خطوة جبّارة في طريق الاعلام الصادق الحادب على مصلحة وطننا والمنحاز لطموح مواطنيه في الحرية والعدالة ودولة القانون . خطوة قوية في طريق الانعتاق من نير سيطرة النظام على وسائل الاعلام، حتى تلك التي لا يملكها، لكنه يحاول السيطرة عليها بالمنع والمصادرة والحروب الاخرى التي يجيد شنّها لإسكات الأصوات الشريفة، مثل منع الاعلانات وإرهاب الأقلام المصادمة المنحازة لطموح شعبها في الحرية والانعتاق من نير جلّاد لا يكلّ من إهانة وإذلال شعبه، ومنعها من الكتابة وغيرها من وسائل الترهيب والترغيب.
النظام لن يتوانى عن شنّ الحرب على القناة الجديدة، فلا شئ يثير جنونه مثل تنامي الوعي لدى المواطن السوداني بحقوقه المهدرة، وبحقيقة النظام الذي ظل يكذب لمدة ثلاثة عقود في وسائل اعلامه، وبسبب رعبه من كشف حقيقة جرائمه وفساده ، يصادر الصحف التي لا تدور في فلك أكاذيبه ويغلق المراكز الثقافية ويعتقل النشطاء، ويطارد مواقع التواصل الاجتماعي بمنسوبيه من كتائب الكذب الالكتروني التي لا هم لها سوى بث التضليل والاخبار الكاذبة لإفراغ تلك الوسائل التي اصبحت حجر زاوية ثورة الاعلام الحديث، من مضومنها وتدمير ثقة الناس فيها، كل ذلك لم يعد مجديا، لأنّ الناس اصلا فقدت الثقة في النظام ومؤسساته ووسائل اعلامه.
في التسعينات كان إعلام النظام المضّلِل يردد كلما حانت ذكرى الاستقلال: أنّ الاستقلال الحقيقي لبلادنا لم يتحقق الا في الثلاثين من يونيو حين هبّت ثورة الانقاذ ! لتتكشف الحقيقة فيما بعد أن ممارسات السلطة الانقاذية فاقت الاستعمار صلفا وإستبدادا بل انها إبتدعت ممارسات لم توجد في العهد الاستعماري ولا العهود الوطنية التي تلت تلك الحقبة، حين سمحت لمنسوبيها بسرقة المال العام جهارا نهارا بدعوى التمكين، وحين أحيت العصبيات ونشرت الفتن والحروب بين شعبنا، وحين دمّرت الخدمة المدنية الرائدة التي كانت مثالا ومعلما ارست سمعة السودانيين الطيبة خارج الوطن من خلال اسهامات الرعيل الاول من الاداريين والموظفين والاطباء وغيرهم ، والذين اسهم معظمهم في تأسيس الخدمة الوطنية والمؤسسات الحكومية في دول الجوار الافريقي والعربي. حين كنا نصدّر العقول النيّرة ذات القيم والاخلاق الرفيعة، التي تجد التقدير والاحترام في أي مكان. الان في الزمن الانقاذي السعيد اصبحنا نصدّر لجوارنا: الجنجويد والجنود! بدلا من أن نشيع المعرفة ونرسي دعائم المؤسسات الرشيدة ونعلّم الطلبة، أصبحنا نشيع القتل والدمار. وكأنّ نظام مجرمي الحرب لم يكتفي بالحروب والفتن التي اشعلها في بلادنا فقرر تصدير (ثورته) الى الخارج!
اللواء الزيبق كان أحد إشراقات الدولة بمؤسساتها العظيمة، حين شاركت القوة السودانية في الستينات في حماية الحدود الكويتية من تهديد عراقي، وحين انتهت المهمة وتجمعت القوة في المطار للمغادرة، تقدّم أحد اعضاء الاسرة الحاكمة ليسلم كل جندي مظروفا من النقود، بعد أن انتهى الأمير من توزيع هداياه ، أصدر اللواء الزيبق أمره للفرقة: أرضا ظرف! وضع الجنود الظرف أرضا وصعدوا الى طائرتهم وسط دهشة الحضور وتقديره .
الآن يقوم جنودنا الذين لا يدفع لهم النظام ما يؤمن لهم الحياة الكريمة برشوة قادتهم، ليسمحوا لهم بالسفر الى اليمن، يتلقى هؤلاء الجنود الفتات ، وتذهب ملايين الدولارات مخصصاتهم الى جيوب السادة سماسرة الحروب.
التحية للقائمين على قناة المقرن الفضائية. شعبنا ينتظر الكثير منهم، ينتظر ان تضع هموم هذا المواطن، الذي سلبته السلطة حريته وحقوقه، في صلب إهتماماتها وتسهم في تمليكه الوقائع وتوثّق للفساد وإنتهاكات حقوق الانسان، من قتل وإغتصاب وتدمير، وتسهم في رتق النسيج الاجتماعي الذي سعت الانقاذ بكل قوتها لتدميره، وتسهم في إدارة حوار خلّاق يفضي الى إتفاق وطني يقود الى إرساء دولة الديمقراطية والعدالة والحرية..
خطوة عملاقة، لا نملك الا ان نقف إحتراما وتقديرا لأصحاب مبادرتها العظيمة.
ومعا من أجل إطلاق سراح المعتقلين د. مضوي ابراهيم وحافظ ادريس الدومة وكل معتقلي الضمير الآخرين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة