شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 06:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   

    مكتبة الاستاذ محمود محمد طه
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-29-2004, 06:41 AM

بشير عيسى بكار

تاريخ التسجيل: 08-02-2003
مجموع المشاركات: 40

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين ( يناير1985 وما تلاه) (Re: بشير عيسى بكار)

    الحلقة الخامسة والأخيرة

    هذه الحلقة الخامسة والأخيرة من هذا السرد التاريخي للأيام التي سبقت 18 يناير 1985 والأيام التي تلته. وهناك جزء يتعلق بتطورات الأمور خلال سنتين بعد ذلك، كما تعكسها رسائل متبادلة مع بعض قادة الأخوان الجمهوريين. هذا الجزء الثاني رأيت إرجاؤه إلى وقت لاحق في المستقبل. ومعذرة عن الإطالة، التي لم يكن منها مناص، لأنني بصدد رصد وقائع تتصل بحدث عظيم. وعادة ما يكون للتفاصيل الصغيرة والدقيقة أهمية كبيرة في المستقبل.

    ما آل إليه حال الجمهوريين بعد التنفيذ

    زحف نهار الجمعة العصيبة على الأخوان الجمهوريين وقد أمسوا كجسد بلا رأس. وانعقد في المساء اجتماع باك (بالدروشاب)، أعلن فيه الأخ سعيد الطيب شايب أن المظلة الروحية التي كان يمثلها وجود الأستاذ، صاحب الفكرة، والداعية إليها بإذن روحي، وصاحب الصلة بالغيب، قد رفعت الآن.. وأن أمرنا يختلف عن أمر سائر الدعوات الأخرى أو الحركات السياسية. وهو بهذا - أي سعيد - لا يتحمل مسؤولية الدعوة ومسؤولية قيادة التنظيم، وبالتالي تتوقف الدعوة وينحل التنظيم، إلى أن يأذن الله بمن يجئ لإكمال هذا الأمر، ولم يبق غير العمل بالطريق النبوي، كل واحد من الأخوان في نفسه.
    وفي اليوم التالي، السبت 19/1، أعلن الأخوان الأربعة، المحكوم عليهم بالإعدام تراجعهم..وكتبوا بذلك إلى نميري. فقد ناقشوا موقفهم بعد رحيل الأستاذ، ورأوا أن من الحكمة والسياسة أن يكون التراجع عن موقفهم.
    كانت آخر مرة قابلوا فيها الأستاذ في صباح الخميس. وقد حكى لهم أثناء المقابلة قصة الصراع على الخلافة بين على ومعاوية، وما كان من أمر الحسن بعد مقتل الإمام علي، فقد رأي أن أمر الدنيا قد غلب، فتنازل عن طلب الخلافة. ولكن أنصار معاوية لم يكتفوا بذلك وكانوا يريدونه أن يبايع معاوية فيبايعه وراءه أصحابه. وبمشورة من عمرو بن العاص، اجتمع معاوية بالحسن وجماعته، واقترح عمرو أن يبدأ معاوية بطلب الحديث من الحسن، فإن بايع تبعه جماعته، وإن امتنع أخذ بذلك.
    فبدأ الحسن يتكلم، فصار بعض جماعته يهمهمون، غير راضين عن اتجاه كلامه، فقال "إن أكيس الكيس التقوى، وأحمق الحمق الفجور. إن كان هذا الأمر لمعاوية فقد ناله، وإن كان لي، فقد تنازلت عنه لمعاوية. والحمد لله الذي عصم بأوائلنا دماء أوائلهم، وحقن بنا دماء أواخرهم".
    * * *
    ثم كانت مقابلة الفقهاء وجماعة المحكمة للأخوان، وإملاؤهم عليهم، بصورة من التشفي، تلك الصيغة المذلة عن توبتهم، وحديثهم عن الأستاذ، بعبارات التكفير والردة والإلحاد. ولكن مع ذلك كان موقف الأخوان في أوساط الشعب متفهما، وكان الناس يشيدون بعبد اللطيف في محاورة الفقهاء وجماعة المحكمة حول الصيغة.
    وكان موقف الأخوان في الخارج (خارج المعتقلات) في نفس الاتجاه نحو التراجع، كما وردت الإشارات في الحديث عن الاجتماع. وبعد تقرير هذا الخط الجديد، بعد انتقال الأستاذ، أصبح الأخوان في سبيل إخراج الأخوات والأخوان من المعتقلات.. وبينهم ثمانية كانوا يواجهون نفس التهم تحت المواد التي وضعت بسبب المنشور، هم: إبراهيم يوسف، عبدالله فضل الله، سعد القاضي، صديق دالي، محمد عثمان أبوروفة، عبد الغني أحمد، والباقر الحوري.
    وكانت سلطات الأمن بجهاز أمن الدولة قد اعتقلت الأخ د. عبد الله أحمد النعيم، ووضعته في حراسات الجهاز، ثم أطلقت سراحه ليجري اتصالات بالأخوان للتفاوض حول صيغة للخروج. وبدأ الإفراج بالأخوات في اليوم الرابع بعد التنفيذ، وكانت صيغة التعهد التي وقع عليها أولياء أمورهن "ألا يمارسن نشاطا جمهوريا في السودان".
    وبعد عشرة أيام من الاعتقال كان خروج الأخوان، وذلك بعد التعهد على صيغة أخف نسبيا من تلك الصيغة التي أمليت على الأخوان الأربعة – وجرى بها ما جرى من التشهير في وسائل الإعلام . في هذه الصيغة الأخيرة يقر الأخ بأنه كان جمهوريا، وقد انتهت الفكرة الجمهورية بإعدام مؤسسها، ويعلن توبته وتراجعه، ويتعهد بعدم الدعوة إلى الفكرة أو اعتناقها، وإلا فيستعرض للمساءلة القانونية، ويشهد الله على ذلك، ويشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
    وفي الأقاليم كان قد اعتقل عدد من الأخوان في عدد من المدن. ففي "مدني" اعتقل ثلاثة من الأخوان، وأطلق سراحهم بعد حوالي الأسبوعين بصيغة مماثلة من التعهد. وفي كسلا، أعتقل ثمانية من الأخوان، بينهم اثنتان من الأخوات. وأطلق سراحهم بعد تسعة أيام، بنفس الصيغة من التعهد التي خرج بها أخوان الخرطوم. وفي بورتسودان، خمسة من الأخوان، وفي كريمة اعتقل اثنان. وفي الحصاحيصا أعتقل أحمد البدوي، ثم أطلق سراحه بعد ثلاثة أسابيع تقريبا.
    * * *

    الحديث عن العودة

    سرت إشاعات كثيرة عن اعتقاد الجمهوريين في عودة الأستاذ. ويبدو أن لها عدة مصادر، منها ما كان يدور سابقا في أركان النقاش التي يقيمها الجمهوريون، من جدل بين الأخوان والمعارضة، حول مسألة المسيح والإنسان الكامل، التي بشرت بها الفكرة، وعن عدم موت الإنسان الكامل، وما إذا كان الأستاذ هو المسيح.. إلخ..ومن ذلك ما كان مطروحا في بعض كتب الفكرة حول هذا الأمر، مثل ما ورد من حديث عن الإنسان الكامل في رسالة للأستاذ حول آيات النور "الله نور السموات والأرض"، حيث جاء :"في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه"، فإن البيوت أجساد العارفين، وفي طليعتهم الإنسان الكامل. فإن جسد الإنسان الكامل قد أذن الله له أن يرفع من الأموات. فهو إنما يجئ إلى هذه الدنيا من العالم الآخر" أ.هـ. ومنها موقف الأستاذ وحاله عند التنفيذ وبعده. ومنها رؤى كثيرة يراها الأخوان والأخوات وغيرهم من عامة الشعب عن الأستاذ. مثلا يروون أن امرأة رأته في صورة أسد، فقالت له: ما قالوا مت؟ فقال أنا ما مت، أنا موجود في مدينة أم درمان.
    ورؤى أخرى كثيرة ومتواترة في هذا الاتجاه. آخرها مثلا ما روي عن أحد أقرباء الجمهوريين، وهو غير جمهوري، رأي أنهم في قرية بالمديرية الشمالية، وأن الأستاذ قد مات هناك وذهبوا لتشييعه، وكان ذلك في سوق قرية "الباوقة"، فقام الأستاذ وأخذ يعظ الناس بلغة غير العربية، ولكن الناس يفهمون حديثه وينصتون.
    وفي مساء الخميس الذي أذيع فيه بيان نميري، قال أحد أقرباء الأستاذ، وهو غير جموري، وكان فيما مضى معارضا للفكرة – وكان كثير من الناس يتوقعون عدم تنفيذ الحكم – قال الرجل، وإسمه مبارك علي الشيخ، إن الحكم سينفذ على الأستاذ. وبعد التنفيذ بيومين عندما جاء للعزاء في منزل الوالدة آمنة، حكى أنه في عام 1949، قابل الأستاذ وجرى بينهما حديث ذكر فيه الأستاذ أنه سيقتل كما قتل المسيح، سيصلب أو يشنق، ويترك معلقا لفترة من الزمن. قال الرجل إنه لم يذكر هذه العبارة لأحد قبل اليوم. وكانت قد درست في ذاكرته فأعادها هذا الحدث. وهناك وصية للأستاذ، كتبها في سنة 1951، يوصي فيها فيما يوصي بألا يكفن في جديد وألا يناح عليه وألا توضع على قبره علامة.

    السلطات تستجوب عوض الكريم موسى عما يشاع

    على أثر تلك الإشاعات التي انتشرت عن اعتقاد الجمهوريين في عودة الأستاذ، اعتقلت سلطات أمن الدولة الأخ عوض الكريم موسى حوالي يوم 28/1، واستمر بحراسات الجهاز حتى يوم 9/2، حيث أطلق سراحه. وقد أجروا معه تحريا مطولا وسألوه عما يشاع عن "العودة"، وعن مسألة الإنسان الكامل، وحول حركة الأخوان ووجود التنظيم أو عدمه، وكانوا أيضا يسألون عن أربعة من الأخوان هم خالد الحاج، وأحمد دالي، وعمر القراي، والريح حسن خليفة.
    أوضح الأخ عوض الكريم لهم موقف الأخوان والخط الجديد بعد رحيل الأستاذ، وتوقف الدعوة لعدم الإذن الروحي.. وأن التنظيم قد تم حله، وأن مسألة الإنسان الكامل مسألة مطروحة عند الصوفية منذ زمن بعيد.. وأنه في كل ديانة أو مذهب ديني هناك من ينتظر ظهور هذا الإنسان بصورة من الصور.. ونفى مسألة الحديث عن العودة، وذكر لهم أنه من البديهي أن يتوقف الجمهوريون بعد موت الأستاذ ويراجعوا أمرهم، ولكن المراجعة لا تكون ما بين يوم وليلة، وتقتضي وقتا، وأن من الخير ألا تتجه السلطات إلى أسلوب الاستتابة والتكفير والتشهير الذي وقع للأخوان الأربعة. فهي بمثل هذه السياسة تخلق من الجمهوريين إحدى فئتين: إما فئة تلجأ إلى التطرف والعنف مثل جماعات التكفير في مصر، أو فئة تلجأ إلى الاعتقاد في عودة إمام روحي وتظل تنتظره، مثل الشيعة.
    وأكد لسلطات الأمن أن حل التنظيم يقوم على اعتبار الناحية الروحية أولا، وأن الأخوان الذين يسألون عنهم لا يختفون خوفا من العقوبة، ولكن لأنهم يخشون التعرض للتشهير بالصورة التي تعرض لها الأخوان الأربعة.

    تصرفات الأخوان المسلمين

    وفي تلك الأيام كان الأخوان المسلمون يروجون عن أن الجمهوريين يدبرون لاغتيالات سياسية، وكانت أجهزة السلطة أيضا تتوجس من أمر الجمهوريين وتراجعهم السريع، بعد تلك الصورة التي كانوا عليها من الحماس في وجود الأستاذ، واستعدادهم للتضحية حتى الموت.
    * * *
    كان الأخوان المسلمون أيضا ينشرون في بعض الصحف ويروجون في بعض الأوساط ما يزعمونه من فساد في عقيدة الجمهوريين. ومن ذلك ما ينشر حول البشارة بالمسيح أو الإنسان الكامل. وكان موقف الأخوان المسلمين موقف الشامت الفرح. وكانوا في آخر ليلة قبل التنفيذ يقدمون ندوة تحت ما تسمى برابطة محاربة الفكر الجمهوري بجامعة الخرطوم، كما سلفت الإشارة. وظلوا يقدمون بعض الشبان الذين عرفوا بالبذاءة والإسفاف الشديد ليتحدثوا عن الفكرة الجمهورية، في حلقات النقاش بالجامعة، وفي بعض أنشطتهم خارج الجامعة.
    وكان موقف القاضي حاج نور، وهو من الأخوان المسلمين وكان عضوا في محكمة الاستئناف التي يرأسها المدعو المكاشفي، والتي أيدت حكم المحكمة الأولى وأسسته على موضوع الردة، مثلا لتناقض الأخوان المسلمين، ومواقفهم المعروفة باللعب على الحبلين. فهو قد اشترك في الحكم وإصدار الإدانة على الأستاذ، وفي استتابة الأخوان الأربعة التي أذيعت من التلفزيون، كان يزعم أنهم أصدروا حكمهم عن قناعة وليس إرضاء لأي جهة، ولكنه مقتنع بصدق الأخوان وإخلاصهم وطلبهم الدين.
    وكان في محاكمة بشير بكار ثم ابراهيم يوسف وبقية الأخوان، متساهلا، ويحاول أن يوحي بأنه كان ضد صورة المحاكمة التي جرت.. كأنه يريد أن يبرئ ساحة الأخوان المسلمين من الجريمة.. أو يرى أنهم قد حققوا غرضهم بقتل الأستاذ، ومن السياسة أن يعاملوا الأخوان الجمهوريين بعد ذلك برفق، فلعلهم يرجعون. فأطلق سراح بشير بكار بالتعهد الذي سلفت الإشارة إليه، وأطلق سراح ابراهيم يوسف وبقية الأخوان بدون تعهد.
    * * *
    في يوم 5/2 أعتقل الأخ صديق دالي، وأطلق سراحه في اليوم التالي بعد أن أجروا معه بعض التحري، وسألوه عن مكان الأخ أحمد دالي، وكذلك عن عمر القراي، وكان لا يعرف عنهما شيئا.
    بقي حتى الآن اثنان فقط من الأخوان لم يخرجا من المعتقل، هما الباقر الفضل ومصطفي محمد صالح، وذلك لرفضهما التوقيع على التعهد والخروج. ولم تجد محاولات الأخوان العديدة لإقناعهما. وحولا إلى مباني الجهاز في 5/3، ثم من هناك إلى سجن كوبر، ولا يبدو أن في نية السلطات تقديمهما للمحاكمة، بالرغم من التصريحات التي سبق أن أصدرها المكاشفي (رئيس محكمة الاستئناف) بأن الجمهوريين الممتنعين عن التوبة سيقدمون إلى محاكمات فورية تحت تهمة الردة.

    نميري يزيح المكاشفي وجماعته استجابة للضغوط

    • وفي تطور جديد داخل أجهزة النظام، أزيح المكاشفي من رئاسة الجهاز القضائي بالعاصمة ومن رئاسة محكمة الاستئناف، ووضع بدلا عنه حاج نور، وذلك بعد حركة صراع كانت دائرة بين الرشيد الطاهر، النائب العام، من جهة، والمكاشفي ومحمد آدم عيسي وزير الشؤون الجنائية من الجهة الأخرى – محمد آدم عيسى هذا كان وراء وضع المواد وتقديم الأستاذ للمحاكمة بصورة مباشرة. وانتصر الرشيد الطاهر بعد مذكرة رفعها لنيميري، وقلصت على أثر ذلك سلطات الرجلين الآخرين.
    • كذلك كان يبدو أن للضغوط الخارجية وخاصة من الأمريكيين، وللسخط الخارجي والداخلي الذي أعقب محاكمة الأستاذ، أثر في مثل هذه التعديلات. وظهر ذلك أيضا في محاكمة البعثيين الأربعة الذين كانوا يحاكمون لحيازة منشورات ضد الحكومة (وضعت لهم نفس المادة 96 ط، ك) التي حوكم بها الجمهوريون، ثم سحبت، وصدر الحكم ضد البعثيين (من المكاشفي نفسه) بالسجن لفترات تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، مع الجلد والغرامة.
    يبدو أن كل تلك التريتبات الغريبة، ما كانت إلا لتتم المؤامرة، وليقضي الله أمرا كان مفعولا.
    * * *
    في يوم الأربعاء 23/1 (تقريبا)، أحرقت بعض كتب الفكرة الجمهورية التي صودرت، ولم يكن بينها كثير من الكتب الأساسية، وقد أشرف على ذلك المهلاوي، قاضي محكمة الموضوع. وقد بالغوا في تقديرها، فذكروا أنها خمسون ألفا، وهي لا تبلغ الألفين.
    وبلغنا أن المهلاوي يتبجح بالمحاكمة وقد نشر حيثياتها موقعة باسمه. والمهلاوي هذا شاب خريج الجامعة الاسلامية بام درمان، ولم يمارس مهنة القانون أكثر من ثلاث سنوات.. ذلك هو الذي حكم على الأستاذ!!
    * * *
    جامعة الخرطوم دخلت في الظلام من جديد

