كنت إقرأ مقالاً بالصفحة الثانية بجريدة ( الجريدة) الغراء بتاريخ 4/4/2015 عن أن وزارة العمل تستعجل قانوون العمل الجديد.. لم أضحك.. فالمعروف أن القانون جاهز.. لسحب حقوق العاملين المكتسبة في قانون عام 1995 .. و يدور صراع حالياً بين المعارضين للقانون الجديد.. و المؤيدين له لصالح الذين ( امتلكوا) ملايين الأفدنة من أراضينا.. شرقاً و غرباً,, شمالاً و جنوباً.. و سوف تتم إجازة القانون لتطمئن قلوب المستثمرين- غصباً عنك و غصباً عني- و سوف يساق عمال السودان إلى ( براميل) " سخرة و خم تراب" بلا أدنى شك عندي..
و بلغتُ الصفحة الأخيرة من (الجريدة) لأفاجأ بالأستاذة/ هنادي الصديق تشكو- في غضب مستحق- من ظلم أصحاب العمل للعاملين معهم.. فقد صدما ما رأت بعد أكثر من ثلاث زيارات لمحكمة العمل شاكية أحد ( الظَلَمة).. فانبرت تطالب بتعديل قانون العمل:- ".... قانون العمل يحتاج إلى مزيد من التعديل حتى ينصف العامل لأقصى درجة و يكون رادعاً لأصحاب العمل ضعلف النفوس....."
ضحكت:- ألا تدري الأستاذة شيئاً عن ما يدور في الرياض و الخرطوم هذه الأيام.. و ما يتم التمهيد له بقانون عمل جديد غصباً عن القراء و عني و عن هنادي الصديق؟ ضحكتُ، و الضحك مسموح به حين يُسقط بين يديك، و ترى متناقضَين يتصافحان في وُدٍّ معاً..!
و ضحكتُ لأن الأستاذة هنادي قامت بثلاث زيارات فقط لمحكمة العمل.. و رأت ما أغضبها لدرجة الغليان، فما بالك بزياراتي المكوكية إلى محكمة العمل بالديوم على مدى 3 سنوات و ¾ .. و الأستاذة كان خصمها ظالم من الأفراد الذين استفادوا من ( التمكين).. بينما خصمي كان الحكومة بقضها و قضيضها.. و المفروض أن تكون الحكومة خصماً نزيهاً.. كما يَّدعون..
كتبت مقالاً من 3 حلقات مطولة عن العدالة العاجزة في السودان.. أقتطف منها ما يلي:-
".... القاضي يعرف أن ثمة خللاً ما في قضية ما لكنه لا يستطيع الخروج عن النص.. و محامي الادعاء يعرف.. و يحاول إيجاد مخارج من داخل النص.. و محامي الدفاع يعرف و يسعى لتدعيم عدم المنطق الموجود في النص.. و أنا أعرف أن كل أهل القانون يعرفون أن ثمة ( عوار ) في الاجراءات جدير بالمعالجة.. إجراءات تسمح بالتسويف و إطالة التقاضي.. و تعطيل العدالة الناجزة.."
" أما عن القضاة، فالقاضي مثل سائق قطار ماهر لا يستطيع الخروج من الخط حتى و إن كان الخط تعيساً.. فالنص قد يتجاوز المنطق و المعقول.. و سوء المنطق في النصوص ربما أضر بالعدالة.."
" تحضر للجلسة فتكتشف أن القاضي قد ذهب في إجازته السنوية.. و أن القضية قد تم تحويلها القضية إلى قاضٍ آخر.. القضايا أمامه كثيرة.. و لا يملك إلا أن يؤجل القضية إلى تاريخ عودة القاضي الأساس.. و لسوء حظك تأتي لتجد أن القاضي الأساس قد تم نقله.. و عُيِّن مكانه قاضٍ جديد.. القاضي الجديد يحتاج إلى دراسة القضايا التي ورثها عن سابقه.. إيييييييييه ده؟!"
" يتولد لديك إحساس بتخثرِ ما في الجو العام.. في البيئة المحيطة.. تتحرك إلى عريشة ستات الشاي.. روادها مظاليم و محامون.. الجميع يحتسون ما يحتسون.. و يدخنون.. و فجأة قال أحدهم:- " ديل ما بخافو الله" جملة مسحت عنك شيئاً من الألم كونها وضعت الظَلَمة في مواجهة مع الله! و انبرت إحدى مظلومات الحكومة لتعلن أنها قد ( تعبت).. و آن لها أن تقبل تسوية قدمها لها مستشار الوحدة الحكومية بما يعادل ثلث استحقاقها ( القانوني).. و مهندس سوداني يقاضي إحدى شركات البترول ذات الصيت.. كان يعمل معها بعقد نص على دفع راتبه بالجنيه السوداني ( مقيَّماً) بالدولار.. و تم فصله بعد عام بينما كان لا يزال في الحقل.. و طُلب منه توقيع عقد عمل جديد أقل امتيازاً.."...
إنتهى الاقتطاف.
عزيزتي الأستاذة/ هنادي، إن القانون في بلدنا قانون (ملعوب به) في ميادين عديدة.. لمصلحة المستثمرين ( الغزاة) بلا رحمة.. و لا تنسي أن الاتفاقات و البروتوكولات جارية الآن على قدم و ساق لبيع البلد لمن يدفع أكثر.. و وزارة العمل في عجلة من أمرها للمصادقة على قانون العمل الجديد.. كما يتوجب ألا تنسي أن ثمة قانوناً ( غير دستوري) أسموه ( قانون الاستثمار) و هو قانون يضيف عقبات أخرى إلى العقبات التي تعترض مسار شكاوى العاملين السودانيين أمام القضاء, فمع ما يعانونه من ( سخرة و خم تراب)، سوف يصطدمون بيافطة مكتوب عليها:- ( خُمْ و صُرْ!"
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة