د.النور محمد حمد بين رفض الدين وهجاء السودانيين (2-3) بقلم خالد الحاج عبدالمحمود

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 04:21 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-19-2018, 01:44 AM

خالد الحاج عبدالمحمود
<aخالد الحاج عبدالمحمود
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 158

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د.النور محمد حمد بين رفض الدين وهجاء السودانيين (2-3) بقلم خالد الحاج عبدالمحمود

    00:44 AM February, 18 2018

    سودانيز اون لاين
    خالد الحاج عبدالمحمود-
    مكتبتى
    رابط مختصر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ)

    لقد ظهرت الأعراض واضحة!!
    هنالك بعض الناس يعتقدون في أنفسهم ذكاءاً ويظنون أنهم متميزون على غيرهم بصورة جلية.. هؤلاء تدور حياتهم كلها حول هذه العقيدة في أنفسهم.. وهم يعملون بشتى السبل لإقناع الآخرين بعقيدتهم هذه حول أنفسهم.. وأسلوبهم في الإقناع لا يكون بالحديث المباشرعن أنفسهم وعن ذكائهم، وإنما يكون بإتخاذ مواقف وتبني افكار يرون فيها تميزاً عن الآخرين، وليس من الضروري أن تكون هذه الأفكار قائمة على منطق متماسك.. بل هم يقررون في اخطر الأمور، بصورة ذاتية، لايهتمون معها بإيراد اسباب موضوعية لقراراتهم.. هم يرون طالما أن الأمر صدر عنهم فهذا دليل على أنه حق وصحيح، وإذا لم يقبله الآخرون، فلقصور فيهم وفي تفكيرهم.. ومن أهم سمات هذا النموذج من الشخصيات:
    1/ يقررون في أخطر الأمور، دون إيراد أي دليل، أو إيراد دليل ضعيف لا يكون سبباً كافياً لما يقررون.
    2/ يحبون أن تكون لهم مواقف وأفكار مغايرة للآخرين، ومختلفة عنهم، ويعتبرون هذا تفرداً، وأصالة.
    3/ يرون ان إبراز تفردهم إنما يكون بنقد الآخرين خصوصاً العظماء من الناس، والتقليل من شأنهم.. والنقد عندهم هو ايجاد عيوب، والمبالغة فيها، بصورة تقريرية لا تقوم على أي تسبيب موضوعي.. والنقد عندهم يعني فقط ذكر العيوب، صحيحة كانت أو غير صحيحة.. وهذا الأسلوب يكون طاغياً على تفكيرهم، وما يصدر عنهم من كتابة أو حديث، فهم دائماً بصدد ابراز عيوب الآخرين، وافتعال مواقف وأفكار مغايرة حتى لما هو مألوف ومعروف عند الناس، ويعتبرون هذا من التفرد.
    4/ هؤلاء الأشخاص نموذج لظاهرة النرجسية، وهم اكثر من ينطبق عليهم مايسمى في علم النفس الحديث (آليات الدفاع عن النفس) خصوصاً (التبرير) و (الإسقاط).. فهم يبررون كل ما يصدرعنهم من أخطاء ومفارقات.. ويسقطون عيوبهم الذاتية على الآخرين، خصوصاً من يريدون أن يقللوا من شأنهم من العظماء، واصحاب الذكر.. وغالباً مايجري هذا الأمر منهم، دون أن يشعروا به.. وهم ينطبق عليهم قوله تعالى: (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا).. وقوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ).. فهم دائماً يرون ما يصدر عنهم صحيح وحسن، مهما كان خطأه وقبحه.. ويرون ما يصدر عن الآخرين انه خطأ وقبيح.
    5/ هؤلاء الأشخاص، يغلب على ما يكتبونه أو يقولونه السباب، والإساءة للآخرين، على اعتبار ان هذا نقد.. وهم يحبون دائماً التقليل من شأن الآخرين خصوصاً اصحاب الذكر.. ولايجدون لسبابهم هذا أي أسباب موضوعية، وهم إما أنهم يقررون الأمر تقريراً، أو أنهم يذكرون أسباباً ضعيفة، وغير موضوعية.. وفي الغالب هي مجرد إسقاط!!
    اردت من هذه النقاط، أن اجعلها مدخلاً لكتابتي هذه عن د.النور محمد حمد، وما صدر عنه من كتابات، فهو نموذج لما نتحدث عنه من شخصية، ولنرى هذا بوضوح فيما يلي من كتابة.
    يقرر د. النور محمد حمد، تقريراً خطيراً في أمر الدين، بقوله: (أنا بفتكر ماعاد يعني في فرصة للدعوة للدين.. يعني الدعوة للعقيدة أو لأي فكرة دينية هي من التاريخ..)30/6/2016م .. من محاضرة للأخ احمد مصطفى دالي.
    لم يورد د.النور لقوله هذا الخطير أي دليل في وقته ولا فيما بعد!! وهو قول فيه جرأة شديدة، لا تجد تبريرها إلا من شخصية القائل، وما تقوم عليه من نرجسية.. لماذا لم تعد هنالك فرصة للدعوة للدين كما زعم د. النور؟ لماذا أصبحت الدعوة للدين من التاريخ؟! هذا الأمر حدث فجأة عند د. النور، ولكن لا بد أن يكون هنالك سبب لحدوثه.. ونحن نطالب د. النور بتوضيح هذا السبب.. قبل وقت قليل كنت ممن يدعون للدين، وفجأة انعكس الأمر واصبحت ممن يرفضون الدعوة للدين، فلابد لذلك من سبب.. ولكن من المؤكد أن السبب ذاتي _ غير موضوعي.. فإذا ذهب د. النور لتسبيب موقفه، فسوف يضع نفسه في موضع لا يستطيع الدفاع عنه.. وقبل هذا القول، وإلى وقت قريب كان د. النور ينتمي للاخوان الجمهوريين.. وهذا يعني أنه صاحب دعوة إسلامية واضحة ومبوبة.. عندما يقول الآن أنه لم تعد هنالك فرصة للدعوة للدين، فهو يعني بالذات الدعوة للإسلام كما هي عند الأستاذ محمود محمد طه.. وقد كان هذا موضوع المحاضرة التي تدخل فيها د. النور.. والفكرة الجمهورية واضحة جداً، وهي تقول بوضوح ان الطريق أصبح مسدوداً أمام العلمانية، وإن الوقت للدين، وتجزم بأن الحضارة المقبلة هي حضارة دينية اسلامية.. فعندما قال د. النور قولته إنما اراد أن يناقض الأستاذ محمود محمد طه، دون أن يكون واضحاً في ذلك.. وهذا ما يعتبره د.النور نوعاً من التفرد، وهو لايضع نفسه في إطار الفكرة الجمهورية، ولا في أي إطار آخر.
    و د. النور يعلم ان الدين إنما ينصره الله، فانتصاره حتمي.. وهو لا يغيب عنه ما يقول به الجمهوريون من أن الأرض تهيأت للإسلام، ومن المستحيل حل مشاكلها بغيره.. المعلومات في هذا الصدد عنده متوفرة، ولكنه قرر أن يجحدها.. وبالطبع هذا دليل على ضعف الإيمان، إن لم أقُل عدمه.. إن د. النور يقرر في الموضوع كسلطة، وليس كمفكر عليه أن يورد الأسباب.. وعندما يناقض د. النور الأستاذ محمود، لا يهتم كثيراً في أنه يناقض القرآن، ويناقض سلطة الله نفسه الذي يقول: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا).. لا يهتم د. النور بأن يضع نفسه ضد سلطة الله!! بل ولا يفكر حتى في هذا الامر!! فقط هو يريد ان يظهر بمظهر المتفرد الذي يناقض أقوال الأستاذ محمود.. والأستاذ محمود لم يقرر في الأمر، مجرد تقرير كما يفعل د. النور، وإنما اورد أسباباً موضوعية واضحة تعتمد على التوحيد، وعلى الواقع الحضاري.. ومعارضة د. النور، أو مناقضته للأستاذ محمود في هذا الامر، هي مناقضة للتوحيد، وجهل تام بالواقع الحضاري.. فإذا كان د. النور يقرر في هذا الأمر الخطير جداً، بهذه الصورة، فهو ليس من المستبعد أن يقرر في أي شيء غيره، مهما كانت خطورة تقريره هذا.
    ما هو البديل الذي يقدمه د.النور للدين؟! هو: (العقل الرعوي)!! وميزة العقل الرعوي هي أنه اختراع د. النور، فهو فيه متفرد، ولا ينافسه فيه أحد.. ومشكلة الإنسانية كلها، عند د. النور تكمن في وجود العقل الرعوي، وهو كما رأينا موجود عند كل تجمع بشري صغر ام كبر.. ود. النور عندما قرر انتهاء الدين، لم يقرره لنفسه، وإنما هو حديث للآخرين.. وهذه الوصاية الغليظة، هو لا يشعر بها، ويعتبرها الوضع الطبيعي، فطالما أنه اذكى من الآخرين، واكثر منهم معرفة، فمن حقه أن يقرر لهم ما يتحدثون فيه، وما لا يتحدثون.. واستبدال الدين بالعقل الرعوي، لا يشكل عند د. النور أي مفارقة، فهو في نظره الأمر الطبيعي، والدعوة للدين أصبحت من التاريخ، أما الدعوة للتخلص من العقل الرعوي فهي امر حديث تماما، ويحتاج أن يُشرح للناس، حتى يتمكنوا من التخلص من العقل الرعوي، فتقوم الحضارة على أسس سليمة، العقل الرعوي هو العقبة الوحيدة أمام التحضر والتمدين، الإنسانية تحتاج للتخلص منه حاجة حياة أو موت!!
    هجاء السودانيين:
    ومن ميز العقل الرعوي، أنه غير محدد، ويمكن أن يطبق على أي جماعة.. وقد استغل د. النور هذه الميزة ليقوم بسباب وشتم المجتمع السوداني، أقبح أنواع السباب والشتم.. فالمجتمع السوداني يقوم على العقل الرعوي، وبما أنه كذلك، تنطبق عليه جميع عيوب العقل الرعوي، التي ينسبها د. النور له، وهي تشمل كل قبيح يمكن ان يوصف به إنسان.
    وكنموذج لشتائم د. النور للشعب السوداني، نورد اقواله التالية: فهو قد قال: (لقد كمنت القيم البدوية والرعوية طيلة فترة التحديث الاستعمارية، التي فُرضت علينا، من علٍ، فرضا. وما أن خرج المستعمر انسربت تلك القيم البدوية والرعوية التي كانت كامنة تحت السطح، إلى مركز إرث التحديث القليل الذي ورثناه من الحقبة الاستعمارية، وفجرته من الداخل..).. فالاستعمار عند د. النور تحديث (فترة التحديث الاستعماري) فهو لا يرى فيه عدوان يقوم على العقل الرعوي.. فهو هنا يناقض مبدأه الأساسي، فالعدوان الإنجليزي لا ينطلق من عقل رعوي وإنما من تحديث، لماذا؟ لان صاحب السلطة يريد ذلك.. وقد ورث السودان من الاستعمار القليل من التحديث "التحديث القليل الذي ورثناه من الحقبة الاستعمارية!!" ففي عهد الاستعمار الإنجليزي على السودان كانت القيم البدوية والرعوية كامنة، ولم يغير فيها الاستعمار من شيء.. فمبجرد أن خرج الاستعمار انفجرت هذه القيم.. ويتبع من ذلك بالضرورة لو أن فترة الاستعمار قد طالت لتخلصنا من القبلية والرعوية، ودخلنا في الحداثة!! يقول د. النور: (فالدولة الحديثة في السودان، لم تقم بعد وهي لن تقوم إلا بعد أن ننجح في تفكيك وإزالة بنية العقل الرعوي، التي لا تزال ممسكة لدينا بخناق كل شيء..).. ولكن كيف نتخلص من العقل الرعوي؟! هذا ما لم يبينه لنا صاحب الاختراع العظيم.. وحسب منطقه في النص الأول، يمكن ان نتخلص من العقل الرعوي، بان يعود الينا الاستعمار الإنجليزي من جديد ولفترة اطول حتى نتشرب منه الحداثة!! وفي سباب السودانيين يقول د. النور: (كل المكابرات، التي تزخر بها حياتنا، مما نراه لدى المسؤولين الحكوميين، وقادة الأحزاب السياسية، وصفوة المثقفين، وعامة الناس، وغيرها من الخلال السيئة، يقف وراءها ما يمكن أن نطلق عليه "رهاب فقدان الشرف"، الذي ليس هو بشرفٍ، أصلا.. بل، على العكس من ذلك تمامًا، فكثير مما تواضعنا عليه بوصفه شرفًا، هو، في حقيقة الأمر، وحشيةٌ، وغرورٌ لا يعرف الحدود، بل وأحيانًا وضاعةٌ ونذالةٌ، ومفارقة للقيم النبيلة، لا تنفك تلتحف بأغطية الشرف والكرامة. فالشرف والكرامة هما التزام الأمانة، والصدق والموضوعية، وقولة الحق ولو على نفسك، والامساك بلجام النفس الجامحة، الميالة إلى الاستعلاء والزهو، والانتباه الشديد إلى تلفتاتها المنبثقة أصلا من الغرور ومن "الإيقو" المنتفخ..).. لا توجد كلمة في قاموس الهجاء لم يستخدمها د. النور، في هذا النص ضد الشعب السوداني.. وحتى ما يعتبره السودانيون شرفاً، هو عند د. النور ليس بشرف!! بل هو عكس ذلك.. هو (وحشية، وغرور لا يعرف الحدود، بل وأحياناً وضاعة ونذالة، ومفارقة للقيم النبيلة، لا تنفك تلتحف بأغطية الشرف والكرامة).. هذه الاوصاف القبيحة جداً، هي عند د. النور أوصاف الشعب السوداني على التعميم، ولا يوجد عنده أي استثناء في ذلك.. فالحكام والصفوة من المثقفين، هم مثل عامة الناس في هذه الخصال الذميمة جداً.. وعندما حدد د. النور الشرف والكرامة، هو يقصد أن الشعب السوداني ضد هذه القيم، وهي الأمانة والصدق والموضوعية، الشعب السوداني خالٍ من الأمانة، وغير صادق، وغير موضوعي.. ومن الشرف والأمانة: قولة الحق ولو على نفسك، والإمساك بلجام النفس الجامحة الميالة إلى الإستعلاء والزهو، فالشعب السوداني في عمومه عند د. النور لا يقول الحق، وهو لا يمسك بزمام النفس الميالة إلى الإستعلاء والزهو.. فهو شعب يزهو بنفسه ويستعلي.. ومن القيم التي ذكرها د. النور: (الإنتباه الشديد إلى تلفتات النفس المنبثقة أصلاً من الغرور، ومن "الإيقو" المنتفخ).. هكذا، لم يترك د. النور، أي ذميمة إلا ونسب الشعب السوداني لها، دون استثناء، اللهم إلا د. النور نفسه، إذا صح انه من الشعب السوداني!! هذا الهجاء المبالغ فيه، لم يحاول د. النور أن يورد عليه أي دليل.. فهو موضوع ذاتي، ينطلق من غبينة ذاتية ضد السودان والسودانيين.. ولقد ذكرت قبل ذلك أن جريمة الشعب السوداني بالنسبة لد. النور، هو أنه لم ينتبه إلى هذه العبقرية التي يتمتع بها.. يجب ملاحظة أن د. النور يتهم الشعب السوداني بالاستعلاء والزهو والغرور، و"الإيقو" المنتفخ.. وهذا كله اسقاط.. ويقول د. النور في هجاء الشعب السوداني: (لربما تكون نزعة الانكار، ومقت التفكير النقدي، والانصراف عن الملاحظة، وعدم القدرة على استنطاقها، إضافة إلى تضخم الذات والرضا عن النفس بلا انجاز، هو ما يجعلنا، نحن السودانيين، لا نبدي اهتمامًا جديّاً بصعود اثيوبيا..).. هذه الشتائم بالاضافة الى الرضا وتضخيم الذات تدور حول التفكير.. فالسودانيون عند د. النور اصحاب نزعة للإنكار، ومقت للتفكير النقدي والانصراف عن الملاحظة.. ود. النور في عمى تام، لا يبصر معه أن هذه الأوصاف تنطبق عليه هو بالذات، فهو من ينكر، ويكفي للتدليل على ذلك موقفه من الدين.. وعندما يتحدث د. النور عن التفكير النقدي، يتصور أن النقد هو ما يكيله من سباب وشتائم، كما فعل مع السودانيين.. والقضية بالنسبة لحالة لد. النور ليست التفكير النقدي، وإنما هي اهم من ذلك التفكير الموضوعي السليم.. هذا ما يفتقر إليه د. النور في كل ما يكتب.. فلنواصل شتائم د. النور للسودان والسودانيين فهو يقول: (من يرى أحوال السودان الآن، بعينٍ مبصرة، لابد أن يحتار في الكيفية التي يمكن أن تعاد بها الأمور فيه، إلى نصابها، بعد كل هذا الخراب المروِّع، الذي طال كل شيء. فهذه الفوضى، وهذه الجلافة المتزايدة، وهذا القبح، والكلاح، الذي يكسو وجه مدننا وقرانا، وهذه الغوغائية التي تطالعنا، أنّى اتجهنا، وهذا الاتساخ المتزايد، ليست كلها من صنع الحكومات..).. فالعين المبصرة التي رأت كل هذا هي عين د. النور وحده لا غيره، فهي رأت الخراب المروع الذي طال كل شيء والفوضى والجلافة المتزايدة والقبح والكلاح والغوغائية والإتساخ المتزايد، هذه كلها صفات السودانيين التي رآها د. النور بعين مبصرة.. وهو يبرئ الحكومات منها أو من معظمها ويردها إلى صفات الشعب السوداني.. وهذه نقطة سنرجع إليها لاحقاً.. د. النور يبرئ الحكومات، بما فيها حكومة الإنقاذ من أن تكون هي السبب في مشاكل الشعب السوداني، وهذا أمر سنرجع له.. ويقول: (هذا "الإيقو"، وهذه الأنا المتضخمة، لم تهبط علينا من السماء، وإنما هي متجذرة في بنية هذا العقل الرعوي..).. ويقول: (يعود الإحساس بالعظمة، لدى أكثريتنا، إلى قيم القبيلة التي سبق ان تربى عليها أسلافنا..).
    ماهو الميزان الذي يزن به د. النور القيم، حتى يحددها بهذا التفصيل؟! وهل هنالك أي جماعة في العالم خالية من أي قيم إيجابية، مثل الشعب السوداني، كما يصفه د. النور؟.. ماهي المرجعية التي يبني عليها د. النور تحديد القيم الإيجابية والسلبية؟ من المؤكد هذه المرجعية ليست الدين.. هل هي العقل؟ من المؤكد أنها ليست العقل.. فجميع كتابات د. النور لا تقوم على العقل الموضوعي، وإنما هي دائماً ذاتية.. العقل عنده يقوم على مستويين: عقل غير رعوي، والعقل الرعوي، وهذا مصدر كل الشرور، وسبب غياب جميع القيم الفاضلة.. والعقل الرعوي لا وجود له إلا في كتابات د. النور، بل من المستحيل أن يوجد شيء يسمى العقل الرعوي، ببساطة لأن مهننا لا تكون عقولنا ولم يوجد عقل رعوي في أي يوم من الأيام.. المهن، كجزء صغير من البيئة قد تؤثر على عقولنا، ولكنها قطعاً لا تصنع عقولنا بالصورة التي يتحدث عنها د. النور.. من الناحية الثانية لا يوجد أي مجتمع، مهما كان انعزاله، لم يتاثر بالحضارة الغربية.. فالحديث عن عقل رعوي قبلي، هو محاولة فاشلة للتقليل من مؤثرات الحضارة الغربية المعاصرة، أو إنكار هذه المؤثرات على المجتمعات البشرية في الأرض، وهو إنكار لا قيمة له، ولا نصيب له من الحق.. والغريب أن د.النور يتحدث عن الحداثة، ويظهرها كأنها المرجعية لما يكتب، وفي نفس الوقت هو ينكر تأثيرها القوي على المجتمعات البشرية.. خلاصة الامر، كما سبق أن بينا أنه لا يوجد عقل رعوي، وهذا يجعل كل مايكتبه د. النور في هذا الصدد محض تهريج.. يقول د. النور عن الشرف والكرامة: (فالشرف والكرامة هما إلتزام الأمانة، والصدق والموضوعية، وقولة الحق ولو على نفسك، والإمساك بلجام النفس الجامحة الميالة إلى الإستعلاء والزهو، والإنتباه الشديد إلى تفلتاتها المنبثقة أصلاً من الغرور ومن "الإيقو" المنتفخ..).. هذه القيم المذكورة هي قيم الدين، ولا يؤدي إليها إلا منهاج الدين.. وهي قيم السودانيين الأصيلة عندهم، وهي في أصلها ترجع للمجتمع القبلي، فقيم المجتمع القبلي هي مايسمى بقيم الفروسية، وهي نفس القيم التي يسميها المؤرخ "آرنولد توينبي" الفضائل العسكرية.. وهي تنطلق من الشجاعة، الشجاعة بمعنى عدم الخوف، والشجاعة بمعنى الكرم بمعنى عدم الخوف من الإنفاق، والشجاعة بمعنى الصدق وقولة الحق، والشجاعة في مواجهة النفس بما يصرفها عن التكبر والاستعلاء.. وقيم الفروسية كثيرة، منها بالإضافة إلى ماذكرنا: المروءة، والنجدة، ونصرة الضعيف، وإزالة حاجة المحتاج ..الخ هذه قيم السودانيين، وقد دخل عليها الدين _ التصوف_ فشذبها وهذبها فأبعد منها ما لا يستقيم مع الدين، وأعطاها بعداً روحياً، كما أعطاها منهاجاً فاعلاً، ورسخها، فاصبحت في السودان هي معيار إنسانية الإنسان، ومجال المدح في التراث بصورة عامة، وفي الاغاني الشعبية.. وبسبب من كل ذلك اصبحت قيم السودانيين من اصائل الطباع الراسخة، التي لا وجود لها في هذا المستوى عند غيرهم.. فإذا جاء د. النور بآخرة لينفي هذه القيم عن السودانيين، وينسبها إلى غيرهم، وينسب للسودانيين نقيضها، فهذا لا يعني اكثر من انه شخصياً بعيد عن هذه القيم، ويظلم أهلها بغير حق، ويحاول أن ينسبها إلى غيرهم في عدم صدق لا يجوزعلى أحد.. وينسب للسودانيين نقيضها، ويبالغ في ذلك، بصورة مخجلة.. فإذا كان على قدر من القيم السودانية لما ظلم أهلها هذا الظلم، ولما تنكر عليهم هذا التنكر البشع.. فكل الشتائم التي يكيلها د. النور للشعب السوداني، الشعب السوداني منها براء، وتوضع عند عتبته هو، وتدل دلالة واضحة على أن السودان يلفظه، كما ان الدين يلفظه.. ود. النور يتحدث عن الحداثة وكأنها مرجعية له ويتحدث عن قيمها كأساس لتجنيه على الآخرين.. وعلى كلٍ، ما قاله د. النور عن الشرف والكرامة، ليس من قيم الحداثة.. وباطل الزعم في أن الحداثة تقوم على الإنصياع للقانون.. فالحداثة تضع من القوانين ماهو لمصلحة الأقوياء والأغنياء وضد الضعاف، فهي تنتصر للأقوياء، وتخدم مصالحهم، حتى أنها قسمت العالم إلى قسمين قسم شديد الغنى، وقسم شديد الفقر.. والاغنياء يعملون على الهيمنة على الفقراء.. وتاريخ الحضارة الغربية المعاصرة كله تاريخ استعمار، وتجارة رقيق تمارسها الدول القوية ضد الدول الفقيرة، وتفرقة عنصرية، وكل هذا قائم إلى اليوم بصورة من الصور خصوصاً في ظل هيمنة النظام الرأسمالي، ونزعة الاستهلاك.. والمقام هنا لا يسمح بالتفصيل.. على كلٍ، لم يبين لنا د.النور ماهي الحداثة وماهي قيمها، مع ملاحظة أنه في الوقت الحاضر يتحدث مفكرو الغرب عن ما بعد الحداثة، وينتقدون الحداثة.. وحسب تجربتنا الواضحة مع د.النور الثقافة العامة عنده ضعيفة جداً، وهو لا يتورع أن ينسب أي شيء، لأي شيء كما فعل مع "البراغماتية"، وقد سبق أن تناولنا ذلك.. د. النور ليس له أي ميزان يزن به الاشياء، قضاياه كلها قضايا مزاج خاص لا علاقة لها بالفكر الموضوعي.. وهي قضايا لها اغراضها التي لا يجرؤ أن يبينها بصدق.. وهذه الاغراض من المؤكد أنها اغراض غير دينية، وتناقض قيم الدين، ولا تستقيم مع مروءة السودانيين.. عندما يهجو د. النور الشعب السوداني وينسبه إلى الوضاعة وعدم الشرف إلى آخر ماقال، إنه لا يفعل اكثر من بيان موضعه هو من القيم، فإن كل ما قاله لا يلحق بالشعب السوداني، ولا يمكن أن يقوله إنسان طبيعي يعرف السودانيين، سوداني أو غير سوداني.. في الواقع د. النور بشتائمه هذه، يرى صورته هو، في مرآة الشعب السوداني!!

    خالد الحاج عبدالمحمود
    رفاعة
    الأثنين 19 فبراير 2018























                  

العنوان الكاتب Date
د.النور محمد حمد بين رفض الدين وهجاء السودانيين (2-3) بقلم خالد الحاج عبدالمحمود خالد الحاج عبدالمحمود02-19-18, 01:44 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de