    • لم تلبث جامعة الخرطوم بعد غياب حركة الأخوان الجمهوريين أن دخلت في الظلام من جديد. وانفجر الوضع فيها بسبب بيان أخرجه أحد الأخوان المسلمين المنسلخين عن التنظيم، يدين فيه انحرافات التنظيم. واحتفلت بقية التنظيمات السياسية بهذا المنشور، واستغلته في كشف مواقف الأخوان وضعضعة موقفهم في الجامعة على ما كان عليه من ضعف بعد الهزيمة الأخيرة وخروجهم من الاتحاد. ثم لم يلبث الموقف أن انفجر في اشتباكات دموية أصيب فيها عدد كبير من الطلبة، وقفلت الجامعة على إثرها. في هذه الاشتباكات كان الأخوان المسلمون يقفون من جانب، وبقية التنظيمات السياسية الأخرى (المستقلون، الجبهة الديمقراطية، الجنوبيون، إلخ) تقف من الجانب الآخر. وكانت المواجهة أشد ما تكون بين الأخوان المسلمين والجنوبيين.
    * * *
    نميري يقلب ظهر المجن للأخوان المسلمين

    واليوم12/3، وقد بدأنا في اختتام هذا التقرير، إذا بنميري يذيع بيانه في الصباح الباكر، معلنا فيه انقضاضه على الأخوان المسلمين. ويحكي نفس الصورة من تطور مراحل التآمر والاحتواء التي كان قد تنبأ بها الجمهوريون، وحذروا منها عقب المصالحة الوطنية، ودخول الأخوان المسلمين في السلطة في عام 1977.
    وحكى عنهم ما حكى من استغلال الدين، والسعي إلى الوصول إلى السلطة بأي سبيل، وعن إدخالهم السلاح، والقيام بالتدريب، واستغلالهم للمؤسسات المالية الإسلامية، واحتكارهم للسلع الاستراتيجية وخلقهم الأزمات، واتجاههم في آخر الأمر إلى تصفيته وتصفية أعوانه بدعوى أن مرحلة "الإمام المجاهد" قد انتهت، و لابد من مرحلة "الإمام العالم".
    وجرت اعتقالات واسعة في الليلة التي سبقت هذا البيان. بلغنا أن عشرين وفي رواية خمسين من قياداتهم قد اعتقلت في هذه الليلة، ونقلت بطائرة إلى سجن شالا بغرب السودان. وتوالت الاعتقالات، ويقال أنها بلغت المئات. وصدرت أوامر جمهورية، بعزل جميع من كان منهم في مناصب رسمية، منهم الترابي، يس عمر الإمام، على عثمان محمد طه، حافظ الشيخ، حاج نور، أحمد عبد الرحمن، محمد آدم عيسى، المكاشفي، وآخرون كثيرون.
    والشائع أن هذا الإجراء في سبيل الاتجاه إلى الخط المعتدل الذي يريد الغرب لنميري أن يسلكه، ليحل مشكلة الجنوب وليحقق شيئا من الاستقرار الداخلي والمشاركة الأوسع. ويشاع منذ فترة أن الأمريكيين يرشحون الصادق المهدي ليكون رئيسا للوزراء.
    ما تكاد تلقى مواطنا يذكر لك هذا الحدث (ضربة النميري للأخوان المسلمين) إلا وهو شامت عليهم. وكثير من المواطنين ربط هذا الحدث بما جرى للأخوان الجمهوريين من الظلم وكان وراءه الأخوان المسلمون، وأن هذا الذي وقع عليهم اليوم هو انتقام الله للجمهوريين، وقد أتى سريعا.
    لايستطيع المرء أن يتنبأ بشيء مما سيجري لهذا البلد. ولكن ثقتنا في الله عظيمة بأنه لا يسوقنا إلا إلى الخير، مهما ظهر في سبيل ذلك من العقبات.
    * * *
    هذا التقرير قصد به أن يكون تقريرا للتاريخ. كما قصد به أيضا أن يضع في الصورة، بقدر الإمكان، الاخوان الذين يبلغهم في مكان بعيد. وقد كانت فيه جوانب تحتاج إلى مزيد من التوثيق والتدقيق والانضباط.. ولم يسمح بذلك ضيق الوقت والظروف السائدة الآن، وكذلك عجلتنا على أن يبلغ هؤلاء الأخوان ما يفيدهم عن حالنا هنا، وهم بلا شك لا تخلو حياتهم من القلق والحيرة بعد الذي حدث.
    الثلاثاء 12 مارس 1985

    (عدل بواسطة بشير عيسى بكار on 01-30-2004, 03:56 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-12-04, 03:45 AM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Dr.Elnour Hamad01-12-04, 04:31 AM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Haydar Badawi Sadig01-12-04, 07:19 AM
      Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-12-04, 05:14 PM
        Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-12-04, 06:23 PM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Rawia01-13-04, 04:14 AM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Yasir Elsharif01-13-04, 05:54 PM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) bunbun01-13-04, 06:16 PM
      Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-13-04, 06:47 PM
      Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-13-04, 07:04 PM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Yasir Elsharif01-13-04, 07:55 PM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-15-04, 00:55 AM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Rawia01-13-04, 11:31 PM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Raja01-14-04, 07:44 PM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-15-04, 02:05 AM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Omer Abdalla01-15-04, 01:28 AM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-15-04, 01:47 AM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-15-04, 01:40 AM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Yasir Elsharif01-15-04, 10:29 AM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Yasir Elsharif01-15-04, 11:54 AM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-15-04, 10:38 PM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) الجندرية01-16-04, 11:14 AM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) doma01-16-04, 12:06 PM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Yasir Elsharif01-16-04, 12:10 PM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) الجندرية01-17-04, 09:08 AM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) عبدالأله زمراوي01-17-04, 10:55 AM
      Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-17-04, 07:35 PM
        Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-17-04, 07:46 PM
        Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-17-04, 07:48 PM
          Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-17-04, 08:21 PM
            Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-17-04, 09:10 PM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) الجندرية01-18-04, 08:53 AM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) doma01-18-04, 01:14 PM
      Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-18-04, 09:39 PM
        Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين ( يناير1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-29-04, 06:41 AM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Yasir Elsharif01-29-04, 03:26 PM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Haydar Badawi Sadig01-29-04, 05:18 PM
      Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-29-04, 05:40 PM
      Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Haydar Badawi Sadig01-29-04, 06:23 PM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Omer Abdalla01-29-04, 06:42 PM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Haydar Badawi Sadig01-29-04, 07:37 PM
      Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-30-04, 06:07 AM
        Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Haydar Badawi Sadig01-30-04, 09:46 PM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Yasir Elsharif01-30-04, 10:16 PM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Haydar Badawi Sadig01-31-04, 03:35 AM
      Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار01-31-04, 04:16 AM
        Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Abureesh01-31-04, 04:30 AM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) د.كرار التهامي01-31-04, 04:57 AM
      Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Haydar Badawi Sadig01-31-04, 06:38 AM
        Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Abureesh01-31-04, 07:52 AM
          Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار02-01-04, 06:19 AM
            Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار02-01-04, 06:28 AM
              Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) د.كرار التهامي02-10-04, 03:15 AM
  Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) Yasir Elsharif02-04-04, 10:53 AM
    Re: شهادة: في ذكرى الأستاذ محمود وعن تجربةالجمهوريين (يناير 1985 وما تلاه) بشير عيسى بكار02-13-04, 05:40 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de