معلـمي الطيـب محــمد صــالح-محمد خير حسن سيد أحمد

معلـمي الطيـب محــمد صــالح-محمد خير حسن سيد أحمد


03-06-2009, 06:26 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=116&msg=1252080308&rn=0


Post: #1
Title: معلـمي الطيـب محــمد صــالح-محمد خير حسن سيد أحمد
Author: مريم بنت الحسين
Date: 03-06-2009, 06:26 PM

معلـمي الطيـب محــمد صــالح

بقلم: محمد خير حسن سيد أحمد (رفاعة)
عرفته وأنا ابن العاشرة من العمر جلست أمامه عام 1951م خلف الدرج في الصف الأول وهو أمامي بقامته المديدة ووجه الباش ذي السحنة السمراء التي تنافس لون القمح، بزيه الأنيق كان يقرأ لنا كتاب (بنت الصباغ) لكامل كيلاني.. كان التلاميذ، تلاميذ مدرسة (رفاعة الأهلية الوسطى) يجلسون معي، وكأن على رؤسهم الطير.. كنا صغاراً يُفّع.. نحب العلم والأدب ولا سيما القصصي.. كان يعلمنا اللغة الإنجليزية واللغة العربية.. كان يشرف على إدارة داخلية المدرسة وكان مسؤولاً عن الجمعية الأدبية والنشاط المسرحي. مثلّنا له مسرحية (الجريمة والعقاب) عن رواية دستوفسكي وأخرج لنا مسرحية (مجنون ليلى) لأحمد شوقي. كان يقول لنا: أدع أخاك باسمه الصحيح كاملاً.. أي لا تناديه باسم (الاسرة) أو اسم (القفر).. مثلاً: نقول له.. علي موسى حسين.. عبد العال السيد مصطفى.. كمال محمد زين مصطفى.. شرف الدين علي مالك.. عبد الرحمن محمد خير وليس (الدُرم) وعبد الرحم حماد رمضان وليس (ود حماد) وطبقنا تعليماته منذ ذلك اليوم حتى يومنا هذا. كان يحب تلاميذه حباً جما.. كان يتفرّس وجوههم كان يتنبأ بمستقبلهم.. خلق علائق حميمة بينه وبينهم.. كان يحب (الطريفي أحمد الطريفي) من أبناء الهلالية.. كان الطريفي شخصية مرحة، يجنح إلى الهزل والضحك وإلباس زملائه المقالب المضحكة.. فشخصية الطريفي في (عرس الزين) هي الطريفي أحمد الطريفي.. وشخصية الزين فأحد تلاميذه.. من أبناء رفاعة.. يسير هذه الأيام في سوقها وشوارعها يجامل الناس في أفراحهم وأتراحهم . نهلنا من نبعه الصافي صنوف المعرفة وفك لنا الحرف (اللاتيني).. أما الأدب والسلوك السوي كان يحدثنا عنه ويحثنا على تطبيقه. قبل أن تتفتح براعمنا، وتتطاول أغصاننا، ذهب من مدرسة رفاعة الأهلية إلى كلية المعلمين الوسطى (I.T.T.C) ليتلقى المزيد من المعرفة ودراسة علم النفس التربوي وطرق التدريس.. لم يمكث بها حتى يكمل الكورسات.. اكتشفه أحد أساتذة اللغة الإنجليزية (خواجة) أن بصوته نبرة المذيع.. أعطاه أورنيكا ملأه الطيب صالح، أرسل الخواجة الأورنيك الى (B.B.C) ثم أرسلت هيئة الاذاعة البريطانية تذكرة السفر وتأشيرة الدخول، غادر رفاعة الى بخت الرضا وغادر السودان الى بلاد يموت الحوت من بردها. أخذنا نسترق السمع إلى سماع صوته.. عرفنا إذاعة الـ (B.B.C) وعرفنا مذيعها (حسن الكرمي، عبلة خماش... الخ) كنا نطرب لسماع صوته وأسلوب اذاعته.. وبديع محاوراته وخاصة إذا ما جاء إلى وطنه بالإجازة كان يحب الشعر والشعر الشعبي وخاصة شعر الحقيبة وأجرى محاورات ومقابلات ومساجلات مع (ود الرضي، ابراهيم العبادي، عمر البنا... الخ) وكان يقرأ سيرة (ابن هشام) كل رمضان.. قسمها الى ثلاثين حلقة.. حلقة كل يوم.. كانت من أمتع البرامج الإذاعية في شهر رمضان المعظم. وفي بلاد الانجليز، اندفع يقرأ، يشاهد، يستمع للمحاضرات، يحضر الندوات العلمية والأدبية، قرأ شكسبير ودرسه، دكنز، اتش، ج. ويلز، اوزبن، يتسي، ودويرث، كبلنج.. اجاثا كرستي.. كافكا، سارتر، البيروكاقو، ابسن، كولون ويلسون، برخت.. الادب الروسي وشعراءه ورواته، بوشكن، ماكسم غوركي، دستوفسكي.. أدب الزنوج.. بريتويت.. سنقور. سوينكي. عاش الحياة الغربية بطولها وعرضها.. لكن كان يتدّثر في الشتاء بمعطف (أسود) يحس بشمس السودان ودفء السودان ويلفح وجهه نسيم الصحراء التي يعشقها (وادي هور ووادي المقدّم) أما إذا جاء الصيف وتحلل الأوروبيون من الملابس الصوفية الثقيلة، لبسوا القمصان ذات القماش الخفيف.. ويلبس هو قمصانا مصنوعة من دمور شندي.. وقطن الجزيرة، وربما كان ينتعل مركوباً من جلد البقر (جنينة) صنع في الأبيض أو نيالا. الانجليز يعرفون عن السودان الكثير بل أسهموا في كتابة تاريخنا (اسكوت، ثيوبولد، سير ونستون تشرشل...)