في الماضي البعيد ما كان ليخطر في عقل إنسان أن الفئران في مقدورها أن تأكل الخرسانة .. ولكن في الحاضر العجيب حسب الأحوال التي يمر بها الكائن الحي في السودان فكل شئ وارد في الحسبان .. وللضرورة أحكام .. تلك الضرورة التي أجبرت الفئران أن تأكل جسراَ في الخرطوم .. وهي نفس الضرورة التي تجعل الناس تتهافت لتأكل المقدور المتاح بالحلال أو بالحرام .. ولقد انتقلت شهية الفساد ونهب الحقوق العامة من ضعاف النفوس من البشر إلى ضعاف النفوس من الحيوانات .. والفئران رغم تبرئتها من تلك التهمة الظالمة إلا أنها لا تخلو من تلك النزعة الانتهازية .. ونحن البشر لنا مع الفئران حروب وعداوات تاريخية معروفة .. وتلك الحروب ما زالت دائرة مع الفئران في كل بيت من البيوت .. وفي الماضي كانت السلطات في الحياد ولم تتدخل يوماَ بالوقوف بجانب البشر لمحاربة آفة الفئران بالسموم والمبيدات .. ولكن نمت إلى علم الفئران أن فلاناَ صاحب شركة الاستيراد المشهورة تمكن من استيراد كمية كبيرة من سموم الفئران .. مما أغضب الفئران كثيراَ .. رغم أن تلك السموم تفقد الصلاحية لتقادم تواريخ الاستهلاك !! .. فهي تفقد المفعول كلياَ .. إلا أن الفئران ترى أن السلطات فقدت نزاهة الحيادية المعهودة في الماضي ومالت قليلاَ لمناصرة أبناء البشر .. فكان لا بد من رد فعل عنيف من الفئران لإثبات أنها لا تنال بالسهولة .. وأنها لا ترضخ للإهانات إطلاقاَ .. وأنها ليست كالبشر يرضى بالإذلال ثم يلوذ بالسكوت .. فكانت ضربة ( كبري المنشية ) .. تلك الضربة القاصمة التي هزت البلاد .. والتي أذهلت العالم .. تلك الضربة التي لم يتوقعها أحد .. والفئران ترى أن حدة الحروب مع البشر بدأت تأخذ أشكالاَ أخرى خطيرة غير تلك الحروب العادية المعهودة من قبل .. حيث تلك المطاردات والمناوشات الروتينية اليومية العادية التي تجري داخل المطابخ في البيوت .. ثم تلك الضربات الفاشلة بالشباشب التي تخطأ الأهداف في الغالب الأعم .. والفئران كعادتها تجيد المناورات السريعة الخاطفة حين تنطلق من قواعدها الحصينة المنيعة داخل أفران الطبخ والمخابئ الأخرى .. والتكهنات تشير أن الفئران بدأت تصعد من حروبها بضرب البنية التحتية للبلاد !! .. و ( كبري المنشية ) مثال يؤكد ذلك التصعيد .. وبالرغم من محاولات الاعتذار للفئران مراراَ وتكراراَ على تلك الهفوة التي ما كانت تليق إلا أن الفئران عند موقفها تتمسك بالتصعيد .. وتريد الاعتذار مكتوباَ .. كما تريد وقف كل أنواع العداء لها في المنازل .. ووقف كل ألوان التراشق ضد الفئران في أي بيت من البيوت .. وأن تكون لها حرية الحركة وحرية القرار . .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست