اتفاقية السلام الشامل ومخاطر الانتكاس...بهرمانس بورغ _المانيا بقلم دكتور حامد فضل الله واخرين

اتفاقية السلام الشامل ومخاطر الانتكاس...بهرمانس بورغ _المانيا بقلم دكتور حامد فضل الله واخرين


04-20-2005, 08:11 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=112&msg=1197719429&rn=0


Post: #1
Title: اتفاقية السلام الشامل ومخاطر الانتكاس...بهرمانس بورغ _المانيا بقلم دكتور حامد فضل الله واخرين
Author: Alia awadelkareem
Date: 04-20-2005, 08:11 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
السودان بين اتفاقية السلام الشامل ومخاطر الانتكاس

تم في التاسع من يناير 2005 في نيروبي – كينيا التوقيع على اتفاقية السلام الشامل بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان /الجيش الشعبي لتحرير السودان بعد مرور أكثر من عامين على توقيع البروتوكول الأول في مشاكوس (20/7/2002)، برعاية الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) وبمشاركة ومساعدة قيمة من أصدقاء الإيغاد – الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وبالرغم من الزخم والارتياح والتأييد الداخلي والإقليمي والدولي لبنود الاتفاقية، فأن مخاطر غير قليلة تحدق بها تتطلب منذ الآن البدء بمعالجتها لتحقيق السلام الشامل المنشود لصالح كل مكونات الشعب السوداني.
إن الاتفاقية تفرز واقعاً جديداً وتساهم في توفير مستلزمات إجراء تغيير جذري في البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لم يشهدها السودان منذ فجر الاستقلال. ومن هنا تنشأ أيضاً صعوبة وخطورة هذه المرحلة في تاريخ وحياة ومستقبل السودان، التي لا يمكن تذليل صعوباتها وتجاوز مخاطرها إلا بإجماع الآراء وتوافق شعبي واسع.

أين تكمن المخاطر؟
إننا إذ نعلن تأييدنا لهذه الاتفاقية، التي أدت إلى إيقاف الحرب المدمرة كما نقدر الجهود الكبيرة التي بذلت من جانب الطرفين الأساسيين، الحكومة والحركة، ولدورهما في إدارة المحادثات الطويلة والمضنية والصبر الذي تحليا به لإنجاز هذه المهمة النبيلة، نحاول الإشارة إلى مكامن الخطر لتجاوزها في المرحلة الراهنة، ومنها:
1. الاتفاق ثنائي، فإصرار الحكومة والحركة ورفضهما مشاركة الأحزاب السودانية المعارضة ذات الثقل التاريخي والسياسي والنيابي كطرف ثالث أثناء المفاوضات، يضعف الاتفاق لفقدانه الإجماع والسند الشعبي مما يمثل خطراً حقيقياً يهدد مستقبل السلام برمته (التذكير والدرس من اتفاقية أديس أبابا 1972).
2. لا جحود ولا مناكفة على ما ناله الجنوب من نصيب في الثروة القومية – اعترافاً لمعاناة الجنوب من ويلات الحرب الأهلية وما أصابه من خسائر بشرية ومادية وتهميش وتخلف لا تقدر بثمن، ولكن نود أن نشير في عين الوقت بأن التخلف والتنمية غير متوازنة والتهميش ليس مقصوراً على الجنوب فحسب بل طال جميع أقاليم السودان – كما أشار إلى ذلك د. جون قرنق نفسه. لذلك لا بد من الاجتهاد في إيجاد آلية لتقسيم الثروة والسلطة لخلق التوازن وتحقيق المساواة حسب درجة تخلف وكثافة سكان كل منطقة أو إقليم.
3. الاتفاق يحتوي على بنود تكرس الانفصال في حين أن مبدأ الاتفاق هو تفضيل خيار الوحدة وإلزام الطرفين بالعمل على تحقيقها.
4. كما نرى بأن الاتفاقية تتضمن بعض البنود ذات المضامين غير الواضحة يكمن فيها إمكانية الاختلاف في تفسيرها، التي يمكن أن تقود إلى بروز مشكلات جديدة تعرقل عملية ومسار تنفيذ الاتفاقية.
5. إن تقديرنا للطرفين يفترض علينا جميعاً أن لا ننسى الجهود النضالية الكبيرة لكل القوى والأحزاب السياسية السودانية منذ بدايات الحركة الوطنية السودانية ومروراً بانتزاع الاستقلال والمحادثات والمشاورات والاتفاقيات التي سعت إليها الأحزاب السياسية الشمالية والجنوبية والمنظمات المهنية والنقابية والطلابية التي ساعدت كلها وساهمت في تأمين الوصول إلى هذه الاتفاقية رغم ما بها من قصور وغموض. إن تأكيد هذه الحقيقة يهدف إلى إرساء العمل الوطني على دعائم من التواضع والاعتراف بدور جميع القوى والأحزاب السياسية في الوصول إلى تلك النتيجة كما يهدف من جهة أخرى إلى رفض محاولة أي انفراد بمكاسب تلك الاتفاقية أو التعالي تحت واجهات عرقية أو دينية أو محاولة تهميش القوى الأخرى والتجاوز على دورها ودور المجتمع السوداني بأسره التي ناضلت ولا تزال تناضل في سبيل قيام سودان يتميز بالحرية والديمقراطية والتآخي والمساواة في الحقوق والواجبات وممارسة فعالة وحقيقية لحقوق الإنسان وحقوق القوميات.
6. إن ذكر مخاطر الاختلاف واحتمال التجاوز على دور ومشاركة القوى الوطنية الأخرى يراد منه أيضاً تجنيب تدويل القضية السودانية بأكثر مما عليه الآن والاكتفاء بدور إيجابي للأمم المتحدة.

ما العمل في المرحلة الراهنة؟
إن إبراز هذه الملاحظات والرغبة الصادقة في معالجتها تستوجب العودة إلى كل القوى الوطنية والشعب السوداني بأسره من خلال عقد مؤتمر وطني عام وشامل لكل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات المهنية والنسائية والطلابية من أجل:
1. مناقشة الدستور السوداني المرتقب لإرسائه على أسس الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية والفصل بين السلطات الثلاث وتحرير الخطاب الديني من قبضة الدولة ومن اتخاذه كأيدلوجيا سياسية لتثبيت شرعيتها وفرض هيمنتها واحترام جميع الأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية والسياسية والتداول الديمقراطي البرلماني للسلطة السياسية.
2. الأخذ بمبدأ اللامركزية في إدارة شئون البلاد إضافة إلى نظام الفيدرالية المقرر في الاتفاقية.
3. إصلاح الخدمة المدنية التي أصابها الدمار في ظل الحكم الشمولي ورد الاعتبار وإزالة الغبن ورفع المظالم عن الذين شردوا من وظائفهم تعسفاً أو إحيلوا إلى المعاش المبكر وأن يكون معيار التوظيف مستقبلاً المواطنة والتخصص والكفاءة والحاجة.
4. إعداد قانون ديمقراطي يرسي دعائم حرية تشكيل الأحزاب السياسية ونشاطها الحر والديمقراطية ورفض تدخل الدولة في شئونها، إضافة إلى وضع قانون ينظم تشكيل وعمل المنظمات غير الحكومية والنقابات والجمعيات المهنية.
5. إعداد قانون جديد ديمقراطي لتنظيم الانتخابات العامة الحرة والنزيهة وتحت إشراف ومراقبة منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة كما جاء في الاتفاقية.
6. الاعتراف بحقوق المرأة السودانية ومساواتها بالرجل ومشاركتها الفعلية في النضال من أجل سودان ديمقراطي جديد وتحملها الكثير من الكوارث والمصائب بسبب المعارك الطويلة في السودان.
7. رفع قانون الطوارئ باعتباره تجاوزاً على حقوق وحرية الفرد والمجتمع وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين وأصحاب الرأي الآخر فوراً وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم.
8. تقديم كل المتهمين بارتكاب الجرائم ضد الإنسانية في السودان والمسؤولين عن القرار السياسي الذي أدى إلى هذه الجرائم إلى المحاكم لا لمعاقبتهم فحسب، بل ومن أجل إرساء أسس التعامل الإنساني والديمقراطي مع الإنسان في جميع أنحاء السودان ورفض أساليب الاستبداد والإرهاب أو القمع والقتل أياً كان المسؤول عنه وتعويض كل المتضررين من أثار الحرب.
9. إن التطورات السياسية والإنسانية المأساوية التي رزخ تحت نيرانها شعب السودان بسبب الحكم الاستبدادي الشمولي فتحت الباب لتدخل دولي تحت عنوان حماية السلام وحقوق الإنسان. وعلينا أن لا ننسى بأن الأمم المتحدة قد لعبت دوراً مهماً في الوصول إلى اتفاقية السلام، كما يفترض أن تساهم بدورها في مساعدة الشعب السوداني على إنجاز بقية الشوط لإرساء أسس السلام الدائم والشامل بين كل مكونات الشعب السوداني. وقد أتى هذا التدخل بعد أن عمل النظام الحاكم طوال عقود من الزمن على استثمار شعار "السيادة الوطنية" لجعل شعب السودان رهينة لممارساته الدكتاتورية الفاسدة التي نفذها في مصلحة فئات ضيقة طفيلية.

إن القراءة المتأنية والمدققة لتقرير الأمين العام للجمعية العامة للأمم المتحدة المقدم إلى مجلس الأمن الدولي عن الوضع في السودان بتاريخ 31/1/2005 يتضمن توصيفاً دقيقاً للواقع في السودان كما يكشف بصراحة عن أن السودان بوضعه الحالي قد أصبح تحت الوصاية الدولية.
ومن هنا تواجه الحركة الوطنية لشعب السودان مهمة مترابطة تجمع بين مواصلة النضال للخلاص من الحكم الدكتاتوري الفاسد وتصفية أثاره السياسية والاجتماعية والثقافية من جهة، واستعادة السودان كدولة حرة مستقلة بمعنى إدارة شؤونها من قبل حكم ديمقراطي ملتزم بحقوق الإنسان والمصالح الوطنية. أن السيادة الوطنية تجسيد لسيادة الشعب على كل قرارات وسياسات الدولة. هذه السيادة تقوم على دستور ديمقراطي كما جاء في البند الأول والنص الواضح على سيطرة الدولة على المصادر والثروات الأساسية والتزامها سياسة خارجية لمصلحة السلام والتعاون الدولي والإقليمي العربي والإفريقي بحكم الانتماء والجغرافيا والتاريخ والشراكة في المستقبل.
ومن المفهوم والمطلوب أن يودي التعجيل لمعالجة مشاكل السودان الداخلية لإبطال الأسس التي بررت التدخل الخارجي.

إن تحقيق هذه المهمات يتطلب من حيث المبدأ تأمين:
1. المشاركة الواسعة من قبل جميع مثقفي السودان في العملية التنويرية الدينية والسياسية الوطنية وعقد الندوات والمؤتمرات لشرح أسس الحياة الجديدة الديمقراطية المنشودة في الداخل والخارج.
2. قيام الحركة الشعبية لتحرير السودان بعملية التوعية الواسعة في جنوب السودان وتوضيح أسس الاتفاقية.
3. تبني جميع الأحزاب السودانية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية والمنظمات النسائية والطلابية الاتفاقية والقيام بعمل جاد وحثيث لتوضيح البنود والمضامين الغامضة فيها من أجل أن تشرح وتقبل من جميع فئات الشعب السوداني ومكوناته القومية والجهوية.
4. دور الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية لدعم الجهود المبذولة على هذا الطريق وتقديم المساندة السياسية والمادية لإنجاز مهمات المرحلة الراهنة لإيصال السودان إلى شاطئ السلام والأمان والوحدة الوطنية.

إن الحركة الشعبية لتحرير السودان وقائدها د. جون قرنق الذي يكرر دوماً إنه شريك أساسي وملتزم وفاعل في التجمع الوطني الديمقراطي هما الآن أمام الامتحان الصعب وأمام التاريخ لإظهار المصداقية وصيانة العهود (التمادي في نقض المواثيق والعهود، ابيل ألير) للقوى الشمالية والجنوبية التي ساندتهما في النضال من أجل سودان جديد موحد.
إن التطورات العالمية الهائلة في مجال الإعلام (الانفوميديا) بما تفرضه من سرعة وكثافة في نقل المعلومات وتزايد المعرفة والثقافة تفرض على أحزابنا ذات الإرث التاريخي الطويل تحديث أساليب عملها وتجديد كوادرها وعقد مؤتمراتها لتجديد شرعية قيادتها السياسية من أجل استرداد وتوسيع قاعدتها الجماهيرية بما تقدمه من نشاط فكري وسياسي وثقافي جديد لدخول المنافسة السياسية بين الأحزاب من أجل الفوز بالسلطة وتداولها سلمياً.

إن جميع القوى السياسية السودانية تقف اليوم أمام امتحان صعب وعسير ولكن نبيل ولا مناص منه لإثبات جدارتها في تحمل المسؤولية والسير قدماً صوب بناء سودان فيدرالي ديمقراطي حديث وتعددي.

نحن – الموقعين – أدناه نعيش منذ سنوات طويلة في الغربة دون أن ننقطع ولو للحظة واحدة عن شعبنا ووطننا وقضاياه الساخنة، نتقصى أخباره ونتابع تطور أحداثه، نعيش محنه وآلامه ومتاعبه، ونتفاعل مع أحلامه وتطلعاته الإنسانية العادلة في العيش في جو من الهدوء والاستقرار والسلام والكرامة والتقدم والديمقراطية. إن الوطن يعيش فينا أبداً ولا نريد له سوى الخير والتقدم.
إننا بصدد تكوين "الملتقى السوداني للديمقراطية والثقافة والتنمية" لنقوم بدورنا الذي تفرضه علينا مسؤولياتنا الوطنية. إذ نجد لزاماً علينا الاتصال بالجهات الرسمية والشعبية والأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية والعمالية والنسائية والطلابية وكذلك بالهيئات والمؤسسات، من أجل شرح قضايا الوطن ومشكلاته وإمكانيات دعمه ومساعدته للنهوض بالمهمات الملقاة عل عاتقه في المرحلة الراهنة.

إلى كل ذلك نتطلع ومن أجله نعمل ونتضامن مع بنات وأبناء شعبنا السوداني النبيل.



Hermannsburg
10-8 April 2005

د. حامد فضل الله د. محمد جميل أحمد الحسين أدم
برلين لاقا فرانكفورت


Dr. med. Hamid Fadlalla
Suarez-str. 22
14057 Berlin
Germany
Tel. +49-30-3225850
Fax +49-30-30112137
E-mail: [email protected]