طرحت السلطات الواسعة التى يتمتع بها مجلس الامن والتطبيقات الكثيفة لهذه السلطات نقاشا كثيفا حول الرقابة على مجلس الامن فى ممارسته لتلك السلطات ، وبسطت على الطاولة شرعية القرارات التى يصدرها مجلس الامن خاصة تلك التى تصدر تحت الفصل السابع من الميثاق ، لذلك وجب علينا البحث فى آليات الرقابة على قرارات مجلس الامن تحت الفصل السابع ومدى تأثير تلك الآليات على سلطة مجلس الامن ،هذا وتتمثل تلك الآليات فى محكمة العدل الدولية ، والدول اعضاءة ،والجمعية العامة لمم المتحدة. 1\ دور محكمة العدل الدولية فى الرقابة على قرارات مجلس الامن بحسب نص المادة 92 م ميثاق الامم المتحدة على محكمة العدل الدولية هى الآداة القضائية الرئيسية للامم المتحدة [26] وهى بحسب هذا النص ايضا منوط بها بموجب اخصاصتها ان تقوم باصدار الفتاوى لاى من الجمعية العمومية ومجلس الامن فى اية مسألة قانونية متى ما طلبا منها ذلك [27] لهذا فان لمحكمة العدل الدولية دور فى الرقابة على قرارات مجلس الامن الدولى تحت الفصل السابع ولكن ذلك الدور مشروط بتقدم مجلس الامن نفسه بطلب للمحكمة لافتائه فى اية مسألة قانونية ، ففى حالة ما تقدم مجلس الامن بهذا الطلب فان للمحكمة ان تصدر فتوى بناء على ميثاق الامم المتحدة وتراعى فيه جميع المعهادات الدولية وما تفرضه قواعد القانون الدولى وبهذا الطريقة تسطيع بسط رقاببتها على قرارات مجلس الامن تحت الفصل السابع ،ولكننا نجد من جهة اخرى ان الاعمال التحضيرية لميثاق الامم المتحدة ، والممارسات الفعلية لمجس الامن قد اكدت على عدم وجود رقابة فعلية لمحكمة العدل الدولية على قرارات المجلس ، فنجد على سبيل المثال ان قد رفضت الاقتراح البلجيكى امام اللجنة الفرعية الثانية المنبثقة عن اللجنة الثالثة ،والذى يهدف الى الى وضع بعض القيود على سلطات مجلس الامن ، وقد بنى ذلك الرفض على ان هذا الاخير جهازا سياسيا واى رقابة مفروضة عليه تحد من سلطاته وفعاليته فى حفظ السلم والامن الدوليين[28] هنالك بعض الدول قامت باتخاذ منهج مؤيد لرقابة محكمة العدل الدولية على قرارات مجلس الامن ونجد عل ىسبيل المثال ان فرنسا وباعتبارها احد الدول الدائمة العضوية فى مجلس الامن تمتلك مواقف واضحة تؤيد اضطلاع محكمة العدل الدولية بمسؤلية رقابة صحة وشرعية اعمال مجلس الامن ،ومن بين المواقف التى تشير الى منهج الدول الاوربية المؤيد للرقابة القضائية على قرارات مجلس الامن ما اتخذته محكمة الدرجة الاولى للجماعة الاوربية من انها تستطيع فحص شرعية القرار رقم 1390 الصادر فى 16\ياناير\2002م بشأن افغانستان دون ان يشكل حاجزا امام ممارسات مجلس الامن . مما سبق يتضح لنا انه من الناحية النظرية تستطيع محكمة العدل الدولية ممارسة نوع من الرقابة على قرارات مجلس الامن مستندة الى وظيفتها الاستشارية واصدار الفتوى فى اية مسألة قانونية تطلبها منها الجمعية العامة ومجلس الامن الا ان لا يوجد نص صريح فىميثاق الامم المتحدة يخضع قرارات المجلس لرقابة محكمة العدل كما ان الممارسة الدولية اضافة الى الاعمال التحضيرية لميثاق الامم المتحدة قد اكدت على ان لايمكن الرقابة القضائية على اعمال المجلس وذلك من اجل الحسم السريع للمنازعات التى تشكل تهديدا للامن والسلم الدوليين . 2 : رقابة الدول على قرارات مجلس الامن تحت الفصل السابع تستطيع الدول الاعضاء فى مجلس الامن استعمال بعض الوسائل التى تشكل نوعا من الرقابة على قرارات المجلس وذلك عن طريق استعمال حق النقض او الامتناع عن تنفيذ تلك القرارات فى حالة صدورها ، ففى الحالة الاولى تستطيع الدول الدائمة العضوية من وقف كل القرارات التى تمثل انتهاكا للشرعية الدولية عن طريق استعمال حق النقض ،وقد كان استعمال ذلك الحق اثناء فترة الحرب الباردة عاملا هاما فى تحديد الاطار العام لنشاطات المجلس ، ولكن تغير هذا الوضع بعد نهاية الحرب الباردة وانفراد الولايات المتحدة بسلطة اتخاذ القرار داخل المجلس حيث جاء فى بعض تقارير الامم المتحدة ان مجلس الامن يتصرف بطريقة تؤدى الى التضحية بالشرعية القانونية لحساب الاهداف والاغراض السياسية الحالية والتى تؤدى ب دورها الى تطبيق القواعد القانونية بشكل انتقائى وتفضيلى وليس بشكل طبيعى وتلقائى[29] . اما فى الحالة الثانية فتستطيع الدول ممثلة فى تنظيماتها الاقليمية ممارسة بعض الرقابة على قرارات مجلس الامن بالامتناع عن تنفيذ تلك القرارات . حيث اكدت الممارسة الدولية على امتناع بعض التنظيمات الاقليمية تنفيذ قرارات مجلس الامن ، منها ما قامت به منظمة الوحدة الافرقية (سابقا) من امتناعها عن تنفيذ قرارات مجلس الامن748\1992م و883\1993م بفرض عقوبات على الجماهيرية الليبية ،وبذلك تكون منظمة الوحدة الافرقية قد ارست سابقة فى مجال امتناع منظمة اقليمية عن تنفيذ قرار صادر مكن مجلس الامن تحت الفصل السابع دون ان يقوم المجلس باتخاذ اية تدابير ضد الدول الاعضاء فى هذه المنظمة. 3\ رقابة الجمعية العامة للامم المتحدة على قرارات مجلس الامن تحت الفصل السابع ينطلق دور الجمعية العامة للامم المتحدة فى الرقابة على قرارات مجلس الامن الدولى من انها الجهاز العام للمنظمة الدولية ، وانها صاحبة السلطات العامة لجميع اجهزة الامم المتحدة بما فيها مجلس الامن ،كما انها بمثابة دار المداولات للامم المتحدة، ومن حقها ان تناقش اية مسألة او امر يدخل فى نطاق ميثاق الهيئة او يتصل بسلطات فرع من فروعها او بوظائفهى وان توصى اعضاء الهيئة او مجلس الامن او كليهما بما تراه فى تلك المسائل والامور[30] . وبالرغم من المكانة المتميزة التى منحها ميثاق الامم المتحدة للجمعية العامة ، وبالرغم من ان المادة 10 من الميثاق قد منحتها سلطة مناقشة اية مسألة او امريدخل فى نطاق الميثاق – كما قدمنا – الا انه من الواضح ان العلاقة بينها وبين مجلس الامن ليست علاقة تبعية وخضوع وانما هى علاقة تكامل واوزن بينهما ، حيث تقوم الجمعية العامة باحلال نفسها مكان مجلس الامن حينما يفشل هذا الاخير فى اتخاذ القرار المناسب بسبب الخلاف بين الدول الدائمة العضوية كما حدث فى العمليات العسكرية التى تم تنفيذها فى كوريا 1950 ، ومصر 1956 ، والكنغو 1960 عملا بقرار الاتحاد من اجل السلام [31] فيما يتعلق بدور الجمعية العامة فى الرقابة على قرارات مجلس الامن تحت الفصل السابع فانه يتمثل فى النصوص التى وردت فى ميثاق الامم المتحدة والممارسة الدولية فى هذا المجال ، فالنصوص القانونية الواردة فى الميثاق تؤكد ان للجمعية دورا الرقابة على تلك القرارات بصفتها اصيل يفوض سلطاته للنائب وهو مجلس الامن ، وبالتالى فان على مجلس الامن ان لايتجاوز حدود ذلك التفويض التى رسمها الميثاق ، اضافة الى رسم خريطة الطريق للمجلس بتدخلها المباشر فى تحديد عضويته حيث انها هى من يقوم بانتخاب الاعضاء غير الدائميين فيه ،كماحدث فى ادخال زيلاندا الجديدة خلفا للسويد فى الفترة ما بين 93 - 94 والذى ادى الى الحد من نفوذ اروبا فى المجلس ، اضف الى ذلك – ايضا – مانصت عليه المادة 15\1 من الميثاق من ضرورة اعطاء الجمعية العامة تقارير سنوية واخرى خاصة من مجلس الامن تتضمن بيانا عن التدابير التى يكون المجلس قد قررها لحفظالسلم والامن الدولىيين ، غير انه تجب الاشارة الى الرقابة السياسية التى يحتمل ان نمارسها الجمعية العامة على قراراات مجلس الامن تبقى محدودة ونظرية اكثر من كونها عملية ، على عكس ما يرى السيد\كوفى عنان عندما اعتبر ان الجمعية العامة هى جهاز الامم المتحدة الذى يتجسد فيه على اكمل وجه الطابع العالمى والديمقراطى للمنظمة فهى التى تحددالاطار العام للسياسات الذى تعمل الجمعية العامة ضمن حدوده [32]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ناجى احمدالصديق
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست