مَاذا حَدَثَ لكِتابِ الإسلاميين عن اتفاقيةِ نيفاشا؟ 5 - 5 تعقيب على الأستاذ خالد موسى دفع الله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 06:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-08-2018, 06:04 AM

سلمان محمد أحمد سلمان
<aسلمان محمد أحمد سلمان
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 95

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مَاذا حَدَثَ لكِتابِ الإسلاميين عن اتفاقيةِ نيفاشا؟ 5 - 5 تعقيب على الأستاذ خالد موسى دفع الله

    06:04 AM July, 08 2018

    سودانيز اون لاين
    سلمان محمد أحمد سلمان-واشنطن-الولايات المتحدة
    مكتبتى
    رابط مختصر



    1
    تعرّضنا في المقالات الأربعة السابقة من هذه السلسلة من المقالات إلى مقال الأستاذ خالد موسى دفع الله الذي نشره في 16 مايو عام 2017 (أي قبل أكثر من عام) على عددٍ من الصحف الالكترونية والورقية بعنوان "الإسلاميون وانفصال جنوب السودان." وقد ابتدر الأستاذ خالد مقاله بالقول:
    "يترقب الوسط السياسي قريبا صدور كتاب جامع مانع عن اتفاقية السلام الشامل من افواه صانعيها بعد ان اكتملت فصوله وتحقيقه وتدقيق اللمسات الاخيرة ليضيف للمكتبة السودانية سفرا نوعيا يسد فراغا هاما في التوثيق والادب السياسي المعاصر. والكتاب رغم أهميته من حيث رصده الدقيق لفصول وتفاصيل المفاوضات والمواقف والخيارات التي وافقت عليها حكومة السودان الا انه تأخر كثيرا عن وقته لإستعصام صناع تاريخ اتفاقية السلام الشامل بالصمت النبيل وغير النبيل، وقد راجت من جراء هذا الفراغ روايات وكتب اصدرتها أطراف ثالثة لم تكن جزءً من التفاوض المباشر بين الطرفين."
    وقد قمنا في المقالات الأربعة السابقة بالردِّ على عدّة مسائل هامة وخطيرة وخاطئة أثارها مقال الأستاذ خالد موسى، والذي يبدو أنه عرضٌ مُقدّمٌ "وبالونة اختبار" للكتاب الموعود. نعيد أدناه هنا موجزاً للردِّ على هذه المسائل، ونضمّن أيضاً ردَّنا على مسائل أخرى خاطئة وردتْ في المقال المذكور.
    2
    أولاً: لماذا لم يصدر حتى الآن الكتاب الذي وعدنا الأستاذ خالد قبل أكثر من عام أته سيصدر خلال أسابيع؟
    كما ذكرنا في المقال الأول من هذه السلسلة من المقالات فيبدو أن سبب التأخير في صدور الكتاب هو مشروع وحدة الحركة الإسلامية بعد الحوار الوطني، ثم تعثّر المشروع.
    فبعد انفصال جنوب السودان عام 2011 أقبل الإسلاميون يلومون بعضهم بعضاً على ما حدث. بعض قيادات الحركة الإسلامية تُحمِّل السيد علي عثمان محمد طه مسئولية الانفصال. لكن السيد علي عثمان الذي وقّع على اتفاقية نيفاشا عام 2005 يلوم الدكتور غازي العتباني الذي وقّع على بروتوكول مشاكوس واعترف فيه بحق تقرير المصير لشعب جنوب السودان عام 2002. من الجانب الآخر يقوم الدكتور غازي العتباني بإلقاء اللوم على الدكتور علي الحاج وإعلان فرانكفورت الذي صدر عام 1992 وأعطى شعب جنوب السودان حق تقرير المصير.
    لكنّ يبدو أن وحدة الإسلاميين بعد الحوار الوطني فرضتْ على قادتها وقف الاتهامات والاقتتال فيما بينهم في هذه المسألة. وللخروج من هذا الحرج والمأزق التاريخي فقد رأى الطرفان العمل معاً على إلقاء اللوم على التجمع الوطني الديمقراطي ومقررات أسمرا التي صدرت في يونيو عام 1995، وتضمّنت حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان. من هنا جاءت الفكرة بإصدار صك البراءة لإعلان فرانكفورت لعام 1992 من خلال هذا الكتاب الموعود، وإلقاء اللوم بدلاً عن ذلك على التجمع الوطني الديمقراطي ومقررات أسمرا.
    غير أن عودة الخلافات مرّةً ثانية مؤخراً بين إسلاميي المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي فرضتْ، على ما يبدو، تأخير صدور الكتاب حتى تتضح الصورة. فلا أحد من المؤتمرين يريد أن يعطي الطرف الآخر صك البراءة، ثم يأتي بعد أشهر ويحاول سحب وإلغاء ذلك الصك.
    3
    ثانياً: من وراء إصدار وتمويل والإشراف على الكتاب الموعود؟
    ذكر الأستاذ خالد قي مقاله "من المتوقع ان يحدث هذا الكتاب ضجة في الأوساط السياسية والإعلامية لكشفه للمواقف والأسرار لأول مرة. اذ انه استنطق صناع الحدث الرئيسيين مثل النائب الاول السابق لرئيس الجمهورية الاستاذ علي عثمان محمد طه وأكثر من خمسين شخصية اخري من المشاركين وشهود المفاوضات."
    وقد رفع الأستاذ خالد في مقاله ذاك سقف التوقّعات عن الكتاب الموعود ومضمونه، ووضع لنا الكتاب في موضع الكلمة الأخيرة والفاصلة عن اتفاقية نيفاشا وانفصال جنوب السودان. فقد أوضح لنا الأستاذ خالد الأشخاص الذين يقومون بكتابة الكتاب حين ذكر: "ويشرف علي مشروع الكتاب نخبة من أميز الأكاديميين والباحثين وتم تحريره بأسلوب أكاديمي رصين ومحايد مكتفيا بإيراد الحقائق وفق السياق الموضوعي للأحداث دون تدخل او تزيد بالتحليل او اقحام وجهات نظر دعائية او شخصية."
    غير أن الأستاذ خالد لم يوضّح للقارئ من الناشر ومن المشرف والمموّل لهذا الكتاب الخطير. لكن لا نعتقد أنه ستفوت على فطنة القارئ استنتاج من المموّل والمشرف على الكتاب.
    4
    ثالثاً: هل يقبل المؤرخون والباحثون الأكاديميون كتابات وإفادات الأشخاص الذين هم طرفٌ في صنع الأحداث التي يناقشها الكتاب؟
    كما أوضحنا في المقال الأول من هذه السلسلة من المقالات فإن من التوجيهات المبدئية والأولية التي يتلقّاها طلّاب دراسة علم التاريخ هي توخّي الحذر والحيطة في كتابات وإفادات الأشخاص الذين هم طرفٌ في صنع الأحداث موضوع المقال أو الكِتاب. فهؤلاء الكُتّاب والأشخاص يرتكبون واحداً أو أكثر من ثلاثة أخطاء هي: أولاً تضخيم دورهم الإيجابي (إن وُجِد)، وثانياً عدم ذكر أيٍ من الأخطاء التي وقعوا فيها، أو التعرّض لها بصورةٍ غير متكاملة، وثالثاً تقديم التبريرات غير السليمة أو الصحيحة للأخطاء، إذا تمّ التعرّض لتلك الأخطاء، في كتاباتهم أو إفاداتهم.
    لهذه الأسباب فإن الباحثين الأكاديميين لا يعتدّون ولا يعتمدون على كتابات وإفادات هؤلاء الأشخاص. بل إن كتابات هؤلاء الأشخاص يتم تصنيفها على أنها “مذكرات” وليست كتابةً للتاريخ، لأنها تعتمد على انتقائية الراوي.
    وقد تناول المؤرخ الدكتور أحمد إبراهيم أبو شوك هذه المسالة وكتب عنها قائلاً: ".. إن المذكرات توثِّق لجزءٍ من أحداث الماضي حسب انتقائية الراوي؛ لكن المؤرّخ المهني يحتاج أن يقارن روايات الأحداث التاريخية بنظائرها من الروايات الأخرى؛ ليتحقق من صحة ثبوتها، ثم يعيد تركيبها ... وفق منهجٍ بحثي ملتزمٍ بالمهنية الأكاديمية.” فالانتقاء هو أسلوب كاتب المذكرات وليس أسلوب الباحث الأكاديمي الجاد الأمين.
    ونحن هنا أمام كتابٍ موعودٍ يعتمد على رواية أشخاصٍ يحمّلهم الشعب السوداني والعالم بأسره مسئولية انفصال جنوب السودان. فماذا ياترى سوف يكتبون ويجادلون غير محاولات إعفاء أنفسهم من هذه المسئولية الجسيمة وإلقائها على الغير، سواءٌ كانت دول الاستكبار، أو التدخل الأجنبي، أو التجمع الوطني الديمقراطي.
    5
    رابعاً: أوضح الأستاذ خالد أن الكتاب الموعود سوف يوضّح أن إعلان فرانكفورت الذي وقّعته حكومة الإنقاذ مع الدكتور لام أكول لم يمنح شعب الجنوب حق تقرير المصير. وذهب أبعد من هذا عندما قرّر أن معنى كلمة Plebiscite التي وردت في إعلان فرانكفورت هو "استخدام حق التصويت دون اي الزام قانوني بنتائجه" أو ما سماه "المشاورات غير الملزمة."
    ولا ندري من أين أتى الأستاذ خالد بهذا التفسير الخاطئ للكلمة، فهي كلمة انجليزية ومعناها موجودٌ في كل القواميس، ولا مكان للاجتهاد إطلاقاً هنا.
    كما أوضحنا من قبل، فلمعرفة معنى كلمة Plebiscite يمكن ببساطة شديدة الرجوع إلى القواميس الإنجليزية، وحتى العربية أيضاً. وسنصل إلى أن معنى الكلمة هو الاستفتاء، وليس التصويت دون أي إلزامٍ قانوني بنتائجه، أو المشاورات غير الملزمة، كما زعم الأستاذ خالد.
    أولاً: يعتمد أساتذة وباحثو وطلاب القانون في كل العام على "قاموس أكسفورد للقانون" لمراجعة معاني الكلمات الإنجليزية ذات المضون القانوني. فكيف عرّف ذلك القاموس تلك الكلمة؟ لقد عرّف القاموس الكلمة كالآتي:
    Plebiscite means “A public referendum or vote by the population of a territory to determine its choice of sovereignty or secession of the territory” Oxford Dictionary of Law.
    ويمكن ترجمة هذه الجملة كالآتي "تعني كلمة Plebiscite الاستفتاء الشعبي أو التصويت بواسطة سكان إقليم لتحديد خيارهم في السيادة أو انفصال الإقليم."
    وهذا نصٌّ واضح ولا يحتاج للشرح ولا مكان فيه للاجتهاد. الكلمة تعني ببساطة وبوضوح "الاستفتاء."
    ثانياً: عند الرجوع إلى قاموس المورد (عربي – إنجليزي) الصادر من دار العلم للملايين سيجد القارئ أن كلمة استفتاء في اللغة العربية تقابلها في اللغة الإنجليزية الكلمات: referendum – plebiscite - poll
    وهذا يعني أنها كلمات مترادفة تحمل نفس المعنى – الاستفتاء.
    ثالثاً: بالرجوع إلى ترجمة قوقل على الموقع الإسفيري سوف يجد الباحث أن كلمة plebiscite معناها استفتاء.
    عليه فلا بُدَّ من التساؤل: من أين أتى الأستاذ خالد بهذا التفسير الخاطئ للكلمة؟ ولماذا؟
    6
    خامساً: لقد نصّت الفقرة الأولى من إعلان فرانكفورت على مبدأ حقّ تقرير المصير لشعب جنوب السودان وتقرأ كالآتي: "بعد نهاية الفترة الانتقالية يُجرى استفتاء عام في جنوب السودان لاستطلاع آراء المواطنين الجنوبيين حول نظام الحكم الذي يناسب تطلعاتهم السياسية دون استبعاد أي خيار."
    كما نصّت الفقرة على أنه "ستكون هناك فترة انتقالية يتفق عليها الطرفان من يوم توقيع اتفاقية السلام بين الطرفين، يتمتّع جنوب السودان خلالها بنظامٍ قانونيٍ ودستوريٍ خاص في إطار السودان الموحّد."
    ولتجنّب النزاع المسلّح مستقبلاً بين الجنوب وحكومة الإنقاذ اتفق الطرفان على وضع قواعد دستورية وقانونية لحلِّ الخلافات عبر المؤسسات السياسية والدستورية، على أن يبدأ وقف إطلاق النار الشامل في الجنوب والمناطق المتأثرة بالحرب في الشمال عند بدء محادثات أبوجا. أوضحت الفقرة الأخيرة من إعلان فرانكفورت أن المسائل التي سيتقدم الطرفان بمقترحاتٍ مفصّلةٍ للتفاوض حولها هي نظام الحكم خلال الفترة الانتقالية، واقتسام السلطة والثروة، والأمن والإغاثة وإعادة التوطين وإعادة التعمير.
    هل يمكن قبول أن كل هذه التفاصيل للإجراءات والقواعد خلال الفترة الانتقالية، بما فيها وقف إطلاق النار، هي من أجل مشاورات غير ملزمة، أو من أجل تصويتٍ دون أي إلزام قانوني بنتائجه، وليس من أجل استفتاء يحدّد فيه شعب الجنوب مستقبله بدون استبعاد أي خيار، كما نص إعلان فرانكفورت؟
    7
    سادساً: كما ذكرنا في المقال السابق، فقد عرض الدكتور علي الحاج على الدكتور لام أكول ووفده في فرانكفورت مقترح النظام الفيدرالي الذي رفضه الدكتور أكول. كيف يعقل أن يرفض الدكتور لام أكول مقترح النظام الفيدرالي ويقبل المشاورات غير الملزمة؟
    8
    سابعاً: كيف تعاملت حكومة الإنقاذ ووفودها مع إعلان فرانكفورت في مفاوضات أبوجا؟
    بعد أشهر قليلة من توقيع الدكتور علي الحاج والدكتور لام أكول على إعلان فرانكفورت في 25 يناير عام 1992 بدأت مفاوضات أبوجا. وقد أثار الجنوبيون مسألة حق تقرير المصير التي منحهم لها إعلان فرانكفورت. لم يحاول وفد حكومة الإنقاذ للمفاوضات الجدل أن الإعلان لم يمنح الجنوب حق تقرير المصير كما يحاول الأستاذ خالد أن يجادل الآن. بل كان ردّهم مرتبكاً ومتعثّراً.
    فقد ذكر وفد الإنقاذ أن إعلان فرانكفورت منح حق تقرير المصير للفصيل المتحد المنشق من الحركة الشعبية، وليس للحركة الشعبية الأم. وعليه وبما أن الحركة الشعبية الأم ليست طرفاً في إعلان فرانكفورت فلن تستطيع قانونياً أن تستند على ذلك الاتفاق.
    أغضب هذا المنطق المعوج الوسطاء النيجيريين الذين أوضحوا لوفد الإنقاذ أن حكومة السودان قد منحت حق تقرير المصير بموجب إعلان فرانكفورت لشعب جنوب السودان وليس لفصيلٍ دون الآخر. وتساءل الوسطاء النيجيريون عن سبب بحث حكومة السودان لوساطة أية دولة إذا كانت قد وافقتْ على حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان؟
    بل لقد ساهم ذلك المنطق الغريب في إنهاء الوساطة النيجيرية بعد أن قررتْ الحكومة النيجيرية أن حكومة السودان غير جادة في التفاوض.
    وكما ذكرنا أعلاه لم يحاول أعضاء وفد حكومة الإنقاذ على الإطلاق الجدلَ أن الإعلان لم يمنح الجنوب حق تقرير المصير، بل منحهم "حق التصويت دون اي الزام قانوني بنتائجه" (أو المشاورات غير الملزمة)، كما يحاول الأستاذ خالد أن يجادل الآن.
    9
    ثامناً: كيف تعاملت منظمة الإيقاد مع إعلان فرانكفورت؟
    بعد فشل مفاوضات أبوجا طلب السودان وساطة دول الإيقاد التي رحبت بطلب السودان. بدأت الجولة الأولى من المفاوضات في شهر مارس عام 1994، وتلتها الجولة الثانية. وصدرت في الجولة الثالثة "مبادئ الإيقاد" والتي تبنّتها الإيقاد رسمياً في 20 يوليو عام 1994.
    تضمّنت مبادئ الإيقاد تأكيد حق مواطني جنوب السودان في تقرير مصيرهم عبر الاستفتاء، مع إعطاء الأولوية لوحدة السودان، وإنشاء دولة علمانية وديمقراطية، وفصل الدين عن الدولة. شملت المبادئ نصوصاً عن التفاوض حول الترتيبات للفترة الانتقالية وإجراءات وقف إطلاق النار.
    أشارت المبادئ إلى إعلان فرانكفورت، وأوضح وسطاء الإيقاد للطرفين أن مبادئ الإيقاد قد انبنتْ على إعلان فرانكفورت في مسألة حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان.
    لم يحاول وفد حكومة الإنقاذ لمفاوضات الإيقاد على الإطلاق الجدل أن إعلان فرانكفورت لم يمنح الجنوب حق تقرير المصير، بل منحهم "حق التصويت دون اي الزام قانوني بنتائجه" (أو المشاورات غير الملزمة) كما يحاول الأستاذ خالد أن يجادل الآن.
    لكن تواصل ارتباك أعضاء وفد حكومة الإنقاذ، وجادلوا هذه المرة أن الحدود الموروثة عن الاستعمار غير قابلة للتغيير بموجب قرار من منظمة الوحدة الأفريقية. سخر وسطاء الإيقاد من هذا الرأي وسألوا وفد حكومة الأنقاذ: "لماذا وقّعتم إذن على إعلان فرانكفورت؟"
    10
    تاسعاً: تحدث الأستاذ خالد في مقاله عن بكاء بعض أعضاء وفد الدكتور لام أكول عند معرفتهم لمعنى كلمة Plebiscite الجديد الذي أتى به فجأةً الأستاذ خالد، وأنها لا تمنحهم أكثر من المشاورات غير الملزمة.
    لا أعتقد أنه من الضروري الرد على هذا الجانب السيريالي من مقال الأستاذ خالد. يكفي القول أن الدكتور لام أكول وأعضاء وفده انطلقوا في المدن الأوروبية والأمريكية بعد انفضاض مفاوضات أبوجا يتفاخرون ويتباهون بحق تقرير المصير الذي انتزعوه من حكومة الإنقاذ. بل إن الدكتور لام أكول ما يزال يتباهى حتى اليوم (وله الحق في ذلك) أنه أول سياسيٌ جنوبيٌ ينتزع من حكومةٍ في الخرطوم حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان.
    11
    عاشراً: ادعى الأستاذ خالد أنه "للأسف لم يطلع كثير من الباحثين علي النسخة الأصل من اعلان فرانكفورت لان النسخ التي تم توقيعها بواسطة الطرفين كانت محدودة العدد والتداول. لذا كثر التخمين والتحليل."
    نقول للأستاذ خالد إن إعلان فرانكفورت وعليه توقيع الدكتور علي الحاج والدكتور لام أكول متواجدٌ في عددٍ كبيرٍ من دور الوثائق الغربية.كما أنه قد تمّ نشر إعلان فرانكفورت كملحقٍ لعددٍ من الكتب التي صدرت في تسعينيات القرن الماضي عن مشكلة جنوب السودان، بما فيها كتب صدرت من فصيل الناصر بقيادة الدكتور لام أكول، والحركة الشعبية الأم بقيادة الدكتور جون قرنق. وقد ضمنّا إعلان فرانكفورت كأحد الملاحق لكتابنا "انفصال جنوب السودان" (الملحق رقم 8).
    12
    حادي عشر: كما ذكرنا في المقال الأول فإنه يبدو غريباً أن يحاول الإسلاميون إلقاء اللوم في مسألة حق تقرير المصير على التجمع الوطني الديمقراطي بالادعاء أن التجمع قد سبق الإنقاذ في منح الجنوب حق تقرير المصير، وأن كل ما فعله الإسلاميون في بروتوكول مشاكوس عام 2002 هو اتباع الخط والسابقة التي خطّها التجمع في مقررات أسمرا عام 1995.
    إن هذا المنطق المعوج يمثّل هزيمةً سياسية وأخلاقية كبيرة للإسلاميين الذين أعلنوا في بيانهم الأول لانقلاب 30 يونيو عام 1989 صراحةً: "اليوم يخاطبكم أبناؤكم في القوات المسلحة وهم الذين أدّوا قسم الجندية الشرفيّة أن لا يفرّطوا في شبرٍ من أرض الوطن، وأن يصونوا عزّته وكرامته، وأن يحافظوا على البلاد وسكانها واستقلالها المجيد."
    أين ذهبت مواكب أمان السودان؟ وأين تبخّرت وعود عرس الشهيد وساحات الفداء وشعارات "فلتسِلْ منهم دماء، ولتسِلْ كلُّ الدماء؟"
    بل أين ذهبت برامج الإسلاميين ومواقفهم حول قضية الجنوب منذ بروزهم في الساحة السياسية عام 1964، ورفضهم في مؤتمر المائدة المستديرة لمطلب الفيدرالية، ثم عملهم المتكامل لإجهاض اتفاقية أديس ابابا، ثم حربهم الشعواء على إعلان كوكا دام واتفاقية الميرغني-قرنق، وإعلان الجهاد على شعب جنوب السودان؟
    كيف يمكن للإسلاميين بعد كل هذا التاريخ أن يحاولوا التنصّل والتحلّل من مسئولية حق تقرير المصير التي قادت للانفصال بالقول إنهم لم يفعلوا أكثر مما فعله التجمع الذي انقلبوا عليه ونعتوه بأقبح الألفاظ؟
    إن هذا المنطق يمثل كما ذكرنا أعلاه هزيمةً سياسيةً وأخلاقيةً كبيرة للحركة الإسلامية، ولن يقبله أيُّ متابعٍ لأحداث ومفاوضات جنوب السودان.
    13
    ثاني عشر: ينسفُ إعلانُ فرانكفورت كلَّ المزاعم عن التدخّل الأجنبي وكلّ الادعاءات أنه السبب الرئيسي لانفصال جنوب السودان. لقد التقى الطرفان في فرانكفورت واتفقا ووقّعا على حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان دون وساطة أو حضور أيِّ طرفٍ ثالث يمكن اتهامه بالضغوط على حكومة الإنقاذ أو التحيّز للجنوب. بل إن اختيار مدينة فرانكفورت تمّ بواسطة الدكتور علي الحاج نفسه بحكم علاقته الوثيقة والخاصة بدولة المانيا.
    14
    في خاتمة هذه المقالات لا نملك غير أن نبدي اندهاشنا الكبير لطرح الأستاذ خالد موسى الخاطئ أن إعلان فرانكفورت لم يمنح شعب جنوب السودان حق تقرير المصير، وأن كل ما منحهم الإعلان هو "حق التصويت دون اي الزام قانوني بنتائجه" أو "المشاورات غير الملزمة."
    لقد منح إعلانُ فرانكفورت، لأول مرّةٍ في تاريخ السودان، شعبَ الجنوب حق تقرير المصير دون استبعاد أي خيار. وقد بنى الإعلان إجراءات الفترة الانتقالية على ممارسة وتوقيت هذا الحق. وقد اكّدت حكومة الإنقاذ نفسها ذلك الحق في مفاوصات أبوجا ومفاوضات الإيقاد.
    عليه فإن ادعاءات الأستاذ خالد موسى الجديدة تأتي متأخرةً ربع قرن من الزمان، وتتسم بأخطاء كبيرة لا تستطيع الصمود ثانيةً واحدة أمام حقائق التاريخ.
    15
    سنظلُّ في انتظار الكتاب الذي وعدنا الأستاذ خالد قبل أكثر من عام أنه سيصدر خلال أسابيع. وسوف نقوم بالردِّ على كلِّ ما نرى أنه لا يتفق مع اتفاقيات أو حقائق التفاوض بين الشمال والجنوب كما بحثناها وتقصيناها بصورةٍ أكاديميةٍ دقيقةٍ وصارمة لعشرات السنين، وكما فصّلناها في كتابنا "انفصال جنوب السودان."
    [email protected]
    http://http://www.salmanmasalman.orgwww.salmanmasalman.org

























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de