الإعتقال قبر للحرية وهدر لكرامة الإنسان بقلم عبير المجمر(سويكت)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 06:50 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-30-2017, 06:02 PM

عبير سويكت
<aعبير سويكت
تاريخ التسجيل: 08-07-2016
مجموع المشاركات: 616

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الإعتقال قبر للحرية وهدر لكرامة الإنسان بقلم عبير المجمر(سويكت)

    05:02 PM January, 30 2017

    سودانيز اون لاين
    عبير سويكت-Sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر



    بمناسبة 30 يناير حملة للتضامن مع المعتقلين
    الإفادة الكاملة لقصة إعتقال الأستاذ :ضياء الدين ميرغني الطاهر مسئول حزب البعث السوداني في هولندا والامين العام للمنبر الديمقراطي السوداني في هولندا في الفترة من 2008وحتي 2015
    وعضو اللجنة التنفيذية للجمعية السودانية لحقوق الانسان في باريس واخيرا عضو المجلس القيادي العشريني لقوي نداء السودان

    افادتي :
    منذ ان حل اليوم الاسود المؤرخ بالثلاثين من يونيو 1989، حتي كان لنا سلسلة من العذابات والمضايقات في كل المجالات لسلبنا اي حقوق انسانية في الحرية والعيش الكريم والاستقرار في الدراسة الخ ... من الحقوق الشخصية لاي مواطن يعيش في وطنه . واستمر الوضع الي حين خروجي من السودان، في العام 1995، والتي تم تدبيرها بكثير من استخدام العلاقات العامة والشخصية في سبيل انجاحها .
    تاتي المفارقه من ان اعتقالي بعد انقلاب الثلاثين من يونيو 1989 ، لم يكن الاول ،بل تم القاء القبض عليّ واعتقالي قبل اشهر قليلة وفي العهد الديمقراطي اثر انتفاضة ديسمبر الشهيرة المسماة انتفاضة الخبز والسلام .وتمت محاكمتي وستة اخرون امام محكمة بحري والتي قضت ببراءتنا جميعا من تهمة الاخلال بالنظام العام والتخريب تحت المادة 27/أ،بعد ان وُضعنا في حراسة نقطة بوليس بحري وفي زنزانة قذرة وتضم اسوأ المعتادين من المجرمين لمدة يومين وذلك بغرض تاديبنا .
    اتت يونيو 30 ، ومنذ الاعلان عن اسم قائد الانقلاب عرفت علي الفور الهوية السياسية التي يتبع لها وهي الجبهة الاسلامية القومية او تنظيم جماعة الترابي،ولما كنت احتفظ بذلك العدد من مجلة الدستور اللندنية والتي يذكر فيها قائد الانقلاب بالاسم وتنظيمه ،فلقد قمت علي الفور بتصوير تلك الصفحة باعداد كبيرة وتوزيعها في الحي ووسط المعارف ، وربما اجزم بان ذلك كان من اوائل النشاطات السياسية ضد نظام 30 يونيو،ان لم يكن اول نشاط سياسي.
    وبعدها بدت سلسلة من المضايقات بدأت بالتضييق علي مجال الدراسة حيث ظللت لاكثر من 3 شهور ابحث عن مدرسة لاقرأ فيها واتمكن للجلوس لامتحان الشهادة الثانوية ،بعد ان تم فصلي من مدرسة الشعب بحري بسبب النشاط السياسي ومحاولة تاسيس اتحاد للطلبة فيها ،ولم اتمكن من ذلك رغم العديد من الوساطات من المعارف والاهل ،وكان الجواب علي الدوام لا نستطيع ، وذلك ما دعاني للبحث عن طريقة أخري وهي الانتساب لمعهد سراج بالمؤسسة بحري .
    ومن هنا بدأت بوضوح نوع آخر وهي المراقبة المستمرة أمنيا والتهديد الصريح أحيانا ، وساعد في ذلك تهيّب الاستاذ سراج مدير المعهد رحمه الله قبل ان نفرض بفعل نشاطنا حق ممارسة النشاط الطلابي تأزمت الاوضاع وتحديدا بعد ان تمت مداهمة المنزل لعدة مرات بحثا عني لاعتقالي ،مما دعاني للاختفاء وتغيير مكان السكن .
    ولكن استمرت كثافة البحث عني وبالاخص بعد حركة رمضان ابريل المجيدة ،لاهجر السكن في مدينة الحلفاية بحثا عن ملاذ آمن في اكثر من مكان خارج المدينة . وذهبت للاختباء عند عدد من الاصدقاء الي ان استقر المقام بي في داخلية هباني في المقرن ،والتابعة لكلية الفنون الجميلة .
    *الاعتقال الاول* :
    تم اعتقالي الاول في يوم 9/5/1990 . وكان ذلك في تمام الساعة الحادية عشر ، من مساء ذلك اليوم بعدت ان قدمت من مسكني في حلفاية الملوك والذي علمت انه قد تمت مداهمته قبل اربع وعشرين ساعة ، مع سته اخرين تم اطلاق 4 منهم في الحال والابقاء علينا نحن الثلاثة ، انا والرفيق ابو زيد محمد علي الطالب بجامعة القاهرة في ذاك الوقت، واحمد عطية رئيس الاتحاد لدورتين متعاقبتين لكلية الفنون الجميلة
    وبمجرد السؤال عن اسمي واجابتي عليه ، سالني الضابط الذي يقود تيم الاعتقال
    لماذا لا تتواجد ولا تذهب لمنزلكم ؟
    أجبته أنا قادم منذ ساعات من منزلي.
    تم أمرنا أن نجلس في البوكس دبل كبينة ووجهونا نحو أرضية البوكس .
    وما أن تحرك البوكس حتي أنهالوا علينا ركلا بالاقدام والايدي وضربا باعقاب البنادق ( الدبشك وبمقدمتها ( الماسورة)في كل أجزاء الجسم بدون حساب حيث كان همنا أن نحمي وجوهنا من الضرب المنفلت ،مما أدي لجرح الرفيق ابو زيد اسفل عينه اليسري بعد أن رفع رأسه فجأة.
    وبالرغم من أن المسافة بين الداخلية والقيادة العامة لا تستغرق اكثر من ربع الساعة ، وخاصة مع فرض حظر التجول في حينها منذ الساعة التاسعة مساءا.
    الا ان هذه الحالة استمرت لاكثر من ثلاث ساعات ضربا وركلا قبل ان يتوقف البوكس داخل عمارة مبني جهاز الامن في القيادة العامة .
    صعدنا مباشرة لسطوح العمارة والتي تلاصق مبني القصر حيث يقيم فيه الدكتاتور عمر البشير والذي يفتقد ابسط مقومات المروءة والرجولة في تقديري لعدة اسباب ليست هنا مجال ذكرها .
    صعدنا لسطح الجهاز لنجد اكثر من سبعين معتقلا يفترشون فناء سطوح جهاز الامن، لم نتبين اكثرهم في ذلك الوقت .
    اصبح الصبح . وبدانا نتبين وجوه المعتقلين الذين اكتظ بهم المكان في غرفتين هما المطبخ وغرفة أخري وممر يتوسطهما وغرفه صغيرة كانت تستخدم كلاسلكي لبعث الاشارات واستقبالها و ما يعرف ببئر السلم بالاضافة الي غرفة مغلقة في مقدمه الممر تبين لاحقا إنها مخزن السلاح . ولكم أن تتخيلوا إكتظاظ المكان باكثر من سبعين معتقلا في هذه المساحة .
    هذا ما كان من أمر سطوح مبني جهاز الامن الذي يتكون من عدة طوابق تعج بالمتعقلين في كل طوابق .
    اول من وجه الينا السؤال كان المحامي الراحل غازي سليمان المعتقل معنا في ذلك الوقت .
    وكان سؤاله مباشرا لمن تنتمون من الاحزاب السياسية؟
    واجبته نحن طلاب .
    -ايوا عارف انكم طلاب ولكن ما هو انتمائكم السياسي؟
    +متهمون بالانتماء لحزب البعث العربي الاشتراكي.
    جاء صوت من شخص يقف ورائي ويبدو انه كان بتصنت الي الحوار ، موجها حديثه لي مباشرة . وقال : متهمون ؟ انت يا ضياء الم تكن بعثيا وقائدا لتنظيم حزب البعث في مدرسة الشعب ؟
    التفت لاجد احد الوجوه المألوفة لي وتذكرت انه كان طالبا بالمدرسة، وقد اصبح الآن عضوا بجهاز الامن .
    واجبته :
    +نعم كنت بعثيا بمدرسة الشعب .
    كان الجالسون في تلك الغرفة في ذلك الوقت بالاضافة الي غازي سليمان المحامي ،د. اسامة النور مدير هيئة الاثار والمتاحف ود. محمد الحسن باشا نائبه . كما ضم المعتقل مجموعة كبيرة من القيادات السياسية والنقابية مثل د.بشير عمر الوزير السابق واحد قادة حزب الأمة ووزير سابق،وكذلك العضو القيادي في الحزب الاتحادي والوزير السابق ،تاج السر، الي جانب عدد كبير من اعضاء الاحزاب السياسية اذكر منهم السيد تيراب تندل من حزب الامة ومجموعة من البعثيين والشيوعيين ومجموعة من الطلاب ،فاضافة الينا نحن الثلاث كان هناك الطالب مهيد صديق يوسف ابن القيادي الشيوعي البارز والذي كان معتقلا في نفس المبني ولكن في حجز انفرادي . وكذلك ضم المعتقل كامل اعضاء قيادة نقابة عمال السكة حديد .
    لم يكن المكان يتسع لاكثر من سبعين معتقلا كما اشرت سابقا ولذلك كنا نستظل في ممر ضيق يفصل بين سور مبني السطوح وشارع القصر الذي يسكنه الدكتاتور عمر البشير ،والذي لو نظر الي اعلي العمارة لرأي كم المعتلقين الذي كان يدعي انهم ثلاثة فقط في معتقلات النظام ، وانه لكاذب آشر .
    لم تمنعنا حالة الاعتقال من ملئها ببعض النشاطات المهمة مثل المحاضرات الاصيليه من د. اسامة ود.باشا عن الاثار السودانية او حلقات لادارة بعض النقاش السياسي وخلافه من النشاطات .
    *دماء ورعب داخل الجهاز*
    لا انسي ابدا منظر ذلك الشيخ الثمانيني المعتقل وهو من شرق السودان ، وانا اري اذنه مشطورة الي اثنين والدماء تسيل منها .كان
    هذا يومنا الثالث تقريبا في الاعتقال. والسبب كما قالوا انزلاقه في الحمام الذي نهبط اليه مرة واحدة في اليوم .
    في الاسبوع الاول بدأ لنا ان ثمة حالة من الرعب تنتاب أعضاء الجهاز ونحن ننظر من أعلي السور لبعض بكاسي الجهاز وقد أصابها الضرر من جراء الاصطدام وكذلك المواتر المحطمة ، الي ان اتت ليلة التاسع او العاشر من يونيو 1990 لتكتمل ليلة الرعب عندما سمعنا صوت اطلاق النار في صمت الخرطوم الذي يبدأ مع ساعة حظر التجول في تمام التاسعة مساءا.
    سمعنا صوت طلقتين في البداية ثم الرد بمجموعات ،واكتظ المبني بمنتسبي جهاز الامن للتسليح وهذا ما كشف لنا سر الغرفة المغلقة . ومكننا في نفس الوقت من معرفة كثير من اعضاء الجهاز الذين اتوا في حملة الاستنفار هذه سواء من ابناء مدينتي او من معارف في مجالات مختلفة ،اذهلهم ان نتقابل وجها لوجه ، ضحية وجاني في تلك اللحظات .
    وبحسب رواية احد الضباط المعتقلين معنا وهو العقيد او العميد صديق سعيد اذا لم تخن الذاكرة والذي كانت تربطه علاقة ما برئيس الجهاز في ذلك الوقت وهو د. نافع ،قال:نزلت استفسر ماذا يحدث فوجدت د. نافع يرتجف من الخوف ، وقال البعثيين لو دايرين يصفوا ،ما يمشوا يصفوا عمر البشير نحن مالنا
    وضعت يدي لا اراديا فوق رأسي .فهمس لي د.محمد حسن باشا في اذني ، لا تبدي اي ردة فعل .
    كان كلام ذلك الضابط اشارة لما يمكن ان يكون عليه شكل وحال المعتقل بالنسبة لنا وخاصة بالنسبة للمعتقلين من البعثيين .
    تقرر نقلنا بعد قضاء شهر ويومين من اعتقالنا من عمارة الجهاز الي مكان آخر مجهول وبنفس الصورة التي تم عليها اعتقالنا في 9/5/1990. بان تكون وجهونا بين ارجلنا نحو اسفل قاعدة البوكس ،وهذا المكان يسمي بيت الاشباح .
    *بيت الاشباح*
    انتقلنا الي ذلك البيت في ليلة 11او12 من يوليو بعد زهاء شهر من مدة اعتقالنا . وكانت اولي المشاهد في ذلك البيت اكتظاظه غير العادي بالمعتقلين السياسيين من مختلف الاتجاهات ،وقد فاق عددهم الثمانين معتقلا نصفهم تقريبا من البعثيين بمختلف مستوياتهم القيادية في الحزب .بالاضافة الي عدد مقدر من عضوية حزب الامة وعلي راسهم الضابط عبدالرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس الجمهورية الحالي والذي ربطتني معه علاقة متينة من الصداقة امتدت لفترة طويلة بعد الاعتقال وحتي خروجي من السودان في 1995.
    كذلك وجدنا الاستاذ خضر الياس العضو القيادي البارز في الحزب الشيوعي والاستاذ من الله عبد الوهاب ومجموعة من الاطباء علي رأسهم د.سيد محمد عبدالله عضو نقابة أطباء السودان ود.عبد المنعم من عطبرة .
    والاستاذ الصحفي والشاعر التجاني حسين دفع السيد والذي كان لا زال يحمل ذلك الوشم من التعذيب من جراء قلع بعض اظافر يده .
    وقابلنا ذلك الشاب الوقور والمهذب الشهيد جرجس .
    والاساتذه الفاتح المرضي وعمر مهاجر ومحمد ضياء والبخيت النعيم ومحمدحماد مصطفي ومجموعة من اصدقائي ورفاقى الذين تفاجأت بوجودهم الرفيق محمد ميرغني شاطر وعادل عكاشة وجمال عبد الوهاب وغيرهم . ولكني لا انسي ابدا ذلك الشاب والمعلم اللطيف ذو العيون الخضر المميزة وهو الشهيد *امين بدوي* وهو الذي كسر اول حاجز للتعامل مع غير البعثيين عندما عرف انني طالب بترحيبه بي قائلا:
    *اهلا بصديقي المؤقت*
    غضبت منه وسالته قبل ان اتبين مدلول عبارته .وقلت :
    *الا استحق ان اكون صديقا دائما؟*
    فشرح لي ما دمت طالبا فانك الاسرع توقعا لاطلاق سراحك .
    وهكذا جمعتنا صداقة حتي سمعت بخبر اغتياله وقلع عينه الجميلتين في ابشع عملية اغتيال سياسي قامت به اجهزة امن البشير بعد ان غرست ذلك المسمار في راس الشهيد علي فضل من قبل .
    وصلنا الي ذلك البيت بعد حفلة قصيرة نسبيا من سابقتها الاولي في يوم 9/5/1990 . والحفلة هي الاسم الذي يطلق علي حملة الضرب التي تصاحب الاعتقال او التي تٌعد لتعذيب المعتقلين .
    تبين لنا ان البيت الذي نحن فيه ، هو لجنة الاختيار او بيت الوزير المايوي السابق مامون عوض ابو زيد. استدل عليه بعض المعتقلين من وجود سيارة الاسعاف المهملة في فناء المنزل .
    كان المنزل مكون من مجموعة من الغرف لا تتجاوز الثلاث بالاضافة الي بهو واسع وبرندتين ونملية بحجم اكبر من الغرفة قليلا بالاضافه الي المطبخ الملحق بمخزن صغير لا تتعدي مساحته المتر في متر ونصف او مترين. وكان يُستتخدم في بعض الاحيان لحالات الحبس الانفرادي والتعذيب.
    يطلق علي غرفتين متجاورتين ويفصل بينهما حمام صغير ومحطم غرفة البعثيين والاخري غرفة حزب الامة .
    ويبدو انهما اتخذتا الاسم من جراء ما حدث فيهما من تعذيب وانتهاكات حدثت لعضوية هذين الحزبين .
    اتجهنا مباشرة لغرفة البعثيين والتي يتجنبها حتي البعثيون وعندها شاهدنا بشاعةالمنظر ،حيث الاثار الدالة علي ما حدث فيها ، ولا زلت اذكر تماما اثار الدماء علي جدارن الغرفة وعندما سألت قالوا انها دماء بعض شهداء حركة رمضان المجيدة ويقصدون الضابطان عثمان بلول ومحمد احمد قاسم ،اللذان كانا معتقلين في هذا البيت .
    كانت الاجواء قد بدأت تميل الي التخفيف من التعذيب الفظ وذلك بفعل الضغوط العالمية جراء الانتهاكات الفظه والعنيفة التي سبقت تلك الفترة فاصبح التعذيب الجسدي بدرجة اقل بحيث لا يحدث الضرب اثارا مستديمة .ولكن تكثف استخدام التعذيب النفسي والمعنوي وهو اقل ما يواجهه المعتقلون السياسيون .
    *اسلوب المواجهة العنيفة*
    ابتدر الرفيق ابوزيد اسلوب المواجهة العنيفة في مواجهة اعضاء جهاز الامن بعدم اطاعة أوامرهم والاشتباك البدني معهم
    كان هذا الاسلوب فعالا في حالة الرفيق ابو زيد واصبح برنامجا يوما ،عصر كل يوم ،وذلك باصطحابه الي فناء الدار قبل ان يتحول الي مجموعة من الزنزانات لاحقا ، مما جعلوهم يخشونه كثيرا .
    حمسنا اسلوب ابو زيد كثيرا فاخذنا في التحوط لاستخدامه حيث كنا
    نتلقي تدريبات صباحية للتايكندوا علي يد الكوماندر عبد الرحمن الصادق ، ولكن ابو زيد كان يؤثر تطبيقها عصر كل يوم في الاشتباك معهم .
    *صفع وحبس انفرادي*
    بما اننا في غرفة واحدة وعلينا اطفاء النور في الساعة العاشرة من مساء كل يوم ، الا ان حب ابوزيد للمواجهة وعدم اطاعة الاوامر ، كان يضعنا في العديد من الاشكالات.
    وفي إحداها امتنع ابو زيد عن اطفاء نور الغرفة في الوقت ولكن بدلا من معاقبته ،تم تركه ومعاقبتنا نحن الثلاثة ،انا ومحمد ميرغني وعادل عكاشة لا لشئ الا لاننا رفعنا الغطاء عن وجوهنا ، لنعرف ما سيؤول اليه امر هذه المشادة.
    وادخلنا الي ذلك المخزن الصغير والملحق بالمطبخ الغير مستعمل اساسا .وكان مغطي بطبقة كثيفة من التراب الناعم ، ومعتم تماما ،
    ولا يوجد فيه اي مجال للجلوس بارتياح ناهيك عن التمدد ، وبدا تنفسنا صعبا في مثل الوضع ، ومع الاختناق وضيق النفس بدانا نتصبب عرقا ليختلط بالتراب الناعم ونتحول الي كومة من الطين،قررنا ونحن في هذا الوضع استخدام اسلوب المواجهة،من لحظتها ، فاحدثنا حالة من الضجيج بالاغاني والضحك بالصوت العالي وكل ما يمكن ان يسبب ازعاجا .ووضعنا في بالنا ان اقامتنا ستطول في هذا المخزن ،بناءا علي ما قمنا به من شغب.
    فقد كنت اول ما فعلته صباحا ، ان اخذت المقشاشة واخرجت كل هذاالتراب الناعم . وذلك قبل ان ياتي عضو جهاز الامن الذي وضعنا في هذا المكان .ثم نظرت الي الرف فوجدت كتابا يبدو انه مطبوع في ايران وعلي الصفحة اسم عضو الامن الحقيقي وليس الحركي الذي كان يتعامل به معنا . وكنا سابقا قد عرفنا انه من ابناء الحلة الجديدة بالخرطوم ،
    لم يتوقع ذاك الامنجي مثل كل هذا التحدي ، فقال لي من قال لك اننا نريد تنظيف هذا المكان؟
    فاجبته باننا بشر وليس مجموعة حيوانات فقام بصفعي . ورمقته بنظرة تحدي واستعداد لمواجهة لم يتوقعها، فخرج مسرعا ثم عاد بعد دقائق ليعتذر معللا تصرفه باننا نحن الذين دفعناه لذلك.
    فقلت له باسمه الحقيقي مافي مشكلة الجاي كثير ، ولم يقترب مني منذ تلك اللحظة وحتي خروجي من المعتقل .
    *مذكرتان واضراب عن الطعام*
    طيلة هذه الفترة ونحن في شهرنا الثاني من الاعتقال لم تتم لنا اي إجراءات تحقيق ،فقررنا نحن المبادرة ، وطرحنا في الاسبوع الاول ان نرفع مذكرات نطالب فيها باطلاق سراحنا او تقديمنا للمحاكمة ، وحدث ذلك وسط الطلاب المعتقلين والذي تجاوز عددهم العشرة طلاب . وتصعيد ذلك النضال وصولا للاضراب عن الطعام اذا لم يستجاب لنا ..
    وبالفعل تم تجاهل المذكرة ثم الحقناها بمذكرة اخري تذكيرا بالاولي وتحذيرا بالخطوة المقبلة،في حالة عدم الاستجابة او اهمال هذه المذكرة.
    بالفعل دخلنا في الاضراب المفتوح عن الطعام في يوم 15/يوليو 1990. خذلنا غالبية الطلاب فدخلنا الاضراب ثلاثتنا انا والرفيق ابو زيد محمد علي والرفيق علي عبد الله ابو عنجة .
    مر اليوم بدون اهتمام وكذلك اليوم الثاني وكان اليوم الثالث يوم تهديد باجبارنا علي الاكل فرفضنا ، وسقط في ذلك اليوم الرفيق علي مغشيا عليه .مما استدعي نقله لمستشفي السلاح الطبي ،
    وبدا اليوم الرابع في بتراجعهم بالنظر في الامر ولكن بعد فك الاضراب .
    وكان اليوم الخامس بانتصارنا بوعدهم باطلاق سراحنا ولكن ليس فورا حتي لايتبع الاخرون اسلوبنا .
    تم اطلاق سراحي بعد شهرين من ذلك التأريخ ، ولكن بعد أن اصبح لنا مكانة وهيبة في التعامل استمرت حني اطلاق سراحنا وكان هذا هو حال الاعتقال الاول.
    لم يكن اطلاق سراحي هو خاتمة المطاف في سلسله العذابات المستمرة . كان اوامر الجهاز ان احضر يوميا لجهاز الامن ولمدة شهرين متتاليين ، كنا نجلس فيها طوال اليوم وايضا كما كان الحال في مدة الاعتقال ودون تحقيق من الصباح وحتي المساء .كما كان محظورا علينا السفر خارج الخرطوم الا باذن من جهاز الامن .
    وخلال العامين التاليين لاعتقالي الاول في العام 1990 ،استمرت حالات الملاحقة المستمرة ، والمداهمات المفاجئة للمنزل من حين لآحر. مما اضطرني لمغادرة المنزل والتنقل بين الاهل والاصدقاء طيلة هذين العامين.
    وجراء ذلك فقدت فرص عملي ولم يمكنني متابعة الدراسة . حيث كنت انوي الانتساب الي معهد الموسيقي او كلية الموسيقي ، والذي تم اغلاقه لمدة اربع سنوات متتالية .
    وعلي الرغم من اني كنت امارس نشاطي الموسيقي من خلال منتدي الحلفاية الثقافي ومركز شباب بحري الا ان حالة الاستدعاءات وعرقله النشاط والمداهمات استمرت بشكل متزايد .
    *تمثل ذلك في:
    1/ التضييق علينا امنيا ومحاولة تتبع نشاط المنتدي الثقافي لحلفاية الملوك بعد ان اصبح منارة وعلامة فارقة في الوسط الثقافي والفني بشكل عام .
    2/ايقاف حفل راس السنة بالمطعم السياحي العالمي لاسباب غير معلومة ومن مجموعة امنية في العام 1993.
    3/اعتقالي الثاني في ديسمبر 1994بعد حادثة اغتيال الفنان خوجلي عثمان .
    4/كما تمت مجموعة من المداهمات للمنزل تمت بموجبه مصادرة مجموعة كبيرة من الكتب ومتعلقات شخصية ولم يسلم منها حتي شرائط الكاسيت التي كانت تضم تسجيلات مهمة لاعمالي الفنية وغيرها.
    *الاعتقال الثاني*
    تم الاعتقال الثاني ومن داخل جلسة المنتدي الثقافي لحلفاية الملوك والتي كانت منعقدة في منزل الاستاذ عبد القادر الصادق جميل بالدروشاب ، تم اغلاق الشارع باكثر من ثلاث عربات وارسال شاب ذو معرفة بي ليستدرجني الي خارج المنزل ، بحجة ان بعض اصدقائي ينتظروني بالخارج. والذين اكتشفت انهم تم اعتقالهم قبلي وهم عادل عكاشة وبلة وعبد الكريم وهم مجموعة من اصدقائي المسرحيين،
    كان ذلك مساء يوم 24ديسمبر1994.
    وتم حبسي في مكتب صغير تابع لجهاز الامن يقابل نقطة بوليس بحري
    والذي تم اعتقالي الاول في عهد الديمقراطية فيها.
    اخذ الاستجواب المصحوب بالعنف من ضابط الامن عبدالله الجزار ، الحديث عن ماذا نقول في المنتدي عن حادثة اغتيال الفنان خوجلي عثمان ، وكان التهديد ايضا بانواع اخري من انتهاك حريتي الشخصية ، اعف عن الحديث عنها.
    وكان تقييمهم للمنتدي بانه تجمع شيوعي/بعثي.
    وكانت تلك الفترة التي قاربت الشهر ،قد تمت فيها اشكال مختلفة من التعذيب، منها الانهاك الجسدي والحرمان من النوم ومحاولة الاستهداف المعنوي. مع تقليل العنف البدني مقارنة بالتجربة الاولي في اعتقال 9 مايو 1990.
    من المفيد ان نذكر انه وطول فترات اعتقالنا كنا نسمع اصوات صراخ من جراء الضرب مساءا.
    *كما انه تمت في هذه الفترة زيارة من الدكتاتور القمئ عمر البشير لهذا المكتب لمدة قصيرة لتقديم واجب العزاء في قتل اثنين من افراد هذا المكتب في الحرب الدائرة في جنوب السودان*
    واللافت للنظر ان احدي التحقيقات كان فيها اثنين من الزائرين كانا ذو ملامح غير سودانية بل تميل الي انهما ايرانيان.
    انتهت تجاربي مع الاعتقال والمضايقات الامنية بخروجي من السودان في العام 1995.
    ولكن اضرارها الجسدية والمادية ظلت تصاحبني حتي الآن .منها :
    اوجاع الظهر التي تنتابني بين الفينة والاخري بسبب الضرب المصاحب لتجربة الاعتقال الاولي.
    بالاضافة الي خسائر مادية تمثلت في الغاء عديد من عقود الارتباطات الفنية .
    بالاضافة الي الاضرار الحياتية في علاقاتي الاجتماعية والاسرية في عدم ممارسة حياتي بشكل طبيعي .