، لكن الأوربيين لا يعرفون عنا إلا النذر اليسير.. وكل ما يعرفونه عنا.. أننا (إنسان أفريقيا المريض). كتب الصحافي الانجليزي: انتوني مان كتابه المشهور (When god laughed) والذي قام بترجمته الدكتور احمد الطيب احمد على صفحات جريدة (الايام) في الخمسينيات.. (عندما ضحك القدر).. تحدّث انتوني في كتابه ذلك وقال إننا نأكل (الشطة) في غذائنا فتسيل دموعنا وتنزل السوائل من أنوفنا.. فنقوم بنظافة عيوننا وأنوفنا بيدنا اليسري ونحن نأكل وجبتنا بشراهة وشهية. المدّة التي مكثها الأستاذ الطيب صالح (رحمه الله) في انجلترا، كانت كافية جداً أن يمسك بعدها القلم ويكتب للعالم الغربي.. عن السودان.. فكل ما قاله خلف (المايك) أو ما كتبه في كلمة أو رسالة أو قصة قصيرة.. او رواية طويلة، كان رداً لأولئك الجهلة من المواطنين الغربيين. علم الطيب صالح رحمه الله أنهم يؤمنون بالأساطير والميثولوجيا.. والحرز.. والسبر.. وغيرها من اللامعقول وعلم أنهم يخفِّون الخطى لاقتناء روايات الجنس (الفاحش) وروايات الحب المجنون.. لذلك كتب لهم (موسم الهجرة إلى الشمال)، وكان الأغنياء منهم يسافرون إلى أفريقيا، ليروا غاباتها وصحاريها فكتب لهم واصفاً صحراء العتمور وبيوضة.. ونخيل الشمال (نخلة على الجدول). أما الصراع في الهويّة السودانية والمجتمع السوداني من أين جاء؟ وكيف تكون؟ كتب الطيب (رحمه الله) مريود وضو البيت. الأعمال التي كتبها أستاذنا الطيب (رحمه الله) كثيرة وجليلة.. كل الذي كتبه كان وراءه هدف سامٍ وهو أن يعرف العالم السودان، وأن يرفع من شأن السودان، وأنه كان مسكوناً بحب السودان. وانه (ابن السودان). قال لي يوماً الناقد الكبير الاستاذ مجذوب عيدروس إنهم كانوا في مؤتمر الأدباء العرب في (المربد)، ذهب الوفد السوداني الى المربد، جاء الطيب صالح (رحمه الله) من لندن وانضم الى الوفد السوداني.. جاء نفر كريم من لجنة الاستقبال طلبوا منه أن يجلس مع بعض الكتاب القادمين من وراء البحار رفض الطيب وقال لهم بأسلوب عذب رقيق أنا سوداني.. جئت امثل السودان مع هذا الوفد سأبقى معه حتى تنقضي أيام المربد. قبل أن يموت الطيب صالح (رحمه الله) كان كل العالم يعرفه.. لأن أعماله الأدبية ترجمت لجميع اللغات الحيّة، فهل ستعرفه الأجيال القادمة؟ آمل ذلك. يقول دكتور الهادي أحمد الشيخ، يقول د. يوسف فضل، يقول د. عثمان النذير، يقول د. سيد حامد حريز، يقول د. عمر بريدو، يقول د. بشير البكري، ليس -هنا- في السودان أحد يعرف الفنان (عثمان عبد الله وقيع الله)، لكن كل العالم الخارجي يعرف عثمان عبد الله وقيع الله لما أنتج وعرض في اعظم القالريهات العالمية (فناً سودانياً). يحق لنا أن نقول إن العالم الغربي والعالم العربي والعالم الاسلامي وجميع أفراد المجتمع السوداني يعرفون الأديب الطيب محمد صالح. بالأمس افتقد السودان الفنان عثمان وقيع، بسطاوي بغدادي ود. احمد عبد العال. وبالأمس فجع السودان بفقد السيد فتح الرحمن البشير الذي تعرفه المحافل الدولية الاقتصادية والسياسية كان يعرف فتح الرحمن الطيب صالح وكان الطيب يعرفه.. لقد تزاملا في مهنة التدريس في بداية سن الصبا بمدرسة رفاعة الأهلية الوسطى (شيخ لطفي الثانوية) حالياً (1950-1952م) يدرس بها الآن طلبة مدرسة رمبيك الثانوية. اليوم يرزأ السودان في أعز ابنائه الأوفياء الذين حملوا السودان في حدقات عيونهم.. حملوه كصخرة (سيزيف) كلما سقطت الصخرة من على ظهرهم وهوت إلى السفح، اخذوها ووضعوها على عاتقهم وتسلقوا الجبل وهكذا حتى يضعونها على قمة الجبل (المكان الذي يليق بها). سأله مذيع تلفزيوني (لبناني) يوماً ًفي مقابلة على قناة لبنانية برنامج (خليك بالبيت) قال المذيع: ـ ما هو الشيء الذي ما فعلته في حياتك وأنت نادم عليه؟ قال الطيب: ـ إنني نادم على عدم نعي للأستاذ محمود محمد طه عندما أعدم. قال له المذيع: وهل تعرفه: ـ انه لحمي ودمي.. ليس لأنه سوداني وأنا سوداني لا.. إنه ركابي وأنا ركابي ورد على ذلك أنه الفيلسوف الإسلامي العربي الوحيد في هذا العالم. وما منعك أن تنعيه؟ ـ عندما أعدم الأستا ذ محمود محمد طه، كنت قد وقّعَتُ عقداً مع مؤسسة اليونسكو في تلك الأيام في (تونس)، ولمؤسسة اليونسكو تقليد وشروط مع من يوقّع معها عقد عمل ومن تلك الشروط، شرط قاس «ألا يكتب القاص قصة ولا الراوي رواية ولا الصحافي مقالة طيلة مدة عمله معها»، ما نعيته والتزمت بالعقد وتنفيذه وتحمّلت وخز ضميري منذ التنفيذ حتى مقابلتي معك. مات الأستاذ محمود محمد طه وهو يحب السودان والشعب السوداني، مات من أجلهم وأجل الفكر. مات الأستاذ الطيب صالح وهو مجنون بحب السودان .. (نيله، صحراؤه، غاباته، شعبه، شبابه، فتيانه، عذاراه، عواجيزه... إلخ) مات الطيب في بلاد تموت من البرد حيتانها ودفن في بلاد تموت من الحر ديدانها. كان من قبيلة الركابية (أحفاد غلام الله بن عايد) عليكم بكتاب (طبقات الأولياء الصالحين) لمحمد النور ضيف الله، تسنم الأستاذ محمود محمد طه قمة (الفلسفة) وتربع الطيب صالح على كرسي (العبقرية) إنه عبقري الرواية العربية بلا منازل. كان الطيب صالح متواضعاً وهذه شيمة السوداني العالم. قال الصوفي العارف الشيخ: عبد الباقي عمر المكاشفي يوماً: والله ما دخل عليَّ أحد، إلا حسبته أعلم مني، وما جلست في مكان، وطلبوا مني أن أخليه لمن هو أعز مني. وقال الشاعر: كمال الجزولي عندما سئل لماذا لا يُسلِّط الأضواء على شخصه وشعره وهو بهذه القامة؟ قال لهم: ـ ألا تعلمون إنني وارث ثقافة السلطنة الزرقاء؟ عندما ألمّ المرض بالأستاذ الطيب صالح.. كنت أسأل نفسي كثيراً هذا السؤال. (من يخلف الأستاذ في كرسي العبقرية)؟ كان يأتيني الرد باهتاً: كنت أقول: (ربما تكون أحلام مستغانمي.. لكن لقد أخذت أحلام موقعها والطيب حيًّ.. ولم يقارنها أحد من النقاد العرب بأسلوب الطيب). ربما يكون جمال غيطاني.. ربما يكون فلانا أو فلانا... إلخ. قلت لنفسي مرة: لا سيظل الكرسي شاغراً لغياب سيده لكن سيتدافع الرواة بالمناكب نحو «الكرسي» الشاغر.. وأعتقد أن الزمن سيطول بهم.. سيعلو الكرسي (التراب) ولن يصعد عليه أحد من الرواة العرب أو السودانيين إلا بعد أن يتساوى قبر أستاذنا بالأرض. سألت الأخ الناقد، مجذوب عيدروس عن (خليفة الطيب صالح؟) جاءني رده: . لا أعتقد أنه سيجيء خليفة للطيب صالح ليملأ الكرسي الشاغر كما يعتقد الناس.. ليعلموا أنه جالس على كرسي (عبقري الرواية العربية) بلحمه ودمه وأعماله موجودة أمامهم.. متى ما كانت هي خالدة، فهو خالد متربع على ذلك الكرسي). وانا موقن ان مسيرة الابداع لن تتوقف. يقولون: كان خليل فرح يرقد على سرير المرض بالمستشفى.. ناحل الجسم عبارة عن هيكل عظمي.. جاءته امرأة عجوز-قريبة له- تعوده، دنت منه.. كان مسبلاً عينيه.. قالت له: ـ عيناً سودا وصادتك يا خليل.. يا وليدي.. ففتح عينيه ورد عليها: ـ وما تقولي مكحّلة..

http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=63887[/B]

Post: #2
Title: Re: معلـمي الطيـب محــمد صــالح-محمد خير حسن سيد أحمد
Author: Seif Elyazal Burae
Date: 03-06-2009, 09:44 PM
Parent: #1

http://www.youtube.com/watch?v=d1g-6TgsRAw&feature=related

Post: #4
Title: Re: معلـمي الطيـب محــمد صــالح-محمد خير حسن سيد أحمد
Author: مريم بنت الحسين
Date: 03-06-2009, 11:18 PM
Parent: #2

شكرا لك أخ Seif Elyazal على الاضافة على هذا الموضوع

Post: #3
Title: Re: معلـمي الطيـب محــمد صــالح-محمد خير حسن سيد أحمد
Author: عاطف عمر
Date: 03-06-2009, 10:09 PM
Parent: #1

شكراً مريم لهذا المقال الدسم
فيه كثير من المعلومات التي كانت غائبة عني
أو تلك التي كنت اسمع عنها ( طشاشاً ) مثل عمله في مدرسة رفاعة الأهلية
الرحمة أرجوها للأستاذ الطيب صالح
والتحية عبرك للأستاذ محمد خير حسن سيد أحمد

Post: #5
Title: Re: معلـمي الطيـب محــمد صــالح-محمد خير حسن سيد أحمد
Author: مريم بنت الحسين
Date: 03-06-2009, 11:21 PM
Parent: #3

العم أ.عاطف .. يشرفني ان اذكر بأن الاستاذ محمد خير حسن هو خالي، اخ لوالدتي... وقد نبهني إلى هذا المقال الذي أردت ان اشارككم فيه... فخورة انا به.. وفخورين نحن بالطيب صالح.. ونفخر جداً برفاعة.. على الرغم من اني لم اعش زمناً يّذكر فيها، إلا أني أجيب فوراً بأني منها..