:: قانون الصحافة القادم، والموصوف- مشروعه - بالأسوأ في تاريخ الصحافة، يُكاد يكون القانون العاشر خلال الثلاثة عقود الفائتة..فالحكومة تأبى إلا أن تجود للصحفيين بمعدل قانون جديد كل ثلاث أو أربع سنوات..ولأن التطوير والمواكبة من طبيعة الأشياء، فان إلغاء أي قانون قديم وإستبداله بقانون جديد يعنى أن هناك تطوير وتحديث ومواكبة..ولكن للأسف، قوانين الصحافة - التي يتم إستبدالها بأخرى كل ثلاث أو أربع سنوات - مخالفة لطبيعة الأشياء، إذ نصوصها- كما أصنام الجاهلية - لاتحرك ساكناً، أي لاتحدث تطويراً في صناعة الصحافة ولا توسيعا في مساحة الحريات ..!! :: ولذلك، اصبح حالنا كحال أحد أعيان أمدرمان سابقاَ.. إذ يًحكى أنه كان من ذوي المال، وصاحب مزارع ومتاجر ومصانع، وكان يعمل معه سائق قبطي مشهود له بالأمانة والنزاهة والإخلاص، وكان يعتمد عليه كثيرا الى أن صار ساعده الأيمن..زاره ذات بعض الشيوخ وسألهم عن أمرهم، فأجابوه (نحن ناس الدعوة والتبليغ وعايز ندخل سواقك القبطي ده في الإسلام)، فصاح فيهم لا إراديا : ( لا لا لا، خلوه زي ما هو )، ثم شرع يستجوبهم بغضب : ( أنا شكيت ليكم منو؟، قلت ليكم سواقي ده حرامي؟، نصاب؟، خائن؟، شليق زيكم؟)، فأجابوه بالنفي، ليختم مستوضحاً : ( طيب مغيرين دينو ليه)..!! :: تلك من لطائف مجتمع أم در.. تذكرتها عندما صرح أحدهم : (نحن بصدد تعديل قانون الصحافة، بحيث يحمي حقوق الصحفيين والقارئ والمجتمع، وينظم المهنة، ويخلق صحافة محترمة)، أوهكذا كان حديثه، فصحت لا إرادياً : ( لا لا ، خلي القانون دا زي ما هو)، ثم واصلت الصياح بذات الطريقة المذكورة أعلاها : ( نحن جينا شكينا ليك من قانون الصحافة ؟، قلنا ليك القانون دا ما بيحمي حقوقنا؟، قلنا ليك القانون ده ما بيحمي حقوق القارئ؟، قلنا ليك القانون ده ما بيحمي المجتمع؟، قلنا ليك القانون دا ما بينظم المهنة؟، قلنا ليك القانون دا ما بيخلق صحافة محترمة ؟)، ثم ختمت بتلك الطريقة أيضا : ( طيب معدلنو ليه ؟ )..!! :: وبالمناسبة، ليس هناك أي نص في قانون الصحافة الحالي يقيد حرية الصحافة، وكذلك به أكثر من نص يحمي حقوق الصحفي ومصادره، ثم القانون يضج بنصوص تحمي حقوق القارئ والمجتمع بواسطة مجلس الصحافة والمحاكم، وكل نصوص القانون هي المسودة التي يجب أن تنظم مهنة الصحافة، ولذلك نسأل بكل براءة : ( أها القانون ده مالو؟.. معدلنو ليه؟).. يا عالم كفى لعبا وتلاعبا بعقولنا..فالعيب ليس في قانون الصحافة، ولكن في عدم تنفيذه كما يجب، أي في عدم احترامه بانتهاك سافر وصارخ لكل قيم العدل والعدالة..!! :: وعلى سبيل المثال، ليس هناك أي نص - بقانون الصحافة الحالي - تمنح لأية جهة حق مصادرة الصحف - بعد طباعتها - ليتكبد الناشر الخسائر المادية والصحفيين الخسائر المعنوية.. ليس هناك أي نص في القانون الحالي يقر بهذا الإنتهاك، ولكن هذا مايحدث حالياً، ليبقى السؤال المر : هل العيب في القانون، أم في عدم احترام القانون؟..ثم أن الصحافة السودانية لاتزال المجرم الوحيد الذي تحاكمه أربع جهات في (قضية واحدة)..يعاقبها المجلس بالإيقاف يوماً أو ثلاثة، ثم سُلطة أخرى بالمصادرة بعد الطبع، ثم النيابة بحظر النشر، ثم المحكمة بالغرامة أو السجن..وهذا ما لاينص عليه قانون الصحافة الحالي.. وعليه، فان القانون الحالي بحاجة إلى (الاحترام أولاً)، اي قبل التفكير في التعديل..؟؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الطاهر ساتي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست