05:46 م Feb 7,2015 سودانيز أون لاين سيف اليزل سعد عمر - مكتبتي في سودانيزاونلاين
إغتصبوها هي وشقيقتها
كادوقلي نوفمبر 2010
في الطريق من مكان سكنى في وسط كادوقلى إلي منزل (حواء) كنت سارحا في ماهي وظيفة أولئك النسوة الآئي إنضممن لقوات الدفاع الشعبي خلال الحرب في جنوب السودان. ماهي الدوافع وماذا كانت وظيفتهن علي وجه التحديد؟ كانت الزيارة في إطار معرفة أحوال المُسرِّحين من القوات المسلحة السودانية بعد إتفاقية السلام الشامل والتعرف علي الجهود المبذولة لإعادة دمجهِم في المجتمع. قمت بزيارة ثلاث من النساء في حي (غصِب) وهو الإسم الذي يتداوله السُكان بعد إجبارهم من قِبل سلطات المحلية علي السكنِ في تلك المنطقة. وتسمية (غصِب) في حدِّ ذاتها توضح مدي القهر والظلم والتعسّف الذي تعرضَ ويتعرضَ له المواطن في مناطق جبال النوبة. ومهما إجتهدنا في تبرير الدوافع التى أدت لدِخُولهن ساحات القتال من منطلقات الدفاع عن النفس والعرض والمال إلا أن ذلك، في إعتقادي، لا ينطبق علي المرأة السودانية في قوات نظامية (1). علي الأقل لا ينطبق علي الحالات التى درستها في كادوقلي والدمازين. بالتأكيد كانت المرأة تُحرِّض الرجال علي قتال (العدو) وتقف من خلفهم مشجعة بالزغاريد والدلوكة والغناء والأشعار. والتأريخ الشعبي والتراثي والسياسي السودانى حافل بالأمثلة. لكن لا علاقة لها بقوات الجيش النظامية بل هذا لهو أكبر دليل علي إنزلاق النزاع السودانى إلي القبلية والعنصرية وتطوير ثقافة المليشيات لا إدارة النزاع لصالح سلطة المركز.
وقد إخترعت المنظمات الدولية للسودانيين تسمية جديدة لم تكن معروفة قبلاً في ثقافات النزاعات والحروب السودانية فأسمتهم (النساء المرتبطات بالقوات المسلحة) (2) وهناك أيضاً من أضاف الأطفال لهذا الإرتباط. في إطار هذا الوصف العام تم إدخال (الحكّامات)، بإعتبارها ثقافة موروثة في الحروب القبلية السودانية ومثال واضح لإقناع (الخواجات) لتمويل هذه الشريحة، تم إدخالهم في برنامج نزع السلاح والحصول علي دعم يساعدهم في الإندماج في المجتمع. إستخدام (الحكامات) في برنامج نزع السلاح كان مجازاً مُرسلاً، الجزء المُرادُ به الكُّل وهو التّغطية علي الجرائم الفظيعة التى تعرضت لها النساء داخل قوات الدفاع الشعبي ومليشيات الإنقاذ. تسمية المنظمات والخواجات كان أشمل وإكبر من حكامات الإنقاذ.
زرت إحدي أولئك الحكامات المُسرّحات وحاورتها في قُطّية صغيرة كل ما فيها يشير الي الفقر الذي تعانيه وهي تعيش لوحدها تحاول الإعتماد علي سبعة غنمايات سلّمتهم لها مفوضية نزع السلاح في كادوقلي. سألتها عن وظيفتها في قوات الدفاع الشعبي فأجابت بأنها كانت تغسل وتكوي ملابس الضباط وتقوم بأعمال الطبيخ والنظافة والمهام الأخري المتعارف عليها عن دور المرأة في البيت السودانى. لم يكن من بين ما قابلتهم وهم ستة نساء إمرأة من النوبة.
كانت السيارة تشق الطريق في صعوبة بين الخيران وبعض المرتفعات الجبلية حتى توقفت أمام منزل صغير يتكون من غرفة من الطوب الأحمر وقطيتين داخل سور من القش. قابلتنى حواء وكانت حافية القدمين تغطي شعرها بحجابا أسود وترتدي توبا أزرق بالٍ باهت اللون.
جلسنا داخل السور وأمام القطية. كان المحصول من شُجيرات الفول السودانى مرصوص في الأرض ليجف تحت حرارة الشمش. بجانب المزّيَرة يوجد بعض من محصول القَرَعْ لحفظه بعيدا عن أشعة الشمش وحرارة الجو. سالتنى ماذا أشرب من واجب الضيافة.
- حواء شكر ليك أنا ما داير شاي عندي أسئلة ليك بسيطة بصفتك كنت مُجندة سابقة في الدفاع الشعبي.. شرحت لها من أكون والهدف من هذه الزيارة. لم تكن تنظر في عينى بل كانت تنظر في الأرض وهي تحرك أصابعها في زعف المقشاشة.
- حواء! كيف إنضممت للدفاع الشعبي؟ - ما قدرت أكمل دراستي بسبب ظروفنا الأسرية عشان كده التحقت بالدفاع الشعبي أنا وأختى عشان نقدر نعيش؟ - قدرتى تحسنى ظروفك وظروف أسرتك من الإنضمام للدفاع الشعبى؟ - صمتت ولم تجيب... حاولت إعادة السؤال بصورة مختلفة..
- طيب هل السبعة غنمايات التى تحصلتى عليها من المفوضية هل ساعدتك في تحسين أوضاعك؟ رفعت وجهها للإجابة ورأيت دمعتان تسيل علي خديها ثم أطرقت بصرها مرة أخري علي الأرض - حواء مالك بتبكي!!؟؟ الحصل شنو؟؟ أجابت وهي مطرقة نظرها علي الأرض: - لو أدونى مراح كامل ما بِعوَّض الفقدته والشفته..
كانت حواء تعمل في تجنيد النساء للإنضمام للدفاع الشعبي. وكانت أيضاً تجوب الأحياء والمدن والقري في كردفان وحتى الخرطوم لجمع العون والدعم المالي لتمويل الحرب في الجنوب. لكنها تعرضت لتجارب قاسية كما حكت في تلك المقابلة. فقد تم إغتصابها مرات ومرات من قبل ضباط الدفاع الشعبي هي وشقيقتها. كانوا يتناوبون عليها أكثر من ضابط في الليلة الواحدة. وقد تم إغتصابها ضد رغباتها ولم تستطيع المقاومة في معسكر تحكمه ضوابط عسكرية صارمة. ولم تتمكن من طلب المساعدة بسبب المشروع الحضاري الذي كانت هي واحدة من الدعاة له وأصبحت ضحية له. حواء رجعت لتنزوي في منزلها علها تدواي جراحها بالنسيان.
1- شهادة التسريح أساسا لا تعترف بالمرأة (المجاهدة) 2- Women Associated with Armed Forces (WAAF) لمزيد من المعلومات عن للتسمية والأموال التى صرفت في تسريح النساء في النيل الأزرق الرجاء مراجعة الرابط أعلاه. http://www.sd.undp.org/content/sudan/en/home/operations/projects/crisis_prevention_and_recovery/waaf_reintegration_blue_nile.htmlhttp://www.sd.undp.org/content/sudan/en/home/operations/proj...ation_blue_nile.htmlhttp://www.sd.undp.org/content/sudan/en/home/operations/proj...ation_blue_nile.html
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
سيف اليزل سعد عمر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست