(الهادي آدم) ،الأديب و الشاعر و المربي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-18-2024, 01:59 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-09-2004, 10:39 PM

عبداللهة الشقليني


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
(الهادي آدم) ،الأديب و الشاعر و المربي

    ( الهادي آدم ) ، الأديب
    و الشاعر الفنان و المربي

    نار متأججة فوق علم فاره ، يرفرف ، يغطي الفضاء أعلى سمائك و أنت تنظر ، إنه ( الهادي آدم ) .
    اضرب كفّك على الخّد ، إنك لا تحلم !.
    عرفناه مُعلِّماً و مربِّياً وقفنا جميعاً إجلالاً لمقدمه . للعلم و للعلماء روائح فوّاحة ، تسبقهم .
    نحن في الصف الرابع الثانوي ، الأخير قبل الجامعة. الصف نيّف و أربعون طالباً. الوقت قبل العاشرة من ذات صباح . من شُعبة اللغة العربية ، قدم ( الهادي ) لتدريس النقد الأدبي في مادة اللغة العربية . المقرر ، كتيب من سلسلة اقرأ المصرية المشهورة ، التي تيسر لك أن تطالع الثمار اليانعة من شجرة الأدب الباســــقة ، و أنت تدفع الثمن الزهيد .
    ( خاتمة المطاف ) لمحمود عباس العقاد ، هو مقرر ذلك العام . أشــار( المعلم ) بيده يُمنة ، و جلسنا . تبسم هو ، و حيّانا، و عَرّفنا بنفسه ، بالقليل الموجز ، ثم تمنى علينا عاما طيبا مُخضّرا و وعدنا بالنجاح المتميّز.
    بدأنا نُعرِّف أنفسنا :ــ
    إبراهيم الباقر من ( بانت ) ، بُرعي إبراهيم من ( الفتيحاب ) ، عمر عثمان من ( حي العرب ) ، ابن عمر من ( بانت ) ، هاشم كثيري مــــــن ( الهاشماب ) ، حيدر عُليش من ( ود البصير) ، عبد الرافع سليمان ، أحمد شامي................... جميعنا ، بمن فيهم رفاق العمر الجميل . المدرسة : ( المؤتمر الثانوية ) بأمدرمان . اسم فوّاح بالوطنية الأولى .
    قِف ! ، و خُذ حذرك , أنك في مطلع حُكم عسكري جديد على السودان ، إذ نحن في خريف العام 1969.
    كتب الزمان علينا أن يكون الأديب الفنان ، ( الهادي آدم ) هو من يلقي علينا الدرس . إنك تدخل ملكوت اللغة العربية ، في محرابها . أنت لا تقف أمام راهب في كنيسة على أطراف القُرى ، بل تجلس في محفـــل ( الكرادلة ) . يقف أمامك من خطّ اسمه في سجِل اللغة الأديبة شاعراً في ديوانها البهي .كُنّا نعبث باللؤلؤ و المرجان ، و نحسبهما حِجارة . نتسلق كُثيباً يمتد و نلعب ، و لم نكنُ نحسب أننا نتسلق ( عرفات ) المؤمنة ، بالصاعدين عليها . يا للنعيم !
    يقف أمامنا و نحنُ الجلوس !
    يقرأ لنا بيت الشِعر ، يسقيك سلسبيل الفصاحة النَضِر . ينثر درره من النفيس . يُخرج الحرف العربي من الكلام ، يرقُص أمامنا ، عِزة و كرامة و خُيلاء . كِتاب العقاد يحكي سيرة العِشق و العشاق . ندخل معه الدروب الشائكة . هذا النهر الملائكي الجارف ، يتلألأ حيوية وزُخرُفاً . أنت على الشط ، ترقب النجائب المخضّبة بالحناء ، عليها الطنافس و الديباج .........تنطلق بلا فرسانها ، تسبح في الهواء الطلق .
    كان ( المعلم ) يخاف علينا الانزلاق في لُجّة العشق ، فنحن في مُقتبل العُمر ، في سن النضج ، أو نُقبل عليها . سنوات الإزهار و الجموح . لا يتسع صدرك ، يُسبقك الانفعال . تُنزل سيفك على الطازج و المتحجِر . تكسر سيفك ، و كُنت تحسب أنك تمرّنه . قرّب ( المعلم ) إلينا المحبة الإنسانية الناضجة . يعُب لنا من رحــــــــــيق( العقاد ) و يُخمِّر لنا عنابا لنسكر من خمر اللغة ، لذة الشاربين .
    تعلمنا ماذا يعني الهجر، و الحرمان ، و الغَيرة . تعلمنا ماذا يعني الشوق و الوله. حتى الجُنون ، نعرف كيف نُوقد سراجاً ، نُضيء ليله الحالِك . عَلمنا كيف نعشق الدّابة وهي تقود شاعرنا إلى بقايا أوتاد الخيام ، و الأطلال التي هجرتها الرواحل .
    افتتح ( المُعلم ) مغلف الكتاب ، الطبعة ، الناشر، ثم ( العقاد) . توقف عند المؤلِف ، و تحدث عن عصاميته ، و أوجز عن بعض كتبه : عبقرية محمد ، عبقرية الصديق ، عبقرية عثمان ، فاطمة الزهراء والفاطميون ، إبليس ، مطلع النور ، شاعر الغزل ..... ، و عرّج على مدرسة الديوان و المعارك الأدبية الطاحنة ، قبل أن يستفتح بالدرس . ضجّت الأنفُس بالحيرة ، و رويداً فُتحت أمامنا بوابات المعرفــــــة و تساقطت مغاليقــها . ( العقاد) ينثُر درره ، و ( المعلم ) يفرّقها علينا . تعلقنا بالنّص و اللغة و صاحب الكتاب و المعلم ، و بطل الحكاية .
    عند الدرس ، تطوي الماضي و الحاضر ، فأنت برفقة (المعلم ) . أنت في صومعة العابد ، تتداخل الصور المرئية مع سجع الكُهّان . صدى الصوت يرتد عن البناء العتيق . يفوح من البلاغة و تراكيبها : الجِناس ، و الطِباق . تفوح المحسنات البديعية جمعاء . طرائق اللغة و الإغراء الذي تُمتعك به :
    الجهر و الهمس . الشّدة و الرخاوة . إنها كائن حي ، تزرف الدمع معك ، و تخفف عليك أحزانك . تلتقط خيوط أفراحك . عند لقاء الأحبة ، تولي هي الأدبار ، و تتركك تتلعثم . من يسلس قيادها غير الشعراء ؟ ، فالشِعر ، أعذبه و أروعه ، أكذبه .
    تعبر الرُدهة عند منتصف الطريق ، تَسمع صرير الأبواب العتيقة . النار تضرم على عيدان البُخور"الحَضرمي" . الروائح المعتقة ، تملأ رئتيك ، تُنقي عقلك مما يشغل . عندما تَطرف العين ، تحسبها انتقصت من زمانك و أنت أمام المشهد الفخم . ( المعلم ) بلغته السلسة ، و تصويره البديع . مفاتيح الصعود و الهبوط . القمم و الوديان . يده تسبح في الهواء : طائر النورس يرِّف بأجنحته فوقك ، تشتم ريح البحر ، و لا بحر . اختلطت المتون بالهوامش ، اختلطت لُغة (العقاد ) بلغة ( المعلم ) و شِعر المحتفى به . لك أن تعيش اللحظة المتصوِفة بكل تداعياتها ، فلا مكان للهرب .
    ترك ( المعلم ) الدرس فجأة ، و أغراه سؤال أحدنا عن طرائق العقاد في الكتابة و التناول . قرأ مقطعاً كتبه العقاد في دراسة أخرى عن شاعر الغزل ، عمرو بن أبي ربيعه :ــ
    { قيل إن ابن أبي ربيعة ولد يوم مات ابن الخطاب " رضي الله عنه " فكان الناس يقولون بعد ذلك : أي حق رفع و أي باطــل وضع ! و يعجبون لمجيء هذا إلى الدنيا يوم ذهاب ذاك .
    فأما أن حقاً عظيماً رفع من الدنيا يوم فارقها عمر بن الخطاب ، فذلك ما لا ريب فيه و لا خلاف . و أما أن باطلاً وضع يوم جاءها عمر بن أبي ربيعة ففيه ريب و فيه خلاف . و نحن لا يعنينا أن يتفق المختلفون على نصيب ابن أبي ربيعة من الحق و الباطل ، فليكُن له منهما ما يشاء و يشاء المختلفون . و إنما يعنينا أن يستحق الدراسة الأدبية أو لا يستحقها . و هو موضوع لا يختلف عليه الدارسون ، لأن ابن أبي ربيعة و لا ريب ظاهرة أدبية ، و ظاهرة نفسية قليلة النظير في الآداب العربية ، و حقه في الدراسة كحق جميع الشعراء المعروفين بهبة الفن و صدق التعبير . و انه لفي الطليعة الملحوظة من هؤلاء . و تاريخ شاعرنا وجيز في حساب الحوادث و السنين ، فافرض ما شئت من سنتين بينهما ديوان شعر ، فذلك أهم تاريخ له بين سنة الميلاد و سنة الوفاة ! } .
    انتهى ما خطه ( العقاد ) .
    ( المعلم ) يُفصّل ، دخل البُحيرة الساكنة ، فتكسرت أمواج اللغة : المنطق عند العقاد ، أوجه المعارك التي تصطرع أفكارها ، و أسهب. كيف يصوغ الأديب البينة ، و يمسك يدك عبر الخطوات بثبات الواثق . لا يبعدك عن الحقائق بالالتفاف عليها ، و لا يأخذك بالخديعة البلاغية الماكرة . اختار الرجل وضوح الرأي ، وتسلسل القرائن ، و الإضاءة الجهيرة في مواضع الضباب ، و حري بنا جميعاً أن نتّبع نهجه .
    أغفل (المعلم ) الدرس مرة ثانية ، و انتقل إلى حالنا و رأى أن يمس مواضع الألم الخفي لدينا ، ونحن نسبح في لُجّة سحره النبيل . أفقنا على صوته :ــ
    ـــ هذه هي سنوات الإطلاق ، و الحيوات الخلاّقة ، لا الحصار الذي أنتم فيه . هذا العام تحددون مستقبلكم ! ، انه لا شك مُجحف في حق نشأتكم ، و ظلم بيِّن .
    أحسسنا بالتقدير لرأيه المتفرد ، فقد مس الوجع . غريب علينا المدخل النفسي التربوي ، فقد تجاوز المألوف . أزاح الحواجز السميكة بيننا، فالمعتاد هو هبوط السلطة الأبوية ، علينا من كل حدبٍ و صوب ، تحثنا ببذل الجُهد ، و سياط على القفا إن لم نلتزم . جفاء المعاملة ، من علامات البداوة ، وتلك اعتدنا عليها . الجفاء يُخفي وراءه محبة أن نكون أفضل بسلاح العلم ، و تلك مكرمة توجب الشكر لمن يسّرها لنا ، إلا أن أمر ( المعلم ) جديد و غريب علينا . أقام جسراً من المودة ، إذ لمس مواضع الشكوى ، وتعقيد مرحلة المراهقة ، بضجيجها و حيويتها و إسرافها المُخِّل أحياناً .
    المعرفة مع التدقيق ، والود ، والاحترام ، ثم المحبة ، هي وسائله الأقرب للتعليم و للتربية . يشركنا النقاش ، و يعشق الرأي الجسور . يفلح معنا " دونم" الأرض البِكر . يبذر جرعات المعرفة ، كأنه يتعلم مّنا زراعتها ، رُغم علمنا أنه ينزل لمرتبتنا ، على أمل أن نصعد برفقته العتبات تباعاً .
    ـــ تعلموا من الحياة ومن الكتب فإنها المداخل الأقرب ، تهون الصِعاب . لا تتهيبوا الجديد . الدرس هُنا مفتاح لإعمال الذهن . التجويد و القراءة النقدية تفتح لكم أبواب المعرفة . نحن نبدأ معكم المشوار ، ندلكم على الطريق ، و أنتم أصحاب الشأن في مُقبل أيامكم . بيدكم أن تبنوا قصوراً و متاحف للغة ، يؤمها العامة و الخاصة .
    * يا من علمتنا ، لك العُمر المديد . غرزت بيدك نبتة طيبة ، كنت تحسبها صغيرة بالأمس ، ولكنها اليوم فيحاء يانعة . بساط أخضر على مّد البصر ، و أنت فوقه قبة سماء زرقاء .
    عبد الله الشقليني























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de