مبحث عــلمي..

مبحث عــلمي..


06-20-2008, 05:33 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=160&msg=1213979622&rn=0


Post: #1
Title: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-20-2008, 05:33 PM

المحترم بكري ابوبكر سلامات واحوالك ..
لك كامل الحق فيما قمت به من حذف خيط الأستاذ هشام أدم وليس لنا سوى الإنقياد للقانون وإحترام تنفيذك له..
وأطلب منك راجياً أن تتركنا لننجز هذا المبحث العلمي وحتى النهاية ونحقق الحق إن كان من جانبنا في حق الرسول الكريم وأطلب منك راجياً أن تأتي لى بمداخلتين في ذلك الخيط لأهميتهم في هذا المبحث مع عظيم إمتناني وتقديري لك في كل الحالات..

خالص الود أخي بكري ..


المحترم هشام تحياتي لك.. ومواصلة من إنقطع من حديث..

قبل الإسترسال في يهود يثرب وجب الوقوف على شيئ هام وهو اليهود في القرأن وهنا ليس قطعاً لحوار ولكن أرى أن الكثير من إستدلالك كان من القرأن ويهمنا ويهم القارئ أن نوضح الكثير من المضامين التي حملتها كلمة يهود في القران وعلاقتها بيهود الجزيرة العربية عامة او يهود يثرب بصفة خاصة .. فلفظ يهود في اللغة من هاد اي تاب ورجع الى الحق وصار يهودياً اي صار يؤمن بالعقيدة اليهودية وعرفنا من القرأن الكريم في اياته أنه إستخدم الكثير من الكلمات المختلفة الدالة لليهود ولكن هل كانت هنالك دلالة على هذا الإختلاف أم كانت كلها تؤدي الى معنى واحد ؟؟ وهنا يجيبنا القرأن بإختلاف كامل في هذه الكلمات لفظاً ومن ثم معناً فقد إستخدم المولى عزوجل كلمات بني إسرائيل وهود واليهود وأهل الكتاب وأوتوا الكتاب والذين هادوا وهو ما يعني أن هنالك فرق بين هؤلاء اليهود وكلها كانت عبارة عن مصطلحات غير مترادفة ولكن هذا الترادف يعبر عن فرق زماني ومكاني وهذا الفرق ليس له دلالة على صيغ التعميم التي تطلقها فالمخاطبة التى جاء بها القرأن ليهود المدينة إختلفت عن غيرها لليهود عامةً بإختلاف الأيات ..
نأتي ليهود المدينة وهنا نتفق معك بأن اليهود كانوا أول من سكنها وأقاموا فيها وهو إتفاق تاريخ لايمكن إنكاره هم وغيرهم ولكن السؤال الذي يفرض نفسه ماذا كانت طبيعة المجتمعات في ذلك الطور التاريخي ؟؟ هل كان من فلح الأرض وعمرها صارت له ام ميزان القوة هو الأساس ؟؟ وهل كانت المجتمعات في ذلك الزمن تساند الضعيف ام تتحالف مع القوي؟؟ كل هذه الإسئلة يجب أن نحقق فيها قبل إطلاق الحكم فإنتزاع الحدث من سياقه التاريخي يبدد الإتفاق حول الأجوبة السليمة لهذا الطور التاريخي .. وقبل ان نجاوب يجب أن نرى التطور الديمغرافي لمجتمع المدينة قبل البعثة وهل كان لليهود الرفعة كما تقول ام كانت هنالك موازين قوى آخري ؟؟

هذا ما سوف نتناوله في التالى من هذا ..
أستميحك أخي هشام لأعود غداً وإن غداً لناظره قريب ..
خالص الود ..

Post: #2
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-21-2008, 02:23 AM
Parent: #1

نشير الى المراجع مرة آخرى ..

موسوعة المسيري
جواد على
الطبري
البلاذري
ابن كثير
ابن عبدالبر
ابن الأثير
عصمت سيف الدولة
القمني
ومراجع آخرى حسب الحوجة..

Post: #3
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-21-2008, 03:45 AM
Parent: #1

هشام تحياتي ..

نأتي لقصة اليهود في المدينة وأول الواصلين إليها كانوا بنو قريظة وبنو النضير وبنو بهدل ومن بطون اليهود من أقام في يثرب وأطرافها كانوا بنو ثعلبة وبنو محمر وبنو زعورا وبنو قينقاع وبنو زيد وبنو النضير وبنو عوف وبنوالقصيص (ويقال العصيص)وبنو ماسلة ولكن كانت هنالك ايضاً بطون آخري غير اليهود وكانت من العرب أي أن مقولة أن المدينة كانت لليهود خالصة في السكن فهذا قول ترده هذه البطون العربية وهي بنوالحرمان وبنو مرثد وبنو نيف وبنو معاوية وبني الحرث بن بهثة وبنو الشظية ولكن كان اليهود هم سادة يثرب في ذلك الحين والبطون العربية لم تكن لها سطوة في ذلك الحين حتى مقدم الأوس والخزرج وقد جاءوا الى يثرب بعد أحداث سيل العرم (ذلك عندما إنهدم سد مأرب وأغرق أرضهم) وكانوا فقراء وقنعوا في البداية بالرزق الشحيح الذي وجدوه في المدينة وقنعوا لفترة بسيطة من الزمن لسيادة اليهود على يثرب حتى إتفقوا مع امير غسان أبوجبيلة لتنتهي حياة الفقر التي كانوا بها وما كان ليتم لهم ذلك سوى بتقليص نفوذ اليهود عن المدينة فأعانهم امير غسان على ذلك وفتك بعسكر اليهود عبر مكيدة كادها لهم هذا الأمير الغساني وهنا ليس هنالك أي مسبة يمكن أن تلحق الأوس والخزرج من هذا الفعل فهذا هو حال المجتمعات في الجاهلية ولكن لم تكتمل السيادة بعد للعرب فكانت المناوشات بينهم واليهود في تواصل وشيئ هام لابد منه وهو ما ورد منك في شأن الملك اليهودي الذي كان يدخل على النساء في الزواج قبل زوجها وهذا الملك (الفطيون كلمة تعادل كلمة النجاشي او الخاقان )كان اسمه (الفطيون وهوعامر بن عامر بن ثعلبة بن حارثة)وكان من يهود بنو ثعلبة ويستمتع بالنساء قبل ولوجهن قفص الزوجية وهي قصة حقيقية ولكن كانت هي قاصمة الظهر لليهود في المدينة وهي المكيدة التي دبرها الأوس والخزرج مع الغساسنة للتخلص من سيطرة اليهود والقصة تحكي عن أن مالك بن عجلان وهو سيد قوم الخزرج إتفق مع أخته وليس زوجته بأن يدخل معها فراشها بزي إمراة في ليلة زفافها وعندما جاء ملك اليهود (الفطيون) ليستمتع بها وثب علية مالك بسيفة وقتله وذهب الى الغساسنة وهم الذين قضوا على اشراف اليهود في مأدبة أقامها ابوجبيلة في يثرب ويقال أن عدد القتلى كان مائة رجل من اشراف اليهود وبعدها خنع اليهود لسيادة الأوس والخزرج للمدينة بل وطلبوا أن يكونوا مواليهم وذلك عندما إشتد الخلاف في اليهود فيما بينهم وهذه الرواية هى المرحجة لدي من رواية أن مالك بن عجلان قد ذهب الى اليمن وعاد غائراً على اليهود وقتل 350 رجلاً من اليهود المهم أن سيادة المدينة دانت للأوس والخزرج وقسموها فيما بينهم .. فقول أن تكون السيادة لليهود على يثرب زمن دخول الرسول الكريم قول مردود لأن كل الشواهد التاريخية تدحض هذا القول فعندما دخل الرسول الكريم الى المدينة كان اليهود متفرقين في حمى عرب المدينة وهو ما سهل للرسول إنقياد المدينة له فلو كانوا على سطوتهم لما كان للرسول السيادة السريعة على يثرب وما توافق عليه الأوس والخزرج كان لابد لليهود من ان يتوافقوا عليهم وهنا براءة كبيرة للرسول الكريم من أنه قدم الى المدينة لطرد اليهود وتأميم ممتلكاتهم وما حل على اليهود من ذل كان بيدهم وليس بيد احد آخر وليس للرسول الكريم اي يد في زوال سؤددهم في المدينة ..

نواصل ..

Post: #4
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-21-2008, 11:02 AM
Parent: #1

هشام تحياتي ..

قبل ان نواصل في الحديث عن يهود يثرب لابد من الحديث أيضاً عن مجموعة يهودية آخرى وهي يهود خيبر (وخيبر يقال أنها كلمة عبرانية قد تعني الطائفة او الحصن ) ولايعرف التاريخ تحديد زمني أكيد لوصول هؤلاء اليهود الى خيبر ولكن المعروف عنهم أنهم كانوا اكثر تعصباً من اليهود الآخرين وحتى وبعد أن تفرقوا بعد البعثة كانوا ينادون بعضهم بآل خيبر ولكن اهم شيئ عرفت به خيبر هو الحمي وكان يقال عنها (حمى خيبرية)وذلك برغم شهرتها بتوفر الماء فيها .ولكن الشيئ الهام والواجب ذكره هو خبرهم قبل البعثة وهل كانوا سادة ام كانوا خانعين ايضاً لبعض الأعراب ؟؟ وهنا التاريخ يجيبنا بأن الغساسنة قد غزوهم وأنزلوا بهم خسائر فادحة .وتلك أيضاً صورة حياة المجتمعات القبلية وما فيها من كر وفر .. ومن هنا نصل الى حقائق هامة قبل دخولنا الى عهد البعثة ودخول الرسول الكريم الى المدينة هي أن اليهود لم تكن لهم تلك الرفعة التي يطلقها المؤرخون الحداثيون وفيها تصوير الرسول الكريم بأنه إعتمد في بناء دولته على طرد اليهود وتقوية دولته بمالهم ومثلما قلت أنت أن اليهود كانوا سادة المدينة وهو نفس قول الدكتور سيد محمود القمني وغيره من المؤرخون الحداثيون وهنا سؤال هام يقضي على هذه الفرضية بالكامل وهو كيف لسادة يطلبون حلف مع من ساكنهم وكانوا افقر منهم وهذا بالنسبة للأوس والخرزج فتلك الفترة التاريخية لم تعرف مبدأ وقيمة الحياة بالمعنى المتعارف عليه اليوم وكانت تعرف ان الحكمة المضمونة في بقائها وإستمراها كمجموعات قبلية في واقع ليس فيه غير الكر والفر هو القوة وليس غيرها وكانت للقوة معيار محدد وهو المال والرجال فإن لم يكن لهؤلاء الإعراب مصدر هذه القوة فكيف لليهود وهم سادة المدينة أن يدخلوا معهم في تلك الأحلاف وبل صار اليهود كموالى في يثرب وهو ما سبق وحققناه في اعلاه وشيئ آخر وهو الإشارة الى وصول المهاجرين من الصحابة ووصفهم بانهم لآجئين يتدثرهم الخوف من بطش قريش وأصبحوا سادة في يثرب فكيف لهؤلاء المهاجرين الضعفاء أن يسودوا على اصحاب المدينة وسادتها اليهود ؟؟ والسؤال برغم الصعوبة وعصيانه على الفهم إلأ أن إجابته من السهولة بمكان فهؤلاء لم تدن لهم هذه السيادة وبتلك السرعة سوى انهم قد تم قبولهم من اقوياء يثرب فلو كان اليهود هم اقوياء يثرب لم وصلوا لتلك الرفعة وفي قصير الزمن وإضافة آخرى وهو التهديد الدائم من اليهود للأوس والخزرج بأن النبي اليهودي القادم قد حان ميقاته وهو ما سوف يعكس الأوضاع وتعود السيادة لليهود مرةً آخرى وما تتضايق الأوس والخرزج إلأ من هذا التهديد لذلك فعند ظهور النبي العربي كانوا هم أنصارة خرساً لليهود وقالت الروايات (كنا قد علوناهم في الجاهلية,ونحن أهل شرك وهم اهل كتاب,فكانوا يقولون لنا:أن نبينا يبعث الأن نتبعة,فقد اطل زمانه,نقتلكم معه قتل عاد وأرم)وكلمة علوناهم تدل على رفعة العرب في يثرب قبل البعثة وليس اليهود.. وهنالك الكثير من الشواهد التحليلة التي يمكن أن ندعم بها ضعف اليهود داخل المدينة وانهم لم تكن لهم السيادة عليها ولكن نكتفي بما حققنا فيه ..

نواصل ..


Post: #5
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: هشام آدم
Date: 06-21-2008, 11:24 AM
Parent: #4

المحترم : مجاهد عبد الله

متابع لهذا الخيط ، والذي أتمنى ألا يحذف كسابقه.

واصل، وسوف أؤجل ملاحظاتي إلا حين الانتهاء من سردك

Post: #6
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-21-2008, 03:47 PM
Parent: #1

هشام تحياتي ..

نأتى الى ذكر خبر اليهود ومحمد في بداية البعثة فأول الأخبار التى تروى أن عند قدوم الرسول الكريم الى المدينة كان الناس ينتظرونه لايام ويخروجون في المضارب منذ الصباح وحتى المساء وكان من بينهم جماعة من اليهود وعلى راسهم عبدالله بن سلام فماذا جاء في ذكر ذلك
Quote: وكان فيمن خرج لينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم من اليهود فيهم عبد الله بن سلام‏.‏

أخبرنا الشيخان أبو الفضل عبد الرحيم بن يوسف وأبو الهيجاء غازي بن أبي الفضل قالا أنا أبو حفص عمرو بن محمد بن طبرزد قال أنا أبو القاسم بن الحصين قال أنا أبو طالب بن غيلان قال أنا أبو بكر الشافعي ثنا معاذ ثنا مسدد ثنا يحيى بن عوف ثنا زرارة قال قال عبد الله بن سلام لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قيل قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فانجفل الناس إليه فكنت فيمن انجفل فلما رأيت وجهه صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فأول ما سمعته يقول أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام‏.

وهذه الرواية مصدقة تماماً ليس بسندها ولكن من متن أحداثها قد جاء عبدالله بن سلام وكان سيداً على قومه عند بطن من بطون اليهود وعالماً بدينهم وما يجب ذكره ويفيد نقاط حوارنا هو أنه كان حليفاً للقواقلة وهم من الخزرج (بنوغنم وبنو سالم) وطلب من رسول الله أن يبعث الى قومه لأنه كان يخشاهم ان يقولوا فيه ما ليس فيه إن اسلم وأن يعرض عليهم الإسلام وأن يدخلوا معه فبعث الرسول الكريم الى قومه من يهود وإختبئ عبدالله . وجاءوا وسالهم الدخول للإسلام وأنهم يعلمون أنه رسول للبشرية فقالوا لانعلم وقال لهم إن أسلم عبدالله ما رايكم قالوا هو سيدنا وابن سيدنا واعلمنا وابن اعلمنا وما كان له ليسلم فخرج عليهم عبدالله من مخبئه وفضحهم في كذبهم عن عدم علمهم بان محمد هو رسول البشرية وخبر آخر ليهودي قال عنه الرسول الكريم( مخيريق خير يهود) وسوف نأتي لذكره في سياق التسلسل التاريخي وهو بعد موقعة احد.. ولم تقف المناكفات بين الرسول واليهود وهو يحاورهم ويدعوهم للإسلام وهنا مذكورات كثيرة في تلك المناكفات منها خبر شاس بن قيس ومحاولة الفتنة بين الأوس والخزرج ,وخبر أبوبكر وفنحاص ومحاولات كردم بن قيس واسامة بن حبيب مع بعض الإنصار وحثهم على عدم الإنفاق خوف الفقر لهم وهذه الأخيرة هامة جداً في طور ردودنا وهو ما يعني أن الأنصار كان لهم من المال ما يجعل بعض من صحابهم اليهود خأئفين عليهم من الصرف على دولة الرسول الوليدة وفيها نزلت الأية الكريمة( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِينا) ولم تقف تلك المناوشات وكذلك لم تقف دعوات الرسول لهم للدخول في الإسلام في ذلك الحين والذي يدلل على هذا هو التواتر في الايات التي تشير الى شكل ذلك الحوار العميق وتعني في المقام الأول صفاء نية الرسول الكريم في دعوته .. وما يهمنا من ذكر هذه النقاط هو صحيفة المدينة والتي كان بها كبير الإختلاف في توقيتها بين أنها كانت في اول الهجرة أم أنها كانت بعد بدر والراجح لى أنها كانت قبل بدر وقبل الإسترسال في صراع الرسول الكريم مع اليهود والذي اخذ إتجاهاً آخر سوف ارفد هذا الخيط بصورة من صحيفة المدينة بالغين بها غور التحليل في صحتها وتوقيتها وشرعيتها وقانونيتها بكل الحقوق ...

نواصل..

Post: #7
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-21-2008, 03:54 PM
Parent: #1

هشام تحياتي ..

هنا صحيفة المدينة ..



ايضاً أن غداً لناظره قريب ..

خالص الود ..

Post: #8
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-22-2008, 03:48 AM
Parent: #7

هشام تحياتي ..

نأتي الى توقيت الصحيفة التي كان بها كثير من الخلاف بين الكثير من المؤرخين في التراث الإسلامي ومنها كان لأصحاب نقد التراث الإسلامي الكثير من التجني على جملة الوقائع التي قام بها المسلمون تجاه اليهود في صدر البعثة ومن اصحاب النقد الذين إتبعوا التحليل في توقيت صحيفة المدينة كان عبدالهادي عبدالرحمن في سفره جذور القوة الإسلامية(صفحة 107) وأشار بوضوح أن زمن الصحيفة كان بعد بدر مباشرةً حيث عزوة النصر التي كان بها الرسول الكريم وتابعيه وتبعه في ذلك ناقد آخر هو سيد القمني ومع أننا قد نتفق مع القمني في أن توقيت الصحيفة لم يكن اول الهجرة(حروب دولة الرسول صفحة210) ولكن نختلف معه في أن توقيتها قبل بدر وليس بعدها ولكن إذا نظرنا للصحيفة نفسها فإنها تفسر لنا الكثير من دلائل توقيتها وكما تفسر وضع المدينة المنورة في زمن يثرب او أول زمن البعثة كما ان احداث أول البعثة من غزوات وسرايا تأخذ دلالة هامة في توقيت الصحيفة ونوجز ذلك في نقاط التعقيب التالية:
1- صدر في الصحيفة اكثر من متعاقد وسمت المؤمنين ( وهي دلالة على المهاجرين وتبعها تجنيس لوصفهم بانهم من قريش)وكذلك سمت المسلمين (وهي دلالة على الأنصار وتبعها تجنيس لوصفهم بأنهم من يثرب ) فإذا كانت هذه الصحيفة بعد بدر فكيف تفسر هذا التقسيم الذي يخل بتوقيتها المزعوم بعد بدر مع أن كل من شهد بدر دخل في زمرة الإيمان فمعروف فضل من شهد بدر بأنهم الأفضل في الإسلام وما كان للرسول أن تكون صحفه مفرقة لدرجات الإيمان بين أصحابه وهو في أول تشكيل لدولته ..
2- وإذا كان توقيت هذه الصحيفة بعد بدر والمسلمون خارجون بزهو النصر وعظيم المغانم تلك المعركة التي إشترك فيها كل من المهاجرين والأنصار وهم ناصرين لدين واحد فكيف أصبحوا أمة واحدة في صحيفة وهم في الأساس تجاوزوا هذا المفهوم بحربهم في واقعة بدر ..

وأهم ما يدعم توقيت الصحيفة بانها كانت قبل بدر هو المغازي والسرايا قبل بدر فقد كانت هنالك خمس متحركات ما بين غزوة وسرية وبعث في الترتيب التالي ..
# بعث حمزة وعبيد بن الحرث
# غزوة بواط
# غزوة العشيرة
# غزوة بدر الأولى
# سرية عبد الله بن جحش
وكلها كانت قبل بدر الكبرى ولكن الشيئ الهام الذي يؤكد أن صحيفة المدينة لم تكن إلأ قبل بدر الكبري وبعد هذه المتحركات هو أن كلها لم يشترك فيها غير المهاجرين إلأ غزوة بواط يقال أن سعد بن معاذ كان فيها وهي رواية لإبن سعد مع دحض لغيره من الروايات مع وان بدر الكبري هي التي إشترك فيها المهاجرين والأنصار فكيف يكون تفسير ذلك مع أن معظم هذه المتحركات كانت تنشد قريش .. والراحج في ذلك التاريخ أن الخروج للحرب لم يكن هم دين حتى بالنسبة لهؤلاء المسلمون اليثاربة الحديثين ولكن كانت الحرب حلف وعهد مكتوب أو مشهود لذلك جاء خروجهم لبدر بعد توقيع هذه الصحيفة ..
نواصل ..

Post: #9
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: هشام آدم
Date: 06-22-2008, 06:56 AM
Parent: #8

__________
الأخ المحترم: مجاهد عبد الله

أتابع معك بكل اهتمام هذا السرد التاريخي المرتّب
أرجو في نهاية سردك، أن تبيّن مواطن الاختلاف
بيننا إذ أنني (حتى هذه اللحظة) لم أر أيّ اختلاف
بيّن وكبير بيننا إلا فيما خلا محاولاتك لإثبات إسلام
بعض من اليهود ، الأمر الذي لم أنفه بالمطلق في
كلامي السابق، لأن عدد الذين أسلموا من اليهود في
تلك الفترة لم يتجاوز عددهم أصابع الكفيّن.

أرجو الانتباه إلى هذا الأمر

لك مني كل التحية


_________________
عفواً ...
لقد تأخر جهازي في تحميل صورة ورقة الصحيفة
فلم أرها في بادئ الأمر .. لذا وجب التعديل

Post: #11
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-22-2008, 07:09 AM
Parent: #9

المحترم هشام سلامات ..

الوثيقة موجودة إلأ إذا كان الجهاز الذي به أنت لايدعم الصور ..

خالص الود ..

Post: #10
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-22-2008, 07:01 AM
Parent: #1

هشام تحياتي يا محترم ..

تستمد صحيفةالمدينة مشروعيتها من توافق أهل المدينة عليها وهنا لآبد من الحديث عن من هم اهل المدينة بمفهوم ذلك العصر والذي لايعرف غير القوة والمنعة وكما سبق وقلنا المال والرجال والصحيفة وحده تجيب على ذلك من شكل التوافق والقبول الذي كان لها ومنها أيضاً نستشف أن اليهود لم يكونوا سادتها في ذلك الحين بل كان سادتها هم الأوس والخزرج أو المسلمين كما جاء لفظاً في الوثيقة ولو لم يكونوا هم سادتها لم تم لها القبول من سادة المدينة المزعومون (اليهود) وبل في الوثيقة كان لليهود مقدارهم وهم كأقلية لذلك جاء في الصحيفة تقييد حركتهم بإذن حاكم المدينة ودرج معظم ناقدي هذه الوثيقة الى أن المهاجرين والذين تم تشبيهم بالاجئين بأنهم سادوا في المدينة دون وجه حق وهنا لابد أن نري السياق التاريخي لتلك الفترة والتي نقول مراراً لم تكن تعرف غير القوة والقوة التى ساندتهم في القبول هي نفس القوة التي نصرت الرسول الكريم وأملكته زمام أمرها وهم عرب المدينة وليس يهودها وبالرغم من ذلك فاننا سوف نجد بهذه الوثيقة تطور كبير في أحكام المعاملات بين مجتمع في ذلك الزمن وبلغت بها درجه عالية في تنظيم المعاملات لسكان هذه المدينة وأهم شيئ هو أن قبول هذه الصحيفة وإستمرارها هو مصدر قوتها .. وأهم إبداع بمقياس ذلك العصر هو تنظيم العلاقات بشكل واضح بين المسلمين بعضهم البعض وبين المسلمين واليهود وكذلك أنها أعطت اليهود أكثر من ميزة لم تكن حتى موجودة في أحلافهم الداخلية مع اليثاربة فقد أعطتهم نفس حقوق الآخرين في احقيتهم بهذا الوطن (يثرب ) وبدون تفرقة ( وإن من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم) وكذلك كان قمة العدل على خيارهم في الحرب ويبدو ذلك من نص (ما داموا غير محاربين ) وهو يعني أن هذا الخيار لم يفرض من الرسول الكريم ولكن كان هذا النص بمشورة اليهود في هذه الدولة الناشئة وهنا حكمة ايضاً من اليهود وهو أنه ليست كل هذه الحروب التي قد يمكن ان تكون في المستقبل من اجل هذه الدولة ولكن قد يكون فيها دافع الدين بالنسبة للمسلمين لذلك جعلوا خيار النفقة خيراً لهم ولدينهم ولعصبتهم من ولوج الدين الجديد والذي لديهم غير مصدق به كما أن للإثنان (اليهود والمسلمين ) حق النفقة في الحرب إذا كانت على أهل الصحيفة نفسها ( وأن على المسلمين نفقتهم وعلى اليهود نفقتهم,وأن بينهم النصر على من خارب أهل هذه الصحيفة )وهنا إلزام من كلا الطرفين للدفاع عن المدينة ..
أن ماجاء بهذه الصحيفة ثمة عالية يجب ان تكون مفخرة للرسول الكريم وليس سبةً له لآنها ترقي من علاقة الناس ببعضهم داخل هذه الدولة الى ما فوق الطور القبلي وجاء في ختامها عقاب من ينكص عنها بأنها لا تحول دون ظالم وآثم ..

نواصل ..

Post: #12
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-22-2008, 08:45 AM
Parent: #1

هشام تحياتي ..

نأتي الى أول الإشتباكات بين الرسول الكريم واليهود حيث غزوة بني قينقاع وإجلائهم عن المدينة كمجموعة اصبحت تشكل من الخطر ما يعصف بإستقرار دولة الرسول الوليدة وأنهم اصبحوا يهددون سيادة الصحيفة التي نظمت شئون المدينة وتبين محنة بني قينقاع إحترام الرسول لصحيفته أكثر من اليهود وذلك لآنه صبر على تفلتهم باكثر مما يجب وهي الصورة التي يحاول ناقد التراث الإسلامي سيد القمني عكسها(نفس المرجع) وتصوير أن الرسول فقط خاف من بني قينقاع أولاً وتصويرك أنت أنه كان ساعي لمال اليهود حتى يرضي أصحابة والقمني خالف أمانته العلمية في سرد الوقائع ومسببات هجمة الرسول الكريم عليهم وأتي في شرح هذه المسببات بالرغم من أنه قد أرجع مصدره الى ابن سيد الناس في عيون الأثر في المغازي والسير وهو نفس المصدر الذي اتي بكل مسببات ما قام به الرسول الكريم ولكن يبدو أن عالمنا الهمام أراد أن يأخذ فقط ما يعضد من فكرته في ذلك النقد وبل وذهب الى اكثر من ذلك حتى أنكر اي صيغة للتعاقد بين الرسول ويهود بني قينقاع في أي رواية إخبارية بالرغم من وجود رواية تعضد من نقض يهود بني قينقاع لمكتوبهم مع الرسول الكريم وترك الروايات التي تدل على ان الرسول الكريم صبر على اذي يهود بني قينقاع والمهددات التي باتوا يشكلونها لدولة المدينة كما أن في هذه الروايات ما يعضد ايضاً من توقيت الوثيقة التي حققنا فيها ومجمل ما قام به يهود بني قينقاع هو مناوشاتهم للمسلمين بعد بدر مباشرةً ومنها انهم تعرضوا لواحدة من نساء المسلمين وقتلهم لأحد المسلمين وهو السبب الذي جعل عبادة بن الصامت أن يتبرأ من حلفهم وإستمسك به عبدالله بن أبي سلول وهنا لآبد من وقفة هامة وهي كيف يتخلى عبادة عن حلفه بتلك السهولة إذا كان الرسول الكريم فقط داعيه الخوف منهم ولم يظهروا ما يوجب فك هذا الحلف وثانياً اين بقية اليهود الذين تخلوا عن إخوانهم بتلك السهولة ومنذ متى كان اليهود يتخلون عن بعضهم البعض دون جريرة وهنا يظهر بما لايدع مجالاً للشك أن يهود بني قينقاع أرتكبوا ما هو أكبر من داعي الخوف الذي قاله الرسول مصدقاً لما انزل اليه وقبل ان يحاربهم جمعهم في سوقهم وطلب منهم الدخول في الإسلام وكان ردهم أن عايروه بأنه في بدر لم يلق رجالاً للحرب وأنه لو حاربهم لعرف شأنهم وهنا تظهر ما تضمره هذه المجموعة داخل الدولة الوليدة وللرسول أيضاً كامل الحق في أن يخاف على دولته من مثل هؤلاء فمنادتهم للحرب وجملة ما قاموا به من تهديد لإستقرار المدينة كان كفيلاً بما حل بهم ..
نبرز هنا ما أتى به الدكتور سيد محمود القمني في سفره حروب دولة الرسول :



وهنا ايضاً ما ذكر عن غزوة بني قينقاع في كتاب ابن سيدالناس
Quote: غزوة بني قينقاع

قال ابن سعد وكانت يوم السبت للنصف من شوال على رأس عشرين شهراً من مهاجره‏.‏

قال ابن اسحق وكان من أمر بني قينقاع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعهم بسوق بني قينقاع ثم قال يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة وأسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم قالوا يا محمد إنك ترى أنا قومك ولا يغرنك أنك لقيت قوماً لا علم لهم بالحرب فأصبت لهم فرصة أما والله لو حاربتنا لتعلمن أنا نحن الناس فحدثني مولى لآل زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عن عكرمة عن ابن عباس قال ما نزل هؤلاء الآيات إلى فيهم ‏"‏ قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا - أي أصحاب بدر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش - فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرنوهم مثليهم رأى العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار ‏"‏ قال وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنهم كانوا أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاربوا فيما بين بدر وأحد فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه‏.‏قال ابن هشام وذكر عبد الله بن جعفر بن المسور بن مخرمة عن أبي عون قال كان من أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها فلما قامت انكشفت سوءتها فضحكوا منها فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله وكان يهودياً وشدت اليهود على المسلم فقتلوه فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود فأغضب المسلمين فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع وتبرأ عبادة بن الصامت من حلفهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشبث به عبد الله بن أبي فيما روينا عن ابن اسحق عن أبيه عن عباد بن الوليد بن عباد ابن الصامت قال وفيه وفي عبد الله نزلت ‏"‏ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ‏"‏ إلى قوله ‏"‏ فإن حزب الله هم الغالبون ‏"‏ وروينا عن ابن سعد قال وكانوا قوماً من يهود حلفاء لعبد الله بن أبي بن سلول وكانوا أشجع يهود وكانوا صاغة فوادعوا النبي صلى الله عليه وسلم فلما كانت وقعة بدر أظهروا البغي والحسد ونبذوا العهد والمدة فأنزل الله تعالى ‏"‏ وأما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين ‏"‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أخاف من بني قينقاع فسار إليهم ولواؤه بيد حمزة بن عبد المطلب وكان أبيض ولم تكن الرايات يومئذ واستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر وحاصرهم خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة وكانوا أول من غدر من اليهود وحاربوا وتحصنوا في حصنهم فحاصرهم أشد الحصار حتى قذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم .


نواصل ..

Post: #13
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: هشام آدم
Date: 06-22-2008, 08:52 AM
Parent: #12

_____________
المحترم : مجاهد عبد الله

متابع معك باهتمام بالغ ما يأتي في هذا الخيط
فقط تابع حتى تأتي إلى نهاية ما تريد الوصول
إليه، وعندها سأقوم بتفنيد ما أراه مخلاً من خلال
هذا السياق التاريخي.

لك مني كل التحية

Post: #14
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-22-2008, 02:21 PM
Parent: #1

هشام تحياتي ..

أنتهى حال بني قينقاع الى الطرد من المدينة بعد رجأءات عبداللة بن ابي الذي لم يعتمر قلبه بالإيمان وكان دوماً يخشى أن تدور عليه الدوائر وإستقرت المدينة وهدأت أحوالها والكل في حاله من عمل .. وعندما جاء يوم واقعة أحد طلب الأنصار من رسول الله الإستعانة باليهود لهذا اليوم ولكن الرسول اجابهم بأن لاحاجة لنا فيهم ولو وقفنا هنا نجد أن خبر تحرك قريش كان نحو المدينة وليس هنالك اي تحديد لمكان معين للموقعة وهو ما يعززه نصيحة عبدالله بن ابي سلول بالبقاء في المدينة وكان مقصده بفهم اليوم أن تكون مثل معركة الشوارع ويعينهم أطفالهم ونسائهم من فوق بيوتهم ولهذا جاء طلب الإنصار بالإستعانة باليهود وهو حسب ما هو منصوص في الإتفاقية ولكن عندما عقد الرسول عزمه على ملاقاة قريش خارج المدينة وكانت المعركة يوم السبت وهو يوم اليهود خرج معه مخيريق ذلك الرجل الواسع الثراء وقال لليهود أخرجوا مع محمد فأنتم تعلمون أن اليوم يحتاج لنصرتكم فرفضوا وتعللوا بيوم سبتهم وخرج مخيريق وأوصى بكل ماله لرسول الله يفعل فيه ما يشاء وفعلاً مات في آحد وكل ماله الذي ذهب الى الرسول الكريم جعله صدقات في المدينة وهنا تدليل آخر فكيف لمحمد وهو يحتاج الى الأموال لأصحابه كي يعزهم في دينهم أن ينفق ما يأتيه حلالاً كصدقات عامة وكيف وهو خارج من هزيمة موقعة أحد وله ورثة جاءته دون خاطر في باله أن يجعلها هبة لله .. ولكن ما يهم أكثر بعد هزيمة أحد وهو القول السائر في نقد التراث الإسلامي أن الرسول الكريم وفي محاولة واضحة لإعادة إتزان جيشه المهزوم لفق مكيدته على يهود بني النضير ليستولي على مالهم وواصل هؤلاء النقاد في تسبيب طرد اليهود للرسول الكريم دون الأخذ بكثير من وقائع الأحداث التي كانت في تلك الفترة فبعد موقعة احد كانت هنالك كثير من الغزوات قبل بني النضير وهي:
1- غزوة حمراء الأسد
2- سرية أبي سلمة بن عبد الأسد
3- سرية عبد الله بن أنيس
4- بعث الرجيع
5- قصة بئر معونة
فأين شبهة إستهداف الرسول لبني النضير بعد أحد والتي كانت بعد خمسة اشهر من موقعة أحد ولماذا كانت كل هذه الغزوات وهل إذا كانت عقلية الرسول الكريم إجرامية تحتاج لكل هذا النحت والحركة حتى يقضي على بني النضير ويتولي على أموالهم ؟؟ ولكن الشاهد الأصيل أن بني النضير وقبل سبب محاولة إغتيالهم للرسول الكريم من فوق الجدار كانوا قد خانوا عهدهم ودسوا للرسول مع قريش وحضوهم للقتال (رواية موسى بن عقبة) قبل أحد ولكن الرسول الكريم لم ياخذ بذلك وعندما اتاهم وحث منهم الغدر وهي رواية الرسول مع خالقه (وهنا ما لنا غير التصديق ) ولكن هل كانت هذه الرؤية هي باب نية الرسول الكريم للإستيلاء على اموالهم أم ما تواتر من أحداث كان هو الباب لغنم أموال بني النضير فقد خرج حكم حاكم المدينة بأن يخرجوا من المدينة وهنا لم يخالف الرسول صحيفة المدينة وسلطاته عليها(انظر الفقرة الأخيرة من الصحيفة) وأمهلهم عشرة ايام وكانت كافية لكي يرحلوا بكل عتادهم ومالهم وفعلاً هموا بالرحيل وبدأوا يتجهزون حتى اشار عليهم عبدالله بن ابي بأن لايخرجوا من المدينة وأنه ورجاله معهم حتى الموت وأن يطلبوا العون من قريظة وغطفان حتى يقفوا في وجه هذا الحاكم الرسول الكريم وهنا فقط أرسلوا للنبى رافضين حكمه بالخروج عن المدينة ومن ذلك لم يجد الرسول الكريم سوى المحافظة على سيادة هذه الدولة وإستقرارها فخرج عليهم وحاصرهم وخذلهم عبدالله وقريظة و وغطفان فخرجوا من المدينة ومعهم ما تقدر على حمله دوابهم من متاع وهنا نجد أن المال الذي غنمه الرسول الكريم من غزوة بني النضير كان نتاج تعنتهم لرفض القرار وما تبعه من أحداث وليس بتبييت نية مسبقة من الرسول الكريم للإستيلاء على ذلك المال ..
حاشية لابد من ذكرها هو أن مغانم بني النضير خير فيها الرسول الأنصار بأن يوزعها عليهم و المهاجرين او قسمتها على المهاجرين ويخرجوا من دياركم فقد كانوا مساكنين لهم ولكن الأنصار اشاروا على الرسول بأن يقسمها على المهاجرين وان يظلوا في السكنى معهم ..

نواصل ...


Post: #15
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-22-2008, 02:41 PM
Parent: #1

إضافة مراجع آخرى :-

ابن سيد الناس
عبدالهادي عبدالرحمن
ابن سعد
خليل عبدالكريم

وآخرى حسب الحوجة ..

تحياتي وودي هشام ..

Post: #16
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: هشام آدم
Date: 06-22-2008, 04:18 PM
Parent: #15

والله يا أخي مجاهد ..

انا مستمتع جداً بهذا السرد ،
ولا شك فإن هنالك تفاصيل جديدة
كما أنّ هنالك تفاصيل غائبة ..
ومن كلٍ نستفيد ونتعلّم ..


فواصل

Post: #17
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: Sabri Elshareef
Date: 06-22-2008, 08:11 PM
Parent: #1

تحياتي

مجاهد وهشام

اتابع معكما

Post: #18
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-23-2008, 05:17 AM
Parent: #1

هشام تحياتي ..

وبني النضير أيضاً في يوم بُعاث ...

كان هنالك من النقد ما فاق الحد حول حصار بني النضير وهي جزئية هدم البيوت التي كانت حول حصنهم وحرق النخل حيث يحاول الناقدون أن يصوروا الرسول الكريم بانه داعية فساد من إستصراخ اليهود في ذلك وقولهم للرسول الكريم ( ما ذنب شجرة وأنت تدعون أنكم مصلحون) .. فلنرى ما جاء به الرسول الكريم حينما أمر بالمعاول أن تدك النخل وتحرق المزروعات فهل كان مستغرباً في واقع حرب أم شيئ تعارفت عليه المجتمعات في تلك الفترة الزمنية داخل سياقها التاريخي؟؟ ولنعود الى يوم بعاث والذي ليس بعيداً عن عهد البعثة المحمدية ففي ذلك اليوم حرباً ضروس بين الأوس والخزرج وكان الأوس في حربهم متحالفون مع بني قريظة وبني النضير وعندما إنهزم الخزرج وضع الأوس السلاح وقال قائل منهم ( يامعشر الأوس أحسنوا ولا تهلكوا إخوانكم فجوارهم خير من جوار الثعالب ) وقيل أن الأوس لم يسلبوا الخزرج ولكن الذي سلب ونهب اموال الخزرج هم بني قريظة وبني النضير وما يهمنا من يوم بعاث هو الحرق والهدم لدور الخزرج ونخيلهم وحتى لانكون مجحفين في تظهير ذلك فإن المقام كان مقام حرب وكذلك مقام غزوة الرسول لبني النضير ومن هنا نجد أن ما قام به الرسول في خلال حروبه لم ياتي فيه بجديد عن واقع تلك الفترة والمقاربة هنا تحددها المسببات التي كانت سبباً للإتيان بهذا الفعل .. فهيبة الدولة لا تقف أمامها مثل هذه الأشياء الصغيرة التي تجعل من ما قام به الرسول الكريم شيئاً شائناً وهنا ثمة شيئ آخر وجب الرجوع إليه وهو حوجة الرسول الكريم لتأميم ممتلكات بني النضير كما يصور من قبل ناقدي التراث الإسلامي وهو الهدم وحرق النخيل والتي كانت أكبر مصادر المال في تلك الفترة (وأنظر كيف تم تخذيل قائدي غطفان من جيوش الأحزاب بان أعطاهم ثلث ثمار المدينة الشيئ الذي لاقى غضباً كبيراً عند الأوس والخزرج) لهذه المجتمعات فكيف للرسول الكريم وهو يبحث عن المكائد للإستيلاء على ذلك المال ويقوم بهدره بتلك الصورة !! هنا يجب أن نعقل القول في هذه الفرية ونحن أمام الكثير من الشواهد الظاهرة .. وشيئ آخر وهل لو دخل بنو النضير في تلك الحرب بدل إختيارهم مبدأ الجلاء فهل سوف يكون هنالك مالاً اصلاً ؟؟ أن الرسول في فرض هيبة دولته لم يخالف ما هو متعارف عليه ولم يأتي بشيئ لايعرفونه اليهود الذين يناقضون أنفسهم ودينهم إن كانوا به مصدقين فلهجة الإستنكار التي قاموا بها تدل على الفزع الذي أصابهم من تصميم الرسول على طردهم من المدينة وهي في الأساس رسالة قوية من النبي الكريم ليهود بني النضير بأن لامكان لهم بعد اليوم في دولته ..
أن بني النضير نقضوا العهد أولاً وحاولوا إغتيال الحاكم ثانياً ورفضوا حكم الحاكم بعد قبول وكان حصارهم تنفيذ لحكم أقره حاكم وكان فرض هيبة الدولة ولم يكن كنساً لمال حيث أن المغنم خلا من اي خيل أو ركاب ولم يكن تسلطاً لحاكم طالما من سلطاته معاقبة المخالفين ...

نواصل ...

Post: #19
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-23-2008, 10:41 AM
Parent: #1

هشام تحياتي ..

بني النضير أيضاً ساقوا الشر لإخوانهم القرايظة ..

نأتي لغزوة الخندق والتي كانت هي فضل خالص لبني النضير وسادتها حيي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق وكنانة بن الربيع بن ابي الحقيق وهم من أتى الى قريش يألبونهم على دولة المدينة والغرض من الأحزاب كان فناء دولة المدينة فقد عاهدوا قريش أنهم معهم حتى إستصال محمد ودولته وكذلك حرضوا غطفان فخرجت قريش بكل عتادها ورجالها بقيادة أبوسفيان وغطفان بقيادة عيينة بن فزارة وخرجت معهم مرة والأشجع ولم تبقى قبيلة أومجموعة في نواحي مكة والمدينة إلأ وحرضها سادة بني النضير وهنا يجب أن نرى ما هي معطيات هذه الحرب فهي حرب كبرى فقد وصل فيها من الحشد ما فاق العشرة الف مقاتل من الأحزاب وعدة وعتاد بثروة كل هذه القبائل فلا مغنم كانوا يرجونه ولا سبايا يحتاجونهم وكان مبلغ همهم إزالة هذا الدولة الطالعة أو النبت الجديد الذي ظهرت عليه ما يهدد سطوتهم ويجعلهم خاضعين لسطانه ودينه وكانت هذه هي المحاججة التي اتى بها سادة بنو النضير لتحريض هذه المجموعات وتجيشها تحت راية واحدة .. وهنا ننتقل لمشهد الرسول الكريم ودولته وأكون غير ذو رؤية لو قلت انهم كانوا في طمأنينة من القادم الذي اراد أن يهد دولتهم فقد وجد الفزع طريقاً في قلوبهم مؤمنين ومنافقين فهذه حرب إجتمعت لها كل العرب من خارج دينهم ودولتهم وماذا هم فاعلون؟؟ لم تكن حرباً كتلك التي كانت في بدر أو احد وهو ما دعى الرسول الكريم أن ياخذ براي سلمان الفارسي وحفر الخندق حول المدينة فالدفاع عن الدولة كان اكبر من هم الدعوة نفسها وهو حاكمها القائم والذين حكمّوه فيهم المسلم وغيره لذلك كان لابد من المشورة والتبصر في الرأي .. أن الخطر لم يكن بذلك الحجم الصغير فقد روّع مسير الأحزاب كل من كان بالمدينة والرسول الكريم يقف جنباً الى جنب مع اصحابة في حفر الخندق يهون عليهم حيث كان الرجل يحفر اربعة أذرع وهي مشقة كبيرة لمجتمعات عرفت أن التعب في الحرب ورائه مغنم وهنا الفرق فقد كان اهل المدينة يدافعون عن دولتهم من الفناء الذي جاءت له الجحافل .. كذلك فيه عرف المسلمون أن الحرب خدعة لا مثل ولاقيم عندما يكون المجتمع في خانة يكون أو لايكون وهي الخانة التي وجد المسلمون أنه قد بات يهددهم شبح الإنقراض وإجتهد حاكم المدينة الرسول الكريم في النفاذ من هذا الخطر الداهم فتخلى اهل المدينة عن ثلث ثمارهم لتخذيل وحدات من هذه الجيوش الغازية ومحاولة النفاذ من القدر القادم ..كان الخطر يلف بحبله حول عنق دولة المسلمين وإستعصى الخندق على الغزاة ووقوفوا يتسالون كيف الدخول لهذه المدينة؟؟ وهنا ومع ظهور بوادر الياس على الأحزاب سارع بني النضير الى بنو قريظة مواطني نفس الدولة التي يظلل عليها الفناء والذين كانوا في البدء إمتداداً لذلك الخندق العصي وأراد بنو النضير ان يتخذ الأحزاب منافذ حصن القرايظة للقضاء على الدولة ومواطنيها وإضطربت قلوب سكان المدينة من تلك الأخبار حتى إستعان حاكم المدينة بإبن مسعود وخذّ ل في تلك المؤامرة حتى إنقشع الخطر عن المسلمين ودولتهم ..
فماذا الذي كان قد يحدث إذا نفذ هؤلاء من خلال حصن بنو قريظة وهل كانوا سوف يطلبون من المسلمين والرسول الكريم الجلاء؟؟ أما كانت سوف تكون مجزرة تحكي بها الركبان ,,
وما هو مقدار التعب الذي كان به المسلمين وهم يزودون عن دولتهم؟؟ ..
وماهي الحالة التي كان بها اطفال المدينة ونسائها ؟؟ هل كان هؤلاء في طمانينة وراحة أم كان الخوف يتملكهم ؟؟..
وماهي حال القلوب التي وجفت من سماع خبر وجود حيي بن أخطب مع كعب سيد بنو قريظة؟؟
كل هذا يجب أخذه في إعتبار ما سوف ينزل من عقاب ...

نواصل ...

Post: #20
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-23-2008, 02:31 PM
Parent: #1

هشام تحياتي ..

بنو قريظة في الخيانة العظمى والتوريط ..

Quote: الخيانة العظمى تعني عدم الولاء للدولة والعمل ضد مصالحها. وقد توجه للمعارضين للحاكم أو لأعماله، وتقوم أركانها عند الاتصال بدولة أجنبية بهدف المس من الاستقرار في البلاد. وهي جريمة يحاكم عليها، وتكون العقوبة شديدة قد تصل حتى الإعدام.
....

كما موضح في أعلاه فإن جريمة الخيانة العظمي لها اركان في الإتهام منها الدوافع وحتى نكون منصفين في الحكم على بني قريظة فلابد من معرفة الدافع الأصيل لإرتكاب بنو قريظة جريمة الخيانة العظمي فتنقل الروايات ان حيي بن أخطب هو الذي رغّب كعب سيد قريظة (وهنا ركن أساس للجريمة بالإتصال)على فض حلفه مع النبي وطمّعه بعز الدهر بعد خلاص جحافل الأحزاب من دولة الرسول الكريم وأضمنه حيي نفسه وقومه بأنهم باقون معهم إذا رجعت الأحزاب وقبل بنو قريظة فض حلفهم مع الرسول الكريم وهم داخل هذه الدولة وحراس احد منافذها وركن الإتهام الثاني لجريمة الخيانة العظمي التي قام بها بنو قريظة هو أنهم كانوا مواطنين داخل هذه الدولة وبنص صحيفة المدينة (وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة) والركن الثالث للجريمة هو أنهم سعوا لتنفيذ ما إتفقوا عليه بتسريب جيوش الاحزاب للدخول للدولة الرسول الكريم والقضاء على المسلمين وحاكمهم وذهاب ريح هذه الدولة .. وكل هذه البينات مادية كما أنه لاتوجد اي شبهة تجعلهم يقدمون لإرتكاب هذا الجرم فقد كانوا في احسن معاملة من سكان هذه الدولة ولم تنقص حقوقهم وكما منصوص عليها في صحيفة المدينة .. نص جريمة الخيانة العظمي الذي جلبناه عالياً وهو نص حديث لتعريف الجريمة وما كان لنا غرض بمحاكمة ذلك العصر بمفهوم هذا اليوم ولكن النص الآخير وهو في باب العقوبة لهذا الجرم فقد جاء مقروناً بالشدة وفي إستحياء نحو وصول العقوبة نحو هدر الأرواح وهو مايعني تطور بمفهوم القانون وجماعات الضغط التي لاتري أن تكون هنالك عقوبة يفقد من خلالها المجرم حياته وهذه هي مجتمعات اليوم التي إمتلئت بالمدنية والحضارة فما بالنا بغابر الزمن في عقوبة هذا الجرم ..

نواصل...


Post: #21
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-24-2008, 02:46 AM
Parent: #1

هشام تحياتي ...

وبنو قريظة في نسف أمان المسلمين ..

عندما بلغ الرسول الكريم خبر خيانة بنو قريظة العظمي على دولتهم وإخوانهم من سكان المدينة لم يأخذ المعلومة أخذ من يبحث عن الدسيسة بل أرسل يستقصي خبر ما بلغه ولحكمة يعلمه هو ارسل سعد بن معاذ وبن عبادة وهم في الأساس من ساكن اليهود في المدينة قبل البعثة ويمكن أن نقول أنه أراد أن يعلم هؤلاء الخبر اليقين في صحة ذلك الخبر وفعلاً ذهبوا الى اليهود وتشاتموا معهم بعد أن علموا أن بنو قريظة قد نقضوا العهد وخانوا دولتهم ورجعوا الى الرسول وابلغوه اليقين وعندما علم المسلمون بلغ بهم الفزع مبلغ أن قال معتب بن قشير الأنصاري ( كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط) وهي نفس المقولة التي إفتتح بها د.القمني مبحثة عن غزوة الخندق (نفس المرجع) ومنها نعلم الحالة التي كان بها المسلمون والعدو يتربص للفتك بهم وبدولتهم .. فكيف لهؤلاء السكان الذين غدوا في شدة لايعلم به إلأ الله فحتى طلوع الغائط صار فيه الخوف وكل هذا التصاعد في الزعر كان من وراء خيانة بنو قريظة وصارت كل المدينة تترقب الموت من خلال بنوقريظة .. أن معيار الجريمة التي قامت بها بنو قريظة هي نفس معيار الخيانة العظمي لأي دولة بل وفاقت ذلك لأن ما كان سوف يحل بدولة الرسول الكريم هو الفناء وليس اقل من ذلك وهنا ومهما تعاظمت قيم الوفاء بالعهود كان لابد من عقوبة توازي تلك الجريمة فحصار الخندق إستمر لما يقارب الشهر أنهكت الرجال حفراً وحماية ليالي تتصل بنهارها لم يذق الصامدون طعماً للنوم وأفرغت المدينة طعامها وبرد ينخر في العظام ويمزق الجلود .. هذا كان حال المدينة عند الخندق وما تواتر من خيانة بنو قريظة ..
وما أن فرغ الرسول الكريم من غزوة الخندق حتى أتى بنو قريظة وحاصرهم على جريمة خيانتهم العظمى ومع المسلمون وفيهم من صلى العصر بعد العشاء .. وحكم فيهم من إختاروه عسى ولعل أن يكون رحيماً بهم وكان عهداً مكتوباً في صحيفة المدينة( وانه لن يآثم امرؤ بحليفه) وحكم فيهم بما عضده الرسول الكريم بأنه حكم الله من فوق سبع سموات ..

إنتهى ..
وهنالك عودة لمال كاد أن يقع ...

خالص الود هشام ...

Post: #22
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: هشام آدم
Date: 06-24-2008, 08:36 AM
Parent: #21

_____________
الأخ المحترم: مجاهد عبد الله

أحتاج إلى قراءة سريعة لما جاء في متن حديثكم الوافر هنا
ولكن وبصورة مبدئية أحببت أن أوضح أوجه التشابه والاختلاف
التي بيني وبينك ليسهل علينا تحديد محاور النقاش.

فأنا أرى أننا نتفق حول أسبقية اليهود في النزول بيثرب
بصرف النظر عن الأسباب التاريخية التي جلبتهم من الشام
إلى الحجاز.

ونتفق أيضاً أن اليهود كانوا هم المسيطرين في بادئ الآمر
على يثرب ومن نزل فيها من القبائل العربية بعد ذلك لاسيما
الأوس والخزرج، ونعرف أن موازين القوى اختلفت بعد ذلك بسبب
تدخل طرف ثالث في الأمر وهي المنعة التي وفرتها القوة
الغسانية بعد أحداث قصة الملك فطيون مع مالك بن عجلان

ونتفق أيضاً بالنصوص المرجحة لدخول اليهود في الصحيفة
ضمن من أدخلهم الرسول فيها سواء قبل أو بعد عملية المؤاخاة
رغم أنك لم تتحدث عنها، أو أنك تحدثَ ولم أمر عليه بعد

أما ما نختلف عليه (وهو في الأساس) سبب رغبتنا المشتركة
في إفراد بوست منفصل عن بوست العلمانية للأخ معاوية حسين
هو (سبب إخراج وطرد الرسول لليهود) وهو ما دعاك ودعاني
لاستنطاق التاريخ.

سأعود إليك في هذا الصدد لاحقاً

Post: #23
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-24-2008, 09:08 AM
Parent: #1

المحترم هشام سلامات وأحوالك ..

Quote: فأنا أرى أننا نتفق حول أسبقية اليهود في النزول بيثرب
بصرف النظر عن الأسباب التاريخية التي جلبتهم من الشام
إلى الحجاز.


نعم بيننا الإتفاق بأن اليهود هم أول الواصلين الى يثرب ولكن صرف النظر عن السياق التاريخي يجعل أن كل من سكن ارضاً في تلك الفترة هى اساس يجب أخذه في الإعتبار وكأن ذلك قانون متعارف عليه في تلك الفترة والصحيح هو أن من كرّ وغلب هو صاحب السيطرة لذلك لايمكن صرف النظر عن السياق التاريخي ولو تذكر في الخيط المحذوف ما قام به ذو النواس ملك حمير مع أهل نجران والأسباب التي ذكرناه .. أن وصول الرسول الكريم للمدينة تم بموافقة أسياد المدينة في ذلك الحين وهم الأوس والخزرج ويبقى أن التمسك بأن اليهود هم أصحاب المدينة فرضية غير علمية في ذلك السياق التاريخي .. ثم أن الإتفاق حول أسبقية اليهود في المدينة ليس عامل كبير في ما حلّ بهم من مصائب داخل دولة الرسول الكريم والتي كانت بيدهم. أن الرسول وخلال كل حكمه لم تعرف المجاملة طريقاً لديه في الحقوق وأنظر الى اسر العباس عمه مع أنه مسلم وإستكرهته قريش على الخروج في بدر إلأ أن الرسول الكريم جعله يدفع فداء أسره وعقيل .. سكن اليهود في المدينة حق في زمن دولة الرسول وكذلك كان ما حلّ بهم حق ايضاً للحفاظ على نفس الدولة ..
السياق السياق أخي هشام ..
خالص الود في إنتظار عودتك ...

Post: #24
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: هشام آدم
Date: 06-24-2008, 11:08 AM
Parent: #23

______________
Quote: أن وصول الرسول الكريم للمدينة تم بموافقة أسياد المدينة في ذلك الحين وهم الأوس والخزرج ويبقى أن التمسك بأن اليهود هم أصحاب المدينة فرضية غير علمية في ذلك السياق التاريخي .. ثم أن الإتفاق حول أسبقية اليهود في المدينة ليس عامل كبير في ما حلّ بهم من مصائب داخل دولة الرسول الكريم والتي كانت بيدهم

الأخ الكريم: مجاهد عبد الله

مسألة موافقة الأوس والخزرج على مقدم الرسول إلى المدينة هذه فيها كلام، لأننا عندها سنضطر إلى عودة إلى تاريخ بيعات العقبة الثانية والأولى لنرى هذه المسألة، وهذه بالتأكيد سوف أضمنها في مجمل ردي على ما جاء في حديثك. ولكن يجب علينا ألا نقول بأن (الكر والفر والغلبة) هي الأساس في سلطان وهيمنة أيّ من القبائل العربية على أرض أو موطن، لأن الكرّ والغلبة ما هما إلا نتاج تصارع في الأساس على موارد، فيجب أن تكون هنالك أرض بها موارد حتى يتم التصارع عليها، ومن قبل فإن قبيلة عبس (في الجاهلية) قد غارت على قبيلة (...) لا يحضرني اسمها الآن، كان في الأصل قائماً على بئر ماء. ومن الواضح أنّ اليهود كانوا أول من شكن يثرب، ولكن هذا قد لا يعطي سيادة بحكم ما تعارف عليه العرب، إلا أنّه لم يحصل كرّ وفر حول عيون يثرب ومائها، وحتى مقدم الرسول إليها، فالآبار التي كانت بحوزة القبائل العربية كانت آبار متسخة وغير نظيفة، وتذكر العديد من المصادر إصابة الرسول بالحمى جراء شربه من هذه المياه، وليس لمحاولات لقتله كما يُثار (رغم أنّه كانت هنالك محاولات لقتله، ولكنها جاءت في سياقات زمنية متقدمة).

لك أقل بأن أسبقية اليهود في سكنى يثرب كانت سبباً مباشراً في ما حدث لهم، وهذا بالتحديد ما أنوي مناقشته معك، لأن لكل قبيلة يهوديها قصتها منفردة مع الرسول ومع المسلمين، كما أشرت إليه أنت حتى!. كما أنّ المصادر التاريخي يا أخي لم تذكر أبداً إغارة اليهود على أيّ قبيلة عربية من أجل الاستحواذ على مياه يثرب وخيراتها، وبالتالي فإن المرجح أنّ اليهود سكنوا هذه الديار قبل أيّ قبيلة عربية، وهم الذين قاموا بزراعتها بالنخيل وحفر الآبار فيها.

عموماً كما تقول أنت (إن غداً لناظره قريب) وأتمنى أن يستمر النقاش على هذا النحو العلمي الجيّد
سوف آتِ بالمراجع التي سوف أستعين بها في هذا الصدد لاحقاً

لك مني كل التحية

Post: #25
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-24-2008, 02:26 PM
Parent: #1

سلامات هشام ..

التدليل على أن المياه كانت من اسباب الغزو عند العرب صحيح ولكن لم يكن اهم الأسباب فقد كانت الأسباب كثيرة تلك التي حارب من أجلها العرب في الجاهلية ولكم كانت حروب من اجل إهانات ووثأرات وجباية اتاوات والأخيرة هي التي كانت أهم مسببات الغزو والحروب بين المجموعات في الجاهلية فقد كانت القبائل الكبيرة تجبر الصغيرة على دفع أتاوه او الدمار سوف يحل بهم ..والغزو كان هو مصدر الرزق الأساسي في تلك الفترة الزمنية لذلك تجد حتى عندما جاء الإسلام لم ينقطع هذا الفعل فقام به المسلمون وهو ما يؤكد أن الإسلام لم ينقطع في عهد البعثة عن سياقه التاريخي وكانت المجموعات التي تدفع الأتاوات كانت تدفعها رغبة في تفادي هلاكها وكثيراً من الحروب كما ذكرنا كانت بسبب عدم الدفع ولماذا يتوقف الدفع ؟فقد كان لسببين الأول وهو أن من كانوا يدفعون له وهو زعيم المجموعة الكبيرة يكون قد مات وبذلك يشعرون بأن الخطر قد زال عنهم والسبب الثاني أن تكون هذه المجموعة الصغيرة قد إشتد عودها وأتاها زعيم قوي قادر على الغزو هو الآخر والسبب الأول هو الذي يلقي بظلاله عند موت الرسول الكريم والقبائل التي إرتدت عن دفع الزكاة والجزية كل هذا يبين السياق التاريخي الذي كانت عليه العرب .. وبالنسبة لما ذكرته عن حرب العبسيين من أجل الماء وجب فيه توضيح كبير فقد عرف العرب بالأيام وهي تعبير عن حروبهم بين بعضهم البعض وعبس كان لها داحس والغبراء وقد كانت لسنين طوال وإستمرت حتى عهد البعثة وهي الحرب التي بدأت من سبب يعده الرواه من التفاهة بمكان حيث نشبت هذه الحرب لإختلاف في سباق للخيل بين عبس وذبيان .وداحس والغبراء هي أسماء لخيول كان يملكها قيس بن زهير سيد عبس وكانت هذه الحرب لها ايام ومنها يوم العذق ويوم البوار ويوم الرقم ويوم النتاءة ويوم شواحط والأولى فيما اعتقد أنك التي تقصدها وهو يوم العذق وهو ماء عند فزارة وإنتصر فيها العبسيين ولكن إجتمعت غطفان سعياً للصلح وتم الصلح في هذا اليوم بين فزارة وعبس ورجع كل الى حاله ..
وبالنسبة لما ذكرته عن ابار المدينة فالتاريخ لم يذكر عنها الكثير ولكن أتفق معك أن معظم أبار المدينة كانت في يد اليهود وكانوا يبيعون الماء بالدلاء وهنالك بئر مشهور وبه ماء كثير وكان اسمه بئر أرومه وهو بئر مملوك ليهودي وبعد ذلك أصبح ملك للمسلمين فكيف إمتلكوه؟؟؟ وهنا تظهر الكثير من مقاصد الرسول الكريم في تأسيس دولته فقد امر بأن يتم شراء هذا البئر وأشتراه للمسلمين عثمان بن عفان فكيف للرسول وهو حسب ما تقول كانت نيته تأميم القوى الإقتصادية لليهود لصالح دولته الوليدة وأن يقوم بشراء بئر ماء تقوم عليه كل الحياة في تلك البئية الصحرواية ومدفوع فيه المال الذي كان نفس الرسول في أمس الحاجة له ومعه هؤلاء الذين تصفهم باللأجئين وهم المهاجرون الذين تركوا خلفهم وطنهم وأملاكهم في مكة !!

خالص الود أخي هشام ..

Post: #26
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-25-2008, 00:12 AM
Parent: #1

مرجع آخر ..

بن يعقوب الهمداني..

Post: #27
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-25-2008, 06:02 AM
Parent: #1

المحترم هشام سلامات ..

Quote: كما أنّ المصادر التاريخي يا أخي لم تذكر أبداً إغارة اليهود على أيّ قبيلة عربية من أجل الاستحواذ على مياه يثرب وخيراتها،


وماذا عن مياه يثرب..

من الخصائص الطبيعية ليثرب أنها كانت وافرة بالمياه وحتى عندما نزل اليهود العرب بيثرب لم يسجل التاريخ اي إشتباكات من أجل الماء وهذا يعني الوفرة لهذا المصدر الهام فقد كان المياه الجوفية قريبة من سطح الأرض ويكفي الحفر فقط لإيراد الماء من جوف الأرض وحتى عندما وصل اليهود الى نواحي يثرب أطلقوا شخصاً ليختار لهم المكان المناسب في تلك الأرض ووجد ذلك الشخص ارض يثرب وبها من العيون العذبة والوافرة المياه لذلك قدموا الى وادي يثرب وهنا يعني أن اليهود لم يحتاجوا أصلاً لغزو المنطقة من أجل الماء بل وجدوا الماء متوفراً هم وغيرهم ..والشيئ الآخر وهو في عملية الغزو نفسها وهل كان بمقدور اليهود الغزو في تلك الفترة الزمنية ؟؟ لم يكن بمقدور اليهود الغزو وذلك لكثير من الأسباب وهي أنهم في الأصل لجئوا الى هذه المنطقة فراراًَ من الغزو المتكاثر عليهم من الممالك والإمبرطوريات وحتى الواصلين الى تلك المنطقة لم يكونوا بتلك الأعداد الضخمة أو المجموعات القوية لذلك تجدهم أول ما سكنوا في تلك النواحي لجئوا الى الأحلاف ودفعوا الأتاوات ليبعدوا شر الغزو عنهم وحتى سطوتهم ومبلغ قوتهم لم تتعدى فرض السيطرة على يثرب وهو ما يوضح ضالة حجمهم وأقليتهم بين القبائل العربية التي حولهم وبالرغم من أن الغزو كان هو مصدر الرزق الأصيل لقبائل شبه الجزيرة العربية ولو كانت اليهود قادرة عليه لما إختارت منشط رزق آخر وهو الزراعة والتي كانت في نظر عرب ذلك الزمن مهنة وضيعة .وأقليتهم وخوفهم من الغزو يبرر الحصون التي سكنوها جماعات وليس كالأطام التي كانت فقط مسكناً لسادة القبائل في شبه الجزيرة العربية وكانت هذه الحصون كبيرة وهو ما يعني أنها كانت مسكن لكل مجموعة من مجموعات اليهود بحيث كانت إمتداداً لتحصين المدينة مع الخندق في غزوة الأحزاب . ومن هنا يمكننا القول أن اليهود لم يكن في مقدورهم الغزو ولم تكن المياه مسبباً لغزو أو صراع داخل يثرب في ذلك التاريخ ...

خالص الود أخي هشام ..

Post: #28
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: هشام آدم
Date: 06-25-2008, 07:28 AM
Parent: #27

________________

أخي المحترم: مجاهد عبد الله

أرجو أن تتيح لي الفرصة كاملة لتفنيد ما جاء في بداية كلامك. التعليق بهذه الصورة قد يشتت الحوار ويتشّعب به. الرجاء منحي. الفرصة لكي أفنّد كل النقاط الأولية التي جاءت في مداخلاتك السابقة، كما أرجو ألا نفرد مساحات حوارية حول ما قد لا نختلف عليهأ أو حول تلك النقاط الخلافية والتي لا تؤثر على جوهر النقاش الذي من أجله تم طرح هذا الموضوع لمناقشته، فسواء كانت مياه الآبار هي سبب التصارع بين اليهود وعرب يثرب أو لم يكن كذلك فإن هذا لن يغيّر من الوضع الاجتماعي وطبقاته في يثرب في ذلك الوقت. رغم أنّ الصراع على الموارد كان هو الغالب الأعم في صراعات القبائل العربية.

على العموم أحاول أن أحدد محاور لتحجيم الحوار لمنع التشتيت والكلام فيما لا طائل فيه بقدر الإمكان. فأرجو ان تتيح لي الفرصة لذلك، كما أنني ما زلت أقرأ بتمّعن ما جاء في مداخلاتك السابقة.

لك تحياتي

Post: #29
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-25-2008, 07:35 AM
Parent: #1

المحترم هشام سلالامات وأحوالك ..

أولاً أعتذر على هذا التداخل الذي قد يؤدي فعلاً الى تشعيب الحوار ولك الفرصة كاملة لتفنّد كل ما تراه ...

خالص الود ...

Post: #30
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-25-2008, 07:36 AM
Parent: #1

المحترم صبري سلامات ,,

خالص التقدير لمرورك الكريم وأيضاً ننتظر مساهمتك ..

خالص الود ...

Post: #31
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: هشام آدم
Date: 06-25-2008, 08:26 AM
Parent: #30

____________

إضاءات حول يثرب قبل الإسلام:


كلنا يعرف أهمية المدينة التاريخي حتى قبل الإسلام، ويكفي أن نشير إلى ما ذكره ياقوت الحموي في كتاب (معجم البلدان) عن المدينة لنعرف أنها كانت من المدن الغنية في الحجاز سواء بوفرة مياهها أو بوفرة المساحات الخضراء فيها، وهي على ذلك تختلف عن مكة سواء بمناخها أو من حيث التركيبة الديموغرافية (السكانية) لها. ورغم ان مكة كانت تشتهر بالتجارة وهذا ما اشتهر عنها، إلا أنّ المدينة كانت مشهورة بالتجارة لاسيما تجارة وصناعة السلاح. وتشير كثير من المصادر إلى اشتغال يهود المدينة بالزراعة وصناعة السلاح مستفيدين من حروب القبائل بين بعضها البعض لترويج صناعتها وتجارتها. وفي معجم البلدان يحصر الحموي أكثر 29 اسماً ، ويحصي لها السمهودي أكثر من ذلك مما يدل على رفعة منزلة المدينة حتى قبل الإسلام، ولكن اسمها الذي اشتهرت به هو (يثرب)وأنا هنا أذكر هذه النقطة فقط للرد على من يتجاهل دور المدينة قبل نزول الرسول إليها. بعد الهجرة تم اطلاق اسم (المدينة) أو (مدينة الرسول) على يثرب أي أن الرسول سعى إلى تغيير اسم يثرب عن قصد؛ فما هو القصد من ذلك؟ وهل هذا الأمر مهم أصلاً أم غير مهم؟

يذكر البعض أن الرسول كره اسم يثرب أصلاً كما هو مذكور عند الحموي والسمهودي لأن معنى يثرب في العربية يدل على الفساد وعلى اللوم ، حتى أن بعض الكتب تذكر تشديد الرسول على ضرورة عدم ذكر اسم يثرب على (المدينة) وأن ذلك يعد معصية تستوجب الاستغفار، بينما نجد في صحيح البخاري قول الرسول (من قال يثرب مرة فليقل المدينة عشرة مرات" وكذلك يروي أحمد وأبو يعلى حديثاً "فليستغفر الله ثلاثاً" وحتى عن المتأخرين عن ذكر اسم يثرب يعادل معصية، ولذلك نجد فقيهاً مثل بن دينار يقول أن من سمّى المدينة يثرب كتبت عليه خطيئة وهذا الكلام تجد مذكوراً في كتاب (وفاء الوفاء باخبار دار المصطفى) للسمهودي.

ولكن هل كان الموضوع مجرد تساؤم أو تطير من اسم يثرب فقط؟ هل يعقل أن يتم تغيير اسم مدينة لها شأنها في الحجاز كيثرب فقط لأنها تدل على شؤم ومفسدة؟ أم أن الأمر كان أكبر من ذلك؟ في رأيي الشخصي فإنني أرى أن الأمر كان أكبر من ذلك بكثير بل وإن تغيير اسم يثرب له دلالات معنوية واستراتيجية لأنه تمهيد للانتقال بالمدينة من عهد إلى عهد جديد، وهذا في اعتقادي يوضح النيّة الموجودة عند الرسول لتغيير ملامح يثرب ابتداءً من اسمها وحتى تركيبتها الجغرافية .. ولكن دعنا نتدرج في هذه المسألة خطوة خطوة.

من ناحية التركيب الديموغرافية (السكانية) للمدينة فإن كل المصادر التي حاولت تصنيف طبقات المجتمع المدني قبل حلول الإسلام لم تستطع (في تقديري) تقديم تصنيفات مقبولة لأننا نجد بعض المصادر التي تميل إلى تصنيف المجتمع اليثربي من حيث المعيار الديني: (ديانات توحيدية وديانات وثنية) ولكن هنالك مصادر كثيرة تشير إلى مجتمعات أو أشخاص اتبعوا النهج التوحيدي رغم انتسابهم إلى قبائل أو شرائح وثنية في الأصل ويؤكد على ذلك ما نلحظه من شعر (قيس بن الخطيم) وهو من قبيلة وثنية جاهلية لنجد أن شعره كان يتمتع بنفس توحيدي، وكذلك كان الحال في الكثير من أشعار العرب كأشعار بن الصلت وغيره حتى أن بعض المصادر تذكر (تندراً) أن رجلاً مثل "إياس بن معاذ" قد أسلم حتى قبل ظهور الإسلام! إذن فإن تصنيف المجتمع اليثربي وفق معيار ديني لم يكن ناجعاً وذلك بسبب هجرة العقائد وتبادل التصورات الدينية كما تذكر بلقيس الزريقي في كتابها "إسلام المدينة" وكذلك الحال أيضاً بالنسبة للتصنيف وف معيار عرقي (قبائل عربية وغير عربية) وهذا الأمر أيضاً لا يفيد لأن بعض القبائل غير العربية القادمة من الشمال (اليهود تحديداً) نجدها قد اندمجت كلياً في المجتمع العربي ولا أدل من ذلك إلا ما نراه من شأن قبيلة (بني زاعوراء) اليهودية في الأصل حيث نجدهم قد اندمجوا تماماً مع قبيلة بني عبد الأشهل، والسمهودي نفسه يذكر لنا بعض القبائل أو المجموعات اليهودية التي هي في الأصل من أصول عربية مثل (بني معاوية) و (بني أنيف) و (بني الجذماء) إذن فالمجتمع اليثربي مجتمع متداخل نوعاً ما ويصعب بالتالي محاولات تصنيفه من الناحية الدينية أو حتى من الناحية العرقية. ولكن هذا لا ينفي وجود صراعات سواء حول الموارد أو صراعات جاهلية حول السيادة وحول الجباية كما ذكرت أنت في كلامك ، وهو مصداق (بطريقة غير مباشرة) لكلامي حول أنّ بعض القبائل العربية كانت تدفع الضرائب لليهود.

على الموضوع ليس هذا هو المهم .. ولكنني أرى أن الكلام عن بيعة العقبة (الأولى والثانية) قد يفيد في الوصول إلى ما نريد الوصول إليه .. وهذا ما سوف أتناوله في المداخلة التالية.

كن بخير ، ولك احترامي

Post: #32
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: هشام آدم
Date: 06-25-2008, 09:24 AM
Parent: #31

_______________

ملابسات الهجرة :

الكثير من المصادر تتفق على أن الهجرة كانت ضرورة تاريخية تعود إلى تلقي المسلمين الأذى على يد مشركي قريش، وقد يكون ذلك حقيقياً، ولكن ما هي الملابسات التي دعت الرسول نفسه إلى الهجرة؟ إيذاء قريش للمسلمين أدى إلى قرار الهجرة إلى الحبشة لما عرف بالهجرة الأولى، ولم يخرج الرسول معهم وقتها، فما الذي دفعه للخروج إلى المدينة هذه المرة؟ تذكر بعض المصادر أن الرسول كان يخاف على حياته من القريشيين وأنهم كانوا يؤذونه، وأنّ فكرة الهجرة جاءت في الأساس بعد وفاة عم الرسول (أبو طالب) وفقدان الرسول الحماية من القريشيين لاسيما أبو لهب عمّه الآخر ووريث العرش والسيادة الهاشمية الجديد. وهذا هو الشائع في الذاكرة الشعبية الإسلامية وتعضدها حتى الدراما التي تسلّط الضوء على الهجرة النبوية.

ولكن هذه المصادر نفسها (وغيرها كذلك) تذكر اتصال الرسول بالمدينة قبل أحداث (معركة بعاث) يعني قبل موت أبو طالب مما يدل على وجود النيّة على الهجرة حتى قبل حدوث مسبباتها، أي قبل فقد الرسول للحماية التي كان يلقاها من عمّه أبو طالب. وفي كتاب تاريخ الأمم والملوك للطبري نجد هذا الحديث (لما قدم أبو الحيسر (أو أبو الحيفر) أنس بن رافع إلى مكة ومعه فتية من بني عبد الأشهل فيهم إياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم فجلس إليهم فقال لهم: هل لكم في خير مما جئتم له. قالوا: وما ذاك؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أنا رسول الله بعثني إلى العباد أدعوهم إلى الله أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً وأنزل الكتاب. ثم ذكر لهم الإسلام وتلا عليهم القرآن. فقال إياس بن معاذ (وكان غلاماً حدثاً) أي قول هذا والله خير مما جئت له. قال: فأخذ أو الحيفر حفنة من البطحاء فضرب بها وجه إياس بن معاذ وقال: دعنا منك ولعمري لقد جئنا لغير هذا. قال: فصمت إياس وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرفوا إلى المدينة فكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج" هذا الكلام يدل على أن الرسول حاول استمالة أهل المدينة منذ أمد بعيد قبل الهجرة ، وحتى قبل البيعة وحتى قبل أن يكون هنالك داع للهجرة. ويدل أيضاً أن الأوس رفضت الإسلام في بادئ الأمر. ما يعلل ذلك الرفض إلا ضعفهم إذ كانوا في الأصل قادمين لطلب المساعدة من قريش ضد خصومهم من الخزرج. ولما رفضت المدينة ضيافته ذهب إلى الطائف، وأيضاً رفضوا استضافته وقبول دعوته.

إذن فالهجرة غير مرتبطة بموت أبي طالب ولا بالأخطار التي يُشاع أنها كانت محدقة بالرسول، وهذا الكلام يعضده أنه لا توجد في القرآن أيّ إشارة إلى أحداث من هذا القبيل أبداً وعلى هذا فإن الهجرة لم تكن أصلاً طرداً تعسفياً من القريشيين للمسلمين أو للرسول. إنما كان السبب في ذلك عدم قدرة الرسول على استقطاب شريحة واسعة من الناس وضمّهم تحت لواء الإسلام، لاسيما بعد أن حصار قريش لبني هاشم وبني المطلب داخل الشعب في مكة. وبالتالي كان لزاماً على الرسول كضرورة استراتيجية في حال عجز عن استقطاب الناس أن يذهب هو إليهم. وكانت هنالك محاولات حثيثة من الرسول لعرض الإسلام على القبائل العربية لاسيما في مواسم الحج. وواحدة من هذه المحاولات أثمر عن لقائه بوفد الخزرج في مكة وكانت كما تقول المصادر مفيدة ومثمرة للغاية إذ كانت هي النواة الأولى لبيعة العقبة الأولى.

وإذا عرفنا أن الأوس كانت قد رفضت الإسلام في البداية، نفهم أن قبول الخزرج للإسلام بل واستضافة الرسول في المدينة فيما بعد على أنه نصرة للعصب ليس إلا إذ أن الرسول تربطه مع الخزرج صلة قرابة من جهة بني النجار، وعلى ذلك فإن الخزرج هم أخوال الرسول، إضافة إلى أن المجتمع اليثربي في عمومه معتاد على الفكر التوحيدي المنتشر فيها، وبالتالي فإن فكرة الإله الواحد كانت يسيرة القبول عندهم.

وكل المصادر تشير إلى وضع عرب يثرب (من غير اليهود) كان في غاية الهشاشة والضعف عند العقبة الأولى وحتى الثانية، ويفسر الكثيرون قبول اليثاربة استضافة الرسول فيها إلى طلب السند الروحي الذي يقابل المدّ اليهودي. فإذا كانت إحدى خصائص اليهود التي تمييزهم هو أنهم أهل كتاب ورسالة سماوية الأمر الذي كان مدعاة إلى تفاخرهم على سائر قبائل العرب. وعندما تأتي الفرص للعرب أن يكون لهم ذات الشأن الديني فإنها تبدو فرصة جيّدة، كما أن وجود محمد نفسه داخل هذه التشكيلية السكانية هو نسبه الرفيع في قريش الأمر الذي يعد دافعاً قوياً لقبول استضافته. إذن فإن هنالك أكثر من سبب يفسر قبول الخزرج استضافة الرسول في المدينة نلخصها فيما يلي:

* صلة القرابة التي تربط بين الرسول وبين الخزرج
* نسب الرسول الرفيع الذي يعد دعامة قوية لهم داخل المجتمع اليثربي
* طلبهم للرفعة الدينية في مقابل رفعة اليهود المتمثلة في التوراة.

وقبل أن أتكلم عن بيعة العقبة الأولى والثانية يجب أن أشير إلى أن هنالك العديد من المفاوضات واللقاءات التمهيدية التي تمت قبل الهجرة بثلاث سنوات ... وهذه الثلاث سنوات في غاية الأهمية في سياق ما سوف يأتي.

ولي عودة

Post: #33
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: هشام آدم
Date: 06-25-2008, 10:59 AM
Parent: #32

___________________

العقبة الأولى

يجب أن نعرف في البداية أنه (كما قلت) كانت هنالك لقاءات وتفاوضات تتم قبل البيعة أصلاً وهذه النقطة أعتبرها مهمة جداً لأنها تؤدي بنا إلى الاقتناع بأن الهجرة لم تكن مسالة اعتباطية من ناحية، كما أنها لم تكن فقط هروب من جور القريشيين.

من الأشياء الملاحظة في العقبة الأولى هي قلة عدد المبايعين. لأن أكثر كتب التاريخ والسيرة تشير إلى عدد المبايعين كانوا 12 شخصاً ومن الملاحظ كذلك أن جلّ أو أكثر هؤلاء الاثنا عشر رجلاً كانوا من الخزرج جاءت هذه العقبة بعد سنة كاملة من أول لقاء جمع الرسول مع نفر من الخزرج في إحدى مواسم الحج كما ذكرت من قبل. ومن الملاحظ أيضاً الصيغة التي جاءت بها البيعة ومن مجموعة كبيرة جداً من المصادر أشارت إلى نص العقبة الأولى أختار إليك نصاً ورد على لسان أحد الحاضرين للبيعة الأولى واسمه عبادة بن الصامت وجاء ذلك في كتاب السيرة لابن هشام إذ يقول ابن اسحاق ( كنتُ فيمن حضر العقبة الأولى وكنا اثني عشر رجلاً فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء وذلك قبل أن تفترض الحرب على ألا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف" والنص الختامي للبيعة هو على لسان الرسول الذي يقول: "فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم من ذلك شيئاً فأمركم إلى الله عزّ وجل، إن شاء عذب وإن شاء غفر"

طيب! من نصّ هذه البيعة يمكننا أن نخرج بالعديد من الاستنتاجات الجيّدة والهامة جداً. من أهم هذه الاستنتاجات:
أولاً: أن البيعة لم تشمل على معاضدة في الحرب
ثانياً: البيعة كانت بيعة أخلاقية لا أكثر ولا أقل
ثالثاً: البيعة لم توضح سلطان الرسول على المسلمين، كان الأمر فقط فيه لهجة ودودة جداً ففرض الطاعة للرسول لم تكن واضحة لذا نجد قوله في النهاية (فأمركم إلى الله إن شاء عذب وإن شاء غفر)
رابعاً: معظم ما جاء في البيعة باستثناء (قتل الأبناء) كان مما هو متعارف عليه عند العرب.
خامساً: قوله (ولا نعصيه في معروف) تجعلنا نقول بأن حدود هذا (المعروف) مبهمة فما هو المعروف الذي لا ينبغي على المسلمين يطيعوا الرسول فيه؟ الأمر في اعتقادي الخاصة سوف يتضح فيما بعد ليصبح (الأمر بالقتال)

الأمر الآخر الذي يمكن أن نستنتجه من هذه البيعة هو سرعة استجابة المسلمين لمطالب الرسول وأنا أرى أن ذلك مبرر لعدة أسباب منها:
أولاً : أن مطالب الرسول لم تكن صعبة ومستحيلة التحقق
ثانياً: وجود اليهود في المدينة مهّد للعقلية العربية تقبّل فكرة التوحيد والتعايش مع هذا الواقع الديني وبالتالي القبول بفكرة الإله الواحد.
ثالثاً: حوجة عرب المدينة إلى سلطة لحقن الدماء وضمان الاستقرار لكل القبائل الموجودة. (وذلك للأسباب التي ذكرتها في المداخلة السابقة)

لذلك نلاحظ أيضاً أن جلّ القبائل التي دخلت الإسلام بعد ذلك هي القبائل الضعيفة بل والأشد ضعفاً مثل (قبيلة عمرو بن عوف و قبيلة بني سلمة) ، لأنها (كما تقول بلقيس الرزيقي) كانت تريد الانسلاخ من القبيلة لأنها لم تعد شكلاً اجتماعياً قادراً على توفير ضمانات الوجود الضرورية سواء مادياً أو اجتماعياً أو رمزياً.

من تجليات هذه البيعة هو عودة المبايعين مع مصعب بن عمير ليفقههم في أمر الدين، ورغم اختلاف المصادر في ذكر ما إذا كان ذلك بعد البيعة مباشرة أم بعدها بفترة حيث تذكر بعض المصادر أن وفداً من مسلمي المدينة رجع إلى مكة بعد البيعة يطلب من الرسول إمداده برجل ليفقههم في أمر الدين، وتشير مصادر أخرى إلى أن الرسول لم يبعث بمصعب بن عمير وحده بل آخاه بعمير بن أم مكتوم كذلك. وأياً كان الحال فإن ذلك ليس بذي بال على الإطلاق، ولكن الأمر الذي يجب ان نركز عليه هو دور وجود مصعب بن عمير في المدينة قبل مجيء المسلمين والرسول إليها وهذا الذي سنعرفه فيما بعد طبعاً.

ونواصل ...


Post: #34
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: هشام آدم
Date: 06-25-2008, 04:20 PM
Parent: #33

____________

بيعة العقبة الثانية:

قلنا إن بيعة العقبة الأولى أو التي سميت ببيعة النساء لم تكن تحتوي إلا على مسائل أخلاقية لم يكن عليها خلاف يذكر بين أطراف الاتفاق . ولكن البيعة الثانية والتي كانت بحضور 70 رجلاً (كما يذكر السمهودي) اختلفت تماماً في صياغتها وفحواها عما جاء في البيعة الثانية، والفترة الزمنية التي بين البيعة الأولى والثانية تقريباً سنة كانت كافية لزيادة الوعي لدى أطراف الاتفاق فمن ناحية الرسول ومتطلباته الجديدة التي يريد تضمينها في البيعة الثانية بناء على مستجدات العصر تلك السنة، ومن ناحية مسلمي المدينة الذي رأوا أن مسألة البيعة هذه ربما لن تمر مرور الكرام لدى العديد من القبائل التي كان يربطها معها تحالفات واتفاقات أخرى. ولذا فإنها (أي البيعة الثانية) لم تتم بتلك الصورة المهادنة التي مرّت بها البيعة الأولى.

البيعة الثانية كانت بكل بساطة عهد على الحرب ولذلك فإن أغلب المؤرخين اللاحقين يسمّونها بيعة الحرب، والاتفاق على الحرب كما جاء في البيعة الكبرى أو العقبة الثانية كان حول الدفاع عن المصالح المشتركة والنصرة المطلقة في مختلف الظروف من كلا الطرفين. وبناء على بنود هذه البيعة فإنه من الأولى تسميتها بالتحالف وليس البيعة لأن البيعة لا يجب أن تتضمن الحرب أو أي بند عسكري وكما يقول ابن خلدون فإن البيعة (عهد على الطاعة) وما جاء في البيعة لم يكن عهداً على الطاعة بل كان دعوة لتوحيد الصف والحرب من أجل خدمة المصالح المشتركة. وأقول ذلك لأن تلك السنة التي تفصل بين البيعة الأولى والثانية زادت نسبة الوعي لدى طرفي البيعة بأنماط الصراع الجديدة التي فرضت نفسها ذلك الوقت.

هنالك ثلاثة نقاط مهمة في مجمل ما جاء في بيعة العقبة:

النقطة الأولى هو نبرة الاستجارة الواضحة في قول الرسول: "أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم"

النقطة الثانية هو الاعتراض الذي قدمه أبو الهيثم بن تيهان: "إن بيننا وبين الرجال حبالاً وإنا قاطعوها. فإن عسيت إن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا"

النقطة الثالثة هو رد الرسول على أبو الهيثم "بل الدم الدم ، والهدم الهدم"

وكما تقول بلقيس الرزيقي فإن نص بيعة العقبة الثانية يكشف وعياً أعمق بتبعات استقبال الرسول في المدينة وإدراكاً دقيقاً لما يكن أن ينجم عنه من مخاطر وعداوات على واجهات مختلفة ويعكس استشرافاً بعيد النظر لمستقبل المدينة إن تركها الرسول بعد أن يحقق هدفه فيها.

إذن النقطة الأولى التي أريد أن أصل إليها، أن الهجرة إلى يثرب لم تكن بهذه السهولة وبهذا الترحيب غير المشروط والذي تحاول العديد من المصادر الإسلامية أن تبيّنه لنا، بل كانت هنالك مخاوف من قبل مسلمي المدينة على مصيرهم في ظل التحالفات القائمة في المدينة في حال تركهم الرسول وعاد إلى مكة، وهم بذلك يحاولون أخذ موثق من الرسول بما سيكون من حالهم عندئذ. وبالتالي فإن الصبغة الدينية اختفت في هذه البيعة فليس هناك وصايا أخلاقية كما في البيعة الأولى وربما يعود ذلك لى الوعي الديني الذي اكتسبه مسلمو يثرب بوجود مصعب بن عمير بينهم خلال تلك السنة.

وأنا أريد أن أقف قليلاً عن مخاوف أبو الهيثم فمن كان يقصد بالرجال في قوله (إن بيننا وبين الرجال حبالاً وإنا قاطعوها" فهل كان يقصد قريش أم اليهود أم غيرهما؟ تقول بعض الكتب أن أبو الهيثم كان يقصد قريش لأنه كان بين أهل المدينة وأهل مكة تحالفات كثيرة جداً، والتخلي عن أحد هذه التحالفات كان يهدد بنشوب الحروب بين مكة ويثرب، ومن الذين يقولون ذلك الطبري في كتابه (تاريخ الملوك) ويعوّلون ذلك بقولهم أن أبو الهيثم أساساً من الأوس وأن قريش كان بينها وبين الأوس حلفاً عقد قبل وخلال حرب بعاث وكذلك فلقد عقدت قريش مع اليثربيين حلفاً قبلياً ومن ذلك إجارة سعد بني عبادة الخزرجي لتجارة جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وكان يحميه ممن بيثرب. وكذلك يقول ابن هشام في سيرته لأنه تحدث عن جدال وقع بين القريشيين والانصار بعد البيعة فيقول على لسان كعب بن مالك: "فلما اصبحنا غدت علينا قريش حتى جاءونا في منازلنا فقالوا يا معشر الخزرج انه قد بلغنا انكم قد جئتم الى صاحبنا هذا تستخرجونه من أظهرنا وتبايعونه على حربنا وانه والله ما من حي من العرب أبغض الينا ان تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم."

وفي رأيي الشخص فإن مخاوف أبو الهيثم كانت من عداوة اليهود وليس القريشيين، وذلك لسببين وجيهين هما:

السبب الأول: ان أبو الهيثم ربط مخاوفه بمغادرة الرسول للمدينة فقال (أن ترجع إلى قومك وتدعنا) إذن فالخوف من عدو في المدينة وليست المخاوف من قريش، لأن الله إذ نصر رسوله وأظهره عليهم فلن يكون هنالك خوف مرتجى من قريش لأنها ستكون تحت طاعة الرسول وقتها.

السبب الثاني: إن هنالك كثيراً من المصادر لم تذكر أن البيعة ذكرت حرباً مع قريش لا من قريب ولا من بعيد، ويعضد هذا الرأي ما حدث بين الرسول والأنصار قبل غزوة بدر الكبرى. لأن الأنصار لما خرجوا مع الرسول إنما خرجوا لمساندة الرسول والمهاجرين في قطع طريق قافلة قريش فلم استطاع أبو سفيان الهرب بقافلته وعلم الرسول باستعداد قريش للمعركة، خطب فيهم وانتظر قول الأنصار. وتعرف ما قاله سعد بن معاذ ذلك الوقت. ولو كان في البيعة شيء يتعلق بالحرب لما استشار الرسول الأنصار لأنه كان عندها سوف يعتمد على ما جاء في البيعة. ولكن لأن البيعة لم تنص على حرب استباقية بل كانت تنص على استجارة وحماية ليس إلا كان لزاماً على الرسول أن يعرف موقف الأنصار من غزوة بدر.

وربما المثير في أمر البيعة الثاني هو وجود صوتين أو نبرتين شديدتي التباين والاختلاف في ذات السياق، فمن ناحية فغن بداية نص البيعة تنص على الدعم غير المشروط والمساندة من الرسول للأنصار وهذا مبرر بعدما تخلى عنه قومه فلا بد له أن يبحث عن نصير وسند لدعوته، وفي هذا السياق جاء كلامه عن (أبايعكم على أن تجيروني مما ..... ) وهو الكلام الوارد أعلاه ، وهو طلب استجارة بكل ما تعنيه هذه الكلمة. وفي ذات الوقت نجد صوتاً آخر وهو صوت محمد القائد وهو يفرض عليه طاعته وسلطته فما نعرف هل كان الرسول يطرح نفسه لاجئاً على يثرب أم قائداً عليها؟

والأمر الآخر هو قول الرسول (بل الدم الدم والهدم الهدم) الذي يدل لنا بصورة قاطعة على نيّة الرسول المسبقة على أخذ مقاليد الأمور في يثرب ولو بالقوة، لأن القضاء على أيّ قوة مهددة ليثرب سواء من داخلها أو من خارجها يصب في النهاية في مصلحة الأنصار، فلو استطاع الرسول القضاء على اليهود لأزاح عن كاهل الأنصار عبئاً كبيراً حتى ولو خرج منهم بعد ذلك وعاد إلى مكة، ولو فرض سيطرته على قريش ضمنوا بذلك أن تهابهم بقية العرب.

أمر آخر .. عدد المبايعين كان أقل بكثير من إجمالي عدد المسلمين في المدينة ، ولكن هذا الأمر قد لا يبدو هاماً إذ يبدو أن الأمر لم يكن إلا بمقام التمثيل والمشاركة ليس إلا ، ولكن الأمر اللافت في الموضوع أن أمر البيعة لم يكن معروفاً لدى كل من في المدينة بدليل أن قريش لما ذهبت إلى المدينة لتلوم أهلها على البيعة ، أعلن بعضهم جهله عنها تماماً وهذا ما ذكره ابن هشام في سيرته، فهل كانت تلك القبائل على غير دراية فعلاً أم أنها كذبت خوفاً من قريش؟

ونواصل ...

Post: #35
Title: Re: مبحث عــلمي..
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-26-2008, 01:22 AM
Parent: #1

المحترم هشام سلامات ..

رؤية جيدة وعكس زوايا كبيرة سوف سوف تنقلنا الى الكثير..
عموماً متابع بنهم لكل ما ورد ..

خالص الود ...