أمس واليوم وغداً (2)غازي سليمان، طبت حياً وميتاً بقلم مأمون محمد أحمد سليمان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 09:19 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-28-2015, 03:36 PM

مأمون محمد أحمد سليمان
<aمأمون محمد أحمد سليمان
تاريخ التسجيل: 02-28-2015
مجموع المشاركات: 7

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أمس واليوم وغداً (2)غازي سليمان، طبت حياً وميتاً بقلم مأمون محمد أحمد سليمان

    02:36 PM Feb, 28 2015
    سودانيز أون لاين
    مأمون محمد أحمد سليمان - الخرطوم-السودان
    مكتبتي في سودانيزاونلاين



    د. م. مأمون محمد أحمد سليمان
    مهندس وأستاذ جامعي -الخرطوم
    mailto:[email protected]@gmail.com


    يوم 7 فبراير الماضي صادف عاماً على رحيله. وأنا شقيقه الأصغر، أروي لكم جزءاً من ذكرياتي معه، وأتناول بعض ملامح سيرته.
    ليلة يوم انقلاب19 يوليو 1971 رجع لمنزلنا (العباسية شمال) - وهو المفتش بوزارة المالية والمبتعث لدراسة القانون بجامعة الخرطوم - متأخراً ومجهداً ولكن مسروراً. قال لي "هذا أشطر انقلاب، تحركوا بالنهار وأمروا مسبقا كل العربات التابعة لهم بإضاءة أنوارها، ولذا كان من السهل ضبط القوات الموالية لنميري". طلب مني وكنت دائما مرصده الإعلامي أن أسمعه في تلك الساعة المتأخرة من الليل إذاعة صوت أمريكا الإنجليزية لنتابع أخبار الانقلاب والتحليل المصاحب، وفي الأثناء حكى لي أنه ذهب يستدعي الشفيع أحمد الشيخ بطلب من هاشم العطا، وأنه فوجئ بعدم حماس الشفيع للانقلاب. في اليوم التالي حضر للغداء بصحبة صديق أستاذ لي في كلية الهندسة، وسألني أن آتي بالراديو الترانزستور لسماع نشرة البي بي سي وأخبار المؤتمر الصحفي لفاروق حمدنا الله وبابكر النور بلندن قبل مغادرتهم الى الخرطوم وخطف الطائرة المقلة لهم. في اليوم الثالث كما نعرف تم اجهاض الانقلاب، ولم يحضر غازي للمنزل ولكنه اتصل بنا هاتفيا وطمأننا بأنه بخير. مرة أخرى رن جرس الهاتف وقال لي المتحدث: "أنا أبارو مدير البوليس، غازي موجود؟" ولما عرف أنه غير موجود أوصاني أن أبلغه حين حضوره بضرورة تسليم نفسه للشرطة. ولم يأت غازي وانشغلت أنا طوال تلك الليلة بتمزيق وحرق مجلدات لينين وماركس وانجلز وكل ما يتعلق بالشيوعية واليسار في مكتبة المنزل خشيةً من وصول قوات الأمن للتفتيش، مع موجة الرعب والإرهاب التي صاحبت عودة نميري، وقائمة المطلوبين من الهاربين وبينهم غازي تذاع على الهواء وتنشر في الصحف، ومنزل زوجة عبد الخالق محجوب وهو على مرمى حجر من منزلنا مطوق بقوات كثيفة من سلاح المظلات تقف حتى فوق الجدران. ولحسن الحظ لم يطرق بابنا أحد!
    قضى غازي فترة في أثيوبيا كلاجئ سياسي، ومنها انخرط في القتال ضمن حركة التحرير الاريترية، ثم عمل مستشارا اقتصاديا للبنك اليمني في عدن، ثم رجع للسودان بعد حوالي عامين وقد هدأت الأنفس وطويت صفحات الانقلاب بخيرها وشرها. وللحقيقة والتأريخ، لعب شقيقنا الأكبر بدرالدين سليمان دوراً كبيرا في تهدئة الخواطر بعد زيارته لغازي في أثيوبيا، والتمهيد في الخرطوم لرجوعه. عاد غازي ليكمل دراسة القانون (وهو خريج الآداب والاقتصاد) مع دفعتي هناك. ونحن خارج اسوار الجامعة ودبابات أبو القاسم إبراهيم ورجال المظلات يملئون شارع الجامعة مهددين بالاقتحام لفض الاعتصام من مجموعة من الطلبة المستقلين والإسلاميين عام 1970 (بعد تراجع اتحاد الجبهة الديمقراطية عن قيادة الاضراب، مما دق المسمار الأخير في نعش الحركة اليسارية في جامعة الخرطوم، والى يومنا هذا)، قال لي غازي "أعمل حسابك! عساكر المظلات ديل ينططوا زي كور التنس! مع النطيط ده تقوم تفك من واحد فيهم طلقة!". قال لي ونحن نستمع لخطاب السادات بعد العبور، والسادات يخطب "عبرنا خط بارليف المنيع" "كان يجب أن يقول (الهش) بدل (المنيع) امعاناً في ازدرائه، وأنه هش أمام عزيمة الجيش المصري!". ويوم وفاة الفنانة عائشة الفلاتية "تعرف لو كانت لي سلطة لأمرت بنصب الميكرفونات فوق عواميد النور و لأطلقت أغنيتها (إجو عايدين) تصم الآذان في كل الساحات!".
    ذهب للحج 2001 ومعه زوجته وشقيقتنا، ورحت أبحث عنهم في منى – وأنا من حجاج الداخل - دون جدوى حتى تورمت قدماي. قصدت البعثة السودانية للحج أسأل عنه فقال لي أحدهم "هو غازي سليمان بيحج؟". بلعتها في ألم ودون تعليق، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. وتذكرت حينها ضمن الردود الجافة المستهترة قول مساعد الملحق الثقافي لي في لندن وأنا طالب الماجستير أريد أن أقضي اجازتي الصيفية في أمدرمان، قال مستنكراً "تمشي السودان تعمل شنو؟". رجعت مخيمي حزيناً بخفي حنين، ولكن وفي نهار عرفات وأمة الحج كلها مجتمعة، وبعد الصلاة الجامعة بزمن طويل وأنا تائه عن محل اقامتي، سمعت فجأةً صوتاً ينادي "مأمون" فرفعت رأسي، و يا سبحان الله أجد غازي أمامي! قال لي فيما بعد وأنا في اجازتي السنوية "وين توسعة الحرم؟ ما شافوا الكنائس في روما والفاتكان كيف؟ لما تعاين من جوه وتشوف النقوش والرسومات من دافنشي وأمثاله، وتنظر للسقف المبهرج الممعن في العلو تتجلى لك آيات الله وتتذكر عظمة الخالق! والله لو كانت عندي ثروتهم لأطلقت المآذن بالعشرات –أربعة ليه؟ – تشق عنان السماء وتناطح السحاب!".
    كان يسخر من ضعف الحكومات المدنية التي انقلب عليها العسكريون أعوام 1958 و 1969 و1989 ويصرح "أنا لو كنت رئيس حكومة، الطير الأبابيل ما بقدر يقلعها مني!". أوقفه شرطي بريطاني من أصل هندي بحجة التفتيش العشوائي في مطار هيثرو وهو ضمن ركاب كثيرين أجانب، فزجره غازي وقال له "أتريد أن تمارس سلطاتك بسهولة علىّ أنا من بين كل هؤلاء؟" وكان يوما مرا لذلك الشرطي بعد أن بلغ الأمر مداه! وفي حلقة نقاش لقناة ANN العربية صاح في مجموعة من العرب الأصوليين كانت تحاوره في موضوع الصراع الديني في جنوب السودان قبل الانفصال "أيها المتطرفون الأصوليون أبعدوا عن بلدي السودان، ولا تدمروه كما دمرتم بلدانكم!". كان المؤتمر الصحفي الذي تحدث فيه بلغة انجليزية رصينة عقب ضرب مصنع الشفاء - وهو المحامي الضليع والقانوني الفذ والمتحدث اللبق والخطيب المفوه - مندداً بالعدوان ومستنكراً له، رغم معارضته المستعرة يومئذ للسلطة الحاكمة، مدعاة فخر لنا، ومثالاً يحتذى للوطنية الصادقة.
    وجد يوما شاباً في انتظاره أمام باب المصعد في مبنى البنك الفرنسي يشكو من عجزه في الحصول على وظيفة، وهو خريج اقتصاد بامتياز من جامعة الخرطوم، فأخذه معه وأتم تعيينه في دقائق، وما أكثر من قام بتعيينهم بهذه الطريقة الشجاعة كسراً للبيروقراطية والروتين. في احدى جولاته وهو المدير التجاري للشركة الكويتية للنقل البري (السبعينيات)، وفي طريق الخرطوم بورتسودان وهو يتابع ويراقب أسطوله من الشاحنات، توقف ليأخذ إغفاءة في سيارته المجهزة، ولكنه سمع جلبة أزعجته من حفل للهدندوة قريب، فانتهى به الأمر بشراء ربابة المغني لينفض الحفل، ويرجع الى العربة وينام في هدوء!
    يناديه أصحابه دائما بالزعيم منذ شبابه. وأنا صبي يافع، أفتح الباب ويسألوني عن الزعيم، وعندما يرون ترددي يقولون غازي، حتى أصبح الأمر معتادا. كان مخشوشنا في حياته لا يرتاح مطلقا، كثير التنقل والأسفار، يعزي ويجامل بالسيارة في الكوة والشمالية وكسلا وفي الجزيرة وغيرها، وفي الخرطوم وقته مقسم بين عمله المنهك من محاماة وإدارة وسياسة وبين التزامات الأفراح والأتراح في العاصمة المثلثة. باب بيته مفتوح في كل وقت، وصالونه دوما ملئ بالضيوف، يجود بكل ما معه، وربما طلب منا نحن اشقاءه المساعدة في نجدة صديق أو علاج مريض. خاطبني من باريس وأنا في الولايات المتحدة سعيدا بأنه رزق بآخر العنقود (الشيخ) وحزيناً لأنه زار صديقه الأديب صلاح أحمد إبراهيم وشعر أنه يعاني من مرارة الغربة ووحشتها. وهذا كان حاله مع أصدقائه، يحس بأوجاعهم ويساعدهم متى تطلب ذلك. وبطش (الإنقاذ) بالمعارضين على أشده، طلب من شقيقه د. مروان كالمعتاد الكشف على صديق له، فأخذه أهل المريض بسيارتهم، و فوجىء مروان بالسيارة تتوقف مرات في الطريق لينزلوا منها ويركبوا أخرى في أساليب تمويهية الى أن أدخلوه منزلا انتظر فيه مروان برهة ليظهر له أخيرا محمد إبراهيم نقد طالباً العلاج. ونفس الموضوع تكرر مع الخاتم عدلان وعز الدين على عامر وآخرين كثر وبصور أخرى. هذه أسرار، ما كان لي أن أبوح بها وهو على قيد الحياة، ولكنها تذكرة - بتضحياته وأياديه البيضاء وما أكثرها - لأولئك الذين ملأوا الدنيا عويلاً ضده وهو في أيامه الأخيرة. جماعية كانت دائماً خطواته وحلوله الحياتية، وليست فردية، وعلى حساب صحته وراحته، فارداً جناحيه دائماً لإخوانه وأخواته وأبنائهم وأهله وأصدقائه عموما.
    كان شجاعاً مغواراً حتى وهو على فراش الموت. رجع من لندن بعد أن أخبره مستر استوارد بمستشفى (شيرنق كروس) بأنه لا جدوى، ونصحه بالرجوع للسودان. ولم يتردد غازي في الرجوع، بل استحضر من نصيحة استوارد طرفة موازية يرويها لزائريه. قال غازي يرحمه الله: أيّد الدرديري محمد عثمان بصفته قاضي قضاة السودان حينها (أظن في الخمسينيات) حكم الإعدام على هدندوي بشرق السودان. استرحم الهدندوي الدرديري: " الدرديري أنا عندي وليدات، أرحمني يا الدرديري!" رفض الدرديري الاسترحام، حينها قال الهدندوي "الدرديري! ما بترجع في كلامك؟" ولما رفض الدرديري الرجوع عن قرار الإعدام قال الهدندوي متشفياً "سمح يا الدرديري، انعل أبوك!!!" وأردف غازي له الرحمة "ونحن الآن في مرحلة (انعل أبوك)". هكذا كانت شجاعة غازي يرمي بالطرفات غير هيّاب للموت ولا مبال به. وهو يتألم وفي أيامه الأخيرة، طريح الفراش، قالت له العاملة (آسيا) "غازي عايز تموت؟ أولادك ديل تخليهم لمنو؟" أجابها مداعباً "أخليهم لى الله وليك." قالت بعفوية " لا لا أنا ما بقدر عليهم".
    هذا قليل من كثير، والحديث عن الراحل لا ينتهي. رحمة الله عليك يا غازي. طبت حياً وميتاً، ولا نقول الا ما يرضي الرب، وإنا لفراقك يا غازي لمحزونون. ولا حول ولا قوة الا بالله، وانا لله وانا اليه راجعون.
    "وما كان لنفس ان تموت الا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين" آل عمران – 145.




    مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
  • المسكوت عنه عند الجلفاويين 2-10 بقلم منصور محمد أحمد السناري - بريطانيا 28-12-14, 01:18 AM, منصور محمد أحمد السناري
  • الحزب الشيوعي والعجول المقدسة بقلم شوقي بدرى 06-07-14, 00:34 AM, شوقي بدرى
  • الفساد والقهر: معاركته عمراً كاملاً في دولة الولادة المتعسرة الجزء الرابع: النشا والجلكوز 27-04-14, 06:34 PM, سعيد محمد عدنان
  • قصتي مع مرض نادر وقاتل بقلم/ بدور عبدالمنعم عبداللطيف 23-04-14, 05:50 PM, بدور عبدالمنعم عبداللطيف
  • (حاشاك يا أستاذ)! ضياء الدين بلال 02-02-14, 04:28 PM, ضياء الدين بلال
  • نقابة المحامين منبر لاسترداد الديمقراطية و الوطن -لاحاجة لمقاضاة الزبد بقلم بدوي تاجوالمحامى 18-01-14, 05:40 AM, بدوي تاجو
  • الصادق المهدي آخر زعماء المهدية خالد موسي دفع الله 24-12-13, 11:26 PM, خالد موسي دفع الله
  • الدولة العابدة مقالات فى العسف والاستبداد الديني بالسودان/بدوي تاجو 02-12-13, 05:07 AM, بدوي تاجو
  • قانون جهاز أمن السفاح.. حصانات لم تُعطى حتى للأنبياء والرسل..!! دراسة وافيه من المركز السوداني لدرا 27-11-13, 09:00 PM, عبد الوهاب الأنصاري
  • بروتوكول جنوب كردفان والنِّيل الأزرق.. عثراته ومآلاته (15) د. عمر مصطفى شركيان 17-11-13, 06:28 PM, عمر مصطفى شركيان
  • غازي .. المستحيل بين الشعبي والوطني بقلم / طه احمد ابوالقاسم 03-11-13, 03:36 AM, طه احمد أبوالقاسم
  • قانون جهاز أمن السفاح.. حصانات لم تُعطى حتى للأنبياء والرسل..!!/عبدالوهاب الأنصاري 24-10-13, 04:08 PM, عبدالوهاب الأنصاري
  • شنط الفلوس وضعف بعض النفوس/شوقي بدري 17-10-13, 00:35 AM, شوقي بدري
  • تعقيب على الأخ أبو بكر القاضي 08-08-04, 11:03 AM, النذير محي الدين
  • المطلوبون إمريكيا 30-06-04, 02:20 PM, مهندس/ آدم هارون خميس
  • رد على رد تجاني الحاج على كل من د. عبدالله علي ابراهيم ود. محمد المهدي بشر 30-06-04, 03:31 AM, Khalid Ammar/Ontario
  • دارفور... حرب ضد التمرد أم حرب إبادة؟ 12-05-04, 05:05 AM, د. حسين آدم الحاج-USA























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de