شاهدت صوراً لمساجد متنقلة في سيارات سيتم استخدامها في السودان، لا أعلم الجهة التي تقف وراء ذلك، منظمة أم هيئة، ولكن هناك الكثير مما يمكن أن يقال في هذا الأمر. لا أظن أننا نحتاج لهذه المساجد المتنقلة وهي ليست ذات أولوية. إذا أدركتك الصلاة في شوارع ومدن السودان، ولم يكن هناك مسجد قريب، ستجد عشرات المصليات أمام المنازل والمحلات التجارية، سواء في الأسواق أو الأحياء أو حتى المنطقة الصناعية. ما أن يؤذن الآذان حتى تخرج المفارش والبروش وأباريق الوضوء لترحب بالمصلين من كل جنس. ولعل هذه ملاحظة سبق أن قالها الرئيس الراحل معمر القذافي، في معرض ذمه لجماعات الإسلام السياسي، حيث قال إن السودان لا يحتاج لحركة الأخوان المسلمين لأن كل السودانيين يصلون. وحكى كيف تتوقف حركة السيارات في كل مكان وينزل الناس للصلاة حتى في الطرق السريعة. النقطة الثانية لها علاقة بفهم خاطئ عند بعض الناس، بحسن ظن وسلامة نية، إذ يعتقدون أن عمل الخير لا يمكن أن يكون إلا بإنشاء المساجد وحدها. هناك أحياء تكتظ بالمساجد المتجاورة في حين يفتقد الحي للمدارس والمراكز الصحية، أو تجد أحياء أخرى تقل فيها المساجد. أظن أن الأمر يجب أن يكون في يد الشؤون الدينية لتحدد مدى حاجة الناس لمسجد في منطقة معينة بناء على الكثافة السكانية وعدد المساجد الموجودة. وأظن أن رجال الدين عليهم واجب كبير ومهم ليرشدوا الناس لأعمال الخير التي تجلب الصدقات الجارية، وهي ليست محصورة في بناء المساجد، مع عظمة هذا العمل، لكن تلبية حاجيات الناس الضرورية والعاجلة يعتبر أيضا من جلائل الأعمال، خاصة في بلد فقير يموت فيه الناس من الفقر والمرض والجهل، وترفع الحكومة يدها، يوماً بعد يوم، من هذه الخدمات. هناك مناطق يدرس فيها طلاب وطالبات الأساس في رواكيب من القش، ولا توجد خدمات صحية أو مياه شرب، وهناك مناطق تفتقد للمراكز الصحية والمستشفيات، يموت الناس من أمراض يمكن الوقاية منها وعلاجها بأسهل الطرق. صحيح أن الأعمار بيد الله، وكل شئ مقدر، لكن رب العالمين أمرنا بأن نلتمس الأسباب، وتوفير العلاج والدواء من الأسباب الواجب اتباعها. هناك مناطق لا توجد بها سيارات إسعاف، يموت الناس، وبالذات السيدات الحوامل، وهن في الطريق لأقرب مستشفى في طرق غير ممهدة، فماذا لو قام من أمر بهذه السيارات التي تعمل كمساجد متنقلة، بتحويلها لسيارات إسعاف ووزعها على المناطق المحتاجة؟ هل سينقص من ثوابه شيئا؟. ماذا لو وهبها لدار المايقوما أو دور الإصلاحيات الأخرى لتستخدمها في تقديم الخدمات لمن حرموا من أسرة تقوم بهذا الدور لست فقيهاً أو عالماً، لكن أظن أن تلبية حاجيات الناس الضرورية، ومساعدتهم في إيجاد العلاج والتعليم والتأهيل لهو من أفضل الأعمال التي يجازي بها رب السماوات العبد المؤمن، ويجزيه عنها خيراً، وتحسب له صدقة جارية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة