ألف ليلة وليلة

ألف ليلة وليلة


03-27-2006, 11:57 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=188&msg=1165360704&rn=3


Post: #1
Title: ألف ليلة وليلة
Author: هشام آدم
Date: 03-27-2006, 11:57 AM
Parent: #0

ألف ليلة وليلة
__________________


ليس لهذا الكتاب كاتب ....أو لم يعرف لكتاب "ألف ليلة وليلة" كاتب معين ، ينسب جزماً إليه....فهو في ذلك على نحو ما هي عليه مؤلفات كثيرة في العالم ، يحار الرأي العلمي في صحة إنسابها ، كما يحار ،جاداً في حقيقة وجود بعض الذين تنسب إليهم روائع عالمية كهوميروس وشكسبير.... حتى أن المحققين يحارون في تعيين جنسية واضع "ألف ليلة وليلة" وفي هل يكون واحداً أم أكثر من واحد؟؟؟

الكتاب الذي طاف الدنيا بأرجائها، وتمثل فيه سحر الشرق، وترجم إلى معظم لغات العالم. طبع بالعربية لأول مرة في ألمانيا سنة (1825) بعناية المستشرق (هايخت) فأنجز منه ثمانية أجزاء، مع ترجمته إلى الألمانية، وتوفي قبل إتمام الكتاب، فأنجز الباقي تلميذه فليشر المتوفى سنة (1888م) ثم طبع مرات لا تحصى أهمها: طبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر 1960م. تقول الحكاية الأم التي تبسط ظلالها على حكايا الكتاب: (أن الملك شهريار لم يكتف بعدما اكتشف خيانة زوجته بقتلها هي وجواريه وعبيده، بل صار كل يوم يأخذ بنتاً بكراً فيزيل بكارتها ويقتلها من ليلتها، فضج الناس وهربت بناتهم...فسألت شهرزاد أباها الوزير أن يقدمها لشهريار قائلة: (فإما أن أعيش، وإما ان أكون فداء لبنات المسلمين وسبباً لخلاصهن) وكان الوزير يطلع كل صباح بالكفن تحت إبطه، بينما ابنته شهرزاد تؤجل ميعاد موتها بالحكاية تلو الحكاية، حتى أنجبت للملك ثلاثة أولاد في ألف ليلة قضتها في قصره، وجعلته بحلاوة حديثها وطرافة حكاياها خلقاً آخر). ولا شك في أننا غير قادرين على تلخيص أثر هذا الكتاب منذ شاع ذكره في أوربا، وليس في وسعنا هنا إلا تقديم نموذج منها بكتاب (غوته وألف ليلة وليلة) للألمانية كاترينا مومسن، ترجمة د. أحمد الحمو (دمشق: 1980) حيث عاش غوته منذ نعومة أظفاره مع هذا الكتاب، وكان يحفظ حكاياته إلى درجة أنه كان يلعب دور شهرزاد عندما تتاح له الفرصة، وكان في صباه وفي شيخوخته يستخدم رموز الحكايات وصورها في رسائله، وكان بالنسبة له (كتاب عمره). كل ذلك والترجمة الألمانية لم تكن قد أنجزت بعد، وإنما كان يرجع إلى الترجمة الفرنسية المجتزئة التي قام بها المستشرق الفرنسي (أنطوان غالان) خلال الفترة (1704 - 1717م) وذلك قبل أ ن تظهر الترجمة الألمانية عام (1825م) مما جعل غوته يمضي آخر سني حياته مع هذه الترجمة، وكانت وفاته سنة (1832م). ونشير هنا إلىالطفرة التي اكتسبتها الدراسات الدائرة حول (ألف ليلة وليلة) نتيجة لتوثيق محسن مهدي للنسخ العربية في عمل صدر له في ليدن (1984م). وانظر مجموعة الرسومات التي صاحبت الترجمات الغربية لألف ليلة وليلة في كتاب (ألف ليلة وليلة: مقالات نقدية وببلوغرافية) كامبريدج، دار مهجر 1985م بالإنجليزية

reference : http://www.syrianstory.com/amis3-1.htm

__________

Post: #2
Title: Re: ألف ليلة وليلة
Author: هشام آدم
Date: 03-27-2006, 12:01 PM
Parent: #1

____________
حكايات الملك شهريار وأخيه الملك شاه الزمان


حكي والله أعلم أنه كان فيما مضى من قديم الزمان وسالف العصر والأوان ملك من ملوك ساسان بجزائر الهند والصين صاحب جند وأعوان وخدم وحشم له ولدان أحدهما كبير والآخر صغير وكانا بطلين وكان الكبير أفرس من الصغير وقد ملك البلاد وحكم بالعدل بين العباد وأحبه أهل بلاده ومملكته وكان اسمه الملك شهريار وكان أخوه الصغير اسمه الملك شاه زمان وكان ملك سمرقند العجم، ولم يزل الأمر مستقيماً في بلادهما وكل واحد منهما في مملكته حاكم عادل في رعيته مدة عشرين سنة وهم في غاية البسط والانشراح.

لم يزالا على هذه الحالة إلى أن اشتاق الكبير إلى أخيه الصغير فأمر وزيره أن يسافر إليه ويحضر به فأجابه بالسمع والطاعة وسافر حتى وصل بالسلامة ودخل على أخيه وبلغه السلام وأعلمه أن أخاه مشتاق إليه وقصده أن يزوره فأجابه بالسمع والطاعة وتجهز وأخرج خيامه وبغاله وخدمه وأعوانه وأقام وزيره حاكماً في بلاده وخرج طالباً بلاد أخيه.

فلما كان في نصف الليل تذكر حاجة نسيها في قصره فرجع ودخل قصره فوجد زوجته راقدة في فراشه معانقة عبداً أسود من العبيد، فلما رأى هذا اسودت الدنيا في وجهه وقال في نفسه: إذا كان هذا الأمر قد وقع وأنا ما فارقت المدينة فكيف حال هذه العاهرة إذا غبت عند أخي مدة، ثم أنه سل سيفه وضرب الاثنين فقتلهما في الفراش ورجع من وقته وساعته وسار إلى أن وصل إلى مدينة أخيه ففرح أخيه بقدومه ثم خرج إليه ولاقاه وسلم عليه ففرح به غاية الفرح وزين له المدينة وجلس معه يتحدث بانشراح فتذكر الملك شاه زمان ما كان من أمر زوجته فحصل عنده غم زائد واصفر لونه وضعف جسمه، فلما رآه أخوه على هذه الحالة ظن في نفسه أن ذلك بسبب مفارقته بلاده وملكه فترك سبيله ولم يسأل عن ذلك.

ثم أنه قال له في بعض الأيام: يا أخي أنا في باطني جرح، ولم يخبره بما رأى من زوجته، فقال: إني أريد أن تسافر معي إلى الصيد والقنص لعله ينشرح صدرك فأبى ذلك فسافر أخوه وحده إلى الصيد.

وكان في قصر الملك شبابيك تطل على بستان أخيه فنظروا وإذا بباب القصر قد فتح وخرج منه عشرون جارية وعشرون عبداً وامرأة أخيه تمشي بينهم وهي غاية في الحسن والجمال حتى وصلوا إلى فسقية وخلعوا ثيابهم وجلسوا مع بعضهم، وإذا بامرأة الملك قالت: يا مسعود، فجاءها عبد أسود فعانقها وعانقته وواقعها وكذلك باقي العبيد فعلوا بالجواري، ولم يزالوا في بوس وعناق ونحو ذلك حتى ولى النهار.

فلما رأى أخو الملك فقال: والله إن بليتي أخف من هذه البلية، وقد هان ما عنده من القهر والغم وقال: هذا أعظم مما جرى لي، ولم يزل في أكل وشرب.

وبعد هذا جاء أخوه من السفر فسلما على بعضهما، ونظر الملك شهريار إلى أخيه الملك شاه زمان وقد رد لونه واحمر وجهه وصار يأكل بشهية بعدما كان قليل الأكل، فتعجب من ذلك وقال: يا أخي، كنت أراك مصفر الوجه والآن قد رد إليك لونك فأخبرني بحالك، فقال له: أما تغير لوني فأذكره لك واعف عني إخبارك برد لوني، فقال له: أخبرني أولاً بتغير لونك وضعفك حتى أسمعه.

فقال له: يا أخي، إنك لما أرسلت وزيرك إلي يطلبني للحضور بين يديك جهزت حالي وقد بررت من مدينتي، ثم أني تذكرت الخرزة التي أعطيتها لك في قصري فرجعت فوجدت زوجتي معها عبد أسود وهو نائم في فراشي فقتلتهما وجئت عليك وأنا متفكر في هذا الأمر، فهذا سبب تغير لوني وضعفي، وأما رد لوني فاعف عني من أن أذكره لك.

فلما سمع أخوه كلامه قال له: أقسمت عليك بالله أن تخبرني بسبب رد لونك، فأعاد عليه جميع ما رآه فقال شهريار لأخيه شاه زمان: اجعل أنك مسافر للصيد والقنص واختف عندي وأنت تشاهد ذلك وتحققه عيناك، فنادى الملك من ساعته بالسفر فخرجت العساكر والخيام إلى ظاهر المدينة وخرج الملك ثم أنه جلس في الخيام وقال لغلمانه لا يدخل علي أحد، ثم أنه تنكر وخرج مختفياً إلى القصر الذي فيه أخوه وجلس في الشباك المطل على البستان ساعة من الزمان وإذا بالجواري وسيدتهم دخلوا مع العبيد وفعلوا كما قال أخوه واستمروا كذلك إلى العصر.

فلما رأى الملك شهريار ذلك الأمر طار عقله من رأسه وقال لأخيه شاه زمان: قم بنا نسافر إلى حال سبيلنا وليس لنا حاجة بالملك حتى ننظر هل جرى لأحد مثلنا أو لا فيكون موتنا خير من حياتنا، فأجابه لذلك. ثم أنهما خرجا من باب سري في القصر ولم يزالا مسافرين أياماً وليالي إلى أن وصلا إلى شجرة في وسط مرج عندها عين بجانب البحر المالح فشربا من تلك العين وجلسا يستريحان. فلما كان بعد ساعة مضت من النهار وإذا هم بالبحر قد هاج وطلع منه عمود أسود صاعد إلى السماء وهو قاصد تلك المرجة. فلما رأيا ذلك خافا وطلعا إلى أعلى الشجرة وكانت عالية وصارا ينظران ماذا يكون الخبر، وإذا بجني طويل القامة عريض الهامة واسع الصدر على رأسه صندوق فطلع إلى البر وأتى الشجرة التي هما فوقها وجلس تحتها وفتح الصندوق وأخرج منه علبة ثم فتحها فخرجت منها صبية بهية كأنها الشمس المضيئة كما قال الشاعر:


أشرقت في الدجى فلاح النهار واستنارت بنورها الأسحـار
من سناها الشموس تشرق لما تنبدي وتنجـلـي الأقـمـار
تسجد الكـائنـات بـين يديهـا حين تبدو وتهتـك الأسـتـار
وإذا أومضت بروق حمـاهـا هطلت بالمدامع الأمـطـار





قال: فلما نظر إليها الجني قال: يا سيدة الحرائر التي قد اختطفتك ليلة عرسك أريد أن أنام قليلاً، ثم أن الجني وضع رأسه على ركبتيها ونام فرفعت رأسها إلى أعلى الشجرة فرأت الملكين وهما فوق تلك الشجرة فرفعت رأس الجني من فوق ركبتيها ووضعته على الأرض ووقفت تحت الشجرة وقالت لهما بالإشارة انزلا ولا تخافا من هذا العفريت فقالا لها: بالله عليك أن تسامحينا من هذا الأمر، فقال لهما بالله عليكما أن تنزلا وإلا نبهت عليكما العفريت فيقتلكما شر قتلة، فخافا ونزلا إليها فقامت لهما وقالت ارصعا رصعاً عنيفاً وإلا أنبه عليكما العفريت، فمن خوفهما قال الملك شهريار لأخيه الملك شاه زمان: يا أخي افعل ما أمرتك به فقال: لا أفعل حتى تفعل أنت قبلي، وأخذا يتغامزان على نكاحها فقالت لهما ما أراكما تتغامزان فإن لم تتقدما وتفعلا وإلا نبهت عليكما العفريت، فمن خوفهما من الجني فعلا ما أمرتهما به فلما فرغا قالت لهما أقفا وأخرجت لهما من جيبها كيساً وأخرجت لهما منه عقداً فيه خمسمائة وسبعون خاتماً، فقالت لهما: أتدرون ما هذه؟ فقالا لها: لا ندري فقالت لهما أصحاب هذه الخواتم كلهم كانوا يفعلون بي على غفلة قرن هذا العفريت فأعطياني خاتميكما أنتما الاثنان الأخران فأعطاها من يديهما خاتمين فقالت لهما أن هذا العفريت قد اختطفني ليلة عرسي ثم أنه وضعني في علبة وجعل العلبة داخل الصندوق ورمى على الصندوق سبعة أقفال وجعلني في قاع البحر العجاج المتلاطم بالأمواج، ويعلم أن المرأة منا إذا أرادت أمر لم يغلبها شيء كما قال بعضهم:

لا تأمنن إلى النـسـاء ولا تثق بعهـودهـن
فرضاؤهن وسخطهن معلق بفـروجـهـن
بيدين وداً كـاذبـــاً والغدر حشو ثيابهـن
بحديث يوسف فاعتبر متحذراً من كيدهـن




أو ما تـرى إبـلـيس
فلما سمعا منها هذا الكلام تعجبا غاية العجب وقالا لبعضهما: إذا كان هذا عفريتاً وجرى له أعظم مما جرى لنا فهذا شيء يسلينا. ثم أنهما انصرفا من ساعتهما ورجعا إلى مدينة الملك شهريار ودخلا قصره. ثم أنه رمى عنق زوجته وكذلك أعناق الجواري والعبيد، وصار الملك شهريار كلما يأخذ بنتاً بكراً يزيل بكارتها ويقتلها من ليلتها، ولم يزل على ذلك مدة ثلاث سنوات فضجت الناس وهربت ببناتها ولم يبق في تلك المدينة بنت تتحمل الوطء.

ثم أن الملك أمر الوزير أن يأتيه بنت على جري عادته، فخرج الوزير وفتش فلم يجد بنتاً فتوجه إلى منزله وهو غضبان مقهور خايف على نفسه من الملك. وكان الوزير له بنتان ذاتا حسن وجمال وبهاء وقد واعتدال الكبيرة اسمها شهرزاد والصغيرة اسمها دنيازاد، وكانت الكبيرة قد قرأت الكتب والتواريخ وسير الملوك المتقدمين وأخبار الأمم الماضيين. قيل أنها جمعت ألف كتاب من كتب التواريخ المتعلقة بالأمم السالفة والملوك الخالية والشعراء فقالت لأبيها: مالي أراك متغيراً حامل الهم والأحزان وقد قال بعضهم في المعنى شعراً: قل لمن يحمل همـاً إن هـمـاً لا يدوم مثل ما يفنى السرور هكذا تفنى الهمـوم

فلما سمع الوزير من ابنته هذا الكلام حكى لها ما جرى له من الأول إلى الآخر مع الملك فقالت له: بالله يا أبت زوجني هذا الملك فإما أن أعيش وإما أن أكون فداء لبنات المسلمين وسبباً لخلاصهن من بين يديه، فقال لها: بالله عليك لا تخاطري بنفسك أبداً، فقالت له: لا بد من ذلك فقال: أخشى عليك أن يحصل لكن ما حصل الحمار والثور مع صاحب الزرع، فقالت له: وما الذي جرى لهما يا أبت؟


______________

<<<

Post: #3
Title: Re: ألف ليلة وليلة
Author: هشام آدم
Date: 03-27-2006, 01:01 PM
Parent: #2

___________

حكاية الحمار والثور مع صاحب الزرع


قال: اعلمي يا ابنتي أنه كان لبعض التجار أموال ومواش وكان له زوجة وأولاد وكان الله تعالى أعطاه معرفة ألسن الحيوانات والطير وكان مسكن ذلك التاجر الأرياف وكان عنده في داره حمار وثور فأتى يوماً الثور إلى مكان الحمار فوجده منكوساً مرشوشاً وفي معلفه شعير مغربل وتبن مغربل وهو راقد مستريح، وفي بعض الأوقات ركبه صاحبه لحاجة تعرض له ويرجع على حاله، فلما كان في بعض الأيام سمع التاجر الثور وهو يقول للحمار: هنيئاً لك ذلك، أنا تعبان وأنت مستريح تأكل الشعير مغربلاً ويخدمونك وفي بعض الأوقات يركبك صاحبك ويرجع وأنا دائماً للحرث.

فقال له الحمار: إذا خرجت إلى الغيط ووضعوا على رقبتك الناف فارقد ولا تقم ولو ضربوك فإن قمت فارقد ثانياً فإذا رجعوا بك ووضعوا لك الفول فلا تأكله كأنك ضعيف وامتنع عن الأكل والشرب يوماً أو يومين أو ثلاثة فإنك تستريح من التعب والجهد، وكان التاجر يسمع كلامهما، فلما جاء السواق إلى الثور بعلفه أكل منه شيئاً يسيراً فأصبح السواق يأخذ الثور إلى الحرث فوجده ضعيفاً فقال له التاجر: خذ الحمار وحرثه مكانه اليوم كله، فلما رجع آخر النهار شكره الثور على تفضلاته حيه أراحه من التعب في ذلك اليوم فلم يرد عليه الحمار جواباً وندم أشد الندامة، فلما رجع كان ثاني يوم جاء المزارع وأخذ الحمار وحرثه إلى آخر النهار فلم يرجع إلا مسلوخ الرقبة شديد الضعف فتأمله الثور وشكره ومجده فقال له الحمار: أعلم أني لك ناصح وقد سمعت صاحبنا يقول: إن لم يقم الثور من موضعه فأعطوه للجزار ليذبحه ويعمل جلده قطعاً وأنا خائف عليك ونصحتك والسلام.

فلما سمع الثور كلام الحمار شكره وقال في غد أسرح معهم، ثم أن الثور أكل علفه بتمامه حتى لحس المذود بلسانه، كل ذلك وصاحبهما يسمع كلامهما، فلما طلع النهار وخرج التاجر وزوجه إلى دار البقر وجلسا فجاء السواق وأخذ الثور وخرج، فلما رأى الثور صاحبه حرك ذنبه وظرط وبرطع، فضحك التاجر حتى استلقى على قفاه.

فقالت له زوجته: من أي شيء تضحك فقال لها: شيء رأيته وسمعته ولا أقدر أن أبيح به فأموت، فقالت له: لا بد أن تخبرني بذلك وما سبب ضحكك ولو كنت تموت، فقال لها: ما أقدر أن أبوح به خوفاً من الموت، فقالت له: أنت لم تضحك إلا علي. ثم أنها لم تزل تلح عليه وتلح في الكلام إلى أن غلبت عليه، فتحير أحضر أولاده وأرسل أحضر القاضي والشهود وأراد أن يوصي ثم يبوح لها بالسر ويموت لأنه كان يحبها محبة عظيمة لأنها بنت عمه وأم أولاده وكان عمر من العمر مائة وعشرين سنة.

ثم أنه أرسل وأحضر جميع أهلها وأهل جارته وقال لهم حكايته وأنه متى قال لأحد على سره مات، فقال لها جميع الناس ممن حضر: بالله عليك اتركي هذا الأمر لئلا يموت زوجك أبو أولادك، فقالت لهم: لا أرجع عنه حتى يقول لي ولو يموت. فسكتوا عنها. ثم أن التاجر قام من عندهم وتوجه إلى دار الدواب ليتوضأ ثم يرجع يقول لهم ويموت.

وكان عنده ديك تحته خمسون دجاجة، وكان عنده كلب، فسمع التاجر الكلب وهو ينادي الديك ويسبه ويقول له: أنت فرحان وصاحبنا رايح يموت، فقال الديك للكلب: وكيف ذلك الأمر؟ فأعاد الكلب عليه القصة فقال له الديك: والله إن صاحبنا قليل العقل. أنا لي خمسون زوجة أرضي هذه وأغضب هذه وهو ما له إلا زوجة واحدة ولا يعرف صلاح أمره معها، فما له لا يأخذ لها بعضاً من عيدان التوت ثم يدخل إلى حجرتها ويضربها حتى تموت أو تتوب ولا تعود تسأله عن شيء.

قال: فلما سمع التاجر كلام الديك وهو يخاطب الكلب رجع إلى عقله وعزم على ضربها، ثم قال الوزير لابنته شهرزاد ربما فعل بك مثل ما فعل التاجر بزوجته، فقالت له: ما فعل؟ قال: دخل عليها الحجرة بعدما قطع لها عيدان التوت وخبأها داخل الحجرة وقال لها: تعالي داخل الحجرة حتى أقول لك ولا ينظرني أحد ثم أموت، فدخلت معه، ثم أنه قفل باب الحجرة عليهما ونزل عليها بالضرب إلى أن أغمي عليها، فقالت له: تبت، ثم أنها قبلت يديه ورجليه وتابت وخرجت وإياه وفرح الجماعة وأهلها وقعدوا في أسر الأحوال إلى الممات.

فلما سمعت ابنة الوزير مقالة أبيها قالت له: لا بد من ذلك، فجهزها وطلع إلى الملك شهريار وكانت قد أوصت أختها الصغيرة وقالت لها: إذا توجهت إلى الملك أرسلت أطلبك فإذا جئت عندي ورأيت الملك قضى حاجته مني قولي يا أختي حدثينا حديثاً غريباً نقطع به السهر وأنا أحدثك حديثاً يكون فيه الخلاص إن شاء الله.

ثم أن أباها الوزير طلع بها إلى الملك فلما رآه فرح وقال: أتيت بحاجتي فقال: نعم، فلما أراد أن يدخل عليها بكت، فقال لها: ما بك؟ فقالت: أيها الملك إن لي أختاً صغيرة أريد أن أودعها، فأرسلها الملك إليها فجاءت إلى أختها وعانقتها وجلست تحت السرير فقام الملك وأخذ بكارتها ثم جلسوا يتحدثون، فقالت لها أختها الصغيرة: بالله عليك يا أختي حدثينا حديثاً نقطع به سهر ليلتنا فقالت: حباً وكرامة إن أذن الملك المهذب، فلما سمع ذلك الكلام وكان به قلق ففرح بسماع الحديث.


_______________

<<<

Post: #4
Title: Re: ألف ليلة وليلة
Author: هشام آدم
Date: 03-27-2006, 01:07 PM

___________

حكاية التاجر مع العفريت
الليلة الأولى



قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أنه كان تاجر من التجار، كثير المال والمعاملات في البلاد قد ركب يوماً وخرج يطالب في بعض البلاد فاشتد عليه الحر فجلس تحت شجرة وحط يده في خرجه وأكل كسرة كانت معه وتمرة، فلما فرغ من أكل التمرة رمى النواة وإذا هو بعفريت طويل القامة وبيده سيف، فدنا من ذلك التاجر وقال له: قم حتى أقتلك مثل ما قتلت ولدي، فقال له التاجر: كيف قتلت ولدك؟ قال له: لما أكلت التمرة ورميت نواتها جاءت النواة في صدر ولدي فقضي عليه ومات من ساعته فقال التاجر للعفريت: أعلم أيها العفريت أني على دين ولي مال كثير وأولاد وزوجة وعندي رهون فدعني أذهب إلى بيتي وأعطي كل ذي حق حقه ثم أعود إليك، ولك علي عهد وميثاق أني أعود إليك فتفعل بي ما تريد والله على ما أقول وكيل. فاستوثق منه الجني وأطلقه فرجع إلى بلده وقضى جميع تعلقاته وأوصل الحقوق إلى أهلها وأعلم زوجته وأولاده بما جرى له فبكوا وكذلك جميع أهله ونساءه وأولاده وأوصى وقعد عندهم إلى تمام السنة ثم توجه وأخذ كفنه تحت إبطه وودع أهله وجيرانه وجميع أهله وخرج رغماً عن أنفه وأقيم عليه العياط والصراخ فمشى إلى أن وصل إلى ذلك البستان وكان ذلك اليوم أول السنة الجديدة فبينما هو جالس يبكي على ما يحصل له وإذا بشيخ كبير قد أقبل عليه ومعه غزالة مسلسلة فسلم على هذا التاجر وحياه وقال له: ما سبب جلوسك في هذا المكان وأنت منفرد وهو مأوى الجن؟ فأخبره التاجر بما جرى له مع ذلك العفريت وبسبب قعوده في هذا المكان فتعجب الشيخ صاحب الغزالة وقال: والله يا أخي ما دينك إلا دين عظيم وحكايتك حكاية عجيبة لو كتبت بالإبر على آفاق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر ثم أنه جلس بجانبه وقال والله يا أخي لا أبرح من عندك حتى أنظر ما يجري لك مع ذلك العفريت ثم أنه جلس عنده يتحدث معه فغشي على ذلك التاجر وحصل له الخوف والفزع والغم الشديد والفكر المزيد وصاحب الغزالة بجانبه فإذا بشيخ ثان قد أقبل عليهما ومعه كلبتان سلاقيتان من الكلاب السود. فسألهما بعد السلام عليهما عن سبب جلوسهما في هذا المكان وهو مأوى الجان فأخبراه بالقصة من أولها إلى آخرها فلم يستقر به الجلوس حتى أقبل عليهم شيخ ثالث ومعه بغلة زرزورية فسلم عليهم وسألهم عن سبب جلوسهم في هذا المكان فأخبروه بالقصة من أولها إلى آخرها وبينما كذلك إذا بغبرة هاجت وزوبعة عظيمة قد أقبلت من وسط تلك البرية فانكشفت الغبرة وإذا بذلك الجني وبيده سيف مسلول وعيونه ترمي بالشرر فأتاهم وجذب ذلك التاجر من بينهم وقال له: قم أقتلك مثل ما قتلت ولدي وحشاشة كبدي فانتحب ذلك التاجر وبكى وأعلن الثلاثة شيوخ بالبكاء والعويل والنحيب فانتبه منهم الشيخ الأول وهو صاحب الغزالة وقبل يد ذلك العفريت وقال له: يا أيها الجني وتاج ملوك الجان إذا حكيت لك حكايتي مع هذه الغزالة ورأيتها عجيبة، أتهب لي ثلث دم هذا التاجر؟ قال: نعم. يا أيها الشيخ، إذا أنت حكيت لي الحكاية ورأيتها عجيبة وهبت لك ثلث دمه فقال ذلك الشيخ الأول: اعلم يا أيها العفريت أن هذه الغزالة هي بنت عمي ومن لحمي ودمي وكنت تزوجت بها وهي صغيرة السن وأقمت معها نحو ثلاثين سنة فلم أرزق منها بولد فأخذت لي سرية فرزقت منها بولد ذكر كأنه البدر إذا بدا بعينين مليحتين وحاجبين مزججين وأعضاء كاملة فكبر شيئاً فشيئاً إلى أن صار ابن خمس عشرة سنة فطرأت لي سفرة إلى بعض المدائن فسافرت بمتجر عظيم وكانت بنت عمي هذه الغزالة تعلمت السحر والكهانة من صغرها فسحرت ذلك الولد عجلاً وسحرت الجارية أمه بقرة وسلمتها إلى الراعي، ثم جئت أنا بعد مدة طويلة من السفر فسألت عن ولدي وعن أمه فقالت لي جاريتك ماتت وابنك هرب ولم أعلم أين راح فجلست مدة سنة وأنا حزين القلب باكي العين إلى أن جاء عيد الضحية فأرسلت إلى الراعي أن يخصني ببقرة سمينة وهي سريتي التي سحرتها تلك الغزالة فشمرت ثيابي وأخذت السكين بيدي وتهيأت لذبحها فصاحت وبكت بكاء شديداً فقمت عنها وأمرت ذلك الراعي فذبحها وسلخها فلم يجد فيها شحماً ولا لحماً غير جلد وعظم فندمت على ذبحها حيث لا ينفعني الندم وأعطيتها للراعي وقلت له:

ائتني بعجل سمين فأتاني بولدي المسحور عجلاً فلما رآني ذلك العجل قطع حبله وجاءني وتمرغ علي وولول وبكى فأخذتني الرأفة عليه وقلت للراعي ائتني ببقرة ودع هذا. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. فقالت لها أختها: ما أطيب حديثك وألطفه وألذه وأعذبه فقالت: وأين هذا مما أحدثكم به الليلة القابلة إن عشت وأبقاني الملك فقال الملك في نفسه: والله ما أقتلها حتى أسمع بقية حديثها ثم أنهم باتوا تلك الليلة إلى الصباح متعانقين فخرج الملك إلى محل حكمه وطلع الوزير بالكفن تحت إبطه ثم حكم الملك وولي وعزل إلى آخر النهار ولم يخبر الوزير بشيء من ذلك فتعجب الوزير غاية العجب ثم انفض الديوان ودخل الملك شهريار قصره.

_____________

<<<

Post: #5
Title: Re: ألف ليلة وليلة
Author: humida
Date: 03-27-2006, 01:12 PM
Parent: #4

هشام ..
اسال منذ فترة عن ( النسخة المصرية ) من ألف ليلة وليلة ..
ما القصة الأصلية ..
عبارة عن قصص مصرية مكتوبة بأسلوب ألف ليلة وليلة ..
كانت تُذاع في أذاعة الشرق الاوسط من القاهرة ..

تخريمة ..
نعيماً ..

Post: #6
Title: Re: ألف ليلة وليلة
Author: Hani Arabi Mohamed
Date: 03-27-2006, 01:23 PM
Parent: #5

هشام سلام

وينك ؟

Post: #7
Title: Re: ألف ليلة وليلة
Author: هشام آدم
Date: 03-27-2006, 01:27 PM
Parent: #6

_____________

الرقيقة سحر عبد الرحمن (عزاء)



_____________

Post: #8
Title: Re: ألف ليلة وليلة
Author: هشام آدم
Date: 03-29-2006, 12:33 PM
Parent: #7

____________

Dear friend Hani Arabi Mohamed

Thanks for asking about me, I was in a bad mood hope not to return to the same soon

Post: #9
Title: Re: ألف ليلة وليلة
Author: هشام آدم
Date: 03-29-2006, 12:36 PM
Parent: #8

_____________

الليلة الثانية



وقالت دنيازاد لأختها شهرزاد: يا أختي أتممي لنا حديثك الذي هو حديث التاجر والجني. قالت حباً وكرامة إن أذن لي الملك، في ذلك، فقال لها الملك: احكي، فقالت: بلغني أيها الملك السعيد، ذو الرأي الرشيد أنه لما رأى بكاء العجل حن قلبه إليه وقال للراعي: ابق هذا العجل بين البهائم. كل ذلك والجني يتعجب من حكاية ذلك الكلام العجيب ثم قال صاحب الغزالة: يا سيد ملوك الجان كل ذلك جرى وابنة عمي هذه الغزالة تنظر وترى وتقول اذبح هذا العجل فإنه سمين، فلم يهن علي أن أذبحه وأمرت الراعي أن يأخذه وتوجه به، ففي ثاني يوم وأنا جالس وإذا بالراعي أقبل علي وقال: يا سيدي إني أقول شيئاً تسر به ولي البشارة. فقلت: نعم فقال: أيها التاجر إن لي بنتاً كانت تعلمت السحر في صغرها من امرأة عجوز كانت عندنا، فلما كنا بالأمس وأعطيتني العجل دخلت به عليها فنظرت إليه ابنتي وغطت وجهها وبكت ثم إنها ضحكت وقالت: يا أبي قد خس قدري عندك حتى تدخل علي الرجال الأجانب. فقلت لها: وأين الرجال الأجانب ولماذا بكيت وضحكت؟ فقالت لي أن هذا العجل الذي معك ابن سيدي التاجر ولكنه مسحور وسحرته زوجة أبيه هو وأمه فهذا سبب ضحكي وأما سبب بكائي فمن أجل أمه حيث ذبحها أبوه فتعجبت من ذلك غاية العجب وما صدقت بطلوع الصباح حتى جئت إليك لأعلمك فلما سمعت أيها الجني كلام هذا الراعي خرجت معه وأنا سكران من غير مدام من كثرة الفرح والسرور والذي حصل لي إلى أن أتيت إلى داره فرحبت بي ابنة الراعي وقبلت يدي ثم إن العجل جاء إلي وتمرغ علي فقلت لابنة الراعي: أحق ما تقولينه عن ذلك العجل؟ فقالت: نعم يا سيدي إيه ابنك وحشاشة كبدك فقلت لها: أيها الصبية إن أنت خلصتيه فلك عندي ما تحت يد أبيك من المواشي والأموال فتبسمت وقالت: يا سيدي ليس لي رغبة في المال إلا بشرطين: الأول: أن تزوجني به والثاني: أن أسر من سحرته وأحبسها وإلا فلست آمن مكرها فلما سمعت أيها الجني كلام بنت الراعي قلت: ولك فوق جميع ما تحت يد أبيك من الأموال زيادة وأما بنت عمي فدمها لك مباح.

فلما سمعت كلامي أخذت طاسة وملأتها ماء ثم أنها عزمت عليها ورشت بها العجل وقالت:

إن كان الله خلقك عجلاً فدم على هذه الصفة ولا تتغير وإن كنت مسحوراً فعد إلى خلقتك الأولى بإذن الله تعالى وإذا به انتفض ثم صار إنساناً فوقعت عليه وقلت له: بالله عليك احك لي جميع ما صنعت بك وبأمك بنت عمي فحكى لي جميع ما جرى لهما فقلت: يا ولدي قد قيض الله لك من خلصك وخلص حقك ثم إني أيها الجني زوجته ابنة الراعي ثم أنها سحرت ابنة عمي هذه الغزالة وجئت إلى هنا فرأيت هؤلاء الجماعة فسألتهم عن حالهم فأخبروني بما جرى لهذا التاجر فجلست لأنظر ما يكون وهذا حديثي فقال الجني: هذا حديث عجيب وقد وهبت لك ثلث دمه فعند ذلك تقدم الشيخ صاحب الكلبتين السلاقيتين وقال له: اعلم يا سيد ملوك الجان أن هاتين الكلبتين أخوتي وأنا ثالثهم ومات والدي وخلف لنا ثلاثة آلاف دينار ففتحت دكاناً أبيع فيه وأشتري وسافر أخي بتجارته وغاب عنا مدة سنة مع القوافل ثم أتى وما معه شيء فقلت له: يا أخي أما أشرت عليك بعدم السفر؟ فبكى وقال: يا أخي قدر الله عز وجل علي بهذا ولم يبق لهذا الكلام فائدة ولست أملك شيئاً فأخذته وطلعت به إلى الدكان ثم ذهبت به إلى الحمام وألبسته حلة من الملابس الفاخرة وأكلت أنا وإياه وقلت له: يا أخي إني أحسب ربح دكاني من السنة إلى السنة ثم أقسمه دون رأس المال بيني وبينك ثم إني عملت حساب الدكان من بربح مالي فوجدته ألفي دينار فحمدت الله عز وجل وفرحت غاية الفرح وقسمت الربح بيني وبينه شطرين وأقمنا مع بعضنا أياماً ثم إن أخوتي طلبوا السفر أيضاً وأرادوا أن أسافر معهم فلم أرض وقلت لهم: أي شيء كسبتم من سفركم حتى أكسب أنا؟ فألحوا علي ولم أطعهم بل أقمنا في دكاكيننا نبيع ونشتري سنة كاملة وهم يعرضون علي السفر وأنا لم أرض حتى مضت ست سنوات كوامل.

ثم وافقتهم على السفر وقلت لهم: يا أخوتي إننا نحسب ما عندنا من المال فحسبناه فإذا هو ستة آلاف دينار فقلت: ندفن نصفها تحت الأرض لينفعا إذا أصابنا أمر ويأخذ كل واحد منا ألف دينار ونتسبب فيها قالوا: نعم الرأي فأخذت المال وقسمته نصفين ودفنت ثلاثة آلاف دينار. وأما الثلاثة آلاف الأخرى فأعطيت كل واحد منهم ألف دينار وجهزنا بضائع واكترينا مركباً ونقلنا فيها حوائجنا وسافرنا مدة شهر كامل إلى أن دخلنا مدينة وبعنا بضائعنا فربحنا في الدينار عشرة دنانير ثم أردنا السفر فوجدنا على شاطئ البحر جارية عليها خلق مقطع فقبلت يدي وقالت: يا سيدي هل عندك إحسان ومعروف أجازيك عليهما؟ قلت: نعم إن عندي الإحسان والمعروف ولو لم تجازيني فقالت: يا سيدي تزوجني وخذني إلى بلادك فإني قد وهبتك نفسي فافعل معي معروفاً لأني ممن يصنع معه المعروف والإحسان، ويجازي عليهما ولا يغرنك حالي. فلما سمعت كلامها حن قلبي إليها لأمر يريده الله عز وجل، فأخذتها وكسوتها وفرشت لها في المركب فرشاً حسناً وأقبلت عليها وأكرمتها ثم سافرنا وقد أحبها قلبي محبة عظيمة وصرت لا أفارقها ليلاً ولا نهاراً أو اشتغلت بها عن إخوتي، فغاروا مني وحسدوني على مالي وكثرت بضاعتي وطمحت عيونهم في المال جميعه، وتحدثوا بقتلي وأخذ مالي وقالوا: نقتل أخانا ويصير المال جميعه لنا، وزين لهم الشيطان أعمالهم فجاؤوني وأنا نايم بجانب زوجتي ورموني في البحر فلما استيقظت زوجتي انتفضت فصارت عفريتة وحملتني وأطلعتني على جزيرة وغابت عني قليلاً وعادت إلي عند الصباح، وقالت لي: أنا زوجتك التي حملتك ونجيتك من القتل بإذن الله تعالى، واعلم أني جنية رأيتك فحبك قلبي وأنا مؤمنة بالله ورسوله فجئتك بالحال الذي رأيتني فيه فتزوجت بي وها أنا قد نجيتك من الغرق، وقد غضبت على إخوتك ولا بد أن أقتلهم. فلما سمعت حكايتها تعجبت وشكرتها على فعلها وقلت لها أما هلاك إخوتي فلا ينبغي ثم حكيت لها ما جرى لي معهم من أول الزمان إلى آخره.

فلما سمعت كلامي قالت: أنا في هذه الليلة أطير إليهم وأغرق مراكبهم وأهلكهم، فقلت لها: بالله لا تفعلي فإن صاحب المثل يقول: يا محسناً لمن أساء كفي المسيء فعله وهم إخوتي على كل حال، قالت لا بد من قتلهم، فاستعطفتها ثم أنها حملتني وطارت، فوضعتني على سطح داري ففتحت الأبواب وأخرجت الذي خبأته تحت الأرض وفتحت دكاني بعد ما سلمت على الناس واشتريت بضائع، فلما كان الليل، دخلت داري فوجدت هاتين الكلبتين مربوطتين فيها، فلما رأياني قاما إلي وبكيا وتعلقا بي، فلم أشعر إلا وزوجتي قالت هؤلاء إخوتك فقلت من فعل بهم هذا الفعل قالت أنا أرسلت إلى أختي ففعلت بهم ذلك وما يتخلصون إلا بعد عشر سنوات، فجئت وأنا سائر إليها تخلصهم بعد إقامتهم عشر سنوات، في هذا الحال، فرأيت هذا الفتى فأخبرني بما جرى له فأردت أن لا أبرح حتى أنظر ما يجري بينك وبينه وهذه قصتي.

قال الجني: إنها حكاية عجيبة وقد وهبت لك ثلث دمه في جنايته فعند ذلك تقدم الشيخ الثالث صاحب البغلة، وقال للجني أنا أحكي لك حكاية أعجب من حكاية الاثنين، وتهب لي باقي دمه وجنايته، فقال الجني نعم فقال الشيخ أيها السلطان ورئيس الجان إن هذه البغلة كانت زوجتي سافرت وغبت عنها سنة كاملة، ثم قضيت سفري وجئت إليها في الليل فرأيت عبد أسود راقد معها في الفراش وهما في كلام وغنج وضحك وتقبيل وهراش فلما رأتني عجلت وقامت إلي بكوز فيه ماء فتكلمت عليه ورشتني، وقالت اخرج من هذه الصورة إلى صورة كلب فصرت في الحال كلباً فطردتني من البيت فخرجت من الباب ولم أزل سائراً، حتى وصلت دكان جزار فتقدمت وصرت آكل من العظام.

فلما رآني صاحب الدكان أخذني ودخل بي بيته فلما رأتني بنت الجزار غطت وجهها مني فقالت أتجيء لنا برجل وتدخل علينا به فقال أبوها أين الرجل قالت إن هذا الكلب سحرته امرأة وأنا أقدر على تخليصه فلما سمع أبوها كلامها قال: بالله عليك يا بنتي خلصيه فأخذت كوزاً فيه ماء وتكلمت عليه ورشت علي منه قليلاً وقالت: اخرج من هذه الصورة إلى صورتك الأولى، فصرت إلى صورتي الأولى فقبلت يدها وقلت لها: أريد أن تسحري زوجتي كما سحرتني فأعطتني قليلاً من الماء، وقالت إذا رأيتها نائمة فرش هذا الماء عليها فإنها تصير كما أنت طالب فوجدتها نائمة فرششت عليها الماء، وقلت اخرجي من هذه الصورة إلى صورة بغلة فصارت في الحال بغلة وهي هذه التي تنظرها بعينك أيها السلطان ورئيس ملوك الجان، ثم التفت إليها وقال: أصحيح هذا فهزت رأسها وقالت بالإشارة نعم هذا صحيح فلما فرغ من حديثه اهتز الجني من الطرب ووهب له باقي دمه وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

فقالت لها أختها: يا أختي ما أحلى حديثك وأطيبه وألذه وأعذبه فقالت: أين هذا مما أحدثكم به الليلة القابلة إن عشت وأبقاني الملك فقال الملك: والله لا أقتلها حتى أسمع بقية حديثها لأنه عجيب ثم باتوا تلك الليلة متعانقين إلى الصباح، فخرج الملك إلى محل حكمه ودخل عليه الوزير والعسكر واحتبك الديوان فحكم الملك وولى وعزل ونهى وأمر إلى آخر النهار ثم انفض الديوان ودخل الملك شهريار إلى قصره.


Post: #10
Title: Re: ألف ليلة وليلة
Author: معتز تروتسكى
Date: 03-30-2006, 04:37 AM
Parent: #9

UP

Post: #11
Title: Re: ألف ليلة وليلة
Author: هشام آدم
Date: 03-30-2006, 09:47 AM
Parent: #10

__________
حكاية الحمال مع البنات


فإنه كان إنسان من مدينة بغداد وكان حمالاً. فبينما هو في السوق يوماً منا لأيام متكئاً على قفصه إذ وقفت عليه امرأة ملتفة بإزار موصلي من حرير مزركش بالذهب وحاشيتاه من قصب فرفعت قناعها فبان من تحته عيون سوجاء بأهداب وأجفان وهي ناعمة الأطراف كاملة الأوصاف، وبعد ذلك قالت بحلاوة لفظها: هات قفصك واتبعني. فحمل الحمال القفص وتبعها إلى أن وقفت على باب دار فطرقت الباب فنزل له رجل نصراني، فأعطته ديناراً وأخذت منه مقداراً من الزيتون وضعته في القفص وقالت له: احمله واتبعني، فقال الحمال: هذا والله نهار مبارك.

ثم حمل القفص وتبعها فوقفت عند دكان فاكهاني واشترت منه تفاحاً شامياً وسفرجلاً عثمانياً وخوخاً عمانياً وياسميناً حلبياً وبنو فراده شقياً وخياراً نيلياً وليموناً مصرياً وتمر حنا وشقائق النعمان وبنفسجاً ووضعت الجميع في قفص الحمال وقالت له: احمل، فحمل وتبعها حتى وقفت على جزار وقالت له: اقطع عشرة أرطال لحمة فقطع لها، ولفت اللحم في ورق موز ووضعته في القفص وقالت له: احمل يا حمال فحمل وتبعها، ثم وقفت على النقلي وأخذت من سائر النقل وقالت للحمال: احمل واتبعني فحمل القفص وتبعها إلى أن وقفت على دكان الحلواني واشترت طبقاً وملأته جميع ما عنده من مشبك وقطايف وميمونة وأمشاط وأصابع ولقيمات القاضي ووضعت جميع أنواع الحلاوة في الطبق ووضعته في القفص. فقال الحمال: لو أعلمتني لجئت معي ببغل تحمل عليه هذه الأشياء، فتبسمت.

ثم وقفت على العطار واشترت منه عشرة مياه ماء ورد وماء زهر وخلافه وأخذت قدراً من السكر وأخذت ماء ورد ممسك وحصى لبان ذكر وعودا عنبر ومسكاً وأخذت شمعاً اسكندرانياً ووضعت الجميع في القفص وقالت للحمال: احمل قفصك واتبعني، فحمل القفص وتبعها إلى أن أتت داراً مليحة وقدامها رحبة فسيحة وهي عالية البنيان مشيدة الأركان بابها صنع من الأبنوس مصفح بصفائح الذهب الأحمر، فوقفت الصبية على الباب ودقت دقاً لطيفاً وإذا بالباب انفتح بشقتيه.

فنظر الحمال إلى من فتح لها الباب فوجدها صبية رشيقة القد قاعدة النهد ذات حسن وجمال وقد واعتدال وجبين كثغرة الهلال وعيون كعيون الغزلان وحواجب كهلال رمضان وخدود مثل شقائق النعمان وفم كخاتم سليمان ووجه كالبدر في الإشراق ونهدين كرمانتين وبطن مطوي تحت الثياب كطي السجل للكتاب.

فلما نظر الحمال إليها سلبت عقله وكاد القفص أن يقع من فوق رأسه، ثم قال: ما رأيت عمري أبرك من هذا النهار، فقالت الصبية البوابة للدلالة والحمال مرحبا وهي من داخل الباب ومشوا حتى انتهوا إلى قاعة فسيحة مزركشة مليحة ذات تراكيب وشاذر وأثاث ومصاطب وسدلات وخزائن عليها الستور مرخيات، وفي وسط القاعة سرير من المرمر مرصع بالدر والجوهر منصوب عليه ناموسية منا لأطلس الأحمر ومن داخله صبية بعيون بابلية وقامة ألفية ووجه يخجل الشمس المضيئة، فكأنها بعض الكواكب الدرية أو عقيلة عربية كما قال فيها الشاعر:

من قاس قدك بالغصن الرطيب فقد أضحى القياس به زوراً وبهتانـا
الغصن أحسن ما تلقاه مكتـسـبـاً وأنت أحسن ما تلقـاه عـريانـا


فنهضت الصبية الثالثة من فوق السرير وخطرت قليلاً إلى أن صارت في وسط القاعة عند أختيها وقالت: ما وقوفهم، حطوا عن رأس هذا الحمال المسكين، فجاءت الدلالة من قدامه والبوابة من خلفه، وساعدتهما الثالثة وحططن عن الحمال وأفرغن ما في القفص وصفوا كل شيء في محله وأعطين الحمال دينارين وقلن له: توجه يا حمال، فنظر إلى البنات وما هن فيه من الحسن والطبائع الحسان فلم ير أحسن منهن ولكن ليس عندهن رجال.

ونظر ما عندهن من الشراب والفواكه والمشمومات وغير ذلك فتعجب غاية العجب ووقف عن الخروج، فقالت له الصبية: ما بالك لا تروح؟ هل أنت استقللت الأجرة، والتفتت إلى أختها وقالت لها: أعطيه ديناراً آخر فقال الحمال: والله يا سيداتي إن أجرتي نصفان، وما استقللت الأجرة وإنما اشتغل قلبي وسري بكن وكيف حالكن وأنتن وحدكن وما عندكن رجال ولا أحد يؤانسكن وأنتن تعرفن أن المنارة لا تثبت إلا على أربعة وليس لكن رابع، وما يكمل حظ النساء إلا بالرجال كما قال الشاعر: انظر إلى أربع عندي قد اجتمعت جنك وعود وقانون ومـزمـار

أنتن ثلاثة فتفتقرن إلى رابع يكون رجلاً عاقلاً لبيباً حاذقاً وللأسرار كاتماً فقلن له: نحن بنات ونخاف أن نودع السر عند من لا يحفظه، وقد قرأنا في الأخبار شعراً:

صن عن سواك السر لا تودعنه من أودع السر فقد ضـيعـه

فلما سمع الحمال كلامهن قال: وحياتكن أني رجل عاقل أمين قرأت الكتب وطالعت التواريخ، أظهر الجميل وأخفي القبيح وأعمل بقول الشاعر:

لا يكتم السر إلا كل ذي ثـقة والسر عند خيار الناس مكتوم
السر عندي في بيت له غلـق ضاعت الفاتحة والباب مختوم


فلما سمعت البنات الشعر والنظام وما أبداه من الكلام قلن له: أنت تعلم أننا غرمنا على هذا المقام جملة من المال فهل معك شيء تجازينا به، فنحن لا ندعك تجلس عندنا حتى تغرم مبلغنا من المال لأن خاطرك أن تجلس عندنا وتصير نديمنا وتطلع على وجوهنا الصباح الملاح. فقالت صاحبة الدار: وإذا كانت بغير المال محبة فلا تساوي وزن حبة، وقالت البوابة إن يكن معك شيء رح بلا شيء فقالت الدلالة يا أختي نكف عنه فوالله ما قصر اليوم معنا ولو كان غيره ما طول روحه علينا ومهما جاء عليه أغرمه عنه.

ففرح الحمال وقال والله ما استفتحت بالدراهم إلا منكن، فقلن له اجلس على الرأس والعين وقامت الدلالة وشدت وسطها وصبت القناني وروقت المدام وعملت الخضرة على جانب البحر وأحضرت ما يحتاجون إليه ثم قدمت وجلست هي وأختها وجلس الحمال بينهن وهو يظن أنه في المنام. ولم يزل الحمال معهن في عناق وتقبيل وهذه تكلمه وهذه تجذبه وهذه بالمشموم تضربه وهو معهن حتى لعبت الخمرة بعقولهم.

فلما تحكم الشراب معهم قامت البوابة وتجردت من ثيابها وصارت عريانة ثم رمت نفسها في تلك البحيرة ولعبت في الماء وأخذت الماء في فمها وبخت الحمال ثم غسلت أعضاءها وما بين فخذيها ثم طلعت من الماء ورمت نفسها في حجر الحمال وقالت له يا حبيبي ما اسم هذا وأشارت إلى فرجها.

فقال الحمال رحمك، فقالت يوه أما تستحي ومسكته من رقبته وصارت تصكه فقال فرجك، فقالت غيره فقال: كسك، فقالت غيره فقال زنبورك، فلم تزل تصكه حتى ذاب قفاه ورقبته من الصك، ثم قال لها وما اسمه فقالت له: حبق الجسور، فقال الحمد لله على السلامة يا حبق الجسور. ثم أنهم أداروا الكأس والطاس.

فقامت الثانية وخلعت ثيابها ورمت نفسها في تلك البحيرة وعملت مثل الأولى وطلعت ورمت نفسها في حجر الحمال، وأشارت إلى فرجها وقالت له نور عيني ما اسم هذا قال فرجك، فقالت له: ما يقبح عليك هذا الكلام وصكته كفاطن له سائر ما في القاعة فقال حبك الجسور، فقالت له: لا، والضرب والصك من قفاه فقال لها وما اسمه فقالت له السمسم المقشور.

ثم قامت الثالثة وخلعت ثيابها ونزلت تلك البحيرة وفعلت مثل من قبلها ثم لبست ثيابها وألقت نفسها في حجر الحمال وقالت له أيضاً ما اسم هذا وأشارت إلى فرجها، فصار يقول لها كذا وكذا إلى أن قال لها وهي تضربه وما اسمه فقالت خان أبي منصور.

ثم بعد ساعة قام الحمال ونزع ثيابه ونزل البحيرة وذكره يسبح في الماء وغسل مثل ما غسلن. ثم طلع ورمى نفسه في حجر سيدتهن ورمى ذراعيه في حجر البوابة ورمى رجليه في حجر الدلالة ثم أشار إلى أيره، وقال: يا سيدتي ما اسم هذا فضحك الكل على كلامه حتى انقلبن على ظهورهن وقلن زبك قال لا وأخذ من كل واحدة عضة قلن أيرك قال لا، وأخذ من كل واحدة حضناً. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


Post: #12
Title: Re: ألف ليلة وليلة
Author: هشام آدم
Date: 03-31-2006, 10:31 AM
Parent: #11

___________

الليلة العاشرة


قالت لها أختها دنيازاد: يا أختي أتمي لنا حديثك قالت حباً وكرامة: قد بلغني أيها الملك السعيد أنهن لم يزلن يقلن زبك، أيرك وهو يقبل ويعانق وهن يتضاحكن إلى أن قلن له وما اسمه قال: اسمه البغل الجسور الذي رعى حبق الجسور ويلعق السمسم المقشور ويبيت في خان أبي منصور فضحكن حتى استلقين على ظهورهن ثم عادوا إلى منادمتهم ولم يزالوا كذلك إلى أن أقبل الليل عليهم فقلن للحمال توجه وأرنا عرض أكتافك.

فقال الحمال والله خروج الروح أهون من الخروج من عندكن، دعونا نصل الليل بالنهار وكل منا يروح في حال سبيله فقالت الدلالة بحياتي عندكن تدعنه ينام عندنا نضحك عليه فإنه خليع ظريف فقلن له: تبيت عندنا بشرط أن تدخل تحت الحكم ومهما رأيته لا تسأل عنه ولا عن سببه، فقالت نعم، فقلن قم واقرأ ما على الباب مكتوباً، فقام إلى الباب فوجد مكتوباً عليه بماء الذهب: لا تتكلم فيما لا يعنيك تسمع ما لا يرضيك.

فقال الحمال اشهدوا أني لا أتكلم فيما لا يعنيني، ثم قامت الدلالة وجهزت لهم مأكولاً ثم أوقدوا الشمع والعود وقعدوا في أكل وشرب وإذا هم سمعوا دق الباب فلم يختل نظامهم فقامت واحدة منهن إلى الباب ثم عادت وقالت كمل صفاؤنا في هذه الليلة لأني وجدت بالباب ثلاثة أعجام ذقونهم محلوقة وهم عور بالعين الشمال وهذا من أعجب الاتفاق، وهم ناس غرباء قد حضروا من أرض الروم ولكل واحد منهم شكل وصورة مضحكة، فإن دخلوا نضحك عليهم. ولم تزل تتلطف بصاحبتيها حتى قالتا لها دعيهم يدخلون واشترطي عليهم أن لا يتكلموا في ما لا يعنيهم فيسمعوا ما لا يرضيهم. ففرحت وزاحت ثم عادت ومعها الثلاثة العور ذقونهم محلوقة وشواربهم مبرومة ممشوقة وهم صعاليك فسلموا فقام لهم البنات وأقعدوهم فنظر الرجال الثلاثة إلى الحمال فوجدوه سكران فلما عاينوه ظنوا أنه منهم وقالوا: هو صعلوك مثلنا يؤانسنا.

فلما سمع الحمال هذا الكلام قام وقلب عينيه وقال لهم: اقعدوا بلا فضول أما قرأتم ما على الباب فضحك البنات وقلن لبعضهن إننا نضحك على الصعاليك والحمال، ثم وضعن الأكل للصعاليك فأكلوا ثم جلسوا يتنادمون والبوابة تسقيهم.

ولما دار الكأس بينهم قال الحمال للصعاليك يا إخواننا هل معكم حكاية أو نادرة تسلوننا بها فديت فيهم الحرارة وطلبوا آلات اللهو فأحضرت لهم البوابة فلموصليا وعوداً عراقياً وجنكاً عجمياً فقام الصعاليك واقفين وأخذ واحد منهم الدف، وأخذ واحد العود، وأخذ واحد الجنك وضربوا بها وغنت البنات وصار لهم صوت عال. فبينما هم كذلك وإذا بطارق يطرق الباب، فقامت البوابة لتنظر من بالباب وكان السبب في دق الباب أن في تلك الليلة نزل هارون الرشيد لينظر ويسمع ما يتجدد من الأخبار هو وجعفر وزيره وسياف نقمته، وكان من عادته أن يتنكر في صفة التجار، فلما نزل تلك الليلة ومشى في المدينة جاءت طريقهم على تلك الدار فسمعوا آلات الملاهي فقال الخليفة جعفر هؤلاء قوم قد دخل السكر فيهم ونخشى أن يصيبنا منهم شر، فقال لا بد من دخولنا وأريد أن نتحيل حتى ندخل عليهم فقال جعفر: سمعاً وطاعة.

ثم تقدم جعفر وطرق الباب فخرجت البوابة وفتحت الباب، فقال لها: يا سيدتي نحن تجار من طبرية ولنا في بغداد عشرة أيام ومعنا تجارة ونحن نازلون في خان التجار وعزم علينا تاجر في هذه الليلة فدخلنا عنده وقدم لنا طعاماً فأكلنا ثم تنادمنا عنده ساعة، ثم أذن لنا بالانصراف فخرجنا بالليل ونحن غرباء فتهنا عن الخان الذي نحن فيه فنرجو من مكارمكم أن تدخلونا هذه الليلة نبيت عندكم ولكم الثواب فنظرت البوابة إليهم فوجدتهم بهيئة التجار وعليهم الوقار فدخلت لصاحبتيها وشاورتهما فقالتا لها أدخليهم.

فرجعت وفتحت لهم الباب فقالوا ندخل بإذنك، قالت ادخلوا فدخل الخليفة وجعفر ومسرور فلما أتتهم البنات قمن لهم وخدمنهم وقلن مرحباً وأهلاً وسهلاً بضيوفنا، ولنا عليكم شرط أن لا تتكلموا فيما لا يعنيكم فتسمعوا ما لا يرضيكم قالوا نعم. وبعد ذلك جلسوا للشراب والمنادمة فنظر الخليفة إلى الصعاليك الثلاثة فوجدهم عور العين الشمال فتعجب منهم ونظر إلى البنات وما هم فيه من الحسن والجمال فتحير وتعجب، واستمر في المنادمة والحديث وأتين الخليفة بشراب فقال أنا حاج وانعزل عنهم.

فقامت البوابة وقدمت له سفرة مزركشة ووضعت عليها بمطية من الصيني وسكبت فيها ماء الخلاف وأرخت فيه قطعة من الثلج ومزجته بسكر فشكرها الخليفة وقال في نفسه لا بد أن أجازيها في غد على فعلها من صنيع الخير، ثم اشتغلوا بمنادمتهم، فلما تحكم الشراب قامت صاحبة البيت وخدمتهم، ثم أخذت بيد الدلالة وقالت: يا أختي قومي بمقتضى ديننا فقالت لها نعم، فعند ذلك قامت البوابة وأطلعت الصعاليك خلف الأبواب قدامهن وذلك بعد أن أخلت وسط القاعة ونادين الحمال وقلن له: ما أقل مودتك ما أنت غريب بل أنت من أهل الدار.

فقام الحمال وشد أوسطه وقال: ما تردن فلن تقف مكانك، ثم قامت الدلالة وقالت للحمال ساعدني، فرأى كلبتين من الكلاب السود في رقبتيهما جنازير فأخذهما الحمال ودخل بهما إلى وسط القاعة فقامت صاحبة المنزل وشمرت عن معصميها وأخذت سوطاً وقالت للحمال قوم كلبة منهما فجرها في الجنزير وقدمها والكلبة تبكي وتحرك رأسها إلى الصبية فنزلت عليها الصبية بالضرب على رأسها والكلبة تصرخ وما زالت تضربها حتى كلت سواعدها فرمت السوط من يدها ثم ضمت الكلبة إلى صدرها ومسحت دموعها وقبلت رأسها ثم قالت للحمال ردها وهات التالية، فجاء بها وفعلت بها مثل ما فعلت بالأولى.

فعند ذلك اشتعل قلب الخليفة وضاق صدره وغمز جعفر أن يسألها، فقال له بالإشارة اسكت، ثم التفتت صاحبة البيت للبوابة وقالت لها: قومي لقضاء ما عليك قالت نعم. ثم إن صاحبة البيت صعدت على سرير من المرمر مصفح بالذهب والفضة وقالت البوابة والدلالة ائتيا بما عندكما، فأما البوابة فإنها صعدت على سرير بجانبها وأما الدلالة فإنها دخلت مخدعاً وأخرجت منه كيساً من الأطلس بأهداب خضر ووقفت قدام الصبية صاحبة المنزل ونفضت الكيس وأخرجت منه عوداً وأصلحت أوتاره وأنشدت هذه الأبيات:


ردوا على جفني النوم الذي سلـبـا وخبروني بعـقـلـي آية ذهـبـا
علمت لما رضيت الحب مـنـزلة إن المنام على جفني قد غصـبـا
قالوا عهدناك من أهل الرشاد فمـا أغواك قلت اطلبوا من لحظة السببا
إني له عن دمي المسفوك معتـذر أقول حملته في سفكـه تـعـبـا
ألقى بمرآة فكري شمس صورته فعكسها شب في أحشائي اللهبـا
من صاغه الله من ماء الحياة وقد أجرى بقيته في ثغـره شـنـبـا
ماذا ترى في محب ما ذكرت لـه إلا شكى أو بكى أو حن أو أطربا
يرى خيالك في المـاء الـذلال إذا رام الشراب فيروى وهو ما شربا


وأنشدت أيضاً:

سكرت من لحظه لا من مدامته ومال بالنوم عن عيني تمايلـه
فما السلاف سلتني بل سوالفـه وما الشمل شلتني بل شمائلـه



فلما سمعت الصبية ذلك، قالت طيبك الله، ثم شقت ثيابها ووقعت على الأرض مغشياً عليها، فلما نكشف جسدها رأى الخليفة أثر ضرب المقارع والسياط فتعجب من ذلك غاية العجب فقامت البوابة ورشت الماء على وجهها وأتت إليها بحلة وألبستها إياها، فقال الخليفة لجعفر أما تنظر إلى هذه المرأة وما عليها من أثر الضرب، فأنا لا أقدر أن أسكت على هذا وما أستريح إلا إن وقفت على حقيقة خبر هذه الصبية وحقيقة خبر هاتين الكلبتين، فقال جعفر: يا مولانا قد شرطوا علينا شرطاً وهو أن لا نتكلم فيما لا يعنينا فنسمع ما لا يرضينا، ثم قامت الدلالة فأخذت العود وأسندته إلى نهدها، وغمزته بأناملها وأنشدت تقول:


إن شكونا الهوى فمـاذا تـقـول أو تلفنا شوقاً فماذا الـسـبـيل
أو بعثنا رسلاً نتـرجـم عـنـا ما يؤدي شكوى المحب رسـول
أو صبرنا فما لنـا مـن بـقـاء بعد فقد الأحـبـاب إلا قـلـيل
ليس إلا تـأسـفـاً ثـم حـزنـاً ودموعاً على الخـدود تـسـيل
أيها الغائبون عن لمـح عـينـي وعم في الفؤاد منـي حـلـول
هل حفظتم لدى الهوى عهد صب ليس عنه مدى الزمـان يحـول
أم نسيتم على التبـاعـد صـبـا شفه فبكم الضنى والـنـحـول
وإذا الحشر ضمنـا أتـمـنـى من لدن وبنا حسـابـاً يطـول



فلما سمعت المرأة الثانية. شعر الدلالة شقت ثيابها. كما فعلت الأولى. وصرخت ثم ألقت نفسها على الأرض مغشياً عليها، فقامت الدلالة وألبستها حلة ثانية بعد أن رشت الماء على وجهها ثم قامت المرأة الثالثة وجلست على سرير وقالت للدلالة غني لي لا في ديني فما بقي غير هذا الصوت فأصلحت الدلالة العود وأنشدت هذه الأبيات:


فإلى متى هذا الصدود وذا الجفـا فلقد جوى من أدمعي ما قد كفى
كم قد أطلت الهجر لي معتـمـداً إن كان قصدك حاسدي فقد اشتفى
لو أنصف الدهر الخؤون لعاشـق ما كان يوم العواذل منـصـفـا
فلمن أبوح بصبوتي يا قـاتـلـي يا خيبة الشاكي إذا فقـد الـوفـا
ويزيد وجدي في هواك تلـهـفـاً فمتى وعدت ولا رأيتك مخلـفـا
يا مسلمون خذوا بـنـار مـتـيم ألف الشهادة لديه طرف ما غفـا
أيحل في شرع الغرام تـذلـلـي ويكون غيري بالوصال مشرفـا
ولقد كلفت بحبـكـم مـتـلـذذاً وغدا عذولي في الهوى متكلفـا



فلما سمعت المرأة الثالثة قصيدتها صرخت وشقت ثيابها وألقت نفسها على الأرض مغشياً عليها فلما انكشف جسدها ظهر فيه ضرب المقارع، مثل من قبلها فقال الصعاليك ليتنا ما دخلنا هذه الدار وكنا بتنا على الكيمان، فقد تكدر مبيتنا هنا بشيء يقطع الصلب فالتفت الخليفة إليهم وقال لهم لم ذلك قالوا قد اشتغل سرنا بهذا الأمر فقال الخليفة أما أنتم من هذا البيت، قالوا لا ولا ظننا هذا الموضع إلا للرجل الذي عندكم. فقال الحمال والله ما رأيت هذا الموضع إلا هذه الليلة وليتني بت على الكيمان ولم أبت فيه.

فقال الجميع نحن سبعة رجال وهن ثلاث نسوة وليس لهن رابعة فنسألهن عن حالهن فإن لم يجبننا طوعاً أجبننا كرهاً واتفق الجميع على ذلك، فقال جعفر ما هذا رأي سديد دعوهن فنحن ضيوف عندهن وقد شرطن علينا، شرطاً فنوفي به ولم يبق من الليل إلا القليل وكل منا يمضي إلى حال سبيله، ثم إنه غمز الخليفة وقال ما بقي غير ساعة، وفي غد تحضرهن بين يديك، فتسألهن عن قصتهن فأبى الخليفة وقال لم يبق لي صبر عن خبرهن وقد كثر بينهن القيل والقال، ثم قالوا ومن يسألهن فقال بعضهم الحمال ثم قال لهم النساء يا جماعة في أي شيء تتكلمون.

فقال الحمال لصاحبة البيت وقال لها يا سيدتي سألتك بالله وأقسم عليك به أن تخبرينا عن حال الكلبتين، وأي سبب تعاقبيهما ثم تعودين تبكين، وتقبليهما وأن تخبرينا عن سبب ضرب أختك بالمقارع وهذا سؤالنا والسلام فقالت صاحبة المكان للجماعة ما يقوله عنكم فقال الجميع نعم، إلا جعفر فإنه سكت.

فلما سمعت الصبية كلامهم قالت والله لقد آذيتمونا يا ضيوفنا، الأذية البالغة، وتقدم لنا أننا شرطنا عليكم أن من تكلم فيما لا يعنيه، سمع ما لا يرضيه أما كفا أننا أدخلناكم منزلنا وأطعمناكم زادنا ولكن لا ذنب لكم وإنما الذنب لمن أوصلكم إلينا ثم شمرت عن معصمها وضربت الأرض ثلاث ضربات وقالت عجلوا.

وإذا بباب خزانة قد فتح وخرج منها سبعة عبيد بأيديهم سيوف مسلولة وقالت كتفوا هؤلاء الذين كثر كلامهم واربطوا بعضهم ببعض ففعلوا وقالوا أيتها المخدرة ائذني لنا في ضرب رقابهم، فقالت أمهلوهم ساعة حتى أسألهم عن حالهم قبل ضرب رقابهم، فقال الحمال بالله يا سيدتي لا تقتليني بذنب الغير فإن الجميع أخطأوا، ودخلوا في الذنب، إلا أنا والله لقد كانت ليلتنا طيبة لو سلمنا من هؤلاء الصعاليك الذين لو دخلوا مدينة عامرة لأخربوها، ثم أنشد يقول:


ما أحسن الغفران من قادر لا سيما عن غير ذي ناصر
بحرمة الود الذي بـينـنـا لا تقتلي الأول بـالآخـر



فلما فرغ الحمال من كلامه ضحكت الصبية، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

Post: #13
Title: Re: ألف ليلة وليلة
Author: معتز تروتسكى
Date: 04-02-2006, 12:09 PM
Parent: #12

UP