لم يغضب رسولنا الأكرم إلا عندما أتى عامل الزكاة يحمل الكثير لبيت المال والقليل لنفسه تحت بند الهدايا.. في كثير من المخالفات كان الرسول حتى يتحدث عن المخالفة دون الحديث عن المخالف..لكن في حادثة ابن اللتبية أعلن الرسول حالة الطوارئ وحشد الناس في المسجد.. كان ذلك منهج إشهار المخالفة المنهجية لا التشهير بصاحبها.
انتظرت بترقب حديث السيد رئيس الجمهورية في افتتاح وحدة مكافحة الفساد بجهاز الأمن الوطني.. الافتتاح جاء والحرب على الفساد في ذروتها.. بعض القضايا وصلت المحاكم والأخرى في الانتظار.. بل دعوت لإعلان حرب شاملة من منصة أكبر من جهاز الأمن الوطني وبدعم من المؤسسة التشريعية.. لكن أخشى أن تفهم بعض المؤسسات دعوة الرئيس لسرية التحريات على غير ما أريدت به.
لم تكتسب الحرب على الفساد وهنًا إلا حينما طالت التحريات كبار الوزراء وتجاوزت لصوص المراوح.. الإشهار يوفر للحرب عتادًا وزادًا هي في أمسّ الحاجة له.. بل أن الإشهار الذي هو قاعدة في العدالة مبني على علنية المحاكمات.. الآن في النظام العدلي بالإمكان متابعة التفاصيل بعيد فتح بلاغ في دوائر الشرطة.. بالطبع ليست هنالك اتهامات إن لم تتوفر بينات كافية.. الاتهام لا يعني الإدانة باعتبار أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
توسيع مفهوم الحرب على الفساد لتشمل الجبايات غير القانونية يشتت الكرة.. من المهم التركيز على المخالفات المالية والفساد المؤسسي القائم على استغلال النفوذ.. أما ما دون ذلك فيترك للعدالة الاعتيادية.. لهذا من الأفضل الاستمرار بوتيرة متزايدة في الحرب على الفساد وهى مسؤولية أخلاقية كما قال مولانا أمين بناني خلال برنامج تلفزيوني.
في تقديري من المهم الموازنة ما بين أخطار التشهير الشخصي مقابل عدم الإشهار الذي يحقق قاعدة العدالة يجب أن ترى وهى تتحقق.. هنالك الآن الكثير من الضغوط حتى تضع هذه الحرب أوزارها.. البعض يوحي للقيادة السياسية أن هنالك كلفة سياسية باهظة وربما ثمنًا اقتصاديًا فادحًا إن استمر الطرق على قضايا الفساد.. هذا الزعم صحيح لكن الأصح أن الانسحاب الآن كلفته أكبر. .ليس أمام الحكومة بعد أن دخلت اليم سوى السباحة للإمام.
بصراحة.. من المهم أن تتوفر إرادة سياسية في الحرب على الفساد.. لن تنجح هذه الحرب إلا إذا أصبحت الحرب على الفساد سياسة دولة ومنهج حكومة.. إن لم ترتفع سقوف الاتهام وتصل إلى التماسيح المفترسة، سيحسب الناس أن الأمر لم يكن سوى دعاية انتخابية تستهدف دغدغة مشاعر الشعب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالباقي الظافر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست