ تحليلا موسعا، مدركا، وعالما، ومحررا من قيود الفكر، لحالة التحول التي أحدثتها، نشأة سلطنة الفونج، في نسيج التعايش بين القبائل السودانية، والثقافات السودانية. نريد أن نفهم دور سنار، في تشكيل، وصياغة، حالتنا المستشكلة الراهنة.

سنار التي هام بها أهل الغابة والصحراء، ليست، في تقديري، سوى نقطة متأخرة، جدا، في مسار تحولات معقد. وهي نقطة يحيط بها غموض كثير، فيما أرى. وربما مثلت، في تقديري، مجرد بقعة من الرمال المتحركة، التي لا تصلح لكي نؤسس عليها بنيانا متماسكا.

لقد كان في هيام محمد عبد الحي، بسنار، شيء من الحنين، لحالة وسطية، متخيلة، ربما رأى فيها الشاعر، لحظة تاريخية مفتاحية، مثلت في أفق تمنياته، وفي دفق عاطفته الرومانسية، عصا سحرية، ومخرجا جماليا، سعيدا، هنيئا، من معضلة الهوية. فلربما رأى شاعرنا الكبير، محمد عبد الحي، في تلك اللحظة التاريخية، التي جمعت، بين الأفارقة (العنج) والعرب (العبدلاب) لحظة ميلاد لجنين جديد. غير أن محاولة دس كل صراعات السلطة، والثروة، في ذلك الجراب التاريخي، السناري، برفع الشعار، من شاكلة (أفروعروبية) لا تلمس أصل الجرح. فهي محاولة، فيها ما يشبه إدخال الفيل في جرة، أو في (كستبانة) ولربما صح في تلك المحاولة "التأصيلية السنارية" قول بولا، وحسن موسى، بأنها تصب في خدمة الأوضاع الراهنة، والمؤسسة القابضة الراهنة، وتجميل الراهن، بما لا يستحقه، فعلا. فضلا عما يمكن أن تحتويه من صرف للأنظار عن مظان مواطن التحليلات الأعمق، والإجابات الأشمل.

لا يخفى على من يقرأ شعر عبد الحي، وحنينه إلى عالمه ذاك الملون، بكل ألوان الأماني العذاب، والذي أبدع عبد الحي، حقا، في رسمه، ـ وعبد الحي، صائغ ماهر في رسم، ونقش المعاني، ومن المجودين لصنعتهم ـ لا يخفى على من يستطيع إدخال رجليه، في حذاء عبد الحي، ما قام به من اسقاطٍ بعدي، لتصوراته البَعْديةَ الزاهية، على عالم قَبْلِي، لم يكن، في حقيقته، بمثل تلك الشاعرية. بل ولا قريبا منها! استل محمد عبد الحي، بمهارة فائقة، نموذج الشيخ إسماعيل، صاحب الربابة، ذلك العاشق الأسطورة الذي تنسب إليه بعض الخوارق، وبعض صور الخروج على قواعد ما هو مرعي. فهو، فيما يبدو من سيرته، ممن (سَلَّم لهم الناس بحالهم). وهذا النموذج، نموذج معروف في التجربة الصوفية، خاصة من يسمون بـ "الملامتية". ويقول المُسَلِّكُون من مشائخ الصوفية، أن مثل هؤلاء، مجاذيب، يُسَلَّم لهم بحالهم، ولكن لا يقتدى بهم! ويحيل التأصيل الصوفي هذه الظواهر الخارجة على مألوف الناس، إلى مرجعية باطنية، تحكيها قصة الخضر وموسى. فقد كان الخضر، الذي يمثل الباطن، (الحقيقة) يقوم بأفعال، يستنكرها، موسى الذي يمثل الظاهر (الشريعة). وقد تعلق كثير من قراء عبد الحي، بنموذج الشيخ إسماعيل، صاحب الربابة، الذي نفض عنه عبد الحي الغبار، وأخرجه، من أضابير السلطنة الزرقاء، وخلق منه أيقونة للعشق هام به الكثيرون، لكونه قد أحيا بصورة من الصور، بقايا حسية ضائعة، أوشك ان يقتلها التزمت الفقهي الإسلامي.

وما تفضل به الدكتور عبد الله علي إبراهيم، من أن في بعض نزوع أهل الغابة والصحراء، يندغم غرض في التحلل من قيود الثقافة العربية الإسلامية، المحافظة، المتزمتة، قول صحيح. غير أني أضيف إليه نزوعا آخرا، مشابها، يظهر جليا، في سيرة كل من العباسي، والناصر قريب الله، والمجذوب. وأريد من ذكر هذه النماذج، إلى القول بأن الإبداع، في كل قممه، السامقة، إنما مثل نزوعا، وتململا للخروج من قيود التزمت، والمحافظة. وليسمح لي الدكتور عبد الله، بالإختلاف معه بأنني لا أرى ما يعيب في ذلك النزوع، أبدا. بل بالعكس!! إنني ربما رايت فيه ظاهرة صحة! ومن علامات صحته عندي، أنه نزوع عبّر عنه كبار مبدعينا الذين أشرت إليهم عاليه. فنزعة التحرر، نزعة طبيعية. والنفوس التي ترضى القيد، الثقيل، غير الضروري، وتتصالح معه، نفوس ميته، ولا خير فيها. والأمة التي تعيش في تاريخها، أكثر مما تعيش حاضرها، وتتفاعل معه، أمه تعيش حالة يباس الضفادع في بياتها الشتوي، هذا إن لم تكن قد عبرت إلى حالة الموات الأكيد.

حين أعود سأتحدث عن الحسية الشهوانية، في شعر المجذوب، والناصر، والعباسي، والحقيبة، وأعود بذلك للظاهرة السودانية، المدهشة، المتمثلة في كون ريفه متحرر نسبيا، ومدينتة متزمتة!! تزمتا يفرض على الأدباء، والفنانين شد الرحال، و"الهرب" حسا، أو معنى!! وكل ذلك مرتبط بموضوع الهوية، والله أعلم!

Post: #64
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 04-22-2004, 07:40 AM
Parent: #59


وصلة للمداخله عاليه

وفي بعض تعريف الأيدلوجيا جاء أنه:
(إنها تفكير يتبلور في منظومة مفاهيمية حول المجتمع البشري، بناه ، و ماهياته و آليات وأتجاهات حركته من ماضٍ ما إلى المستقبل . هذه المنظومة المفاهيمية، بما توفره لمجموعة بعينها ، من أسس معرفية، وطاقة الدفع اللازمة لتحقيق أهدافهم ومصالحهم، غالباً ما تعبر عن نفسها في فكر سياسي يتحدد شكلاً في كيانات حزبية تسعى في تكتيكات الحصول على السلطة، وتخطط لكيفية و غائية إستخدامها. وعادة ما تكون قيمة أومعيارية أخلاقية ما ، كامنة في جذور أي آيدلوجيا)...
هل يمكننا الإتفاق ان ليس كل الفكر صحيح و ما كل ما يتمناه المرء يدركه!!
وأن بعض الأيدلوجيات الكانت، أو لم تزل ،هي في حكم المؤودة من البداية خضوعاً للشروط الموضوعية /العلمية / المعرفية، أو لأنها خديجة!!!
أو فقط..
لأنها لم تفارق نوعها في الحلم
إلى محكم التفكير
أو إحكام العلم
إذن..لو جوَّزتم لي خلط التوصيف بالرأي، و هو خطل ، أرجو عفوكم عنه بما يبيحه حكم البورد فيمن كان قليل وقت يكرسه للتجويد....
أقول
فإذا نظرت لهذا التعريف( المبذول ايضاً للنقد) ، أو ما يقاربه من تعريفات، ثم أعدت النظر في مقالة الآفروعروبية مقارباً لحالها فيه، لوجدت فيها كل خصائص الأيدلوجيا ( و لو كانت المؤودة )، لأنها:

*فكر سال له وبه الحبر على الورق القليل، ( فيما هو غير شعر، من صحف و كتب وحواشي). وتجلى في كثير من الرحيق الخلاسي أو خطر في جلد الفهد و هو يقطِّر من الشعر أصدقه حلاوة و الذي هو بالتالي أكذب الفكر، كما في الموروث العتيد. ولكنه كافٍٍ للهفى الخطابات الكليّة التي توافق هواهم و ترضي وطنيتهم الفائقة الجوع و المتقريِّفة لفكر محلي ( لا شيئ في كونه محلياً يساويه بكونه سديداً، كما العكس صحيح) . و هو أيضاً، أعني الفكر، أكثر من كافٍ لمحصوري الأزمة المستحكمة من امر البلد (وقع ليهم في جرح)، الذي اصبح ومنذ فجر الإستقلال ، يجري التنازع على المصالح فيه تنازعاً مستطيلاً و مستعرضاً . وغالباً ما أُبتسر التعبير عن هذا التنازع ، من باب الإستقطاب الذميم ، في كونه هو نزاعات الهوية لا غير، رغم أنها ليست كله..
المهم هو، أن منظومةً مفاهيمية ما تبلورت و سعى في حقها سعاة حداد اللسان و من ناس النم العالي و الحسيس بما له في قابليات الإستئناس عند الأهالي ما له..يعني بروباقاندا و فعالة كمان..
أذن فقد توفرت المدرسة على نظام من المفاهيم، هو ، حسب ناقديه، برّاق في الشعر، و لكنه كابٍ في التنظير و التقعيد بما لا يمكنه من إستقطاب قدر معتبر في المثقفين إذ لا يبلغ عند بعضهم حد تجويد الحيثية و منهجية الإثبات الواجبة فكرياً ..ولا ساعدته أحوال البلاد و العباد الجارية على إنفراط عتيد، من الأنتشار واسعاً ، ولا مكنته صفويّة الدعاة (بحكم الإنفصام المشهود للمثقف عن الجماهير في بلاد العالم الثالث وليس كصفة شخصية لأي منهم) من بلوغ غايات في الجماهيرية مما ترجوه الآيدلوجيات .. وعليه، ظلّ (عقده ناقص ما هو تام )..
** ورغم أنه ما من حزب و لا تنظيم بعينه تبنى الآفروعربية منهجاً في أُطره الآيدلوجية، إلا ان بعض الممارسة السياسية و نوع ما من التبني قد توفرت لها في خطاب شمولية السبيعينات و جهد المراهنين عليها من المثقفين( بعض رهانات الحداثة كارثية) من محازبي عساكرها (الذين عندهم أن الملكي في الأساس كُهنَة و لا يفسحون له إلا قدر أن يبصم).. فلقد أجرى بها بعض محسوبي النظام حسابات خبطهم العشواء ( وهنا أزعم زعماً يخصني وحدي وأرجو مناقشته لو أمكن؟؟، إن ما ظلت تبشر به أفاعيل الحكم و (القول الثقافي) النميرية كلها، على قارعة منابرها الصائتة بالجناس و البديع، أو المقروؤة أو الحاكمة و السيادية، هو من بعض ما إنسرب في وعي متكلميها من حلم و آيدلوجيا (أو العكس) الأفروعروبية !! إنظر في خطاب رجال كعمر الحاج موسى و جعفر محمد علي بخيت و منصور خالد( في تلك المرحلة) مثلاً..ولا يخفى على الناس بعد، أن المبشرين بها غابة و صحراء، ما كانوا على شقاق فصيح مع مايو و لا حقيقة أن مخاصميها (مع حبهم للغابة و الصحراء الجغرافيتين) كانوا في زمرة من شاقق مايو و شق عليها عصا الطاعة..
و لو اسعفتني الذاكرة، أعتقد ان المرحوم محمد عبد الحي (أنبت الله على ذكراه حديقة الورد الأكثر عبقاً)، اعتقد أنه، ولفترة قصيرة على أيام التعددية الأخيرة ، كان في وداد ووصل بالحزب الوطني الإتحادي .. إذن و بالرغم عن كل تحولاته الباذخة يظل هو منظر الآفروعربية الأطول باعاً و الأخير بيعاً ، لا ينسي حاجة الفكرة إلى حزب..إن عدم تحققها الكامل في مايو لا يقطع رجاءه فيها و من حزب (الوسط التأريخي) و هو القائل باكراً منذ العام 1963 (وفق ما ورد في مقالة تحالف الهاربين)____ أن تمازج الثقافات في السودان معلق بحركة التصنيع التي بوسعها ان تزيل البقية الباقية من العوائق بين الجنوب و الشمال____ و هذا قولٌ في آليات التغيير الإجتماعية مما يليق بالآيدلوجي---->
المنظِّر--->
السياسي---> ذي المشروع
أكثر من لياقته بالشاعر أو الواصف للواقع من مثل علماء النبات و الحشرات الذين ملأ منعم المكان الخالي منهم في الجملة بإقحامه لجماعة الغابة و الصحراء و جعل من الآفروعروبية مرادفاً تاماً لعلم التصنيف TAXONOMY لمّا أورد القول بأن( فالأفروعربية عند جماعة الغابة والصحراء ليست تصورا نظريا لما يجب أن تكون عليه الهوية السودانية بقدر ما هي توصيف لما هو واقع فعلا)
*** ومما توفر للآفروعبية من لوازم المشروع الإجتماعي ، طليعةٌ من المبشرين والدعاة لم و لا يألون جهداً في الدعوة إلى توسطها بين المتقابلات (كصيغة إعتراف متبادل مرة < بين العربي و الأفريقي> ، و مرة صيغة علمية لوصف الواقع العياني الملموس < حيث إندغام المكونين معا واقع و أكيد >) لا يدحض في تبشيرهم ولا في خطابه، أنه قد غلبتهم عليه تشظِّيات الشعر و الشعراء فلما لم يتفَّرغوا للبحث الذي يحتاجونه ، طفقوا يستعيرون من هنا الحالم ، و هناك المستشرق ، حتى صارت التخريجات الفكرية كجبة الأنصاري خارجاً من كرري، على ترقيعها، مليئة بالثقوب. مثلاً في هذه الورقة موضوع هذا البوست ، و قدر ما قريت فيها ، فأنا تائه أبقى بين العرقي / الإثنوغرافي و الثقافي/الحضاري ، ما عرفت الحدود، متى يتداخلان و متي ينفصلان في مكوِّن الإنسان الأزرق ( السنّاري الحديث وليس القديم)
****لما كل ما سبق ، بالإضافة لإصرار منعم الفّذ على إنكار كل صلة للآفروعربية بالآيدلوجيا/ المشروع/ الخطاب وبدلاً عن ذلك، وصلها حميماً بالمعرفة المحايدة و بالعلمية (و سلطة الحقيقة المطلقة و العاتية التي كانت لازمة فيه قُبَّال حكاية اللاحتمية الملعونة) في و صف الظواهر كما هي عليه فقط( وهذا الإنكار و الوصل هو ظاهرة آيدلوجية بإمتياز..إنظر في علاقة كل ما تذكر من آيدلوجيات بلفظة العلم!!). وهذا الوصل لا أجد ما يسوغه عندي كقناعة في الفكر و ليس كأمنية في الحلم.. و لا هو( الفكر) وجد ما يسوقّه في سوق (الله أكبر) العامرة بالمتداعين للآيدلوجيات في مساعيهم نحو مشاريع للتحديث أو في الحداثة ، و من هؤلاء عبد الله بولا و حسن موسى و عبدالله علي إبراهيم . من الذين عاتبتهم يا منعم في ورقتك ونعيت عليهم تكالبهم على جنازة الآفروعربية ضرباً و تقطيعاً ...ويشهد الله ما و جعت زولاً غيرك يا منعم!! و و صف عبد الله علي إبراهيم لها بالتوفيقية و الطوباوية و الوسطية السعيدة لخير و أرأف بها من وصف نصر حامد ابي زيد لخطاب حي و مليء بالحيوية كمشروع اليسار الإسلامي في (الدين و الثورة لحسن حنفي) بالتلفيقية صراحة وليس مواربة..حتىميراث فش الغبائن السوداني ما يقطع بمثل هذا القطع الناشف..فلنتعزى بذلك!! لكن بعد دا كلو.. الجماعة ديل، في رأيي الشويَّة و قليل ، ناس عندهم مشاريع يريدون بناءها وخطاب يريدون إعلاءه ، في ارض هي ملك مشاع لكن لسة فيها بقية من قبب فكرية و بويتات آيدلوجية و أسمال راية منكوسة لا يزال يشاغبهم بها أثر لا تستحيل قراءته، من شعارات المشروع طيب الذكر.... كل ما يمكن ان يبقى من آيدلوجيا... إذن ، فلا بد لمن كان مثلهم، من هدمه/ها.. ولا يكتفون..اليسار/اليمين/الطائفية/العربسلامية/الرسالة الأولى/الرسالة الثانية/...وإلى ما لا آخر... عِد

الآيدلوجية..كالفرعون..لا تقوم الا على انقاض اخرى..

فيا منعم لا تهرب بالآفروعروبية من نصيبها في النقد و مجابدة الأفكار بإلباسها لبوس المعرفة المتعالية عن كل غرض ، ودع (الأزرق) لنفسه التي هو عليها و ليس التي (كانت) في العودة إلى (سنار) و يا ليتنا نعيد النظر في القول السديد:
( فأهدى السبل إلى السلام و النهضة الثقافية في السودان هو الإقرار بقوامين (أو أكثر) للثقافة السودانية. قد تمتزج هذه القوامات و قد تتبادل التأثير و التأثر، مع إحتفاظ كل منها بإستقلال الدينامية من حيث المصادر و الترميز و التوق)
و للمقوسات الصغرى من دوال الآفروعربية لي عودة
و تبقون على خير

Post: #60
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-22-2004, 07:16 AM
Parent: #1

اخي هاشم
عرفت تماما سبب عدم مشاركة بولا في البوست
والسبب ان الفيا لا يملك المعرفة المناسبة للحوار مع بولا وحسن موسى
وها انا احاول ان اقنعه ان ما قاله مجاف للحقيقة وايضا للحق

ارجو ان يعيد الفيا تقييمه لما كتبه كما كنت تتوقع انت
والمسالة ليست معركة
وانما بحث عن الحقيقة
ولن يضيره شيئ لو انه اقر بغلطه

وساعود
المشاء

Post: #67
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 04-22-2004, 08:21 AM
Parent: #60

حبابك ياأسامة وصباح الخير
أخي المشاء

أما هذا
Quote: عرفت تماما سبب عدم مشاركة بولا في البوست
والسبب ان الفيا لا يملك المعرفة المناسبة للحوار مع بولا وحسن موسى
وها انا احاول ان اقنعه ان ما قاله مجاف للحقيقة وايضا للحق

فلا أعرفه ..

وانا نفسي دخلت على هذا البوست بزاد قليل في المعرفة أرجو ان يزيد بالحوار والمثاقفة و يا ليت بولا و حسن موسى و عبدالله يشاركوننا هنا..فقد شكوتُ لبولا قلة ماكان متاحاً لنا من إبداعه و فكره في بوست دكتور النور الرائع بما هو أكثر من مجرد الترحيب..وأتابعك انت ايضاً هناك في المناداة بنشر ( مصرع الإنسان الممتاز) وما تأتي به في هجاء مديح العصامية..

و إن كنت معك في
Quote: ارجو ان يعيد الفيا تقييمه لما كتبه كما كنت تتوقع انت
ليس لأنني على قناعة بغير فكرته فقط.و لا لأن الأستاذة منى عبد الحفيظ توقعت مثل هذه المراجعة و تساءلت عنها. ولكن، فقط ، لأن المراجعة من سمت الباحثين عن الصواب و إن عابها الأستاذ منعم على عبد الله علي إبراهيم في إشارة لرحيله من أيدلوجيا الشيوعيين و خطابهم في الهوية، إلى العربسلامية، بالفكر و الموقف مما قد لا يكون دقيقاً..كما أظن معك أن إنزال ورقة ( الآفروعربية أو تحالف الهاربيين) في هذا البوست سيساعد في جلاء الصورة و كشف دقائقها للمتفحص .. والمسالة كما قلت
Quote: انما بحث عن الحقيقة
..يا ليتني لو كنت أصبر على طباعتها.. ولكن هل تصبرون أنتم؟؟؟لا أظن!!
ولن يضيرناجميعاً، أي شيئ ...لو اننا نتثاقف في وفرة من فكر و رأي وننعم الفكر كرّة فيما يتفرد به د.النور من إجتراح نقدي في الثقافة السودانية ذي حدين هو على الهامش من البوست و في صميم الموضوع في ذات الوقت..عجبي!!!
أيضاً
سعيد بمداخلاتك العميقة الغور النقدي كما بثراء ورقة عجب الفيا الذي يثير كل هذا النقاش .
أرقد عافية

Post: #234
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: AnwarKing
Date: 05-25-2004, 07:50 PM
Parent: #60

Quote: عرفت تماما سبب عدم مشاركة بولا في البوست
والسبب ان الفيا لا يملك المعرفة المناسبة للحوار مع بولا وحسن موسى
وها انا احاول ان اقنعه ان ما قاله مجاف للحقيقة وايضا للحق


تحياتى استاذ اسامة...
ان كان عجب الفيا لا لا يملك المعرفة المناسبة للحوار مع بولا وحسن موسى ... فلا اظن ان هناك ارضية للحوار الذى نستفيد منه نحن~~
دعوة للنزول الى الارض يا اهلنا...فنحن منكم...من السودان

AnwarKing

Post: #62
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 04-22-2004, 07:28 AM
Parent: #1


[عذراً..مكرر

و تبقون على خير

Post: #63
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: حبيب نورة
Date: 04-22-2004, 07:32 AM
Parent: #62

منتهي الامتاع يا استاذ عجب الفيا
مزيد من التفرّد والعطاء الممتد

Post: #65
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-22-2004, 07:43 AM
Parent: #1

اوافقك القول يا النور حمد في ان عبد الحي يختلف من المقولات الاستشراقية التي قالها محمد المكي ابراهيم
ومحمد عبد الحي له عقل نقدي
فهو استنكر على محمد المهدي روحه شبه الاستشراقية في كلامه عن انسان الجنوب
وايضا عبد الحي عندما تحدث عن "المصهر" كان يعتقد ان ما قاله هو مشروع وليس امرا قائما بالفعل
نحن هنا لا نريد ان ننقص من قدر اولئك الكتاب
ولكن ان نبين ان ايا منا يمكن ان يخطئ
ولا اعتقد ان محمد المكي ابراهيم سيدافع الان عن تلك المقولات التي قالها بصدد الغابة والصحراء

وساعود
المشاء

Post: #66
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-22-2004, 08:02 AM
Parent: #1

اخي هاشم
ما تفضلت به من كلام هو ما حاول الفيا ان يحجبه عن المتابعين

" فأهدى السبل إلى السلام و النهضة الثقافية في السودان هو الإقرار بقوامين (أو أكثر) للثقافة السودانية. قد تمتزج هذه القوامات و قد تتبادل التأثير و التأثر، مع إحتفاظ كل منها بإستقلال الدينامية من حيث المصادر و الترميز و التوق)"

واعتقد ان عبدالله على ابراهيم حينما تبنى خيار القوامين او اكثر كان اكثر صدقا في التعبير عن حالتنا المتعددة ثقافيا

ارقدوا عافية
ا
لمشاء

Post: #124
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: hamid hajer
Date: 04-30-2004, 03:24 PM
Parent: #66


إلى د. عبد الله علي ابراهيم:

الافروعربية ليست تحالف الهاربين

د. بشارة صقر
[email protected]

اولا ومن منطلق فلسفي فانه لا يجوز اثبات وجود ما هو موجود (بالصورة) وان ذلك نوع من الاعتباطية واستهلاك زمن في جدل (سفسطائي) ذلك ان الافريقانية في السودان موجودة بالصورة , بداء من اسم الدولة التي اطلقها العرب (وهذا من باب شهد شاهد من اهلها) علي قوم سود يسكنون في البلاد المسمي السودان. وفي التاريخ كتب ابن خلدون في مقدمته عن اقاليم السودان :وذكر ضمن من ذكره من شعوب: بلاد النوبة والبجة وسكان جنوب السودان ومجالات الزغاوة ...... وغيرها كما ومن الممالك الاكثر تاثيرا وشهرة واكثر توسعا من نواحي العلاقات الدولية وسعة الملك كانت ممالك افريقية مثل مملكة النوبة صاحبة التراث العمراني المزهل ومملكة دارفور (رواق ازهر وكسوة كعبة) ومملكة العلوة وغيرها .
وفي التاريخ السوداني الحديث كانت لنضال القوي الافريقية دورا هاما واساسيا في كون السودان بشكلها الحالي وان كانت النّخب التي كتبت تاريخ(وليست التأريخ) السودان الحديث نسيت او تناست عن ذكر كثير من هذه النضالات ( نذكر منها تصويت القوي الجنوبية لصالح الوحدة , ومعارك التحرير في كل من الطينة والجنينة والتي بموجبها تم تحديد حدود السودان الغربية بشكلها الحالي) كذلك قوة تاثير الافريقانية ارثا وثقافتا علي السودان واضح للعيان وسط القوي الافريقية التي تعرضت للاقصاء والتهميش في الجنوب ودارفوروالشرق ومناطق اخري , وفي هذا المجال نذكر اختيار د. فرنسيس دينق ضمن افضل مائة شخصية مؤثرة في القرن المنصرم فهل يوجد انجاز مشابه حققته تلك القوي المستعربة الناكرة لافريقية السودان؟ اذا كان المفكر هو ذلك الشخص الذي يحمل في اعماقه ثقافة نقدية قادرة علي انتاج الافكار وتنشيطها لتشكل نظاما فكريا ما وتوسيعها واغنائها وتجديدها والتحقق من مدي تطابقها مع الواقع , واذا كانت الايديولوجيا علي عكس ذلك تقوم بانتقاء لبعد الافكار التبسيطية عن سبق اصرار من اجل تعبئة الجماهيرللقيام باعمال محددة. فان ما يقوم به د. عبدالله علي ابراهيم هو ممارسسة الايديولوجبا التبريرية من اجل تهييج الجماهير واعادة انتاج الثقافة الاحادية الشرقية التي تقوم علي اسس استبدادية , ذلك الثقافة التي تؤمن بالمستبد العادل بديلا للحريات وتشكل تجمعات محاميين من اجل دفاع عن الطواغيت امثال صدام حسين .انا لا اتهم هنا د. عبدالله بقدر ما انتقد الثقافة التي ينفي مستندا عليها كل الارث الاجتماعي السوداني الافريقي الشغّال .
العنوان الذي اطرحه هنا بديلا لما يقوله د. عبدالله هو الاسلامو-عروبية وتحالف الهاربين ولكي نثبت وجود هكذا تحالف غرّبت الوطن من مجمل محيطه الافريقي ولم
تنجح في ادخالها اوادماجها في عروبتها المصطنعة , يجب ان نبدا في تحليل عناصر التراث الاجتماعي السوداني ومقارنتها بتلك الموجودة في البيئة العربية المثالية (الجزيرة العربية).
اذا كانت اللغة تؤثر في حضارة الامة ومظاهر ثقافتها فهي بدورها تتاثر بحضارة البيئة ونظمها وعقائدها واتجاهاتها العقلية وتقاليدها ودرجة ثقافتها واحوال بيئتها الجغرافية والمناخية وشؤونها الاجتماعية الاخري , والحال هكذا فان مايملكه اسلاموعروبيون في السودان هو رهان اللغة العربية اما العوامل الاخري فهي عوامل افريقية في الاساس وبالتالي من الطبيعي ان تكون بسماتها قوية علي مجمل الهوية
والثقافة المنتجة في السودان.
واذا كانت اللغة نظاما من الاشارات التي تعبر عن الافكار , فان الدولة السودانية الحديثة بتجاهلها اللغات المحلية تجاهلت الافكار الموجودة داخل هذه اللغات والارث الثقافي المكوّن لها , وتلك اول دلائل قصور الرؤية للنخب المثقفة التي فرضت واصّلت للاثقافة الاحادية في السودان.هذه الثقافة العربية المستوردة والتي قامت بعملية تعريب (عمودي) لانماط الثقافية الافريقية واعادة انتاجها في قوالب (عربية) دون ان يحفظ لها حقها الافريقي بل وصلت الي درجة الانكار لوجود أي اصل افريقي لهذا الارث الثقافي الموجود واقعا (انظر: د. عبدالله علي ابراهيم :افروعربية وتحالف الهاربين) .
لو نظرنا الي العلاقات التي تحكم وضع المراة في المجتمعات السودانية لوجدنا انها منخرطة ومساهمة بقوة في الفعل الانتاجي اذ المراة في الريف السوداني مثلا عاملة ومنتجة , و في التاريخ القديم تبوات المرأة مناصب قيادية عليا (ممالك النوبية) , وكل
ذلك توكد بان المراة في السودان ناشطة ضمن الفاعلين اجتماعيا , فهل هذا يبدو مشابها لوضع المراة العربية( الجزيرة العربية) , وما هو السبب وراء هذا الانحراف لوضع المراة في السودان اذا افترضناها عربية؟
دلالات الشلوخ:
ظاهرة الشلوخ في السودان وهي ظاهرة موجودة وسط القبائل النيلية مثل الشايقية وكذلك موجودة في اوساط قبلية سودانية كثيرة اخري وهي امتداد لظواهر افريقية مشابهة مثل وضع علامات في الوجه او تلوين الجسم , ومن هذا المنطلق فان الشلوخ عند الشايقية منسجمة تماما مع التقاليد الافريقية ولكن هل توجد تقاليد مشابها لظاهرة الشلوخ في الاوساط العربية الاصلية؟
وانا هنا لا اتفق مع الفكرة القائلة بان الشلوخ عند بعض القبائل النيلية عبارة عن وسيلة لحفظ نوعها(العربي) من الذوبان في القبائل الافريقية الاخري وان كان في هذا القول تلميح او اعتراف ضمني بحدوث مثل هذا التداخل ادت الي تغيير السحنات اللون مما جعلت العلامة في الوجه دلالة وحيدة لتحديد النوع (فيزيائيا). حسب اعتقادي فان
الشلوخ ظاهرة افريقية موجودة ومنتشرة بكثرة في الاوساط القبلية المختلفة (المحس او الشايقية , الفور , اودينكا , الزغاوة ............الخ).
اما السؤال الاكثر الحاحا هو:
ما الذي يجعل العربي في الجزيرة العربية لا يتذوق الفن السوداني؟
ففي وقت الذي يتمايل كل الشعب العربي من المحيط الي الخليج طربا لاغاني المكوجي شعبان , لا نجد من يقوم حتي بنقر الاصابع لاغاني العملاق وردي او غيره من الفنانيين السودانيين , ولكن الغريب ان هؤلاء العمالقة لهم جماهير علي امتداد افريقيا حتي اوساط اولئك الذين لا يعرفون اللغة العربية فما هو سر هذا التعلق الافريقي بفن السوداني, فيما يرفضه العرب بصورة ماساوية ؟.
ان النتاقض الواضح ما بين واقع الارث الافريقي (الشغّال) داخل غالبية الاوساط الشعبية السودانية وبين الثقافة العروبية (المتخيّل) فقط عند النخب المهيمنة لمفاصل الجهاز الاعلامي والثقافي الرسمي للدولة هو الذي افرز هذا الواقع السوداني المحزن .انه لمن المؤسف ان يمارس الدولة اساليب السرقة والتشويش والاقصاء للارث الاجتماعي الافريقي وبالتالي تمييع الهوية السودانية وتغريبها عن بيئتها مما ادّ ذلك الي انتاج ساحتين اجتماعيتين في الفضاء السودانيساحة عروبية متخيّلة عند النخب ولا وجود لها لا في الواقع السوداني ولا في اوساط العربية التي يدّعون الانتماء اليها وانما هي ساحة وهمية مصنوعة بفعل الاعلام وبوسائط التهييج الجماهيري التي تجيد هذه القوي استخدامها بكفاءة.
اما الساحة الاخري فهي ساحة التراث الجمعي المهمّش من قبل القوة المهيمنة.
ان دراسة البيئة الاجتماعية للتراث السوداني من الدّاخل ومعرفة السيميائيات الدلالية والثقافية لكثير من مكوناتها البنيوية وتحليلها بدقة سيكشف النقاب عن زيف الادعاء بهوية العروبية ويكشف ايضا الي أي مدي تداخلت النوبية مع العربية مع غيرها من مكونات النسيج السوداني الي درجة يصعب معها فرز الكيمان من جديد.



--------------------------------------------------------------------------------
اخي الفايا ...
هذه مداخلة الاخ الدكتور بشارة صقر في صحيفة سودانايل الاكترونية ..
لتعميم الفائدة ننشره هنا ضمانا لوحدة الموضوع ..
وساقوم باختار الاخ دكتور بشارة لمتابعة تعقيبكم مع التقدير ..
حامد حجر .............


Post: #151
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: samia gasim
Date: 05-06-2004, 11:16 AM
Parent: #124

البوست ده غريب خلاص
بطلع فوق بى زول لما نجى نفتش المساهمات بيكون اسم الزول انحشر
فى النص ولا راح وين ماعارفا وبلقى اخر مساهمة ياها زاتا
على العموم فوق
ونحنا جماهير المستمتعين جدا بالنفاش يا استاذ عجب الفيا
وكمان منتظرين ورقة دكتور عبدالله الوعدت بانزالها هنا وما عارفين
التاخير سببو شنو

دى النسخه التانيه عشان اشوف الحاصل شنو

Post: #174
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Frankly
Date: 05-09-2004, 06:50 PM
Parent: #151


دفعا لهذا البوست الى الصفحة الاولى

_____



أتق الله حيث ما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن


Post: #176
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: نصار
Date: 05-09-2004, 06:59 PM
Parent: #151

الاخت سامية قاسم

تحيات ماجدات

بعض الاخوة يلحق رده مباشرة بعد المشاركة التى يود التعليق عليها و لتحصلى على اخر تعليق يمكنك الضغط على Jump to newest reply in thread » الموجود اعلى يسار الصفحة.
انا اتابع هذه الدراسة القيمة بصمت و اعجاب و لا اجد ما اضيفه لها

مع الود

Post: #68
Title: Re: توضيح لبعض اسباب اللبس
Author: Agab Alfaya
Date: 04-22-2004, 03:54 PM
Parent: #1

الاخوان
هاشم الحسن
اسامة الخواض
الدكتورالنور حمد
حبيب نورة ، وكل المتابعين والمساهمين

بسبب الشغل لم اتمكن من متابعة الردود والرد عليها في حينها
كما ان ضيق الوقت يجعلني دوما انتقي ردودي علي الاسئلة والمساهمات

يعتقد الكثيرون ان آلافروعربية او الغابة والصحراء،
تعني ان هنالك عرب يمثلهم شمال السودان ،وهنالك افارقة يمثلهم الجنوب ،او بعبارة اخري :الصحراء ترمز للشمال والغابة ترمز للجنوب ،
وهذا غير صحيح لو كان ذلك كذلك لما استحقت منا كل هذا العناء
ولما كانت جديرة بكل هذا النقاش العامر.
وللاسف معظم سؤ الفهم سببه هذا الاعتقاد الخاطيء،ولو كن ذلك صحيحا لكانت التسآؤلات التي تفضلتم بها صحيحة.
يقول اسامة الخواض :
Quote: فعلى الصعيد الابداعي ارى ان له مساهمة شعرية رفيعة,
لكنه كمشروع ثقافي يتسم بالاختزالية التبسيطية للمكونات المتعددة والمتشابكة للثقافات ولا اقول الثقافة السودانية.
فهو حصر المسالة كلها في تيار عروبي واخر افريقي .

ويقول الاخ هاشم الحسن مؤكدا تسآؤل الاخت مني عبد الحفيظ:
Quote: (وماذا عن الهوية الآن عندك؟؟ هل هي ما زالت الغابة والصحراء؟؟
أم انه التنوع الثقافي داخل الوطن الواحد؟؟ غابة قحة أو صحراء قحة أو غابة وصحراء معاً..) !!

واقول ان آلافروعربية او الغابة والصحراء ،لا تعني ،الشمال العربي والجنوب الافريقي!!!!!!!
المقصوداصلا من هذا التوصيف وانا حريص جدا علي كلمة توصيف لان آلافروعربية او الغابة والصحراء ليست تيارا او مدرسة و حتي جماعة وانما تسمية وصفية لواقع اثني وانثروبولوجي محدد،
اقول المقصود اصلا بهذا التوصيف - في المقام الاول - شمال السوداني
الجنوب لم يكن داخلا في الصورة في البداية تم الحاقه فيما بعد،

اذن الافروعربية تعني في الاصل الهوية العربية الافريقية لسكان شمال السودان التي كانت نواتها مملكة الفونج او سنار التي تكونت من تحالف القبائل العربية بالقبائل الافريقية فكان ثمرة هذا التحالف والتزاوج والانصهار ،شمال السودان الحالي .
من هنا كانت سنار رمزا لهذا الوجود الافروعربي للشمال.
وقد كان عبد الله ابراهيم مدركا تماما للقصد من هذا المصطلح عندما حدد في مستهل ورقته انه يهدف الي :
"القصد من هذه الكلمة ان تتفحص نقديا مفهوم الافروعربية الذي استقر كوصف لثقافة الجماعة الشمالية العربية المسلمة علي النيل والبوادي"

الفرق ان عبدالله ابراهيم لا يقر بافروعروبية شمال السودان او من وصفهم بالجماعة العربية المسلمة،ومن هنا كان منطلقه لرفض هذا التوصيف لهذه الجماعة.فهو يبحث عن النقاء العرقي والثقافي لهذه الجماعة.لذلك يرفض بشدة مفهوم الوطن البوتقة حيث تختلط الانساب والاحساب!
يقول في اخر فقرة من ورقته مشددا ، :
"ان افضل الطرق عندي ان يكف ابناء الشمال العربي المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوي الهجنة..فالاحتجاج بحقوق الافريقيين المعاصريين او ممن يزعم الافروعروبيين ان دمائهم كاسلاف قد استقرت فينا هو خطة سلبية جدا."
فلا مجال عنده للحديث عن اي بعد افريقي ثقافي او اثني لسكان شمال السودان.
لذلك فهو لا يري سوي حل واحد وهو ان تكون هنالك ثقافة عربية اسلامية خالصة من اي شائبة افريقية، خاصة باهل الشمال ،
وتكون هنالك ثقاقة افريقية خاصة باهل الجنوب او الغرب او الشرق
فيختم قائلا:
"فاهدي السبل الي السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الاقرار بقوامين او اكثر للثقافة السودانية."

يا تري الي اي قوام ثقافي تتبع العاصمة القومية!؟
اعادة انتاج الازمة اليس كذلك ؟!

فبالله عليكم اين يكمن التبسيط والاختزال؟
في خطاب الذي يقوم ان شمال السودان تعددي ؛افروعربي؟
ام الذي يصر علي ان شمال السودان عربي مسلم وبس ؟؟؟
مالكم كيف تحكمون؟

كانت النخبة المثقفة من ابناء شمال السودان تظن نفسها حتي منتصف القرن العشرين عربية وحسب، فجاء الافروعروبيون وقالوا لهم انتم لستم عربا هذه نصف الحقيقة، انتم افارقة عرب.فجاء عبدالله ابراهيم من خلال ابادماك في الستينات وقال لهم لا :انتم افارقة وحسب.
وها هو يعود ويقول لهم : لا انتم عرب وبس يا ابناء الشمال العربي المسلم!


ونواصل


Post: #69
Title: Re: توضيح لبعض اسباب اللبس
Author: حبيب نورة
Date: 04-22-2004, 04:01 PM
Parent: #68

عجــب الفيــا
ياخي البوست اكتر من روعة
كل شوية نعاين ليك تجي تواصل فيه
عشان نتعلم منكم ومن مداخلاتكم الثرة
ياخي يديك العافية يا ررررررررررب

Post: #150
Title: Re: توضيح لبعض اسباب اللبس
Author: samia gasim
Date: 05-06-2004, 11:08 AM
Parent: #68

البوست ده غريب خلاص
بطلع فوق بى زول لما نجى نفتش المساهمات بيكون اسم الزول انحشر
فى النص ولا راح وين ماعارفا وبلقى اخر مساهمة ياها زاتا
على العموم فوق
ونحنا جماهير المستمتعين جدا بالنفاش يا استاذ عجب الفيا
وكمان منتظرين ورقة دكتور عبدالله الوعدت بانزالها هنا وما عارفين
التاخير سببو شنو

Post: #70
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-22-2004, 04:14 PM
Parent: #1

QUOTE]"الجنوب لم يكن داخلا في الصورة في البداية تم الحاقه فيما بعد،"



ما زالت ورقة الفيا تتخبط وهي تحاول ان تصلح ما افسدته القراءة الخاطئة والمركبة لكل من :
بولا وحسن موسى
مقال عبدالله على ابراهيم
تيار الغابة والصحراء

وبدلا من ان تعترف الورقة باخطائها الفادحة ,
ها هي تزوغ من النقاش,
بل وتعيد انتاج الخطا,
وساورد مثلا بسيطا من الرد الاخير للفيا فهو قال عن الجنوب الاتي:

"الجنوب لم يكن داخلا في الصورة في البداية تم الحاقه فيما بعد،"

وعن اي افريقي كان يتحدث محمد المكي ابراهيم ؟

الم يتحدث عن المراة الجنوبية؟

وانا مصر ان الفيا يراهن على عدم امتلاك القراء لمقال عبدالله على ابراهيم والا ما قال ماقاله

لكن الحقيقة ستنتصر

وساعود

المشاء

Post: #73
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Shinteer
Date: 04-22-2004, 06:45 PM
Parent: #70

الأخ العزيز عبد المنعم .. صاحب هذا البوست الممتع.
اتابع ما يدور هنا .. وليس لي غير أجر المتابعة.

وددت قبْلاً إزجاء الشكر لك يا عبد المنعم لفتح هذا الباب "الغميس" .. ثم للنور حمد لسرده الممتع (مممممتع للغاية) لسيرة فحلين قريبيْن إلى أصل معدني البدوي .. ثم إلى الأخ هاشم الحسن .. والأخ أسامة الخواض لدخوله هذا البوست باسلوب الحريص على النقاش الموضوعي وليس غيره.

مداخلة الأخ عبد المنعم الأخيرة عن إبعاد الجنوب من مشروع أصحاب الغابة والصحراء .. غيرت بعض الشيء من فهمي لمرامي هذه "الغابة والصحراء". وهذا التغيير في وجهة نظري مسؤول عنه الأخ عبد المنعم .. لأني لا أعرف إلا القليل عن هذه الغابة والصحراء .. كغيري ممن ترعرعوا في أحضان أناشيد لم أفهم منها شيئاً: من شعاراتنا مايو .. وفي حكاياتنا مايو (الكلام ده ما راكب عدلو) .. و سأصرخ حتى أشرخ حلقومي (الكلام ده مجوبك وقالو كمال الجزولي) .. يا حارسنا وفارسنا (ما عارف قالوا منو؛ يكون محجوب شريف). نشأنا على هذا الكلام الذي تكرم به شعراء الحزب الشيوعي السوداني "رائد التغريب والاتفصام الاجتماعي في السودان" .. ولم نعرف الكثير عن أبادماك .. ولا الغابة والصحراء .. رغم معرفتي الاجتهادية ببعض رموز هذه الغابة والصحراء (كنت أزور المرحوم الدكتور محمد عبد الحي في مكتبه القابع في الطابق الأرضي غرب سفينة نوح (الـ ون أو تو .. التابعة لكلية الآداب ويستغلها أحياناً طلاب كلية الاقتصاد).

ولو جاز لي أن أحشر أنفي .. كما أجاز رعيل الغابة والصحراء لأنفسهم ان يفتوا في هوية السودان فسوف أعلق بالآتي يا أخي عبد المنعم:
1- النص الكامل لمقالة الدكتور عبد الله علي ابراهيم غير موجودة هنا. واستعانةً بما اقتطفت منها أنت لخدمة مشروعك النقدي .. فإن عبد الله علي ابراهيم محق في إقراره بالحاجة إلى تطوير المتاح لدى الشمال من ثقافة مكبلة ومحصنة بالمحرمات بدل الهروب إلى واقع يشبع رغائب النفس الشابة المتمثلة في أيفاع الغابة والصحراء آنذاك.

2- ما أضافه النور حمد لهذا البوست يدعم نظرة الدكتور عبد الله علي ابراهيم بأن هناك متسع داخل هذه الثقافة الاسلامية العربية المتجهمة .. وهذا المتسع وافر في بوادينا التي لم ينتهك الترك عذرية حرياتها الفطرية.

3- لا أرى في أدبيات محمد عبد الحي في العودة إلى سنار سوى همهمات شاعر يتكلم بلسان شاعر عذب اللفظ .. وأعذب ألفاظ الشعراء أكذبها. وحتى في ديوانه أو قصيدته الموسومة بالعودة إلى سنار .. لم أجد شيئاً يحكي لي ما كان واقعاً في هذه السنار آنذاك .. ولم أر سوى احلام شاعر .. كلها خُلّب. ففي حكاوي الأجداد أن هذه السنار لم تكن تعني سوى الفونج والعبدلاب .. ولا ينبغي أن نبني أسساً على هذا التحالف لتكوين دولة حديثة تتجاوز حدودها وتطلعاتها تخوم ذلك الحلف السناري. قبيلة الشكرية كانت أقرب القبائل العربية جغرافياً إلى مركز تلك الدولة .. لكن لم تنطفي حروبهم معها إلا بانطفاء تلك الدولة عن الخارطة الجغرافية (والكلام ده مدوّن في أشعار الشكرية ومعاركهم الدامية مع هذه السلطنة). إذن .. الغابة والصحراء (في نظري برضو) لم تكن سوى مشروع "رومانسي" .. أو نزوة انتهت بانتهاء فترة اليفاعة لروادها الأوائل.

4- أعتقد، والله أعلم، بأن إشادة عبد الله بولا وحسن موسى بمقال عبد الله علي ابراهيم جاءت على غرار التحالف الضمني مع "عدو عدوك" ضد عدوك .. فثلاثتهم ضد الغابة والصحراء. والله أعلم برضو .. لأني لست عالماً برأي عبد الله بولا ولا حسن موسى حول هذا الموضوع بالتفصيل.

5-سبقتني ميسون النجومي .. وسبقني هاشم الحسن باقتباس مقالتها بأن السودان لا توجد به ثمة مدرسة .. أو تيار .. أو حركة بالمفهوم المدرسي العلمي الذي نعلمه. الغابة والصحراء لم تترك لنا نحن، أبناء مايو، أي أدبيات نتعرف من خلالها على فلسفتها في حل إشكالية الهوية. بعض شعراء .. شباب .. التفوا حول بعضهم .. لا علاقة للحسن أبي هاشم ولا شنتير جد عموم الشناتير بما يقولون .. نظموا قصائد .. لا يفهم مغزاها ومقاصدها حتى أبناء شنتير من أمثالي .. ثم انتهى الأمر بتفرقهم في اصقاع المعمورة: النور عثمان ابكر في الخليج .. محمد عبد الحي صمد حتى وافاه الأجل المحتوم (عليه رحمة الله) .. محمد المكي ابراهيم (والله ما عارف ود المكي تابع للجماعة ديل وللا لا .. واعتقد انه زول جايط بس) مشتت مع المشتتين في أمريكا .. كلهم .. كلهم .. كانوا فتيةً لم "تعفصهم" مخالب الحياة. أين هم الآن؟. غيابهم عن الساحة .. و99% منهم أحياء دليل كافٍ على محاولة هروبهم التي فضحها الدكتور عبد الله علي ابراهيم. ألم يكن من الأجدر دفاع أحدهم عن هذه "المدرسة" بدلاً عنك .. إن كانوا من الراسخين؟.

6-كل النقاط التي ذكرتها أعلاه مبنية على استناجات من باطن البوست والمداخلات التي تلت .. حيث لا علم لي بنظرية الغابة والصحراء (وهذا تقصير منهم وليس مني) .. ولا علم لي بنظرة عبد الله بولا وحسن موسى لهذا التيار.

7- أكرر مع الأخ اسامة الخواض: يجب عرض مقالة الدكتور عبد الله علي ابراهيم هنا .. ليتبين لنا موضع الضعف .. وموضع القوة فيها.

8- الشكر لجميع المشاركين .. "بدون أي فرز" .. وللأخ عبد المنعم الذي رمى الطعم (بمعنى غير سلبي) للاستاذ عبد الله بولا ليدلي بدلوه هنا. فعبد الله بولا، حسب "قالات" تلامذته .. ليس بذاك المتعالي على المجادلة مع من هم أدنى منه ذخيرة في حقل المعرفة. وفي هذا المنبر العام .. يجب ألّا يدور بخلد العالِم أنه في مضمار خيول .. السابق فيها هو الاصيل .. بل هو في ساحة عــــــــــامة .. بها تلامذة تواقون إلى التعلم ممن هم أعلم منهم .. بفضل جدال يدور بينهم (العلماء) وبين ممن ظن الأخ اسامة الخواض أن تدني ذخيرتهم الفكرية لا تسمح لذلك العالِم بالدخول في جدال معهم .. هذا الكلام يا أخي أسامة لا يليق بعبد الله بولا الذي قدمه لنا الأخ النور حمد. إذا كان الاستاذ عبد الله بولا فعلاً يتأفف من مناقشة من يظن أن بهم قصوراً عن مقامه .. فهذه مذمة بالغة الغلظة. ما معنى العلم إن لم "يفرشه" العلماء للجاهلين؟

9-استغفر الله إن أفتيت في ما لا علم لي به .. وأحمد الله إني قلت ما وددت قوله. ونرجو المواصلة .. يا عبد المنعم والنور وهاشم وأسامة ... ويا عبد الله بولا .. تعال بيجاي .. وخلي كلام أخوي أسامة ده يطلع كضب.

والعفو أيها الأخوة.

Post: #76
Title: Re: اقرا مقدمة الكتاب يا اسامة الخواض
Author: Agab Alfaya
Date: 04-23-2004, 11:12 AM
Parent: #73

عهد الدكتور عبد الله ابراهيم الي الدكتور ايلياء حريق كتابة مقدمة كتابه: الثقافة والديمقراطية في السودان والذي اعاد فيه نشر مقاله :تحالف الهاربين .
ولقد لخص حريق ،التحول الفكري الذي يمر به الدكتور ابراهيم كما تجلي في هذا المقال ،في كلمتين : القومية العربية!
يقول حريق في نهاية مقدمة كتاب الديمقراطية في السودان :
Quote: " 00 ورغم كل ما حدث ويحدث في هذا الوطن العربي المترامي الأطراف ، فإن الحقيقة هي أن القومية العربية تشكل رصيدا وخزانا هائلا من

الطاقة البشرية والمهيأة للانتفاضة الكبرى على أسس واعية وديمقراطية ولا يشوبها ادعاء المدعين بالأفول والممات . وما الأفكار النيرة التي يعبر عندها الدكتور عبد الله في هذه المجموعة من الا ان الشي
المقالات إلا شاهد على تلك الحيوية والطاقة "
.


الا ان الامر العجيب والغريب الذي يؤكد صحة قراءتنا لورقة عبدالله ابراهيم،حديث الياء حريق عن المكون الافريقي في الانسان السوداني :

فهو يقول أنه لم يفهم رواية ( موسم الهجرة إلى الشمال ) إلا بعد أن قرأ مقاله د. عبد الله ( الآفروعربية أو تحالف الهاربين ) . ويقول أنه كان يقف دائما في حيرة أمام ازدواجية شخصية بطل الرواية مصطفى سعيد ، المتنازعة " بين التجسيد الكلي للمشاعر الحسية والاستهتار الأخلاقي من جهة ، والتمثيل المتفوق والقدرة الفكرية من جهة أخرى " وبعد قراءة الكتاب تبين له " أن مصطفى سعيد يمثل السودان تمثيلا كليا ، فهو سوداني من أب شمالي وأم جنوبية " وهو " في المظهر الأول يتمتع بعقل بالغ الحدة والذكاء ويبرز في الجامعات البريطانية ومحافلها الفكرية ، وفي المظهر الثاني هو طفل شهواني غر يلاحق اللذة والمتعة حيث يمكنه أن يقتنصها حلالا كانت أو حراما " .

أن الكاتب يريد أن يقول بكل بساطة أن إنسان شمال السودان العربي عقلاني يتحلى بفضائل الأخلاق أما إنسان الجنوبي الأفريقي فشهواني طفولي لا يفرق بين الحلال والحرام ولا عقل له يعصمه عن فعل الرذيلة .

ولما كان مصطفى سعيد من أب شمالي وأم جنوبية وهو لذلك يمثل السودان تمثيلا كليا كما يقول د. حريق ، فإن الجانب الجنوبي الأفريقي فيه هو الذي قاده إلى المأساة حيث الشهوانية والاستهتار الأخلاقي والاشباع الحسي ولم تستقيم حياته إلا بعد أن استقر في قرية في الشمال ، إذ يقول " لقد كانت نهاية مأساوية مفجعة كما وأنه فشل فشلا ذريعا من الناحية الأخلاقية والعاطفية والحياتية وقد دفع ثمنا غاليا لتهوره قبل أن يعود فيستقيم ويستقر في القرية السودانية وفي ذلك رمز لا يمكن تجاهله " .

ولما كانت ازدواجية الانتماء هي سبب فشل مصطفى سعيد وتدميره بل أن انتمائه إلى الجانب الأفريقي هو سبب مأساته على رأي الكاتب فأنه يحذرنا من المزاوجة بين الانتماء العربي والأفريقي لأنه يرى فيه فصلا بين العقـل والأخلاق .

فلن يعرف أهل السودان الهداية إلا إذا تمسكوا بانتمائهم العربي الواحد وإلا صاروا مثل مصطفى سعيد الذي قاده انتمائه الأفريقي إلى الهلاك . لذلك فهو يخلص من تحليل شخصية مصطفى سعيد إلى القول أن الطيب صالح يوافق الرأي د. عبد الله على إبراهيم في رفض أطروحة الآفروعربية لأنه يرى فيه الفشل والنهاية المأساوية " . بمعنى آخر أن الطيب صالح وعبد الله إبراهيم في رأي الكاتب يرفضان الانتماء الأفريقي لأن " الفصم بين العقل والأخلاق أمر لا هداية فيه ، بل يؤدي إلى تدمير الذات ، كما دمرت حياة مصطفى سعيد لانحيازه للجانب الأفريقي فيه والذي لم يسلم إلا بعد أن عاد إلى انتمائه العربي الآحادي عند استقراره بقرية من قرى الشمال .

ولكي يتحلل حريق من مسئولية هذا الاستنتاج الغريب ،يستعير نفس العبارات التي وصف بها دكتور عبد الله ابراهيم الافروعروبيين ،ولسان حاله يقول هذه الصورة ليست من عندي وانما من صنع انفسكم :
" وعلى هذا القرار تصف جماعة الآفروعربية السوداني الجنوبي بالطفولة والغرارة والمشاعبة والروحانية وخفة القلب والولع بالايقاع والرقص وجميعها صفات تسم سلوك مصطفى سعيد " .

وللحقيقة ان عبد الله ابراهيم نسب هذا الكلام للافروعروبيين دون وجه حق اذ لم يقل به احد .كل ما هنالك ان محمد عبد الحي في نفده لجنوبيات المجذوب قال انها: صورت الجنوبي في صورة بدائي نبيل "
فاين النبل من هذه الاوصاف ؟
،ولكن دكتور عبدالله ابراهيم استعمل ذلك ،من باب المثل العربي :رمتني بدائها وانسلت! فدكتور عبدالله ابراهيم يظن في قرارة نفسه أن هذه الصفات كالبوهيمية والمشاعبة واستباحة المحرمات واطلاق الغرائز ، الصق بجنس الافريقي لذلك رمي بها الافروعروبيين ، ليسهل له القول في النهاية بأن دافعهم إلى " الفرار إلى النسبة الأفريقية " على حد تعبيره هو إشباع الغرائز والتحلل من المحرمات واطلاق الرغبات . لذلك يقول :
" فدعاة الآفروعربية لم يلقوا وهم في ريعان الشباب من ثقافتهم العربية والإسلامية ما يروى غلتهم من الحب والتعبير ، فاضطروا إلى الهرب باجندة الريعان والشغف إلى فردوس مطموس في تكوينهم الاثنى الغرائز فيه طليقة والرغائب مستجابة " .

وعن رحلة محمد المكي إبراهيم إلى أوربا في الستينات يقول : " وقد أملت البوهيمية على مكي أن يمد إقامته في ألمانيا إلـى عـام تغيـب فيـه عن الجامعة " .

فصورة الأفريقي مرتبطة عنده أصلا بمثل هذه الصفات السالبة لذلك فهـو لا يرى في دعوة هؤلاء القوم لرد الاعتبار للمكون الأفريقي فيهم سوى دعوة لإشباع الغرائز " فقد ترك الآفروعربيون الانطباع الخاطئ بأن تزمت الثقافة العربية لا ينصلح إلا بعملية نقل دم من حضارة أخرى أكثر تسامحا في ارواء الأشواق والغرائز " . فأي حديث عن الثقافة الأفريقية لا يرى فيه غير دعوة ماجنة إلى إشباع الغرائز ، واطلاق الشهوات .

اذن أن الغرض الذي جمع بين د . حريق واحد وهو البحث عن انتماء عروبي صرف لا تشوبه أي شائبة إفريقيةوإلا فأن أي محاولة للقول بأن هنالك تزاوج قد تم بين العنصر العربي والأفريقي ما هو إلا محاولة لضرب القيم والأخلاق بعرض الحائط وتحجيم للانتماء العروبي والإسلامي . لذلك ليس صدفة أن يعهد د . عبد الله إلى رمز من رموز الاتجاه القومي العروبي كتابه مقدمه مؤلفه " الثقافة والديمقراطية في السودان " .



مرحب بك اخي العزيز شنتير
سوف اعود لمساهمتك

Post: #74
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-23-2004, 03:01 AM
Parent: #70

شكر، وعرفان:

أشكر كل المشاركين في هذا البوست. وقد أفدت من مشاركاتهم، فائدة كثيرة. ويتجه الشكر في الأساس، إلى صديقي، عبد المنعم عجب الفيا، الذي هيأ لنا، هذا البساط، ومد هذه المائدة العامرة. كما أشكر العزيز، هاشم الحسن، الذي يعجبني ترويه، وعمق تأملاته، وحياده الفكري. تفضل هاشم بالإشارة إلى أنني أكتب على هامش البوست، ولكن في أصل الموضوع. وقد أعجبتني تلك الإشارة، وحفزتني كثيرا. وحقيقة الأمر، فإنني أصبحت، أكثر ميلا، مؤخرا، للخروج على نمط الكتابة، التي تسير في خط مستقيم. وأرى أن هناك "محدوديات"، إن جازت العبارة limitations تحيط بالكتابة "الخطية"، أعنى الكتابة التي تسير على مسار خطي، له ضفاف وحواف، ومقدمة ونتيجة، جعلت من ذلك القالب، بمرور الزمن، قوة تخصم، من حرية الكاتب، بدل أن تضيف، إلى حرية الكاتب. فلغة الخطاب، المتشكلة تاريخيا، أصبحت قوة أسرة، وربما ساجنة للكاتب، بين جدرانها. ثم، تجيء تقنية كتابة الخطاب، في صوره التي جرى التعارف عليها، لتصبح، هي الأخرى، قوة قابضة، تحبس الكاتب. ولربما شكلت كل تلك الأمور، للكاتب، مسارا مثل القضبان الحديدية، للقطار، التي لا فكاك للقطار منها. ولقد اعجبتني فكرة بولا، في محاولات الخلط بين الرواية، والشعر، والمقالة، والحكي الشعبي، في سياق واحد. وأحببت أن أجربها هنا، وأرى ما يكون!
كما أشكر الأخ شنتير الذي ذكر أنه يجد متعة في متابعة ما أكتب، وهذا مما يشجع، ويحفز، ويقوي العزيمة على قعدة الكتابة.
_______________________________

تعرض الوسط والشمال السوداني، بشكل أكثر خصوصية، إلى جائحتين كبيرتين، خلقتا أوضاعا جديدة. وأظن أنهما أربكتا مسار التطور الطبيعي لنمو أمتنا في خط الإعتدال، الذي كان يمكن أن يفضي بنا إلى مفهوم الدستور، والحرية والفردية، بشكله الذي يكفل الحريات الشخصية، وتوسيع فرص المشاركة السياسية، وتقليل فرص، النزوع إلى التغيير الفوقي، وكل صور الفكر الإنقلابي. والمفكر الوحيد، الذي تفطن إلى هذه النقطة، وأولاها قدرا كبيرا من العناية، هو الأستاذ محمود محمد طه. وقد ظهر خطه المناؤي لخط معارضيه، منذ أن أطلت برأسها ما سميت بالمشكلة الدستورية، التي نجمت عن حادثة طالب معهد المعلمين العالي، والتي تمخضت عن حل الحزب الشيوعي السوداني، وطرد نوابه من البرلمان. ولا يزال مثقفونا منقسمين إلى فريقين. فريق إسلاميوي لم يتقدم قيد أنملة من مرتكزات عقلية الثورة المهدي’، وفريق علماني، يريد أن ينقل النموذج الأوروبي، دون أن يشغل نفسه، بمناقشة مشلكة المرجعية الإسلامية، التي تحول دون التأسيس المحلي لفهم قضية الدستور والحريات العامة، والشخصية.

أعود إلى الجائحتين اللتين اجتاحتا وسط السودان وشماله، واربكتا مسار نموه. فهاتان الجائحتان، هما:

(1) الغزو التركي، الذي جاء بالدين المؤسسي، الحكومي الرسمي، بقضاته، ووعاظه، وفقهائه، وبنمط حياة "الحريم" المدينية الوافدة، الذي لم تعرفه البوادي السودانية قبل ذلك. والسودان، قبل التركية، ليس في مجموعه، سوى بادية عريضة شاسعة.

(2) حركة الثورة المهدية، التي حركت الإسلام الشعبي، ضد "الكفار" من الترك. وصحب الثورة المهدية، إذكاء لروح طهرانية، مهدوية جديدة، متزمتة. فقامت حملات لتغيير مسلك الناس، وعاداتهم، التي كانوا عليها من شرب للمريسة، وسف للصعوت، وأخرجت المهدية، في ذلك، المناشير. قيل أن أحد الزراع في إقليم كردفان كان يشرب العسلية، أثناء عمله في حقله. فرأى جماعة على ظهور خيولهم، متجهين نحوه. فسارع بإخفاء "دلَُّنق" العسلية في جحر حيوان "أبنضلاف"، الموجود في حقله. فوقف معه المهدويين لفترة، يحادثونه، وكان أحدهم يتفحص المكان بعينيه اثناء ذلك الحديث، فلمح "دلنق" العسلية، في جحر أبنضلاف. فقال لصاحب الحقل مستنكرا، وغاضبا، بعد ان عض على يده: ((تشا!! الإنصاري إت بتشرب العسلية؟ فقال الرجل: كو !! أي (لا !!). فقال له المهدوي، لكن أشوف "دلنق" في جحر ابنضلاف!! فرد عليه الرجل مرتبكا: أني ولا "أبنضلاف"!! (أي أنا لست "أبنضلاف"، وإن أردت، فاسأل "أبنضلاف"، فالدلنق في جحره، وليس في حوزتي!!). هذه واحد من القصص الشعبية التي تصور مشاكل عامة الناس، مع ما جاءت به المهدية، من نهج إنقلابي، لتغيير نمط حياتهم. وهناك الكثير من جنس هذه القصة. ورغم هذه النزعة الطهرانية التي فرضت على العامة، والبسطاء، فقد كان بعض قواد جيوش المهدية الكبار، يشربون الخمر، وكان الخليفة يعلم بذلك، ولكن لعبة توازنات القوى، كانت تفرض على خليفة المهدي، أن يساوم أحيانا بمبادئ المهدية، ويغض الطرف، عن مخالفات كبار القادة، ممن تعاملوا مع المهدية كـ (سياسة) وليس كـ (دين).

وقصة المهدي، مع استاذه محمد الخير، في جهة بربر، توضح بذور الإنقلاب الذي كان المهدي، يسعى لإحداثه في نمط الحياة السودانية في ذلك الوقت. فقد استنكر المهدي على شيخه، الخروج على تعاليم الدين، وذلك فيما رآه من مظاهر صاحبت الإحتفال بختان أنجال ذلك الشيخ، من شرب للشربوت، وربما غيره. الأمر الذي جعل المهدي يهجر شيخه ذاك.

الشاهد، أن الصورة التي حُكي لنا بها التاريخ، قد جعلتنا نتوهم، أن كل الناس قد كانوا قلبا، وقالبا، مع المهدية. وأن كل من حارب مع المهدية، كان مؤمنا بجانبها الروحاني. والحقيقة غير ذلك، فبعض قادة المهدية انضموا للمهدية، لأنهم رأوها منتصرة، ورأوا أن وقوفهم بجانبها مما يضمن لهم مراكز القوة التي كانوا يتمتعون بها أصلا، في المجتمع، وربما سوف يكسبهم، ذلك الصنيع، أوضاعا، جديدة، أعلى، حين يتم القضاء الحكم التركي، نهائيا. كما أن الحفاظ على الثروة، وانتعاش الآمال في تنميتها، وتوسيعها، عقب انتصار المهدية، قد شكل دافعا آخرا، قويا.

وقد ظل مثقفون كبارا، بمقياس ذلك الوقت، من أمثال، الحردلو، شاعر الشكرية الأشهر، فقي حالة عداء مستمر مع المهدية، ظهرت في صاغه شعرا من تنر عليها، وسخرية منها. تنسب للحردلو هذه القصائد الأبيات التي عبر فيها عن ضيقه بعيش أمدرمان. قال الحردلو:

مِنْ بلد الأمير، نرحل نشيل الفَنْقَةْ
وُنْشُكْمَ الحمير، من الشهيق، والهَنْقَة
لِبِسْنَا الجبب، بقالنا، وَغَرَةْ وُزَنْقَةْ
وُلْبِسْنَا العمم، بِقَتْ سماحةَ اْلْخَنْقَةْ

وشرح هذه الأبيات هو أن الحردلو يتشوق إلى الهروب من أمدرمان، و يصف الطريقة التي بها يتم ذلك الهروب. وقد أسمى الحردلو "أمدرمان" بـ "بلد الأمير"، ربما نسبة للأمير يعقوب، شقيق الخليفة، وربما تكون الإشارة، إلى الخليفة نفسه. يتحدث الحردلو عن خطة الهرب من أم درمان، والتوجه إلى "الفنقة". و"الفنقة" هي الأرض الخلاء. ويرى الحردلو أن يكون ذلك الخروج، تسللا هادئا صامتا، لا يحدث ضجة تلفت أنظار الجهادية، من حراس المدينة. وقد عبر عن ذلك، بقوله، ((نشكم الحمير من الشهيق والهنقة))، أي يضعون الشكائم على أفواه الحمير، فلا تنهق، وتفضح أمرهم. ثم يعرج الحردلو ليصف حال العيش في أم درمان فيقول: ((لبسنا الجبب، بقالنا وغرة وزنقة)). والوغر، هو الحر. جاء في المعجم العربي الأساسي: ((وَغَرَ، يَغِرُ، وَغْرَاً، فهو واغر: 1 ـ اليوم اشتد حره". وقد فرضت المهدية على الناس لبس جببها، وهي جبب منجدة، وثخينة، ولا تصلح للجو الحار. وقد صارت أنكأ حين تم فرضها على بدو البطانة، الذين عادة ما يتلفعون بالثوب الفضفاض، وأحيانا من غير سروال أو عراقي، خشية الحر. ثم يمضي فيقول: ((ولبسنا العمم بقت سماحة الخنقة))، وهنا يصل الحردلو، غلى قمة السخرية من النفس. فقد كان الجهادية يخنقون المرء بعمامته، أحيانا. وقد سهلت العمائم التي فرضت على الناس، في حقبة المهدية، مهمة هؤلاء الخانقين.


عند نهايات المهدية، تغير الناس كثيرا، فيما يخص عقيدتهم الدينية، وإيمانهم الصميم بالمهدية. ويحكي بابكر بدري في مذكراته، كيف أن إيمانه بالمهدية في بداياتها، حين كان شابا، قد كان إيمانا صميما، لا يتطرق إليه الشك. وقد تجسدت قوة إيمانه، في قصته الملحمية، البطولية، مع أمه واخواته، وهم يتوجهون مع ود النجومي، بأمر من خليفة المهدي، طالبين فتح الديار المصرية، بلا عدة تذكر، ولا عتاد. وقد صور بابكر بدري، تلك الحملة الماساوية، خير تصوير. وفي سياق آخر من مذكراته، صور بابكر بدري، كيف أنهم، في بدء عهدهم بالمهدية، قد كانوا يفتحون صدورهم للرصاص، طلبا للشهادة. ثم جاء لاحقا، وحكى عن مشاعره، "المشوشة" وهو يشهد معركة كرري مع الخليفة. ومن يقرأ مذكرات بابكر بدري، وتصويره ليوم معركة كرري، وما أعقبها، يلاحظ حالة الحياد، التي كان يحكي بها، مما يجعله أقرب إلى المتفرج، منه إلى كونه طرفا في ذلك الصراع. ولربما اقترب حياده ذاك، إلى درجة التعاطف مع الإنجليز، أحيانا. وواضح أن التجارب أنضجت بابكر بدري، بشكل كبير، ومثير. كما أورثته حكمة بالغة، مما أهله ليلعب ذلك الدور الريادي، الكبير، الذي أشتهر به، في نهضة السودان الحديثة، في فترة الحكم الثنائي. تحول ذلك الرجل، في حياته الملحمية، العامرة، المليئة بالنقلات، من أنصاري، متحمس، شديد الإعتقاد، يفتح صدره للرصاص، طلبا للشهادة، ومن غازي لمصر، في حملة ود النجومي، متمع بإيمان كامل في وعود المهدية، وتعاليمها، إلى رائد نهضوي، مؤسس لتعليم المرأة في السودان.

لقد جاءت المهدية على أعقاب حقبة الحكم التركي، فنقلت شيئا من التزمت إلى الريف، الذي لم يكن يعرف التزمت. أحدثت المهدية، نقلة سلوكية جديدة، جعلت من الدولة رقيبا، وحفيظا، على ضمائر العباد. وأنشأت في فهوم الناس، فهما جديدا لدور الدولة، ربما لم يألفوه من قبل. هذا الدور الذي أعاد إنتاج نفسه، بعد قرابة القرن، وظهرت أكبر تجلياته، من شاكلة (المضحك/ المبكي) محمولا على أجنحة مكر الجبهة القومية الإسلامية، في نهايات حقبة نميري، وبدايات حكم الإنقاذ. ومرة أخرة عاد دور الدولة، إلى مجرد شرطي آداب!

أهتزت صورة الدين في نهايات المهدية، في أفئدة العامة كثيرا. فالسودانيون الذي جيء بهم إلى أمدرمان قسرا من الأرياف، كانت لهم تقاليدهم التي توارثوها منذ مئات السنين. وهم لم يفهموا أصلا مغزى رغبة السلطة العليا، دس أنفها في شؤونهم الحياتية اليومية، المعتادة، إلى درجة تحريم "الشربوت" و"الصعوت"، وغير ذلك من متعهم المتواضعة.

حكى لي أحد الإخوان الجمهوريين، في نهاية السبعينات، من القرن الماضي، حين كنت مدرسا في مدرسة خورطقت الثانوية، وأزور مدينة الأبيض كثيرا، أنه كان مارا من خلال حوش رئاسة إدارة الشرطة، بالقرب من وسط سوق مدينة الأبيض. وكانت إحدى حملات البوليس قد أحضرت عددا من النسوة، من الأحياء الشعبية، في سيارة "كومر" ومعهن أجهزتهن، من بوص التقطير، والبراميل، وغيرها من متعلقات صناعة الخمور البلدية. حكى لي ذلك الأخ، أنه شاهد، ضمن ذلك المشهد، إمرأة من أولئك النسوة، المقبوض عليهن، وهي متحزمة بثوبها، في منطقة وسطها، وتلوح بذراعيها العاريين، وتصرخ بقوة، في وجوه رجال الشرطة قائلة: ((شوف المسخرة!! العيش عيشنا، نحن ما سرقنا، والله نشربوا في عينكم)).

حين أعود، سأعود إلى االعباسي والناصر، والمجذوب، وما أظهروا في شعرهم، من نزوع للخروج من قيود الثقافة المحافظة، وما عبروا عنه من حسية شهوانية.

Post: #71
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-22-2004, 04:26 PM
Parent: #1

اسف لما حدث في انزال ردي بطريقة مبتسرة لخلل فني
وساعيد ما اردت قوله حول الاخطاء الفادحة والمتكررة للفيا
ما زالت ورقة الفيا تتخبط وهي تحاول ان تصلح ما افسدته القراءة الخاطئة والمركبة لكل من :

بولا وحسن موسى
مقال عبدالله على ابراهيم
تيار الغابة والصحراء

وبدلا من ان تعترف الورقة باخطائها الفادحة ,
ها هي تزوغ من النقاش,
بل وتعيد انتاج الخطا,

وساورد مثلا بسيطا من الرد الاخير للفيا فهو قال عن الجنوب الاتي:

"الجنوب لم يكن داخلا في الصورة في البداية تم الحاقه فيما بعد،"



حقيقة لا اصدق ما يحدث !!!!!!!!

وعن اي افريقي كان يتحدث محمد المكي ابراهيم ؟
الم يتحدث عن المراة الجنوبية؟

وانا مصر ان الفيا يراهن على عدم امتلاك القراء لمقال عبدالله على ابراهيم والا ما قال ماقااله
لكن الحقيقة ستنتصر

وساعود

المشاء

Post: #72
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-22-2004, 04:41 PM
Parent: #1

لفائدة القراء اليكم بعض ما قاله عبدالله على ابراهيم عن فهم محمد المكي ابراهيم شبه الاستشراقي للجنوب
وما نورده هنا عكس ما قاله الفيا عن ان الجنوب اتى لاحقا
فهو اي الفيا مازال يتخبط في اخطائة مراهنا على عدم امتلاك القراء للمقال
ولكن هيهات
واليكم الفقرة التالية من المقال
وفي اطار دعوته الى المزيد من التمازج بين الشمال والجنوت يرحب مكي بقدوم المراة الجنوبية الى مدن الشمال التي علبت المراة داخل اسمك واطول ثيابا .فنساءمدن الشمال سيجدن منافسة من اختهن الافريقية
وساعود

المشاء

Post: #75
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-23-2004, 09:12 AM
Parent: #1

Quote: كما ذكرنا للفيا ان الجنوب لم يرد لاحقا كما زعم في رده علينا.

ونحن نتعجب كيف يمكن لمن يريد ان يقارب خطاب الغابة والصحراء ان يقول ان الجنوب اتى لاحقا؟
هل يمكن فهم الغابة والصحراء دون جنوبيات محمد المهدي المجذوب؟؟هل يمكن ؟؟؟

سلامات شانتير يا زول يا واضح

افهم جيدا رغبة جيلكم في معرفة التاريخ الثقافي السوداني وهذه محمدة كبيرة في هذا الزمن الذي اصبح في الترفيه هو من الانشطة الاساسية لجيل ما بعد الحداثة.

وما احاوله الان ونفر اخرين ان نستعدل قراءة الفيا الخاطئة لا لسبب سوى ان نساهم جميعا في احقاق الحق وفي نفس الوقت ان نمتلك الشجاعة لان نعتذر عن اخطائنا المعرفية فكلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون.

ولهذا السبب تحدثت عن مقام مقالة الفيا والتي هي خاطئة اصلا واتضح ذلك من ترجرجه في الكلام عن موقف بولا وحسن موسى من الغابة والصحراء.
فالورقة تقول انهما اي بولا وحسن موسى من دعاة التقليل من المكون العربي الاسلامي بل وربما نفيه.

وحين سالت الفيا ان الاستشهادات التي اتى بها لا تدعم تلك الفرضية
رد علينا باجابة مغارية لفرضية ورقته. اذ انه كان عكس فرضيته فهو قد قال ان بولا وحسن موسى لم ينكرا المكون العربي الاسلامي وانما تحدثا عن ان تيار الغابة والصحراء لم يتخلص بعد من المركزية الثقافية العربية الاسلامية , وان رموز ذلك التيار ساهموا في مساندة الانظمة القمعية وتدافعو الى الاكل من مائدة المخدم الاكبر وقتها اي الدولة السودانية.

كما ذكرنا للفيا ان الجنوب لم يرد لاحقا كما زعم في رده علينا.

ونحن نتعجب كيف يمكن لمن يريد ان يقارب خطاب الغابة والصحراء ان يقول ان الجنوب اتى لاحقا؟
هل يمكن فهم الغابة والصحراء دون جنوبيات محمد المهدي المجذوب؟؟هل يمكن ؟؟؟
والتي اعتبرها عبد الحي كاساس لتيار الغابة والصحراء ثم نقدها عام 1985 حين تحدث ان المجذوب كان يتحدث عن الجنوبي كبدائي نبيل. وهذا كما ذكرنا اثر من سلطة الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي والذي اثر حتى في مفكر بقامة الاستاذ محمود محمد طه.

وبعد محمد المهدي المجذوب اتى محمد المكي ابراهيم في مقالاته التي نشرها في ستينيات القرن الماضي ليتحدث عن المراة الجنوبية والثقافة الجنوبية .
كما ترى اخي الاصغر فاننا نحاول ان نستعدل النقاش. كيف؟؟؟
من المعروق اخي شانتير ان اي نقاش يبدا باتفاقات اساسية. كيف؟؟

مثلا اذا اردنا ان نفتح بوستا عن كيف تحقق استقلال السودان, وفي بدء الحوار جاء احدهم وقال ان استقلال السودان كان في عام 1957 , فكيف سنبدا النقاش ونحن لم نتفق بعد على المعلوم وهو تاريخ استقلال السودان. وهذا ما حدث في هذا البوست فصاحبه يقول مثلا ان الجنوب اتى لاحقا , وان بولا وحسن موسى يسعيان الى التقليل من او ربما نفي المكون العربي الاسلامي.

كما انه اي الفيا تحدث عن نفي عبدالله على ابراهيم للمكون الافريقي, وهذا ليس صحيحا.

اذن كما ترى اخي شانتير فنحن في حاجة للرجوع الى البديهيات.
وهذا شيئ محزن , لكنه حصل.

لكي نستعدل النقاش ارى اننا لا بد ان نتفق حول البديهيات في تاريخ الغابة والصحراء, والا اخي شانتير فلن نقدر ان نساعدكم بقدر المستطاع في فهم تيار الغابة والصحراء.

وهذه مسؤولية اخلاقية في المقام الاول.

فالساكت عن الحق شيطان اخرس,

او كما قال


لك احترامي واعذرني ان اطلت

وساعود

المشاء

Post: #77
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-23-2004, 11:30 AM
Parent: #1

نعيد الكلام للمرة الثانية
زعم الفيا ان الجنوب اتى لاحقا
والى الان فهو يزوغ من الرد على هذه المسالة
مثلما زاغ من اسئلة اخرى وجهناها اليه
لكنه عمل " اضان الحامل طرشة"
المهم المسالة في رايي معرفية
ومن حق الاجيال الجديدة ان تتملك الحقيقة بقدر ما نعرف
اما اذا كانت المسالة غير ذلك
فهذا شان اخر
وانا شخصيا لا علاقة لي بمثل هذه الامور
فنحن لسنا نجوما
وانما نساهم كباحثين عن المعرفة
فاذا كانت المسالة هي مغالطة وهروب من الاسئلة الجوهرية
فهذا شان اخر
وارقدوا عافية
وساعود

المشاء

Post: #78
Title: مداخلة بسيطة
Author: Maysoon Nigoumi
Date: 04-23-2004, 12:26 PM
Parent: #1

مداخلة بسيطة:
حسب نقل أستاذ الفيا، فإن الطرح الأخير الذي يستعرضه الأستاذ عبد الله علي إبراهيم غريب. و هو يصب في النزاع الذي كان متداولا في فترة مدرسة الغابة و الصحراء...و هي التقسيم الحاسم للثقافة السودانية إلى
غابة
و
صحراء
لذا نلاحظ نبرة القلق و عدم الاتزان التي نجدها في كتابات صلاح أحمد إبراهيم مثلا....و كذلك المجذوب...لا يمكن أن تصف قصيدة للأستاذ صلاح بالغابة و الصحراء...و لكن الصحراء تارة..و الغابة تارة، و حتى وصفي هذا غير دقيق...لأن وجدان الأستاذ صلاح كان تحرريا، نسبة إلى حركات التحرر التي اجتاحت إفريقيا و الإقليم العربي في تلك الفترة. وجدان سياسي أكثر منه ذو علاقة بالثقافة....باستثناء القليل من قصائده "دبايوا " مثلا
و جنوبيات المجذوب هي النقطة المعنية بالضبط...تقسيم الشعر إلى
غابة
و
صحراء
و ليس الغابة و الصحراء
لهذا ميزت محمد عبد الحي من التيار و تساءلت لو يمكن تقسيم محمد عبد الحي إلى ما بعد الغابة و الصحراء"Post"
و العودة و إلى سنار هي محاولة لإيجاد مركز الوجدان للسوداني الشمالي و احتمال الجنوبي(هذا يجيب عليه الجنوبيين و لا أتحدث فيه" ، أقول مصدر نبع وجدان السوداني ثم من بعد محاولة الإجابة على سؤال الهوية...كلو لازم يجي بالدور، أداة تعبيرك ، لغتك ، وجدانك ثم من بعد تعريف هويتك.
النقطة الثانية هو زاتو التقسيم الفج ده مضحك لشماليي السودان...عرب و زنوج...المضحك كلمة عرب...كأن عرب دي واضحة و وضوح الشمس..ما أقصده بتساؤلي انو لما تقول عرب كأنك ممكن تحدد صورة و تفاصيل واضحة، رغم أن الأمر ليس كذلك....ليه؟ لأنه العرق النقي و الثقافة النقية أمرها مردود عندي، حيث أن هذا مجرد افتراض...أعذروا اللغة القاطعة عندي، لكن ده الافتراض الأنا بادية بيهه......حتى زمن القبائل العربية، كان هذا النزاع موجودا حول من هم العرب؟ ، و من هم عرب العرب؟!...فما بالك الآن؟ عرب الشام، أم شبه الجزيرة أم شمال أفريقيا و المغرب العربي؟!!!...و في شبه الجزيرة دي نأخذ وقفة....عرب الممزوج بالعجم(فرس و هنود) و لا بالعناصر الزنجية...عرب منو؟
نقطة ثالثة :لما ناس ال POST COLONIALISM
كانوا بيتكلموا عن الثقافة الهجين Hybrid لم يكونوا يعنون الزنوج المخلطين بالأجانب ...لأنو دي حالات عارضة لا تؤثر على المسيرة الثقافية بشيء، لكن يعنون فترة وجود الأجنبي و ممارساته الاقتصادية، الاجتماعية، و الجيل الذي ولد في أحضان تلك الفترة...و تأثيره على الحركة الثقافية ككل.....فبافتراض كلام الأستاذ عبد الله علي إبراهيم بنفي الهجين العرقي...ماذا عن نفي الهجين الثقافي...العرب الذين عاشوا في ديار الزنج، بعاداته و مزاجه و لغة تواصله، أم أنهم عاشوا في جزيرة معزولة طوال حياتهم؟!!!! حتى خيار العودة للأصل يبدو مستحيلا و يعمق من أزمة الشمالي السوداني ...العودة لمن؟ و أين؟
آخر نقطة ....كون أن المصهر و بوتقة كلمة دكتاتورية.....لا ادري، لكن فلنقل أنها كلمة العربي الذي يتعايش مع زنوج و ثقافات أخرى.....و كلمة الزنجي الذي يتعايش مع العرب و ثقافات أخرى...أي الذين قبلوا تواجدهم تحت جغرافية واحدة....و لا تعني خلط الثقافات سوية ..."كوكتيل يعني"!!!!! هي ما كلمة دكتاتورية لكنها كلمة السودان...و إلا كل واحد ينفصل في دولته براه و نعمل اتحاد دول ما تحت خط X شمالا و فوق X جنوبا.....or whatever

Post: #81
Title: Re: عوافي عليك يا ميسون
Author: Agab Alfaya
Date: 04-23-2004, 05:57 PM
Parent: #78

عوافي عليك يا ميسو
كتت تقول :
Quote:
و العودة و إلى سنار هي محاولة لإيجاد مركز الوجدان للسوداني الشمالي و احتمال الجنوبي(هذا يجيب عليه الجنوبيين و لا أتحدث فيه" ، أقول مصدر نبع وجدان السوداني ثم من بعد محاولة الإجابة على سؤال الهوية...كلو لازم يجي بالدور، أداة تعبيرك ، لغتك ، وجدانك ثم من بعد تعريف هويتك.

وكتبت تقول :
Quote: آخر نقطة ....كون أن المصهر و بوتقة كلمة دكتاتورية.....لا ادري، لكن فلنقل أنها كلمة العربي الذي يتعايش مع زنوج و ثقافات أخرى.....و كلمة الزنجي الذي يتعايش مع العرب و ثقافات أخرى...أي الذين قبلوا تواجدهم تحت جغرافية واحدة....و لا تعني خلط الثقافات سوية ..."كوكتيل يعني"!!!!! هي ما كلمة دكتاتورية لكنها كلمة السودان...و إلا كل واحد ينفصل في دولته براه و نعمل اتحاد دول

لا تعليق !!
تطابق كامل في وجهات النظر كما يقولون

Post: #79
Title: Re: الآفروعربية لم تبدا مع الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 04-23-2004, 01:25 PM
Parent: #1

اخي شنتير
ورد في مداختك:
Quote: مداخلة الأخ عبد المنعم الأخيرة عن إبعاد الجنوب من مشروع أصحاب الغابة والصحراء .. غيرت بعض الشيء من فهمي لمرامي هذه "الغابة والصحراء". وهذا التغيير في وجهة نظري مسؤول عنه الأخ عبد المنعم ..

واليك ما قلته انا بالنص :
Quote: اقول المقصود اصلا بهذا التوصيف - في المقام الاول - شمال السوداني
الجنوب لم يكن داخلا في الصورة في البداية تم الحاقه فيما بعد،

اذن الافروعربية تعني في الاصل الهوية العربية الافريقية لسكان شمال السودان التي كانت نواتها مملكة الفونج او سنار التي تكونت من تحالف القبائل العربية بالقبائل الافريقية فكان ثمرة هذا التحالف والتزاوج والانصهار ،شمال السودان الحالي .
من هنا كانت سنار رمزا لهذا الوجود الافروعربي للشمال.

كل المقصود بعبارة الجنوب تم الحاقه فيما بعد - التي هلل لها وكبر - اخي اسامة الخواض،كما ارخميدس ،هو مايقوله التاريخ.
فالمعروف ان الجنوب لم يكن جزء من السودان السناري ،
او السلطنة الزرقاء التي اتخذتها الغابة والصحراء رمزا التمازج والانصهار بين العنصرين العربي والافريقي،
سنار هي مجرد رمز ،والرمز يشير ولا يحتوي ،سنار هي نواة الثمرة وليست كل الثمرة،
هي نواة السودان الماثل الان ولكن ليست كل السودان،
هي ليست بداية تاريخ سودان ، كما يظن البعض بل هي آخر طبقة تشكلت
في اركيولوجيا الوجود السوداني .

هنالك نقطة مهمة جدا وهي ان الافروعربية لم تبدأ مع الغابة والصحراء،
الافروعربية وجدت منذ ان وجد السودان ،منذ فجر التاريخ وظهور الحضارات الاولي وحتي دخول العرب والاسلام.
هي هذا الواقع وهذا الوطن الذي يسمي بين سائر شعوب الارض بالسودان
لم يخترعها محمد المكي ومحمد عبد الحي وصلاح احمد ابراهيم،ولا يرتبط وجودها بزيد او عبيد :لذلك قلت انها ليست مشروع او مدرسة او تيار
المكي وعبد الحي وصلاح والمجذوب لهم فضل تنبيه الغافلين عن وجودها!
لا اكثر من ذلك !!!!!

الحقيقة التنبيه الي هذا الوجود الافروعربي بدا في عشرينات القرن العشرين مع ثورة 24 التي اعقبها، نشر حمزة الملك طمبل مقالاته عن الادب السوداني وما يجب ان يكون عليه "
حيث لفت نظر شعراء احياء المدرسة العربية في الشعر :العباسي والبنا وعبد الله عبد الرحمن الي ضرورة الصدور في ادبهم عن البيئة المحلية السودانية وعدم الاكتفاء بتقليد الشعر العربي القديم.
ثم جماعة مدرسة الفجر في الثلاثينات :عرفات والمحجوب واولاد عشري
تنبهوا الي استصحاب المكون الافريقي وسموا دعوتهم الادب القومي.
ثم المجذوب والفيتوري و جمال محمد احمد، ثم الغابة والصحراء
وتنويعاتها :السودانوية الزنجرابية الي اخره ..

هذه كلها قراءات او تمظهرات للوعي بحقيقة الوجود الافروعربي ،الذي له وجوده المستقل عن كل هذه المقاربات واعني، الواقع الحي العياني.
the hard reality
الذي لا يجري كما نشتهي.

وددت لو غطيت كل النقاط لكن والله متعب جدا

اهلا ميسون سوف اعود

ونواصل

Post: #80
Title: Re: نداء الي عبد اللطيف الفكي
Author: Agab Alfaya
Date: 04-23-2004, 05:47 PM
Parent: #1

الاخ الاستاذ عبداللطيف الفكي
في بداية انضمامك الي المنبر الحر في بوست انزله الاخ اسامة الخواض
في ردك علي محمد المكي ، جري نقاش بينك ومحمد المكي
ذكرت فيه ان لك بحثا : في رد الاعتبار للغابة والصحراء

وكنت قد طلبت منك في مداخلتي ان تقوم بانزل هذا البحث
فارجو ان تنضم الينا لاثراء الحوار في هذا البوست

Post: #83
Title: Re: تعليق علي سرد الدكتورالنور حمد
Author: Agab Alfaya
Date: 04-24-2004, 04:28 AM
Parent: #1

كنت استاذي النور قد استهجنت في اول مداخلة لك حديث دكتور عبد الله ابراهيم عن ان دافع المجذوب والمكي وعبد الحي وصلاح لرد الاعتبار للعنصر الافريقي في تكوين انسان شمال السودان،هو اشباع رغباتهم
وشهواتهم البوهيمية !

خطورة هذا الكلام الذي غض الطرف عنه ، حسن موسي و بولا او اسامة الخواض وكل الذين اشادوا بورقة عبدالله فقط لانه عبد الله ابراهيم،هو انه يفترض مسبقا ان الافريقي لا هم له سوي اشباع الشهوات واتباع الرغبات،ولا عقل له يعصمه من ذلك. اي ان عبد الله مستلب بالصورة الكولونالية التي اوحت بها الذهنية الاسترقاقية،العربية والغربية .
لذلك يرفض بشدة ان يوصف انسان الشمال الذي يحسبه عربيا مسلما ،باي وصف فيه ريحة افريقية،

وقد اسقط عبدالله هذه الصورة الكولونالية علي الافروعوبيين حتي يسهل اتهامه لهم بالبوهيمية كما قال ذلك صراحة عن محمد المكي !

الشي الثاني ان الفرضية التي انطلق منها في وصفه لهم بالهروب من تشدد الثقافة العربية، الي فردوس افريقي ،الرغبات طليقة ، علي حد تعبيره ، فرضية غير واقعية ،
فالمعروف ان اسلام اهل السودان قد عرف بسماحة لا مثيل لها في العالم الاسلامي والمحيط العربي ،
يكفي ان ترجع بالذاكرة الي الوراء قليلا ، قبل انتشار التشدد الظاهري علي ايدي الجماعات الاسلامية ،لتري التسامح الذي كان موجودا
كان شرب الخمر لا يعتبر عيبا في كل التجمعات السكانية لشمال السودان
كانت كل مناسبة مهما كانت صغيرة تشد لها البرم والبووش ويركب التكاي وتعصر المريسة ويقطر العرقي،
وكان العرس الذي يخلو من ذلك لا يعتبر عرسا ،
الجيل الجديد لم يعرف ذلك اوصيهم بقراءة رواية عرس الزين ،فهي وثيقة اجتماعية تاريخية علي ذلك .
كانت الانادي التي تحولت الي نوادي - في الاصل الكلمة واحدة-،من اهم مظاهر الحياة الثقافية في ام درمان ،تخرج منها كل المبدعين والمناضلين الثوريين ،ولعل انداية فوز التي كان يرتادها المشاهير في الثلاثينات من اشهر الانادي،
كانت حياة ام درمان في النصف الاول من القرن العشرين لا تختلف كثيرا عن بغداد في عهد الرشيد،
يا سقاة الكاس من عهد الرشيد !
بيت شهير من اغنية سيد خليفة ،يطلب حسين خوجلي في حلقة تلفزيونية من سيد، تغييره لانه لا يواكب المشروع الحضاري ، وتم التعديل فعلا في تسجيلات الاذاعة !! جريمة بشعة يرتكبها التتار الجدد.

في البوادي كانت حياة الهمباتة ،التي تشبه حياة صعاليك العرب
القدماء نموذجا لما يصفه عبد لله ابراهيم بالوهيمية، ومن منا لا يعرف طه الضرر وود ضحوية في بادية البطانة وتيراب ووش القطر في بوادي كردفان،

بعد هذا التمهيد دعني ادلف الي التعليق عن حديثك الشيق والمطرب عن العباسي والناصر قريب الله ،
اري ان هنالك اختلاف بين دواع وتوجهات المجذوب والمكي وعبد الحي وسائر الآفروعروبيين ، وبين تعلق الشاعرين الناصر والعباسي بحياة البادية.
العباسي كان شاعرا عربيا اصيلا ،يصنف شعره الي مدرسة الاحياء الشعري التي تضم البارودي وشوقي وغيرهم والتي كانت تعمل علي احياء تقاليد الشعر العربي القديم.فكان نزوع العباسي الي البادية ،تمثل لحياة العرب القدماء،وكانت بادية الكبابيش وما زالت تشبه البوادي العربية القديمة ويعتبر الكبابيش بشمال كردفان من اكثر القبائل التي حافظت علي تكوينها ولهجتها ونمط حياتها العربي وهم من احدث القبائل هجرة الي السودان كما يقول المؤرخون .
ونفس الشي يقال عن الناصر قريب الله الذي كان شعره لا يقل جودة عن شعرالعباسي ويبدو انه قد تاثر به في حياته وشعره .
وكل من العباسي والناصر لا يماريان في انتمائهما العربي الاصيل،وهو احساس لا جديد فيه ولا يختلف عما كان تحسه النخبة المثقفة من ابناء الشمال.

اما الجديد في توجه حمزة الملك طمبل وجماعة مجلة الفجر والمجذوب والغابة والصحراء وكل الافروعروبيين ،هو الانتباه لاول مرة للافريقي الكامن في دواخلهم،
وهي مسالة لم تكن تخطر ببال الناصر والعباسي في نزوعهم الي البادية.

ونواصل

Post: #84
Title: Re: تعليق علي سرد الدكتورالنور حمد
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-24-2004, 06:52 AM
Parent: #83

منعم!!
لقد سبقتني بفترة وجيزة فقط.
فحين أنزلت مشاركتك الأخيرة، كنت أعد هذا الحديث المطول نسبيا.
وقد تعرضت فيه لبعض ما أشرت إليه

______________________________________________

يبدو أنني شرقت وغربت كثيرا، في مضمار المسح العام، بحثا عن شواهد، متناثرة هنا وهناك، في تاريخنا. ومشكلة التاريخ، أو التأرخة، إنما تكمن في القراءة الإنتقائية. وهو أمر، تجنبه ليس بميسور. فكلنا انتقائيون، أردنا، أم لم نرد. فنحن عادة ما نبحث على الشواهد، التي تدعم أفكارنا المسبقة، وافتراضاتنا الأولية. وليس هناك باحث محايد، بطبيعة الحال، وليست مناهج البحث، التي تسمى "علمية"، هي في حقيقتها، "علمية"، إلا بمعنى أنها سيرورة، تراجع نفسها، بنفسها، كل يوم، مستهدفة تصحيح مسارها، بغرض تجاوز مكامن القصور المشرجة فيها، أصلا، أملا في أن تصبح في يوم ما، "علمية"، ومحايدة، ولن تصبح! غير أنها تتحسن باستمرار.

محاولاتي هنا، هي مسح مفهومنا للأخلاق، ومشكل الأخلاق، إضافة إلى إدارتنا، في الصراع السياسي، لسؤال الأخلاق، واستخدامه لإرباك الخصوم، ومحاصرتهم في أضيق ركن ممكن، والتضييق عليهم، في فرص الإبانة عن أنفسهم. ولقد افلح "الغول الإسلاموي" في استخدام المفاهيم الطهرانية، العامة، والتبسيطية، من شاكلة ما يخطب ود العامة، بمضاء شديد، في إقصاء الخصوم، وإرباكهم. فالخطاب الأخلاقي، والدعوة بعموميات، غير مفحوصة، لمجتمع تملأ مخيلته أحلام عالم مملوء فضيلة، كان السيف الذي أرهب به دهاقنة "الغول الإسلاموي"، جمهرة المثقفين، خاصة قبائل اليسار.

أفلح كثيرا، دهاقنة "الغول الإسلامي" في استخدام هذا السلاح الرهيب، عبر العقود الأربعة الأخيرة. ولربما مثل الإعتداء على رقصة "العجكو"، في عقد الستينات، في جامعة الخرطوم، نقطة بارزة في استخدام ذلك السلاح. وبعد ذلك، بسنوات عددا، جاءت قرارات محمد عبد القادر، حاكم ولاية كسلا في عهد نميري، لتوقف بيع الخمور في ولاية كسلا. وكانت تلك الخطوة الكبرى الثانية التي تداعت إلى تجربة، ما سمي بـ "تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية" في أخريات حكم الرئيس نميري، 1983-1985.

في مدخلي على هذا البوست، أنحيت باللائمة على الصديق، الدكتور، عبد الله علي إبراهيم، بسبب إشارته إلى تجربة النور عثمان أبكر، ومحمد المكي إبراهيم، حين زارا أوروبا، والتي مدد فيها مكي إقامته هناك، عاما، جمد فيه سنة من سني دراسته في جامعة الخرطوم، وقلت، أن تلك الإشارة، لم تتسم بالحساسية الكافية. وكان ما أوردته، على عجل لحظتها:

((في نفسي شيء من اختزال، الأخ الدكتور عبد الله علي إبراهيم، لدوافع جماعة الغابة والصحراء، في جانب واحد. ولم استسغ بخاصة، إشارته، مما جرى به قلمه، وما حلا له وصفه، بإملاء البوهيمية على مكي تمديد إقامته عاما، في أوروبا. وأرجو من أن أتمكن من العودة لهذا البوست، الشديد الأهمية)). وها أنا أعود لذلك، مرة أخرى، في معرض حديثي في سياق مزالق استخدام لغة الخطاب الطهرانية، لأعلق مرة أخرى، على ما كتبه الدكتور عبد الله علي إبراهيم، في ذلك الصدد. كتب الدكتور عبد الله:

(( لقد سافر محمد المكي وزميله النور عثمان أبكر في رحلة إلى ألمانيا الغربية لقضاء عطلة صيف 1962 ضيفين على جمعية الصداقة السودانية الألمانية . ولقد أملت البوهيمية والشغف بالترحال على مكي أن يمد إقامته إلى عام آخر تغيب فيه عن الجامعة)) .. ولا تخفى نبرة التعريض المتضمنة، في الإشارة، المشار إليها. وفي مثل هذا المنحى مشابهة لنهج "الغول الإسلاموي"، الذي عادة مايستخدمه أهل "التيار الإسلامي" من استخدام لشعارات التمسك بأهداب الفضيلة، لعزل الخصم، من الرأي العام، الذي يستجيب بسهولة، لدغدغة العاطفة الدينية، خاصة بعدها المتعلق بالأخلاق، والمسلك. فاستخدام، كلمة مثل كلمة ((بوهيمية))، يخرج الأمر من فضاء البحث النظيف، المعافى، الذي لا يفقد فيه الباحثون احترام مواقف بعضهم بعضا، إلى شيء آخر، هو أقرب ما يكون، إلى إحداث ضربة قاصمة، تشل الخصم، وتعوقه، وتعجزه عن المنافحة. والثقافة الإسلامية، في الشمال ليست جسما واحدا، صميما، وإنما فضاء تتراوح فيه المشارب بين التزمت الشديد، والقبول بلاتجريب، والتعلم من التجريب. ولا بد أن يبلغ بنا الحس الديمقراطي، درجة نقبل معها الإختلاف، حتى في المرجعية الأخلاقية، نفسها. أقول هذا، وأنا اثمن كثيرا، ريادة الدكتور عبد الله علي إبراهيم، في الدعوة، إلى تنظيف الحوار، من العنف، والعمد إلى الأرباك، والإفحام، بكل وسيلة ممكنة. وليسمح لي الدكتور الفاضل، في تعرضي لما جرى به قلمه على هذا النحو.

جاء في تعريف كلمة "بوهيمي"، في معجم أكسفورد الأمريكي، قوله، "البوهيمي": شخص، غير تقليدي، من الناحية الإجتماعية، ـ خاصة الفنان والكاتب ـ الذي يتسم بالتساهل، في عاداته، ومسلكه، وأحيانا في أخلاقه. ويجري النص الإنجليزي، كما يلي:
A socially unconventional person, specially an artist or writer, of free and –easy habits, manners, and sometimes morals
مثل تلك الإشارات، تقع في محيط ما يسهل على العامة، ومتوسطي الإدراك، والثقافة، تلقفه، وتأسيس المواقف عليه. وهذا يقع، ضمن أساليب عزل المثقف عن الجمهور. وهذا سلاح برع فيه "الغول الإسلاموي"، فأتقنه، وحد شفرته، وشحذها شحذا، واستخدمها، عبر خمس عقود، مع كل ألوان الطيف السياسي، السوداني. وقد تبع الإخوان المسلمون في السودان، نهجا، مستوردا، جاءهم من أدبيات الإخوان المسلمين في مصر. فإخوان مصر، هم من وصفوا القرن العشرين، بالجاهلية، ضربة واحدة. منطلقين من وثوقيات الطهرانية المغلفة، المصمتة. إلتقف غول السودان الإسلاموي، روح ذلك الخطاب، ونصه، وبدأ من ثم، يلوح به، في وجوه المخالفين، افعا شعار، "تطبيق الشريعة الإسلامية" كطلقة فضية لإقامة مجتمع الفضيلة "المزعوم". وهذا النهج التخويفي، الإقصائي، هو الذي أسهم بنصيب الأسد، في مسار تداعياته المختلفة، إلى كثير مما نحن فيه الآن، من حيرة، وربكة. أقول هذا، واستغربه من الدكتور عبد الله علي إبراهيم، لكونه هو الذي فحص تأثيرات حسن البناء، وسيد قطب، على فكر الإخوان المسلمين في السودان، في مقدمته التي كتبها، مؤخرا، لكتاب عبد الخالق محجوب: ((أراء وأفكار حول فلسفة الإخوان المسلمين)) الصادر عن دار عزة، بالخرطوم، في فبراير 2001. فقد أبان الدكتور عبد الله علي إبراهيم، وعي عبد الخالق محجوب، المدهش، بضرورة استصحاب التراث الديني، والأبعاد الروحية المرتبطة به، ضمن مسار حركة اليسار، مما لم يكن الشيوعيون، المفتونون بالحضارة الغربية، بغير عميق فهم، ليقلون له بالا. ولي عودة، في سياق آخر، لما تفضل به الدكتور عبد الله، علي إبراهيم، في تلك الناحية، الهامة.

ولابد من الإشارة، إلى أن استخدام سلاح الفضيلة، على الصورة المثالية، غير الواقعية، التي يجري بها، يمثل واحدا من الأوهام الشائعة. فالحياة كانت، وما زالت، وستظل، خليط بين الهدى، والضلال، وبين الطهر، والإنفلات. ولا أرى أن لسدنة "الغول الإسلاموي" من الطهارة، الخلقية، ما يجعلهم يستعلون به على بقية المثقفين، ويخرسون به أصواتهم. فحالهم هو حال غيرهم من عامة متعلمي السودان، من حيث دواخلهم التي تمور بالصراعات العنيفة، بين تقاليد التربية الدينية، ومثلها الطهرانية،المرفوعة، وبين نزوع الحداثة، في كسر تابوهات، الثقافات القديمة. وهي ثقافات ظلت ـ وأعني هنا، أدبيات الطهر، والعفاف ـ عبر التاريخ الإسلامي، ثقافات نظرية، وعظية معلقة. لم يعشها على حقيقتها سوى قلة. وبسبب هذا الإرتباك بين العقيدة، وبين واقع حالنا، حدث هذا الإنقسام الذي نشهده في حياتنا، بين إنضباط مظهري، يعيش فوق قشرة السطح، وبين كثير من التحلل الذي يعيش كامل العيش، تحت ذلك السطح، في الأقبية التحتية. وهذا هو حال كل الحواضر الإسلامية المتشددة، في وقتنا الراهن. وما أكثر العواصم المتشددة في الشرق الأوسط!

أيضا، الوصف بـ "عربية"، أو "إسلامية" لا يتطابق بالضرورة، مع التحقق، عملا، بحالة الطهر والعفة. ولم تكن الدولة الإسلامية، منذ انتهاء الخلافة الراشدة، دولة، طاهرة أو عفيفة. لقد كانت مجرد نظام ملك، شأنه شأن غيره من أجناس الملك. ولم تشتهر قصور الملوك، في أي حقبة من حقب التاريخ الإسلامي الطويل، برعاية أصول الطهر والعفاف، والإستقامة: ((إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها، وجعلوا أعزةَ أهلها أذلةً، وكذلك يفعلون!!)).. وأهل "الغول الإسلاموي" ليسوا سوى نسخة، عصرية من بني أمية، ومن بني العباس، ومن الأتراك السلاجقة، ومن المماليك، ويستمر ذات الحال حتى يصل إلى آل سعود، وإلى نظرائهم من الملوك المعاصرين، الذين يحكمون شعوبهم، بإسم الإسلام.

أخلص مما تقدم، إلى أن الهرب من الثقافة المحافظة، والكلف بمباهج الحياة الحديثة، ليس حصرا على أهل الغابة والصحراء. وهذا ما قادني للحديث عن العباسي، والناصر قريب الله، ومحمد المهدي مجذوب، ونزوعهم للتخف من قيد المحافظة الكابت. ولقد أشرت في حلقاتي السابقة، إلى أن ثلاثتهم ينتمون إلى بيوت صوفية كبيرة، عرفت بالتقى والورع، والمحافظة الشديدة. وهذا يقود إلى التفكير، في النقطة التاريخية الفارقة، التي أفلت فيها شمس دولة الخلافة الراشدة، وبزغت فيها شمس الحضارة الإسلامية حين تحولت من تشددها الرسالي، لتصبح حياة عريضة مزدهرة. ومن الأقوال التي أنوى التوسع في بحثها، قريبا، إن شاء الله، قولة سمعتها من الأستاذ محمود محمد طه، قال فيها: ((موضوع علي ومعاوية، يحتاج إلى فكر، يِغَطِّسْ الزَّانة، ويِِِطَفِّحْ المسحانة)). فالطهرانية ليست هي نهج الكمال، وإنما التقلب بين الخطأ والصواب، الذي يكفله الدستور الذي يمنح الحريات الشخصية، من جهة، ويحمى مظاهر الحياة العامة من الإستباحة، من جهة أخرى. والغرب الذي نتهمه بالتحلل، يمسك بهذا الميزان. ولا فكاك لنا من بعض الإسترشاد بتجربته، رغم ما هناك من اختلاف في معايير الأخلاق بيننا وبينه. وهذا أمر يطول الحديث فيه.

لقد مهدت حالة الكبت التي فرضتها المهدية على الناس، لقيام حالة من التحلل النسبي، وسمت سنوات الحكم الثنائي. والضيف بالقيد، هو نهج الحياة، يوم أن وجدت الحياة، على ظهر البسيطة. والحياة ليست بحاجة للدكتور، حسن الترابي، أو لي، أو لزيد، أو عمرو، لكي يرسم لها المسار الذي تسير عليه. الحياة تفرض نفسها عنوة. وقد حدث أن "خرطت" يدها عنوة، من قبضة على بن أبي طالب، كرم الله وجهه، على ما كان عليه من تقوى، واستقامة، وعفة، وزهد، ويممت شطر معاوية. والسبب هو أن حكم الوقت، في تلك اللحظة الفارقة، قد كان يقضي بالذهاب مع معاوية. وقد حدث ذلك التحول الفارق، لخير أريد بالناس، لا شرا أريد بهم. وهنا مربط الفرس في قولة الأستاذ محمود محمد طه، المثبتة عاليه!

سرح الأفندية ومرحوا، في عصر "دولة الأفندية السودانية" التي أفلت شمسها، ساعة الضحى. وكانت الخرطوم، تسهر حتى ساعات الفجر الأولى، مثلها مثل أي مدينة غربية، أو شرق أوسطية منفتحة. وعندما كنا في كلية الفنون، في النصف الأول من السبعينات، كنا نسمع في هدأة الليل الصخب، وصوت الموسيقى المنبعثان من صالة غردون للرقص والموسيقى. وكانت الخرطوم، وسائر مدن السودان، تعج بالبارات، وبالأندية. وكانت في المدينة حياة ليل، يعمر فيها، عشاق السهرات، صالات الرقص، ويغشون حفلات الفنادق، المنتظمة. وظلت المدينة مثل أي أي مدينة أخرى. ومع ذلك، فقد كان الأفندية، يحجون، أحيانا، إلى تسني، ويتغنون بها، وإلى أديس، وإلى القاهرة، وبيروت، وكثير من مدن أوروبا.

هذا ما يتعلق بحياة الطبقة الوسطى، أما الطبقات الشعبية، فقد كانت لحياتها أصداؤها المتجاوبة، مع تلك الحقبة المرحة. وقد زحف ذلك الولع بنمط العيش الحداثوي ـ ولا أقول الغربي، فقد شعدت الحواضر الإسلامية، هذا النمط من العيش، منذ اقدم العصور ـ زحف الكلف بالمتع الحداثوية، إلى الأرياف. ففي بداية الخمسينات، استشرى شرب البيرة وسط مزارعي مشروع الجزيرة، وكثير منهم كانوا قد أدوا فريضة، الحج. حتى أطلق عليهم، بعض الظرفاء، لقب، "حاج بيرة" تندرا. وقد أرود الطيب صالح، كيف أن الراوي، في "موسم الهجرة إلى الشمال"، قد أحضر لبنت مجذوب، زجاجة ويسكي، مما كان معه، ليستنطقها في تفاصيل مقتل ود الريس، على يد حسنة بنت محمود. وهناك الكثير من مظاهر المسلك الحداثوي التي تطورت مع تطور العاصمة، والمدن الأقليمية، مما يمكن دراسته، والحفر في مدلولاته، منذ أن بدأت المدينة السودانية، تخرج تحت الحكم الثنائي، من قبضة التزمت المهدوي، وتنفتح على أساليب العيش الحديثة، في الربع الأول من القرن العشرين. وقد ظهر تأثير التحولات في الموضات، وفي الأثاث، وفي الأغاني، وفي أساليب العناية الشخصية بالبدن، فيما يتعلق بالزينة، وادواتها، وفي كثير من صور الحياة المختلفة. وربما لا تدري الأجيال التي نشأت في حقبة نميري، وشهدت التراجعات التي فرضها خطاب الجبهة الإسلامية على الواقع السوداني، أن نساء الخرطوم قد كن يلبسن، في حقبة الستينات، "الميني جيب" تحت الثوب الشفاف. كما كن يرفعن شعورهن إلى أعلى، على شاكلة ما كان سائدا، وسط ممثلات السينما الأمريكية، في تلك الحقبة. وفي السبعينات تاثر الشباب بالموضات الغربية، فلبسوا بناطيل الشارلستون المحزقة، والأقمصة الضيقة، ونفشوا شعورهم، كما هو حال المناضلة الزنجية الأمريكية، انجيلا ديفز، وصحبها من جماعة الفهود السود.

الشاهد أن التملل من قيد التقاليد، قد كان، وسيظل، حالة عامة، والفتون بأساليب الحداثة، وبهرج الحداثة، وسائر المتع الحداثوية، نزوع عام، أيضا. وقد شمل ذلك النزوع، المجتمع بكل قطاعاته. وهذه الحركة مستمرة الآن. وقد هزمت العبقرية السودانية، كل ما حاول الأخوان المسلمون فرضه، على الواقع، عنوة، حين عملوا من وراء ظهر نميري، وحين جاءوا منفردين إلى السلطة. الشاهد أن فرض الأخلاق، ورسم قالب للمسك السوي، بعمل فوقي، مهما كان تعريفنا للأخلاق، وللمسلك السوي، عمل مصيره الفشل المحتوم. وهو عمل يعطل الحياة من تعديل مساراتها بنفسها. فالحياة لديها القدرة على الفوقان من ربكة الصدمة الأولى، حين تواجه بفرمانات تقييدية. إذ ما تلبث الحياة، أن تبدأ في عملية الإلتفاف حول الإجراءات المفروضة، من عل، ولا يمر وقت طويل، حتى تصبح تلك القيود المفروضة، مجرد حبر على ورق. وهذا واضح الآن، مقارنة بما كان عليه الحال حين جاء أهل الإنقاذ، إلى السلطة.

الشاهد أننا في الشمال، لنا جذورنا الإفريقية، المنغرسة في حضارة وادي النيل القديمة. وهي حضارة إفريقية صميمة، غشيتها بعض التأثيرات شرق الأوسطية. وطبيعتنا الأصلية، تلك، لا تجعلنا مختلفين كثيرا عن غيرنا من الثقافات التي شاركتنا الفضاء الجغرافي، اختلاطا، أو تجاورا. كل ما في الأمر، أننا جرى إرباكنا بخطاب سلطوي، مثلت الفقهية التركية العثمانية، جزءا منه، كما مثلت الطهرانية المهدوية المتزمتة، جزءا آخر منه. وورث التيار الإسلامي الذي تمخض عن حركة الإخوان المسلمين كلا نهجي القيد الفوقي السلطوي، التركي، والمهدوي. وما حنين العباسي، والناصر، والمجذوب، ومن بعدهم جماعة الغابة والصحراء، إلا إلى طبيعة أصيلة، حكيمة، وعالمة. وهي طبيعة لوتها عناصر وافدة، هي ليست في أصل ُثقافتنا. فذلك التوق، وذلك الشوق، توق وشوق، نبيلان وساميان، ولا عيب فيهما. إذ أنهما في جوهرهما، ليسا رغبة في التحلل، وإنما رغبة في الوسطيو، والإعتدال. هما توق، وشوق، إلى الحياة الطبيعة، التي مثلتها طبيعتنا الأصلية، وجذور حكمتنا القديمة، في إدارة مجتمعاتنا، التي عمرت هذا السهل هذا السهل النيلي الكبير، منذ آلاف السنين. فالحياة الطبيعية تصنع نفسها، بنفسها في القاعدة، وتعدل مساراتتها، بين طرفي الإفراط، والتفريط. ولا يصنعها مدعون متسلطون جالسون قسرا، وقهرا على قمة الهرم.
وسأواصل

Post: #85
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 04-24-2004, 06:55 AM
Parent: #1

مرة تانية نقطة نظام:
النقاش الحالي في مجملو يمثل وجهة نظر واحدة، ملخصها ان السودان عربي، او عربي افريقي.

لاجديد في هذا الفهم المبني علي مسلمات اساسها تصورات مسبقة، اوحي بها الاحتلال الثنائي ونعوم شغير تحديدا، الذي صاغ مقرر التاريخ الحالي، الذي صاغ بدوره نمط تفكيرنا الحالي.

بالعدم دعوني ابدأ بصاحب الدار، الاخ عجب موجها سؤالي مرة اخري:

السودان، عربي او عربي افريقي علي اي اساس يا اخ عجب؟

وشكرا

Post: #86
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-25-2004, 00:37 AM
Parent: #85

تمكن "الغول الإسلاموي" باستخدامه سلطة النص الديني، وقوته القهرية، من تدجين المثقفين، فأصبحوا لا يسفرون عن حقيقة، ما يعتقدون فيه إلا لواذا. وهذا أمرٌ لا ينطبق على السودان وحده، وإنما على كل الفضاء، العربسلامي، وربما شرق الأوسطي، أيضا. حين ارتفعت حدة الخطاب الديني، التي صاحبت تجربة تطبيق "قوانين الشريعة الإسلامية" على النسق "النميروي، "المكاشفوي، الحاج نوروي"، لم تجد قبائل المثقفين، خاصة أهل اليسار، وغيرهم ممن يمموا وجوههم شطر المركزية الأوربية، شيئا يردون به هجمة النصوص الدينية، سوى بضع من اعتراضات خجولة، أنصبت في معظمها، أن القول بأن العدالة الإجتماعية لم تتحقق بعد، وأن عمرا بن الخطاب ، سبق أن عطل الحدود في عام الرمادة. وكأنهم بذلك يقولون، لا بأس بأن نطبق الحدود، عندما تكون العدالة الإجتماعية قد متوفرة، ونسوا أن في الحدود رجم بالحجارة حتى الموت، وجلد متعلقان بالزنا، ولا يمكن الدفع فيهما بحجة العدالة الإجتماعية، وعموم الفقر. وواضحة في مثل هذه الخطة الدفاعية، ضد كارثة القوانين الإسلامية التي اصبحت، أقرب من حبل الوريد، النزوع نحو استراتيجية لكسب الوقت، وللتأجيل، لمجرد التأجيل. وكأن معجزة من نوع ما، سوف تحدث، لتخرجهم من ذلك المطب!

المفكر الوحيد الذي واجه أصل القضية، بلا مواربة، كان الأستاذ محمود محمد طه، الذي عمل على تفكيك سلطة النص، وإبطال حد شفرة الإرهاب في سيفها. وقد بدأ الأستاذ محمود جهده ذاك قبل ما يزيد على الثلاثين عاما، من حلول تلك الكارثة بالبلاد، والعباد. وقد واجه الأستاذ محمود ذلك الخطر، الذي كان عارفا بحتمية قدومه، عن طريق تقديم فهم، يجعل المعترض، على تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية، يعترض من موقع المسلم، الصميم، لا من موقع المستخدم للحجج الفقهية الإسلامية، من موقع خارجي مشكوك في صدقه، ومشكوك في كون أهله يعنون ما يقولون، حقيقية. الشاهد، أن الدكتور عبد الله علي إبراهيم، الذي دعا دعوة صائبة، إلى حلحلة عقد الثقافة الإسلامية، ومواجهة أوجه عدم معاصريتها، من داخلها، بدل الهرب، للإحتماء، بشوكة الثقافات الأخرى، لم يبين لنا، في سياق دعوته تلك، بيانا شافيا، الكيفية التي بها نخلق مساحة للحريات الشخصية، وللحريات السياسية، داخل سلطة النص الديني الإسلامي الموروث منذ القرن السابع. ولا أجد في إشاراته، إلى ما جرى من تحسينات لوجه الشريعة، وإعلاءه من اجتهادات القضاة الشرعيين مما تفضل به، في ذلك الصدد، شيئا يلمس جوهر إشكاليات تطبيق الشريعة الإسلامية، في زماننا الراهن. (راجع تعقيبي على مقالات الدكتور عبد الله علي إبراهيم، حول الشريعة الإسلامية، بسودانايل).

ما تركه المثقفون السودانيون جانبا، من فكر الأستاذ محمود محمد طه، التقطه بعض المفكرون العرب، وبنوا عليه طروحاتهم، ومقارباتهم التي بدأت إعمال أزاميلها ـ ولا اقول معاولها ـ في تشذيب سلطة النص الغاشمة، وتهذيبها، وترويضها وهي تصر على مقاربة إدارة شؤون الواقع. وذلك بإعادة قراءة التجربة الإسلامية، برمتها، منذ البعثة المحمدية، في القرن السابع الميلادي، وإلى وقتنا هذا، ومناقشة العقائد الموروثة المصمتة، التي استعصت على النقد، والفحص، لأربعة عشر قرنا من الزمان. وأحب أن أشير هنا، إلى كتابات، سيد محمود القمني، وخليل عبد الكريم، ونصر حامد أبوزيد، خاصة ما يتعلق منها بقضية الناسخ، والمنسوخ. والحديث في هذا الجانب، ربما اقتضى توسعا، لا محيص عنه، غير أنني أكتفى منه هنا بالإشارات.

ما يهمني هنا، هو تثبيت حقيقة ازورار مثقفينا من مواجهة سلطة النص، في ثقلها التاريخي، الضاغط على طاقات الحاضر، والمقيد لأيدي الحاضر، والحابس لطاقات الروح والعقل. وسوف أناقش هنا مثالا، واحدا فقط. وهو المثال المتعلق بمنع الخمر. وكنت قد أشرت في مداخلتي السابقة إلى حال المجتمع السوداني، حتى سبتمبر 1983. فقبل ذلك التاريخ، لم يكن الناس مشغولين بموضوع الخمر، في كثير، أو قليل. ولا أزال أذكر أنني كنت، حتى مطلع الثمانينات من القرن الماضي، أحمل كتب الجمهوريين، وأطوف بها في الأمسيات، على الدكاكين، وعلى المارة في الشوارع، وأغشى أيضا في تلك الطوافات، محلات مثل محل "أتينيه" في وسط الخرطوم، حيث تتناثر الطاولات في الفسحة الواقعة وسط عمارة أبو العلا الجديدة، التي تحتل مربوعا كاملا يقع شمال شرقي تقاطع شارعي القصر، والجمهورية. كما كنت أطوف بالكتب، في كازينو النيل الأزرق في بجري، ومنتزه الرفيرا في أمدرمان. وقد كنت أجد في كل تلك الأماكن الموظفين، ورجال الأعمال، وغيرهم، من افراد الطبقة الوسطى، وهم متحلقين حول تلك الطاولات، وبينهم قناني الخمر. ولم أكن أستنكر ما هم فيه، ولم يكونوا يستنكرون ما أنا فيه من عرض كتب تتعلق بأمر الدين في تلك الأماكن!

عاد السودانيون، عقب الثورة المهدية، إلى طبيعتهم القديمة، من حيث عدم الإرتباك أمام ما يجدونه طبيعيا من مسلك البشر، ومن ممارساتهم. وشرب الخمر ظاهرة قديمة قدم التاريخ، ولم تخل منها حضارة من الحضارات، ولا مجتمع من المجتمعات. والسودانيون شعب، ذو ثقافة ضاربة في القدم، وهي ثقافة لها أكثر من قوام واحد، كما تفضل الدكتور عبد الله علي إبراهيم. فهم قد عمروا السهل النيلي، منذ ألاف السنين، وحين جاءتهم الشريعة الإسلامية، استوعبوها، وأفادوا من وجوهها المشرقة، وفي النفس الوقت، غضوا الطرف عما لم يكن مستساغا تماما منها. والمجتمعات تستجمع الحكمة الممتخضة من التجربة التاريخية. المجتمعات المستقرة، والراسخة الجذور، لا تناقش مثل هذه التحديات المربكة، وإنما تستخدم حسها المتشكل تاريخيا، وتتعامل في هدوء معها، فتخلق مساحة كافية تحفظ أمن الجماعة، وتراعي في ذات الوقت الحرية الشخصية، متجانفة بعبقرية عن غلو العنت، وطغيانه، ووسمه لفضاءات الحياة العامة.

وكما تفضل الدكتور عبد الله علي إبراهيم، فقد كان في وسع المثقفين ـ ولا أستثني نفسي من التقصير هناـ محاولة مواجهة حشر الدولة لأنفها، في شؤون الأفراد الشخصية، بإسم الدين. كان في وسعهم، ولا يزال، مواجهة كل أولئك، مستخدمين إرث ذات الثقافة التي ينتمون إليها. وهو إرث فيه الكثير من مما يسند النقاد، في وجهة التاسيس للحريات الشخصية، وللإنفتاح، ومجانفة التضييق والعنت. نعم هذا النقد ليس سهلا، أو مواتيا، ولكن من قال أن التحولات الكبيرة، تجيء إلى الناس وهم مستلقين على جنوبهم؟ كان من الممكن، ولا يزال، ألا نهرب من جزء من وعينا، عجزنا عن مواجهته، لنحتمي ضده، بالجاهز، مما تتيحه الثقافات التي تشاركنا الفضاء السياسي.

وأشكر للصديق عبد المنعم عجب الفيا، إيراده نموذج "عرس الزين" للطيب صالح، فهو نموذج قد عرض هذه الإشكالية، بنجاح كبير. ولابد من التنويه، إلى أن الطيب صالح قد عالج تلك الإشكالية، في وقت مبكر جدا، فكان سابقا، ومدركا لذلك الصراع. فهو قد شرح بنية القرية الإجتماعية، وما تتعرض له ثقافة العقل الجمعي القروي، المتجذرة في الحكمة القديمة، الموروثة، في التعامل مع الحياة، بخيرها، وشرها، دون عنت، وبين ما مثله إمام المسجد، من جنوح للتحكم في مجريات الأمور، مستخدما سلطة النص المرقوم، في بطون الكتب، لفرضها على بنية تاريخية متشكلة، ومتجسدة، وأخذت أبعادهاى المستقرة، في فضائي الزمان، والمكان، وانتجت عبر مخاض طويل حكمها الإجتماعية التي تدير لها شؤونها.

قام نميري، في عام 1983، مسنودا بالتوجهات الطهرانية، الترابي، وقبيله، وحرصهم على إعادة الحياة السودانية إلى ما يظنونه، "الجادة" و"سواء السبيل"، بشيء مماثل لما قامت به الثورة المهدية. قبل قرن من الزمان. ذلك الجهد الفوقي، الذي ما لبث أن أصبح أثرا، بعد عين. فمحاولة المهدية، ومحاولة "الترابي/النميري"، لم تكونا سوى محاولة لاقتلاع تقاليد شعب، من جذورها، ثم وزرع تقاليد بديلة، مكانها، بين يوم وليلة!! جمع نميري، في عام 1983، بعد تمهيد، وتزيين، وتشجيع، من التيار الإسلامي، بقيادة الدكتور حسن الترابي، كل ما استطاع أن يجمعه من الخمور الإفرنجية، التي كانت معروضة، في بارات البلاد. وأتى بها إلى شارع النيل، ومشت عليها البلدوزرات، وزحافات الطرق، فأسالت منها سيلا عرمرما تحدر إلى جوف النيل. تم ذلك وسط الهتاف، والتصفيق، والتهليل، والتكبير!. ربما كان الغرض لدى بعض من دعم تلك المسرحية البائسة الإعداد، والإخراج، والغامضة الهدف ـ إلا في عقول منفذيها، بطبيعة الحال ـ هو القضاء، بقوة الدولة، وسلطانها، على ظاهرة شرب الخمر، مرة واحدة، وإلى الأبد. وربما كان الغرض منها هو، إهانة الطبقة الوسطى، التي لم تبد كثير حماس، حتى ذلك الوقت، لتوجهات التيار الإسلامي. إذ كانت، أميل ما تكون، إلى قوى اليسار، والوسط. فقد كان الترابي يستخدم كلمة "علمانيين" بكثرة، وبطريقة مستفزة. وكان ذلك جزء من حملة نفسية قصدت إخضاع المتعلمين، المتشككين في مشروع الدولة الدينية، أوعلى الأقل تحييدهم. ولم تكن مصادفة أن سرّّب الترابي أفراد تنظيمه، إلى نيابات العاصمة، وإلى محاكم، الطوارئ، ليكملوا حملة الإرهاب الفكري، بتوقيع عقوبة الجلد، على المسؤولين التنفيذيين، وعلى المطربين، بغرض الإهانة، والتجريد من الإحساس بالكرامة، Demoralization أمام العامة، بتهمة شرب الخمر. وقد أثمر ذلك العمل، في اخراس أصوات المثقفين، وخفوت أصواتهم. وقد تم استخدام تكنيك الـ Demoralization كأبشع ما يكون، حين أُجبر الجمهوريون، على إنكار قائدهم، والتنصل من معتقدهم، تحت ظل السيف، فيما شاهده الشعب السوداني، من شاشات التلفاز، فيما سمي بـ "الإستتابة" التي كان المرحوم، أحمد محجوب حاج نور أحد ابطالها. الشاهد، أن الدكتور الترابي، قد ظل يمارس تعاليا منقطع النظير على المثقفين. وقد عمل بدأب، لا لكسبهم، وإنما لإرهابهم، وإسكاتهم، وتجريدهم من القدرة على الوقوف على منصة "الأخلاق" التي احتكرها، لنفسه، ولقبيله. والترابي يعرف، قبل غيره، خلو وفاض تنظيمه، من فكر يمكن أن يكسب به المثقفين إلى جانبه. وهذا هو ما قاده إلى التحالف، منفردا مع نميري، ثم بعد ذلك، إلى المجي إلى السلطة بمفرده، في يونيو 1989. أما الآن فأظن: "ذهبت السكرة، وجاءت الفكرة".

خلاصة القول أن هروب المرهفين، من الكتاب والشعراء، وحنينهم الرومانسي، إلى فردوس، من جنان الحس، وفراديس المتع، لم يكن سوى حلم أملته مكونات قوية في وعيهم التاريخي، بما يمكن أن تعنيه، وما يجب أن تكون عليه "الحياة الطبيعية". فقد حدث ارباك لمسار الحولات الطبيعية في السهل النيلي الأوسط، والشمالي، في القرنين الأخيرين، بسبب الغزو التركي، وبسبب الثورة المهدية، ثم بسبب تيار الإسلام السياسي، المتربع الآن على دست الحكم، في الخرطوم. وأصر على استخدام عبارة " الحياة الطبيعية" هذه. فما يتصوره سدنة النصوصية الفقهية الإسلامية، لما يجب أن يكون عليه حال الناس، أجمعين، ليس طبيعيا، وهو تصور لم يتحقق في يوم من الأيام، حتى ولا في صدر الإسلام. وهؤلاء النفر الذين يريدون أن يعيدوا صياغة الشعوب، وكبس ممارساتها الثقافية، البالغة من العمر آلاف السنين، في علبة النص، مجرد قوم غير "طبيعيين"، بل وربما قوم مصابون، بعصاب، ووسواس، وهوس، بلغ بهم درجة انعدام القدرة، على تلمس نبض الواقع. وأرجو ألا نكون قد نسينا، بالإضافة إلى جلد كبار التنفيذيين، والإداريين، في سوح محاكم الطوائ، على ملأ من الناس، وجلد المطربين، وطالبات الجامعات، المضايقات الكثيرة الأخرى، التي ظلت تلقاها، حفلات الأعراس، وغير ذلك من محاولات، إعادة صياغة الثقافة، والممارسات الشعبية، وصبها في العلبة الضيقة التي تمثلها أحلام، ورغبات الطغمة الحاكمة المتنفذة، المصابة بالعصاب الديني.

وأحب أن أختم هذه المداخلة بما أورده الدكتور عبد الله علي إبراهيم في كتابه "الإرهاق الخلاق" الصادر عن دار عزة للنشر، بالخرطوم، (بلا تاريخ، ولكن مقدمته كُتبت في 2001). فهي فقرة لمست وترا شديد الأهمية، وذلك حيث قال:

((يظن بعض الجلابة بصدق مع الذات غير منكور أنهم براء من حكم البشير ولكن هذا الحكم في نهاية المطاف، في كلمة مقتبسة من إدوارد سعيد، هو أكفأ الأجهزة الجلابية في تعبئة وتعليب المشاعر الدينية والعرقية بين الجلابة. فالحكم مصنوع من قماشة الوعي الجمعي الجلابي الذي يشتهي تحويل هامشية الثغر بين العالم العربي وإفريقيا إلى مركز ذي صلف وغرور. فقد خرج المهدي عليه السلام بدعوته في 1881 يريد أن يفتح المدينة الرومية الكبرى بالتكبير. وهتف الشيوعيون في الخرطوم "لا قومية بل أممية .. سائرين سائرين في طريق لينين". وعقد الشيخ الترابي أمميته القومية الإسلامية العربية قصيرة العمر في الخرطوم. إن ضيق مثقفي هذه الجماعة الجلابية بخصوبة الخيار، وجدل طيف الألوان مما شهدت به دوائر الخريجين في الإنتخابات السودانية. فبدلا أن تكون هذه الدوائر معرضا للرأي بانتخاب نواب يمتون إلى مختلف وجهات النظر اصبحت ساحة للإكتساح الحزبي المفرد. ففي عام 1954 اكتسحها الوطني الإتحادي، وفي عام 1965 اكتسحها الحزب الشيوعي، وفي عام 1986 اكتسحتها الجبهة القومية. وهذه حالى نفسية بالغة التعقيد في اضغاث الأحلام السياسية. ونفاد الصبر، وخبط العشواء)) .. انتهى ص. ص. 48-49.

أواصل

Post: #87
Title: Re: اسامة الخواض والمغالطة في البديهيات
Author: Agab Alfaya
Date: 04-25-2004, 05:14 AM
Parent: #1

وضح من خلال الملاحظات والاسئلة التي بدت من الاخ اسامة الخواض
اننا في حاجة للحديث عن البديهيات. ففي الوقت الذي يتهم فيه الاخ اسامة الاخرين بعدم المعرفة نجده يجهل بديهيات الغابة والصحراء!
يقول اسامة:
Quote: لكي نستعدل النقاش ارى اننا لا بد ان نتفق حول البديهيات في تاريخ الغابة والصحراء, والا اخي شانتير فلن نقدر ان نساعدكم بقدر المستطاع في فهم تيار الغابة والصحراء.

فماهي البديهيات في ظن اسامة الخواض؟
يعتقد الكثيرون خطا، واسامة واحد منهم،ان كلمة الغابة في مصطلح الغابة والصحراء ،وضعت اصلا لتعني الجنوب،ولا علاقة لها بالشمال ،وان الشمال تمثله كلمة الصحراء حصرا .وبالتالي فهموا خطأان هؤلاء النفر يتحدثون عن وجود عربي صرف في الشمال يقابله وجود افريقي صرف في الجنوب !!!
وهذا الظن الخاطي هو السبب في الاستخفاف برؤية هؤلاء النفر وعدم تقييمها التقييم الصحيح ، والدليل علي ان اسامة الخواض ينطلق في هذا النقاش من هذا الفهم الخاطيء هو قوله :
Quote: كما ذكرنا للفيا ان الجنوب لم يرد لاحقا كما زعم في رده علينا.

ونحن نتعجب كيف يمكن لمن يريد ان يقارب خطاب الغابة والصحراء ان يقول ان الجنوب اتى لاحقا؟
هل يمكن فهم الغابة والصحراء دون جنوبيات محمد المهدي المجذوب؟؟هل يمكن ؟؟؟

هذا التعجب وهذا الاستغراب سببه الجهل بالبديهيات!
مما يؤسف له ان انسان في قامة اسامة الخواض يظن ان رمز الغابة أوحت به قصائد المجذوب التي عرفت بالجنوبيات !
فمن البديهيات ان - الغابة والصحراء- هي في الاصل وصف لانسان شمال السودان اوحت به المملكة الزرقاء او سلطنة سنار او مملكة الفونج ،التي تشكلت من تحالف القبائل الافريقية بزعامة الفونج والقبائل العربية بزعامة القواسمة ،وادي هذا التحالف الي تزاوج وانصهار العنصريين العربي والافريقي علي مدي قرون واجيال فبرز انسان شمال السودان المعروف الان.ومن المعلومات التاريخية البديهية ان الجنوب لم يكن جزء من سنار.
لذلك يا اسامة قلنا ان الجنوب اتي لاحقا .يعني حتي لو قدر للجنوب ان ينفصل فستظل الغابة والصحراء كماهي وستظل الافروعربية كما هي وصفا للتمازج والتشابك الاثني لسكان السودان الشمالي .
ومن المفارقات ان عبد الله ابراهيم وبولا وحسن موسي مدركين لهذه الحقيقة الغائبة علي اسامة الخواض .لذلك كان عبد الله ابراهيم واضحا جدا عندما حدد مصطلح الافروعربية والغابة والصحراء في مستهل ورقته بقوله :
"ا لقصد من هذه الكلمة ان تتفحص نقديا مفهوم الافروعربية الذي استقر كوصف لثقافة الجماعة الشمالية العربية المسلمة علي النيل والبوادي "
فالافروعربية او الغابة والصحراء،كما فهمها دكتور عبدالله ،المقصود بها في الاصل شمال السودان لذلك كان دافعه هو تخليص شمال السودان من رمزية الغابة التي الحقها بهم محمد عبدالحي ورفاقه.

ولو كان اسامة مدركا لهذه الحقيقة لما جاء رايه حول الغابة والصحراء بهذا التبسيط والاختزال ولكان من المدافعين عن هذه الرؤية او لرد الاعتبار لهؤلاء النفر،علي الاقل ، كما فعل صديقه عبد اللطيف الفكي
يقول اسامة :
Quote: فعلى الصعيد الابداعي ارى ان له مساهمة شعرية رفيعة,
لكنه كمشروع ثقافي يتسم بالاختزالية التبسيطية للمكونات المتعددة والمتشابكة للثقافات ولا اقول الثقافة السودانية.
فهو حصر المسالة كلها في تيار عروبي واخر افريقي

السؤال هنا :ما هي المكونات الثفافية المتعددة والمتشابكة في حالة السودان؟
هل تعني شيئا غير تشابك وانصهار العناصر الافريقية بالعناصر العربية عبر القرون الطويلة؟
فاذا كان ذلك كذلك فهذا ما قاله بالضبط ناس الغابة والصحراء وسائر الافروعروبيين من خلال رمزية السلطنة الزرقاء .
وفي هذه الحالة فان اسامة الخواض اقرب الي رؤية الغابة والصحراء من رؤية عبد الله ابراهيم وبولا وحسن موسي الاحادية .

الا ان الشي الغريب في منطق اسامة تبنيه لرفض فكرة البوتقة التي طرحها عبد الله ابراهيم .فالاخير يرفض فكرة البوتقة لانه يتحدث عن شمال عربي صرف لا تشوبه شائبة ،ولكن كيف لمن يدعي الحديث عن التعددية الثقافية المتشابكة ان يرفض مفهوم البوتقة !!؟؟؟
يقول اسامة :
Quote: كما ان تيار الغابة والصحراء تيار غير ديمقراطي من خلال تبنيه لفكرة البوتقة والتي اشار اليها بالمعية مدهشة عبدالله على ابراهيم في مقاله الذي اغضب الفيا.

كيف تكون فكرة البوتقة فكرة غير ديمقراطية وانت تتحدث عن التعددية الثقافية المتشابكة ؟ اللهم الا اذا كان مفهوم التعدية الثقافية عندك مفهوم ميكانيكي غير عضوي ،تكون فيه الثقافات كالجزر المعزولة؟

ومن هو غير الدمقراطي حقا يا اسامة الذي يقول ان ثقافة اهل شمال السودان افروعربية متشابكة ام الذي يصر علي انها عربية صرفة لا تشوبها اي شائبة افريقية ؟
دعك من هذه الاوصاف المجانية وفكر بعقل مفتوح،

اخ بشاشة سوف اعود










Post: #88
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: خالد الأيوبي
Date: 04-25-2004, 08:18 AM
Parent: #1

الأستاذ / عجب الفيا
نحن هنا منذ فجر هذاالبوست ، نتابع بإعجاب. و نقدر هذا العمل و نقدر جهدك الآخر في المواكبة و التداخل مع رصفائك المبدعين.
بقاء هذا البوست في الصفحة الأولي يثمن و يجمل المنبر. فـــ .. فوق

Post: #93
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-25-2004, 06:03 PM
Parent: #88

اخي خالد الايوبي
كلماتكم الصادقة تغسل عنا رهق المكابدة
نشكركم علي المتابعة الرصينة

Post: #89
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 04-25-2004, 08:23 AM
Parent: #1


الأستاذ عبد المنعم والأعزاء
مرحباً، كمان مرة
وللدكتور النور بعد الشكر العميق و صادق التقدير لمكْنتِك في الخُلق و العلم ، وما من غرابة أنني بذلت جلّ ليلتى البارحة منقباً ملفاتي الإلكترونية عن مقال لك في الرد على مقالات د.عبد الله في أمر المحاكم الشرعية. ضعت في متاهة ملفاتي فإستعنت برائع التنسيق من (موقع الفكرة) وفعلاً وجدت ما كنت ابحث عنه فيما ظننته في هذا المعنى عن مواجهة جفاء الوقائع اللازم علينا حتماً و تكليفاً لو أردنا بأنفسنا و وطننا خيراً ، ثم ها أنت تأتي بالقول
Quote: ( وكما تفضل الدكتور عبد الله علي إبراهيم، فقد كان في وسع المثقفين ـ ولا أستثني نفسي من التقصير هناـ محاولة مواجهة حشر الدولة لأنفها، في شؤون الأفراد الشخصية، بإسم الدين. كان في وسعهم، ولا يزال، مواجهة كل أولئك، مستخدمين إرث ذات الثقافة التي ينتمون إليها. وهو إرث فيه الكثير من مما يسند النقاد، في وجهة التاسيس للحريات الشخصية، وللإنفتاح، ومجانفة التضييق والعنت. نعم هذا النقد ليس سهلا، أو مواتيا، ولكن من قال أن التحولات الكبيرة، تجيء إلى الناس وهم مستلقين على جنوبهم؟ كان من الممكن، ولا يزال، ألا نهرب من جزء من وعينا، عجزنا عن مواجهته، لنحتمي ضده، بالجاهز، مما تتيحه الثقافات التي تشاركنا الفضاء السياسي. )
و لقد أظنه ، هو عينه الذي يلخص رفض الدكتور عبدالله للآفروعربية و وصمه لها ب(تحالف الهاربين) كما و صم أخرين ب (اليسار الجزافي)..و قد جاء في مقالته موضوع نقد منعم: ( فالإحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو من يزعم الأفروعربيون أن دمائهم كأسلاف قد إستقرت فينا هو خطة سلبية جداً)
و أرجح أن (أسلاف) هنا تأتي في معنى السلف الثقافي و ليس العرقي، وأن الخطة هنا تنصرف إلى سبل مقاومة ما يعتَّوِر ثقافة الشمالي من قصور و إشكالات في مصادرها و ترميزها و توقها..أذهب هذا المذهب في ترجيح هذه المعاني و ليس ما ذهب إليه منعم من نفي د.عبد الله للمكون الأفريقي في العرق الشمالي لمّا أستدل إلى ذلك برد د.عبد الله الباتر لتعريفات ماكمايكل و ترمنغهام البائرة، و هو إستدلال ليس عندي بالصائب، في مقام الرد على تلك المقولات وهي الموصولة فيما كان سائداً يستعين به المُستَّعْمِرون على مستضعفيهم كمثل القول برقي العرق القوقازي( الذي منه العرب في صورتهم المعرَّفة إستشراقياً) على الزنجي المصنف عندهم وضيعاً، ولذا يسهل عندها على مثل ماكمايكل و ترمنجهام وصف خليطهم العرقي بأنه ملوث (Contaminated) و إسلامهم بأنه وثني. و أيضاً في ورقة تحالف الهاربين جاء ما يلي
Quote: ( و عندي إجمالاً ان خلع أو تحجيم الهوية أو الثقافة العربية هو إما غش ثقافي أو يأس. فالطريق فيما أرى إلى إطمئنان الجنوبيين و غيرهم من حملة الثقافة الأفريقية إلى أمنهم الثقافي، يمر عبر تصدي العرب المسلمين للنعرات وأنواع التحريم التي تغص بها ثقافاتهم تصدياً بالأصالة عن أنفسهم، لا نيابة عن أحد. و يستلزم ذلك وقفة مستنيرة إزاء الذات و قدرة على تحري النقد، و تحمل تبعاته)
و التشديد هنا من عندي كما في تشديدي على بعض مقالتك أعلاه..من باب المقارنة!!
و لتسمحوا لي أن أعلن عن( لا حياديتي) التامة في اليقين بأهمية هذه الورقة التي يطرح فيها الأستاذ منعم دفاعاً قوياً عن رؤيته في الهوية ضد ما ينتاشها من نقد جسيم. و لأنها، في عمقها وجديّتها و ما أثارت و تثير من نقاش جاد و عميق مثل الذي هو في (الهامش و الصميم في آن) مما تبدعه يا دكتور النور و مما إجترحه المتداخلون كافة ، مما نحتاجه في حياتنا الثقافية التي كاد يجدبها إنعدام مثل هذه القراءات المحاوِرة للآخر دونما إسفاف أو تعلق بالقشور و الحزازات مما يقتل الفكر زريعاً ، بل، و يكاد يذهب بالدهشة التي لم تعد تكفينا.
وفي نفس المقام، أعلن، إنحيازي الأكيد لمآلات مقالة عبدالله علي إبراهيم عن تحالف الهاربين دون ما فيها من متعلقات ميراث فش الغبائن السوداني. أو ليست تقول..خذوا الناس بما هم عليه..ثم إعطوا كل ذي حق حقه..أو كما عبّر عن نفسه في الورقة التي كنت و لا أزال أرجوا أن يثبتها من كان منكم ضليعاً بالضرب السريع و المحكم على (الكي بورد) مما لا أجيده و إلا لفعلت.. يا ليتنا نجد من يعلقها على اول هذا البوست عقب مصادر ورقة الفيا فنقرأ منهاعلى مرأى من الشاشة..
و ما يبدوا على قولي من حياد يا دكتور هو من بعض تقديري لقاماتكم و قليل تأدب في حضرة العلماء. لا أحبذ أن اقطع بقول عشوائي أدعوه راياً ثم فليكن ما يكون، و من ذلك ان اصرخ به دون تقديم دليل عليه فيما يقتضيه البرهان المنطقي بعدم صلاح مقدمات الغابة و الصحراء النظرية عندما ساقهاعبد المنعم كمعرفة محيطة . وعدم صلاحها في حسباني لها فكراً و خطاباً و مشروعاً يؤخذ منه ويرد لأنها ليست على شيئ من علوم القرن التاسع عشر و نظرياته التي ظنّت ألآ ياتيها باطل من خلف و لا امام.. ................................................ ف دمتم..

و منعم في ورقته ، ولا يزال، يؤكد، بغير قليل من التناقض أحياناً، على ان الآفروعربية هي المعرفة بالواقع القديم الدائم المتعالي عن اي إعادة للنظر فيه أو تجريح لعدالته العلمية، وعلى أن فضل الرواد من الشعراء ليس في إختراعها من عدم آيدلوجي ، وتخليقها،على عينهم و أعين بعض القائمين بالسياسة و المستشرقين، في رحم الأزمة السودانية و من ثم، تقديمها كحلٍ لمعاظلات الواقع المتشظِّي في الهويّات و فساد السياسة ، بل أن فضلهم حصراً هو فضل الدليل على الحائر الضهبان عن نفسه و أصله العرقي و الثقافي منذ حمزة الملك طمبل قال لهم في ترك البكاء على الأطلال و الإلتفات إلى واقعهم في السودان ، وكأنها دعوة في الإنقطاع العرقي و الثقافي و ليس الفني والشعري كما الذي ساقته مدرسة الديوان في مصر إلى أمثال البارودي و شوقي حتى تصرفهم عن محاكاة البحتري او حبيب حذو البيت بالبيت و البعير بالبعير. وهل جاء التجاني مفارقاً للعباسي الشاعر ام لثقافة الكتيَّاب و العبابسة ؟؟
وكنت قد صرفت نقدي لنفي منعم للآيدلوجيا/الخطاب/المشروع عن سيرة الآفروعربية ولزقه لها بالمعرفة و العلم مع كل ما بدا منها في النجوى والجهر، من وداد حميم مع المذكورات ذماً من بنات الحداثة..عدم جدوى تصريفي واردة!!
و لكن ، ما ينقض الغزل مثل حائكه..فقد قال منعم في الفقرة الثانية من (صيغة تسع الجميع) وعلى قارعة من نفيه للأيدلوجيا عن خطابه الآفروعربي في الفقرة سابقتها مما ناقشته سابقاً..قال:/
Quote: ( ولتقييم مساهمة جماعة ( الغابة والصحراء ) تقييما سليما لابد من النظر إليها في السياق التاريخي الذي ظهرت فيه ، وهي فترة الستينات من القرن العشرين حيث كانت حركات القومية العربية بزعامة جمال عبد الناصر وأحزاب البعث في أوج ازدهارها . وفي أفريقيا وأمريكا اللاتينية كانت هناك حركة الزنوجة بزعامة ايمى سيزار وليوبولد سينغور.) أوليس المذكوريين عاليه من بطون الايدلوجيات المحمولة على ظهور الظروف التي أنتجتها و قادت إليها، كمثل التي يقول منعم عنها واصلاً لشرحه:/
( في هذه الظروف واجه جماعة الغابة والصحراء سؤال الهوية ففطنوا إلى أن السودان حالة خاصة يجمع بين العروبة والأفريقانية فتفتق تفكيرهم عن صيغة تجمع بين المكونين العربي والأفريقي في الهوية السودانية فكانت صيغة الغابة والصحراء أو الآفروعربية . )

قلتُ، هذا ما عرفه عنها من يواجهون بنفس السؤال في الهوية ويعدون و ليمتهم الخاصة ل(سمايتا) ثم لا يرون في تفتق الغابة و الصحراء وردة دمهم أو توقهم في المصادر ولا أنها تمنحهم صيغة تسع(هم) ناهيك عن وسعها للجميع..
عدّهم لوأردت
السودانوية/النيوسودانية/الزنجوية/النوبية/القوميةالعربية/العربسلامية/الضدعربسلامية/الإسلامية/اليسار/ الطائفية....و غيرها. كل واحد من الخطابات يشتمل على تصور أو عدة تصورات عن الثقافة العربية في السودان ، أحصى بعضها الدكتور محمد عثمان الجعلي في ورقة ذات طابع اكاديمي بارد النفس و ليس كئيبا (منشورة في نفس محور الهوية من اوراق الندوة من عام 1999 التي فيها ورقة الأستاذ عبد المنعم). و قد أحصى نماذجاً لبعضها وصنفها وفقاً لتصورها عن الثقافة العربية الإسلامية في السودان / وإحتمالات آلية عملها في تعريف و توجيه وتشكيل واقع الثقافة السودانية و مستقبلها و موقفها من الثقافات السودانية الأخرى:
هنا تلخيص لبعض أطروحتها بغير قليل من التصرف أرجوا أن أعذر عليه لو أخلّ.
(1) التصور الإقصائي أي ان هذا التصور يقول بأن الثقافة العربية ثقافة تعترف بالآخر و لكنها تقصي هذا الأخر في فعل إرادي مباشر لتدعيم الذات و في ذلك تعتمد على نمط سلطة سلطوي يعتمد القهر أو الآيدلوجية. كما عند بولا و موسى..
(2) و التصور الإنكاري بما ينكر و جود ثقافات غيرها و لا يعترف إلا بثقافة وحيدة تعتمد على الدفع الذاتي لإنعدام المنافس ،ولا بد لها من سلطة قاهرة و مؤدلجة، لتمرير مثل هذا الزعم.. كما عند أبو القاسم حاج حمد.
(3) التصور التركيبي في معنى الإنصهار و البوتقة ويقول بتعددية ثقافية هي مكونات لثقافة و طنية تركز على توفير مناخ الإنصهار للثقافات المتعددة و هو يحتاج لنمط إداري يعتمد على مؤسسية أجهزة الدولة ..كما عند منصور خالد.
(4) التصور الإلحاقي في اصل خارجي كما عند محمد المكي إبراهيم، وهذا يقول بتعددية ثقافية سودانية وفيه تعمل صيغة الثقافة العربية الإسلامية السودانية على التواصل مع الثقافة الأم خارج السودان في فعل إرادي مباشر لتوطيد صلة الثقافة العربية باصولها كأساس للتنافس الداخلي مع الثقافات الأخرى وهو مما يحتاج نمط كالسابق.
(5) التصورالأفروعربي و رمزه محمد عبد الحي يعترف بتعددية ثقافية و بضعف المكوِّن الزنجي مع التركيز على الدعم الواعي و المباشر لهذا المكوِّن في فعل إرادي يبحث عن صيغة لثقافة وطنية سودانية تعادلية أفروعربية مما يحتاج نمط سلطة يعتمد كسابقيه على مؤسسية اجهزة الدولة.
(6) و الهامشي في كون السودان مجرد هوامش على التخوم العربية/ الأفريقية كما جاء عند علي المزروعي ، و فيه إعتراف بالتعددية الثقافية مع إنكار لوجود ثقافات أصيلة وسائدة، فكل الثقافات تعاني من التهميش و يدفعها التنافس للبحث عن ذاتها مراوحة بين شتى التخوم والمراكز و بالتالي لا وجود حقيقي لي سلطة تتسم بالديمومة.
(وبروف علي دا حكايته حكاية، براغماتي يعالج الأشياء بمبضع مراكز البحوث الأمريكية كمثل هنتنغتون وفوكوياما، فمرة يدعوا إلي إعادة إستعمار أفريقيا نسبة لفشل دولها الحديثة، و مرة سمعته يقول في محاضرة بأبي ظبي، أن التثليث المسيحي اتاح للغرب مدخلاً في التعددية السياسية والديمقراطية مما لا تتيحه عقيدة التوحيد في الإسلام.. نشّف ريقي وأصابتني الكآبات)الشاهد، إن في تصنيف الجعلي، و شروحاته التي الحقها عليه، فائدة للفرز و التوصيف لمن يريد ، و إشارة لإحتدام الصراع حول السوداني الشمالي و ثقافته مما حتمته أزمة الهوية و الإنتماء في الكيان السوداني و ما جرّته في معيّتها من إحتراب و إستقطاب..و لا يغيب عليه في شرحه معقباً، و لا على فطنتكم، أن التصورات الإلحاقية و التركبية و الأفروعربية هي من قبل الكسرات في لحن واحد مما يستلزمه لزوم الروي السوداني و زحافات مزاجه....
و لو أردنا إضافة تصور عبد الله علي إبراهيم لما أورده الجعلي لقلنا: أنه تصور إقراري يعترف بالتعددية في الثقافات السودانية و يؤكد على حق كل ثقافة في تعريف نفسها أصالة، و الإحتفاء بذاتها و نقد قصورها الذي يعرقل تعايشها مع العصر ومع غيرها من ثقافات في الواقع الجغرافي/السياسي المسمى بالسودان بكل ملابساته...مشروعه يتجاوز نقد اليسار و الأفروعربية الي تمكين تصوراته في الثقافة العربية السودانية مما جاء في ( كسّار قلم ماكمايكل) إلى النظام القانوني في مقالاته عن التشريع و المحاكم الشرعية التي اشار لها منعم و حاورها قبلاً د. النور.. وفي هذا هو يحتاج لسلطة رشيدة لا تتوفر له في إسلاموي الإنقاذ مما يجعله في ضيق منهم كما من اليسار جزافاً لا يكاد يخفيه..
و اتفق مع عجب الفيا في أن المستهدف من كل الخطابات عاليه و غيرها هو إنسان سنار (الحديث) الذي تغويني فكرة أن أدعوه ( الأزرق) إغواءاً لا أعرف كيف أرشده بتقعيد في دلالات اللون و الترميز مما أرجوا ان يفيدني فيه عجب الفيا و د. النور و الخواض بتحليل و تفكيك نجيض..ولكنك من كل بد، واجد الأزرق في توَلُّهِهم به وجداناً و تسمية
*السلطنة الزرقاء!!
*النيل الأزرق / بحر رفاعة الهائج وعكر / ورغم أن ماء العاديك هو الأبعد ماءاً عن الزرقة، بُعد السما عن الأرض!!فهو الأزرق..
*ازرق طيبة / الصوفي الأزرق و كل شيخ سجادة او أرباب جوّاد!!
*الأزرق في لون السناري لمّا يحلك( وجلّهم كذا) فلمّا يسفر قليلاً هو الأخضر ثم الأصفر.. يحتفظون بالأسود و الأبيض لمن كان خارجاً عن أطر الترميز خاصتهم و لو كانت لهم به قرابة و نسب!!!!
و لأنه لا بد من بعض حديث ورقة د.عبد الله علي إبراهيم حتى تستقيم لنا بها القراءة..فإني أقتطف التالي متجشماً دق الحروف باصبع واحد!!

Quote: (صفوة القول: إن الأفروعربية هي صورة أخرى من صور الخطاب العربي الإسلامي في السودان. وهي كخطاب غالب تنهض على محورين: المحور الأول، هو تمييز ((إنسان سنار))- نواة السودان الشمالي- عما عداه من أناس في الوطن. و لذا تنظر الأفروعربية إلى الحركة التاريخية في السودان كحركة مستمرة صائبة من التمازج بين العرب و الأفارقة، بين الشماليين و الجنوبيين، لإصدارات متكررة من ذلك الإنسان؛ أما المحور الثاني فهو تشويه الأفروعربية لموضوع خطابها وهو الأفريقي. ففي تنقيبها عن الأفريقي المطموس في السوداني الشمالي إنتهت الأفروعربية إلى إختراعه كبدائي نبيل. و ككل بدائي نبيل صدر الأفريقي من حوار الأفروعربية مصنوعاً من محض محض معطيات و مسبقات و تكهنات و تشهيات لا أصل لها في واقع الحال)....
و نواصل

Post: #90
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 04-25-2004, 08:39 AM
Parent: #1

و لثقتي في أريحية الأستاذ عجب الفيا و صبر المتداخلين فقد عنّ لي إلصاق بعض الذي وجدته في أرشيفي مما يتصل بالموضوع و يثري النقاش..سالصقه تباعاً...و المعذرة يا منعم..

من ملحق صحيفة الأضواء عن الغابة والصحراء في عدد 21/09/2003


تاريخ السودان لم يبدأ بالغابة والصحراء

محمد المكي ابراهيم

اولاً لا سبيل لإنكار ريادة النور عثمان في الغابة والصحراء فهو الذي بإبتكاره المعهود نحت تلك العبارة وبصراحته المعروفة تحدث عن العرق الافريقي في السودان وكان ذلك ايامها نوعاً من التابو، فاذا عرف عن الرجل أن فيه عرقاً افريقياً رفضت حطوبته. وحول ابوة الغابة والصحراء انظر هوامش كتاب الدكتور فرانسيس دينق «حرب الرؤى» تجد أنها لآخرين ليس بينهم النور ولا عبد الحي ولا شخصي. ونحن في المانيا كانت بيني وبين النور مراسلات طويلة دعاني اليها لقائي الاول بالثقافة الغربية وإحساسي بإنعدام الهوية، فقد كنت اقدم نفسي كمخلوق عربي فيواجهني ما يشبه الاستغراب، وحين اقدم نفسي كافريقي اجد نفسي عاجزاً عن تقديم صورة حقيقية لافريقيتي.. وقد كاشفت النور في ذلك في أحد رسائلي فرد رداً طويلاً مسهباً صاغ فيه تلك العبارة كما اسلفت.. وشجعني ذلك على الكتابة عن ذلك الشأن حين عدت الى السودان في منتصف عام 1963 وقد شايعني فيها نفر من الادباء بينهم عبد الحي الذي عاد بهوائية تامة وأنكرها كمدرسة فنية ولكننا نقدر ويقدر الله أمراً فقد أصبحت الغابة والصحراء الصق باسمه من اسمائنا جميعاً إذ أنه كتب فيها قصيدته الجليلة «العودة الى سنار».

في زمانها كانت الغابة والصحراء طرحاً جديداً بل وثورياً، امام مجتمع متشنج على عروبته لدرجة المرض والناس الذين تعرضوا لها بالتفنيد كانوا يقولون لنا نحن عرب ابناء عرب الى آدم «صلاح احمد ابراهيم : بل نحن عرب العرب» أما انتم فمخيرون في انسابكم وكانوا يقولون أيضاً ماذا تعرفون عن افريقيا وما علاقتكم بها حتى تطالبون الناس بايقاظ اصولهم الافريقية، اما الآن فقد اصبحت تلك الدعوة واحدة من مسلمات العقل السوداني ويمكنك أن تسأل اي مزارع او عامل مغترب «إذا لم يكن طبيباً متنكراً في أزياء العمال والمزارعين» فيجيبك ان عروبة السودان مسألة فيها نظر، وذلك دون أن يكون قد سمع بنا وبمحاولاتنا لتحرير ذواتنا من مرض السودان العروبي. ولذلك لا تراني استقتل في سبيل مسلمة من المسلمات وليس مهماً أن تهاجم الغابة والصحراء فلها مليون ــ ولا اقول الف من يدافع عنها إذ أنها تحولت الى إكتشاف جمعي بتأثير الهجرات السودانية الى الخارج وما تبع ذلك من زوال عمى الالوان الذي تعاني منه الامة بشكل عام. وقد اراد البعض ان يقوم بقفزة سلالية وينسب السودانيين الى العرق الافريقي الخالص واعتقادي أن الامر الاكثر جدارة هو مهاجمة العنصرية الجاهلة BIGOTRY التي تقوم على تحقير الآخر والتقليل من انسانيته ومطالبة السودانيين الشماليين بالاعتراف بما اقترفوا في حق الناس والثقافات المغايرة والاعتذار عن ذلك علناً وعلى رؤوس الاشهاد وترجمة ذلك على صعيد السياسة والتوظيف الى تعويضات بالثروة وبالمنصب AFFIRMATIVE ACTION كالذي يحدث في جنوب افريقيا وكان يحدث في الولايات المتحدة الى وقت قريب، واذا قدر للجنوب أن ينفصل عن الشمال فسوف تظل للجنوب استحقاقات على الشمال توجب عليه اغداق المساعدات له.

لقد لاحظت في تجوالي في العالم ان المثقف السوداني يكتشف في خارج العالم العربي أن الثقافة الشمالية لا تثير الاهتمام.. ليس لنا رقص معبر او مثير للحراك ليست هناك موسيقى تألفها الاذن الاجنبية.. اشعارنا عند ترجمتها تتحول الى هراء وفي الرواية ليست لنا سوى رواية الطيب صالح اليتيمة، ويسبب ذلك إغراء كبير بتقمص الافريقي بوصفه رنيناً متميزاً ومقنعاً في حد ذاته وأنا اعرف أن ذلك كذب محكوم عليه بالفشل ولابد للمرء ان يتعرف على افريقيا بصورة اعمق ليعرف أنها ليست نمطاً وإنما باقة الوان.. هنالك افريقيا جنوبية وافريقيا وسطى هنالك افريقيا السافنا وافريقيا الغابة يقول لك السنغالي أنه لا يفهم ابناء الغابة.. والكيني يقول لك أنه لا يفهم الزائيريين. كلهم مخلوقات راقصة مغنية تصنع التماثيل وترسم بخطوط جريئة رسوماً لمخلوقات مبالغ في إظهار تقاطيعها كأنما بجهد مقصود للتشويه. ومحاكاة البعض للافريقانية تختلط ايضاً بما يلتقطونه من فتات المائدة الثقافية للسود الامريكيين ظناً منهم أن فهرس الافريقانية يشتمل ايضاً على موسيقى الجاز والبلوز وتلك الالفاظ الذي تنسبها اقلام التنميط الثقافي. اخذ البعض على الغابة والصحراء استبعادها الجنوب وذلك حق فما يصح عن شمال السودان لا ينطبق على جنوبه والجنوب ليس هجيناً كما ان الشمال هجين بل هو افريقي كامل الافريقية ولا اعرف واحداً من شعراء الغابة والصحراء قال بغير ذلك وكل مقولة «الغابوصحراويين» تنحصر في هجنة الشمال الثقافية.

نعم ينطوي ذلك على نظرة تجزيئية للوطن ولكنها تستهدف التقريب بين الشقين بتأكيدها على الارض المشتركة بينها وكما أنها دعوة لإستكشاف الاصول الافريقية فهي ايضاً لإستكشاف الاصول العربية في ذلك الخليط الثقافي.. هي خطوة للتقريب واذا اقترن ذلك بدعوة مخلصة لانصاف الثقافات الاخرى وبذلك فالغابة والصحراء لا توقظ كوامن عنصرية بقدر ما تسهم في تبديدها.

.......

عبد الحي كان يتعامل مع سنار كمنبع من منابع الروح واظنه كان على علم بكل نواقصها، فلم تكن حضارة باهرة ولم تخل من آفاق القرون الوسطى من استرقاق وشعوذة ونخاسة مثلماً أن حضارة الفراعين لم تخل من الشعوذة وتسخير ألوف الخلائق لبناء إهراماتها الباهرة إلا أن ذلك لا يمنع المثقف من التعامل معها «كمنبع حضاري» وينطبق ذلك على حضارة السومريين والآشوريين والنوبيين وغيرهم من حضارات العالم القديم، وعلى المرء ان يستوطن تاريخه ويمنعه من التأثير على حاضره ومستقبله في الجانب الفني أريد أن اقول الغابة والصحراء ابتلعتها رمال القبول السريع مثلما ابتلعتها صحراء الرفض السريع، فقد كنت افهم أنها بصدد نحت بلاغة سودانية من جانبها الوظيفي كتعبير عن بيئة السودان وناسه واشيائه، وقد رددت مراراً أن اللغة العربية لغة بيضاء وعلى أحسن الفروض لغة سمراء ولا تستوعب الانسان السوداني الا اذا قام شعراؤه بتطويعها لاداء المعاني المعبرة عنه ولكن القبول السريع ونكوص الجيل الثاني عنها اوقف ذلك المجهود التجديدي والقى في البديهيات وربما كان افضل منا جميعاً أولئك الشعراء الذين كتبوا بلغة الشعب فارتفعوا بلغة المخاطبة ونحتوا منها ما استطاعوا من الجمال.

نحن الذين قلنا بأن السودان بعض زنجية وبعض عربية اصبحنا نستحق السباب أكثر ممن قال بعروبة كاملة.

ان تاريخ السودان لم يبدأ بالغابة والصحراء، فهناك إرث ثقافي قبلها، وهنالك إرث ثقافي بعدها وعلى الرجل المنصف النزيه ان يقارن بين الحالين الحاضر والماضي ويستحضر العبر.

الهوية القومية ليست أمراً يخضع للتخطيط على طريقة الاقتصاد الشمولي فهي كائن حي شديد المزاجية وكالانهار تختلط مساراتها كما تشاء فقط حقق لها ظروف العدل والاستقرار ودعها تنمو كما تشاء. اذا انت قلت ان السودان بعض زنجية وبعض عربية فتلك قراءتك للواقع التي قد تصدق أو تخيب.

كتب فرانسيس دينق الى مصادر علمية ان هوية المرء هو تصوره لتلك الهوية ولو كان ذلك غير مستند الى الحقائق والمعطيات.. يعني إذا افترضت انك عربي وتصرفت على ذلك الاساس فانت عربي حتى ولو كنت اسوداً مشفرة نصفه كما قال المتنبي في احدى كبواته. بكلمة اخرى ليس لك أن تصحح هوية الآخر واذا اراد أحد الشماليين ان يقول انه افريقي فذلك من حقه اولاً بحكم هذه الحرية وثانياً لأنه ليس كاذباً في دعواه فنحن ابناء القارة مثلنا في ذلك مثل الآخرين إلا أن هنالك طريقاً ثالثاً طلبنا ونطلب له احترامه لدى الآخرين هو طريق الآفروعروبية التي هي خلطة ذينك العنصرين.

ü دبلوماسي وشاعر ومفكر سوداني من رموز «الغابة والصحراء» مجلة دراسات سودانية العدد 14 ديسمبر 2000م من حوار اجراه معه صلاح شعيب

Post: #91
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 04-25-2004, 08:51 AM
Parent: #1

و مواصلة للنقل و اللصق من نفس عدد الأضواء وملحقها


ملف الغابة والصحراء الجزء الثاني

مدرسة الغابة والصحراء في الشعر السوداني

اعداد: احمد طه الحسن

برز تيار الغابة والصحراء في جامعة الخرطوم عام 1962م كنموذج وليد لاحساس سوداني صميم وإستدعى بعضهم صوراً فنية فريدة من خلال علاقتهم بالثقافة الغربية وقراءتهم العميقة للتراث العربي.

بدأ محمد المكي والنور عثمان في المانيا وصلاح احمد ابراهيم في غانا ويوسف عيدابي في قصيدته «ابو دليق» عام 1963م ومصطفى سند في ام درمان في قصيدته «اصابع الشمس» ومحمد عبد الحي في رائعته «العودة الى سنار» عام 1963م.

كتبوا شعراً فيه ملامح مشتركة واختلاف عميق في العناصر المكونة لرؤاهم الشعرية، وأثار بزوغ هذا التيار جدلاً لايزال قائماً لأنه قرع طبلاً افريقية افزع هدأة الصحراء، فالثقافة في السودان ذات جذور عربية اصيلة مرتبطة بالواقع السوداني ومتكئة على تراث صوفي ولغوي نغيم.. لكن النهر لا يكف عن الجريان إذ قفز تيار الغابة والصحراء.. فوق كل ذلك وظهر كصوت جديد يثير دعوة البحث عن الهوية الجديدة التي تتصل بصميم الذات السودانية.. تتحسس جذورها ولا تنفلت من ماضيها وتستشرف مستقبلاً تذوب فيه كل التناقضات في واقع ثقافي يعترف بالآخر، ويعتد بهذا التميز مزدوج الهوية الذي يمنح الخصوصية ومن ثم يفرض واقعاً جديداً للناتج الثقافي لا يطغى فيه صوت احد على الآخر وتتعدد فيه الاصوات دون أن تستفز الحس القومي بنشاز.. يذوب فيه صوت الطبل والبوق وأهازيج الغاب مع المظاهر الاخرى القادمة من خلف الصحراء كحلقات الذكر وحداء القوافل وايقاع المصمودي لتغلب السماحة على علاقة ابناء الوطن الواحد، متعدد الثقافات والجذور والرطين.. من الممكن ان يغني بلسان ويصلي بلسان دون ان يؤذي غيره بصلاته.. او بغنائه. جاء الاحتفاء بمدرسة الغابة والصحراء وسط الاوساط الثقافية حينها بفرح.. حفي باكتشاف الذات، اعتبره البعض صوتاً متمرداً وحاولوا استغلاله وصبغه وتشويهه، لكنه بقى شعراً فطرياً يخلص للرؤى القديمة السابحة في وجدان الامة.

عندما استلهم الشاعر عبد الحي «سنار» اراد أن يقول أنه ليس بدوياً خالص البداوة، ولا هو زنجي محض الزنوجة وإنما هو المزيج الذي ولد من كليهما كما كانت سنار القديمة تأكيداً لهذا المزج الرائع بين العنصرين.. كانت سنار عنده براءة وفرحاً شكل ضمير أمته واستخدم لغة القبيلة وروح الاسلاف بعد أن خلص اللغة عنده من عقدة اللغة الثانية فجعل منها لغة مقدسة تجسدت في شعره وشعر رفاقه ــ النور ــ وود المكي.. وصلاح اخو فاطنة.. والمك علي وسند.. وبقية العقد الفريد.

استوحوا عالمهم الخاص بشعائره وطقوسه.. بغموضه واساطيره .. بخرافته ورموزه، وعبروا عن كل ذلك البهاء والبكارة بشعر قويم بلغة عربية رصينة بتصميمها وموسيقاها وإنسجامها وخصوصيتها.

يرى النقاد وبعض من رموز هذه المدرسة أنها كانت سباحة ضد التيار وإنكفاءة على ثقافة على حساب اخرى وتجنياً على الثقافة الغالبة التي شكلت وجدان الامة.

إرتبط معظمهم بجماعة «ابادماك» هذا التيار الذي اعطاه رواده اسم «الإله الاسد» في مملكة مروي القديمة التي إستطاعت أن تتميز بلغتها وثقافتها واناشيدها عندما إنفلتت من ثقافة الفرعون وتحللت منها بثقافة مروية سودانية لا يشاركها أحداً في خصائصها وملامحها المتميزة حتى الابادماكيون اثاروا جدلاً ولم يسلموا من النقد.

نستعرض في هذا الملف خصائص مدرسة الغابة والصحراء شواهدها اهلها.. نقدم ما لها وما عليها باصوات رموزها مع نماذج مختارة من شعرهم.

احمد طه

شهادة الاستاذ كامل عبد الماجد
مدرسة الغابة والصحراء التي كان الشاعر الفذ محمد عبد الحي احد مؤسسيها فكراً وشعراً ووعياً وقراءة عميقة لتشكيلنا كأمة مزيجها البشري زنجي وعربي وتحت ظلاله تتبلور ثقافتنا وموروثنا الفريد، نحن أخذنا من العنصرين أجمل ما لديهما لذا ترانا نختلف اختلافاً بيناً عن العرب والافارقة. بما تجذر فينا من نسيج اخذ من العنصرين، ونأمل أن يخرج إبداعنا في كافة ضروب العطاء عبر بوابة الوعي بالغابة والصحراء في دواخلنا.


و أحمد طه الحسن عضو معنا هنا في المنبر فيا ليته يدلي بدلو في الموضوع

Post: #92
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 04-25-2004, 09:00 AM
Parent: #1

و هنا لصق أخير
لبعض قول عبد الله علي إبراهيم في الغابة و الصحراء / من نفس عدد الأضواء أو ملحقها..

الغابة والصحراء
هجنة مصطنعة وغير واقعية

د. عبد الله علي ابراهيم

الغابة والصحراء هي هجنة مصطنعة وغير واقعية. مجموعة من المثقفين كانت مؤرقة بهموم الهوية والصراع بين الشمال والجنوب والصراع بين العروبة والافريقية والصياغات التي تمت في حركات التحرر في العالمين العربي والافريقي في ذلك الوقت.

قررت هذه المجموعة أن تخلق كيمياء معينة تقول أن السودان نشأته في الاصل عربية افريقية أو «خلاسي» كما قال محمد المكي ابراهيم، وأننا سنعيد انتاج مملكة سنار التي كانت ثمرة تزاوج العرب الوافدين مع الافارقة فأنا اعتقد أن هذا ميثاق وفرح شمالي فقط، واعتقد أن الجنوبيين في الجانب الآخر لا يرون مثل هذا الرأي ويعتقدون أن ثقافتهم مستقلة وأنهم لم يهجنوا بعد.

نحن مسلمون حقيقة ونحن عرب حقيقة يعني أن لغتنا قائمة على النحو العربي وعلى الصوت العربي وإن كانت استلفت بعض المفردات النوبية وغيرها ولكن لا يمكن تهجينها بهذه الصورة، أي لغة يمكن ان تستعير مفردات من الوسط حولها وهو ما حدث للعربية في السودان ولكن لا يعني هذا إنها خرجت عن اصلها وعن ديباجتها العربية.

في تقديري أن رموز الغابة والصحراء لم يكونوا متشبعين بثقافة عربية اسلامية وإنما بثقافة غربية إستشراقية وهي ثقافة اتضحت في كتاب برمنجهام «الاسلام في السودان» فعندما ترث مدرسة كل هذا الاستشراق فيكون نتاجها بهذه الصورة ولذلك اسميتها الغش الثقافي مما اغضب المرحوم محمد عبد الحي.

اذا انت لم تدرس الأمر دراسة دقيقة ولم تتحر الصدق واخذت عناصر من هنا وهناك وركبتها مع بعضها البعض ولم تتحر مصلحة الطرف الآخر ولم تسأله رأيه فماذا تسمي ذلك؟ لأنه في الوقت الذي كانوا يدعون فيه الى السنارية، كان هنالك شعراء آخرون من الجنوب على سبيل المثال يتبرأون من هذه الفكرة ويقولون صراحة «نحن لسنا منكم» كما أن تيار الغابة والصحراء في اساسه كان يمثله في الغالب بعض الشعراء مدفوعين بدوافع عاطفية ولم تساعدهم رؤاهم الفكرية على تحري الضبط في هذا الأمر من ناحية، ومن ناحية أخرى انهم لم يستشيروا اي طرف من ممثلي الثقافات الاخرى حول جمال مشروعهم، فاصبح له البريق والرونق وضلل الناس عن ضرورة تفكيكه والنظر في جذوره، ونجد مثلاً محمد المكي ابراهيم يشير صراحة الى فكره الافريقي الراقص، هذا تحامل عجيب سواء كان من الاستشراق العربي أو الإستشراق الاوربي فكل هذا تأتي به وتقول أن هذه فكرة اسلامية وهذه فكرة عدوانية فكأنما جئت تحمل كل التحامل وغلفته بعبارات اسلامية انا فعلاً دافعت عن افريقيا مقابل التصور وهو التصور نفسه الذي جاءت به مجموعة الغابة والصحراء وطبعاً محمد عبد الحي «إرتد» عن فكرة الغابة والصحراء وقال أنا عربي وما عاد مشروع الغابة والصحراء يناسبه وقال «أنا عربي».

ابادماك هو الإله النوبي القديم وإستظرفنا فكرة أن لديه ثلاثة وجوه كل وجه منها يحمل قيمة من القيم وكأنما اردنا أن نقول أن هذا ما يمثل الثقافة السودانية بتعددها ولكن الفكرة قوبلت بالإستنكار والإتهام بالوثنية ولكنها كانت تعبر عن الثقافة السودانية وعن ان الثقافة السودانية اشمل واقدم مما تظنون وأن اية خطة سياسية وثقافية لاحقة يجب أن تضع هذه الاشياء في الإعتبار، واعتقد أن الفكرة كانت نوعاً من التدخل السياسي الثقافي للحد من خطورة الهجمة التي قادها الاسلاميون.

ü مفكر سوداني واستاذ جامعي بامريكا ـ في حوار صحفي بجريدة اخبار العربي 11 يوليو 2001م

Post: #94
Title: Re: اخي هاشم الحسن..احيك علي هذا المجهود
Author: Agab Alfaya
Date: 04-25-2004, 06:11 PM
Parent: #1

لا املك الا ان اشكرك علي اثراءك للنقاش بهذه المادة المهمة جدا
وابقي عشرة علي حوار دكتور عبدالله المنشور بجريدة اخبار العرب بابوظبي
سيكون حوله بعض النقاش لان فيه تكرار للافكار الواردة في ورقة تحالف الهاربين،
اسمح لي ان احي اخي وصديقي السمؤال ابوسن الذي اجري الحوار

وارجو ان اعود للتعليق علي مداخلتك الاصلية

اكرر شكري واحيك علي حيادك في زمن اصبح فيه الحياد من الامور الصعبة جدا،

Post: #98
Title: Re: حي عني شيخ العرب و أدعه لهذا البوست
Author: هاشم الحسن
Date: 04-26-2004, 04:45 AM
Parent: #94

حُييت يا منعم
ونعم، هذا الجزء من حديث د.عبد الله هو بعض من الحوار الذي اجراه السمؤال و أذكر إني نقلته من موقع الأخ ياسر هاشم خليل عن كسلا وألصقته كاملاً في بوست (أبادماك)..ولما لم أتذكر ذلك بليلة الأمس، فقد ألصقت ما في أرشيفي من ملف الأضواء التي يبدو أنها قد نشرت بعض الحوار مما يتعلق بالغابة و الصحراء..تشكر على الإشارة..
حصل خير..السمؤال يعرف إني لا أغمطه حقاً أو أسلمه بدرع..
و على ذكر السمؤال أبو سن..الذي هو عندنا (شيخ العرب)

و (أزرق طويل الباع)

كماهو فتى علم و معرفة مما بمثلها يمتد ثراء هذه المناقشة ...فهلا دعوته لنا مشاركاً بالإضافة الحيّة إذ هو عضو مُقِل في المنبر، جراء تحريه الوثوق لا يفتأ..عليك بالتلفون، فهو جارك..
و شكراً لكما

Post: #95
Title: Re: مداخلة من محمد المكي ابراهيم
Author: Agab Alfaya
Date: 04-25-2004, 06:23 PM
Parent: #1

وصلتني هذه المداخلة من الشاعر الكبير واحد رموز الافروعربية
او الغابة والصحراء، الاستاذ محمد المكي ابراهيم،
تحتوي المداخلة علي تصويب بعض المعلومات الواردة في هذا النقاش.

------------------------------------------------------
أربعة تصويبات

حياك الله يامنعم

إنني كما تعلم صائم منذ أربعين عاما عن الخوض في مسائل الهوية وما يتعلق بالغابة والصحراء.ولكنك تطرح هذا الموضوع بفرادة واقتدار ولا تحتاج مني للنصرة أو المدد فرب رجل كألف ورب ألف كأف..
ككل المناقشات لابد أن يكون في مناقشتكم هذه أخطاء في الوقائع وهذه اسمح لي أن اقدم فيها بعض التصويبات أما أمور الرأي فلا شأن لي بها فالحرية مكفولة للجميع.

التصويب الأول لخطأ :ورد في صدر مقالة الدكتور عبد الله في قوله إنني زرت ألمانيا بدعوة من جمعية الصداقة الألمانية (وطبعا على نفقتها)وليس ذلك صحيحا فقد قامت عائلتي بتمويل الرحلة فاشترت لي تذكرة الذهاب وبقيت معي نقود صغيرة إعاشتي الأسابيع الأولى ومن بعد ذلك اعتمدت على عملي في ألمانيا في تذكرة الاباب ونفقات الإعاشة . والداعي لهذا التصويب أن من يظنني ضيفا على الجمعية يستطيع أن يقفز بسوء ظنه إلى أنني بقيت بألمانيا مستمرئا تلك الضيافة. وواقع الحال أن تلك الشهور كانت تجربة في شظف العيش ومكابدة حياة البروليتاريا القاسية وقد كتبت في ذلك شعرا كثيرا لم أنشره.
التصويب الثاني:يتعلق بما ورد في مقال الدكتور من اننا تلقفنا فكرة البدائي النبيل من قراءاتنا الإفرنجية وهذا كلام لا سند له ففي حياتي لم اكتب كلمة تشي بمثل ذلك الاعتقاد بل على العكس قرأت الكثير في نقد الفكرة وتبيان اصلها الكولونيالي.واحب أن أسجل أنني ضمن قلة ممن قرأوا كتابا بعنوان المتوحش النبيل لرسام بريطاني زار السودان عام 1936 واستهجنت تفكيره كثيرا .ولعل الكاتب استظرف اطلاعه على تلك الفكرة وأراد الإفادة من ذلك فالصقها بنا إظهارا لحسن اطلاعه.. وقد احتسبها البعض المعية وعمقا في التفكير ولكنها فكرة شائعة مبثوثة في مؤلفات الغربيين . وإذا كان الغرض من ذلك إظهاري بمظهر الواقع في حب الجنوب افتتانا دون معرفة فذلك قول مردود فقد عرفت وصادقت طلابا جنوبيين منذ مطالع الصبا بحكم نشأتي في الأبيض وسفري الكثير إلى المجلد وابيي(راجع كتابي ظلال وافيال- إذا تسنت لك نسخة منه) والاعتراف بالمكون الأفريقي في هويتنا لا يحتاج إلى الهيام بالجنوب والجنوبيين بل هو تجرد مفصح واعتراف بالحقيقة التي يسعى الكثيرون إلى تغييبها بحجة نقائهم العرقي وارتفاع أنسابهم إلى العباس وبنيه.وكان صديقنا المرحوم الفاتح التجاني (رحمه الله) من أوائل من عاتبونا عن مقولتنا في الدم الأفريقي في كلمة له منشورة بالرأي العام قريبا من عام 1963-إن الاعتراف بان جدتك من الفور أو النوبا او الدينكا لا يحتاج منك أن تكون مفتونا بحب الجنوب وان ترى أهله بدائيين نبلاء.وليس في آثار مدرسة الغابة والصحراء أيام حيويتها ما ينم عن نزعة كهذه بتاتا-لاعندي ولا عند زملائي شعراء الغابة والصحراء.

التصويب الثالث:يتعلق بكلمة للناقد والشاعر أسامة الخواض يقول فيها أنني توهمت أن للجنوب ثقافة واحدة وليس عدة ثقافات.وكان جديرا به من باب حسن الظن أن لا ينسب إلى شيئا كهذا فحتى طلاب المدارس يعرفون أن في الجنوب خمسمائة لغة قبلية وان فيه نيليون واستوائيون.أما عن شخصي فقد زرت الجنوب وأنا في سن السادسة عشرة وعشت في مناطق تماس مع الجنوب والجنوبيين.ومن بعد ذلك عملت في أفريقيا وزرت الغالبية العظمى من أقطارها واجتمعت إلى الكثيرين من قادة الفكر والسياسة فيها.واستطرادا أقول أن السوداني الشمالي(على كونه خلاسيا هجينا) إلا انه أفريقي بالكامل وليس اقل قبولا لدى الأفارقة من السوداني الجنوبي أن لم يكن اكثر.
التصويب الرابع:أنني منذ صدور كتابي الأول عن أصول الفكر السوداني لم اعد للكتابة في موضوع الهوية أو موضوع الغابة والصحراء ولم أحاول الحصول عنها على براءة اختراع والواقع إنني كنت أجد الموضوع مثيرا للضجر وفيه الكثير من سلخ جلود الناموس ولم يشجعني على المتابعة والخروج عن صمت أربعين عاما سوى كتابات الأستاذ عبد المنعم عجب الفيا التي اعتبرها تطويرا حقيقيا للبدايات الأولى التي حاولنا إرساءها.
لقد بدأنا التفكير في هذه الأمور في ألمانيا عام 1962 مع النور عثمان ثم قمت بنقل تلك النار (غير المقدسة) إلى الخرطوم عام 1963 مع المرحوم عبد الحي والشاعر يوسف عيدا بي ومن بعد ذلك جرى ما جرى واختار بعضنا الصمت بينما اختار البعض أن يتخلى عن الفكرة. ولا يعني هذا الصمت أننا بقينا على غرارة الأيام الأولى ولم تتطور مرئياتنا للواقع السوداني أو معلوماتنا عنه. أما الآن فان تلك البدايات قد انضمت إلى المياه الجوفية للثقافة السودانية ووقعت في أيد أمينة مقتدرة تنافح عنها وتبلورها وتطورها وتضعها في خدمة السلام العرقي والثقافي للسودان.جزيت عن الثقافة السودانية كل خير يا عبد المنعم عجب الفيا.
محمد المكي ابراهيم


Post: #96
Title: Re: شكرا استاذي محمد المكي
Author: Agab Alfaya
Date: 04-26-2004, 04:14 AM
Parent: #95

لك التحية والتجلة استاذي محمد المكي

لقد قمتم بعمل عظيم وكل يوم يمر تتكشف عظمة ما قمتم به من عمل

وقد اعجبني تعبيرك ان المجادلة في هذه البديهيات من قبيل :

سلخ جلد الناموسة !

فالواقع خير برهان،والحقيقة تحدث عن نفسها كما يقول الانجليز

اما نحن يا سيدي فليس لنا فضل في ذلك وكله من عطائكم،

ولا املك الا ان اشكرك علي ما تفضلت به من كلمات في حقي

جزاك الله عني وعن الجميع مزيدا من الفضل ،بقدر ما قدمت لامتك

ودمت.

Post: #97
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-26-2004, 04:26 AM
Parent: #1

سعدت جدا بمداخلة شاعرنا الكبير محمد المكي ابراهيم

وفيها حاول ان يصوبني حين قال :
" التصويب الثالث يتعلق بكلمة للناقد والشاعر اسامة الخواض يقول فيها انني توهمت ان للجنوب ثقافة واحدة وليس عدة ثقافات
وكان جدير به من باب حسن الظن الا ينسب الى شيئا كهذا فحتى طلاب المدارس الخ "

ارجو شاعرنا ان يكون صدرك رحبا

فنحن لا نتحدث عن اشخاص بقدر ما نتحدث عن ظاهرة ثقافية من حق كل الاجيال ان تقاربه وهذا قانون عام لا يسلم منه اي جيل
فمن حق الاجيال الراهنة واللاحقة مثلا ان تقارب تجربتنا

انا اعتقد -كما قلت سابقا- ان الغابة والصحراء تيار تبسيطي ووقع ضحية لطغيان الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي الذي كان يتبنى مفهوم "البدائية"

وكما قلنا سابقا فان مفكرا بقامة محمود محمد طه لم يسلم من طغيان الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي من خلال تبني الاستاذ لمفهوم البدائية

كما ان تيار الغابة والصحراء لم يسلم من طغيان الخطاب الاداري البريطاني الكولونيالي في السودان

وقد تحدث شاعرنا عن حسن الظن وكان مسالة تحليل الخطاب هي مسالة تخضع فقط للنوايا الطيبة

وما قال به امر بعيد عن المقاربة المعاصرة حول تشكل الخطاب والتي ابتدرها ميشيل فوكو وطورها ادوارد سعيد
ذلك ان تشكيل الخطاب في الاساس يرتبط بعلاقة التناص وايضا الاستبعاد والنفي في الطرف الاخر

في الاساس فان الخطاب النظري لتيار الغابة والصحراء بسيط واختزالي
ولذلك كما قال شاعرنا في مداخلته التي نقلها العجب ان المؤسسين لذلك التيار اما اختاروا الصمت او تخلوا عن الفكرة تاركين الغابة وهي تحترق

ولم يخرج شاعرنا من صمته الاربعيني الا بعد ان شعر خطا ان هنالك من يناصره
وذلك بعض من ذهنية بعض مبدعينا الذين يحبون الطبطبة ويسمعون كلام البضحكم على الببكيهم
وهذا خسران كبير
ومدعاة لمعاتبة النفس

وساعود للحديث عن مفهوم "البدائية" في الخطاب النظري التبسيطي لتيار الغابة والصحراء

وايضا عن مال القراءة الخاطئة من خلال ورقة الفيا كمثال على ان تبرير القراءة الخاطئة لا يمكن ان يقود الا الى اعاده انتاج الخطا

ومثل ذلك كمثل الماشي في الدقداق

وساعود
ارقدوا عافية

المشاء

Post: #99
Title: Re:هاك التحفة دي يا هاشم ..تذوق الجمال الازرق
Author: Agab Alfaya
Date: 04-26-2004, 05:10 AM
Parent: #1

تذوق الجمال الأخضر

د0 جعفر ميرغني

على أيام الصغر أذكر ونحن في المدرسة الأولية إذا سئلنا عن جنسيتنا نفرنا من أن نقول " سوداني " لأننا كنا ندرك أن هذه الكلمة قبل أن تكون نسبة قومية هي صفة فيها مس من العنصرية لأن " الرجل الأبيض " هكذا رتب الأمور في أذهان الناس ، أن السود أقل رتبة في درج الحضارة ومقامات الإنسانية ، وأن البيض هم الأرقى ، سادة العالم وبناة الحضارة ، وأن في كونهم بيضا وكوننا سودا سببا من أسباب التفوق .

كنا نظن أن اسم السودان نفسه أسقط علينا من قبل المستعمر على أيام التركية وعلى أيام الإدارة البريطانية المصرية ثم لما تقدمت بنا السن ونعمنا بكرامة الاستقلال وجعلنا نتلمس أصول الثقافة السودانية ونسبر غورها وجدنا أن هذه التسمية قديمة قدم الثقافة السودانية نفسها ضارب إلى السواد . وأنهم كانوا قد أسسوا رأيا قويا وجازما يساند تذوق الخضرة والسمرة والصفرة وسائر مشتقات الألوان الداكنة وهو ما نعرض له ونناقشه في هذا المقال .

كانت البلاد على أيام الفونج تسمى السلطنة " الزرقاء " والزرقة كما هو معروف في كلامنا العربي هنا تعنى " السواد " أما الموروثات القديمة للتسمية فأن العهد القديم من الكتاب المقدس يدلنا على أن البلاد من أيام نبي الله موسى بن عمران كانت تسمى " كوش " .

أذكر من نصوص العهد القديم هنا " ترهاقا ملك كوش " هكذا في النص العبري من الكتاب المقدس ، وفي الترجمة الإغريقية التي أخرجها قديما سبعون حبرا من أحبار اليهود نقلت كلمة " كوش " إلى " أثيوبيا " وقد دل ذلك دلالة بينة وقاطعة أن كوش معناها في اليونانية " أثيوبيا " وأثيوبيا في اليونانية مأخوذة مـن " أثيوب " التي تعنى الشخص الأسفع في كلام العرب ، أو الذي ضربته الشمس حتى أحالت لونه إلى السواد .

كوش اذن معناها الأسفع ، ولو تفكرت معي في بعض مشتقات الكلمة في العامية السودانية الحية لوجدت أن اللفظ له صلة بالتعرض لوهج الحر والاحتراق فالبصلة التي تقلي في الزيت الحار تسمى " كشنه " وعليه في النوبية يسمى النبات الذي يستخرج منه زيت القلية " كوشيه "والكمينة التي تحـرق المخلفـات تسمـى " كوشه " ومن أمثالهم " وريه المكشن بلا بصل " .. يعنى أقله قليا ..

فقد جاءت كلمة السلطنة الزرقاء في عامية السودان العربية اذن ترجمة لكلمة كوش في لساننا القديم مثلما كانت أثيوبيا هي التعبير اليوناني المقابل لكوش أما العرب من خارج السودان فيسمون ما نسميه نحن " أزرق " بالأسود وعليه قالوا في تسمية بلادنا السودان ولم يكن اسما وضعوه علينا بقدر ما هو تعبير بلهجتهم عن الاسم الذي كان قد اختاره أسلافنا وأسلاف أسلافـنا " كـوش " ثـم " السلطنة الزرقاء " .

كثير من عناصر الثقافة النوبية عندنا وفي غير بلدنا ، الأصل في نشأتها البيئة الطبيعية مثل اختيار الملابس المناسبة للطقس ثم تصبح الملابس لطول استعمالها عنصرا ثقافيا يتمسك به أهله حتى لو انتقلوا من بلدهم إلى بلد آخر يختلف في طقسه ومناخه وبالتالي يحتاج إلى لونية مغايرة .

وكثير من عناصر الثقافة قد ينسى السبب الأول في اختيارها وتثبيتها ثم يدعو حب الاستطلاع الطبيعي عند البشر إلى طرح السؤال عنها وعن بدايتها كيف كانت فإذا فشل الناس في الإجابة عنها تاريخيا فأنهم لم يعدموا الإجابة عنها من باب الإبداع القصصي ، والخيال الفني إلى لم إن لم يصب كبد الحقيقة في الوقوف على العلة الأولى للحدث فأنه يتوخى أصحابه ما يناسب مدارك الجمهور ويرضى ذوقهم ويستجيب لمشاعرهم بل ويسعى لتعزيز المشاعر القومية بتحريك وجدان الفرد للتجاوب مع واقعه حتى لا يكاد يقبل الأمور إلا إذا جاءت على شاكلة هواه ، وهنا يدخل العنصر الثقافي في مرحلة جديدة من تمثيل المجتمع له .

مرحلة تجعل من تفسيره وإن كان لا يستند إلى تاريخ دقيق قولا يتوارثه المجتمع ويعتقد فيه الصحة ، ثم ينشئ عنه خيارات شتى وهذا ما حدث بالنسبة لنا في موروثات الألوان وتفسيرها .

جاء في الأساطير السودانية القديمة حسب ما نقله الإغريق الأوائل أن البلاد السودانية إنما سميت " أثيوبيا " نسبة إلى جد السودانيين الأعلى " أثيوب بن بركان " وقد فسرنا أثيوب معناها الأسفع وأما بركان فهو عندهم اسم لاله " النار " أو " الحر " فهي اذن نسبة ما ، إلى الشمس وكان ذلك مطابقا لصنيع ملوك كوش الذين قلما كان الواحد منهم يذكر اسم أبيه فكان يقال لهم " أبناء الشمس " وإذا تذكرنا أن الشمس كانت أقدس المقدسات في تلك الديانات القديمة عرفنا أنها نسبة رفيعة بل ومقدسة .. أن يقال للملك هو " سليل الشمس " .

إذا كانت اليونان قديما نسبتنا إلى " أثيوب بن بركان " فإن أنساب العبرانيين المنقولة في الكتاب المقدس تنسبنا إلى " كوش بن حام " . وإذا كان كوش في العبرية يقابل " أثيوب " فان حام بلا شك يقابله " بركان " وأنت إذا تأملته تجده كذلك فإن جميع مشتقات حام تدل على صلة بالحر والحريق تقول حمى – حمس – يصلى نارا حاميه – ولو ترجمنا ترجمة حرفية يكون اسم الجد الأعلى في تلك الأدبيات هو " الاسفع بن الاتون " والأنسب في الترجمة حسب لساننا العامي المعاصر أن تقول " الأخضر بن الشمـس " أو " الأزرق بن الحــر " .
وكلا اللفظين " أخضر " و " أزرق " مستعملان عندنا بتوسع لوصف من كان لونه كألوان السودان وكلا اللفظين " أخضر " أو " أزرق " لا يدل على انتقاص في الموصوف ففي أسماءنا " الأزرق " وفي ألقـاب المشايـخ " أزرق توتـى " و " أزرق طيبه " و " السلطنة الزرقاء " كما ذكرنا .

أما الأخضر فإنه لفظ بارز في قاموس شعار الغزل ووصف الجمال وقد صادفت غير مرة من يستغرب من إخواننا العرب بل ومن السودانيين وصف إنسان بأنه أخضر وقد فات على هؤلاء أن الخضرة في اللغة العربية الفصحى تعنى السواد وكل لون ضارب إلى السواد يجوز لك أن تصفه بأنه أخضر .

ومثلما يقال أخضر بالضاد يصح أيضا أن تقول " أخدر " بالدال . كذلك تقول أمهات كتب بالعربية . جاء في لسان العرب أن " الخدر " و " الخدره " بالدال هي الظلمة الشديدة ويقال " ليل أخدر " بالدال وأخضر بالضـاد . قـال : و " الخداري " السحاب الأسود . ويقال " بعير خداري " يعنى أسود وفتاة خدارية ويقال للبلحة التي تقع من النخلة قبل نضجها " خدره " وهي " الدفيقة " .

ومع توفر هذه المادة بمعانيها في كلام العرب ووجودها في حقيقة حياتهم إذ كان الغالب على ألوانهم قبل التمازج بفارس والروم والسواد والسمرة – لا تكاد تجد ذكر الخضرة بارزا في شعر الغزل الفصيح والنسيب . وهو أمر غريب لكن لما كشفنا عنه وجدنا أن السبب فيه هجر النقاد والرواة لكثير من الأشعار القديمة التي أشادت بالخضرة بل وبالسواد التي لم يعد الذوق في غير بلاد الشمس المتوهجة يرتاح إليها .

جاء في شعر أبي ذؤيب الهذلي وهو جاهلي مخضرم :

يا بيت سوداء الذي يتحبب
ذهب الشباب وحبها لا يذهب

وحيثما وجد اسم " ليلي " في الشعر القديم فالغالب أنه كناية عن الخضرة .

أما العرب الذين دخلوا السودان مباشرة منتقلين من حر إلى حر فأنهم ظلوا يعبرون عن الخضرة إلى يوم الناس هذا ، وهذه أغنيات مليئة بذكر الخضرة التي هي في النظرة القومية غير المتأثرة بمؤثرات خارجية كانت أعدل الألوان وأحسنها .

ومن تتبع تصرفات المجتمع التقليدية المتوارثة يدرك جليا مدى إعجاب الناس بالخضرة وميلهم الفطري لها واعتزازهم بها .

كانت المرأة السودانية وهي خضراء اللون بطبيعتها تزيد من تكثيف السواد عليها فهي لا ترى من جسدها موضعا غير أخضر إلا غيرته بلون يضرب إلى السواد ومن ذلك أنها نظرت إلى راحات يديها ورجليها فرأتها بيضاء فغيرتها بالحناء . وقد لاحظنا أن النساء البيض في بعض البلدان المجاورة يتجملن بالحناء التي غالبا ما يكون لونها أحمر – أما هنا فلابد أن تطابق الحناء حتى يصير لونها على الجسد أسود .

ثم نظرت إلى شفتها السفلي فرأت فيها حمرة فضربت عليها الوشم وكذلك لثاتها حتى لا يعرف من شئ من جسدها بلون غير أخضر .

ولمزيد من تكثيف السواد ورغبة في " السفعه " كانت المرأة توالي الجلوس على " حفرة الدخان " كما نسميها . أما الذوق العام في الثياب فكان أحـب الألـوان " ثوب الزراق " المصبوغ بالنيلة وكان يعجب المرأة جدا أن تهد النيلة على جسدها فتزيده خضرة ولما تطورت الصناعة وجاءت الثياب الحديثة كان ثوب " الكرب " الأسود من أحب الثياب .

كان باتريك قنصلا لبريطانيا في الخرطوم في منتصف القرن الماضي وكتب مذكرات شيقة وكتبت زوجته التي كانت برفقته أيضا مذكرات عن تجربتها في الخرطوم فكان مما كتبته أن قالت : أن النساء السودانيات لطيفات وودودات وأنهن عاملنها خير معاملة ، قالت لكني كنت أحس دائما أنهن يرثين لي كثيرا بسبب بياض لوني وقلن لي أكثر من مرة " أنك جميلة جدا لكن لو كان لونك أسود أو أخضر لتم جمالك " .

هكذا أصبح السواد والخضرة آية الجمال والزينة ، حتى إذا أرادت المرأة أن تبين أنها حزينة أو رفضت الزينة كما هو الحال في الحداد اختارت أن يكون شعار الحزن اللون الأبيض لا الأسود .

ثم في الميل إلى الألوان الداكنة والارتياح لها فوق ما ذكرنا باعث نفسي وحسي يتمثل في أن الناس هنا يهربون من وهج الشمس دائما إلى الظلال وكانوا قديما يرملون البيوت من الداخل ولا يضربون جيرا أبيض ولا أصفر بل يدعون لون الرمل كما هو . كما أن سكان البلاد الباردة يسعون وراء الشمس سعيا فاللون الداكن ههنا يمثل واحة خضراء تستظل بها العين في بلد تغلب عليه الأضواء وتسطع شمسه الحامية .

لم تتغير النظرة التقليدية تلك في مسألة اللون إلا عند فئة قليلة من المثقفين على أيام الإدارة البريطانية المصرية وما بعدها بقليل وكان ذلك بسبب المؤثرات الأدبية والفنية التي جعلت أولئك يتذوقون الجمال الأبيض .. وهو ما عبر عنه كاتبنا المبدع الطيب صالح بموسم الهجرة إلى الشمال الذي اغتربت فيه آمال الشباب وأهواؤهم من أبناء تلك الحقبة وكثر بينهم السعي للحصول على زوجة بيضاء .

وهذا يدلك على قوة تأثير الفن والإبداع الأدبي في تغيير أذواق الناس ومع ذلك ظل الأدب القومي متمسكا بمذهبه في تمجيد معطيات البيئة المحلية والحديث في هذا الفصل يطول وقد يخرجنا عن جاده المقال وإنما أوردنا ما أوردنا منه لتأكيد ما للأدب من أثر في تكوين الذوق العام والتحكم في الاختيار . وبه نستطيع أن نتصور كم كان مؤثرا في نفسية الشعب السوداني ما توارثه عبر القرون من فلسفة متكاملة تركز قيمة الخضرة وتبعث على اختيارها فوق كل لون ومن وراء ذلك الحرص على الزواج من الداخل وكان هذا الذوق العام الذي كيف الحس الجمالي عاملا حاسما في التمازج فكلما تحركت دائرة النفوذ الثقافي السوداني جنوبا كان الناس أكثر استعدادا للاختلاط والتزاوج واحرص على اقتناء السلالة النقية " سلالة الشمس " .




ـــــــــــــــــــــــــــ
* نشرت بجريدة السودان الحديث - عدد الثلاثاء 12 يوليو 1994

Post: #100
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Omer Abdalla
Date: 04-26-2004, 06:02 AM
Parent: #1


الأخ الكريم أسامة الخواض
لاحظت في مساهماتك العديدة في هذا البوست تكرارك لنقطة لم استطع أن افهم مغزاها بوضوح .. فقد ذكرت في أول مداخلة لك بتاريخ 21-04-2004:
Quote: Quote: ان تيار الغابة والصحراء وقع ضحية لسلطة الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي –ذي التمركز الاوروبي- في تبنيه لمفهوم "البدائية".
ولم ينج من تاثير ذلك الخطاب مفكر انساني مثل الاستاذ محمود محمد طه وسنبين ذلك في حينه.

ويلاحظ أنك ابتدأت مداخلتك تلك بتنصيص َQuote مما يوحي بأن النص مثبت في موقع سابق لم أعثر له على أثر .. ثم كررت العبارة في نفس الرسالة حينما قلت:
Quote: ويعود ذلك في جزء كبير منه كما ا وضح ذلك مقال عبد الله على ابراهيم الى ان تيار الغابة والصحراء وقع ضحية لسلطة الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي –ذي التمركز الاوروبي- في تبنيه لمفهوم "البدائية".
ولم ينج من تاثير ذلك الخطاب مفكر انساني مثل الاستاذ محمود محمد طه وسنبين ذلك في حينه.

وتلاحقت مساهماتك الأخرى وفيها اصرار على تكرار العبارة من دون أن تقدم مزيدا من الشرح لها أو التدليل على صحتها.. فقلت في مساهمتك الأخرى بتاريخ 21-04-2004:
Quote: اما بخصوص مقال عبدالله على ابراهيم فاعتقد ايضا ان الورقة لم توفق في فهم منطق المقال القائم كما قلنا على فضح العقلية الشبه استشراقية للخطاب النظري لتيار الغابة والصحراء ووقوعه اسير الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي والذي لم يسلم من سلطته حتى الاستاذ محمود محمد طه


وأعدت انتاج العبارة بصيغة أخرى يوم 22-04-2004 حينما ذكرت:
Quote: وايضا اهمية الامر تنبع من ان العجب الى الان يتهرب من التعليق على ما قلته عن تاثير الخطاب الانثربولوجي الكولونيالي في الصياغة النظرية المتهاكلة لتيار الغابة والصحراء من خلال مساهمة محمد المكي ابراهيم تاثيرالخطاب الانثربولوجي حتى على" الخطاب المحمودي"


وأضفت:
Quote: اعتقد ان النور حمد تنبه الى ما قاله عبد الله على ابراهيم حول عسف الثقافة العربية الاسلامية ومساهمة الخطاب المحمودي في مناهضة عسف تلك الثقافة

واتمنى من النور حمد ان يتحدث لنا عن موقع الخطاب المحمودي من تيار الغابة والصحراء باعتبار ان الخطاب المحمودي في حدود الفهم العام له يندرج ضمن "الصحراء"


وفي يوم 23-04-2004 تواصل المسلسل فذكرت:
Quote: والتي اعتبرها عبد الحي كاساس لتيار الغابة والصحراء ثم نقدها عام 1985 حين تحدث ان المجذوب كان يتحدث عن الجنوبي كبدائي نبيل. وهذا كما ذكرنا اثر من سلطة الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي والذي اثر حتى في مفكر بقامة الاستاذ محمود محمد طه.


ثم أتت مساهمتك الأخيرة اليوم 26-04-2004 بنفس التقرير:
Quote: وكما قلنا سابقا فان مفكرا بقامة محمود محمد طه لم يسلم من طغيان الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي من خلال تبني الاستاذ لمفهوم البدائية


فأرجو أن تشرح فهمك لموقف الأستاذ محمود من القضية المطروحة ويا حبذا لو أعنتنا ببعض النصوص التي ربما تكون ساهمت في تكريس فهمك وتقييمك لفكر ومواقف الأستاذ محمود محمد طه بهذه الطريقة المبتسرة

عمر

Post: #101
Title: Re: النص الكامل لورقة د.عبدالله علي ابراهيم
Author: Agab Alfaya
Date: 04-26-2004, 07:02 PM
Parent: #1

الآفروعربية ..أو تحالف الهاربين

د.عبدالله علي ابراهيم


القصد من هذه الكلمة أن نتفحص نقديا مفهوم " الأفروعربية " الذي استقر كوصف لثقافة الجماعة الشمالية العربية المسلمة على النيل البوادي . لقد اكتسب المفهوم أبعادا ودلالات شتى في مساره ، وارتبط بمصالح واستراتيجيات سياسية وتجارية وثقافية مختلفة . غير أن تقويم هذه الكلمة سينصب بصورة رئيسية على صورة المفهوم التى تفتق عنها خطاب تلك الطائفة المفصحة من جيل الستينيات ، التي حاولت أن تؤسس رؤيتها الشعرية والثقافية على الأفروعربية كمشروع حضارى . وهو المشروع الذي رمزوا له بـ " الغابة والصحراء " في دلالة التصالح بين الدغل والبادية ، بين الثقافة العربية والثقافة الأفريقية في السودان .

أولا – أصول الأفروعربية

رد الشاعر د. محمد عبد الحى الأفروعربية إلى دعوة الأدب السوداني التى نادى بها الشاعر والناقد حمزه الملك طنبل وإلى مدرسة الفجر ، وهما الدعوة والمدرسة اللتان ازدهرتا في ثلاثينيات القرن (1) . وقد جاءت دعوة طمبل لتنقض المسلمات الفنية لمدرسة الاحياء الشعرى التي سادت العقدين الثانى والثالث للقـرن . فقد بدأ أن شعراء الأحياء الشعرى ، مثل العباسى والبنا ، راغبون عن اعتبار الحيز السوداني في إبداعهم ، بينما هم يطمئنون بخصوبة لمصطلح الحيز العربي النموذجى ، مثل ريح الصبا النجدي ورامة والعقيق وخلافها . ولذا استحث طنبل الشعراء أن يفتنوا بالبيئة الثقافية والطبيعية السودانية حتى يقول قارئ شعرهم : إن هذا شعر سوداني حق فيه الحساسية والتضاريس السودانية (2) .

ومن الجانب الآخر ، تقمصت مدرسة الفجر دعوة ماثيو آرنولد إلى تسامى الصفوة فوق التشاحن والشتات لكى تحسن تمثيل الأمة بأسرها وليس مجموعاتها الصغيرة المغلقة (3) . فكانت دعوة الصفوة السودانية إلى الذاتية السودانية والأدب القومى ضمن البحث عن القاسم المشترك الأعظم للهجنة العربية – الأفريقية في السودان (4) . غير أن مدرسة الفجر لم تتجاوز دعوة طنبل إلى الشعراء لاعتبار الطبيعة السودانية في إنشائهم الشعرى . ولم تغادر مدرسة الفجر ذلك إلى أفريقانية من أية شاكلة . وهذا مأخذ عبد الحى عليها : " ليس فى كتاباتهم ( مبدعو مدرسة الفجر ) غير طائف نظرى ( حول الذاتية العربية الأفريقية للسودانيين ) لم يتنزل إلى إنجاز شعرى لتزاوج الثقافة العربية والأفريقية في صنع الذاتية السودانية " (5) . ولذا عد عبد الحى الشاعـر محمـد المهـدى مجـذوب ( 1919 – 1982 ) ، من الجيل التالى لمدرسة الفجر ، أول شاعر تلمس إمكانية تأليف شعر باللغة فيه وعى بانتماء حقيقى إلى أفريقيا (6) . وقد راجع عبد الحى قناعته السالفة في كلمة له عام 1985 (7) . وسنعود إلى ذلك في موضع لاحق من هذه الكلمة .

وتقف دعوة الأفروعربية بيولوجيا على ما روجه المؤرخون والاثنوغرافيون خلال هذا القرن من أن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقـي ( . وقد صدرت هذه النظرية في سياق نقد أولئك المؤرخين والاثنوغرافيين لمزاعم النسابة السودانيين من أهل الشمال في إلحاق أهلهم بنسب عربى صريح . وقد ساءهم إسقاط النسابة لاختلاط الدماء العربية والأفريقية في من عدوهم عربا أقحاحا . فهارولد ماكمايكل يصف الخليط من النوبة القارة والعرب ، ممن أقاموا على النيل من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر ، كهجين أفروعربى . وقد تبعتـه فـي ذلك جمهـرة العلمـاء من امـثال ج. ترمنغهـام ( 1949 ) ، ويوسف فضل حسن ( 1967 ) ، وسيد حامد حريز ( 1977 ) ، وليام آدمز (1977 ) ، وحيدر ابراهيم ( 1979 ) ، وغيرهم كثير .

ونقول استطرادا : إن دعوة الهجنة في أصولها العرقية عند ماكمايكل ، وتجلياتها الثقافية عند ترمنغها ، تنطوى على فرضية انحطاط . وهو انحطاط نجم في نظر دعاتها عن امتزاج العرب المسلمين بالنوبة الأفريقيين . فقد جاء عند ماكمايكل ما يوحى بأن الدم العربى أرفع من الدم الأفريقى . وجاء عند ترمنغهام أن الهجين العربى الأفريقى قد سرب من العقائد إلى الاسلام ما أدخله فـي الوثنيـة (9) . والواضح أن المكون الأفريقى في هذا الهجين هو أكثر من تأذى بنظرية الانحطاط هذه ، فقد رد ترمنغهام مثلا " عصبية البقارة " التى ناصروا بها المهدية إلى غلبة الدم الأفريقى فيهم " (10) .

الأفروعربية هي ، بوجه من الوجوه ، رد فعل لاصطدام مبدعى جيل الستينيات بثقافة أوروبا الغالبة . فقد وقع مجاز " الغابة والصحراء " للشاعر النور عثمان وهو في محيط أوروبا الحضارى الذي " رفض هويتى الأفريقية حين أفكـر ، ورفض هويتى العربية حين أكون " (11) . فهى بهذا اكتشاف للجذور قام به هؤلاء الشعراء بعد تغرب في ثقافة أوروبا أو أروقتها . وقد عادوا من ذلك كله صفر اليدين إلا من " الحامض من رغوة الغمام " (12) . فعبد الحى يطلب من حراس مدينة سنار ( عاصمة دولة الفونج الاسلامية 1504 – 1821 ) فتح الباب للعائد من " شعاب الأرخبيل " الأوروبى (13) . و " إنسان سنار " صورة عمدة في الأفروعربية ; لأنه نتاج أول دولة اسلامية عربية فى السودان (14) . فعند بوابة سنار يستجوب ضابط الجمارك الشاعر ، فيقدم الشاعر جواز سفره السنارى المتجاوز لتتحقق له الأوبة والقبول :

" – بدوى أنت
- لا
- من بلاد الزنج
- لا
أنا منكم ، تائه عاد يغنى بلسان
ويصلى بلسان ............... "
الأفرورعربية ، في نظر دعاتها ، هي عمل واع لاستعادة " الدم الأفريقي ودراسة ذلك الجانب من ميراثنا والذي أهمل لمدة وأعنى التراث الزنجـى " (15) . وهي تريد بذلك أن تتلافى قصور مدرسة الفجر التى وعدت بالذاتية السودانية ، غير أنها أهملت التراث الأفريقى . وقد قصدت هذه الاستعادة للدم الأفريقى أن تحجم بوعى انتماء السودان الشمالى إلى العروبة حتى تستقيم الأفروعربية . فكلمة النور عثمان ، التى لم أقع عليها بعد (16) . كانت " لست عربيا ولكن ... " ، وعد عبد الحى انتماءنا إلى العرب تكبرا أجوف (17) . فبينما يرى الشاعر الدبلوماسى محمد المكى إبراهيم أننا قد أنكرنا أفريقيتنا في تلهفنا ( التشديد من فعل الكاتب الراهن ) لذلك الانتماء المتكبر (1 . بناء على ذلك فليس كل تراث العرب بمقبول إلا الذي اندرج في الأفروعربية التي بدأت بـ " إنسان سنار " (19) .

Post: #102
Title: Re: النص الكامل لورقة د.عبدالله علي ابراهيم
Author: Agab Alfaya
Date: 04-26-2004, 07:11 PM
Parent: #101


ثانياالأفروعربية في أجندة تلطيف الثقافة العربية الاسلامية :

لا تهدف الأفروعربية إلى تحجيم الانتماء العربى الصريح وحسب ، بل إلى اجراء تحسين جذرى في المكون العربي الاسلامي من الذاتية السودانية . فاستعادة التراث الأفريقى ، في نظر الأفروعربيين ، ليست مجرد تصحيح لمعادلة مختلة ، وإنما المقصود منها هو تهريب أجندتهم الاجتماعية والفكرية إلى الثقافة العربيـة الاسلاميـة الغبشـاء المتشـددة ( الحنبلية في قول المكى ) (20) ، بقصد حملها على التلطف والسماحة .

فمكى يرى أن الكثير من القيم الاجتماعية الحنبلية السارية دخيلة على تكويننا النفسى لأن " الدم الأفريقى يرفض التشدد " (21) . وفي إطار دعوته إلى المزيد من التمازج بين الشمال والجنوب يرحب مكى بقدوم المرأة الجنوبية الأفريقية إلى مدن الشمال التي علبت المرأة " داخل أسمك وأطول ثياب " (22) ، فنساء مدن الشمال سيجدن منافسة من أختهن الأفريقية التي اعتادت معاملة الرجل بوصفه ندا لها ، وانطبعت بالسلوك المتحرر المنطلق في كل مسارب الحياة . وأمام هذه الدفعة من التحرر " يمكننا أن نلمح على قسمات الرجل السوداني ( العربي المسلم في المدينة ) ملامح التسامح والتقدم ، والتخلص من تقاليد الكبت والرجعيـة القديمـة " (23) . فتحرر المرأة العربية المسلمة في الشمال رهين ، عند مكى ، بقوة القدوة التى ستمثلها المرأة الجنوبية الأفريقية إلى حد كبير . وأقول استطرادا : أن منطق التحرر بالقدوة قد تكرر إبان نقاش جرى بالصحف السودانية ، حول آثار وجود أعداد متزايدة من الأثيوبيات والارتريات في العاصمة حول منتصف السبعينيات . فقد ارتأت جماعة أن ذلك الوجود سيدفع المرأة العربية السودانية إلى اقتباس آيات الزينة والتجميل الوافدة . وصفوة القول : إن إسناد التحرر إلى القدوة حجة ضعيفة جدا . والناظر في محصلة تحرر المرأة السودانية الشمالية منذ الأربعينيات سيجد أن ذلك التحرر استوعب اعتبارات اقتصادية واجتماعية وفكرية أصيلة لم تكن القدوة فيه غير تنويع فرعى .

ويأخذ مكى على الثقافة العربية مخاطبتها العقل دون الروح . وقد وسمها هذا الخطاب وحيد الجانب بالمباشرة والنفاذ والقطع كـ " ضربة السيف " . ولهذا خلت من " الفنون الراقية " مثل الرقص والنحت والتصوير . ولاكتساب هذه الفنون يشترط مكى استعادة امتلاك " الدم الأفريقى الجارى في عروقنا " . وللجنوب السودانى في هذه الاستعادة دور مرموق (24) .

ومن زاوية اللغة ، يرى مكى أن احتكاك العربية باللغات الأفريقية سيؤدى إلى تغييرات في نطق أصوات العربية ، فقد تسقط منها أصوات العين والحاء . وسيكون مشروعا حيال هذا الاحتكاك التساهل في قوانين النحو " المفروض على العربى ( والذى ) يقتل لديه نهائيا إمكانية الخلق " . وقد يترتب على ذلك أن تلقى الدعوة إلى تسهيل العربية ، مثل اقتراح كتابتها باللاتينية ، قبولا أكثر في السودان لما ستتعرض له العربية من اللحن والهجنة (25) .

ويحترز مكى ، وهو يتكلم عن تصوره لما سيؤول إليه الاسلام في معترك الهجنة . فقد اضطره موضوع " الدين المخيف " أن يكتب عنه بتعميم ؛ فهو يرى أن عوامل الجهل والتخلف قد مكنت لدعوات التشدد والتخويف في الاسلام ، بغض النظر عن معدنه الأصيل الداعى إلى الحب والتسامح . وقد استحال مع هذا التخويف " تلاقى البشر حول إله واحد وحب واحد " . ويرى مكى أن لقاء الاسلام بصورته الخاطئة بالعقائد الإفريقية ، ( أو ما يسميه بالوافد الأفريقى الطفل ) ، سيخلف مشاكل تحتاج إلى حلول خاصة (26) . وقد قدر أن يكون السودان بواقع الهجنة منبعا للفتاوى الجريئة وللتخفيف عن الناس وتيسير اللقاء بالله ، عبر كل الـدروب . وهذا ، في معنى قوله ، أن يلعب السودان دورا قائدا في التسامح والاحياء في مجال الديانات (27) .

وينعى مكى وقار وجد وتزمت الحضارة العربية ، في حين يرى الخفة في الأفريقيين . ووقار السودانى العربى المسلم يتجلى في قول مكى في بطء الحركة وثباتها حتى إذا حاصرته السيارات وهو يقطع الطريق ، وهو تلكؤ اشتكى منه الأوروبيون الذين قادوا سياراتهم في السودان (2 . وسأضطر إلى الاستعانة ، هنا ، بمقتطف طويل من مكى بشأن وقار العربى وخفة الأفريقى ، لكى أعطى القارئ فكرة أفضل عن مقابلات مكى بين العروبية والأفريقية وعن منهجه في كيمياء التلاقح المنشود بينهمـا . لا ننكر أن المشى جزء من مفهوم الشخص في الثقافة ، ولكن سيقف القارئ في المقتطف على صورة الأفريقى عند مكى ، التى هى بالأساس نعرة عربية . يقول مكى :

" والانسان السوداني العربى الثقافة إنسان جاد . وهو بالفعل إنسان مفتوح القلب لكن يرفض أنواعا شتى من الهزل ؛ يرفض أن تشتمه مداعبا ويرفض النكتة العملية ، بعكس الانسان العربى في مصر والشام ... ومن الجانب الآخر نجد الدم الأفريقى خاليا ( أى الجد والوقار ) تماما ، بل بصورة مستحبة . الأفريقى ملئ بالحركة بحيث لا يهمه أن عبر الشارع قفزا أو ركضا أو يرقص فيه ، وهو في ضحكه معتمد على النكتة العملية على الأقل بصفتها أكثر بدائية من النكتة المحكية . وهذا الانسان الضاحك الخفيف خليق بأن يؤثر على المزاج العربى غير المتلائم ومتطلبات الحياة الحديثة ، بحيث يتخلى عن هذا الوقار الجاد في تصرفاته المتزمتة ، وبحيث تكتسب الخفة الأفريقية اتزانا يعصمها من الفوضى " .

Post: #103
Title: Re: النص الكامل لورقة د.عبدالله علي ابراهيم
Author: Agab Alfaya
Date: 04-26-2004, 07:15 PM
Parent: #102


ثالثا – البدائى النبيل وتأرجح الثقافات :

سافر محمد المكى إبراهيم وزميله الشاعر النور عثمان في رحلة إلى ألمانيا الغربية لقضاء عطلة صيف 1962 ضيفين على جمعية الصداقة الألمانية السودانية الناشئة . وقد أملت البوهيمية والشغف بالترحال على مكى أن يمد إقامته في ألمانيا إلى عام تغيب فيه عن الجامعة ، وعاد بشعر صاف عذب يرويه الجيل بعد الجيل من ديوانه " أمتى " . وقد قال مكى عن رحلته هذه عام 1963 : إنها كانت " تحالفا بين هاربين " لم يتركوا في وطنهم حبا يشتاقون إليه فلاذوا بالهرب مغادرين السجن المفروض عليهم ، وعليه لم يكن بين دوافعهم " فهم أو تعاطف يصلح لحب عميق " (30) .

في فرار الأفروعربيين إلى النسبة الأفريقية تشابه مع رحلة مكى البائسة . فدعاة الأفروعربية لم يلقوا ، وهم في ريعان الشباب ، من ثقافتهم العربية الاسلامية ما يروى غلتهم من الحب والتعبير . فاضطروا إلى الهرب بأجندة الريعان والشغف إلى فردوس أفريقى مطموس في تكوينهم الاثنى ، الغرائز فيه طليقة ، والرغائب مستجابة . ولأن رحلتهم لم تقم على فهم وتعاطف مع " سجن " الثقافة العربية الاسلامية الذي هربوا منه ، أو معرفة بالثقافة الأفريقية التي هربوا إليها ، لذا فقد كان حصادها مؤسفا . فقد ترك الأفروعربيون الانطباع الخاطئ بأن تزمت الثقافة العربية الاسلامية لا ينصلح إلا بعملية نقل دم من حضارة أخرى أكثر تسامحا في إرواء الأشواق والغرائز . ولذا بدأ جفاء الثقافة العربية عندهم خصيصة بيولوجية وليس خصلة اجتماعية قائمة في التاريخ العيانى .

ومن الجانب الآخر أساء الأفروعربيون إلى أفريقانيتهم ، من حيث أرادوا تعزيزها وتكريمها . فقد اصطنعوا في صلف سخطهم وبوهيميتهم الكظيمة أفريقيا وهميا لحمته وسداه معطيات أوربية عربية مردودة عن أفريقيا مثل الطفولة والغرارة والمشاعية والروحانية وخفلة القلب والولع بالايقاع والرقص . والأفريقى المخترع هذا هو الذي جرى وصفه دائما بـ " البدائى النبيل " في علم الأثنوغرافيا . وقد لا نستغرب حصاد الأفروعربية البائس من مشروع لم يجمع الهاربون فيه حبا عميقا أو معرفة دقيقة بأي من الأمكنة : لا تلك التي هربوا منها ولا تلك التي هربوا إليها .

جاء عبد الحى بمصطلح " البدائى النبيل " إلى حلبة نقاش العلاقات الثقافية في كلمته القيمة المشار إليها آنفا (31) . فقد خلص عبد الحى من دراسة القصائد التي اشتهرت بـ " الجنوبيات " ، من شعر الشاعر المجذوب – عليه رحمة الله – إلى أنها قد صورت الجنوبى في صورة وهمية هى صورة " البدائى النبيل " . و " الجنوبيات " هى نسل مجرد من شعر المجذوب وقعت له حين جرى نقله من بورتسودان ( على ساحل البحر الأحمر ) إلى واو ( في جنوب السودان ) في أوائل 1954 ، والتى أقام فيها حتى قبيل حوادث الجنوب المشهورة في آب / اغسطس 1955 .

وقد اعتقد الأفروعربيون أن " الجنوبيات " هى باكورة لنوع الشعر السودانى الذي يريدون له الذيوع . فقد رأينا عبد الحى يصف المجذوب في كلمته عام 1976 بأنه الشاعر السودانى الذى أدرك حقيقة انتسسسابه إلى أرومة زنجية . وأضاف عبد الحى بأن شعر المجذوب إنما يعكس في جنوبياته وغيرها وحدة على مستوى عمق مصادر التقليدين العربى الأفريقى (32) . وقال مكى فى المعنى نفسه أيضا : إن المجذوب في جنوبياته قد جعل ذاته الشاعرة معلما على سودان الغابة والصحراء . ورأى في شعره استيعابا وتصويرا وتمثيلا لتجربتنا الحضارية ، مؤصلا في معرفة بثقافة الشمال العربية وثقافة الجنوب الأفريقية (33) . وهكذا عمد الأفروعربيون المجذوب ، الذى هو فى سن آبائهم ، أبا روحيا لمشروعهم الشعرى الرامى إلى التعبير عن الوحدة العميقة للوجودين العربى والأفريقى ، في ذاتية سودانية صمدة .


رد عبد الحى في كلمته الأخيرة ( 1985 ) جنوبيات المجذوب إلى تأرجح الشاعر (34) بين ثقافة العرب وثقافة الأفارقة ، لا إلى وحدتهما في عمق المصادر كما فعل في كلمته عام 1967 ، كما رأينا أعلاه . فجنوبيات المجذوب عند عبد الحى قائمة في ثنائية الحضارة ، التى تمثلها ثقافة الشمال العربية ، والطبيعية ، التي تمثلها ثقافة أهل الجنوب (35) . وهى ثنائية يتعارض فيها العرف مع الملابس ، البراءة مع العار ، والقلب مع العقل ، والأريحية مع النقود ، والطلاقة مع الأخلاق ، والمشاعة مع النسب . وعند عتبة مجتمع الطبيعة الجنوبى البكر العذوبة ، خلع الشاعر عباءة الحضارة العربية بمحرماتها ونواهيها الكاسية . فالمجذوب يشبه تحالف الأفروعربيين في يأسه من إصلاح الثقافة العربية الاسلامية من باطنها ، واصطناعه بدائيا نبيلا في الجنوب يصوب به ذهنيا علل وآفات تلك الثقافة . لقد تمنى المجذوب :

وليتنى في الزنوج ولى رباب تميد به خطاى وتســــتقيم
وأجتزع المريسة في الحوانى وأهــدر لا الأم ولا ألــوم
وأصرع في الطريق وفي عيونى ضباب السكر والطرب الغشوم
طليق لا تقيدنى قريـــش بأحساب الكرام ولا تنيـــم

غير أن هذا البدائى النبيل صورة وهمية كما يقول عبد الحى (36) . فالبوهيمية الاجتماعية (37) التى رآها الشاعر في الجنوب إنما هى إسقاط من شاعريته النهمة التى قيدتها الزواجر الاجتماعية في الثقافة العربية الاسلامية . فهذه الاسقاطات هى عبارة عن شهوات للشاعر لم ينقع مجتمعه غلتها فأرغت وأزبدت عالما من البوهيمية .

إن صورة الجنوبى كبدائى نبيل لا تصمد أمام الصورة الاثنوغرافية التى رأيناها عند إيفانز برتشارد وليتهاردت وغيرهما ، والتى فيها الجنوبى أيضا إنسان مشدود بين الثقافة والطبيعة ، وهى الثنائية التى لا مهرب لبشرى من مجابهتها . وهى لم تصمد بالفعل للجنوبى الواقعى الذى ارتكب أنواعا من القتل المجانى ضد طائفة من موظفى الدولة الشماليين فى حوادث 1955 (3 . وقد اضطر المجذوب إلى أن يسقط حقائق اجتماعية جنوبية كثيرة لكى يخلص له " إنسان الجنوب البسيط الضاحك المتفاعل " (39) . فقد لاحظ مكى مثلا إغفال المجذوب ذكر السياسيين من مثقفى الجنوب الذين ، " كان يمكن أن يكونوا صيدا نموذجيا لهجائه الساخر وتصويره المضحك الدقيق " (40) . فقد أراد المجذوب أن يختصر طريقه إلى البراءة والسلاسة الجنوبية اختصارا .

Post: #104
Title: Re: النص الكامل لورقة د.عبدالله علي ابراهيم
Author: Agab Alfaya
Date: 04-26-2004, 07:18 PM
Parent: #103


رابعا – الأفروعربية وجه آخر من وجوه الخطاب العربى – الاسلامى الغالب :

تتجاوز الأفروعربية أن تكون صورة أخرى من صور الخطاب العربى الاسلامى الغالب في السودان ، على ما ييبدو عليها من سيماء النصفة للمكون الأفريقى في ثقافة شمال السودان. فهى تتفق مع أكثر قسمات ذلك الخطاب محافظة وتبشيرية ، وهى نظرية السودان البوتقة التى تنصهر فيها كل المفردات الثقافية في ثقافة جامعة ما .

ويختلف خطابا غلاة الاسلاميين والأفروعربيين في منتوج التمـازج . فالتمازج القومى في نظر الغلاة سينتهى بشكل مؤكد إلى تبنى الجماعة الجنوبية الاسلام والعربية لأنهما مميزان علويان مقابلة بملل الوثنية ورطانات العجم . فالتمازج في أفق الغلاة هو معسكر دعوة كبير لتغيير الملل واللسان .

أمل الأفروعربيين في تمازج الثقافات في السودان معلق بحركة التصنيع بوسعها أن تزيل البقية الباقية من العوائق بيـن الجنـوب والشمـال (41) . ولسداد الامتزاج يحتاج أهل الجنوب إلى تقوية تأثراتهم بالعربيـة (42) . وعليه يكون ناتج الامتزاج بين الجنوب والشمال لإعادة إنتاج لانسان سنار ، الذي هو أساس التركيبة الهجينة للسودانيين الشمالييـن . فمحصلة الامتزاج بين الجنوب والشمال في نظر الأفروعربيين ستكون بمثابة طبعة لاحقة للسوداني الشمالى الذى لا عيب فيه حاليا سوى تجاهله لتراثه الأفريقى . وهذا التراث هو الذى يرمى الأفروعربيون إلى استعادته لكى يستقيم السودانى الشمالى بين دفتى تراثه المزدوج . فالأفروعربية تجعل إذا من السودانى الشمالى نتاجا للتاريخ الصواب في السودان ، ومنتوجا لن نخطئه كلما اتسعت وتائر التمازج بين الجنوب والشمال .

خامسا – محنة الأفروعربيين في الاستقطاب الثقافى :

الأفروعربية دعوة إلى الوسيطة السعيدة . ولذا أعادت فرز وترتيب رموز الثقافة السودانية لكى تصح قراءة تلك الثقافة في توازن الوسطية المفيد بين العرب الخلص والأفارقة الخلص (43) . ومع ذلك لم تسعد الأفروعربية أحدا ، فهى لم ترق للجنوبيين . نشرت جريدة ( الفجلنت Vigilant ) الانجليزية بتاريخ 14/7/1965 قصيدة بعنوان " الوحدة المغلفة بالسكر " لشاعر من أهل جنوب السودان يستنكر فيها دعوة الأفروعربية .


قال الشاعر :

تفترض الوحدة وجود فريقين
الفريقين اللذين يتفقان على التآزر
فمن غير المنظور في الوحدة أن تقوم على أشلاء آلاف الضحايا
ولا على فوهات جيش منفلت مأمور أن يستأصل شأفة ( الجنوبيين )

ويمضى المقطع ليشير إلى " خطيئة العرب " وهى هجرهم التمثيل المناسب للجنوبيين في أجهزة ، بعد مؤتمر المائدة المستديرة الذى انعقد عام 1965 للمصالحة بين الجنوب والشمال .
قال الشاعر :

غير أن الطبيعة نفسها تأبى
أن تتخذ الصحراء والسافنا ( الغابة )

غير أنهم ابتذلوا عدل الطبيعة ، حين ظنوا أن بامكانهم توحيدها بمحض القوة .

فقد تلزم الجنوبيين ضرورات التساكن القومى إلى اكتساب اللغة العربية أو عادة عربية إسلامية . غير أنهم سيقاومون كل ميل لجعلهم يتبنون النسبة العربية المقترحة من قبل الأفروعربيين إلى جانب نسبتهم الأفريقية المؤكدة . وستبدو لهم الدعوة إلى إعادة إنتاجهم ، عبر التمازج الثقافى كطبعة لاحقة لانسان سنار ، نوعا من الغش الثقافى لا الحوار . فالجنوبيون محاذيرهم كثيرة ، الصادق منها والمخترع ، حيال عرب الشمال . وهذه المحاذير واضحة في دلالات الازدراء والمقت التى تجرى بها كلمة عربى على ألسنتهم . بل إن بعضهم لايزال يحدس أن أفضل المخارج لمسألة السودان أن يحزم عربه حقائبهم ويقطعوا البحر الأحمـر . وهذا اعتقاد بعيد بما لا يقارن مع النسبة الجزئية إلى العرب التى تقدمها لهم الأفروعربية .

من الجانب الآخر ، جردت التوفيقية الطوباوية الأفروعربيين الليبراليين من كل مصداقية . ولذا يبدون في استقطاب الثقافات الجارى في بلدنا خلوا من كل قوة تفاوضية . فحيلهم التوسط بالهجنة مردودة . فقد جاء في الاحتجاج عند منصور خالد في حلقة تناولت مسألة جنوب السودان بما يلي :

" إن تعريب وأسلمة شمال السودان قد تمت بالتدريج عبر فترة طويلة من الزمن وفي إطار تلاقح ثقافى سلمى . وهو التلاقح الذى بلغ الغاية حتى إن أولئك الذين يبحثون تفردهم في أى من العروبة والاسلام إنما يحرثـون فـي البحـر " (44) .

وقال عبد الله النعيم في الحلقة الدراسية نفسها ، وفي المعنى نفسه ما يلى :

" المحاولات الجارية للتشديد على هوية إسلامية أو عربية خالصة مزعومة لأى من أقاليم السودان هى محاولة مضللة وسلبية في آن معا " (45) .

وفي الكلمتين تفاوض واضح بالأفروعربية قد لا أتفاءل بحظه من القبول لأطراف الاستقطاب في المسألة الثقافية السودانية .

وعندى إجمالا أن خلع أو تحجيم الهوية أو الثقافة العربية هو إما غش ثقافى أو يأس . فالطريق فيما أرى إلى اطمئنان الجنوبيين وغيرهم من حملة الثقافة الأفريقية إلى أمنهم الثقافى ، يمر عبر تصدى العرب المسلمين للنعرات وأنواع التحريم التى تغص بها ثقافاتهم تصديا بالأصالة عن أنفسهم ، لا نيابة عن أحد . ويستلزم ذلك وقفة مستنيرة إزاء الذات وقدرة على تحرى النقد ، وتحمل تبعاته . ولا أحسب أن حملة الثقافة الأفريقية ممن يرغب في الزج بهم كلاعبين رئيسيين في أجندة تفتح وديمقراطية الثقافة العربية الاسلامية . فالأصح في نظرى مثلا أن يدعو من يزعم أن تعاطى الخمر حرية شخصية إلى كامل حرياته الشخصية كعربى مسلم ، لا أن يتخفى وراء نسبته في أفريقيا التى الخمر فيها بعض الماء أو الغذاء أو أنخاب الطقوس . والأهم من ذلك كله ألا يتأسى العربى المسلم لفقدان الجنوبى حريته في شرب الخمر ، قبل أن يتأسى هو لفقدانه الحق ذاته . فحملة الثقافة الأفريقية قد يرغبون أن يروا العرب المسلمين في السودان متمتعين بحقوقهم في الاعتقاد والرأى وأنواع الشغف الأخرى أولا ، قبل أن يصدقوا مشروع الأفروعربيين الحضارى .

ومن الجانب الآخر فخطة الأفروعربيين لاستخدام المكون الأفريقى فيهم وحقوق الجنوبيين لنصرة آراء لهم في الحياة السياسية والاجتماعية هى خطة مكشوفة للغلاة من الدعاة الاسلاميين . فهم يرون الليبراليين من الأفروعربيين إنما يدسون مشروعهم العلمانى وراء تظلمات الجماعات الأفريقية غير المسلمة . وهذه الخطة الأفروعربية في نظر الغلاة مجرد حيلة في علم الحيل . فقد قال الشيخ الترابى ، " إن مناصرى العلمانية منافقون مارقون من بين صفـوف المسلمـين لا يستطيعون الجهر بمعارضتهم للاسلام ، بل يتصنعون الغيرة على حقوق المواطن السوية ، وأنهم بحماية الأقلية غير المسلمة في الجنوب يريدون أن يلقنوا تلك الأقلية لتعبر عن أهوائهم التى لا يستطيعون أن يفصحوا عنها " (64) . وهكذا لم يقض للأفروعربية الموسومة بالوسطية أن تسعد أحدا ؛ وهذا باب في الاخفاق كبير .

Post: #105
Title: Re: النص الكامل لورقة د.عبدالله علي ابراهيم
Author: Agab Alfaya
Date: 04-26-2004, 07:22 PM
Parent: #104


خاتمــة

صفوة القول : إن الأفروعربية هى صورة أخرى من صور الخطاب العربى الاسلامى الغالب في السودان . وهى كخطاب غالب تنهض على محوريـن : المحور الأول ، هو تمييز " إنسان سنار " – نواة السودان الشمالى – عما عداه من أناس في الوطن . ولذا تنظر الأفروعربية إلى الحركة التاريخية في السودان كحركة مستمرة صائبة من التمازج بين العرب والأفارقة ، بين الشماليين والجنوبيين ، لاصدارات متكررة من ذلك الانسان ؛ أما المحور الثانى فهو تشويه الأفروعربية لموضوع خطابها وهو الأفريقى . ففي تنقيبها عن الأفريقى المطموس السودانى الشمالى انتهت الأفروعربية إلى اختراعه كبدائى نبيل . وككل بدائى نبيل ، صدر الأفريقى من حوار الأفروعربية مصنوعا من محض معطيات ومسبقات وتكهنات وتشهيات لا أصل لها في واقع الحال .

لقد أرادت الأفروعربية ، باستردادها المكون الأفريقى في العربى السودانى المسلم ، أن تضرب عصفورين بحجر واحد ، أن تدس خلال ذلك مشروعا خاصا بها في تفكيك محرمات الحضارة العربية الاسلامية التى سدت على يفاعتهم منافذ الاشباع . أما الأمر الثانى فهو تطمين الجنوبى إلى أمنه الثقافى في أروقة مفهومها للتمازج ، الذى للأفريقية فيه مكان ، على خلاف نموذج الغلاة من الاسلاميين والعروبيين .

من الواضح أن برنامج الاصلاح الأفروعربي للثقافة العربية الاسلامية لم يحالفه التوفيق . وواضح كذلك أن الجنوبيين لم يطمئنوا إلى وعده أو شروطه في قدر من التعريب والأسلمة . وهذه بعض دلالات الاستقطاب الثقافى المتفجر في السودان .

إن أفضل الطرق عندى أن يكف أبناء الشمال العربى المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة . فأوفى الضمانات للأفريقيين في الوطن هى يوم يرونهم قد وطنوا حرياتهم كعرب ومسلمين في باطن ثقافاتهم . فالاحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن يزعم الأفروعربيون أن دماءهم ، كأسلاف ، قد استقرت فينا هو خطة سلبية جدا . فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الاقرار بقوامين ( أو أكثر ) للثقافة السودانية . قد تمتزج هذه القوامات وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق .




الهوامش

(1) أنظر محمد عبد الحى ، الصراع والهويــــــة ( ] د.م.د.ن [ ، 1976 ) ، ص 6-29 ( بالانجليزية).
(2) المصدر نفسه . ص 8-9 .
(3) المصدر نفسه . ص 19-20 .
(4) المصدر نفسه . ص 12-13 .
(5) المصدر نفسه . ص 23 .
(6) المصدر نفسه . ص27 .
(7) أنظر : محمد عبد الحى ، " مفهوم الزنج في الشعر العربى في السودان " ورقة قدمت إلى : جامعة الخرطوم ، معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية ، مؤتمر القومية السودانية في ضوء التعدد العرقى والتنوع الثقافى ، الخرطوم ، 26 –28 تشرين الثاني / نوفمبر 1985.
( عبد الحى ، الصراع والهوية ، ص 2-5 .
(9) ج. ترمنغهام ، الاسلام في السودان ( ] د.م.د.ن.[ ، 1949 ) ، ص149 .
(10) المصدر نفسه ، ص 30 .
(11) " حوار مع النور عثمان " الأيام ، 24/3/1979 .
(12) أنظر : محمد عبد الحى ، قصيدة " العودة إلى سنار " .
(13) المصدر نفسه .
(14) كتب محمد عبد الحى إن تاريخ الثقافة السودانية يبدأ بقيام ممالك التلاقح الاسلامية العربية الأفريقية ، ومن بينها دولة الفونج بسنار . ففترة قيام تلك الممالك عنده ( هى التى بدأت في إنتاج ثقافة سودانية – وأعنى بكلمة ثقافة كل طرائق حياة مجموعة ما – لقد امتزج العنصران الأفريقى والعربى وكونا عنصرا ( أفروعربيا ) جديدا ليس بعربى ولا زنجى ... إنه نتاج لقاح هذين العنصرين ) . أنظر : محمد عبد الحى ، " نحو ثقافة أفروعربية " الرأى العـام ، 24/12/1963.
(15) المصدر نفسه .
(16) وهى الكلمة التى رد عليها صلاح أحمد ابراهيم في : الصحافة ، 25/10/1967 ، واتهم النور بالطعن في العروبة .
(17) عبد الحى ، " نحو ثقافة أفروعربية " .
(1 محمد المكى إبراهيم ، " المستقبل الحضارى في السودان " الرأى العام ، 13/12/1963.
(19) عبد الحى ، المصدر نفسه .
(20) إبراهيم ، " المستقبل الحضارى في السودان " الرأى العام ، 15/12/1963.
(21) المصدر نفسه ، في : الرأى العام ، 8/12/1963.
(22) المصدر نفسه ، في : الرأى العالم ، 15/12/1963.
(23) المصدر نفسه .
(24) المصدر نفسه ، في : الرأى العام ، 13/12/1963.
(25) المصدر نفسه ، في : الرأى العام ، 15/12/1963.
(26) المصدر نفسه .
(27) المصدر نفسه .
(2 المصدر نفسه .
(29) المصدر نفسه .
(30) المصدر نفسه ، في : الرأى العام ، 8/12/1963.
(31) عبد الحى ، " مفهوم الزنج في الشعر العربى في السودان " .
(32) عبد الحى ، الصراع والهوية ، ص 27 .
(33) محمد المكى إبراهيم ، " الجنوب في شعر المجذوب " مجلة الاذاعة والتليفزيون والمسرح ، العدد 36 ( 7 تشرين الأول / اكتوبر 1976 ) .
(34) عبد الحى ، " مفهوم الزنج في الشعر العربى في السودان " ، ص 12 .
(35) المصدر نفسه ، ص 10 .
(36) المصدر نفسه ، ص 12 .
(37) إبراهيم " الجنوب " مجلة الاذاعة والتليفزيون والمسرح ، العدد 36 ( 7 تشرين الأول / اكتوبر 1976 ) .
(3 أنظر : تقرير لجنة التحقيق في تلك الحوادث .
(39) إبراهيم ، المصدر نفسه .
(40) المصدر نفسه .
(41) عبد الحى ، " نحو ثقافة أفروعربية " .
(42) إبراهيم ، " المستقبل الحضارى في السودان " الرأى العام ، 13/12/1963 .
(43) سعد حامد حريز ، " المقومات الثقافية للقومية السودانية " الصحافة ، 2/12/1968 .
(44) من كلمة له في حلقة دراسية انعقدت في امريكا في عام 1987 حول مسألة جنوب السـودان .
(45) من كلمة له في الحلقة الدراسية نفسها .
(46) من محاضرة له عن تطبيق الشريعة الاسلامية في السودان .

Post: #106
Title: Re: النص الكامل لورقة د.عبدالله علي ابراهيم
Author: Shinteer
Date: 04-26-2004, 07:22 PM
Parent: #103

شكراً يا عزيزي عبد المنعم على إيراد مقالة عبد الله علي ابراهيم .. ونرجو أيضاً إيراد "منفستو" الغابة والصحراء إن أمكن .. حتى تستقيم الظلال.

تنويه بسيط: بداية البيت الأول من قصيدة المجذوب ليست: وليتني في الزنوج .. بل هي: ولـيــتي في الزنوج .. بغير نون يا صديقي.

واصل ومعك الأخ النور وهاشم وأسامة .. وأنا ارتضيت بوظيفة القارئ .. وهذا يكفي.

Post: #107
Title: Re: النص الكامل لورقة د.عبدالله علي ابراهيم
Author: Agab Alfaya
Date: 04-26-2004, 07:37 PM
Parent: #106

شكرا صديقي العزيز شنتير

اذا كان هنالك ثمة خطا او اخطا فهي علي ذمة الكاتب فاخوك لسه
لا يزال يضرب باصبع واحد فاين له من طباعة مقال بهذا الحجم اتمني يجي يوم اقدر اطبع حاجاتي بنفسي،
علي العموم الكاتب ما غلطان طبعها زي ما وردت في كتاب دكتور عبدالله ،
لكن كلامك صاح يا شيخ العرب دي ما بتفوت عليك ،
الصحيح :ليتي،

لا نرضي لك ان تكتفي بدور القاري،بدونك مداخلاتك البوست يكون بلا طعم

بخصوص مانفستو الغابة والصحراء،لم يصدر شي من هذا القبيل وانما
هي دراسات فردية متفرقة ساهم بها محمد المكي ومحمد عبد الحي والنور عثمان واخرين ،وقد اشار دكتور عبدالله الي بعضها في هوامشه.

Post: #108
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-26-2004, 08:03 PM
Parent: #1

شكرا الاخ العجب على مجهودك المقدر في نقل مقال عبد الله على ابراهيم مما سيساهم في المزيد من " استعدال" هذا الحوار "الشحمان"

يا شانتير بخصوص ما نيفستو الغابة والصحراء,
فان علمي المتواضع يقول ان ا لغابة والصحراء ليس لها مانيفستو والا كانت كفتنا كثيرا من الاراء التي حاولنا قولها في سبيل استكناهها كظاهرة ثقافية وكتيار ابداعي

ومن هنا بالضبط تاتي اهمية مقال عبدالله على ابراهيم باعتباره محاولة للامساك بالاسس النظرية والمعرفية لذلك التيار والتي انحصرت في بعض الشذرات المتفرقة هنا وهنالك ومحاولة وضعها في سياقها التاريخي والاجتماعي
وايضا كشف الاسس الواهية والاختزالية التي استند عليه ذلك التيار

ويبدو-والله اعلم – ان مؤسسي الغابة والصحراء ادركوا ذلك الاختزال والتبسيط المفهومي ,
واخذتهم العزة بالاثم ,
فلم ينتقدوا انفسهم وافهامهم المختزلة للثقافات السودانية,
خاصة وان البدائي النبيل لم يعد كذلك؟
والغابة ايضا لم تعد ذلك المستودع العجيب للغيبيات,
اذ انها كانت " تحترق" امام اعينهم,
فاثروا اما الصمت ,
او التنصل منها كما في حالة محمد عبد الحي والذي كان اكثرهم معرفة وابداعا

اما بخصوص ما اوردته عن تاثر الاستاذ محمود محمد طه وما بدا انه راي ابتساري فيتحمل قسط كبير من ظهوره بذلك الشكل المتحاورون ,
وعلى راسهم الصديق الدكتور النور حمد الذي يبدو انه امن على تلك النقطة التي اثرتها ولم يعلق عليها واثر اجندته الخاصة حول "الحوامة" حول الحوار

,وان كانت تلك الحوامة من حقه,
الا انها ساهمت بدرجة ما في ان يكون الحوار "ممحوقا " ومشتتا

وساعود لاثبات طغيان مفهوم " البدائية" على الخطاب المحمودي

ودمت اخي عمر عبدالله

ارقدوا عافية

المشاء

Post: #109
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-26-2004, 11:17 PM
Parent: #108

العزيز أسامة

قرأت إشارتك إلى الأستاذ محمود محمد طه. وهي إشارة لن تتعد الجملة الواحدة. وأنا لم افهم شيئا من تلك الجملة الواحدة، حتى أعقب عليها. ولا أدري لماذ افترضت أنني قبلت إشارتك تلك؟!!. لقد تصورت أنك سوف تعود لتوسع فيها، ولكنك لم تفعل. وحين تفعل يمكنني أن أناقشك فيها، إن رايت أنني بحاجة إلى ذلك، بناء على ما ستطرحه. أنت كثيرا ما تكتب مجرد(تلغرافات) وتنتظر الآخرين مناقشتك فيها. إفصح عن نفسك، وأبن، وأسس لما تقول. وأسمح لي بأن أقول، إنه ليس في الإمكان، وليس من المعقول، أو المقبول، أن يتم اختصار فكر الأستاذ محمود ـ وهو رجل أمضى أربعين عاما في مجال الإنتاج الفكري ـ ولا فكر كائن من كان، عن طريق اطلاق أحكام عريضة، باستخدام مثل تلك الإشارات، التي استخدمتها. وهي إشارات، دون الإبتسار، الذي اعترفت به، بكثير.

ولقد استغربت جدا، تحميلك "قسطا كبيرا" من مسؤولية ابتسارك للآخرين، وهو أمر تقع تبعته عليك، أنت وحدك،!!!
وهذا ما قلته أنت بالحرف الواحد:

Quote: اما بخصوص ما اوردته عن تاثر الاستاذ محمود محمد طه وما بدا انه راي ابتساري فيتحمل قسط كبير من ظهوره بذلك الشكل المتحاورون. وعلى راسهم الصديق الدكتور النور حمد الذي يبدو انه امن على تلك النقطة التي اثرتها ولم يعلق عليها واثر اجندته الخاصة حول "الحوامة" حول الحوار.


أنا أسف إن بدت لك "حوامتي"، عنصرا سالبا، في هذا البوست. غير أنني، مستمر فيها، ولكنني مشغول عنها هذه الأيام، وسأعود إليها، قريبا إن شاء الله. أرجو أن تناقش أنت، في الوجهة التي تراها مثمرة، وغض الطرف عما يرد في البوست مما تراه (يمَحِّق) الحوار. فالناس لا يرون الأمور من زاوية واحدة. ومن الخير ألا يرونها من زاوية واحدة. وأرجو أن تسمح لي بألا اشاركك الرأي في أهمية الوجهة التي تود أنت سوق الحوار إليها.

وختاما، ارجو أن تفرد بوستا منفصلا توضح لنا فيه الدعائم التي بنيت عليها أنت إشارتك للأستاذ محمود محمد طه. فإن ما أشرت إليه، لا تفيد في تأسيسه، إلا الدراسة الممنهجة، الموثقة، الممحصة، المتأنية، المدعومة بالإثباتات من نصوص الأستاذ محمود محمد طه، ومن نصوص غيره، مما يمكن أن يعينك علي موضعة فكر الأستاذ محمود، في الناحية التي أشرت إليها. ولا أعني هنا كتابا كاملا، وإنما مجرد ورقة، أكاديمية إن شئت.
ولا شنو؟؟

وختاما تقبل تحياتي وخالص مودتي.

Post: #110
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-27-2004, 02:53 AM
Parent: #1


شكرا عزيزي النور على ردك

ما اردت ان اقوله لا يهدف باي حال من الاحوال ان نحدد للمتحاورين الطريقة التي يجب بها ان يتحدثوا

لكننا نتحدث عن كيفية عملية في الحوار تجعله متماسكا وغير مترهل وممحوق بحيث يجعلنا نركز على محور محدد

وانتبه للامر اخي هاشم حين قال انك تكتب على هامش البوست

عموما كان هدفي فقط ان نحصر النقاش ولا نجعله "منشرا"

وارى ان فكرتي كانت خائبة ولم تحظ بالدعم المناسب

وعليه ساعود للتعليق على القراءة الخاطئة اساسا للعجب

وساحمل بقية ما كنت اود المساهمة فيه الى بوستات اخرى منفصلة تكون مركزة حول الموضوع المحدد

واشكر لك تنبيهي الى ان افرد بوستا خاصا لمسالة تبني "البدائية" في الخطاب المحمودي

مع تقديري

المشاء

Post: #111
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: د. بشار صقر
Date: 04-28-2004, 01:43 AM
Parent: #1

اولا ومن منطلق فلسفي فانه لا يجوز اثبات وجود ما هو موجود

(بالصورة) وان ذلك نوع من الاعتباطية واستهلاك زمن في جدل (سفسطائي)

ذلك ان الافريقانية في السودان موجود بالصورة , بداء من اسم الدولة

التي اطلقها العرب(وهذا من باب شهد شاهد من اهلها) علي قوم سود

يسكنون في البلاد المسمي السودان. وفي التاريخ كتب ابن خلدون في

مقدمته عن اقاليم السودان :وذكر ضمن من ذكره من شعوب: بلاد النوبة

والبجة وسكان جنوب السودان ومجالات الزغاوة ......وغيره راجع

البوست ادناه للمزيد



السودان (القديم) في اقاليم ابن خلدون

كما ومن منطلق الممالك الاكثر تاثيرا وشهرة واكثر توسعا من نواحي

العلاقات الدولية وسعة الملك كانت ممالك افريقية


مثل مملكة النوبة ومملكة دارفور(رواق ازهر وكسوة كعبة) وغيرها.


ومن منطلق التاريخ السوداني الحديث كانت لنضال القوي الافريقية

دورا هاما واساسيا في تكوّن السودان بشكلها الحالي وان كانت النّخب

التي كتبت تاريخ(وليست التأريخ) السودان الحديث نسيت او تناست عن

ذكر كثير من هذه النضالات( نذكر منها تصويت القوي الجنوبية لصالح

الوحدة , ومعارك التحرير في كل من الطينة والجنينة والتي بموجبها

تم تحديد حدود السودان الغربية بشكلها الحالي)


كذلك قوة تاثير افريقانية ارثا وثقافتا موجودة بعمق وسط القوي

الافريقية التي تعرضت للاقصاء والتهميش في الجنوب ودارفور , وفي هذا

المجال نذكر اختيار د. فرنسيس دينق ضمن افضل مائة شخصية مؤثرة

في القرن المنصرم فهل يوجد انجاز مشابه حققته تلك القوي

المستعربة الناكرة لافريقية السودان؟



اذا كان المفكر هو ذلك الشخص الذي يحمل في اعماقه ثقافة نقدية

قادرة علي انتاج الافكار وتنشيطها لتشكل نظاما فكريا ما وتوسيعها

واغنائها وتجديدها والتحقق من مدي تطابقها مع الواقع , واذا كانت

الايديولوجيا علي عكس ذلك تقوم بانتقاء لبعد الافكار التبسيطية عن

سبق اصرار من اجل تعبئة الجماهيرللقيام باعمال محددة. فان ما يقوم

به د. عبدالله علي ابراهيم هو ممارسسة الايديولوجبا التبريرية من اجل

تهييج الجماهير واعادة انتاج الثقافة الاحادية الشرقية التي تقوم

علي اسس استبدادية , ذلك الثقافة التي تؤمن بالمستبد العادل بديلا

للحريات وتشكل تجمعات محاميين من اجل دفاع عن الطواغيت من امثال

صدام حسين .انا لا اتهم هنا د. عبدالله بقدر ما انتقد الثقافة التي

ينفي مستندا عليها كل الارث الاجتماعي السوداني الافريقي الشغّال .



العنوان الذي اطرحه هنا بديلا لما يقوله د. عبدالله هو


الاسلامو-عروبية وتحالف الهاربين


ولكي نثبت وجود هكذا تحالف غرّبت الوطن من مجمل محيطه الافريقي ولم

تنجح في ادخالها اوادماجها في عروبتها المصطنعة , يجب ان نبدا في

تحليل عناصر التراث الاجتماعي السوداني ومقارنتها بتلك الموجودة في

البيئة العربية المثالية(الجزيرة العربية).


اذا كانت اللغة تؤثر في حضارة الامة ومظاهر ثقافتها فهي بدورها

تتاثر بحضارة البيئة ونظمها وعقائدها واتجاهاتها العقلية

وتقاليدها ودرجة ثقافتها واحوال بيئتها الجغرافية والمناخية

وشؤونها الاجتماعية الاخري , والحال هكذا فان مايملكه اسلاموعروبيون

هو رهان اللغة العربية اما العوامل الاخري فهي عوامل افريقية في

الاساس وبالتالي من الطبيعي ان تكون بسماتها قوية علي مجمل الهوية

والثقافةالمنتجة في السودان.

واذا كانت اللغة نظاما من الاشارات التي تعبر عن الافكار , فان

الدولة السودانية الحديثة بتجاهلها اللغات المحلية


تجاهلت الافكار الموجودة داخل هذه اللغات والارث الثقافي المكوّن

لها , وتلك اول دلائل قصور الرؤية للنخب المثقفة التي فرضت واصّلت

للاثقافة الاحادية في السودان.هذه الثقافة العربية المستوردة والتي

قامت بعملية تعريب (عمودي) لانماط الثقافية الافريقية واعادة

انتاجها في قوالب (عربية) دون ان يحفظ لها حقها الافريقي بل وصلت

الي درجة الانكار لوجود أي اصل افريقي لهذا الارث الثقافي الموجود

واقعا ( د. عبداله علي ابراهيم :افروعربية وتحالف الهاربين) .


لو نظرنا الي العلاقات التي تحكم وضع المراة في المجتمعات

السودانية لوجدنا انها منخرطة ومساهمة بقوة في الفعل الانتاجي اذ

المراة في الريف السوداني مثلا عاملة ومنتجة , و في التاريخ

القديم تبوات المرأة مناصب قيادية عليا (ممالك النوبية) , وكل

ذلك توكد بان المراة في السودان ناشطة ضمن الفاعلين اجتماعيا ,

فهل هذا يبدو مشابها لوضع المراة العربية (الجزيرة العربية) ,

وما هو السبب وراء هذا الانحراف لوضع المراة في السودان اذا

افترضناها عربية؟


دلالات الشلوخ:

ظاهرة الشلوخ في السودان وهي ظاهرة موجودة وسط القبائل النيلية

مثل الشايقية وكذلك موجودة في اوساط قبلية سودانية كثيرة اخري وهي

امتداد لظواهر افريقية مشابهة مثل وضع علامات في الوجه او تلوين

الجسم , ومن هذا المنطلق فان الشلوخ عند الشايقية منسجمة تماما

مع التقاليد الافريقية ولكن هل توجد تقاليد مشابها لظاهرة الشلوخ

في الاوساط العربية الاصلية؟

وانا هنا لا اتفق مع الفكرة القائلة بان الشلوخ عند بعض القبائل

النيلية عبارة عن وسيلة لحفظ نوعها(العربي) من الذوبان في القبائل

الافريقية الاخري وان كان في هذا القول تلميح او اعتراف ضمني بحدوث

مثل هذا التداخل ادت الي تغيير السحنات اللون مما جعلت العلامة في

الوجه دلالة وحيدة لتحديد النوع (فيزيائيا). حسب اعتقادي فان

الشلوخ ظاهرة افريقية موجودة ومنتشرة بكثرة في اوساط قبلية

مختلفة مثل المحس او الشايقية او الفور او اودينكااو

الزغاوة ............الخ.

اما السؤال الاكثر الحاحا

ما الذي يجعل العربي في الجزيرة العربية لا يتذوق الفن السوداني؟

( راجع بوست ادناه بخصوص انتشار الاغنية السودانية في افريقيا)

افريقيا وطن الاغنية السودانية بلا منازع

ففي وقت الذي يتمايل كل الشعب العربي من المحيط الي الخليج طربا

لاغاني المكوجي شعبان , لا نجد من يقوم

حتي بنقر الاصابع لاغاني العملاق وردي او غيره من الفنانيين

السودانيين , ولكن الغريب ان هؤلاء العمالقة لهم جماهير علي

امتداد افريقيا حتي اوساط اولئك الذين لا يعرفون اللغة العربية.


ان النتاقض الواضح ما بين واقع الارث الافريقي (الشغّال) داخل غالبية

الاوساط الشعبية السودانية وبين الثقافة العروبية (المتخيّل) فقط

عند النخب المهيمنة لمفاصل الجهاز الاعلامي والثقافي الرسمي للدولة

هو الذي افرز هذا الواقع السوداني المحزن .انه لمن المؤسف ان

يمارس الدولة اساليب السرقة والتشويش والاقصاء لارث الاجتماعي

الافريقي وبالتالي تمييع الهوية السودانية وتغريبها عن بيئتها مما

ادّ ذلك الي انتاج ساحتين اجتماعيتين في الفضاء السوداني

ساحة عروبية متخيّلة عند النخب ولا وجود لها لا في الواقع السوداني

ولا في اوساط العربية التي يدّعون الانتماء اليها وانما هي ساحة

وهمية مصنوعة بفعل الاعلام وبوسائط التهييج الجماهيري التي تجيد هذه

القوي استخدامها بكفاءة.

اما الساحة الاخري فهي ساحة التراث الجمعي المهمّش من قبل القوة

المهيمنة.

ان دراسة البيئة الاجتماعية للتراث السوداني من الدّاخل ومعرفة

السيميائيات الدلالية لكثير من مكوناتها البنيوية وتحليلها بدقة

سيكشف النقاب عن زيف الادعاء بهوية العروبية السودانية ويكشف ايضا

الي أي مدي تداخلت النوبية مع العربية مع غيرها من مكونات النسيج

السوداني الي درجة يصعب معها فرز الكيمان من جديد.



Post: #112
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-28-2004, 12:46 PM
Parent: #111

يا اهلا وسهلا بدكتور بشار صقر
اتفق معك حوارنا هذا يصب في جزء كبير منه في اثبات ما هو ثابت
اصلا،ولكن ماذا نفعل اذا كان اذا البعض يجادل فيما هو ثابت
اسمح لي ان اموضع هذا الاقتباس لحدي ما أجي راجع:
Quote: اذا كان المفكر هو ذلك الشخص الذي يحمل في اعماقه ثقافة نقدية

قادرة علي انتاج الافكار وتنشيطها لتشكل نظاما فكريا ما وتوسيعها

واغنائها وتجديدها والتحقق من مدي تطابقها مع الواقع , واذا كانت

الايديولوجيا علي عكس ذلك تقوم بانتقاء لبعد الافكار التبسيطية عن

سبق اصرار من اجل تعبئة الجماهيرللقيام باعمال محددة. فان ما يقوم

به د. عبدالله علي ابراهيم هو ممارسسة الايديولوجبا التبريرية من اجل

تهييج الجماهير واعادة انتاج الثقافة الاحادية الشرقية التي تقوم

علي اسس استبدادية , ذلك الثقافة التي تؤمن بالمستبد العادل بديلا

للحريات وتشكل تجمعات محاميين من اجل دفاع عن الطواغيت من امثال

صدام حسين .انا لا اتهم هنا د. عبدالله بقدر ما انتقد الثقافة التي

ينفي مستندا عليها كل الارث الاجتماعي السوداني الافريقي الشغّال .


Post: #113
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Nada Amin
Date: 04-28-2004, 03:47 PM
Parent: #1

التحية و الود الى عجب الفيا و المشاركون في هذا البوس القيم.
و شكر خاص على انزال ورقة د. عبدالله ابراهيم، كنت أبحث عنها منذ مدة حيث قرأت رد الأستاذ محمد جلال هاشم على بعض ما جاء فيها.

Post: #114
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bakry Eljack
Date: 04-28-2004, 11:19 PM
Parent: #113

الاخ عجب الفيا

ما زلت اتابع هذا الحوار الذى اري انه من اثري الحوارات التى مرت علينا فى هذا البورد فى موضوع كبير مثل سؤال الهويات.

شكرا على تكبدك المشاق فى نقل ورقة الدكتور عبد الله كاملة.

اود ان اسوق التحية لشاعرنا الكبير محمد المكى ابراهيم على مشاركته القيمة.

كما اود ان اوجه سؤال للاخ اسامة الخواض

ماذا يقصد بالخطاب الانثربولوجى الكولنيالى ومن هو صاحب هذا التحليل و ماهى اليات عمل هذا الخطاب , وهل لهذا التحليل علاقة بمنهج التحليل الماركسى؟؟

تنبهت الى هذه المسالة منذ ورودها اول مرة وكنت فى انتظار ان يقوم الاخ اسامة بالتوضيح الا انه واصل فى استخدام نفس المفردات دون شرج, لاحظت استفسارا للاخ عمر حول نفس الرؤية فيما يخص خطاب الاستاذ محمود محمد طه, و الاخ عمر والاخ النور تسائلا عن فهم الاخ اسامة الخواض لفكر الاستاذ محمود وانا اود ان يتوسع رد الاخ اسامة ليفهمنا ماذا يقصد بعبارة الخطاب الانثربولوجى الكولونيالى ومن ثم فليقدم لنا الاستشهادات التى تؤكد تاثر الاستاذ محمود بهذا الخطاب.

الى الاعالى فهذا حوار يجب ان يمضى الى الشمس و تسلم يا عجب

بكري الجاك

Post: #115
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: yumna guta
Date: 04-29-2004, 06:02 AM
Parent: #114

لى فوق

Post: #119
Title: Reعمر عبدالله ،ندا ،يمني ،بكري
Author: Agab Alfaya
Date: 04-29-2004, 06:32 PM
Parent: #113

الاخ العزيز عمر عبداله هواري
الف مرحب بيك شرفت والله
ارجو ان يجيب الاخ اسامة علي اسئلتك

الاخت العزيزة ندا امين
نورت والله وفاقدنك شديد

الاخت العزيزة يمني ان شاءالله دائما نشوفك فوق

الاخ العزيز بكري الجاك
دوما انت في العلالي وجودك معنا يثري النقاش ويشحمه،

Post: #116
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-29-2004, 07:04 AM
Parent: #1

العزيز بكري الجاك
كنت اود ان اهجر هذا النقاش كما ذكرت قبل ذلك لان النقاش كما يقول العرب انفلش وكثيرا
فكرتي المركزية في هذا النقاش ان "العجب" اساء قراءة كل من مقالة عبدالله علي ابراهيم وبولا وحسن موسى

كما انه اساء فهم الغابة والصحراء
لكن النقاش تبعثر مما اتاح الفرصة للمغالطة والغلاط والمماحكة
مع ان "العجب" قد سوق كثيرا لهذه الورقة
فهو قد عمل منها قبل ذلك بوستا للرد على حسن موسى وبولا
واضاف الورقة كجزء من المراجع
والحاصل انه لم يفعل سوى ان اورد المراجع الموجودة في الورقة المعروضة امامنا الان
وفي هذا اشارة لمدى الامانة العلمية التي يتمتع بها" العجب"

كما ان "العجب" اساء فهم ما قاله رواد الغابة والصحراء:

وساضرب مثلا مهما :
انتقد محمد عبدالحي المجذوب ووصفه بانه يتبنى مفهوم "البدائي النبيل" وذلك في نقده لجنوبيات المجذوب التي كان قد رحب بها قبل ذلك باعتبارها اساسا للغابة والصحراء

لكن يبدو ان "العجب" ملكي اكثر من الملك ولذلك اصر على ان مفهوم "االبدائي النبيل " مفهوم رائع؟؟؟؟؟

اما عن "البدائي النبيل" و"البدائية" فانني على استعداد للكلام عن ذلك بعد ان اعرف راي صاحب البوست اي العجب حول دفاعه الخاطئ عن مفهوم " البدائي النبيل"
اعتقد هذه فرصة اخيرة يا اخي بكري الجاك لاستعدال النقاش

واذا حبذ "العجب" عدم الرد فاننا سنفكر في طريقة اخرى للحديث عن "البدائية" و"البدائي النبيل"

ودمت اخي بكري
وفي انتظار رد"العجب"

وارقدوا عافية

المشاء

Post: #117
Title: Re: اجيب علي سؤالك لكي تبقي معنا في النقاش يا اسامة
Author: Agab Alfaya
Date: 04-29-2004, 05:15 PM
Parent: #1

كان الاخ اسامة الخواض حتي اخر لحظة متحمسا للنقاش،
فبعد ان اكملت انزال نص ورقة عبدالله ابراهيم مباشرة شكرني علي ذلك وابدي استعدادا اكبر للنقاش قائلا:
Quote: شكرا الاخ العجب على مجهودك المقدر في نقل مقال عبد الله على ابراهيم مما سيساهم في المزيد من " استعدال" هذا الحوار "الشحمان"


ويلاحظ القاري الكريم انني لم اقوم بعمل اي مداخلة بعد هذا،
حتي يمكن ان يجد فيها اسامة مبررا لتغيير رايه من الاستمرار في النقاش،
ولكن ها هو في رده علي بكري الجاك يفاجؤنا دون اي مقدمات للتمهيد للانسحاب من النقاش بقوله:
Quote: العزيز بكري الجاك
كنت اود ان اهجر هذا النقاش كما ذكرت قبل ذلك لان النقاش كما يقول العرب انفلش وكثيرا
فكرتي المركزية في هذا النقاش ان "العجب" اساء قراءة كل من مقالة عبدالله علي ابراهيم وبولا وحسن موسى

فماذا حدث يا تري ؟
هل اطلاع الاخ اسامة علي ورقة عبدالله ابراهيم جعله يراجع مواقفه ،
ولكنه لا يريد ان يعلن ذلك صراحة ؟
واذا لم يكن ذلك كذلك ،لماذا يا اسامة لم تغتنم الفر صة وتثبت سؤء فهمي لورقة عبدالله وها هي الورقة امامك؟
لقد ظللت منذ بداية هذا النقاش تردد :لقد اخطا العجب ،لقد اساء العجب،دون ان تاتي بديل واحد علي سؤ الفهم المزعوم.

ولكن حتي لا اعطي الفرصة لاسامة لهجر هذا النقاش الشحمان علي حد تعبيره - سوف اجيب علي السؤال الذي طرحه علي ،والذي يحاول ان يصرف به النقاش عن الموضوع الاساسي وهو الافروعربية ونفي عبدالله ابراهيم للمكون الافريقي عن انسان السودان:
Quote: اما عن "البدائي النبيل" و"البدائية" فانني على استعداد للكلام عن ذلك بعد ان اعرف راي صاحب البوست اي العجب حول دفاعه الخاطئ عن مفهوم " البدائي النبيل"
اعتقد هذه فرصة اخيرة يا اخي بكري الجاك لاستعدال النقاش


اليس كان الاجدي يا اسامة ان تجيب علي سؤال بكري وتستعدل النقاش بنفسك بدل اللجؤ الي هذا الاسلوب الذي واظبت عليه في نقاشاتك ؟
ومع ذلك ساجيب علي سؤالك حتي تبقي معنا وتصحح اخطاءنا،

في البداية راي ناس الغابة والصحراء في قصائد المجذوب التي يحتفي فيها بانسان الجنوب ويقر فيها بعرقه الافريقي- في اول سابقة من نوعها
لانسان من شمال السودان - راوا فيها وعيا مبكرا بالافروعربية.الا ان محمد عبد الحي راي فيما بعد ان المجذوب صور انسان الجنوب في صورة بدائي نبيل!
ولم يصوره كانسان عادي له نفس الهموم والمشاكل الاجتماعية مثلما لغيره من الناس .وقد ذكر لي عبدالله بولا في نقاش معه حول الورقة انه اول من تنبه الي صورة البدائي النبيل في قصائد المجذوب . ولكني لا اري هذا الماخذ علي قصائد المجذوب فهو في النهاية شاعر ،وليس المطلوب من الشاعر ان يتحدث بمنطق السياسي والباحث الانثربولوجي. هذا هو موضوع البدائي النبيل باختصار شديد.

الا ان عبدالله ابراهيم ،عكس الاية كما يقولون واتخذ من نقد محمد عبد الحي لقصائد المجذوب ،سلاح لضرب ناس الغابة والصحراء ،زاعما انهم اساؤا الي الانسان الافريقي،ليس لانهم صوروه في صورة بدائي نبيل كما قال عبدالحي ،وانما اضفوا عليه،الصورة التي رسمها الاستعمار الاوربي والعربي للزنجي .ولذلك ليسهل عليه رميهم بالبوهيمية والغرائزية.
يقول د.عبدالله :
"اساء الافروعروبيون الي افريقانيتهم ..فقد اصطنعوا في صلف سخطهم وبوهيميتهم الكظيمة افريقيا وهميا لحمته وسداته معطيات اوربية عربية مردودة عن افريقيا مثل الطفولة والغرارة والمشاعية والروحانية وخفة القلب والولع بالايقاع والرقص " .

فاين هذه الصفات السالبة من صورة البدائي النبيل التي يقول محمد عبدالحي ان المجذوب صور بها انسان الجنوب؟ وحتي علي فرض ان المجذوب رمي الجنوبي بهذه الصفات لماذا يتحمل وزرها ناس الغابة والصحراء الذين انتقدوها قبل ان يتنبه اليها د.عبدالله ابراهيم ؟!

ولكن دكتور عبدالله ابراهيم استعمل ذلك ،من باب المثل العربي :رمتني بدائها وانسلت! فدكتور عبدالله ابراهيم يظن في قرارة نفسه أن هذه الصفات كالبوهيمية والمشاعية واستباحة المحرمات واطلاق الغرائز ، الصق بجنس الافريقي لذلك رمي بها الافروعروبيين ، ليسهل له القول في النهاية بأن دافعهم إلى " الفرار إلى النسبة الأفريقية " على حد تعبيره هو إشباع الغرائز والتحلل من المحرمات واطلاق الرغبات . لذلك يقول :
" فدعاة الآفروعربية لم يلقوا وهم في ريعان الشباب من ثقافتهم العربية والإسلامية ما يروى غلتهم من الحب والتعبير ، فاضطروا إلى الهرب باجندة الريعان والشغف إلى فردوس مطموس في تكوينهم الاثنى الغرائز فيه طليقة والرغائب مستجابة " .

وعن رحلة محمد المكي إبراهيم إلى أوربا في الستينات يقول : " وقد أملت البوهيمية على مكي أن يمد إقامته في ألمانيا إلـى عـام تغيـب فيـه عن الجامعة " .

فصورة الأفريقي مرتبطة عنده أصلا بمثل هذه الصفات السالبة لذلك فهـو يرفض الانتماء الافريقي لا يرى في دعوة هؤلاء القوم لرد الاعتبار للمكون الأفريقي فيهم سوى دعوة لإشباع الغرائز " فقد ترك الآفروعربيون الانطباع الخاطئ بأن تزمت الثقافة العربية لا ينصلح إلا بعملية نقل دم من حضارة أخرى أكثر تسامحا في ارواء الأشواق والغرائز " . فأي حديث عن الثقافة الأفريقية لا يرى فيه غير دعوة ماجنة إلى إشباع الغرائز ، واطلاق الشهوات .

بالله عليك يا اسامة من الذي اساء الي الافريقي ؟!

اهاان شاءالله اكون جاوبت علي سؤالك وقررت تواصل معانا

Post: #118
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-29-2004, 06:15 PM
Parent: #1

شكرا العجب على ردك

ولا ادري لماذا لم ترد على ملاحظتي الاولى بخصوص الامانة العلمية وفي انك الصقت بوستا بعنوان "حول مساهمات حسن موسى وبولا في الهوية" والذي ما هو الا تحويرسريع الافتعال لهذا المقال وتضليل القارئ بواسطة ايراد الورقة نفسها كمرجع في محاولة للايحاء بان هذه ورقة جديدة واصيلة؟؟؟؟؟

اعتقد ان العجب لا يعرف مصطلح " البدائي النبيل " الذي اورده عبد الحي . وعدم المعرفة تتضح في التعليق التالي "للعجب":

"والوقع إن ما رمى به د. عبد الله هؤلاء النفر ما هو إلا قراءة خاطئة وتأويل مغلوط لعبارة أوردها د. محمد عبد الحي أبرز رموز الغابة والصحراء وذلك في سياق تعليقه على قصائد محمد المهدي المجذوب التي كتبها في الجنوب في الخمسينات والتي عرفت بالجنوبيات . قال عبد الحي يصف ( الجنوبيات ) أنها صورت إنسان الجنوب فى صورة(بدائى نبيل) اى ان المجذوب تحدث بخيال شاعر عن إنسان الجنوب ولم يتحدث عن الجنوبي بعقل الإنسان السياسي والمحلل الاجتماعي . وهو تعليق في رأيي سليم جدا . فالشاعر غير السياسي وعالم الاجتماع . إلا أن د. عبد الله على إبراهيم أبى إلا أن يحور عبارة محمد عبد الحي المشرقة تلك عن موضعها ويأولها تأويلا يخرج بها عن قصدها " النبيل " فأين وصف عبد الحي للأفريقي الجنوبي بالنبل مما ذهب إليه د. عبد الله و د. حريق ؟؟" انتهى كلام " العجب"

والان فلناتي للتعرف على مصطلح البدائي النبيل الذي هلل وبارك له " العجب"

توضح ورقة عبدالله على ابراهيم فهم عبد الحي لمصطلح "البدائي النبيل " حين تقول:

"رد عبد الحى في كلمته الأخيرة ( 1985 ) جنوبيات المجذوب إلى تأرجح الشاعر (34) بين ثقافة العرب وثقافة الأفارقة ، لا إلى وحدتهما في عمق المصادر كما فعل في كلمته عام 1967 ، كما رأينا أعلاه . فجنوبيات المجذوب عند عبد الحى قائمة في ثنائية الحضارة ، التى تمثلها ثقافة الشمال العربية ، والطبيعية ، التي تمثلها ثقافة أهل الجنوب (35) . وهى ثنائية يتعارض فيها العرف مع الملابس ، البراءة مع العار ، والقلب مع العقل ، والأريحية مع النقود ، والطلاقة مع الأخلاق ، والمشاعة مع النسب"

وسنتحدث بعد قليل عن تعريف مفهوم البدائي النبيل الذي لم يفهمه العجب وتوضيح جذوره الكولونيالية

وارقدوا عافية
المشاء

Post: #120
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-30-2004, 05:55 AM
Parent: #1

في انتظار مداخلةالعجب حول مفهوم البدائي النبيل

المشاء

Post: #121
Title: Re: انك تخلط بين البدائية النبيلة والخطاب الكولونالي
Author: Agab Alfaya
Date: 04-30-2004, 10:46 AM
Parent: #1

في مداخلته قبل الاخيرة ختم اسامة الخواض قائلا:
Quote: وسنتحدث بعد قليل عن تعريف مفهوم البدائي النبيل الذي لم يفهمه العجب وتوضيح جذوره الكولونيالية

وبينما نحن في انتظار ان يحدثنا عن الجذور الكولونالية للبدائي
النبيل فاذا به يفاجؤنا في اخر مداخلة له متسآئلا :
Quote: في انتظار مداخلةالعجب حول مفهوم البدائي النبيل


هل نسيت وعدك الذي قطعته لبكري الجاك بانك سوف تجيب علي سؤاله بعد ان تسمع ردي علي البدائي النبيل؟
ولكن لا باس اذا لم يكن لديك ما تقوله،سوف اواصل
اولا باعتراف عبدالله ابراهيم نفسه انه ليس اول من استعمل مصطلح البدائي النبيل في الحديث عن انسان جنوب السودان ،كما سبق البيان ،بل قال بالحرف الواحد :
Quote: جاء عبد الحى بمصطلح " البدائى النبيل " إلى حلبة نقاش العلاقات الثقافية في كلمته القيمة المشار إليها آنفا

يعني عبدالله ابراهيم بعضمة لسانه بقول ان محمد عبدالحي اول من استعمل مصطلح البدائي النبيل لنقد قصائد المجذوب عن انسان الجنوب ،
لكن اخونا اسامة يلقي بحسه النقدي جانبا ويصر ان يمشي في زقة التهليل والتبجيل المجاني،حتي ينطبق عليه المثل : اشد مسيحية من البابا!
فعبدالله ابراهيم ليس لديه اي فضل في سبق استعمال البدائية النبيلة في صراعه مع الافروعروبيين ،بل انهم هم الذين اتوا بهذا المصطلح لدفع تهمة البدائية عن الانسان الافريقي ،وللحديث عنه كانسان عادي له همومه ومشاكله الواقعية وليس مجرد انسان حالم يعش في فردوس معزول عن العالم،كما تبدي في شعر المجذوب .
لذلك لا يوجد اي مبرر للاحكام المتعجلة التي اصدرها اسامة الخواض في حق هؤلاء الرواد ،سوي القراءة آلايدلوجية ،والايدلوجيا كما عرفها ماركس :وعي زائف.يقول اسامة:
Quote: ويعود ذلك في جزء كبير منه كما ا وضح ذلك مقال عبد الله على ابراهيم الى ان تيار الغابة والصحراء وقع ضحية لسلطة الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي –ذي التمركز الاوروبي- في تبنيه لمفهوم "البدائية".

لاحظ انه يقول بكل اطمئنان ان ناس الغابة والصحراء تبنوا مفهوم البدائية !!!!؟؟؟؟
بينما عبدالله ابراهيم نفسه يقر بانهم اول من ادخل هذا المفهوم لدفع تهمة البدائية عن الانسان الافريقي؟
الامر المهم جدا هو ان اسامة الخواض يخلط بين "البدائية " كمصطلح
في علم الاجتماع والعلوم الانسانية الاخري ،وبين المفهوم الاستعماري الاوربي العربي للانسان الزنجي ،
البدائية كمصطلح علمي اكاديمي،وصف يطلق علي مرحلة في التطور البشري مرت بها كل المجتمعات ،ولا زالت بعض المجتمعات تمر بها،
بغض النظر عن اختلاف الدراسين حول استخدام هذا المصطلح ومحاولة استبداله بمصطلحات اخري كالمجتمعات القبلية وغيرها وذلك حتي لا يسأء فهمه وينظر اليه كحكم قيمة،
ولعل كل من لديه خلفية عن الماركسية يعرف مراحل تطور المجتمعات عند ماركس،ويعرف ما يسمي بالشيوعية البدائية،او جنة عدن كما يصفهاماركس
بايحاء من التوراة !

بعد الثورة الصناعية وبروز المجتمعات الراسمالية والتجمعات السكانية الكبيرة ممثلة في المدن ،وسيطر العقل الجمعي كضرورة من ضرورات تنظيم المجتمع المدني،ظهرت كرد فعل لذلك حركات تطالب باحياء البدائية،و العودة الي الطبيعة والي الريف كما تجلي في كتابات جان جاك روسو واخرين،بحثا عن البراءة والبكارة وهروبا من شبكة العلاقات التي يفرضها المجتمع الحديث علي الانسان الفرد،وقد ساهمت هذه النزعة في افراز اغني واخصب تيارات الادب والفن ابتداء من الرومانسية والرمزية والوجودية والدادية وحتي البنيوية والتفكيكية!

من هذه الزاوية فقط يمكن النظر الي قصائد المجذوب عن الجنوب،وهو الافندي الموظف الصغير الذي نقل من عاصمة الترك /الخرطوم كما يسميها الي بورسودان ثم ما لبث ان نقل مغضوبا عليه الي الجنوب سنة 1953فصور الحياة هنالك في صورة بدائية نبيلة بالمعني الرومانسي الذي يتحدث عنه جان جاك روسو ودعاة العودة الي الطبيعة .لذلك اري ان ناس الغابة والصحراء قد حملوا الامر اكثر مما يحتمل عندما انتقدوا المجذوب وقالوا ان قصائده اسقطت الجانب الواقعي في حياة هؤلاء القوم.وطبعا دا شي طبيعي من شاعر !
وقد كانت البدائية النبيلة مفخرة عند رواد حركة الزنجية في غرب افريقيا والكاريبي في خمسينات القرن العشرين .وكان سينغور احد زعماء هذه الحركة يفتخر بحب الانسان الافريقي للفن ويقول مباهيا : "ان الانسان الافريقي ممتلئا بالفن حتي لو انه سقط من السماء لسقط بايقاع.الي درجة ان ادباء غرب افريقيا في تلك الفترة اختاروا"اورفيوس الاسود" اسما لمجلتهم الادبية .وارفيوس كما هو معروف اله الفن والموسيقي عند الاغريق .طبعا هذا لا يعني بالضرورة دليلا علي خفة العقل كما في الخطاب الكولونالي وكما اشار د.عبدالله.

ثم جاء عبد الله ابراهيم ليستغل نقد ناس الغابة والصحراء لقصائد المجذوب ويحوله بقدرة قادر الي تهمة ضدهم .وليتجاوز مفهوم البدائي النبيل الي الخلط بينه وبين الخطاب الاستعماري الاوربي العربي الذي يرسم صورة نمطية معيبة، ابعد ما تكون عن البدائية النبيلة التي تحدث عنها روسو واشار اليها عبد الحي.

واذا كان عبد الحي يرفض صورة البدائي النبيل في شعر المجذوب ،لاسباب نبيلة هدفهارسم صورة واقعية للانسان الافريقي، فعبدالله ابراهيم ،يرفض هذه الصورة النبيلة لاسباب تخصه،منها اثبات الروح العداونية للجنوبي التي تجعله يرفض التعايش السلمي مع الشمالي في ظل وطن افروعربي!
يقول د.عبد الله :
Quote: إن صورة الجنوبى كبدائى نبيل لا تصمد أمام الصورة الاثنوغرافية التى رأيناها عند إيفانز برتشارد وليتهاردت وغيرهما ، والتى فيها الجنوبى أيضا إنسان مشدود بين الثقافة والطبيعة ، وهى الثنائية التى لا مهرب لبشرى من مجابهتها . وهى لم تصمد بالفعل للجنوبى الواقعى الذى ارتكب أنواعا من القتل المجانى ضد طائفة من موظفى الدولة الشماليين فى حوادث 1955

كان يمكن لخطاب الدكتور عبدالله ان يكون منسجما ومتماسكا في نقده
للافروعروبين لو انه يتبني اتجاها اكثر انصافا وواقعية في للتاصيل للمكون الافريقي في الانسان السوداني ،لكن في الوقت الذي يتهم فيه الافروعروبيين بانهم اساوا الي صورة الانسان الافريقي - بالرغم من عدم صحة هذه التهمة - نجده ينفي بشدة اي ريحة افريقية في التكوين الثقافي والعرقي لانسان شمال السودان،وهذا ما دعانا ان نصف هذا الخطاب بالتنافض،يقول في خاتمة ورقته:
Quote: إن أفضل الطرق عندى أن يكف أبناء الشمال العربى المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة . فأوفى الضمانات للأفريقيين في الوطن هى يوم يرونهم قد وطنوا حرياتهم كعرب ومسلمين في باطن ثقافاتهم . فالاحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن يزعم الأفروعربيون أن دماءهم ، كأسلاف ، قد استقرت فينا هو خطة سلبية جدا

لاحظ شدة النفي في عبارة: ممن يزعم الافروعروبيون ان دماءهم كاسلاف قد استقرت فينا!
وهنا اسمح لي يا اخ اسامة ان اوجه اليك سؤالا مثلما سالتني،
والسؤال هو :ما هو تبريرك لمناهضة عبدالله ابراهيم لحقيقة الواقع الافريقي في تكوين انسان شمال السودان ؟!!

هل اطمع في اجابة

ونواصل







Post: #122
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-30-2004, 12:30 PM
Parent: #1

iam leaving


but still i wiil ask Alagab for the third time:

ولا ادري لماذا لم ترد على ملاحظتي الاولى بخصوص الامانة العلمية وفي انك الصقت بوستا بعنوان "حول مساهمات حسن موسى وبولا في الهوية" والذي ما هو الا تحويرسريع الافتعال لهذا المقال وتضليل القارئ بواسطة ايراد الورقة نفسها كمرجع في محاولة للايحاء بان هذه ورقة جديدة واصيلة؟؟؟؟؟

till then i will be back

Almashaaa

Post: #123
Title: Re: اذن هذه هي ورقتك الاخيرة !
Author: Agab Alfaya
Date: 04-30-2004, 02:18 PM
Parent: #1

الاخ الاستاذ اسامة
طالما قررت ان تمشي رغم الاستجابة لكل شروطك الغير تعجيزية
امشي الله معاك نشكرك جدا علي تلبية الدعوة للمشاركة في هذا الحوار
ونتمني ان نرد الزيارة لكم قريبا،

بالنسبة لسؤالك عن الامانة العلمية بصراحة ما فهمت قاصد به شنو عشان كدا ما جاوبتك عليه ،ممكن توضح اكثر؟

Post: #125
Title: Re: اذن هذه هي ورقتك الاخيرة !
Author: doma
Date: 04-30-2004, 05:29 PM
Parent: #123

السلام عليكم يا ابنائي
اشيد بالعجب ودكتور النور وكل المساهمين وهم كثر في اثراء هذا الحوار والذي امتعني وانا من غمار الناس ولا لي صله بالادب او الثقافه من بعيد ولا قريب .المشارك الوحيد الذي لم أري له اي ادلاء بما يفيد هو المشاء وعنده طريقه في النقاش غير مريحه اما انه لا يعلم ويحشر نفسه في حته ضيقه او انه يعلم ولا يستطيع التعبير عن معرفته .

Post: #128
Title: Re: يا الف مرحب بالاستاذة دوما
Author: Agab Alfaya
Date: 05-01-2004, 07:10 AM
Parent: #125

الخالة العزيزةالاستاذة/دوما
اهلا وسهلا وشكرا علي المتابعة الرصينة

Post: #126
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-30-2004, 10:10 PM
Parent: #1

Alagaab
I say I will get back
almashaa

Post: #127
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-30-2004, 10:55 PM
Parent: #1

عندما قلنا للفيا اننا نريد ان نستعدل النقاش كان في ظننا ان نعطه فرصة لمراجعة قراءته الخاطئة ,لكنه لم ينتبه لاشارتنا اللطيفة لكثافة ما حجبت عنه بعضا من فيوض اشارتنا.
فالعلم ليس فيه غالب ومغلوب وانما هو محاولة للبحث عن الحقيقة النسبيه
لكن الفيا اكد استعدال النقاش , وفاتت عليها اشارتنا تلك بما تحمله من جمال خفي خفر احاله الى جلال ظاهر بفعل العجلة.

وبعد ذلك قلنا ان ورقة الفيا لم تنجح في التدليل على الفرضية التي تتعلق بقراءة بولا وحسن موسى ذات الطابع الايديولوجي و التي تسعى الى" التقليل من وربما نفي المكون العربي الاسلامي وقلنا انه ".

ببداهة المنطق لا يستقيم هذا الكلام لان الكاتبين اصلا محسوبان على الجماعة العربية الاسلامية

وبالرغم من ذلك الانتماء الثقافي بحسب النشاة الا انهما ما قصرا ابدا في فضح المركزية الثقافية العربية الاسلامية. كما ان لحسن موسى تجربة في استلهام الحرف العربي في نصوصه التشكيلية
وحين طرحنا على الفيا ذلك الفشل ,ترجرج وقال بشئ مختلف عما قالت به الورقة:
فالورقة تقول الاتي
"تقف قراءة كل من حسن موسى وبولا في سعيها للتقليل من وربما نفى المكون العربي الإسلامي ، على الطرف الأيسر

ورد الفيا علينا يحكي عن فرضية معاكسة لفرضية الورقة حين يقول:

"اماموقف حسن موسي وعبدالله بولا،المناهض للغابة والصحراء فينطلق من فرضية تقول بتبني الغابة والصحراء الكامل للثقافة العربية الاسلامية"

العجب ليست له خلفية كافية عن كتابات بولا وحسن موسى
وحين قلنا له ان الخلط الغريب مدعاة لان يقوم الكاتب باعادة النظر في فرضيته تلك, تعامل بمبدا اضان الباحث طرشة

وهو ايضا لم ينتبه لما قاله له الدكتور النور حمد قي مقام اخر , حين كان يظن ان الفيا من الذين يعرفون بولا وحسن موسى , ولذلك خاطب النور الفيا بثقة العارف بهما قائلا:

"وأعلم، كما تعلم أيضا، أن للناقدين، د. عبد الله بولا، ود. حسن موسى، تحفظات على مدرسة الغابة، والصحراء. غير أني أجد في تحفظاتهما، ما يستحق التأمل، فهي تنحو منحى عميقا، يستدعي التفكر، والتدبر"
ولانه اي الفيا لم يدرك ذلك, اثر النور ان يلقى القفاز الى بولا
وفي هذا اهدار لمبدا " الصديق وقت الضيق"

وقلنا ايضا ان ورقة الفيا تتجاهل تطور تيار الغابة والصحراء في التاريخ وهذا ما انتبه اليه بولا وحسن موسى بخصوص سيرورة تيار الغابة و الصحراء وموقفه من التغيرات الاجتماعية والحروب الثقافية
وهذا ما دعانا ان نقترح على العجب ان يعيد النظر في ورقته تلك

وقد وافقنا النابه هاشم الحسن حين دعم ماقلناه بضرورة اعاده النظر في الورقة حين كتب:

"الرجل –اي الفيا- من أهل البحث و التنقيب و حفّار عتيد، ربّما غيّر رأيه منذ 1999 وما عاد يتبنى الورقة بما هي عليه، ومن كانوا في مثل حاله ، هُم على قلق، كأن الريح تحتهم عاصفة
وفي الحق، عندي، أن كل سيرة الأفروعروبية هي سيرة الآيدلوجيا الكليمة كمن سبق ويلحق. عدم تجسدها في ملكوت الحزب و الدولة لا ينقص من ذلك شيئاً...!!
بالإضافة لإصرار منعم الفّذ على إنكار كل صلة للآفروعربية بالآيدلوجيا/ المشروع/ الخطاب وبدلاً عن ذلك، وصلها حميماً بالمعرفة المحايدة و بالعلمية (و سلطة الحقيقة المطلقة و العاتية التي كانت لازمة فيه قُبَّال حكاية اللاحتمية الملعونة) في و صف الظواهر كما هي عليه فقط( وهذا الإنكار و الوصل هو ظاهرة آيدلوجية بإمتياز..إنظر في علاقة كل ما تذكر من آيدلوجيات بلفظة العلم!!). وهذا الوصل لا أجد ما يسوغه عندي كقناعة في الفكر و ليس كأمنية في الحلم..

و لا هو( الفكر) وجد ما يسوقّه في سوق (الله أكبر) العامرة بالمتداعين للآيدلوجيات في مساعيهم نحو مشاريع للتحديث أو في الحداثة ، و من هؤلاء عبد الله بولا و حسن موسى و عبدالله علي إبراهيم . من الذين عاتبتهم يا منعم في ورقتك ونعيت عليهم تكالبهم على جنازة الآفروعربية ضرباً و تقطيعاً ...ويشهد الله ما و جعت زولاً غيرك يا منعم!! و و صف عبد الله علي إبراهيم لها بالتوفيقية و الطوباوية و الوسطية السعيدة لخير و أرأف بها من وصف نصر حامد ابي زيد لخطاب حي و مليء بالحيوية كمشروع اليسار الإسلامي في (الدين و الثورة لحسن حنفي) بالتلفيقية صراحة وليس مواربة
وواصل الحسن صاحب الاسلوب السمح الحسن مقالته السنية :
"فيا منعم لا تهرب بالآفروعروبية من نصيبها في النقد و مجابدة الأفكار بإلباسها لبوس المعرفة المتعالية عن كل غرض ، ودع (الأزرق) لنفسه التي هو عليها و ليس التي (كانت) في العودة إلى (سنار)
إن كنت معك في

Quote: ارجو ان يعيد الفيا تقييمه لما كتبه كما كنت تتوقع انت

ليس لأنني على قناعة بغير فكرته فقط.و لا لأن الأستاذة منى عبد الحفيظ توقعت مثل هذه المراجعة و تساءلت عنها. ولكن، فقط ، لأن المراجعة من سمت الباحثين عن الصواب و إن عابها الأستاذ منعم على عبد الله علي إبراهيم في إشارة لرحيله من أيدلوجيا الشيوعيين و خطابهم في الهوية، إلى العربسلامية، بالفكر و الموقف مما قد لا يكون دقيق"

وقد وعد الفيا بالرد على هاشم لكنه تجاهل ذلك
ولا ندري هل الفيا تعمد عدم التعليق على اشارات" هاشم الحسن" الحسنة واللماحة, ام انه مارس مرة اخرى قراءة خاطئة للاشارات الهاشمية؟؟؟؟؟؟؟؟

فهو اي الحسن اعلن وفاة الغابة والصحراء واورد مقاطع لمحمد المكي ابراهيم يتحدث فيه عن صمتهم وعن ان رائدا كمحمد عبد الحي تنصل منها , والوحيد الذي ذرف عليها الدمع-بشهادة محمد المكي ابراهيم- كان هو العجب بالرغم من ان "البكا بحررو اهلو"!!!!!!!

وواصل الفيا اخطاءة لكي يصلح ما افسدته القراءة الخاطئة والمركبة لكل من

بولا وحسن موسى
مقال عبدالله على ابراهيم
تيار الغابة والصحراء

وبدلا من ان تعترف الورقة باخطائها الفادحة ,
ها هي تزوغ من النقاش,
بل وتعيد انتاج الخطا,

وساورد مثلا بسيطا من الرد الاخير للفيا فهو قال عن الجنوب انه اتى لاحقا
وحين طرحنا عليه خطا هذه الفكرة قال الاتي::

هنالك نقطة مهمة جدا وهي ان الافروعربية لم تبدأ مع الغابة والصحراء،
الافروعربية وجدت منذ ان وجد السودان ،منذ فجر التاريخ وظهور الحضارات الاولي وحتي دخول العرب والاسلام.
هي هذا الواقع وهذا الوطن الذي يسمي بين سائر شعوب الارض بالسودان
لم يخترعها محمد المكي ومحمد عبد الحي وصلاح احمد ابراهيم،ولا يرتبط وجودها بزيد او عبيد :لذلك قلت انها ليست مشروع او مدرسة او تيار
المكي وعبد الحي وصلاح والمجذوب لهم فضل تنبيه الغافلين عن وجودها!
لا اكثر من ذلك!!!!!

ثم عاود تاجلجه واضاف لتلك التواريخ المتعددة تاريخا اخر لظهور تيار الغابة والصحراء عندما قا ل :

"الحقيقة التنبيه الي هذا الوجود الافروعربي بدا في عشرينات القرن العشرين مع ثورة 24 التي اعقبها، نشر حمزة الملك طمبل مقالاته عن الادب السوداني وما يجب ان يكون عليه "حيث لفت نظر شعراء احياء المدرسة العربية في الشعر :العباسي والبنا وعبد الله عبد الرحمن الي ضرورة الصدور في ادبهم عن البيئة المحلية السودانية وعدم الاكتفاء بتقليد الشعر العربي القديم.

وهذا التلجلج سببه محاولة اصلاح الخظا والتي لايمكن الا ان تننج خطا اخر.فالكلام لم يكن عن بدايات الهجنة الثقافية وانما عن التعبير الابداعي عن تلك الهجنة وهذا ما قاله الفيا في دراسة سابقة له
ولكنه نسى ذلك في محاولته لتبرير اخطائه المتكررة.

وسنعود للكلام بالتفصيل عن عدم فهم الفيا لمصطلح " البدائي النبيل" والذي نعتقد انه من الاسباب الاساسية التي جعلت ورقة الفيا تقع في قراءة مزدوجة الخطا لكل من محمد عبدالحي وعبدالله على ابراهيم

وارقدوا عافية

المشاء

Post: #129
Title: Re: هل ننطلق من صداقاتنا وانتماءتنا القبلية !؟
Author: Agab Alfaya
Date: 05-01-2004, 10:01 AM
Parent: #1

فكرت كثيرا في هذا السؤال في خلال مسيرة هذا النقاش العامر بمشاركة الجميع ،
يقول اسامة الخواض في اخر مداخلة له :
Quote: ولانه اي الفيا لم يدرك ذلك, اثر النور ان يلقى القفاز الى بولا
وفي هذا اهدار لمبدا " الصديق وقت الضيق"


يقصد ان دكتور النور حمد لم يقم بما يمليه عليه واجب صداقته لعبدالله بولا في التصدي الكافي للدفاع عنه ضد اتهامات الفيا!!!
وهذا يعكس العقلية التي ينطلق منها الاخ اسامة الخواض في هذا النقاش بل في سائر نقاشاته ،فالاولوية عنده ليس الانحياز المبرأ من كل غرض الي المعرفة،وانما الي العلاقات الشخصية،وربما الوشائج الاخري ،
وهو هنا لم يات بجديد وانما يمارس مفهوم "الشلة " الذي يعول عليه كثيرا في العمل الثقافي،بالشكل الذي طرحه في حديثه عن المشهد البنيوي .

لكن اسامة يتجاوز الشللية والعلاقات الشخصية الي الانتماءات العرقية
في الحكم علي مواقف الناس من سؤال الهوية!
يقول اسامة في اخر مداخلة وكرر ذلك قبلا:
Quote: وبعد ذلك قلنا ان ورقة الفيا لم تنجح في التدليل على الفرضية التي تتعلق بقراءة بولا وحسن موسى ذات الطابع الايديولوجي و التي تسعى الى" التقليل من وربما نفي المكون العربي الاسلامي وقلنا انه ".

ببداهة المنطق لا يستقيم هذا الكلام لان الكاتبين اصلا محسوبان على الجماعة العربية الاسلامية

فهو هنا يتخذ من انتماء بولا حسن موسي العرقي والثقافي ،حجة للرد علينا عندما قلنا من واقع قراءة اوراقهما انهما ينفيان او يقلللان من المكون العربي الاسلامي ،فطالما انهما ينتميان الي الجماعة العربية المسلمة - لاحظ ان اسامة استعار هذا الوصف من عبدالله ابراهيم - فهذا يكفي في راي اسامة لدفع ما ورد في اطروحاتهم المكتوبة والموثقة ،
ان اسامة يفترض ان موضوع الهوية وهو موضوع اممي قومي ،الراي فيه يتخذ بناء علي الانتماء القبلي والعرقي والجهوي .
وهذا يذكرني بما ورد في مداخلة استاذنا محمد المكي عندما قال:
Quote: وكان صديقنا المرحوم الفاتح التجاني (رحمه الله) من أوائل من عاتبونا عن مقولتنا في الدم الأفريقي في كلمة له منشورة بالرأي العام قريبا من عام 1963-إن الاعتراف بان جدتك من الفور أو النوبا او الدينكا لا يحتاج منك أن تكون مفتونا بحب الجنوب

اذكر مرة كنا نتحدث في هذا الموضوع مع صحفي مشهور .قال لي هذا الصحفي :تعرف ناس الغابة والصحراء ديل كلهم مشكوك في نسبهم العربي
النور عثمان ابكر :فلاتي ،صلاح احمد ابراهيم فونجاوي وليس دنقلاوي ،محمد المكي :فلاتي "- طبعا يكفي ان يكون محمد المكي من الابيض ليقال عنه فلاتي ! حتي لو كان جده الشيخ اسماعل الولي البديري الدهمشي .مع كل الاحترام والتقدير لاهلنا الفلاتة.
ولكن هذا هو المسكوت عنه الذي يابي الا ان يلقي بظلاله احيانا رغم ما يتدثر به البعض من حياد ،
ولهذا السبب لا يستطيع اسامة الخواض الا ان يتبني منطق عبدالله ابراهيم
رغم الحديث الظاهري عن التعددية الثقافية والاثنية،وليس علي استعداد ان ينتقد نفي عبدالله ابراهيم للمكون الافريقي لسكان شمال السودان
بكلمة واحدة ،بل ويتخذ موقفا مناهضا للافروعروبيين الذين اول من حاول ان يرد الاعتبار لهذا المكون الافريقي. ولكنه لا يملك الجراة في التعبير صراحة عما عبر عنه عبدالله ابراهيم .

وهكذا يقع الافروعروبيين بين نارين :فذوو النزعات العروبية يتهمونهم
بان لهم دوافع عرقية في هذه الرؤية الافروعربية،وانهم قصدوا بها تحجيم انتماء شمال السودان للعروبة والاسلام كما يقول عبدلله ابراهيم،
وذوو النزعات المناهضة للعروبة ،يتهموهم بانهم عروبيون يتبنون الثقافة العربية الاسلامية بكامل عدتها وعتادها، كما يذهب الي ذلك بولا وحسن موسي،!!!
لان الفريقين يفتقرون الي النظرة الجدلية التي لا تري ما يراه الافروعروبيون ،فهم يرون الاشياء اما سوداء واما بيضاء او كما قال مصطفي سعيد، في مذكراته التي لم تكتمل .

والان بعد ان اقر اسامة بصحة قراءتنا لورقة عبدالله ابراهيم،
كما فهمنا ذلك ،
سوف نعود للحديث عن صحة فرضيتنا فيما يتعلق بقراءة بولا وحسن موسي

Post: #130
Title: " البكا بحررو اهلو؟؟"
Author: osama elkhawad
Date: 05-01-2004, 01:43 PM
Parent: #1

وجهنا الى الفيا نقاطا محددة للرد عليها وتتعلق باخطائه المتكررة:

السؤال الاول كان يتعلق بسوء قراءته لبولا وحسن موسى
وان رده علينا كان متناقضا مع ما قالت به الورقة اصلا
ولم يجب على كلامنا للمرة الرابعة

بل قرا كلامنا عن ملاحظة النور خطا .
وحينما تحدثت عن الصديق وقت الضيق كنت اقصد ان على النور واجب نصح الفيا بدلا عن ان يتركه يمرق من
خطا ليقع في الاخر كالماشي في الدقداق والذي ليس له من خلا ص سوى ان يتركه

وعندما اوردت كلام النور للفيا الاتي نصه كنت اقصد الفيا وليس عبدالله بولا:

"وأعلم، كما تعلم أيضا،-الكلام موجه للفيا- أن للناقدين، د. عبد الله بولا، ود. حسن موسى، تحفظات على مدرسة الغابة، والصحراء. غير أني أجد في تحفظاتهما، ما يستحق التأمل، فهي تنحو منحى عميقا، يستدعي التفكر، والتدبر"

فدكتور النور حمد كان يتعشم في ان الفيا يعرف حقا تحفظات بولا وحسن موسى العميقة على مدرسة الغابة والصحراء والتي تستحق التامل والدرس لا سوء الفهم كما فعل الفيا .

و عندما ادرك النور ان صاحبنا الفيا قد خيب ظنه في معرفته بالقدر العلمي العالي لحسن موسى وبولا في موقفهما المتحفظ تجاه الغابة والصحراء,

حاول بسماحة الجمهوريين الا يحرج الفيا وترك الامر لبولا
.
وقلنا ايضا ان ورقة الفيا تتجاهل تطور تيار الغابة والصحراء في التاريخ وهذا ما انتبه اليه بولا وحسن موسى بخصوص سيرورة تيار الغابة و الصحراء وموقفه من التغيرات الاجتماعية والحروب الثقافية

وهذا ما دعانا ان نقترح على العجب ان يعيد النظر في ورقته تلك

وقد وافقنا النابه هاشم الحسن حين دعم ماقلناه بضرورة اعاده النظر في الورقة حين كتب:

"الرجل –اي الفيا- من أهل البحث و التنقيب و حفّار عتيد، ربّما غيّر رأيه منذ 1999 وما عاد يتبنى الورقة بما هي عليه، ومن كانوا في مثل حاله ، هُم على قلق، كأن الريح تحتهم عاصفة
وواصل قائلا للعجب:

"فيا منعم لا تهرب بالآفروعروبية من نصيبها في النقد و مجابدة الأفكار بإلباسها لبوس المعرفة المتعالية عن كل غرض ، ودع (الأزرق) لنفسه التي هو عليها و ليس التي (كانت) في العودة إلى (سنار)
إن كنت معك في
ليس لأنني على قناعة بغير فكرته فقط.و لا لأن الأستاذة منى عبد الحفيظ توقعت مثل هذه المراجعة و تساءلت عنها.


ولكن، فقط ، لأن المراجعة من سمت الباحثين عن الصواب"

وقد وعد الفيا بالرد على هاشم لكنه تجاهل ذلك

ولا ندري هل الفيا تعمد عدم التعليق على اشارات" هاشم الحسن" الحسنة واللماحة, ام انه مارس مرة اخرى قراءة خاطئة للاشارات الهاشمية؟؟؟؟؟؟؟؟

وسنقول كلامنا للمرة الثانية:

هل اساء العجب قراءة هاشم الحسن واعتقد خطا انه يوافقه الراي؟؟
ام انه تجاهل الرد عليه لامر في نفسه؟؟؟

ولان هاشم انسان حساس اثر الا يعيد و يكرر ما قاله من اختلاف واضح مع الفكرة الاساسية لمقالة الفيا .

فكان ان اثر الصمت ورحل من البوست في هدوء حتى يتجنب المماحكه والمغالطة والغلاط وغيرها من امراض الحوار الثقافي السوداني.

وحتى لا يزوغ العجب من النقاش ساساله مره اخرى :

لماذا تجاهلت الرد على هاشم؟
ام انك عدت ثانية لقراءاتك الخاطئة؟؟؟

وسؤالي الذي يهرب منه الفيا دائما ساعيده مره اخرى حتى نساعد المتابعين على لم الحوار:

لماذا اهمل الفيا تطور الغابة والصحراء في التاريخ؟
لماذا تنصل منها محمد عبدالحي وهو اكثرهم ابداعا ومعرفة وتنظيرا؟؟

لماذ صمت النور ومحمد المكي ابراهيم؟
لماذا انحاز رواد الغابة والصحراء للصحراء من خلال مواقفهم السياسية وكتاباتهم؟؟


لماذا يبكي الفيا لوحده على حائط مبكى الغابة والصحراء, مع انو" البكا بحررو اهلو؟؟"

وساعود

وقبل ان اعود اقول للعجب انني لم اوافق على صحة قراءته لمقال عبد الله على ابراهيم وقلت هذا الكلام اكثر من مرة لكن يبدو ان للعجب علاقة حميمة بالقراءة الخاطئة

وسنعود للحديث عن عدم فهم الفيا لمصطلح " البدائي النبيل" وكيف اثر ذلك على سوء فهمه المزدوج

مع التحية للمتابعين والمتابعات

ارقدوا عافية

المشاء

Post: #131
Title: Re: حسن موسي واللاتاريخانية
Author: Agab Alfaya
Date: 05-01-2004, 08:05 PM
Parent: #1

كثيرا ما يتعرض الطيب صالح للنقد في احاديثه المختلفة عن عروبة السودانيين،فيثير غضب المناهضين لحقيقة الوجود العربي في السودان ،رغم ان اعماله تنحو لتصوير الواقع السوداني الافروعربي،دونما اي نزعة آيدولوجية،ولعل اكبر دليل ،مصطفي سعيد ،فهو من اب شمالي وام جنوبية،
ذات مرة اثارت احدي احاديث الطيب صالح عن العروبة في السودان ثائرة الكاتب والفنان الدكتور حسن موسي،فكتب مغاضبا،في نشرة جهنم التي يصدرها ،مخاطبا الطيب صالح بقوله:
" نحن عرب ؟عرب شنو يا زول؟انت عبد شايقية ساكت،مالك ومال العرب؟!
ينقطع دابرهم او يندبر قاطعهم؟ العرب يطيروا
؟ "
- راجع جهنم - عددمايو 1998- حسن موسي- رسالة الي عثمان عامر.

هذا الموقف هو تاكيد لموقفه من الافروعروبين الذي سجله بمقاله الذي اشارنا اليه في ورقتنا والذي نشره بمجلة كتابات سودانية العدد الثالث-1993 تحت عنوان "شبهات حول الهوية".يقول حسن موسي في هذا المقال:

" أن مشكلة مشروع الهوية في مساهمة الغابة والصحراء هي أنه مشروع يقوم على الرجوع ، ..اذ هو رجوع ملغم بخيار ثقافي مسبق هو خيار الثقافة الإسلامية ..
لقد عرف تاريخ السودان أكثر من ماض مجيد وأكثر من مدينة فاضلة قبل سنار ، الماضي الفونجي كمروي القرن الثالث قبل الميلاد أو دنقلا ، النوبة المسيحية ، أو سوبا فكلها مدن عامرة بالرموز غير أنها مدن سابقة على دخول العروبة والإسلام وهي مدن لا تثير اهتمام منظري الغابة والصحراء الذين يرون تاريخ السودان يبدأ مع دخول العرب المسلمين .. لمحمد عبد الحي وشركائه نصيب الأسد في المسئولية الأخلاقية بقدر ما عبدوا الطريق لسلطة الصيارفة الاسلاموية وسوغوا مقولاتهم الغوغائية على مراجع العروبة والإسلام … فهم قوم لم يرعوا حرمة الإبداع ولم يعوا دور المبدع كمعارض وكخارج ، وانساقوا وراء إرضاء الدولة المخدمة بغشامة لا تليق برجال في ذكائهم ، وهم يستحقون اللعنة بقدر ما تتسع الشقة بين رهافة حسهم الجمالي وغلظة تواطئهم الاجتماعي ."- انتهي.


ان سبب رفض حسن موسي للافرعربية ،هو انها فيها اقرار بالوجود العربي الاسلامي في السودان،لذلك فهو يحملها مسئولية مشروع الدولة الدينية التي تطرحها الجماعات الاسلامية ،ملغيا اي دور للمنابع الخارجية لهذه الجماعات،
ولان رمز سنار فيه اقرار بهذا الوجود العربي الاسلامي ،فحسن موسي يتمني علي التاريخ ان يقفز فوق هذا الوجود،وذلك بالرجوع الي ماض خال من الثقافة العربية الاسلامية كالممالك النوبية القديمة:مروي ،دنقلا وسوبا.وهذه نظرة غير تاريخانية ،فسنار ورثت كل الحضارات النوبية السابقة عليهاواندرج ذلك الارث الثقافي في تشكيلة الانسان
السوداني بتركيبته المعروف بها الان بين سائر الامم.
لذلك ان قول حسن موسي ان ناس الغابة والصحراء يعتبرون ان تاريخ السودان يبدا مع دخول العرب المسلمين ،فهذه قراءة غير منصفة وفيها اجحاف كبير بمساهمات هؤلاء القوم.ويكفي دليلا علي ذلك ان اعمال محمد عبدالحي كلها تتحدث عن هذا الوجود النوبي القديم :ففي ديوانه الاول العودة الي سنار ،يقول:

فاحتمي - كالنطفة الاولي-
بالصورة الاولي،
وفي سكون ذهنك النقي
تمثالا من العاج،
وزهرة
وثعبانا مقدسا،وابراجا
واشكالا من الرخام والفخار.

يقول في هوامش الديوان :"الزهرة والثعبان المقدس: كانت آلالهة في بعض نقوش مروي القديمة تصور منبثقة من زهرة الثالوث المقدس،وهنالك نقوش كثيرة يظهر فيها الثعبان المقدس حارسا للموتي او ملتفا علي الاضرحة او طالعا من تلك الزهرة.انظر شيني مروي :حضارة سودانية،مقال
هيكوك :مكان ثقافة مروي ونبتة في تاريخ السودان وافريقيا- في كتاب لسودان في افريقيا،اعده للنشر يوسف فضل"- انتهي.
في ديوانه الثاني :السمندل يغني،نجد قصيدة بعنوان سنار ،وتقابلها مباشرة في الصفحة المجاورة قصيدة بعنوان :مروي.
في دراسته القيمة :الشيخ اسماعيل صاحب الربابة- التاريخ والنموذج
الاسطوري لمفهوم الشاعر- " يخلص الي ان اسطورة الشيخ اسماعيل هي
جماع تلاقي وتقاطع الثقافات النوبية القديمة بالثقافة الاغريقية والرومانية المسيحية والاسلامية .
اما القول بان محمد عبدالحي تخلي عن الافروعربية- فبالرغم من انني اري ان الافروعربية هي هذا السودان والسودان ليس ملكا لاحد،ولا يغير من حقيقته تخلي كل الافرعربيون عن رؤية هذه الحقيقة - الا انه ليس صحيحا ان عبدالحي قد تخلي عن هذه الرؤية الواقعية،
كما انني اري ان هذا المنطق غير علمي وغير مجدي .فهل تري لو بعث ماركس من مرقده واعلن علي الملا انه كفر بالشيوعية وبالجدلية
التاريخية فهل يعني ذلك الغاء الافكار الاشتراكية والشيوعية من الوجود،وهل يعني بطلانا للمنهج التاريخي الجدلي ؟
هل انهيار المعسكر الاشتراكي ادي الي موت هذه الافكار؟

الا ان الشي المهم الذي تقوم عليه قراءتنا لمساهمة حسن موسي هو انه لم يكن منسجما مع منهجه في التنكر للوجود العربي والاسلامي ،ولم يكيل بنفس المكيال في تعاطه مع ورقة عبدالله ابراهيم :تحالف الهاربين .
ففي الوقت الذي صب فيه كل اللعنات بهذه الطريقة غير اللبقة علي ناس الغابة والصحراء،لاقرارهم بالمكون العربي الاسلامي ،لا يجد منه عبدالله ابراهيم بنزعته العروبيةالصرفة، غير الثناْء.حيث يصف ورقته بالسديدة !
واذا كان جزء من النقد اللاذع الذي ووجهه موسي الي الغابة والصحراء المقصود به محمد عبدالحي ومحمد المكي،كون الاول عمل مديرا لمصلحة الثقافة في عهد نميري ،والثاني عمل سفيرا بحكم تدرجه الوظيفي،
فعبدالله ابراهيم شارك في اول مؤتمر عقده انقلاب الجبهة ودباباتهم مازالت تجوب الشوراع،
وهذا هو يتحول الي مبشر لمشروع الدولة الدينية التي تدعو له الجبهة
الاسلامية بل يكتب الدراسات والبحوث عن المجدد الاسلامي الترابي باعتباره المفكر الذي نجح بجدارة في الجمع بين الاصالة والحداثة ،
حتي تباري صحفيو الجبهة امثال اسحاق احمد فضل الله في تدبيج المقالات
في الاشادة بما يقوم به من دور.وكتابه الرهق الخلاق ما هو الا اشارة لمعاناة الناس في ظل الانقاذ!
كل ذلك لا يري فيه حسن موسي اي تسويغ لمشروع الدولة الدينية علي حد تعبيره ،او خدمة لسلطة الصيارفة العربسلامية كما يسميها.لماذا؟ ،فقط لانه: عبدالله علي ابراهيم!






Post: #132
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 05-01-2004, 08:12 PM
Parent: #1

ما زالت اسئلتنا مطروحة على الفيا حتى يتحقق الحوار باسمى معانيه

اما اذا كانت المسالة هي غالب ومغلوب
فذلك منطق اخر

واتمنى ان يرجع الاخ الفيا الى لب الحوار

وفي انتظار طلته

المشاء

Post: #133
Title: Re: امرك غريب والله يا اسامة!
Author: Agab Alfaya
Date: 05-01-2004, 08:54 PM
Parent: #1

Quote: ما زالت اسئلتنا مطروحة على الفيا حتى يتحقق الحوار باسمى معانيه

اما اذا كانت المسالة هي غالب ومغلوب
فذلك منطق اخر

واتمنى ان يرجع الاخ الفيا الى لب الحوار

امرك غريب والله يا اسامة؟!
اليس من اهم اسئلتك التي تشكل لب هذا الحوار هو خطا
قراءتي لافكار حسن موسي ؟
لقد اثبت لك صحة قراءتي لافكار عبدالله ابراهيم وها انا اثبت لك صحة قراءتئ لافكار حسن موسي حول نزعته الرامية لنفي المكون العربي الاسلامي .

انا لست التلميذ وانت الاستاذ الممتحن!ارجو ان تتنازل ولو مرة واحدة عن لعب دور الاستاذ المعلم!
فلست انت الجهة التي تحدد لي الطريقة التي احاورك بها كما انني تركت لك الحرية في الكيفية التي تشارك بها في الحوار،
وجهت اليك سؤال واحد فقط عما هو تبريرك لتنكر عبدالله ابراهيم للمكون الافريقي للانسان السوداني،تجاهلت سؤالي ولم اعيده عليك ولم اصر عليه.وانا اعلم علم اليقين بانك سوف لن تجرؤ علي الاجابة علي مثل هذا السؤال وهذه هي الكارثة الثقافية الكبري!!

ثم لماذا هذا الاصرار علي تكرار هذا الاكليشية:
"ليس هنالك غالب ومغلوب " هل هو تعبير عن احساس داخلي ؟!

Post: #134
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 05-01-2004, 10:27 PM
Parent: #1

قال الفيا عنا :
"وانا اعلم علم اليقين بانك سوف لن تجرؤ علي الاجابة علي مثل هذا السؤال وهذه هي الكارثة الثقافية الكبري!!"


ولعله استنادا على ثقته تلك التي لا يعلمها الا الله,

يقع دائما في افخاخ الخطا في كلامه عن الاخرين

ولانه يمتلك تلك الصفة اللاهوتية اصبح مثل الباحث المنتفخ في مستودع الفكر

وساعود للحديث عن الغابة والصحراء

وارقدوا عافية

المشاء
xt

Post: #135
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 05-02-2004, 01:08 AM
Parent: #134

أعود مرة أخرى لمواصلة التجوال حول سؤال الهوية. وهو فيما أرى، سؤال متشعب، ولا يمكن أن تتم مقاربته من زاوية واحدة، أو حتى، من زوايا قليلة محدودة. ثم هو سؤال سياسي في المقام الأول. وذلك لكونه متعلقا بقضايا الحقوق. وقاعدة الحقوق، تتمثل في حق الحياة، وحق الحرية، كما أشار إلى ذلك كثيرا، الأستاذ محمود محمد طه. ولذلك فإن سؤال الهوية، في قطر مثل السودان، لا يمكن مقاربته "أدبيا"، بمنأى عن صراع السلطة والثروة، وكأنه محض فانتازيا ذهنية.

كما أن حصر القضية في "عربية"، أم "إفريقية"، أم "أفروعربية" سوف لا يخدم قضية البحث في مثل هذه المسالة المتشعبة. ولا أعتقد أن للدولة ـ أي دولة ـ هوية ثقافية، واحدة، وإن كانت للدول هويتها الوطنية، المتمثلة في ما يجمع الناس من ثوابت على ضوئها تمم إدارة شؤون القطر الواحد. وهذا يعني ضرورة التفريق بين "الهوية الثقافية"، وبين "الهوية الوطنية". فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، تعد أكبر كيان متعدد الثقافات على وجه البسيطة الآن. وأعني هنا، بوصفها كيانا يمثل الدولة الحديثة في أعقد تركيباتها. فالولايات المتحدة تجمع إلى جانب الأغلبية البيضاء، القادمة من غرب، وشرق أوروبا، الأمريكيين الأفارقة، واللاتينيين من سكان أمريكا الجنوبية، وامريكا الوسطى، مضافا إليهم لا تينيي جنوب الولايات المتحدة، قبل أن تأخذ الولايات المتحدة مناطقها الجنوبية الغربية الحالية، من المكسيك. وهناك الأمريكيون من الأصول الآسيوية، إضافة إلى سكان البلاد الأصليين من قبائل الهنود، الذين تمت إبادة معظمهم، في حركة التوسع الأمريكي العنيفة، في القرنين الماضيين. ويمكن القول بلا مبالغة، أن لكل قطر موجود على وجه البسيطة اليوم، ممثلين داخل الولايات المتحدة الأمريكية. ولا تزال أبواب الهجرة مفتوحة للمزيد من المهاجرين الجدد.

كل هذا الخليط من الخلفيات العرقية، والثقافية، واللغوية، تضمه دولة فدرالية واحدة. ويحتكم كل هذا الخليط إلى دستور واحد. ويمثل هذا الدستور الواحد السمات الأساسية للهوية القومية الأمريكية. وغني على القول أن الدستور، وما تفرع منه من قوانين، قد كانت ولا تزال، عرضة للتعديلات التي بها تتسع الفرص، أكثر فأكثر، لتستوعب مصالح المهمشين، والأقل حظا في السلطة، وفي الثروة. أما الهويات الثقافية، فهي قائمة، وتعاني هي الأخرى، بحكم ما يلمسها من رشاش، يأتيها من ناحية الإدارة غير الرشيدة، لإشكالات الهوية القومية. ولسوف أعرض إلى بعض من ذلك فيما سيأتي من هذه المداخلة.

هناك الكثير من التداخل بين الهوية الثقافية، والهوية القومية. والجدل لا يزال جاريا، حول مسألة الهوية القومية، وتزدحم به مراكز البحوث الأكاديمية. فقد كان الإعتقاد، ولوقت طويل ـ وهو إعتقاد غير برئ ـ أن تشكيل الهوية القومية يقتضي اعتماد لغة واحدة. وقد سُمي ذلك الإتجاه بـ "البوتقة الصاهرة"، melting pot وهذا يعني أن يتخلى القادمون الجدد، إلى أرض الولايات المتحدة، وغيرهم من الأقليات الموجودة بها، عن لغاتهم الأصلية، وربما بعضا من تقاليدهم، ليكتسبوا تقاليد الحياة الأمريكية فيما يسميه، مؤيدو هذا الإتجاه، بـ "التيار العام" main stream .

هذا الإتجاه، مماثل للإتجاه الذي مارسته في السودان، النخب العربسلامية الحاكمة، بمختلف اتجاهاتها. وقد مثل أهل التيار الإسلاموي، في السودان، الوجه الأكثر تطرفا في ذلك المنحى. وقد بلغ قبح ذلك النهج مداه، في حقبة الإنقاذ الحالية. فقد ازداد أوار الحرب، واتسعت رقعتها، وخرجت من ميدانها التقليدي في المديريات الجنوبية، لتشمل جبال النوبة، وشرق السودان، ودارفور. وقد شهد اتساع رقعة الحرب في العقد الأخير، حملات تعبئة إعلامية، غير مسبوقة، استخدمت فيها الدولة، ممثلة في الإسلامويين، عقيدتها الدينية، للتقليل من شأن الآخرين، ومن أهمية حيواتهم، من وجهة النظر الدينية. الأمر الذي يجعل من تصفيتهم البدنية، أمرا مرغوبا فيه، بل ويجعل للقائمين بمهامه، حظا وقيرا في الثواب، وفي نعيم الدار الآخرة.

كما نشطت في عهد الإنقاذ الحالي اتجاهات إحياء خلاوي القرآن، ولكن على نسق جديد أصبح به جمهورها المستهدف هم الصبية الذين شردتهم الحرب وفصلتهم عن اسرهم. وتقوم هذه الخلاوي بإكراه الصبية على حفظ القرآن، ويستمر التدريس فيها طيلة ساعات اليوم. ويتلقى فيها التلاميذ وجبات بالغة البؤس، قوامها العصيدة المصنوعة من أرخص أنواع الذرة، وأخشنها. كما أنها تدار بجهل كبير، وبغلظة وفظاظة. وقد رأيت شريط فيديو لهذه الخلاوي الكريهة المقززة. وهو بعض ما تتداوله الأوساط الأكاديمية الأمريكية، للتدليل على القهر الثقافي الذي يقوم به المسلمون المستعربون في الشمال على بقية سكان القطر.

الشاهد أن إتجاه "الإمتصاص" أو، الـ assimilation يهدف إلى دمج، أو تذويب ثقافات الأقلية، داخل ثقافة الأغلبية المسيطرة، في ما سمي بـ "البوتقة الصاهرة" melting pot. وقد تعرض هذا الإتجاه، لنقد كثير، في دوائر البحوث الأكاديمية، خاصة تلك المرتبطة برسم سياسات التعليم. ولا يزال الجدل محتدما حول تلك القضية. وقد أثمر ذلك النقد تغييرا في كثير من السياسات على أرض الواقع. غير أن المهم، في الحالة الأمريكية، هو وجود الآلية الديمقراطية، التي تسمح على علاتها الكثيرة، بإدارة مثل هذه الصراعات بالطرق السلمية، والقانونية، والقضائية، إن اقتضى الحال.

قضية اللغة الواحدة داخل الولايات المتحدة قضية مركبة. ونقد الوجهة الداعية لتبني لغة واحدة تواجهه بعض الميز غير المنكورة التي يفيد منها أطفال الأقليات اللغوية، حين يتقنون الإنجليزية. ولذلك فإنه لا يمكن، التقليل من أهمية أن يتعلم كل المواطنين لغة البلد الرئيسة. فتعلم اللغة الرئيسة، واتقانها، يوسع من فرص أبناء الأقليات، ممن لا تمثل الإنجليزية لغتهم المنزلية، في الإرتقاء في السلم الإجتماعي، في جميع تجسداته، وتشكلاته. وفي نفس الوقت، فإن دعوة الآخرين، للتخلي التام عن لغتهم، ربما رادفت من حيث البشاعة، دعوتهم للتخلي عن عقلهم الموروث. فاللغة تحمل سمة العقل الذي يستخدمها، فهي الإناء الذي يحمل قيم ذلك العقل. ولربما تكون تلك القيم الموروثة، قيما معارضة، من حيث اساسها، وتوجهاتها، بل ومهددة، للقيم التي تحملها لغة الفئة المسيطرة. ولربما يكون الهدف المستور للمؤسسة الرسمية القابضة على مفاصل السلطة والثروة، من وراء دعوتها لتوحيد اللغة، هو القضاء على المفاهيم الثقافية المناقضة لمفاهيم الرأسمال. ولذلك فمن غير المستبعد أن يكون اتجاه الـ assimilation ليس سوى ذريعة للقضاء على بذور الرؤى المغايرة لرؤى الرأسمال. ولا أرى من مجال للقول بحياد اللغة، أبدا. إضافة إلى ذلك، فإن دعوة قبيل من الناس للتخلي عن لغتهم، يتضمن حكما بالتخلف على العقل الذي تحمله لغتهم، تلك التي تجري المطالبة بنسيانها، وقبرها. وقد نجحت الأقلية اللاتينية، في الولايات المتحدة في فرض الأسبانية في مناطق كثافتهاالسكانية، في ولايات، كاليفورنيا، وتكساس، وفلوريدا.

أردت من كل ما تقدم، أن أشير إلى أننا لا يمكن أن نقارب سؤالي "الهوية الوطنية"، و"الهوية الثقافية"، من غير أن نسترشد، بتجارب الآخرين، خاصة في دول، مثل الولايات المتحدة، والهند، وفرنسا. وبعض هذه الدول أفضل من بعض، فيما يتعلق برعاية الحقوق الثقافية للأقليات. ولذلك فإن حصر النقاش في "إفريقية"، أم "عربية"، أم "آفروعروبية" يمثل تأطيرا، هلاميا، معلقا في الهواء. فهو، من جهة، لا يلمس قضايا الواقع، وإنما يجعل من الحوار حوارا بيزنطيا، جوهره توجيه التهم، والإشاراة بالأصبع، بغية التجريم. ومن جهة أخرى، فهو بهذا الشكل، لا يساعد في مقاربة القضايا العملية، التي يمكن أن تواجه أي دولة متعددة الديانات، والأعراق، واللغات، والثقافات، مثل السودان. وأرى أن قضية الدستور، وحسمها في اتجاه التعددية، والحريات العامة، وإبعاد السمات الدينية الضيقة عن الدستور، تمثل ضربة البداية في توجيه الحوار في الوجهة التي يمكن أن تلمس القضايا العملية، التي تتعلق بحريات التعبير، وحرية الإعتقاد، وحرية ممارسة الطقوس. ثم رسم سياسات تعليمية، تأخذ في الإعتبار التنوع اللغوي، والثقافي، والرؤيوي لكل البلاد. ولربما كانت الفدرالية ـ وأعنى هنا فيدرالية حقيقية ـ الوعاء الذي يتيح للاقاليم فرصة أوسع في إدارة شؤونها بعيدا عن سلطة المركز. ثم يجيء الإعلاام الذي هو رأس البلاء في السودان، ليخضع لشروط التعددية. ولا سبيل إلى ذلك، فيما ارى، إلا بإخراج الإعلام، مرة واحدة وإلى الأبد من سلطة الدولة. وما دام الإعلام حكرا على الدولة، وما تنتقيهم من أفندية لإدارته، فلا سبيل للمواطنين إلى المعرفة، والإستنارة، والإطلاع على الحقائق، التي تعين على الممارسة السليمة الصاعدة للنهج الديمقراطي.

والسؤالان اللذان يطرحان نفسيهما، في هذه القضية، هما: هل أدرات النخب السودانية التي تسنمت السلطة في حقبة ما بعد الإستقلال، نزاعات الهوية، والثقافة إدارة صحيحة؟ والإجابة على هذا السؤال هي: لا ثم لا! وهل أدار المثقفون سؤال الهوية، وقضايا تهميش الثقافات، إدارة صحيحة؟ والإجابة عل هذا، في تقديري، أيضا بـ "لا"!!

لقد ظلت إذاعة السودان، وتلفزيون السودان تلفزيونا عربسلاميا خطته الأساسية التي لا يحيد عنها، هي عبادة توجهات الدولة، وفرض عقيدة الدولة، على المواطنين، المسلمين منهم، وغير المسلمين. لقد ظلت هذه الأجهزة، أماكن لإدارة منولوج، ظل العربسلام يتحدثون فيه مع أنفسهم. وحين اقول العربسلام، إنما أعني النخب التي أدارت شؤون الحكم في السودان منذ فجر الإستقلال، وحتى يومنا هذا. ظلت هذه النخب في واد، وجمهور المواطنين، من مسلمين، وغير مسلمين، في واد آخر. وقد أعان الساسة، الذي لا يعرف النقد الذاتي إلى عقولهم سبيلا، في تلك الوجهة المهلكة، تكنوقراط، جهابذة، من بينهم أكاديميون من كل مناحي الأكاديميا، وأدباء، وشعراء، وفنانون كبار، تسلموا مقاليد وزارات، ومصالح، ومؤسسات حكومية، ضمن لعبات الكراسي التي ظلت دائرة منذ الإستقلال، مرورا بالحقبة النميرية، وانتهاء بالحقبة الترابية/البشيرية.

ولا أرى من سبيل للدفاع عن كل من وضع نفسه في خدمة الحكام، لتثبيت ما يسميه الأكاديميون لغربيون بـ "الحالة الراهنة" status quo. فمسؤولية المثقف، إن كان مثقفا حقيقيا، مدركا لمسؤوليته، كمثقف، وكإنسان، هو الإبتعاد عن مواطن الشبهات. فالمثقف الحقيق هو "الرائد الذي لا يكذب أهله". وأولى مهام هذا "الرائد" هي استخدام معرفته في إلجام تشهيات نفسه لبريق المنصب، ووجاهة الزعامة. ثم يستخدم بعد ذلك، ثقافته في نصرة المظلومين والمهمشين. وعموما فكل من أغراهم بريق المنصب، وجاه المنصب، لم يبقوا في مناصبهم تلك سوى بضع سنوات، وربما بضعة أشهر. زينوا فيها باطل الأنظمة القائمة، وتم لفظهم، كما تُلفظ عظمة المشاش، بعد مصها. ذهبوا هكذا، ليمضوا بقية أعمارهم في تبرير مشاركاتهم، المشبوهة، من غير نجاح. فالحق أبلج، والباطل لجلج.
أواصل

Post: #136
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: haneena
Date: 05-02-2004, 01:10 PM
Parent: #135

فوق
نتوق للمذيد

Post: #137
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 05-02-2004, 06:17 PM
Parent: #136

لقد سبق أن أمَّنْتُ على عبارة الدكتور عبد الله علي إبراهيم، القائلة بضرورة إيجاد مساحة للحرية داخل حدود المنع والتضييق، مما اتسمت به الثقافة العربية الإسلامية، بدلا من الهرب إلى ظلال ثقافات أخرى. ودعوة الدكتور عبد الله علي إبراهيم تلك، دعوة صائبة. فهي من ناحية تواجه ما أصاب عقول الصفوة السودانية، من جوائح التغريب، ومحاولات لبس الخوذة العقلية الغربية. ومن الناحية الأخرى، تبقي المثقفين حيث يجب أن يبقوا. وأعني هنا، أن يبقوا في مقام البحث في العلل الموروثة في بنية الثقافة العربية الإسلامية، وبعثها من حالة التحنيط التي ظلت تعانيها لقرون طويلة، لتصبح ثقافة حية، متجددة، لها القدرة لكي تسهم بشكل فاعل في إدارة حركة الحاضر. وقد اشرت إلى مساهمة الأستاذ محمود في تلك الوجهة، والتي لم تكن مساهمة فكرية وحسب، وإنما كانت مساهمة عملية، رائدة، في ضرب نموذج المثقف ذي التعليم الغربي، الذي لم يسمح للتعليم الغربي بأن يقتلعه من جذوره الثقافية. فقد عاش الأستاذ محمود، من حيث المسكن، والملبس، وسائر وجوه نمط العيش، حياة غمار الناس، بكل ما تعني هذه الكلمة.

لابد من مواجهة التركة الثقيلة المكبلة في الثقافة العربية الإسلامية من داخلها. أي عن طريق مناقشة تلك التركة، وتحريك الثقافة، من حالة الركود، باستخدام آلياتهاالخاصة بها، والمتناثرة هنا وهناك في فضائها الواسع، من أجل أن تصبح أكثر انفتاحا، وأكثر قبولا للإختلاف، وللتنوع. وحين يحدث هذا الإختراق ـ أعني الاختراق الذي ينهي الكبت والحجر والتضييق ـ تكون الثقافة العربية الإسلامية قد خرجت من مرحلة الجمود إلى مرحلة الحيوية. أي تكون قد خرجت من حقبة الرقابة الخارجية التي أقامت فيها الدولة، في الماضي، نفسها، مقام ضمير الفرد، إلى مرحلة الدستور حيث الحريات الشخصية مكفولة، وحقوق الجماعة محمية، ومصانة. هنا فقط ينفتح المجال للأفراد لكي يُنشئوا سلطة الرقيب الداخلي "الضمير"، لتحل سلطة الضمير الخارجي "الدولة"، وقد كان هذا الرقيب الخارجي متمثلا في القانون المتعنت القائم على سد الذرائع. وقد قامت الشريعة الإسلامية على سد الذرائع، فعلا، فضيقت على حريات الأفراد. وقد عالج الأستاذ محمود محمد طه، موضوع الفرق بين الشريعة والدين، وبين الشريعة والدستور، معالجة شديدة التميز، غير أنها لم تلق حتى اليوم، الإهتمام الذي تستحقه، من المثقفين السودانيين، وغيرهم من مثقفي العالم الإسلامي. وارجو ان اجد الفرصة لكي أفصل في كل أولئك، لاحقا.

غير أنني أحب أيضا أن أقول كلمة حول ضرورة الحرص، والتدقيق، والتمييز، عند وصف الثقافة العربية الإسلامية بالمنع، على إطلاق العبارة، ووصف الثقافة الإفريقية بالتسامح وعدم التشدد، على إطلاق العبارة، أيضا. فالثقافة الإسلامية ليست كلا واحدا متماسكا متجانسا. لقد عرف الإسلام اختلاف الآراء منذ القرون الأولى. وعرف تشعب الملل والنحل داخل ذلك الفضاء الشاسع. ولا سبيل بطبيعة الحال، إلى وضع إسلام الفقهاء، وإسلام المتصوفة، على سبيل المثال، في سلة واحدة.
أيضا تداخل الثقافة العربية الإسلامية مع الثقافات الإفريقية، لم يتم في السودان وحده. فقد زحف الإسلام من شمال إفريقيا وتوغل كثيرا جنوب الصحراء، في الحزام الممتد من البحر الأحمر وحتى ساحل الأطلسي، عند السنغال، وغينيا. وقامت في هذا الإقليم حواضر إسلامية مزدهرة، في تمبكتو، وفي سكوتو، في شمال نيجيريا. كما تمدد الإسلام جنوبا، ودخل مناطق الغابات المطيرة، في ساحل غينيا الغربي في جهات غانا، وما جاورها. وما من شك أن كل تلك المجتمعات الإفريقية قد توصلت إلى صيغة بها تتعايش الثقافة الإسلامية الوافدة، مع محصلات تلك الشعوب من ميراثها الإفريقي التليد. وبطبيعة الحال لم يكن الميزان عادلا، في كل حالة. فقد غيرت الثقافة العربية الإسلامية الوافدة بعض السمات الثقافية. فقد هجر نساء الهوسا، على سبيل المثال، صناعة الخزف، وتحولت من ثم، لتصبح حرفة رجالية. والسب أن صناعة الخزف، وبيعها كانت تعرض المرأة الهوساوية للإختلاط بالرجال، خاصة في مرحلة بيع الخزف في الأسواق. كما اثر ذلك على المعمار في شمال نيجريا، إذ اصبح التصميم يقتضي مراعاة، تأكيد نوع من الفصل بين مجال الرجال، ومجال النساء. وهذه مجرد أمثلة. (راجع كتاب: الفنون البصرية الإفريقية، لجوديث بيراني، وفريد سميث).
The Visual Arts of Africa, by Judith Perani & Fred T. Smith

هناك فارق كبير بين إسلام النص، كما هو موجود في القرآن، وفي كتب الأحاديث، وما تلا ذلك من مباحث الفقهاء، وبين ما سارت عليه الحياة في حقيقة الأمر الواقع، في تقلباتها المختلفة عبر الأزمنة، والأمكنة، منذ البعثة المحمدية. فالحياة كما يحدثنا التاريخ، لم تلتزم، في جملة الأمر، بحرفية النص كما ورد! فبعد سنوات قليلة بعد موث النبي الكريم، وصل الأمويون إلى الحكم، وتناقصت بذلك حالة التشدد الأولى، بشكل كبير، حتى أصبحت الحواضر الإسلامية، حواضر شبيهة بحواضر الفرس، وبيزنطة، وذلك من حيث نمط العيش، المتسم بالترف، وبالإهطاع إلى المتع الحسية. ولسوف أفرد مداخلة في هذا الخيط للتوثيق، لما كان عليه الحال من التنصل عن التزام الطهرانية النصوصية، في مجتمع العصر العباسي الأول.

لا يحتاج المرء، إلى كثير جهد، في حقيقة الأمر، ليدلل على مبلغ التناقض بين ما ترفعه الجهات الحاكمة في العالمين العربي والإسلامي، من شعارات حول المجتمع الفاضل، وبين واقع الحال. وهذه سمة قديمة تعود إلى بدايات تولي الأمويين لمقاليد الحكم، في الإمبراطورية الإسلامية. ترفع الجهات الحاكمة تصورا مثاليا، لما ينبغي أن يكون عليه حال الأمة الإسلامية. في حين لا يؤمن القائمون على الأمر، حقيقةً، بتلك الشعارات التي يرفعونها. غير أن الشعارات الداعية إلى رسم صورة لمجتمعى مثالي على السطح، تعين على تبرير القوانين المتشددة، وعلى اطلاق يد الشرطة، وتوسيع صلاحياتها، وتجاوز تلك الصلاحيات متى ما اقتضى الحال. تفرض السلطات، منطلقة من هدفها المبيت في احكام السيطرة، قيودا على حريات الأفراد، تتسم بالكثير من التشدد. فالغرض هو احكام السيطرة السياسية، وليس تثبيت ركائز الفضيلة. ولكن المجتمعات تمارس في الحيز المخفي عن عين القانون، كل ما يمكن أن تمارسه المجتمعات، التي تتيح هامشا كبيرا للحريات الشخصية. فمظهر المدن العربسلامية، في زماننا الراهن هذا، وخاصة مدن الخليج، مظهر منضبط، ولكن حقيقة الأمر مغايرة، تمام المغايرة لذلك المظهر. والجميع يعلم هذه الحقيقة، والجميع يتجنب الخوض فيها!!

لقد ظل الناس يروجون لنهج مضلل، مفاده أن قيم الدين، أو دعنا نقول قيم الفضيلة، قيم تمم معيشتها في ضربة واحدة. ولقد قاد هذا النهج المضلل إلى كل هذه التناقضات الشنيعة، التي نعيشها اليوم، بين شعار، طنان، مرفوع، تسنده قوانين صارمة، وبين واقع حال لا يمت إلى كل ذلك المظهر الكاذب في شيء. فقيم الدين، أو قيم الفضيلة، هي في حقيقتها مثل عليا، يتم تحقيقها عبر مسار طويل. وهي لا تتحقق في ضربة واحدة، ولا بين يوم وليلة. كما أن تحقيقها يحتاج عملا غير مباشرا في الإصلاح العام. فالطريق إلى الفضيلة ـ مهما اختلفنا على تعريف الفضيلة ـ طريق غير مباشر. وهو طريق يمر عبر بوابة محاربة الفقر، والجوع، والعري، والحاجة الملجئة، والخوف من قهر السلطة. ويصحب كل ذلك التعليم المؤثر الذي ينور الدواخل، ويصحح رأي المرء في نفسه، ويقوي من إحساسه بكرامته الإنسانية. أما فرض القوانين الرادعة، التي يُظن أنها تجعل الفضيلة متحققة في المجتمع بضربة واحدة، في لحظة واحدة، فاتجاه تبسيطي، وقد وضح فشله عبر قرون، وقرون. فالسيف لم يكن في يوم من الأيام، بديلا عن الضمير، ولسوف لن يكون!

وتربية الضمير إنما تتم عن طريق أن يُكفل للناس حق الخطأ لكي يتعلموا من أخطائهم. ((إن لم تخطئوا وتستغفروا فسيأت الله بقوم يخطئون ويستغفرون، فيُغفر لهم)). وهذا يقتضي الإنتقال من أحكام الشريعة، إلى احكام الدستور. والدستور هو القانون الأساسي، الذي لا يصادر من حريات الأفراد، إلا القدر الضروري، جداً، لصيانة حريات الآخرين. فالدستور أعلى من أحكام الشريعة، وهو يقوم على التوفيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة، بالقسطاس المستقيم. فهو على خلاف الشريعة، لا يقوم على سد الذرائع.

تشددت الشريعة ضد الفنون بكل أنواعها، وتشددت ضد صنوف التعبير الحر. ومن هنا لم يعرف التاريخ الإسلامي النحت مثلا. ولم يعرف التصوير بالشكل الذي عرفته به الحضارة الغربية لاحقا. وظل الناس في العالم الإسلامي، يتعاملون مع الموسيقى والرقص، بكثير من الإحساس بالذنب، وذلك لمصادمة ممارستها للنصوص، الثابتة. كما أن المرأة بقيت بعيدة عن ميادين الحياة العامة، إلا فيما ندر، وبقيت بذلك حلما مفقودا، في مخيلة الرجل، وتحولت عن طريق الحجب المستمر، إلى وسواس لا تنقطع ثرثرته في عقل الرجل الشرقي. ونشأ من ذلك الوضع الشاذ ـ وهو وضع لا يشبه أوضاع أغلب الثقافات الإنسانية الأخرى ـ ظاهرة الغزل الحسي، إذ تحولت المرأة بسبب الكبت الطويل، والعزل الطويل، وعيش الرجال المستمر في أوساط رجالية صرفة، إلى مجرد جسد مثير للشهوة، وجالب للمتعة.

وفي السودان، تتضح ظاهرة الغزل الحسي الدال على الحرمان المزمن، أكثر ما تتضح، في شعر جيل الرواد الأوائل، من شعراء الفصحى في السودان، إلى جانب معاصريهم من شعراء مرحلة "الحقيبة" في الغناء. وتقل هذه الظاهرة كثيرا في أشعار اللاحقين، ممن عاصروا المرأة طالبة في مدرج الجا معة، وزميلة في مقر العمل، بل وفنانة، وشاعرة، وأكاديمية، متميزة. جاء في قصيدة يصف فيها المجذوب إمراة جالسة على حفرة الدخان:

وحفـرةٍ بدخـانِ الطـلحِ فاقمـةٍ تُندي الروادفَ، تلوينـاً وتعطيرا
لمحتُ فيها ـ وما أمعنتُ ـ عاريةً تَخفى وتظهرُ مثلَ النجمِ مذعورا
مدَّتْ بناناً به الحِنَّـاءُ يانعـةٌ، تَرُدُّ ثوبـاً إلى النهـدين محسـورا
قد لفَّها العطرُ لفَّ الغيمِ منتشراً، بدرَ الدجى وروى من نورِها نورا
يزيـد صُفـرَتها لمعاً وجِدْتَّـهَا صـقلاً وناهـدها المشدودَ تدويرا
أرخى الدخـانُ لها ستراً فَبَعَّـدَهَا، كدرَّةٍ في ضميرِ البحرِ مسجورا

وجاء في شعر محمد أحمد محجوب:

ضاقَ القميصُ بطامحٍ تحتَ القميصِ له شُبوبُ
نهـدٍ تكوَّرَ مثـلَ حُـقِّ العـاجِ توَّجَهُ اللهيبُ
لو كنتُ أملك أمـره، لتفتقت عنـه الجيـوبُ

إقصاء المرأة عن الحياة العامة في فترة ما قبل منتصف القرن العشرين، ليس شأنا سودانيا محضا، وإنما هو شأن عربسلامي، اتسمت به حواضر أخرى، كبيرة، وعريقة، مثل مدينة القاهرة مثلا. فلقد تعلق رهط من الأدباء والشعراء بالأديبة مي زيادة. وهناك رسائل غرامية بينها وبين جبران خليل جبران، وربما بينها وبين آخرين، أيضا. ولقد أحب مي زيادة جملة من رواد منتداها. والسبب فيما يبدو، أنهم كانوا، جميعهم، يحلمون بعشيقة، فنانة، عالمة، ومفكرة، وهي غير موجودة في واقع حياة المجتمع في ذلك الوقت. ولذلك، فحين وجدوا واحدة، هام بها الجميع، بلا استثناء. قال الشاعر إسماعيل صبري، وهو يحكي عن تشوقه لحضور ندوة الثلاثاء، التي كانت تنعقد بدار مي زيادة:

روحي على بعضِ دورِ الحيِ حائمةٌ كظاميءِ الطيرِ حوَّاماً على الماءِ
إنْ لم أُمَتِّـعْ بميٍّ ناظريَ غـداً، أنكرتُ صبحَـكَ يا يـومَ الثـلاثاءِ

هذا حال مصر، حتى وقت قريب جدا! ويبدو لي أن ردة تاريخية كبيرة حدثت في شأن حضور المرأة في الحياة العامة، وفي المنتديات. إذ هناك كثير من صور حضور المرأة في مجتمعات الرجال، في العصر العباسي، في بغداد، وكذلك في الأندلس. مع ملاحظة أن من كن يختلطن بالرجال، في تلك الحقبة، قد كن، في غالب الحال، من فئة "الجواري" اللائي، لا يُنتظر منهم، وفق منطوق الشريعة، ما يُنتظر من "الحرائر" من رصانة السلوك، ومن الإنضباط الخلقي. ولقد اشرت في مداخلة سابقة في هذا الخيط، إلى احتمال أن تكون الخلافة العثمانية، وتمدداتها في الشام، و مصر والسودان، والعراق، ومنطقة الجزيرة العربية، هي التي خلقت هذا الوضع البالغ التشدد بشأن المرأة. وأعتقد أن مدن الوسط في السودان قد تشكلت من حيث حدة الفصل بين الجنسين، وغياب المرأة عن الحياة العامة، بسبب هذه التأثيرات التركية، الوافدة التي أصابت المجتمع السوداني المديني. والدليل أن الريف بقي أقل تشددا في هذه الناحية، مما دفع بشعراء كالعباسي، والناصر قريب الله أن يمموا وجوههم شطر البادية، بحثا عن ذلك العنصر الجمالي المفقود.

أقام أدباء السودان، صالونا أدبيا مشابها، لصالون مي زيادة. وقيل أنهم كانوا يجتمعون ببيت سيدة، كانوا يسمونها "فوز". ولقد كتب محمد أحمد محجوب قصيدة إلى فدوى طوقان، تشير إلى حالة الجفاف التي تعاني منها الحياة الرجالية العربية من حيث خلو مجتمعات الرجال من عنصر المرأة.
كتب محجوب في رسالة شعرية إلى فدوى طوقان:

فديتُكِ فدوايَ أسعَدْتِني بنجوى الحبيبِ القريبِ البعيدْ
إلى أن يقول:
وكنتِ الأنيسَ وكنتِ المنى، لقـومٍ ظماءٍ بوادٍ جديب

فالأدباء والشعراء والفنانون، في العالم العربسلامي، قوم "ظماء بوادٍ جديب" كما تفضل بوصف حالهم محمد أحمد محجوب. ولذلك فتوق المجذوب لحياة اقل كبتا، وتوق العباسي، والناصر قريب الله، ومن بعدهم جماعة الغابة والصحراء، إلى حياة طبيعية، توق معافى، ونزوع صحيح، وطلب مشروع قصده إرجاع الحياة إلى طبيعيتها. وكما اشرت، فإن هرب العباسي، والناصر لم يكن إلى الجنوب، المفترضة فيه الإفريقية الصرفة، وإنما كانت إلى بادية شمال كردفان. وهي بادية عربية، ولكن مع ذلك فهي بادية لا تحجر على المرأة، ولا تحبسها في الهوادج، وفي الخيام، وفي الخدور. كما أنها بادية لا تحجب المرأة، ولا تعزلها، بل إن نساءها يشاركن في أنشطة الرعي، والإحتطاب، وفي الرقص مع الشبان في مناسبات الأفراح، بل وأكثر من ذلك، فهن يخالطن الرجال بصدور عارية!

قال الناصر قريب الله:

ورعى الله في الحمى بدويـاتٍ زحمـن الطريقَ مشياً وجرسـا
هُنَّ في الحسـنِ للطبيـعةِ أشـباهٌ وإن فقنهـا شعـوراً وحسا
ما ألفن الحيـاةَ في ضجـةِ المـدنِ ولا ذقن للفسـاتين لبسـا
باديات النهـود، غير وشـاحٍ صـان نهداً، وخـان آخرَ مسَّـا
مثل قـوس الغمـام،ِ يعترض الغيـمَ ولا يوسع السحائبَ طمسا
كل مياسـةِ المعاطـفِ تدنـو بقـوامٍ يشـابه الغصـنَ ميْسـا
توَّجـت رأسـها ضفـائرُ سـودٌ، تتلاقى لديه طـردا وعكسـا
وكسـت لفظـها الإمـالة ليناً، لم يخـالط إلا الشـفاه اللُّعْسَـا
أنتِ من كردفـانَ مهجـر روحٍ، لم تهـاجر إلا لتنـزل قدسـا
اصطفت من جمالك الغض ليلي واصطفت من فؤادي الصب قيسا

ولنقرأ مع الناصر، مرة أخرى، قوله:

أنتِ من كردفـانَ مهجـر روحٍ، لم تهـاجر إلا لتنـزل قدسـا

حين أعود سأورد نماذج من أشعار المحجوب والعباسي، وأتحدث عن حالة الوسواس، الحسي، الشهواني، التي قادت إليها حالة غياب المرأة، في حواضر الوسط. كما أرجو أن أعرج قريباعلى الترميز الصوفي للمرأة في اشعار الصوفية، وتجاوز الإجتهاد الصوفي لنصوص الشريعة فيما يتعلق بحرفية عزل النساء عن الرجال

Post: #138
Title: Re: عفوا استاذي النور حمد
Author: Agab Alfaya
Date: 05-02-2004, 09:05 PM
Parent: #137

استاذي الدكتور النور عودا حميدا
كتبت في مقدمة حديثك الاخير
Quote: لقد سبق أن أمَّنْتُ على عبارة الدكتور عبد الله علي إبراهيم، القائلة بضرورة إيجاد مساحة للحرية داخل حدود المنع والتضييق، مما اتسمت به الثقافة العربية الإسلامية، بدلا من الهرب إلى ظلال ثقافات أخرى. ودعوة الدكتور عبد الله علي إبراهيم تلك، دعوة صائبة. فهي من ناحية تواجه ما أصاب عقول الصفوة السودانية، من جوائح التغريب، ومحاولات لبس الخوذة العقلية الغربية. ومن الناحية الأخرى، تبقي المثقفين حيث يجب أن يبقوا.

حديث الدكتور عبدالله ابراهيم الذي نحن بصدده ليس عن التغريب
والثقافات الوافدة وانما عن الثقافة المحلية الافريقية المكونة لنسيج الثقافة السودانيةالتي تشكل جزء لا يتجزأ من هذا الكل المركب الذي اسمه السودان.والتي تتجلي في شخصيتنا بكافة ابعادها الوجدانية
والانثرربولوجية والاثنوغرافية،في الواننا وغنائنا وفي كلامنا،
دا كلوا بالنسبة للدكتور واقع مطموس لا وجود له،وكل من يتحدث عنه هو مارق هدفه البحث عن اشباع الغرائز،وسبق ان ادنت انت شخصيا في اول مداخلة لك هذا الكلام.

بالنسبة لدعوته افساح المجال للحريات داخل الثقافة الاسلاميةارجو مراجعة رده في نفس الورقة علي محمد المكي في حديث الاخير عن تلطيف الثقافة الاسلامية المتشددة ووصفه لاي حديث من هذا النوع بالتامر لدس مشروع علماني يهدف الي تفكيك محرمات الثقافة الاسلامية .

Post: #139
Title: Re: عفوا استاذي النور حمد
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 05-03-2004, 01:26 AM
Parent: #138

العزيز عبد المنعم

شكرا على التعليق، وعلى إثارة هذه النقطة التي بدا لك فيها وكأن لي رأيين متعارضين.
ولسوف تقودني نقطتك هذه إلى التوسع في نواحي كنت قد أشرت إليهات مجرد إشارة سريعة. وسأعود بعد سويعات إن شاء الله.

Post: #140
Title: Re: عفوا استاذي النور حمد
Author: Abdel Aati
Date: 05-03-2004, 04:33 AM
Parent: #139

الاخ عبدالمنعم عجب الفيا

تحية طيبة لك وللمشاركات والمشاركين ..

كنت قد وعدت بالرجوع؛ ولم افعل؛ حيث اكتفيت بالقراءة؛ وبالاضافات الثرة التي التي بها مختلف المتداخلون؛ واخص منهم استاذنا النور حمد؛ والذي ما دخل الي بوست والا اضاف اضافات معرفية معتبرة؛ نتابعها باهتمام عظيم؛ فالرجل بلا شك قمة في ادب الحوار وفي موسوعية المعرفة.

ذكرني هذا البوست؛ ببوست مماثل كنت قد نقلت فيه مقالة الدكتور محمد جلال هاشم ؛ وقد تداخلت انت فيه بمداخلات قيمة؛ اعتبرها البعض قسرا منك لمفهومك؛ علي ما يقوله محمد جلال؛ ولو تذكر فقد كنت من اصحاب هذا الراي في البداية ؛ حتي تمعنت في الامر ووجدت بعض عدم الدقة في كتابته؛ ثم عرجت علي مواقف الاطراف الاساسية في الحوار؛ ولخصتها بالتالي:

الاساتذة محمد جلال وعبدالمتعم عقب الفيا

تحية طيبة

شكرا لمداخلة الاستاذ محمد جلال الثرة؛ واملنا كبير ان ينضم لاسرة المنتدي ؛ لكيما تكون مشاركته بالاصالة ؛ لا بالوكالة؛ وان نستفيد من فيض افكاره ورؤاه التجديدية

بالنسبة للموضوع محور الخلاف؛ فان رؤيتي وسطية ما بين طرحي الاساتذة محمد جلال وعقب الفيا؛ حيث ان هناك ضعفا او عدم تحديد في الصياغة؛ الامر الذي يمكن ان يجلب اللبس الذي وقع فيه الاستاذ عقب الفيا؛ من الناحية الاخري فان كل اعمال محمد جلال؛ وروح المقال؛ تنبئ بعدم تبني الاستاذ محمد جلال لمشروع السودانوعروبية؛ كما يطرحه عبدالله علي ابراهيم

ماذا يطرح عبدالله علي ابراهيم؟

انه يطرح منهجا ايدلوجيا لاثبات عروبة –خاصة – لشمال السودان؛ مبنية علي الايدلوجيا ؛ لا حقائق التاريخ ؛ اي انه يبرر للوعي الزائف لسكان الكيان المستعرب – الاسلامي في الشمال والوسط ؛ كما ولاثبات اسلام خاص بهم؛ وهو بهذا يميز نفسه عن التيار العروبي القح ؛ والتيار الاسلاموي الاممي – الاصولي .

ان عبدالله علي ابراهيم مهتم اذن في المقام الاول؛ بالدفاع عن الكيان المستعرب – الاسلامي؛ وبناء ايدلوجية له؛ وهو لا يناقش بالتالي هوية الكيانات الاخري؛ وانما يتركها لابناء وممثلي هذه الكيانات

بالمقابل يبدو ان عبدالله علي ابراهيم؛ يدعو الي تعايش سلمي للكيانات المختلفة؛ بما فيها الكيان المستعرب – الاسلامي؛ الذي سودنه عبدالله علي ابراهيم ؛ وهو بذلك يذهب الي فكرة قريبة من الوحدة في التعدد؛ وان كان يري هذه الوحدة بطريقة استاتيكية ؛ اي دون تداخل ثقافي بين هذه الكيانات؛ ومما لاريب فيه ان هذه النظرة يمكن ان يذهب بها بعيدا ؛ حتي الي مناطق تبرير الانفصال

ماذا يطرح محمد جلال هاشم؟

محمد حلال يكرس جل هدفه ؛ لرصد سيرورة وتطور افكار النخبة في الكيان المستعرب الاسلامي؛ ويخلص الي انها وجدت تبلورها في السودانوعروبية ؛ وهو مشروع عبداله علي ابراهيم

هل يطرح الاستاذ محمد جلال؛ تحليلا اخر لهوية الكيان المستعرب –الاسلامي؛ مختلفة عن رؤية عبدالله علي ابراهيم ؟ لم نرصد ذلك

بالمقابل فان دعوة الاستاذ محمد جلال ؛ للوسط اليميني – اي القادم من مواقع عروبية ؛ او من مواقع الكيان المستعرب- الاسلامي؛ باعادة تعريف نفسه وايدلوجيته ؛ تحكم بان له تصورا خاصا لهوية ذلك الكيان ؛ مختلفة عن السودانوعروبية

من الناحية الاخري يبدو ان فكرة الوحدة في التنوع ؛ هي ديناميكية ؛ اي تفترض تفاعلا مستمرا بين الهويات – والتي عبر عنها بتفاعل يمين الوسط ويسار الوسط ؛ وان كان عابه استخدام مصطلحي السودانوعروبية والسودانو افريقية ؛ في تصوره لهذا التلاقح ؛ بما اوحي بان تصوره لهوية يمين الوسط ؛ يمكن ان تستند الي السودانوعروبية ؛ وهو ما اوقع اللبس والخلط

ماذا يطرح الاستاذ عقب الفيا ؟

الغابة والصحراء؛ او السودانوية ؛ اي الهجنة التي يرفضها عبدالله علي ابراهيم ؛ ليس لحل مشكلة الكيان المستعرب – الاسلامي ؛ وانما لكل الهويات السودانية؛ الامر الذي يجعله الحاقيا للهويات الافريقية الصرفة ؛ بالهوية الهجينة للكيان المستعرب –الاسلامي في الشمال والوسط



السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابراهيم

اعتقد انه اليوم يمكننا ان نناقش هذه الاستنتاجات المبتسرة؛ للوصول الي تحديد دقيق؛ لمواقف مختلف المشاركين في الحوار ؛ تجاه قضية الهوية؛ والذي رغم تثميني البالغ لجهدك في نزع الغطاءات الايدلوجية الكثيفة التي تغطيه(اقصد الحوار)؛ وارجاع الامور الي الواقع - ومرجعية الوثائق- ؛ الا انه قد تحول الي سجال ايدلوجي اخر؛ تستخدم فيه من البعض كل ممارسات الخطاب الايدلوجي القديم؛ من مناهج الاسقاط والتمني وعدم التحديد والتهرب من الوقائع الخ الخ

الحوار الحالي هو في مجمله حوار ايدلوجي؛ لانه ليس فقط رصد تاريخي توثيقي لمدرسة ادبية -فكرية ؛ بل هو انخراط فعلي في مآلات الصراع السياسي - الاجتماعي - الثقافي الدائر في السودان؛ وعي المشاركون فيه بذلك ام لا ؛ رضو الاعتراف بذلك ام ابوا؛ ولذلك فان كل قراءة لتلك التجربة -الغابة والصحراء-؛ هي قراءة ايدلوجية بالضرورة؛ بما فيها قراءة عبدالمنعم عجب الفيا - والذي يتركز نقدنا الاساسي لمنهجه؛ وربما لكامل منهج مدرسة الغابة والصحراء الذي يبدو مدافعا عنه؛ في غياب التصور المتكامل لتفاعل الثقافات السودانية المختلفة؛ خارج تثبيت الطبيعة الهجينة للسودان الشمالي؛ والمآلات الناتجة او المحتملة عن ذلك التفاعل.

واواصل لاشرح ما كتب هنا بتعميم او اختصار مخل .

عادل

Post: #141
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 05-03-2004, 04:44 AM
Parent: #1

شكرا دكتور النور حمد علي الرد
كنت اقصد القول ان الدكتور عبدالله ابراهيم
لا يدعو الي اشاعة الحريات داخل الثقافة العربية الاسلامية
كيف لمن يصف العلمانية بانها مؤامرة لتفكيك محرمات الثقافة
الاسلامية،ان يتحدث عن اشاعات حريات،
كيف لمن يرفض تطبيق القوانين المدنية وينادي بتطبيق قوانين الشريعة بدلا عن ذلك ان يتحدث عن افساح المجال للحريات العامة،
كيف لمن ينحاز الي القاضي الشرعي ضد القاضي المدني ان يتحدث عن كل ذلك ؟؟؟؟؟
سوف اعود لمزيد من التفصيل ان اقتضي الامر،
ولك مودتي وعميق احترامي

Post: #142
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: د. بشار صقر
Date: 05-03-2004, 10:00 AM
Parent: #1

اخي الناقد الشاعر اسامة

هل لك ان تنزل من برجك الفكري العالي وتقول لنا قراءتك للورقة

المطروحة للحوار؟

احس بان منطلقاتك فيه شئ من النخبوية والشللية والتعالي الفكري

هذا مجرد احساس ارجو ان يكون كاذبا والا لماذا تسال وتطلب وتحكم ولا

تقول لنا قراءتك انت لنحكم ؟

ان الفكر النقدي السليم هو الذي يطرح نفسه


يقول قراءته والحكم بعد ذلك للاخرين في هذه الحالة

لا توجد قراءة واحدة لاي نص مهما كانت , فالنص مفتوح للتأويل

وقراءات متعددة , ذلك ينطبق حتي علي الجمل:


انظر الي هذه الجملة : (النساء والرجال المسنون)


هذه الجملة يمكن ان تعني النساء من جميع الاعمار والرجال المسنون

فقط او جميع الرجال والنساء المسنون.


اذا توجد قراءتين لهذه الجملة فما بالك اذا كانت نصا.



هنالك موضوع جوهري في هذا الحوار وهو الافروعربية وهل هو موجود

حقا ويمثل الاساس السليم للتمازج والانصهار الثقافي كما يقوله

اصحاب الغابة والصحراء

ام هو محاولة للهروب الي عالم اخر حقيقي او متخيّل من اجل (

بوهيمية) حسب قراءة د.عبدالله علي ابراهيم


او قراءة بولا وموسي في اعتقادهما ان اصحاب الغابة والصحراء انما

بمحاولتهما تلك يحاولون تعريب المكون الافريقي بادعاء الافروعربية

لان منطلق اهل الغابة والصحراء من ارضية الثقافة العربية

اذن كل هذه القراءت المتباينة في اتجاه جماعة واحدة(نص واحد) تؤكد

مسالة تعددت القراءت ذاتها , لذلك لا اعتقد بان قراءة عجب قراءة

خاطئة وانما مغايرة لقراءتك انت مثلا .


كما انني فهمت من تصويب الشاعر الكبير محمد المكي في انه صام


اربعين عاما من الكلام في موضوع الهوية لانه اعتبر ان الموضوع اصبح

مسلمة من المسلمات التي لا يحتاج الي الاثبات او ادارة جدال سفسطائي

حوله , فالهوية الافريقية موجود فيك(اسامة) وفي منعم و(فيّ) وفي 90%

من السودانين , واذا كان ذلك كذلك اذا البديهي ان الثقافة

الافريقية موجودة , فما هي الغير موجودة ؟ الثقافة العربية ام

الافروعربية؟ نفي احدهما ينفي وجود الاخري , وحسب اعتقادي يوجد

الكثير من الافروعربية والقليل من العربية ,


فما يعتبرها كثيرون في السودان بالثقافة العربية ,هي ليست كذلك

والا فلماذا هذا الفقر المحزن للمكتبة العربية سواء كانت في

القاهرة , او الدمشق , او السعودية الخ.......للكتاب (العربي )

السوداني من الرواية او الادب او حتي الفكر في ظل الغزارة الشديدة

لهذه المكتبات واحتوائها علي كتّاب وادباء ومفكرين كبار (نجيب


محفوظ, قباني جابر عصفور .محمد الانصاري.......الخ).


ففي ظل الغزارة الابداعية علي المستوي العربي الي مرحلة النوبل

(نجيب محفوظ) , والغزارة الابداعية الافريقية الي مرحلة النوبل ايضا

(الكاتب النيجيري ) وغياب السودان من هاتين المكتبتين لا مبرر لها

الا اذا رجّعناهاالي غيبة الهوية وضبابية الرؤية الثقافية

السودانية .

ان المنتوج الثقافي السوداني الحالي اقرب الي الافروعربية منها الي

العربية وبناءا علي ما ذكرتها في سطور اعلاه , يوجد في السودان

ثقافتين

افريقية وافروعربية وقليل جدا من العربية الي درجة لا نراها في

المكتبة العربية.

ايها الناقد الكبير اسامة ارجو ان اسمع قراءتك ورؤيتك بصورة اكثر

تفاصيلية من ما قلته حتي الان.


Post: #144
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 05-03-2004, 07:47 PM
Parent: #142

عزيزي منعم

لقد ذكرت في بداية مداخلاتي في هذا الخيط أنني لم أستسغ إشارة الدكتور عبد الله علي إبراهيم، إلى شاعرنا محمد المكي إبراهيم، خاصة إستخدامه لفظة "بوهيمية" التي سبق أن أشرت إلى كونها كلمة "مشحونة". واستخدامها في فضاء محافظ، كما هو الحال عندنا في السودان، يلقي ظلالا كثيفة من الريب، حول من تُلصق به. وتقفل مثل تلك الوصمة الباب تماما أمام تلصق به، في أن يسمع صوته، بعدها للناس. وقد كان الترابي يكثر من استخدام كلمة "علمانيين" لكي يخلق، عن قصد، وعمد، حاجزا سميكا بين معارضيه في الرأي، وبين عامة الجمهور. وعند سواد الجمهور، ربما تطابقت كلمتا "علماني" و"كافر". وذلك باب عويص في المكر السياسي، وفي العمد إلى حسم النقاش، بطرق تجعل المعارض أمام إحدى خطتين: إما أن يضع نفسه في "سلة الإسلام"، لصاحبها الدكتور حسن الترابي، أو يضع نفسه في "سلة الكفر" وهي السلة التي ينتهي في بطنها، في نهاية الأمر، كل من يعترض على نهج الدكتور الترابي!!

حين عارض الأستاذ محمود نهج الترابي وقبيله، من قضاة الطوارئ، من داخل المرجعية الإسلامية، النصية، كان نصيبه الأستاذ محمود الموت. وهكذا فإنه لا سبيل إلى المعارضة، إطلاقا: فلو عارض المرء من داخل الإسلام، يصبح "مرتدا"، ويكون مصيره الموت، وإن عارض من خارج الإسلام، يصبح علمانيا، ومنافقا، ومارقا من صفوف المسلمين، وهو كافر في نهاية الأمر. وفي كلتا الحالتين "سيك سيك معلق فيك"!!

الشاهد أن تغيير الفكر الإسلامي من داخله ليس عملا ميسورا، وإنما هو مهمة دونها دق الأعناق. ولم يساعد الترابي وقبيله في تسهيل هذه المهمة، عبر تقلبات خطابهم، منذ حادثة معهد المعلمين، التي انتهت بحل الحزب الشيوعي، وطرد نوابه المنتخبين من البرلمان، مرورا بحادثة رقصة العجكو، وانتهاء بإعدام الأستاذ محمود محمد طه. ومع ذلك فإن مهمة تفكيك سلطة السلف، وفك قبضة التراث على الحاضر، من داخل المرجعية الإسلامية، عمل لا محيص عنه. فإذا أراد المثقفون أن يأخذوا الجمهور إلى جانبهم، فلا مجال لهم في غض النظر بالكلية، عن عنصر الدين، في هذه القضية. إذ ليس من الحكمة في شيء نهج الإلتفاف حول عنصر الدين، لأن هناك من الغلاة من يستخدم الخطاب الديني، الذي يجد قبولا في الأوساط الشعبية. وهذا ما تفضل بالإشارة إليه الدكتور عبد الله علي إبراهيم. والتغيير لا يتم بالصفوة وحدها. ولربما كانت آفة التغيير في الماضي، قد تمثلت في قيادة الصفوة، لسفينة التغيير، ومن منطلقات صفوية محضة. وأصبح ركاب هذه السفينة، من عامة الشعب، لا يعرفون إلى أين هم مسوقون!

يقول الدكتور عبد الله علي إبراهيم:

Quote: وعندى إجمالا أن خلع أو تحجيم الهوية أو الثقافة العربية هو إما غش ثقافى أو يأس. فالطريق فيما أرى إلى اطمئنان الجنوبيين وغيرهم من حملة الثقافة الأفريقية إلى أمنهم الثقافى، يمر عبر تصدى العرب المسلمين للنعرات وأنواع التحريم التى تغص بها ثقافاتهم تصديا بالأصالة عن أنفسهم، لا نيابة عن أحد. ويستلزم ذلك وقفة مستنيرة إزاء الذات وقدرة على تحرى النقد، وتحمل تبعاته. ولا أحسب أن حملة الثقافة الأفريقية ممن يرغب في الزج بهم كلاعبين رئيسيين في أجندة تفتح وديمقراطية الثقافة العربية الاسلامية. فالأصح في نظرى مثلا أن يدعو من يزعم أن تعاطى الخمر حرية شخصية إلى كامل حرياته الشخصية كعربى مسلم، لا أن يتخفى وراء نسبته في أفريقيا التى الخمر فيها بعض الماء أو الغذاء أو أنخاب الطقوس. والأهم من ذلك كله ألا يأسى العربى المسلم لفقدان الجنوبى حريته في شرب الخمر، قبل أن يأسى هو لفقدانه الحق ذاته. فحملة الثقافة الأفريقية قد يرغبون أن يروا العرب المسلمين في السودان متمتعين بحقوقهم في الاعتقاد والرأى وأنواع الشغف الأخرى أولا، قبل أن يصدقوا مشروع الأفروعربيين الحضارى.


أجد هذا النص المثبت عليه، نصا مقبولا جدا، وربما من غير تحفظ، ولكني سبق أن قلت في مداخلة سابقة، في نفس هذا الخيط، أن الدكتور عبد الله علي إبراهيم، لم يحالفه التوفيق، حين لم يشر، ولا مجرد إشارة، إلى إسم الأستاذ محمود محمد طه، وهو يدعو إلى هذا النهج الذي يقترحه في تغيير وجه الثقافة العربية الإسلامية من داخلها، وباستخدام الآليات التي تتيحها. والحق أن هذا الإقتراح ليس جديدا، بل هذا هو عين ما قام به الأستاذ محمود محمد طه، ووقف له حياته وقفا تاما، حتى لحظة الوقوف على أرضية المشنقة. وأنا لا أعرف مفكرا سودانيا، بل ولا مفكرا مسلما، قدم إسهاما في تبني النهج الديمقراطي التعددي، الواضح، من داخل المرجعية النصية الإسلامية، وأسس لمفهوم الدستور، وكفالة الحريات العامة، والحريات الشخصية في التشريع، ودعا لتخفيف القيود على أساليب التعبير المختلفة، في الفنون، والآداب، مثلما فعل الأستاذ محمود. ولو نحن غضضنا الطرف، عن إسهام، مثل إسهام الأستاذ محمود محمد طه، لكي نرضي قبيل الغلاة الإسلامويين، الذين جعلوا من الإسلام أداة للقمع، وللتصفية الجسدية، ولإخراس كل صوت آخر، عدا صوتهم، نكون قد أخفقنا، ومنذ الوهلة الأولى، في التأسيس لحالة جديدة، تتسم بالصحة والعافية. وهذا حديث ربما يطول التقعيد له. ولكنني أكتفي منه بهذه الإشارة، المبتسرة. ولكي لا أظلم الدكتور عبد الله علي إبراهيم، فإني أحب أن اثبت له دعوته التي أطلقها منذ ايام الديمقراطية الثالثة، في عموده الشهير "ومع ذلك"، إلى التحقيق في حالات من تم اغتيالهم سياسيا، في محاكمات سياسية إيجازية، عبر فترات الحكم الوطني، وركز الدكتور على ظاهرة عدم تسيلم جثث من يتم إعدامهم لذويهم، ألمر الذي يخالف كل الأعراف السماوية، والبشرية. وقد ركز في إشارته تلك، إلى أن ذلك يفتح الطريق للتعايش السلمي، وللحوار المعافى، بين ابناء الوطن الواحد، رغم تباين الرؤى.

وأعود لتجنب الدكتور الخوض في شأن الأستاذ محمود محمد طه، وهو تجنب يلقى بظلال من الشكوك، ومن عدم الإرتياح لدى قطاع عريض من المثقفين السودانيين. ومثل هذا الصنيع، ربما شكل حاجزا نفسيا بين ثاقب رؤية الدكتور عبد الله علي إبراهيم، وبين كثير من المثقفين. فحين لم تظفر مساهمة الأستاذ محمود محمد طه، في باب تجديد الثقافة الإسلامية، من داخلها، وبآلياتها، من الدكتور عبد الله علي إبراهيم، بمجرد إشارة، فإننا نجد أن الترابي، قد ظفر منه بالعديد من الإشارات!! وجد الترابي الإشارات رغم كل التضييق، والعسف الذي مارسه، عمليا، على كافة معارضيه، منذ حادثة حل الحزب الشيوعي، وما صاحبها، ومرورا بإنقلابه العسكري، وما تلاه من بيوت أشباح، ومن سائر بلاويه الأخرى، التي تجل عن الحصر!

غير أن كل ذلك لا يعميني من أن أرى الجوانب الإيجابية فيما يطرحه الدكتور عبد الله علي إبراهيم، والعمل على تعميق هذه الجوانب، وتوظيفها في الوجهة التي تخدم طرحي، وتصوري. وأحب ان انتهز هذه الفرصة، لكي أدعو نفسي، ومن يشاركونني هذه الساحة، إلى الخروج من محاكمات الأفراد، إلى محاكمات الأفكار. ومحاكمة الأفكار تاخذ الأفكار كجزئيات، وكتوجه عام. وحين نختلف مع جملة التوجه العام، يجب ألا يعمينا ذلك عن رؤية الجزئيات، التي ربما كان فيها غنى، وفيها خصوبة. والتي ربما فتحت مجالا جديدا، لتلاقح الأفكار، ولتعميق الحوار، ولرؤية الوجوه المركبة للمشكل، التي عادة ما تضيع في ثوران نقع الخطاب السائد، وفي منظومات الأحكام التبسيطية، وما إلى ذلك من صور التكييف الذهني المسبق.

أشار الدكتور عبد الله علي إبراهيم، إلى ما يملكه غلاة الإسلاموييين من سلاح، ذي حد باتر، يتمثل في تدثرهم بالخطاب الديني، الذي يجعلهم الأقرب إلى عقلية الجمهور، والأقدر على إرباكه، وعزله من المثقفين الذي لا يملكون سوى أن يراوغوا مجرد مراوغات، حين تثار قضية الدين. هذه الملاحظة ملاحظة شديدة الأهمية. وهي ملاحظة تجد سندها في أجد مباحث الأكاديمية الغربية، وهي تصنع آخر تشكلاتها. وأعنى هنا تحديدا، نقد فكر حقبة الحداثة، وأحاديتها الوضعية التبسيطية، التي تجسدت في تجلياتها التعليمية، في إبعاد الدين والروحانيات، من مناهج التعليم، إبعادا تاما. ففكر ما بعد الحداثة، يؤكد، وبشدة شديدة، على ضرورة إعادة النظر في التراث الإنساني، بعيدا عن الأحكام التبسيطية المتعجلة التي سبق أن أطلقتها نظريات حقبة الحداثة، والتي جعلت من الروحانية والدين، مجرد ظواهر ملازمة لطفولة العقل البشري، زاعمة أن الذي رسخ تأثيرات الدين، والروحانية، في الماضي، إنما هو غياب منهج البحث العلمي!!

هناك إشكالية كبيرة، تكمن في تصور كثير من مثقفينا، وتتمثل تلك الإشكالية، في أن فصل الدين عن الدولة، وتبني الخط العلماني، يعنيان بالضرورة إختيارا تلقائيا للنهج الديمقراطي! وأحب أن أؤكد هنا أنني لا ادعو إلى إقامة دولة دينية، ولكنني أدعو إلى استصحاب القيم الإنسانية للدين، ونحن نصوغ أسس دستورنا، وروح قوانيننا. وهذا امر ربما طال شرحه هنا. المهم أن السير، بلا رؤية نقدية، فاحصة، وراء ما نظنه كفالة نظيفة، بريئة، ومخلصة، للحريات في التجربة الغربية، يقودنا إلى نفس الطريق المسدود، الذي أوصل الديمقراطية الغربية، إلى حالتها المحزنة، الراهنة. وهي حالة، بلغت فيها مفارقة التطبيق للشعار المرفوع، مبلغا ميئسا. فتجاهلنا لتراثنا، وانصرافنا عن معرفة السمات الإنسانية المتميزة، المتجذرة فيه، من تشارك، وتكافل، وإعلاء لقيمة الإنسان فوق قيمة الربح، مضافا إلى كل ذلك، استبطاننا لتراث الآخر، ولبسنا للخوذة العقلية، الحداثية، الغربية، يجعلنا لقمة سائغة للرأسمال، الذي لا تعرف الرحمة إلى قلبه سبيلا.

المسار الذي سارته الرأسمالية الغربية، انتهى إلى تراكم السلطة، والثروة في أيدي قلة، ربما لا تتعدى في أغلب الأقطار الرأسمالية، 5% من مجموع السكان. هذه القلة القليلة تملك كل الثروة، وتملك معها كل أجهزة الإعلام، كما تملك مفاصل التشريع، مضافا إليها مؤهلات الترشيح، وإدارة الحملات الإنتخابية. وهذه القلة هي التي ترسم مناهج التعليم، التي تعمل على غسل أدمغة النشء، وترسيخ الخنوع لسلطة الرأسمال. وهي التي تقرض الناس المال، وبشروطها، لشراء البيت، والسيارة، وغيرها مما يسمى بكروت الإئتمان credit cards . يضاف إلى ذلك، أنها لا تكف عن إلهاء الناس، عن الفكر، وعن الإنتظام في الحركات المطلبية. بل وإلهاءهم عن بعث أي ابعاد روحانية في حيواتهم، والحيلولة بينهم، وبين تجارب العيش العميق، المُمَعْنَى. هي تقف في وجه كل ذلك، مما يتهدد سلطتها، مستخدمة ما تقدمه من تافه التسلية، ومن الترويج للصخب، والعنف، وكل شاذ، وغريب، من صور اللامبالاة، في المسلك.

خلاصة ما اراه، هو ألا نترك قيم الإسلام، وسائر القيم الإنسانية، لحضارات العالم القديم، لتصبح ملكا للصيارفة الإسلامويين. فهم رغم تدثرهم برداء الدين، واحتكار ذلك الرداء، وحرمان الآخرين منه بالدبابة، وبسلطة الخطاب الغوغائي، ليسوا في حقيقة أمرهم، سوى رسل الرأسمالية الغربية، ووكلائها المعتمدين، في ديار الثقافات الإنسانية، التليدة التي يراد اقتلاعها من جذورها، كما اقتُعلت من قبلها التجربة الشيوعية، والقيت في البحر. فالإسلامويون مما نراه فيهم من تعلق بالدنيا، وفتون غريب بالدعة، ورغد العيش، ولا مبالاة بأنات المحرومين، ومساغب الجياع، ليسوا في حقيقة أمرهم، سوى خدام للرأسمالية، وهي تتمدد ، لإبتلاع كل القيم الإنسانية التي غرسها، وسقاها، ورعاها، الأنبياء، والحكماء، من سكان العالم القديم. الإسلامويون هم ذراع الرأسمال، وطلائعه في غزوته الأخيرة، القاصدة إلى إبتلاع تراث وحكمة القرون الأولى. هم كذلك، عرفوا ذلك، أم لم يعرفوا!!

في فقرة من فقرات مقال "تحالف الهاربين" أشار الدكتور عبد الله علي إبراهيم، إلى ما يملكه غلاة الإسلامويين من سلاح، جردوا منه غيرهم، الذي أخلوا لهم ساحة الدين. وذلك حيث يقول:

Quote: ومن الجانب الآخر فخطة الأفروعربيين لاستخدام المكون الأفريقى فيهم وحقوق الجنوبيين لنصرة آراء لهم في الحياة السياسية والاجتماعية هى خطة مكشوفة للغلاة من الدعاة الاسلاميين. فهم يرون الليبراليين من الأفروعربيين إنما يدسون مشروعهم العلمانى وراء تظلمات الجماعات الأفريقية غير المسلمة. وهذه الخطة الأفروعربية في نظر الغلاة مجرد حيلة في علم الحيل. فقد قال الشيخ الترابى، "إن مناصرى العلمانية منافقون مارقون من بين صفـوف المسلمـين لا يستطيعون الجهر بمعارضتهم للاسلام، بل يتصنعون الغيرة على حقوق المواطن السوية، وأنهم بحماية الأقلية غير المسلمة في الجنوب يريدون أن يلقنوا تلك الأقلية لتعبر عن أهوائهم التى لا يستطيعون أن يفصحوا عنها " (64) . وهكذا لم يقض للأفروعربية الموسومة بالوسطية أن تسعد أحدا؛ وهذا باب في الاخفاق كبير.


قد نختلف، وقد نتفق حول جزئيات هذا النص المثبت عاليه، بعضها، أو كلها. ولكن، على التحقيق، أن النص يتضمن أمورا يمكن أن ندير حولها حوارا طويلا، معمقا. أنا أفهم مشروع الآفروعروبيين كتاسيس لتيار أدبي، مثله مثل جماعة التربادور، أو جماعة أبوللو، أو الرابطة القلمية لجماعة المهجر، أو مدرسة الفجر. ولكنني لا أفهمه كرؤية متكاملة، ولا أعتقد أنه يرقى لكي يصبح أساسا لرؤية متكاملة، ندير وفقها مسارات لحلول سائر ظلاماتنا التاريخية، في فضاءات السلطة، والثروة، وسائر أمور الإستعلاء، وقضايا التهميش العرقي والثقافي. ولا أظن أن أصحابه قد طرحوه كرؤية سياسية شاملة. وكما أشار الأستاذ، عادل عبد العاطي، فإن "الهجنة" قد لا تعني شيئا إطلاقا، لمن كان إفريقيا صميما! ولذلك فإن مظلة "الهجنة" هذه، مظلة لا تظل، في حقيقتها إلا ذلك القبيل الذي يتنازعه انتماءان. وقد حدث أن كان هذا القبيل، هو الذي ظل مسيطرا، على مفاصل السلطة والثروة، منذ السلطنة الزرقاء، كما هو ثابت في كتاب تيم نيبلوك، "صراع السلطة والثروة في السودان". وهذا القبيل هو الذي انحصر فيه رسم سياسات الحكم، من تشريع، ومن سياسات تنموية، وتعليمية، وإعلامية، أبقت كل من عداه، خارج الصورة تماما. ودعنا ننظر إلى الإذاعة، وإلى التلفزيون، وإلى الصحف، وإلى المنهج الدراسي في الخمسين سنة الماضية، لنرى مبلغ السيطرة العربسلامية، على كل شيء. هذا القبيل، "الهجين"، هو خصم المهمشين، في كل صحاري القطر، وغاباته، ولا يمكن له إدعاء أي شراكة في وضعية الضحية. ومن المؤسف أن جهابذة التكنقراط، الذين نظَّروا للهجنة، قدارتضوا عبر تقلبات الحراك السياسي السوداني، أن يكونوا جزءا من المؤسسة الحاكمة، وجزءا من آلية ترسيخ الأوضاع السائدة. وقد سبق أن اشرت إلى تلك الظاهرة في مرحلة سابقة من هذا الخيط. وتقريع د. حسن موسى عليهم، ليس تجنيا محضا، رغم ما أعيبه على د. حسن موسى، من خشونة اللغة. ومبحث ركوب المثقفين في عربة العسكريين الإنقلابيين، مبحث ربما احتجنا أن نقيم فيه بعض الوقت. ولكي نكون منصقين، فإن الإستوزار، والركوب في مركب العسكريين، الإنقلابيين، ووضع الذات في خدمة مخططات العسكر الفوقية، ليس حصرا على بعض منظري الغابة والصحراء، من شعراء ومن تشكيليين، وغيرهم، وإنما هي ظاهرة اجتاحت قطاعا كبيرا، من أنبه المثقفين عندنا، خاصة في حقبة نميري. فلقد تم استخدامهم، حين الحاجة لتجميل وجه السلطة بهم، ثم جرى ركلهم حين استنفد استخدامهم غرضه.


ولي نقطة أخيرة، تتعلق بِهَمِّ تطوير اساليب الحوار في هذا البورد، فإني أرى أنه ليس من الضروري نعلق على كل نقطة لا نوافق عليها، فنحن بطبيعة الحال، لسنا في اجتماع، يجب أن ينتهي فيه الأمر بالتصويت لصالح قرار بعينه، وإنما نحن في ساحة حوار، ينور فيها بعضنا بعضنا. وهذا يعني أن نراجع جميعنا طرقنا في الحوار، وأن نراجع قناعاتنا، بتسديدها، متى ما اتضح لنا قصور في بعض جوانبها. والتناقض في طرحنا لأفكارنا، أمر طبيعي. فكلنا ننمو، ونتعلم، ويبلغ بنا التعلم، حدا نستغرب معه، في أفكار سبق أن قلناها، في وقت ماض، بصمامة شديدة. أرجو ألا نعمد إلى وضع الخصم الفكري، في ركن ضيق، ومحاولة الإجهاز عليه بالضربة القاضية. هذا يخدم الـ "ego" الشخصي، ولا يخدم المعرفة في شيء.

كلنا مدعو للتسديد والمقاربة ((فسددوا وقاربوا)). وابدا بدعوة نفسي للحرص على الموضوعية، والإنحصار في مناقشة القضايا، وتعديل الرأي وتسديده متى ما بدأت فيه الشروخ. وأنت مدعو لمثل ذلك، وصديقي، الدكتور حسن موسى مدعو ليسدد ثغرات طرحه، وأن يراجع أيضا شدة عباراته، وأن يواجه ما أثرته انت مما رأيته يننطوي من جانبه، على قدر من عدم الإتساق، وربما المحاباة للدكتور عبد الله علي إبراهيم. وأستاذنا الدكتور، عبد الله بولا مدعو لمواجهة ما اثرته أنت في شأن طروحاته، ومقالاته، وما رأيته منه أيضا، محاباة للدكتور عبد الله علي إبراهيم. وقد وعد هو بالتعقيب على ملاحاظاتك، عقب فراغه من ترحيب المرحبين. والدكتور عبد الله علي إبراهيم مدعو هو الآخر، أن يعيد النظر في بعض طروحاته، التي أرى، ويرى غيري أيضا، أنها ربما تخدم في بعض جوانبها، الدكتور الترابي، وقبيله، وربما لا تنتصف أيضا، لغيره، كثيرا. إضافة إلى ما يظن فيها بأنها ربما لا تساعد في خلق الحالة الصحية التي نسعى إليها جميعا. ويجب ألا يعمينا كل ذلك، من حقيقة ما تثيره أفكار الدكتور عبد الله علي إبراهيم، من دعوة للحفر فيما مناطق لم تلمسها معاول الحفارين، كثيرا، وهذه محمدة.

يجب ألا تعمينا النقاط التي لا نوافق عليها، عن رؤية النقاط التي نوافق عليها. ومن هذا أيضا، أن يلتقط المناقش الخيط الذي يشابه أراءه في حديث الآخرين، مهما كان رفيعا، ثم يطوره، ويعمقه، ويوسع مداه. أعتقد أن الحوار المثمر هو الحوار الذي لا يجري في خطوط متوازية. ويقتضي ذلك أن نبني على ما يقوله الآخرون. وأن نركز على نقاط الإتفاق لتوسيع الأرض المشتركة، بدل أن نركز على نقاط الخلاف، وتقليص الأرض المشتركة. فالناس سوف يظلون مختلفين، ولكن المهم، من الناحية العملية، ان تزداد مساحة الأرض المشتركة بينهم، وهذا يخلق ما نسميه بالثوابت، التي تجعل معايشتنا لبعضنا بعضا، ممكنة، ومحتملة.

وشكرا لك عزيزي منعم، فأنت الذي يبادر دائما، بضربات البداية، في مختلف هموم الثقافة والمعرفة. ومبادراتك الكريمة، هي التي تجعل الحوار بيننا ممكنا، وهي التي تحرك ركود أذهاننا، وتضطرناـ وهو اضطرار محمود ـ لكي نطيل من إقاماتنا في محاريب الفكر، وهي محاريب، قليلة الرواد، ولا تطيقها النفوس كثيرا.

Post: #145
Title: Re: الترابي ودكتور عبدالله : نفس الخطاب
Author: Agab Alfaya
Date: 05-05-2004, 09:01 PM
Parent: #144

شكرا استاذي العزيز النور حمد
لقد اتبع الدكتور عبدالله ابراهيم في كتابة ورقته اسلوبا فيه قدر كبير من الذكاء والتخفي ،فهو يطرح اولا القضية التي لا خلاف عليها ثم ما يلبث ان يطرح رايه المناقض لهذه القضية بطريقة لا يلمسها القاري لاول مرة ،وقد نجح بذلك في تمرير كثير من الافكار التي ما كانت ستجوز علي الكثيرين لولا هذا الاسلوب المخاتل .
ان الاقتباس التالي ادناه والذي اوردته في مداخلتك هو من اكثر النقاط جاذبية استقطابا في الورقة،ومعظم الذين اشادوا بالورقة وقفوا عند هذه النقطة ولم يتعدوها!وبدون ربط هذه الجزئية بباقي جزيئات النص،سوف لن ندرك المرامي الحقيقة للورقة .والنص
كما هو معروف ،اي نص ،يفسر بعضه بعضا ،لذا يجب ان يقرأ في كلياته،
حتي يخرج القاري منه براي واحد متماسك،

Quote: وعندى إجمالا أن خلع أو تحجيم الهوية أو الثقافة العربية هو إما غش ثقافى أو يأس . فالطريق فيما أرى إلى اطمئنان الجنوبيين وغيرهم من حملة الثقافة الأفريقية إلى أمنهم الثقافى ، يمر عبر تصدى العرب المسلمين للنعرات وأنواع التحريم التى تغص بها ثقافاتهم تصديا بالأصالة عن أنفسهم ، لا نيابة عن أحد . ويستلزم ذلك وقفة مستنيرة إزاء الذات وقدرة على تحرى النقد ، وتحمل تبعاته . ولا أحسب أن حملة الثقافة الأفريقية ممن يرغب في الزج بهم كلاعبين رئيسيين في أجندة تفتح وديمقراطية الثقافة العربية الاسلامية . فالأصح في نظرى مثلا أن يدعو من يزعم أن تعاطى الخمر حرية شخصية إلى كامل حرياته الشخصية كعربى مسلم ، لا أن يتخفى وراء نسبته في أفريقيا التى الخمر فيها بعض الماء أو الغذاء أو أنخاب الطقوس . والأهم من ذلك كله ألا يتأسى العربى المسلم لفقدان الجنوبى حريته في شرب الخمر ، قبل أن يتأسى هو لفقدانه الحق ذاته . فحملة الثقافة الأفريقية قد يرغبون أن يروا العرب المسلمين في السودان متمتعين بحقوقهم في الاعتقاد والرأى وأنواع الشغف الأخرى أولا ، قبل أن يصدقوا

والسؤال هل فعلا دكتور عبدالله جاداgenuine في الدعوة الي احداث ثورة ديمقراطية داخل الثقافة العربية الاسلامية،بحيث يصبح شرب الخمر حرية شخصية وليست جريمة يعاقب عليه القانون؟
علينا ان نتذكر ان الدكتور كان قد وصف الافروعربية في اول الورقة تحت عنوان :الافروعربية في اجندة تلطيف الثقافة العربية الاسلامية،بانها مؤامرة تهدف بوعي الي تحجيم الانتماء للثقافة الاسلامية
يقول :
Quote: لا تهدف الأفروعربية إلى تحجيم الانتماء العربى الصريح وحسب ، بل إلى اجراء تحسين جذرى في المكون العربي الاسلامي من الذاتية السودانية . فاستعادة التراث الأفريقى ، في نظر الأفروعربيين ، ليست مجرد تصحيح لمعادلة مختلة ، وإنما المقصود منها هو تهريب أجندتهم الاجتماعية والفكرية إلى الثقافة العربيـة الاسلاميـة الغبشـاء المتشـددة ( الحنبلية في قول المكى ) (20) ، بقصد حملها على التلطف والسماحة .


ويدلل علي هذا التامر باطروحات لمحمد المكي قائلا:
Quote: ويحترز مكى ، وهو يتكلم عن تصوره لما سيؤول إليه الاسلام في معترك الهجنة . فقد اضطره موضوع " الدين المخيف " أن يكتب عنه بتعميم ؛ فهو يرى أن عوامل الجهل والتخلف قد مكنت لدعوات التشدد والتخويف في الاسلام ، بغض النظر عن معدنه الأصيل الداعى إلى الحب والتسامح . وقد استحال مع هذا التخويف " تلاقى البشر حول إله واحد وحب واحد " . ويرى مكى أن لقاء الاسلام بصورته الخاطئة بالعقائد الإفريقية ، ( أو ما يسميه بالوافد الأفريقى الطفل ) ، سيخلف مشاكل تحتاج إلى حلول خاصة (26) . وقد قدر أن يكون السودان بواقع الهجنة منبعا للفتاوى الجريئة وللتخفيف عن الناس وتيسير اللقاء بالله ، عبر كل الـدروب . وهذا ، في معنى قوله ، أن يلعب السودان دورا قائدا في التسامح والاحياء في مجال الديانات (27) .

لكن عبدالله ابراهيم لا يري في ذلك محاولة، لاشاعة الديمقراطية داخل الثقافة الاسلامية وانما علمانية سافرة لتفكيك محرمات الثقافة الاسلامية،حيث يخلص الي ان :
Quote: لقد أرادت الأفروعربية ، باستردادها المكون الأفريقى في العربى السودانى المسلم ، أن تضرب عصفورين بحجر واحد ، أن تدس خلال ذلك مشروعا خاصا بها في تفكيك محرمات الحضارة العربية الاسلامية التى سدت على يفاعتهم منافذ الاشباع . أما الأمر الثانى فهو تطمين الجنوبى إلى أمنه الثقافى في أروقة مفهومها للتمازج ، الذى للأفريقية فيه مكان ، على خلاف نموذج الغلاة من الاسلاميين والعروبيين .

وهنا يلتقي دكتور عبدالله مع الترابي في اشهار سلاح الاتهام بالعلمانية
لكل من ينحو هذا النحو في احداث ثورة اصلاح ديمقراطي داخل الثقافة الاسلامية،بالرغم من ان دكتور عبدالله ،يستخدم اسلوب المخاتلة حتي يبدو وكانه لا يؤيد نهج الاسلاميين المناهض للعلمانيين،يقول:
Quote: ومن الجانب الآخر فخطة الأفروعربيين لاستخدام المكون الأفريقى فيهم وحقوق الجنوبيين لنصرة آراء لهم في الحياة السياسية والاجتماعية هى خطة مكشوفة للغلاة من الدعاة الاسلاميين . فهم يرون الليبراليين من الأفروعربيين إنما يدسون مشروعهم العلمانى وراء تظلمات الجماعات الأفريقية غير المسلمة . وهذه الخطة الأفروعربية في نظر الغلاة مجرد حيلة في علم الحيل . فقد قال الشيخ الترابى ، " إن مناصرى العلمانية منافقون مارقون من بين صفـوف المسلمـين لا يستطيعون الجهر بمعارضتهم للاسلام ،

وهذا ما مارسه دكتور عبدالله بالضبط ضد الافروعربيين ،الم يصفهم بالبوهيمية والبحث عن اشباع الغرائز والشهوات ؟وهي نفس الصفات التي يرمي بها الاسلاميون ،العلمانيين!
اما قولك عن الترابي يا دكتور النور:
Quote: وقد كان الترابي يكثر من استخدام كلمة "علمانيين" لكي يخلق، عن قصد، وعمد، حاجزا سميكا بين معارضيه في الرأي، وبين عامة الجمهور. وعند سواد الجمهور، ربما تطابقت كلمتا "علماني" و"كافر". وذلك باب عويص في المكر السياسي، وفي العمد إلى حسم النقاش، بطرق تجعل المعارض أمام إحدى خطتين: إما أن يضع نفسه في "سلة الإسلام"، لصاحبها الدكتور حسن الترابي، أو يضع نفسه في "سلة الكفر" وهي السلة التي ينتهي في بطنها، في نهاية الأمر، كل من يعترض على نهج الدكتور الترابي!!


الا تتفق معي انه لا يوجد خلاف بين خطاب الترابي وخطاب دكتور عبدالله ؟!

ونواصل

Post: #143
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 05-03-2004, 07:41 PM
Parent: #1

Dear Netters
My P.C. was infected, even I do not have access to Arabic.
I am sorry for that.
I will be back immediately after the problem will be fixed.
I will contintue in this valuable debate regardless of some marginal tensions

regards
Almashaaa

Post: #146
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 05-05-2004, 10:01 PM
Parent: #1

الاخوة الاعزاء

دكتور بشار صقر
الاستاذ عادل غبد لعاطي
الاخت العزيزة حنينة

شكرا لكم جميعا

سوف اعود للتعليق علي مداخلاتكم

Post: #147
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Maysoon Nigoumi
Date: 05-05-2004, 11:27 PM
Parent: #146

و الله ورقتو ما بطالة، ما كعبة
أول مرة أقرأ له بعيدا عن سخافات العمود اليومي
و أدرك الآن إفراز أستاذ الفيا مثل هذه المساحة
فالموضوع يستحق
و أي تخبط للدكتور في ورقته أحب أن أرجعه إلى تخبط الحركة النقدية الأدبية عندنا في السودان و التي تركن إلى العشوائية حينا و المجاملة في أغلب الأحيان.(المرجعية و التفسير مختل) ، عشان كدة أي كلام قاعد يعوم ساي..لا رقيب و لا حسيب
بعد القراءة و قبل الاختلاف أؤمن على الآتي
1- نظرة شعراء الغابة و الصحراء إلى الغابة نظرة استعلاء لا تقل تطرفا عن المشروع الإسلامي العروبي خاصة مفهوم البدائي النبيل و التي تذكرني ب "الاستشراق" لإدوارد سعيد و نظرة الغرب للشرق
2- لا تجد الغابة موطئ قدم في مشروع الغابة و الصحراء، فهو يبدو مشروع معني بإنسان الوسط، ليس بالتحديد القاطع....أعني المحاولات الأولى يه معنية بإنسان الوسط أكثر من إنسان الجنوب (كمشارك حقيقي في المشروع و ليس كموضوع في حد ذاته) ...لكن أقول لو أن المشروع عومل بجدية أكثر بدلا من أناشيد الدعاية السياسية لكان خيرا...و استمرار المشروع كان سيكون أفضل بمحاولات نقدية جادة و إضافات أدبية مستمرة حتى يومنا هذا.
3- مناقشة تنصل معظم رواد المدرسة منها و الردة نحو المشروع الثقافي الأحادي ضرورة.
مواطن الاختلاف:
نفي سوء النية و التخبط و العشوائية عن مشروع الغابة و الصحراء للآتي:
1- نشوء تيار الغابة و الصحراء جاء كردة فعل لهيمنة الثقافة العربية في ذلك الوقت في عدة صور المقرر المدرسي ، حركات الإصلاح الديني (التي تأخذ الطابع العربي في التدين) حتى محاولات البروفيسور عبد الله الطيب بإظهارنا لغويا كعرب أكثر من العرب، كانت غير مقبولة لدي النيل الأوسطي العادي.
2- خصوصية إنسان الشمال ، كهجين ثقافات عدة، الردة فيه نحو خيار أحادي فيها هو قمع للشخصية النيل أوسطية!لذا تبرز أهمية و ضرورة مشروع الغابة و الصحراء
3- كما ذكر من قبل مشروع الغابة و الصحراء هو نتاج تكاثف محاولات التحرر من الثقافة العربية الإسلامية الأحادية ، من قبل الغابة و الصحراء...منها خصوصية التدين الصوفي و نماذج المصلحين المختلفة عن نماذج التصوف العربي ، الفارسي و غيره ( سلمان الزغراد نموذج سوداني فريد)...خصوصية الثورة المهدية(رغم أني غير متأكدة من إيراد هذا المثال) كتابات حمزة الملك طمبل الأستاذ محمود محمد طه.
4- حتى لو اتفقنا مع الدكتور حول مثال التمسك بالزنجية لتعاقر الخمر و التحلل من الأحكام الدينية القابضة، ماذا عن الخصائص المجتمعية المتحررة طبيعيا من تلك القيود، نحن نعرف أن التدين العربي موتور جدا من المرأة لذا نجد التبحر في أمرها و الأحكام الدينية حولها كثيف و سخيف، مثل هذا التوتر لا نجده في مجتمع الشمال(مجتمع العري (الرحط) ما من زمنا بعيد، و الرقص المختلط، و الاختلاط العفوي، والتدين المعتدل تجاه المرأة)
5- نقطة أخيرة كلمة بوتقة ، أو مصهر المعني مركز الوجدان السوداني ...ماذا أعني بذلك؟ هو وجدان الشمالي العربي تجاه الجنوبي الزنجي....و وجدان الجنوبي الذي اختار الشمالي العربي على الزنجي مثله...و شكل الخيار و العلاقة أقدم من الحدود السياسية (أعتقد!) ، و هو خيار القبائل الممتدة عبر الحدود(trans tribal) السياسية للذي يبعد عنها أميالا في الشرق و الجنوب و الغرب(ذلك الخيار الغريب و الفريد).....زاندي كينيا و السودان، فلاتة تشاد و السودان، نوبة مصر و السودان....وضح؟
ملحوظة : إن ما أدهشني من كل هذا الموضوع و أحزنني هو رد عبد الله بولا و حسن موسى المجامل لعبد الله علي إبراهيم...و صحت : و ماذا عني أنا؟ بعض الرجال لا يدركون أقدارهم و لا يدركون أن أجيالا من بعدهم يتعلقون بريشة دواتهم و لفظ حديثهم و مواقفهم!
خلاصة: مشروع الغابة و الصحراء، رغم مناقصه و اتهامه باليوتوبية، هي مشروع فكري أدبي نقدي جاد ، يستحق اهتماما منا أكثر من مجرد condemning it و خلاص.....و أرجو أن يتابع حتى نهاياته
كنت دوما أرى اتهام الصادق المهدي انه لا يتم أمرا مضحك!!!لأنها خصلتنا جميعا....we give up too easily
يلا bye خلاص كفاية

Post: #148
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 05-06-2004, 02:26 AM
Parent: #147

الأخ العزيز منعم
شكرا لك على المداخلة الأخيرة. وأرجو أن تواصل كما وعدت.
أنا الآن في حالة "زنقة" شديدة، فيما يخص الوقت. وربما لن أتمكن من العودة قبل يوم أو يومين من الآن. سأتابع بالقراءة، وسوف أعود حين افرغ من التزاماتي الأخرى. وسأعمل على أن يظل هذا الخيط في الواجهة، لأكبر فترة ممكنة. إذ لا تزال عندي بقية من "التجوال"، لم أقض منها وطرا بعد!
شكرا لك مرة أخرى.
النور حمد

Post: #149
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 05-06-2004, 03:57 AM
Parent: #1

till i will fix my arabic ,

i have a comment regarding Sister Maisoon

Nigomi`s last notices

As i said before and Dr. Alnoor agreed with me, "The Melting Pot" is a term.

It is not a personal point of view as Sister Maisoon believed,

and unfortunately that is one of the fatal mistake of Alfaya
`s paper

The melting Pot is a product of An American cultural experience

through my coming detailed contribtution to this valuable debate ,

I will give some hints about that and about many other related issues

I hope i will be back sooner

regards

Almashaa

Post: #152
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bakry Eljack
Date: 05-06-2004, 01:04 PM
Parent: #149

شكرا ميسون على الاضاءات التى ستدفع بهذا الحوار الى الامام


الاخ اسامة الخواض ما زلت اتعشم فى ان تررد على سؤالى الذى سابنى عليه مشاركتى الرئيسة فى هذا البوست


دكتور النور شكرا على اتحافنا بجولاتك ارجو ان يسعفك الوقت لتهدنا المزيد, اعجبنى قولك عن ادب الاختلاف مع الاخر والاتفاق فى جزئيات اعتقد ان بها حكمة عميقة تستحق الوقوف



اخى عجب الفيا اتمنى ان تجد من الوقت لتواصل


يجب ان يبقى عاليا فهذا حوار مثمر و غنى وفيه احترام المتحاورين لذواتهم وللقاريء


بكري الجاك

Post: #153
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 05-06-2004, 02:44 PM
Parent: #1

Brother Backri

I will answer ur question but still my pc is experiencing difficulties
regards

Almashaaa

Post: #154
Title: Re: قراءة متوازنة ..اهديها الي اسامة الخواض
Author: Agab Alfaya
Date: 05-06-2004, 08:14 PM
Parent: #1

تخلص ميسون من قراءتها المتوازنة الي :
Quote:
خلاصة: مشروع الغابة و الصحراء، رغم مناقصه و اتهامه باليوتوبية، هي مشروع فكري أدبي نقدي جاد ، يستحق اهتماما منا أكثر من مجرد condemning it و خلاص.....و أرجو أن يتابع حتى نهاياته

هذه القراءة العدمية، التي اسميتيها بال condemnation وخلاص
هي دافعي لقراءة مساهمات عبدالله ابراهيم وبولا وحسن موسي،لقناعتي ان دوافع هذه المساهمات ايديلوجية وشخصية اكثر منها معرفية،
كان يمكن لكل من هؤلاء الثلاثة ان تكون قراءته مكملة لاجتهادات ناس الغابة والصحراء .كان يمكن لبولا وحسن موسي تعميق الجانب الافريقي الذي يريان ان الافروعربيين لم يولوه العناية الكافبة
كما كان يمكن لدكتور عبدالله ان يعمق الجانب العربي من غير الاستبعاد العدمي للمكون الافريقي لشمال لسودان.
Quote: بعد القراءة و قبل الاختلاف أؤمن على الآتي
1- نظرة شعراء الغابة و الصحراء إلى الغابة نظرة استعلاء لا تقل تطرفا عن المشروع الإسلامي العروبي خاصة مفهوم البدائي النبيل و التي تذكرني ب "الاستشراق" لإدوارد سعيد و نظرة الغرب للشرق

فقط اريد ان اذكر ان مصطلح البدائي النبيل وباعتراف دكتور عبدالله ابراهيم،اول من استخدمه محمد عبد الحي لنقد قصائد المجذوب،التي يري انها صورت انسان الجنوب في صورة بدائي نبيل،يعني ناس الغابة والصحراء هم الذين نفوا مفهوم البدائي النبيل عن الافريقي السوداني
رغم اني لا اري وصف البدائي النبيل سبة.فكما سبق ان ذكرت في مداخلة سابقة ،هنالك فرق بين البدائية النبيلة والمفهوم الاستعماري، ولا اقول الاستشراقي ،للانسان الافريقي.
لا استسيغ الربط بين ادورد سعيد والاستشراق ،فقراءته هو الاخر للاستشراق تجريمية ولم يميز بين الاستشراق بنزعته الانسانية والخطاب الكولونيالي،لكن هذا موضوع اخر ارجو ان نتوفر عليه في مقبل الايام.
Quote: لا تجد الغابة موطئ قدم في مشروع الغابة و الصحراء، فهو يبدو مشروع معني بإنسان الوسط، ليس بالتحديد القاطع....أعني المحاولات الأولى يه معنية بإنسان الوسط أكثر من إنسان الجنوب (كمشارك حقيقي في المشروع و ليس كموضوع في حد ذاته)

صحيح ،الافروعربية عموما والغابة والصحراء خاصة ،معنية في المقام الاول بانسان شمال السودان، العربي الافريقي او الافريقي العربي.
فالمقصود بالغابة في المقام الاول المكون الافريقي في انسان الشمال .ومن هنا ياتي نقد عبدالله ابراهيم لهم،وتات محاولته النظرية تخليص الشمالي من اي بعد افريقي.
وانطلافا من الاقرار بالبعد الافريقي ،جاء الحديث عن انسان الجنوب،
والغابة في بعدها الجنوبي.
ولكن كيف تجد الغابة الجنوبية حظها الكاف في ظل هذا الرفض العاتي لمفهوم البوتقة؟!
بالمناسبة عجبني حديثك جدا عن مفهوم البوتقة وسوف اعود للحديث عنه بشكل اكثر تفصيل،
Quote: 3- مناقشة تنصل معظم رواد المدرسة منها و الردة نحو المشروع الثقافي الأحادي ضرورة

من الحوارات الاخيرة التي اجرها عبدالحي ،حوار اجراه معه محمد عوض امان سنة 1984 ونشر بمجلة الرافد الامارتية قبل نحو عام،نفي بشدة ان تكون الغابة والصحراء مدرسة شعرية،ربما فهم البعض من ذلك انه تنصل من انتمائه للغابة والصحراء ،لكن الغريبة تحدث باصرار عن مفهوم افروعربية الثقافة السودانية في نفس الحوار بشكل اعمق واكثر تفصيلا من اي وقت ،ومضي ابعد لربط هذا المفهوم الثقافي ليشمل السودان بمعناه القاري الممتد من الصومال حتي السنغال.اعتقد هذا الحوار من اهم حوارات عبد الحي ارجو ان اوفق في العثور عليه لنشره عليكم.
كما ان ما فهمته من مداخلة محمد المكي المنشورة هنا ،هو ما فهمه الدكتور بشار صقر وهو ان محمد المكي يري ان افروعروبة السودان صارت من البديهيات التي لا تستحق الجدل حولها،لذلك لم يعد يجادل في هذا الموضوع .
الحقيقة انا كنت اري نفس الراي لولا ورقة دكتور عبدالله ابراهيم دفعتني للخوض مع الخائضين في هذا لموضوع،
هذا بالاضافة ان الواقع اكبر من كل تنظير وايدلوجيا،فشجرة الحياة كما يقول بريخيت دائمة الاخضرار اما شجرة الايدلوجيا،عجفاء بائسة!

سعدت جدا بهذه المساهمة المتوازنة يا ميسون،

الاخ الاستاذ بكري الجاك
الاخ الاستاذ اسامة الخواض
شكرا لكم علي المتابعة
الاخت سامية قاسم لقد تم انزال ورقة عبدالله ابراهيم قبل اكثر من عشرة ايام في نفس هذا الخيط .شكرا للمتابعة.

نواصل



Post: #155
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 05-07-2004, 03:47 AM
Parent: #1

سلام ياعجب
نكرر موقفنا السابق ونقول، ان الحوار الدائر في مجمله يمثل وجهة نظر واحدة، تتراوح مابين عروبة، وافروعروبة من اسماهم العرب، سودان امعانا في تمييزهم عن العربان والبيضان عموما.

عروبة او افروعروبة السودان، لا يخرج عن كونو خدعة استعمارية كبيرة جدا، تمثل اساس ذهنية ونمط تفكيرنا الحالي.

تقسيم السودان الي شمال عربي مسلم "صحراء" وجنوب افريقي مسيحي "غابة"، هو المكون الاساسي للقنبلة الزمنية اللتي انفجرت بالتحديد يوم وقفة الاستقلال، لتحصد اكثر من 2,000,000روح طاهرة بريئة، لنعيد انتاج نفس القنبلة في دارفور بانفسنا!

فواضح ياعزيزي عجب الفيا ما تسميه حقيقة وقراءة معرفية لايخرج، عن كونو "صارقيل" لي جبادة ضخمة جدا، جدا، وبشهادة ممهورة بدماء الملايين!

الغريب ياعجب انت بكل حسن نية بتعتمد كلام ناس ماكمايل او جماعتو، باعتبارو علم، وهم علماء!

هؤلاء جنود قاتلو بالقلم، دفاعا عن مصالح امبراطوريتهم، اللتي لا تغيب عنها الشمس.

اي كلام من اي عربي او غربي عن عروبة، او افروعروبة السوداني او ال Black بالانجليزي، ماهو الا نوع من السخرية والضحك علي مخ الزنجي الصقير.

فالمسألة اصلا ماعايزة علم ولا علماء، لانو اي طفل عمرو 4سنة ممكن يميز مابين عبدالله علي ابراهيم، اوفهد ابن عبدالعزيز علي بعد ميل كامل.

كلامك عن الاختلاط العرقي للسوداني هو الايدلوجيا عينها تمشي علي ساقين، لانو الثابت تاريخيا انو اشكالنا الحالية دي ياها ذاتها، قبل وبعد هذا الاختلاط المتخيل!

الحقيقة التاريخية الثابتة بتقول المجموعة البشرية المعروفة بالسامية، تحديدا العرب، ظهروا للوجود كنتيجة للاختلاط مابين السودان والبيضان!

فاذا سلمنا ان هاجر المصرية، هي ام اول عربي "حجازي"، فكيف هاجر كسودانية شمالية، نوبية تكون افروعربية؟

بالذات انو نفرتاري اخت هاجر، لاتختلف عن اي سودانية اليوم، في المنبر، في اي شئ بمافيها الحلي!

خلاصة الموضوع ياعجب اخوي، هذه دعوة لاحداث نقلة نوعية للنقاش القديم الداير هنا، بالاستماع لينا، نحن القادمين من مقاعد المركزية السودانية، اللا عربية ولاغربية، للمرة الاولي في تاريخ الدراسات السودانية، منذ الخمسينات.

خلونا ننقل النقاش ده لي فضاء جديد، رحيب، يواكب روح الالفية الثالثة، ويخرجنا من كستبانة شقير وماكميلان، العفي عليها الزمن! تقبل احترامي وتقديري.



الاخ العزيز دكتور النور،
حقيقة صدمني موقفك من كلام عبدالله ايما صدمة، لانكم كجمهوريين، عشمنا كبير فيكم، تتقدمو ركب البديل.

"فالنقروفوبك" عبد الله علي ابراهيم هذا لايختلف لدي ذي ماقلت، عن منظر النازية وابو النقروفوبك، قوبيني.

فبينما الثاني عنصري ابيض ذي ماكدونالد، فالاول لايختلف عن اي من جنود لواء مكدونالد، الامن النصر لي جيش الغزو البريطاني.

علي الاقل جنود مكدونالد السودانيين كانو معذورنين، باعتبارهم كانو ضحايا نخاسة جلابة الشمال، ذي عبدالله، حفيد الزبير. او تبقي البينا عامرة.


الاخ العزيز اسامة
للاسف الشديد، كلامك عن تعدد اعراق وثقافات السودان، يأهلك بجدارة لتكون الاكثر مركزية اوربية في هذا الخيط علي الاطلاق!

كيف؟

لانو وانطلاقا من "نظرية معرفة" بحتة،او ابستمولوجي، العقل الغربي بيجنح لي تفتيت الظاهرة موضع الدراسة، الي اجزاء لانهائية، بي صورة الية تلقائية، علي عكس العقل الافريقي البنزع للجمع والتوحيد.

كمثل في علم الاحياء، الفراشة يتم تقسيمها الي انواع لانهائية، لمجرد اختلاف اللون مثلا.

لذات السبب علم الاجناس الغربي بقسم الافارقة الي بانتو، نايلوتكس، بقمزس، او حتي كافر، نعم كافر اللي ماعندها صلة بالاجناس، اصلا!

ده غير انو دي سياسة استعمارية، لعبت دور اساسي، في حروب القارة الاهلية، السابقة والحالية، ذي ماعندنا اونيجريا مثلا!

ماتنسي الحقيقة الثابتة الوحيدة في الكون كلو، اننا كلنا في الاخر جنس اسود واحد،من العبيد محل مانمشي، من دون تفريق، مابين الجعلي او الجاي من جزر القمر.

هم السمونا، Black، سودان، اثيوبيان، كوش،..الخ من دون اي تمييز او تعدد بالمرة!

نسيت تجربتك في لبنان، او كيف اللبناني هدد بي قتلك، لمجرد انك سوداني او اسود؟

ده كان نفس مصير السوداني او الافريكان اميركان، السحلوه حتي الموت في تكساس، لمجرد سواد لون بشرتو!

فمن الغرابة بمكان المقارنة بين امريكا، والسودان!

اتمني توريني حاجة واحدة مشتركة بين امريكا والسودان، تصلح للمقارنة، فيما يتصل بالتعدد او سؤال الهوية!

برضو تألمت جدا لي صمتك علي نمط تفكير دكتور عبدالله، وانت من احتج علي مأساة اهلنا في الجبال، ضحايا نازية عقلية امثال عبد الله علي ابراهيم. مع خالص شكري وتقديري.

Post: #156
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 05-07-2004, 05:25 AM
Parent: #1

Brother Bashashaa

i guess ur in United States
Do u know that the term melting pot which Alfaya now defended mistakenly , as Dr . Alnour wrote about its faliure, is a product of American culture????
Dr. Alnour said:
وقد سُمي ذلك الإتجاه بـ "البوتقة الصاهرة"، melting pot وهذا يعني أن يتخلى القادمون الجدد، إلى أرض الولايات المتحدة، وغيرهم من الأقليات الموجودة بها، عن لغاتهم الأصلية، وربما بعضا من تقاليدهم، ليكتسبوا تقاليد الحياة الأمريكية فيما يسميه، مؤيدو هذا الإتجاه، بـ "التيار العام" main stream .

هذا الإتجاه، مماثل للإتجاه الذي مارسته في السودان، النخب العربسلامية الحاكمة، بمختلف اتجاهاتها.
Argood Afya
Almshaaa

Post: #157
Title: Re: الاخ اسامة لماذا لا تواجه هذه الاسئلة؟
Author: Agab Alfaya
Date: 05-07-2004, 07:27 AM
Parent: #1

الاخ اسامة صباحك خير بتوقيت الامارات

طرح عليك بشاشة سؤالا محددا هو:
لماذا لم تتحدث عن موقف عبدالله ابراهيم او ما سماه بشاشة النقروفوبيك
وقال لك لقد تعرضت انت لمحاولة قتل بسبب لونك في لبنان،
سبق ان طرحت عليك سؤال مماثل ولم تجيب عليه،
هل نتعشم بان تنحاز لدورك كمثقف نقدي وتسمعنا رايك بكل صراحة ؟
ام ستظل تتنكر لهذا الدور وتفضل الانحياز للايديلوجيا الحزبية الضيقة؟
هنالك ايضااسئلة مطروحة من دكتور بشار وبكري الجاك

الاخ بشاشة شكرا للمساهمة الهامة جدا
وجاييك بعد شوية
واتمني من اسامة ان يجيب علي اسئلتك

Post: #158
Title: Re: ما هو مشينا وجينا للافروعربية يا بشاشة!
Author: Agab Alfaya
Date: 05-07-2004, 07:59 AM
Parent: #1

الاخ العزيز بشاشة كثيرا ما اعترض علي مجري النقاش لانه يري انه يمثل وجهة نظر واحدة،
طبعا بشاشة اصلا من اصحاب النظرة الواحدة،فاذا كان عبدالله ابراهيم بنزعته العروبية القحة النافية لاي مكون افريقي محلي،يقف علي يمين اليمين العروبي،فان بشاشة بنزعته النوبية النافية لاي وجود عربي يقف علي يسار اليسار الافريقاني!

حجة بشاشة هي ان العرب اصلا هم افروعرب ،حبوبتهم هاجر النوبية السودانية! يعني يا عبدالله ابراهيم واسامة سيك سيك معلق فيكم!
مشيتو وجيتو للنوبة المابنهم ديل،
يقول بشاشة:
Quote: كلامك عن الاختلاط العرقي للسوداني هو الايدلوجيا عينها تمشي علي ساقين، لانو الثابت تاريخيا انو اشكالنا الحالية دي ياها ذاتها، قبل وبعد هذا الاختلاط المتخيل!

الحقيقة التاريخية الثابتة بتقول المجموعة البشرية المعروفة بالسامية، تحديدا العرب، ظهروا للوجود كنتيجة للاختلاط مابين السودان والبيضان!

فاذا سلمنا ان هاجر المصرية، هي ام اول عربي "حجازي"، فكيف هاجر كسودانية شمالية، نوبية تكون افروعربية؟

بالذات انو نفرتاري اخت هاجر، لاتختلف عن اي سودانية اليوم، في المنبر، في اي شئ بمافيها الحلي!

يعني يا بشاشة انت ما عندك معي حجة في موضوع الاختلاط دا
انت براك جبت الدليل برقبتك!
ما افتكر تهمة الايدلوجيا عندها سند في قراءتنا،
Quote: فاذا سلمنا ان هاجر المصرية، هي ام اول عربي "حجازي"، فكيف هاجر كسودانية شمالية، نوبية تكون افروعربية؟

يبقي نسل هاجر ،البفتكروا نفسهم عرب اصلهم افروعرب،
رجعوا الي اصلهم الافريقي في هجرة معاكسة عرفت بالفتوحات العربية
وكدا مشينا وجينا للافروعربية،ويا هو دا السودان !ولا شنو ؟

اتمني من اسامة ان يجيب علي ملاحظاتك!


Post: #159
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 05-07-2004, 08:19 AM
Parent: #1

الاستاذ الفيا

قبل ان ارد على مداخلتك دعني اتحدث عن بعض ما قلته لي من اتهام بخصوص الاستاذية

اعتقد ان من حقنا عليك كصاحب للبوست وككاتب للورقة ان تجيب على اسئلتنا

والاسئلة من ادوات الحوار

وقد رحبت انت بذلك وعبرت عن ذلك عمليا مما يستحق الاشادة

ولكنك فجاة عبرت عن تبرمك لاسباب غيرمعروفة


ثم رميتني بناء على ذلك بداء الاستاذية , بالرغم من انك اول من مارس الاستاذية حين قلت لي " ارجو

ان تعيد قراءة الورقة بذهن مفتوح" وهذه قمة الاستاذية لكنني تجاوزت ذلك حرصا على
النقاش

سبق ان ابديت اعتراضي على الطريقة التي يسير بها النقاش.

فهذا منبر للنقاش اساسا, وليس مجلة لنشر المقالات كما يعتقد دكتور النور الذي يتبنى

الطريقة " الخيطية" والتي كما ارى انها ادعى الى "فرزعة" الحوار من لمه وتكثيفه

وكنت ارى ان من الاوفق للدكتور ان يتحدث عن التحفظات الرائعة لعبدالله بولا وحسن موسى

حول الغابة والصحراء والتي كان الدكتور يعتقد ان الفيا ملم بها , بدلا من الحوامة حول

البوست .

فالدكتور فنان وهو الذي قدم بولا في المنبر ,


وهو من المساهمين الاساسيين في " جهنم " حسن موسى الذى وصف الفيا –مرة – بالشتارة

المنهجية.

كل تلك الصفات تؤهل الدكتور لان يتحدث عن بولا وحسن موسى ورايهم في " الغابة والصحراء".
ولانه اي الدكتور النور حمد –ربما – كما قلنا من قبل لا يريد احراج الفيا, حول السؤال الى بولا , وهذه خسارة كبيرة.

عموما مثل هذا النقاش لا يقود الى حوار متماسك يستفيد منه المتابعون,
ولذلك ساطرح مساهمتي الاساسية في بوست منفصل ,
وادعو كل المشاركين هنا وكل البورداب اليه ,

وارجو ان يتخلصوا من الطريقة الخيطية , وان نركز على النقاط الاساسية

شكرا عجب الفيا على دعوتك واستضافتك لي وارجو ان تنضم الينا

المشاء



Post: #160
Title: Re: يا خسارة .. ما كان العشم يا اسامة
Author: Agab Alfaya
Date: 05-07-2004, 09:57 AM
Parent: #1

دا كلام يا اسامة!
تنسحب بس عشان سالناك رايك في افكار ومواقف عبدالله ابراهيم ؟
ما انا قلت ليك ما بتقدر تجاوب علي السؤال دا،

وهنا احمل الحزب الشيوعي واصدقائه من الديمقراطيين
مسئولية تقاعس المثقفين الثوريين مثل، اسامة الخواض وحسن موسي من نقد افكار عبدالله ابراهيم ،لا بل مسئولية الترويج لهذه الافكار التي تتعارض تعارضا صارخا مع برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية!
وهنا احي بعض الاساتذة الديمقراطيين الذين تعرضوا بالنقد لافكار الدكتور عبدالله ابراهيم واخص الدكتور عبدالله بولا الذي وجه لوما صريحا علي الملا في ندوة الثقافة والتنمية التي عقدت بالقاهرة والتي قدمت فيها هذه الورقة،وقال ان مواقف وافكار عبدالله ابراهيم الاخيرة لا تسر لكنه قال انه محتاج الي النصح وليس الي النقد،بالحرف الواحد قال :انو محتاج من الناس تقيف معاه!يعني توجيه النصح له .
كذلك الدكتور بشري الفاضل الذي عبر عن رايه في مداخلة في بوست :
في نقد مقدمة كتاب الثقافة والديمقراطية في السودان،
يمكن الاطلاع علي البوست والمداخلة في مكتبة :عبد المنعم عجب الفيا
Quote:
فالدكتور فنان وهو الذي قدم بولا في المنبر ,


وهو من المساهمين الاساسيين في " جهنم " حسن موسى الذى وصف الفيا –مرة – بالشتارة

المنهجية.

ما كان الافضل لك ولحسن موسي فضح هذه الشتارة المنهجية بدل الانسحاب من النقاش بهذه الطريقة؟
من السهل اطلاق مثل هذه الاحكام العشوائية وغير المسئولة لانو ما بشتروها بقروش كما يقول المثل،ولكن من الصعب جدا اثباتها في ساحة الحوار الفكري المكشوف.

علي العموم نحن نتعشم ان تعدل عن قرار الانسحاب والبقاء معنا لانو دا افضل لك ولنا،

Post: #162
Title: Re: يا خسارة .. ما كان العشم يا اسامة
Author: Bakry Eljack
Date: 05-07-2004, 01:24 PM
Parent: #160

الاخ بشاشة

سلامات وجهة نظر جديرة بالتامل, واصل

الاخ عجب الفيا, طول بالك على اسامة

الاخ اسامة الخواض

ارجو ان تواصل النقاش وقول رايك مهما كانت بشاعته فى عجب او فى غيره فهو رايك و يجب ان يحترم و يصان كما اراء الاخرين, انتقالك الى بوست اخر سوف لن يغير من الامر شيئا, فيمكن ان تتم نفس المممارسة و كونك صاحب البوست لا تغير شيئا فى هذا المنبر سواء فنيا او اداريا.

ولفوق


بكري الجاك

Post: #161
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 05-07-2004, 01:11 PM
Parent: #1

الاخ الفيا

نهارك سعيد

كلامي كان واضحا وساقوله للمرة الثالثة

الطريقة الخيطية لا تخدم النقاش. وقلت كان من الافضل للدكتور النور

الحديث عن التحفظات المنهجية لعبد الله بولا وحسن موسى على تيار الغابة والصحراء,

لا بغرض كشف جهلك بها , ولكن – على الاقل – للتعريف ببعض من افكارهما ,

خاصة وان هنالك العديد من الشابات والشبان الذين لم يسمعوا بهما الا في هذ ا البورد,

مما كان سيثري الحوار ويجعله مركزا في المحاور التي ارتكزت عليها ورقتك.

ولست من الذين ينسحبون من النقاش لمجرد سؤال , فانا على العكس منك

على استعداد بان اعلن جهلي بما لا اعرف على الملا ,

وعلى استعداد لان اعلن خطاي اذا ما اخطات, وهذا ما لا تريد انت القيام به ,

وانت تتبع استراتيجية ( يجب الدفاع عن الغلط).

المسالة ليست حزبية كما تحاول ان توحي ,

فهذا نقاش مهم يدور حول مستقبل ثلاثين مليون انسان.

اتمنى لكم بوستا هادفا وارجو ان تزورونا في بوستنا القادم

ارقدوا عافية

المشاء



Post: #163
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 05-07-2004, 01:44 PM
Parent: #1

الرائع بكري الجاك

اضافة لما قلته عن طريقة ادارة النقاش ,

فان ما اريد ان اقوله يستحق –حسب اعتقادي-

وحسب ما قاله لي بعض ممن استشرتهم , يستحق ان افرد له بوستا خاصا.

وما ساقوله هو تطوير لدراسا ت قمت بها ضمن كورس


Building Multicultural Communities

كمادة من مواد برنامج الماجستير.

المهم ان شاء الله نشوفك معانا هناك ,

وتقبل تحيات هبة الخواض

مع خالص التقدير

المشاء


Post: #164
Title: Re: الي عادل عبدالعاطي هل هذا استنتاج؟
Author: Agab Alfaya
Date: 05-07-2004, 07:49 PM
Parent: #1

الاخ الاستاذ عادل عبد العاطي
سلام
اولا اعبر عن اعتذاري لتاخري في الرد علي مداخلتك،
من خلال نقاشي مع محمد جلال تقول انني اطرح الاتي :
Quote: الغابة والصحراء؛ او السودانوية ؛ اي الهجنة التي يرفضها عبدالله علي ابراهيم ؛ ليس لحل مشكلة الكيان المستعرب – الاسلامي ؛ وانما لكل الهويات السودانية؛ الامر الذي يجعله الحاقيا للهويات الافريقية الصرفة ؛ بالهوية الهجينة للكيان المستعرب –الاسلامي في الشمال والوسط


كنت اتمني ان اسمع رايك عن الورقة المطروحة النقاش،
فانت اكتفيت بما ورد من نقاش مع محمد جلال وذاك نقاش محكوم بسياقاته،

ومع ذلك سوف اعلق علي رايك هنا في شكل سؤال :
هل ما تقول هو خلاصة ما اطرحه ،استنتاج ام كلام منقول عني حرفيا ؟
في انتظار الاجابة لمواصلة الحوار،
ولك شكري

Post: #165
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 05-07-2004, 09:50 PM
Parent: #1

الاستاذ اسامة الخواض
انت من اكثر ناس المنبر قدرة علي تحمل نيران الصراع الفكري. وكتحصيل حاصل وبما انك ممرن نفسك علي درجات حرارة عالية جدا، فتلقائيا الاخرين بحسو بالسخونة حتي كلامك العادي.

من جانب اخر اخونا العجب بحرق روح الواحد قبل ما يرد، لكن البوست ماشاء الله مزحوم شديد.

وبما اني اول واحد دعي لي انضمامك لي بوست العجب، فنرجوك تظل مواصل.

لانكم الاتنين، بتمثلوا هلال مريخ دوري المنبر الممتاز فعلا.

علي كده وجودكم في بوست واحد، شي مايخلص.

افتح بوستك الجديد او كلنا حنجيك، بي عجبنا.

اكرر وجودك مهم جدا، لي قيمتو النوعية البضيفها للبوست.


اخونا العجب
صراحة انت بتقفل بسرعة واسامة بالو طويل وبتحمل جد.

بعدين انا جاي علي مداخلتكم انت واسامة، ونحن ياداب بنسخن اوما بدينا التمرين لسه!

Post: #166
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 05-07-2004, 10:29 PM
Parent: #1

شكرا اخي بشاشة على كلماتك الطيبات

واذا كان لي من فضائل- بحسب ما تكرمت به- فان ذلك يرجع الى الصراع

الثقافي الذي خضته مع كوكبة من ابناء جيلي النابهين في ثمانينيات القرن

المنصرم من اجل تاسيس حساسية نقدية وشعرية جديدة.

اما نقائصي فاتحمل مسؤوليتها وحدي,

وعلى استعداد للاعتذار عنها اذا ما مست قيم الحوار والتسامح والاحترام

والاختلاف.

فكلنا خطاؤون ,

وخير الخطائين التوابون

ومرحبا بك في بوستنا الذي هو الان قيد التاسيس

وارقد عافية

المشاء

Post: #167
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Abdel Aati
Date: 05-07-2004, 11:45 PM
Parent: #166

عجب الفيا

بل هو استنتاج؛ املاه عدم تقديمك اي اطار لحل اشكالية العلاقة ما بين التكوينات الثقافية المختلفة؛ للكيانات العرقية / القومية المختلفة؛ ومن بينها الكيان الهجين لشمال السودان النيلي.

عدم تقديم هذا الاطار؛ يسرس ايضا علي مدرسة الغابة والصحراء؛ والتي كما فهمت من حديثك؛ وكما هو واضح؛ فقد قدمت طرحها لمعالجة ازمة هذا الكيان الهجين لشمال السودان النيلي حصرا؛ ولم تذهب ابعد لتعالج علاقة وصيرورة التفاعل الثقافي بين هذا الكيان - الافروعربي- والكيانات الاخري الافريقية علي اختلافات مكوناتها؛ من نيلية لنوبية لكردفانية لحامية بجاوية الخ الخ .

علي كل المهمعندي ان كل هذا الحوار ايدلوجي؛ من اطرافه المختلفة؛ وهذه نقطة جوهرية عندي؛ ساعود لها بتفصيل اكبر ان سمح الوقت.

نقطة اخيرة تتعلق بشكل النقاش بين الاستاذين عجب الفيا واسامة الخواض. اعتقد ان اسلوب الاخ اسامة الخواض مستفز ومفارق للمنهج العلمي؛ ولا يركز علي الاساسي ولا يجيب علي الاسئلة المطروحة؛ بالعكس من اسلوب عجب الفيا الصابر الموثق والذي يرد علي مختلف الاسئلة بصبر وهدوء واحترام للاخر؛ ولذلك اطالب الاخ اسامة بان يغير من نبرته ومنهجيته في هذا الحوار؛ اذا اراد ان تعامل مساهماته بجدية.

Post: #168
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 05-08-2004, 00:09 AM
Parent: #1

سلام ياعادل مشتاقين والله.

لماذا الصمت ياعادل، علي استفزاز واستعلاء متوهم العروبة دكتور عبد الله علي ابراهيم، وانت المشهود لك بالجرأة والشدة احقاقا للحق.

جاييك علي تعديدك اللانهانئ، علي طريقة المركزية الاوربية في التناول.

ثم ماهو دليلك علي ان شمال السودان هجين؟

هو ياخي كل اجناس الدنيا دي ثلاثة، فانت من وين ليك تقسيمك اللانهائي لينا؟

هو ياخي تقسيمنا لي اتنين، كلفنا 2,000,000نفس، فمابالك لمان نتبع خط تقسيمك اللانهائي؟

Post: #169
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 05-08-2004, 05:25 AM
Parent: #1

الاستاذ عادل عبد العاطي

سلام

ستكون هذه مداخلتي الاخيرة

تحدثت عن لهجتي الاستفزازية , وكانك ترى مسار الحوار بعين واحدة

الم تلفت انتباهك مثل التعابير الاتية التي خاطبني بها الفيا والتي تنم عن تعال واضح:

ارجو ان تعيد قراءة الورقة بذهن مفتوح




دعك من هذه الاوصاف المجانية وفكر بعقل مفتوح،

ثم لماذا هذا الاصرار علي تكرار هذا الاكليشية
هنالك غالب ومغلوب " هل هو تعبير عن احساس داخلي ؟!


رغم كل ذلك وناس اسامة الخواض لسع عايشين في غيبوبة ثقافية يزمرون ويطبلون وما عارفين الي اين تقودهم الزفة ؟؟


"وانا اعلم علم اليقين بانك سوف لن تجرؤ علي الاجابة علي مثل هذا السؤال وهذه هي الكارثة الثقافية الكبري!!"

وايضا ما قاله دكتور النور حمد حول رايه في خشونة لغة الورقة حين قال:

مرة أخرى أشكر لك إعادة نشر هذا المقال المهم، في البورد. ولي، في البداية، ملاحظات على لغة خطابه، ونَفَسه

، اللذين لم يخليا من نبرة حدة، وربما، من شيء من الخشونة، في بعض الأحيان .

اتمنى لكم بوستا موفقا وخاليا من الاستفزاز

واتمنى ان تزورنا في بوستنا القادم

المشاء

Post: #170
Title: Re: انا اقرأ ولا اطرح مشروع يا عادل
Author: Agab Alfaya
Date: 05-08-2004, 08:30 PM
Parent: #1

شكرا الاستاذ عادل عبد العاطي للقراءة المنصفة لسير النقاش
بيني وبين اسامة الخواض،

اما قولك بان تلخيصك لطرحي بانه دعوة الي تكوين هجين عربسلامي من الكيانات الاثنية الاخري غير الافروعربية،بانه استناج او حسب تعبيرك :
Quote: بل هو استنتاج؛ املاه عدم تقديمك اي اطار لحل اشكالية العلاقة ما بين التكوينات الثقافية المختلفة؛ للكيانات العرقية / القومية المختلفة؛ ومن بينها الكيان الهجين لشمال السودان النيلي.

فاقول نعم ليس لدي مشروع ،فان اقرأ ما هو كائن فعلا ولا اتحري ما يجب ان يكون ،
لذلك وصفت القراءات الاخري بانها ايديلوجية لكونها تطرح مشاريع ،فهي لا تكتفي بوصف ما هو واقع فعلا ولكنها تطمح الي تحديد عما يجب ان يكون عليه حال التجمعات السكانية، الثقافي والاثني،
ان وصفي للكل المركب الذي يتكون منه السودان بانه افروعربي،يجب الا يعد وصفا ايديلوجيا وانما ازعم بانه معرفيا اذا صح التعبير!
علي الا يفهم من كلمة (افروعربي) انها تعني حصريا هجين :عربي افريقي،
كما فسرهاعبدالله ابراهيم لاسباب تخصه.
فهي قطعا تشمل العربي والافريقي والافروعربي،
عندما تقول مثلا :العلاقات الافروعربية ،فانت تقصد العلاقات بين الدول العربية من ناحية والدول الافريقية من ناحية ثانية لكنك لا تتحدث عن دول افروعربية بالضرورة .
ولكن عندما تقول ان السودان بلد افروعربي،فان اول ما يتبادر الي ذهن السامع انك تقصد ان السودان يجمع بين الانتماءين العربي والافريقي ،ولكنه لا يفهم انك تقصد ان سكانه كلهم هجين لا مكان بينهم للعربي الصريح او الافربقي الصريح ،
لذلك قلنا في الورقة ان الافروعربية لا تعني الغاء للخصوصية القبلية والاثنية والثقافية،

البعض يتحدث عن التعددية الثقافية والعرقية كبديل للافروعربية!
اقول هنالك عنصرين ثقافيين وعرقين فقط :عرب وافارقة،لا ثالث لهما
اللهم الا الجاليات الصغيرة جدا من الاصول غير الافروعربية.

امااذا كان لا بد من طرح مشروع فهو تاسيس نظام حكم دمقراطي علماني
يضمن جوا حرا للتحاور الثقافي والاثني دون تدخل من احد
ودون اي توجه ايديلوجي مبرمج

انا مضطر لقطع الحديث ونواصل

Post: #171
Title: Re: انا اقرأ ولا اطرح مشروع يا عادل
Author: انور الطيب
Date: 05-08-2004, 10:40 PM
Parent: #170

الأخ الأستاذ الفاضل / عبد المنعم

أولا أحب أن أهنئك على أسلوبك الراقي في نقاشك لموضوع الهوية السودانية وأنا هنا لست في مقام الناقد فللنقد أهله وأجزم بأنك أنت من أهله.
في الحقيقة أنا متابع جيد لجميع ما تكتب لقناعتي بأنك باحث جاد تبحث عن الحقيقة وربما شعارك " الحكمة ضآلة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها " ؛ ولكن في كل مرة أقرأ لك فيها كانت القراءة مباشرة من شاشة الكمبيوتر ولكن هذه المرة وجدتني مجبرا على طباعة بحثك بأصغر حجم و باستثناء المصادر فوجدت نفسي أمام أربعة عشر صفحة فقلت في نفسي كيف سأقرأ هذه الصفحات فما كانت إلا لحظات وكنت قد قرأت البحث الجميل وأعدت قراءته أكثر من مرة فأعجبت به أيما إعجاب كما أعجبت بكثير من أعمالك الأخرى لكن إعجابي بهذا العمل فاق غيره من الأعمال.
وأنا هنا لست في مقام الناقد وأظن أن بعض أساتذتنا الذين انتقدت أعمالهم أعضاء في المنبر يمكن أن يعلقوا على هذا العمل لنستنير نحن ونضيف الى معلوماتنا الكثير ومنكم جميعا نستفيد.
وفي أثناء تطوافي جالت بخاطري أمور كثيرة ووجدت نفسي أتذكر أشعار إسماعيل حسن
ديل أهلي
أقيف في الدارة
وسط الدارة واتنبر
وأقول للدنيا كل الدنيا
ديل أهلي
عرب ممزوجة بدم الزنوج الحارة
ديل أهلي

ويواصل الشاعر ليقول ---------
تصور كيف يكون الحال
لو ما جيتا من ناس ديل
ولو ما كنت سوداني
وأهل الحارة ما أهلي
الخ القصيدة
وأظن هنالك قصيدة لصلاح أحمد ابراهيم بنفس هذا المعنى وفيها يشير الى موضوع الهوية.

بالتأكيد أن لكل مجموعة أن تفتخر بموروثها الثقافي وتفاخر به دون أن تلغي وجود الآخر أو تقلل من شأنه . وبكل تأكيد لا أتخيل مجتمعا لا يؤثر أفراده في بعضهم البعض وإلا انتفت عنه صيغة المجتمع فالانسان كما يقولون حيوان اجتماعي يتأثر ويؤثر.
قد يكون الإنسان من أصول أفريقية بحتة ولكن لاشك تأثر بالثقافة العربية رضي ذلك أم أبي والعكس صحيح ينطبق على العرب وقد يكون الإنسان عربي قح ولكنه تأثر بالثقافة الأفريقية رضي ذلك أم أبى ولا أرى غضاضة البته أن يأخذ الإنسان من ثقافة الآخرين ويتأثر بها بل ويضيف اليها ويأخذ منها ما ينفعه سواء كانت عملا أدبيا ؛ فنيا ؛ أو حتى سلوكا عاما ؛ وليس بالضرورة أن يكون ذلك تهربا من القيود التي تفرضها عليه ثقافته.

وفي الحقيقة قيمة هذا البوست أيضا تكمن في انه أضاف لنا الكثير وخصوصا من المتداخلين أمثال د. النور و هاشم الحسن وغيرهم ونقلك لمقال د. جعفر ميرغني كلها جعلت هذا البوست دوحة غناء نستظل بها وأضافت لنا الكثير .

وأنا أقترح عليك وعلى كل من يخالفك أن يكون الفيصل بينكم THE DNA TEST فالعملية يمكن اثباتها علميا وكفي الله المؤمنين القتال.
لكن يا اخ عبد المنعم كنت مرة استمع الى البروفسير عون الشريق قاسم في التلفاز فعلى ما أظن أنه قال تعليق بأن المجموعات العربية متمركزة في وسط السودان رغم أنها أتت مهاجرة ولا أذكر ما هو تعليقه على ذلك فان كان الأمر كذلك فهل كان هذا ا لوسط فارغا رغم أنه كان ومازال من مصادر المياه الهامة في البلاد وكما هو معلوم أين ما وجد الماء وجدت الحياة والحضارة ؛ وكيف يمكن أن يتم استقرار دون انصهار أو على أقل التقديرات قبول الاخر لهذا القادم الجديد.

شكري مرة أخرى لك ولجميع المتداخلين وما هي الا خواطر لا أكثر ولا أقل انداحت فما أردت أن أجمحها لاعجابي بكم جميعا وبما تقدموه لنا من معلومات ثرة فمانحن الا تلاميذ نتعلم اليوم تلو الأخر.




Post: #172
Title: Re:جميل
Author: Frankly
Date: 05-09-2004, 11:38 AM
Parent: #171


لكم الشكر جميعا .....فوق

_____


أتق الله حيث ما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن

Post: #177
Title: Re: Re: هاجر ،نصار ،فرانكلي،سامية قاسم
Author: Agab Alfaya
Date: 05-09-2004, 07:36 PM
Parent: #172

الاخ الاستاذ هاجر
لك جزيل الشكر علي انزال المقال الهام للدكتور بشار صقر

الاخ العزيز نصار
كتر خيرك علي المتابعة الرصينة
وشكرا علي التوضيح للاخت سامية قاسم

الاخ فرانكلي
كتر خيرك كثير علي حسن المتابعة ورفع البوست
وشكرا علي الثناء علي كتاباتي ودائما نشوفك فوق


الاخت سامية اتمني ان تكوني تمكنت من قراءة ورقة الدكتور عبدالله علي ابراهيم

Post: #175
Title: Re: مداخلة قيمة يا انور الطيب
Author: Agab Alfaya
Date: 05-09-2004, 06:59 PM
Parent: #171

شكرا يا اخ انور علي هذه المساهمة القيمة والتي لا تقل عن مساهمة اي ناقد محترف بل يقصر عنها بعضهم لكنه التواضع يا انور
شفت كيف اسماعين ود حد الزين اختصر المسالة ببساطة شديدة:
عرب ممزوجة بدم الزنوج الحارة ديل اهلي

طبعا الناس البفتكرا نفسهم عرب صحاح ما برضوا الكلام دا،
لكن دا كلام عام ولا ينفي انو هنالك عرب ما ممزوجين،
وهنا اجيك لكلام عون الشريف،
كثير من الناس بفتكروا انو العرب الصحاح هم ناس الوسط ،
لكن العرب الصحاح هم في الاطراف،في الشرق والغرب،ناس البوادي
ناس الوسط امتزجوا مع النوبة اهل البلد الاصليين،

كتر خيرك كثير علي ثناءك واعجابك بكتاباتي وان شاءالله دائما عند حسن ظنكم،
ولك مودتي وعميق احترامي

Post: #173
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 05-09-2004, 12:00 PM
Parent: #1


يا الأخوان..سلام
عطل معاظل أصاب الكمبيوتر في (الويكدإند) الفائت فأذهب الشبكة و الوقت، ثم حرمني من متابعة الكتابة في البوست. وقد كنت أعددت مساهمة لي، بعد متابعة لصيقة طوال الأسبوع، مما تتيحه أوقات الفراغ في محل العمل الذي لا يتعطل كمبيوتره و لكنه غير ناطق بالضاد. فلما إستعددت لإضافتها بعد مساهمة الخواض من يوم الجمعة التي تلت الدومة، أراد الله أمراً و تسلط عليّ الفيروس بكل تناسخاته الممسوخة فلم أعالجه إلا و قد ذهبت مكنوزاتي و تناءى البوست نأياً بعيداً، وها أنا بعد أن أضعتها أعيد كتابة بعض معناها و لا أأسف على الوقت فيما قضيته متابعاً لثراء المداخلات أو طبعها علىالورق..
خلال كل ذلك، جزعت من بعض ما بدا لي و كأنه إعلان من د. النور بنهاية مداخلاته التي هي، على كونها فاكهة شهية ، الأكثرعمقاً في التحليل و الدرس والأحرص على تأسيس المعنى..طمئنني بعدها قول النور انه عائد..العود أحمد..و بالإنتظار..
ثم جزعت من هذا التوتر الذي خالط حوارات اسامة/الفيا في أمر بأهمية مانحن فيه من (أمر صعيب)..ف ظاهرة البحث عن هوية هي دليل على ازمة مجتمع فشل في مواجهة تحديات العصر الحقيقية لأن عطباً ما أصاب تروس الحراك الإجتماعي فيه وأوقف تطوره عند عقبة الهوية أو هو يتدحرج إلى الوراء بعجلة متسارعة من فعل الجذب و الإستقطاب الحاد. شكراً للأجاويد وأرجو أن يعود أسامة بأسئلته،هادئة، حتى تلقى الإجابة.. مقنعة...
الحق إن أزمة الهوية ليست أزمة مصطنعة باية حال، و حقيقيتها في السودان، بأثر من نشأة الدولة و تكوينها فيه، و بأثر من صيرورة مجتمعاته عبر سيرورة تاريخ بعينه.. كما الموت..ثابتة..ولكنها ليست كما في مثل الموت، يسعى الناس في فهمها تصوراً و إقتراحاً لحلول لها في المعرفة أو التصورات أو الأيدلوجيات ، تماماً كما هي حال الأفروعربية/الأفريقانية/السودانوية/السودانوعروبية/العروبية/الإسلاموعربية/الإسلاموية...إلخ.. و دعاتها، مما حاولت إثباته فيما سبق من مداخلاتي التي ربما لم تكن فيروساتها كافية لدحض مناعة منعم أو حتى عدواه ببعض شك في جدوى توصيفه لأطروحته (التي نام عنها النواطير و الحرس القديم نومة (القنعان) لا القانع) بالقراءة المعرفية المحايدة، كما علوم المختبرات، تعرف الشئ كما هو عليه فقط!!!وهذا مما لا يقوم عليه عندنا دليل..لا من عند منعم و لا من لدن الأشياخ في من ذهب عنها كل مذهب...!!
هذه الورقة في نقد معنى ورقة (تحالف الهاربين... مما جاء به مسدداً ع.ع إبراهيم)، وفي تلبيس أطروحة الأفروعربية بلباس العلم، لا يحالفها التوفيق عندي إلا في نقدها لقسوة اللفظ مما إقترفته هي أو بعضها، وفيما جاء به منعم في شروحها اللاحقة، من أن أطروحة الأفروعربية معنية بتوصيف السوداني الشمالي لا الجنوبي..كلنا متفق على هذا..و لكن ...هل هو توصيف صحيح لا يأتيه باطل الأيدلوجيا من يمين أو يسار؟؟؟..هل هو توصيف محايد يقرأ الواقع الإجتماعي فقط و لا يعنى بالواقع الكلي وبخاصة السياسي/الإقتصادي/ الذي هو أشد تعبيرات أزمة الهوية إثارة للوجع؟؟؟هل سقط الآخر السوداني من حسابات الأفروعربية و طموحاتها لمقاربة حلول ما للأزمة السودانية المستشكلة في سوء فهم/معاملة/مساكنة/مواطنة الآخر الذي هو ليس بالسناري الأزرق/الأخضر/الأصفر؟؟؟؟؟
السناري في ظني ، قد وعى منذ بداية تشكله-{الذي هو في معنى جدل الإنسان مع واقعه، تشكّل مستمر و متطور في إتجاه أقوى المؤثرات عليه}- وعى انه و على تشابه السحنات، فإنها لا تبقى إلا قاسماً أصغر مع مساكنيهم/مواطنيهم لاحقاً ممن هم على غير سيرتهم في الحضاري/الثقافي/الديني/اللغوي/السياسي..إخلتفت بهم المصادر و آليات الترميز و نياط الأشواق..
هم زرق لا سود
ربما خضر
ربما صفر
و لكنهم ليسو بيض و لا هم بالسود ...رغم أنهم سود و فيهم بعض البيض
يعرفون تميزهم عمن عداهم ممن يتحدث العربية ويتشارك المصادر،
باللون
و عمن عداهم ممن يشابههم السحنة،
في الثقافة
يصلّون بلسان و يتحدثون بنفس اللسان!!
يخطرون في جلد الفهد/ ثوب الماء/ الجلابية و العراقي...و لكنهم!! هل تبدل جلدهم الذي يلمسون في واعية ثقافتهم؟؟؟لا..إلا كما تبدل جلد العربي (الجسدي و الثقافي) في الشام بالفينيقية و الكنعانية ،و في العراق بالسومرية و البابلية و في مصر بالفرعونية والقبطية و في المغرب بالامازيغية و على الخليج بالهندية و الفارسية..أو ما يسمونه بالتثاقف الذي عادة ما يثري أي ثقافة و لا يفنيها، مهما غلظت آليات التثاقف، إلا في حالة ضعفها المزري...راجع ميسون النجومي!!

إن الذين تساكنوا و تجادلوا مع الواقع و في الواقع الجغرافي /التاريخي الذي تحدد بإمتداد ظل (الككر) و طول قرني (أم قرنين) وربما في أبعد من ذلك حتى عرش (أم كردوس) أو اقرب في المسبعات و التاكا، تشكلت فيهم و بهم ثقافة سنارية غلبت عليها العربية و ميزّها ، مضيفاً لثرائها التثاقف مع ما سبقها و ما عاصرها من ثقافات النبتيين /المرويين/المقريين/ العلويين( الأخيرة لم تصمد حتى تحت أخفاف جمال القواسمة الرفاعيين مع ما للأخفاف من صلة بالخفة..لماذا؟؟ راجع النور حمد!!) و ما جاورها و تداخل معها من ثقافات بقدر ينقص أو يزيد، و في تلامس يخشن أو يرق ... و قد قال عبد الحي( جماع الغابة و الصحراء لم يكن ودياً في البداية، و لكن من زحام هذا اللقاء الشرس بين فرسان الخيول العربية و بين سبايا الغاب الأفريقي نحتنا و جوهنا) فتأمل!! بدون إستعجال بالله عليك.. أما كيف غلبت العربية فسؤال له إجابات سهلة على طرف السان و لا يوثق بخفتها، و أخرى اصعب مما يحتاج إلى بحث ربما يؤدي إليه هذا البوست أو غيره..
قال جعفر ميرغني في (الحمال الأخضر) مما تشكر على إهدائه يا منعم، قال: ( و كلا اللفظين<أخضر و أزرق> مستعملان عندنا لوصف من كان لونه كألوان السودان، وكلا اللفظين <اخضر و أزرق> لا يدلان على إنتقاص في الموصوف)..لا تعنيني محاولة د. ميرغني في البحث عن جذر لهذه الإستخدامات في غريب و حوشي الجاهلية، و لكني مهتم بدلالتها الترميزية كمثل ما ذهب إليه د. ع ع إبراهيم. فتأمل..و لا تذهب إلى أن هذا دليلاً على الأفروعربية حتي تستقر على تحديد حيِّز عملها في التوصيف. هل يتعلق بالعرقي أم بالثقافي أم بكليهما؟؟؟قال ود المكي: (إن الإعتراف بأن جدتك من النوبا أو الدينكا لا يحتاج منك أن تكون مفتوناً بحب الجنوب و أن ترى أهله بدائين نبلاء). و الحق هو، كما أن السناريين لم يذهبوا للحجاز في طلب تعلم العربية و حذق بلاغتها و حمل محمولاتها، فإنهم بالمقابل لم يطلوا أجسادهم بالأزرق و لا هجمتهم طفرة في جينات صبغة الميلانين .كمان ... فتأمل!!! وقبل حسبان هذا في كفة الأفروعربية، لترجيحها، الرجاء تحديد ميلها في العرقي أو الثقافي،!! فقد كثر التعارض في الوارد منكم يا منعم عن هذا رغم و صفكم لقراءتكم بأنها (الأصدق من اي قراءة أخرى في إنطلاقها من الواقع الملموس) مما أثار عندي سؤال عن أي واقع تعني. واقع الأعراق أم الثقافات؟؟
و لقد لاحظت يا منعم ولعل الآخرين فعلوا أيضاً، انه ما لصخر الأفروعربية من بواكٍ غيرك..هنا و على طول هذا الخيط، لم أر من يدافع عنها سواك، و من يبدون كذلك، هي عندهم مجرد منصة للقفز منها على أهدافهم في دحض العروبة في السودان، أو مجرد زانة للقفز العالي في نفس الإتجاه. لا تثريب عليهم و لا لوم يلحقهم في إستغلال ما توفر من دعواها أنها وصف علمي شمالي، للشمال، بالهجنة..فما حك جلدك مثل ظفرك، و قد جنت على نفسها براقش . والإعتراف سيد الأدلة.. و لكن أنظر لما لاحظه محقاً عادل عبد العاطي حين قال ( عدم تقديمك أي إطار لحل إشكالية العلاقة ما بين التكوينات الثقافية المختلفة؛ للكيانات العرقية/القومية المختلفة؛ ومن بينها الكيان الهجين لشمال السودان النيلي)..اكاد أجزم أنه بهذه الصياغة البليغة، يشير لإضطراب مقاربة الأفروعربية و كثير ترددها ما بين العرقي و الثقافي من مكّون الهوية كما لا يفوت عليه إلحاقها في صلتها الحميمة بالأيدلوجيا و فضح إنكارها لمحل الآخر المشارك في الوطن و معني بالأزمة، في طرحها المقصور على توصيف الشمالي كما تزعم في قول منعم الذي سبق وليس هذا الذي جاء به أخيراً ..و التشديد بالخطوط من عندي...
Quote: ان وصفي للكل المركب الذي يتكون منه السودان بانه افروعربي،يجب الا يعد وصفا ايديلوجيا وانما ازعم بانه معرفيا اذا صح التعبير
و لا ادري، حتى مع صحة التعبير.. ما هي الحيثيات التي يمكن بها تصديق هذا الزعم خاصة بالنظر لما سبق منه و من الأفروعروبيين، و ما سيأتي أدناه، علماً بان منعم كان مصراً على أن الأفروعربية معنية بالشمالي حصراً!!!
Quote: {علي الا يفهم من كلمة (افروعربي) انها تعني حصريا هجين :عربي افريقي،}

Quote: كما فسرهاعبدالله ابراهيم لاسباب تخصه}..
إذن ما هو الذي يجب ان يفهم لو قرأنا هذا على ضوء ما جئتم به سابقاً، أو ما جاء به الشاعر الكبير محمد المكي إبراهيم في حديث الحبوبات!!
يقول منعم في جزم شديد مما يلزم للتوضيح
Quote: {فهي قطعا تشمل العربي والافريقي والافروعربي،}
كيف يكون هذا الشمول؟؟..هل نتحدث الآن عن الدولة /الكيان السياسي/ المسمى بالسودان أم عن هويّة السكان؟؟
و يشرح
Quote: {عندما تقول مثلا :العلاقات الافروعربية ،فانت تقصد العلاقات بين الدول العربية من ناحية والدول الافريقية من ناحية ثانية لكنك لا تتحدث عن دول افروعربية بالضرورة .
ولكن عندما تقول ان السودان بلد افروعربي،فان اول ما يتبادر الي ذهن السامع انك تقصد ان السودان يجمع بين الانتماءين العربي والافريقي ،ولكنه لا يفهم انك تقصد ان سكانه كلهم هجين لا مكان بينهم للعربي الصريح او الافربقي الصريح ،
لذلك قلنا في الورقة ان الافروعربية لا تعني الغاء للخصوصية القبلية والاثنية والثقافية،}...
إذن يا منعم انت تقول ما قاله ع ع إبراهيم، بيد إنك تسلم 99% من أوراق اللعبة لمحدد خارج عن رؤية السكان لأنفسهم و عنها، هو الجغرافيا التي لم تكن معدودة في العدد قبلاً ، كما، و تلعب (بجوكر) العِرق مما يشي به التكرار الحاد لكلمة(الصريح)..مما أنكره حتى صلاح احمد إبراهيم القال ( نحن عرب العرب) ثم عاد وتساءل عمّن هو الصريح منا في ابيات لا أذكرها فأفيدونا....
(أنا لا أفهم قولة صلاح في عرب العرب كما جاء في بعض المداخلات هنا، بل بغير قليل من الإختلاف مما ساعود إليه و قول المجذوب في الطرب الغشوم)..

المهم لهذه المداخلة الآن، هو أن اضيف بعض فهمي لما يقوله ع ع إبراهيم عن الأفروعربية و عروبة السودانيين الشماليين: الرجل لا ينفي العرق الأفريقي في الشمالي، كما لا يقطع بصحة و نقاء النسب العربي و لا يقيم على ذلك وزناً في أطروحته(راجع ورقته المعنوّنة كسّار قلم مكمايكل) ولكنه يرد الحديث في الهوية كنتاج لمحض الدرس وفقاً للمنهج العرقي/الإثنوغرافي و تقسيماته للناس إلى قوقازي و زنجي أو (أبيض و أصفر و أسود) مما أنتجته مناهج المعرفة الإستعمارية و قام عليه ما عرف ب (عبء الرجل الأبيض) وحتى ممارسات ال EUGENICS سيئة السمعة، يردع ع أبراهيم رداً جليل الشدة مما تستحقه مثل تلك الطروحة بلا أدنى شك....وهو كذلك يؤكد على حق الناس في أي مجتمع كان، في التعريف الذاتي لهويتهم و عدم قبول التعريف من {علٍ} او من الخارج--ينطبق هذا على عرب السودان كما على غيرهم من الناس--.... و هو أيضاً يرفض ما بنيت عليه أطروحة الأفروعربية من قراءة مغرضة للواقع السوداني في محاولة توفيقية/ أو تلفيقية تحاول ان تصطاد عصفورين أو اكثر بحجر واحد.. الأول بالهروب من تزمت الثقافة العربية التي تتكاثف أرذودكسيتها في سيرورة رصد سياقاتها جيداً، هنا، د.النور حمد، كما يمكن أن تفعل كل عين ليست كليلة عن معايبها.. و الثاني في تقديم الشمالي لمواطنه الجنوبي بصورة مقبولة غير تلك المندوكورية الكريهة مما رسخته في ذاكرتهم سيرورات مثل التي اشار إليها المرحوم عبد الحي كما جاء في عاليه(راجع ورقة تحالف الهاربين الملصقة في هذا الخيط..ولا تنس ان تشكر معي عجب الفيا على ما أبداه من أمانة و عدالة في تجشم طبع و لصق هذه الورقة هنا). د.عبدالله يقول بأن مثل هذه المحاولة ليست أكثر من رشوة لم تقبل، و تجمل يكاد أن يقول أنا الكذب فلا تصدقوني، و هو عندي قول مما تؤكده الشواهد العدد و المقالات بالحال و اللسان.. و د.ع ع إبراهيم لا ينسى العصفور المستعاد و المتشكل حلماً، بأن تعيد سنار إنتاج نفسها، أو بالأصح أن يتكرر نفس التفاعل السناري، بنفس الخمائر الأولية كما لو أنه تفاعل ال polymerase chain reaction الذي يستنسخ به علماء الأحياء الجينات أو أجزاء من مكوناتها في تسلسل لا ينتهي..مثل هذا الحلم، عند د.ع ع إبراهيم، كما عند الإختبار على ضوء علوم الإجتماع، غير علمي/غير واقعي/غير عملي/مجرد أضغاث أحلام و غوايات شعراء..أنظر د. فرنسيس دينق في حروب الرؤى/صراع الهويات..و هذا أيضاً قول مفيد في معنى و حق التحديد الذاتي للهوية..
و الأهم هو أن د.عبد الله، حسب قراءتي، لم يذهب ابداً، أي مذهب في إنكار أو الدعوة لإقصاء، الآخر. بل هو ببساطة دعا للإعتراف له بما يستحقه أصالة بتحديد هويته و مصادر ترميزه وما يصبو له من توقه، فيما ينسجم في رأي، مع الوقائع و العدالة و الصدق المعرفي و الحياد العلمي بأكثر مما تفعل الأفروعربية في أن تقسر أحلامها على الناس{وإن لم تستطعه}..للتأكد من هذا الذي أزعمه راجع كتاب الماركسية و مسألة اللغة في السودان. فهو لم يعد نشره حديثاً إلاّ و هو (راقدلو فوق راي..)...!!

و لكن.. أذهب الآن...
{ طليق، لا تقيدني قريش***بأحساب الكرام ولا تميم}
و لننظر.. هل هذا قول بوهيمي/باحث عن بدائي نبيل/ شاعر صعلوك(في معناها المعجمي وليس السوداني) أم رائد في إكتشاف المكوّن الأفريقي المضاع من إرث الأزرق السناري..!!!!
ويظل السؤال في الأزرق قائماً..

Post: #178
Title: Re: حمدلله علي السلامة يا هاشم الحسن
Author: Agab Alfaya
Date: 05-09-2004, 10:14 PM
Parent: #1

عودا حميدا ياهاشم
غيابك كان له اثر سلبي علي مجري النقاش
حتي كاد النقاش ان يتحول الي غلاط بيني وبين اخي اسامة الخواض
الذي استنجد بمداخلاتك الثاقبة،

لقد فكرت كثيرا في ماهية تحفظاتك علي التوصيف الافروعربي لاهل السودان
فلو اخذنا ما تفضلت به من مداخلات بشكل عام لم نجد لك اعتراضات واضحة علي هذا التوصيف الذي هو من البداهة بحيث يجعل الانسان يتسآل عن جدوي النقاش فيه مثلما تسآل دكتور بشار صقر واخرون.بالطبع ليس بالمعني الحرفي ،فنقاشنا هذا ضروري جدا.

ولكن من مداخلتك الاخيرة لاح لي ان تحفظاتك علي هذا التوصيف ربما مردها الي كلمة هجين التي ركز عليها عبدالله ابراهيم حتي صارت مرادف للافروعربي،فبدا لك ان هذا التوصيف يعني حصرا هجين ولا شي غيره وبالتالي لا مجال للعربي الصرف ان يجد له بكان بين هذا هجين،كما ليس للزنجي ان يجد هو الاخر بكان ،
اذا كان ذلك كذلك ،فاظن ان هذا عسف لا مبرر له.فهذا التاويل لم يقل به احد غير عبدالله ابراهيم،فالحديث عن امة وليس عن قبيلة،وبالتالي فهو حديث عام والعام لا يلغي الخاص هذا من البديهيات في المنطق،
فهل لي قبل ان استرسل اكثر حول موضوع الهجنة ان اسمع رايك حول صحة هذا الاستنتاج؟

Post: #179
Title: Re: قطعت جهيزة قول كل خطيب !
Author: Agab Alfaya
Date: 05-11-2004, 06:09 AM
Parent: #1

لقد وضع الدكتور عبدالله ابراهيم النقاط فوق حروفه التي كان قد خطها في مقالته :الافروعربية او تحالف الهاربين ،
وذلك في محاضرته التي القاها بالمجمع الثقافي بابوظبي في امسية الاربعاء الموافق 11/7/2001

يقول دكتور عبدالله بالحرف الواحد في هذه المحاضرة انه:

" معنى بشان الجماعة العربية المسلمة بشمال السودان وان الشفرة الثقافية لهذه الجماعة هى القومية العربية.وان اس البلاء ومثار النزاع الحالى فى السودان هو ان هذه الجماعة العربية الاسلامية عندما ارادت ان تبنى وطنا بنت وطنااكبر فى رقعته من رقعتها.وان من بعض متاعبنا هو هذا الخليط من الهويات."

اذن ان افضل الطرق التي تحدث عنها في تحالف الهاربين قد وضحت الان :انها دعوة واضحة الي جماعة العربية المسلمة بشمال السودان
لفرز عيشتها وان تقول لباقي الجماعات يلا بلاش لمة!
مسكين الطيب مصطفي !

لقد وضحت بذلك اسباب رفض الدكتور للمكون الافريقي في شمال السودان ورفضه لمقولة الثقافة الجامعة والبوتقة ودعاوي الهجنة والتخلس الخ .. التي طرحها في :تحالف الهاربين،

لقد كان محمد جلال الذي يحتفي بطرح عبدالله ابراهيم ،محقا عندما لخص هذا الطرح ، بانه دعوة الي :" عروبة خاصة بالسودان بلا افريقية "!
ولكن من اين تات الخصوصية بلا افريقية يا محمد جلال ؟

Post: #180
Title: بالغت في دي يا منعم..معقولة بس..طوِّل بالك يا الَّزرق
Author: هاشم الحسن
Date: 05-11-2004, 06:55 AM
Parent: #179

Quote: لفرز عيشتها وان تقول لباقي الجماعات يلا بلاش لمة!
مسكين الطيب مصطفي !


مساء الخير يا منعم..إنت زهجت من البوست ده و لا شنو..
يا أخوي اصبر علينا شوية..
نحن لا نقرأ ع ع إبراهيم بنفس العدسات..أو على الأقل نحنا في صفحة تانية!!
ألزم الصبر خلينا أنّقلبا..
أما ما جاء منك قبلاً عن (تحفظاتي على التوصيف الأفروعربي لأهل السودان)..فسأعود إليه قريبا و بي مهلة..فهو أكثر من مجرد سوء فهم لكلمة (هجين)...بالمناسبة أنا من المصدقين في ( قوة الهجين) بحكم البرهان العلمي..
و لكن الأن دعني أضيف لهذه المثاقفة الحوار الذي اجراه السمؤال حسّان ابوسن (شيخ العرب) مع د. عبد الله علي إبراهيم و كنا قد تواعدنا إحدى الحسنيين..
يلحق..
تحايا للمتابعين و سلام
برجاء
متابعة الحوار تاليه... فالكلام سمح من خشم سيدو..

Post: #181
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 05-11-2004, 06:58 AM
Parent: #1

هذه من حصيلة حوار التقيت فيه بالمفكر السوداني المقيم بامريكا و المثير للجدل في السودان الدكتور عبد الله علي ابراهيم... حصلت عليه و انا اقلب بعض الاوراق و ازعم بان فيه الكثير الذي يمكن الاستفاده منه وعلي اقل تقدير اثارة الحوار بشأنه، سأحاول هنا بقدر ما يسمح به الوقت ان اسجل الحوار بكامله وان كنت سافعل ذلك علي حلقات لسببين، الاول هو الكثافة النسبية للماده و غوصها في تعقيدات و تشابكات ثقافيه قد تحتاج لقراءة هادئه، و الثاني لان المادة ليست مسجله لدي في قرص مرن او ملف بالكمبيوتر وانما اقوم بنقلها من الصحيفة التي نشر بها في العام 2001 وهذا قد يستغرق بعض الوقت حيث انني لست حاذقا في الصف السريع للحروف. غاية ما ارجوه ان يحقق الاطلاع علي هذا الحوار شيئا من المرجو وهو فتح هذه الملفات علي منبرنا هذا او علي اي منبر اخر بحيث نكون اكثر ملامسه لهواجسنا الثقافيه و الاجتماعيه.

الي نص الحوار.....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

د. عبد الله علي ابراهيم: رموز مدرسة الغابة و الصحراء ثقافتهم استشراقيه

أعمل علي مقاربة الشأن الثقافي السوداني بمنظور فكري مختلف

حوار: السموأل أبوسن

تأتي اهمية الحوار مع المفكر السوداني الدكتور عبدالله علي ابراهيم من اهمية الدور الذي ظل يلعبه منذ الستينات كأحد الرموز الثقافيه التي صاغت حوارات الهويه و التعدد الثقافي في السودان، من ناحيه، و من ناحية اخري من خلال دوره العلمي الذي لعبه في حقل دراسات الانثربولوجيا الثقافيه التي له فيها اسهامات مقدره ، سواء كان ذلك اثناء بجامعة الخرطوم، سابقا او من خلال دوره الحالي كمحاضر بجامعة انديانا الامريكيه. للدكتور عبد الله علي ابراهيم عدد من الكتب منها " الصراع بين المهدي و العلماء" ، " انس الكتب" عبير الامكنه" ، الثقافه و الديمقراطيه في السودان". كما له تحت الطبع، " الماركسيه و مسألة اللغات في السودان" ، " الارهاق الخلاق" . الي جانب ذلك له اهتمامات ادبيه و نقديه واسعه و اهتمام خاص بالمسرح حيث قدم له عددا من المسرحيات منها " الجرح و الغرنوق" ، السكه الحديد قربت المسافات" . و بالرغم من ان العديد من آرائه اثار جدلا واسعا و خصوصا تلك المتعلقه بقضايا اللغة و الثقافه و الهويه في السودان ، الا ان ذلك لا ينفي وعيه المبكر بخطورة هذه الاشكالات التي قفزت في الفترة الاخيره الي دائرة الاهتمام لدي كل الفعاليات الثقافيه و السياسيه في السودان

* حوارات التعدد اللغوي و الاثني و الديني و تدافع القوامات الثقافيه شكلت جزءا
اساسيا من اهتمامك و تجلي ذلك في تناولك لموقف الكاتب السوداني ابرهيم اسحق الداعم لاستخدام اللغة العربية كلغة رسميه و في مثال اخر موقفك من " الافروعروبيه" و مدرسة الغابة والصحراء هل ثمة تغير في موقفك ، ام لا تزال املاءات ذلك الموقف قائمة لديك ، و كيف تقوم لديك كمفكر عملية الانتقال من موقف لآخر تجاه قضية بعينها؟؟:::::::::::::::::::::::::
ج - بالاحري اقول ان بامكاننا ان نلجأ الي منظور معين و نطبقه في اوقات مختلفه علي حالات تعذر الوصول فيها الي حل مبكر . يعني اذا بدأنا بابراهيم اسحق فهو المثال لديمقراطية الثقافه و ديمقراطية اللغة، التي تحتم علينا ان نقبل بغير مواربة بان السودان يتشكل من عدد من اللغات و ليس اللهجات ، وان نحاول ان ننفذ الي هذه الجماعات و نحررها من التردد بشأن ثقافاتها المحلية التي لديها عقيده بانها ايلة للاندثار و هي - أي هذه الجماعات- حلة قبول لفكرة ان اللغة العربية ستسود ليس بوصفها اللغة الرسمية للدوله و لكن بوصفها لغة كل سوداني علي حده. وهناك فرق كبير بين هذا وبين التصور القائل بان علي اي انسان ان يتبناها ويهجر ما عداها. هكذا كانت فكرة المقال المشار اليه و دعوت الي النظر في هذه اللغات باعتبارها لغات يجب ان تخضع لعملية احياء سواء كان ذلك من الدولة او من الجماعات القومية نفسها. و اعرف الان ان النوبيين يدرسون لغتهم ويتعلمونها بعيدا عن الدوله زو كل هذا الموقف مستمد من كتاب ساصدره قريبا و هو كان قد كتب في فترة الكتابات السريه، أعني كتاب " الماركسية و مسألة اللغات في السودان" و هو صدر سنة 1976 . وقد كانت الكتابات عن موقف ابراهيم اسحق تلك الواجهة العلنية له لكن الفكرة الكامله للكتاب كانت كما ذكرت و وصلت فيها الي بطلان الدعوة الي لاعلان لغة رسمية لان ما يترتب علي ذلك اشكالات كبيره لا يمكن الاحاطة بها. و ابرز مثال علي ذلك، الاشكالات التي تحدث في المحاكم علي سبيل المثال و التي يطالب فيها شخص غير متحدث بالعربية بتبرئة ساحته باللغة العربية. كما لاحظت عددا من الاشكالات مع بعض الاشخاص الذين التقيتهم في المعتقل. و بالرغم من ذلك فان المحاكم الشرعية كانت افضل لانها قررت تعيين مترجمين للغات المحلية وهو امر متقدم عن موقف المحاكم المدنية التي لم يرد لديها ذلك. فالفكرة انك حينما تقول بان اللغة العربية هي اللغة الرسمية في السودان فكانما تقول ان من يتحدث غيرالعربية ليس بسوداني، وفي هذا حجر علي المواطنه وتضييق له اساس في الدستور و هذا هو موقفي الاساسي من موضوع اللغات و علاقتها بالديمقراطيه و تجلي بشكل واضح في مثال ابراهيم اسحق. أما في موضوع الافروعروبيه فكنت احوال ان اصنع فرصة للجماعات غيرالعربيه لان تكون متميزه في الوطن بثقافاتها و علي قوامها وعودها الثقافي بغير ان تجبر علي هجنة غير واقعيه.

* ما المقصود بهجنة غير واقعية؟؟:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
ج- يعني ، أن الغابة و الصحراء هي هجنه مصطنعه ، مجموعة من المثقفين كانت مؤرقة بهموم الهوية و الصراع بين الشمال والجنوب والصراع بين العروبة و الافريقية و الصياغات التي تمت في حركات التحرر في العالمين العربي والافريقي في ذلك الوقت. قررت هذه المجموعة ان تخلق كيمياء معينه تقول ان السودان نشأته في الاصل عربية افريقية أو " خلاسي" كما قال محمد المكي ابراهيم، و ان القانون الذي سيسير فيه للامام هو القانون الخلاسي و اننا سنعيد انتاج مملكة سنار التي كانت ثمرة تزاوج العرب الوافدين مع الافارقه ، فأنا اعتقد ان هذا ميثاق و فرح شمالي فقط و اعتقد ان الجنوبين في الجانب الاخر لا يرون مثل هذا الراي و يعتقدون ان ثقافتهم مستقله و انهم لم يهجنوا بعد وانه ليست عليهم اي تأثيرات عربية سطحيه ، أو انهم رافضون لها.

* ولكن رغم وصفك لهذا الاتجاه بأنه ميثاق شمالي أو فرح شمالي بمعني انه يمثل حالة احتفالية وسط تيار الثقافة العربية الاسلاميه ، فانك اتهمته في نفس السياق بالتآمر علي العروبة و الاسلام، كيف؟؟::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أنا اتهمهم بأنهم رجعوا لكي يصنعوا هذه الهجنه و هذه التوليفة فقالوا ان اسلامنا هو ليس الاسلام الاصلي ، و كما ارادوا ان يقولوا ان اسلامنا خرج عن جادة الاسلام و عربيتنا كذلك، وانا أري في ذلك تبخيس لنا ، فنحن مسلمون حقيقة و نحن عرب حقيقة يعني أن لغتنا قائمة علي النحو العربي و علي اصوت العربية وان كانت استلفت بعض المفردات من اللغة النوبية و غيرها و لكن لايمكن تهجينها بهذه الصورة. أي لغة يمكن ان تستعير مفردات من الوسط حولها. و هو ما حدث للعربية انها خرجت عن اصلها و عن ديباجتها العربيه. و الاسلام لدينا صوفي و لكن لا يمكن القول بانه خارج عن الاصول الفقهية و الكلاميه . فهم يروجوا لفكرة الهجنه وهي مشروع سياسي في شكل ثقافي أو ثقافي في شكل سياسي ، حاولوا أن يمحوا الثقافة العربية الاسلامية في الشمال ويصفونها كأنها ثقافة ضحلة و كأنها تهجنت حينما جاءت الي افريقيا تأفرقت و اصبحت علي غير اصولها الثقافية و هذا ينطوي علي خطأين:
الأول هو ان افريقيا حينما تدخلها الاشياء تسوء و تخرج عن قواعدها ، يعني اذا كان هناك فقه فأن الافارقه ليسوا قادرين علي موضوع القه هذا فيضفون عليه صفة الافريقية و يصير الامر كلعية . فما الخطر في ان نتعامل مع ثقافة جاده؟؟ و الخطأ الثاني هو ان افريقيا حينما تدخلها الاشياء تتوحش و تصبح وحشية و تتنازل عن قواعدها الفلسفية و تصبح ، يعني ، فولكلوريه.

نواصل

Post: #182
Title: متابعة حوار السؤال مع د. عبد الله علي إبراهيم
Author: هاشم الحسن
Date: 05-11-2004, 07:01 AM
Parent: #1

* و لكن لماذا لا نعكس الصوره ونقول ان افريقيا تضفي طابعها علي الثقافه الوافده و تتفاعل معها لتكسبها بعض افريقيتها و تأخذ منها كذلك، لماذا لا نقول ان الاسلام عند دخوله الي افريقيا يكتسب ملامح جديده و ليس بالضروره ان نربط الامر بالضحاله؟؟::::::::::::::::::::::::::::::::::::
ج - هذا هو الاصل ، في الاسلام حتي عندما نشأ في البيئة الجاهليه ، هذا قانون ينطبق علي اي دين.

* إذا لماذا وصف الامر بالضحاله؟:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
ج - هم يقولون ان الاسلام حينما جاءنا جاء صوفيا و اخذنا عنه و كأنما الذهن الافريقي لا يحتمل القضايا لافقهية و هذا امر غير صحيح تركنا الفقه و الشريعه و اصبح لدينا فقط الاسلام الصوفي لانه يتناسب مع الايقاع الافريقي . انا اقول ان الصوفيه جاءت و ادخلنا عليها الايقاع الافريقي ، و كذلك جاء الفقه وادخلنا عليه الايقاع الافريقي ، فليس من الممكن ان تتجزأ ثقافه بأكملها من اجل افريقيا، الثقافه تأتي الي الذهن الافريقي الذي لديه السعة وا لمكون الفلسفي و الذي يمكنه من التعامل مع كل الثقافات و لكن هؤلاء يقولون فقط ان الانسان الافريقي انسان راقص نهذا تعامل مع النمطيات القديمة عن افريقيا و هذه ليست افريقيا الحقيقيه . هذه افريقيا في النمطيات العربية القديمه لاننا نجد تصور الافريقي في الذهن العربي القديم انه اذا هبط من السماء هبط بأيقاع ، مجرد انسان ايقاعي وهذا يقودنا الي ادبيات سنغور الذي يتحدث دائما عن الايقاع ، فهذا الايقاع كأنه نوع من الطبيعه الافريقية التي تحول دون الافريقي و الاشتباك مع نظم فلسفية و عقائديه و لكن الافريقي لذيه هذه النظم و هذا التعقيد و تلاحظه اذا درست ديانات الدينكا والقبائل العربية.
في تقديري ان رموز الغابة و الصحراء مع ذلك لم يكونوا متشبعين بثقافة عربية اسلامية و انما بثقافة غربية استشراقية و هي ثقافة اتضحت في كتاب ترمنجهام " الاسلام في السودان" و هو الكتاب المعتمد لدي الصفوة التي تتحدث عنها ، يعني كل مقولاتها منقوله عن ترمنجهام وهو الذي قال ان الاسلام عندما جاء السودان اكتسب صفات وثنيه. فهؤلاء قرءوا ترمنجهام و اعتمدوه المرجع النهائي في الثقافة الاسلامية في السودان، و انا اعتقد ان هذا من الشطط ان تعتبر داعية مسيحيا ، مرجعك النهائي في قضية كهذه. و اذا رجعت الي مكتبة جامعة انديانا التي فرخت عددا كبيرا من المثقفين فانك فانك تجد كتاب ترمنجهام من اكتر الكتب المستهلكه و تلاحظ انه مهترئ من كثرة استخدام السودانيين له و كذلك كتاب " العرب في السودان" لهارولد ماكمايكل فهو كتاب معتمد تماما و كان مرجع اهتمام البقاره بالثورة المهدية في اشارة الي دمهم الحار الحماسي الذي لا يحكمه عقل.
فعندما ترث مدرسة كل هذا الاستشراق فلا بد ان يكون نتاجها بهذه الصورة ، فأنا اقوم بعملية تفكيك هنا و احاول ان ارد الفكره الي مناشئها كفكرة استشراقيه و الفكرة الاستشراقية كما تعلم هي فكرة حكم في الاساس و لذا اسميتها الغش الثقافي مما اغضب المرحوم محمد عبد الحي.

* أشرت الي ضرورة ان يوطن" اهل الشمال المسلم " حسب تعبيرك في ثقافتهم قيم الحرية و ان يكفوا عن خلع ثقافتهم بدعوي الهجنه ، كيف تري ذلك وانت ترفض فكرة التمازج كما طرحتها مدرسة الغابة و الصحراء؟
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
ج - اعتقد ان لدينا مكونات ثقافية كثيرة ستمد باطروحات التمازج هذه ،فالتمازج سيستمر و ستزيد وتيرته لا ان لظروف الاضطراب السياسي لانه حدث اقتلاع مفاجئ دفع الناس دفعا للتمازج و النزوح الكبير ،القري الطرفيه في الخرطوم وحول المدن ، لم يكن واضحا الطريق الذي يستمر فيه التمازج في الماضي ، سرعته ومعدلاته، كنا نتحدث عن ظروف طبيعيه بمعني ان الكيان الافريقي موجود في الجنوب و الكيان العربي في الشمال فحدثت خلطة وامتزاجات طرحت تحديها و النظر الثقافي المتجدد اليها. و هذا البحث الذي اعكف عليه الان هو لمعرفة هذه الوتائر المتسارعه في الفترة الاخيره بحيث نمنح مسألة الهجنه و الاختلاط براحات اوسع . لكن الافتراضات السابقه كانت تتحدث عن ان الهجنه حدثت اصلا و ستحدث لكن كان هناك اعتراض حول وجود قوامات ثقافية ، و هي تطرح اهمية ان تكون الدولة محايده تجاه الثقافات ، بمعني ان يكون هناك برنامج لديمقراطية الثقافه. فمسألة كيف يكون التعليم علي سبيل المثال و بأي لغة هذا ليس من شأن الدولة ان تصدر فيه قرارا و كلذل بالنسبة للعادات وشرائع الناس و قوانينهم. نريد انا نستل من الدولة كل هذا العنف و نجعلها محايده تجاه العملية الثقافية بقدر ما يمكن ان يكون ا لحياد. هذه اهم عناصر برنامج ديمقراطية الثقافه وهو بالطبع ما لم يكن حاصلا ابدا، لان الدوله كانت مستخدمة باستمرار لا غراض ايديولوجيه و سياسية مباشرة في ان تقرر ما الثقافة . مثال الان الشرعية يصب ي اتجاه عدم حياد الدولة تجاه القوامات الثقافية ، فلذلك انا اطالب الجماعة العربية ان تحرر نفسها بنفسها و ان تقرر بنفسها تجاه مسألة الشريعة ما تريده و ما لاتريده و ألا تذهب في اتجاه تأكيد ان ثقافتنا هجنه و ممتزجه وغير ذلك مما اسميه الغش الثقافي الذي يجد من ورائه من هم من غيرالعرب والمسلمين حقهم مبخوسا في الدولة من جراء هذه الاتجاهات

Post: #183
Title: الجزء الثالث من حوار السمؤال أبو سن مع د. عبد الله علي إبراهيم
Author: هاشم الحسن
Date: 05-11-2004, 07:15 AM
Parent: #1

* لماذا اصررت علي انه غش ثقافي ، وليس عدم استبصار مثلا، لماذا افترضت سوء النيه لدي ذلك التيار؟؟



ج- اذا انت لم تدرس الامر دراسة دقيقه و لم تتحر الصدق و اخذت عناصر من هنا و هناك و ركبتها مع بعضها و البعض و لم تتحر مصلحة الطرف الاخر و لم تسأله عن رأيه ، فماذا تسمي ذلك؟ لأنه في نفس الوقت الذي كانوا يدعونه فيه الي السناريه ، كان هناك شعراء اخرون من الجنوب علي سبيل امثال يتبرأون من هذه الفكره و يقولون صراحة " نحن لسنا منكم" و" ليس ثمة ما نجده منكم غير الاذي فدعونا نفكر بالطريقة التي نراها " كما ان تيار الغابة و الصحراء في اساسه كان يمثله افي الغالب بعض شعراء مدفوعين بدوافع عاطفيه و لم تساعدهم رؤاهم الفكريه علي تحري الضبط في هذا الامر من ناحية و من ناحية اخري انهم لم يستشيروا اي طرف من ممثلي الثقافات الاخري حول جمال مشروعهم فاصبح له البريق و الرونق و ضلل الناس عن ضرورة تفكيكه و النظر في جذوره و نجد مثلا محمد المكي ابراهيم يشير صراحة الي فكرة الافريقي الراقص ،هذا تحامل عجيب سواء كان من الاستشراق العربي او الاستشراق الاوروبي ،فكل هذا تأتي به وتقول أن هذه فكره سلاميه؟ هذه فكرة عدوانيه فكأنما جئت تحمل كل التحامل وغلفته بعبارات سلاميه. أنا في مقالي المذكور كنت فعلا ادافع عن افريقيا مقابل التصور الاستشراقي لها . و هو التصور نفسه الذي جاءت به مجموعة الغابة و الصحراء . و طبعا محمد عبدا لحي نفسه ارتد عن فكرة الغابة والصحراء و قال : "أنا عربي" و ما عاد مشروع الغابة و الصحراء يناسبه.



* في نفس الفتره تقريبا اسست مع مجموعة من المثقفين جماعة ابادماك، ما هي الاسس الفكريه و المنطلقات التي قامت عليها تلك الجماعه و اين هي الان؟



ج- ابادماك نشأت في ملابسات ما بين الاسلام السياسي و دعوتنا الاجتماعيه في العام 1968 و هي كانت فترة حرب شديده بين الاسلاميين و القوي الاخري حول الدستور الاسلامي، و عملية الاسلمه بشكل عام التي كانت تسير ، ففكرة الجماعة كانت في الاساس
انزعاج من هذه الطريقه في التفكير و من فكرة الدولة الاسلاميه بحد ذاتها. و هذه تجسدت في واحدة من صورها في قصيدة امير المؤمنين التي كتبها المرحوم عبد الرحيم ابوذكري و نشرت في صحيفة الميدان وكان هناك احتجاج شديد عليها واحتج عليها بصورة واضحه حسن مكي في كتابه عن الاخوان المسلمين و ذكرها دون غيرها من الاشياء. فالفكرة كانت تقوم علي المشروع الاجتماعي الي كنا ندعو اليه وهو المشروع الاجتماعي التعددي واننا نحن حملة و ورثة كل التقاليد السودانيه و كان رأينا ان الدعوة للدستور الاسلامي لا تعطي اعتبارا للجنوب و غيره من التشكيلات الموجوده و بالتالي كان هم المجموعة كلها هم المعارضه لهذا الامر و لاستشراء التفكير بالطريقه الاجرائيه السياسيه الاسلاميه في كل الساحه. و خصوصا تلك الحادثة التي حدثت لنا اثناء تنظيمنا لمهرجان ثقافي لدعم حملتنا الانتخابيه في الجامعه و هي حادثة اعتداء جماعة الاخوان المسلمين بقيادة عبد الرحيم علي الذي شغل فيما بعد منصب منصب رئيس مجلس شوري حزب المؤتمر الوطني و الذي يشغل حاليا منصبا مرموقا في جامعة افريقيا العالمية حاليا. و هو ذلك الاعتداء الذي رفضوا فيه بصورة قاطعه دخول الطالبات لحلبة الرقص. و كانت تحملهم في ذلك المنافسة السياسيه فاعتبرنا ان ذلك الاعتداء له دلالاته و خرجنا و نحن نشعر بان هذا هجوم علي الفكرة الشعبية الفولكلوريه و نفس الطريقة الاحتجاجيه دفعتنا للتفكير في انشاء كيان يعمل بصورة منظمه للدفاع عن الثقافة السودانيه و كانت تلك البداية لتكوين جماعة ابادماك في العام .1968


* و لماذا اختيار ابادماك؟ لماذا الاحاله الي ذلك الاله النوبي تحديدا؟



طبعا هو الاله النوبي القديم و استظرفنا فكرة ان لديه ثلاثة وجوه كل وجه منها يحمل قيمة من القيم. وكأنما اردنا ان نقول ان هذا ما يمثل الثقافة السودانيه بتعددها. ولكن مؤخرا و لما اشتدت هجمة الاسلاميين في الثمانينات حاولت ان تبخس و تقلل من قيمة التراث القومي الشعبي باغلاق المتاحف و كانت هناك اشياء من هذا القبيل. ولكن الفكرة التي سميت فيما بعد ب" أبادماك للكتاب و الفنانين التقدميين" قوبلت بما قوبلت به من استنكار و اتهام بالوثنيه و لكنها كانت تعبر عن الثقافة السودانيه و عن ان الثقافه السودانيه اشمل و اقدم مما تظنون و ان اي خطه سياسيه أو ثقافيه لاحقه يجب ان تضع هذه الاشياء في الاعتبار و اعتقد ان الفكرة كانت نوعا من التدخل السياسي الثقافي للحد من خطورة الهجمة التي قادها الاسلاميون.
_________________

الليله الصـــقت بتقيلو نازل فوقـــــــــي
في الفرقان لقاني وغادي من معشوقي
قت لي عيني من هادا التلجلج روقـــــي
قالت ما بروق لامن يجـــــر واسوقي
( المربع من توقيع السمؤال في المنتدى الأدبي من موقع( kassala.com) وهو الموقع الذي إقتنصت منه هذا الحوار..لهم الشكر و التقدير..http://members.lycos.co.uk/kassalaonline/vb/viewtopic.php?t=455

Post: #184
Title: Re:الي استاذي الدكتور النورحمد
Author: Agab Alfaya
Date: 05-11-2004, 08:16 PM
Parent: #1

نحن في انتظارك استاذي الدكتور النور لتكمل قراءاتك الجميلة

الاخ هاشم جاييك لحوار السمؤال

Post: #185
Title: Re: Re:الي استاذي الدكتور النورحمد
Author: aymen
Date: 05-12-2004, 00:11 AM
Parent: #184


الاستاذ عجب الفيا
استميحك عزرا بالذج بهذه المداخلة ههنا، و هو امر استفذتني اليه مداخلة الاخ بشاشا.. والحقيقة انني قد ترددت كثيرا في ايرادها هنا، وفكرت في افراد بوست خاص
بشاشا ،الذي اتفق معه في كثير مما يطرحه من افكار الا انني اختلف معه الاقرار الذي جاء في قوله

Quote: اي كلام من اي عربي او غربي عن عروبة، او افروعروبة السوداني او ال Black بالانجليزي، ماهو الا نوع من السخرية والضحك علي مخ الزنجي الصقير.


ان الاقرار بعدم الهجنة في دماء اهالي الشمالية لهو مجانٍ للحقيقة، ولكن يجوز النقاش في كيفية هذا الاختلاط وتاريخه و الدماء المداخلة فيه
حقيقة الهجنة:
لا شك ان من العي ادعاء العروبة بهذه الصورة التي يستاء منها العرب الاقحاح في بلادهم و يتخذونها مدعاة للسخرية، كما عايشه (ويعايشه) الكثير من السودانيين في الخارج. واتفق معك ان اكتشاف هذا الامر لا يحتاج الي اكثر من النظر الي المرآة ( هذا بالنسبة لكل سوداني ينحدر ابوه و امه من قبيلة سودانية- اي ابناء واحفاد المصريين، الاتراك، وغيرهم لا يشملهم هذا الامر).
ولكن المقابل المنطقي لهذا العي لا يكون بانكار الهجنة تماما.. لان ذات المرآة التي تنكرعلي الشمالي عروبته، لا تؤكد له افريقيته، وربما تنفيها عند البعض.. و اليك بعض الاستفهامات التي تؤدي الاجابات عليها الي طريق ملئ بالالغام:
1- الوشائج اللغوية بين نوبة الشمال و نوبة الجبال، و التي اشار اليها اللغويين وما تحمله من دلالات للاصل البيولوجي المشترك..فما الذي "غير" نوبة الشمال؟.
2- نوبة الشمال هم احفاد تهراقا.. و لكن النوبي المتوسط لا يشبه تهراقا (الذي تراه في صورة الاخ طناش).. ولربما سيفزغ تهراقا اذا قام من قبره ليري احفاده.. ولكن ترهاقا لابد سيحتضن "النوباوي" سائلا اياه عن حاله بعد كل تلك القرون..فمن اين اتي الاختلاف؟
3- كل السجلات التاريخية من هيرودتس الي المغريزي وما بعدهما تؤكد ان النوبة او سكان بلاد النوبة كانوا افارقة. وهناك اشارات الي ان النوبة القدماء كان يشملون معظم اقوام السودان الحالي..
كيفية الهجنة
ان الكيفية التي تمت بها عملية الاختلاط، لا تقل اهمية عن ماهية الدماء التي تم معها الاختلاط..و اليكم قطوف من التأريخ:
1- بعد فترة بسيطة من انفلات الشوايقة من سلطة الفونج في القرن السابع عشر، كانت لهم سطوة كبيرة علي كافة القبائل في الشمالية الي الدرجة التي ادت الي هروب قبائل الي كردفان مثل البديرية (وهي قبيلة نوبية، رغم ارتباطهم بالشوايقة- والتاريخ يحدثنا ان الشوايقة كانوا قد اخضعوا ال"النوبة" ومنهم البديرية، حيث كانوا يقومون بالزراعة بينما تفرغ الشوايقة للغارات والهمبتة)..كما تـاذي الدناقلة كثيرا.. ومات العديدين من عائلة المك نمر في حروبه مع الشوايقة.. كما نقص عدد سكان الحلفايا (العبدالاب) الي النصف..
الشئ الوحيد الذي اوقف جبروت الشوايقة هم المماليك.. فبعد انتصار محمد علي علي المماليك، هربت مجموعات كبيرة منهم الي السودان.. ولانهم اكثر شراسة من الشوايقة، فقد تمت لهم السيادة في الشمال
هذه الفقرة من تاريخ السودان قد تفسر الكثير من الاشياء..ففي الوقت الذي تبلور فيه مفهوم " النفي البيلوجي للرجل الاخر" كان هناك امرا اخر يرقد في لا وعي "المجموعة العربية المسلمية" كما اسماها د.عبد الله علي ابراهيم.. ذلك الامر هو ما يمكن تسميته " النفي الا واعي للمكون الجيني".. وهذا امر يطول الحديث فيه..
ما يهمنا هنا هو امرين:
1- ما الذي يحول قبيلة نوبية فجأة الي سطوة كبري علي غيرها من القبائل من نفس الاصول؟؟
بينما يصف (ويرن-Werne) الشوايقة بانهم مختلفون "بيولوجيا- مورفلوجيا" بالتفصيل عن بقية القبائل العربية في السودان، يؤكد له (لويرن) الشوايقة انهم ليسو عربا و ليس لهم علاقة بجنس كهذا..مما حدا به الي وضع نظرية خاصة باصلهم.. مفادها انهم بقايا المصريين القدماء..( د. عبد الله علي ابراهيم لم يكن امينا في نقل كلمات ورن في مقالته "كسار قلم ماكميكل)
اما مكمايكل فقد ذهب الي انهم البانيين و أتراك خلفهم في السودان السلطان سليم الثاني بعد محاولته الفاشلة لغزو السودان..(ولا ادري ان كان صدفة ان تكون هناك محافظة في البانيا تسمي "سنجك")
2- اذا كان بوسع مجموعة من البشر مناهضة مجموعة اخري كانت لها السيادة بالقوة، اليس من المنطقي ان ان تكون هذه المجموعة كبيرة عددا؟، فاين ذهب احفاد المماليك اذا؟ علما بانهم استقروا حوالي دنقلا و حتي الخندق..
الاجابة علي الاسئلة اعلاها تؤدي الي قذف اسئلة اخري مثل: ما الذي يجعل نوبة الشمال لا يختلفون بيلوجيا و مورفولوجيا من عرب الشمال؟ مع اختلافهم مع اسلافهم سوي في صورة بعانخي(في حالة الاوليين) او في الجزيرة العربية (في حالة الثانين)؟؟ ما هي الجينات التي تم اختلاط بها لتنتج هجينا يتحدث نصفه اللغة العربية، بينما "يرطن" نصفه الاخر؟
اعتقد ان التفسير البيلوجي للثقافة و الظواهر الاجتماعية جانب متجاهل تماما في تحليلنا للاشياء. و التاريخ ملئ بالاحداث التي قد تؤدي- اذا درست بامانة- الي وضع النقاط فوق الحروف..
والسوال الذي لا بد منه: هل العروبة هي تحالف الهاربين من سطوة الجينات؟؟

ايمن بشري
[/B

Post: #186
Title: Re: Re:الي استاذي الدكتور النورحمد
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 05-12-2004, 04:55 AM
Parent: #185

شكرا منعم
أنا عائد بإذن الله، ولكن العمل ضاغط هذه الأيام، وبأكثر مما توقعت. تلزمني ثلاثة أيام.
النور

Post: #187
Title: Re: Re:الي استاذي الدكتور النورحمد
Author: Bakry Eljack
Date: 05-12-2004, 07:16 PM
Parent: #186

الاخ اسامة الخواض,

هكذا التثاقف و الحوار, احزننى اشدما حزن قرارك بلانسحاب من دائرة الحوار فى هذا البوست ارجو ان تعدل من هذا الراي, فنحن فى اشد الحوجة الى رايكما انت وعجب الفيا, فازمة الهوية راح ضحيتها اكثر من ثلاثة مليون مواطن و هنالك من يذبحون الان, فهل من المعقول ان تعالج ازمة مثل هذه بقدرة انسان فرد ,

اتمنى ان تعود,

كما ارجو ان تبلغ سلامى واشواقى الحارة للاخت الغالية هبة الخواض, كما اتمنى ان تمدنى بعوانها الالكترونى عبر الماسنجر ان لم يكن لديها ما نع ولك كثر احترامى,


الاخ منهم هذا يجب ان يبقى عاليا

بكري الجاك

Post: #188
Title: Re: Re:الي استاذي الدكتور النورحمد
Author: محمد حسن العمدة
Date: 05-13-2004, 00:24 AM
Parent: #187

قالها نصار من قبل
Quote:
انا اتابع هذه الدراسة القيمة بصمت و اعجاب و لا اجد ما اضيفه لها


اتمنى ان اجد متسعا للمشاركة استاذ الفية وبقية العقد واختلافي كبير مع دكتور النور حمد ومعجب باثراءه للنقاش وامتاعه وتبحره العميق
اتمنى من استاذ الخواض المواصلة في الحوار لان ازمة الهوية شديدة العمق ساهم في تعقيدها المثقف والسياسي على حد سواء رغما عن سبق ادراك المثقف للبعد الافريقي في الهوية السودانية الا ان عوامل كثيرة ساهمت في تحجيم دوره ومنها انتماءاته الايدلوجية والانتهازية احيانا كما في حالة تحالف بعض المثقفين مع المخبول النميري
عموما اتمنى ان اجد متسعا حيث ان المتابعة والمشاركة لا يتسع لهم ما تبقى من وقت جله عمل
تحياتي لكم جميعا

Post: #189
Title: Re: Re:ليست هي المرة الاولي يا بكري
Author: Agab Alfaya
Date: 05-13-2004, 06:09 AM
Parent: #187

الاستاذ بكري الجاك، تقول
Quote: الاخ اسامة الخواض,

هكذا التثاقف و الحوار, احزننى اشدما حزن قرارك بلانسحاب من دائرة الحوار فى هذا البوست ارجو ان تعدل من هذا الراي,

في بوست البنيوية التي بني عليها اسامة مجده،دخل اسامة
لمرة واحدة،فقط ليقول لي ان حسن موسي وصفني بالشتارة المنهجية
ثم وعد بالعودة لمواصلة النقاش لكنه لم يعد لفضح هذه الشتارة حتي انتهي الحوار والذي امتد حوالي ثلاثة اشهر،

وها هو ينسحب الان من هذا النقاش العامر كما تري مرددا نفس عبارة حسن موسي !!

متناسيا ان الشتائم حيلة العاجز،

Post: #190
Title: Re: Re:اضاءة مهمة جدا يا ايمن
Author: Agab Alfaya
Date: 05-13-2004, 06:25 AM
Parent: #185

اضافة في غاية الاهمية يا ايمن
اهديها الي كل من عبدالله ابراهيم وبشاشا
ونحن في انتظار المزيد

Post: #191
Title: Re: Re:اضاءة مهمة جدا يا ايمن
Author: haneena
Date: 05-14-2004, 11:36 PM
Parent: #190

i believe,this should be up

Post: #192
Title: Re: Re:اضاءة مهمة جدا يا ايمن
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 05-17-2004, 07:55 PM
Parent: #191

أعود، بعد غيبة فرضت علي، فرضا، لأواصل تجوالي الأدبي حول سؤال الهوية. وهو سؤال مركب، متشعب، كما سبق أن اشرت، ولا تجدي فيه، في تقديري، المناقشات المباشرة، من شاكلة، عرب؟ أم أفارقة؟ وحتى حين يتعمق الأمر، ويبتعد قليلا عن موضوع العنصر، ليلمس قضية المرجعية الثقافية، فالسؤال أيضا مركب، ومتشعب، وسوف أحاول إجلاء، ما أراه من تشعب هذا الأمر، في ما سيلي من حلقات. وأحب أن أشير إلى أن أكثر المقاربات قلة جدوى، في هذه الوجهة، لتلك التي تكسوها النفرة، والغضب من الرأي المخالف، وتبلغ درجة إطلاق النعوت، والأسماء، calling names بغرض إرهاب الخصم الفكري، وإرباكه، وعزله عن جمهور القراء.

كتب الأستاذ محمود محمد طه، في كتابه، "مشكلة الشرق الأوسط" الذي صدر في عام 1967، عقب حرب الأيام الستة، ما يلي:

((وأوائلنا! هل دخلوا التاريخ كعرب؟؟ كلا! وألف كلا!.. إنما دخلوه بعد أن من الله عليهم فأصبحوا مسلمين .. وعلمهم الإسلام ما طامن من غلوائهم، ومن اعتزازهم بعنصرهم، فقال: "الناس لآدم، وآدم من تراب، إن اكرمكم عند الله أتقاكم" وقال: "ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى". وقال: "يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوب وقبائل لتعارفوا، إن اكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير".

هاهنا أصل الداء! إن العرب يريدون أن يقيسوا قامتهم كعرب، إلى تحديات عصرهم الحاضر، وليس لقامتهم تلك، ههنا، غناء، فإن تحديات العصر ارتفعت إلى صراع الأفكار والمذاهب، وخلفت وراءها بأمد بعيد، العنصريات)) .. انتهى نص الأستاذ محمود.

علينا إذن، أن نفصل بين العنصر العربي، كعرق يحرص كثير منا على التأكيد عليه، وبين الثقافة العربية الإسلامية. فإشكال الهوية، اليوم، إشكال فكري، كما أشار الأستاذ محمود محمد طه، وليس إشكالا عنصريا. أو دعنا نقول إنه لم يعد إشكالا عنصريا، مثلما كان عليه الحال، في جوف التاريخ. وربما يصبح هذا أكثر وضوحا، إن نحن فكرنا في مستقبل الكوكب، الذي أصبحت وحدته الجغرافية تتزايد، ويتزايد تبعا لها، الترابط، والتثاقف بين الشعوب. وهذا يتزايد يوما بعد يوم، ولسوف تطرد وتائر التقارب الجغرافي، والترابط الإقتصادي، ويزداد تنقل الناس، بصورة تشبه القفزات. وبهذا المعنى سوف يصبح الكوكب كله كوكبا جديدا، وسوف تنمحي وباطراد سريع، كثير من صور التبعيات، والإنتماءات، العشائرية، والقبلية، بل وحتى القطرية القديمة. مشكلة الإنسان الحاضر هي مشكلة صراع حول السلطة، والثروة. وهذه مشكلة كوكبية تضع الفقراء، والمستضعفين، في معسكر، والقابضين على مفاصل السلطة والثروة، في معسكر آخر. وهذا التقسيم لمعسكري (العندهم) و(الماعندهم)، كما أطلقه الأستاذ محمود محمد طه، في محاضراته، تقسيم يعبر فوق حواجز العنصر، واللغة، والدين، والجندر، وكل تلك التقسيمات الماضوية، التي حبست الناس في قماقم العنصر، والعقيدة، واللون، واستخدمت ذلك النوع من الحبس العقيدي، والعرقي، واللوني، واللغوي، كأداة تساعد على اسصتمرار الفبضة على مفاصل السلطة والثروة، والإبقاء على الإمتيازات. ولتوضيح هذه الصورة، فإنه يمكن القول إن الجبهة الإسلامية الحاكمة في السودان، الآن، وجورج دبليو بوش، وقبيله، ينتمون في حقيقة الأمر، إلى دين واحد، وقبيلة واحدة، وعرق واحد، وإن ظنوا غير ذلك!!

الثقافة العربية الإسلامية ثقافة متجذرة في تاريخ الشرق الأوسط القديم، المتتد من بابل، وسومر، ومصر الفرعونية، عابرا إلى الحقبة اليهودية، والحقبة المسيحية في تجلياتهما التاريخية المتعددة. وبطبيعة الحال فإن ثقافة الشرق الوسط، في فضائها العريض، قد ألقت بظلالها على منطقة شمال شرق إفريقيا، التي تشمل مصر الحالية، والسودان الحالي، وكل منطقة القرن الإفريقي. كل ما في الأمر، أن هذه الثقافة لم تتوغل كثيرا وسط القبائل النيلية. والقبائل النيلية، في ما تشكله اليوم من جسد سياسي قوي الشوكة، قادرة على حماية مميزاتها الثقافية، وسائر مكونات كيانها. وما يهمنا نحن الذين أصبحت الثقافة الإسلامية، جزءا من تكويننا الوعيوي، وجزءا من رؤيتنا للكون، بحكم حملنا للسان العربي، إنما هو العناصر المستقبلية، الإنسانية، المبثوثة في جسد هذه الثقافة، مما هو قابل للتفعيل في دفع مسار العدالة الإنسانية، والتضييق على الظلم، وعلى الظالمين. هذه الأبعاد الإنسانية، المتعلقة بالعدل، والمساواة، وكفالة الحريات، هي التي تهمنا في الثقافة الإسلامية. وهم استخراجها هو العبء الملقى على أكتافنا. ولايفيدنا أن نجعل من ثقافة الإنسان النيلي، وشوكته التي مخضها الصراع، درقة تحمينا من العناصر السالبة في ثقافتنا. والتي يمثلها في قمة، النظام الحاكم في السودان حالين. وهذا هو موضع إتفاقي ما أستاذنا الدكتور، عبد الله علي إبراهيم.

أما جوانب ثقافتناالتي استصحبت سمات الحقب السوالف، من قيود، وكبت سلطوي، فوقي، ووصاية، وجاد للمخالفين، في الرأي، واستعلاء عرقي، واستعلاء جندري، وغير ذلك من صنوف نزوع الدولة إلى حشر أنفها في شؤؤن الناس الخاصة، فيجب أن تذهب إلى شعاب التاريخ، حيث يجب أن تبقى.

هذه مقدمة عامة بها أبدأ المواصلة، عائدا إلى فضائنا الأدبي، لمواصلة سياحتي فيه. وتشغلني كثيرا، ظاهرة التعلق بالأماكن، والتشبيب بها، في الأدب العربي، والتي انتقلت منه إلى الأدب السوداني. ولربما اقفز هنا، لأشير إلى ظاهرة التعلق بأماكن، وبلدات، جزيرة العرب، وبلاد الشام، التي وسمت بعض شعر الرواد، من شعراء السودان. وأريد أن أجعل من تلك الظاهرة، دليلا على حالة الإحساس بالضياع الثقافي، وحالة التعرية التي أصابت تربة الجذور الثقافية الوطنية. فالتعلق بأماكن، وبلدات، الجزية العربية، والشام، والتشبيب بهان تمثل أحد مظاهر الإستلاب الثقافي. فهي تعكس ما عاناه جيل الرواد، الذي تلقى تعليما حديثا، باعد بينه، وبين احساسه، ووعيه، ببنية ثقافته المحلية. وقد قاد هذا الإحساس العميق بالضياع، إلى نوع من فقدان الثقة بالذات، ووعدم القدرة على الإعتداد بها. والثقة في الذات، والإعتداد بها، هو ما يسميه الغربيون self esteem .

غير أن تلك السمة، وأعني سمة ذكر بلدات الجزيرة العربية، والشام، تقل كثيرا، حتى لتصل درجة الإنعدام، في شعر الأجيال اللاحقة. ولقد تفضل شاعرنا الكبير، محمد المكي إبراهيم، بالإشارة إلى ذلك، في سياق نعيه على جيل الرواد، استبطانهم خبرات غيرهم. وذكر، على سبيل المثال، استخدام عبارات من شاكلة، "الصبا النجدي"، وما شابه. وعموما، فإن اختفاء ظاهرة استيراد "الكليشهات" الشعرية الموروثة من التقاليد الشعرية العربية، في شعر اللاحقين، من شعرائنا، أمر له دلالاته الموجبة في جانب، والسالبة في جانب آخر. ومن الدلالات الموجبة لظاهرة الإقلاع عن التشبيب بأماكن تقع خارج محيطنا الجغرافي، أنها تمثل تطورا في إحساسنا بهويتنا الوطنية، كسودانيين. كما تمثل تغييرا في مناخ المخيال الشعري، لدينا، إضافة إلى دلالتها على البدايات الحقيقة لنحتنا لزموزنا الشعرية الخاصة بنا، إلى جانب تشكل لجماليات الشعر الخاصة بنا ايضا. يضاف إلى ذلك، فهناك أيضا دلالة على تناقص أحساسنا بالتبعية المطلقة، لجسد الحضارة العربية الإسلامية، الواقع خارج حدود بلادنا. وكل ذلك يشير إلى ازدياد تناقص في إحساسنا بهامشيتنا، وهو إحساس لازمنا ردحا من الزمان، ولا تزال عقابيله تلف بعضنا.

بدأت عقيدة أكثريتنا المتمثلة في أنه لا سبيل لنا، إلى الوقوف على أرجلنا، بغير الإعتماد على تلك الإمتدادات الوعيوية، خارج حدود ترابنا الوطني، تتغير مؤخرا. وكل ذلك ربما عنى أننا قد بدأنا نعي ذاتنا ككيان له إستقلاله، وتميزه. بعد أن ظللنا ـ على الأقل، في مستوى الترميز الأدبي ـ مستلبين لرموز خارج حدود فضائنا الجغرافي، والفكري، والثقافي الذي نتميز به عن غيرنا. وما من شك لدي، أن الطيب صالح، ومحمد المهدي المجذوب، ومحمد المكي إبراهيم، قد جسدوا ضربة البداية، الأكثر نجاحا في انتاج أدب سوداني صميم. أعني أدبا ذا سمات عالمية، ويعكس، في نفس الوقت، بقوة، وبحيوية، خصائصنا الثقافية. وهو أمر تميز به، بشكل خاص، أدب الرواية في أمريكا اللاتينية.

أما الجانب السالب، فيما تشير إليه تلك التطورات، فربما كان إدارة البعض ظهورهم، تماما، إلى الحضارة الإسلامية برمتها، وذلك عن طريق وضع العنصر العربي، والحضارة العربية، الإسلامية، كليهما في سلة واحدة، وقذف كل ذلك الخليط، الذي لم يتم فرزه فرزا صحيحا، من النافذة.

تعلق شعرائنا من الرواد الأوائل، بأماكن الشام والجزيرة العربية، تعلقا منبعثا من إحساس بالنقص. ولربما يكون لتعليمنا المصري المنشأ، الذي ربما صاغ توجهاته العهد التركي، دور في ذلك. يضاف إلى ذلك انقطاعنا عن جذور ثقافتنا، وفهم المركب فيها، مما قاد روادنا إلى ذلك النوع من التعلق. فرودانا من الشعراء، حين يريدون وصف بلدة سودانية بالجمال، يشبهونها ببلدة في الشام!

قال العباسي في وصف مليط:

أنتِ المطيرةُ في ظلٍ وفي شجرٍ، فقدت أصواتَ نساكٍ، وعبادِ

والمطيرة، كما هو معروف، دير بالشام! وحين يذكر العباسي الخمر، فإنه يذكر خمر "دارين" في الشام أيضا. وحين يذكر العهود التي، تولت، فهو يذكر "عهد جيرون"!

أما محمد أحمد محجوب الذي بدأ متغزلا في لبنان في إحدى قصائده، فقد أحس بوخزالضمير، فعدل وجهته مشيرا إلى السودان. قال المحجوب:

الله يعلم كم في الثغـرِ من مرحٍ، وكم بسفحك يا لبنـانُ من أربِ
وكم بقلبي من حـبٍ وعاطفةٍ، نحـو الشآم، وذاك السـاحلِ اللَّجِبِ
لكنَّ حـباً لهذا القطـر يدفعني إلى الهيام بأرضي، واصلاً سـببي

ولكن بعد أن عدل المحجوب وجهة غزله نحو بلدات السودان، لم يجد شيئا يصفها به، سوى أنها تشبه بلدات شآمية. وأقرأوا معي ما قاله المحجوب بعد أن استدرك، أن له بلادا تستحق أن يتغزل في بلداتها:

والحسنُ يا صاحِ إمَّا شئتَ فاتِنَهُ، فانظر بربك ذاكَ الساذجَ العربي
قالوا "بهيبانَ" جناتٌ إذا غُشِيَتْ، كانت لرائدها الجناتِ في حلبِ
وما "دَلامي" وقد رفت خمائلها، إلا زُحَيْـلةَ مَوْحَى الفـنِّ، والأدبِ

فهو يشبه هيبان في جبال النوبة بحلب، ودلامي في جبال النوبة بزحلة، التي اقتضته ضرورة الشعر أن يقوم بتصغيرها إلى "زُحَيْلَة" وفي بيت المحجوب الأخير جملة منقولة نقلا شبه كامل عن قصيدة دمشق لشوقي التي يقول فيها:

آمنت بالله، واستثنيت جنته، دمشـقُ، رَوْحٌ، وجناتٌ، وريحـانُ
قال الرفاقُ، وقد هبت خمائلُها، الأرض دارٌ، لها الفيحـاءُ، بستانُ
جرى وصفق يلقانا بها بَرَدَى، كما تلقَّاك، دون الخـلدِ، رضــوانُ

فالمحجوب من فرط تاثره بنسيب شوقي في دمشق، استخدم جملة كاملة من بيت شوقي. غير أنه استبدل كلمة "هبت" بكلمة "رفت"، رغم أن كلمة "هبت" التي استخدمها شوقي، في ذلك السياق، أدل، وأنسب، وأقوى من كلمة "رفت" التي استخدمها المحجوب. فالهبوب مرتبط. بالخمائل لما يحمله نسيم الخميلة من طيب عَرْفٍ وشذا. أما الرفيف فلأجنحة الطير، والفراش، وربما للقلب، وللجفون أيضا.

أيضا، اتسم شعر الرواد السودانيين، بكثير من "الكليشهات" المستعارة، من الأدب العربي القديم. وهي "كليشهات" كثيرا ما جانبها التوفيق، في الدلالة. قال محمد أحمد محجوب:

حنانيك! ما هذا الغريبُ أخو الهوى، بمجهولِ أصلٍ، أو سليبٍ من المجد
نَمَتْهُ أصـولٌ شامخـاتُ، وأترَعَـتْ معارفَه نجـدٌ، فهـام إلى نجـدِ

و"نجد" هذه التي يشير إليها المحجوب، لم تكن في يوم من الأيام، دار معارف، يشار إليها بالبنان. وغالب أمر نجد، أنها ظلت، عبر تاريخ الثقافة العربية الإسلامية، بيئة بدوية. وهي لا تزال كذلك، حتى يوم الناس هذا. فما هذا الذي أترعت به "نجد" معارف المحجوب فهام بها، كل هذا الهيام؟ وأخشى أن تكون صداقة المحجوب المعروفة، للملك فيصل بن عبد العزيز، وغيره من آل سعود، هي التي دفعته إلى رفع نجد إلى مصاف مراكز الإشعاع المعرفي!

أواصل

Post: #193
Title: Re: Re:اضاءة مهمة جدا يا ايمن
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 05-17-2004, 08:03 PM
Parent: #192

في حين هرب المجذوب إلى الجنوب، والعباسي، والناصر، إلى بادية كردفان، هرب محمد أحمد محجوب، إلى لبنان، وإلى زيوريخ بسويسرا. وقد جمع بين كل أولئك الهاربين، التوق إلى إلى حياة طليقة، بعض الشيء. ولابد لنا من استصحاب الظرف الذي أحاط بالتوق إلى الإنعتاق الذي أبداه، كل هؤلاء الرواد. مع اعتبار تفاوت ضغط الظرف بين واحد والآخر. فالعباسي قد كان متقدما سنا، وظرفا، على المحجوب، والمجذوب والناصر. غير أن جميعهم قد عاشوا في مدن الوسط، في الحقبة التي أعقبت التركية، والمهدية، حيث بقيت النساء بحكم تأثيرات المدينة التركية، وبحكم طهرانية الثورة المهدية، جبيسات الخدور، والمحابس، حتى منتصف القرن العشرين.

يمتليء ديوان المحجوب "قلب وتجارب" بالتعلق بالشام، وبلبنان، وبالمدن الأوربية. ويبدو أن اشتغال المحجوب بالسياسة، وتوليه المناصب الرفيعة في حقبة ما بعد الإستقلال، كوزير للخارجية، ورئيس لمجلس الوزراء، قد مكنته، خلافا للعباسي، والناصر والمجذوب، من الإرتباط بالطبقات الإجتماعية "الراقية" ـ كما تجرى العبارة الشائعة ـ في بلدان الشام، وفي مدن أوروبا الغربية.

يقول المحجوب في قصيدته "السودان الشاعر" التي يصور فيها تعلقه بطلاقة لبنان:

النازلين ضفـاف النيل نغبطـهم، والصاعدين جبال الأَرْزِ، وا حَرَبِي!
"بَالِرْمَا" يا صاحِ، كم من غـادةٍ لعبت بالرمل، فازادن ذاك الثغر باللعبِ
وكم فتاةٍ، إذال مادت، وإن خطرت، ترنح القوم، من سكرٍ، ومن طربِ
وإن تفتـح، ورد الخـد، مبتسـماً، فأي كفٍ، لذاك الوردِ، لم تَثِبِ؟
وذاتِ دلٍّ، تريك الحـبَّ مازحةَ، وإن تُغَـازَلْ، فلم ترحـمْ، ولم تَجِبِ
الله يعلم، كم في الثغـر من مرحٍ، وكم بسفحـك يا لبنان، مـن أربِ

وفي تقديري أن المحجوب قد كان يحكي عن تجربة "بلاجية" على أحد شواطيء لبنان. وقد وضح ذلك في ذكره لعب الغادة بالرمل.

وفي قصيدته "لقاء" والتي صدرها المحجوب بهذه الجملة: "ذكرى على بحيرة زيورخ"، ترد الأبيات التالية. وهي أبيات انتقيتها من القصيدة، ولا ترد على نفس الترتيب، الذي وردت به في القصيدة.

لست أنسى اللقاءَ، أيَّ لقاءِ، عند شط الغدير، ذاتَ مسـاءِ
أنا والحبيب يلهو، وألهو، نتساقى الهوى، وعذب الغنـاءِ
إيهِ "ماجي" أما كفـاكِ عـذابا لفـؤادٍ ينـوء بالأعبـاءِ؟
لو درى النيـل يا حبيبة أني ناعمٌ بالهوى وطيبِ اللقـاءِ
لجرى النيـل باسطا راحتيه، وأفاض النعيمَ، جـمَّ السخاءِ

ولربما لاتخفى الإشارة إلى النيل هنا، والتي ربما تضمنت التدليل على فضائين، مختلفين: أحدهما كابت، والآخر غير ذلك. فعبارة، ((لو درى النيل يا حبيبة أني ناعم بالهوى وطيب اللقاء)) تحتوي على هجاء، أو قل ذم، مبطن للفضاء النيلي.

وحين هرب المحجوب إلى أوربا وشواطيء بحيراتها، وغدرانها، حمل معه نهما للأنثى، مماثلا لنهم مصطفى سعيد، حين قال إنه كان يسرج بعيره كل يوم أحد، ويتوجه صوب أماكن التجمعات في الحدائق العامة، لصيد نساء السكسون. قال المحجوب:

أيها البحر قد نصبت شراكي، ليلة السبت، صـائدا للقيـانِ
وتباهيت بالرمـايةِ لكنْ، ما قصـدت الرهـانَ، يوم الرهانِ
خلِّ من شاء من رفاقي صـيداً، يعشق الحوتَ زاهيَ الألوانِ
أنا يا بحـر قانـعٌ بحسـانٍ، يتثنيـن في قـدود لـدانِ

فحين اتجه رفاقه إلى صيد الأسماك، وهو ما أخبر عنه المحجوب بكلمة "حوت" ذهب هو إلى صيد "القيان". وفي نفس هذه القصيدة يناجي المحجوب ثلاث إناث أجنبيات، بأسمائهن:

إيه "سوسي" وحسن وجهك هذا، ما عهدت الحديث خان لساني
أنا يا "روز"، راحـلٌ كرفيـقي، فتعـاليْ لشـاعرٍ ولهــانِ
آية الحسـنِ والرشـاقةِ "سـولا"، من أعـادت مفاتن اليونانِ

وعموما فهرب المتعلمين الأوائل، ومن تلاهم من أجيال، ممن فتح التعليم الحديث أعينهم على مباهج الحياة الحديثة، وأثار في دواخلهم التململ من قبضة الثقافة الطهرانية الكابتة، لا تحتاج إلى أدلة. وهذا الهرب ليس حصرا على أهل الغابة والصحراء، وإنما هو حالة قديمة بدأت يوم أن انتصر معاوية على سيدنا علي، وتولي إمارة المسلمين. وهو علاوة على ذلك، علامة صحة، وليس علامة مرض، كما يحب لنا ان نفهم من يريدون سجننا بلغة خطاب العصور الوسطى، ليحكمونا بها. وسوف أفرد حلقة كاملة، وربما امتدت لأكثر من حلقة، للعصر العباسي الأول، الذي وثق لمجونه، وفلتانه، أي توثيق، الدكتور شوقي ضيف، معتمدا على أمهات كتب التراث، وعلى رأسها تاريخ الطبري.

في سوداننا الحديث، هرب أفندية الأربعينات والخمسينات، والستينات، إلى كل من تسني، وأديس أبابا، والقاهرة، وبيروت، وروما، ولندن، وباريس، وزيورخ، وغيرها. ومن لم تكن ظروفهم المالية تسمح لهم، بالأسقار البعيدة، فقد هربوا إلى سانت جميس في وسط الخرطوم، وإلى صالة غردون للرقص، وغيرها من أماكن اللهو البريء وغير البريء، التي كانت منتشرة في أحياء العاصمة السودانية. الشاهد أن السعي "لتفكيك محرمات الثقافة العربية الإسلامية" عمل قديم، وهو عمل قامت به الثقافة في مجموعها، منذ الفتنة الكبرى، وهي تصحح مسارها، خارجة من قبضة الطهرانية المفروضة بقوة الدولة. والخروج من قبضة الطهرانية المفروضة بقوة الدولة، وجبروتها، هو الذي يفتح الطريق لقيام الدستور، واحترام الحريات الشخصية. وهو الذي يفتح باب تربية الضمير. وهذا ما عناه الأستاذ محمود محمد طه، حين قال، إن العفة الحقيقية لهي العفة القائمة في الصدور، وليس تلك المفروضة بالباب المقفول، والثوب المسدول. وبناء عليه، فالأخلاق الحقيقة لأي مجتمع، لهي تلك الأخلاق التي يبنيها الأفراد في دواخلهم، بأنفسهم، ويرعونها قناعة بها، وليست تلك التي حرسها الدولة، وزبانيتها الكاذبون بتفعيل شرطة الآداب، والإسراف الموبق المتمثل في النبش في ضمائر الناس.

في الحلقة القادمة سوف أعرج على ذكر الأماكن في الأدب الصوفي، وما أراه في ذلك من عميق الدلالات، مقارنا بنسيب عامة الشعراء في الأماكن. وهمي من وراء ذلك، الإشارة إلى الجوانب الكوكبية في ثقافتنا، مما يمكن تفعيله الآن، لنخرج بسؤال الهوية، من مزالق العنصر، والجهة، والإقليمية الضيقة، إلى حيث شراكة الهم الإنساني العام، وإبراز الهوية الثقافية التي تخصنا، بوصفها بعض زاد يقدم في مائدة الإنسانية. وأعني زاد الفطرة وزاد القلوب، الذي يجد طريقه عبر حواجز اللونه، واللغة، والدين/ ـ أعني العقيدة ـ. وفي هذا المنحى نتنقل بين إبن عربي، والأستاذ محمود محمد طه، والمفكر العراقي هادي علوي، الذي هداني، مشكورا، إلى سوحه الرحيبة، الأستاذ عادل عبد العاطي، وسنزور غيرهم ايضا، من حملة الهم الإنساني الكبير.

Post: #194
Title: Re: محمد العمدة ، حنينة ،دكتور النور
Author: Agab Alfaya
Date: 05-19-2004, 05:07 AM
Parent: #1

الاخ محمد العمدة شكرا جزيلا علي المداخلة
وفي اتظار المزيد


حنينة دائما فوق ان شاءالله


عودا حميدا دكتور النور وخضر الله ضراعك

Post: #195
Title: Re: التوسع في العروبة - بقلم د.عبدالله ابراهيم
Author: Agab Alfaya
Date: 05-19-2004, 05:12 AM
Parent: #1

ومع ذلك

هويتنا: جعجعة قضاعة وكشكشة ربيعة

د. عبد الله علي ابراهيم



كنت قد إقترحت يوماً في ندوة بدار النشر بجامعة الخرطوم في آخر الثمانينات مفهوماً سميته "التوسع في العروبة". وقلت بهذا المفهوم في معارضة من قالوا بأن عروبتنا مجرد خديعة أو فرية طال سجننا فيها ووجب علينا خلعها وإكتشاف أصلنا في افريقيا. وأضفت قائلاً أنه لم يحدث أن التحم السودان بالعرب التحاماً وثيقاً خلال القرون العشرة من مجئ الأخيرين هنا مثل ما نفعل منذ السبعينات بالهجرة الكبري الي الجزيرة العربية والخليج. وكانت الهجرة الأولي طلباً لذهب وادي العلاقي وكانت الثانية هي حمي ذهب العرب الأسود. وما بين الهجرتين كانت علاقة السودان بالعرب شاحبة أبقت علي أكثرها مصر بأشكال شتي منها الغليظ والسمح. وقلت للندوة أن الهوية ليست وعياً جزافياً أو إعتباطياً لأنها تستمد مددها الكبير من إقتصاد ما. وأقتصادنا منذ السبعينات رهين الهجرة الي بلاد العرب. وقد سماه الدكتور عبدالسلام سيدأحمد بإقتصاد المغتربين. وأحتلت فيه تحويلات المغتربين وما تزال أكبر قسط في الدخل القومي.

آثار هذه الدورة الثانية من التحامنا بالعرب مشاهدة غير أنها لا تحظي بدرس جدي من منظري الهوية. فمن بين مشاكلنا التعليمية المتجددة مسالة الشهادة العربية التي تتحفظ عليها جامعاتنا و"تفتلها" بسعر صرف متدن. وقرأت أعظم دفاع عن المواطنة من والد مهاجر يعتقد أن تبخيس شهادة أولادهم وبناتهم خرق لحقوقهم كمواطنين دافعي ضرائب. وقبل ايام قرأت تحليلاً لنتائج إنتخابات جامعة الخرطوم نسب كثرة أصوات المتشددين الأسلاميين الي طلاب الشهادة العربية الذين جاءوا من بيئات مدرسية مفرغة من السياسة. وكنت قد قرأت تحليلاً غاية في الذكاء للدكتورة فيكتوريا بارنال في مجلة "الدراسات المقارنة في المجتمع والتاريخ" (1994) وضحت فيه أثر إقتصاد المغتربين الغالب في الصحوة الإسلامية منذ السبعينات.

خطر لي مفهوم التوسع في العروبة أول مرة وأنا أقرأ عموداً لحبيبنا (جد) الطيب محمد الطيب طمأن به المغتربين أن كلمة "زول" هي كلمة عربية فصحي وليست أثراً من "رطانات" السودان كما زعم لهم عرب العقالات. وقلت في نفسي أن المرء ليتوسع في الشيء إذا عقد المقارنات وأخسأ المنكرين وبرهن أنه أصل فيه. فالذي يقول أن "زول" كلمة عربية إنما طلب صفاء اللغة وتوثيق شجرة نسبه في العروبة. ولم يكن لتقع هذه المقارنة والتحقيق والتوثيق لهذه الجمهرة الواسعة من السودانيين لو لم نبلغ ديار العرب العاربة ونتدافع بهم ومعهم و"نجارطهم" في أمر هويتنا في إطار إقتصاد الإغتراب. وربما أرد الصيت الواسع للمرحوم البروفسير عبدالله الطيب علي عهده الأخير الي أنه كان بإحسانه المعروف للعربية يخزي العرب الهازئة ويشهد لنا.

ومن افضل ما قرأته في باب التوسع في العروبة هو ما كتبه الأستاذ عبدالمنعم عجب الفيا (الصحافي الدولي 10-9-2001). فقد قال أنه أملي يوماً علي سكرتيره العربي في المهجر خطاباً. ثم لما قرأه وجده كتب "رغم ذلك" ك "رقم ذلك" لأن نطقه، كسوداني لسان أمه العربية، يقلب "الغين" الي "قاف". وقاد هذا الأستفزاز عجب الفيا الي مبحث طويل في ظاهرة قلب الحروف في العربية قديماً وحديثاً لكي يبرهن أننا لسنا "الوحيدين بين العرب" الذين ينطقون الغين قافأ. وذكر من تراث العرب كنعنة قبيلة تميم التي تقلب الهمزة الي عين، وكشكشة قبيلة ربيعة التي تقلب الكاف شيناً، وجعجعة قضاعة الذين يقلبون الياء جيماً. وقال أننا مثل قضاعة (التي هي من تميم) في قولنا "مسيد" ل "مسجد". وتوقف عجب الفيا عند قلب الغين قافاً. وقال أن أحوال نطق القاف مختلف عليها بين العرب. فأهل مصر ينطقونه همزة أو الفاً وبعض صعيد مصر وفلسطين ينطقونه مثلنا. وأهل الخليج ينطقونه جيماً. وختم مرافعته قائلاً "أننا لسنا الشعب الوحيد بين الشعوب العربية الذي ينطق القاف أشبه بالغين". بل وذهب الي القول أن نطقنا هذا هو النطق العربي الأصلي لهذا الحرف كما ورد في كتاب للدكتور ابراهيم أنيس العضو المؤسس للمجمع اللغوي بالقاهرة. وعلق عجب الفيا قائلاً أن نطقنا للقاف هو بالتالي "سجية في اللسان العربي". وذيل عجب الفيا مقاله بجملة مراجع شملت لسان العرب والصاحبي والسيوطي.

ولا أعرف بياناً ابلغ من قول عجب الفيا أسند به مقولتي عن التوسع في العروبة. فهو ليس عربياً بالسجية فحسب بل هو ساهر ليله علي المعاجم يشهدها صدق عروبته التي إزدري بها مروؤس له في موقع من مواقع إقتصاد المغتربين.



* جريدة الصحافة 15/5/2004

Post: #196
Title: Re: التوسع في العروبة - بقلم د.عبدالله ابراهيم
Author: هاشم الحسن
Date: 05-19-2004, 05:43 AM
Parent: #195

تحياتي يا منعم
سبقتني بدقيقة..ٍسأتعيض بغيره
و لكن هل ترى معي في الأقواس ما أضحكني جداً في صباح الأحد من سيرة (فش الغباين)..السودانية..
Quote: وقال أننا مثل قضاعة (التي هي من تميم)

يشهد الله أن الرجل يحب الفكاهة و عاشر الرباطاب باكثر من مجرد (ود لقاي)!!!
عوداً حميداً

Post: #217
Title: في جعجعة قضاعة و حديث جهينة..لأنور و أيمن
Author: هاشم الحسن
Date: 05-23-2004, 04:32 AM
Parent: #196

تحية طيبة..
عودة متأخرة..لما سبق من قول لم يتم..
وبغض النظر عن مضرية تميم و قحطانية قضاعة مما تتفكك به أقواس د. عبدالله، يبقى المهم هو الإشارة إلي كون تميم، كما قريش، في أعراف الإنتماء، هي (مستعربة) تماماً كمثل كل العدنانيين من مضر و ربيعة، و تماماً كما الزرق على النيل و البوادي..فهل ينقض ذلك من إنتساب بعض الناس للعروبة حتى يومنا هذا بتميمة من تميم المضرية، و سهوِهم عن قضاعة التي تقحطنت عاربة ، ثم ، و هي في مصادر كثير من السودانيين، الرفاعيين كلهم وفيهم القواسمة و الحَمَدة، ثم (البقّارة) كلهم و جلّ (الأبّالة) لم تقحط مصادرها ..لا ..ولكن لأن تميم التي إستقرت و هاجرت في العروبة العارمة، كمثل قريش، تقيد الناس بأحساب الكرام و طول الباع التاريخي كما بدلالة الترميز و التوق لمثل مآثرها.. فهي التي تظهر من بيت (الخلع) المجذوبي الشهير..
و الأكيد إيضاً، هو أن مثل هذه المقاربة الثقافية أجدى و أنفع و أصلح علمياً لتقصي مصادر عروبة الزرق في أصولها العرقية العربية فيما قبل الهجنة، أو تجلياتها المستنوِّبة لاحقاً مما يتمظهر فيما يميِّز لهجة (الشايقية) مثلاً ، أو ما يربطها لسانياً بلهجة الرزيقات، كمثال، بقرينة من أن اللهجتين تميِّزهما امالة أواخر الكلمات..قد يوصلنا مثل هذا المبحث إلى نفي العباس بن عبد المطلب عن شجرة نسب الشوايقة، وإفتراعهم في بني عامر أو أسد بالهلاليين من رفاق أبي زيد و دياب، الذين أينما رصدت السيرة الهلالية لهم مضارباً، مالت أواخر الكلمات و لانت مخارجها..أو في جهينة التي هي من قضاعة المختلف على عدنانيتها أو قحطانيتها عند النسابة و ما نفا ذلك عروبتها و لا (الجعجعة) تنفيها..و رغم ذلك لا تعدم أن تجد قضاعة في عداتها من يبادرها بالنفي..و قد قال في ذلك أعشى بن ثعلبة المتشيّع، من قصيدة له هاجياً قضاعة في إستقطابها مع بني أمية و منكراً لها في مجد قحطان ومعيِّراً لها:

أبلـغ قضاعـة فـي القرطـاس إنهم
لـولا خـلائف آل اللـه مـا عتقـوا
قـالت قضاعـة إنـا مـن ذوي يمن
واللـه يعلـم مـا بـروا ومـا صدقوا
قـد ادعـوا والـدا مـا نـال أمهـم
قــد يعلمـون ولكـن ذلـك الفـرق
ثم فخر بعض شعرائهم وهو عمرو بن مرة، المتصل نسبه إلى قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان
يــا أيهـا الـداعي ادعنـا وأبشـر
وكـــن قضاعيـــا ولا تــنزر
نحـن بنـو الشـيخ الهجـان الأزهر
قضاعــة بـن مـالك بـن حـمير
النســب المعـروف غـير المنكـر
فـي الحجـر المنقـوش تحت المنبر
فما ترك نزاراً أبا مضر و ربيعة كليهما دون هجاء..هذا في سيرة قضاعة وبعض من سيرة هويتّها..دال على صراع قديم و نفي و إثبات ولكن قضاعة بقيت في المصادر و في جهينة..

أما البحث عن أصل الشايقية في (سنجك) ألباني، سواءاً أكان الذي يتجشمه ماكميكل أوالأستاذ أيمن بشرى، فهو مما يرتبط ب(جعجعة) المثل الشهير وليس تلك التي رصدها منعم في قضاعة و لا هي بطحن العلم..أوليس كلمة السنجك ( السنجق) يا أهل العلم..في اللغة التركية..تعني المقاطعة/ المحلية/ العمودية/ اللواء/المجافظة/ المديرية أو مثل ذلك؟؟...وهي أيضاً رتبة عسكرية.!! و الأخيرة هي التي إلتصقت بالشايقية فيما بعد 1821في سيرة معروفة.. كما إن المماليك لم يحلوا بتلك الديار الدنقلاوية حتى حلّت بهم لعنة القلعة في أواخر القرن الثامن عشر.!!فهل اصبح الشايقية مماليكاً في أقل من نصف قرن ثم تألبنوا في سنة؟؟ و هم من قلت يا أيمن إنهم إنفلتوا عن السلطنة الزرقاء في اواخر القرن السابع عشر!!!لا أعرف كيف يمكننا ان نتجاهل دالاً قائماً في الواقع العياني و اليقين المعرفي، كدال اللغة التي يتحدثها الناس كلما تحرك لسانهم؟ إلا إذا صدقنا أن النوبة أرسلوا أبنائهم إلى نجد و الحجاز في طلب العربية!!هذه تميم هاجرت قبائلها إلى فارس فما تعرّب الفرس في كلامهم إلا من أراد.. و هذه النوبة تستعرب..هل نتهم جيناتهم بالخنوع..حاشا..و لكنها سيرورات التثاقف..سيرورات قوة و ضعف...
و أما حكاية الجينات و التفسير البيلوجي للهوية فهو من إرث النازية و شعوب الله المختارة و الإستعلائيين و جديرة تماماً بالهرب عنها. ما سمعنا و لا قرأنا أن د. عبد الله يتكئ عليها في إثبات عروبة الشماليين و لا نفي الدم الأفريقي عنهم.. إلا في ورقة منعم هذه!!.
ما الذي يجدي لقوم ما،أن جيناتهم البيلوجية تتصل في حفدة ثقافة أخرى لو أصابهم الإنقطاع أو الركود الحضاري و الثقافي إلا فيما نزر.؟؟
و لو جاز لي أن اقفز إلي مداخلة الأستاذ أنور الطيب التي جاء فيها بالقول الطيب
Quote: (قد يكون الإنسان من أصول أفريقية بحتة ولكن لاشك تأثر بالثقافة العربية رضي ذلك أم أبي والعكس صحيح ينطبق على العرب وقد يكون الإنسان عربي قح ولكنه تأثر بالثقافة الأفريقية رضي ذلك أم أبى ولا أرى غضاضة البته أن يأخذ الإنسان من ثقافة الآخرين ويتأثر بها بل ويضيف اليها ويأخذ منها ما ينفعه سواء كانت عملا أدبيا ؛ فنيا ؛ أو حتى سلوكا عاما ؛ وليس بالضرورة أن يكون ذلك تهربا من القيود التي تفرضها عليه ثقافته)
الذي إتفق معه تماما، وأشكر الأستاذ أنور على حصافة إيراده العميق، ثم أدعو أن نتدارس في أمر هذا التأثير و التأثر، عمقه و مداه في سيرورات تشكيل الهويّة و صيروراتها.. و هو أمر يعارض تماماً فكرة الإحتكام للجينات كما التي في آخر دعوة الأستاذ انور للأستاذ عبد المنعم ومن يخالفه:
Quote: (وأنا أقترح عليك وعلى كل من يخالفك أن يكون الفيصل بينكم THE DNA TEST فالعملية يمكن اثباتها علميا وكفي الله المؤمنين القتال..)
مثل هذا الإختبار المعملي، غير كلفته الفارطة علينا، لن يثبت غير ما أعلنوه يوم إكتمل مشروع الجينوم البشري..آخذين كل الجينوم في الإعتبار؛ لا فرق بين البشر، بناءاً على عامل العرق..قد يكون الفرق بين أخوين غير متماثلين أكبر منه بين واحدهما و آخر من غير العرق..!! ومع هذا فالناس شعوب و قبائل تتدافع !!! و القرود و الفئران تشابهنا في أكثر من %90 من هذا الجينوم..!!حكمة الله..
وشكري للجميع و بخاصة للأخوين أنور و أيمن ..

و لمعرفة بعض هذا أو توثيقه بالأحرى، ما كان علي سوى أن (أقوقل) بحثاً عن جهينة في السودان فانظر لو أردت في الرابط أدناه
http://www.khayma.com/aljohaninet/mnazeljohaina.htm

Post: #197
Title: في تلجلج المصطلح و قسر القول
Author: هاشم الحسن
Date: 05-19-2004, 05:49 AM
Parent: #1

مرحباً و أهلا يا (أبا النَحْلان)..و ليعذرني د. النور حمد لو كنيته، فالتكنية بعض من ترميز عن حفاوة و تقدير و محبة..عوداً حميداً..
وتحية لمنعم و المتابعين
ثم:
نعم يا عزيزي منعم..كما قلت ..و لكن ليس من باب سوء الفهم أو لعسر يعنوه!!
أختلافي، مع ما تطرحه في هذه الورقة من نقد ناقدي الأفروعربية، لا توفر أحداً، عبد الله علي إبراهيم أساسا،ً و من أثنوا عليه، أو على رؤيته، لتحالف الهاربين عن صحرائهم القاسية ،، ثم عن غابة أحلامهم في تجليّات حقها الحق، و ليس لما كانت في وهم إستيهامهم لبدائيتها..هروباً صريحاً، عنهما جميعاً ، وعن أنفسهم الأولى....!! هو إختلاف جسيم، يتجاوز مجرد سوء الفهم لمصطلح(الهجنة) إلي ما هو أعمق من ذلك و غائر في جروح منهج مقاربتكم لها في صدد نقدكم لـ ع ع إبراهيم .
و قد حاولت بسط ذلك الإختلاف فيما سبق من مداخلاتي، عن إلتحاق تصوركم بالأيدلوجيا إلتحاقاً عضوياً، في كل ملابسات نشأتها حلماً، و سيرورتها (المايوية) و حتى صيرورتها إلى مجرد زانة للقافزين إلى نفي العروبة عن السودان جملة و تفصيلاً.
ثم زدت فيما سقته عن الأزرق (الهجين العرق) الذي ثقفته العربية حين تحالفت مع نسيبها في العرق حتى غلبت عليه غلباً لا مغالب له و غلبت على ما فيه من دم أفريقي لم تسنده ثقافة صاعدة كما كانت العربية حين بدأ كل ذلك. ثم تواصلت تفاعلاته متصاعدة من تلك البداية، في دينامية مستقلة عمّا جرى به حكم الجدل في الزمكان الآخر مما نعرفه الآن بالسودان. و بالنتيجة، فإن ما حدث لهؤلاء القوم على (النيل و البوادي) جذّر المصدر عميقاً في العروبة و بعيداً عن الأفريقي بما تؤكده نواتج لهذا السناري حاسمة البرهان، تدلل كلها على (إستقلالية ديناميات المصادر و الترميز و التوق) كما ساقته دراسات د. عبدالله عن تحالف الهاربين ، و الأخر التي عن أشجار النسب المفرهدة و ثقافات و فولكلور القوم ، كما كشفت أيضاً عن لا جدوى نفي العروبة أو إثبات قُحتها في النسبة، أذ هي في حكم الدلالة صحيحة و كافية بذاتها للحكم في هوية القوم لأنفسهم أو عليها...
ثم عمق إختلافي مع طرحكم في الهجنة، ما رأيت من إضطراب هذا المصطلح في إستخدامكم له، على عكس ثباته و تقعيده المكين في إستخدام ع ع إبراهيم له عبر كل دراساته و مقالاته المتصلة بالهوية.. و من أمثلة ما ذكرت عن ترنحكم بالمصطلح هو إستخدامكم له مرة لتوصيف عرق إنسان الشمال فقط، ومرة في توصيف ثقافته و مرة في توصيف العرق والثقافة. و الإضطراب من ثم يتجاوز ذلك إلى تاريخ المفهوم الذي لا يكاد يستقر في سنار منذ ورثت سوبا، حتى تقفزون به لفجر التاريخ ليعانق كوش ثم لا يستقر حتى يتدهور إلى عشرينيات القرن الماضي فيتم تأوُّله على قول لحمزة الملك طمبل. كل ذلك، في سرعة تقصم الظهر و لا تجبر المعرفة و البرهان...!! فلا يكاد يعلن حيرته، حتى يجد الواجد أن الهجنة عندكم ظعنت تبحث لها عن مستقر في الجغرافيا لا تجده، فيجد ظعنها من الشمال إلى البوادي و من هناك إلى سنار ثم تنيخ على كل السودان و لا تلبث إلآ قليلاً فتشد الرحال و هي عطشى لم تزل ما (إتبلّ ريقا) بدليل و لا حاديها يحدوها النجاة... حتى في التعليل السياسي (البراغماتيك) أو محض الأيدلوجيا مما لا يحبه منعم..تجد للهجنة الأفروعربية أثراً لا يكاد يخفيه المحو و الإنكار المنعمي... ووووو..مما لا يكاد ينحصر عداً أو تنصيصاً..و ها هي الورقة أعلاه متاحةً للنظر و إعادة النظر فيها و في ورقة د. عبدالله...
و هذا الإضطراب الذي يتلبس أيدلوجيا الأفروعربية كالزار و الجن الأحمر ، و منذ (كشف نومتا) ود ابراهيم، هو الذي يسود خطاب (الدفع) المنعمي/المكي في خيط المداخلات عاليه، مما أرجعني لقول حكيم من الأستاذ كمال الجزولي في أن ((المعيار الموضوعى لسداد أى أيديولوجيا هو قوة حمولتها من الابستمولوجيا)) ، وما الذي دلل عليه ع ع إبراهيم تدليلاً بالغ البرهانية إن هو إلآ هذا الضعف و الوهن المعرفي ، أو على الأقل الخلل المقيم في هذه الحمولة الإبستمولوحية، مما فضحته الإستعارات الجسيمة من ميراث الأدب و الدرس الكولونيالي أو التابع له في أفريقيا.
أما أخطر ما في هذا النقد الذي قدمه منعم لورقة تحالف الهاربين و أشده أذىً لرقائق العلمية، فهو في ما سماه (فيصل محمد صالح)، في حوارات سبقت مع منعم و تتعلق بنفس الموضوع، سمّاه ب(الإستقوال)، و الذي هو تقويل المرء ما لم يقل. و مصكوكة الإستقوال، بداهة، ليست إشارة الي ما يمكن للقارئ أن يخرج به من تفكيك الخطاب المقروء، أو تحليل بنياته و الكشف عن دواله و إنطاق سواكته و إعلان مضمره. بل هي إشارة إلى قسر القول على معنى لا يحتمله مما هو إبتسار و سوء تأويل على أضعف الفروض، و هذا لا نجوزّه في حق الفيا.. أو هو تعسف مقصود لذاته أو لأجل خدمة فكرة أو رأي يراه القارئ المؤدلج.... و كذلك، ربما جنت لغة د. ع ع إبراهيم الأدبية الرفيعة عليه..فالبلاغة أيضاً حمالة أوجه.. فأتاحت لمنعم ما لم تتحه لنا من أوجه الإستعارة و المجاز، فزعمنا {إنو كلام الراجل واضح و عديل ما فيه عوج و لا دسدّسة} (يمكن لمن يريد، متابعة حوار فيصل/محمد جلال/منعم في الوصلة التي أتاحها عادل عبد العاطي في مداخلته من هذا البوست)!!..المهم هو أن ورقة منعم في نقد تحالف الهاربين، تقوِّل الأخيرة و معها ع ع إبراهيم ما لم تقل و ما لم يقل...
يفري مكمايكل في أيدلوجته ما يفتري من كولونيالية خسيسة فتصبح فريته بقدرة قادر هي مما يوجب الحد على ود إبراهيم و هو من فضحها!!!!
((لذلك يرفض بشدة ان يوصف انسان الشمال الذي يحسبه عربيا مسلما ،باي وصف فيه ريحة افريقية، وقد اسقط عبدالله هذه الصورة الكولونالية علي الافروعوبيين))
يقول سنجور بالخفة تتعلق الإفريقي و يعيره مزمار أورفيوس، فيتهم عبدالله بانه المغني و إن ما إستشهد به هو إسقاطاته الخاصة لرقصته الإستعلائية!!!
يعلن المجذوب إنتمائه إلي قريش و تميم بقيد شديد لا يطيقه (الشاعر) و يقول (الخلاء و لا الرفيق الفسل) بما يفضح (إستعلائه المثالي البراءة) كما غلواء قومه في ذلك، على الملأ، فيأُخذ عبد الله بجريرته .!!!
يرتد عبد الحي عن دعواهم في البدائي النبيل و يستبين ضحى عروبته و حق الآخر في عدم التدليس عليه بالجينات الغابية..فيضحى ع ع إبراهيم هو المذنب!!
لا يرضى ترمنجهام من السود عروبتهم في النسبة فتأخذ التهمه بتلابيب ع ع إبراهيم أنه ساءه إلحاق الجعليين بل و الزرق كلهم بالعرق الزنجي، فيصبح هو القائل بفرضية إنحطاط العرق الأسود..و هل ناقل القول كقائله..!!!
ينعى عبد الله (حقاً أو باطلاً) على الروّاد العظام، المكي و صحبه، مقاربتهم لأسئلة الثقافة و السياسة و الفكر و الدين في بوهيمية تليق بالشعراء و غواياتهم فقط، وليس بمثل تلك المقاربات التي يلحق فيها الفعل السلطوي بالقول المثقف في عجلة شيطانية لا تبقي و لا تذر...يغضب الشاعر الكبير و د المكي و لا يزيد. و لا يرضى المتسامح ذو الأدب الصوفي د. النور عن الصفة بالبوهيمية و إصطلاحها.. و لكن ذلك عند منعم إنما ( يكشف عن رغبته((د.عبد الله) الدفينة في عدم التمازج و الإندماج بين الثقافتين العربية و الأفريقية))..
عرفنا منعماً كحفار معارف عتيد ..ولكن ما علمناه يحفر في نفوس الناس عن دفائنهم..!!إلا إذا كان رفض ع ع إبراهيم لفكرة البوتقة و الإنصهار في ثقافة جامعة مما قالت به الأفروعربية يقوم دليلاً ..و لكنها فكرة (راكوبة) تخر منها أيدلوجية الإستعلاء و تكاد لا تُمسك بالرضا ولا بالقوة من فرط تزييتها بمعاني التذويب و الإلغاء..عين ما يتقاتل على دحضه الناس..
ثم لا يرضى منعم حتى يلحق الرجل بالنقائص جملةً، منكراً عليه ديناميكيته التي تليق بباحث عميق الفكر و ثاقبه، يمكنه بما توفر عليه من مكنة المثقف العضوي و الملتزم بقضايا شعبه أن يتحرك بحرية مما توجبه عليه معطيات وطنه، و تبيحه معطيات واقعه ، قد يصيب أو يخطئ و لكنه لا يماري في حقه و واجبه..يعيب عليه أيام أبادماك مرة ثم ماركسيته السالفة أخرى ولا يكتفي حتلى يلحقه بالطيب مصطفى و المشروع (الغير حضاري) ضربة لازب..
الحق إن هذا التعسف في قراءة منعم ،جعلني لوهلة أظن أنه متفق مع ع ع إبراهيم على خطة لنشر أفكاره، ببث أكبر قدر ممكن من الإثارة حولها، حتى أن قراءاً لمنعم لم يقرؤوا عبد الله من قبل (في قولهم بعضمة لسانهم) يشخصونه معلولاً بالخوف المرضي من الزنوج ثم يدعوننا للتظاهر ضده...!!!! ثم إستغفرت من (وسواس نظرية المؤامرة الخناس) و طفقت أفكر في هل تراه منعم يقرأ من بين يدي هذه الورقة عن تحالف الهاربين ما يليها من كلمات الرجل التى لا يفتر و لا ينيئ يبثها في إصرار حميد يشهد عليه عمود صحفي يومي مثابر و مجوّد فلا يجوز عليه مثل وصف ميسون (بالسخافات) إلا كما يجوز الذي يستوجب الإعتذار في عاقبته!! من ذلك، أنه ،و فقط في كتاب ( الثقافة و الديمقراطية في السودان) الذي فيه هذه الورقة المنقودة ( الأفروعربية أو تحالف الهاربين)..توجد عشر ورقات أخر..كلها لا تقول بما يقول به منعم ومنها كمثال أوراق ( التنوع الثقافي كغبينة سياسية) (الفولكلور و التاريخ) ( مستقبل اللغات المحلية:إطار نظري) ( أخرجت البادية السودانية أثقالها) ( في دفع الإفتراء...) ..و في غيرها من كتب ع ع إبراهيم ومقالاته كثير مما يجِبُّ الغبينة أو يلطفها في تقدير غير متفائل مني بعد كل ما شهدته من إصرار منعم الفذ على دفع نازلة عبدالله الوهيطة، عن سوح الأفروعربية الضيقة...
ثم
ما خير من (الإستقوال) إلا القول من خشم سيدو..
ألصق ..مقالات في إثراء التثاقف ...و مما يتعلق بهذا الموضوع..
و لي عودة

Post: #198
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 05-19-2004, 06:04 AM
Parent: #1

و عبد الله علي إبراهيم هو من قال هذا التالي:

فقه العاصمة: حمام السجوف وعصافير الربي (2002)

د. عبد الله علي إبراهيم

قال مغني الربوع الأمريكي:
لقد جعلني هواك رجلاً وسيماً.
وكثيراً ما هجس لي لماذا أصبحنا نحن السودانيين الشماليين علي هذا القبح في مسيرة عشقنا المعلن للجنوب. لماذا لم يدلف بنا هذا الهوي الي يسار يأخذ بشغاف قلوب غمار الناس من كل فج وطائفة وجنس يهدي الي الإلفة في الوطن. لأنه حتي شمالي الحركة الشعبية من اليساريين ومن لف لفهم، في مصطلح ضياء الدين البلال، لم يعلموا من مسألة الجنوب الا ما يسد رمقهم للفتنة بين الأقوام والتأليب وسفك الدماء. وقد تنصلوا عن هذا العلم حين جعلوا نسكهم ومحياهم للزعيم قرنق دون شاغل الجنوب نفسه الذي سبق ميلاد قرنق وسيبقي حتي يأذن الله. ولم يجعلنا التعلق بالجنوب مسلمين أقوياء تتسامي فيه عبادتنا فوق الهرج. ليس فينا بعد دستور مدينة المصطفي صلي الله عليه وسلم الذي منونا به حسماً للخلاف في البلد وقد طالت دولة الأسلاميين وتطاولت. وهو الدستور الذي نفذ الي دوحة أمنه الشاعر محمد المكي ابراهيم بقوله:

مدينتك الهدي والنور

وتسبيح الملائك في ذؤابات النخيل

وفي الحصي المنثور

مدينتك الحقيقة والسلام

علي السجوف حمامة وعلي الربي عصفور

مدينتك الحديقة أقرب الدنيا

الي باب السماء وسقفها المعمور

وبدلاً من أن ينثر لنا الاسلاميون حصي السلم أرونا عجبا. فقد تراخي اجتهادهم وقل تناصرهم وتفرقوا شيعاً تربط واحدتها للأخري تحول دونها وصفو الكوثر المحمدي في إلفة الشعوب والقبائل. فلما استثني قانون الشيخ حسن الترابي الجنائي لعام 1988 علي علاته الجنوب من حد الشريعة خرج له الاخوان المسلمون يعاتبونه بالسيوف. وهذا من قبيل عتاب الجمهوريين لشريعة الرئيس نميري التي سهت عن تضمين حد الرجم في 1983 . وقد رأينا سوءة أخري لحرب طوائف الاسلاميين حين انشقوا الي قصر ومنشية وكيف كادت المنشية للقصر بتوقيع ميثاق جنيف مع الحركة الشعبية دعت فيه الي عقد اجتماعي جديد في السودان "لايسمح بالتمييز بين المواطنين علي أساس الدين أو اللغة أو العرق او النوع أو الاقليم." وعلي بهاء العبارة فانها تنضح بمكر المعارضة للحكومة التي لم تبارحها المنشية الا بقليل قبل توقيع الميثاق. فلم تكن العبارة اجتهاداً في الاسلام وانما حرب به أو بأسمه. ولايستغرب والحال كذا أن لا نكسب بتعاطي أمر الجنوب معرفة أذكي به يصفو بها اسلامنا ويذكو. ولما لم يكن الأمر لله كان للسلطان والله غالب.

وقد ارتعت لما استمعت اليه في العام الماضي من حوار مرموق للأستاذ عبد الحي يوسف يدعو الي فقه أهل الذمة آية وشكلة بما في ذلك فرض الجزية عليهم. وقلت له أن اول عهدي بدعوته هذه كان في منابر جامعة الخرطوم في الستينات والحركة الاسلامية غضة العود لم ترتكب بعد السياسة العملية التي ألانت قناتها هوناً ما. وقد رايت في دعوة عبدالحي الي الشباب، الذي تتشكل حساسيته الاسلامية منذ عقد واكثر من السنين في ردة الفعل علي ما يراه خطلاً في عقيدة وممارسات دولة الانقاذ الاسلامية، تجديداً للدين بالنكوص الي البراءة الأولي والنصوص البكر بدلاً من الأعتبار بفقه من سبقوهم من رهطهم الي ابتلاء مسألة التآخي في السودان. ومن قبيل هذا التشدد الغر في فقه اهل الجزية الفتوي التي ذاعت عند حلول عيد الفطر الماضي ونهي فيها علماء بذاتهم عن تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد الذي كان وشيكاً. وهذه هي بعض الاقوال والمناهج التي باعدت بين الاسلاميين والوسامة بشأن الجنوب وهبطت بهم من مقام زعمهم انهم أهل حل وعقد لمسألة التآخي السوداني بسنة دولة المدينة الي خانة اصبحوا بها جزءاً أصيلاً في المشكلة. فلقد تقطعت أنفاسهم وازبدوا دون غرس مدينة مصطفوية أخري للهدي والنور.

مما يؤرق جداً خلو طرف الدولة والأسلاميين من فقه وسيم للعاصمة في سياق المفاوضات المصيرية في ميشاكوس سوي الاصرار أن المدينة لن تحكم بغير الشريعة. وما أعرف جماعة سياسية استعدت لسياسة مبتكرة للمدينة، التي تغيرت ديموغرافيتها وتنوعت ثقافتها بليل، اذا جاز التعبير، مثل الحركة الاسلامية. فقد تعاقدت في منتصف الثمانينات مع الدكتور ت. عبده ملقم سيمون، الامريكي الافريقي المسلم واستاذ علم النفس لينصحها لوجه الله لبناء خطتها السياسية والدعوية حيال تفشي قري الكرتون في الخرطوم بجمهورها "الافريقي" الذي قلعته عن دياره الحروب والمجاعات والجفاف واللجوء. ولم تكمل الحركة جميلها الذكي هذا. فقد اشتكي سيمون أن قادة الحركة ضاقوا بصراحته وانتهوا، بدبلوماسية شمالية لطيفة، الي اهماله بغير جفاء أو غضاضة. واستفاد سيمون من السانحة كتاباً حسناً نشرته له دار جامعة شيكاغو للنشر عام 1994 اسمه: في أي صورة ركب: الاسلام السياسي وطرائق المدن. وقد نبه الكتاب الي التحدي الوجودي العقدي الذي تأتي به مدن العاصمة "الكرتونية" الهجينة الي ساحة السياسة والتشريع في السودان. وقد وصفها بأنها مواقع ل"الانبعاج" الثقافي تندلق الثقافات في بعضها البعض بدلاً من أن تأوي واحدتها الي الاخري تأتلف وتتناغم. ووصف سيمون هذه المدن، التي يبلغ سكان بعضها مثل النصر (مايو سابقاً) في امدرمان 750 الف نسمة، بأنها كرنفال للعلمانية. فالدعوة بالصفاء أو الثابت الثقافي من قبل أي طائفة من سكان هذه المدن الهجين هي مجرد دعوي قل أن تتجاوز الزعم الي ماهو أكثر من ذلك. وكنت التمست من الحركة الاسلامية أن تعيد النظر في جفائها لنصح سيمون وأن تكلف من يعرب كتابه تعريباً سائغاً ينتفع به كادر الاسلاميين الذي يلقون مسألة فقه العاصمة بغير علم.

وكان اعجبني من الجهة الأخري اشتغال عالم وحركي اسلامي في مقام الدكتور حسن مكي بأمر هذه الهجنة. فقد رسم من احصائيات السكان لعام 1997 صورة لعاصمة لم تعد مدينة "عربية" كما كانت في 1956 بل "أفريقية". فقد كان عدد الجنوبيين بالمدينة 183 ألف نسمة في 1956 في حين تجاوز عددهم في 1997 المليون نسمة من جملة سكان المدينة الذين هم 3512000 نسمة. ومن حيث النسب المئوية فسكان العاصمة من ذوي الاصول في غرب السودان بلغت 35%، وبلغت نسبة الجنوبيين 30%، ونسبة الكردفانيين 10% بينما بلغت جماعات الجزيرة والوسط النيلي وماجاورها 25%. وسمي حسن مكي هذه الوفود "الافريقية" بالجمهرة المستضعفة التي إن لم تنعتق في معاشها ومعادها بالاسلام انعتقت بغيره من عقائد الدهرية والعرقية. وأمل حسن مكي أن يهدي المشروع الاسلامي هذه الجمهرة الي معاني الوطنية والآخاء والندية. غير انه صدره لم ينشرح بالجهد المبذول نحو هذه الغاية.

وحين ضاع علي الاسلاميين خيط العلم بهجنة العاصمة اصبحت سياساتهم بشأنها خبط عشواء. وقد استثني المهندس بانقا، وزير الهندسة والاسكان السابق بولاية الخرطوم، الذي اشاد الخصوم برقة منهجه وعاطفيته علي مستضعفي المدن الهجينة قبل الاصدقاء. فقد جعل الاسلاميون من وفود الجنوبيين الذين اقتلعتهم الحرب الي العاصمة حجة علي فساد مايشاع عن جور دولة الانقاذ والشماليين واضطهادها للجنوبيين. وفي حجتهم هذه حق كثير. فقد قرأت مؤخراً كلمة مسوؤلة محايدة عما جري لمن لجأ من الجنوبيين الي مدن تحت سيطرة الحركة الشعبية وتوابعها. فقد أساء الدكتور مشار لجماعة من شعب الأدوك الذين لجأوا الي الناصر هرباً من أثيوبيا بعد سقوط نظام مقستو هايل مريام. كما غصب قرنق علي الجندية من عرفوا ب"اطفال التيه" من اليتامي الذين أغراهم بتلقي العلم في مدارس خاصة بالحركة.

كان اول من نبه الي القيمة السياسية والآجتماعية لاطمئينان الجنوبيين المقتلعين لعاصمة الوطن ولياذهم بها هو المرحوم مبارك قسم الله حين رأي كيف تشوش الأسلاميون والعاصميون القدامي من هذا الوفود. وهو تشوش غلب عندهم احترازات الأمن لحماية العرض والمال. وقد حما مبارك من غرائز الخوف الأصنج هذا أنه كان من أهل الدعوة الي كنف الاسلام الوهيط ومن بناة مدنه المفتوحة الي "باب السماء وسقفها المعمور." ومع استخدامنا المفرط لحجة وفود الجنوبيين الي العاصمة لدحض أفتراءات عنا الا أننا لم نرتب علي ذلك وجداناً يتخطي الفرح بقدومهم الي تأمينهم بحسن الجوار وتوفير أسباب العدل والعيش الكريم لهم ماوسعنا. فقد كتبت مرة بعد مرة عن ثشوش العاصمة القديمة من العاصمة الجديدة متي ما بدر من افراد من الأخيرة ما أقلق المضاجع وأثار الخواطر. فسرعان ماننسي ميثاقنا مع العاصمة الجديدة التي نفاخر بقدومها الينا دون الآخرين ويركبنا هاجس "حزام الجنوبيين" ونغلظ ونتداعي الي أجهزة الأمن. وهكذا نفارق الوسامة لأننا هبطنا بثقة الجنوبيين فينا الي درك جعلها مجرد دليل إثبات للعالمين علي إنسايتنا.

وبدا لي انه لا الاسلاميين ولاقادة الرأي استعدوا بفقه أو رأي في التشريع لعاصمة اطرد تفاقمها السكاني وتنوعت عقائد الناس فيها وتباينت توقعاتهم بشأن العدل فيها. فقد كانت اول ردة فعل لاتفاق مشاكوس من قبل هيئة علماء السودان هي الحاحهم علي الوجوب الشرعي لتطبيق الشريعة في العاصمة لأن أمر الشريعة امر دين وعقيدة للمسلمين. واعتصام العلماء بهذه العقيدة يضعف من قولهم في نفس بيانهم الأول بعد الاتفاق أن الاسلام يراعي حقوق الآخرين لأنه دين الحق والعدل والاحسان. فقد صح أن يسأل المرء هنا لماذا لايرينا العلماء في هذا المنعطف الحرج في الوطن كيف يحسن الاسلام ويعدل ويحق حق هذه الجماعة الكبيرة من الجنوبيين (التي تشكل نسبة 40% من كل سكان الجنوب في قول وزير الصحة) وغيرهم في العاصمة من هم علي غير عقيدة الاسلام. لقد اعتصم العلماء بسداد العقيدة واستنكفوا استنباط فقه يمكننا من ملاقاة ابتلاء خلطة الشعوب والقبائل وهجنتها. وهذا قصور بين عن إعادة انتاج معاصرة للمدينة المصطفوية التي هي ادني الي باب السماء وسقفها المعمور.

وخطة بعض قادة الرأي العام عندنا ليست بعيدة عن خطة العلماء في التعامي عن حقائق العاصمة السكانية والاستغراق في ما عدا ذلك. فقد اقترح كثير منهم أن تكون العاصمة غير الخرطوم حين بلغهم تجديد الحركة الشعبية لمطلب أن يكون التشريع في العاصمة علمانياً. وقد تباروا في عزل المدن التي يمكن أن تحل محل الخرطوم بعد حذفها كعاصمة. وليس هذا تفكيرا في الأمر الشاغل واجتهاداً بل تهرباً منه بحثاً عن كبش فداء من المدن غير الأثيرة ليذبح علي أعتاب العلمانية حرصاً علي اتفاق مشاكوس. والبلاء بلاقوه بالكرامة. وقد استغربت لماذا لم يخطر لأهل الرأي هؤلاء تغيير العاصمة الا الآن بينما هو أمر تناولته الاقلام بأسباب لا علاقة لها بالتشريع للعاصمة. فقد كنت قرأت للدكتور عمر محمد علي يوماً ما يقترح نقل العاصمة الي قرية نادي في دار شعب الرباطاب مثلاً. وجاء بأسباب فيها نظر الي الأقتصاد والأدارة وقد طال بي وباقتراحه الزمن. إن اقتراح نقل العاصمة ما يزال فكرة طيبة غير اني اخشي انه، في سياقه الحالي، قد يكون مجلبة للظنون في جديتنا في الشمال في حفظ العهود ودفع الثمن الباهظ للسلم الذي تفلت منا. ولله در زهير ابن ابي سلمي الذي لم يتلجج في نصح أهله بحقن دمائهم الجاهلية ودماؤنا مسلمة والحمد لله:

هي الحرب ما علمتم وذقتم وماهو عنها بالحديث المرجم

انني أفهم بغير مواربة لماذا نلقي في الشمال بالحيرة والتشدد والصهينة احتمال أن يجري الحكم في الخرطوم علي غير الشريعة. أفهم هذا وأنا الذي دعوت وماازال ادعو الي فصل الدين عن الدولة. فالخرطوم ربما كانت أقرب المدن عندنا الي منزلة العتبات المقدسة عند الشيعة. فهي بقعة المهدي التي قدل في عرصاتها المغني رقيق الحاشية خليل فرح "حافي حالق" في الطريق الشاقيه الترام:

في يمين النيل حيث سابق كنا فوق اعراف السوابق

في الضريح الفاح طيبو عابق السلام يا المهدي الامام

وإرث الخرطوم الاسلامي تالد أيضاً يحمله سكان لم ينقطعوا عنه أو ينفصلوا. ويكفي للشهادة علي ذلك سور تلك المصلحة علي شارع النيل التي ضمت ضريح ولي ما بأمر الأنجليز. وقد لايقبل أكثرنا أن تكون الخرطوم علمانية لمجرد أن صادفت وكانت عاصمة السودان. وربما كانت السرعة التي خلع بها بعضنا شارات السياسة والادارة عنها والقي بها الي مدن أقل روحانية ليسلم للمدينة طابعها الديني هي ردة فعل أولي دالة علي عقيدتنا في الخرطوم كعتبة مقدسة. ولكنني وددت لو كنا أكثر شفافية في عرض هذا الهاجس الروحي علي الجنوبيين ومفاوضيهم بدلاً من التمترس وراء العبارة العقدية الصماء أو الالتفاف حول المسألة بتقديم كبش مدينة اخري تفدي الخرطوم. فاللجنوبيون روحانيات ومقدسات جمة من أنفاس وجد أنبياء النوير و عوالم الدينكا العقدية التي فصلها الانثربولجي الانجليزي لينهاردت في كتاب قديم ومن هدي المسيح عليه السلام في الصفح والغفران. وهي روحانيات لم يزدها وجع حرب الحكومة وحروب متعلميهم الا ملكة في الاصغاء والانفعال و البشارة. وهذه أريحية ان لقيناها بنبل أشد بلغنا بر الأمان ان شاء الله.

ولم يخل تاريخ الخرطوم الاسلامي العميق من قولة الحق بشأن "الأفريقيين." فقد نذكر كلمة الشيخ خوجلي ابو الجاز، ولي توتي المشهور، الذي ضاق يوماً بخصومة أهله الأزلية حول ملكية الأرض فوقف فيهم مؤنباً ومذكراً قائلاً لهم أن هذه الآرض هي ارض النوبة وقد اغتصبتموها منهم. وهذا شيخ أراد الخير لأهله بنزع الشح والغل عن نفوسهم. فبينما يريد لنا شيوخنا وأهل الرأي مدن الشقاق والخسران أراد ابو الجاز لأهله ان يأووا الي المدينة المصطفوية التي يجري رونق الوسامة علي سيماء اهلها:

مدينتك الحقيقة والسلام

علي السجوف حمامة وعلي الربي عصفور

لقد نفذ محمد المكي ابراهيم الي جوهر الطلاقة في المدينة التي تخيلها ولم شعثها الصادق الأمين الذي سألنا أن لا نقهر اليتامي الذين هو منهم . . . وكل المستضعفين.

منقول من موقع SUDANILE.COM

Post: #199
Title: كمال الجزولي..لو كنا نسمع أو نعقل
Author: هاشم الحسن
Date: 05-19-2004, 06:26 AM
Parent: #1

تقديم بوردابي: عضو المنبر/ الأستاذ محمد عبد الرحمن تساءل بعد ان قرأ هذا المقال ثم إختار و انزل هذا الجزء الثامن والأخير منه في بوست بالمنبر..بعنوان كمال الجزولي على خطى عبدالله علي إبراهيم ...!!
أو قريب منه..
أها أنتو رايكم شنو؟؟؟


لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ

جِبَالُ النُّوبَا .. الاِنْجِلِيزِيَّة (الأخيرة)

(عُزُوفُ صَفْوَةِ جَماعاتِنا القَومِيَّة عَن لُغاتِها المَحلِّيَّةِ وَجْهٌ مِن انفِصامِها عَن الطُّمُوحِ الدِّيمُوقراطِىِّ لِهذِه الجَّمَاعَاتْ)!



كمال الجزولى


(1)

(1/1) تغيير الحركة الشعبيَّة لغة التعليم والتخاطب من العربية إلى الانجليزية فى مناطق إدارتها بجبال النوبا أيقظنا على ضعف تأهُّل الجماعة المستعربة المسلمة لترتيب مساكنتها للآخرين ، وضعف وعى الآخرين بمكوِّناتهم الثقافيَّة ، وضعف جدارة (نيفيشيا) بصون (الوحدة)! وقلنا إن ما ينبغى أن نسمعه ونعقله هو أن صمتنا عن استعلاء التيار (السلطوىِّ) على الآخرين باسمنا يُنتج الآن مشهدهم يثفلون لغتنا كما لطعة الدم من الحلقوم! وتساءلنا عمَّا إذا كان المسئول عن هذا تيار الاستعلاء بيننا ، أم تيار الغفلة عن استحقاقات (الوحدة) بين (الآخرين)!

(1/2) وللاجابة تقصَّينا انحدار غالب الجماعة المستعربة المسلمة من العنصر النوبىِّ فى الشمال والوسط ، وانحدار غالب (الجلابة) من هذه الجماعة حيث بالثروة والدين والثقافة واللغة والعرق تشكل تيار الاستعلاء على العبيد والمزارعين والرعاة وصغار الحِرَفيِّين ضمن التكوينات القوميَّة والقبليَّة فى الجنوب وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق. ولاحظنا أن الاستعمار فاقم المشكلة ، وأن نخبنا التى ورثت السلطة عنه اعتمدت الأسلمة والتعريب كأيديولوجية قامِعة. ولكننا لاحظنا أيضاً انتباهة أقسام واسعة من التيار (العقلانى/التوحيدى) وسط هذه الجماعة لخطورة هذه الخطة ، وأبرزنا ما كان اجترحه الشيوعيون باكراً من معالجات يجدر تطويرها كيلا تتجمَّد فى القوام الشعارى.

(1/3) ثم شدَّدنا على خطورة دور مثقف الهامش من حيث منظومة القيم التى يشتغل عليها داخل الثقافة المحليَّة. ونظرنا فى سيرورة (الوحدة) ضمن أيديولوجيا (السودان الجديد) ما بين (المانيفستو) عام 1983م وإحلال الانجليزيَّة محل العربيَّة عام 2002م ، فلاحظنا علو مكانة (الوحدة) فى (المانيفستو) رغم نزوعه لتفسير (التنوُّع) السودانى بمؤامرة (فرِّق تسُد) الاستعماريَّة. ثم تساءلنا عمَّا إذا كان صحيحاً أن الحركة قد تحوُّلت للاقرار بهذا (التنوُّع) فى ضوء (السياسة اللغويَّة) الجديدة للحركة ، أو ما أسماه مسئولها سايمون كالو (بالثورة اللغويَّة)!

(1/4) ولأن المعيار الموضوعى لسداد أى أيديولوجيا هو قوة حمولتها من الابستمولوجيا ، فقد قادتنا مناقشة هذه السياسة ـ علاوة على استجلاء مفهوم (اللغة) فلسفياً ـ إلى مقاربة الواقع اللغوى لتكوينات النوبا فى عشر مجموعات كبيرة تقوم العربيَّة بينها مقام أداة الاتصال lingua franca ، علاوة على كونها لغة البعض الأصليَّة ، بينما تنحصر الانجليزيَّة فى شريحة ضيقة من المتعلمين ، حسب المسح اللغوى الذى أجراه معهد الدراسات الآفرو آسيوية ابتداءً من العام 1972 ـ 1973م وتم نشره فى 1978م.

(2)

(2/1) لكن المؤسف أن حقائق الواقع الموضوعى نفسها قد تخضع أحياناًًً لمنهج المكابرة الغليظة وفق مقتضى الكسب الآنى فى السياسة السياسويَّة! فقد كتبت (خرطوم مونيتر) ، على سبيل المثال ، فى (افتتاحيَّتها editorial) بتاريخ 29/4/04 ، أن "اللغة العربيَّة فشلت ، حتى على أيام المهديَّة ، فى أن تكون أداة تخاطب على المستوى القومى national medium for communication"! وأنها "ظلت تستخدم فقط من جانب بعض القبائل الموالية للعرب والتى احتلت مناطق فى الجزيرة والنيل الأبيض وبعض الجيوب الصغيرة فى غرب السودان"! أما اللغة الانجليزيَّة فقد "أصبحت هى لغة التخاطب فى السودان لفترة طويلة من الزمن بعد سقوط الثورة المهديَّة"! وذلك على حين فشلت العربيَّة "المكتسبة حديثاً فشلاً ذريعاً فى الانتشار عبر كل مساقات الحياة قبل أن ينال السودان استقلاله من البريطانيين والمصريين"! وحتى خلال الفترة التى أعقبت الاستقلال فقد وجد أبراهيم عبود صعوبة فى إنفاذ سياسات التعريب فى الجنوب "لأن كلا الجنوبيين والشماليين كانوا واقعين فى حب اللغة الانجليزيَّة were in love with the English Language"! بل وقد ذهب "الشماليون إلى أبعد من ذلك فألفوا أشعارهم باللغة الانجليزيَّة"! و"لم تستطع العربيَّة أن تحقق قفزة نوعيَّة فى المجالات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والعلميَّة والثقافيَّة فى السودان إلا تحت حكم الانقاذ"! وذلك فى الوقت الذى "هجرت فيه البلاد زبدة الخبرات والعقول التى كانت تشكل مصدر فخرها بسبب عدم إتقان أصحابها للغة العربيَّة التى فرضتها الانقاذ حديثاً"!

(2/2) والآن ، أفلا يحق للمرء ، فور فراغه من مطالعة هذا الكلام العجيب ، أن يتساءل عمَّا إذا كان موضوعه (السودان) حقاً أم (بلد آخر) لم يعرف العربيَّة إلا قبل خمسة عشر عاماً فقط! وما إذا كان كاتبو هذه (الافتتاحيَّة) على دراية ، أصلاً ، بالطبيعة المعقدة لمشكلة الصراع السياسىِّ الناشب حول تركيبة السودان الاثنيَّة المتعدِّدة والمتنوِّعة عرقياً وثقافياً ولغوياً أم أنهم يصدرون عن محض (مُدرَكات perceptions) تحتل الحقيقة الأيديولوجيَّة فيها موقع الحقيقة الابستمولوجيَّة! وما إذا كان مصدر علمهم السودانىِّ هذا حركة الواقع التاريخىِّ الحى لجماهير التكوينات القوميَّة والقبليَّة فى البلاد أم تشهِّيات بعض شرائح الانتلجينسيا النخبويَّة فى الجنوب كما فى الشمال! وإلا فأيَّة إنجليزيَّة تلك التى أصبحت لغة للتخاطب بين الناس فى السودان كله بعد دخول الاستعمار؟! وأىُّ شِعر هذا الذى صار الشماليُّون (هكذا بالألف واللام!) يؤلفونه بالانجليزيَّة؟! وأى حُبٍّ للانجليزيَّة ذاك الذى فوجئ أبراهيم عبود بأن الشماليين والجنوبيين أجمعهم واقعين فيه؟! وأىُّ عقول وخبرات هذى التى هجرت البلاد لعدم إلمامها باللغة العربيَّة التى فرضتها الانقاذ (حديثاً)؟!

(2/3) إننا لا نشك مطلقاً فى أن جماعات جنوبيَّة كثيرة فى (الحركة الشعبيَّة) وفى (خرطوم مونيتور) وغيرهما مناضلون ولهم قضيَّة ويؤثرون فى ذهنيَّة أقسام وقطاعات واسعة من الانتلجينسيا الجنوبيَّة. لكننا ، فى هذه الناحية ، نختلف معهم ، يقيناً ، فى الفكر ، وفى تصوُّر طبيعة القضيَّة ، وفى المنهج النضالى الذى يتبعونه ، ومن ثمَّ فى قيمة الوعى الذى يروِّجون له. فثمة فرق شاسع بين الوعى بالدور التدميرى الذى لعبه تاريخياً تيار الاستعلاء (السلطوى/التفكيكى) وسط الجماعة المستعربة المسلمة ، وبين الدعوة لتدمير ثقافة ولغة هذه الجماعة ذاتهاً ، أى وجودها أصلاً. ولئن كان ثمة تيار ديموقراطى (عقلانى/توحيدى) وسط هذه الجماعة يبغض الاستعلاء ، ويستشعر خطره ، فيناصبه العداء ، ويتصدى لحربه من داخل ثقافة الجماعة ، دفاعاً فى المقام الأول عنها ، وتبرئة لذمتها ، وتنقية لها من هذه السُّبة التاريخية ، وذلك باب فى النضال لو تعلمون عظيم ، فمن الوهم تصوُّر أن هذا التيار الديموقراطى نفسه يمكن أن يقبل بممارسة (الاستعلاء المضاد) على هذه الجماعة ، بل وإلى حد الدعوة لمحو هويتها من (الوجود السودانى) حلاً للمشكلة! هذا أمر لا يستقيم عقلاً ، ولا يُعقل منطقاً ، ولا يخوض فيه غير داعية لفتنة جديدة أو متجانف لهلكة أخرى. فالحل الذى يستبدل استعلاءً باستعلاء ليس حلاً البتة ، وإنما هو ، بكلِّ المقاييس ، وسيلة لإعادة إنتاج الأزمة فى سياق آخر! وإذا كنا نتفهَّم بواعث ردود الأفعال الجمعيَّة للمقموعين ، وسايكلوجيَّتهم الاجتماعيَّة ، فإن هذا ليس بعذر للمؤسسات المسئولة عن بلورة الرأى العام والتأثير فى الوعى الاجتماعى فكرياً وسياسياً ، وبخاصة تلك التى تزعم الانطلاق من مواقع ثوريَّة ، حين تتقاعس عن أداء دورها فى تثوير هذه السايكولوجيَّة وردود أفعالها ، دع أن تتصدى هى نفسها لتوجيه هذه الانفعالات فى الاتجاه الخاطئ.

(2/4) إن وجود الجماعة المستعربة المسلمة فى السودان ، بهويِّتها الدينيَّة واللغويَّة والثقافيَّة ، ليس (اقتراحاً) مطروحاً للنقاش ، بل هو إحدى حقائق الحياة السودانيَّة التى لا يجوز إسقاطها لدى أىِّ حل ديموقراطىٍّ سلمىٍّ لمشكلتنا الوطنيَّة ، تماماً كحقيقة وجود التكوينات الاثنيَّة الأخرى غير المستعربة وغير المسلمة. ولكن ثمة مدخلين متضادَّين ، مع ذلك ، للوعى بهذه الحقيقة: فمن جانب هناك مدخل (الوعى الموضوعى) ، مدخل (العقلانيين/التوحيديين) من كل تكوينات البلاد الاثنيَّة ، يتطلعون لأن يشيِّدوا فوق هذه الحقيقة صرح وحدة مرموقة ، طوعيَّة وجاذبة ، تتساوى فيها حقوق الجميع وواجباتهم كما تتساوى أسنان المشط ، ويتنشأون ، جيلاً بعد جيل ، على الاقرار التلقائىِّ الجهير بهويَّات بعضهم البعض ، فلا يستعلى عِرق منهم على عِرق ، ولا دين على دين ، ولا ثقافة على ثقافة ، ولا لغة على لغة ، دون أن يكون ثمن هذا الوعى (إستقالة) الجماعة المستعربة المسلمة من (الوجود) ، أو (انسحابها) من حركة (التاريخ) ، أو (محوها) من منظومة (التنوُّع) السودانى ، فجدل (التنوُّع) ذاته يفترض وجود هذه الجماعة ضربة لازب. أما من الجانب الآخر فهناك مدخل (الوعى الزائف) ، وهو مدخل (السلطويين/التفكيكيين) فى هذه الجماعة ، يحلقون بأجنحة من الشمع تحت شمس هذه الحقيقة الساطعة ، متوهِّمين فيها زاداً لتأبيد سطوتهم بلا مُسَوِّغ ، ومَدداً لتكريس استعلائهم دونما استحقاق. وواجب الوطنيين الديموقراطيين من مختلف التكوينات الاثنيَّة التضامن لمجابهتهم باستقامة ، لا تشويه الصراع باختلاق أو تشجيع (الاستعلاء المضاد) الذى نخشى أنه يستشرى الآن كالوباء فى جسد الهامش المناضل كله ، لا فى الجبال وحدها أو الجنوب وحده ، فقد لاحظنا أن د. شريف حرير الذى شارك باسم التحالف الفيدرالى فى مفاوضات انجمينا مع الحكومة لوقف إطلاق النار فى 10/4/04 تعمَّد تقديم مطالب الفور .. بالانجليزيَّة!

(3)

(3/1) خلطت (خرطوم مونيتور) بين سداد دعوتها لاستعادة العناية القديمة بتعليم اللغة الانجليزيَّة فى المدارس والجامعات ، كأداة للانفتاح على علوم الغرب ، وترميم ما تسبَّبت فيه سياسات الانقاذ غير الرشيدة فى هذا المجال ، وهو ما نتفق معها حوله بصورة عامة ، وبين خطل مناداتها بإحلال الانجليزيَّة محل العربيَّة كأداة للتخاطب medium of communication فى عموم السودان ، مِمَّا يشى ضمناً بتأييدها لقرار الحركة الشعبيَّة ، لا بتغيير لغة التعليم فحسب ، بل ولغة (التخاطب) أيضاً من العربية إلى الانجليزية فى مناطق إدارتها بجبال النوبا. (3/2) وإذا كنا نتحدث عن الوحدة كاستراتيجيَّة وطنيَّة ديموقراطيَّة ، فإن من أهمِّ مقوِّماتها (اللغة) التى تشكل (أداة التواصل lingua franca) بين مختلف المكوِّنات الاثنيَّة. ولعل مِمَّا يَتيَسَّر استنتاجه من المسح اللغوى المار ذكره أن العربية المحوَّرة بفعل المثاقفة ، والتى ظلت تلعب دور أداة التواصل بين مختلف المجموعات اللغوية فى الجبال نفسها ، ناهيك عن أن البعض هناك يعتبرها لغته الأصلية ، هى نفسها التى ظلت تلعب ذات الدور بين مجموعات الجبال اللغويَّة من جهة ، والتكوين المستعرب من جهة أخرى ، وبقيَّة التكوينات الاثنيَّة بشروطها المماثلة على نطاق القطر كله من جهة ثالثة. ولعل الوضع اللغوى لدى تكوينات الجنوب القوميَّة والقبليَّة يقدم أيضاً مثالاً ساطعاً آخر على توطن ضرب من العربيَّة (عربى جوبا) كأداة للتواصل فى ما بينها هى نفسها ، من جهة ، وفى ما بينها مجتمعة وبين بقيَّة التكوينات الاثنيَّة فى البلاد من الجهة الأخرى. ولئن كانت اللغه تنتشر بفعل عوامل شتى ، كالدين أو التجارة أو تبنيها من جانب الحكام أو ما إلى ذلك ، فإن المعطى التاريخى العيانى الماثل والذى لا تجوز المكابرة فيه هو أن العربيَّة ، فصيحة أو عاميَّة أو محوَّرة ، وبنموذج أم درمان أو جوبا أو الدلنج .. الخ ، تكرَّست فى ما بيننا أداة للتواصل المطلوب على رأس المقوِّمات التى نحتاجها لتحقيق حلمنا بوطن ديموقراطىٍّ متنوِّع فى وحدته. وهى ، من قبل ومن بعد ، لغة أفريقيَّة يتحدثها ما لا يقل عن 60% من سكان القارة. فما حاجتنا لإحلال الانجليزيَّة محلها كأداة لا تساعدنا على وصل ما بيننا ، بل تفصم ما تبقى من عراه؟!

(3/3) ومع ذلك فليت قرار الحركة اتجه لتدوين لغات المجموعات النوباويَّة المختلفة لاستخدامها فى تطوير ثقافاتها ، وكأداة لتعليم أبنائها ولو خلال سنوات المرحلة الابتدائيَّة ، ولإحلال أكثرها انتشاراً محل العربيَّة كلغة للتخاطب فى ما بين مجموعات الجبال المختلفة ، مع الابقاء على العربيَّة ، كما فى السابق ، لغة للتواصل بين هذه التكوينات مجتمعة وبين بقيَّة التكوينات الاثنيَّة السودانيَّة. تلك على الأقل خطة أقرب للارادة الشعبيَّة التى أنتجت واستقبلت واستخدمت هذه اللغات ، علاوة على كونها تدفع باتجاه أحد أنبل الأهداف الوطنيَّة الديموقراطيَّة: الإقرار بالحق فى التميُّز الثقافى. وهى ليست خطة منبتة بلا سابقة ، فثمة نموذج لها اختطه جوزيف قرنق على أيام توليه وزارة شئون الجنوب مطلع السبعينات ولم يمهله الاعدام لإكماله ، حيث كان قد حث مستشاره الفنى للتدريب والتعليم أن يدرس إمكانية تبنى لغة من لغات الجنوب ، كالدينكا مثلاً ، لتكون لغة الاقليم القومية ، وأن يحدِّد العوامل الجديرة بالاعتبار لتلك الغاية ، وأن يستقرئ النتائج الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التى ستترتب على ذلك فى القطر وفى الاقليم ، وردَّ الفعل المتوقع من الجنوبيين الذين يتكلمون لغات أخرى ، وأن يدرس كذلك إمكانية اختيار أكثر من لغة لهذا الغرض (عبد الله على ابراهيم ، 2001م). فكيف غابت عن صانعى قرار الحركة الشعبيَّة وعن كاتبى افتتاحيَّة (خرطوم مونيتر) أدنى ملامح هذا السداد فى اجتهاد النظر والعمل؟! أَليس من شأن مثل هذا القرار أن يسهم فى طمر اللغات التى تشكل الذاكرة الثقافيَّة التاريخيَّة لتكوينات (الهامش) القوميَّة التى تدافع كلا المؤسَّستين عنها؟!

(3/4) ولكم وددت ، فى هذا الختام ، لو أننى عثرت على إجابة أخف مرارة مما فى أطروحة د. عبد الله على ابراهيم (الماركسيَّة ومسألة اللغة فى السودان) ، حيث يرى أن المكوِّن الثقافى لجماعاتنا القوميَّة/القبليَّة غير العربيَّة هو أقل العناصر وعياً بذاته فى عمليَّة اليقظة ، ويدلل على ذلك بضآلة شأن اللغات المحليَّة عند المتكلمين بها من الصفوة التى أثبتت فى أكثر من مناسبة عزوفها التام عنها ، إلى حدِّ التفكير أحياناً حتى فى إحلال السواحيليَّة محلها ، كوجه من وجوه انفصامها الحقيقى عن الطموح الديموقراطى الأساسى لهذه الجماعات. إنتهت إجابة عبد الله ، ولمن أراد استزادة أن يلتمسها فى المصدر. غير أننا نضيف ملمحاً آخر لهوان هذه اللغات على هذه الصفوة حتى أهملتها المحافل الاقليميَّة التى يفترض أن تعنى بحق التعدُّد اللغوى فى بلدان المنطقة. فقد انعقد ببيروت ، خلال الفترة بين 19 ـ 22 مارس الماضى ، المنتدى المدنى الأول الموازى للقمَّة العربيَّة ، وأصدر توصياته تحت عنوان (الاستقلال الثانى: نحو مبادرة للاصلاح السياسى فى الدول العربيَّة). وعلى حين لم ترد كلمة واحدة فيه عن اللغات والثقافات السودانيَّة إنصب اهتمامه على "ضرورة الاعتراف بالحقوق اللغويَّة والثقافيَّة الأمازيغيَّة في بلدان المغرب العربى ، واعتبارها أحد مكونات الثقافة الوطنيَّة ، على أساس المساواة وحق المواطنة واحترام حقوق الإنسان والشراكة في الوطن". ولا عتب على المنتدى ، فقد نهضت للأمازيقية حركة تذود عن حياضها ، بينما حركة الهامش لدينا مشغولة بإحلال الانجليزيَّة محل العربيَّة!

(إنتهت)

عن سودانايل ..

Post: #200
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: kamalabas
Date: 05-19-2004, 02:49 PM
Parent: #1

نقلا عن جريدة الصحافة
ومع ذلك
الإسلاموعربية . . . تاني

د. عبد الله علي ابراهيم



أرجو أن يتدبر الحاملون علي الثقافة العربية جيداً إن كانوا راغبين في المضي في حملتهم هذه الي حدودها المنطقية وهي أبلسة أهلها وصيدهم صيد الساحرات متي استوي لهم الأمر وأصبح بيدهم الحل والعقد. وأول صيد الساحرات نفي المستهدف عن إسمه ورسمه. فقول المستهجنين لحملة الثقافة العربية الأسلامية أنهم بغير فرز "إسلاموعروبيون" من باب تذليل مهمة إقصائهم وتصفيتهم في يوم قريب. بل بدا لي من بعض المناقشات حول المتنبيء أن هناك من يعد الحطب لحرق بعض إرثه لخوضه فيما لا يرضي عداة الإسلاموعربية. ولو فعل الناس جميعا ذلك بإرثهم لما تبقي من المواريث الإ النذر. وسيكون أول حطب النار الدستور الأمريكي. ففي مناسبة مرور 50 عاماً علي ذكري قضية (بروان ضد مكتب التعليم)، التي قضت بلا دستورية تعليم البيض بإنفصال عن السود، قال مولانا برير، عضو المحكمة العليا الأمريكية، أن المادة 14 من الدستور غطت البيض بحماية القانون دون السود. وقال أن عظمة حكم المحكمة العليا أنه مدد مظلة حماية القانون لتشمل السود منذ 50 عاماً فقط.

الثقافة العربية الإسلامية كيان خطابي بحر وخضم متلاطم. ولم نر منه بعد في السودان سوي واحدة من أبأس نسخه وهي التي يتوسل بها الحاكم لتسويغ حكمه. وقد سميتها في موضع آخر ب"البلدوية" نسبة الي المرحوم علي بلدو الذي كان أول من زج بالدين لإدارة المديرية الإستوائية في عهد المرحوم عبود في أوائل الستينات. ولم يحتج بلدو لينظر لأبعد من عهد الإنجليز ليؤسس هذه السياسة. فالبلدوية هي عكس بسيط لسياسة سلفه الإنجليز. فقد قصر الأنجليز الجنوب علي تعلم الأنجليزية والتدين بالمسيحية. وأرادت البلدوية أن تقصر الجنوبيين علي العربية والإسلام. ثم توسع نميري والبشير في البلدوية كما هو مشاهد.

ووجب التذكير مع ذلك أن الجنوب لم يكن هو ميدان البلدوية الحيوي. فساحة البلدوية الجد كانت في الشمال وبانت أسنانها فيه أولاً. فقد إنعقدت البلدوية للدولة بشكل أدق في حربها للحركة الجماهيرية والشيوعية الشمالية بالأساس بعد ثورة إكتوبر 1964. فقد جاءت هذه الثورة بجذرية في المقاصد والوسائل أخملت الفكرة الأزهرية الوطنية المجردة. ولعزل الشيوعيين إحتاجت الفكرة الوطنية لترتدف الدين حفاظاً علي شرعيتها وقيادتها . ووجدت الحركة الإسلامية الطرفية هذا الشق ووسعته. وهذا فصل في "تديين الدولة" مهجور في خطاب ومباحث اليوم (من يريد أن يتكلم عن القشيرية في منابر الغرب؟ ومن يريد عكننة مانحي الزمالات ومال البحث ومدبري المنتديات بحديث القشيرية؟ من ؟). وقد راج أن هذا التديين مما قصد به الجنوب لا غير. وكثر إجتراره علي غلطه البين. فلم تشفع لعبود بلدويته عند المسلمين في الشمال. فقد عارضوه وألحوا عليه أن مشكلة الجنوب مسالة سياسية وحلها يقع في حيز السياسة. ولم يشذ عن ذلك حتي الإخوان المسلمين (ممن كان الدستور الإسلامي شغلهم الشاغل) الذين لم يقبلوا بعبود لمجرد خروجه مجاهداً بإسم الدين في الجنوب. إن اسنان البلدوية بانت في الشمال قبل الجنوب. . . وماتزال. البلدوية هي ثقافة عربية إسلامية في حدها الإداري. فقد إستصحبت لمهمة التبشير بالعروبة والاسلام المعاهد العلمية وأكثرت منها في الجنوب. ولم يكن ابناء الشمال أنفسهم يقبلون بالدراسة بالمعاهد العلمية إلا مضطرين لزراية الدولة بها. وهي زراية موروثة من الأنجليز. كما أزرت البلدوية بحملة الثقافة العربية الإسلامية ممثلين في مدرس اللغة العربية والدين الإسلامي والقاضي الشرعي. فمن جهة المرتب فقط تساوي القاضي الشرعي مع زميله المدني في 1967 بعد نضال نقابي ومشائخي ذكي (أنظر كتابي "الشريعة والحداثة"). وهو نفس العام الذي نالت فيه النساء أجراً مساوياً للرجال للعمل المتساوي. أما معلمو العربية والدين فقد ناضلوا حتي الثمانينات للتساوي مع معلمي المواد الحديثة. ودونك كتاب المرحوم عبدالله الشيخ البشير المعنون "فيض الخاطر" لتري آيات هذا الجهاد في دولة تبجحت بالأسلام وجعجعت بالعروبة طويلاً. فأي دولة ، ناهيك عن دولة تزعم الإسلام والعروبة، ترضي بتحقير مستخدمين فيها مثل هذا التحقير.

قال رجل من جنوب النوبة محتجاً علي حكم من قاض شرعي: "أهذا الإسلام؟ هذا إسلام الحكومة وبوليس كادوقلي." وهذه صفة البلدوية. والعربية بحر. والإسلام محيط. ومن قصد البحر إستقل السواقيا.

تصويب

نبهني صديق الي أنني ربما لم احسن نقل مخاشنة السيد عبدالمنعم عجب الفيا مع سكرتيره العربي في الكلمة التي نشرتها عنه هنا يوم السبت الماضي. وبالفعل وجدت أن عجب الفيا أملي علي سكرتيره كلمة "رقم كذا" وكتبها السكرتير "رغم كذا" لأن نطق السودانيين للقاف هكذا. وكنت قلت في روايتي أنه أملي عليه: "برغم" وكتبها السكرتير "برقم". وليس للسوداني مشكلة مع الغين. ولذا لزم التنويه.


Post: #201
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: kamalabas
Date: 05-19-2004, 02:55 PM
Parent: #1

نقلا صحيفة الصحافة ــ محمد محمد خير
ــمن اقاصي الدنيا
أنا عـــــــــــــربي يامناضلي الكي بورد

محمد محمد خير




علق أحد مناضلي (الكي بورد) في موقع ( سودانيس أون لاين) تعليقاً ادهشني للغاية بقوله إن محمد محمد خير احبطني باعلانه أنه عربي.. ومصدر دهشتي أنني اكتب بالعربي وأتكلم العربية، وأفكر تفكيراً عربياً. وارتدي ازياءًعربية. واترنم بعض الاحيان بالغناء الهابط من فصيلة (العربي من طابت)! فأين الإحباط هنا؟ هل مطلوب مني أن أنكر نفسي حتى اصبح على مستوى المرحلة؟ وأمتدت دهشتي حين علق مناضل آخر بأن لا فرق بيني وبين الجبهة في مقام الهوية والتعرب والثقافة وهذه سبة اعتاد مناضلو (الكي بورد) على الصاقها بكل من يخالفهم الرأى القائم على لعن هويتنا والتبرؤ من عروبتنا والتمسك بمظاهر السودان القديم هل مجرد إعتزازي بلساني العربي وحرصي عليه يجعلني في خندق واحد مع حكومة عارضتها حتى نفتني؟ ماهذا الخطل؟!

لا ادري أيدرك هؤلاء الكتّاب الذين يروّجون لفض العروبة في السودان أنهم يخدمون دون وعي مشروعاً سياسياً يعكف الغرب عليه منذ أمد ويرى أن قطا فه قد حان الآن؟

الهدف الآن هو تفتيت الكتلة المتماسكة في السودان باعتبار أنها الكتلة التي تبلورت ملامحها واكتمل بناؤها الثقافي وترسخت ابنيتها الاقتصادية.. بماذا نريد استبدالها؟ وكيف سيتم ضربها وتفكيكها وماهى تلك الكتلة الاجتماعية السياسية الثقافية الجديدة التي تترشح لاحلال الكتلة القديمة الموصوفة بالاستعلاء والفساد؟ كنت اشارك في ندوة نظمتها وزارة الخارجية الكندية بأوتوا عام 99 وكان السيد بونا ملوال يستدر عطف الخواجات بخطاب شديد القابلية للتضجر بتصويره الشمال العربي كمسترق للجنوبيين وكظالم تاريخي لهم وسط إصغاء غربي ذي تأفف ولكني انتزعت فرصة وضّحت فيها للمشاركين أنني احلت للصالح العام وللمعاش وكان عمري وقتها 23 عاماً وأن السيد بونا هو الذي احالني للمعاش ولم اباشر عملي الاعلامي إلا بعد الانتفاضة وأنا شمالي ظالم وبونا جنوبي مظلوم فأي منا في موضع الظالم؟!

أنا لا اقف في صف الظلم الاجتماعي الذي يتحمل الشمال مسؤوليته تجاه الهوامش القريبة والقصية في السودان لكنني لن اضجر واصبح ضد نفسي وضد لساني وضد عروبتي في معرض معالجة الازمة.. ولا تقتصر الازمة في السودان على هويته فحسب إنها ازمة تضرب جذورها بكل شئ لكن السبيل لحلها ليس إبدال الجلد والوجدان واللسان، هذا هروب عرقي يرتد على مرتكبيه.

كنت نشرت الاسبوع الماضي مقالاً بهذه المعاني فتح علىّ نيراناً ولظى وافجع بعض قرائى ولكن هل اقول أنا لست عربياً حتى اكسب ودهم والرضى وعندما

Post: #202
Title: Re: شكرا يا كمال عباس
Author: Agab Alfaya
Date: 05-20-2004, 05:03 AM
Parent: #1

الاخ العزيز كمال عباس

شكرا جزيلا علي نقلك مقالات الدكتور عبدالله ،

لعلك لاحظت ان الدكتور صار في هذه المقالات الاخيرة اكثرة وضوحا وجراة في التعبير عن افكاره حول موضوع الهوية بعكس اسلوب غير المباشر الذي اتبعه في كتاباته السابقة لاسيما تحالف الهاربين وربما يرجع السبب الي ان
هنالك استقطابا حادا هذه الايام حول الافرقة والعروبة.

Post: #203
Title: Re: مداخلة من مني خوجلي
Author: Agab Alfaya
Date: 05-20-2004, 05:17 AM
Parent: #1

Dear Ustaz Al ajab,



Greetings,



I followed with great interests the exchange of views on the issue of identity through articles written by Dr, Ibrahim and yourself. Addressing this issue is very vital and important for all Sudanese. I have written to Dr. Ibrahim some similar lines on this issue few days ago.

However, I always felt there is a missing point, that people do not like to address directly or indirectly, I am not quite sure whether or not this is also a sort of "denial" to identity or what. Most of northern Sudanese would like to claim their Arab identity, and they are fond and proud of that, equally others would like to claim African identity with the same deginity and pride, but my question now, are all sudanese pure Arabs or pure Africans? what about assimilation? I feel this is a taboo among sudanese!

On the other hand, why does it always have to be one identity, I am not talking only here about exclusion of others or marginalisation of "others" I am also talking about a changeable identity, because identity is not only about one or two elements, ethnicity alone or culture alone, Identity is sutbled, it is about them together or separate beside others. My identity of today could develop tomorrow to include others, my identity as a woman could have more gender' dimension beside others.

To tell you the truth, I feel this exchange of articles although very important and a fundamental human rights, I still feel it is continuing in a closed circle, why not starting the debate on identification of identity, I am sure many will come with different definitions!



I am sorry I had to write in English, I cannot type Arabic, although I can express myself much better in Arabic!



Best,

Muna Awad Khugali

Post: #204
Title: Re: مداخلة من مني خوجلي
Author: haneena
Date: 05-20-2004, 05:35 PM
Parent: #203

carry on the debate
we are following

thanks all

Post: #211
Title: Re: مداخلة من مني خوجلي
Author: Bashasha
Date: 05-22-2004, 09:30 AM
Parent: #203

عجب سلام،

بوست، كل ماليه ماشي مكرب، بغض النظر عن مايروقنا فيه وما لا يروقنا، وهو السواد الاعظم.

معليش داير اخرم شوية، واحي بت حلتي او جارتي، اخت الشهيد مصطفي عوض خوجلي، اختنا مني عوض خوجلي..

طلتك هنا اهاجت فينا شجون.

تحياتي لي محمد، وتلميذتي منال، وصديقتي ماجدة، وبقية الاسرة، اخر مرة غشيت بيتكم كان في 95. بيتنا كان ملاصق لي ناس حسن الزبير، الفاتح في بيتكم طوالي. الكلام ده في نهاية السبعينات، واوائل الثمانينات.

بالنسبة للبوست، يا عجب ما نسيت، او جاييك ياداب، او يا اسامة اتلومت تب، وانت من قلنا عنك متمرس، او ذو قدرة عالية علي تحمل نار الصراع الفكري، فاذا بك تحرن؟

Post: #214
Title: Re: يا هلا وسهلا بالاستاذة مني عوض خوجلي
Author: Agab Alfaya
Date: 05-22-2004, 08:08 PM
Parent: #211

التحية للاستاذة مني عوض خوجلي
وقد سعدنا بزيارة بت حلتك لينا يا بشاشة

ونحن في انتظار مساهماتك وعامرين بوجودك

Post: #205
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Khatim
Date: 05-21-2004, 10:09 AM
Parent: #1

الأخ عبد المنعم،
تمكنت البارحة من قراءة ورقتك حول مفهوم الأفروعربية، للمرة الثانية. كنت قد اطلعت عليها بصورة سريعة وإنتقائية، بعد فترة من ظهورها، وعرفت أنها تستوجب الوقوف عندها، ولكن مشاغلي الآنية، ألاقل شأنا من حيث الموضوع، والتي لا أستطيع الفكاك منها مع ذلك، لم تمكنني من الرجوع إليها وهو ما فعلته البارحة.
وأحب في البداية أن أهنئك بصدق على هذه الورقة الكبيرة القيمة من حيث موضوعها، ومحتواها الفكري، ومنطقها الداخلي، وأسلوبها، وأجندتها المعلنة، وخصومتها الشريفة. فمن حيث الموضوع، لا توجد على الساحة الفكرية والثقافية والسياسية، في سودان اليوم، قضية أهم من قضية الهوية. فما يستقر عليه الجدل حول هذه القضية، وما يتوصل إليه الناس من مفاهيم حول ذواتهم، وتصورات لماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، وما يترتب على كل ذلك من سياسات عملية في جميع أوجه الفعالية الإنسانية، هو الذي يحدد، جوهريا، هل يكون السودان أو لا يكون. وإستشعارا للأهمية الإستثنائية لهذه القضية، كتب صديقي الدكتور الباقر العفيف، ورقة بعنوان أزمة الهوية في شمال السودان: متاهة قوم سود... ذوو ثقافة بيضاء، وقد قمت بترجمة هذه الورقة إلى اللغة العربية، إذكاء للحوار، وطرحا للقضية على أسس من الصراحة والصرامة والوضوح، تخرج بها من دهاليز اللاوعي، إلى دائرة الضوء، وتمكن بالتالي من الحوار حولها واستجلاء تناقضاتها، ومحاولة حل تلك التناقضات، أو بعضها على الأقل. وقد نشرت تلك الورقة بهذا الموقع مرتين، ولكنها لسبب أو آخر لم تثر الجدل الذي كنا نتطلع إليه. بل إنا، باقر وأنا، لاحظنا تجاهلا يكاد أن يكون متعمدا، من قبل المهتمين بقضية الهوية، لتلك الورقة. فلم يرد لها ذكر، على سبيل المثال، في كتابات الدكتور منصور خالد المسهبة والمطنبة في الإستدلال والإقتباس، لأسباب لا نعتقد أن لها علاقة بمقتضيات الأمانة العلمية، كما أنها تهزم إدعاءات الشمول والتوفر على الحقل الفكري والثقافي.
أنا سعيد بأن ورقتك وحدت هذا الإهتمام، لأن هذه قضية لن تختفي بالتجاهل، وستحتفظ بمكانها ومكانتها في صدارة المسرح الفكري لفترة طويلة من الزمن.
المنطق الداخلي لورقتك متماسك ورصين، فأنت تعرضت للمقولات الأساسية لورقة الدكتور عبد الله على إبراهيم: الأفروعربية أو تحالف الهاربين، وذلك بالإقتطاف المباشر من الورقة نفسها، بل إوردتها على الموقع، ولم تلجا إلى محاورة ورقة محورة، لتناسب أغراضك وتنسبها إلى عبد الله، كما يفعل هو في أغلب مؤلفاته المتعجلة. وفندت الحجج الواردة فيها مستعينا بخدمات المنطق البسيطة والمباشرة، وبالمعارف الكثيرة التي لديك عن الموضوع، وأبنت تناقضات عبد الله، سواء النائمة بغفلة على السطح، أو المختبئة بمكر في القاع.
أجندتك واضحة، وهي إيجاد أرضية سليمة وبنية نفسية معافاة، وفضاء ثقافي وسياسي غير ملوث، لتعايش السودانيين مع بعضهم البعض، وتصالحهم مع أنفسهم قبل التصالح مع الآخرين. وهذه أنبل الأهداف دون شك. كما أن خصومتك شريفة، لأنك لم تتحامل أ و تجامل، وبين التحامل والمجاملة، تبخرت أفكار عديدة في الهواء، ولم تستقر في الأرض.
وبكتابتك لهذه الورقة، فإنك لم تطرح قضية الهوية وحدها، للحوار، بل طرحت عبد الله على إبراهيم نفسه للبحث. فماذا يمثل هذا الرجل في حياتنا الفكرية وا لسياسية الآن؟
هذا ما سأعالجه في موضع آخر عما قريب، مع طرح وجهة نظري المتكاملة عن قضية الهوية نفسها.
لك كل الود، وللشاعر الكبير والكاتب الرصين محمد المكي إبراهيم، ولكل من شارك في هذا الحوار، الذي أرجو أن أعود إليه مرة أخرى بعد الإطلاع المتأني على المساهمات الممتازة لكثير من الأخوة ا لباحثين في أمر الهوية وما يتصل بها من قضايا.
أخوك
الخاتم عدلان.

Post: #208
Title: Re: الانصاف علي الصفاء هو الاكسير ، الاستاذ الخاتم
Author: Agab Alfaya
Date: 05-21-2004, 09:05 PM
Parent: #205

Quote: أجندتك واضحة، وهي إيجاد أرضية سليمة وبنية نفسية معافاة، وفضاء ثقافي وسياسي غير ملوث، لتعايش السودانيين مع بعضهم البعض، وتصالحهم مع أنفسهم قبل التصالح مع الآخرين. وهذه أنبل الأهداف دون شك. كما أن خصومتك شريفة، لأنك لم تتحامل أ و تجامل، وبين التحامل والمجاملة، تبخرت أفكار عديدة في الهواء، ولم تستقر في الأرض.

تجدني كثير الامتنان لهذه الشهادة اخي الاستاذ الخاتم،
فالانصاف علي الصفاء ، كما قال المجذوب ،هو الاكسير .وشجرة الاكسير كانت علي الذروة من جبل كسلا ، وليس غيرها في الدنيا، قيل صعد اليها رجل واقتلعها ! اين الرجل ؟" او كما قال .

للاسف لم احظي بقراءة ورقة الاخ العزيز الدكتور الباقر عفيف لكني
سمعت عنها ارجو ان يعاد نشره مرة اخري سواء في بوست منفصل او في
هذاالحيز. واغتنم هذه الفرصة لاحي الدكتور الباقر علي هذا الجهد المقدر.

ونحن في شوق لاستماع المزيد من اراءك وافكارك النيره حول هذا الموضوع
كما اننا في انتظار دراساتك عن الهوية و عن كتابات الدكتور عبدالله

لك مودتي وعميق احترامي

Post: #206
Title: في رد (التأسلم) و (الإستعراب) وفق مكمايكل و ترمنجهام و الأفروعروبية..
Author: هاشم الحسن
Date: 05-21-2004, 04:35 PM
Parent: #1

الإسلام الشعبي: دين في مقاس الرجرجة
عودة الي مفهوم القس سبنسر ترمنغهام (1949) عن الأسلام الشعبي

عبدالله علي إبراهيم
ترجمة محمد عبدالله عجيمي
سادت منذ حين مصطلحات واوصاف في الكتابة عن الثقافة السودانية لم تخضع بعد الي التمحيص. ومن هذه المصطلحات قول الكتاب أن إسلام السودانيين المسلمين هو "تأسلم" وأن عروبة عربهم استعراب وأن خليط هذين الحظين المبخوسين هو "الاسلاموعربية". و"التاء" في حال التأسلم والإستعرب هي "ت" الإفتعال. وهذا حكم مجازف لا يصدر عن علم او تأهيل لأنه لا احد يعرف "مقدار" الاسلام أو العروبة التي يشترط توفرها في كائن بشري حتي يصح وصفه بالمسلم العربي بغير "تاء" المناتقة كما جاء عند الدكتور عبدالله الطيب.

وأخشي أن يكون ذيوع هذه المصطلحات أثراً من معارك السياسة العملية حيث تدور رحي حرب الحداثيين والإصوليين من العرب المسلمين منذ حين في سياق حرب اهلية بغيضة. وقد اراد الحداثيون كسب نقاط علي خصومهم الدينيين بالقول ان ديننا هو "نص ديانة" وعروبتنا هجينة فلا تخوتوننا. واذا صح مثل هذا الاعتذار بضآلة كسبنا من الاسلام والعروبة في معمعمان العراك السياسي فهو لا يجوز في مقام العلم بالأشياء.

ومصطلحات الحداثيين الدهريين من مثل الإستعراب والتأسلم قديمة حتي لو بدت لها لمعة عند الناطقين الجدد بها. فهي من موروثنا من الإثنوغرافية الاستعمارية والتبشيرية التي نشط فيها هارولد مامكايكل بكتابه عن (تاريخ العرب في السودان، 1922 ) والقس الأنجليكاني ترمنقهام بكتابه عن الاسلام في السودان (1949). ولم نقصد برد منشأ هذه المصطلحات الي بؤر استعمارية القول ان متبنيها في أيامنا هذه ملوثون ومصروعون بالغرب. حاشا. اكثر ما نريده في هذا المقام القول ان هذه المصطلحات قد تفرعت من نظريات "ألأوابد"survivals والانتشار التاريخي للثقافة ومباديء الوظيفية functionalism التي سادت في اوئل القرن الماضي ثم خبت جذوتها وهجرها الناس الي نظريات أهدي وأقوم. ووقف للأسف حمار نظرنا الثقافي في عقبة تلك النظريات المهجورة. وقد نعزو ذلك الي ان شعبة الأنثربولجيا بجامعة الخرطوم ،التي هي مركز تلقي الجديد في هذا العلم، قد كفت عن العناية بالثقافة منذ تحولت الي شعبة خدمات لمنظمات غوث الملهوف الغربية. وأضحي جهد أكثر اساتذتها منصباً علي كتابة مذكرات عن خلفيات اجتماعية للسودانيين المراد غوثهم او تطويرهم. وهكذا توقفت الشعبة عن النظر الثقافي الذي ميز جيلها الأول مثل الدكتورين تاج الأصفياء وفهيمة زاهر. وسيري القاريء خطر مثل هذا التباطؤء في متابعة النظر الثقافي المطرد الذي انتهي بنا الي التعلق بنظريات عن أخص خصائصنا عفا عليها الزمن ورمي بها الناس في مزبلة العلم لو صح التعبير.

وقد حاولت في مقالين لي بالإنجليزية أن أوطن النظر الثقافي عندنا فيما استجد من علم الهوية والثقافة. نشرت كلمتي الأولي في مجلة الدراسات الأفريقية العالمية الإنجليزية عام 1985 ونشرت الثانية بكتاب حرره الدكتوران سيد حامد حريز والفاتح عبدالسلام عنوانه في العربية: "الإثنية والخصام ولتكامل القومي في السودان" (1989). وقد حال صدورهما في الانجليزية وتنائي المنشورة بالخارج منهما عن محيط البلد دون أن يجدا مكانهما في المناقشات الجارية علي قدم وساق في بلدنا عن الهوية. وقد التمست عون الاستاذ عزالدين عثمان المحامي في ترجمة المقالة الأولي والأستاذ محمد عبدالله عجيمي في ترجمة الثانية. كما دقق في التعريب الدكتور بدر الدين علي والأستاذ الخاتم المهدي. فجزاهم الله عني كل خير. وقد راجعت التعريبين لأتحمل تبعة نشرهما وحدي دون غيري. وقد نشرت المقالة الأولي المعنونة "كسار قلم مكميك: عودة الي هوية الجعليين الكبري" هنا علي حلقات منذ حين. وها أنا أبر بالوعد وأنشر المقالة الثانية المعنونة " الإسلام الشعبي: دين في مقاس الرجرجة" علي حلقات هنا. ولن يجد القاريء ثبت المراجع ويمكن لطالب الإستزادة الإستفسار عن مرجع أو آخر علي بريد المؤلف.



وجهة النظر المأخوذ بها حاليا حول هوية السودانيين الشماليين الإثنية والدينية هي في جوهرها من عمل هارولد أ. مكمايكل (1922)1 وجي. سبنسر ترمنغهام (1946)2. ويقول مكمايكل أن القاسم المشترك الأعظم في الهجين العربي الأفريقي، الذي نشأ عن اختلاط النوبة المحليين والعرب، الذين استقروا على نهر النيل منذ القرن التاسع وحتى القرن الرابع عشر الميلادي، هو تلك الأرومة البربرية أو النوبية المشتركة التي تسري في كافة عناصره بنسب شديدة التفاوت (1922:235). وقد أطلق ترمنغهام على دين هذا الهجين اسم "الاسلام الشعبي" لأنه مشرب بالوثنية الأفريقية. وأراد ترمنغهام بهذه التسمية القول انه إسلام آخر علي النقيض من الاسلام الارثوذكسي ANTI -ORTHODOX ،أو هو هجينSYNCRETISTIC علي اقل تقدير، او غير تقليديUNORYHODOX(1949 :10. وقد قبل الباحثون اللاحقون بهذا التوصيف لهوية الشماليين الإثنية والثقافية على نطاق واسعهارولد باركلي 1964 :136-137؛ يوسف فضل حسن 1967 :152؛سيد حريز 1977 :11،22؛ وليام آدمز 1977: 557،574،577؛ أحمد الشاهي وف.ت.مورF. C. T. MOOR 1978 :32؛ حيدر ابراهيم 1979 :15،126؛ أحمدعبدالرحيم نصر 1980 :88-91 وشرف الدين عبدالسلام 1983 :5،10،43)3.

ينطلق توصيف كل من مكمايكل وترمنغهام لهوية الجعليين الكبري من فرضية فاسدة لا تستمد جذورها من الحقيقة المشاهدة للتمازج العربي-الأفريقي في السودان فحسب بل من الدلالات السلبية لمصطلح السفاحية العرقيةMISCEGENATION في الثقافة الانجلو-ساكسونية. فهولاء البيض من ذوي السلطان علي الفكر ومفاهيمه يستهجنون في دخيلة انفسهم خلطة الأعراق ويعدونها خرقاً وسفاحاً (علي المزروعي1973 :58،75).وعليه فمكمايكل يتحدث عن عملية التمازج العربي-الأفريقي في السودان والعنصر الذي نتج عنها بمصطلحات مثل:"التدني"، و"النقاء العرقي"، و"السلالة الأصلية"، و"التلوث" وما يجري مجراها1922 :195،208،223،318،336). وهذا فعل من يستنكر في قرارة نفسه تزاوج الأعراق وخلطتها. بل أنه وصف مجموعة عرقية سودانية بعينها يجري فيها دم أفريقي أكثر من الدم العربي بأنها "متدنية أو هابطة". وقال أنه عني بهذا الوصف أن تلك الجماعة ببساطة وبراءة "أقل عروبة" من غيرها. وقد برر لجوءه لهذا المصطلح بقرينة أنه يكتب عن العرب في السودان لا عن أفارقته: " وبما أنني أكتب عن العرب وليس عن السودانيين الأفارقة الذين سبقوهم الي السودان بصورة أساسية فانني استخدم عبارة"أكثر تدنيا" كمعادل ل"أقل عروبة"(1922 :223)". وبرغم هذا االتنصل فان عمل مكمايكل يوحي أحيانا بأنه يرى"الدم العربي" أعلى قدراً من "الدم الأفريقي" .فهو يشير، على سبيل المثال، الى أن أغلب الأسر ذات البشرة الشاحبة، التي يفوق مقدار دمها العربي مقدار دمها الأفريقي، تنفر من التلوث بدم هو مزيج سوداني خالص(1922 :199 31. وعلى نحو مماثل ينسب مكمايكل وترمنغهام تفوق الكنقارا، وهم سادة الفور بغرب السودان، وبأسهم الى أرومتهم العربية الأولي (مكمايكل 1922 :91؛ترمنغهام 1949 :32). والواضح أن وراء استخدام مكمايكل لمصطلح "تدني" دلالة أكبر من مجرد مصادفة إسلوبية في الكتابة عن العرب دون الأفارقة. ويبدو تمسكه بمقولة التدني الثقافي الناشئ عن التدني العرقي هذه أكثر وضوحا حين يصف اسلام "عرب" السودان الشمالي بانه "ملوث بعادات وخرافات مختلف السكان الأصليين الذين استقروا بينهم" (1922 :195). وحسب ترمنغهام فان "الزنوج-العرب" و "الحاميين-العرب" في السودان دخلوا الإسلام وصبغوه بقدر وافر من وثنيتهم (1922 :10،149). وقد بدا له إسلام السودانيين مشربا بعناصر وثنية أفريقية كما هي في دارج فهم الغربيين لعقائد الأفريقيين المتمهين بالتعلق بالخرافة النزعة العاطفية وقابلية التأثر بالايحاء الجماعي (1949 :108،149). وجريا على ذات االنهج يشير ترمنغهام الي "تعصب" البقارة للمهدية وينسبه الى غلبة "الدم الزنجي " فيهم (1949 :30).

بات واضحاً أن مقولتي "التدني العرقي" و"التدني الثقافي" متناصرتان يشدا واحدهما إزر الأخري في هذه المناقشة حول هوية السودانيين الشماليين. فالدهماء في نظر ترمنغهام ترتبط بخرافاتها ارتباطاً لاينفصم (ترمنغهام 1949 :195). وستقتصر هذه الورقة على مناقشة مقولة التدني الثقافي التي ينطوي عليها مفهوم الاسلام الشعبي الذي جاء به ترمنغهام ليصف إسلام السودانيين. وسنتتناول بالنقد المنهج والمفاهيم التي استبطنت مقولته عن الاسلام الشعبي. وأضافة الى ذلك سوف تناقش الورقة حماسة الدراسات الأثنوغرافية السودانية في قبول هذه المقولة بغير تأمل ونقد. وهي حماسة تتناقض مع أفضل أحكام ترمنغهام الذي حذر من الأخذ ببعض مقولاته الى حين اجراء دراسات مفصلة حول الاسلام الشعبي في أقاليمه المختلفة (1949 :171). ولاحاجة للقول بان هذه القبول السكوتي لمقولته يتعارض أيضا مع افضل النظرات التي تمخضت عنها تلك الدراسات الأثنوغرافية نفسها. وترى ورقتنا أن فهم الاسلام في السودان، في وقت أصبح الدين يلعب دوراً متزايداً في الحياة الثقافية والسياسية للبلد، سوف يبقى قاصرا من دون نظر نقدي في نصوص ترمنغهام وأفكاره.

يرى ترمنغهام أن الاسلام في السودان يراوح بين قطبين هما الاسلام "الشعبي "والاسلام الأرثوذكسي ORTHODOX ISLAM وقد فسر الاختلاف بين الأثنين في ضوء اطروحته العامة حول التعايش التاريخي بين الإسلام الرسالي الأول وبين نظم هجينة تفرعت منه في البلاد التي التي تمدد اليها . وعلى حد قول تلك الاطروحة فان قلة فاتحة ضئيلة الشأن من العرب جاءت بالرسالة ، أي بالقرآن والسنة، فأخذتها الجمهرة الي اقاليم الدنيا واستثمرتها في معاشها ومعادها كادحة الي ربها كدحاً. وقد أعطى هؤلاء الذين دخلوا الاسلام تلك الرسالة "استشرافا للعالم دفق بدوره الدين في كل شئ في الحياة". وبمضي الزمن، في قول ترمنغهام، تطور الاسلام الى النسق التوفيقيSYCRETISTIC SYSTEM الذي هو عليه اليوم. وهو نسق علي خلاف الرسالة الإسلامية الوافدة والحضارة التي تمثلتها. فهذا الهجين في نظر ترمنغهام "شئ جديد حقاً نشأ عن تفاعلهما وتركيبهما". ويصف ترمنغهام هذا النظام المهجن بأن له قوة باطنية غير عادية لتمثل وهضم العناصر الأجنبية التي أثرت مفاهيمه الأصلية الغريرة بينما احتفظ، في ذات الوقت، بعزائمه الخاصة في طلب الشوكة والوحدة العضوية والنظر المحيط للعالم. ويقرر ترمنغهام أن الشريعة تبقى الرمز لأهل النظام الهجين بينما تحكم الأعراف والعوائد حياتهم (1949 :106-107).

ويعتبر ترمنغهام،فيما يبدو، التهجين SYNCRETISM عملية خلاقة حينما تطرق لكيف تهجن الاسلام وتطور داخل الحضارتين الهلينية-الشرقية (1949 :106) الا أنه سيء الظن بعاقبة التهجين لدي تناوله لإسلام السودان الهجينSYNCRETISTIC ISLAM :-

"...لقد أشرب الاسلام بصبغة قوية من الميول والنزعات الأفريقية فجاءت سماته المميزة ممثلة في الوجدانية المسرفة والخرافة... جاء الإسلام الى بلاد بلا حضارة (السودان-أفريقيا) خلا الناس فيه من كل إرث باطن يسهمون به في ترقية الدين الوافد صعداً" (1949 :104.

وزاد ترمنغهام بأن قال أن الذين قاموا بنشر الاسلام في السودان لم يأتوا بإسلام من الدرك الأسفل فحسب بل كانوا انفسهم من الجهلاء الذين قصر خيالهم دون التدريب الحسن في عقيدة الإسلام الإرثوذكسية. وواصل قائلاً أنه قد سنحت الفرصة كاملة لهولاء الدعاة الجهلاء، وسط قوم بلا خلفية ثقافية، أن لا يستصحبوا خرافات الناس وترهاتهم فقط بل أن أن يجسدوها هم أنفسهم في هئية أولياء صالحين ذوي كرامات (1949 :10".

ومن أول متاعب الباحث مع مفهوم "الاسلام الشعبي" أنه غير دقيق في الإحاطة المقنعة بالظاهرة التي خرج لوصفها. فالاسلام الشعبي، حسب ترمنغهام وسالكلي نهجه، هو إسلام صوفي في غالبه إرتدف ممارسات وثنية مميزة ايضاً. فمن المعلوم أن رجال الصوفية هم من نشروا الإسلام في السودان بصورة رئيسية. ولقد سبق لنا الوقوف على الفكرة االسلبية التي يحملها ترمنغهام عن انجاز هؤلاء الرجال. فقد وصف الطرق الصوفية، التي هي عنده نقيض الأورثوذكسيةORTHODOXY ، بأنها التعبير المنظم عن حياة السودانيين الدينية. ويصنف ترمنغهام الايمان بالمهدية كجزء من الاسلام الشعبي رغم أنه يطلق علي المهدية اسم "الاسلام البدائي" (علي غرار المسيحية البدائية المضطهدة في ظل دولة الرومان) الذي هو عنده الأصل الذي جاء به النبي (ص) (1949 :155). من الناحية الأخرى لايعتبر ترمنغهام "الاسلام البدائي" اسلاما إرثوذكسياً ORTHODOX طالما أنه يرفض المذاهب الأربعة كما فعل المهدي (1949 :162). وهنا مطعن علي ترمنغهام كبير. فهو يدخل مفهوم المهدي في الأسلام الشعبي ثم يخرجه منه بمنطق دائري. واخيراً فان ترمنغهام لايفرق كثيرا بين الصوفية الخالصة التي تروق للمتعلمين وبين الاعتقاد في الأولياء والصالحين السائد عند جمهرة الناس (1949 :193). فهما عنده سواء مما يدخل المتعلمين في جمهور الإسلام الشعبي ايضاً. ولكنه يري أن عقيدة العامة تضمنت المفاهيم الصوفية بشكل مفسد (1949 :210). وعلى وجه العموم فان وجهة النظر الأكاديمية السائدة عندنا تطابق بين الإسلام الشعبي وبين الصوفية التي يعتقد الباحثون أنها لم تبلغ قوماً بلا حضارة وحسب، بل كانت هي نفسها تمر بمرحلة متضعضعة من تاريخها، وبين الإسلام الشعبي.

للباحثين نظرات شتي في البؤس الثقافي المزعوم للإسلام الشعبي. فهو في نظر الباحثين تجلي متدن للإسلام الرسالي في بئية السودان الجاهلة. فلما اعيت الإسلام الحيلة عندنا أن يتحقق علي مثاله الأرثوذكسي الرسالي أو الرسمي هبط الي درك الشعبية. (ترمنغهام 1949 :115؛ حريز 1972 :22؛ ابراهيم 1979 :126؛ عبدالسلام 1983 :43). ويرى هؤلاء الباحثون أن السودانيين انتهوا الي إسلام متدن حين مزجوا الاسلام الأرثوذكسي بالعادات المحلية.

كان بوسع ترمنغهام في الأربعينات ان يخوض في هجنة الدين كما فعل. ولكن لا عذر لسالكي دربه لأن الدراسات الأكاديمية الحديثة حول الهجنة SYNCRETISM ،وتجلياتها في الإسلام على وجه الخصوص، علي نقيض الصورة التي رسمها ترمنغهام للاسلام "الشعبي" في السودان. وقد وضع جي.سبولدنغ JAY SPAULDING أصبعه ،على نحو مميز، علي الخلل في معالجة ترمنغهام والمعالجات الشبيهة بها. يقول سبولدنغ أن وجود ممارسات اسلامية سودانية مما قد تكون بدعاً سافرة قد قاد اؤلئك الباحثين الى استخلاص نتيجة مفادها إما أن السودانيين مسلمون غير ملتزمين أو أن إسلامهم يختلف عن إسلام الشعوب الأخرى. ويرى سبولدنغ أن المسالة الأولى هي شأن متروك الحكم فيه لربهم الذي خلقهم بينما الثانية نموذج للبرهان الدائري- أي أن يفترض المرء مسبقا أن السودانيين مسلمون ثم يأتي من بعد ليقف علي طبيعة وشذوذ الإسلام السوداني (1977 :49).

وقف الباحثون في الاسلام في شرق آسيا، بحزم، ضد الفكرة القائلة بان الهجنة تتمخض في نهاية المطاف عن ضرب من الاسلام من الدرجة الثانية. ويرى جون بوسفيلد JOHN BOUSFIELD أن الأيحاء بان المراحل الأولى للإسلمة في جنوب شرق آسيا كانت تحمل في طياتها فكرة تعدد الآلهة بقدر تععد قوي الطبيعة ونواميسها. وهي المعروف ب "الإشراك" في الديانات التوحيدية. ومن ثم جاءت، بالضرورة، باسلام "غير نقي" هي فكرة ليس لها ما يسندها (1985 :207). و من ناحية أخرى يلقي عاصم رويASIM ROY اللوم على دارسي الاسلام الذين يصبون اهتمامهم على قياس انتشار الاسلام على المستوى الأقليمي بمسطرة الاسلام الأرثوذكسي. هذا القياس ، فيما يقول روي، يحيل عملية جد خلاقة ومركبة للتفاعل الثقافي بين ديانة مقتحمة وثقافة محلية، الي مجرد مسالة استقطاب بسيطة، غير حاسمة ولا موضوعية بين ضرب من الاسلام "الحقيقي" أو "الأصلي" وضروبه المنحرفة عنه المسماة ب "الشعبي" أو "العامي" (1983 :249).

وفوق ذلك فإن مصطلح "الهجنة" قد يكشف، وبشكل مضطرد، عن قصور نظري في تحليل كيف يغير الناس معتقدهم ويدينون بدين جديد. بل أن ستيفن قليزر STEPHEN GLAZIER وجد مفهوم الهجنة مضللاً. واستفاد قليزر من ليكوكس الزوجة والزوج (1972 :320 ) ليخلص الي أن مفهوم الهجنة يفشل في انصاف العملية الخلاقة في تحول الناس الي الأديان حيث يوحي بأنها ، بالأحرى، مجرد عملية تجميع آلية لأفكار خليط من الدين الوافد وعقائد سبقته بين من إعتنقوا هذا الدين (جلازير 1985 :60).

ويمكن لهذه القطبية (المثالي-الواقعي) أن تكون أكثر تضليلا اذا ما أخذت بمعزل عن سياق الخطاب الذي أفرزها. ويوضح روي، على نحو بارع،أن المثالي في الاسلام أو الإرثوذوكسي، هو من ابتداع المستشرقين ودارسي الاسلام الأول ممن لم يطلعوا علي ابحاث تجريبية عميقة حول الاسلام في اقاليم أهله العديدة . فقد نحت هؤلاء الباحثون، فيما يرى روي، نموذج الاسلامي الارثوذوكسي نحتاً إستندوا فيه بالضرورة على مثال المذهب السني. وأصبح هذا الابتداع، الاسلام الأرثوذكسي، المحك الذي يقيسون به صحة كافة المظاهر الاسلامية الأخرى(روي 1983 :5). وعليه فإدعاء هذا الكيان المبتدع أنه الأصل والحق و"الدين" هو مما فرضه هذا الكيان نفسه علي ضروب التدين الأخري. وهي ضروب يحق لها بذات القدر أن تدعي مصداقية جوهرية وجاذبية باطنة للمعتقدين بها. علماً بأن اؤلئك الباحثون لم يجعلوا الاسلام الأرثوذكسي مرادفا ل "الدين" الا في ضوء معيار مسبق للصحة يرتبط بمفهومهم للحقيقة (عبدالحميد الزين 1977 :24.

وهذا منهج أخرق في قول روي: " يكمن القصور الاساسي لهذه النظرية الإستشراقية المثالية للتفاعل الديني الثقافي في نزوعها الى تقييم الظاهرة الاسلامية والمسلم استنادا الى درجة التطابق مع مثاليات أو معايير الاسلام الأرثوذكسي. ويعاني هذا المنهج الاستدلالي في مجال دراسة التغيير الديني من قصور ذاتي حيث يبدأ بتعريف مسبق للإسلام ومن ثم قبول أو رفض ما يعرض لهم من إسلام اقوام مسلمين بمقدار انسجامه مع ذلك التعريف . ومنهج كهذا لهو عاجز عن تفسير الدين تفسيراً يبلغ ما يعنيه الدين لمن يؤمن به ويتعبد به ويوقره في خاصة نفسه. واذا كان الهدف من دراسة دين ما ليس هو تعريفه بل التعرف عليه فان هذا البحث المعياري، الذي يحاول فرز المسلم "الصالح" من المسلم "الطالح"، قمين باتخاذ وجهة خاطئة" (1983 :5).

وعليه فإن مصطلحي الاسلام الشعبي والاسلام الأرثوذكسي لايندرجان تحت علاقة الواقعي في مواجهة المثالي، بحفظ الترتيب. بل علينا أن ننظر اليهما من وجهة نظر المسلم كضربين أو واقعين اسلاميين مختلفين كما سنبين ذلك بالتفصيل لاحقا. ونقول، مستفيدين من عبارة لميشيل هرزفيلد MICHAEL HERZFELD ، أن الاسلام الشعبي والاسلام الأرثوذكسي لايشكلان تمييزا بين "الواقعي" و"المثالي" بقدر ما يمثلان تقابلاً بين واقعين :أي فكرتين حول ما ينبغي أخذه في الإعتبار عند محاولة تعريف ماهية المسلم(1982 :9).

ويضر تشديد الباحثين على الانفصام بين الاسلام التقليدي والاسلام الشعبي بمحاولة فهم أوسع وأشمل للاسلام في السودان. وقد درج الباحثون اللاحقون لترمنغهام، دون تمييز، على إعادة صياغة أفكاره حتى عند تعارضها مع بصيرتهم التجريبية المستقاة من العمل الميداني بين الجماعات المسلمة، كما سيتضح بالتدريج. ويكشف وصف ترمنغهام لأداء الاسلام في السودان،وما استنسخ الباحثون التالون له منه، دون اختلاف يذكر، عن ملمحين،الأول: أن ترمنغهام يميز بين الاسلام الأرثوذكسي والاسلام الشعبي على المستوى القومي أو مستوى "القريةالأنثروبولوجية" باعتبارهما مؤسستين وواقعين متعارضين تماما. وإذا نظرت الي عناصر هذه القطبية رأيت مدي التحامل التاريخي للدراسات الأكاديمية علي العامة المستضغفين وتنميط طرائقهم وتبخيسها كيفما أتفق. ويوضح الرسم المستخلص عن هذه الدراسات كيف أن هذه الدراسات تتحيز ضد الوثني، والأفريقي والأمي والعملي والأنثى حين تقيسهم علي المسلم والعربي والمتعلم والنظري والذكر (الأشكال لن تصحب المقال).

التحامل الثاني في تحليل ترمنغهام هو إخضاعه للممارسات الدينية بحسب درجة قبولها النسبية عند علماء الدين (باركلي 1964 :206). وهكذا سارع لباحثون لتعيين البدعة والمحرم والمفارق للقرآن في ممارسات الإسلام الشعبي بمقياس ما ظنوا أنه لا يتسق أو ينافي الإسلام الأرثوذكسي (ترمنغهام 1949 :127،164،166،181،210). ويقول حيدر ابراهيم بوضوح أنه بنى دراسته عن إسلام الشايقية علي بينة "أين يتقاطع مع الاسلام الأرثووذكسي وأين يميل عنه أو يختلف"(1979 : 134). وهكذا فإن هؤلاء الباحثين بتركيزهم على الانفصام بين الأرثوذكسي والشعبي يعطون الانطباع بان موضوع دراستهم ليس الاسلام والسودانيين بل الاسلام في مواجهة السودانيين. ويعلق الدكتور أكبر أحمد على نزعة مماثلة في دراسة الاسلام في باكستان قائلا أن الباحثين ينحرفون بدراسة الإسلام فيحعلونه ديناً مضاداً لإسلام شعب الباشتون الباكستاني. ويضيف: "يمثل الإسلام بالنسبة للبشتوني القبائلي تكوينا سياسيا واقتصاديا-دينيا محددا يمارس هويته الباشتونيته من خلاله. فالاسلام والباشتونية متسقان ومنسجمان بحيث يمثلان عند الباشتوني تكوينا منطقيا. ويرتبط الأثنان بعلاقة تبادلية عميقة. كما أن الاسلام متوغل في البنية الباشتونية بما يوحي بأن مسألة الفصل بينهما غير واردة (1982 :193)".

ولابد أن ترمنغهام قد أدرك شيئا من متانة تعلق مسلمي السودان بإسلامهم . فعلى الرغم من قوله صراحة أن السوداني يحتاج أن يتحرر من "اسلامه العاطفي، غير الأصيل" (1949 :22) لكي يحقق امكانياته الجمالية، فانه يصف ذات السوداني، في ذات الوقت، بأنه "مسلم حقيقي صلب" وليس وثنياً تكسوه قشرة رقيقة من الإسلام (1949 :108ـ109).

يكشف حتي الباحثين الذين يقبلون بالإسلام الأرثوذكسي كمفهوم صالح ونهائي في الاسلام عن قصور كبير في محاولاتهم لتحديد أرثوذوكسية أفكار ومعتقدات اسلامية بعينها منسوبة للإسلام الشعبي في السودان. وقد أبان طلال أسد عن جهل هارولد باركلي بالأفكار والمفاهيم الاسلامية الأرثوذكسية التي أراد أن يحاكم بها ممارسات الإسلام الشعبي (1965 :169). ويكفي أن نذكر هنا أن عقيدة رجم الملائكة للشياطين بالشهب، وهي ثابتة بنص آية قرآنية(67 :5) مما عده باركلي خرافة(1949 :172)6. ويتضح من هنا أن أية تأكيدات حول وجود انقسام بين الدين الأرثوذكسي والشعبي يستلزم، في المقام الأول، معرفة شاملة وعميقة بفقه الإسلام الأرثوذكسي الذي عليه مدار الحكم. وسوف نفصل لاحقا في حاجة دارسي الثقافات الإثنية في المجتمعات الاسلامية الى تدريب كاف في مسائل الفقه والشريعة الإسلامية.

وفوق ذلك فقد أضفى بعض الكتاب إبهاما وغموضاً على مفهوم الإرثوذكسية نفسه، وذلك حين خلقوا، بلا مبرر، صراعأً داخلياً بين عناصر هذا المفهوم المعروفة من قرآن وسنة وقياس واجتهاد. فليس ثمة إتفاق بين هؤلاء الكتاب في نسبة ما للإرثوذكسي وما للإسلام الشعبي من الممارسات التي يدرسونها. فشرف الدين عبدالسلام يقول بأن الاعتقاد في الأولياء والصالحين ليس له ما يسنده في القرآن الا أنه، مع ذلك، لايوحي بان ذلك الاعتقاد يتنافى مع الاسلام الإرثوذكسي(1983 :63). وحسب رأي باركلي فإن العناصر القرآنية المتوافقة مع االاعتقاد في الأولياء والصالحين ـ خلافا للعناصر غير القرآنية ـ مقبولة تماما عند علماء الدين(1964 :206). وفيما يتعلق بمفهوم المهدية، من الناحية الأخرى، فان ترمنغهام يراه عظمة نزاع بين إرثوذكسية متشددة ترفضه وإرثوذكسية متساهلة تتسع له وتتكيف معه (1949 :14. ويزيد الأمر تشويشاً حين يقسم ترمنغهام معظم السودانيين الي فئتين: فئة الإرثوذكسيين من جهة وفئة الإرثوذكسيين المتشددين من الجهة الأخري. ولا غرو فإن هذا التشقيق في مفهوم الأسلام الإرثوذكسي يفسد قولهم بالتمايز والقطيعة بينه وبين الإسلام الشعبي. فالإرثوذكسي، كما رأينا في تشقيقه أعلاه، ذو درجات ومنازل منها القصوي المتشددة والصغري المتساهلة. وقد تتداخل درجاته الصغري مع الإسلام الشعبي.

وينبع التشويش في مفهومي الإسلام الإرثوذكسي والشعبي من بعض الأساليب التي يصف به الكتاب بعض عقائد العامة.فيستخدم بعض دارسي الإسلام أحياناً صيغة المبني للمجهول عند الحديث عن معتقدات بعينها مما يؤمن به القرويون (باركلي 1964 : 146،152؛ حيدر ابراهيم 1979 :18،145). وهذا الاستخدام اللغوي مضلل في كثير من الاحيان. فقد يقود الى الظن بأن هذه المعتقدات مما يختص بها الاسلام الشعبي بينما حقيقة الأمر ليست كذلك. وعلى سبيل المثال يقول باركلي: "يعتقد بعض القرويين أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد، وبسبعة وعشرين درجة على وجه الدقة" (1964 :146). وفي واقع الأمر فان ذلك هو حكم الشرع لكن صياغة باركلي توحي بأنه ربما كان مجرد اعتقاد شعبي. ويبلغ موضوع فرز عناصر الإسلام الشعبي من الإرثوذكسي مرتبة العشوائية في تناول الدارسين للعين الحارة. فالدارسون، على اطلاقهم، يعتبرون الايمان بها أمرا ليس من الاسلام الإرثوذكسي في شئ ويحسبونها إما من عقائد الاسلام الشعبي (حيدر ابراهيم :126،145،149)، أو ممارسة خرافية وثنية ظلت حية بعد دخول الاسلام (ترمنغهام 1949 :166،170ـ171؛ باركلي 1964:195؛ سيد حريز 1977 :7؛ آدمز 1977 :577؛ شرف الدين عبدالسلام 1983 :86ـ89). ومن الجهة الأخري فإن دائرة المعارف الإسلامية تنص علي ثبوت العين في الاسلام (ص786) الا أنها تقرر خطأً أن "السنة تشجب الايمان بها" (ص786).

وصفوة القول فإن تلك المؤسسات التي أطلق عليها الباحثون اسم الاسلام الإرثوذكسي يمكن أن نطلق عليها،وعلى نحو دقيق، اسم الاسلام "الرسمي" والذي نشأ في ظل الأدارة الاستعمارية التي تلت الدولة المهدية(1885ـ189. وليس بغير دلالة هنا أن يستخدم كل من ترمنغهام وسيد حريز مصطلحي "رسمي" و "أرثوذكسي" بالتبادل (ترمنغهام 1949 : 202؛ حريز 1977 :7). ولإتحاد المصطلحين، أو تبادلهما المواضع، جذر في نشأة المؤسسة الدينية الحكومية في السودان خلال عهد الإستعمار. فقد تتبع نورمان دانييل ،ببصيرة نافذة، التباين بين أرثوذكسية (الدين) والتعصب (اللادين) في سياق الإسلام والسياسة في السودان ورده الى أيام حرب الدعاية التي شنها دعاة التدخل في السودان من الإنجليز في آخر القرن التاسع عشر لإقناع الرأي العام والحكومة البريطانيين بضرورة القضاء على الدولة المهدية (1966 :423ـ44. وصورت تلك الدعاية المهدية في السـودان بأنها حركة ضالة مفعمة بالتعصب وتدعو الناس الى ما وصف،على وجه التحديد، بانه مروق على الدين القويم (دانييل 1966 :428، 435،43. وبعد القضاء علي المهدية أرادت الإدارة الإستعمارية التحوط ضد قيام أي تمرد مسلح كالمهدية في المستقبل تؤجج ناره الطوائف الصوفية (التي كانت تعتبر جزءً من الاسلام الشعبي). ولذا قررت الأدارة الاستعمارية تشجيع ما أسمته الاسلام "الأرثوذكسي" ORTHODOX ISLAM . ويصف غابرييل واربيرج هذا الضرب من الاسلام كمايلي :-

"يقوم أولاً علي هذا الاسلام العلماء الذين درسوا في الأزهر بصفة أساسية. وكانت مهمة هؤلاء رئاسة الهرم الديني في السودان ومنع قيام الحركات الرسولية، مثل المهدية. ويقوم ثانياً علي شبكة من المحاكم الشرعية يرأسها قضاة مؤهلون وذلك للحيلولة دون لجوء المسلمين السودانيين الى شيوخ الطرق الصوفية... كما شددت السلطات الاستعمارية على ضرورة اقامة مساجد في المراكز الهامة في السودان الشمالي للتقليل من أهمية زوايا الصوفية (1971 :95)." ويتضح لنا مما تقدم إن الاسلام الرسمي-الإرثوذكسي - هو واقع سياسي أكثر منه مسألة عقيدة أو مذهب. وهو أيضا أداة أدارية، بمعنى أنه، ممثلا في الشريعة، صار القانون "الأهلي" أو"العرفي" الذي يحكم حياة السودانيين الشخصية والعائلية(فليرـلوبان FLUEHR- LOBBAN 1981 :69) وبالتالي فلا يمكن الإدعاء للاسلام الرسمي إلا بشق الأنفس بأنه الإسلام الإرثوذكسي طالما أردنا له ان يتطابق مع عالمية العقيدة وسدادها.

ومما يبعث على الأسف أن تركيز الباحثين على ثنائية الشعبي/الإرثوذكسي، على مستوى "القرية الأنثروبولوجية" يتعارض مع أفضل النتائج التجريبية التي توصل اليها الباحثون أنفسهم. وفي هذا السياق أمسك باركلي علي ما سماه " جوهر الاسلام الإرثوذكسي" في بري اللاماب (الحي الخرطومي المعروف وكان ريفاً لدي زيارة الباحث له في الخمسينات) في ضوء تحرياته الميدانية حول مدى التزام أهل القرية بأركان الاسلام الخمسة (1964 :137ـ145). وعلى الرغم من حقيقة أن باركلي قد وجد أن القرويين علي جادة شرع الإسلام من هذه الجهة إلا أنه يتشبث مع ذلك بالثنائية القديمة بين الاسلام الإرثوذكسي وإسلام القرية الشعبي قائلاً:

" أهل بري اللاماب مسلمون يمارسون شعائرهم وفق المعتقد السني أوالإرثوذكسي ويتبعون المذهب المالكي الا أن السلوك الديني في القرية لايمكن تفسيره، على وجه الدقة، وفق أي مفهوم أساسي للاسلام الأرثوذكسي (1949 :136). واستطرادا فان ترمنغهام وآدمز يزعمان، دون تمحيص، أن مسلمي السودان يرتبطون بكرامات وسير الأولياء والصالحين أكثر من ارتباطهم بإسوة النبي (ص) (ترمنغهام 1949 :127؛ آدمز 1977 :579). هذا في الوقت الذي يلفت فيه باركلي النظر الى ايمان القرويين المطلق بالنموذج المثالي للنبي(ص) (1964 :13.

وتتحكم في تضخيم ثنائية الأرثوذكسي -الشعبي إعتبارات لا اصل لها في الإسلام نفسه بقدر ما تعلق ذلك بمنهج مباحث الدارسين وتبويب كتبهم الأنثربولجية. فالباحثون في إسلام القرية عادة ما يفردون فصلاً لدين القرويين يصفون فيه خرافاتهم ووجوه ممارساتهم التي يقولون أنها لا تنسجم مع الإسلام الأرثوذكسي. ومن الجهة الأخري، وفي حالات عديدة، يأتي هؤلاء بما يعدونه ممارسات إسلامية "إرثوذكسية" من صحيح الدين في فصول أخري ليست هي فصل دين القرية الموصوف بالشعبي. فعلي سبيل المثال نجد بركلي يعرض لموقف اللأسلام الشرعي في العدل بين الزوجات، وعلاقة الرقيق بالسادة في الأبواب المفردة للصلات القرايبية وتراتب الشرائح الأجتماعية في كتابه. ولو لم تستول فكرة ثنائية الدين الشعبي والأرثوذكسي علي بركلي لوسع من فصله عن دين القرية (الذي هو عنده دين غير قويم ومفارق للجادة) ليشمل هدي الأسلام عن تعدد الزوجات والرق والرحم والقرابة (1964 :122،126،129).

ويتكرر نفس الشيء في كتاب حيدر إبراهيم عن الشايقية (1979). فالكتاب يعرض لعقائد وهدي الأسلام الأرثوذكسي خلال فصوله التي تتناول ترتيب الشرائح الأجتماعية ودورة الحياة والنظم الأجتماعية. ولم يشأ حيدر أن تتخلل تلك العقائد فصله المخصص للدين. وغني عن القول أن قصر مناقشة الاسلام على فصـل مفرد للدين يعني فصـله عن الممارسةالأجتماعية. وفوق ذلك فقد عني الدارسون بإيراد هذا القدر من أقباس الاسلام الأرثوذكسي بما وافي حاجة بحثهم الخاص ولم يريدوا الحصر. ولو أرادوا الحصر لجاءوا بعناصر كثيرة من وحي الشرع في حياة أهل القري. وسنخلص الي شيوع الأرثوذكسية وتمكنها من الإسلام الشعبي متي اعتبرنا ضروب الممارسات الإسلامية العديدة لعامة المسلمين التي أصلها في الإسلام الأرثوذكسي من غير تصريح أو إعلان. وعلى سبيل المثال فقد ظللت اعتقد، ولفترة طويلة، أن التقريع الذي نالنا من أهلنا الكبار حين نتناول الطعام وقوفاً أو استلقاءً على الجنب، ماهو الإ من قبيل الحث على آداب المائدة، ان لم يكن خرافة. ثم اكتشفت أنه مما قضت به الشريعة.

بالاضافة الى الخلل الذي رأيناه في المحاولات البحثية لتحديد الممارسات الاسلامية الأرثوذكسية، فإن نظرة دارسي "الاسلام الشعبي" في السودان تجاه المعتقدات الشعبية، التي هي قوام إسلام العامة في نظرهم، ربما كانت هي خطئيتهم الكبري. فهم قاصرون عن تحليل هذه المعتقدات علي ضوء خصائص أجناسها الأدبية أو الفلكلورية لإقتطاعهم لها من سياقها الشفاهي في دورانها بين الناس وجعلها عقائداً مجردة مكتفية بذاتها. فعلماء الفلكلور شديدو التنوية بأن النظر الرشيد الي عقائد العامة رهين بمثل هذا التحليل لكل المأثور الذي تستبطنه هذه العقائد. وترجع هذه الشدة في التنوية الي سي دبليو فان سيدو (194 وقد تبعه بإحسان لوري هونكو الذي قال: " قبل اصدار أي حكم تعميمي حول معتقدات الانقريين (مجموعة اثنية فنلندية) على المرء ان يعرف أي جنس من المأثورات يوفر أكثر الأدلة قيمة عن المعتقد وأيها ، من الجهة الأخري، ثانوي القيمة بوجه ما" (1964 :7).

ينطبق النقد سالف الذكر على توصيف ترمنغهام لما يشكل "عقائد للسودانيين". فهو عزوف عن تحليل الأجناس الأدبية الموصوفة. ففي تركيبه لما سماه بالإسلام الشعبي نجد ترمنغهام يقتطع عقائده عن الأجناس الفلكورية الحاملة له مثل كرامات الاولياء والصالحين (1949 :135ـ136) والإمثال السائدة (ص15 والاحلام (ص143) والنذور (ص145) والتنبؤات (ص15 والخرافات (ص173) والأحاجي (ص173) والحكايات (ص173). وفيما عدا بعض التعليقات المقتضبة حول مصداقية كرامات الاولياء و"الخرافات" فانه يهمل نقد مصادر العقائد الشعبية إهمالاً تاماً. ونتيجة لذلك فقد انتهى به الامر، كما أشرنا من قبل ، الى اعتبار ما جاءت به الآيات القرآنية عن الشهب والشياطين، إضافة الى شيطان الاعصار، من قبيل الخرافة، وهما حق ديني (1949 :172). علاوة علي أن النذر ليس دلالة على الخضوع الكامل للولي كما اراد لنا ترمنغهام ان نفهم . فخلافاً لذلك يرى حيدر ابراهيم أن مريدي الأولياء ماكرون نوعاً ما وعلاقتهم مع سادتهم تتسم بالمنفعية والعملية. ومن دلائل ذلك ما قاله حيدر عن تهديد القرويين للولي خلال طقس أداء النذور بالتحول عنه الي ولاء آخر إن هو فشل في تلبية حاجتهم. وقد قيل أن ولياً مشهوراً اشتكى من اساءات القرويين له واستفزازهم (حيدر ابراهيم1979 :156) .ويعتبر تحليل سيد حريز لأحاجي الجعليين (1977) وشرف الدين عبدالسلام لكرامات الأولياء (1983) تقدما جديرا بالثناء في مجال تحليل الأجناس الفولكلورية بالرغم من انهما لم يبتعدا كثيرا عن الولاء لاطروحة ترمنغهام في عرضهما لعقائد الإسلام الشعبي.

نظرة جديدة لاشكالية الإسلام الشعبي/الإسلام الأرثوذكسي

أوجزنا فيما سبق بعض الاخطاء التي وقع فيها الباحثون في محاولتهم تأسيس دراساتهم حول السلوك في القرية السودانية على مفهوم مسبق قائم على ثنائية الإسلام الشعبي/الأرثوذكسي. كما تناولنا بعض الاشكاليات الكامنة في افتراض مثل هذه الثنائية. ومن الناحية الاخرى فقد تشكك بعض الباحثين، مؤخراً، في جدوى مفهوم "الأرثوذكسية" نفسه سواء بالنسبة لدراسة الاسلام أو ممارسته. ففي قول بعض الباحثين أن إستخدام مفهوم الاسلام الأرثوذكسي أضحي اما أمراً متعذراً أو مسألة خاضعة لإيجاد تحديد صارم ودقيق له بفضل ما أولاه المؤرخون الاجتماعيون والاثنوغرافيون من اهتمام لرسم صورة دقيقة للاسلام في تضاريسه المتنوعة والمركبة، ومن السياقات المحلية لا من الكتب الشرعية وحدها.

وقد اتخذ هذا الانزعاج من مفهوم "الإرثوذكسي" منحى متطرفا في بعض الحالات. فعبدالحميد الزين، مثلا، يقترح التخلي عن مصطلح "الاسلام" الجامع المانع والمعرف بالألف واللام لأجل فهم أفضل لتجارب المسلمين المتنوعة في ضروب اسلامهم العديدة النكرة (1977 :227). ويرمي اقتراحه بصورة أساسية الى ازاحة مايطلق عليه الاسلام الأرثوذكسي عن موقعه المتميز بوصفه الاسلام ـأي ذلك المعرف بالألف واللام. وقد لفت العديد من الباحثين النظر الى الطبيعة المتطرفة لاقتراح الزين هذا (ايكلمان EICKELMAN 1981 :1؛ أسد 1986 :1؛ أكبر أحمد 1987 :220). وفوق ذلك يبدو اقتراح الزين لإفتراع "ثيولوجية شعبية" إسلامية صعب التحقيق . وهذه الثيولوجية الشعبية، التي تضارع الثيولوجية الرسمية تعني عنده "تجاوز النص المقدس لصالح نظرة ثاقبة مباشرة في نظام العالم" (1977 :24. ولعل احدى سلبيات فرضية الثيولوجيا الشعبية هذه أنها تبقى على ثنائية الإسلام الشعبي/الأرثوذكسي التي خرج الزين بالذات لهدمها .وهو بايحائه أن الثيولوجيا الشعبية قد تكون "الاسلام الحقيقي" (المصدر السابق :246) يحدث ضررا بالغا بقضيته الداعية الى أن الإسلام تجليات شتي كل منها صحيح النسبة للدين.

وعلى الرغم من الخلل في حجة الزين فان الثيولوجيا الشعبية قد تبرهن على كونها مجالا واعدا للبحث والدراسة. فقد جمعت مثلاً من الرباطاب حكما وأمثالا صيغت جريا على نهج السنة النبوية .ومع ذلك فان القول بوجود ثيولوجيتين متميزين في الاسلام أمر يصعب برهانه. وكما بين مايكل غيلسنان ،على نحو بارع، فان تعاليم القرآن والسنة والاحكام الشرعية قد نفذت من خلال قوة الثقافة الشفاهية الى صميم النسيج الذي يشكل حياة المسلمين واصبحت جزءا منه (1982 :35ـ36). وهكذا صح القول إن ما عددناه "الثيولوجيا الشعبية" هي بالأحري مجرد ثيولوجيا صفوة دخلت الماثور الشفاهي للعامة. ولعل إحدى مهام البحث الشيقة القادمة هي التحقيق في السبل التي أخذت العامة الثيولجيا الأسلامية وجعلتها جزءاً صالحاً من ثقافتها وممارساتها.

ويرى باحثون أخرون أن مسألة الأرثوذكسية ذاتها كمفهوم وممارسة دخيلة على الدراسات الاسلامية (سميث SMITH 1957 :20؛ ايكلمان 1981أ:213؛ تيرنر TURNER 1974 :62). فهم يرون، تبعاً لذلك أنه من الأوفق الحديث الأورثوبراكسية لا الأورثوذوكسية متي تعلق الأمر بالإسلام. والأورثوبراكسية هي مفهوم يعني إشتراك اهل الدين في العبادات والشعائر أكثر من إشتراكهم في العقائد اللأهوتية التي لا خلاف عليها (ايكلمان 1981 :204). وعلى الرغم من أن ديل ايكلمان قد ساهم في صياغة هذه الفرضية الا انه يلفت النظر ـ محقاـ الى قصورها (المصدر السابق :204). فهي تفصل في الاساس بين الشعائر والعقيدة اللذين يمثلان في واقع الامر جانبين لا غني عن اي منهما في اي حياة دينية تستحق الإسم (دائرة المعارف الدينية THE ENCYCLOPEDIA OF RELIGION :187). ولن تفلح فكرة جعل الإسلام وحدة شعائر لا عقائد في تفسير المحن العقدية التي تعرض لها علماء ومتصوفة مسلمين عبر التاريخ. فهناك محنة احمد بن حنبل ،شيخ المذهب الحنبلي، ومحنة ابن تيمية، حنبلي القرن الرابع عشر، ومحنة وإعدام الحلاج ـ صوفي القرن العاشر. وهي محن كانت مدارها صحة العقيدة لا سداد الممارسة. وكبديل للتخلي عن مفهوم الإرثوذكسية هذا بالكلية حاول بعض الباحثين ادخال تعديلات عليه. ويمكن للاسلام، بلا شك، ان يستخدم المفهوم بمعنى يختلف عن ذلك الذي ظل مستخدما حتى الآن . وقد يقتضي هذا بالطبع تعديلات جذرية عليه قد تنتهي باستبداله بآخر اكثر ملاءمة .

توافرت لنا منذ سنوات بحوث ودراسات جيدة عن ضروب الاسلام المحلي وتجارب الاسلام "الشعبي" والاسلام في التخوم . وهي دراسات ساقت الباحثين الى الفكرة القائلة بوجود معتقدات معيارية عامة تستبطن كافة ضروب الاسلام المحلية هذه (ايكلمان 1982 :1). ولكن هذه المراجعة لاتستلزم بالضرورة العودة الى مفهوم الأرثوذكسية القديم الذي تعرضنا له بالنقد لتونا . فلا مندوحة من القول أن الأرثوذكسية أساس في الإسلام. ويقول طلال أسد أنه من المؤكد أن للأرثوذكسية حضوراً في الاسلام. فهي عنده تتجلي "حيثما توفرت لدى المسلمين القوة لضبط وإعلاء شأن دينهم أو طلب الإلتزام بصحيح الدين والتكيف علي مقتضاه أو ما استخدموا تلك القوة لإستهجان الإنحراف في دينهم وحصره وتقويضه أو إحلال صحيح الدين في محله."( 1986 :15). فالأرثوذكسية كما يراها أسد، تقاليد خطاب DISCURSIVE TRADITION يمكن حتي للمسلم الامي أن يساهم فيها بفرز صحيح الدين والإلتزام به (المصدر السابق ).ويستطرد فيصفها بانها "علاقة مميزة ـ علاقة قوة" وليست مجرد فقه وشرع ومعتقد (المصدر السابق ) . وتغاير فكرة اسد هذه ،بوضوح، معنى الإرثوذكسيةالذي اعترضنا عليه في هذا الفصل. فقد فهمناها طويلاً كبنية من المعرفة والمتون أو المؤسسات الوصي الوحيد عليها هم علماء الدين . وفي تعريف اسد للإرثوذكسية يصبح عالم الدين، الذي كان في السابق الوصي والقيم الوحيد على التعاليم الاسلامية، وترا واحدا فقط في قوس" التقليد الإسلامي كما جاء عند غيلسنان (1982 :46) .

ومع ذلك يبدو ان أسد لم يصب تماما في مطابقته بين التقاليد الخطابية والإرثوذكسة. فللأورثوذكسية لوازم من إجراءات فقهية وسياسية كي تقع وتنفذ. وعليه فمفردات التقليد الخطابي قد تندرج أو لا تندرج في الأرثوذكسية حكماًً بصور الشوكة التي تسندها وتجعلها قانوناً نافذاً متبعاً. فالسنة والشيعة معاً في تركيا مثلاً يستهجنون ممارسات العلويين وينفونهم عن الإسلام. وبهذا الحكم علي العلويين فإن هؤلاء السنيين والشيعة قد ادلوا بدلوهم في ما هو صحيح الدين وشاركوا في الخطاب الذي يريد حفظ بيضة هذا الصحيح من الدين (ايكلمان 1981أ :220ـ221). ولكن يحتاج المرء الي ما هو أزيد من مجرد هذا الإستهجان والنفي عن الدين ليدرج رأي السنيين والشيعة الموصوف في الإرثوذكسة. وقد مر علي بين االرباطاب السودانيين من صرف عبارات تقولها كبار النساء من جيل مضي بمثابة إقامة للصلاة كلغو فولكلوري لا دين فيه. ولكن الباحث يحتاج لاكثر من مجرد نفي السنة والشيعة الاتراك للعلويين من الدين لكي يدرج رأيهم هذا في الإرثوذكسية. ونجد في الحالين تعييناً من مسلمين لصحيح الدين ، اي التقاليد الخطابية، من غير أن تتخذ هذه التقاليد صورة الأرثوذكسية الجامعة المانعة.

ويبدو ان العلاقة بين التقليد الخطابية والأرثوذوكسة في الاسلام تثير معضلة حقيقية للباحثين .وأطلق هودجسون HODGSON ، الذي واجه هذه المعضلة قبل أسد، علي هذه التقاليد الخطابية مصطلح "الإسلام الشرعاني" (1963 :229) وهي تسمية سرت سريان النار في الهشيم ووافقت هوي عند جملة من الباحثين (تيرنر 1974 :105؛ ايكلمان 1981أ : 221؛ بوسفيلد 1985 :207). ويعرف هودجسون هذا الضرب من الإسلام بأنه كيان كلي معقد من نظم السلوك والتفكير يتميز به أولئط المسلمون الذين يرون أن للشريعة القدح الأعلي في الدين والحياة. (هودجسون 1974 :351). وعلى الرغم من أن الإسلام الشرعاني ، حسب قول هودجسون ، ليس صورة الإسلام الوحيدة ، إلا أنه إكتسب منزلة خاصة بين صور اللأسلام الأخري. فقد إستاثر بالحكم علي صحيح الدين من غيره. فهو الذي بيده الأمر في موافقة ممارسات وعقائد المسلمين أم إنحرافها عن جادة الأسلام. (المصدر السابق :224). ومع ذلك فان هودجسون يقرر حقاً أن الإسلام الشرعاني ليس إرثوذكسية خلافا لافتراضات بعض الدارسين الخاطئة في هذا الشان (المصدر السابق :350ـ351). وبالمقابل يحتفظ هودجسون بمصطلح "إرثوذكسي" في دراسة الإسلام ليستخدمه في الحالات التي إستقرت فيها عقيدة او ممارسة بعينها وتوطدت إاما رسميا او اجتماعيا مما يسوغ وصفها بالإرثوذكسية. ومثل هذا الإستخدام المشروط لمصطلح "أرثوذكس" ، في قول هودجسون، لايتطابق بالضرورة، في كل الاحوال ،مع "الشرعانية". (المصدر السابق :351). إن تمييز هودجسون هنا بين الأرثوذكسية والتقاليد الخطابية مثير للاهتمام الا إنه لن يشبع الباحث الذي يريد أن يعرف كيف تشق مفردات التقاليد الشرعانية الخطابية طريقها الي الأرثوذكسية في الإسلام. فلم يفصل هودجسون في أمر المؤسسة أو المؤسسات التي لها الشوكة في تعيين ما الأرثوذكسي. كما لم يتطرق الي التقاليد الثقافية التي ترتكز عليها تلك المؤسسة او المؤسسات ليقع لها بها ذلك التعيين. وليس واضحاً من إجتهاد هودجسون في الأمر المدي الذي تطاله هذه الأرثوذكسة متي وقعت.

مما لا شك فيه سمو مهمة إعادة تعريف مصطلح الأرثوذكسية كأداة شوكة ثقافية من جهة و بما يأخذ في الإعتبار خصوصية الدين الأسلامي من جهة اخري. وليس في المجال فسحة هنا لمعالجة الاسئلة الهامة التي يثيرها هذا المشروع. غير أني سوف اسلط الضوء ،باقتضاب، على بعض المسائل المتفرعة عن هذه المراجعة. وعلينا هنا أن نضع نصب اعيننا اننا نتعامل، فيما يتصل بالاسلام إجمالاً، مع تقاليد خطابية صورها الدكتور بريان تيرنر بأنه تتمتع ب "بفضفضة جوهرية" (1974 :226). فليس هناك البابا الذي يحتكم اليه المسلمون حول صحيح العقيدة ولا المجالس اللأهوتية التي يتواثق عندها اهل الحل والعقد. وتبعاً لذلك علينا، مثلا، ان نحدد كيف يسعى الإسلام الى تحقيق الاجماع حول صحيح معتقده، وكيف ينعقد له الإجماع علي ذلك، وكيف يحافظ عليه ويوطده، وبأي حظ من النجاح. ولا مشاحة أن المحن الكبري مثل محنة إبن حنبل والحلاج وابن تيمية، التي المحنا اليها فيما سبق، ستكتسي قيمة عظمي في المباحث الأانثروبولوجي التي تتجه لغاية تعيين صور الإسلام المختلفة. ومن المفيد في معالجتنا لطريقة الإسلام في عقد الإجماع لصحيحه ان نعرف لماذا أحس ابن تيمية ،الحنبلي ، بعد اربعة قرون من اعدام الحلاج بسبب معتقداته الصوفية، بالحاجة الي الطعن في الرجل والتنغيص الغليظ علي ذكره. فلربما ألجأ ابن تيمية الي هذه الخطة النكدة فرط محبة الحنابلة من رهطه للحلاج بعد مر كل ذلك الوقت علي محنته (ماسيجنون 1982 :45).

اضافة الى ذلك نحتاج ان ندرس البنية الكهونتية (متعلقات إدارة الكنيسة الجامعة في التعبير المسيحي) في كل تعبير أو مؤسسة إسلامية. والبادي أن علماء الشيعة يتمتعون بقوة "كهنوتية" مؤسسية تضمن لهم تلاحم جمهور اتباعهم اكبر بكثير مما يتمتع به اضرابهم من علماء السنة . وسيقودنا هذا الي جملة ابحاث نافعة ولازمة وخصبة عن المدى الذي تطاله فتاوى العلماء ودرجة نفاذها، وبطش ووسداد مجالس التفتيش التي يعقدها العلماء للتحري عن إلتزام أفراد بعينهم بصحيح الدين، ومنزلة حكم الردة عموماً 12. ولعلنا نحتاج أيضا الي التدقيق في مصطلحات إسلامية راسخة مثل "الغلو" و "الاعتدال" و "تجاوز حد الدين"، كحدود تعين علي تمييز المباح والمندوب والمحرم إسلامياً لنستصحبها في مباحث الإرثوذكسية ومترتباتها في الإسلام. وفوق هذا فقد أشار ايكلمان ،ببراعة، الى أن أثر المال السعودي، الذي دعم المذهب الوهابي في بقاع دار الأسلام، في عقد اتساق إسلامي مشاهد حول صحيح الدين، من الموضوعات التي لم تنل حظها الكافي من الدراسة (1982 :11). ان دراسة المجالات المشار اليها آنفا مطلوبة من اجل توصيف دقيق لكيفية عمل مفهوم الإرثوذكسية في الاسلام قبل ان نقطع بوجودها في الدين او عدمه رجماً أو تكأة علي تقاليد دينية أخري .

وقد المحنا فيما سبق الى تشبث الاثنوغرافيين اكثر فاكثر بالمعتقدات المعيارية في الاسلام وهم ينبشون في البيئات المحلية الوصوف إسلامها بالشعبي. وهذا يتطلب منهم ،بدوره، تنويعا في تدريبهم يشمل التعرف على نصوص الاسلام الموسومة باللأرثوذكسيةORTHODOX ISLAM . ومثل هذا التدريب سوف يعرض للخطر ،بلا شك، تقسيم العمل البحثي حول الاسلام كما تصوره العالم الإنثربولجي الأمريكي روبرت ردفيلد (1985) فالماثور الثقافي عند ردفيلد إما "كبير" ويقصد به ثقافة الخاصة وإما "صغير" وهو ثقافة العامة. و جسد ردفيلد التفاعل بين المأثورين، "الكبير" و "الصغير"، في واقعهما الاسلامي، كلقاء بين فون جرنباوم VON GRUNBOUM ووسترمارك WESTERMARK . أما الأول فهو دارس لتراث الإسلام الفصيح وأمهات كتبه وتفاسيره ومتونه وحواشيه الرصينة المهابة. أما الثاني فهو عالم انثروبولوجيا انصب اهتمامه على المأثور الشعبي والمحلي والخرافي. فهما مثلاً قد درسا موضوع التفاعل بين الاعتقاد في الاولياء والصالحين ومفهوم الإسلام الشرعاني كل من زاويته وبما يسعف منظوره ومنهجه (1985 :48ـ49). وكيفما كان الأمر فان حظ مأثوري ردفيلد "الكبير" و "الصغير" من الذيوع في أدبيات الانثروبولوجيا حول الاسلام، جد قليل. وقد قبل به من دارسي الإسلام الدكتور جوزيف روجر JOSEPH ROGER الذي زكي ان يعيننا المصطلح كإطار لا بأس به لفهم بعض عقائد العامة. ولم يعلق روجر مع ذلك علي ثنائية ردفيلد فتحاً علمياً مرموقاً (1981 :8 ويرى ايكلمان، من الجهة الأخري، انه لايعني اكثر من حشد لا يسمن ولا يغني لبيانات بعقائد إسلام الخاصة، كا بوبها المستشرقون، ومقابلتها بقائمة حاشدة اخري من عقائد العامة مما إستنبطه الإنثربولجيون. وفي الحالات التي جرت في هذه المقابلة بين قطبي الثنائية (كما في تحقيق حيدر ابراهيم حول مفهوم السحر في قريته السودانية (1979 :135ـ143) مثلا) فان المرء ليشك في شرعية تقسيم الإسلام الى شعبي / تقليدي . وعلى نقيض اللقاء بين العقيدة والخرافة الذي هيأنا له ردفيلد في صورة إجتماع فون قرنبوم ووسترماك، فإن المقابلة بين قائمة إسلام الصفوة واسلام العامة أقرب الي مشهد الشخص الذي يرى صورته في المرآة أو يلتقي بنفسه في الجانب الآخر من الطوار.

يربط ايكلمان بين ميل الانثروبولوجيا المتزايد لتصبح مشروعا "أهليا"، اي ما يقوم به أهل البلد عن بلدهم بدلاً عن إحتكارها بيد البحاثة الأوربيين، وبين التعديلات الجوهرية التي لا بد أن تطرأ علي دراسة وتحليل التيارات الدينية الشعبية (1981أ :234). وربما كانت تدور بخلده حين قال بهذا الربط مساهمة المرحوم الأنثربولجي المصري عبدالحميد الزين (1935ـ1975) ووعده الذي عاجله الموت فذبل. ونقول بهذا عن إيكلمان إستنادا الى ماكتبه ايكلمان ناعياً الزين بالاضافة الى كتاباته أخرى. فأيكلمان مدرك ليس لما أنتوي الزين من تغيير لمنهج دراسة الإسلام الشعبي فحسب بل مدرك للحدود القصوي التي ربما قطع الزين أشواطها لتنفيذ منهجه المذكور لو لم يمت. (1981 :365). وكان الزين إقترح معالجة لنظام الرموز الدينية علي نهج المدرسة البنيوية. وهي مدرسة تري تلك الرموز قائمة كتعابير عن علاقات في تركيبة مجمل المجتمع. يقول الزين :



"علينا ان نبدأ، في هذه الحالة، من نموذج إسلام إنسان البلد NATIVE"" ونحلل العلاقات التي عينت معناه . وانطلاقا من هذا الافتراض يمكن لنا أن نلج عالم اللأسلام ونسبر غوره من أية نقطة كانت حيث لايوجد انقطاع مطلق في أي مكان بداخله. فلاتوجد كيانات مستقلة في باطن ذلك النظام ، وكل نقطة فيه يمكن الوصول اليها، في نهاية الأمر، انطلاقا من اية نقطة اخرى. وبهذا الفهم لن تكون للمعاني وظائف جامدة ممكن عزلها عن بعضها بصورة كلية أو إرجاعها ببساطة الي أي وحدة من وحدات التحليل سواء كانت رمزاً أو مؤسسة أو عملية إجتماعية إلا إذا فرضنا ذلك فرضاً علي الوظائف المذكورة. وأنتهينا بذلك الي ترتيب خارجي لها يخيم علي النظام الثقافي، الإسلام، بصورة مصطنعة ومن عل. وبمعنى آخر فإن بنيات النظام الثقافي الإسلامي وطبيعة مفرداته المكونة له هما ذات الشئ، اي أن منطق النظام هو محتواه، بمعنى ان كل مصطلح وكل كيان داخل النظام هو نتيجة علاقات بنيوية بين كيانات ومصطلحات اخرى ،وهكذا دواليك، بلا بداية للنظام ولا نهاية عند أي نقطة معينة مطلقة " (1977 :251ـ252) .

ويوحي الزين هنا ان مثل الترتيب المصطنع الدخيل على النظام هو ما يقع لنا متي ما تمسكنا بغير ضرورة بثنائية أرثوذكسي/شعبي .

والمهم أيضاً أن عبدالحميد الزين لم يقنع بردم الهوة بين "الإسلام الشعبي" و "الاسلام الرسمي" بل سعى ايضا الى لحم الانفصام في الأنثربولوجي نفسه وذلك من خلال بحثه، في أخريات أيامه، للحصول على درجة علمية في الفقه والتشريع الاسلامي ( ايكلمان 1981ب: 365). وكان يريد أن يلم بهذه العلوم الشرعية حتي لا يسلم أمر فهم الدين، متي عرض له إسلام الخاصة، لعلماء الدين مؤمناً علي دور زينوه لأنفسهم كسدنة للإسلام لا فهم له بدونهم ولا معقب علي قولهم. وهو دور خصهم به لأنثربولجي الباكستاني أكبراحمد بقوله: "ان تصحيح الفهم الخاطئ للاسلام عند رجال القبائل المسلمين هو مهمة علماء الإسلام الأورثوذكسي. أما نحن، كانثروبولوجيين ، فمعنيون بكيفية فهم المجتمع للدين وليس بكيفية رؤية الدين لنفسه " (1982 :19 . وخلافاً للزين فإن أحمد يوطن علماء الدين في مشروعهم كحراس للدين الصحيح. فقد ظل علماء الدين "يعتبرون سوء استغلال الاسلام او الفهم الخاطئ له عند رجال القبائل " من صميم الاسلام "الشعبي" أو الضال . وهذا منهاج سيبقي علي الثنائية الأورثوذكسية-الشعبية. وللخروج منها يلزم أن نتجه الي دراسة افضل لكيفية فهم المجتمع للدين، او الدرس الأفضل للدين الشعبي الذي سيقتضي تجاوز الحدود التي إقترحها أحمد. فالتأهيل الشرعي الفقهي الذي طمح له الزين في أخريات عمره مما يشير بقوة الي الحاجة الملحة لخرق حدود بروتوكول تقسيم دراسة الدين بين غون قرنبوم ووسترمارك.

خاتمة :ـ

تنطلق هذه الورقة من الارتياب في فعالية مفهوم الاسلام الشعبي الذي اطلقه ترمنغهام عام 1949 م لوصف دين "العرب ـ الافارقة" بشمال السودان . وقد اتضح ان هذا المفهوم يرتبط ارتباطاً لافكاك منه بوجهة نظر سلبية أشمل تستهجن الطبيعة الهجين لاؤلئك الناس حيث تعتبرهم نتاجا لدم سفاحي ملوث تم فيه التنازل عن نقاء كل من العنصرين العربي والافريقي . ونتيجة لذلك فإن اسلامهم تشكل على صورتهم فجاء "مموثناً"، اي مترعاً بالوثنية، وفي درك من الثقافة. إضافة الى ذلك فان الورقة ترى ان مفهومي التوفيقية SYNCRETISM والأرثوذكسية ORTHODOXY قد قيدا خطا دراسة الاسلام في السودان بفرضهما على مادة البحث ترتيباً حكمياً، خارجياً، مزيفاً. و عليه يمكن وصف تلك الدراسات التي تاسست علي ثنائية الشعبي والأرثوذكس بانها تتناول الإسلام في صدام مع السودانيين وليس إسلام السودانيين . وبسبب قبول الأنثربولجيين لثنائية شعبي/وأرثوذكسي بصورة مسبقة فإنهم قد انحدروا في بحث غير رشيد مما يسميه الغربيون ب "صيد الفراشات" يتعقبون به الغرائبي والمنحرف والخرافي من العقائد لحشدها في فصل مستقل عن إسلام القرية التي يدرسونها. وهذا منهج أطرق ينتزع الاسلام من جملة حياة أهل القرية في زواجهم وعقودها وتنشئة بنيهم وبناتهم، وموتهم وشعائره، اي في معاشهم ومعادهم. وتري المقالة أنه لكي ندرس بصورة أحذق ما تعارفنا عليه بإسم الإسلام الشعبي وجب علي الأنثربولجيين إحسان المعرفة بما يسمونه الأسلام الأرثوذوكسي والتدريب في فنونه حتي لا ينصبوا بغير ضرورة ملجئة علماء الدين اوصياء عليهم في مجال حيوي من مجالات علمهم.

هوامش

1ـ دخل مكمايكل (1892ـ1969) في خدمة حكومة السودان (الاستعمارية البريطانية) في عام 1905 وتدرج فيها حتى تبوأ منصب السكرتير الاداري في عام 1926 .

2ـ انضم ترمنغهام (1904ـ ) الى خدمة جمعية التبشير الكنسية واصبح سكرتيرا عاما للجمعيات التبشيرية في كل من شمال السودان أعوام 1937ـ1949، ومصر أعوام 1949-1951 ثم غرب افريقيا أعوام 1951ـ1952، حيث استغرقه البحث الاكاديمي منذ ذلك الحين . ومن المدهش ان تظل صورة مبشر للإسلام في السودان متماسكة لا يعتورها شك أو تصويب على مدى العقود التي إنصرمت منذ الخمسينات وخلال فترة مضطربة طوال عهد الإستقلال اصبح فيها موضوع الدين طاغيا في الساحة السياسية . ولا لا غلاط أن تحيزات ترمنغهام التبشيرية تنفذ من خلال عمله بلا مواربة . ويكفي ان نشير الى قوله ان السوداني اذا ما "حرر من إرثه الديني فان تطوير فكره وخياله سيكون أمراً ميسوراً " (1949 :22) . وغني عن القول ان هذا "التحرير" هو نقطة البداية لأي مبشر . وواضح أن صورة ترمنغهام لإسلام السودان احتفظت بجاذبية نافذة إختلف إغراؤها بإختلاف من وقعوا اسري لها. وبدا لي أن رواد الحركة الوطنية واليساريين قد راقهم فيها الفصل بين الأسلام الشعبي والرسمي أو الأرثوذكسي. فمثل هذا الفصل يبيح لهم أخذ جانب الدين الشعبي وشجب طبقة العلماء الدينية المتهمة عندهم بممالاة الإستعمار أو الشطط الديني. أما الإسلاميون فقد وطدوا عزمهم علي تربية او حمل الناس علي صحيح الدين لما مثله الأسلام الشعبي من إنحراف عنه. وقد وجد الاثنوغرافيون، من الناحية الاخرى ، ان الاسلام الشعبي قد فصل من نفس القماشة الريفية الهامشية التي هي مادة شغلهم البحثي. وتشكل هذه الجاذبية المتعددة الوجوه للاسلام الشعبي موضوعا شيقا للبحث في حد ذاته.

3ـ يطلق عليه آدمز اسم "الدين الشعبي" (1977 :574،577) . ويرى باركلي ان الطرق الصوفية ليست دينا "شعبيا" بكل معنى الكلمة حيث انها ذات جذور في تاريخ المسلمين الفكري (1964 :137) .

4ـ إختلف الباحثون في تعيين الطبقة الثقافية التي تهجنت مع الإسلام لدي وفوده الي أرض النوبة. فقد وصفها بعضهم بالوثنية او السحر (ترمنغهام 1949 :111؛ باركلي 1964 :266؛ عبدالحي 1976 :28؛ حريز 1977 :52،60؛ ابراهيم 1979 :126؛ نصر 1980 :91؛ عبدالسلام 1983 :10). ويبدو ان آدمز هو الوحيد الذي إعتقد أنها ثقافة مسيحية متماسكة ومؤثرة في أهلها تفاعلت بقوة مع الاسلام الوافد (1977 :591) . ومما يستغرب له أن هؤلاء الكتاب، خلافاً لآدم، شككوا في مسيحية السودانيين التي كانت دين السودانيين لحوالي ثمانية قرون خلت قبل اللأسلام، ونسبوها الي الوثنية أو السحر. والسبب البادي في هذا الإرذاء بالمسيحية السودانية أن هؤلاء الكتاب إعتقدوا أن مسيحية السودانيين كانت سطحية الأثر ولم تفلح في اقتلاع جذور الوثنية التي سبقتها . فقد قال ترمنغهام إن المسيحية السودانية لم تكن سوي دين للدولة بينما لم يكن الناس علي دين ملوكهم وظلوا يحتفظون بأرواحيتهم الوثتية (1949 :77) .

5ـ يذكر حيدرابراهيم منظور المؤمنين هذا،عرضا، ودون تركيز في تناوله له خلال تأطيره لدراسته عن الاسلام في قريته الشايقية . ويلفت النظر ، محقا، مع ذلك الى ان كل طائفة من المسلمين في القرية تعتبر نفسها وحدها العارفة بصحيح الدين وتدعي حوزة السداد في معرفة ذلك الصحيح دون الآخرين (1979 :127)، ولكنه للأسف لم يتحر بإستقامة هذه النقطة الهامة بل تجاوزها متمسكاً بثنائية الشعبي والأرثوذوكسي (1979 :126) .

6ـ يرى ترمنغهام ان سمة الاسلام الافريقي المفردة تتمثل في ان اعتناقه لايسبب الا قدرا ضئيلا من الاهتزاز الداخلي في الحياة الاجتماعية ومأثور الإنسان الأفريقي العائش علي الطبيعة. والسبب في ذلك أن هذا الأسلام لا يستنكف إستصحاب ملامح الوثنية الأساسية ويهجنها في صحيح معتقده (1949 :249) . وبهذا يفسر ترمنغهام النجاح الكبير للإسلام في افريقيا لأن تحول الأفريقي اليه لا ينزعه جملة واحدة من أكثر عقائده الوثنية (1949 :165). ويناقض ترمنغهام مع ذلك نفسه حين ينسي مقولته عن هذا التساهل الفطري للإسلام في قبول الهجنة حين فسر السودانيين الجنوبيين عنه. وقال أن هذا الإنصراف راجع الي المقاومة الطبيعية للقبائل الزنجية للاسلام "حيث ان الارواحية الوثنية شديدة المحافظة بينما الإسلام يدمر المؤسسات الوثنية " (1949 :104) .



7ـ يبدو ان عدم الدقة في تحديد ماهو من الأسلام الأررثوذكسي وما ليس منه فاشية. فميشيل ميكر MICHAEL MEEKER يري أن أداء فريضة الحج عدة مرات ليس من الإسلام الأرثوذكسي في شيء. ويقرر أيضاً بغير سند أن الوقوف بعرفة في الحج امر منهي عنه في صحيح الإسلام (1979 :266) .والحكمان خاطئان من وجهة نظر الاسلام الموصوف بالأرثوذكسية.

8ـ يقدم جاك واردبيرج JACQUES WAARDEBURG اطارا فكريا ًاوسع للتعيين الأخرق للأرثوذكسية في الاسلام وذلك من خلال تفسيره لاسباب ضآلة مساهمة البحث الاكاديمي الغربي في تعميق فهم العلائق الواشجة بين الاسلام الشعبي والاسلام الأرثوذكسي. يقول واردبيرج : "بما ان أهل العلوم الإجتماعية قلما يعرفون النصوص الاسلامية الآمرة . . . فإنهم ظلوا يركزون مباحثهم على الاسلام الشعبي حيث وجدوه غاصاً بعناصره "البدائية"... فالانثروبولوجيون يعتبرون الإسلام الشعبي الشعبي هو اسلام الناس الحقيقي بينما يعتبرون الاسلام الرسمي (الأرثوذكسي) مثاليات دينية لدى بعض المشرعين وعلماء الدين البعيدين عن الناس (1978 :335ـ33 .

9ـ المصادر التي اعتمدت عليها دائرة المعارف الإسلامية ، لا تقرها، في حقيقة الامر، علي حكمها بأن العين خرافة ليست من الدين. ولم يزد ابن الاثير والمتقي، ممن رجع اليهم كاتب مادة (العين الحارة) في دائرة المعارف، عن لجوء المصاب بها الى ضارب الودع للوقاية منها ( ابن الاثير 1893 :202، المتقي 1969،4 : 220) . وفيما عدا هذا الاحتراز فان المتقي يورد خلاصة لمعظم الاحاديث النبوية التي تقرر ان العين حق (1971 :744،746) .

10ـ يرى ايكلمان ،على سبيل المثال، ان المرابطية ،وهي مصطلح أهل المغرب لعقيدة الناس في الأولياء الصوفية، لا نسبة لها في الإسلام الأرثوذكسي. وهي عنده في احسن الأحوال ضرباً من الأورثوزبوكسيةORTHODOXY وتتبع شعيرة طقسية راسخة (1981أ :225) .

11ـ يرد في إقامة الصلاة تلك ما يلي:

الصلاة صلاتك

والواطة واطاتك

ونقع ونقوم على جلاتك

ترجمها عن الانجليزية محمودالامين في " الصوفية في السودان SUFISM IN THE SUDAN " بحث لنيل درجة الشرف ،الجامعة الامريكية ببيروت 1970 .

12ـ للوقوف على تطبيق حديث لهذه السلطات العقابية الدينية انظر محمودمحمد طه (1987) .


--------------------------------------------------------------------------------
منقول عن موقع سودانايل

Post: #207
Title: Re: عن اي استقوال تتحدث اخي هاشم الحسن؟
Author: Agab Alfaya
Date: 05-21-2004, 08:32 PM
Parent: #1

اخي هاشم الحسن
يبدو انه قد انطبق عليك المثل :ملكي اكثر من الملك !
فبالرغم من اقرار دكتور عبد الله وعدم اعتراضه علي قراءتنا له
بل وتاكيده علي كل اطروحاته في عموده اليومي الذي ينشره بجريدة الصحافة هذه الايام ،واتخاذه منحي اكثر مباشرة وجسارة في التوسع في هذه الاطروحات،الا انك تصر علي اننا لم نفهمه الفهم الصحيح وان قراءتنا له غير صحيحة واسقاطية وتعتمد علي الاستقوال!

فعن اي استقول تتحدث اخي الكريم ؟
ها هي ورقة دكتور عبد الله نشرناها امامكم وها هي قراءتنا لها ،
وها هي مقالات دكتور عبد الله التي لم يجف مدادها بعد توكد ما قلناه
بل ويذهب فيها اكثر مما ذهب اليه في تحالف الهاربين .
فارجو يا اخي ان تضع يديك علي اي معلومة او واقعة نسبناها للدكتور
استقوالا ،حتي لا ياتي الكلام مطلوقا علي عواهنه.

الحقيقة ان الاستقوال هو الاستراتيجية التي يتبعها الدكتور في نفيه للواقع الافريقي السوداني من خلال نقده لكل من يتحدث عن هذا الواقع .

- ان اتهامه للافروعروبين بانهم انما يرددون مقولات المستشرقين من امثال مكمايكل وترمنجهام ،استقوال.
- زعمه بان الافروعوربين يريدون استنساخ هجين عربي افريقي من كل قوميات السودان استقوال .
- قوله ان ناس الغابة و والصحراء اساؤا للافريقي استقوال.
- زعمه بانهم صوروا الجنوبي في صورة بدائي نبيل استقوال.
- اتهامه بانهم يهدفون الي خلع انتمائهم العربي الاسلامي استقوال.
- الخ ....

اخيرا هل تسمح لي اخي هاشم ان اوجه اليك سؤالا ،والغرض من السؤال الخروج بنتيجة من هذا الحوار،
والسؤال هو: كيف تري انت واقع الحال الثقافي والاثني في السودان ؟

ولك شكري وتقديري علي اثراءك لهذا النقاش.

Post: #209
Title: Re: عن اي استقوال تتحدث اخي هاشم الحسن؟
Author: ودرملية
Date: 05-22-2004, 00:11 AM
Parent: #207

سلامات
وعوافي
فوق
ينبغي ان يظل هذا البوست في الصفحة الاولي لكل من يطمع او يتعشم في الاستزادة من صراع الهوية وماالي ذلك
وحقيقة اتمني دوما تواجد كل الاطراف في هذا الحوار الحسن ود.النور بشاشة واستاذ الخاتم وبكري الجاك وكم كنت اتمني وجود اسامة الخواض ايضا فاستعصاء الخلاف بين النخبة الواعية ينبغي ان يكون نتاجه ثمرة طيبة تساعدنا نحن جمهور المتابعين في تدشين حصيلة معرفية علي الاقل يمكن ان ندافع بها عن مفهومنا للهوية في ابسط المواقف ان لم تستفحل
نشكركم كثير ونقدر لكم تجشم العناء في مواصلة هذا السجال الاكاديمي الصارم والموضوعي في ابهي صور التحاور ولو كنت الحظ بعض الغيظ المتبادل بين الفيا والخواض لتعصب كل منهم لمنهجيته
شكرا كثيرا مرة اخري لكل الشرفاء المرابطين هنا لاجلاء الغيوم عن موضوع الهوية
اتمني دعوة الدكتور عبدالله بولا لهذا السجال
سلمتم جميعا

Post: #210
Title: كيف تري انت واقع الحال الثقافي والاثني في السودان ؟
Author: هاشم الحسن
Date: 05-22-2004, 07:47 AM
Parent: #207

حباً و كرامة يا عزيزي عجب الفيا..
و الإجابة..
أراه:
متعدداً..
كان بعضه
يسعى في (صهر) البعض الآخر
و تذويبه...!!
الآن بعضه
يسعى في (هدم) الآخر!!
و نفيه عن الوجود..!!
الأجدى، في نظري، هو أن يقرّ الكل للكل بالحق الكلي في الوجود و الإنتماء،،، كما يشتهون.
كيف؟؟ هذا هو الحوار الذي ما برحنا نراوح فيه مبدأ (معرفة الشئ كما هو عليه فقط)..
و سأعود.. بي مهلة.. بعد فراغي من قراءة ورقة د.الباقر العفيف التي هدانا لها مشكوراً الأستاذ الخاتم عدلان، له التحية.
و الورقة، بدسامتها البحثية فيما قرأته منها حتى الآن، مما سيثري هذا الحوار و يفتح للفكرة (منتزهاً) أرحب..
و سلمت يا منعم

Post: #212
Title: Re: كيف تري انت واقع الحال الثقافي والاثني في السودان ؟
Author: Bakry Eljack
Date: 05-22-2004, 12:16 PM
Parent: #210

الاخ هشام

شكرا كثيرا على نقلك لنا لكتابة الدكتور عبد الله على ابراهيم, فهى وان اختلفنا معها تقف تاكيدا على ان مثل هذه الرؤية لها وجود فاعل فى مخيلة الكثير من قاطنى الشريط النيلى الذى يسعى الدكتور الى الدفاع عن عروبته, و ان كنت اتفق مع الاخ الفيا ان الدكتور قد اسقط ورقة التوت عن نفسه اخيرا بعد ان كان يتحصن فى المعيته و فى تواريه خلف حصافته اللغوية و فطنته الاكاديمية ولا اري ما يعيب الدكتور فى قول انه عربى وان سكان الشريط النيلى ممن يسميهم قبيلة الجعليين الكبري بانهم عرب حتى وان تنكر لهم العرب فالامثل عنده التوسع فى العروبة و اجراء البحوث حول لون العرب الاصلى ان كان هو السواد او الخضرة وان يبحثوا حول كيفية نطق القاف والغين على طريقة قلب الطاء ظاءا عند بعض القبائل العربية, وهاهو ينصح الاخ عجب بالتوسع فى العروبةبل وبامكان كل من يري فى قول الدكتور عبد الله ما ينفع الناس فليمضى فى بحثه حول التوسع فى العروبة, ولكن اسمحوا لنا ان نقول رايا قيميا و معياريا ما عهدنا قوله الا فى الاوقات المستعصية التى يكون لاخيار لنا سوي قول ما يجب ان يقال, وللامانة ان بحوث الدكتور بقدر ما بها من ثراء اكاديمى و اجتهاد فهى بلا شك عندي اصغر فى نظري كثيرا من جرح هذا الوطن بل اري فى الكثير منها مدعاة الى الاحتراب والى الاستعمار الجديد بعد اكتمال اضلع المشروع القائم على

1- بعث الشريعة ونفض الغبار عنها بعد ان ينهزم مفوهم الاسلام الارثوذكسى و الشعبى وغيرها من شائبات الاستشراقيين ومن لف لفهم

2- التوسع فى العروبة بالمغالطات البحثية

3- قيام اشجار النسب التى تنسب من يظن دكتور عبد الله انهم عربا الى العروبة

واهم تكتيكات هذا العبد الله تكمن فى جعله الباب مواربا للراغبين فى الدخول فى مشروع الهوية الكبري هوية الجعليين الكبري عبر عمليات اعادة الانتاج و غيرها بالدخول كما فى قوله ان مفهوم الهوية هو مسالة خيارات , و عليه تكون الاضلع قد اكتملت و من ثم تبدا غارات الاستعمار السودانى السودانى فى دورته الثانية,
هذا على اقل تقدير ما استطعت فهمه من خلال قراءتى للكثير من كتابات الدكتور عبد الله على ابراهيم, وللعلم فقد خصصت وقتا لم اخصصه لباحث فى الاونة الاخيرة لاقرا مرة واثنين وثلاثة حتى لا اظلم الرجل و رغم ذلك لم افهم غير الذى خرجت به, ولا غرو عندي فى ان اقول هذا القول حتى وان كان الدكتور عضوا فى حزب لى او كان استاذا لى او كان من اقربائى.
كتبت


كان بعضه
يسعى في (صهر) البعض الآخر
و تذويبه...!!
الآن بعضه
يسعى في (هدم) الآخر!!
و نفيه عن الوجود..!!


هل لك ان توضح لنا بالاستشهادات من كان يسعى لصهر البعض و ما هى اليات هذا الصهر؟؟

كما هل لك ان توضح لنا من هم البعض الذين يسعون الى هدم الاخر ونفيه من الوجود ومن هو هذا الاخر؟

ولك احترامى و تقديري
ولابد لى ان اثنى على طول نفسك فى هذا الحوار.


كلمة للاخ عجب الفيا: اعتقد انه لابد من المواصلة فى هذه القراءت الى اخرها حتى نستجلى ما اراد الدكتور قوله ولم تستطع عقولنا المتواضعة التى استطاعت فهم مشروع الدكتور محمد عابد الجابري بكل اكاديميته القحة, واستطاعت فهم بنيوية جان بياجيه و استطاعت فهم كل مفكري الثورة الفكرية الفرنسية من جورج لوكاتش و ميشيل فوكو و استطاعت فهم اللا منتمى و استطاعت فهم ليفى شتراوس فى هكذا تكلم ذرادشت كما استطاعت فهم الكثير من المفكرين اللذين اذا قررت حصرهم فساكون كاذبا, ولكنها لم تستطع فكر هذا العبد الله
؟

بكري الجاك

Post: #213
Title: Re: كيف تري انت واقع الحال الثقافي والاثني في السودان ؟
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 05-22-2004, 06:21 PM
Parent: #212

الأعزاء أجمعين
أعتذر عن الإختفاء في الأيام الماضية
فقد ضرب كمبيوتري فيروس جيد الصنع، جعله يتصرف كالمجنون. ولقد أمضيت الأيام الماضية في التردد على عيادات الكمبيوتر. وعموما نسال الله دوام الصحة والعافية لكمبيوتري المتوعك، الذي لا تزال به بقايا من مس الجنون الذي اصابه.


العزيز هاشم الحسن
شكرا لك على توسيع آفاق الحوار، وعلى أدبك الجم، في الإشارة إلى مواضع الخلاف.

لا حاجة بك يا عزيزي للإعتذار. فأنت حين تكنيني "بأبي النحلان"، فإنك لا شك، تعلي من قدري. والكنية التي كنيتني بها، كنية تسرني، لكونها تربطني، بجدي الشيخ، العارف، حمد ود الترابي، الملقب بحمد النحلان. وسبب اللقب، فيما سمعت من أبي محمد ود حمد ود إدريس، الترابي، الذي أنار طفولتي بقصص الأولياء والصالحين، إضافة إلى ما قرأت لاحقا في طبقات ودضيف الله، هو أن الشيخ حمد قد دخل الخلوة، وبقي فيها ستة وثلاثين شهرا ـ هكذا يحكيها أبي، ولا يقول ثلاث سنين! ـ دخل الشيخ حمد الخلوة، عقب شهوده واحدة من كرامات أخيه الأكبر، الشيخ ننة الترابي. وقد كان حمد فقيها، يدرس الناس مختصر الخليل، وكان ننة صوفيا، تتلمذ ضمن من جرت تسميتهم "برجال الضحوة" على يدي إبن خالته، الشيخ، دفع الله العركي، الذي كان هو الآخر محبا، مزوارا لضريح الشيخ إدريس ود الأرباب. وكان الشيخ دفع الله العركي، ينزل عند إبني خالته، ننة، وحمد، في قريتهم التي تبعد، بضع كيلومترات، شمالي موقع مدينة الكاملين الحالي، وهو في طريقه، من أبي حراز إلى العيلفون، ومن العيلفون، رجوعا، إلى إبي حراز.

وإسم الشيخ ننة الأصلي هو، محمد، بن عبد الرحمن، بن عبد الله. وقد اكتسب اللقب، "ننة" اثناء تتلمذه على الشيخ دفع الله العركي. وقد دخل حمد مع أخيه ننة في نزاع حول أرض موروثة لأسرتهما، تسمى "أم تكل"، وأوشك أن يذهب بهما الخلاف إلى حد الوقوف أمام القاضي، بقرية ود عشيب، المقابلة لقريتهم، في الضفة الشرقية للنيل الأزرق. وحين رأى حمد كرامة أخيه الأكبر ننة، تنازل عن الأرض، وروي عنه، أنه حين تنازل عن تلك الأرض لأخية "ننة"، حلف ألا يرث جنى جناه، شيئا من أرض "أم تكل". ثم دخل، على أثر ذلك، الخلوة التي استمرت ستة وثلاثين شهرا، وخرج منها، كما روي عنه، جلدا على عظم. وقيل إنه عاش طيلة فترة الخلوة، على "مُطَّالة" من دقيق الذرة، وشيء من القرض. وبسبب خروجه ناحلا، نحولا، شديدا من تلك الخلوة، سُمي بحمد النحلان.

وما أن خرج الشيخ حمد من تلك الخلوة، بدأ حقبته الملحمية، المدونة في كتاب الطبقات، التي اتسمت بالتصدي لجور سلاطين الفونج، على الأهالي. وقد كانت قبائل الضفة الشرقية للنهر، التي تعمر البطانة في طرفها القريب من النيل الأزرق، تحتمي بالشيخ حمد، من غارات سلاطين الفونج، التي كانت تستهدف سلب بهائمهم. وللشيخ حمد قصة مشهورة مع قائد فونجي، يسمى ود التُّمَام، خرج من سنار، وأخذ يسلب بهائم الأهالي، حتى وصل إلى منطقة ود الترابي. وحين تسامعت القبائل بحملته تلك المتقدمة شمالا من جهة سنار على طول النيل الأزرق، هرعت القبائل إلى الشيخ حمد. وفيما يروى فإن الشيخ قد رد عدوان ذلك القائد بكرامة، وأنقذ ممتلكات الأهالي من السلب. (راجع كتاب الطبقات تحت حمد النحلان).

قدم الأجداد الأوائل للشيخين، ننة، وحمد الترابي، من دار البديرية، المعروفة، عند منحنى النيل، في السودان الشمالي، وتناثر أولئك القادمون الأوائل، في سهول الوسط، على طول النيل الأزرق، ضمن حركة المد الصوفي الكبيرة، التي انتظمت قرون السلطنة الزرقاء الثلاثة.

إشارتك إلى حمد النحلان، فتحت لي بابا شيقا في سؤال الهوية. فللشيخ حمد قصة مروية عن صراعه مع السلطات الحجازية، عند أدى فريضة الحج. سافر الشيخ حمد، إلى الحج، بعد أن خرج من خلوته تلك. وقد ورد في أخباره المكتوبة، والمرويةأنه سار في موكب مهيب من حيرانه، راجلين من منطقة ودالترابي، حتى سواكن. وقد عبر الشيخ وحيرانه النيل الأزرق، عند قرية كلكول، الحالية شمالي الكاملين، ثم عبروا سهل البطانة، ومناطق قبائل البجا، فيما وراء الإتبراوي، حتى وصلوا مرسى سواكن القديمة. ويحكي أبي قصة شيقة، توارثها عن أجداده، عن نزاع نشب بين الشيخ حمد وقبطان السنبوك، الذي كان يقل الناس عبر البحر الأحمر. فقد سأل قائد السنبوك، الشيخ حمد أن يدفع أجرة عبور من معه من الفقراء. فقال الشيخ حمد، إنه قاصد بيت الله، ومن يقصد بيت الله لا يحمل معه مالا. فرفض قائد السنبوك حمله ومن معه من حيران. ويقال أن قائد السنبوك عجز عن مغادرة المرفأ، وتعثرت جهوده للمغادرة، مما اطره في نهاية الأمر، طلب الصفح من الشيخ، وقبول حمله، وحيرانه على ظهر مركبه. ويقال أن صاحب السنبوك، أرسل رسالة مع واحد ممن كانوا معه في السنبوك، إلى سلطات الحجاز، في ذلك الوقت، قائلا، إن "ساحرا سناريا"، يتوجه في مجموعة من أتباعه إلى مكة. وفي مكة أستقبلت سلطات الحجاز الشيخ حمد، بعداوة، ظاهرة، وذلك للإعتقاد بأنه، "ساحر سناري". وتقول الروايات، إن الشيخ حمد، إدعى المهدية، في فترة إقامته هناك. ويقال إن محاولة لقتله بالسم، قد جرت هناك، ولكنه نجا منها. ويقال، أيضا، إن مطرا شديدا، نزل في شعاب مكة، في تلكم الأيام، فسالت أوديتها المتحدرة من الجبال، وتهدمت من جراء السيول، كثير من أبنيتها. وفي هذا قال شاعره:

نِسِلَْتكْ دهمشـيَّة، وسـاكنين الغـربْ
وبى كلكول قطع، ما دارلو زاد، وُقِرَبْ
وفي مكة أم حطـيمْ، هدَّم بُنَاها، خَرَبْ

وقصة ما جرى للشيخ حمد ود الترابي في الحجاز، فيها إشارة إلى هويتنا التي تميزنا. وواضح من القصة أن الإسلام الذي خرج من جزيرة العرب، في القرن الثامن الميلادي، وتوغل في فجاج إفريقيا، قد عاد إليها، في القرن السابع عشر الميلادي، بعد غيبة شارفت العشر قرون، في شخص الشيخ حمد، وحيرانه، في هيئة أنكرها، أهل جزيرة العرب. فنسبوا الشيخ، وأفاعيله، وحيرانه، إلى السحر! وما أسهله من حل!!

شكرا لك، أخي هاشم، على تلك الإشارة، إلى حمد النحلان. فهي قد أعطتني فرصة هذا الإستطراد. ومهدت لي للدخول، دون اجتراح قفزات مربكة، إلى سوح الكبريت الأحمر، تاج التصوف الإسلامي، وغرته، الشيخ محي الدين إبن عربي. ثم إلى سوح الأستاذ محمود محمد طه، الذي رفع التصوف الإسلامي، فعلا، وقولا، إلى قمة غير مسبوقة. فنحن حين نتحدث عن هويتنا، في هذا الفضاء الإنساني، نتجاوز الآفروعروبية، التي مثلت وصفة توفيقية للخروج من أزمة السودانيين الشماليين، إلى سوح الفكرة الصوفية في تجلياتها الإنسانية الكوكبية. وهو الفضاء الذي يشار إليه في الأدبيات الغربية بكلمة mysticism . ففي هذا الفضاء الرحب، ينمحي الإستعلاء العقيدي، وتدخل الديانات كلها، في تشكيل مركب الهوية، على قدم المساواة. ويستوى في هذا الدخول الدين الكتابي، وغير الكتابي. فالمجال هنا للتجربة الروحية، والتجربة الروحية ليست وقفا على قبيل من الناس، دون قبيل آخر، وليست وقفا على دين دون دين آخر. هنا يستوى، المطران المسيحي، والراباي اليهودي، والشيخ الأزهري، والراهب البوذي، والهندوسي، والفقير الصوفي، والكجور، (وقيل كمان جماعة الخضر!). القيمة هنا لما يتضمنه التصور، ايا كان، من العناصر المففكة لماكينزمات الإستعلاء بكل صورها. وأيضا العناصر الحاملة لجينات اكتمال العدل والمرحمة، وأفول شمس الشر والعدوان. هذا هو جوهر الحلم الإنساني الكبير، وما عدا ذلك مجرد زخم شغل أغلبية بني البشر، فيما لا طائل تحته. وإلى لقاء قريب، بإذن الله.

Post: #215
Title: Re: هل نطمع في المزيد من الايضاح اخ هاشم ؟
Author: Agab Alfaya
Date: 05-22-2004, 08:28 PM
Parent: #1

شكرا اخي هاشم علي الاجابة السخية واعتقد اننا بهذه الاجابة
قفذنا خطوات بهذا الحوار الي الامام:
Quote: أراه:
متعدداً..
كان بعضه
يسعى في (صهر) البعض الآخر
و تذويبه...!!
الآن بعضه
يسعى في (هدم) الآخر!!
و نفيه عن الوجود..!!
الأجدى، في نظري، هو أن يقرّ الكل للكل بالحق الكلي في الوجود و الإنتماء،،،

دعني اضم صوتي الي صوت بكري الجاك لمزيد من الاستيضاح:
ما هو البعض الذي كان يسعي الي صهر الاخر ،
وما هو البعض الذي يسعي الان الي هدم الاخر ونفيه عن الوجود ؟

التحية لاستاذي النور حمد وحمدلله علي السلامة
لك تقديري واحترامي بكري الجاك وسوف اواصل ان شاءالله

Post: #216
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: نصار
Date: 05-22-2004, 10:25 PM
Parent: #1

الاخ بكرى الجاك

هذا العبد الله لا ينتج فكر ليفهم كل ما يفعله هو
تزويق نظرة متخلفة بترصيعها بأنشاء مفوف جميل
المنظر و لا مخبر له سوى عصبية لا تجمل بأكاديمى
يحمل لغب الدكتور فهو مجتهد لكن اجتهاده ماهو
الا لهاث مكابر لإثبات حقائق افترضها هو و اوقف
نفسة لمجادلة الواقع و الحقيقة و من يقولون بهما

Post: #218
Title: Re: اذن ما الاعتراض علي وصف هذا الواقع بانه افروعربي؟
Author: Agab Alfaya
Date: 05-23-2004, 06:09 AM
Parent: #1

في الاجاية علي سؤالنا كيف يري هاشم الحسن واقع الحال الثقافي
والاثني في السوداني ؟
اجاب بالاتي :
Quote: أراه:
متعدداً..
كان بعضه
يسعى في (صهر) البعض الآخر
و تذويبه...!!
الآن بعضه
يسعى في (هدم) الآخر!!
و نفيه عن الوجود..!!

وقد سالنا هاشم مزيد من الايضاح الا انه لم يفعل او ربما لم يتاح له الوقت ذلك .

ولكن ما فهمته من كلامك اخي هاشم ان البعضين هما البعض العربي والبعض الافريقي،
البعض العربي كان يسعي لصهر وتذويب البعض الافريقي ،
اما الان البعض الافريقي يسعي لهدم ونفي العربي عن الوجود،
ومن هنا جاءت منافحة هاشم ودكتور عبدالله عن هذا الواقع العربي وتثبيته،

وقبل الخوض في تفاصيل ، من الذي يسعي الي نفي او تذويب الاخر ،
فطالما ان الواقع الثقافي والاثني مكون من بعضين ،هما عربي واخر افريقي، فما هو وجه الاعتراض اخي هاشم علي توصيف هذا الواقع بانه افروعربي ؟؟؟!!

حسب ظني ومن خلال ردك علي ايمن وانور اعلاه ، ان سبب رفضك وصف هذا الواقع الثقافي والاثني السوداني بانه افروعربي رغم اقرارك بانه مكون من عنصرين عربي وافريقي،هو الافتراض الذي انطلق منه دكتور عبدالله بان الافروعربية تنظر الي اهل السودان بانهم كلهم هجين ولانه يري انه عربي حقيقة كما عبر في حواره مع السؤال فانه يرفض وصفه بالهجين ،
وهذا مجرد استقوال من دكتور عبد الله ،فلا احد قال انه لا مكان للعربي الصرف في السودان او انه لا مكان للافريقي الصرف ،ويمكن الرجوع الي ورقتي والتي ذكرت فيها في اكثر من موضع ان وصف افروعربي هو توصيف عام لا يلغي ولا ينفي الخصوصية الثقافية والاثنية،

هنالك ملاحظة مهمة جدا وهي في الوقت الذي يركز فيه الافروعروبيون وكل منظري الهوية علي الجانب الثقافي نجد دكتور عبدالله ابراهيم يصر علي التركيز علي الجانب العرقي،ونفي الهجنة العرقية.
فمحمد عبد الحي مثلا من اهم منظري الغابة والصحراء ،من ناحية عرقية لا يوجد دافع يجعله يطالب برد الاعتبار للمكون الافريقي،ولكنه كان ينظر الي الثقافة السودانية ككل كما هي مشكلة علي ارض الواقع - الاغنية السودانية مثلا ،يصلي بلسان ويغني بلسان،ولسان الغناء المقصود به هنا :النغم والايقاع واللونية عموما.

صفوة القول ان الحديث عن فرز كيمان بالطريقة التي يدعو لها عبدالله ابراهيم ضرب من الميتافيزيقيا، فالتمازج حدث ويحدث من الاف السنين ،ولكن هذا لا ينفي حق هاشم الحسن او عبدالله ابراهيم ان يدعي له وجودا عربيا صرفا فهذا الوطن الافروعربي يسع الجميع او كما جاء في خاتمة ورقتنا.




Post: #219
Title: Re: اذن ما الاعتراض علي وصف هذا الواقع بانه افروعربي؟
Author: Bakry Eljack
Date: 05-23-2004, 12:02 PM
Parent: #218

الاخ نصار وبقية الحاضرين هنا
بعد السلام


الاخ بكرى الجاك

هذا العبد الله لا ينتج فكر ليفهم كل ما يفعله هو
تزويق نظرة متخلفة بترصيعها بأنشاء مفوف جميل
المنظر و لا مخبر له سوى عصبية لا تجمل بأكاديمى
يحمل لغب الدكتور فهو مجتهد لكن اجتهاده ماهو
الا لهاث مكابر لإثبات حقائق افترضها هو و اوقف
نفسة لمجادلة الواقع و الحقيقة و من يقولون بهما


الشيء المتعارف عليه فى منهج الدعاة و المتاملين سواء كانو مفكرين او دعاة مناهج فى الفلسفة او الدين هو ان يتاكدوا من سلامة وصول فكرتهم الى المتلقى دون شوائب, حاولت جل جهدي فى ان افهم الى ماذا يسعى الدكتور عبد الله على ابراهيم؟ قرات الكثير و كل يوم يزداد يقينى ان الرجل يقولها صريحة فى مستبطن كلامه الذى بدا يتكشف دون اعمال اي مناهج حفرية لقراءة لا شعور الرجل وغيرها من المناهج الابستمولوجية, قبل لحظات قرات المرافعة الفائقة الاناقة التى قدمها الدكتور عبد الله بولا فى بوست الترحيب به فى ردخ على الاخ الصديق بشاشة المنطلق من ارضية المركزية الافريقية وورد فى اتون الدفاع عن الدكتور عبد الله ان اورد الدكتور بولا احد ردود الدكتور على سؤال احد الصحفيين:

س ـ أشرتَ إلي ضرورة أن يوطن" أهل الشمال المسلم " حسب تعبيرك في ثقافتهم قيم الحرية و أن يكفوا عن خلع ثقافتهم بدعوى الهجنة، كيف تري ذلك وأنت ترفض فكرة التمازج كما طرحتها مدرسة الغابة و الصحراء؟

ج - أعتقد أن لدينا مكونات ثقافية كثيرة ستسعد بأطروحات التمازج هذه فالتمازج سيستمر و ستزيد وتيرته، لظروف الاضطراب السياسي لأنه حدث اقتلاع مفاجئ دفع الناس دفعاً للتمازج و النزوح الكبير إلى القرى الطرفية في الخرطوم وحول المدن، لم يكن واضحاً الطريق الذي يستمر فيه التمازج، سرعته ومعدلاته، في الماضي كنا نتحدث عن ظروف طبيعية بمعني أن الكيان الإفريقي موجود في الجنوب و الكيان العربي في الشمال فحدثت خلطة وامتزاجات طرحت تحديها و [ضرورة] النظر الثقافي المتجدد إليها. وهذا البحث الذي أعكف عليه الآن هو لمعرفة هذه الوتائر المتسارعة في الفترة الأخيرة بحيث نمنح مسألة الهجنة والاختلاط براحات أوسع. لكن الافتراضات السابقة كانت تتحدث عن أن الهجنه حدثت أصلا و ستحدث لكن كان هناك اعتراض حول وجود قوامات ثقافية، و هي تطرح أهمية أن تكون الدولة محايدة تجاه الثقافات، بمعني أن يكون هناك برنامج لديمقراطية الثقافة. فمسألة كيف يكون التعليم علي سبيل المثال و بأي لغة، هذا ليس من شأن الدولة أن تصدر فيه قراراً و كذلك بالنسبة للعادات وشرائع الناس و قوانينهم. نريد أن نستل من الدولة كل هذا العنف ونجعلها محايدة تجاه العملية الثقافية بقدر ما يمكن أن يكون الحياد. هذه أهم عناصر برنامج ديمقراطية الثقافة وهو بالطبع ما لم يكن حاصلاً أبداً، لأن الدولة كانت مستخدمة باستمرار لأغراض إيديولوجية و سياسية مباشرة في أن تقرر ما الثقافة. مثال الآن الشرعية يصب في اتجاه عدم حياد الدولة تجاه القوامات الثقافية، فلذلك أنا أطالب الجماعة العربية أن تحرر نفسها بنفسها و أن تقرر بنفسها تجاه مسألة الشريعة ما تريده و ما لا تريده و ألا تذهب في اتجاه تأكيد أن ثقافتنا هجينة وممتزجة وغير ذلك مما أسميه الغش الثقافي الذي يجد من ورائه من هم من غير العرب والمسلمين حقهم مبخوساً في الدولة من جراء هذه الاتجاهات.
ويختلف خطابا غلاة الإسلاميين والأفروعربيين في منتوج التمازج. فالتمازج القومي في نظر الغلاة سينتهى بشكل مؤكد إلى تبنى الجماعة الجنوبية الإسلام والعروبة لأنهما مميزان علويان مقابلة بملل الوثنية ورطانات العجم. فالتمازج في أفق الغلاة هو معسكر دعوة كبير لتغيير الملل واللسان ". (الخطوط تحت السطور من عندي وليست في الأصل ـبولا).



وللامانة ترددت بعد قراءتى لرد الدكتور على الصحفى فى وصفه للمشهد الثقافى للبلاد و شعرت بوخزة ضمير فى اننى ربما اكون تسرعت فى الحكم على الرجل لغبائى فى فهم مكنونات فكره المستعصى والعلى الفهم وذلك اذا كان رد الدكتور اعلاه يعبر عن الاطار النظري لجل اجتهاداته ومشروعه الفكري المشفر الذى لم يفهمه الى نفر كريم بقامة عقل ودراية الدكتور بولا فانى اري ان الرجل على مصوبة من امره فى قراءة واقع الحال و احتمالات المال فى شاننا الهويوي بل بالكاد ان اقول انه حر فى ادعاء ما يشاء من هويات طالما انه من دعاة الديمقراطية الثقافية التى فيها يتم التعامل مع النوع حتى وان كان يمثل واحد فى المائة و لا يتم التعامل مع الاغلبية كما فى المفهوم الميكانيكى لعلمية الديمقراطية التعددية, ثانيا هو من دعاة حيادية الدولة حسب رده اعلاه, و لكن استدركت ان ما ورد هو قول وحيد و يتيم للدكتور و تذكرت ايضا للدكتور بولا فى عرض دفوعاته عن فكره ضد اتهامات الاخ بشاشة قوله:

الذي هو، على كل حالٍ، ليس بحاجةٍ إلى كثير تأويل في نسبة "التمني الإيديولوجي وغياب صفة طلب العلم" عن نصي المأسوف على مآله. وها أنت ذا تكمل الناقصة، فتدخلني في زمرة "النقروفوبيين" مع الصديق عبد الله على ابراهيم، بقراءةٍ هي غاية في العجلة، وباعتمادٍ على نصٍ واحدٍ. وهو على وحدانيته لا يسند استنتاجاتك الجافية

الان انا فى حيرة من امري, فاذا اخذت بدفوعات دكتور وهو العارف بالرجل مقام علمه بنفسه حسب ما ورد فى عرض ردوده عن صداقتهم العضوض وانا من الذين يرون فى كتابات بولا موضوعية وصرامة منهجية قل ما توجد فى باحثينا المعاصرين, فهذا يعنى اننى ساقول اننى ظلمت الرجل اذا ما قررت الاكتفاء فقط بدفوعات بولا, و لكن كما ورد على لسان بولا اعلاه فى انه من الخطا العلمى الحكم على اي كاتب من نص واحد, فماذا قال دكتور عبد الله فى مواقع اخري غير هذا اللقاء الصحفى, فهو رفض فكرة الاعتذار التاريخى عما بدر من جماعة الشريط النيلى عن ما حل بالبلاد وهوامشهاابان علوها و توليها امر السلطة فى كافة الانظمة التى مرت على البلاد حسب ما ورد فى شهادة عجب الفيا التى لاشك عندي فى امرها, و كما قرانا بحوث اخري للدكتور عبد الله فوجدنا ان ما قال به الدكتور فى رده على الصحفى اعلاه لا يتماشى و روح بحوثه الاكاديمية و مقالاته اليومية التى لخصنا فهمنا لها فى مداخلة لنا اعلاه, اذن يمكننى ان اضيف الى ما فهمته من بحوث الدكتور العصية الفهم على امثالى انها متناغضة ما بين الحال والمال فالحال عند الدكتور هو اللقاء الصحفى الذى فيه دشن الخطوط الاساسية لفهمه للمشهد الثقافى فى السودان, والمآل ( بوضع المد على الالف) عند عبد الله هو بحوثه و كتاباته الصحفية, وعليه فان اسوا ما يمكن ان يوصف به كاتب او باحث اكاديمى فى نظري هو عدم الامانة العلمية خصوصا اذا كان مجال الدراسة هو العلوم الانسانية الرحبة التى ما زالت فى اولى عتبات ضبطها المنهجى, فانى اري فى الدكتور احد اثنين اما

انه غير امين اكاديميا فى التناغض الظاهر ما بين حاله وماله
او

انه ما زال يتقلب بين مواقف ايدولوجية تصطرع فى مخيلته و لم يخلص بعد الى رؤية جلية حول امر الصراع الهويوي فى بلد اسمه السودان, ولا غبار عندي فى ان يغير الكاتب مواطيء اقدمه الفكرية من حين لاخر فى رحلة بحثه عن الحقيقة متى ما تبين له خطا قراءته السابقة, و لكن كتابات الدكتور عبد الله التى لم يمضى عليها سوي ايام تؤكد انه ماضى فى مشروع عربنة السودان بل وربما لا يتورع فى اقصاء من هم ليسوا من مناصري مشروع التوسع فى العروبة التى لا اري فرقا شاسعا بينها و اعادة الانتاج عبر بوتقة الانصهار التى هى ماحدي ميكانيزمات السودان القديم فى اسلمة و عربنة الهوامش.


و ربما اعود ولكننى حتما ساظل متابعا.


بكري الجاك

Post: #220
Title: Re: اذن ما الاعتراض علي وصف هذا الواقع بانه افروعربي؟
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 05-23-2004, 11:30 PM
Parent: #219

تتعرض هذه الحلقة إلى العنصر الصوفي في مركب هويتنا. ولابد من الإشارة إلى أنني حين أشير إلى هذا العنصر الهام، في مركب ثقافتنا، لا أشير إليه من زاوية التعصب، لكوني عشت تجربة صوفية أشرف على تسليكي فيها حبر التصوف الأعظم، الأستاذ محمود محمد طه. فالفكر الصوفي فضاء عريض، مليء بالمشارب المختلفة، وهو بهذا المعنى، عرضة للنقد، مثله مثل أي فكر آخر. غير أن الفكر الصوفي ظل مغيبا، في السياسة، وفي شكل الدولة، منذ القمع الذي تعرض له، وهو في فجر نشأته، في القرون الإسلامية الأولى، وخاصة على أيدي العباسيين. يهمني من الفكر الصوفي، نزعته الإنسانية، ونزوعه للحيرة تجاه أسرار الوجود المستشكلة، واستخدامه الحيرة سبيلا إلى التواضع الفكري، والسلوكي. ثم تنفيره من الوثوق، وإطلاق الأحكام النهائية، واعتناق التصورات المغلقة. فالصوفيون ماديون، وروحانيون في ذات الوقت. ولربما استغرب هذا القول كثيرون. ولكنه قول يمكن إقامة الشواهد عليه، بيسر شديد.

لقد سبق المتصوفة، في تقديري، مفكري ما بعد الحداثة، في معنى ما أكدوا على الهيئة المركبة، والملتبسة للثنائيات. والثنائيات dichotomies هي آفة حقبة الحداثة في التفكير الغربي. وحقبة الحداثة هي ما يشير إليه مفكرو ما بعد الحداثة، بـ الـ modernist paradigm و"المودورنيست برادايم"، تتجذر رؤاه في فيزياء نيوتن، وفيما تماهى معها من النزعات الفلسفية الوضعية، وما طورته فلسفة الرأسمال في كل تجلياتها البراغماتية اللاحقة. فالصوفيون الرؤيويون، من عيار إبن عربي، وعبد الكريم الجيلي، وحتى عبد الغني النابلسي، قد أخرجوا وعيهم من أسر المقابلات، من شاكلة علماني، وروحاني، ومن ثم برئوا من الإشارة، إلى خلق الله، بالإشارات من شاكلة مسلم، وكافر.

قال الشيخ عبد الغني النابلسي:
ومن عجـب الأمر هذا الخفا، وهذا الظهـور، لأهل الوفـا
وما في الوجـودِ سـوى واحـدٍ، ولكن تَكَثَّرَ، لمـَّا صـفا
فإن قلتَ: لا شيءَ، قلنا نعم: هو الحقُّ، والشيءُ فيه اختفى
وإن قلت شيءٌ، نقول: الذي، له الحـقُّ اثبتَ، كيـف انتفى

وهذا ما أشار إليه شاعر الجمهوريين، عوض الكريم موسى حين قال:

وبين النفي والإثبات معنى، به الرجعى، إلى أصل المعاني

ولذلك فقد اختلف اللاهوت الصوفي عن اللاهوت الديني، المؤسسي، الأرثوذكسي. ويشمل اختلاف لاهوت المتصوفة، مع اللاهوت "الحكومي، المؤسسي" كل النسخ المؤسسية للديانات الكتابية الثلاث: اليهودية، والمسيحية والإسلام. وهذا ما عناه الأستاذ محمود محمد طه حين قال:

((إن ما جئت به هو من الجدة، بحيث أصبحت به بين أهلي كالغريب. وبحسبك أن تعلم، أن ما أدعو له، هو نقطة إلتقاء الأديان جميعها، حيث تنتهي العقيدة، ويبدأ العلم. وتلك نقطة يدخل منها الإنسان، عهد إنسانيته، ولأول مرة، في تاريخه الطويل)).

ونفس هذا المعنى هو ما أشار إليه، الشيخ، محي الدين بن عربي، في القرن الثاني عشر الميلادي، في قصيدته المشهورة التي مطلعها: ((ألا يا حماماتِ الأراكةِ والبانِ، ترفقن، لا تظهرن بالشجو أشـجاني)). وذلك حيث يقول:

لقد صـار قلبي قابلاً كل صـورةٍ، فمرعىً لغزلانٍ وديرٌ لرهبـانِ
وبيتٌ لأوثانٍ، وكعـبةُ طائفٍ، وألواح توراةٍ، ومصـحف قـرآنِ

وهذه ليست فنتازيا عبارات، كما قد يراها البعض، ولا جنوحا لإحداث صدمة في ذهن المتلقي، وإنما هي إشارة إلى تعدد الطرق، وتشعبها، في معرفة الحقيقة، أو قل تعدد طرائق خلق المعنى، وسط كل الجماعات البشرية. ومشكلة الإنسان تكمن في كونه كائن كلف بخلق المعنى!

وأدب التصوف، في شقيه العرفاني، والسلوكي، إنما انصب على إخراج الوحش من إهاب الآدميين. وجوهر ذلك تصحيح الصورة المترسبة في أعماق العقل الباطن لدى بني البشر، عن الوجود. فالجهل بحقيقة البيئة التي نعيش فيها، وبكوننا مجرد عابرين في هذا السديم الذي يشبه الحلم، الممتد بين لحظتي الميلاد، والموت، هو الذي يرسخ قيم الزهد، وقلة الحرص، وحب الخير للآخرين. ولذلك فالتصوف ليس حذلقة لغوية، ولاعبارات معقدة، ولا هو أيضا، استعراض بالمصطلح، وبالمفهوم، وإنما هو يقظة من غفلة الإعتياد، إلى انتباهة الدهشة، والحضرة، الباعثة على التخلي، وعن الغرق في هم التدبير، وجهود التحصن، مما يقود إلى الأنانية، والطغيان على الآخرين، من إنسٍ، وحيوانٍ، وشجرٍ، ومدر. جاء في الأثر: ((الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا)).

هذا حديث قد يطول، ولكن ما يهمنى من هذه الإشارات التي سلفت، إنما هو التأكيد على المعاني الإنسانية المشتركة، والفضائل الإنسانية المشتركة. وهذه فضائل يشترك فيها عباد الطواطم، والأصنام، مع غيرهم من المتعالين باعتناق ديانات التوحيد، أو الديانات الكتابية. والفضاء السوداني ملء بكل ذلك. ومن عرف التصوف في عمقه، وسلك سبيله بفهم، برء من التعالي على اصحاب الملل الآخرى. وحقيقة الأمر، ليس هناك ملة واحدة. فداخل كل ملة، يمثل كل فرد ملة بذاتها. فأنت، والثاني والثالث، والرابع، لا تؤمنون في حقيقة الأمر، بالمعتقد في أصله، وإنما بمحصلة ما وعاه ماعون إدراككم من المعتقد. وهذا المشترك بين أهل املة الواحدة، ليس في حقيقيته، سوى تجريدات عقلية!

الهوية لا تنسب لجهة، شرقية كانت أم غربية، عربية كانت أم إفريقية. الهوية في الظرف الوعيوي الكوني المتشكل حاليا، هي الإنتماء إلى معسكرى الخير، في مواجهة معسكر الشر. وهذا ما عنيته حين قلت، إن أهل الجبهة الإسلامية في السودان، تجمعهم مع جورج بوش، ومع سائر العابدين لصنم السلطة المطلقة للرأسمال، عقيدة واحدة، ودين واحد، بل وقبيلة واحدة، وإن أدعوا غير ذلك.

ونعود من هذه السياحة المفاهيمية، السريعة، إلى مجال الشيخ الأكبر، محي الدين بن عربي، الذي ولد في وترعرعى في الأندلس، ثم هاجر منها إلى المشرق. وضع الشيخ، تصانيفه المكتوبة، الكثيرة، على ظهور عدد من البغال، ويمم شطر المشرق. مر على المغرب، وعلى القيروان، وعلى قاهرة المعز، وأقام في كل تلك الأماكن. ثم جاور في الكعبة المشرفة، لبعض الوقت، وجال في أنحاء جزيرة العرب، وانتهى به المقام في دمشق، حيث مات، ودفن.

ومحي الدين بن عربي، أحد كبار طلائع المثقفين الكونيين. فهو الرجل الذي دفع بالعقيدة الإسلامية، إلى آفاق بعيدة تجاوزت ضيق شعاب الملة، والنحلة، وجاز بها إلى فضاءات التلاقي الإنساني العريض. ولا غرو أن شغل الرجلُ الناسَ، لثمانية قرون متتالية، ولا يزال يشغلهم! فقد أدخل الرجل الوعي الإسلامي، في جنات معروشات، لم يعهدها المسلمون، ولا تزال تستوحش منها أفئدتهم الصحراوية.

قال الشيخ محي الدين بن عربي:

رأى البرق شرقياً فحنَّ إلى الشرق، ولو كان غربياً، لَحَنَّ إلى الغربِ
وليـس غرامي بالبُرَيْقِ، ولمعه، ولكن غرامي، بالأمـاكن والتُـرْبِ

وبعد استئذان الشيخ الأكبر، في استعارة بعض من تأويلاته المبصرة، وبعضا من سمات لغته الفخيمة، الفارهة، أقول إن الحنين المشار إليه هنا، في هذه الأبيات، إنما هو حنين إلى الفطرة التي تجمع الناس، ولا تفرقهم. فالقلوب في المفهوم الصوفي، مناطق تقع وراء حجاب العقل. وفي منطقة القلوب لا يوجد اختلاف، وإنما يوجد الإختلاف في منطقة العقول. والفطرة هي التي تجمع الناس. وللصوفية تأويل طريف للحديث النبوي: (( كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يمجِّسانه، أو يهوِّدانه، أو ينصِّرانه)). وذلك يعني أن العقيدة، بما في ذلك، عقيدة الإسلام، في شكلها الأوَّلِي، الذي لا تمييز به على غيرها من عقائد، هي التي تتسبب في خروج المواليد، من دين الفطرة، إلى دين الملة، والنحلة. والدين بهذا المعنى، متشكِّلٌ إجتماعي social construct. أما في حقيقة الأمر، فإن للبشرية دين واحد، هو دين الفطرة. وآية صحة التدين بدين الفطرة، البرء من التعصب، ومن الإنكار على الآخرين. قال بعض المتصوفة: ((أُخذت علينا العهود، بألا نعترض على النصارى، واليهود)). قال الشيخ عبد الغني النابلسي:

عجـنا على ديـرِها، والليـل مُعْتَكِرٌ، حتى زجـرنا لدى حاناتها، العيسـا
مستخـبرين سـألنا عن مكامنها، توما، ويوشـا، ويوحـنَّا، وجرجيسـا
إِذِ القاقسيسُ قاموا في برانسِـهِمْ، يومون بالرأسِ، نحو الشرقِ، عن عيسى
والكلُّ، في بحـرِ نـورِ اليثربي حكى، موجـاً، أرته ريـاحُ القربِ، تأنيسـا

وهذا بعضٌ من فهمهم، أن الديانة الإبراهيمية، في عمومها، سيف واحد، ولكن له أكثر من حد واحد.

لقد سبق أن اشرت أن الهوية ليست، شيئا عرقيا. أو قل، على الأصح، لم تعد، شيئا عرقيا، بقدر ما أصبحت تمثل ضرورة الإنتماء إلى نسق معرفي، يعطي الإنسان القدرة على الإعتداد بانسانيته. وأعني هنا الأنساق المعرفية المهمومة بقضايا العدل، والحرية، والمساواة، والإنعتاق من كل صور الإستعباد الكثيف، منها واللطيف، مما ورثناه من امتدادات التاريخ في حاضرنا. وهنا تجيء عبارة عبد الله بولا، التي أوردها، في ضرورة الإحتراز عن الإنحجاب بالشجرة، عن ما في الغابة من غنى وتنوع.

الهوية الإفريقية لا تعني شيئا، إن لم ترتبط بنسق معرفي عصري، مركزيته قضايا السلطة والثروة. وهذا النسق المعرفي موزع بين جميع الثقافات، ولا تنفرد به ثقافة واحدة. فمناهضة الظلم، ونصرة المظلوم، ورفع الضيم عن المُضامين، والتحلي بأخلاق الإنسان، والتوق إلى الإنفلات من قبضة الوحش، الذي يربض في إهابنا، شيء موجود في كل الثقافات، وإن تفاوت وجوده، من حيث الكم، والكيف، بين ثقافة وأخرى. ومما اصبح في حكم الثابت الآن، أن البشرية جميعها قد خرجت من إفريقيا، وانتثرت في قارات العالم. ولذلك فالإنتماء للموقع الجغرافي، لا يعني شيئا. سواء كان ذلك الموقع الجغرافي إفريقيا، أو آسيا، أو كان السودان، أو الجزيرة العربية. ما يهم هو السمات الثقافية التحررية في كل ثقافة، وما تسهم به في مشروع دولة الإنسان الكبرى، التي لم تعد كما كان معتقدا من قبل، مجرد حلم يوتوبي، لا يتعدى عالم المخطوطات، إلى حالة التجسيد في الواقع، وذلك بعد أن جعلت منها قفزات القرن الأخير، مثالا ممكن التحقق.

تحدث فراعنة مصر، في النيل الأدنى، لغة تنتمي إلى مجموعة الآفروإشياتك Afro-Asiatic، في حين تحدث أهل نوبيا، في النيل الأعلى، لغة تنتمي إلى مجموعة النايلو سهاران Nilo-Saharan. والغريب إن لغة الهوسا في الجزء الأوسط من حزام السافنا، جنوبي الصحراء الكبرى، تنتمي إلى مجموعة الأفروإشياتك، في حين لا تنتني لغة النوبيين، في وادي النيل، إلى هذه المجموعة. هذا بالرغم من ارتباط النوبيين العضوي بمصر القديمة، بل وحكمهم لكل الإقليم النيلي الممتد من جنوبي الخرطوم، وحتى الدلتا. ولذلك فالحديث عن هوية إفريقية، منمازة عن ثقافات آسيا، لا يعدو أن يكون سوى مجرد تجريدات، عقلية، وتبسيطات، لا تمثل صورة الواقع الحي، المركبة، والمتشابكة، لا في صورتها في الماضي، ولا في الحاضر، الأكثر تعقيدا، وتشابكا، وترابطا. .

Post: #221
Title: لك التحية و التقدير يا د.النور
Author: هاشم الحسن
Date: 05-24-2004, 08:08 AM
Parent: #220

عزيزي د. النور حمد
لقد طالني مقالك العالي في أمر الكنية بأبي النحلان و قبولكم السمح..
وهي، أي الكنية، التي فرضتها علينا إنتشاءة بقراءتي لكم ليست طارئة و لا مؤقتة، و أوجبها فائق التقدير.
ثم سرني أيما سرور رضاك السمح عنها، و إنفتاح الأبواب منها على مثل هذا المنجم في المعرفة و كمالات الناس..الأقطاب لا المستقطِبين..
و قدأبهجني من سيرة النحلان، عندكم، أنها طازجة و تستصحب نصوصاً موازية أثرى و أنضر من التي في الطبقات و غالتها علينا لغة ود(ضيف الله)في الطبقات .
سروري الأعظم بنصوصك أنها تغوص في مباحث أولية مما يتعلق بهذا النقاش و تشير إشارات لطيفة إلى الرأي فيه، مما يستوجب النظر المتعمق و يرفع مستوى التحدي إلى ما هو أكبر من التحدي..
و أعترف لك أن هذه النصوص قد أشارت علي منذ البداية بطريقة في طرح الرأي إستصوبتها..إلا أنه،
يعتريني ما ما يعتري السالك العجول في ( أرض المعدن و الأبواب) من ترابه الكثيف، فلا يبقى على أحوال الصفاء و لا مقامات الرضا، من مثل تلك التي يرجوها المتشبه (بالكبريت الأحمر) ويشابي ل ( فصوص الحكم) و(الفتوحات)..
نعم..لست كمثل إبراهيم بن الأدهم و لكن كمثل إبن الأقلح ..في بوست الترحيب ب (بولا) الذي هو كنانة هذا المنبر..سهمين أو ثلاثة حداد، فأعرنيها..
و لك الرضا في كل حال
و لك التقدير

ولي نظرات في مداخلاتكم غير عجلى وربما تساؤل أو أخر..
و تسلم يا دكتور

Post: #222
Title: Re: لك التحية و التقدير يا د.النور
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 05-24-2004, 08:50 AM
Parent: #221

شكرا أخي هاشم
أنارت أمسيتي مداخلتك.
وإلى لقاء قريب
.

Post: #223
Title: الإيضاح المكتوب في الإستيضاح المطلوب
Author: هاشم الحسن
Date: 05-24-2004, 09:15 AM
Parent: #1


أخي الأستاذ عبد النعم عجب الفيا
تحية و تقدير
وللمتداخلين التحايا
كنت قد حرصت أن أشاركك و الآخرين في هذا الحوار راجياً أن الإختلاف لا يفسد للود قضية، خاصة لو كان هذا الحوار مع من كان في مَثلكم عندنا من المكنة المعرفية و الأخلاقية..و حرصاً مني على إستمرار الحوار على هذا النهج الهادئ حول هذا الأمر المهم من التنازع السوداني، إخترت ألا تكون مداخلاتي سجالية أو تتحول إلى(غلاط) مع إختلاف طرحها مما فهمته من طرحكم.. و لقد وعدتني في أكثر من رد عليّ، مسبوقٍ بأريحي ترحيبكم ،المقدر عندنا، بأن تناقش هذه أو تلك من الأفكار و التساؤلات..فلمّا لم تفعل، وهو ما لاحظه الملاحظ، عذرتك بالمشاغل العامة مما يلم بالناس، و بالخاصة في كونك صاحب هذا البوست وما يقتضيه هذا من التداخل مع الجميع والترحيب، على ضيق الوقت، و ما حسبتك عاجزاً عن الرد عليّ .. حاشاك.!!
ثم في المداخلة التي عنونتها (حمداً لله على السلامة يا هاشم الحسن) قلت لي:
Quote: (غيابك كان له اثر سلبي علي مجري النقاش
حتي كاد النقاش ان يتحول الي غلاط بيني وبين اخي اسامة الخواض
الذي استنجد بمداخلاتك الثاقبة،)
فشجعني ذلك على تكبد الوقت و الجهد راجياً أن يبقى أسامة محاوراً و متسائلاً و مجيباً ومقعداً للمفاهيم، و لا زلت أرجو ذلك، فنستفيد إيجاباً.
ثم قلت:
(
Quote: ولكن من مداخلتك الاخيرة لاح لي ان تحفظاتك علي هذا التوصيف ربما مردها الي كلمة هجين التي ركز عليها عبدالله ابراهيم حتي صارت مرادف للافروعربي،فبدا لك ان هذا التوصيف يعني حصرا هجين ولا شي غيره وبالتالي لا مجال للعربي الصرف ان يجد له بكان بين هذا هجين،كما ليس للزنجي ان يجد هو الاخر بكان ،
اذا كان ذلك كذلك ،فاظن ان هذا عسف لا مبرر له.فهذا التاويل لم يقل به احد غير عبدالله ابراهيم،فالحديث عن امة وليس عن قبيلة،وبالتالي فهو حديث عام والعام لا يلغي الخاص هذا من البديهيات في المنطق،
فهل لي قبل ان استرسل اكثر حول موضوع الهجنة ان اسمع رايك حول صحة هذا الاستنتاج؟)
و لأن ملاحظاتي لا تتعلق بمعنى كلمة الهجين و لا ببكان العربي الصرف أو الزنجي الصرف بين هذا هجين..بل، و لكن، بالهجنة كمصطلح في إستخدامكم له، و بالإستخدام الأيدلوجي للهجنة في أطروحة الأفروعربية كما شرّحها د. عبد الله علي إبراهيم و نفيته أنت. أو في غيرها من أطروحات متاحة للمتابع..كما انها، أي ملاحظاتي، تتعلق بمنهج قراءتكم لأطروحة د. عبد الله في ( تحالف الهاربين) التي تسمح لكم بأخذ إستشهاداته من كلام الآخرين كأقوال له موثقة...
إستعنت بثقتي فيكم، و تغاضيت عن حقيقة كوني قد فصلت هذا الرأي قبلاً في أكثر من مداخلة طويلة و قصيرة تناولت فيها الأيدلوجي و الثقافي مما يتعلق بنقاشنا هذا..وفي كل حال، متفادياً السجالية. ثم (كتلت قلبي) عن تجانفكم الرد علينا و لو مجملاً رغم توسعكم في الرد على آخرين،ربما الكلمة بالكلمة، تخالفاً او توافقاً، و(أكلتها على اللُّبادة) و أسمعتكم رأي حول عدم صحة إستنتاجكم أعلاه في مداخلتي المعنونة على غراركم في العنونّة (في تلجلج المصطلح و قسر القول) و التي جاء فيها:
Quote: (نعم يا عزيزي منعم..كما قلت ..و لكن ليس من باب سوء الفهم أو لعسر يعنوه!!
أختلافي، مع ما تطرحه في هذه الورقة من نقد ناقدي الأفروعربية، لا توفر أحداً، عبد الله علي إبراهيم أساسا،ً و من أثنوا عليه، أو على رؤيته، لتحالف الهاربين عن صحرائهم القاسية ،، ثم عن غابة أحلامهم في تجليّات حقها الحق، و ليس لما كانت في وهم إستيهامهم لبدائيتها..هروباً صريحاً، عنهما جميعاً ، وعن أنفسهم الأولى....!! هو إختلاف جسيم، يتجاوز مجرد سوء الفهم لمصطلح(الهجنة) إلي ما هو أعمق من ذلك و غائر في جروح منهج مقاربتكم لها في صدد نقدكم لـ ع ع إبراهيم .
و قد حاولت بسط ذلك الإختلاف فيما سبق من مداخلاتي، عن إلتحاق تصوركم بالأيدلوجيا إلتحاقاً عضوياً، في كل ملابسات نشأتها حلماً، و سيرورتها (المايوية) و حتى صيرورتها إلى مجرد زانة للقافزين إلى نفي العروبة عن السودان جملة و تفصيلاً).
ثم زدت فيما سقته عن الأزرق (الهجين العرق) الذي ثقفته العربية حين تحالفت مع نسيبها في العرق حتى غلبت عليه غلباً لا مغالب له و غلبت على ما فيه من دم أفريقي لم تسنده ثقافة صاعدة كما كانت العربية حين بدأ كل ذلك. ثم تواصلت تفاعلاته متصاعدة من تلك البداية، في دينامية مستقلة عمّا جرى به حكم الجدل في الزمكان الآخر مما نعرفه الآن بالسودان)
ثم قلت قولاً في الإستقوال، لم (أهرف) به فرداً، بل و ساقه السائقون و السائقات. ضربت عليه الأمثلة مما فهمته من قراءتي لورقتكم، لم ألجأ للتنصيص خوف الوقوع في الإبتسار و مَثل (ولا تقربوا الصلاة ...) فتركت للقارئ قراءته، لو شاء، من نفس مصدري، و الذي هو ورقتكم من أول هذا البوست ومداخلاتكم التي تلت ثم ورقة د. عبد الله علي إبراهيم في تحالف الهاربين..
(أما أخطر ما في هذا النقد الذي قدمه منعم لورقة تحالف الهاربين و أشده أذىً لرقائق العلمية، فهو في ما سماه (فيصل محمد صالح)، في حوارات سبقت مع منعم و تتعلق بنفس الموضوع، سمّاه ب(الإستقوال)، و الذي هو تقويل المرء ما لم يقل. و مصكوكة الإستقوال، بداهة، ليست إشارة الي ما يمكن للقارئ أن يخرج به من تفكيك الخطاب المقروء، أو تحليل بنياته و الكشف عن دواله و إنطاق سواكته و إعلان مضمره. بل هي إشارة إلى قسر القول على معنى لا يحتمله مما هو إبتسار و سوء تأويل على أضعف الفروض، و هذا لا نجوزّه في حق الفيا.. أو هو تعسف مقصود لذاته أو لأجل خدمة فكرة أو رأي يراه القارئ المؤدلج.... و كذلك، ربما جنت لغة د. ع ع إبراهيم الأدبية الرفيعة عليه..فالبلاغة أيضاً حمالة أوجه.. فأتاحت لمنعم ما لم تتحه لنا من أوجه الإستعارة و المجاز، فزعمنا {إنو كلام الراجل واضح و عديل ما فيه عوج و لا دسدّسة} (يمكن لمن يريد، متابعة حوار فيصل/محمد جلال/منعم في الوصلة التي أتاحها عادل عبد العاطي في مداخلته من هذا البوست)!!..المهم هو أن ورقة منعم في نقد تحالف الهاربين، تقوِّل الأخيرة و معها ع ع إبراهيم ما لم تقل و ما لم يقل...)

ولأنني مصدق في جدية هذا الحوار و ثرائه مما أكدته منذ مداخلتي الأولى
Quote: (الأستاذ عجب الفيا لك التحية مستحقة، على جهدك المقدر في التثاقف الرفيع، و بما تبذل من رجاحة عقل و معرفة، في هذة الورقة وفي سوح المنبر .)
والتي حددت فيها موقفي من قراءة د. عبد الله لتحالف الهاربين و غيره من وقائع الحال السوداني ، متيحاً لنفسي حق الإختلاف معه حيثما يكون إختلاف. و لكن بالتأكيد ليس على ما جاء به من نقد الأفروعربية و كشفه عن خطة آيدلوجيتها، الذي هو مربط الفرس من هذا البوست..فهو عندنا من القول السديد، مع تحفظنا على حدّة لفظه في حق الكبار عندنا و(عنده أيضاً بالمناسبة) مما هو في اول مداخلة لنا، فأثنى عليه منعم مخجلاً تواضعنا .قلنا:
Quote: (الذي حدث هو، ان د.عبد الله، وبفضلك يا العجب !!أصبح عندي الناطق الرسمي بكثير من القول الرشيد( حتى لا نقول كله) من سيرة و مبحث ومآل التثاقف الأفقي و الرأسي في السودان ، وها أضحت مصائب قوم في ( خطابهم) فوائد لآخرين ، بمن يكشف عن الشيء كما هو عليه..( قديماً قال إبن الهيثم، العالم في البصر : ( العلم هو معرفة الشيئ على ما هو عليه) لا كما نتمناه و لا كما يفرض علينا..)
...فقد واظبت لاحقاً على المتابعة والإستمتاع بالروائع من إجتهادات المتداخلين، كما عبرت عنه دائماً..لأنني مصدق، فقد رأيت كما غيري رأى، أن يكون د.عبدالله حاضراً يقول ولا يُستَقوّل..فألصقت ما توفر عندنا من (كلاماته) و كنت أود لو أضيف (كسّار قلم مكميك) لولا إنكسار الكمبيوتر امام جائحة الفيروس و ضياع الورقة من محفوظاتنا...الله ستر، فلربما غضبتم بأكثر من هذا الذي في تلبيسنا مثل الذي هو ( ملكي أكثر من الملك) مع كوننا من قوم (جمهوريين) لو خيِّرُوا في دولتهم ، و نؤمن بالحوار (الديمقراطي) لو أبيح لنا..
يقول الأستاذ عبد المنعم:
Quote: اخي هاشم الحسن
يبدو انه قد انطبق عليك المثل :ملكي اكثر من الملك !

فنعم وبلى يا عزيزي طالما الملك (الذي في المثل) لا يزال عندنا كاسٍ متجلببٌ بعلم وثيق و منطق مقنع و رؤية نافذة بماهو أعمق من المنطق الصوري في التحليل، أو إستنباطات المحلل النفسي المتعجل، في التدليل. و لكن أتراه الملك، رسمني فارساً لمائدته المستديرة، وقد هجرها منذ اربعين عاماً، أو هو مدحني كما مُدِحتم بفرمان ماكن:
Quote: (إنني كما تعلم صائم منذ أربعين عاما عن الخوض في مسائل الهوية وما يتعلق بالغابة والصحراء.ولكنك تطرح هذا الموضوع بفرادة واقتدار ولا تحتاج مني للنصرة أو المدد فرب رجل كألف ورب ألف كأف)

نحن مكرّسون للهجاء..فلا تثريب..كما إن ملكنا يحاورك/نا مباشرة ويومياً من عموده اليومي بالصحافة و من سودانايل، تعرف ذلك و أعرفه و يعرفه الأستاذ كمال عباس.. فساهمنا جميعاً في تحديث الصفحة الثرة من حوارنا هذا.. للإثراء فيما يستحق طولة النفس...!!
وبعد ذاك..قلتم
Quote: فبالرغم من اقرار دكتور عبد الله وعدم اعتراضه علي قراءتنا له
بل وتاكيده علي كل اطروحاته في عموده اليومي الذي ينشره بجريدة الصحافة هذه الايام ،واتخاذه منحي اكثر مباشرة وجسارة في التوسع في هذه الاطروحات،الا انك تصر علي اننا لم نفهمه الفهم الصحيح وان قراءتنا له غير صحيحة واسقاطية وتعتمد علي الاستقوال!
ثم سألتم
Quote: فعن اي استقول تتحدث اخي الكريم ؟

عن مثل هذا يا عزيزي منعم..ألا تشير إلى مقالة (التوسع في العروبة) التي ألصقتموها هنا..كيف يكون إقراراً و عدم إعتراض قول د. عبد الله
Quote: ( ولا أعرف بياناً ابلغ من قول عجب الفيا أسند به مقولتي عن التوسع في العروبة. فهوليس عربياً بالسجية فحسب بل هو ساهر ليله علي المعاجم يشهدها صدق عروبته التي إزدري بها مروؤس له في موقع من مواقع إقتصاد المغتربين.)

أو لم تكرسوا كل هذا البوست و آخر، في النعي عليه التوسع في العروبة كمثل تحقيقه شجرة نسب الجعليين الذي اصبح نقيصة فيما قرأنا لكم رغم عدم أستشهادكم بنص صريح في تبنيه لها كابراً عن كابر..ولا هو فعل غير توهيطها في مباحث الفولكلور و الترميز الإجتماعي.. وماذا عن قوله منكراً عليهم، في الأفروعروبيين، إنهم إنشغلوا بإعلاء المكون الأفريقي على حساب المكون العربي خدمة لأجندتهم!!ألم تستقوَّلوا هذا تبخيساً مريعاً لقدر الأفريقي، و إسقاط عن رغبات د. عبدالله الدفينة في الخلوص إلى النقاء العرقي..!! إنه فقط، حسب فهمنا للفظ و للسياق العام والخاص، يدينك من لسانك..بإعترافك الذي هو سيد الأدلة و بادٍ في منازعتك المحقة لحق المستعربيين السودانيين في إدعاء حرف ثامن أو عاشر..فقد إدعت المستعربة غيرهم سبعة الأحرف الأولى!! و ما يعني الأفروعربية من هذا؟؟.إلا لو كنت تتفق مع ما سقناه من شبهة إتفاقكما بالرغم من عدم إشارتكم ولا مناقشتكم لما أشرنا له بهذا التالي ..
Quote: (و يشرح، أي منعم:
Quote: {عندما تقول مثلا :العلاقات الافروعربية ،فانت تقصد العلاقات بين الدول العربية من ناحية والدول الافريقية من ناحية ثانية لكنك لا تتحدث عن دول افروعربية بالضرورة .
ولكن عندما تقول ان السودان بلد افروعربي،فان اول ما يتبادر الي ذهن السامع انك تقصد ان السودان يجمع بين الانتماءين العربي والافريقي ،ولكنه لا يفهم انك تقصد ان سكانه كلهم هجين لا مكان بينهم للعربي الصريح او الافربقي الصريح ،
لذلك قلنا في الورقة ان الافروعربية لا تعني الغاء للخصوصية القبلية والاثنية والثقافية،}...
فقلنا
إذن يا منعم انت تقول ما قاله ع ع إبراهيم، بيد إنك تسلم 99% من أوراق اللعبة لمحدد خارج عن رؤية السكان لأنفسهم و عنها، هو الجغرافيا التي لم تكن معدودة في العدد قبلاً ، كما، و تلعب (بجوكر) العِرق مما يشي به التكرار الحاد لكلمة(الصريح)..مما أنكره حتى صلاح احمد إبراهيم القال ( نحن عرب العرب) ثم عاد وتساءل عمّن هو الصريح منا في ابيات لا أذكرها فأفيدونا....
(أنا لا أفهم قولة صلاح في عرب العرب كما جاء في بعض المداخلات هنا، بل بغير قليل من الإختلاف مما ساعود إليه و قول المجذوب في الطرب الغشوم..)
ولكن هل تتركونا نعود لمثل ذلك؟؟ بل تقول
Quote: ها هي ورقة دكتور عبد الله نشرناها امامكم وها هي قراءتنا لها ،:

و ها نحن نقرأ الإثنتين، و لا نسلم بقراءتكم لها تسليماً كاملاً فلا ترضون عنا و لا عنه.. ثم تصرِّون
Quote: وها هي مقالات دكتور عبد الله التي لم يجف مدادها بعد توكد ما قلناه : بل ويذهب فيها اكثر مما ذهب اليه في تحالف الهاربين .
ولكنها في الأغلب يا أستاذي مقالات يعاد نشرها عن قصد واضح في تتابعها و تعلقها بالحوار ( في المنبر الآن ثلاثة محاور، أو أكثر عن عبد الله علي إبراهيم أو تناقشه) ، وأجزم إنها على تعلق بهذا الحوار، لأنها تحاوره بالأسم أو الإشارة..ثم لا تزن الواحد من الناس بأفٍ..ناهيك عن الألف!!
و تقولون
Quote: فارجو يا اخي ان تضع يديك علي اي معلومة او واقعة نسبناها للدكتور استقوالا ،حتي لا ياتي الكلام
مطلوقا علي عواهنه.:
تلك السابقة، واحدة يا أخي.. و أخرى آتيك بها أخيراً، و بينهما كثر..أشرنا لها في إستفاضة مما سبق، و ننصص الآن مثالاً منها يستغرق حيزاً جسيماً من ورقتكم و هنا..و ليكن، حتى لا (ينطلق) الكلام:

Quote: (مغالطة الواقع والتاريخ

ولعل القارئ يتساءل عن الأسباب والمبررات التي حدت بالدكتور عبد الله إلى نفي المكون الأفريقي ، الثقافي والعرقي عن سكان شمال السودان . يعتقد د0 عبد الله أن القول بأن سكان السودان الشمالي هجين عربي أفريقي هو قول خاطئ يستند إلى فكرة خاطئة روج لها المؤرخون والباحثون الأجانب الذين كتبوا عن تاريخ السودان ثم تبعهم في ترديد هذه الفكرة الخاطئة المؤرخون والباحثون السودانيون . يقول : " … تقف دعوة الآفروعربية بيلوجيا على ما روجه المؤرخون والأثنوغرافون خلال هذا القرن من أن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي . " (19 ) فهارولد ماكمايكل ، يصف الخليط من النوبة القارة والعرب ، ممن أقاموا على النيل من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر ، كهجين أفروعربي " ويقول أن بقية المؤرخين تبعوا ماكمايكل في دعوته هذه وذكر منهم من الأجانب ج. ترمنغهام ووليام آدمز ومن السودانيين يوسف فضل وحامد حريز وحيدر إبراهيم .

ولكن ما وجهة اعتراض الدكتور على أن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي ؟ في الواقع أنه لا يجد أي حجة موضوعية لمناهضة هذه الحقيقة التاريخية سوى اللجوء لنظرية المؤامرة وافتراض سوء النية المبيت لهؤلاء العلماء والباحثين الذين قالوا بأفروعربية شمال السودان .
يقول : " وقد صدرت هذه النظرية ، نظرية الهجنة العربية الأفريقية في سياق نقد أولئك المؤرخين والأثنوغرافين لمزاعم النسابة السودانيين من أهل الشمال في إلحاق أهلهم بنسب عربي صريح . وقد ساءهم إسقاط النسابة لاختلاط الدماء العربية والأفريقية في من عدوهم عربا أقحاحا . " (20)

لاحظ أنه يقول : " وقد ساءهم أي ساء هؤلاء المؤرخين الذين قالوا بأن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي ، ساءهم أن يلحق أهل الشمال نسبهم بنسب عربي صريح . فكأنما دافع هؤلاء المؤرخين ليس بالبحث عن الحقيقة التاريخية بوازع من الأمانة العلمية وإنما دافعهم هو الغرض والهوى بقصد النكاية في السودانيين الذين يعدون أنفسهم عربا أقحاحا ولا أدرى أية إساءة يمكن أن تلحق بهؤلاء المؤرخين إذا ثبت لهم أن سكان شمال السودان عرب أقحاح . ولكن د0 عبد الله هنا يمارس نوعا من الإسقاط الشخصي في اتهامه لهؤلاء المؤرخين .
فقد سبق له أن أصدر بحثا في تحقيق شجرة نسب الجعليين بعنوان : " الحصن المنيع البأس في اتصال إبراهيم جعل بأصله العباس " انتهى فيه إلى صحة نسب الجعليين إلي العباس العدناني العربي . والحقيقة أن د0 عبد الله هو الذي ساءه أن يلحق هؤلاء المؤرخين نسب الجعليين الذين يعدهم عربا أقحاحا بالعرق الزنجي الأفريقي . ولكن مهما يكن من أمر فإن الحقيقة التي انتهى إليها الباحثون بأن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي لا تنفى أن بعض القبائل تنحدر من نسب عربي صريح كالجعليين مثلا ، فالحديث هنا ليس عن قبيلة بعينها وإنما عن أمة ، عن الخصائص المشتركة لهذه الأمة .

لكن د0 عبد الله يأبى إلا أن يواصل تشكيكه في نوايا المؤرخين والطعن في أمانتهم العلمية بدعوى أنهم أرادوا الحط من قدر السودانيين عندما الحقوهم بالنسبة الأفريقية . " … أن دعوى الهجنة في أصولها العرقية عند ماكمايكل وتجلياتها الثقافية عند ترمنغهام تنطوى على فرضية انحطاط " (21)

ولكنه لا يأتي بالأقوال المباشرة الدالة على فرضية الانحطاط هذه وإنما يستنتجها استنتاجا من كتابات هؤلاء المؤرخين . يقول : " فقد جاء عند ماكمايكل ما يوحى بأن الدم العربي أرفع من الدم الزنجي " وجاء عند ترمنغهام " أن الهجين العربي الأفريقي قد سرب من العقائد إلى الإسلام ما أدخله في الوثنية " وأن ترمنغهام " رد عصبية البقارة التي ناصروا بها المهدية إلى غلبة الدم الأفريقي . " (22) لاحظ أنه قال " فقد جاء عند ماكمايكل كما يوحى . " أي أن ماكمايكل لم يقل أن الدم العربي أرفع من الدم الأفريقي ، وإنما أوحى إلى الدكتور عبد الله بذلك إيحاء . لكن من أين جاء هذا الإيحاء ؟ هذا ما لم يذكره . أما إشارة ترمنغهام إلى أن الهجين العربي الأفريقي قد سرب من العقائد إلى الإسلام ما أدخله في الوثنية ، فلا أدرى كيف تنطوي على فريضة انحطاط الدم الأفريقي ؟ وما علاقة الوثنية بانحطاط الدم أو سموه ؟ فالوثنية مرحلة من تطور الوعي البشري مرت بها كل الشعوب ، حتى العرب لما جاء الإسلام وجدهم قوم وثنيـون .

وأخشى أن تكون تهمة الدكتور لهؤلاء المؤرخين بالقول بانحطاط الدم الأفريقي ، ما هي إلا اسقاطات لآراءه الشخصية وقد حاول صياغتها بطرق ملتوية بالالتفاف حول آراء المؤرخين والطعن في نواياهم والتشكيك فيها حتى تبدو هذه الاسقاطات للقارئ وكأنها هي آراءهم وليتهرب هو من المسئولية . وحتى لا نطلق الكلام على عواهنه كما يقولون ، لابد من الإشارة إلى أن مسوغ هذه الاسقاطات تعود إلى مواقف سابقة كان قد اتخذها الدكتور من قضية الهوية السودانية . فقد أسس هو ونفر من أصدقائه في نهاية الستينات ( 1968 ) جماعة أدبية أطلق عليها ( أبادماك ) ، وقيل أن هذا الاسم من اختيار د0 عبد الله نفسه . (23) وكما هو معروف أن أبادماك هو الإله الأسد ، إله الحرب والصحراء ، في الحضارة المروية النوبية القديمة . وتحررت تحت عبادته مروى من سلطة الفراعنة المصريين وتخلت عن الكتابة بالهيروغلوفية إلى الكتابة باللغة المروية . وكأنما أراد الدكتور أن يتبرأ من موقفه السابق من الهوية السودانية من خلال إدانة هؤلاء المؤرخين الذين قالوا : " أن الخليط من النوبة القارة والعرب هجين عرب أفريقي " فقد بدأ له قول ترمنغهام بامتزاج الثقافة العربية بالثقافة الأفريقية الوثنية ، كأنه محاولة لاتهام الإسلام بالوثنية للحط من قدره .

أما قول الدكتور أن ترمنغهام " قد رد عصبية البقارة التي ناصروا بها الثورة المهدية إلى غلبة الدم الزنجي فيهم " لا أفهم كيف يمكن أن ينطوي على فريضة انحطاط فهل الحمية القتالية التي ناصر بها البقارة المهدي لا تحتمل سوى تفسير واحد سوى غلبة الدم الزنجي ولنفترض أن السبب المباشر لهذه الحمية هو غلبة الدم الأفريقي فيهم ، هل سيكون في هذه الحالة النسبة للدم الزنجي أعلاه من قدره أم للحط من قدره ؟ وهل فعلا أن البقارة يغلب عليهم الدم الزنجي مقارنة ببقية القبائل العربية الأخرى في السودان ؟ مرة أخرى أخشى أن يكون الأمر إسقاط آخر يكشف عن موقف عدائي للدكتور من الثورة المهدية حاول أن يعبر عنه بالالتفاف حول رأي ترمنغهام من خلال الحط من قدر الدم الزنجي الذي ناصر الثورة المهدية . ولنفترض جدلا أن ماكمايكل وترمنغهام وكل الذين كتبوا عن تاريخ السودان قد قصدوا الإساءة إلى السودانيين والحط من قدرهم عندما قالوا أن دماءهم العربية قد اختلطت بالدماء الزنجية . فهل يعد ذلك مبررا كافيا للسودانيين للتنكر لأصولهم الأفريقية والتنصل من انتمائهم لافريقيا؟!)
كل الأحكام التي زعمتها القراءة أعلاه في قراءة د.عبد الله لمقولات الإستعماريين، هي محض مقاربة للنوايا، و قسريات في اللغة، و إسقاطات لأحكام مسبقة عندكم هي في حكم الغبينة عندنا، لا تجد سنداً لها في ورقة تحالف الهاربين إلا كشفها عن وهم الأفروعربية. ولا تجد لها نصيراً في ما توفرنا عليه من كتابات د. عبد الله التي لا يمكن حتى مع أسوأ الظن بها، أن نجردها عن الأكاديمية و العلمية و عن خبرات الدكتور الشهيرة في أمر الأيدلوجيا و عن سيرورات الصراع السياسي في السودان.. ولا أعتقد أنه يمكننا أبداً، في حكم العدل العاقل، أن نعزوها فقط لإيغاله في ( نظرية المؤامرة) أو (لعقدة الذنب) التي تلبسته جراء أيامه في (معبد ابادماك الوثني) كما تشير المقاطع عاليه التي هي، على مركزيتها في ورقتكم، لو إستثنينا منها الإنشاء، لا تفيد بخبر متحقق منه، دع عنك خبر (جهيزة) الذي يقطع قول كل خطيب...ثم لا يسندها منطق في الإستدلال غير (منطقها الداخلي) الذي حق له كل ما يريده من (تماسك) حتى يمكنه مثل هذا الإستقوال الواغل في السيكلوجيا و دفائن النفوس...
و قد أذهلني عدم إكتراثكم بما أوضحه الأستاذ أيمن بشرى من ورود كلمة CONTAMINATED في نصوص مكميكل السودانية..و هو الذي يبدو انه مطلع عليها و غيرها إذ غالط ما أورده د. عبد الله عن بعضهم.. ثم لم تلتفتوا إلى أوراق موازية ألصقناها هنا، من قول د. عبد الله في دحض هذة المصادر الإستعمارية، لا يلتبس فيها القول بكلمات مثل (ما يوحي) ذات الدلائل!!
ثم تقولون
Quote: الحقيقة ان الاستقوال هو الاستراتيجية التي يتبعها الدكتور في نفيه للواقع الافريقي السوداني من خلال نقده لكل من يتحدث عن هذا الواقع .
ونسأل، أما ترى للواقع السوداني الآن أصبح محض ( افريقي صريح) عندكم، بعد ان كان أفروعروبياً هجيناً. وهو الإضطراب الذي ناقشناه سابقاً فما أجدى فتيلا نقاشنا له. ثم يبقى التأكيد على أنني لا أعرف كيف مجرد نقد المتحدثين بهذا الواقع الأحادي ، يكون إستقوالاً؟؟.
و تقولون:
Quote: - ان اتهامه للافروعروبين بانهم انما يرددون مقولات المستشرقين من امثال مكمايكل وترمنجهام ،استقوال.

و نظن أنها قراءة أشد شكيمة من هكذا توصيف و منضبطة باكاديمية عالية تؤاتيها في تحليل و تناول السياقات التاريخية / الثقافية / المعرفية / المنهجية. و في تحديد الدوال و المدلولات، و تفكيك الإستعارات و التمظهرات..
ثم، ماذا في قراءة المستشرقين ( ذات البراءة الأكاديمية و الطهرانية) حتى تنكرها في محفوظات الأفروعروبيين، و حبر دفاعك عنها لم يجف بعد!!!؟؟
Quote: - زعمه بان الافروعوربين يريدون استنساخ هجين عربي افريقي من كل قوميات السودان استقوال .

و البوتقة التي دافعت عنها يا منعم...كيف تعمل ؟؟؟ بل إن قوله بالأستنساخ في خطة الأفروعروبيين تخفيف من صهدها..
Quote: - قوله ان ناس الغابة و والصحراء اساؤا للافريقي.. و زعمه بانهم صوروا الجنوبي في صورة بدائي نبيل استقوال:
و هل رؤية الأفريقي (كبدائي نبيل) و راقص أزلي أو كما في هذا الشعر العالي من الزنزباريات
(وحيث تستفيق
تحت غلائل السحب ـ المعبأة بأنعم الرحيق ـ
أفريقيا الأولى
..أيتها العواميد من النعومة السمراء
أيتها القباب المصلتان للريح و للأنواء
..)
أو هل بعد هذا التشهير الشهير لوم على مستقوِّل
(و ليتني في الزنوج و لي رباب تميل به خطاي و تستقيم
و في حقوي من خرز حزام و في صدغي من ودع نظيم
وإجترع المريسة في الحواني و أهذر ، لا ألام ولا ألوم)
لا لوم و لا من يلوم..أو ليسوا البدائيين حيث لم تتطور بعد أي منظومة في القيم وفق القائمين على عبء الرجل الأبيض في أدغال إفريقيا!!!

Quote: اتهامه بانهم يهدفون الي خلع انتمائهم العربي الاسلامي استقوال..


و ماذا عن الإنطلاق عن قيد قريش و أحساب تميم..هو الخلع ، إلا إذا غيبنا سيرة (الصعاليك عروة و صحبه).. و لا أظنها غابت عن المجذوب..الذي يقول ايضاً، و بعد عودة مؤجلة مثل تلك التي عادها عبد الحي..
(و سلام عليكم عدت للعرب كارها ولي وطن فيهم ذبيح مقسم)
و هنا بيت القصيد.الوطن المذبيح المقسم. حاولته الأفروعربية في توفيقياتها و أحلامها فما تفتقت إلا عن تلفيق ليس بمثله ينبسط (الملَوْلَوْ) إلا إذا صهر في (البوتقة) . لا معنى للأفروعربية و لا هي في عير الهويات و لا نفيرها، بدون هذا الذي سماه د.عبد الله بالإعلاء القصدي، إعلائها من شأن المكون الأفريقي على حساب المكون العربي في الدراسات المتينة و المقالات التي قفت..أما الذي ما تراه من لا أيدلوجيتها و كونها مجرد توصيف، فقد إنصرفنا لدحضه زمانا. حتى لاح لنا أنه مجرد توصيفك الخاص لا يتعدى الجمع التركيبي للثنائى ( إفريقي + عربي) كما في أفروأسيوية أو يوروأسيوية (ألا يمكن ان نقول عن بحر القلزم أنه البحر الأفروعربي) مما لا ضرر منه على السناري في النيل و البوادي و لا على مساكنه في النيل و البوادي أيضاً، و باقي الوطن السوداني، فكُفيناه!! و بمثل هذا لمَّحنا لتوحد قولكم و قول د. عبد الله في أخراه، لولا ما يسود من إضطراب في طرحكم لمعنى الهجنه وتعريف الأفروعربية والهوية ..وماأكثرت فيه من الإستقوال و الغبن الشديد على حلم لم يطول إلا بما يكفي (للجهجهة) بمساعدة من عوامل أخرى...
ثم سالتم:
Quote: اخيرا هل تسمح لي اخي هاشم ان اوجه اليك سؤالا ،والغرض من السؤال الخروج بنتيجة من هذا الحوار،
والسؤال هو: كيف تري انت واقع الحال الثقافي والاثني في السودان ؟
فلما إستعجلت لكم إجابة، وأقررت في إستعجالي ذاك، لكم بالأستاذية ووجوب التوقير فلا أترككم دون واحدة مما يسمح به الوقت و( خُلعة) الدعوة للسجال، وهي ايضاً تخرجني عن حرج الإتهام بالتجاهل..و تتضمن في صلبها وعداً قاطعاً بالعودة و تصور في ما اراه حلاً
قلتُ:
Quote: حباً و كرامة يا عزيزي عجب الفيا..
و الإجابة..
أراه:
متعدداً..
كان بعضه
يسعى في (صهر) البعض الآخر
و تذويبه...!!
الآن بعضه
يسعى في (هدم) الآخر!!
و نفيه عن الوجود..!!
الأجدى، في نظري، هو أن يقرّ الكل للكل بالحق الكلي في الوجود و الإنتماء،،، كما يشتهون.
كيف؟؟ هذا هو الحوار الذي ما برحنا نراوح فيه مبدأ (معرفة الشئ كما هو عليه فقط)..
و سأعود.. بي مهلة.. بعد فراغي من قراءة ورقة د.الباقر العفيف التي هدانا لها مشكوراً الأستاذ الخاتم عدلان، له التحية.
و الورقة، بدسامتها البحثية فيما قرأته منها حتى الآن، مما سيثري هذا الحوار و يفتح للفكرة (منتزهاً) أرحب..
و سلمت يا منعم
إقتطعت أنت (كما تشتهون) من بعد الشولات، و غيبتم وعدي بالعودة الماهلة و رغبتي في الرحابة، حتى يكون لكم متكأ في السخرية مما ترونه (فشلاً في الوفاء بمتطلبات الأمتحان) و لو أنصفتم لرأيتم أن قولي ليس إلا فهمي ل، و تنويع على، لغة د. عبدالله التي( لايطاق ثرائها البلاغي) فيما جاء من قوله في آخر مقالته عن أفضل الطرق عنده..وعندي..
Quote: إن أفضل الطرق عندى أن يكف أبناء الشمال العربى المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة . فأوفى الضمانات للأفريقيين في الوطن هى يوم يرونهم قد وطنوا حرياتهم كعرب ومسلمين في باطن ثقافاتهم . فالاحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن يزعم الأفروعربيون أن دماءهم ، كأسلاف ، قد استقرت فينا هو خطة سلبية جدا . فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الاقرار بقوامين ( أو أكثر ) للثقافة السودانية . قد تمتزج هذه القوامات وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق .

و لكنكم قوم تستعجلون النصر!!
إن إقتطاعك من إجابتي، التي هي أكثر حسماً و اشد و ضوحاً في ظني من إجابات لك سلفت من هذا البوست في هذا الخصوص، و تغييب المعنى بذلك الشكل، هو المثل الآخر وليس الأخير على نشاط آلية الإستقوال عندكم لا تفتر!!
هذة المرة الإستقوال بالتغييب، فينفسح المجال لمعنى مغاير..!!
ثم لما رأيتني يا عزيزي، لا إكترث بذلك من وقته، و إنصرف إلى مداخلة كنت أعدها في الحوار و ليس (الرد) على مداخلات للأخوين أيمن و أنور..إستنجدتم بآلية أخرى في إستقوالي، قديمة، ألا و هي نفيي عن الفهم الصحيح و نسبتي في سوء الفهم و من ثم القيام (بعبء الأستاذية) و إهدائي فهماً تظنه مصححاً، لم أطلبه، و إلا لإكتفيت من هذا البوست بالإشادة..هذا الفهم الذي تتبرع به عني غير صحيح ، و إجابتي على سؤال الأستاذ بكري الجاك الذي عاضدتموه عليه، و على (إستيضاحك) اللاحق، ليست بهذه!!!!

Quote: وقد سالنا هاشم مزيد من الايضاح الا انه لم يفعل او ربما لم يتاح له الوقت ذلك .

ولكن ما فهمته من كلامك اخي هاشم ان البعضين هما البعض العربي والبعض الافريقي،
البعض العربي كان يسعي لصهر وتذويب البعض الافريقي ،
اما الان البعض الافريقي يسعي لهدم ونفي العربي عن الوجود،
ومن هنا جاءت منافحة هاشم ودكتور عبدالله عن هذا الواقع العربي وتثبيته،

وقبل الخوض في تفاصيل ، من الذي يسعي الي نفي او تذويب الاخر ،
فطالما ان الواقع الثقافي والاثني مكون من بعضين ،هما عربي واخر افريقي، فما هو وجه الاعتراض اخي هاشم علي توصيف هذا الواقع بانه افروعربي ؟؟؟!!

حسب ظني ومن خلال ردك علي ايمن وانور اعلاه ، ان سبب رفضك وصف هذا الواقع الثقافي والاثني السوداني بانه افروعربي رغم اقرارك بانه مكون من عنصرين عربي وافريقي،هو الافتراض الذي انطلق منه دكتور عبدالله بان الافروعربية تنظر الي اهل السودان بانهم كلهم هجين ولانه يري انه عربي حقيقة كما عبر في حواره مع السؤال فانه يرفض وصفه بالهجين ،
فمع تقديري لتفهمكم عامل الوقت في هذه المرة، إلا أنني لا أتبنى إستقوالكم لعبد الله ما لم يقل،
بل أشير للمصهر الافروعروبي و آليات البوتقة التي ناقشها هنا كثر و بينوا كيفيات عملها في التذويب و الإستنساخ و الأستيعاب و (الصهينة)..لم ارك تنكرها عن طرحكم..و إلا فما آلياتكم؟؟
و أشير إلى أيدلوجيات النفي التي تتجلى في الإنكار و الإنفصال و الإحتراب و(الجهجهة)..الأخيرة من تخصص الأفروعربية (الأيدلوجيا) التي طُبِعت كتحالف هاربين، و ليست طبعتكم منها..
أما (الأجدى) عندي فهو في قول د.عبد الله عاليه..و هو كما كل ما قرأنا له..لا نجد فيه من سيرة الأعراق إلا إستقوالاً ، أو تأتونا ببرهان وثيق من نصوصه، ولتكن تلك التي في تحقيق شجرة نسب الجعليين..!!
و أقر ألا و جه لإعتراضي على التالي ،إلا قليلاً ليس هذا وقته
Quote: فطالما ان الواقع الثقافي والاثني مكون من بعضين ،هما عربي واخر افريقي، فما هو وجه الاعتراض اخي هاشم علي توصيف هذا الواقع بانه افروعربي ؟؟؟!!
و لكنني أتساءل ما هو وجه إعتراضكم أنتم يا سيدي، على نقد عبد الله علي إبراهيم لأفروعربية لا تتبنونها، بهكذا توصيف لا يقدم أي جديد في معرفة أن السودان قطر يسكنه عرب و أفارقة كما البحر الأحمر تتشاركه أفريقيا و اسيا فهو أفرواسيوي..و لكن د. عبد الله يزيد في (كشف النومة) و بيان الفساد في التصور و الخطة، و كما مثقف (عضوي) لا يتهيب أن يطرح بديلاً في التعايش هو ( أن يقرّ الكل للكل بالحق الكلي في الوجود والإنتماء،،،،كما يشتهون) أو كما فهمنا!!

ثم تقول

Quote: هنالك ملاحظة مهمة جدا وهي في الوقت الذي يركز فيه الافروعروبيون وكل منظري الهوية علي الجانب الثقافي نجد دكتور عبدالله ابراهيم يصر علي التركيز علي الجانب العرقي،ونفي الهجنة العرقية.
فنقول، إتنا بالدليل، على القولين كليهما..و لا يزال هنا في البوست (حديث الحبوبات)، و لا تزال هناك مباحث الشلوخ و الإنداية في قصارى جهد الأفروعربية من (الجهجهة) رغم أن الشلوخ إستعربت حتى صارت (قرشية) بل وتصوفت..قبل أن تبدأ تتلاشى قليلاً قليلاً..و ما حكاية الإنداية بأقرب لأفريقيا إلا كما قربها من طرفة الذي قال

وما زال تشـرابـــي الخمـــور ولذتـــي وبيعي وإنفاقـي طريــفــــي ومتلــــدي
إلــى أن تحـــامتنـــى العشيـــرة كلهـــا وأفردت إفراد الــبــعـيـــر الــمــعــبـــد
رأيـت بنــي غبـــراء لا ينكـــروننـــي ولا أهل هـذاك الطـــراف الــمــمــــدد
ولولا ثــلاث هـن مـن عيشــة الفتــــى وجدك لـم أحفل متـــى قــــام عــــودي
فـمـنهـــن سـبـــق العـــاذلات بشربـــه كميـــت متـــى مـــا تعــل بالمـاء تزبـد
أو إبن كلثوم، الأعشى، ابونواس و...إلخ
و هو الذي نزعم قربه في مصادر الناس على النيل و البوادي بأكثر من (البدائي النبيل)..
و أما هذا
Quote: فمحمد عبد الحي مثلا من اهم منظري الغابة والصحراء ،من ناحية عرقية لا يوجد دافع يجعله يطالب برد الاعتبار للمكون الافريقي،ولكنه كان ينظر الي الثقافة السودانية ككل كما هي مشكلة علي ارض الواقع - الاغنية السودانية مثلا ،يصلي بلسان ويغني بلسان،ولسان الغناء المقصود به هنا :النغم والايقاع واللونية عموما.
فأوله من شر البلية ياعزيزي، و يطششش علينا ما عرفنا عن عبد الحي، من رهافة فلا ينتظر العرق (التركي..هذه من بولا) يدفعه في الخير .. و لكنه عاد في أخراه عن الأفروعربية كنهج في مناهج الخير..أو ليس كذلك؟؟
و كإقتراح لكم أخي منعم...وقد طالما أثنيتم على مثابرتي في إثراء البوست، هناك مداخلتين أو ثلاث في بوست د.النور للترحيب ب د.بولا، تتعلق بهذا الحوار مباشرة و تتصل بدعوتك لبولا للمشاركة(ما كانت دعوة مراكبية ساي) فهل لكم في إضافتها لصقاً لثراء هذا البوست..أنا أرجو أن تفعل حتى إن لم تقنعكم هذه المطولة مني ولا أظنها تفعل، فإنما عند بولا ثراء عظيم..
وفي ديوان (العودة إلى سنار)، من بعد، إشارة شارحة، تقرأ {{ في القصيدة ربما كانت سنار دفعة من كيان الفنان في شبابه حينما رغب ـ كما جيمس جويس قبله ـ في أن يشكل في مصهر روحه ضمير أمته الذي لم يخلق بعد. و ربما كانت نقشاً على صخر آخر. ((بداءة)) أخرى. إسماً يتجوهر في ((مملكة البراءة)). فهي عين نبصر بها و خلالها. و الأشياء هنا هي كما في السماء. و العودة إليها فقر.}} فهل تراها إستقوال، قراءة د.عبد الله لأفروعربية د.عبد الحي و محل (البداءة) منها..

أما ما تفضلتم به من الشرح في أصل الغناء الذي بلسان، فلا نقول به في الإستقوال ونضيفه لقراءتنا القادمة للقصيدة، رغم ما تلى ذلك من أبيات جاءت في هذا الترتيب..
{تائه عاد يغني بلسان،
ويصلي بلسان
من بحار نائيات
لم تنر في صمتها الأخضر أحلام الموانيء.
كافراً تهت سنيناً و سنيناً
مستعيراً لي لساناً و عيونا
باحثاً بين قصور الماء عن ساحرة الماء الغريبة
مذعناً للريح في جمجمة البحر الرهيبة
حالماً فيها بارض جعلت للغرباء
ـ تتلاشى تحت ضوء الشمس كي تولد من نار المساء ـ
ببنات البحر ضاجعن إله البحر في الرغو...
(إلى آخر ما يغني الشعراء)
ثم لما كوكب الرعب اضاء
إرتميتُ
و رأيت ما رأيت:
مطراً اسودَ ينثوه سماءٌ من نُحاس، و غمامٌ أحمرُ
شجراً ابيضَ ـ تفاحاً و توتاً ـ يثمرُ
حيث لا أرض و لا سقيا سوى ما رقرق الحاض من رغو الغمامُ.}
لله در إستشهاد د. عبد الله بها حيثما إستشهد..
و نحن، في عجلة منا ربما، ظننا بها التناص مع قصيدة و.ب. ييست ( المجيء الثاني) و قد أشار إليه عبد الحي في مصادره ..فقلنا ربما قصد إلى الغناء بالشعر في لغة أخرى غير عربية السنارية حينما كان يتثقف و يتحدث الإنقليزية زماناً تطاول عليه فطال الحنين... وما ذهبنا مذهب (النغم و الإيقاع و اللونية عموماً) هذا الذي في قراءتكم.. و نضيفه في رصيد قراءتنا، و نشكركم يا أستاذي عجب الفيا عليه، فهو على الاقل يخفف على نفَسي الذي أنهكته هذه السجالية..فما أقدر أن ( أوضح مستشهداً) إلا بعد حين، فليعذرني الأخ بكري الجاك...

ولك شكري وتقديري علي إبتدارك لهذا النقاش.
و لي عودة..
و ها هي الوصلات لورقة الدكتور الباقر العفبف فيما قضينا بعض الوقت فيه
متاهة قوم سود ذوو ثقافة بيضاء /د.الباقر عفيفى عرض متوكل بحر

ازمة الهوية في شمال السودان وجهة نظر حق، عطبراوي و أ. سعاد ابراهيم و البقية

و هي على حملها الشديد على ازمة الهوية العربية السودانية (السنارية) معددة لأسبابها و متقصية لتجلياتها، فلا تجنح إلى الإستقوال فيما راينا، وإن عابها ألآ تذكر أثر بروباغاندا الأفروعربية في (جهجهة) هذه الهوية..
و سلام على الجميع
حتى عودة قريبة

Post: #224
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: farda
Date: 05-24-2004, 11:37 AM
Parent: #1

*
الإخوة الأعزاء : عجب الفيا ، هشام الحسن ، بكري الجاك...
المتداخلون والمتداخلات

لكم التحية...

كنتُ قد شاركت في التعليق على ورقة الفيا هذه، بصورة مقتضبة وعامة ، في "تظاهرة" بشاشة (والتي يبدو أنها أصيبت بداء مظاهرات الديمقراطية الثالثة: (الغِـيادة ، ولاّ مجلس الوزرا؟!)... وقد قلت حينها لأستاذ عجب الفيا أن إحجامي عن المشاركة هنا سببه ما أكتنف هذا الحوار من انفلات في بعض الأحيان ( أعني المناوشات الحادة بين الفيا والخواض ، وهي طبعاً بقايا من حوارات سابقة لا علاقة لها بهذا الخيط تحديداً) ...
عليَّ هنا إذاً أن أشكر الكاتب والباحث المدقق هشام الحسن على جهده الحثيث في أن يبقى هذا الخيط في دائرة البحث الجاد مما يشجعني الآن على أن أنضم اليه. وإذا سمح لي الصديق الأستاذ عجب الفيا ، أرجو أن أطلب منه عدم تحويل مسار الحوار الآن الى رؤى هشام الحسن في موضوع الهوية ، وأن نبقى في تناولك لورقة تحالف الهاربين فهي الموضوع الأساسي للبوست. وارجو أن يواصل هشام إضافاته إن كان مازال لديه المزيد من التعليق على الورقة...(كتبت هذا قبل الإطلاع على مداخلتك الأخيرة يا هشام)

شجعني أيضاً على التعليق الآن أن الأخ بكري الجاك قد شرع أخيراً في رحلته التي لا فرار منها: من الإيمان والقطع الموقن الى الشك والحيرة ، فالشك هو بداية البحث المبدع الجاد... ورغم أن بكري ما زال يتمحرك ولا يبارح مكانه ، بدلاً من الإذعان للصوت الناقد داخله فإنه يسعدني أنه على الأقل "في حيرة من أمره" وقد بدأ في مساءلة قراءاته العجولة الأولى حول الكتابات والكاتب موضوع النقاش...

ولا شك أن الكلمة الثاقبة والمثـقوفة التي كتبها عبدالله بولا في تعليقه على القفزة العمياء – لإبن جـيلي بشاشة – فوق حواجزَ لا مفر منها لأمور غاية في الفداحة مثل قراءة النصوص وأصول البحث ، كان لها أثرها في أن يستقيم هذا الحوار الذي انتشر على صفحات عديدة على طول هذا البورد وعرضه. وكنت آمل أن يعمل بشاشة بدعوة بولا له بأن يقرأ "بجدٍ هذه المرة" ولكن أمعن في إساءة القراءة مرة أخرى كما هو واضح في تعليقه اللاحق.... (عذراً، إذ لا مناص من التعليق على تلك المداخلات هنا ، فكل حوارات ومظاهرات الأفروعربية في البورد قد نشأت من ورقة الفيا في هذه الصفحة)
لا بد أن يلتفت أبناء جيلي – ومنهم بكري وبشاشة – الى مسائل تجويد أسس الحوار وقواعد البحث والقراءة التي اهتم بها أساتذتنا من أمثال عبدالله (بولا وإبراهيم) وجعلوها شرطاً لا بديل عنه إزاء تثـقافهم واختلافهم وتحاورهم... وقد قلنا مبكراً أيضاً لبشاشة ، في باب تقويم قراءته التالفة لما كتب ع.ع.إبراهيم (وما كتبه الفيا أيضاً
Quote: ) يا عزيزي بشاشة ، كل ما في الأمر هو أنني اقول أنك لم تقرأ ما كتب عبدالله على إبراهيم في مقاله ، أو لم تستعبه على أقل تقدير ، وهذا واضح من الأحكام المجانية التي أطلقتها دون إشارة محددة لمقاله حتى الآن... (شكراً على تأكيد تصحيحي لكمال عباس)...
النقد الذي وجهه ع.ع. إبراهيم لمدرسة الغابة والصحراء ، في محصلته النهائية والواضحة ، يقول بإنطلاق هذه الحركة الشعرية من نفس مواقع الثقافة العربية الإسلامية في تبنيها للصورة الوهمية التي رسمها الذهن العربي – وأيضاً الإستشراق الغربي – لإفريقيا وللإنسان الإفريقي! تصور؟!
ولكنه رفض أن يتصور! وقد قلت للأستاذ عجب الفيا في مكان آخر كلاماً شبيهاً بما قاله هشام أعلاه عن الإستقوال:
Quote: أن مقاربتك لمقال تحالف الهاربين – أو الهاربَين، بالمثنى المذكر – أصابها خللٌ أساسي: سعت الورقة لتفكيك ما تعتبره موقفاً ايدلوجيا مسكوت عنه في تفحصها لكلمة ع.ع.إبراهيم (وتناقضاً في الخطاب على المستوى المصرح به والمسكوت عنه) ولكن ، في ما أرى، أغلب الإقتباسات والتدليلات التي أوردتها عن تلك الكلمة لم تتحمل بجدارة كافية عبء إثبات ما ذهبت اليه. (أعرف أنك قد تحدثت أيضاً في ورقتك المشار اليها عن الإسقاطات ، ولكن هذه منطقة إشكالية(problematic) لن أقاربها الآن)
وأضفت:
Quote: أن اللغة البحثية التي استخدمها ع.ع. إبراهيم حافلة بالشروط والإستدراكات والتقوسيات والإقتباسات الحرفية وغير الحرفية ، وقد سعيت أنت لفك تلك المحاذير والإرتباطات لتخلص الى ما تظنه فكاً لشفرة الآيدلوجيا المتعالية المسكوت عنها في الكلمة المشار اليها ، أو مثلما تقول خطة عبدالله ابراهيم، في تمرير خطابه الاسلاموعربي المناهض لاي وجود افريقي... (...) أنَّ ذلك التفكيك هو المشكلة في رأيي...

أخيراً ، أقول لأخي بكري أن المسألة ليست أن ما كتبه ع.ع. إبراهيم في شأن مدرسة الغابة والصحراء هو عصي على الفهم أو بالغ التعقيد ، فما يميز كتابة عبدالله البحثية هنا هي دقـته في تأسيس مصطلحاته واستخدامه الذكي للإحالات التي يشير بها الى النصوص التي يدرسها ، وتوظيفه لهذه الإقتباسات في توضيحه لما توصل اليه من توصيف لمدرسة الغابة والصحراء ورؤيتها. (وأرجو أن لا تصرف ذلك الى إعجاب أعمى ، أو مبصر حتى! بالكاتب المعني مثلما فعلت من قبل ، فعبدالله (is not exactly a pop star!)
أتمنى ، مثل هشام الحسن ، أن تضاف المداخلات التي قدمها الأستاذ عبدالله بولا الى هذا الخيط.

ولكم جميعاً التقدير

Post: #227
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bakry Eljack
Date: 05-24-2004, 07:32 PM
Parent: #224

الاخ الاستاذ حافظ الخير:
اعجبنى عتابك لى ووصف حالى بالمحركة و عدم مبارحة المكان, فيما يتعلق بشكوكى الحالية التى تجاوزت مرحلة الايمان والوثوقية فى شان قراءتى لحال دكتور عبد الله على ابراهيم,

تعليق على قولك

أخيراً ، أقول لأخي بكري أن المسألة ليست أن ما كتبه ع.ع. إبراهيم في شأن مدرسة الغابة والصحراء هو عصي على الفهم أو بالغ التعقيد ، فما يميز كتابة عبدالله البحثية هنا هي دقـته في تأسيس مصطلحاته واستخدامه الذكي للإحالات التي يشير بها الى النصوص التي يدرسها ، وتوظيفه لهذه الإقتباسات في توضيحه لما توصل اليه من توصيف لمدرسة الغابة والصحراء ورؤيتها. (وأرجو أن لا تصرف ذلك الى إعجاب أعمى ، أو مبصر حتى! بالكاتب المعني مثلما فعلت من قبل ، فعبدالله (is not exactly a pop star!)
أتمنى ، مثل هشام الحسن ، أن تضاف المداخلات التي قدمها الأستاذ عبدالله بولا الى هذا الخيط.


اخى حافظ اذا رجعت الى اول مداخلة لى فى هذا الخيط سيتبين لك موقفى من القراءة النقدية التى قدمها عجب الفيا لمشروع عبد الله على ابراهيم بل برغم قصرهااي مداخلتى فيها اوضحت راي فى تيار او مدرسة الغابة والصحراء و تبسيطها المخل فى شاننا الهويوي, السبب الذى جعلنى مرابطا فى هذا البوست وداعما ومشجعا للحوار فيه, هو استجلاء اراء اكبر عدد من القراء حول كتابات الدكتور عبد الله على ابراهيم الذى هو دائرة بحثى هذه الايام, والسبب الاخر هو ان الحوار فى هذه الورقة لا مناص ماضى الى تاملات فى شان هويتنا مصدر الاحتراب فى الميادين و الاعتراك الاكاديمى والثقافى الدائر الان بين كل مثقفى السودان, فيما يتعلق بالمغالطات حول معرفية ولا ايدولوجية الافروعروبية و نقائها وطهرها المعرفى فى نظري هو من نافلة القول فى هذه الزاوية ولا اري من مبرر لاضاعة جهد فى اثباته من عدمه فلا يةجد فكر يخلو من الايدولوجيا, اما فى قراءتى لورقة الدكتور عبد الله تحالف الهاربين الورقة موضع الدراسة فهى تبين عن نفسها فى قول الدكتور فى قوله الخير الذى يبدا بافضل الطرق عندي ولا ارغب فى اغتباسه لكثرة تعرضه للاغتباس استشهادا.

مبحث عجب الفيا و صراعه مع دكتور عبد الله على ابراهيم حول نفى الهجنة عن سكان شمال السودان النيلى حسب ما فهم عجب الفيا الذى يؤكد حدوث هذه الهجنة وهذا ايضا من نافلة القول عندى فى شاننا الهويوي انطلاقة من فهمى لهذا الشان. حتى هذه اللحظة للدكتور قولان يجعلانه على صواب فى نظري وحسب فهمى المتواضع فى امر فهمه لسؤال هويتنا المعقد, احدهما ما ورد فى اخر قوله فى ورقته تحالف الهاربين الاصل, التى يتحدث فيها عن قوامان او اكثر للثقافات السودانية بمعنى انه من المؤمنين بالتعدد, ولا يضيرنى شيئا ان خلع سكان الشريط النيلى عن نفسهم عروبتهم او بحثوا فى امرها والفوا الكتب فى انسابهم, الاستشهاد الثانى رده على سؤال الصحفى فى اللقاء الذى اجري معه فى العام 2001 والذى استشهد به دكتور بولا و الذى قمت باثباته فى مداخلتى السابقة, و لكن بقراءتى لكتابات دكتور عبد الله اللاحقة من ضمنها حديثه عن التوسع فى العروبة و غيرها من بحوث فى الشريعة يصف فيها قضاة هم بمثابة تنابلة الاستعمار بالوقار و غيره, و قول عجب الفيا فى شان محاضرة الامارات و غيرها من ما يرد فى شكل ايماءات فى عموده اليومى لا مانع عندي ان قررنا ان نلاحقه فهو متوفر فى ارشيف الصحافة وعلى مرمى نقرة من الكى بورد وكليهما يضعان الرجل فى دائرة القراءة التى ايضا اثبتها اعلاه فى مداخلتى القبل الاخيرة فى فهمى الى مشروعه او احدي الخيارين الذين وردا فى مداخلتى الاخيرة. و الى ان استوثق من احدي فرضياتى الاولية فى مشروع بحثى عن مكنونات دكتور عبد الله على ابراهيم لا شيء عندي استصحبه لا حسن الظن بالرجل فى شاننا الهويوي الا حسن ظن بولا به الذى هو ليس بالبوب ستار ولكن حسن ظنى ببولا اتى من قراءتى اليتيمة له فى شجرة نسب الغول التى اكتبها خطا هاهنا و اعرف انه من مدعاة استهجان بولا. اتمنى ان اكون قد ابنت ولو بعض الشيء.

و سنلتقى فى معارج هذا الحوار

بكري الجاك

Post: #229
Title: Re: الي الاخ الاستاذ بكري الجاك
Author: Agab Alfaya
Date: 05-24-2004, 09:49 PM
Parent: #227

الاخ العزيز بكري الجاك اعتقد انه قرار حكيم ان تخلو الي نفسك لدراسة اطروحات الدكتور عبدالله ابراهيم بمهلة وانا كلي ثقة انك سوف تطلع علينا بدراسة قيمة،
ولكن هذا لا يمنع من بقاءك معنا
لك التحية والتقدير علي اثراءك لهذا الحوار وكل الحوارات بالمنبر

Post: #225
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 05-24-2004, 06:37 PM
Parent: #1

الاخوان الاصدقاء الاعزاء

هاشم الحسن

حافظ خير فردة

اطلعت للتو علي مداخلاتكم بعد عودتي من نهاية اليوم

شكرا لكم علي جهودكم في استمرار هذا الخيط وسوف اعود

الشكر ايضا للاخوان الاصدقاء الاعزاء ودرملية ونصار وحنينة

والشكر للدكتور النور علي استمراره في اتحافنا بقراءاته الموازية

نسبة لانني لم اتمكن من متابعة بوست الدكتور بولا بسبب ضيق الوقت فانه لا علم لي بالمداخلات المتعلقة بالموضوع وما اظن اجد الوقت الكافي لمراجعة البوست فارجو من الاخوة الاعزاء ممن يجد الوقت ان ينقلوا لنا تلك المساهمات الي هذا البوست

Post: #226
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: عبد الله بولا
Date: 05-24-2004, 06:53 PM
Parent: #1

عزيزي فردة وعبدالمنعم وجملة الأصدقاء الأعزاء،
تحياتي المخلصة ومودتي،
قرات قبل قليل اقتراحات بنقل مداخلاتي من بوست النور في الترحيب بي.
وأرجو أن تتقبلوا اعتراضي على ذلك حرصاً على أن لا تختلط السياقات وحفاظاً على حقوق الكاتب والموقع الرئيسي الذي يختاره لعلاقته بقرائه. يمكنكم بلا شك وعلى الرحب والسعة نقل استشهادات منهالا تتعدى حدود الاستشهادات المتعارف عليها في المجال الأكاديمي والأعراف المعمول بها في مجالات النشر مع جزيل شكري.

بــــولا

Post: #228
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 05-24-2004, 09:37 PM
Parent: #1

احتراما لرغبة الدكتور عبدالله بولا ارجو من الاخوة الاصدقاء عدم نقل
اي مساهمات من بوست الترحيب الخاص به الي هذا الخيط .

وتحياتي للجميع

Post: #230
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bakry Eljack
Date: 05-25-2004, 12:36 PM
Parent: #228

الاخ الصديق عجب الفيا و الاخوان هشام و حافظ دكتور النور وبقية المتابعين لهذا الصرح

سلامات,

استوعب حجم العمل الذى يستصعب سرقة اي ثانية فى صراع الحال والمآل ,

فلنحترم رغبة الدكتور بولا فى عدم نقل اي من تعقيباته فى الرد على المرحبين به, و ان كنت اساسا لا اري ضرورة تجعلنا ننقل اي منها, ولا اري علاقة لها بمحاور النقاش فى هذا البوست الا فيما تعلق ببعض استشهاداته حول بحوث دكتور عبد الله و بعض تاملاته فى شان الهوية التى هى ملك له و له ان يحدد المكان والزمان الذين سنشر فيهما افكاره و تاملاته التى ستكون محل احترام وتقدير لدينا.

لدي رجاء للاخ منعم وبقية المشاركين:
هو ان ينتقل بهذا الحوار الى الفضاء الذى نحن فيه الان, اعتقد اذا قرر العجب العودة الى التعليق و الرد الى مداخلة الاخوين هشام و حافظ الاخيرتين سوف يصبح هذا الحوار بلامضابط, فاذا كانت ورقة الفيا ادعت نفى الايدولوجيا عن مشروع الافروعروبية وقدم العجب ما راه مناسبا من استشهادات فى هذا الشان, فانى اري ذلك كفيا, و بالمقابل تصدي بعض مخالفى عجب باستشهادات مضادة, اعتقد ان الحوار اكتمل فى هذا الشان ولنترك الامر للقاريء وحصافته, ولا اري ان اي احتمال سيتوفر ان يقنع اي منكما الاخر بان مشروع الافروعروبية هو قراءة ايدولوجية ام قراءة معرفية, بل ان الاستمرار فى هذه النقطة هو استمرار للسجال الدائري فى حلقات مفرغة حسب اعتقادي,
كما رجاء اخر ان ننتقل ايضا من ساحة المغالطات حول ما ان كان الدكتور عبد الله على ابراهيم قد نفى الهجنة عن سكان شمال السودان ام لا, فللعجب الحق فى فهم انه ينفى ذلك من خلال قراءته له و ليس بالضرورة ان يكون فهمه خاطيء لكتابات الدكتور و يجوز ان يكون فهم الاخوين هشام و حافظ صحيحا لاثبات ان عبد الله لم ينفى الهجنة, اعتقد ان الاستمرار فى هذين المحورين و محور البدائى النبيل واستخدام اوصاف كالاستقوال و غيرها من مفردات ذات مدلولات سالبة على الحوار هى سوف لن تقدم ولن تؤخر فى شيء بل هى بمقتضى الحال ستجعل هذا الحوار من نوع الترف الاكاديمى الذى اصبح من عادات المثقفين السودانيين فى صالوناتهم, بل اصبحت الونسة التى هى من باب ساكت نوع من المحاكمات الاكاديمية البزخية التى هى لا وجود لها الا فى ابراجهم الثقافية التى ليست من عاج ولا يحزنون,
حسب فهمى لورقة عبد الله على ابراهيم انه استخدم ادواته واستشهاداته فى التعامل مع تيار الغابة والصحراء و مهما تمسحت اي دراسة و تحصنت بصرامة منهجية اكاديمية فهى ايضا ناقصة علميا و قابلة للنقد والدحض مهما بدات متماسكة, خلاصة القول عندي ما خلص اليه عبد الله من نقده لتيار الغابة والصحراء سواء بتزييفه و سوء قراءته للغابة والصحراء لا ينزلان عندي منزلة الالزام او التصحيح او الادانة, بل ان ساعتبر بما انتهى اليه فى بحثه, و هذا هو الفضاء الذى اختلف فيه مع دكتور عبد الله اختلاف ما زال كبيرا فى نظري بل ربما يجعلنى اري انه ورغم اشتغاله بمهمجة البحث فى الهوية وغيرها الا انه سيظل رصيدا سالبا ولو تراصت كل البشر للدفاع عنه اذا ظل يحمل تلك النظرة التى لا تري خطئا فى موقف الشمال النيلى برغم ما ارتكبت وترتكب من مذابح و تصفيات واغتيالات جماعية, وتبقى تاملاته هذه من قبيل الترف الثقافى الذى يصلح لونسات مابعد منتصف الليل,
جل جهدى ان نمضى بهذا الحوار الى فضاء الراهن والى سؤال الان, واري ذلك فى تفضل الاخ هشام بالاجابة الى الاستيضاحات التى طالبناه بها فى عرض اجابته على سؤال الفيا فى شان الهوية, ولسنا فى حوجة الى كثير انشاء و كتابات فالجرح ينزف والتكرار و العمل بحوار جمل العصارة سوف لن يجعل اي منا يبارح مكانه قط فهلا استجبتم الى هذا النداء, وقمة رجائى ان لا ينجر الاخ عجب الفيا فى اي رد مطول على مداخلة الاخ هشام التى لا شك عندي ان اي محاولة للرد عليها سيرجعنا الى سكوير صفر.

ودمتم مع احترامى

بكري الجاك

Post: #231
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bakry Eljack
Date: 05-25-2004, 12:42 PM
Parent: #228

مكرر

Post: #232
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bakry Eljack
Date: 05-25-2004, 12:44 PM
Parent: #228

العذر

مكرر

Post: #233
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 05-25-2004, 06:35 PM
Parent: #1

الاخوان الاصدقاء الاعزاء

بكري الجاك

حافظ خير فردة

هاشم الحسن

الدكتور النور

اعمل الان علي مداخلة مطولة سوف انزلها في بوست عبدالله بولا

سوف تلامس بعض القضايا المطروحة من فردة وهاشم واتمني الا تكون تكرار

لما سبق ذكره هنا،

الي ذلك الحين اقول لصديقي فردة ان التاصيل للعروبة والاسلام

لا يحتاج لعبقرية،وقد سبق ان رديت عليك بالتفصيل في بوست بشاشة وما عقبت ،ما عارف الجديد شنو في كلامك البخليني اعيد النظر في ردي عليك

ومع ذلك سوف اعود لمواصلة الحوار هنا

واشكرك يا صديقي بكري الجاك علي المقترحات لكن شايف اخوي هاشم دا زعلان مني قال انا ما قاعد ارد عليه ،
لكن يا هاشم لشنو فسرت عدم ردي عليك بالتجاهل،ما ممكن يكون متفق معاك في النقاط الما رديت عليها،لكن بجيك ارد علي حكاية القاف والغين والتوسع في العروبة،

Post: #235
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: farda
Date: 05-26-2004, 01:19 AM
Parent: #233

*
الصديق الأستاذ عجب الفيا ...
Quote: الي ذلك الحين اقول لصديقي فردة ان التاصيل للعروبة والاسلام
لا يحتاج لعبقرية،وقد سبق ان رديت عليك بالتفصيل في بوست بشاشة وما عقبت ،ما عارف الجديد شنو في كلامك البخليني اعيد النظر في ردي عليك

لم أفهم ما تعنيه بخصوص " ان التاصيل للعروبة والاسلام لا يحتاج لعبقرية"...
ولكن بالإشارة للجزء الثاني من قولك أقول ، للتوضيح ، الذي كتبته أعلاه هو تلخيص لرأيي (أو ملاحظتي ) الذي أوردته في البوست الآخر ( وليس القصد منه إنتزاع رد آخر منك) ....
وقد أورتُ فيه ، أيضاً ، قولاً عاماً في شأن
Quote: تجويد أسس الحوار وقواعد البحث والقراءة (بإعتباره) شرط لا بديل عنه في التثاقف والإختلاف...
و لا يخفى عليك أن هذا كلام أتيت به بالنظر الى الحملة العامة (والتي وصلت لمستوى الـ witch hunting) التي طالت الدكتور ع. ع. إبراهيم على صفحات هذا المنبر ، في حين أن الأمر ينبغي أن يكون باباً في التثاقف والنقد والإختلاف...
لك تقديري؛ وسأنتظر مداخلتك المطولة الموعودة ...

Post: #236
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 05-26-2004, 06:14 AM
Parent: #1

الاخ العزيز حافظ.

والله وقصبا عني اعود للمنبر رغم ان ظروفي لا تسمح لي بهذا.سأكتفي بهذا البوست الثورة، وسارابط بقية اليوم وغدا، فقط للرد علي مداخلتك هذه، بخوص ما ورد ببوست الاستاذ بولا، الذي ابدي تبرم شديد من مواصلتي في بوست الترحيب، ونزولا عند رغبته تركت امر تلك المداخلة برمتها، علي غير عادتي، احتراما للاستاذ بولا.

فكرت في مواصلة هذه النقطة في بوستي المخصص للنقروفوبك عبدالله، لكني تراجعت خوفا من سوء الفهم من الاستاذ بولا، الذي عبر عن تأذيه من موقفي تجاه دكتور عبدالله.

الان اعود للموضوع واقول نعم اقر بوقوع خطأ اجرائي من جانبي، باسناد، تصوير دكتور عبد الله لمفهوم "الزنوجة" عند الغابة والصحراء لعبد الله نفسه، لان النص ورد مبتور من قبل الاستاذ بولا، حسب ما اتضح لي اليوم، بعد اضطلاعي علي هذه المداخلة.

اقول خطأ اجرائي لاني لازلت مصر علي موقفي الاولي من نمط تفكير دكتور عبدالله، وكما هو معلن من جانبي، في هذا المنبر من قبل، وفي هذا الخيط تحديدا، اكثر من مرة- فلا فرق عندي مابين عروبة او افروعروبة السودان او شمال السودان تحديدا.

فكلو "سلخ نملة" لا يغني ولا يسمن من جوع، لاجديد فيه اطلاقا، بل هذا الجدل الدائري العقيم هو المسؤول عن ايرادنا وبلادنا موارد التهلكة.

لانو يستحيل الوصول الي نتيجة جديدة ومختلفة بالاصرار علي ذات المعطيات البالية الخربة، باعتبارها مراوحة كما بندول الساعة، من مركزية عربية، الي مركزية اوربية، وبالعكس!

فقط احي وقفة اخي عجب الشجاعة ضد فهلوة متوهم العروبة، والذي لايختلف عن اي من حبوباتنا، في اجتراره، لخرافة النسب للعباس.

وعشان ما اكون واضح وضوح الشمس، اكرر مارددته مرارا، وهنا وفي المنابر الاخري، منذ عام 98،:
كل من يتوهم نفسه عربيا من اهالي اقصي الشمال، فهو تلقائيا استعلائي، حيث الاستعلاء تعبير ومعاوضة عن مركب نقص، واحساس مفرط بالدونية، وكراهية للذات "الزنجية" كما ابتدعها منظر النازية قوبيني تحديدا، وليس علم الاجناس الكلونيالي كما يردد دكتور عبدالله، واسامة الخواض، والاخرين.

فيا عزيزي حافظ، دكتور عبدالله هذا يقول بانه عربي، صراحة وهذا كافي جدا بالنسبة لنا، اما حملته علي رموز الغابة والصحراء، وبالذات ادعائيه الدفاع والاقتصاص للافريقي برفضه مفهوم البدائية لديهم، ماهو الا استهبال وضحك علي الدقون وذر للرماد في العيون، حتي لانستبين، كيف ان حملته علي طرح الغابة والصحراء، دافعه الاساسي فيها، هو وهم النقاء العرقي، لا اكثر ولا اقل.

هذا هو لب اللف والدوران الاكروباتي لعبدالله، والذي انطلي علي البعض كمستوي عالي من الطرح!

المدافعين عن هذا العبدالله، وكتكتيك انسحاب منظم يطلقون نيران التعقيد المتوهم لطرح عبدالله وقصور فهمنا عن ادراك كنهه، كتغطية وحسب لهذا الانسحاب.

فلا فرق في عرفنا مابين عبدالله، والمدافعين باستماتة عنه، باعتباره دفاع عن النفس في المقام الاول.

فياعزيزي حافظ قراءتي للنص الذي اورده بولا صحيح، واذا اتضح ايراده مبتورا، فها نحن نراجع ولكن لا نتراجع!

اتمني انك تركز وتدافع عن استاذك عبدالله.

ونواصل

Post: #237
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 05-26-2004, 09:19 AM
Parent: #1

الاخ العزيز بكري

وانا في انتظار حافظ، خليني ادردش معاك حبة.

واضح نك اتخميت يابكري.

غموض دكتور عبدالله، ماهو الا فهلوة وتمويه وتغليف للنوايا الحقيقة.

النوايا هنا، مقصود بيها عقلية الشمالي، العروبية، الاقصائية، والمسكونة بأوهام النقاء العرقي.

ليس هذا بانشاء او تنظير من عندياتنا، وانما هو واقع حال جبال الظلم وشلالات الدم، وانهار الدموع، لملاييين الضحايا، في اكبر كارثة تشهدها الانسانية قاطبة، في هذه اللحظة!

لاحظ عندما ووجه بحقيقة انه رافض لفكرة التمازج كما قال بها رموز الغابة والصحراء، في قول الصحفي:
Quote: وأنت ترفض فكرة التمازج كما طرحتها مدرسة الغابة و الصحراء
.

دكتور عبدالله لم ينف الاتهام الصريح المباشر، وانما واصل عرضه الاكروباتي، لذلك عليك بالتركيز علي مابين السطور، لانه لايملك والا ان يناقض نفسه.

بالنسبة لي كقانون واداة تحليل، دايما بركز واعرف الواحد جايي من وين اصلا، ولا احفل كتير بي انو هو ماشي وين، بقصد هو عايز يقول شنو.

كده ابدا ما بتطش!

فهو لمان بدا كلامو عن
Quote: " فالتمازج سيستمر و ستزيد وتيرته"
، فقصبا عنو جا مارق كلامو عن
Quote: "و ألا تذهب في اتجاه تأكيد أن ثقافتنا هجينة وممتزجة وغير ذلك مما أسميه الغش الثقافي".


غش لي منو؟،

طبعا ما لي جماعتو العربية، وانما الجماعة الافريقية!

فالراجل حريص خالص علي مصلحة الافارقة الهو اصلا جاكي منهم، باعتباروا عربي، اكثر من حرصو علي جماعتو العربية!

ياسلام!

احنا بنريل يعني؟

بعدين التمويه الاخر هو كلاموا عن التمازج، اللي ذي تماذج فيصل صالح!

مجرد نزوح "الجنوبيين" و "الغرابة" لي اطراف العاصمة، ليعيشوا في ال"Concentration Camps" بتاعة كرتون كسلا مثلا، فهو تمازج ما بعدو!

امشي علي البوست بتاع "نحونة ساكت" عشان ماتعرف، نوع الترف الذهني لاصحاب الحظوة بالميلاد، عشان ما تقدر هذا التماذج الاسطوري حق تقديره!

فعبدالله البوسوس من هاجس الهجين، الكسر قلم ماكمايل، يتكلم عن "التماذج" واحنا الطيورو ايها الانسان، بذا الغباء خصنا الرحمن، نصدق!

فما اظنك بتتخيل تمازج عبد الله مقصود بيه، زواج الجعلي من "الفلاتية" بتاعة كرتون كسلا، البتغسل في العدة جوا!

فكلام هذا القبلي الاستعلائي، عن ديمقراطية الثقافة، يعبر عن ذات نزعة الفصل الابارثيدي المنطلق من ذات وسواس النقاء، اكثر من اي شئ اخر، بالذات انو وعي درس التعريب علي اسنة الرماح، علي طريقة صنو وفردتو مصطفي الطيب.

علي الاقل الاخير واضح او دقري، مش ذي عبدالله، جايي ياكل بي عقلنا حلاوة!

لمان ارجع لو في عمر، بعد طفشتي دي، حامسك كلامو ده سطر، سطر!

Post: #238
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 05-26-2004, 05:07 PM
Parent: #1

الاخ العزيز حافظ

انا معاك باقي اليوم ده، انشاء الله ظروفك تسمح، او تجي بي جاي، لاني جيت مخسوس والله. خليني اكرر مذكرة "الارضية المشتركة" هنا، تفاديا لسوء الفهم:

لغياب الارضية المشتركة، بيني وبين خصومي الفكريين، فيا عزيزي القارئ اعلم، ان طرحي المنطلق من مواقع المركزية الافريقية، يصادم "head on" طرح المنطلقين من مواقع مرجعية ثنائية، عربية/اوربية.

علي وزن "الحكم الثنائي"، اساس التعليم في السودان، وبذلك الطرح المتصل بقضايا السودان- دائما ثنائي المرجعية!

لا يخرج في مجمله وفيما يتعلق بموضوع الهوية، عن ما خطه قلم نعوم شقير، المؤلف الحقيقي، لذهنية ونمط تفكير السودان المصري الانجليزي، او السودان القديم، كما تجسده عقلية عبدالله خير تجسيد.

لذلك لامعني لتبهير الموضوع بالاكاديمية، وتصويرو كعلم صواريخ جديد، والموضوع لا يخرج عن كون دكتور عبدالله "لهط" صارقيل "جبادة" شقير، وان ادعي انو كشف شرك "قمري" ماكمايل!

فدكتور عبدالله، ينطلق من ذات المركزية الاوربية، في غارتو الجوية علي مكمايل، او غيرو، ليعود لذات قواعد مركزيته الاوربية سالما، ليوهمنا انو طلع بر الحوش، بينما هو لم يفعل اكثر من الانتقال من غرفة لاخري داخل نفس المنبي!

هذا تعميم، لا مانع لدينا من تفصيله بالادلة، فقط اشيروا علينا!

لذلك خصومي، ودون مراعاة لهذا الاختلاف الجذري، يتململون ويجأرون بالشكو من اسلوب بشاشا، متناسين كيف ان هذا الدواس الفكري، ما هو الا انعكاس واستمرار، للدواس الصحي صحي، علي ارض الواقع، في الجنوب، والجبال، والجنينة، فأنا متمرد، بينما خصومي يمثلون حكومات وتيارات واحزاب الشمال، القابض حتي علي "هواء الله" ذاتـــــــــو، في السودان!

لذلك احساسي تجاه تخرصات عبدالله مختلف تماما، عن احساس الاخ حافظ، والذي لايختلف في طرحه عن طرح دكتور عبدالله، الا في التفاصيل، من عروبة او افروعروبة السودان، او احمد و حاج احمد!

لذا لزم التنويه ابتغاءا للعذر!

Post: #239
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: farda
Date: 05-26-2004, 05:39 PM
Parent: #238

*

dear Bashasha ... i
my apologies for not getting back to you as quick as you wish, i
but i'm at work at the moment and i don't want to rush into commenting on your 3 posts... i
as you know, the issues involved need serious attention and I don’t want to disappoint you with less than that… i

will write back sometime tonight

regards…i

Post: #240
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 05-27-2004, 00:44 AM
Parent: #1

جميل السمعنا منك، يااخ حافظ.

وانا في الانتظار خليني افصل بعضا مااوردته اجمالا، حتي اذا اتعاقبنا، يكون واضح ليك المقصود شنو.

Quote: *كل من يتوهم نفسه عربيا من اهالي اقصي الشمال، فهو تلقائيا استعلائي.


نعم انها قناعتنا، كيف ان السودان هو افريقي 100%!

بل التقاليد المروية في كل انحاء القارة السوداء، تشير الي السودان الحالي كموطن للاجداد.

علي نطاق العالم القديم كله، ساد الاعتقاد بان السودان المروي هو موطن الانسان الاول!

اجدادنا وحتي تاريخ افول شمس حضارتهم، ظللو يرددون انهم اول البشر fisrt of all men حسب ما اورد ديودورس الصقلي في القرن الاول قبل الميلاد.

حيث شرحوا له نظرياتهم العلمية اللتي تثبت بعضا من ذلك.

الاختلاف النسبي مابين الشمالي والجنوبي من حيث الملامح، بمصطلحات اليوم، يمثل ربما 80% من البلبلة الحالية فيما يتصل بالشق البيولوجي لسؤال الهوية.

لانو اذا نجحنا في اثبات ان لا دخل للهجنة او الاختلاط بملامح الشمالي في اختلافو النسبي عن الجنوبي، او الاثيوبي عن النيجري، فسنحل النصف الاول من سؤال الهوية نهائيا لصالح اساس جديد لسودان جديد.

اجابتنا علي هذا السؤال تعتمد علي اقدم وثيقة اثنوقرافية في التاريخ، والمعروفة بويقة بيبان الملوك، جمعها وحققها شامبليون نفسه، وهي تعود الي 1500ق.م!

هذه الوثيقة واللتي تعالج نقطة الاختلاف بين نموذجي السود، كفيلة بمفردها لحل هذه المعضلة جذريا!

وهكذا وانطلاقا من تعاليم المركزية الافريقية يمكننا ان نحدث ثورة بل طفرة هائلة تخرجنا من "فرناغة" مكمايل وويلات المركزية الاوربية وهجنتها، نهائيا.

هذا هو سبب اصرارنا، علي ان عروبة دكتور عبدالله وكل اهل الشمال ما هو الا وهم كبير ونكتة بايخة.

فمعروف ومدون في كتب التاريخ، كيف ان اجدادنا بعد ان خسرو الحرب ضد الغزو العربي، صحو من نومهم ذات صباح واعلنو انفسهم عرب، كنوع من المخارجة مما الت اليه امورهم كقوم سود، بالذات بعد سقوط دنقلا
The Last Strong Hold and The Flood Gate

لذلك الكارهين لذاتهم والهاربين من جحيم الزنوجة، يدعون العروبة كهوية.

بمرور الزمن جماعة عبدالله العربية زورا وبهتانا، صدقت هذه الفرية، ومن موقع امتيازها المحبوك بواسطة الاحتلال الثنائي المرعوب من المهدية، مارست هذه الجماعة ارزل نماذج الاستعلاء، لتنسج من قماشه علم، وجيش ونشيد ودولة، ليأخذ هذا التصور صورته النهائية، في شكل السودان المصري الانجليزي الحالي.

هذه دعوة منا، نحن القادمون الجدد من رحم شهداء قوي السودان الجديد، ان تنتفضوا علي طرح عبدالله، والغابة، بكسر هذه الحلقة الشريرة المفرغة، واللتي ظللنا ندور فيها وحول انفسنا، منذ نصف قرن، وكثمن دفع الملاييين ارواحهم البريئة والطاهرة.

فيا عزيزي حافظ، حي اقدم الي مواقع المركزية الافريقية، لتري نفسك، والعالم من حولك للمرة الاولي، بام عينك، وليس بعيون الغير، انطلاقا من مركزية اوربية او عربية!

Post: #241
Title: تهنئه..مبروك عهد نيفاشا..و إعتذارين..و ترحيب
Author: هاشم الحسن
Date: 05-27-2004, 02:27 AM
Parent: #240

مبروك..لعهد نرجو أن يدوم فيه الحوار بآليات جدل الديمقراطي،
و العادل، المثبِت و المعترِف،
وليس بطلقات الكلاشينكوف.
الرجاء أن يكون الإتفاق بين حكومة الإنقاذ و الحركة الشعبية الذي ولد في(يومنا دا) بعد مخاضات عسيرة جداً جداً،
بداية لعصر جديد من سيرة الوطن و الجدل و الحوار..
و التبادل السلمي بين السودانيين..

و إعتذار للدكتور عبد الله بولا..عمّا إقترفته بي السجالية، أعشتني عن شواهد الفروسية ومناراتها في أدب الحوار و الصراع، التي في بوست، بدا للترحيب بكم حقاً.. و هو أصلاً في الإحتفاء بالمعنى العالي... خاطر بهذا لم يفارقني فلم ارد مقارفة التعدّي على المعنى و السياق، خبط عشواء. و عنّ لي أن أرى فيه (الإذن) أو (أورط) به منعم، مستعيناً بما رأيت من (جعلوية) فدائيته و سوابق معرفته..أمسحا في و شنا..

و إعتذار للأخ عجب الفيا، و الجميع، لو أنه ظن في مدلول قولنا (بالإستقوال) ما ظنه به الأخ بكري الجاك فقال:
Quote: واستخدام اوصاف كالاستقوال و غيرها من مفردات ذات مدلولات سالبة
و نؤكد إننا لم نذهب بهذا أي مذهب في المباشر الشخصي و لا الموارى عن الأخلاقي، أبداً، بل هو في منهج التحليل وعنه. وقد إعتقدت، ولا أزال أرجو، أن هذا مفهوم عند منعم، وإن رده في نفي هذا عن ورقته و تأكيده على ورقة د. عبد الله، كان إشارة و دليلاً على مثل هذا الفهم..
و لكن..!!!
أي قصور في لغتنا يؤدي بها إلى ظلال الإلتباس و مهاوي السلبية، و يقصر بها عن تأكيد هذا المعنى في (نقد المنهج)، هو قصورنا الذاتي و يحتم علينا إعتذاراً عنه، نرجو له القبول، وأن يأخذ القول كما قصدنا له..
سيرتي في المنبر، على قصرها..هي في الهجرة إلى مظان المعنى، و مضارب الفيا منها...

كما أرجو أن أشير لمنعم، إلى أن (زعلي) ليس بسبب من (تجاهل الرد على مداخلاتي)، بل من إغفال إختلافها القديم والمقيم. و هو، في ظننا، أي الإختلاف، الذي به إجابات رأيناها، على (إستيضاحكم) المتأخر الورود، ثم لا ترضون (بقفزتنا) (قصيرة النفس) إلى الحوار..العفو والعافية يا أخي..
و مرحبا بالأستاذ حافظ الخير في المحاورين بروية...
وبعودة الأستاذ بشاشا..
و لي عودة يا أخي بكري
مبروك على الجميع
هاشم

Post: #242
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: farda
Date: 05-27-2004, 02:31 AM
Parent: #240


*
شكراً ، عزيزي بشاشة ، لصبرك الى أن أعود للتعليق على ما كتبتْ
وقد تصادف اليوم أيضاً توقيع الإتفاقية في نيفاشا الذي كنت أتابعه...

وأخشى أولاً أن ينقلب علينا الفيا ونحن نعرّج ببوسته الى نقاش قد يطول ، ولا شك سينصرف الى الحديث عن الكثير من الخلفيات التي أوضحتها عن "منهجك" الذي تعتمد عليه... فدعني اولاً أعتذر له عن ذلك...
وسأحاول أن يكون تعليقي قصيراً ومرتبطاً بموضوع مداخلتي التي أشرت اليها والمتعلقة أساساً بنصحي لك بالحفاظ على قواعد الحوار والبحث والقراءة ، على أن أعدك يا بشاشة بان اكتب في المواضيع الكبيرة التي تدعوني لأن أحاورك فيها بتوسع أكبر في مداخلاتك أو بوستاتك التي ستكتبها – ومن هذه المواضيع تحديداً "منهجك" الذي تشير اليه أعلاه ، والذي أسميه: المرجعية الأفريقية الشمالية ، وقد ألهمني له إمضاءك الشهير ... فمثلما يا بشاشة تختار أنت تسمي مناهج الآخرين وقراءاتهم للواقع بلغتك وأحكامك إسمح لي أن أختار لغتي التي أسمي بها ما تطرحه أنت ، ولدي طبعاً مسوغات لذلك ستأتي في حينها – ...

ولكن عليَّ أن أقول أولاً أن تعقيباتك أعلاه قد وضعتني – حقيقةً – في وضع محرج للغاية (أو كما يقول الإنكليز: between a rock and hard place!)... دعني – لو سمحت – أشرح لكَ كيف:
هنالك ، أولاً ، مشكلة كبيرة جداً في وقفتنا أو قعدتنا هنا (على الرمضاء ، تـِحـِت شـمِش الفضاء الهلامي الذي نتحدث فيه والذي إسمه سودانيز أونلاين) لنــتــحاور!! فأنت في تعقيبك أعلاه أراك تشكك بشكل جذري – وفي صورة تبدو للوهلة الأولى عــدمية خالصة- في قيمة وجدوى أشياء أولية وأساسية جمعتنا – أنا وأنت – هنا لنتبادل هذه الرسائل الإلكترونية: أشياء مثل الحوار ، النقاش ، القراءة والكتابة (التي عبرها نتخاطب) والبحث العلمي وحتى اللغة، الخ الخ... فكلو "سلخ نملة" لا يغني ولا يسمن من جوع، لاجديد فيه اطلاقا وربما ترف ذهني ، أو مثلما تقول! فبأي لغة سنتحاور ونختلف؟!! ودعني أيضاً أستعير لغتك وأقول: يعني يا بشاشة لو عقَّبت على كلامك حتقول لي ما تتفلسف علينا ، ولو لم أفعل لإعتبرته تجاهلاً !!!
وتذكر أيضاً ما فهمت منه أنه ليس لك أرضية مشتركة للحوار مع من تسميهم خصومك الفكريين...
وأنت لديك مقدرة عجيبة ، يا بشاشة ، في فركشة أجندة الحوار بإطلاق الأحكام الشاملة الكاملة ، فمثلاً أنت تستعمل تعبيرات مثل: اتمني انك تركز وتدافع عن استاذك عبدالله. وتدعي أنني أوافق ع.ع.إبراهيم في رؤاه (الحقيقية أو التي توهمتها أنت) في مسألة الهوية وغيرها ، وتفترض أن محاورتي لك هنا هي دفاع عنه!!... فعلي قبل أن أتحدث عن أي شيء أن "أنــقَّي" كلامك من هذه الأحكام التي تعرف أنت تماماً أنها ليست صحيحة... فلقد تحاورنا من قبل في بوستي الذي عنونته بـ An Invitation to a Question, A start of Another. في ما أعتقده أنا في نظرتي لموضوع الهوية ، وقد قلت لك ما قلت في ما أراه حول سؤال الهوية ، وعلقت لك عن آرائك التي طرحتها أنت في ذلك البوست... فماذا أنا فاعل مع كل هذه الصعوبات التي تضعها أنت في طريق أي حوار ؟!! فلذلك تجدني أنا أيضاً "في حيرة من أمري" ولكنها للأسف ليست حيرة ملهمة حتى الآن...

ولكني مع كل ذلك لن أهمل التعليق على ما دعاك لأن ترابط "هنا ، بقية اليوم وغدا، فقط للرد علي مداخلتك هذه، بخصوص ما ورد ببوست الاستاذ بولا،" ... فأنت تقول "
Quote: الان اعود للموضوع واقول نعم اقر بوقوع خطأ اجرائي من جانبي، باسناد، تصوير دكتور عبد الله لمفهوم "الزنوجة" عند الغابة والصحراء لعبد الله نفسه، لان النص ورد مبتور من قبل الاستاذ بولا، حسب ما اتضح لي اليوم، بعد اضطلاعي علي هذه المداخلة. "
فأنت تسمي ما حدث "خطأً إجرائياً" وكذلك تلوم الآخرين على سوء قراءتك!!! ألم تقل أنك قرأت وحللت وحسمت رأيك حول ما كُتب؟ هذا ليس خطأً إجرائياً يا بشاشة ، بل كارثة! خصوصاً لشخص يريد أن ينقد ويحلل ويفضح الذهنية التي تقف وراء المكتوب!!! لن يقبل منك – إلا من يثق في قدرتك على ضرب الرمل!- أحكامك واستنتاجاتك إذا لم توثقها وتبحثها !! (وكم أدهشتني ملاحظتك عن بوست نحونة ســاكت ، والذي اعتبرته ترفاً ذهنياً لأصحاب الحظوة!! فهل يا ترى قرأت هذا البحث القصير الذي يتحدث عن الأصل النوبي لكلمة سـاكت؟! وهذا الطرح كان يمكن أن يأتي منك أنت ، لو كنت لسانياً ، من باب التدليل على رؤاك المطروحة!! وانت طبعاً ترى الى الأمور من خلال النظر للتاريخ ، وقد يعتبر البعض ما تقوم به أنت ترفاً ذهنياً أيضاً!!! المزيد عن كيف تستعمل أنت السرد التاريخي لاحقاً)
ذلك ، يا بشاشة ، هو عمق ومغزى مداخلتنا هنا ، وفي بوستك المذكور ، لا أكثر ولا أقل!!!

أخيراً ، أشكرك على دعوتك أياي أن " حي اقدم الي مواقع المركزية الافريقية، لتري نفسك، والعالم من حولك للمرة الاولي..." ولو تذكر ، يا بشاشة ، في بوست الترحيب بك ، دعوتك أيضاً لقراءة رؤيتي ، أو سمها تساؤلاتي حول مسألة الهوية... ولك أقول باختصار أتمنى لا يكون مخلاً الآتي: أولاً أنني ، كحال الكثير من المعارضين للمشروع الآيدليوجي الإسلاموي العروبي في السودان بكل تجلياته (وما أكثرها)، أجدُ نفسي قريباً من الرؤى التي تنادي بإعادة إكتشاف تاريخنا المسكوت عنه وتاريخ ثقافاتنا المركزية العديدة (المهمشة عمداً)... هذا كلام ضروري أدرجه هنا قبل أن أقول لك أنني ، وفي نفس الوقت ، أشفق على نفس هذه الرؤى من أوهام كثيرة تعتريها ، ومن سقوطها في إعادة انتاجها لخطابات مكررة (قريبة كثيراً من ما طرحته الغابة والصحراء) وأقل ما يقال عنها أنها غير مبدعة وتفتقد الرؤية الخلاقة...

أن ما يسمى بالخطاب الإسلاموي العروبي هو خطاب خبيء ومتخفي رغم أنه ظل الخطاب السائد في منتوج الفكر السياسي الشمالي منذ وقبل الإستقلال. إنه خطاب متعدد الطبقات والأصوات تمثله شرائح سياسية وفكرية متباينة. ولا بد أن نذكـِّر أيضاً بأنَّ ما أسميه هنا بالمرجعية الأفريقية الشمالية جذور في تيارات سياسية وثقافية عديدة في شمال السودان...

فمثلما يقدم الخطاب الإسلاموي العروبي (مرة أخرى، بتجلياته الكثيرة) في السودان وصفاً "تاريخياً" لما يسميه بـ"هويتنا السودانية" ، يبدو أن الخطاب المناهض له ، والذي لخصته أنت يا بشاشة في توقيعك بالمرجعية الأفريقية ، يحاول أن يقدم لنا تفسيراً أو وصفاً بديلاً للهوية السودانية والتي ظلت الموضوع الأول في صراعات السلطة في السودان لزمان طويل... هذا الوصف البديل ، إن أردت أن الخصه دون ابتسار ، يقول أن هويتنا "الأصلية" هي هوية أفريقية وأن علينا استعادة هذه الهوية الأصلية حتى نكون "نحنُ نحنُ"... كلا الخطابين يقولان بإمتلاك الأدلة "التاريخية" الناصعة على صحة وصفها الدقيق للهوية السودانية... كلاهما ينقب في التاريخ والأديان والآثار واللغة ليضعانا وجهاً لوجه أمام إنعكاس هويتنا وصورتها على مرآة التاريخ: كلاهما يقول: ها أنت هنا ، فتأمل وجهك الحقيقي! كلاهما – باختصار– يقدم لنا بطاقة هوية ممهورة بختم رسمي...
سيقول الأيديولوجي والسياسي: وما الغضاضة في ذلك؟ إنه الصراع! وقد يهتف الديني: وما المشكلة؟ سينتصر الحق! سيزهق الباطل! ولكن هذا التطابق – في المنهج على الأقل – لابد وأن يثير يثير رعبي ويحرك فيَّ أسئلة مشروعة عن دلالاته...
لن أطيل ، وأعدك أن أنضم الى أي بوست تطرح فيه أفكارك وأناقشك فيها....

مع الإعــــتذار الشـــديد يا عجب الفيا....

Post: #243
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 05-27-2004, 03:36 AM
Parent: #1

نواصل تفصيل بعضا مما اجملنا.

قلنا:
Quote: اما حملته علي رموز الغابة والصحراء، وبالذات ادعائيه الدفاع والاقتصاص للافريقي برفضه مفهوم البدائية لديهم، ماهو الا استهبال وضحك علي الدقون وذر للرماد في العيون، حتي لانستبين، كيف ان حملته علي طرح الغابة والصحراء، دافعه الاساسي فيها، هو وهم النقاء العرقي، لا اكثر ولا اقل.


نزعة الاستعلاء، تتبعها دايما نزعة النقاء العرقي، المستمد علي المستوي النظري من منظر النازية الفرنسي الاصل قوبيني، باعتباره الاب الشرعي لشخصية "الزنجي" او الNegro النمطية، واللتي تطل من بين سطور قلم عبدالله، وقصبا عنه!

بالذات كلامه عن محرمات الثقافة العربية وصرامتها.

عندما اعود المرة القادمة سنجري مقارنة مابين طرح قوبيني ودكتور عبدالله، وستفاجأ لمدي المقاربة لدرجة التطابق في جزئية بعينها، ما بين استعلاء دكتور عبدالله وغرور قوبيني منظر النازية.

مشكلة دكتور عبدالله لاساسية مع رموز الغابة والصحراء، تتصل مباشرة بقولهم ما سماها هو بالهجنة او الاختلاط.

حيث تعكنن هذه الفرضيه مزاج النقاء الاستعلائي لديه.

كنوع من الضرب تحت الحزام، دكتور عبدالله يلجأ الي تعرية مفهوم الافريقي البدائي او نموذج قوبيني للزنجي، في طرح الغابة والصحراء.

هنا من المهم جدا التركيز علي الحتة الجاي منها دكتور عبدالله مش الماشي عليها، في رفضو لي مفهوم الافريقي البدائي.

فلا يعقل ابدا ان يكون موقف عبدالله وهو الاستعلائي المسكون بوسواس الهجنة، منطلق من انحياز للزنجي المنبوذ سلفا لديه!

علي الاقل طرح الغابة منحاز للزنجي باعترافو ولو جزئيا بالدم الافريقي، علي عكس عبد الله!

فال intellectual swindal الذي رمي به مدرسة الغابة انما هي بضاعة عبدالله، من باب الفيك بدر بيه، والهجوم خير وسيلة، As a pre-empt strike

Post: #244
Title: Re: مداخلتي في بوست الدكتور عبدالله بولا- 1
Author: Agab Alfaya
Date: 05-27-2004, 04:58 AM
Parent: #1

اسمح لي اولا ان اعبر عن اعتذري عن عدم تمكني من متابعة ردودك علي محبيك المحتفين بقدومك الي هذا الوطن حيث انني لم اقرا ردك علي كلمة ترحيبي بك الا قبل قليل بعد ن نبهني بعض الاصدقاء ،وذلك بسبب ظروف العمل القاهرة التي لا تترك لنا مساحة للتواصل ،فنحن نعمل كالحمير حيث تمتص كل طاقاتنا ثم نقذف كالنواة مقابل دراهم معدودات ،
لعلك لاحظت ولاحظ كل الاصدقاء الاعزاء انني احيان كثيرة لم اتمكن من الرد علي مداخلات المساهمين في بوست الافروعربية ،بسبب ضيق الوقت مما حدا بالاخ العزيز هاشم ان يعبر عن زعله متهما اياي بتجاهل الرد علي مداخلاته الثرة ،

ثانيا،احب ان اؤكد ان نزول بوست الافروعربية متزامنا مع بوست الترحيب بك لم يكن مقصودا وانما كان الدافع له بوست ابادماك الذي انزله الاستاذ صلاح يوسف .كما لم يكن القصد استدراجك الي الدخول في مساجلة معي اكسب منها بعض حظ نفس .فانا اعلم قدر نفسي واعلم من انت.ولا زلت احفظ لك حقوق الاستاذية والشياخة وحق الملح والملاح .ويكفي انك انت الذي نبهتني الي اهمية ورقة :تحالف الهاربين.

ولو سمحت لي ان اعلق علي بعض ما جاء في ردك علي كلمتي ،اقول :

- ان حديثك عن دكتور عبدالله ابراهيم بانه اتغش في ناس الانقاذ وان الشريعة التي يدعو الي تطبيقهاافضل من افاعيل ناس الانقاذ ،هو قول يكشف عن مبلغ الحب الذي تكنه لهذا الرجل ،ويعطي الانطباع انه مهما قال ويقول سوف لن يلقي منك سوي الرضا والمنافحة والمدافعة.وبالتالي يصعب جدا ادارة اي حوار نقدي حول افكار ومواقف الرجل .

- اقرارك بالهجنة وانه لا يوجد نقاء عربي وان اهلك الكواهلة ذاتهم هجين، ينسف كل مشروع عبدالله ابراهيم الذي يقوم علي دعامتين اساسيتين لا غني لاحدهما عن الاخري ، هما : العروبة الحقة النقية والاسلام الحق النقي.وسنفصل ذلك في فيما بعد.

- الحديث بهذه الطريقة عن تعقيد وصرامة المنهج الذي يتبعه عبدالله ابراهيم ، يعطي الانطباع بانه، ما هو الا ارهاب فكري لتحصين افكار الدكتور المفكر من اي نقد او مجادلة.

- لقد اذهلني ردك علي اتهامي لك في ورقة شجرة نسب الغول ،بانك تنفي او تقلل من المكون العربي الاسلامي،حيث تقول ردا علي ذلك انك عربي ود شيوخ عرب.
لانني اعلم هذه الحقيقة تمام العلم واعرف اصلك وفصلك ،وراء وقدام كما يقول اهلنا واهلك من نافعاب وكواهلة.لكنني لا احكم علي افكار ومواقف منظري الهوية من انتماءاتهم القبلية والعرقية.
لقد ظن اسامة الخواض انني ادافع عن الآفروعربية لاسباب شخصية .وهذه نفس النظرة التي قوبل بها محمد المكي وصحبه في الستينات عندما قالوا عنهم : الواحد يكون عنده حبوبة نوباوية ولا فوراوية يجي يقول لينا تمازج وما ادراك!

اكتفي بهذه الملاحظات وبعد قليل سوف انزل مداخلة مطولة ارجو ان تسهم في تقريب وجهات النظر حول افكار الدكتور عبدالله ابراهيم

ولك محبتي وعميق احترامي

Post: #245
Title: Re: مداخلتي ببوست الدكتور عبدالله بولا -2
Author: Agab Alfaya
Date: 05-27-2004, 05:14 AM
Parent: #1


في سيرورة فكر عبد الله على ابراهيم


كان اليسار الماركسى السوداني بحكم نزعته العلمانية والأممية يقف ضد الهيمنة المركزية للثقافة العربية الاسلامية وتهميشها لباقي الثقافات الأفريقية الأخرى وضد كافة النزعات العرقية والجهوية. وكان الانطباع السائد أن الحزب الشيوعى السوداني وأصدقائه في اليسار الديمقراطي أنهم دائما المناصريين لحرية الثقافة وحقوق الاقليات .وربما شكل ذلك مصدر جذب للعديد من أبناء الثقافات المهمشة للانخراط في عضوية الحزب ومنظماته الصديقــــــة . ولا أظن أن موقف الحزب كان انتهازيا بقصد التخفي وراء تظلمات الجماعات الأفريقية هربا من محرمات الثقافة العربية الاسلامية كما ذهب إلى ذلك الدكتور عــبد الله على ابراهيم في ورقــته : تحالف الهاربين (1988م) في وصفه - دون تمييز - الذين يدافعون عن حقوق الاقليات .

وقد بلغ موقف الحزب الشيوعي ذروته في الدفاع عن التنوع الثقافي بصدور كتاب " الماركسية ومسألة اللغة في السودان " حيث رفض فيه فكرة أن تكون هنالك لغة رسمية للبلاد وذلك منعا للتغول على بقية اللغات . ويقول دكتور عبد الله ابراهيم أنه أصدر هذا الكتاب خلال عمله " كمتفرغ بالحزب الشيوعي السوداني من سنة 1970م إلى سنة 1978م . وان الكتاب صدر بالرونيو سنة 1976م . ويقول " انتقد الكتاب نمط ود العرب الذي تسوقه عزته بلغته إلى انتهاك حقوق اللغات الأخرى التي يسميها رطانات في معنى الطنين والعجز عن الابلاغ " . وأظن أن الكتاب وضع في الستينات بتوجيه من زعيم الحزب عبد الخالق محجوب ويبدو لي أننى سمعت هذه المعلومة من د. عبد الله ابراهيم شخصيا لكن في شك منها . وفي تلك الفترة نشر عبد الله ابراهيم مقاله في الرد على اسحاق ابراهيم اسحاق والذي يدافع فيه عن اللغات المحلية الأخرى ضد تغول اللغة العربية التي يطالب اسحاق بأن تكون اللغة القومية . ويكرر المقال نفس الأفكار الواردة في كتاب " الماركسية وقضايا اللغة في السودان " .

هذا كان موقف الحزب الشيوعي في الستينات وبداية السبعينات وهكذا كان موقف عبد الله ابراهيم المعلن والمنسجم مع خط الحزب . لذلك عندما طرحت فكرة الغابة والصحراء في بداية الستينات كتوصيف لحال الثقافة السودانية لم يتحمس الحزب الشيوعي لهذه الفكرة ظنا منه أنها تكريس آخر لهيمنة الثقافة العربية الاسلامية لا سيما وأنها تجعل من سنار – أول مملكة عربية اسلامية في السودان – مرتكزا في توصيف هذا الواقع المتنوع المتشابك . لذلك عمد مثقفو الحزب واصدقائه في النصف الثاني من الستينات إلى تكوين تجمع مناوئ للغابة والصحراء اختاروا له اسم آبادماك الاله النوبى القديم – كأقوى اشارة على انحياز اليسار الماركسي إلى المكون الثقافي الافريقي المحلي ، وكأشارة إلى أن ماضي هذه الأمة ابعد من سنار ومن دخول العرب السودان . وذلك على الرغم من أن الأمر لم يخلو من المكايدات والمكر السياسي أيضا . وكان لعبد الله ابراهيم الباع الطويل في قيام هذا التجمع بحكم تفرغه للعمل الثقافي بالحزب وعلاقته اللصيقة بعــــبد الخالق محجوب .

هذه هي الخلفية التي لا يزال تنطلق منها الغالبية العظمى من اليسار الماركسى في النظر إلى الدكتور عبد الله على ابراهيم وتقديمه كمفكر المعى وخير من يمثل هذه الطائفة التقدمية في قضايا الفكر والثقافة . ولكن هنالك مياه كثيرة عبرت من تحت الجسر كما يقولون منذ أن استعفى د. عبد الله ابراهيم من عضويته بالحزب الشيوعى سنة (197 ومنذ وضعه لكتاب " الماركسية ومسألة اللغة في السودان " . فقد تحولت افكار واهتمامات الرجل تحولا تاما الي النقيض .اذا لم يعد همه السودان ككل والدفاع عن حقوق الاقليات ضد تغول الثقافة العربية الاسلامية . وإنما صار همه كله تكريس سلطة وسيادة " الجماعة العربية المسلمة - على النيل والبوادى " إلى درجة نفى الآخرالأفريقي ،والمطالبة بانفرادها وحدها بهذا السودان .

وقد أشار عبد الله بولا إلى إلى بواكير هذا التحول في خطاب عبد الله على ابراهيم في ورقة شجرة نسب الغول بقوله : " هنالك مساحة من السديم ، في وعى كثير من مثقفي اليسار الديمقراطي في السودان معفاة من النظر النقدى ، تستقر فيها احكام الثقافة العربية الاسلامية المستعلية في أمن وآمان 00 وفي ظني أن من مساحة السديم هذه ، قد صدرت عن صلاح وعبد الله مواقف من سلطة الغول الاسلامـــوى لا تزال مبعث حيرة وأسف جمهرة قرائهما " .
يقصد صلاح أحمد ابراهيم وعبد الله على ابراهيم وذلك في سياق حديثه عن مقولة صلاح " نحن عرب العرب " التي نشرها في الستينات ردا على كلمة للنور عثمان أبكر بعنوان : " لست عربيا ولكن ! " ويقول بولا أن عبد الله ابراهيم ناصر ، صلاح ،على النور عثمان أبكر في هذا الموقف وهذا هو مبعث للحيرة والاسف من جانب بولا.

إلا أن بولا يقول أن صلاح قد اجتاز مساحة السديم التي ترقد فيها أحكام الثقافة العربية الاسلامية المستعلية في أمن وآمان ، وأعلنها صريحة : " أنا الهجين عنترة " وذلك في حوار صحفى بالشرق الأوسط نشر في أوائل التسعينات . ولكن المفارقة أن بولا يصف ورقة عبد الله ابراهيم ( تحالف الهاربين ) بالجلال والفرادة ، بالرغم من أنها رفضت صراحة القول بهجنة سكان شمال السودان . تلك الهجنة التي أعطى بولا مقابلها ، لصلاح شهادة اجتياز مساحة الســــــــديم ،! ولا أدرى كيف افلتت مقولات عبد الله ابراهيم في تحالف الهاربين ، التي لا ترقد بل تلعلع فيها أحكام الثقافة العربية الاسلامية المستعلية في أمن وآمان ، من قبضة بولا النقدية الصارمة ؟ كيف لم يعبر بولا عن أسفه وحيرته ، وذلك أضعف الايمان ، عن الاحكام التي اصدرها عبد الله ابراهيم انطلاقا من مساحة السديم بحق الواقع الافريقي المحلى في الثقافة السودانية حيث وصفه بأنه واقع مطموس ولا وجود له في الوجدان السوداني وأن الدفاع عنه أو رد الاعتبار له ما هو إلا محاولة يائسة " لتحجيم انتماء السودان للثقافة العربية الاسلامية " وأنه " خلع للحضارة العربية و " غش ثقافي " . ومؤامرة علمانية " لتفكيك محرمات الثقافة العربية الاسلامية " .

المسألة ليست مسألة الوقوف على نص واحد أو تصيد لزلات لسان . أنه مشروع متكامل صاحبه على بصيرة من أمره ، ولا سديم ! وقد وصف محمد جلال هاشم في ورقته الهامة : " السودانو عربية أو تحالف الهاربين " – رغم اختلافنا معها – وصف هذا المشروع بأنه اسلاموعروبي يهدف إلى تأسيس " عروبة خاصة بالسودان واسلام خاص به دونما ادعاء للأفريقية " . وقد قال محمد جلال أن عبد الله ابراهيم قد استعان في تمرير مشروعه بالكثير من " الحيل والمناورات " !

وقد أصاب محمد جلال في وضع يده على جوهر الحل الذي يقدمه عبد الله ابراهيم من خلال مشروعه الاسلاموعروبى ، حيث قال :

" الحل الذي يقدمه عبد الله ابراهيم أن يكف ابناء الشمال العربي المسلم عن البحث عن هوية أفريقية لهم .. مشروعه يقوم على بناء حدود ثقافية بين ابناء الشمال العربي المسلم وابناء الجنوب الافريقي فهذان هما القوامان . والقرصنة متاحه لاقوام أخرى . متاحة للفور والنوبة والبجا كي ينفضوا عن هذا الحلف السنارى ويكونوا أقوام خاصة بكل . وهكذا يتــفرق السودانيـــون آباديد فـي الجهــات الأربعـــة 00 ولا عاصم لهم من هذا الشتات إلا الوسط الاسلاموعربى – أي السودانو عربية . ولكن اليس ذلك هو العروبة ذاتها ؟ 00 أنها العروبة ولكنها عروبة لا تستمد مشروعيتها من اعتراف العرب بها .. أنها عروبة خاصة ومفصلة على أهل السودان الذين لا يعرفون غير الاسلام دينا وكفى الله المسلمين شر الهجنة . "
وهكذا كأنك يا أب زيد ما غزيت ، أن البديل الذي يقدمه عبد الله ابراهيم ليس افضل من الافروعربية التي آباها ووجه اليها اقذع أنواع النقد . فهو بديل يقود في احسن الاحول الي هيمنة وتسيد الوسط الاسلاموعربي ،اذا لم يؤدي الي الانفصال. وبذلك أن المشروع الذي يقدمه دكتور عبد الله أقل بكثير من رؤية الآفروعربية . فمشروعه موجه فقط لعناية " الجماعة العربية المسلمة على النيل والبوادى " الي حد توجيه الدعوة صراحة إلى هذه الجماعة للانفصال عن باقي الأقوام والانفراد بالسودان . يقول في المحاضرة التي قدمها بالمجمع الثقافي بابوظبي في أمسية الابعاء 11/7/2001 :

" أنا معنى بالجماعة العربية المسلمة في شمال السودان00 أن هذه الجماعة عندما أرادت أن تبنى وطنا بنت وطنا أكبر في رقعته من رقعتها 00 أن من متاعبنا ، ومثار النزاع الحالي هذا الخليط من الهويات 00 "

هذه هي الدعامة الاولي التي يستند اليها مشروع عبدالله ابراهيم ،عروبية اصولية خاصة بالجماعة العربية المسلة بشمال السودن .اما الدعامة الثانية ،فاسلام اصولي مبرأ من كل تبعات الاسلام الصوفي والشعبي.
أن الاسلام الذي يدعونا إليه عبد الله هو الاسلام السلفى – الارثودكسى الـــذي لا يختلف اسلام الحركات السلفية الأصولية وليس الاسلام الشعبى الصوفى كما يقول محمد جلال . وقد توج هذه الدعوة بسلسلة مقالاته التي كرسها للدفاع عن الاتجاه السلفى للشريعة الاسلامية ، تحت مظلة الدفاع عن القضاة الشرعيين ، والتي نشرت متفرقة في صحيفة الرأي العام ابتداء من شهر مايو 2003 يقول الدكتور عبد الله في مستهل الحلقة الأولى :

" أريد في هذه المقالات 00 أن أرد إلى الشريعة مطلبها الحق في أن تكون مصدرا للقوانين في بلد المسلمين . ولست أرى في مطلبها هذا باسا أو ظلما لغير المسلمين 00 ولست ادعى علما فيما يجد غير أننى أتفاءل بما سلف من خصوبة الشريعة وحسن تدريب ذوق الشرعيين بها من قضاة المحاكم الشرعية على عهد الاستعمار وما تلاه في ترتيب قوانين التزمت خير الاسرة المسلمة وانتصفت للمرأة ما وسعها " .

أن دكتور عبد الله لا يطالب هنا بتطبيق شريعة الأحوال الشخصية – الانكحة والمواريث – فهذا ما هو مطبق منذ أول عهد الاستعمار الانجليزي وحتى الآن . بالمنطق البسيط أن الانسان يطالب بما ليس موجود وقائم وليس بما هو قائم . لذلك د. عبد الله يطالب بأن تكون الشريعة الاسلامية مصدرا لتشريع جميع القوانين ، المدنية والجنائية ، وليس فقط مصدرا لقانون الأحوال الشخصية للمسلمين المطبق منذ الاستعمار الانجليزي .

في حوار اجراه معه صديقي/ السمؤل ابو سن ، ونشر بجريدة اخبار العرب الاماراتية بتاريخ 11/7/2001 ، ويؤكد دعوته إلى اسلام اصولي مبرا من كل الشوائب ، حيث يقول ردا على سؤال حول سبب هجومه على الآفروعروبيين وجماعة الغابة والصحراء :
" هم يقولون أن الاسلام حينما جاءنا جاء صوفيا واخذنا عنه وكأنما الذهن الأفريقي لا يحتمل القضايا الفقهية وهذا أمر غير صحيح ، تركنا الفقه والشريعة واصبح لدينا فقط الاسلام الصوفي لأنه يتناسب مع الايقاع الأفريقي " ويقول في ذات الحوار .. أنا اتهمهم بأنهم 00 قالوا ، أن اسلامنا ليس هو الاسلامي الاصلي ، وكأنما ارادوا أن يقولو أن اسلامنا خرج عن جادة الاسلام وعربيتنا كذلك ، وأنا أرى أن في ذلك تبخيس لنا فنحن مسلمون حقيقة ، ونحن عرب حقيقة . "

أن مأخذ عبد الله ابراهيم على الاستعمار الانجليزي ، اقتصاره تطبيق الشريعة على قضايا الأحوال الشخصية ، وهو يرى في ذلك زراية بالشريعة واتهام لها بالقصور ، لذلك فهو يطالب بأن تطبق أحكام الشريعة في جميع التشريعات والقوانين وبواسطة القضاة الشرعيين الذين يرى أنهم اكفأ من غيرهم . ويدلل على ذلك بنجاح القضاة الشرعيين في تطبيق قانون الأحوال الشخصية منذ عهد الاستعمار وإلى اليوم . وبالتالى فهم قادرون على تطبيق قوانين الشريعة الأخرى ؛ المدنية والجنائية بنفس الكفاءة . ويتخذ من نجاح القضاة الشرعيين في تطبيق قانون الأحوال الشخصية ، سببا للتفؤل بنجاحهم بتطبيق التجربة في كافة القوانين .

يقول "ولست ادعى علما فيما يجد ، غير أنني اتفاءل بما سلف من خصوبة الشريعة وحسن تدريب ذوق 00 القضاة الشرعيين من قضاة المحاكم الشرعية وما تلاه من ترتيب قوانين التزمت خير الاسرة وانتصفت للمرأة ما وسعها " .أنه يقدم نموذج تطبيق القضاة الشرعيين لقضايا الأحوال الشخصية كنمــوذج علـــى نجــاح ما سيؤول إليه تطبيق الشريعة الاسلامية في بلد المسلمين .


كما انه لا يقتنع بالتقسيم التقليدي للقضاء على شرعي ومدني ويرى أن هذا التقسيم اقامه الانجليز لعدم ثقتهم في صلاحية الشريعة الاسلامية وللزراية بالقضاة الشرعيين وجعلهم تحت تبعية القضاء المدني المستمد من القانون الانجلــيزي .

في حوار اجراه معه صديقي/ محمد الربيع محمد صالح ، ونشر بجريدة الاتحاد الظبيانية في 28/9/2000 يقول : هل كنا بحاجة إلى هذا التصنيف ، قضاء شرعي وقضاء مدني ؟ 00 القانون المدني والقانون 00 الجنائي ، قائم على تفويض القاضي بما يمليه الحق والعدل والمساواة والوجدان السليم ، فهل تخرج الشريعة من هذه الاقانـــيم ؟ وقادني هذا السؤال إلى سؤال آخر ؛ لماذا عملنا تقليد وحداثة عندما عمل الانجليز قضاء مدنيا وقضاء شرعيا – تقليد حداثة – هذا يعنى أن هناك قرار آخر يأتي من سلطة ما 00 فالقاضي الانجليزي لا يثق في الشريعة ، ويثق في القانون العام البريطاني الذي ورثناه ، فاصبح القاضي المدني هو السلطة والقاضي الشرعي هو الضحية ، ونحن استسلمنا لما يحدث إلى أن حدث 00 الاضطراب العام بين ذاتيتنا وحداثتنا ".اذن سبب الاضطراب في حياتنا القانونية هو سيادة القانون المدني الذي ورثناه عن الانجليز .والمخرج هو أن نرد للشريعة مطلبها في أن تكون لها السيادة في جميع القوانين وليس فقط قانون الأحوال الشخصية ، لتكون السيادة كاملة غير منقوصة ، للقاضي الشرعي . هذا هو الهدف الذي دفع دكتور عبد الله إلى كتابة مقالاته المشار اليها .

في حواره مع محمد الربيع بجريدة الاتحاد ، لم يجد دكتور عبد الله غير الترابي كنموذج للمفكر الذي حاول أن يحل الاشكال الذي أدى إلى الاضطراب في حياتنا بسبب التنازع بين التقليد والحداثة ، ويقول : " د. حسن الترابي حاول رفع الخصومة هذه بعمل هجين من المثقف الحديث والمثقف التقليدي ، بأن " يتأدب الافندي وأن ينفتح الفقيه على الحداثة ، بحيث يصبح القاضي الشرعي ، مثلا عالما في الاحصاء أو الاقتصاد " . وهكذا يكتمل مشروع عبــد الله ابراهيم بأصوليته العربية واصوليته الاسلامية .

وبعد اقول ،ليس منطلقي لنقد افكار الدكتور عبدالله ابراهيم ،الدفاع عن الافروعربية بقدر ما هو نقد البديل الذي يطرحه ، ويذهل عنه الكثيرون ، اما محاباة ، واما بسبب الحيل والمناورات ،التي يتبعها في طرح هذا المشروع ،علي حد تعبير محمد جلال هاشم .
سبب اخر هو ان دكتور عبدالله نشر كتاباته التي تمثل مختلف مراحل تطوره في كتابه :الثقافة والديمقراطية في السودان ،فتجد مثلا ، تحالف الهاربين في اول الكتاب، ثم ما تلبث ان تجد ،مستقبل اللغات المحلية المنقح عن رده علي ابراهيم اسحق والذي هو تكرار لافكار :الماركسية ومسالة اللغة في السودان ".وقد ادي ذلك الي شي من اللبس والحيرة عند البعض .

Post: #246
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 05-27-2004, 05:41 AM
Parent: #1

الاخ العزيز حافظ

ياخي ماتكون حساس كده!

"تقسيمتي" عادة عالية لاني بعدي يومي خنق لغياب الارضة المشتركة مع 99% من عضوية المنبر، وهذا قدري!

تصادم مرجعيتنا هو الاساس، او فعلا ما ذي قلت في مشكلة منهجية حقيقية، بحكم غربة مرجعيتي اللي بتحد وفي الغالب بتمنع من وصولي الي خلاصة مشتركة حتي في اصغر الجزئيات.

فلا يغيب عن وعيك كيف ان هذا الاختلاف الجذري مابين مركزية الشمال العربية، والجنوب الافريقية، الدم فيه وصل الركب، ممايدل علي ضراوة وتجذر الاختلاف مابين المرجعيتين!

طبعا ده تقسيم فضفاض وعام بغرض الايضاح، ارجو ان يؤخذ بحذافيره.

اما بخوص الخطأ الاجرائي، وانا اصر علي انو اجرائي، مش عشان اتخارج من المسؤلية ولا ابرر موقفي، وانما حقيقة هذا ماحدث، لانو النص ورد مبتور، واستناجي بناءا علي ما اورده استاذ بولا كان صحيح.

انا علي استعداد لاثبات ماتوصلت اليه، باستخدام اسناد صحيح من كتابات دكتور عبدالله.

لهذا السبب انا اصر ان ما حدث هو محط خطأ اجرائي فقط لانو مأخذي الاساسي علي دكتور عبدالله يظل قائم، والموضوع من اساسو ماعايز ده كلو، لانو الفصل العنصري موجود كواقع معاش، حتي علي مستوي جهاز الدولة بل الدساتير نفسها، اللتي تصر علي الاسلام كمصدر اساسي للتشريع.

بالذات لمان نضع في الاعتبار طبيعة طرح الاسلام السياسي وانعكاساته السلبية علي دولة المواطنة، لان الاسلام السياسي يمثل راس نووي لذات هيمنة الثقافة العربية لجماعة عبدالله.

بالنسبة لي بوست النحونة، فهو لا يختلف عن الخط العام لطبيعة الهم الحساني الانصرافي لهذا المنبر "العبدلابي"!

بالعدم تشفير اللغة المروية "مثلا" او اعادة كتابة لسانا الكوشي مثلا، اولي بمجهود لسانيينا من امثال الفكي وهو رجل متمكن في مجاله.

وهكذا وفي غياب مشاريع عملاقة واساسية، بذل مثل ذلك المجهود لدراسة كلمة واحدة يظل ترف ذهني وهم شمالي خالص.

ليس هذا باحتجاج او مطالبة باي شئ، بقدر ماكان استشهاد بواقع حي، علي عقلية الشمالي اللتي تصور مجرد وجود زنوج السودان، في قري الصفيح علي اطراف عاصمة الجماعة العربية، يدل علي التمازج!

عجبي!

اما موضوع الايدلوجية في طرحنا، فوالله ياحافظ، مجبر اخاك، لابطل، لانو وكما اشرنا، البقوم من نومو فجأة ويقول انو عربي بلا ادني مسوغ، فهو الايدلوجي.

دي خلاصة نكتة عروبة السودان.

وبما ان هذه النكتة بمرور الزمن تحولت الي بناء ايدلوجي متكامل، لمنازلته من جانبنا في سبيل اعادة الامور الي نصابها، فلا مفر من السباحة في نهر الايدلوجية، والتحدث بلغتها لان الايدلوجين العروبين قابضين علي كل شئ!

فما امثالي بفعالين، ونحن نعد علي اصابع اليد الواحدة في منبر الايدلوجية العريية الشمالية الاقصائية، هذا؟

اما حديثك عن المرجعية الافريقية الشمالية فما فهمتو خالص.

علي العموم خالص ودي، واعفو عنا، لانو في نهاية يوم الدواس الفكري، كلنا سودانييين واخوان ياحبيب.

يازول انا بحب ناسي موت، ولا احفل بالتصنيفات في حياتي الاجتماعية، بل هي من المحرمات عندي، خارج حلبة "الملاكمة الفكرية".

عييييييييك ياحافظ، انت انسان بحكم حسك الابداعي، كلام ذي ده ذي الصرير في وقعوا علي اذنك!

فتك بي عافية، وياعجب ابقي عشرة علي هذا البوست التاريخي، لحدي ما اجي صادي لو حييينا!

Post: #247
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bakry Eljack
Date: 05-27-2004, 12:26 PM
Parent: #246

الاخ الصديق عجب الفيا
الاخ هشام
الاخ حافظ الخير
الصديق بشاشة
القراء الكرام

التهنئة للعشب السودانى قاطبة فى كل انحاء الارض , التهنئة الحارة الى مقاتلى الجيش الشعبى فى كل الجبهات , التهنئة الحارة لمقاتلى التجمع الوطنى الديمقراطى, التهنئة الحارة الى مقاتلى حركة تحرير السودان, التحية والتجلة لارواح شهداء الحرية والديمقراطية, التحية لكل الشرفاء فى سجون النظام , التحية لكل المناضلين الشرفاء, التحية لكم جميعا, ها هى الخطوات الاولى فى مسيرة بناء السلام تبتديء بتوقيع الاتفاقية الاطارية حول السلطة , وهذه بشري خير لبداية عهد جديد للحوار الديمقراطى و هو اشرس المعارك التى تنتظرنا جميعا حسب فهمى.


شكرا اخوتى المتحاورين هنا على استجابتكم لندائى بعدم العودة الى تلك الطريقة السجالية فى الحوار واخص بالشكر الاخ هشام والاخ عجب الفيا, وهاهو الاخ فيا ينقلنا الى الفضاء الرحب الى نقد البديل الذى يقدمه دكتور عبد الله فى ثنايا نقده لمشروع الافروعروبية عند الغابة والصحراء وفى نقده للمستشرقين فى كسار قلم مكمايل, وغيرها, و هو قد يكون قد كسر مكمايل اكاديميا ولكنه احيا قلم ابو الاعلى المودودي بل واطلق له العنان . ورد فى مداخلة الاخ عجب اعلاه احدي ردود عبد الله على ابراهيم على سؤال احد الصحفيين.


أريد في هذه المقالات 00 أن أرد إلى الشريعة مطلبها الحق في أن تكون مصدرا للقوانين في بلد المسلمين . ولست أرى في مطلبها هذا باسا أو ظلما لغير المسلمين 00 ولست ادعى علما فيما يجد غير أننى أتفاءل بما سلف من خصوبة الشريعة وحسن تدريب ذوق الشرعيين بها من قضاة المحاكم الشرعية على عهد الاستعمار وما تلاه في ترتيب قوانين التزمت خير الاسرة المسلمة وانتصفت للمرأة ما وسعها

هل هناك تمييع للصراع و فذلكة و حذلقة وحيل اكثر من رده هذا, اين هى بلد المسلمين هذى, هذا كلام فى غاية الخطورة يؤكد صدق قراءتنا لمشروع عبد الله على ابراهيم الوارده اعلاه, هل يدري العبد الله هذا خطورة ايراد مفردة بلد المسلمين هذه هكذا على عواهنها وعلاقتها بحلقات الصراع, ومن هو الذى قال انها بلد المسلمين , ماذا افادته ماركسيتة د. عبد الله وما ذا افادته علمانيته من تفادي الانزلاق فى ازقة المفاهيم , اذا كان المنادون بدولة المواطنة هم المسلمين قبل غيرهم و يجب ان يكون على راسهم هذا الماركسى العلمانى الالمعى الذى خدعته الانقاذ على حين غرة من امره, هل يدري دكتور عبد الله من خطورة ورود مثل هذه المفردات فى سياق خطاب عام. سوف لن يضيرنى شيئا ان انضم دكتور عبد الله فى صبيحة الغد الى المؤتمر الوطنى او الى كيان الشمال, بل سيضيرنى الكثير ان يظل رجل بقامة دكتور عبد الله وبالمعيته محسوبا على قوي اليسار الديمقراطى وعلى القوي العلمانية ليتم الاستشهاد به فى باب وشهد شاهد من اهلها الذى ان لم يحدث اليوم فسيحدث غدا. مثل هذه اللغاويس الفكرية هى الثمة التى تهزم جل مثقفينامهما تمتعوا بوسامة فكرية و بذهنية متفردة ودونكم المزالق التى يدخلون فيها انفسهم يوميا و دونكم موارد تضارب المواقف التى يحشرون فيها انفسهم فى كل ثانية.

بكري الجاك

Post: #249
Title: Re: الي بكري الجاك
Author: Agab Alfaya
Date: 05-27-2004, 03:04 PM
Parent: #247

Quote: أريد في هذه المقالات 00 أن أرد إلى الشريعة مطلبها الحق في أن تكون مصدرا للقوانين في بلد المسلمين . ولست أرى في مطلبها هذا باسا أو ظلما لغير المسلمين 00 ولست ادعى علما فيما يجد غير أننى أتفاءل بما سلف من خصوبة الشريعة وحسن تدريب ذوق الشرعيين بها من قضاة المحاكم الشرعية على عهد الاستعمار وما تلاه في ترتيب قوانين التزمت خير الاسرة المسلمة وانتصفت للمرأة ما وسعها

هذا ليس حوار صحفي ، هذا بحث في الدفاع عن قوانيين الشريعة الاسلامية نشره الدكتور في حلقات بجريدة الراي العام مايو الماضي وهو بحث تفرغ الدكتور لانجازه خصيصا كما اخبرنا في زيارته لابوظبي اثناء جلسة مصغرة عقب الندوة المشهورة التي اقامها بالمجمع الثقافي هنالك.
ويمكنك الرجوع الي ارشيف الراي العام هذا اذا لم يكن البحث قد نشر في كتاب.

Post: #248
Title: Re: حوار السمؤال - وافريقيا وترمنجهام المفتري عليهما
Author: Agab Alfaya
Date: 05-27-2004, 02:53 PM
Parent: #1

كنت قد وعدت اخي هاشم قبل مدة ان اعلق علي حوار صديقنا ، السمؤال ابو سن مع الدكتور عبدالله ابراهيم الذي دارت بسببه معركة كلامية بين بشاشة من جهة وفردة الدكتور بولا من جهة ثانية.ولكن زي ما تعرف العين بصيرة والايد قصيرة .
وتنبع اهمية هذا الحوار كونه تكرار لبعض الافكار الواردة في تحالف الهاربين وان كن الدكتور يستعمل اسلوب غير مباشر في التعبير عن افكاره الحقيقية .

ودعني اولا احي اخي وصديقي السمؤال علي هذا الحوار الجري .وقد ذهب السمؤال الي الدكتور عبدلله لاجراء هذا الحوار علي خلفية قراءته للورقة محل النقاش : الافروعربية بين الواقع ووهم الايديلوجيا- واذكر انه قد تناقشنا قبيل المقابلة انا واخي السمؤال حول سيناريو الحوار .وقد وضح للدكتور من طبيعة الاسئلة ان محاوره ملم تماما بطبيعة مشروعه او قراءته لحال الثقافة السودانية ،فعمد الدكتور الي اسلوب التقية والتورية غير المباشر في الاجابة علي الاسئلة .فتراوحت اجاباته بين مواقفه السابقة التي املتها عليه عضويته في الحزب الشيوعي وبين مشروعه الاسلاموعروبي الجديد.فتداخلت افكار: كتاب الماركسية ومسالة اللغة في السودان ورده علي اسحاق ابراهيم حول اللغات المحلية ، مع افكاره في: تحالف الهاربين ،الامر الذي خلق حالة من الاضطراب واللبس للقاري غير المدرك لطبيعة التحولات التي طرأت علي خطاب الدكتور.

يقول عن معارضته للافروعروبية :
Quote: أما في موضوع الافروعروبيه فكنت احوال ان اصنع فرصة للجماعات غيرالعربيه لان تكون متميزه في الوطن بثقافاتها و علي قوامها وعودها الثقافي بغير ان تجبر علي هجنة غير واقعيه.

اجابة في غاية الذكاء ،يتمثل فيها الدكتور افكار كتاب : "الماركسية ومسالة اللغة في السودان"
ولكن هل موقفه نابع فعلا من الحرص علي حقوق الجماعات غير العربية ام من رغبته في التاصيل لنقاء الجماعة العربية المسلمة علي النيل والبوادي كما تجلت في تحالف الهاربين ؟
هذا ما يفصح عن نفسه في السؤال التالي:

Quote: * ما المقصود بهجنة غير واقعية؟؟
ج- يعني ، أن الغابة و الصحراء هي هجنه مصطنعه

يعني بالعربي الفصيح ان هجنة الجماعة العربية المسلمة بشمال السودان هجنة مصطنعة،غير واقعية !فما هو المصطنع :الهجنة ام النقاء العرقي؟ وهذه هي بالضبط هي الايديلوجيا التي اقصدها. وهذا يؤكد ان نفي الهجنة ما عشان خاطر الجماعات غير العربية .وهنا علينا ان نتذكر اتهام الدكتور للعلمانيين بالتخفي وراء تظلمات الجماعات الافريقية ،بس علينا ان نقراه هنا بالمغلوب .

الخطير في الامر هو الاتهام الموجه لافريقيا في واحدة من اجاباته يقول
Quote: فهم يروجوا لفكرة الهجنه وهي مشروع سياسي في شكل ثقافي أو ثقافي في شكل سياسي ، حاولوا أن يمحوا الثقافة العربية الاسلامية في الشمال ويصفونها كأنها ثقافة ضحلة و كأنها تهجنت حينما جاءت الي افريقيا تأفرقت و اصبحت علي غير اصولها الثقافية و هذا ينطوي علي خطأين:


لا حظ عبارة كانها " اصبحت علي غير اصولها الثقافية " في وصفه للثقافة العربية الاسلامية . فهو يعترض علي القول بان هذه الثقافة عندما هاجرت من منابعها الي السودان احتكت بالمكون المحلي الافريقي ،فهو يريد ان يسقط كل عوامل الجغرافيا والتاريخ والانثروبلوجيا ومنطق تطور الاشياء ،ليحافظ علي اصولية الثقافة العربية الاسلامية كما جاءت من منابعها بجزيرة العرب.
لاحظ ايضا ان الخطاب هنا يقوم علي الاستناج والاستقوال وليس علي الاستشهاد المباشر:
"حاولوا ان يمحوا الثقافة العربية في الشمال،
ويصفونها كانها ثقافة ضحلة..الخ"

اما وجه الخطا في القول بامتزاج الثقافة العربية المهاجرة بالرصيد الثقافي المحلي فهو كما يراه دكتور عبدالله:
Quote: الأول هو ان افريقيا حينما تدخلها الاشياء تسوء و تخرج عن قواعدها ، يعني اذا كان هناك فقه فأن الافارقه ليسوا قادرين علي موضوع القه هذا فيضفون عليه صفة الافريقية و يصير الامر كلعية . فما الخطر في ان نتعامل مع ثقافة جاده؟؟ و الخطأ الثاني هو ان افريقيا حينما تدخلها الاشياء تتوحش و تصبح وحشية و تتنازل عن قواعدها الفلسفية و تصبح ، يعني ، فولكلوريه.

افتراض واستنتاج ثم اصدر احكام !
فالسؤال هو: من قال ان افريقيا عندما تتدخلها الاشياء تسؤ وتتنازل عن قواعدها الفلسفية وتصبح فلكلورية فقط ؟
من قال ان الافارقة غير قادرين علي انتاج فقه اسلامي او فلسفي؟
طبعا كلها افتراضات من جانب الدكتور لتبرير رفضه القاطع لاي هجنة او تمازج بحثا عن نقاء اسلامي وعربي .كانما يريد ان يقول انا ارفض القول بتافرق الثقافة العربية الاسلامية : لان افريقيا عندما تتدخلها الاشياء تتوحش وتسؤ ولان الافارقة غير قادرين علي انتاج فقه او فكر فلسفي !
وبذلك تكون قراءة بشاشا بالرغم من خطاءها الكتابي الا انها هي القراءة التاويلية الصحيحة، ولا اقول التفكيكية، لافكار الدكتور .

وقد ادرك السمؤال بحسه النقدي المرهف انما وصف به الدكتور افريقيا ما هو الا استقوال واستنتاج ،فكان هذا السؤال الذكي:
Quote: * و لكن لماذا لا نعكس الصوره ونقول ان افريقيا تضفي طابعها علي الثقافه الوافده و تتفاعل معها لتكسبها بعض افريقيتها و تأخذ منها كذلك، لماذا لا نقول ان الاسلام عند دخوله الي افريقيا يكتسب ملامح جديده و ليس بالضروره ان نربط الامر بالضحاله؟؟:

يعني يا دكتور لماذا لا تعكس الصورة وتقول ان افريقيا تضفي طابعا علي الثقافة الوافدة ؟". وهذا طبعا منطق الاشياء لكن الدكتور لديه اجندة اخري ، فجاءت الاجابة :
Quote: هذا هو الاصل ، في الاسلام حتي عندما نشأ في البيئة الجاهليه ، هذا قانون ينطبق علي اي دين.

اسلام اصولي يعني بلا اي ابعاد سيسيلوجية، بلاش مكون محلي او اسلام شعبي او صوفي !
فالقول ان اسلام اهل السودان صوفي ،هذا طعن في صحة اسلامهم وعدم مقدرتهم علي انتاج فقه، او كما يقول الدكتور :
Quote: إذا لماذا وصف الامر بالضحاله؟
ج - هم يقولون ان الاسلام حينما جاءنا جاء صوفيا و اخذنا عنه و كأنما الذهن الافريقي لا يحتمل القضايا الفقهية و هذا امر غير صحيح تركنا الفقه و الشريعه و اصبح لدينا فقط الاسلام الصوفي لانه يتناسب مع الايقاع الافريقي .

ومزيد من الاستقوالات والافتراضات والاستنتاجات والاحكام :
من قال ان القول بان اسلامنا صوفي تعني بالضرورة اننا ضد الفقه وضد العقل الذي ينتج هذا الفقه ؟
وهل ترك الصوفية عندنا الاشتغال بالفقه ؟ ام ان المسالة اعقد من ذلك؟
انه تعبير غير مباشر عن الانحياز الي الفقه ضد الصوفية والاسلام الشعبي الذي يعتبره الدكتور اسلام غير اصيل وهو يريد الاسلام الاصيل القائم علي الفقه .راجع سلسلة مقالاته في الدفاع عن الفقهاء والقضاة الشرعيين .

ولكن هذا وحده غير كاف في نظر الدكتور لتحصين الاسلام الاصيل من تغول المكون المحلي الصوفي لذلك لا بد من اصدار مزيد من التهم والاحكام ضدا هذا المكون المحلي الافريقي :
Quote: في تقديري ان رموز الغابة و الصحراء مع ذلك لم يكونوا متشبعين بثقافة عربية اسلامية و انما بثقافة غربية استشراقية و هي ثقافة اتضحت في كتاب ترمنجهام " الاسلام في السودان" و هو الكتاب المعتمد لدي الصفوة التي تتحدث عنها ، يعني كل مقولاتها منقوله عن ترمنجهام وهو الذي قال ان الاسلام عندما جاء السودان اكتسب صفات وثنيه

الاستشراق والوثنية !
كلمتان كافيتان للطعن في اي فكرة لا تناسب الاسلام الاصيل الذي يفتش عنه الدكتور ،
هل وصف اسلامنا بانه صوفي دايرة ليها استشراق ولا دا واقع متغلغل في اعماق لحم حي اي سوداني ؟
هل الهجنة - لا احبذ هذه الكلمة لكن استعملها مضطرا - دايره ليها درس عصر من المستشرقين ولا واقع طافح علي بشرة اي سوداني حتي ولو كان حلبي ؟

Quote: ]وهو الذي قال ان الاسلام عندما جاء السودان اكتسب صفات وثنيه

لحسن الحظ ان كتاب سبنسر تريمنجهام:الاسلام في السودان ،الان يوجد بين يدي : ترجمة الاستاذ الباحث السوداني والمترجم: فؤاد عكود- اصدار المجلس الاعلي للثقافة بمصر - 2001
تحدث الكتاب عن الاسلام الاصيل او القويم حسب الترجمة وهو اسلام الفقهاء والمدارس الدينية .ثم تحدث عما اسماه الاسلام الشعبي وقصد به التصوف واعتقاد الناس في الاولياء والصالحين. ثم تحدث عن امتزاج الاسلام بالعادات والتقاليد التي كانت سائدة قبل دخوله مثل عادات الزواج والماتم، ومثل السبر والتمائم والعين والحسد والسحر وغيرها من الممارسات التي ليس لها اصل معروف ، وقد وصف ترمنجهام هذه العادات بالعادات الوثنية .هذا كل ما هنالك . ولكن الدكتور يري ان مجرد وصف امتزاج هذه العادات بالاسلام الاصيل يدخله في الوثنية .كانما يفترض ان الاسلام جاء الي ارض متوحشة لا يوجد بها ناس اوحضارات .
قارن بين نظرة الدكتور هنا ونظرة الجماعات السلفية!

ونواصل


Post: #250
Title: Re: حوار السمؤال - وافريقيا وترمنجهام المفتري عليهما
Author: Bakry Eljack
Date: 05-27-2004, 05:30 PM
Parent: #248

هذا ليس حوار صحفي ، هذا بحث في الدفاع عن قوانيين الشريعة الاسلامية نشره الدكتور في حلقات بجريدة الراي العام مايو الماضي وهو بحث تفرغ الدكتور لانجازه خصيصا كما اخبرنا في زيارته لابوظبي اثناء جلسة مصغرة عقب الندوة المشهورة التي اقامها بالمجمع الثقافي هنالك.
ويمكنك الرجوع الي ارشيف الراي العام هذا اذا لم يكن البحث قد نشر في كتاب.



شكرا اخى عجب على التصحيح, واصل انا من المتابعين بشغف



بكري الجاك

Post: #251
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: د. بشار صقر
Date: 05-27-2004, 09:10 PM
Parent: #1

الاستاذ منعم
لقد ضرب جهازي فيروس لعين أبعدني عن المشاركة ولكنني من المواظبين في القراءة (بطيران) إلي أجهزة الأصدقاء, لدسامة الوجبات الشهية في هذا البوست القوي.

كما احّي الإخوة:

د. النور

الاستاذ بكري
هاشم
بشاشة
وكل من فاتنا ذكره
لكم التحية جميعا



الأخ منعم:

حقا احي فيك روح الصمود وقوة الأرضية الفكرية التي تنطلق منه وأنت تقاوم أمواج النهج (العبدلابي) من (تقويض) منهجك المرتكز علي محور (دنقس_جمّاع) في هذا الحوار الثر.
بما ان المسألة أساسا , قراءة لورقة عن قراءتها لجماعة الغابة الصحراء , فمن المنطقي ان تتعدد القراءات حيث النص قابل للتأويل وحيث المواقف المنهجية والفكرية, بل الكتابات اليومية لصاحب الورقة ستؤثر في القراءة .
فالنصوص في زمن (موت المؤلف) وسلطة القارئ, تبقي مفتوحة لكل الاحتمالات, وعلي هذا فان أفضل طريقة لجعل الحوار تستمر في الانسياب هو ان نتمسك بقول د. النور : "ليس بالضرورة أن نرد علي كل كلمة".
الأفضل ان نترك القراءات تتدفق (بدبانه الأيديولوجي او الجهوي او الشللي) لان الصراع الفكري في كل الأحوال أفضل الطرق لكشف النقاب عن ما بدواخلنا وعن اعتقاداتنا عن الأخر الذي يمكن ان يكون قريبا جدا ولكننا قد نجهله , وفي نهاية المطاف اذا توصلنا إلي قراءتين أو أكثر لهذه الورقة سيكون ذلك اكبر دليل "عملي" علي ظاهرة تعدد القراءات وانه لا شئ اسمه قراءة خاطئة كما يعتقد الناقد أسامة ويشير إليه نفر آخرون بخصوص قراءة منعم , فالمسألة علي ما اعتقد يدخل فيها بالإضافة إلي القراءة المعرفية أشياء أخري منها (الشللية الفكرية) ومنها المواقف (القبلية) بسكون (الباء) تجاه (مفكر ما) ومنها (التحيز) الثقافي حيث لم ينجو منه مفكرون كبار , فالذي يتحدث من داخل (حوش) الثقافة العربية لابد ان يكون لديه ميول واسقاطات (بوعي او بدونه) , لذلك ارجوا ان لا يدعي أحدا بأنه يملك قراءة صحيحة وإنما فقط ان( يدلو بدلوه) والحكم علي القراّء.


كتبت مقالا في سودا نيل بعنوان "المفردة ومفهوم الافريقانية عند د. عبد الله علي إبراهيم:
قلت فيه إن تكرار المفردات السالبة مثل "البوهيمية" إشباع الغرائز" الخلعاء" في كتابات د. عبد الله يوضح فهمه "هو" للمكون الإفريقي, وان بدت لنا ذلك وكأنه من مفاهيم جماعة الغابة والصحراء
ذلك لان ارتباط الشاعر بالغزل وإبراز مفاتن المرأة الطبيعية موجودة حتى في البيئات العربية "الكحة" مثل الجزيرة العربية. وحينما يفعل شاعرا ما ذلك مع بيئة ثقافية معينة , فليس بالضرورة أن ينتج معاني إيحائية مثل إشباع غرائز أو بوهمية كأشياء مقصودة في ذاتها . وبناءا علي ذلك ربما وجد شعراء الغابة والصحراء في البيئة الإفريقية انتماءهم وتفتحت في فضائها مكنوناتهم الإبداعية فتفجرت شعرا .

وإذا كان شاعرا مثل حاردلو ينشد شعرا (عنصريا)من عينة:


ناس القباح من الغرب يوم جونا
جابو النقس ومن بيوت مرّقونا

فان شعرا من
من عينة المجذوبية:


Quote: وعندي من الزنج أعراق معاندة
وأن تشدق في أشعاري العرب

تلك التي عنوانه عودة لسنار لعبد الحي:

Quote:

- بدوى أنت ؟
- لا .
- من بلاد الزنج .
- لا .
- أنا منكم تائه ، عاد يغنى بلسان ويصلي بلسان .


تحمل من الدلالات ما هو افضل وابعد من مجرد البحث عن فردوس إفريقي طليق الغرائز في نظري.

انتقال الشاعر المثقف من بيئة عروبية إلي بيئة افريقية والتغني بها ليست بالضرورة دعوة سلبية, لان إشكاليات الصراع في السودان ليست في التصادم الثقافي لان الثقافة أيا كانت نوعه عربية أو افريقية أو فرنسية ليست مرفوضة في ذاتها وإنما ترفض حينما تمارس الهيمنة والاستبداد علي الثقافات الاخري وحينما تعمل علي تهمشيها باستخدام القوة . لذلك إشكاليات الصراع الإفريقي العربي في السودان تكمن في فصوله الدموية وفي الرّاسب من الممارسات كتلك التي لزبير باشا (سابقا) وتكريمه من قبل النخب الشمالية (تاليا) بان أطلق اسم شارع من شوارع العاصمة له وكأنه شخصية بطولية فيما هو ليس سوي تاجر رقيق حقير.

مشكلتنا في ان ثقافة الجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوادي والتي تغطي (ساحة) فقط في (فضاء) الثقافة السودانية الواسعة ما زالت تهيمن علي مداخل ومخارج الإنتاج الثقافي لدولة في قامة السودان من التعدد والتنوع .

حينما يقول د. عبد الله

Quote: ( فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الاقرار بقوامين ( أو أكثر ) للثقافة السودانية . قد تمتزج هذه القوامات وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق( .



ثم لا يدين هيمنة هذه الجماعة وثقافتها وفرضها علي الإفريقيين في كل ميل من السودان, وحينما لا يدين التعريب العمودي خصوصا الجامعات وبالتالي إعطاء اللغة العربية وثقافتها الأولوية في التأثير ومن ثم تعريب الإفريقيين, ولكنه يغرق في حفرياته عن الشريعة و يدين من سمّاهم بشباب الجلابة الخلعاء فقط لأنهم يخلعون ثقافتهم العربية ويعرضون بهوية افريقية خالصة.
يحق لنا في هذه الحالة أن نضع ألف استفهام حول مآلات قراءاته العلمية الرصينة علي مستقبلنا نحن الإفريقيين.

سؤال أخر يطرح نفسه

من هم الجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوادي؟
هل يشمل النوبيين؟ و هل هم عرب أم أفارقة
فلو قلنا عرب فان التاريخ و الواقع يقول غير ذلك
ولو قلنا أفارقة فإذا, كيف نقول ان الجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوداي هي جماعة عربية خالصة مع وجود جماعات أخري غير عربية في نفس ( الزمكان) دون ان ندخل في مغالطة أخري واستقطاب أخر من نوع الذي جعل النوبيين أيضا يغوصون في عمق التاريخ الكوشي حفرا لبحث عن هوية "خالصة ".

من دلالات التي أري فيها (القصدية ) ويحدث فيّ شكّا في قراءة د.ع ع إبراهيم حول نظرته لما سمّاه هروب جماعة الافروعربية إلي فردوس إفريقي الغرائز فيه مستجاب....... مقارنتها بهروب محمد المهدي من شيخه الذي يمثل قمة البيئة المحافظة "لجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوادي" إلي الغرب السودان حينما رأي اختلاطا في حفل الختان.
المؤكد ان تلك الهروب المهدوي(النسخة الأصلية لتهتدون) ثم العودة الظافرة من الغرب(النسخة الأصلية لتفلحون) لم تكن هروبا بوهيما .
اذا كأنّ البيئة الأفريقية تقول أتفضل للذي يبحث (عن الغرائز) وللذي يبحث عن (الدين) وهذا اكبر دليل علي انها بيئة سوية ومعتدلة ومنفتحة في كل الاتجاهات , فلا هي متزمتة ولا هي منفلتة أي لا هي( شيطانية) ولا هي (ملائكية) حتى بالقياس علي نفس مفاهيم (العبدلاب).

وهل يمكن قراءة وجود شخصيات شمالية في الحركة الشعبية لتحرير السودان ضمن مفهوم الهروب عند د. عبد الله ؟ فمن المؤكد إن هذه الشخصيات وقد ذهب بعضها و تزوج من البيئة الإفريقية, بينما البعض الأخر ذهب وهو في العقد الرابع أو الخامس (مما تحصنوا مناعيا ضد إسقاطات الفردوس الإفريقي والبوهيمية) , المؤكد أنهم ذهبوا تحت راية مفاهيم أخري .
والحال هكذا فان:
"
Quote: الاقرار بقوامين ( أو أكثر ) للثقافة السودانية
" الذي نادي به د. ع ع إبراهيم إذا ما خلطناه بحفرياته في الشريعة ومقالاته اليومية في السودانيل , أنا شخصيا أفضل نموذج (منصور خالد/عرمان) علي النموذج الذي يشفق علي شباب( الجلابة الخلعاء) لمجرد انهم حاولوا البحث عن مصدر هذا اللون الاسود في تكوينهم الجسدي , إذ لا يعقل ان يكون بشرتك اسود (او سمراء كما يقولون) ثم تكون (عباسي كح) ولكن ربما عباسي نوبي أو نوبي عباسي , كما قد يوجد بربري عباسي أو عباسي بربري أو فرعوني عربي أو عربي فرعوني وفي كل الأحوال هنالك أفريقي كح وعربي كح وفرعوني كح وانجليزي كح ........الخ , كل ذلك غير مهم الا في إطار تأثيرها علي حياة البشر وفي حالتنا السودانية فان العزف علي وتر العروبة بالضرورة يؤدي الي الرقص علي الإيقاع الأفريقي وكلما اقترب العروبيين من أبواب الجزيرة العربية كلما غا ص الخرتيت الافريقي الي عمق ابعد نحو غابات افريقيا الاستوائية الي حيث الفضاء الذي أنتج عملاقا في حجم مانديلا وأديبا في قامة في سوينكا.

اذا لماذا نلتقط جوانب التي يعتقد(بضم الياء) بأنها سلبية (بمفهوم ثقافة معينة) ونرّكز الضوء عليه كلما لاح حوارا او حديث عن افريقيا , لماذا سنغور وليس مانديلا مثلا , ولماذا الاعتقاد بان الرقص والمرح الافريقي (نقيصة ) وليس اضافة , انظروا الي د. جون قرن وهو يتحف الحضور في ضاحية نيفاشا (بخفشات ) من خفة دمه الافريقي , ذلك كان جميلا علي عكس (طه) الذي يبدو عليه الوجوم والتشتت.
من بين كل الدول العربية ومنهم السودان بحكم(الواقع) , الدولة الوحيدة التي اسقطط انظمة استبدادية بالثورة الشعبية هي السودان لماذا هذا الاستثناء؟
في التاريخ الافريقي لك امثلة أكثرها وضوحا إسقاط نظام الفصل العنصري ؟
وإسقاط او تحول الأنظمة الديكتاتورية في كل من النيجيريا , السنغال وغيرها
اذا الفعل الذي قام به الشعب السوداني موجود في جيناته الأفريقية
هل لك مثالا عربيا او ظاهرة ثورية عربية دحرجت براس أي مستبد؟
صاحب اكبر شعبية في العالم العربي هو ناصر دكتاتور!
اكبر قاتل لشعبه في العصر الحديث صدام دكتاتور!
هنالك علاقة وثيقة بين العروبة والاستبداد , علاقة ارتباط منذ العهد الاموي لم تنفك حتي الآن , هذا ما قاله الكواكبي في كتابه (طبائع الاستبداد)
هنالك علاقة وثيقة بين العروبة وتدمير الحضارات هذا ما قاله ابن خلدون (في مقدمته).
فقد ذكر ان المساحة الواقعة بين مصر والسودان كانت مليئة بالحضارات وان الآثار الموجودة اكبر دليل علي عظمة الحضارات القائمة هنالك , وان هذه الحضارات انتهت منذ دخول العرب الي السودان.
وذكر أيضا ان الخليفة هارون الرشيد حاول تدمير الاهرامات ولكنه فشل في ذلك
كما ذكر ان الخليفة المأمون طلب نصيحة احد العقلاء عن نيته في تدمير سوار كسري : فقال له الرجل لا تدمره حتي يكون شاهدا علي عظمة ملك العرب التي هزم أصحاب هذه الحضارة العريقة. ولكنه لم يهتم بكلام الناصح وانما شرع في تدمير سوار كسري ولكنه فشل في تدمير ه .
وحديثا دمّر بن لادن اعلي هرم حضاري في العالم WTC

هذه الأمثلة تؤكد بان لعروبة مشكلة حقيقية في مفهوم التعايش مع الأخر
انظر الي كل دول العالم
في فرنسا يوجد فرنسي افريقي وعربي
في تشاد يوجد افريقي وعربي
في أمريكا (كشكول) من شعوب العالم
بل في كل العالم يمكنك الحصول علي جنسية او هوية جديدة فقط اسكن أطول فترة ممكنة ولكن إياك ان تفكر بذلك في الفضاءات العربية "الكحة" سينتهي بك المقام (بدونا).

في العالم العربي لا شئ سوي النقاء العرقي , التذويب ومحو الهويات الاخري كما في حالة السود في السعودية مثالا حيث اصبحو دواسرة او قحطانيين او.....الخ
او الابادة كما في حالة الاكراد في العراق
مثالا
انظر الي البدون في الكويت شعوب بلا هوية وبلا نتماء

المسألة اذا ليس في عرب كح أم إفريقيين خلص , وانما المشكلة في عمق البنية التحتية الملهمة للثقافة العربية , تلك البنية التي تعتقد بان الغير دائما منتصبين من اجل محوهم من الوجود لذلك لا بد من المبادرة بالهجوم وإخضاعه وتذويبه او تقطيعه .
انظروا الي حال هؤلاء المثقفين السودانيين الذين يستميتون في الدفاع عن نقاء العروبة ويدعون الي قوامين او أكثر للتعايش (قولا) بينما الدولة السودانية(وحسب علمي قوامه عربي) حتي أمس القريب تقوم تقتيلا بمواطنين علي أبواب مدينة نبالا , حتي قبل ان تجف مداد الحبر التي كتب به ما سميّاه الرؤية المشتركة بين حزب الأمة و المؤتمر الوطني حيث دعوا الي حل "سوداني خالص" , هذه القوي الثقافية عملت (ادان تقيل)
بخصوص الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكب في دار فور
بل وكثير من النخب الشمالية مثل محمد الحسن احمد وآخرون يعتقدون بان ما يكتب عن دار فور مجرد فبركة اعلامية من اجل "إزالة المكون العربي في السودان" .
والحال هكذا نحن في حاجة حقيقية (فعلا وقولا) الي أكثر من قوام في السودان
محتاجون الي أحزاب افريقية وأخري عربية , ان تتكتل القوي الأفريقية الخالصة في بوتقة "المركزية الأفريقية " الذي ينادي به العزيز المبدع بشاشا. وان تهتم القوي الافريقيا بالبحث عن جذورهم و توثيقها علي رغم افتقادهم الي كثير من الوسائل التي تمكنهم من فعل ذلك خصوصا الدولة السودانية لم تهتم بالمكون الافريقي كثيرا , وكذلك النخب الا من جهة الكشف النقاب عن ما في غابات افريقيا من فضاءات غرائزية واغراءت بوهيمية.







لنا عودة

Post: #252
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: د. بشار صقر
Date: 05-27-2004, 09:27 PM
Parent: #1

علاقة المفردة بمفهوم الافريقانية عند د. عبدالله علي ابراهيم





ان التلميحات المسيئة للهوية الافريقية التي يرسلها د. عبدالله علي ابراهيم مختبئا وراء ستار القدرة اللغوية , انما تسي الي (عروبيته) التي يستميت دفاعا عنها اكثر مما تسي الي الافريقانية.

هنالك كثير من الامثلة تؤكد تورط د. عبدالله في الاساءة الي الافريقانية , هوية الاغلبية الساحقة من الشعب السوداني وفي سطور التالية سوف نقوم بتفكيك بعض المفردات المكررة التي استخدمتها الدكتور في مقالاتها التي تتناول مسألة الهوية:



كتب د. عبدالله في مقال له:



"يثير اشفاقي ذلك الرهط من شباب الجلابة الذي يخلع عروبته وإسلاميته (أو الإسلاموعروبية كما يسمونها) ويعرض بهويته الإفريقية "الخالصة" في عرصات البلد"



واضاف في نفس المقال:



"وضاعف من جفاء هؤلاء الخلعاء للإسلاموعربية عروبة "الكفيل" التي عانوا منها في مواضع هجرتهم ببلاد العرب التي حقنتهم بالمرارات" (الخط من طرفنا)



ثم يضيف:

"كنت عرضت مراراً على هؤلاء الخلعاء ارشيفاً لعناية جيلنا ومن سبقنا بهويتهم الإفريقية في سياق النضال ضد الإستعمار وفي سبيل إستقلال إقتصادي وإجتماعي وثقافي للقارة. وزدت بأن عرضت عليهم حتى ما صدر بحق افريقيا عن الدولة السودانية الموصومة بالتواطؤ مع العرب دون إفريقيا. وهو كثير ومشرف بكل المقاييس"



وعندما اشار الزميل عثمان محمد صالح الي الجوانب السلبية التي تعنيه كلمة خلعاء برر الدكتور ذلك في مقال اخر هكذا:



"وأرجو أن أؤكد لعثمان وغيره ممن قرأوا ظلالاً سلبية في مصطلحي أنني لم اقصد لا الى الحط من المتأفرقة ولا حجراً للإجتهاد. وغاية الأمر وجدت أنني استخلص من حصيلتي اللغوية مصطلحاً لظاهرة يخلع فيها نفر منا المعلوم من هويتهم بالضرورة الى هوية مكتشفة او مبتكرة. ووقع إختياري على مصطلح "خليع وخلعاء" الذي وصف العرب به من إعتزل قبيلته وخرج عليها ضيقاً بعرف أو طلباً لمكرمة "



ثم يقول في معرض تبريره لاستخدام المفردة (الخلعاء):

"وليس بوسع صانع المصطلح ان يتقزز من مفردة في اللغة وافت غرضه لأن كل مفردات اللغة عرضة لتعلق بها الأوشاب بمر الزمن. وسنحتاج الى بئية علمية حاذقة وعالية الهمة لتصفي المصطلح المخصوص من رواسب إكتنفته ليتعرف عليه القاريء الفطن بغير حاجة الى إستدعاء ملابسات معناه الأخرى. فاللغة على ما يبدو من سعتها شحيحة. وليس بوسع باحث عن وصف ما يقوم به المتأفرقون من الجماعة العربية الإسلامية أن يغادر جذر "خلع" الى غيره لدسامة الخبرة العربية فيه كما تقدم. وإنني شديد العناية بالمصطلح الذي اعتقد أن فيه خلاص المستضعفين من أمثالنا من تبعية الذهن ورهن الخيال بترسانة الغرب المصطلحية. وأحاول منذ حين تسويق مصطلح "الطاعمين" بديلاً عن "الشواذ جنسياً او المثليين" ناظراً الى عبارة عربية سودانية لمثل هذا النشاط ومستثمراً حتى الرديف الإنجليزي "gay ". وقد قبل العلماء وحتى الشواذ جنسياً بمصطلح "gay " برغم ظلاله السلبية في اللغة اصلاً. إننا نرث اللغة ولا نخترعها الإ بإدراك ضروراتها ومعجميتها"



وفي ورقته الافروعربية وتحالف الهاربين كتب دكتور عبدالله:



" سافر محمد المكى إبراهيم وزميله الشاعر النور عثمان في رحلة إلى ألمانيا الغربية لقضاء عطلة صيف 1962 ضيفين على جمعية الصداقة الألمانية السودانية الناشئة . وقد أملت البوهيمية والشغف بالترحال على مكى أن يمد إقامته في ألمانيا إلى عام تغيب فيه عن الجامعة ، وعاد بشعر صاف عذب يرويه الجيل بعد الجيل من ديوانه " أمتى " . وقد قال مكى عن رحلته هذه عام 1963 : إنها كانت " تحالفا بين هاربين " لم يتركوا في وطنهم حبا يشتاقون إليه فلاذوا بالهرب مغادرين السجن المفروض عليهم ، وعليه لم يكن بين دوافعهم " فهم أو تعاطف يصلح لحب عميق (30) ."



ثم يشبه رحلة مكي وزميله البوهيمية الي المانيا (كما سمّاه) بالهروب الي الافريقيانية:





"فرار الأفروعربيين إلى النسبة الأفريقية تشابه مع رحلة مكى البائسة . فدعاة الأفروعربية لم يلقوا ، وهم في ريعان الشباب ، من ثقافتهم العربية الاسلامية ما يروى غلتهم من الحب والتعبير . فاضطروا إلى الهرب بأجندة الريعان والشغف إلى فردوس أفريقى مطموس في تكوينهم الاثنى ، الغرائز فيه طليقة ، والرغائب مستجابة"



ثم في خاتمة مطاف الافروعربيةو تحالف الهاربين كتب د. عبدالله:



" لقد أرادت الأفروعربية ، باستردادها المكون الأفريقى في العربى السودانى المسلم ، أن تضرب عصفورين بحجر واحد ، أن تدس خلال ذلك مشروعا خاصا بها في تفكيك محرمات الحضارة العربية الاسلامية التى سدت على يفاعتهم منافذ الاشباع . أما الأمر الثانى فهو تطمين الجنوبى إلى أمنه الثقافى في أروقة مفهومها للتمازج ، الذى للأفريقية فيه مكان ، على خلاف نموذج الغلاة من الاسلاميين والعروبيين "









حينما استخدم د. عبدالله كلمة الخلعاء وهي مفردة ذات دلالات سلبية اكثر من (البوهيمية) التي استخدمته هي اخري في معرض وصفه للتوجه نحو الافريقانية.

تري من المقصود بهذه "الخلعاء" وتلك "البوهيمية" ؟



هنالك علامة لسانية (خلع /يخلع أي ينزع) واخري سيميائية (الخلعاء/الانحلال), علي ان السيميائية منهما تتميز علي اللسانية بكون دلالتها تنحصر في وظيفتها الاجتماعية (أي الوظيفة الاجتماعية لكلمة الخلعاء غير تلك اللغوية ).

فالمعني السيميائية المكتبسة لكلمة "الخلعاء " التي استخدمته د.عبدالله تعني" الانحلال" والعلامة الدلالية التي تؤدي الي توليد هذا المعني في مقالاته هي استخدامه المتكرر للمفردات مثل "البوهيمية" و" اشباع الغرائز" في وصف من يعتبرهم هاربين الي الافريقانية حسب ما ورد في نص ورقته : الافروعربية و تحالف الهاربين , واعتباره ذلك الهروب من اجل اشباع الغرائز فقط . اذن استخدام ثلاثة مفردات ذات دلالات سيميائية مرتبطة بالانحلال من قبل د. عبدالله يكفي لشرح مفهومية د عبدالله عن الهوية الافريقية التي تعني عنده مرتع للغرائز ولهذا فقط يهرب اليها افروعربيين.

خلاصة القول ان استخدام المفردات دون ادني اعتبار لمعانيها السيميائية في البيئة المستهدفة لانتاج معرفي ما ,امر غير مفهوم الا في اطار القصدية لتمرير معاني معينة او ترسيخها وهذا ما نلاحظه في كثير من مقالات د. عبدالله وهو مسار غير مقبول , فالخلاعة والبوهيمية واشباع الرغبات ليست حكرا للبيئة الافريقية , لان اشباع الغرائز بالمفهوم الذي يطرحه د. عبدالله متوفر حتي في كثير من العواصم العربية (الخالصة) ولا يعني ذلك ان العرب (خلعاء) وانما تلك وجه من وجوه اي مجتمع لا يجوز تعميمه باي شكل من الاشكال كما يفعل صاحب المصطلحات (البوهيمية) و(الخلعاء) و(اشباع الغرائز) في كتاباته عن مسألة الهوية في السودان. وانني استغرب من رهط المعجبين بدكتور عبدالله ورفضهم لاي نقد يوجه له , رغم اصراره علي (الغمز) و(الهمز) تارة والتصريح تارة اخري في مقالاته وسعيه الدؤوب لربط (الانحلال ) بالافريقانية , وقد سبقني الفنان المبدع د. النور بنقد (رقيق) لدكتور عبدالله في استخدامه لكلمة البوهيمية لوصف (الهاربين) الي (الغابة) في بوست الاستاذ عجب الفيا في المنبر الحر لموقع السودانيز اونلاين.

ان التمكن اللغوي والقدرة العلمية لا يبرر لدكتور عبدالله لينحى هذا المنحى في وصفه للعنصر الافريقي في السودان , كما لا يمكن فهم هذا الرهط من عشاق الدكتور وهم يصفّقون له الا اذا كان د. عبدالله ما هو الا (صوتا) مفجّرا لما في اعماق كثيرين من هولاء العشاق .

ان المثقف الذي يتبنى صوتا واحدا , فقط من اصوات المجتمع ويسجن نفسه داخل اضيق ساحة في فضاء المجتمع السوداني الكبير ويحاول ان يبني عرشا ثقافيا اقصائيا فوق جماجم الثقافات الاخري ويستخدم في سبيل ذلك اوصافا مسيئة لوصف الفضاء الافريقي في السودان مثل (اشباع الغرائز) و(الخلعاء) و(البوهيمية) ,

ان المفكر الذي يفعل كل ذلك هو مفكر لم يتحرر بعد من قيود الايديولوجيا ومن امراض النوستولجيا وهو لا يملك فكرا نقديا وانما عقلا اقصائيا يبني ذاته علي (تدمير) الاخر, ويصنع لنفسه "شرفا " علي خلفية رمي الاخر بما هو بوهيمي وخليع.

انا لا املك ان امنع احدا من ان "يتحول" او "يحمل" الي/ما يريده من الهويات , فذلك من صميم خيارات الفرد ضمن مفهوم الحريات الاساسية , كأن تكون افريقي البشرة ثم "تدعي" بانك عربي او تكون "مشلخا" ثم تكابر وتقول بان الشلوخ ظاهرة عربية منتشرة في الجزيرة العربية. ولكن علي النخب المستعربة ان تقرا التاريخ قراءة صحيحة وتعي الدروس والعبر, اذ محاولة بناء امبراطورية عربية فوق جماجم الاكراد والتركمان وغيرها من القوميات ادت الي المآسي التي نشاهدها اليوم في العراق, وفي حالتنا السودانية , فان وجود مثقفين يبررون وينظّرون للثقافة الاحادية العروبية , ويستخدمون في سبيل ذلك كل الوسائل اللاأخلاقية من قتل او ابادة كما فعل النظام مع الجنوب سابقا ويفعل ضد السكان المدنيين في دارفور حاليا.

او باستخدام وسائل قتل الشخصية الزنجية السودانية بوصفها بالخليع ووصف الهاربين اليها بالبوهيمية وغيرها من الاساءات كما يفعل د. عبدالله وغيره , هذه الممارسات انما تعمّق الازمة السودانية وتدمر اكثر النسيج الهش للفضاء السوداني المدمّر اصلا.

احترم المعجبين بدكتور عبدالله الذين يعتبرونه عقلا مستنيرا ومنفتحا , ولكن المفكر النقدي المستنير لا يكون نخبويا انتقائيا اقصائيا؟ وانما تجده دائما متعاليا وخارجا من ذاته ليكوّن ارضية فكرية كبيرة تتجاوز عادة الساحة التي ينتمي اليها الي فضاء اكبر يسمي (ارضية المفكر) , وفي حالة د. عبدالله فان ارضية الفكر لديه لم يتعد ساحة الجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوادي(حسب وصفه ).

لقد ناضل كبار المفكرين امثال فوكو ودريدا ضد استاذية الانسية الاوروبية التي لا تري نفسها الا مركزا للعالم , ونادوا بتطبيق المنهجيات الحديثة مثل البنيوية والسيميائية والتفكيك لاعادة قراءة الثقافات والبيئات المختلفة , والعمل علي فهمها واكتشافها من جديد علي ضوء هذه المناهج, واني اري د.عبدالله مستوعبا هذه المنهجيات ولكنه لايستخدمها كما اراد له هؤلاء المفكرين.



يتحدث د.عبدالله في مقال له عن فضل الثقافة العروبية علي الافريقانية, اذ يقول:





"وقد نبهتني مقالات قرأتها للدكتور محمد وقيع الله مؤخراً في «الصحافة» أن عناية الجلابة بإفريقيا وإفريقيا الشتات كانت ايضاً شغل جماعة يقظة من ناشطي الحركات الإسلامية. ففي هذه المقالات، التي اتسمت بصبر شديد على البحث، رصد وقيع الله تأثير دعاة من مسلمي السودان على تكوين المرحوم مالكوم إكس (1925-1965) الزعيم المسلم بين الأميركان الأفارقة الذي بث العزة بالسواد والافريقانية بينهم بما لا يوازيه سوى المرحوم مارتن لوثر كنق. فقد تربى مالكوم على يد المرحوم أليجا محمد، زعيم جماعة "أمة الإسلام" الذي تلقى بعض إسلامه من الشيخ ساتي ماجد، الداعية الدنقلاوي الذي قدم الى أميركا في العام 1904، ثم تعرف مالكوم على الداعية السلفي السوداني احمد حسون وتفقه على يديه. وحسون هو الذي غسل جثمان مالكوم بعد إغتياله وجهزه لتقاليد الرحيل المسلمة"



ولكن لنري منتوج هذا الفضل في الواقع العياني السوداني دون ان نذهب بعيدا الي امريكا مالكوم اكس :





نجد في الواقع السوداني ان الثقافة العروبية انتجت حربا بمليوني قتيل في الجنوب , وحرب ابادة في الغرب وحربا في الشرق واستقطابا جهويا واثنيا في المجتمع , وبدلا عن يبدي النخب العروبية شيئا من الحساسية في معرض تناولها للثقافة العروبية التي مارست تجارة الرقيق في الماضي , وهنالك ادلة قوية علي ممارستها للرق في فترة حرب الجنوب حديثا ,و بدلا من ان تاخذ معها كل هذه الدلالات التاريخية السلبية في معرض تنظيرها لمسألة الهوية , تقوم هذه النخب بصب الزيت مع بهارات من شاكلة "البوهيمية" و"الخلعاء" وغيرها في نار الهوية السودانية المشتعلة.



اشكالية د.عبدالله والذي يمثل الوجه الاكثر جرأة بين وجوه العروبيين تكمن في تكوينه الثقافي الشرقي القائم علي اقصاء الاخر او تذويبه , لذلك فهو حين يتحدث عن الجماعة الاسلامية حول النيل والبوادي في ورقته(الافروعربية وتحالف الهاربين)لا يهتم ابدا باي حرج قد تسببه هكذا القول للاثنيات الاخري غير العربية مثل المحس والدناقلة والحلفاويين وغيرها ممن يعتبرون انفسهم " ليست اولاد عرب" , فهو يتحدث عن ساحة جغرافية عربية "خالصة" حول النيل والبوادي ! بينما في الواقع لا توجد هكذا ساحة. فالساحة التي يتحدث عنها توجد فيها كثيرون غير عرب فاين ذهبوا , اذا افترضنا جدلا بعروبية اصحاب الشلوخ واصحاب البشرة السوداء من ساكني النيل والبوادي؟.



ان العقلية الشرقية التي يجسده د. عبدالله لا يعرف التعايش مع الاخر الا بشروطها , فهي عقلية تشتغل من خلال منع الاخر من التعبير عن ذاته وثقافاته وبالتالي الغاءه في اخر المطاف. فعلاقة السودان بالشرق لا جغرافية ولا الهوية الاثنية وانما التراث النخبوي الشغّال في متخيّل المثقفاتية المسقطة علي مجمل الفضاء السوداني عموديا بينما هي ليست سوي منتوج من سمّاهم د.عبدالله الجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوادي.











Post: #253
Title: Re: الي دكتور بشار وهاشم الحسن
Author: Agab Alfaya
Date: 05-28-2004, 08:07 AM
Parent: #1

كل الشكر دكتور بشار صقر علي هذه المساهمات الثرة وهذا الاسلوب العلمي الرصين في نقد اطروحات الدكتور عبد الله علي ابراهيم واتقف معك ان واجب المفكر هو التعالي علي الانتماءات الضيقة،والتماهي مع كل ما هو انساني والبحث عن المشترك العام وليس عن الخاص الذي يميز.
اما عن دعوتك لي بعدم الرد علي كل المساهمات ،اعلم الدافع الي ذلك ولكن يا سيدي لا اري ان هناك اي مساهمة طرحت ولم يكن لدي اجابة عليها في حدود فهمي المتواضع ،ولكن كما يقولون العين بصيرة والايد قصيرة.وودت لو اجد الوقت الكافي للرد علي كل كلمة قيلت .وهنا اطلب السماح من الاخوة المساهمين الذين لم يمكنا الزمن من الرد عليهم .
وحمدلله علي سلامة التخلص من الفايروس.


اخي هاشم الحسن
سوف اشرع الان في الرد علي مساهمتك القيمة والتي غضبت فيها غضبة مضرية فقط لانني وجهت اليك سؤالا لم اقصد من وراءه فرض اي نوع من الاستاذية كما يفعل اخي اسامة الخواض.وقد ابنت لك الغرض من السؤال .لكن يا سيدي حصل خير،فرب ضارة نافعة فعسي ولعل تكون فرصة مناسبة لتوضيح الكثير من الالتباسات.واتمني ان نوفق في ذلك.