:: قبل خطاب رئيس الجمهورية باسبوع تقريباً، كان وزير النقل قد أكد لنقابة العاملين بالموانئ البحرية بعدم وجود أي اتجاه لتشريد العمالة، وقال بالنص (كل ما يثار حالياَ لا أساس له من الصحة)..وهذا ما أكده خطاب الرئيس في ختام مهرجان السياحة والتسويق بالبحر الأحمر يوم الخميس الفائت، حيث نفى وجود أي اتجاه لتشريد العاملين في هيئة الموانئ البحرية، ولكن مع تأكيد عزم الحكومة على تطوير ورفع قدرات الموانئ من حيث استقبال السفن وعمليات الشحن والتفريغ، يصبح ميناء بورتسودان (قبلة السفن)..!!
:: لا تشريد للعمالة، ولكن هذا لايمنع تطوير الموانئ بالقطاع الخاص كما تفعل كل دول الدنيا والعاملين..والشاهد أن الصوت الرافض لإشراك القطاع الخاص في تشغيل وإدارة الموانئ البحرية يبدو (عالياُ) بالبحر الأحمر، ونخشى أن تستجيب الحكومة لضغوط هذه (الأصوات العاطفية).. وتًخطئ الحكومة لو تراجعت عن خصخصة الخدمات بكل موانئ السودان، وليس بميناء بورتسودان فقط .. فلتكن صادمة، ولكن من وحي تجارب تكدس الحاويات وترهل العمالة وضعف الموارد، فان خصخصة الخدمات هي الحل لتجاوز كل أنواع الفشل والعجز والتردي بالموانئ .. !!
:: ومن محاسن الصدف، صباح الخميس ذاته، أجاز مجلس الوزراء مشروع قانون سلطة الموانئ البحرية لسنة 2018، وبموجب هذا القانون يتم إنشاء سلطة لممارسة (أعمال السيادة) بالموانئ والنقل البحري، وكذلك يلغي القانون أمر تأسيس هيئة الموانئ البحرية، وحدد اختصاصات وسلطات السلطة، كما نص على استمرار العاملين في الهيئة السابقة في خدمة السلطة الجديدة..وهذا ما ناشدت به الحكومة قبل اسابيع، حيث كتبت بالنص : ( بكل الموانئ ، تأخر فصل الرقابة والإشراف عن الخدمات والتشغيل، ويجب أن يتم هذا الفصل في كل الموانئ وليس الميناء الجنوبي فقط)..!!
:: وبقانون سلطة الموانئ البحرية لسنة 2018، أصبحت لهيئة الموانئ كل السلطات الرقابية والسيادية، وهي السلطات التي كانت تمارسها إدارة مستقلة عن هيئة الموانئ البحرية.. ومع هذه السلطة الرقابية والسيادية يجب إفساح المجال لشركات القطاع الخاص لتطوير الخدمات بالموانئ .. نعم، فالحكومة لا تدمن غير الترهل والفشل وإهدار المال، ولكن شركات القطاع الخاص تتقن تطوير الخدمات.. وللبلد تجارب متميزة، وطفرة خدمات الاتصالات إحداها، وكذلك طفرة خدمات الكهرباء.. وما هذه وتلك إلا إحدى ثمار تقزم السلطة الحكومية لحد الاكتفاء (بالإشراف والرقابة).. !!
:: ولو أكدت السلطات (لا للتشريد)، فليس هناك ما يمنع استيعاب ذوي الكفاءة من العمالة في الشركات، بحيث يكون هذا الاستيعاب من شروط العطاء.. وكتبت قبل أسبوع عن عطاء تشغيل وإدارة الميناء الجنوبي بميناء بورتسودان.. وزارة الطرق والنقل والجسور كانت قد أعدت العطاء ثم طرحته للمنافسة .. وبعد إغلاق العطاء بتاريخ 7 يناير، فإن شركة بولوري أفريكا لوجستك و مجموعة دبي وشرق إفريقيا للاستثمار و العالمية لخدمات مستودعات الحاويات، ومجموعة البحر الأحمر قيت وي تيرمينال، هي الشركات المتنافسة ..!!
:: وعليه، ليت المهندس مكاوي محمد عوض يمضي على هذه الخطى - بلا أي تأثير نقابي أو سياسي - حتى منتهاه.. أي ليس الميناء الجنوبي فقط كما حدد العطاء الراهن ، بل عليه إطلاق سراح كل موانئ السودان من (قيود الانتاج) المسماة بالسلطات الحكومية، بحيث تكتفي الحكومة وسلطاتها بالمهام الرقابية والسيادية.. فلتكن شراكة أو خصخصة أو ايجار، فالاسم ليس مهماً، فالمهم أن الاقتصاد المنتج - في الدول الناهضة - يتكئ على نهج تقزيم سلطات الحكومة وتضخيم سلطات القطاع الخاص ..!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة