وصلتَ في الحُكْمِ مرتبةً في العلياء يُعمّرُها الشهب، وجعلتك إحصاءات خبراء المال في الغرب ، تحتل المكانة العاشرة بين الحكام العرب ، وتجوَّلت بالمجان عبر معالم الدنيا مذ كنت أصغر وزير خارجية في حكومة منها انطلق العداء للمغرب ، وشربت من أدوية ساقها لفمك بدل الطبيب الجزائري في بلدك الفرنسي للزيادة في الاحتياط من أبناء جلدتك قاسموك العيش في نفس الدرب، أحطت نفسك بهالة من أمجاد كانت على أرض الواقع من خاصية خمسة اتخذوك من أعز الأصحاب ، ابتسمت بمناسبة أو غيرها لأكثر من جمهرة حسبها المتكدسون ضمنها صادرة عن أحن أب ، فإذا الحقيقة مجرد تكملة لديكور سياسة في الأدنى تغلق الباب ، ليكل متن الطارق الراغب في استخلاص حق ضيعته ومن معك على خزعبلات جمهورية وهمية أشغلت بها ضعف الإرادات وضعاف الألباب، في دول تعوض جفافها بما تمده مقتطعا بغير موجب قانون من مال الشعب، فلا كان لك بعد اليوم موقع في تاريخ الجزائر مهما كان الحيز مجهري لأبسط الأسباب ، إبقائك التوتر بين جارتين أرادت الجغرافية أن تلصق بعضهما البعض بتراب، لا ينفذ إلا بقيام الساعة بعد لحظة من الآن أو مليارات السنين فذاك مقدر في كتاب ، بأمر من الخالق الوهاب ، العادل يوم الحساب ، بل ترسيخك قاعدة الحقد لتشمل جيلاً من الجزائريين عاشوا عصركَ شقاءَ بطالة تدعو لعجب العجاب ، ونفط وطنهم مستخرج على وَفْرَتِهِ لَوْنُه أحمر ممزوج بدماء أبائهم الشهداء المسال كالأنهار لغسل دنس الاستعمار تعدادهم لحق المليون ونصف المليون معظمهم من الشباب .
... قبل انطلاق المسيرة الخضراء بأسابيع قليلة اتصل بي "كاتب ياسين" الأديب الشهير مؤلف "نجمة" و" "محمد خذ حقيبتك" والعديد من المسرحات ذات المستوى العالمي ، الذي رحل عن العاصمة ليشتغل في فرنسا مزارعا عاديا ، وباعتماد على النفس استطاع أن ينال بما أنتجه من كتابات إعجاب واحترام الأكاديمية الفرنسية، اتصل بي وأنا موجود في شارع "لاروش" منهمك في الإشراف مع المخرج التونسي "الأخ القيطاري" والمكلف على إذاعة فرعية تحمل اسم نفس الشارع ، الأخ أحمد بولعواد، في إعطاء اللمسات الأخيرة لحلقة اختُتِمَ بها مسلسل " الحقيبة السوداء" من تأليفي وإنتاجي ، كنتُ أسمع بكاتب ياسين وما وصل إليه من مكانة أدبية رفيعة عند الناطقين بلغة موليير وجورج صند ، لكنها المرة الأولى التي التقي به وجها لوجه. بعد التحية اصطحبني معه إلى شارع طنجة الكائن بالعاصمة الجزائر ليقتني قنينات معينة ونواصل المسير ممتطين سيارته القديمة الفرنسية الصنع لغاية بيته ، وبالداخل كشف لي عن سر أدخلني دوامة من الحيرة والشعور بخطورة الموضوع وواجب اتخاذ الموقف الآني المترتب عنه مسؤولية الوفاء أو الخيانة لوطني المغرب . قال لي بالحرف الواحد :
- كلفتني الحكومة الجزائرية بواسطة وزير العمل "المعزوزي" تأليف وإخراج مسرحية ضخمة تصل شبيهاتها العالمية من حيث الإعداد الجيد والموضوع المؤرخ لموقف الحكومة الجزائرية وعلى رأسها الهواري بومدين من المسيرة الفاشلة التي سيحاول الملك الحسن الثاني بها التشويش على دور الجزائر في ضبط الاستقرار ليس فقط داخل هذا الجناح من المغرب العربي ، ولكن الشامل للقارة الإفريقية برمتها، وأحيطك علما أستاذ منيغ أنني مزود بميزانية تغطي كل المصاريف وترضي مطالب كل مشارك في هذا العمل الكبير الذي ستتبعه كل الوسائل الإعلامية المرئية أو المسموعة أو المكتوبة أكانت وطنية أو دولية .
قاطعته قائلا :
- هذا شيء يخصك وحدك وأنت قادر على انجازه بحكم تجربتك الطويلة في الميدان .
فاجأني بجواب حسبته توطئة صريحة عن تواضعه لكنني تيقنتُ عن احتياجه الأكيد في مشاركتي المباشرة ، حيث ذكرني بما يلي .
- لو كنتُ أقدرُ على انجاز مثل العمل لما كلَّفتُ نفسي عناء البحث عليك ومحاولتي اللحظة إقناعك لمشاركتي المطلوب منا تحقيقه معاً وفي ظرف لا يتعدى الثلاثة أسابيع بدءاً من الغد.
سألته:
- من اقترحني وَجَدَّ في وصف إمكاناتي الفكرية والأدبية والفنية حتى اقتنعتَ أنني الرجل المناسب للقيام بهذه المهمة العسيرة ؟.
أجابني :
- كنتُ رفقة وزير العمل نتقاسم الحوار في الموضوع فلما وصلنا لوضع قائمة الأسماء المرشحة ، دخل علينا عبد العزيز بوتفليقة الذي حالما طرقت أذناه بعض الأسماء نطق باسم مصطفى منيغ، واقترح عليَّ الاتصال بك وضمك للمشروع، ونصحني بالاستماع لمسلسل الشيطان الذي كتبتَهُ لفائدة الإذاعة والتلفزة الجزائرية .
- وهل استمعتَ بالفعل لحلقة أو أكثر من نفس المسلسل
- نعم استمعتُ لِسِتِّ حلقات على امتداد ثلاث ساعات بعدها كوَّنتُ فكرة أنك موهوب ذو كفاءات يجب استغلالها لفائدة الحركة المسرحية النامية في الجزائر بعد الاستقلال بفضل مجهود رجال مثلك . (يتبع)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة