|
تأملات في جمال كحلم من حجر
|
عرضت إحدى الفضائيات قبل وقت مضى فيلماً من الرسوم المتحركة تدور أحداثه عن رضيع وجد نفسه في جزيرة نائية لم تطأها قدم بشر من قبل.. أرضعته غزالة من حيوانات الجزيرة وتولت رعايته إلى أن كبر وبلغ أشده.. نشأت بينه وبين الحيوانات حميمية آسرة وأخذ يستكشف ما حوله من ظواهر طبيعية .. ليصبح البطل الذي يعلم نفسه بنفسه ليبني مدينته الفاضلة... هنا شردت بذهني بعيداً ولم أعد أتابع الفيلم باليقظة التي كنت أتسلح بها-منذ بدايته-خشية ألا أرتبك إذا فاجأتني صغيرتي التي كنت أشاركها هوايتها نزولاً عند رغبتها، بسؤال عن مجريات الفيلم... فأستأذنت منها بحجة أنني شاهدت الفيلم من قبل...
وبالفعل كنت قد شاهدته ... وكان هو الأصل الذي تحرف غيره..
البطل الذي شاهدته كان عربياً وقبل ثمانية قرون ولد .. وألقي به في محيط متلاطم الأمواج يئد كل بصيص أمل للخلاص .. لم يعرف له أبوان .. رضيع لم يبلغ الفطام بعد، تتقاذفه الأمواج في صندوقه الخشبي ويمتد البحر أمامه ظلاماً لا يلوح لحلكته أي بارقٍ.. فما أن يخرج من موجة قاتمة إلا وتطبق عليه من بعد موجة أكثر عتواً .... تتعارك الأمواج مزمجرة... ثم شيئاً فشيئاً ينداح الهدير بعيداً ولا رجعٌ لصوته.. البحر يعود لهدوئه الأخاذ و الصندوق يتهادى على سطح الماء.. ثم يجد الرضيع نفسه في جزيرة إستوائية نائية حيث ترضعه ظبية فقدت وليدها وتتعهده إلى أن بلغ أشده وراح يتعرف إلى ما حوله من ظواهر طبيعية .. ليصبح فيما بعد مثالاً يوضح ببراعة كيف أن معرفة الإنسان الذي تفتحت عيناه روحياً تختلف عن المعرفة المستقاة بواسطة السمع والقراءة فحسب. .... (يتبع)
|
|
|
|
|
|