    أبرز عناوين سودانيز اون لاين صباح اليوم الموافق 30 يناير 2017

    اخبار و بيانات

  • المؤتمر الشعبي لـ(الصادق المهدي): أنت كبير السودان
  • كاركاتير اليوم الموافق 30 يناير 2017 للفنان عمر دفع الله
  • الحكومة السودانية تستدعي السفير الأمريكي ومظاهرات ضد ترامب
  • تحالف قوى المعارضة السودانية بكندا:ارفعوا أيديكم عن القساوسة المسيحين ولا للأحكام الجائرة بحقهم
  • تضامن ابناء جبال النوبة بهولندا:عرض فلم (قلب النوبة) بامستردام


اراء و مقالات

  • أرتريا والعمل الدبلوماسى فيها ...!! بقلم محمد رمضان
  • مجزرة بورتسودان والجنائية الدولية والمزايدات ICC _ MASSACRE OF PORT SUDAN بقلم د. ابومحمد ابوآمنة
  • ماذا يريد ياسر عرمان.. أعادة صياغة مستقبل الحزب الشيوعى .. ام صياغة مستقبل جبال النوبة بقلم سليم عب
  • مشكلة التحليل والبحث بقلم د.آمل الكردفاني
  • الاستيطان اليهودي في فلسطين من الاسـتعمار إلى الامـبريالية بقلم غازي حسين
  • ترامب .. وقلع الخيام صوب ديار الأسلام !! بقلم بثينة تروس
  • زلزال ترامب الاهوج بقلم سعيد عبدالله سعيد شاهين
  • ( نستاهل ) بقلم الطاهر ساتي
  • بوركينافاسو..! بقلم صلاح الدين عووضة
  • حديث مع المحاورة بقلم إسحق فضل الله
  • مفاجأة القرن .. فراعنة السودان حكموا مصر وفلسطين. بقلم صلاح الباشا
  • والي جنوب كردفان عيسى آدم ابكر واستغلال السلطة لتدمير شعب جبال النوبة بقلم محمود جودات
  • فصل الخطاب فى إستقالة الدكتور خطاب بقلم ياسر قطيه
  • عبد الصبور وطه ومعرض القاهرة للكتاب بقلم بدرالدين حسن علي
  • ترامب أمل إسرائيل الواعد ومنقذها المنتظر القادم بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
  • حكمة الإمام .. !! بقلم هيثم الفضل
  • المحكمة الجنائية بين تهديد ترامب وانسحاب الأفارقة بقلم عواطف رحمة
  • السودانيون وظاهرة الاستقبال وفنون الحشود بقلم محمد ادم فاشر

    المنبر العام

  • سر اختفاء المليونير المسجون من السجن ...للكاتب هتشكوك .
  • هاشم بدرالدين:غير تاريخ السودان وجعل من الترابي رئيس , وتسبب في عزل طه
  • مفاجأة صادمة لترامب.. محكمة أمريكية تنقلب عليه وتقضي بعدم ترحيل اللاجئين والمسافرين (تفاصيل)
  • اوبريت مستشفى 7979 لعلاج سرطان الاطفال بالمجان
  • عودة الخازوق ..
  • ادعموا ملهم كردفان في مشروعه الخيري جزاكم الله خير الجزاء
  • كيزان مكة وخطوات عملية للانفصال من الجالية بجدة
  • اوبريت مستشفي 7979 لعلاج سرطان الاطفال بالمجان
  • محاسن دي قصتا شنو وهي منو ؟
  • عضو جديد في منتداكم العامر
  • ليس دفاعا عن السماني عمارة ولكن دفاعا من اجل لغة الحوار وتقبل الاخر(لا اعرف الرجل ولم التقيه )
  • دعوة لتوحيد الله عز وجل !! بداية الشرك والكفر لبني آدم وكيف دخل الشرك والكفر لقلوبهم !!!
  • قبائل الامبررو في السودان ..الفتاة تختار عريسها وليس له حق الرفض (منقول)
  • لماذا لا يدين العلمانيون استهداف المساجد في الغرب ولا يصفون المسيحيين بالإرهاب؟
  • غياب
  • الفريق الفاسد طه فى ضيافة الارزقجى ود الباوقة (صور)
  • نظام عالمي جديد يتشكل مع ترامب؟؟!!
  • الذي لا يصلي يقول للناس صلوا فإنكم لا تصلون - مقال د. محمد وقيع الله (إعادة نشر)
  • السودان.. فرص إنتعاش الإقتصاد بعد الإنفتاح على الإستثمارات الأجنبية
  • كترتي المحلبية ياتراجي
  • الحكومة نامت علي موضوع امريكا
  • اعادة طبيبة سودانية من نيويورك ل جدة
  • عودة الامام
  • هولاء كانوا فى وداع البشير
  • السر الأعظم: أوباما باع النظام السوداني لترامب: ديل خطيرين علي أمن أمريكا
  • مقتل خمسة في هجوم مسلح على مسجد بمدينة كويبيك الكندية
  • صور سودانين اعيدو من امريكا ... وماذا قالو ... ( صور )
  • الجنجويد يقتلون طالب جامعي دهسا بالعربات ( صور )























  •                   

    العنوان الكاتب Date
    الإعتقال قبر للحرية وهدر لكرامة الإنسان بقلم عبير المجمر(سويكت) عبير سويكت01-30-17, 06:02 PM
      Re: الإعتقال قبر للحرية وهدر لكرامة الإنسان � هاشم 01-30-17, 10:11 PM


    [رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

    تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
    at FaceBook




    احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
    اراء حرة و مقالات
    Latest Posts in English Forum
    Articles and Views
    اخر المواضيع فى المنبر العام
    News and Press Releases
    اخبار و بيانات



    فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
    الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
    لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
    About Us
    Contact Us
    About Sudanese Online
    اخبار و بيانات
    اراء حرة و مقالات
    صور سودانيزاونلاين
    فيديوهات سودانيزاونلاين
    ويكيبيديا سودانيز اون لاين
    منتديات سودانيزاونلاين
    News and Press Releases
    Articles and Views
    SudaneseOnline Images
    Sudanese Online Videos
    Sudanese Online Wikipedia
    Sudanese Online Forums
    If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

    © 2014 SudaneseOnline.com

    Software Version 1.3.0 © 2N-com.de